الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج30
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثامن:
جيش الإسلام في تبوك
نزول المسلمين في تبوك:
عن حذيفة، ومعاذ بن جبل، قال: إنه خرج مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام تبوك.
قال: فكان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوماً، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل فصلى المغرب والعشاء جميعاً، ثم قال: "إنكم ستأتون غداً إن شاء الله تعالى عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي".
وفي حديث حذيفة: "بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن في الماء قلة، فأمر منادياً ينادي في الناس: أن لا يسبقني إلى الماء أحد".
قال: فجئناها وقد سبق إليها رجلان، والعين مثل الشراك تبض بشيء من مائها، فسألهما رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل مسستما من مائها شيئاً".
قالا: نعم.
فسبهما، وقال لهما ما شاء الله أن يقول.
ثم غرفوا من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شن، ثم غسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه وجهه ويديه، ومضمض، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير.
ولفظ ابن إسحاق: فانخرق الماء حتى كان يقول من سمعه: إن له حساً كحس الصواعق، وذلك الماء فوارة تبوك. انتهى.
فاستسقى الناس، ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا معاذ، يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا مليء جناناً"([1]).
وعن عروة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين نزل تبوك وكان في زمان قلّ ماؤها فيه، فاغترف غرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه، ثم بصقه فيها، ففارت عينها حتى امتلأت. فهي كذلك حتى الساعة([2]).
وعن جابر قال: انتهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، وعينها تبض بماء يسير مثل الشراك، فشكونا العطش، فأمرهم فجعلوا فيها ما دفعها إليهم، فجاشت بالماء، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمعاذ: "يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً"([3]).
ونقول:
النبي ' لا يسب أحداً:
قد تقدم بعض هذا الحديث فيما سبق حين الكلام عن سبب تسمية عين تبوك، وذلك أول هذا الجزء من الكتاب، وقد قلنا: إنه لا يصح قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سب أحداً من الناس، وهو الذي نهى الناس عن السباب..
الجمع بين الصلاتين وتأخير الصلاة:
وقد تضمن النص المتقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وهذا لا إشكال فيه، إذ الجمع بين الصلاتين جائز في فقه أهل البيت "عليهم السلام" مطلقاً، أي سواء أكان ذلك في السفر أو في الحضر، مع عذر من مطر أو غيره وبدونه..
ولكن غير الشيعة يلزمون أنفسهم بالتفريق في الحضر، ويجيزون الجمع في السفر، وفي حال وجود عذر من مطر أو غيره..
وقد بدأ الشيعة بالتفريق وبالجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، من عهد الرسول "صلى الله عليه وآله"، وذلك اقتداءً منهم بهذا النبي الكريم والعظيم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، حيث صرحت الروايات الكثيرة المروية عند السنة والشيعة، بأسانيد صحيحة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جمع بين الصلوات من دون عذر من سفر، ولا مطر، ولا غير ذلك([4]).
علماً بأن الشيعة لا يرون الجمع واجباً، كما لا يرون التفريق حتماً لازماً..
يضاف إلى ذلك: أن القرآن نفسه لم يحدد سوى ثلاثة أوقات للصلاة اليومية، حيث قال: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}([5]).
وقد دلت روايات أهل البيت "عليهم السلام" أيضاً: على صحة الجمع والتفريق، فقد روي: أنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، إلا أن هذه قبل هذه([6]).
وهذا معناه: أن وقت فضيلة الظهرين يكون قد بدأ بمجرد الزوال، مع حتمية تقديم صلاة الظهر، ثم يستمر وقت فضيلتهما معاً إلى حين صيرورة ظل كل شيء مثله كما دلت عليه روايات أخرى، فينتهي حينئذٍ وقت فضيلة الظهر، ويستمر وقت فضيلة العصر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه.. فينتهي هذا الفضل.
فمن صلى الظهر بعد صيرورة ظل الشيء مثله، إلى آخر الوقت، فإنه يكون قد صلاها في غير وقت فضيلتها.
ومن يصلي العصر بعد صيرورة ظل كل شيء مثليه إلى الغروب، فإنه يكون قد صلاها في غير وقت فضيلتها.
ثم إن علينا أن لا ننسى أن الجمع بين الصلاتين حتى في السفر، أو المطر، أو غير ذلك دليل على أن أوقات الصلاة اليومية ثلاثة، لأنها لو كانت خمسة لكان الجمع بين الصلاتين يقتضي أن تكون إحدى الصلاتين قد وقعت في خارج وقتها، أو الإلتزام بسقوط شرطية الوقت في الصلوات الأربع من الأساس، لأن الجمع بين الصلاتين قد يكون بتقديم العصر إلى وقت الظهر، وقد يكون بتأخير الظهر إلى وقت العصر، كما أنه قد يكون بتقديم العشاء إلى وقت المغرب، وقد يكون بتأخير المغرب إلى وقت العشاء..
وأما ما ذكرته الرواية المتقدمة عن تأخير النبي "صلى الله عليه وآله" لصلاته، فلا بد أن يكون المقصود به هو التأخير مع البقاء في داخل وقت الفضيلة، وبدون ذلك، فإن الحديث يكون مكذوباً لأن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يختار من الأعمال إلا ما هو أفضل وأتم..
خطبة النبي ' في تبوك:
وقالوا: خطب رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام تبوك وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال: "ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس إن من خير الناس رجلاً يحمل في سبيل الله على ظهر فرسه، أو على ظهر بعيره، أو على قدميه حتى يأتيه الموت. وإن من شر الناس رجلاً فاجراً جريئاً، يقرأ كتاب الله، لا يرعوي إلى شيء منه([7]).
وعن عقبة بن عامر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما أصبح بتبوك حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
"أيها الناس، أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص القرآن.
هذا وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة.
ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبراً، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجراً.
ومن أعظم الخطايا اللسان الكذاب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، وخير ما وقر في القلوب اليقين، والإرتياب من الكفر، والنياحة من أعمال الجاهلية، والغلول من جثى جهنم، والسكركة([8]) من النار، والشعر من إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، والأمر إلى الآخرة، وملاك العمل خواتمه، وشر الرؤيا رؤيا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله عز وجل، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتألَّ على الله يكذبه، ومن يَغفر يُغفر له، ومن يَعف يعفِ الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يبتغ السمعة يسمع الله به، ومن يصبر يضعف الله له، ومن يعص الله يعذبه الله.
اللهم اغفر لي ولأمتي ـ قالها ثلاثاً ـ استغفر الله لي ولكم([9]).
الإرتياب من الكفر:
ومن الواضح: أن الإرتياب الذي هو من الكفر هو ذلك الذي يكون في الله عز وجل.. أو في نبوة نبيه "صلى الله عليه وآله"، أو في البعث، أو في القرآن، وغير ذلك، وكذلك الحال إذا كان الريب في صفات الله، كأن يرتاب في علمه تعالى، أو في عدله.. أو في قدرته وما إلى ذلك..
النياحة من أعمال الجاهلية:
والنياحة التي هي من أعمال الجاهلية هي النّياحة بالباطل، أو تلك التي تصاحبها بعض الأمور المحرمة..
الشعر من إبليس:
والشعر الذي هو من إبليس هو الذي تحدث الله تعالى عنه بقوله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}([10]).
وهو الشعر الذي يراد به إشاعة الباطل، أو العدوان على الناس، أو ما إلى ذلك.
الشقي من شَقِيَ في بطن أمه:
وعن قوله: "الشقي من شقي في بطن أمه" نقول:
قد يتخيل البعض أن هذه الفقرة تؤيد مقولة الجبر الإلهي للعباد على أفعالهم..
وهو تخيل باطل، فإن الآيات الكثيرة وكذلك الروايات المتوافرة قد دلت على أن الإنسان هو الذي يختار طريق السعادة، أو طريق الشقاء..
وعِلْمُ الله تعالى بما يختاره لا يؤثر في ذلك الإختيار شيئاً، ولا يجعله مقهوراً أو مجبوراً على فعله، بل يكون مثل علمنا بأن فلاناً سوف يأكل أو سوف يشرب، وأن الشمس ستطلع في صباح اليوم التالي، وأن الأرض سوف تنبت نباتها وزرعها.. وما إلى ذلك..
كما أن وجود الدوافع القوية نحو الشر في داخل الإنسان لا تجعله مجبراً على اختيار طريق الشر، مهما كانت تلك الدوافع والنوازع قوية، وعاصفة، وحتى لو كانت قد ولدت معه..
فقد ورد أن محمد بن أبي عمير، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر "عليهما السلام" عن معنى قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه".
فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء.
قلت له: فما معنى قوله "صلى الله عليه وآله": "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"؟
فقال: إن الله عز وجل خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه، وذلك قوله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}([11]). فيسر كلاً لما خلق له، فالويل لمن استحب العمى على الهدى([12]).
ولهذا البحث محل آخر، وقد تقدم بعض منه أكثر من مرة في هذا الكتاب فراجع..
عباد بن بشر على الحرس في تبوك:
وقد استعمل رسول الله "صلى الله عليه وآله" على حرسه بتبوك من يوم قدم إليها، إلى أن رحل منها عباد بن بشر، فكان عباد يطوف في أصحابه على العسكر، فغدا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوماً، فقال: يا رسول الله، ما زلنا نسمع صوت تكبير من ورائنا حتى أصبحنا، فولَّيتَ أحدنا يطوف على الحرس؟!
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما فعلت، ولكن عسى أن يكون بعض المسلمين انتدب".
فقال سِلْكان بن سلامة: يا رسول الله، خرجت في عشرة من المسلمين على خيلنا، فكنا نحرس الحرس.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "رحم الله حرس الحرس في سبيل الله، ولكم قيراط من الأجر على كل من حرستم من الناس جميعاً أو دابة"([13]).
ونقول:
إن هذا النص ملتبس بدرجة كبيرة، وذلك من عدة جهات.
الأولى: في أن سلكان بن سلامة وتسعة معه كانوا يحرسون الحرس، وهذه سابقة غير معهودة، فإن الناس إنما ينتدبون لحراسة الجيش الذي يخلد إلى الراحة، خوفاً من أن يفاجئه عدو متربص، ويوقع به.. أما حراسة الحرس، فلم نسمع بها في التدابير المألوفة في مسير الجيوش، وفي حلها وارتحالها..
الثانية: ما معنى أن يسمع الحرس ذلك التكبير بالقرب منهم، ولا يتحرون مصدره، ولا يسعون لكشف حقيقته، فلعلها مكيدة لهم ولعله عدو متربص بهم، ولعل.. ولعل..
الثالثة: هل الذي يتصدى للحرس يعلن بالتكبير حتى يسمعه الآخرون؟!. فلو فرض أن جماعة تفكر في الإيقاع أو الإغارة على بعض أطراف الجيش، ألا يكون صوت الحرس في جوف الليل، من موجبات تحديد موقعهم، وذلك بالتالي يعطي القدرة للعدو على تجنب المرور على مواضع تمركز ذلك الحرس، ويبحث عن ثغرات أخرى يستطيع التسلل والنفوذ منها؟!.
الرابعة: هل كان الحرس متمركزين في موقع بعينه، حتى استطاع عشرة أشخاص فقط أن يقوموا بمهة حفظهم وحراستهم في ذلك الموقع علماً بأن ذلك الجيش الذي يتولون حراسته كان يعد بثلاثين، أو أربعين أو سبعين ألفاً، وتحتاج حراسة موقع نزول هذا العدد، بما معه من دواب ومراكب إلى أعداد كبيرة، قد تصل إلى المئات، لأن المساحة التي يحتاجونها ستكون كبيرة..
الخامسة: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد دعا لهم لأنهم قد حرسوا الحرس، فما معنى أن يتحدث عن الأجر على حراسة الدواب أيضاً.. فإن المفروض: أنهم لم يحرسوها.
وما معنى قوله: "جميعاً أو دابة".
السادسة: لماذا انتظر عباد بن بشر إلى الصباح ليعلم النبي "صلى الله عليه وآله" بأمر ذلك التكبير الذي سمعه؟!. ألم يكن الأحرى به، والأصوب له أن يخبره "صلى الله عليه وآله" بالأمر فور سماعه لذلك التكبير؟!
السابعة: ما معنى أن تقتصر حراسة عباد على الطواف بأصحابه على العسكر؟! ألم يكن ذلك من شأنه أن يهييء الفرصة للعدو ليورد ضربته حين يصبح الحرس المتجولون بعيدين عن النقطة التي يريد الهجوم منها..
مسجد تبوك:
قالوا: لما انتهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك وضع حجراً قبلة مسجد تبوك، وأومأ بيده إلى الحجر وما يليه، ثم صلى بالناس الظهر، ثم أقبل عليهم فقال: "ما ها هنا شام، وما ها هنا يمن"([14]).
ونلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ تحديد الجهات:
إن تحديد الجهات للناس الذين يدخلون بلاداً لم يعرفوها ضروري جداً، ليعرفوا قبل كل شيء موقعهم، والجهة التي يتربص بهم عدوهم فيها، أو يأتيهم الخطر من جهتها، كما أنه يحدد لهم الجهة التي يشعرون بالأمن والسكينة فيها، وتحن قلوبهم إليها أو يرجون الخير فيها..
2 ـ مسجد تبوك وقبلته:
ثم إن أول شيء صنعه "صلى الله عليه وآله" في تبوك هو تحديد المسجد والصلاة فيه، وتعيين قبلته بواسطة وضع حجر فيها، ليعرف الناس موضع صلاتهم، ويكون المسجد هو نقطة الإرتكاز في تحركهم في تلك المنطقة ثم أشار إلى الحجر، وإلى الجهة كلها لتصبح جهة القبلة معلومة للجميع.
وإنما أشار إلى ما يلي الحجر، حتى لا يدخل في وهم أحد أن للحجر نفسه خصوصية كما هو الحال بالنسبة لعبادة الأصنام.. بل الخصوصية للجهة، من حيث إنها جهة القبلة، فيتوجه الناس إليها، لا إلى الحجر بما هو حجر..
3 ـ ما هاهنا يمن:
وقوله "صلى الله عليه وآله": "ما هاهنا شام، وما هاهنا يمن". يؤيد ما ذكرناه في موضع سابق من هذا الكتاب، من أن اليمن يطلق حتى على أهل مكة، بل وعلى أهل المدينة أيضاً.
بل إن هذه العبارة المذكورة هنا تفيد أن كل ما بعد تبوك إلى جهة اليمن، هو يمن.. وأن كل ما قبل تبوك إلى جهة الشام فهو شام.. فتبوك هي الحد الفاصل بين هاتين المنطقتين..
واللافت هنا: أنه قد عبر عن ذلك بالاسم الموصول، وهو كلمة "ما" بالنسبة لليمن والشام على حد سواء، فدل ذلك على أنه يريد إطلاق كلمة يمن وشام على كل أرض بعد تبوك لتكون يُمناً، وكل أرض قبلها، فهي شام..
النبي ' في تبوك يصلي على ميت في المدينة:
عن معاوية بن أبي سفيان، وعن أنس قالوا: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتبوك، قال أنس: فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم أرها طلعت بمثلهم فيما مضى، فأتى جبريل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا جبريل ما لي أرى الشمس اليوم طلعت بضياء وشعاع ونور لم أرها طلعت بمثلهم فيما مضى"؟!
قال: "ذلك معاوية بن معاوية المزني مات بالمدينة اليوم، فبعث الله تعالى سبعين ألف ملك يصلون عليه، فهل لك في الصلاة عليه؟
قال: "نعم".
فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" يمشي، فقال جبريل بيده هكذا يفرج له عن الجبال والآكام، ومع جبريل سبعون ألف ملك، فصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وصف الملائكة خلفه صفين، فلما فرغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لجبريل: "بم بلغ هذه المنزلة".
قال: "بحبه {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}([15]) يقرؤها قائماً أو قاعداً، أو راكباً أو ماشياً وعلى كل حال([16]).
"قال الحافظ في لسان الميزان في ترجمة محبوب بن هلال: هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وله طرق يقوى بعضها ببعض.
وقال في فتح الباري، في باب الصفوف على الجنازة: إنه خبر قوي بالنظر إلى مجموع طرقه.
وقال في اللسان في ترجمة نوح بن عمر: طريقه أقوى طرق الحديث. انتهى.
وأورد الحديث النووي في الأذكار في باب: "الذكر في الطريق".
فعلم من ذلك رد قول من يقول: إن الحديث موضوع لا أصل له"([17]).
ونقول:
1 ـ لقد مات سلمان الفارسي، وأبو ذر، وعمار بن ياسر، بل لقد استشهد أو مات الكثيرون من الأنبياء، والأوصياء، والأولياء، ولم نرَ الشمس قد طلعت بضياء وشعاع ونور فريد، لم تطلع بمثله. باستثناء حالات خاصة أريد بها إفهام الأمة معنى، وإيقافها على حقيقة تحتاج إلى معرفتها في دينها ويقينها. كما هو الحال بالنسبة لاستشهاد الإمام الحسين "عليه السلام" في كربلاء.
2 ـ لم توضح الرواية تلك الخصوصية التي ظهرت في نور الشمس وشعاعها، ونورها، هل هي الحمرة؟ أم الحدة؟ أم تمازج الألوان؟ أم ماذا؟
3 ـ ما الفرق بين ضياء الشمس ونورها، وكيف اختلف حالهما فيما بينهما، ثم اختلف الحال بينهما وبين الشعاع.
4 ـ حين خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" يمشي، وكان جبريل يزيح الجبال والآكام من أمامه.. إلى أين كان يقصد؟! وإلى أين بلغ؟! ولماذا احتاج إلى قطع هذه المسافات؟! ألم يكن يمكنه "صلى الله عليه وآله" أن يَصُفَّ الناس، ويصلي على ذلك الميت، وهو في موضعه؟!
5 ـ لم يذكر النص الآنف الذكر ما يدل على خروج أحد من المسلمين مع النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تلك الصلاة، بل يذكر ـ فقط ـ أن سبعين ألف ملك اصطفوا خلف النبي "صلى الله عليه وآله"، وصلوا بصلاته.
6 ـ هل يمكن القبول بافتراض أن لا يكون النبي "صلى الله عليه وآله" عارفاً بأثر قراءة {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} في هذه الأحوال، أو أنه قد عرف ذلك لكنه لم يعلم حتى الخلَّص من أصحابه به، حتى فاتتهم هذه المنزلة والكرامة؟
قد يدَّعى: أن سؤال النبي "صلى الله عليه وآله" لجبرئيل عن سبب بلوغ هذه المنزلة يدل على صحة الإحتمال الأول، وهو أن هذه الرواية المزعومة تريد أن تدَّعي: أنه لم يكن عالماً بذلك. نعوذ بالله من الزلل والخطل في الإعتقاد وفي القول وفي العمل..
7 ـ وأخيراً لو صح هذا الحديث ـ ودون إثبات صحته خرط القتاد ـ فهو لا يدل على مشروعية صلاة الغائب، لاحتمال أن يكون ما صنعه جبرئيل قد جاء لإكرام رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخفض كل رفع، ورفع كل خفض له، حتى أصبحت جنازة ذلك الرجل أمامه، فصلى عليه النبي "صلى الله عليه وآله" صلاة الحاضر لا الغائب، تماماً كما كان الحال بالنسبة للنجاشي ملك الحبشة حسبما تقدم في بعض فصول هذا الكتاب..
المرور بين يدي المصلي:
عن يزيد بن نِمْرَان قال: رأيت رجلاً بتبوك مقعداً، فقال: مررت بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنا على حمار، وهو يصلي، فقال: "اللهم اقطع أثره"، فما مشيت عليها بعدها.
وعن سعيد بن غزوان عن أبيه: أنه نزل بتبوك وهو حاج، فإذا رجل مقعد فسأله عن أمره، فقال: سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أنِّي حي، إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نزل بتبوك إلى نخلة فقال: "هذه قبلتنا"، ثم صلى إليها.
فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها، فقال: "قطع صلاتنا قطع الله أثره". فما قمت عليها إلى يومي هذا([18]).
ونقول:
إننا لا نشك في كذب هذه الرواية.
فأولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يدعو بقطع الأثر على غلام لا يحسن تقدير الأمور، ولم يبلغ سن التكليف، كما أن الله تعالى لا يستجيب دعاءً على بريء، ولا يشارك في ظلم أحد..
ثانياً: حتى لو كان هذا الغلام قد بلغ سن التكليف، ثم مر في حال الغفلة أمام المصلي، فإنه معذور، ولا يستحق أن يدعو عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل لا يجوز له ذلك..
ثالثاً: من الذي قال: إن ذلك الغلام كان يعرف أن المرور بين يدي المصلي حرام؟!
رابعاً: إن قول النبي "صلى الله عليه وآله" في دعائه على ذلك الشخص: "قطع الله أثره" ليس معناه أن لا يقف على رجليه.. بل هو شيء آخر يختلف عن مضمون تلك الدعوة تماماً..
فما معنى جعل عدم قدرته على الوقوف على رجليه استجابة لتلك الدعوى؟!..
خامساً: روي عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلي، وأنا معترضة بين يديه اعتراض الجنازة.
وقد روي هذا بوجوه مختلفة.
وقالت في بعضها: وأنا حائض.
وفي بعضها: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يغمز رجليها فتقبضهما، فإذا رفع رأسه بسطتهما([19]).
فإذا كان اعتراض المرأة خصوصاً الحائض بين المصلي، وبين القبلة لا يقطع الصلاة، فالمرور من بين يدي المصلي بطريق أولى([20]).
وعن عائشة وهي ترد على قولهم: لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة قالت: أعدلتمونا بالكلب والحمار؟! لقد رأيتني مضطجعة على السرير، فيجيء النبي "صلى الله عليه وآله"، فيتوسط السرير فيصلي، فأكره أن أسنِّحه (أي أن تستقبله ببدنها في صلاته)، فأنسل من قبل السرير، حتى انسل من لحافي([21]).
قال العيني: "وفيه دلالة على أن مرور المرأة بين يد المصلي لا يقطع صلاته، لأن انسلالها من لحافها كالمرور بين يدي المصلي"([22]).
وقال الطحاوي: "دل حديث عائشة على أن مرور بني آدم بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة"([23]).
ونضيف هنا: أن نفس أن يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" للصلاة في موضع يكون هناك إنسان معترض في قبلته فيدفعه ذلك إلى الإنسلال من أمامه يدل على عدم قادحية وجود أو مرور إنسان أمام المصلي..
سادساً: إن الروايات عن أهل البيت "عليهم السلام" وهم أعرف بما فيه تدل عدم حرمة المرور بين يدي المصلي([24]).
سابعاً: إن ظاهر رواية غزوان عن المقعد الذي رآه في تبوك: أنه لم تكن لغزوان معرفة بذلك الرجل المقعد، فلماذا وكيف وثق ذلك المقعد به، حتى باح له بسره، وأوصاه ألا يحدِّث به ما سمع أنه حي؟! مع العلم: بان غزوان إنما نزل بتبوك، وهو حاج، فكيف يسمع بحياة ذلك المقعد وهو في بلده البعيد عن تبوك مئات الأميال.. فهل كان ذكر ذلك الرجل المقعد واسمه يطبق الآفاق؟! لكي يسمع به غزوان..
كرامات لرسول الله ' في تبوك:
قال رجل من بني سعد هُذَيم: جئت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو جالس بتبوك في نفر، فقال: "يا بلال أطعمنا".
فبسط بلال نطعاً ثم جعل يخرج من حميتٍ له، فأخرج خرجات بيده من تمر معجون بسمن وأقط، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كلوا".
فأكلنا حتى شبعنا، فقلت: يا رسول الله، إن كنت لآكل هذا وحدي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معاء واحد".
ثم جئت في الغد متحيناً لغدائه لأزداد في الإسلام يقيناً، فإذا عشرة نفر حوله، فقال: "هات أطعمنا يا بلال".
فجعل يخرج من جراب تمراً بكفه قبضة قبضة، فقال: "أخرج، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً".
فجاء بالجراب ونشره، فقال: فحزرته مُدَّين، فوضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده على التمر وقال: "كلوا باسم الله".
فأكل القوم وأكلت معهم، وأكلت حتى ما أجد له مسلكاً.
قال: وبقي على النطع مثل الذي جاء به بلال، كأنا لم نأكل منه تمرة واحدة.
قال: ثم غدوت من الغد، وعاد نفر فكانوا عشرة أو يزيدون رجلاً أو رجلين، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا بلال أطعمنا".
فجاء بلال بذلك الجراب بعينه، أعرفه، فنثره، ووضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده عليه وقال: "كلوا باسم الله".
فأكلنا حتى نهلنا، ثم رجع مثل الذي صب، ففعل ذلك ثلاثة أيام([25]).
عن عرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الحضر والسفر، فرأيتنا ليلة ونحن بتبوك، وذهبنا لحاجة، فرجعنا إلى منزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد تعشى ومن معه من أضيافه، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد أن يدخل قبته ـ ومعه زوجته أم سلمة ـ فلما طلعت عليه قال: أين كنت منذ الليلة؟
فأخبرته، فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني، فكنا ثلاثة كلنا جائع، إنما نغشى باب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" البيت، فطلب شيئاً نأكله، فلم يجده، فخرج إلينا فنادى: "يا بلال هل من عشاء لهؤلاء النفر".
فقال: والذي بعثك بالحق لقد نفضنا جربنا وحمتنا.
قال: "انظر عسى أن تجد شيئاً".
فأخذ الجرب ينفضها جراباً جراباً، فتقع التمرة والتمرتان، حتى رأيت في يده سبع تمرات، ثم دعا بصحفة فوضع التمر فيها، ثم وضع يده على التمرات، وسمى الله تعالى، فقال: "كلوا باسم الله".
فأكلنا، فحصيت أربعاً وخمسين تمرة، أعدها عداً، ونواها في يدي الأخرى، وصاحباي يصنعان مثل ما أصنع، وشبعنا، فأكل كل واحد منا خمسين تمرة، ورفعنا أيدينا فإذا التمرات السبع كما هي. فقال: "يا بلال ارفعها، فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل شبعاً".
فلما أصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلى صلاة الصبح ثم انصرف إلى فناء قبته، فجلس وجلسنا حوله، فقرأ من "المؤمنون" عشراً، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل لكم في الغداء"؟
قال عرباض: فجعلت أقول في نفسي أي غداء، فدعا بلالاً بالتمرات، فوضع يده عليهن في الصحفة، ثم قال: "كلوا بسم الله".
فأكلنا، فوالذي بعثه بالحق، حتى شبعنا وإنا لعشرة، ثم رفعوا أيديهم منها شبعاً، وإذا التمرات كما هي، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لولا أني أستحي من ربي لأكلنا من هذا التمر حتى نرد المدينة عن آخرنا".
وطلع عليهم غلام من أهل البدو، فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" التمرات فدفعها إليه، فولى الغلام يلوكهن([26]).
الكافر يأكل في سبعة أمعاء:
ونقول بالنسبة لما تقدم، من أن الكافر يأكل بسبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معاء واحد([27]) نقول:
قد ذكرنا أن هذا الحديث إن ثبت، فلا بد أن يكون المراد منه المعنى المجازي، وهو:
أولاً: أن المؤمن لا يأكل رزقه إلا من باب واحد وهو باب الحلال، أما الكافر فلا يبالي من أي باب أكل، ومن أين أكل، فأي باب فتح له أكل منه.. فمآكل الكافر كثيرة، وذكر السبعة إنما هو لإفادة الكثرة، كقوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}([28]).
ثانياً: أو يقال: إن المؤمن يأكل ليعيش، أي أنه لا يهتم إلا بما يمسك به الرمق، ويقيم الأود، ولا يعيش ليأكل، فيكون كالدابة المربوطة همها علفها، وشغلها تقممها. فكأن المؤمن لشدة قناعته يأكل بمعاء واحد، وكأن الكافر لشدة شرهه، واستقصائه في البحث عن اللذة له سبعة أمعاء..
ثالثاً: أو يقال: إن هذا كناية عن طمع الكافر وجشعه، وحبه للدنيا، واستغراقه في طلبها، واتساع رغبته بها، فهو يأكل كل ما يحصل عليه، يأكل الدينار، ويأكل القنطار، ويأكل البلاد والعباد..
وأما أن يكون المراد: أن الكافر يأكل سبعة أضعاف ما يأكله المؤمن، فلا مجال لقبوله، لأن المشاهد خلاف ذلك، وأنه لا فرق بين المؤمن والكافر في مقدار الطعام الذي يتناوله كل واحد منهما.
رابعاً: يفهم من بعض النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: ستكون من بعدي سنة، يأكل المؤمن في معاء واحد، ويأكل الكافر في سبعة أمعاء([29])..
فإن كان المراد هو الإخبار عن سنة من الزمان يكون فيها ذلك، فالأمر واضح، وإن كان المراد بها ـ كما احتمله العلامة المجلسي ـ السُّنَّة([30]) ـ بالضم والتشديد ـ فالحديث يشير إلى أمر سيحصل، ولا نعرف متى سيكون ذلك.
حديث الجراب في ميزان الإعتبار:
ونحن نعتقد: أن حديث الجراب الذي يرويه ذلك الرجل، الذي لم نعرف اسمه، وإن كان ممكناً في حد نفسه، وأن له نظائر كثيرة جداً في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأن صدور أمثال هذه المعجزات والكرامات منه "صلى الله عليه وآله" وعنه يعد بالعشرات، إن لم يكن بأكثر من ذلك..
إلا أن اللافت هنا: أن نقل هذه الحادثة قد اقتصر على رجل مجهول من بني سعد هذيم..
مع أن هذا الحدث قد تكرر أمام جماعة من الناس.. وتكرر مع بلال حامل الجراب ثلاث مرات، فهل زهد المسلمون بنقل هذه الحوادث لكثرتها؟!
على أن لنا أن نسأل: لماذا لم يأت هذا الرجل نفسه في اليوم الرابع أيضاً؟! لكي يأكل من جراب رابع وخامس.
ويلاحظ هنا: أن رقم عشرة تكرر في اليومين الأخيرين، مع الإشارة إلى أن العشرة الأخيرة كانت هي نفس العشرة التي جاءت في اليوم السابق.
عرباض ملازم لباب الرسول ':
وعن رواية عرباض بن سارية نقول:
إن دعواه أنه كان ملازماً لباب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في السفر والحضر.. لا نجد ما يؤيدها، بل المعروف خلافه، إلا إن كان يقصد أنه كان ملازماً للمسجد مع أهل الصفة، الذين كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يهتم بأمرهم، ويقوم بإعالتهم، لكونهم من الفقراء، وكان عرباض منهم([31])..
لماذا المعجزة والكرامة هنا؟!:
على أننا لا ندري سبب إظهار هذه الكرامة لعرباض، وجعال، وابن مغفل، فإن كان السبب هو جوع هؤلاء، فإن غيرهم أيضاً كان يعاني من نفس المشكلة، فلماذا آثر هؤلاء وحرم أولئك؟!. فليظهر هذه الكرامة لكل جائع.
وإن كان السبب هو أن هؤلاء كانوا يحتاجون إلى إظهار المعجزة، لترسيخ يقينهم، وإزالة الريب من نفوسهم، فذلك يعني أن شائبة النفاق كانت ماثلة فيهم، أو في بعضهم.
وتستمر هذه الشبهة حولهم إلى ما بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".
ولعل مما يؤكد هذا الأمر بالنسبة لبعضهم: أنهم يقولون: إن إبليس تصور بصورة مغفل بن سراقة يوم أحد([32])..
لولا أني أستحي من ربي!!:
وحين نقرأ قوله "صلى الله عليه وآله": "لولا أني أستحي من ربي، لأكلنا من هذا التمر حتى نرد المدينة عن آخرنا".. قد يراودنا خاطر يزعج اليقين لدينا بصحة هذا القول، من حيث تضمنه جرأة على مقام العزة الإلهية، لأنه يعطي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان أكرم من الله على عباد الله، وأرفق بهم منه.. وهذا المنطق مرفوض ومدان جملة وتفصيلاً.. لأنه يؤدي إلى الخروج من الدين.
فلا بد أن يكون المقصود: أنه "صلى الله عليه وآله" يستحي من الله لأن هذا الطلب يؤدي إلى نقض الغرض من المعجزة أو الكرامة.. لأن أولئك الناس قد ينتزعون منه فكرة خاطئة، أو يزينها الشيطان لهم، وهو أن هذا العطاء، وهذه الكرامة.. قد منحهم الله إياها عن استحقاق منهم لها.
أو لربما يدخل في وهمهم: أن هذا العطاء هو السنة الإلهية التي لو لم يجرها الله تعالى فيهم لكان ظالماً لهم، ولكان لهم الحق في أن يطالبوه بها..
أو غير ذلك من الأوهام الشيطانية التي تؤدي إلى أن يصبح حالهم مع النبي "صلى الله عليه وآله" حال بني إسرائيل مع موسى "على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام"..
أو لأن المقصود هو ـ كما ذكره بعض الإخوةـ: أنه لا ينبعي للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يعتمد، ولا يغري المؤمنين بالإعتماد على المنح الإلهية التي حباه الله تعالى بها في تحصيل الأرزاق، فإن ذلك يؤدي إلى قعود الناس عن طلب الرزق، وإلى غير ذلك من أمور..
نفضنا جُرَبَنا:
إن ثمة سؤالاً يحتاج إلى إجابة، وهو أنه إذا كان الطعام قد فقد، وكانوا قد نفضوا جُرُبَهم و.. و.. حتى احتاجوا إلى التصرف النبوي، والإستجابة الإلهية.. فماذا كانوا سيأكلون، وينفقون في الأيام التالية، وإلى حين رجوعهم إلى المدينة؟! والحال أن البلاد ليست بلادهم، وليس لهم فيها زراعة ولا تجارة، ولا غير ذلك!!.
إلا أن يكون المقصود: أن الطعام الذي كان عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استنفد، أما الآخرون فكان لديهم طعام، ولعلهم لا يتركون رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الأيام التالية..
أو يقال: إن نفاد الطعام لا يعني نفاد المال الذي يشتري به في اليوم التالي حيث يبيعه المسلمون أو غيرهم من سكان تلك المنطقة.
يطلع قرن الشيطان من المشرق:
وقالوا: كان رجل من بني عذرة يقال له: عدي يقول: جئت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتبوك، فرأيته على ناقة حمراء يطوف على الناس، يقول:
"يا أيها الناس، يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي الوسطى، ويد المعطى السفلى، أيها الناس، فتغنوا ولو بحزم الحطب، اللهم هل بلغت" ثلاثاً.
فقلت: يا رسول الله، إن امرأتيَّ اقتتلتا، فرميت إحداهما، فَرُمي في رميتي ـ يريد أنها ماتت ـ فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "تعقلها ولا ترثها".
فجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" في موضع مسجده بتبوك، فنظر نحو اليمين، ورفع يده يشير إلى أهل اليمن، فقال: "الإيمان يمان".
ونظر نحو الشرق، فأشار بيده فقال: إن الجفاء وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر، من نحو المشرق، حيث يطلع الشيطان قرنيه([33]).
ونقول:
إن لنا مع هذا النص وقفات، نقتصر منها على ما يلي:
تعقلها، ولا ترثها:
هناك حكم شرعي يقول: لا يرث القاتل من المقتول إذا قتله عمداً، وإذا كان القتل شبيهاً بالعمد، كأن يكون قاصداً لإيقاع الفعل على المقتول غير قاصد للقتل، وكان الفعل مما لا يترتب عليه القتل في العادة، فقد اختلفت كلمات الفقهاء فيه، تبعاً لاختلاف ما استفادوه من النصوص..
أما قتل الخطأ فلا يمنع من التوارث..
فقد يقال: إن قتل هذا الرجل لزوجته لم يكن متعمداً، بل هو شبيه بالعمد.. وقد حكم النبي "صلى الله عليه وآله" بعدم إرثه منها.. فهذا يؤيد قول من قال: بعدم الإرث في شبه العمد.
ونجيب: بأن هذا المورد ليس من موارد شبه العمد، لأن الآلة التي استعملت، والفعل الذي حصل هو بحسب الظاهر مما يترتب عليه القتل عادة، لأن الظاهر من كلامه أنه رماها بسهم، والسهم يقتل عادة، أو هو من آلات القتل والقتال.
إن قلت: لكن رواية الضحاك تقول: "فرميت إحداهما بحجر"([34]).
قلنا: إن الحجر يمكن أن يكون كبيراً بحيث يقتل عادة، أو يكون رماه بحيث يصيب منها مقتلاً في العادة بحسب جلستها أو نومتها أو حالها، وعلى كل حال، فمع مثل هذه الإحتمالات لا يثبت أنه شبه العمد، لأنه على بعض الوجوه عمد كرميها بسهم أو نحوه.
ها هنا يطلع قرن الشيطان:
وقد ادعت الرواية المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أشار إلى الشرق، وقال: إن الجفاء، وغلظة القلوب في الفدادين أهل الوبر، من نحو الشرق، حيث يطلع قرن الشيطان..
ونقول:
إن الحديث المعروف والثابت والمتداول هو ذلك الذي رواه البخاري عن نافع، عن ابن عمر قال: قام النبي "صلى الله عليه وآله" خطيباً، فأشار إلى مسكن عائشة، وقال: ها هنا الفتنة ـ ثلاثاً ـ من حيث يطلع قرن الشيطان([35]).
وفي البخاري أيضاً قال: خرج النبي "صلى الله عليه وآله" من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان([36]).
وحين صدمتهم دلالة هذا الحديث حاولوا إيجاد مخارج له.. فتمخض الجبل فولد فأرة حين زعموا: أن حجرة عائشة كانت إلى جهة الشرق.
وباقي الأحاديث تقول: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أشار إلى الشرق، وقد فسره "صلى الله عليه وآله" بقوله: "حيث يطلع قرن الشيطان"، أي من جانب الشرق..
قالوا: ولو كان المراد حجرة عائشة، فكيف يصح أن يقول: إن الشيطان يطلع من حجرته المقدسة؟!.
والحال أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يطلع من الحجرة؟!([37]).
ونقول:
أولاً: إن ظاهر الكلام يمنع من إرادة جهة الشرق، بل المقصود هو مسكن عائشة، الذي يزعمون أنه يقع في جهة الشرق، ولذلك صرح البخاري: بأنه أشار إلى مسكن عائشة، وأورده في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي "صلى الله عليه وآله"، فإن كان قد ذكر جهة الشرق حقاً، فلأن مسكن عائشة كان يقع في تلك الجهة حسب زعمهم.. أي أن المطلق، وهو جهة الشرق يحمل على القيد، وهذا هو طبع الكلام في الموارد المختلفة..
ثانياً: إن مسكن عائشة كان إلى جانبه بيوت كثيرة، ولم يكن وحده في تلك الجهة، فلماذا خص الراوي مسكنها بالذكر؟!.
ثالثاً: لماذا قال "صلى الله عليه وآله": "من ها هنا" (الذي هو للإشارة للقريب)، ولم يقل: من هناك الذي يشار به للبعيد؟!.
في حين أنه قد استعمل لفظ: "هناك" في الحديث الذي أشار به إلى نجد فقال: هناك الزلازل والفتن([38]).
رابعاً: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يرد أن كل من يطلع من تلك الحجرة فهو قرن شيطان، لكي يشمل نفسه بهذا الكلام ـ كما زعموا ـ بل أراد التكنية عن شخص بعينه، يكون منه ما لا يرضاه الله تعالى. كما أظهرته الوقائع بعد استشهاد النبي "صلى الله عليه وآله"..
خامساً: إننا نقول: إن الروايات التي تتحدث عن الشرق ربما تكون مجعولة، من أجل تخفيف وطأة حديث البخاري، ويكون ذلك مخرجاً له..
إذ إن بيت عائشة لم يكن إلى جهة الشرق، بل كان في جهة القبلة في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله". فلاحظ ما يلي:
1 ـ قالوا: "والمعروف عند الناس أن البيت الذي على يمين الخارج من خوخة آل عمر المذكورة هو بيت عائشة"([39])..
وخوخة آل عمر كانت قبلي المسجد الشريف، وهي اليوم، "يتوصل إليها من الطابق الذي بالرواق الثاني من أروقة القبلة. وهو الرواق الذي يقف الناس فيه للزيارة أمام الوجه الشريف، بالقرب من الطابق المذكور"([40])..
وكان دار حفصة قبلي المسجد([41])، ملاصقاً لبيت عائشة من جهة القبلة([42]).
2 ـ وقال محمد بن هلال عن بيت عائشة: كان بابه من جهة الشام([43]).
وقال ابن عساكر: "وباب البيت شامي"([44])..
ومن المعلوم: أن الجهة الشامية التي للمسجد هي الجهة الشمالية، فإذا كان باب بيت عائشة يقابل الجهة الشمالية، فإنه لا يكون لجهة الشرق..
سادساً: وأخيراً نقول:
إنه لا مانع من أن يطلع قرن الشيطان من موضعين أحدهما: جهة المشرق..
وثانيهما: مسكن عائشة، الذي لم يكن في تلك الجهة، وليس ثمة ما يحتم أن تكون الروايات مسوقة لبيان أمر واحد، إذ لعل هناك حالتين لا بد من أن يخبر النبي "صلى الله عليه وآله" عنهما جميعاً..
الإيمان يمان:
وعن قوله "صلى الله عليه وآله": "الإيمان يمان"، نقول:
قد تحدثنا عن هذا الموضوع قبل بضعة صفحات تحت عنوان: "3 ـ ما ها هنا يمن". وفي فصل: "خمسة وفود بلا تاريخ". تحت عنوان: "وفد الأشعريين". فراجع..
غير أننا نحب أن نشير إلى أنه إذا كان المقصود باليمن واليمان هو ما يشمل الحجاز كله، واليمن أيضاً، فلا ضير في ذلك ما دام أصل الإيمان المتمثل بالنبي "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته "عليهم السلام"، قد ظهر في هذه المنطقة، وتبعهم أولئك الذين تربوا على أيديهم، ونهلوا من معين علمهم..
فإن أريد معارضة هذا الحديث بحديث: لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس([45]). فيجاب عن ذلك: بأننا لا نمنع من أن ينال رجال من فارس الدين والعلم، ولكن أصله الأصيل، وحقيقته الظاهرة المتمثلة بصفوة الخلق كله، إنما كان في منطقة الحجاز اليمانية..
ما ذنب الفدادين؟!:
قد ذكرت الرواية المتقدمة: أن الجفاء، وغلظ القلوب، في الفدادين أهل الوبر، من نحو المشرق الخ..
والفداد: هو الشديد الصوت.
والفدادون: هم الرعيان، والبقارون، والجمالون، والفلاحون وسواهم. وهم أهل الوبر، لغلظ أصواتهم، وجفائهم. ولعله لأجل رفع أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، وهم أصحاب الإبل الكثير الذين يملك أحدهم المائتين من الإبل إلى الألف، وهم مع ذلك جفاة وأهل خيلاء([46]).
ونقول:
1 ـ إنه لا دليل على أن رفع الصوت للراعي، والبقار، والجمال، والفلاح، يوجب الجفاء وغلظ القلب، إلا إذا كان الدليل هو هذه الرواية وأمثالها، ثم أخذ المصنفون في اللغة تفاسيرهم من هذه الأحاديث.
ومجتمع أهل الإيمان لا يشير إلى وجود أي فرق في أخلاق الناس الذين يشتغلون بهذه الأمور مع غيرهم من سائر الناس..
2 ـ لو كان الرعي أو الفلاحة، أو اقتناء الإبل، من موجبات الجفاء والخيلاء، فإن ذلك يفرض انحسار الإهتمام بهذه الأمور في مجتمع أهل الإيمان، ولكن هذه الأمور قد بقيت كما كانت عليه قبل الإسلام، واستمرت على نفس الوتيرة عبر العصور والدهور..
3 ـ إننا لم نجد فرقاً بين الفدادين من أهل المشرق والفدادين في المناطق الأخرى، ولم نجد الشيطان يطلع قرنيه في مشرق جزيرة العرب، أكثر مما كان ولا يزال يطلعه في سائر المناطق، مثل بلاد الشام ونجد، فضلاً عن سائر البلاد التي لا تدين بالإسلام، فإن الشيطان يطلع قرنيه في كل موقع لا يهيمن فيه دين الله تبارك وتعالى..
فلماذا اختص الفدادون المشرقيون بهذا التوصيف الحاد؟!.
4ـ إن من الأنبياء من كان يرعى الأغنام، وبعضهم كان يحرث الأرض ويزرعها، فهل هذا الوصف يشملهم؟!
هبوب ريح لموت عظيم النفاق:
قالوا: وهاجت ريح شديدة بتبوك، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": هذا لموت منافق عظيم النفاق.
فقدموا المدينة، فوجدوا منافقاً عظيم النفاق قد مات([47])..
ونقول:
قد تقدم حين الحديث عما جرى في الحجر، ومنع النبي "صلى الله عليه وآله" الناس من الإستفادة من مائها، وإكفائه القدور الخ..: أنه "صلى الله عليه وآله" أخبر الناس هناك بأنه ستهب في تلك الليلة ريح شديدة، وأن سبب ذلك هو موت عظيم من المنافقين.. وقد حصل ذلك فعلاً.
وقد تكرر ذكر هذه القضية هنا، غير أن الروايات لم تذكر اسم هذا العظيم النفاق في الموضعين، مع أنهم يهتمون بتسمية من هو أقل شأناً وخطراً بمراتب، ولو من دون مناسبة.
فهل كان هذا الرجل العظيم النفاق من أقارب بعض من يرغبون في تفخيمه وتعظيمه، ولا يريدون التلميح، فكيف بالتصريح بأدنى شيء يشير إليه أو إلى أحد من أقاربه، إذا كان مما يشين؟!.
وهل كانت الريح تهب كلما مات منافق عظيم النفاق؟! وهل هبت الريح عند موت عبد الله بن أُبي، الذي يحبون أن يصفوه بأنه رئيس المنافقين في المدينة؟!.
وأما الرواية التي تصرح باسم رفاعة بن تابوب، أو رافع بن تابوت فيرد عليها: أن هذا العظيم لم يعرف له ذكر أو دور ذو بال في تاريخ الإسلام، ولا أشار إلى أسباب عظمته في شيء، بخلاف عبد الله بن أبي، الذي زعموا أنه كان ينظم له الخرز ليتوج قبيل قدوم النبي "صلى الله عليه وآله"إلى المدينة..
بئر سعد بن هذيم:
قالوا: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفر من سعد هذيم، فقالوا: يا رسول الله، إنا قدمنا إليك، وتركنا أهلنا على بئر لنا قليل ماؤها، وهذا القيظ، ونحن نخاف إن تفرقنا أن نُقْتَطَع، لأن الإسلام لم يفشُ حولنا بعد، فادع الله تعالى لنا في مائها، فإنا إن روينا به فلا قوم أعز منا، لا يعبر بنا أحد مخالف لديننا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ابغوا لي حصيات".
فتناول بعضهم ثلاث حصيات، فدفعهن إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ففركهن بيده، ثم قال: "اذهبوا بهذه الحصيات إلى بئركم، فاطرحوها واحدة واحدة، وسَمُّوا الله تعالى".
فانصرف القوم من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" ففعلوا ذلك، فجاشت بئرهم بالرواء، ونفوا من قاربهم من أهل الشرك ووطئوهم، فما انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة حتى أوطئوا من حولهم غلبة، ودانوا عليه بالإسلام.
ونحن لا نريد أن نرهق القارئ بالأسئلة عن مدى صحة أن يكون هؤلاء قد وطأوا جميعاً من حولهم غلبة، ودانوا عليه بالإسلام في غضون أيام يسيرة ـ فإن ذلك مما لا يغفل عنه القارئ الكريم إن شاء الله تعالى.
أعطيت خمساً:
عن عبد الله بن عمر قال: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتبوك، فقام من الليل يصلي، وهو كثير التهجد بالليل، ولا يقوم إلا استاك، فقام ليلة فلما فرغ أقبل على من كان عنده فقال: "أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحد قبلي: بعثت إلى الناس كافة، وكان النبي يبعث إلى قومه. وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت، وكان من قبلي لم يعطوا ذلك، وكانوا لا يصلون إلا في الكنائس والبيع، وأحلت لي الغنائم آكلها، وكان من قبلي يحرمونها، والخامسة هي ما هي، هي ما هي، هي ما هي" ثلاثاً.
قالوا: يا رسول الله، وما هي؟
قال: "قيل لي سل، فكل نبي قد سأل، فهي لكم، ولمن شهد أن لا إله إلا الله".
ونقول:
إن لنا مع هذه الرواية عدة وقفات نذكر منها:
متى بعث النبي للعالمين ':
جاء في الرواية المتقدمة: أن الله تعالى بعث محمداً "صلى الله عليه وآله" إلى الناس كافة في غزوة تبوك.
ونقول:
أولاً: إن الله تعالى يقول في سورة التكوير: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}([48]).
وسورة التكوير نزلت في مكة قبل الهجرة.. وقال تعالى في سورة الفرقان: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}([49]).
والجمهور على أن سورة الفرقان مكية. وقال الضحاك: مدنية([50]).
ثانياً: قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}([51]). وهي مكية أيضاً.
رابعاً: إن رسائله إلى ملوك الأرض في سنة ست دليل على أنه مبعوث إلى الناس جميعاً.
آية التيمم متى نزلت؟:
وقد صرحوا: بأن آية التيمم قد نزلت في غزوة المريسيع، وغزوة المريسيع قد سبقت غزوة تبوك بعدة سنوات، وقد قدمنا طائفة من المصادر الدالة على ذلك في فصل: "ما عشت أراك الدهر عجباً"، في فقرة: "ضياع العقد مرة أخرى".
فكيف تقول الرواية الآنفة الذكر: إن الله تعالى أعطاه التيمم في غزوة تبوك؟!
الصلاة في الكنائس والبيع، وحرمة الغنائم:
ولا ندري مدى صحة ما أطلقته الرواية: من أن الأنبياء قبل النبي "صلى الله عليه وآله" كانوا لا يصلون إلا في الكنائس والبيع.. فإن ذلك لم نجده إلا في هذه الرواية التي تعاورت عليها العلل والأسقام، وهل كان الانبياء، وغيرهم من المؤمنين لا يصلون في أسفارهم وفي حضرهم إذا لم يكن ثمة بيعة أو كنيسة قريبة منهم؟! وكذلك الحال بالنسبة لتحريم الغنائم من قبل من سبقه من الأنبياء..
أو أنهم كانوا كلما أرادوا الصلاة في أسفارهم بنوا بيعة أو كنيسة لأجل ذلك.
هي! ما هي؟!:
إننا لم نفهم ماذا عناه بقوله ثلاثاً: هي! ما هي؟!..
هل القصد أن يطرحها عليهم كأحجية، يطلب منهم حلها؟!.. أم أنه هو نفسه قد نسي الخامسة، ثم هو يحاول أن يتذكرها؟!.
نقض أول الكلام بآخره:
واللافت هنا: أن الرواية تذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" قد نقض أول كلامه بآخره، فإنه قد قرر أولاً: أن الله تعالى قد أعطاه أولاً خمساً لم يعطها أحداً قبله.. ثم عاد أخيراً فنقض ذلك وقال: إن كل نبي قد سأل، وأنه هو أيضاً له الحق في أن يسأل كما سأل من سبقه، فلم تكن الخامسة مما اختصه الله تعالى به.. وبذلك تكون الخمسة قد نقصت واحدة، لم تكن مختصة به "صلى الله عليه وآله"، دون من سبقه..
لو تركته لسال الوادي سمناً:
عن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى غزوة تبوك، وكنت على خدمته، فنظرت إلى نِحي السمن قد قل ما فيه، وهيأت للنبي "صلى الله عليه وآله" طعاماً فوضعت النحي في الشمس، ونمت فانتبهت بخرير النحي، فقمت فأخذت رأسه بيدي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ورآني: "لو تركته لسال الوادي سمناً"([52]).
الفصل التاسع:
رسائل.. وأجوبتها..
رسائل بين النبي ' وقيصر:
قالوا: لما وصل رسول الله "صلى الله عليه وآله" تبوك كان هرقل بحمص ـ وقيل: بدمشق ـ ولم يكن يهمُّ بالذي بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنه من جمعه، ولا حدثته نفسه بذلك..
وعن أبي بكر بن عبد الله المزني قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من يذهب بهذا الكتاب إلى قيصر وله الجنة"؟
فقال رجل: وإن لم يقبل؟.
قال: وإن لم يقبل.
فانطلق الرجل فأتاه بالكتاب([53]).
ونص كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لقيصر هو التالي:
من محمد رسول الله إلى صاحب الروم: إني أدعوك إلى الإسلام، فإن أسلمت فلك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم، فإن لم تدخل في الإسلام فأعط الجزية، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}([54]) .
وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه، وأن يعطوا الجزية([55]).
فقرأه فقال: اذهب إلى نبيكم، فأخبره أني متَّبعه، ولكن لا أريد أن أدع ملكي.
وبعث معه بدنانير إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فرجع، فأخبره، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كذب"، وقسم الدنانير([56]).
وعن سعيد بن أبي راشد قال: لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بحمص، وكان جاراً لي شيخاً كبيراً قد بلغ المائة أو قَرُبَ، فقلت: ألا تحدثني عن رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى هرقل؟
فقال: بلى، قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" تبوك، فبعث دحية الكلبي إلى هرقل، فلما أن جاء كتاب رسول رسول الله "صلى الله عليه وآله" دعا قسيسي الروم وبطارقتها، ثم أغلق عليه وعليهم الدار.
فقال: قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم، وقد أرسل يدعوني إلى ثلاث خصال: أن أتبعه على دينه، أو أن أعطيه مالنا على أرضنا، والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب. والله لقد عرفتم فيما تقرأون من الكتب ليأخذن أرضنا، فهلم فلنتبعه على دينه، أو نعطه مالنا على أرضنا.
فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم وقالوا: تدعونا أن نذر النصرانية، أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز؟
فلما ظن أنهم إذا خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رقاهم ولم يكد، وقال: إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم([57]).
ثم دعا رجلاً من عرب تجيب كان على نصارى العرب، قال: ادع لي رجلاً حافظاً للحديث، عربي اللسان، أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه.
فجاءني، فدفع إلي هرقل كتاباً، فقال: اذهب بكتابي هذا إلى هذا الرجل، فما سمعته من حديثه، فاحفظ لي منه ثلاث خصال: هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء؟
وانظر إذا قرأ كتابي هذا هل يذكر الليل؟
وانظر في ظهره هل فيه شيء يريبك؟
قال: فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوكاً، فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبياً على الماء، فقلت: أين صاحبكم؟
قيل: ها هو ذا.
قال: فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه، فناولته كتابي، فوضعه في حجره، ثم قال: "ممن أنت"؟
فقلت: أنا أخو (أحد) تنوخ.
فقال: "هل لك في الإسلام، الحنيفية، ملة أبيك إبراهيم"؟
فقلت: إني رسول قوم، وعلى دين قوم، [لا أرجع عنه] حتى أرجع إليهم.
فضحك، وقال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ}([58]).
يا أخا تنوخ، إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه، والله ممزقه وممزق ملكه، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فمزقها، والله ممزقه وممزق ملكه.
وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأساً ما دام في العيش خير.
قلت: هذه إحدى الثلاث، التي أوصاني بها صاحبي، فأخذت سهماً من جعبتي، فكتبتها في جفن سيفي.
ثم ناول الصحيفة رجلاً عن يساره، قلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟
قالوا: معاوية.
فإذا في كتاب صاحبي: تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين النار؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "سبحان الله أين النهار إذا جاء الليل".
قال: فأخذت سهماً من جعبتي فكتبته في جفن سيفي، فلما فرغ من قراءة كتابي قال: "إن لك حقاً، وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، إنا سفر مرملون".
قال قتادة: فناداه رجل من طائفة الناس قال: أنا أجوزه، ففتح رحله، فإذا هو بحلة صفورية، فوضعها في حجري.
قلت: من صاحب الجائزة؟
قيل لي: عثمان.
ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أيكم ينزل هذا الرجل"؟
فقال فتى من الأنصار: أنا.
فقام الأنصاري وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "تعال يا أخا تنوخ".
فأقبلت أهوي حتى كنت قائماً في مجلسي الذي كنت بين يديه، فحل حبوته عن ظهره وقال: "ها هنا امض لما أمرت له".
فجلت في ظهره فإذا أنا بخاتم النبوة في موضع غضروف الكتف، مثل المحجمة الضخمة ([59]).
قال محمد بن عمر: فانصرف الرجل إلى هرقل، فذكر ذلك له.
فدعا قومه إلى التصديق بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فأبوا حتى خافهم على ملكه، وهو في موضعه بحمص لم يتحرك ولم يزحف، وكان الذي خبر النبي "صلى الله عليه وآله" من تعبئة أصحابه، ودنوه إلى وادي الشام لم يرد ذلك ولا هم به([60]).
وذكر السهيلي: أن هرقل أهدى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هدية فقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" هديته، وفرقها على المسلمين ([61]).
ثم إن هرقل أمر منادياً ينادي: ألا إن هرقل قد آمن بمحمد واتبعه، فدخلت الأجناد في سلاحها وطافت بقصره تريد قتله، فأرسل إليهم: إني أردت أن أختبر صلابتكم في دينكم، فقد رضيت عنكم، فرضوا عنه.
ثم كتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً مع دحية يقول فيه: إني معكم، ولكني مغلوب على أمري، فلما قرأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتابه قال: "كذب عدو الله، وليس بمسلم بل هو على نصرانيته".
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات:
نص الراوندي:
قد روى الراوندي: هذا الحديث باختلاف ظاهر عما ذكرناه آنفاً، ففيه: أن رسول قيصر كان رجلاً من غسان، وأن الثلاث التي أمره أن يحفظها هي: من الذي يجلس على يمين النبي "صلى الله عليه وآله"، وعلى أي شيء يجلس، وخاتم النبوة.
فوجد الغساني رسول الله "صلى الله عليه وآله" جالساً على الأرض، وكان علي "عليه السلام" عى يمينه، ونسي الغساني الثالثة، فقال له "صلى الله عليه وآله": تعال، فانظر إلى ما أمرك به صاحبك، فنظر إلى خاتم النبوة..
فعاد الغساني إلى هرقل، فأخبره بما رأى وجرى، فقال: "هذا الذي بشر به عيسى بن مريم، أنه يركب البعير، فاتبعوه، وصدقوه".
ثم قال للرسول: أخرج إلى أخي، فاعرض عليه، فإنه شريكي في الملك..
فقلت له: فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه([62]).
وليس في الرواية: أن ذلك قد حصل في تبوك، بل فيها ما يدل على خلاف ذلك، فإن ذكر أمير المؤمنين "عليه السلام" يدل على أن ذلك كان في المدينة، لأنه "عليه السلام" لم يكن مع النبي "صلى الله عليه وآله" في تبوك، لأنه خلفه في المدينة..
ولعل الرواة قد خلطوا بين ما حصل في تبوك من مراسلات، وبين ما حصل في المدينة قبل ذلك، حين راسل "صلى الله عليه وآله" الملوك ومنهم قيصر الروم.
على أن لنا أن نحتمل: أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى ملك الروم، ثم جاء جوابه مع دحية إلى تبوك، ثم جاء رسوله الآخر، وهو ذلك الرجل التنوخي إلى المدينة، ولكن الرواة قد تعمدوا أو اجتهدوا، فذكروا تبوك دون المدينة..
لماذا ضمان الجنة؟!:
وقد ضمن النبي "صلى الله عليه وآله" الجنة لمن حمل رسالته إلى ملك الروم.. ولعل هذا يشير إلى أن الناس كانوا يشعرون بخطر عظيم من التوغل في بلاد الروم، ويرون أن من الصعب جداً وصول الرسول إلى هرقل حياً. وحتى لو وصل إليه، فإن خطر أن يأمر ذلك الطاغية الغاضب والحانق بقتل الرسول قائم، وجدي، لا سيما وأن مرسل الرسالة هو قائد هذا الجيش العظيم الذي يقف عل مشارف بلاده، ويخشى أن ينقض عليها، وينقض ملك ذلك الجبار، وربما ينتهي الأمر بقتله، والتعجيل بروحه إلى النار..
فلأجل ذلك كان ثمن الدخول في هذا الخطر العظيم والجسيم هو الجنة، إذ لا شيء سواها يمكن أن يطمع به من يعرض نفسه للقتل..
غير أن لسائل أن يسأل هنا فيقول: إذا كان الله يطلع نبيه على الغيب فلماذا لم يسترشد النبي "صلى الله عليه وآله" من ربه سبحانه، ويستأذنه بإعلام هذا الرسول بنجاته من شر هرقل، ومن شر الروم كلهم.. ويدفع بذلك الخوف عنه، ويكون من ثم أكثر ثباتاً وإقداماً؟!.
ولنا أن نجيب: بأنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يعوِّد أصحابه على هذه الطريقة في التعامل مع الأمور، ومواجهة قضاياهم.. أي أنه لا يريد لهم أن يتكلوا على الغيب إلى هذا الحد، فإن سلبيات هذه الطريقة كثيرة وخطيرة، إذ هي تؤدي:
أولاً: إلى حرمانهم من ثواب الجهاد في سبيل الله، وقصد القربة، وثواب الخوف والتغرب، وحمل النفس وتوطينها على مواجهة الضرر والخطر..
ثانياً: إن ذلك يجعلهم إتكاليين في مواجهاتهم، ويسلب منهم روح الإبداع والخلاقية، ويمنعهم من التدبر في الأمور ومن التدبير الصحيح والسليم..
ثالثاً: إنه إذا مست الحاجة إلى ارتكاب المخاطر حتى الاستشهاد، وكان العمل بالإستناد إلى الغيب، الذي يحتم تعريف الناس بمآل الأمور، فقد لا نجد أحداً يقدم على ذلك باختياره، وسيظهر الفشل، وتحل الكارثة، إما بسقوط الهكيل على رؤوس الجميع، وإما بالخسران في الآخرة.
رابعاً: إن ذلك قد يختزن في داخله نزاعات، واعتراضات، وانقسامات، وعداوات، وتشكيكات في المعصوم، تخرج الناس من الدين، وتؤدي بهم إلى الردة، وإلى تركه ليواجه وحده المحنة والشدة.
بقي أن نشير إلى أن ذلك الذي تبرع بحمل الرسالة طمعاً بالجنة، كأنه تخيل أنه لا يكون له ما وعد به رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا إذا استجاب هرقل إلى دعوة النبي "صلى الله عليه وآله" وقبل الإسلام..
فجاءه الجواب: أن المطلوب منه هو مجرد إيصال الرسالة، وأن ذلك يكفي لاستحقاق ما وعده به رسول الله "صلى الله عليه وآله".
إذا جاء الليل أين يكون النهار؟!:
وقد أجاب "صلى الله عليه وآله" على السؤال عن مكان النار بقوله: إذا جاء الليل فأين يكون النهار؟!
وهو كلام في غاية الدقة والأهمية، حيث إنه يتضمن حقيقة علمية لم تكتشفها الأمم إلا في العصور المتأخرة، حيث أشار "صلى الله عليه وآله" إلى كروية الأرض، لأن الليل إذا كان من جهة الأرض، فإن الجانب الآخر يكون هو المقابل للشمس، ويكون النهار في ذلك الجانب..
بل هو يترقى إلى ما هو أهم من ذلك، حيث يقرر أيضاً: أن هذه المجرة السابحة، أو حتى منظومة المجرات نفسها السابحة في الكون ربما تكون جميعها ككومة من حبات عنب، منظومة في عنقود أو بدونه، إن هذه المجرات التي ربما تكون في حالة اتساع مستمر على قاعدة: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}([63]). فإن الجنة إذا كانت في جهة من هذه المجرة، أو منظومة المجرات، فلتكن النار في الجهة الأخرى، فإن ما يسبح في الفضاء أي جهة من جهاته توازي الجهة الأخرى، وتقابلها تماماً كما يكون الليل في جهة من الأرض السابحة في الفضاء والنهار في الجهة الأخرى.
توضيحات لا بد منها:
إن الألفاظ إنما وضعت لمعانٍ يدركها الإنسان وهي بالدرجة الأولى المعاني المحسوسة، بالبصر أو السمع أو اللمس.. ثم المعاني القريبة من الحس، كالكرم، والشجاعة، والعدالة والغضب وغير ذلك مما يرى دلائله، ويحس بآثاره. ثم هو يركِّب من هذه وتلك معانيَ جديدة، ويستفيد منها في الإنتقال إلى ما هو أدق وأغرب.
ولكن القرآن يريد أن يوصل للإنسان معاني أسمى وأعظم مما يخطر على باله، أو يمر في خياله.
وقد احتاج إلى أن يضعها في قوالب لفظية، كانت قد وضعت لمعان مبتذلة وعادية، وقريبة ومحدودة؛ فكان عليه أن يتوسل لإيصال الإنسان إلى تلك المعاني العالية بالمجازات والكنايات، والإستعارات، واستعمال تراكيب مختلفة، وإشارات وتلميحات، ومختلف أنواع الدلالات.
فحين أراد مثلاً بيان حجم الكون..
قال أولاً: هناك سماء وأرض، والسماء مأخوذة من السمو، وهو العلو..
ثم قال: هناك سماء دنيا، وهي القريبة الدانية، وهناك سماوات عُلى.
ثم ذكر: أن السماوات سبع.
ثم قال: إن جميع ما نراه من نجوم يسطع نورها، فإنما هو في السماء الدنيا، فقال تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}([64]).
وحيث إنه قد يفهم من ذلك: أن هذا يختص بالنجوم التي تظهر في الليل، لأن المصابيح تكون في الظلمة، عاد فذكر في آية ثانية ما يفيد التعميم لكل كوكب حتى للشمس التي تطلع في النهار، فقال: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}([65]).
أو لعل كلمة "المَصَابِيحَ" توهم الاختصاص بما يكون نوره نابعاً من ذاته، كما هو الحال في المصباح، فلا يشمل ما كان نوره مكتسباً من غيره، فجاءت الآية الثانية لتفيد الشمول إلى كل ما يضيء، سواء أكان في الليل أم في النهار، حيث عبرت بكلمة "الْكَوَاكِبِ" ثم جاء التعبير بـ "الزينة" ليشير إلى أن هناك رؤية وتلذذاً، وإدراكاً لهذه الحالة الجمالية "الزينة".
وإذا رجعنا إلى ما لدينا من معلومات، فسنجد: أنهم يقولون: إن هناك كواكب لم يصل نورها حتى الآن إلينا. وإن هناك كواكب يحتاج نورها إلى ملايين السنين الضوئية ليصل إلينا، ثم هم يقولون: إن الضوء يقطع ما يقارب الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية.
فإذا ضممنا ذلك كله بعضه إلى بعض، وعلمنا: أنه كله في السماء الدنيا، فسندرك: أن حجم هذه السماء لا يمكن أن يناله وهم أو خيال..
فكيف إذا جاء الحديث ليقول لنا: إن السماء الدنيا بالنسبة للثانية كحلقة ملقاة في فلاة. وإن السماء الثانية بالنسبة للثالثة كذلك.. وهكذا السماوات السبع في الكرسي كذلك، والكرسي بالنسبة للعرش كذلك..
كما أن الله تعالى قد قال: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً}([66]).
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً}([67]).
وصرح أيضاً بقوله: {تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}([68]).
وقال تعالى: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}([69]).
وذلك كله يظهر لنا: أن القمر الذي يبعد عن الأرض أقل من ثانية ونصف بحسب مسيرة الضوء، لا يعد بعيداً، بل هو أقرب من قريب.. وكذلك سائر الكواكب التي يفكر الإنسان بالوصول إليها كالمريخ والزهرة ونحوها، ولا يعد هذا البعد شيئاً ذا بال في حساب مسافات السماء الدنيا، فضلاً عن السماوات العلى..
هذا وقد ذكرت الآية الشريفة: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}([70])، أن الإنسان قادر على اختراق أقطار السماوات والأرض كلها، والخروج من دائرتها إلى عالم جديد، لأنه تعالى قد حدد للإنسان طبيعة المانع، وسماه له، وأخبره أنه إن تغلَّب عليه فسيتمكن من الخروج من جميع جهات السماوات والأرض، لا من جهة واحدة وحسب، ولذلك قال "مِنْ أَقْطَارِ".
فمن وصل إلى القمر لا يكون قد خرج من دائرة السماوات، أو اخترقها من أقطارها وجوانبها المختلفة، بل يكون في بداية انطلاقته إلى مسافات تحتاج إلى مليارات المليارات التي لا تنتهي من السنين الضوئية، ليقترب حتى من بعض الكواكب البعيدة نسبياً في السماء الدنيا، فضلاً عن غيرها من السماوات..
وبعد كل هذا الذي ذكرناه من حقائق مثيرة وعظيمة وهائلة نقول:
لا شك في أن الأرض واقعة في محيط السماء الدنيا، في هذه المجرة، ولكن أين هي السماوات السبع، والكرسي، والعرش، وسدرة المنتهى؟!
وكيف يكون موقعها بالقياس إلى الأرض؟!
هل تكون مثل طبقات البصلة التي يحيط بعضها ببعض؟!
أم هي منظومات هائلة من المجرات المختلفة.. يقع بعضها إلى جانب البعض الآخر، على نحو الاستطالة، أو الاجتماع المنتظم في صعيد واحد.. أو التفرق غير المنتظم؟!..
إن تحديد ذلك كله لا يدخل في نطاق قدراتي شخصياً، ولا أدري إن كان ثمة من يستطيع أن يعطي تصوراً حاسماً في هذا المجال، سوى الإمام المهدي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين..
غير أن من المقطوع به: أن السماء الدنيا محيطة بالأرض، وبكل ما يقع في داخلها.. ولكن إحاطتها لا تعني استدارتها في مجموع تكوينها.. كما أن موقعها بالنسبة إلى سائر السماوات لا يمكن تحديده كم أسلفنا.
وقد ظهر من جميع ما تقدم: أن مجموع السماوات والأرض وكل ما تحويه من مجرات إن هي إلا سابحة في الفضاء، وهو محيط بها من كل جانب.
لم تحدثه نفسه بشيء:
تقدم: قولهم إن هرقل لم يكن يهمُّ بالذي بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" عنه، ولا حدثته نفسه بذلك.. ونقول:
إننا قد نقبل من هؤلاء أن يقولوا: إن فلاناً لم يفعل الشيء الفلاني، لأن المعرفة بصدور ذلك منه أو عدم صدوره قد تكون متيسرة في كثير من الأحيان، ولا سيما إذا كان ذلك الأمر جمع الجيوش، والتهيؤ للحرب، وغير ذلك من الأمور التي لا تخفى عادة.
ولكننا لا نقبل من أحد أن يقول لنا: إن فلاناً لم يهم بالأمر الفلاني، لأن الهمَّ بالشيء فعل قلبي قد تصاحبه بعض الحركات باتجاه ما يهم به، وقد يخلو عنها.
وأما أن يقول قائل لنا: إن فلاناً لم تحدثه نفسه بالشيء الفلاني، فذلك ما لايمكن قبوله من أحد إلا من نبي، أو وصي نبي، لأنه قول يستبطن العبث بنا، والإستخفاف بعقولنا، وهذا ما لا نرضاه لأنفسنا، لأنه من إنسان لم يطلعه الله على غيبه، ولا أوقفه على ما يكنه ضمائر عباده.
صاحب الروم.. وعظيم الروم:
وقد عرفنا فيما سبق حين الكلام حول مراسلات النبي "صلى الله عليه وآله" لملوك الأرض في سنة ست: أنه "صلى الله عليه وآله" كتب إلى ملك الروم بعنوان: "إلى عظيم الروم" وكتب إليه في تبوك بعنوان: "صاحب الروم".
ولا ندري هل هذا هو نفس الملك السابق، أم أن ذاك قد مات أو عزل، وحل محله ملك آخر احتاج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الكتابة إليه، كما كان الحال بالنسبة للنبي "صلى الله عليه وآله" مع ملك الحبشة؟
غير أن ما رأيناه في الحالتين: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يخاطبه بصفة "ملك"، ربما لكي لا يتوهم أحد أن ذلك يمثل إقراراً من نبي لا ينطق عن الهوى بالملك له، ثم يشيعون: أن هذا يثبت له حقاً منحه الله تعالى إياه، ويتخذ ذلك ذريعة لخداع السذَّج والبسطاء من الناس.
بين هرقل وفرعون:
ولا شك في أن رسالة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى هرقل كانت في غاية الدقة. وهي رسالة هادئة وحازمة، وقد راعت أهداف الإسلام، من دون أن تعطي ذلك الطاغية أية ذريعة للتمرد، أو اللامبالاة، كما أنها لم تخلَّ بشرط الإختيار، والحرية لطاغية الروم، فقد خيره بين أمور لم يذكر له الحرب، ولا إبرام العهد..
ولكن هرقل تخلص أولاً من دحية الكلبي بكذبة كان يعرف أنها لا تنفع مع النبي "صلى الله عليه وآله"، حين زعم له أنه قد أسلم.
ثم هيأ رسولاً آخر، يستطيع أن يأتيه بالمعلومات التي يحتاج إليها، ولكنه على ما يظهر أراد أن يطمئن إلى ولاء قومه، وطاعتهم له.. فعقد جلسة مع قسيسي الروم وبطارقتها وأخبرهم بالخيارات التي كتب بها إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد بهرج الكلام بحيث أثار حفيظتهم، وأيقظ عنجهيتهم الدينية أولاً، حين وضعهم وهم بطارقة وقسيسون أمام خيار قبول الإسلام، والحال أنهم يرون أن كل ما لديهم هو نتيجة الإلتزام بالنصرانية، والتسويق لها، فالتخلي عنها معناه الخسارة لكل شيء.
فلم يبق أمامهم إلا خيار قبول الجزية أو والسيف، وقد عرض عليهم إعطاء الجزية بصورة تحريضية على الرفض، من خلال ما يثيره فيهم من شعور بالمظلومية.. حيث قال لهم: "أو أن أعطيه مالنا، والأرض أرضنا".
ثم إنه قد صعَّد من لهجته التحريضية، التي تسوقهم إلى المقاومة بشراسة وبقسوة حين قال لهم مرة أخرى: "ليأخذن أرضنا".
ثم قال لهم ثالثة: "فلنتبعه على دينه، أو نعطه مالنا على أرضنا"..
ويذكرنا هذا الأسلوب بما فعله فرعون "لعنه الله" في مواجهة موسى "عليه السلام"، وذلك حين كان الحوار يجري بينهما لإبطال ادِّعاء فرعون للألوهية، فأظهر الله تعالى المعجزة على يد موسى "عليه وعلى نبينا وآله السلام"، بانقلاب العصا إلى ثعبان، وظهور يده البيضاء، لكن فرعون {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ: إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ..}([71]).
ثم أكد لهم ذلك بإعلانه خروجه عن دائرة الصراع، وإيكال أمر اتخاذ القرار في حق موسى "عليه السلام" إليهم، لأن الأمر يعنيهم، والقضية قضيتهم، وهو إنما كان يساعدهم على درء الخطر فقال لهم: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}؟([72]).
وقد جاءت النتائج وفق ما خطط له قيصر، فقد "نخروا نخرة رجل واحد، حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا: تدعونا أن نذر النصرانية، أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز"؟
فلما اطمأن إلى أنه قد نال ما أراد بادر إلى استيعابهم من جديد، فطمأنهم إلى أنه إنما أراد أن يختبرهم، ويقف على مدى صلابتهم.
ذهاب ملك النجاشي:
قد يعترض على النصوص المتقدمة بأنها تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قال لرسول ملك الروم: "وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فمزقها، والله ممزقه وممزق ملكه".
مع أن الروايات تقول: إن النجاشي أسلم على يد جعفر بن أبي طالب، وإنه قد مات في حياة النبي "صلى الله عليه وآله". فصلى عليه النبي "صلى الله عليه وآله"، بعد أن رفع الله له كل خفض، وخفض له كل رفع، حتى رأى جنازته أمامه..
والجواب: أن هذا الذي مات اسمه أصحمة، وليس هو المقصود بكلام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل المقصود هو الذي تولى بعده، ويقال له "النجاشي" أيضاً، لأن هذه الكلمة هي لقب ملك تلك البلاد كما يقال: كسرى وقيصر لِمَلَكَيْ الروم والفرس..
مؤتة هي القوة الرادعة:
ونعتقد: أن ما جرى في مؤتة على يد القادة الثلاثة الذين استشهدوا كان له أكبر الأثر في قرارات هرقل، وكل بطارقته وأعوانه، فقد رأيناه مذبذباً يسعى إلى التملص، والتخلص من المواجهة، فيزعم للنبي "صلى الله عليه وآله" في بادئ الأمر أنه على دينه، ويرسل إليه هدية..
ثم يرسل له رسالة أخرى، يحاول فيها أن يطرح بعض الأسئلة، ربما بهدف تسويف الوقت، وعدم إفساح المجال لإلزامه بشيء..
ولكن ما لا بد من الوقوف عنده ملياً هو: أن قيصر كان لا يزال يعيش نشوة النصر على كسرى قبل نحو سنتين، ويرى نفسه أنه يملك نصف الدنيا، وكانت حتى بلاد الشام، وفلسطين والأردن، وسواها من بلاد العرب خاضعة لسلطانه، وتدين بالولاء له.
وكان يستطيع أن يزحف بمئات الألوف من الجيوش المجهزة بأفضل الأسلحة، ليواجه بها عربياً يعيش في صحراء الحجاز، لا يملك من المال ما يهيء به نعالاً لجيشه الذي يريد أن يخترق به تلك الصحراء الشاسعة ليتقي بها ذلك الجيش حر الرمضاء، فيضطر الكثيرون منه إلى قطع تلك المسافات مشاة وحفاةً.
إن هرقل هذا لا يجرؤ على التفوه بكلمة "لا" أمام دعوة رسول الله "صلى الله عليه وآله" له، رغم أنه يدعوه وقومه إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون..
ولم يحدث في تاريخ طواغيت الأرض وعتاتها أن تأتي عساكر أعدائهم لتقف على تخوم بلادهم، وهي ثلة قليلة العدد ضعيفة العدة، ثم يسكتون ولا يحركون ساكناً، وكأن شيئاً لم يكن، مع قدرتهم على تجنيد عشرة أضعاف ذلك العدو بأفضل عدة، وأتم وأوفى عدد!!
بل تراه يتحايل على ذلك العدو، ويرسل له بالهدايا، وبالكلمات المعسولة، حتى إنه ليدَّعي ـ كاذباً ـ الإنقياد له، والقبول به، والتبعية والطاعة لكل ما يأمر به وينهى عنه.
ثم يتبع ذلك بما يشير إلى أنه بصدد التأكد من أمر النبوة، وأنه يبحث عن الحقيقة، لكي يسلب منه القدرة على التصميم على مهاجمته، وليحرجه في قرار المضي بالحرب معه، أو في التوغل في بلاده، لو أنه فكر في ذلك، لأنه كان يعلم أنه لا يمكن للنبي "صلى الله عليه وآله"أن يتخذ قراراً كهذا في حق من يظهر أنه يبحث عن الحق، ويتلمس دلائله..
والذي يبدو لنا: هو أن سبب هذا الإستخذاء من هرقل، ومن أصحاب القرار في مملكة الروم هو ما جرى في مؤتة..
فهي قد عرَّفت قيصر، ومن معه: أن الأمر في أية مواجهة مع هذا النبي الكريم "صلى الله عليه وآله"، سيكون بالغ الخطورة، إن لم نقل: إنهم كانوا على يقين من أنه لن يأتي لهم بغير الخزي والعار، والذل والصَّغار، والهزيمة النكراء، والفضيحة الصلعاء..
إذ إن مئات الأولوف التي جاء بها قيصر إلى حرب مؤتة قد واجهت ثلاثة آلاف فقط من المسلمين، وكان من المتوقع: أن يسقط أكثر المسلمين صرعى في أول ساعة بل في الدقائق الأولى من المعركة، حيث لا بد أن تتناهبهم سيوف ورماح مئات الألوف من الرجال، إن لم نقل: إن الحجارة كانت تكفيهم، لتبيد جميع أعدائهم وتفنيهم..
ولكن ما حصل كان نقيض ذلك، فإن الحرب لم تنته في اللحظات الأولى، بل طالت ربما لأيام، ولم يسقط فيها من الشهداء سوى عدد ضئيل جداً، لا يتجاوز السبعة أشخاص، كان القادة الثلاثة منهم، ولولا الهزيمة التي فرضها عليهم خالد بن الوليد، فلربما بلغ السيل الزبى، والحزام الطبيين.. والذين قتلوا من غير القادة لعلهم قتلوا بعد فرار خالد بالمسلمين، أو على الأقل لا يمكن تأكيد قتلهم في ساحة المعركة قبل ذلك.. وقد كان هذا، والحال أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن معهم.. فلو كان "صلى الله عليه وآله" معهم، فكيف ستكون عليه الحال والمآل..
ولعل قيصر وأهل الروم قد سمعوا بمعاقبة النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين للعائدين من مؤتة، حتى لقد حثوا في وجوههم التراب، واستقبلوهم بما يكرهون، وقد قاطعهم وعاداهم أهلهم وذووهم وإخوانهم، وحتى نساؤهم ومحبوهم.. ولم يقل لهم أحد: "الحمد لله على سلامتكم"..
وها هو قيصر يرى عشرة أضعاف الثلاثة آلاف، ومعهم قائدهم، ورائدهم وسيدهم الذي يقدسونه، ويفدونه بأنفسهم، فأي جيش يمكن أن يواجه هؤلاء وينتصر عليهم، ولذلك اتخذ قرار الخداع دون الإنصياع، والمخاتلة والمماطلة، بديلاً عن المواجهة والمقابلة..
ولا يبعد أن حصول هرقل على أخبار إلهية من كتب سماوية وصلت إليه تتحدث عن شأن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي اضطره لاتخاذ الإجراءات التي اتخذها، أو كان عاملاً مؤثراً في ذلك.
الإستكبار الغبي:
وإن أقبح أنواع الإستكبار هو ذلك الذي ينضح بالغباء البغيض المهلك، ويضج بالسماجة المقيتة والمميتة، ولعل استكبار أولئك الأساقفة والبطارقة، والذي وافقهم عليه ملكهم أوضح مثال على ما نقول.. إذ لا معنى لأن يستكبر هؤلاء على نبي يجدونه مكتوباً عندهم في إنجيلهم وتوراتهم، وعلى رجل لا يريد أن يستعبدهم، بل يريد أن يحررهم من عبادة الشيطان، ومن العبودية للأكاسرة والقياصرة، والطواغيت والجبابرة.. ومن أسر الشهوات، وحب الدنيا، وينطلق بهم نحو الله، ليكونوا أحراراً في دنياهم، سعداء في آخرتهم..
ويا ليتهم يقدمون التبرير المقبول والمعقول لذلك، بل ذكروا: أن سبب رفضهم للإنقياد له هو كونه قد جاءهم من الحجاز، معتبريه أعرابياً، والحال أنهم لم يروه، ولم يسمعوا كلامه، ولا شاهدوا معجزته.. وذلك هو الإستكبار السمج والغبي بكل تأكيد، وأغبى منهم من قبل منهم، ورضي عنهم، وانقاد لمشورتهم، مع علمه ببوار حجتهم، وفيال رأيهم.. وهو قيصر بالذات لأن هذا الرجل قد أعلمهم مسبقاً أن هذا الحجازي هو الذي أخبرتهم به كتبهم، وعرفتهم أنه سوف ينتصر عليهم، إن عاجلاً، وإن آجلاً، فما هذه المكابرة، ولماذا المخاطرة؟!. إذن..
كذب عدو الله، وليس بمسلم:
وقد أتم الله الحجة على قيصر، وأظهر الله تعالى كذبه وخداعه، وأنه يماطل ويخاتل حين أرسل ذلك التنوخي برسالته إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، لأنها قد دلت على أنه قد كذب فيما قاله لدحية من أنه متبع للنبي "صلى الله عليه وآله"، ولكن لا يريد أن يدع ملكه، وقد تمت الحجة عليه بما عرفه من كتبهم التي أخبرتهم عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبما بلغه عنه "صلى الله عليه وآله" من معجزات وكرامات وحالات، ثم بما عاينه من صنع الله لنبيه "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك.. ثم بما عاينه مبعوثه، وأخبره به، حيث وجد ذلك المبعوث صحة كل ما أوصاه باستكناهه، وكشف حقيقته، بدءاً من:
1 ـ ذكره "صلى الله عليه وآله" لصحيفته، وإخباره بما يجري على كسرى، والنجاشي، وبما يؤول إليه أمر قيصر.. وصولاً إلى:
2 ـ إجابته "صلى الله عليه وآله" على سؤاله عن مكان النار والجنة، وانتهاءً بـ:
3 ـ مشاهدة مبعوثه خاتمَ النبوة، بعد أن ذكَّره النبي "صلى الله عليه وآله" به، إذ قد يظهر أنه كان قد نسيه..
وقد صرح النبي "صلى الله عليه وآله": بأن قيصراً يكذب فيما يدعيه، فقد قال حين أخبره دحية بما قاله له: "كذب".
ولما قرأ كتابه أيضاً قال: "كذب" "عدو الله" "وليس بمسلم" "بل هو على نصرانيته"..
ورغم ذلك كله، تجد أن المؤرخين يوردون قضية هرقل في سياق يظهر نفس ما كان يريد هرقل أن يخدع به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتصوير أنه مغلوب على أمره، وأنه.. وأنه.. فهل هذا غباء؟!. أم أنهم ممن أضلهم الله تعالى على علم؟!. أم الإثنان معاً؟!
رفض التنوخي للإسلام غير منطقي:
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعا ذلك التنوخي للإسلام، فلم يقبل بحجة أنه رسول قوم، وعلى دينهم، ولا يرجع عن دينه حتى يرجع إليهم..
وهي حجة واهية، وغير منطقية، فإن كونه رسولاً لا يمنع من قبول الحق، والإلتزام بالهدى الإلهي، ولا سيما بعد أن رأى البينات بأم عينيه، فقد رأى خاتم النبوة، وسمع إخباره عما فعله قيصر بالصحيفة التي أرسلها إليه، وعما يجري للنجاشي، وكسرى، وسمع وسجل إجابته على السؤال حيث طابقت تلك الإجابة ما أخبره به قيصر الذي أرسله..
وعاين سلوك النبي "صلى الله عليه وآله" وأخلاقه مع الناس عن قرب، حتى إنه لم يستطع أن يميزه من بينهم، حتى احتاج للسؤال عنه، فقال: أين صاحبكم؟ ولم يقل: من هو صاحبكم؟ وكأنه قد ظن أنه غائب، مع أنه يأتي من قبل أحد الملوك، ويعرف كيف يعامل الملوك رعاياهم، وما هي حقيقة تعامل رعاياهم معهم ..
هرقل يمنع الفلاحين من الإسلام، ومن الجزية:
وقد ورد في كتاب النبي "صلى الله عليه وآله" قوله لهرقل: "..وإلا.."، أي إن لم تدخل في الإسلام، ولم تعط الجزية، "فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه، أو يعطوا الجزية..".
قال أبو عبيد: "لم يرد الفلاحين خاصة، ولكنه أراد أهل مملكته جميعاً، وذلك أن العجم عند العرب كلهم فلاحون، لأنهم أهل حرث وزرع، لأن كل من كان يزرع، فهو عند العرب فلاح، إن ولي ذلك بنفسه، أو وليه له غيره"([73]).
فهذا الشرط من جهةٍ يتيح للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يتعامل مع الناس مباشرة، من دون تدخل من قبل هرقل.
ومن جهة أخرى فإن النبي "صلى الله عليه وآله" في مقابل ذلك يعفي هرقل من الجزية، ومن الحرب..
وذلك من شأنه: أن يمكن النبي الكريم والعظيم "صلى الله عليه وآله" من مخاطبة الناس، وعرض دعوته عليهم، ويكونون هم الذين يقررون الدخول في دينه، أو إعطاء الجزية. إذ إن خيار الحرب ليس هو الخيار المفضل عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل هو خيار يأتي على قاعدة: آخر الدواء الكي، والأمر الأهم بالنسبة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هو استعادة حرمة الناس، وكرامتهم، وخياراتهم من سالبيها، حيث إنهم يمنعون الناس حتى من أن يفكروا، ومن أن يعتقدوا، ومن أن يخاطبوا هذا الفريق أو ذاك.
فإذا أراد هرقل أن يميز نفسه عنهم، ويرفض أن يختار لنفسه ما يختارونه لأنفسهم، فذلك شأنه، فإذا كف عن ظلمهم المتمثل بمنعهم من ممارسة حريتهم الفكرية والإعتقادية، فإنه وإن كان الكف عن الظلم واجباً عليه، ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" أراد أن يزيد في إحسانه له بالسكوت عن مطالبته بالجزية، والإمتناع عن مواجهته بالحرب..
فظهر مما ذكرناه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أظهر أنه سيكون رفيقاً بقيصر محسناً إليه، إذا كف قيصر عن ممارسة القهر والظلم لشعبه، وتخلى عن مصادرة حرياتهم..
حكم الإسلام واحد:
وقد كان الملوك ولا يزالون يميزون أنفسهم عن رعاياهم، ويرون أنه يحق لهم ما لا يحق لغيرهم.. ولكن حكم الإسلام هو أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ولا فرق بينهم في العبادات، ولا في المعاملات، ولا في الحقوق، ولا في الحدود..
وعلى هذا الأساس جاء قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" في رسالته إلى هرقل: "فإن أسلمت فلك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم"، ولم يقل له: إن أسلمت فلك كذا وكذا من المال، أو أنني أجعلك وزيراً لي، أو أوليك على البلد الفلاني، أو ما شاكل ذلك..
الخطاب لهرقل دون سواه:
واللافت في هذه الرسالة، وسائر رسائله إلى الملوك: أنه "صلى الله عليه وآله" يخاطب أولئك الملوك بما هم أفراد، فيميزهم بذلك عن غيرهم من الناس، فهو لم يكتب لقيصر مثلاً عبارة: أسلموا تسلموا، أو إن أسلمتم فلكم كذا، وإن امتنعتم، فعليكم كذا، بل قال له هو: أسلم تسلم، وقال: فإن أسلمت الخ..
وذلك أولاً: لأنه لا يريد أن يعترف له بأنه يمثل أحداً من الناس، حتى لو كانوا قومه، ومن يعتبرهم هرقل رعية له.
وثانياً: لأنه إن أسلم، فسيلتزم بتعاليم الشريعة التي منها ترك الحرية للناس في أن يختاروا دينهم، وسيتعامل معهم وفق ما يختارونه، وسيطبق عليهم أحكام الله، لأن الإيمان والإلتزام به، والعمل بمقتضاه، والكفر والجحود هو فعل ومسؤولية الأشخاص، وهم الذين يواجهون آثار وتبعات ما يختارونه من ذلك..
ولكن الملوك يمثلون ـ في العادة ـ العقبة الكأداء أمام ممارسة الناس لحقهم، فيحتاج الأمر إلى مخاطبتهم أولاً، من دون أن يكون لهذا الخطاب أي تأثير على حق الرعية.. حسبما أوضحناه..
ملك أيلة، وجربا، ومقنا:
وكان أهل أيلة يهوداً، فلما بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" خالد بن الوليد إلى أكيدر بدومة ـ كما بيناه في السرايا ـ أشفق ملك أيلة، يحنة بن رؤبة أن يبعث إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" كما بعث إلى أكيدر، فقدم على النبي "صلى الله عليه وآله"، وقدم معه أهل جربا وأذرح ومقنا، وأهدى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بغلة([74]).
وعرض عليه "صلى الله عليه وآله" الإسلام، فلم يسلم([75]).
قال أبو حميد الساعدي: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ابن العلماء، صاحب أيلة بكتاب، فأهدى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بغلة بيضاء، وكساه رسول الله "صلى الله عليه وآله" برداً، وكتب له رسول الله "صلى الله عليه وآله" ببحرهم ([76]).
وعن الواقدي قال: رأيت يُحَنَّة بن رؤبة يوم أُتي به رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعليه صليب من ذهب، وهو معقود الناصية، فلما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كفَّر (أي وضع إحدى يديه على الأخرى)، وأومأ برأسه، فأومأ إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بيده أن ارفع رأسك.
وصالح النبي "صلى الله عليه وآله" يُحنة يومئذ، وكساه برداً يمنية، فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار، وأمر له بمنزل عند بلال انتهى([77]).
كتابه ' ليُحَنَّة:
قالوا: وقطع رسول الله "صلى الله عليه وآله" الجزية، جزية معلومة، ثلاثمائة دينار كل سنة، وكانوا ثلاثمائة رجل، وكتب لهم بذلك كتاباً فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا كتاب أمنة من الله تعالى، ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، لسفنهم وسائرهم، السارح في البر والبحر، لهم ذمة الله وذمة رسوله "صلى الله عليه وآله"، ولمن كان معهم من أهل الشام، وأهل اليمن، وأهل البحر. ومن أحدث حدثاً فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقاً يردونه من بر أو بحر".
هذا كتاب جهيم بن الصلت، وشرحبيل بن حسنة، بإذن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([78])..
كتابه ' لأهل أذرح وجربا:
وكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأهل أذرح كتاباً، وكانوا يهوداً أيضاً، وقد أعطاهم الأمان فيه، وفرض عليهم الجزية، وفيما يلي نص الكتاب:
"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب محمد النبي "صلى الله عليه وآله" لأهل أذرح وجربا، إنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد، وأن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة، والله كفيل عليهم بالنصح والإحسان إلى المسلمين، ومن لجأ من المسلمين من المخافة والتعزير، إذا خشوا على المسلمين فهم آمنون، حتى يحدث إليهم محمد "صلى الله عليه وآله" قبل خروجه".
قالوا: وأتى أهل جربا وأذرح بجزيتهم بتبوك فأخذها"([79]).
كتابه ' لأهل مقنا:
وصالح رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً أهل مقنا على ربع ثمارهم، وربع غزولهم. وكانوا قد وفدوا إليه مع يُحنّة عظيم إيلة، وكنا قد أشرنا إلى كتابه في أوائل كتابنا هذا، حيث تحدثنا عن: أعمال تأسيسية في مطلع الهجرة، حيث بحثنا موضوع وضع التاريخ الهجري..
وقد ذكرنا هناك: أن الظاهر هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قد كتب لهم هذا الكتاب في المدينة، ولعلهم وفدوا إليه مرة أخرى بعد عودته إليها، لأن كاتب الكتاب هو علي بن أبي طالب "صلوات الله وسلامه عليه"، وهو لم يكن في غزوة تبوك..
ونص الكتاب هو التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا:
سلم أنتم، فإنه أنزل علي أنكم راجعون إلى قريتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون، ولكم ذمة الله وذمة رسوله، وإن رسول الله قد غفر لكم ذنوبكم، وكل دم اتبعتم به، لا شريك لكم في قريتكم إلا رسول الله، أو رسول رسول الله، وإنه لا ظلم عليكم ولا عدوان، وإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يجيركم مما يجير منه نفسه، فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم، والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله، وإن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم، وربع ما صادت عرككم، وربع ما اغتزلت"([80]).
كتاب إلى مالك بن أحمر:
وقالوا أيضاً: لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" سنة تسع إلى تبوك، حين سمع باجتماع طوائف من الروم، وعاملة، ولخم، وجذام لحربه، سمع بذلك مالك بن أحمر الجذامي، فوفد إليه، فقبل "صلى الله عليه وآله" إسلامه، وسأله مالك أن يكتب له كتاباً يدعو قومه به إلى الإسلام، فكتب في رقعة أدم عرضها أربعة أصابع، وطولها قدر شبر([81])..
ونص الكتاب:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا كتاب من محمد رسول الله لمالك بن أحمر، ولمن تبعه من المسلمين أماناً لهم ما أقاموا الصلاة، وآتو الزكاة، واتبعوا المسلمين، وجانبوا المشركين، وأدوا الخمس من المغنم، وسهم الغارمين، وسهم كذا وكذا، فهم آمنون بأمان الله عز وجل، وأمان محمد رسول الله([82])..
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم الوقفات التالية:
وفدان لجذام:
والظاهر: أن لجذام وفدين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله":
أحدهما: حيث كان "صلى الله عليه وآله" في تبوك، فجاءه مالك بن أحمر وقومه من بني عوف من جذام، فكتب له الكتاب المتقدم.
الثاني: وفد رفاعة بن زيد الجذامي، فقد وفد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة مع رهط من بني صبيبة من جذام.
من بركات تبوك:
ويلاحظ هنا: أن من جملة بركات مسير تبوك هو: أن الله تعالى قد ألقى الرعب في قلوب أعداء الله، فبادروا إلى إعلان إسلامهم أو استسلامهم، فكانت هذه المعاهدات مع الفئات المختلفة، هي النتيجة الطبيعية لذلك، ووفد إليه أهل مقنا، وإيلة، وجربا، وأذرح، ومالك بن أحمر وقومه يطلبون العهد والأمان، وفتح الله دومة الجندل، وما إلى ذلك..
يضاف إلى ذلك كله، رعب الروم وعمالهم، وسائر القبائل المعادية، مثل عاملة، ولخم، وجذام، وسائر الذين جمعوا الجموع، وأرادوا مهاجمة المسلمين..
يريد كتاباً يدعو قومه به:
وقد صرحت الروايات: بأن الكتاب الذي طلبه مالك بن أحمر، قد أراد أن يدعو قومه به..
ويلاحظ: أن ما كتبه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم، هو نفس ما كتبه لغيرهم، وهو: أن يلتزموا بأحكام الدين، وأن يكونوا مع المسلمين، ويتركوا المشركين..
وهذا يدل على: أن هذا الدين لا يحتاج إلى أي جهد لإقناع الناس به، بل إن مجرد عرض نفس حقائقه وأحكامه يكفي للرغبة فيه والتعلق به، والزهد بغيره إلى حد النفور..
أمان الله، وأمان رسوله:
والأمان الذي جعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمالك بن أحمر وقومه هو أمان الله تعالى أولاً. الذي يكفي في الحصول عليه أن يلتزموا بأحكام الدين، كما أن أمان رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يحتاج إلى أكثر من ذلك.. فهو إذن لم يطلب لنفسه شيئاً، بل ما طلبه يعود نفعه إليهم..
إرفع رأسك:
وحين كفَّر رؤبة (أي وضع إحدى يديه على الأخرى) أمام النبي "صلى الله عليه وآله" وأومأ برأسه، لم يوافق فعله هذا رضى من رسول الله، لأنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يكون الإحترام والتعظيم من منطلق الوعي للقيمة الأخلاقية والإنسانية التي تعطي القيمة للإنسان الذي يعيش إنسانيته، والإرتباط بالله تبارك وتعالى بصدق، وبإخلاص.
أما إذا كان الإحترام للإنسان، لأنه غني، أو قوي أو ذو جاه وشوكة، وسلطان، فالإحترام ليس لإنسانيته، وإنما لماله، ولقوته، وخوفاً من سلطانه وهيبة لموقعه وجاهه.. وما إلى ذلك..
كما أنه "صلى الله عليه وآله" يرى أن الخضوع والخشوع، لا بد أن يكون لله تبارك وتعالى لا لسواه.. وأن الجميع سواسية أمامه سبحانه، وأن هذه الطاعة له سبحانه تغني عن كل ما عداها.. فكل ما يكون لغيره فلا بد أن ينتهي إليه، ويكون من خلاله تعالى، وإلا فهو باطل وزائف، لأن قطع الصلة بين أي شيء وبين الله تعالى، سوف يفقده قيمته، ويسقط معناه..
اليهودي والصليب:
إنهم يقولون: إن أهل أيلة، وجربا وأذرح، وسواها، كانوا يهوداً فما معنى أن يكون على يُحَنَّة صليب من ذهب، والحال أن النصارى هم الذين يعتمدون الصليب؟!
لمحة توضيحية في كتاب يُحَنَّة:
هذا.. وقد تضمن كتابه "صلى الله عليه وآله" ليحنة وأهل إيلة الأمان لهم ولأنفسهم، وأموالهم وقوافلهم، وسفنهم، بشرط أن لا يحدثوا حدثاً يوجب نقض العهد، فإن من ينقض العهد لا حرمة لماله ولا لدمه، ولا تقبل منهم الفدية لو بذلوها في هذه الحال..
والحدث الموجب لنقض العهد هو الإمتناع عن إعطاء الجزية، وإظهار التمرد والعصيان..
وقد تضمن كتابهم التنصيص على حرية تحركهم، وقد أباح لهم أن يردوا أي ماء شاؤا، وأن يسلكوا أي طريق أرادوا..
أهل مقنا معتدون:
إن نص كتاب أهل مقنا يفيد: أنهم كانوا قد ارتكبوا من السيئات والذنوب تجاه الإسلام، وآذوا المسلمين ما جعلهم يستحقون معه العقوبة دون سائر الناس، ولكن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قد غفر ذلك لهم.. بل هو قد أحسن إليهم بأن أجارهم "صلى الله عليه وآله"، حتى أنه ليدفع عنهم كل ما يدفعه عن نفسه..
وهذا غاية الرفق بهم، والإحسان إليهم.
ولكنه شدد عليهم من جهة أخرى، فأجرى فيهم حكم التوراة، ربما لكي لا يستسهلوا العودة إلى الجريمة، حين يرون أن العفو، والحماية بانتظارهم، وأن ثم من يدفع عنهم.
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد أخذ منهم متاعهم ورقيقهم، وآلة الحرب وما يتقوَّون به على العدوان، إلا ما عفا عنه لهم. مما لا بد لهم منه للدفع عن أنفسهم..
الأمير من أهل البيت فقط:
وقد شرط لهم: أن لا أمير عليهم إلا من أنفسهم، أو من أهل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهل المقصود من هذا القرار النبوي تعريف الناس: أن أهل رسول الله "صلى الله عليه وآله" هم الذين يعاملونهم بالرفق، ويهتمون بما يصلحهم، ولا يبغون لهم إلا الصلاح والخير، فهم يحرصون على مصلحتهم بمستوى حرص أحدهم على مصلحة نفسه وأهله؟.
أما غير أهل النبي "صلى الله عليه وآله"، فقد يجرون النار إلى قرصهم، ويتخذون الدين ذريعة للدنيا، ويتخذون مال الله دولاً وعباد الله خولاً، وهذا ما أظهرته الوقائع اللاحقة..
كما أن أهل رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعرف من كل أحد بأحكام الدين، وهم الواقفون على سياسات ومناهج وأخلاق وأهداف رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وهم الأولى من كل أحد بتولي شأن الناس من بعده..
كتاب مزوَّر لأهل مقنا:
وقد أورد بعضهم نصاً لكتاب النبي "صلى الله عليه وآله" لأهل مقنا، وهو باللغة العربية لكنه مكتوب بالخط العبراني.
وهو يختلف عن النص المتقدم ويزيد عليه في أمور كثيرة([83])، ولكن بعض الباحثين قد حكموا عليه بأنه مزور ومكذوب. ومستندهم في ذلك الأمور التالية:
1 ـ أن الكتاب المذكور قد أرخ بسنة خمس للهجرة، مع أن ثمة اتفاقاً على أنه "صلى الله عليه وآله" قد عاهد أهل مقنا سنة تسع..
2 ـ قد ورد ذكر صفية زوجة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الكتاب، مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما تزوجها سنة سبع بعد غزوة خيبر..
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى ملوك الدنيا بالخط العربي، فلماذا كتب ليهود مقنا بالعبرانية، وهم عرب؟!..
4 ـ إن خيبر قد فتحت بعد سنة خمس بالإتفاق.. والكتاب مؤرخ بسنة خمس.
ونضيف إلى ما تقدم:
أن نفوذ المسلمين لم يكن بهذا الإتساع، كما أن عساكر الإسلام لم تكن قد وصلت إلى تلك المناطق، ولم يكن أهلها يخافون من حملات المسلمين على بلادهم، خصوصاً قبل سقوط خيبر وقبل فتح مكة حيث كان المشركون في مكة يضغطون على المسلمين، ويشنون عليهم الحملات..
5 ـ إن الجزية ـ حسب زعمهم ـ قد وضعت سنة تسع، فهي في سنة خمس لم تكن قد وضعت بعد..
6 ـ بعض الشروط التي أعطاهم إياها، أو أعفاهم منها لم تكن تجري حتى في حق المسلمين. إذا ما معنى أن لا يحجبوا عن ولاة المسلمين؟!.
7 ـ ما معنى أن لا يمنع أحد من اليهود من دخول المساجد؟!.
8 ـ لماذا لا يعدُّ زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بمن كانت قبل إسلامها على الشرك إكراماً للمشركين أيضاً؟
ولماذا لا يعدُّ زواجه "صلى الله عليه وآله" من مارية القبطية إكراماً للنصارى؟!
قصة ذي البجادين:
قالوا: كان عبد الله ذو البجادين([84]) من مزينة، مات أبوه وهو صغير، فلم يورثه شيئاً، وكان عمه مليّاً، فأخذه، فكفله حتى كان قد أيسر، وكانت له إبل وغنم ورقيق، فلما قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام ولا يقدر عليه من عمه، حتى مضت السنون والمشاهد كلها.
فانصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من فتح مكة راجعاً إلى المدينة، فقال عبد الله ذو البجادين لعمه: يا عم قد انتظرت إسلامك فلا أراك تريد محمداً، فائذن لي في الإسلام.
فقال: والله لئن اتبعت محمداً لا تركت بيدك شيئاً كنت أعطيتكه إلا انتزعته منك حتى ثوبيك.
فقال: وأنا والله متبع محمداً ومسلم، وتارك عبادة الحجر والوثن، وهذا ما بيدي فخذه، فأخذ كل ما أعطاه حتى جرده من إزاره.
فجاء أمه فقطعت بجاداً لها باثنين، فائتزر بواحد وارتدى بالآخر.
ثم أقبل إلى المدينة، فاضطجع في المسجد، ثم صلى مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" الصبح، وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتصفح الناس إذا انصرف من الصبح، فنظر إليه فأنكره.
فقال: "من أنت"؟
فانتسب له، فقال: "أنت عبد الله ذو البجادين".
ثم قال: "انزل مني قريباً".
فكان يكون في أضيافه، ويعلمه القرآن، حتى قرأ قرآناً كثيراً، وكان رجلاً صيتاً فكان يقوم في المسجد، فيرفع صوته في القراءة، فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع هذا الأعرابي يرفع صوته بالقرآن، حتى قد منع الناس القراءة؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "دعه يا عمر، فإنه قد خرج مهاجراً إلى الله تعالى وإلى رسوله".
فلما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، قال: يا رسول الله. ادع الله تعالى لي بالشهادة.
فقال: "أبلغني بلحاء سمرة". (أي ائتني بها).
فأبلغه بلحاء سمرة، فربطها رسول الله "صلى الله عليه وآله" على عضده، وقال: "اللهم إني أحرم دمه على الكفار".
فقال: يا رسول الله، ليس هذا أردت.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنك إذا خرجت غازياً في سبيل الله فأخذتك الحمى فقتلتك فأنت شهيد. وإذا وقصتك دابتك فأنت شهيد، لا تبالي بأية كان".
فلما نزلوا تبوك أقاموا بها أياماً، ثم توفي عبد الله ذو البجادين، فكان بلال بن الحارث المزني يقول: حضرت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومع بلال المؤذن شعلة من نار عند القبر واقفاً بها، وإذا رسول الله "صلى الله عليه وآله" في القبر، وإذا أبو بكر وعمر يدليانه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يقول: "أدنيا لي أخاكما".
فلما هيأه لشقه في اللحد قال: "اللهم إني قد أمسيت عنه راضياً، فارض عنه".
فقال ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحب اللحد([85]).
ونقول:
في هذه القضية أمور كثيرة تحتاج إلى بيان، غير أننا سوف نقتصر منها على نقطتين فقط، فلاحظ ما يلي:
إعتراض عمر على قراءة القرآن:
ذكرت الرواية المتقدمة: أن عمر بن الخطاب قد اشتكى على ذي البجادين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه يرفع صوته بالقرآن، ثم هو يصفه بوصف يريد أن يشينه به، وهو أنه أعرابي، وكأنه يريد إن يطبق عليه قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([86])، وغيرها من الآيات..
مع أنه يعلم ويرى: أن النبي "صلى الله عليه وآله" معهم في المسجد، ويسمع قراءة ذي البجادين كما يسمعون، فلو أنه كان في قراءته ما يحتاج إلى تدخل، وتحديد لكان "صلى الله عليه وآله" بادر إلى ذلك من دون حاجة إلى تذكير عمر..
كما أن ذا البجادين لم يسئ إلى عمر، لكي يتخذ عمر ذلك ذريعة لتوجيه الإهانة له..
يضاف إلى ذلك: أنه لم يظهر من فعل ذي البجادين أنه يتعمد إزعاج المسلمين بقراءته..
فلماذا إذن يوجه له عمر بن الخطاب هذه الكلمات اللاذعة والمهينة؟!.
لم يدع له بالشهادة!:
ولعل السبب في أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يدع بالشهادة لذي البجادين: أن الله تعالى كان قد أعلمه بأن غزوة تبوك سوف تنتهي من دون حرب، والذي طلبه ذو البجادين ـ فيما يبدو ـ هو الشهادة في تبوك بالذات، فإذا دعا له النبي "صلى الله عليه وآله" بالشهادة، ثم حضر أجل ذلك الرجل، الذي يرى أن دعاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" مستجاب، فسيعتقد أنه لم يكن أهلاً لكرامة الله تبارك وتعالى، ولربما يصاب باليأس الذي قد يؤي به إلى الهلاك. هذا إن لم يرتب في استجابة الله دعاء رسوله، ثم ينتقل إليه هنا إلى معانٍ ومفردات أخرى، يتجاوز بها الحدود.
فما فعله النبي "صلى الله عليه وآله" مع هذا الرجل، إنما كان يهدف إلى حفظ إيمانه وصحة يقينه..
هذا.. ويلاحظ: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد عوضه عن المفاجأة التي أصيب بها للوهلة الأولى، حين رأى النبي "صلى الله عليه وآله" يحرم دمه على الكفار أن يسفكوه، بأن فتح له أبواباً أخرى تلتقي مع معنى الشهادة في أجرها، وفي مقامها، فأخبره بأن خروجه للغزو، ثم إدراك الموت له ولو بالحمَّى، يجعله في مصافِّ الشهداء..
إلى دمشق:
ويقولون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" شاور أصحابه في التقدم، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، إن كنت أُمرت بالمسير فسر.
فقال "صلى الله عليه وآله": "لو أمرت بالمسير لما استشرتكم فيه".
فقال: يا رسول الله، إن للروم جموعاً كثيرة، وليس بها أحد من أهل الإسلام، وقد دنونا منهم، وقد أفزعهم دنوك، فلو رجعنا هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله لك أمراً([87]).
ونقول:
إننا في الوقت الذي لا نريد فيه أن نتجنى على أحد، لا نريد أيضاً أن نورد الأحداث مجتزأةً، أو مبهمة، فإن للقارئ علينا حقاً، لا بد أن نؤديه إليه ولا نخونه فيه، ألا وهو أن نكون أمينين فيما ننقله له، معتمدين الصراحة والوضوح، ومحاولة استيفاء العناصر الأساسية التي توضح له مرامي النص الذي نعرضه.
من أجل ذلك، نقول:
1 ـ إن ثمة أمراً لافتاً للنظر، وهو أنه "صلى الله عليه وآله" حين استشار أصحابه في أمر الحرب في بدر، كانت مشورتهم عليه تقضي بتجنب الدخول فيها، مع إسهاب ظاهر في التعظيم والتهويل..
وبقريش وجبروتها في حرب حنين نراهم يعتزون بكثرة عددهم، ثم يهربون بصورة مذلة ومهينة.
ثم جاءت تبوك، فكانت مشورتهم عليه "صلى الله عليه وآله" هي هذا الذي قرأناه آنفاً من أقوال عمر بن الخطاب.. المتضمن للتخويف من جموع الروم الكثيرة، وعدم وجود أحد في تلك البلاد من أهل الإسلام، وأن الإكتفاء بهذا الدنو منهم الذي أفزعهم، والرجوع من هناك إلى المدينة هو الأولى والأصوب..
فلماذا هذا التحاشي لأي صدام مع أعداء الله من النصارى، ومن المشركين؟ هل هو الجبن والخور؟ أم ماذا؟!
2 ـ قد تحدثنا عن سبب استشارة النبي "صلى الله عليه وآله" لأصحابه في أمر الحرب، وذلك حين الحديث عن غزوة أحد، فراجع.
حديث الطاعون في الشام:
وروى عكرمة عن أبيه أو عن عمه عن جده:
أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال في غزوة تبوك: "إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم بغيرها فلا تقدموا عليها"([88]).
قال في بذل الطاعون: يشبه ـ والله أعلم ـ أن يكون السبب في ذلك أن الشام كانت في قديم الزمان ولم تزل معروفة بكثرة الطواعين، فلما قدم النبي "صلى الله عليه وآله" تبوك غازياً الشام لعله بلغه أن الطاعون في الجهة التي كان يقصدها، فكان ذلك من أسباب رجوعه من غير قتال ـ والله أعلم. انتهى.
قال الصالحي الشامي:
قلت: قد ذكر جماعة: أن طاعون شيرويه أحد ملوك الفرس، كان في أيام النبي "صلى الله عليه وآله"، وأنه كان بالمدائن([89]).
ونقول:
1 ـ إن طاعون شيرويه، إذا كان في المدائن، فهو في العراق، لأن المدائن تقع قرب بغداد، وكانت عاصمة لمملكة الفرس، ولا يزال إيوان كسرى فيها ماثلاً للعيان حتى اليوم..
فأين المدائن عن تبوك، وعن الشام وبلادها، وما معنى أن يساق الحديث إليه هنا؟!.
2 ـ قد تقدم: أن السبب في رجوعه "صلى الله عليه وآله" عن بلاد الروم، هو ما أظهره قيصر من مقاربة لدين الإسلام، حيث لم يعد سائغاً الدخول في حرب معه قبل أن تستقر الأمور بالإتجاه الذي يفرض ذلك..
3 ـ إننا لم نسمع عن وجود طاعون في الشام في زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، سواء في الجهة التي كان "صلى الله عليه وآله" يقصدها أو في غيرها..
4 ـ بالنسبة للكلمة المنقولة عن النبي "صلى الله عليه وآله" آنفاً فيما يرتبط بالدخول أو الخروج من البلاد التي يكون فيها الطاعون نقول:
إنها قد أسست لمبدأ الحجر الصحي للأمان من العدوى، وإن كان بعض الناس قد فهمها بصورة خاطئة، كما أوضحته الروايات الواردة عن أهل البيت "عليهم السلام":
1 ـ فعن علي بن المغيرة، قال: قلت لأبي عبد الله "عليه السلام": القوم يكونون في البلد يقع فيها الموت، ألهم أن يتحولوا عنها إلى غيرها؟!.
قال: نعم.
قلت: بلغنا أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" عاب قوماً بذلك.
فقال: أولئك كانوا رتبة بإزاء العدو، فأمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يثبتوا في موضعهم، ولا يتحولوا منه إلى غيره، فلما وقع فيها الموت تحولوا من ذلك المكان إلى غيره. فكان تحولهم من ذلك المكان إلى غيره كالفرار من الزحف([90]).
2 ـ وعن أبان الأحمر قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن "عليه السلام" عن الطاعون يقع في بلدة وأنا فيها، أتحول عنها؟
قال: نعم.
قال: ففي القرية وأنا فيها أتحول عنها؟
قال: نعم.
قال: ففي الدار وأنا فيها أتحول عنها؟
قال: نعم.
قلت: فإنا نتحدث أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف؟!.
قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إنما قال هذا في قوم كانوا يكونون في الثغور في نحر العدو، فيقع الطاعون، فيخلون أماكنهم ويفرون منها، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك فيهم([91])..
3 ـ وروي: أنه إذا وقع الطاعون في أهل مسجد، فليس لهم أن يفروا منه إلى غيره([92])..
4 ـ وعن علي بن جعفر: أنه سأل أخاه موسى الكاظم "عليه السلام": عن الوباء، يقع في الأرض، هل يصلح للرجل أن يهرب منه؟!.
قال: يهرب منه ما لم يقع في مسجده الذي يصلي فيه، فإذا وقع في مسجده الذي يصلي فيه، فلا يصلح الهرب منه([93]).
5 ـ وعن الإمام الصادق "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" كره أن يكلم الرجل مجذوماً إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد([94]).
6 ـ وعنه "صلى الله عليه وآله": خمسة يجتنبون على كل حال: المجذوم، والأبرص، والمجنون، وولد الزنا، والأعرابي([95]).
7 ـ وعنه "صلى الله عليه وآله": لا يورد ذو عاهة على مُصح([96]).
8 ـ وروي: أنه "صلى الله عليه وآله" أتاه مجذوم ليبايعه، فلم يمد يده إليه، بل قال: أمسك يدك فقد بايعتك([97]).
9 ـ وروي عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: لا تديموا النظر إلى المجذومين ([98]).
ونستطيع أن نستخلص مما تقدم ما يلي:
1 ـ إن التحرز من المجذوم والمصاب بالطاعون مطلوب.
2 ـ إنه لا يورد ذو عاهة على مصح.
3 ـ إن ما شاع من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عاب الذين فروا من الطاعون: إنما هو لفرارهم من مواقعهم الدفاعية المتقدمة في ثغورهم..
4 ـ يجوز لمن يكون في منطقة الطاعون أن يتحول عنها، إلى غيرها ما دام سليماً..
5 ـ إذا بلغ الطاعون إلى أهل مسجد، فليس لهم أن يفروا منه إلى غيره، (ربما لأن ذلك يقرِّب احتمال أن يكونوا مصابين بالمرض، وإن لم تظهر عليهم أعراضه، فيوجب ذلك انتقال المرض إلى مناطق أخرى)..
وهذا لا ينافي جواز التحول من البلد التي وقع فيها الطاعون.. فإن وقوع الطاعون في بعض أحيائها لا يبرر منع سائر الناس من التحول عنها، فإن احتمال ابتلائهم بالمرض يبدو ضعيفاً، بخلاف ما لو وصل المرض إلى بعض من في المسجد الواحد، فإن احتمال ابتلاء سائر من فيه به يكون قوياً، زيزجب الإحتياط..
قتال الملائكة في تبوك:
روي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما غزا تبوك استخلف علياً "عليه السلام" على المدينة، فلما نصر الله رسوله "صلى الله عليه وآله"، وأغنم المسلمين أموال المشركين ورقابهم، جلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد، وجعل يقسم السهام على المسلمين، فدفع إلى كل رجل سهماً سهماً، ودفع إلى علي سهمين.
فقام زائدة بن الأكوع فقال: يا رسول الله، أوحي نزل من السماء أو أمر من نفسك؟ تدفع إلى المسلمين سهماً سهماً، وتدفع إلى علي سهمين.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": أنشدكم الله، هل رأيتم في ميمنة عسكركم صاحب الفرس الأغر المحجل، والعمامة الخضراء، لها ذؤابتان مرخاتان على كتفه، بيده حربة، وحمل على الميمنة فأزالها، وحمل على القلب فأزاله؟
قالوا: نعم يا رسول الله لقد رأينا ذلك.
قال: ذلك جبريل، وإنه أمرني أن أدفع سهمه إلى علي بن أبي طالب.
قال: فجلس زائدة مع أصحابه وقال قائلهم شعراً:
علي حوى سهمين من غـير أن غزا غـزاة تبـوك حبـذا سهـم مسهم([99])
ونقول:
قد دلت هذه الرواية على أنه قد جرى في تبوك قتال، وحصل المسلمون على غنائم، قسمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين المسلمين، ويؤيد ذلك حديث مناشدة علي "عليه السلام" لأهل الشورى، حيث قال لهم: "أفيكم أحد كان له سهم في الحاضر، وسهم في الغائب"؟.
قالوا: لا([100]).
وقال ابن العرندس المتوفى في حدود سنة 840هـ:
وتبـوك نـازل شوسهـا فـأبـادهم ضـربـاً بصـارم عـزمـة لن يفللا([101])
ولكن المؤرخين لا يعترفون بحدوث قتال في تبوك، فكيف نوفق بين هذا، وذاك؟َ!.
ويمكن أن يجاب:
1 ـ بأن من الجائز أن تكون غنائم دومة الجندل، التي أخذت في تبوك، بقيت إلى حين عودة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، فقسمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد، وأعطى أمير المؤمنين "عليه السلام" منها..
2 ـ لا ندري، فلعل بعض جماعات أهل الشرك قد احتكت بالمسلمين في غزوة تبوك، فنصر الله المسلمين عليها، وغنّمهم أموالها..
ثم إن المؤرخين أغمضوا النظر عن ذكر ذلك، لما فيه من التنويه بأمير المؤمنين "عليه السلام"، وإشاعة لفضائله، فأراحوا أنفسهم، ومن هم على شاكلتهم من عناء التماس المخارج، والتأويلات، حين يواجههم شيعة أمير المؤمنين "عليه السلام" بالحقيقة..
والله هو العالم بالحقائق..
الفصل العاشر:
في طريق العودة
قبل المسير:
عن أبي هريرة، وعمر بن الخطاب وغيرهما: لما أجمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" السير من تبوك أرمل الناس([102]) إرمالاً، فشخص على ذلك من الحال.
قال أبو هريرة: فقالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فننحر نواضحنا فأكلنا وادَّهنا؟
قال شيوخ محمد بن عمر: فلقيهم عمر بن الخطاب، وهم على نحرها فأمرهم أن يمسكوا عن نحرها، ثم دخل على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خيمة له، ثم اتفقوا، فقال: يا رسول الله، أأذنت للناس في نحر حمولتهم يأكلونها؟
قال شيوخ محمد: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "شكوا إليّ ما بلغ منهم الجوع، فأذنت لهم، بنحرِ الرَُّفِقَةِ([103]) البعير والبعيرين، ويتعاقبون فيما فضل منهم، فإنهم قافلون إلى أهليهم".
فقال عمر: يا رسول الله لا تفعل، فإن يك في الناس فضل من الظهر يكن خيراً، فالظهر اليوم رقاق. ولكن يا رسول الله ادع بفضل أزوادهم، ثم اجمعها، وادع الله تعالى فيها بالبركة، لعل الله تعالى أن يجعل فيها البركة.
كما فعلت في منصرفنا من الحديبية حين أرملنا، فإن الله تعالى مستجيب لك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نعم".
فدعا بنطع فبسط ونادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله": من كان عنده فضل من زاد فليأت به.
فجعل الرجل يأتي بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة. فيوضع كل صنف من ذلك على حدة، وكل ذلك قليل، وكان جميع ما جاؤوا به من السويق والدقيق والتمر ثلاثة أفراق حزراً ـ والفرق ثلثة آصع([104]).
قال: فجزأنا ما جاؤوا به فوجدوه سبعة وعشرين صاعاً. ثم قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" فتوضأ وصلى ركعتين، ثم دعا الله تعالى أن يبارك فيه، ثم قال: "أيها الناس، خذوا ولا تنتهبوا".
فأخذوه في الجرب والغرائر، حتى جعل الرجل يعقد قميصه فيأخذ فيه.
قال أبو هريرة: وما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، وأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة.
قال بعض من الصحابة: لقد طرحت كسرة يومئذٍ من خبز، وقبضة من تمر، ولقد رأيت الأنطاع تفيض، وجئت بجرابين، فملأت أحدهما سويقاً، والآخر خبزاً، وأخذت في ثوبي دقيقاً كفاني إلى المدينة. قال: فأخذوا حتى صدروا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يأتي بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة".
وفي لفظ: "لا يأتي بها عبد محق إلا وقاه الله حر النار"([105]).
وقال جابر بن عبد الله كما رواه ابن سعد أقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة([106]).
وقيل: بضع عشرة ليلة([107])..
بعد بدء المسير:
وعن فضالة بن عبيد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" غزا غزوة تبوك، فجهد الظهر جهداً شديداً، فشكوا ذلك إليه، ورآهم يزجون ظهرهم، فوقف في مضيق والناس يمرون فيه، فنفخ فيها وقال: "اللهم احمل عليها في سبيلك فإنك تحمل على القوي والضعيف، والرطب واليابس، في البر والبحر".
فاستمرت فما دخلنا المدينة إلا وهي تنازعنا أزمتها([108]).
ونقول:
إننا بالنسبة لما تقدم نذكر ما يلي:
نبي يحتاج إلى مرشد!:
قد أظهر النص المتقدم: أن نبي الإسلام "صلى الله عليه وآله"، الذي صنعه الله على عينه، كما صنع موسى "عليه السلام"، وهو عقل الكل، وإمام الكل، ومدبر الكل، وهو أكمل الخلق وأفضلهم، أظهر أنه ـ والعياذ بالله ـ ضعيف الإدراك، قاصر النظر، يصدر لأصحابه تعليمات خاطئة، من شأنها أن تودي بحياة ألوف من الناس.. حتى احتاج إلى رجل من أتباعه ليعلمه كيف يتصرف، ويسدده ويرشده على ما يصنع، رغم أن هذا المعلم لم يمنعه عقله من اعتقاد الشرك، ومن عبادة الأحجار والأصنام، طيلة عشرات السنين، كما أنه قد عاش في جاهلية، لم يعرف فيها شيئاً من العلوم، ولا اطلع على شيء من المعارف.
على أن التعليل الذي قدمه عمر لم يتضمن ما يقنع سوى أنه ذكر هزال الإبل، وهذا ليس تعليلاً يستحق الوقوف عنده، لأن حاجة الناس إلى الطعام هي المشكلة، وهم يعرفون ويرون هزال تلك النواضح، فيصبح هذا التعليل بلا معنى، ويصبح المطلوب هو تنفيذ أوامر عمر، الذي يريد التسويق لقرار اتخذه، وأمر أصدره، فقد قال: "إن يك في الناس فضل من ظهر يكن خيراً، فالظهر اليوم رقاق"([109]).
غير أننا لا نمنع أن يكون الناس قد نحروا من الإبل بعضها، بعد أخذهم الإجازة من رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ولعل هذا التطفل على رسول الله "صلى الله عليه وآله" محاولة لإظهار أنه قد أخطأ في إجازته للناس بنحر الظهر. ولم يؤد إلى نتيجة، ولعله "صلى الله عليه وآله" لم يستجب لطلب عمر بإلغاء الإذن..
واما حديث جمع الأزواد، والدعاء بالبركة فيها، فلعله كان في يوم جديد احتاجوا فيه للطعام، فبادر "صلى الله عليه وآله" إلى صنع هذه الكرامة لهم، من دون أن يكون هناك ارتباط بين الأمرين..
صلاة الصبح تفوت النبي ' مرة أخرى:
عن أبي قتادة قال: بينا نحن نسير مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الجيش ليلاً، وهو قافل وأنا معه، إذ خفق خفقة، وهو على راحلته، فمال على شقه، فدنوت منه فدعمته فانتبه، فقال: "من هذا"؟
فقلت: أبو قتادة يا رسول الله، خفت أن تسقط فدعمتك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "حفظك الله كما حفظت رسوله".
ثم سار غير كثير، ثم فعل مثل ذلك، فدعمته، فانتبه، فقال: "يا أبا قتادة، هل لك في التعريس"؟
فقلت: ما شئت يا رسول الله.
فقال: "انظر من خلفك".
فنظرت، فإذا رجلان أو ثلاثة، فقال: "ادعهم".
فقلت: أجيبوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجاؤوا، فعرسنا ـ ونحن خمسة ـ برسول الله "صلى الله عليه وآله" ومعي إداوة فيها ماء وركوة لي أشرب فيها، فنمنا فما انتبهنا إلا بحر الشمس، فقلنا: إنا لله فاتنا الصبح.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لنغيظن الشيطان كما غاظنا".
فتوضأ من ماء الإداوة، ففضل فضلة فقال: "يا أبا قتادة، احتفظ بما في الإداوة والركوة، فإن لهما شأناً".
وصلى "صلى الله عليه وآله" بنا الفجر بعد طلوع الشمس، فقرأ بالمائدة، فلما انصرف من الصلاة قال: "أما إنهم لو أطاعوا أبا بكر وعمر لرشدوا".
وذلك أن أبا بكر وعمر أرادا أن ينزلا بالجيش على الماء، فأبوا ذلك عليهما، فنزلوا على غير ماء بفلاة من الأرض.
فركب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فلحق الجيش عند زوال الشمس ونحن معه. وقد كادت أعناق الخيل والرجال والركاب تقطع عطشاً، فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالركوة، فأفرغ ما في الإداوة فيها. ووضع أصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه.
وأقبل الناس فاستقوا وفاض الماء حتى روُوا، وروَوْا خيلهم، وركابهم، وكان في العسكر اثنا عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفاً، والخيل اثنا عشر ألف فرس، فذلك قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "احتفظ بالركوة والإداوة"([110]).
النبي ' يلعن أربعة سبقوه إلى الماء:
قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر: وأقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" قافلاً حتى إذا كان بين تبوك وواد يقال له: وادي الناقة ـ وقال ابن إسحاق: يقال له: وادي المشقق ـ وكان فيه وشل، يخرج منه في أسفله قدر ما يروي الراكبين أو الثلاثة، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من سبقنا إلى ذلك الوشل فلا يستقين منه شيئاً حتى نأتيه".
فسبقه إليه أربعة من المنافقين: معتب بن قشير، والحارث بن يزيد الطائي حليف في بني عمرو بن عوف، ووديعة بن ثابت، وزيد بن اللصيت.
فلما أتاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقف عليه فلم ير فيه شيئاً.
فقال: "من سبقنا إلى هذا الماء"؟
فقيل: يا رسول الله، فلان وفلان.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ألم أنهكم"؟
فلعنهم، ودعا عليهم، ثم نزل ووضع يده تحت الوشل، ثم مسحه بإصبعيه حتى اجتمع منه في كفه ماء قليل، ثم نضحه به، ثم مسحه بيده، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو، فانخرق منه الماء ـ قال معاذ بن جبل: والذي نفسي بيده لقد سمعت له من شدة انخراقه مثل الصواعق.
فشرب الناس ما شاؤوا، واستقوا ما شاؤوا، ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للناس: "لئن بقيتم. أو من بقي منكم" ـ لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب مما بين يديه ومما خلفه([111]).
قال سلمة بن سلامة بن وقش: قلت لوديعة بن ثابت: ويلك أبعد ما ترى شيء؟ أما تعتبر؟
قال: قد كان يفعل بهذا مثل هذا قبل هذا.
ثم سار رسول الله "صلى الله عليه وآله"([112]).
النبي ' يسقي الجيش من قربة واحدة:
وعن جماعة من أهل المغازي قالوا: بينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسير منحدراً إلى المدينة، وهو في قيظ شديد، عطش العسكر بعد المرتين الأوليين عطشا شديداً، حتى لا يوجد للشفة ماء قليل ولا كثير، فشكوا ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأرسل أسيد بن الحضير في يوم صائف، وهو متلثم، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "عسى أن تجد لنا ماء".
فخرج أسيد وهو فيما بين تبوك والحجر في كل وجه، فيجد راوية من ماء مع امرأة من بلي، فكلمها أسيد، وأخبرها خبر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقالت: فهذا الماء، فانطلق به إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد وصفت له الماء وبينه وبين الطريق هنيهة.
فلما جاء أسيد بالماء دعا فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ودعا فيه بالبركة، ثم قال: "هلم أسقيتكم". فلم يبق معهم سقاء إلا ملأوه، ثم دعا بركابهم وخيولهم، فسقوها حتى نهلت.
ويقال: إنه "صلى الله عليه وآله" أمر بما جاء به أسيد فصبه في قعب عظيم من عساس أهل البادية، فأدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه يده، وغسل وجهه، ويديه، ورجليه، ثم صلى ركعتين، ثم رفع يديه مداً، ثم انصرف وإن القعب ليفور، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للناس: "رِدوا".
فاتسع الماء، وانبسط الناس حتى يصف عليه المائة والمائتان فارتووا، وإن القعب ليجيش بالرواء، ثم راح رسول الله "صلى الله عليه وآله" مبرداً متروياً([113])..
ونقول:
لا حاجة إلى الإعادة:
إن عدداً من القضايا والمزاعم التي تضمنتها النصوص المتقدمة قد تم بحثها في ثنايا هذا الكتاب، ولعل بعضها قد بحث أكثر من مرة أيضاً، فلا حاجة إلى الإعادة هنا.
ومن الأمور التي بحثت سابقاً:
1 ـ حديث نومه "صلى الله عليه وآله" عن صلاة الصبح.
2 ـ حديث سقي الناس الماء الذي نبع من بين أصابعه "صلى الله عليه وآله".
3 ـ حديث الذين خالفوا نهي رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن الإستقساء من عين كانت على الطريق، فخالفه بعضهم، فلعنهم "صلى الله عليه وآله" ودعا عليهم.
غير أننا نحاول أن نثير هنا بعض التساؤلات، أو نعرض عن بعض البيانات الأخرى، فنقول:
النبي ' مال إلى شقه فأسنده:
ذكر في ما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، خفق خفقة، فمال إلى شقه فدعمه أبو قتادة..
ونقول:
ألف: إن المتوقع لمن ينام على راحلته أن يسقط عنها، لا مجرد أن يميل على شقه، لأن المفروض: أنه لم يربط عليها، بحبل، ولا بغيره..
ب: وزعم أبو قتادة: أنه قد دعم رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكي لا يقع. والسؤال هو: كيف دعمه؟!
هل كان أبو قتادة راكباً على راحلة، أو كان ماشياً؟! فإن كان على راحلته فكيف استطاع أن يصل إليه لكي يدعمه؟ إلا إذا كانت ذراع أبي قتادة بطول مترين أو أكثر..
وإن كان ماشياً على قدميه، فهل كان أبو قتادة طويل القامة بحيث يوازي ارتفاع الراحلة، أو أكثر من ذلك؟!
ج: ماذا لو أن أبا قتادة لم يلتفت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ووقع عن ظهر الراحلة؟! ألا يعد ركوبه الراحلة، وهو يغالب النوم مخاطرة لا يحسن أن تصدر من مثله "صلى الله عليه وآله"؟!.
د: ولماذا لم يبادر إلى التعريس من المرة الأولى، بل بقي على ظهر راحلته حتى عرض نفسه للخطر مرة أخرى؟!
هـ: قد صرحت النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما تنام عيناه ولا ينام قلبه..
وفي نصوص أخرى: أنه "صلى الله عليه وآله" يعرف ما يجري حوله.
وقد تقدم طرف منها في هذا الكتاب، فراجع.
أين الجيش؟:
وقد زعمت رواية نوم النبي "صلى الله عليه وآله" عن صلاته: أنه "صلى الله عليه وآله" طلب من أبي قتادة أن ينظر خلفه، فنظر، فلم يجد سوى ثلاثة فعرسوا وهم خمسة فقط، ثم ناموا، فلم ينتبهوا إلا بحر الشمس، وفاتتهم صلاة الصبح..
ونحن لا نريد أن نتحدث عن عصمة النبي "صلى الله عليه وآله" عن السهو والخطأ والنسيان.
ولا عن شدة اهتمامه بصلاته، ومراقبته لأوقاتها.
ولا عن أن الله تعالى قد أمره بقيام الليل، وأوجبه عليه، فلا يعقل أن يصلي صلاة الليل التي يكون أفضل أوقاتها وقت السحر القريب من الفجر، ثم ينام بعدها لتفوته صلاة الصبح..
إلى غير ذلك من ملاحظات سجلناها فيما سبق من هذا الكتاب على روايات تحدثت عن حدوث هذا الأمر في العديد من الموارد..
ولكننا نريد أن نسأل:
لماذا لم يكن هناك إلا ثلاثة أشخاص؟! وأين ذهب، أو أين ضاع الجيش المؤلف من ثلاثين ألفاً؟! ولماذا لم يسأل أحد منهم عن مكان وجود رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! ولماذا تأخر أولئك الثلاثة أيضاً عن سائر الجيش؟!
وإذا كان الجيش موجوداً، فلماذا لم يوقظ أحد منهم هؤلاء الخمسة للصلاة؟!.
والحقيقة هي: أن الجيش كان قد تقدم عليه، كما صرحت به الرواية، حيث قالت: "فركب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلحق بالجيش عند زوال الشمس".
وهذا معناه: أن المسافة، بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبين جيشه كانت شاسعة جداً، احتاجت إلى ساعات كثيرة قد تزيد على ست ساعات من السير الحثيث لقطعها، فإن غزوة تبوك كانت في أيام قيظ شديد..
فكيف يترك هذا الجيش نبيّه في قلب الصحراء، مع أربعة أشخاص فقط، بل مع شخص واحد، ألا يخشون على النبي الأعظم والأكرم "صلى الله عليه وآله" من عدو، أو من حيوان مفترس، أو من أن يضل الطريق.. ويموت جوعاً وعطشاً؟!
لا سبيل للشيطان على الأنبياء ^:
وقد أمعنت هذه الرواية في جرأتها على رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين زعمت: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يعترف بأن الشيطان هو الذي تسبب بنومه عن صلاة الصبح، وذلك حين زعمت: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "لنغيظن الشيطان كما غاظنا"([114])..
وهذا يتناقض مع حكم العقل، ومع قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}([115]).. وآيات كثيرة أخرى..
لو أطاعوا أبا بكر وعمر لرشدوا:
بالنسبة لما زعم: من أن ثلاثين ألفاً من الناس رفضوا النزول على الماء، وواصلوا مسيرهم حتى اضطروا للنزول على غير ماء بفلاة من الأرض، نقول:
أولاً: لماذا لم يتدخل النبي "صلى الله عليه وآله"، فيأمر جيشه بالنزول على الماء؟ وكيف جاز له أن يجاريهم ويفرط بثلاثين ألفاً، ويعرضهم لخطر الموت عطشاً في تلك الفلاة؟
ثانياً: كيف لم ينتبه أحد من الثلاثين ألفاً إلى صحة مشورة أبي بكر وعمر، وهم يعرفون أن حياتهم مرهونة بالماء، وخصوصاً في تلك الصحراء القاحلة؟!
ثالثاً: إن هذا الجيش نفسه قد سلك هذا الطريق، وعرف مواضع الماء فيه، وميزها عن غيرها، حين قدم إلى تبوك قبل أيام، فما معنى أن يرفض ثلاثون ألفاً أن ينزلوا على الماء، وأن يفضلوا عليه النزول في الفلاة، رغم تذكير أبي بكر وعمر لهم؟!.
فهل اختاروا الإنتحار على الإستمرار في الحياة؟!.
المنفرون برسول الله ' ليلة العقبة:
عن أبي الطفيل، وحذيفة، وجبير بن مطعم، والضحاك: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما كان ببعض الطريق مكر به ناس من المنافقين، وائتمروا بينهم أن يطرحوه من عقبة في الطريق.
وكانوا قد أجمعوا أن يقتلوه، فجعلوا يلتمسون غرته، فلما أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يسلك العقبة أرادوا أن يسلكوها معه.
وقالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، فأخبر الله تعالى رسوله بمكرهم.
فلما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" تلك العقبة نادى مناديه للناس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخذ العقبة فلا يأخذها أحد، واسلكوا بطن الوادي، فإنه أسهل لكم وأوسع: فسلك الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله "صلى الله عليه وآله" لما سمعوا ذلك استعدوا وتلثموا.
وسلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" العقبة، وأمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة ويقودها، وأمر حذيفة بن اليمان أن يسوق من خلفه.
فبينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسير من العقبة إذ سمع حسّ القوم قد غشوه، فنفروا ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى سقط بعض متاعه.
وكان حمزة بن عمرو الأسلمي لحق برسول الله "صلى الله عليه وآله" بالعقبة، وكانت ليلة مظلمة، قال حمزة: فُنوِّر لي في أصابعي الخمس، فأضاءت حتى جمعت ما سقط من السوط والحبل وأشباههما.
فغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع حذيفة إليهم، وقد رأى غضب رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومعه محجن، يضرب وجوه رواحلهم وقال: إليكم إليكم يا أعداء الله تعالى.
فعلم القوم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد اطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس.
وأقبل حذيفة حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها، وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من العقبة ينتظر الناس، وقال لحذيفة: هل عرفت أحداً من الركب، الذين رددتهم؟
قال: يا رسول الله، قد عرفت رواحلهم، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظلمة الليل.
قال: "هل علمتم ما كان من شأنهم وما أرادوا"؟
قالوا: لا والله يا رسول الله.
قال: "فإنهم مكروا ليسيروا معي، فإذا طلعت العقبة زحموني فطرحوني منها، وإن الله تعالى قد أخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وسأخبركم بهم إن شاء الله تعالى".
قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاء الناس أن تضرب أعناقهم؟
قال: "أكره أن يتحدث الناس ويقولوا: إن محمداً قد وضع يده في أصحابه"، فسماهم لهما، ثم قال: "اكتماهم"؛ فانطلق إذا أصبحت، فاجمعهم لي.
فلما أصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال له أسيد بن الحضير: يا رسول الله، ما منعك البارحة من سلوك الوادي؟ فقد كان أسهل من العقبة؟
فقال: "أتدري يا أبا يحيى، أتدري ما أراد بي المنافقون، وما هموا به؟
قالوا: نتبعه من العقبة، فإذا أظلم عليه الليل قطعوا أنساع راحلتي، ونخسوها حتى يطرحوني عن راحلتي".
فقال أسيد: يا رسول الله، قد اجتمع الناس ونزلوا، فمر كل بطن أن يقتل الرجل الذي همَّ بهذا، فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله، وإن أحببت ـ والذي بعثك بالحق ـ فنبئني بأسمائهم، فلا أبرح حتى آتيك برؤوسهم.
قال: "يا أسيد، إني أكره أن يقول الناس: إن محمداً قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله تعالى بهم أقبل عليهم يقتلهم".
وفي رواية: "إني لأكره أن يقول الناس: إن محمداً "صلى الله عليه وآله" لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين وضع يده في قتل أصحابه".
فقال: يا رسول الله، فهؤلاء ليسوا بأصحاب.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله"؟
قال: بلى [ولا شهادة لهم].
قال: "أليس يظهرون أني رسول الله"؟
قال: بلى. ولا شهادة لهم.
قال: "فقد نُهِيْتُ عن قتل أولئك" ([116]).
وقال ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير: فلما أصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لحذيفة: "ادع عبد الله" أبي سعد.
(قال البيهقي: أظن ابن سعد بن أبي سرح.
وفي الأصل: عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح، لم يعرف له إسلام كما نبه إليه في زاد المعاد).
قال ابن إسحاق: وأبا حاضر الأعرابي، وعامراً، وأبا عمر، والجلاس بن سويد بن الصامت، وهو الذي قال: لا ننتهي حتى نرمي محمداً من العقبة، ولئن كان محمد وأصحابه خيراً منا إنا إذاً لغنم وهو الراعي، ولا عقل لنا وهو العاقل.
وأمره أن يدعو مجمع بن جارية، وفليح التيمي وهو الذي سرق طيب الكعبة([117]) وارتد عن الإسلام، وانطلق هارباً في الأرض فلا يدرى أين ذهب.
وأمره أن يدعو حصين بن نمير، الذي أغار على تمر الصدقة فسرقه([118])، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ويحك، ما حملك على هذا"؟
قال: حملني عليه أني ظننت أن الله تعالى لم يطلعك عليه، أما إذا أطلعك عليه، فإنى أشهد اليوم أنك لرسول الله، فإني لم أؤمن بك قط قبل الساعة، فأقاله رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعفا عنه بقوله الذي قاله.
وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" حذيفة أن يأتيه بطعمة بن أبيرق، وعبد الله بن عيينة، وهو الذي قال لأصحابه: اشهدوا هذه الليلة تسلموا الدهر كله، فوالله ما لكم أمر دون أن تقتلوا هذا الرجل، فدعاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "ويحك، ما كان ينفعك من قتلي لو أني قتلت يا عدو الله"؟
فقال عدو الله: يا نبي الله، والله ما تزال بخير ما أعطاك الله تعالى النصر على عدوك، فإنما نحن بالله وبك، فتركه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقال لحذيفة: "ادع مرة بن الربيع"، وهو الذي ضرب بيده على عاتق عبد الله بن أبي ثم قال: تمطى، أو قال: تمططي والنعيم كائن لنا بعده، نقتل الواحد المفرد، فيكون الناس عامة بقتله مطمئنين.
فدعاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "ويحك، ما حملك على أن تقول الذي قلت؟
فقال: يا رسول الله، إن كنت قلت شيئاً من ذلك فإنك العالم به، وما قلت شيئاً من ذلك([119]).
فجمعهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهم اثنا عشر رجلاً الذين حاربوا الله تعالى ورسوله، وأرادوا قتله([120])، فأخبرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقولهم، ومنطقهم، وسرهم وعلانيتهم، وأطلع الله نبيه "صلى الله عليه وآله" على ذلك، وذلك قوله عز وجل: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}([121]). ومات الاثنا عشر منافقين محاربين الله تعالى ورسوله.
قال حذيفة كما رواه البيهقي: ودعا عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "اللهم ارمهم بالدبيلة".
قلنا: يا رسول الله، وما الدبيلة؟
قال: "شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك"([122]).
وعن حذيفة: "في أصحابي اثنا عشر رجلاً منافقاً لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية يكفيهم الدبيلة: سراج من نار يظهر بين أكتافهم حتى ينجم من صدورهم"([123]).
قال البيهقي: وروينا عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر([124]) أو خمسة عشر([125]).
ونقول:
إنه لا بد لنا من التعرض لأسماء هؤلاء المجرمين أولاً، ثم نعطف الكلام إلى أمور أخرى، ربما يكون تسليط الضوء عليها مفيداً سديداً، فنقول:
المجرمون.. من أي القبائل؟!:
قد ذكرت النصوص المتقدمة: أسماء جماعة زعموا: أنهم هم الذين اشتركوا في المؤامرة على حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
غير أننا نشك كثيراً في صحة هذه الأسماء، لأن النصوص المختلفة تبين أن ثمة تزويراً متعمداً في هذا المجال.. وأن ثمة مساعِيَ لإخفاء الأسماء الحقيقية، وطرح أسماء بديلة عنها.
والذي يبدو لنا هو أن هذا التلاعب قد جاء لمصلحة القرشيين منهم، وإبعاد الشبهة عمن شارك منهم في هذه الفعلة الشنعاء، والفضيحة الصلعاء، حتى لقد قيل: "ليس فيهم قرشي، وكلهم من الأنصار"([126]).
لكن يكذّب هذا الإدعاء ما روي عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر "عليهما السلام": أنهم "ثمانية من قريش، وأربعة من العرب"([127]).
وقيل: ستة أو سبعة من قريش، والباقي من أفناء الناس([128]).
وقيل: إثنا عشر من بني أمية، وخمسة من سائر الناس([129]).
وقيل: تسعة من قريش، وخمسة من سائر الناس([130]).
الأسماء التي يدعونها:
تقدمت لائحة بأسماء أشخاص زعموا أنهم هم المنفّرون برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم على ما ذكره الطبراني:
1 ـ معتب بن قشير بن مليل، من بني عمرو بن عوف.
2 ـ وديعة بن ثابت بن عمرو بن عوف.
3 ـ جدّ بن عبد الله بن نبيل (نبتل) بن الحارث من بني عمرو بن عوف.
4 ـ الحارث بن يزيد الطائي.
5 ـ أوس بن قيظى، من بني حارثة.
6 ـ الحارث بن سويد.
7 ـ سعد بن زرارة من بني مالك بن ماتت.
8 ـ قيس بن قهد من بني مالك بن ماتت.
9 ـ سويد من بني بلحبلى.
10 ـ داعس من بني بلحبلى.
11 ـ قيس بن عمرو بن سهل.
12 ـ زيد بن اللصيت.
13 ـ سلامة بن الحمام. (وهما من بني قينقاع)([131]).
لكن ابن القيّم، والسيوطي، والصالحي الشامي، قد ذكروا قائمة أخرى، هي التالية:
1 ـ عبد الله بن أبي (سعد).
2 ـ سعد بن أبي سرح.
3 ـ أبو خاطر (حاضر) الأعرابي.
4 ـ عامر.
5 ـ أبو عامر (أبو عمر).
6 ـ الجلاس بن سويد بن الصامت.
7 ـ مجمع بن حارثة (جارية).
8 ـ فليح (مليح) التيمي.
9 ـ طعمة بن أبيرق.
10 ـ عبد الله بن عيينة.
11 ـ مرة بن الربيع.
12 ـ حصين بن النمير([132]).
واللافت هنا: أن ابن قيّم الجوزية نفسه لا يرتضي صحة هذه القائمة الثانية، بل أورد عليها بما يلي:
أولاً: إن "سعد بن أبي سرح" لم يعرف له إسلام..
ونقول:
إن الصالحي الشامي ذكر "عبد الله بن سعد بن أبي سرح"([133]).
ثانياً: إن عبد الله بن أُبي([134])، وكذلك الجلاس بن سويد([135])، كانا قد تخلفا عن غزوة تبوك، فما معنى ذكرهما في جملة المشاركين في قضية العقبة؟!.
كما أن أبا عامر لم يحضر غزوة تبوك أيضاً، لأنه خرج إلى مكة، ثم إلى الطائف، ثم إلى الشام، فمات طريداً([136]).
ثالثاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أسرَّ أسماء المنفِّرين به إلى حذيفة، وكانوا لا يُعْرَفُون. وكان عمر لا يصلي على من لم يصل عليه حذيفة([137]).
كما أن ثمة إشكالات على القائمة الأولى، أعني قائمة الطبراني:
فأولاً: إن هذه القائمة كانت سراً عند حذيفة.
ثانياً: إن أوس بن قيظى، كان من المتخلفين عن تبوك([138]).
ثالثاً: إن الذين أرادوا قتل النبي "صلى الله عليه وآله" كانوا يطمعون بالحصول على الدنيا، وكانت لهم مكانة تؤهلهم بنظر الناس إلى طلب هذا الأمر. وكانوا مرهوبي الجانب حتى لقد أخفى حذيفة أسماءهم خوفاً منهم، ورهبة منه لجانبهم.
والذين وردت أسماؤهم في القائمة لا يملكون أية موقعية تخولهم ترشيح أنفسهم لهذا الأمر.
سبب إخفاء الأسماء:
ولم يذكروا لنا سبب تعمُّد إخفاء النبي "صلى الله عليه وآله" لأسمائهم إلا عن بعض أصحابه، فلعله لأجل أنه كان لا يريد أن تنشأ عن ذلك مشكلة في حياته، حيث يصبح ذلك ذريعة لهم لمحاولة التأثير على من يتصل بهم، لإخراجه عن دائرة الإيمان، بالإضافة إلى أنه قد يتسبب بمشاحنات، ومشكلات، وانقسامات عميقة بينهم وبين أقوامهم، وربما يتخذ ذلك أهل الأهواء ذريعة لإثارة الفتن، والعبث بالبنية الإجتماعية، والإخلال بتماسكها وبانضباطها..
أما بعد استشهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فرغم معرفة حذيفة وغيره بأسمائهم، فإنه لم يجرء أحد على التفوه والإعلان بها. ولا شك في أن هذا التكتم قد كان خوفاً من بطش السلطة بمن يفشي هذا السر، حيث قد يلحق إفشاؤه أضراراً جسيمة بالإسلام وأهله، لأن ظواهر الأمور تعطي أن مرتكبي هذه الجريمة لم يكونوا من الناس العاديين، بل كانت لهم مكانتهم المرموقة، ولهم قوتهم وشوكتهم التي لا مجال لأحد لمواجهتها.
إلا أن بعض الأسماء الحقيقية قد أفلتت من بين تلك الأسماء، ربما لأنها كانت هي الأضعف من بين تلك المجموعة..
إفلات اسم أبي موسى الأشعري:
وممن أفلت اسمهم أبو موسى الأشعري، فقد ورد اسمه في المصادر التي ألفها الفريق الذي لا يدين بالولاء للحكام كما سيأتي.
لكن المصادر الموالية لهم لم تستطع الإفصاح عن اسمه سوى ما روي عن أبي يحيى حكيم، قال: كنت جالساً مع عمار، فجاءه أبو موسى، فقال (يعني عمار): مالي ولك؟.
قال: ألست أخاك؟
قال: ما أدري غير أنني سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يلعنك ليلة الحملق.
قال: إنه استغفر لي.
قال عمار: قد شهدت اللعن، ولم أشهد الإستغفار([139]).
ونقول:
1 ـ حملق ـ كما في كتب اللغة ـ: فتح عينيه ونظر شديداً([140])، فإن لم يكن المقصود بها الكناية عن ليلة العقبة، باعتبار أن الحملقة قد وقعت فيها لكشف حقيقة المعتدين على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهي تصحيف لكلمة العقبة، عمداً، أو سهواً.
ويشير إلى ذلك:
1 ـ أن الوارد في بعض المصادر هو: "الجمل" أو "الجبل"، وذلك بملاحظة: أنهم أرادوا تنفير الناقة به "صلى الله عليه وآله" في الجبل (العقبة)، أو بملاحظة إرادتهم إلقاء النبي "صلى الله عليه وآله" عن ظهر الجمل من العقبة إلى الوادي([141]).
2 ـ روى الشيخ المفيد "رحمه الله" هذه الرواية، وفيها: أن عماراً قال لأبي موسى: "سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يلعنك ليلة العقبة، وقد هممت مع القوم بما هممت، الخ.."([142]).
3 ـ أن أبا موسى كان متَّهماً بالنفاق على نطاق واسع، قال أبو عمر بن عبد البر: "وكان لحذيفة قبل ذلك ـ أي قبل ما ظهر منه ـ فيه كلام"([143]).
لائحة المجرمين لدى آخرين:
وقد ذكرت لائحة أخرى بأسماء المجرمين، في مصادر أخرى لجماعة لا تهتم برضا رموز السلطة، التي حكمت الناس من دون نص من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا تخشى من الجهر بالنقد لمن يستحق النقد، سواء أكان في السلطة، أم في خارجها..
وقد ذكرت الأسماء في تلك المصادر على النحو التالي:
قال حذيفة فيهم:
1 ـ أبو بكر.
2 ـ عمر.
3 ـ عثمان.
4 ـ طلحة.
5 ـ الزبير.
6 ـ أبو سفيان.
7 ـ معاوية.
8 ـ عتبة بن أبي سفيان.
9 ـ أبو الأعور السلمي.
10 ـ المغيرة بن شعبة.
11 ـ أبو موسى الأشعري.
12 ـ أبو قتادة.
13 ـ عمرو بن العاص.
14 ـ سعد بن أبي وقاص([144]).
وفي نص آخر: الثمانية من قريش هم: (سعد بن أبي وقاص، معاوية، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة). بالإضافة إلى:
15 ـ عبد الرحمن بن عوف.
16 ـ أبو عبيد بن الجراح.
والذين هم من غير قريش:
17 ـ أوس بن الحدثان.
18 ـ أبو هريرة.
19 ـ أبو طلحة الأنصاري.
20 ـ أبو موسى الأشعري([145]).
وذكر ابن جرير بن رستم الطبري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر حذيفة أن لا يخبرنا باسم الشيخين الجليلين([146]).
وذكر أبو الصلاح الحلبي: عثمان، وطلحة، والزبير، وسعداً، وعبد الرحمن بن عوف([147]).
وقد ذكرت مصادر أخرى منها ما ينتمي للفريق المحامي عن السلطة والحاكم، ومنها ما ينتمي إلى الفريق الآخر أسماء اتخذت صفة الكناية عن الأسماء الحقيقية.
فمن ذلك نذكر:
1 ـ ما روي عن الإمام الباقر "عليه السلام" أنه عدَّ منهم: أبا الشرور، وأبا الدواهي، وأبا المعازف، وابن عوف، وسعداً، وأبا سفيان، وابنه، وفعل، وفعيل، والمغيرة بن شعبة، وأبا الأعور السلمي، وأبا قتادة الأنصاري([148]).
وزاد في نص آخر: بعد أن ذكر عدداً من الأسماء المتقدمة عن أكثر من مصدر:
21 ـ سالم مولى أبي حذيفة.
22 ـ خالد بن الوليد.
وذكر فيه أيضاً: أبا المعازف.
23 ـ وأباه([149]).
وذكر نص آخر بالإضافة إلى بعض الأسماء المتقدمة: صاحبي البصرة (يعني: طلحة والزبير).
24 ـ وأبا مسعود([150]).
ويلاحظ هنا: أن العدد قد انتهى إلى أربعة وعشرين، وقد جمعناه من الروايات المختلفة.
وهو ما صرحت به بعض الروايات حيث ذكرت: أنهم كانوا أربعة وعشرين([151]).
عرفهم بعلم النبوة، فلا مؤاخذة للمجرمين:
ونود أن نذكِّر القارئ الكريم: بأن الله تعالى هو الذي أعلم النبي "صلى الله عليه وآله" بأسماء أولئك المجرمين، فأعلم بها حذيفة..
وهذا معناه: أنه علم غير ميسور للبشر بما هو متوفر لديهم من وسائل.
إذن.. فليس للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يؤاخذهم..
ولأجل ذلك لم يستجب لطلب حذيفة ـ حينما طلب منه ذلك.
وزعمت رواية الصالحي الشامي المتقدمة: أن أسيد بن حضير هو الذي طلب قتل المتآمرين..
ولكننا نشك في صحة ذلك، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يتحدث مع حذيفة، وعمار، ولم يكن أسيد حاضراً، وقد أمر "صلى الله عليه وآله" حذيفة وعماراً بالكتمان، بعد أن جرى بينه وبينهما ذلك، كما تقدم([152])..
بل صرحت بعض الروايات: بأن حذيفة هو الذي قال للنبي "صلى الله عليه وآله" ذلك، فراجع([153])..
حمزة بن عمرو الأسلمي:
وقد زعم حمزة بن عمرو الأسلمي أنه لحق برسول الله "صلى الله عليه وآله" بالعقبة.. وأنه قد جمع الذي سقط من المتاع بسبب تنفيرهم برسول الله "صلى الله عليه وآله"، بعد أن نوّر الله له أصابعه..
ونقول:
1 ـ إن هذا مشكوك فيه، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" بعد أن أعلمه الله تعالى بالمؤامرة، قد أمر الناس بأن لا يمر منهم أحد بالعقبة، وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي([154]).
2 ـ إن تنوير أصابع هذا الرجل كلها لا ضرورة له، إذ كان يكفي تنوير إصبع واحد له بحيث يجعله يضيئ له الدنيا بأسرها..، بل هو لا يحتاج إلى نور أصلاً، إذ إن حذيفة يقول: إنه سمع حسّ القوم، فالتفت فرأى قوماً ملثمين، فلم يعرفهم، لكنه عرف رواحلهم([155]).
وهذا معناه: أن الظلام لم يكن دامساً بحيث يحتاج إلى تنوير خمس أصابع..
دباب الحصى، والهوة السحيقة:
قالوا: وحين رجوع الجيش من تبوك، كان في طريقهم عقبة صعبة، لا يجتاز عليها إلا فرد رجل، أو فرد جمل، وكان تحتها هوة مقدار ألف رمح، فمن تعدى عن المجرى هلك من وقوعه في تلك الهوة.
وقد كانت غزوة تبوك، والعسكر يسير في الليل فراراً من الحرِّ.
فسبق بعضهم إلى تلك العقبة، وكانوا قد أخذوا دباباً كانوا هيأوها من جلد حمار، وضعوا فيها حصى، وطرحوها بين يدي الناقة([156]).
ولعلهم إنما وضعوا الحصى في تلك الدباب من أجل أن تصدر منها أصوات تفاجئ الناقة، وتوجب نفورها، بالإضافة إلى تعثرها بتلك الدباب..
غير أن النصوص المتقدمة قد ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" أخبرهم بأن المتآمرين أرادوا أن يقطعوا أنساع ناقته، ثم ينخسوها لكي تلقيه..
فلعل هذا كان هو التدبير الأول لهم، ثم لما وجدوا أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد منع الناس من سلوك طريق العقبة، لم يعد يمكنهم الإقتراب منها، فهيأوا الدباب، وسبقوه إلى المكان، ثم نفَّروا به الناقة، فسقط بعض المتاع، ولم يتم لهم ما أرادوا..
في تبوك أم في حجة الوداع؟!:
ثم إن معظم المصادر قد ذكرت هذه القضية في غزوة تبوك، لكن هناك سياق آخر يقول: إنها كانت بعد حادثة الغدير في حجة الوداع.
وإنهم إنما فعلوا ذلك خوفاً من أن يأخذ البيعة لعلي "عليه السلام" منهم مرة أخرى في المدينة.
ولا نستطيع أن نجزم بكذب أي من الروايتين، غير أننا نقول:
إن الأعرف بين المؤرخين سنَّةً وشيعة، هو أنها كانت في تبوك.
لماذا هذه المؤامرة؟!:
إن هذا النصر الذي سجَّله رسول الله "صلى الله عليه وآله" في تبوك، حيث ظهر لكل أحد رعب قيصر الروم من حركة المسلمين باتجاه بلاده، بالإضافة إلى أمور أخرى جرت في تبوك وأكَّدت ورسَّخت مكانة المسلمين، ليس في منطقة الحجاز وحسب، بل في المحيط العربي كله، ثم تجاوز ذلك أيضاً حتى بلغ بلاد الروم ـ إن ذلك ـ يطرح سؤالاً عن سبب لجوء هؤلاء الناس إلى هذه المؤامرة..
ولعل الإجابة الأقرب إلى القبول هي: أن هؤلاء الناس قد رأوا في تبوك تباشير مستقبل عظيم الأهمية، لا بد من أن يكون لهم نصيب فيه، ومن الواضح أن وجود النبي "صلى الله عليه وآله" سيكون مانعاً لهم من التصرف وفق ما تشتهيه أنفسهم، فكيف وهم يرون أنه لم يزل يؤكد إمامة وخلافة علي "عليه السلام" من بعده، وهم يعلمون أن حالهم مع علي "عليه السلام" سوف لن تختلف عن حالهم مع النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنه نسخة طبق الأصل عنه..
ولربما أصبحوا يخشون من أن يبادر "صلى الله عليه وآله" إلى عمل يحرجهم، ويعرقل خططهم الرامية إلى الإستئثار بالأمر من بعده، فكانت هذه المبادرة المخزية منهم..
لمحات أخرى على ما جرى في العقبة:
وقد ذكرت بعض الروايات: أن المنافقين كانوا قد دبروا لقتل علي "عليه السلام" في تبوك كما دبروا لقتل النبي "صلى الله عليه وآله" في العقبة، وذلك بأن حفروا في طريق علي "عليه السلام" في المدينة حفيرة طويلة بقدر خمسين ذراعاً، وقد عمقوها ثم غطوها بحصر، ثم وضعوا فوقها يسيراً من التراب، فإذا وقع فيها كبسوه بالأحجار حتى يقتلوه.
وقد أنجاه الله تعالى من كيدهم بكرامة منه، وعرَّفه أسماء تلك الجماعة التي فعلت ذلك، وأعلنها له، وكانوا عشرة، كانوا قد تواطأوا مع الأربعة والعشرين، الذين دبروا لقتل رسول الله "صلى الله عليه وآله" في العقبة.
ثم تذكر الرواية حديث العقبة، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نزل بإزائها، وأخبر الناس بما جرى على علي "عليه السلام".. ثم أمرهم بالرحيل، وأمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أحد على العقبة ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر من يمر به، وأمره أن يتشبه بحجر، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك، وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل، ثم جاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك، للتدبير عليك، يحسّ بي، فيكشف عني، فيعرفني، وموضعي من نصيحتك، فيتهمني ويخافني فيقتلني.
إلى أن تذكر الرواية: أن حذيفة رأى الأربعة والعشرين رجلاً على جمالهم، يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه ها هنا كائناً من كان فاقتلوه، لئلا يخبروا محمداً بأنهم قد رأونا هنا، فينكص محمد، ولا يصعد هذه العقبة إلا نهاراً، فيبطل تدبيرنا عليه.
فسمعها حذيفة، واستقصوا فلم يجدوا أحداً.
ثم تذكر الرواية دحرجتهم للدباب، وأن الله تعالى قد حفظ نبيه "صلى الله عليه وآله" وجاز العقبة، وأرسل حذيفة إليهم، فضرب وجوه رواحلهم، فنفرت بهم، وسقط بعضهم، فانكسر عضده، وبعضهم انكسرت رجله، وبعضهم انكسر جنبه.
فلأجل ذلك كان حذيفة يعرف المنافقين.. انتهى ملخصاً([157]).
ونقول:
إنه يستوقفنا في هذه الرواية الأمور التالية:
قصة الحفيرة:
إن المدينة كانت قرية صغيرة، وكان سكانها قليلين، وبيوتها متراكمة ومجموعة، غير منتشرة، فإذا كان علي "عليها السلام" والياً على المدينة، ويمر من ذلك الطريق. فإن كان يمر منه في كل يوم فمعنى ذلك: أن هذه الحفرة قد حفرت في أقل من يوم واحد، والمفروض: أن طولها كان خمسين ذراعاً، فكيف تمكنوا من حفر هذا المقدار في هذه المدة القصيرة؟!
ومن الذي هيأ الأمور بحيث لا يمر أحد من تلك الطريق ممن يمكن أن يخبر علياً "عليه السلام" بما يجري؟!
ولماذا لم يتساءل الأطفال، والنساء، والرجال الساكنون، أو الماروّن من هناك عن سبب حفر تلك الحفرة؟!
وهل لم يكن أحد من أهل الإيمان ومن بني هاشم يسكن في ذلك الحي كله، فيخبر علياً "عليه السلام" بالأمر؟!
وهل كان علي "عليه السلام" مفرطاً في أمور ولايته إلى حد أن تحفر حفيرة عميقة بطول خمسين ذراعاً في طريق عام، ولا يدري بها؟!
إننا لا نملك جواباً مقبولاً أو معقولاً على هذه الأسئلة، يخفف من وطأة حيرتنا..
سبب منع النبي ' الناس من مرافقته:
لقد أكدت روايات عديدة على أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر الناس أن لا يطأوا العقبة حتى يجاوزها هو "صلى الله عليه وآله".
وهذا إجراء لافت لا بد من فهمه، ومعرفة ما يتوخاه "صلى الله عليه وآله" منه..
ولنا أن نبادر إلى القول: بأن المقصود هو فضح المؤامرة، والتمكين من تحديد هوية فاعليها، فإنه لو سار الجيش بأكمله في تلك الطريق لم يمكن ذلك. ولكان قد أعطى الفرصة للمتآمرين لارتكاب جريمتهم، ثم يغيبون في خضم تلك الجموع الغفيرة، لتصبح هي الغطاء الطبيعي لهم، وسيجدون فيها من يساعدهم على إخفاء أنفسهم، ولربما يدَّعون أن الزحام هو السبب في سقوط النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الوادي، وقد يأتون هم إلى مسرح جريمتهم بعد ارتكابها في لهفة واستنكار، وبكاء واستعبار، فيساهمون في تشييع جنازة من قتلوا، ويشاركون في البحث عن القاتل إمعاناً منهم في المكر والتضليل.
إنه "صلى الله عليه وآله" بإجرائه هذا قد أفردهم عن الجيش، ووضعهم أمام أعين رقبائه الذين رتبهم في مواضع قريبة، ولم يعد هناك أي فرصة للإيهام نتيجة للإختلاط بالآخرين، فإن الشبهة ممنوعة.
يضاف إلى ذلك: أن هذا الإجراء نفسه سوف يوقع الكثيرين في الحيرة، ويدعوهم للتساؤل عن سببه، فإذا تبين لهم الحق بعد ذلك، فستجدهم مسارعين لقبوله، وسوف لن يثور أي جدل حول صحته وواقعيته، وسوف توصد الأبواب أمام الشائعات، والتكهنات، والتشكيكات، بل تبقى الحقيقة بكل حيويتها، ووضوحها، وسيعرفها الناس، وسينقلونها للأجيال اللاحقة، وهي على ما هي عليه من الصفاء والنقاء، والإشراق والبهاء، وسيترك هذا الحدث أثره في العقل والقلب والوجدان، لأنه اقترن بمعجزة نبوية، وتسديد رباني، كان هو السبب في إبطال كيدهم، وافتضاح أمرهم.
التخفي بصورة حجر:
ويلاحظ هنا أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، وأن يتشبه بحجر، أي أنه يريد منه أن ينطوي على نفسه بطريقة تظهر للناظر أنه يرى حجراً، ولا يرى إنساناً.
وذلك لأن الوقت كان ليلاً، وكان المطلوب منه هو أن يتعرف على أشخاص المتآمرين، ولا يتيسر له ذلك في الليل إلا إذا كان قريباً جداً من الهدف حتى لو كان نور القمر موجوداً، ولو في بعض درجاته.. وقد كان "صلى الله عليه وآله" يعرف كما كان حذيفة يعرف أيضاً: أن هؤلاء المجرمين سوف لن يمكّنوا احداً من اقتفاء اثرهم، أو التعرف على اشخاصهم، وأنهم سوف يتخلصون من كل من يصادفونه بالقتل، إن لم يمكنهم ابعاده، أو ابعاد أنفسهم عن الأنظار..
رؤساء العسكر هم العدو:
وقد قال حذيفة لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "إني اتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك"، ثم ذكر له: أنه يخشى ان يراه هؤلاء الرؤساء المتآمرون ويقتلوه..
وهذا يدل على عدم صحة الرواية التي تتضمن اسماء مجهولة، لا يعرف عنها احد شيئاً..
غير أن هذه الحقيقة ستكون مؤلمة جداً، وتجعل الشجى يعترض حلق الإنسان المؤمن، وسيندى جبينه الماً وخجلاً من أن يكون الرؤساء هم الأعداء والمتآمرون، وليس لنا إلا ان نقول:إنا لله وإنا اليه راجعون.
الفصل الحادي عشر:
أصح الروايات عن تبوك.. أو زبدة المخض
بـدايـة:
وبعد.. فقد كان كل ذلك الذي قدمناه يعتمد على الروايات التي عرضها لنا أولئك البعداء عن خط أهل البيت "عليهم السلام"، والذين يدينون الله بالحب والولاء للذين عارضوهم، وأقصوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله تعالى بها، بالقوة والقهر.. وسعوا إلى تصويب فعلهم هذا وتأويله، والتماس المخارج المختلفة والمتناقضة له في كثير من الأحيان.
وقد رأينا أن أكثر تلك الروايات لم تكن سليمة عن التحريف والتزييف، ولكننا لم نغفل شيئاً منها يستحق التنويه أو العرض.
ولكننا سوف نذكر هنا رواية، ادخرناها لنتوج بها جهد المتابع لأحداث هذه الغزوة، بعد أن يعيش بكل عقله وفكره الأجواء التي يريدون له أن يعيشها، ثم نفاجئه بهذه الرواية التي هي الأقرب إلى الحقيقة، والأصوب، والأصدق في عرض الوقائع، ليشعر بالفارق بينها وبين جميع ما عداها، رغم أنها لم توفق لسند يمكن وصفه بالصحة أو بغيرها مما يوصِّف به المحدثون والمهتمون بالأسانيد رواياتهم. والرواية هي التالية:
النص الأقرب والأصوب:
لما مات سعد بن معاذ، بعد أن شفى غيظه من بني قريظة، قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يرحمك الله يا سعد، فلقد كنت شجا في حلوق الكافرين، لو بقيت لكففت العجل الذي يراد نصبه في بيضة الإسلام، كعجل قوم موسى.
قالوا: يا رسول الله، أوعجل يراد أن يتخذ في مدينتك هذه؟
قال: "بلى، والله يراد، ولو كان لهم سعد حياً ما استمر تدبيرهم. ويستمرون ببعض تدبيرهم، ثم الله يبطله".
قالوا: أتخبرنا كيف يكون ذلك؟
قال: "دعوا ذلك لما يريد الله أن يدبره".
قال موسى بن جعفر "عليه السلام": ولقد اتخذ المنافقون من أمة محمد "صلى الله عليه وآله" بعد موت سعد بن معاذ، وبعد انطلاق محمد "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، أبا عامر الراهب أميراً ورئيساً، وبايعوا له، وتواطأوا على إنهاب المدينة، وسبي ذراري رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسائر أهله وصحابته، ودبروا التبييت على محمد، ليقتلوه في طريقه إلى تبوك.
فأحسن الله الدفاع عن محمد "صلى الله عليه وآله"، وفضح المنافقين وأخزاهم، وذلك أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "لتسلكن سبل من كان قبلكم، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضبّ لدخلتموه".
قالوا: يا ابن رسول الله، من كان هذا العجل؟! وماذا كان هذا التدبير؟!
فقال "عليه السلام": اعلموا أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يأتيه الأخبار عن صاحب دومة الجندل، وكان ملك تلك النواحي، له مملكة عظيمة مما يلي الشام، وكان يهدد رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنه يقصده، ويقتل أصحابه، ويبيد خضراءهم.
وكان أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" خائفين وجلين من قِبَله، حتى كانوا يتناوبون على رسول الله "صلى الله عليه وآله" كل يوم عشرون منهم، وكلما صاح صائح ظنوا أنه قد طلع أوائل رجاله وأصحابه.
وأكثر المنافقون الأراجيف والأكاذيب، وجعلوا يتخللون أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله"، ويقولون: إن أكيدر قد أعد من الرجال كذا، ومن الكراع كذا، ومن المال كذا، وقد نادى فيما يليه من ولايته: ألا قد أبحتكم النهب والغارة في المدينة، ثم يوسوسون إلى ضعفاء المسلمين يقولون لهم: فأين يقع أصحاب محمد من أصحاب أكيدر؟ يوشك أن يقصد المدينة فيقتل رجالها، ويسبي ذراريها ونساءها.
حتى آذى ذلك قلوب المؤمنين، فشكوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما هم عليه من الخدع.
ثم إن المنافقين اتفقوا، وبايعوا أبا عامر الراهب الذي سماه رسول الله "صلى الله عليه وآله" الفاسق، وجعلوه أميراً عليهم، وبخعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة، لئلا أتهم بتدبيركم.
وكاتبوا أكيدر في دومة الجندل، ليقصد المدينة، ليكونوا هم عليه، وهو يقصدهم فيصطلموه.
فأوحى الله إلى محمد "صلى الله عليه وآله"، وعرَّفه ما اجتمعوا عليه من أمرهم، وأمره بالمسير إلى تبوك.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا أراد غزواً ورَّى بغيره إلا غزاة تبوك، فإنه أظهر ما كان يريده، وأمرهم أن يتزودوا لها، وهي الغزاة التي افتضح فيها المنافقون، وذمهم الله تعالى في تثبيطهم عنها، وأظهر رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما أوحي إليه أن (الله) سيظفره بأكيدر، حتى يأخذه ويصالحه على ألف أوقية من ذهب في صفر، وألف أوقية من ذهب في رجب، ومائتي حلة في صفر، ومائتي حلة في رجب، وينصرف سالماً إلى ثمانين يوماً.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن موسى وعد قومه أربعين ليلة، وإني أعدكم ثمانين ليلة، ثم أرجع سالماً غانماً، ظافراً بلا حرب يكون، ولا أحد يستأسر من المؤمنين.
فقال المنافقون: لا والله، ولكنها آخر كسراته التي لا ينجبر بعدها، إن أصحابه ليموت بعضهم في هذا الحر، ورياح البوادي، ومياه المواضع المؤذية الفاسدة، ومن سلم من ذلك فبين أسير في يد أكيدر، وقتيل وجريح.
واستأذنه المنافقون بعلل ذكروها، بعضهم يعتلّ بالحر، وبعضهم بمرض يجده، وبعضهم بمرض عياله، وكان يأذن لهم.
فلما صح عزم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على الرحلة إلى تبوك عمد هؤلاء المنافقون فبنوا مسجداً خارج المدينة وهو مسجد الضرار، يريدون الإجتماع فيه، ويوهمون أنه للصلاة، وإنما كان ليجتمعوا فيه لعلة الصلاة، فيتم لهم به ما يريدون.
ثم جاء جماعة منهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقالوا: يا رسول الله إن بيوتنا قاصية عن مسجدك وإنا نكره الصلاة في غير جماعة، ويصعب علينا الحضور، وقد بنينا مسجداً، فإن رأيت أن تقصده وتصلي فيه لنتيمَّن ونتبرك بالصلاة في موضع مصلاك، فلم يعرّفهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما عرّفه الله من أمرهم ونفاقهم، وقال: ائتوني بحماري.
فأتي باليعفور فركبه يريد نحو مسجدهم، فكلما بعثه هو وأصحابه لم ينبعث ولم يمش، فإذا صرف رأسه إلى غيره، سار أحسن سير وأطيبه.
قالوا: لعل هذا الحمار قد رأى في هذا الطريق شيئاً كرهه، فلذلك لا ينبعث نحوه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إيتوني بفرس فركبه، فكلما بعثه نحو مسجدهم لم ينبعث، وكلما حركوه نحوه لم يتحرك، حتى إذا ولوا رأسه إلى غيره سار أحسن سير.
فقالوا: لعل هذا الفرس قد كره شيئاً في هذا الطريق.
فقال: تعالوا نمش إليه، فلما تعاطى هو و أصحابه المشي نحو المسجد جفوا في مواضعهم، ولم يقدروا على الحركة، و إذا هموا بغيره من المواضع خفت حركاتهم، وحنت أبدانهم، ونشطت قلوبهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن هذا أمر قد كرهه الله، فليس يريده الآن، وأنا على جناح سفر، فأمهلوا حتى أرجع إن شاء الله تعالى، ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله تعالى.
وجدَّ في العزم على الخروج إلى تبوك، وعزم المنافقون على اصطلام مخلّفيهم إذا خرجوا، فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك: "إما أن تخرج أنت ويقيم علي، وإما أن يخرج علي وتقيم أنت".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ذاك لعلي".
فقال علي "عليه السلام": السمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله، وإن كنت أحب أن لا أتخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حال من الأحوال.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟!
فقال: رضيت يا رسول الله.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا أبا الحسن! إن لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة، وإن الله قد جعلك أمة وحدك، كما جعل إبراهيم أمة، تمنع جماعة المنافقين والكفار هيبتك عن الحركة على المسلمين.
فلما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" وشيعه علي "عليه السلام" خاض المنافقون وقالوا: إنما خلفه محمد بالمدينة لبغضه له، وملاله منه، وما أراد بذلك إلا أن يبيته المنافقون فيقتلوه، ويحاربوه فيهلكوه.
فاتصل ذلك برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال علي "عليه السلام": تسمع ما يقولون يا رسول الله؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أما يكفيك أنك جلدة ما بين عيني، ونور بصري، وكالروح في بدني.
ثم سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأصحابه، وأقام علي "عليه السلام" بالمدينة، وكان كلما دبر المنافقون أن يوقعوا بالمسلمين فزعوا من علي "عليه السلام"، وخافوا أن يقوم معه عليهم من يدفعهم عن ذلك، وجعلوا يقولون فيما بينهم: هي كرة محمد التي لا يؤوب منها.
فلما صار بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين أكيدر مرحلة قال تلك العشية: يا زبير بن العوام، يا سماك بن خرشة، امضيا في عشرين من المسلمين إلى باب قصر أكيدر، فخذاه، وائتياني به.
قال الزبير: وكيف يا رسول الله "صلى الله عليه وآله" نأتيك به ومعه من الجيش الذي قد علمت، ومعه في قصره ـ سوى حشمه ـ ألف ما دون عبد وأمة وخادم؟
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": تحتالان عليه، وتأخذانه.
قال: يا رسول الله، وكيف وهذه ليلة قمراء، وطريقنا أرض ملساء، ونحن في الصحراء لا نخفى؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أتحبان أن يستركما الله عن عيونهم، ولا يجعل لكما ظلاً إذا سرتما، ويجعل لكما نوراً كنور القمر لا تتبينان منه؟
قالا: بلى.
قال: "عليكما بالصلاة على محمد وآله الطيبين، معتقدين أن أفضل آله علي بن أبي طالب، وتعتقد يا زبير أنت خاصة أن لا يكون علي "عليه السلام" في قوم إلا كان هو أحق بالولاية عليهم، ليس لأحد أن يتقدمه.
فإذا أنتما فعلتما ذلك وبلغتما الظل الذي بين يدي قصره من حائط قصره، فإن الله سيبعث الغزلان والأوعال إلى بابه، فتحك قرونها به، فيقول: من لمحمد في مثل هذا؟ فيركب فرسه لينزل فيصطاد.
فتقول له امرأته: إياك والخروج، فإن محمداً قد أناخ بفنائك، ولست آمن أن يحتال عليك، ودس من يغزونك.
فيقول لها: إليك عني فلو كان أحد يفصل عنه في هذه الليلة لتلقاه في هذا القمر عيون أصحابنا في الطريق. وهذه الدنيا بيضاء لا أحد فيها، فلو كان في ظل قصرنا هذا إنسي لنفرت منه الوحش.
فينزل ليصطاد الغزلان والأوعال، فتهرب من بين يديه، ويتبعها فتحيطان به وتأخذانه".
وكان كما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذوه، فقال: لي إليكم حاجة.
قالوا: ما هي؟ فإنا نقضيها إلا أن تسألنا أن نخليك.
قال: تنزعون عني ثوبي هذا، وسيفي ومنطقتي وتحملونها إليه، وتحملوني في قميصي لئلا يراني في هذا الزي، بل يراني في زي تواضع فلعله أن يرحمني.
ففعلوا ذلك، فجعل المسلمون والأعراب يلبسون ذلك الثوب ويقولون: هذا من حلل الجنة، وهذا من حلي الجنة يا رسول الله؟
قال: "لا، ولكنه ثوب أكيدر، وسيفه ومنطقته، ولمنديل ابن عمتي الزبير وسماك في الجنة أفضل من هذا، إن استقاما على ما أمضيا من عهدي إلى أن يلقياني عند حوضي في المحشر.
قالوا: وذلك أفضل من هذا؟
قال: بل خيط من منديل بأيديهما في الجنة أفضل من ملء الأرض إلى السماء مثل هذا الذهب.
فلما أتي به رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: يا محمد أقلني، وخلني على أن أدفع عنك من ورائي من أعدائك.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": فإن لم تف به؟
قال: يا محمد، إن لم أف لك فإن كنت رسول الله فسيظفرك بي، من منع ظلال أصحابك أن يقع على الأرض حتى أخذوني، ومن ساق الغزلان إلى بابي حتى استخرجتني من قصري، وأوقعتني في أيدي أصحابك.
وإن كنت غير نبي، فإن دولتك التي أوقعتني في يدك بهذه الخصلة العجيبة، والسبب اللطيف ستوقعني في يدك بمثلها.
قال: فصالحه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ألف أوقية من ذهب في رجب ومأتي حلة، وألف أوقية في صفر ومائتي حلة، وعلى أنهم يضيفون من مر بهم من العساكر ثلاثة أيام، ويزودونهم إلى المرحلة التي تليها، على أنهم إن نقضوا شيئاً من ذلك فقد برئت منهم ذمة الله، وذمة محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم كرّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" راجعاً إلى المدينة إلى إبطال كيد المنافقين في نصب ذلك العجل الذي هو أبو عامر، الذي سماه النبي "صلى الله عليه وآله" الفاسق.
وعاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" غانماً ظافراً، وأبطل الله كيد المنافقين.
وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإحراق مسجد الضرار، وأنزل الله عز وجل: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً}([158]) الآيات.
وقال موسى بن جعفر "عليهما السلام": فهذا العجل في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله" دمر الله عليه، وأصابه بقولنج، وفالج، وجذام، ولقوة. وبقي أربعين صباحاً في أشد عذاب، صار إلى عذاب الله([159]).
ونقول:
إن هذا النص قد تضمن أموراً هامة، نحب لفت النظر إليها، وهي التالية:
الإنقلاب يبدأ بضرب نقطة الإرتكاز:
قد أظهر النص المتقدم: أن المؤامرة على النبي "صلى الله عليه وآله" لم تكن وليدة ساعتها، بل جاءت ضمن خطة شاملة ودقيقة، حددت الأهداف وطريقة العمل، وتوقعت النتائج، وتوخت أن تكون ضرباتها حاسمة ومؤثرة، ومحمية، وحسبت لكل أمر حسابه..
فكان على رأس أولياتهم تسديد ضربة حاسمة لمركز القرار، ونقطة الإرتكاز، ورأس الهرم الحافظ والضامن لوحدة الكيان العام كله، والمؤثر في حركته كلها. ثم لكل امتداداته المؤثرة، أو التي يحتمل أن تؤثر في إعادة انتظام عقد الإجتماع، وامتلاك زمام المبادرة بنفس ما حكموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما أوضحه نص آخر، وقرروا سبي جميع ذراري النبي "صلى الله عليه وآله"، وسائر أهله وصحابته..
كل ذلك لإدراكهم أن حدوث الفراغ في مركز القرار، سيؤدي إلى شل حركة سائر الخلايا الفاعلة والحية في الكيان كله، وسيضع الكيان كله على طريق التمزق والتلاشي..
ولأجل ذلك حاولوا أن يتخلفوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا يسيروا معه إلى تبوك..
الخطة الملعونة:
وقد صرحوا: بأنهم سوف يضعون المسلمين بين خطرين داهمين: خطر يأتي من قبلهم، فهم يهاجمونهم، فيصطلون مخلّفي المسلمين إذا خرجوا، فإذا عادوا من تبوك، فإن أكيدر يلاحقهم، والمتخلفون في المدينة يهاجمونهم من جهة المدينة، وأكيدر يهاجمهم بجموعه من الخلف، ويحده في ذلك هرقل، وملك غسان من جهة الشام، إن نجح أبو عامر الراهب في إقناعهما بذلك.
ويبدو أن أبا عامر قد نجح في إيجاد صلة بين منافقي المدينة وبين ملك غسان، كما ربما تشير إليه رسالة ملك غسان إلى كعب بن مالك.
القرار النبوي في ثلاثة اتجاهات:
ولكن القرار النبوي الذي فاجأهم، قد حسم الأمور في ثلاثة اتجاهات:
الإتجاه الأول: أنه أبطل كيدهم بجعل علي "عليه السلام" خليفته في المدينة، فلم يمكّنهم من فعل أي شيء فيها، حسبما أوضحته الرواية المتقدمة عن الإمام الكاظم "عليه السلام"..
الإتجاه الثاني: القضاء على أكيدر بصورة سريعة وحاسمة، والإتيان به أسيراً إلى المدينة لكي يروا جميعاً وبأم أعينهم ضعفه، وذله..
الإتجاه الثالث: الإثبات العملي لهم بأن قيصر، ومن تبعه، بما فيهم الحارث الغساني، لا يجرؤون على مواجهته، بل هم يخطبون وده، ويراعون جانبه، ويسعون لكسب رضاه.
ومما زاد في خزيهم وذلهم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد أخبرهم بما يجري على أكيدر، وبمقدار الجزية التي يضعها عليه..
وربما يكون هذا هو السبب أيضاً في إعلانه "صلى الله عليه وآله" جهة السير حين خرج بجيشه من المدينة، فإنه أراد أن لا يدخل في وهم أحد أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخذ أعداءه على حين غرة، وأنه لولا ذلك فلربما كانت النتائج على عكس ما جاءت عليه.. وذلك أبعد أثراً في قطع آمال أهل النفاق، وفي خزي أهل الشقاق..
الإخبار بالغيب، والمعجزات في تبوك:
ورغم أنه "صلى الله عليه وآله" كان يظهر لأصحابه المعجزات والكرامات بين الفينة والفينة، خصوصاً في ساعات العسرة، ليكون ذلك أوقع في نفوسهم، وليربط على قلوبهم، وأدعى لتلمسهم مواقع الإعجاز وخصوصية الكرامة فيما يرونه ويعيشونه.. فإن ما ظهر لهم في غزوة تبوك على الخصوص كان يزيد على ما ظهر لهم في غيرها بأضعاف كثيرة، حتى ليخيّل لقارئ نصوص هذه الغزوة: أن كل ما يجري مرتبط بالغيب، ويراد به إظهار الكرامة والرعاية، والتدخل الإلهي، من دون التفات يذكر إلى الأسباب الظاهرة..
حتى لقد أخبرهم حسبما تقدم عن الإمام الكاظم "عليه السلام" بما يجرى على أكيدر، وبمقدار الجزية التي يضعها عليه..
وهذا يدل على أن لتبوك خصوصية انفردت بها عما عداها.. ولعل خصوصيتها تكمن في أنها تريد أن تسدد إلى النفاق وأهله ضربة مهلكة، فإن الحرب مع المنافقين قد بلغت الذروة وأصبحت مصيرية، وحاسمة..
وكان ظهور أي ضعف أو توان في هذا المجال، من شأنه أن يعرّض كل جهود الأنبياء إلى خطر داهم وأكيد، كما أظهرته رواية الإمام الكاظم "عليه السلام" المتقدمة..
وظهور هذا الإرتباط العميق بالغيب قد حفظ الكثيرين من أن يتأثروا بوسوسات المنافقين، وأباطيلهم وأضاليلهم..
إن تهلك هذه العصابة لا تعبد:
وقد فسرت لنا الرواية المشار إليها أيضاً ما عناه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقوله على المنبر، وهو يحث الناس على الجهاد: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض"([160]).
فإن المؤامرة كانت كبيرة وخطيرة، وكان استهداف رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجميع صحابته الأخيار، وكذلك أهل بيته واصطلامهم يشير إلى قلة أهل الإيمان، بالنسبة إلى من عداهم من أهل النفاق، فإنهم كانوا هم الكثرة الساحقة التي جعلت المنافقين يستسهلون ارتكاب هذه الجريمة، غير مكترثين بتبعاتها.. إذ لو كان المنافقون هم القلة القليلة ـ ثمانين رجلاً أو أكثر بقليل مثلاً ـ فإن ارتكابهم لجريمتهم سوف يستتبع ثورة عارمة ضدهم لا بد أن تنتهي باستئصالهم..
ولعل مما يشير إلى ذلك: أن حشود أكيدر مهما كانت كثيرة وخطيرة، فإنها لا تستطيع إبادة ثلاثين ألفاً، حتى مع مساعدة أهل النفاق المتواجدين في المدينة لهم.
وهذا يعطي: أنهم كانوا يتكلون على مساعدةٍ لهم على ذلك تكون من نفس الجيش الذي كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولو بقيام مجموعة منه باغتيال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم يتولى فريق آخر السيطرة على الموقف، مع قدرتهم على ذلك، بسبب كثرتهم العارمة، وقلة جماعة أهل الإيمان..
ومما يدل على ذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر المضرَّب، بأن يُعدَّ له العسكر في تبوك، فعدَّهم فكانوا ثلاثين ألفاً، ثم أمره بأن يعد المؤمنين منهم، فكانوا خمسة وعشرين رجلاً فقط([161])، حسبما تقدم.
وما أسهل كسر شوكة عشرين رجلاً على يد ثلاثين ألفاً يحسبون أنهم معهم، فكيف إذا انضم إليهم ما يحشده أكيدر، ثم ما يقوم به منافقوا المدينة بعد أن يستأصلوا من عندهم من أهل النبي "صلى الله عليه وآله"، ومن المؤمنين؟!.
وتتأكد فرص نجاح هذه المؤامرة الخبيثة إذا نجح المنافقون في قتل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقتل علي "عليه السلام"..
قائد السرية خالد؟! أم الزبير وأبو دجانة؟!:
وقد زعمت الروايات التي نقلها أتباع مناوئي علي "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمَّر خالداً على سرية دومة الجندل..
ولكن الرواية التي ذكرناها آنفاً عن الإمام الكاظم "عليه السلام"، تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أوكل أمر أكيدر إلى الزبير، وأبي دجانة.
ونحن لا نمنع أن يكون خالد قد حضر في تلك السرية أيضاً، فاغتنمها محبوه فرصة، فنسبوا السرية إليه، لينيلوه فضيلة كان بحاجة ماسة إليها، بعد أن كان السبب في تضييع النصر العظيم الذي كان ينتظره المسلمون في مؤتة، وبعد ما فعله ببني جذيمة، ومالك بن نويرة.
أما أبو دجانة فليس له أحد يهتم بحفظ تاريخه، والذب عن مواقفه، وبيان مواقع التجني عليه، والإغارة على منجزاته..
كما أن الزبير، فهو وإن كان ـ عند هؤلاء المخذولين ـ قد نال شرف القتال ضد علي "عليه السلام"، لكنه لم يعد يستحق الذكر، بعد أن نازع ولده المشؤوم بني أمية وانتزع منهم الحجاز.. وهذا ذنب لا يغفره له الأمويون، وهم الشجرة الملعونة في القرآن، وأشياعهم، ومحبوهم، وما أكثرهم.
مناديل سعد، أم مناديل الزبير؟!:
وقد تقدم في الرواية التي نحن بصدد الحديث عنها: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: لمَنديلُ ابن عمتى الزبير، وسماك (يعني أبا دجانة) في الجنة أفضل من هذا، إن استقاما على ما أمضيا من عهدي، إلى أن يلقياني عند حوضي في المحشر..
ونقول:
أولاً: إن الكلام عن منديلي الزبير وأبي دجانة في الجنة اقترن باشتراط استقامتهما على العهد إلى أن يلقياه في المحشر.. وهذا لا يختص بهما بل هو يجري على كل الناس، ولعل تخصيصهما بالذكر لأنه ولاهما أخذ أكيدر. ويريد "صلى الله عليه وآله" أن يظهر قيمة الإيمان والإسلام، وأنه هو المعيار، وليس كونه ملكاً، أو سوقة..
ثانياً: إن اشتراط بقاء الزبير وأبي دجانة على العهد، قد جاء بلفظ "إن" التشكيكية، أي التي يؤتى بها عند الشك في تحقق مدخولها، بخلاف "إذا" التحقيقية، فإنها يؤتى بها للدلالة على تحقق مدخولها، قال الزمخشري:
سلم عـلى شيخ النحـاة وقـل له: عنـدي سـؤال مـن يجـبـه يعـظـم
أنا إن شككت وجدتموني جازماً وإذا جــزمـت فـإنـنـي لم أجــزم
قـل في الجواب بأن إن في شرطها جـزمـت ومعنـاهـا التردد فـاعلم
وإذا لجـزم الحـكـم إن شـرطيـة وقـعـت ولـكـن لفظهـا لم يجـزم([162])
ثالثاً: إن الوقائع اللاحقة قد أظهرت: أن الزبير لم يبق على العهد، فقد خرج على إمام زمانه علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، وقد قتل في تلك الوقعة من المسلمين ما يعد بالألوف، وربما بعشرات الألوف أيضاً، طمعاً منه في الدنيا، ورغبة عن الآخرة..
رابعاً: إن الروايات الأخرى قد ذكرت مناديل سعد بن معاذ بدلاً عن مناديل الزبير، ونحن لا نمنع من أن يكون قد قال هذه الكلمة مرتين، أو أنه "صلى الله عليه وآله" قالها في مناسبة أخرى، ولكن الرواة نقلوها إلى هنا، فعن البراء قال: أهدى إلي رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثوب حرير، فجعلوا يعجبون من لينه، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أتعجبون من هذا؟ لمناديل سعد في الجنة أحسن من هذا([163]).
الحرب الإعلامية وأثرها:
والمراجع لآيات القرآن الكريم يلمس الإهتمام الظاهر في آياته المباركة بالتصدي للإعلام المسموم، وبيان ما فيه من زيف، وما يكمن وراءه من خلفيات، وأهداف، ويبدو هذا الإهتمام واضحاً من خلال الآيات الكثيرة النازلة في مناسبة حرب تبوك التي تسجل إدانات واضحة للشائعات الكاذبة، التي تهدف إلى التأثير على روحية الناس، وإسقاطهم، وهزيمتهم نفسياً..
وقد بين النص المتقدم مدى تأثير شائعات ووسوسات المنافقين على الناس الذين لا يملكون ثقافة واسعة، أو حصانة كافية..
فكان لا بد من مواجهة هذا الكيد الرخيص، الذي لا يؤمن بقيم، ولا يلتزم بمبادئ بصورة قوية وحاسمة، وهكذا كان..
سياسة الفضائح:
وقد واجه الله هذا الكيد الإعلامي بسياسة مرة وقوية، لم يعرفوها من قبل، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما كان يرفق بهم حيثما كان الرفق سديداً ومفيداً..
ولعله يحق لنا أن نسمي هذه السياسة التي اتبعها الله عز وجل بـ "سياسة الفضائح"، ـ خصوصاً بعدما سميت سورة التوبة التي جاءت كثير من آياتها فيهم بالفاضحة ـ حيث بيّن تبارك وتعالى فنون مكرهم، وخفايا أساليبهم التي اتبعوها في قضية تبوك بصراحة ووضوح، فذكر أنهم منافقون.
1 ـ قد ابتغوا الفتنة.
2 ـ وأنهم قلبوا للنبي "صلى الله عليه وآله" الأمور.
3 ـ وقالوا: هو أذن.
4 ـ وأنهم يلمزون المطّوّعين.
5 ـ يسخرون من المؤمنين الذين لا يجدون إلا جهدهم.
6 ـ يكذبون.
7 ـ يستهزؤن.
8 ـ يقولون للناس: لا تنفروا في الحر.
9 ـ بنوا مسجداً ضراراً.
إلى غير ذلك مما يمكن استخلاصه من آيات سورة التوبة التي فضحتهم، فسميت السورة بالفاضحة..
وقد بينت الآيات القرآنية للناس حقيقة تصرفاتهم، وأهدافهم، ونواياهم منها.. فتحدثت بالإضافة إلى ما تقدم عن سبب بنائهم لمسجد الضرار، وأنهم قد بنوه ضراراً وكفراً، وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل..
وأنهم إذا قيل لهم: انفروا تثاقلوا إلى الأرض، رضاً بالحياة الدنيا، ورغبة عن نصر رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وأنهم يحلفون أن لو استطاعوا لخرجوا، وهم كاذبون، وأنهم يستأذنونه بالتخلف عنه. وأنهم لو خرجوا مع المسلمين ما زادوهم إلا خبالاً، ولأوضعوا خلالهم، وأن منهم من يقول: إءذن لي ولا تفتني. وأنه إن تصب النبي "صلى الله عليه وآله" حسنة تسؤهم، وإن تصبه مصيبة يقولوا: قد أخذنا أمرنا من قبل، ويتولوا وهم فرحون. وأنهم ينفقون وهم كارهون.
وأنهم يحلفون إنهم لمن المسلمين، وما هم منهم. وأن منهم من يلمز النبي "صلى الله عليه وآله" في الصدقات، فإن أعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. وأنهم إن سألهم عن استهزائهم يقولون: كنا نخوض ونلعب. وأنهم يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف.
ويقبضون أيديهم، ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصَّدقن، فلما آتاهم من فضله بخلوا به، وقد فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وقالوا: لا تنفروا في الحر.
وإذا ما أنزلت سورة: أن آمنوا بالله، وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم، وقالوا: ذرنا نكن مع القاعدين..
وأنهم يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم، وسيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم، ولترضوا عنهم..
وأن منهم من يتخذ ما ينفق مغرماً، ويتربص بكم الدوائر..
وغير ذلك مما صرحت به الآيات الكريمة في تلك السورة المباركة([164]).
عدد سرية آسري أكيدر:
وقد ذكرت الرواية المتقدمة عن الإمام الكاظم "عليه السلام": أن عدد أفراد السرية التي أرسلها النبي "صلى الله عليه وآله" لأسر أكيدر كان حوالي عشرين رجلاً فقط..
لكن الروايات التي رواها الآخرون تقول: إن عددهم كان أربع مائة وعشرين..
ونرى: أن تنفيذ هذه المأمورية على النحو الذي وصفه لهم النبي "صلى الله عليه وآله" لا يحتاج إلى أكثر من عشرين رجلاً.. إذ إن أسر هذا الرجل سيتم دون أن يتمكن أحد من نجدته أو الدفاع عنه، بل دون أن يعلم أحد بالأمر..
على أن وجود جيش يتألف من ثلاثين ألفاً بالقرب من هذه الجماعة، وكان أكيدر على علم بوجوده، وقد حذرته منه زوجته حين حاولت أن تثنيه عن الخروج في تلك الليلة كما تقدم ستكون أقوى رادع لأتباع أكيدر عن القيام بأي تحرك لملاحقه آسريه، كما أن أسر أكيدر سيجعل الرعية بلا راع، والجند بلا قائد، وسيكون سبباً آخر لمزيد من التخبّط والإحباط، والخضوع للأمر الواقع.
بل إننا حتى لو أخذنا برواية الأربع مائة وعشرين رجلاً، فسوف لن نستفيد شيئاً: إذا كان لدى أكيدر ألوف من المقاتلين، كما ورد في سائر الروايات، خصوصاً وأن خالداً قد عودنا على الهزيمة، بلا حاجة إلى عساكر جرارة، بل هو قد عودنا على التخلي عن النصر المحقق لصالح أعداء الدين كما هو الحال في مؤتة.. فلا فرق بين الأربع مائة والألف، لأن النتيجة ستكون واحدة.
المطلوب من الزبير خاصة:
ويلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد طلب من الزبير خاصة أن يعترف بالولاية لأمير المؤمنين "عليه السلام"، وذلك لأنه "صلى الله عليه وآله" كان يعرف ابن عمته حق المعرفة، وقد أخبره بأنه سيقاتل علياً "عليه السلام" وهو له ظالم([165]).
وأخبر علياً "عليه السلام"، وسائر الناس بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين لعلي "عليه السلام"، والمراد بالناكثين أصحاب الجمل بقيادة عائشة، وطلحة والزبير..
الفصل الثاني عشر:
النبي ' في المدينة بعد تبوك
بالمدينة أقوام لهم أجر المجاهدين:
عن أنس وجابر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة فقال: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم".
فقالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟
قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر"([166]).
ولعله إنما قال لمن معه ذلك، حتى لا يخطر في بال أحد منهم أن يُدِلَّ على أولئك الناس الضعفاء، بأنه قد سار مع النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الجهاد، ويحاول أن يسوِّق لنفسه عن هذا الطريق، فقد حدث نظير ذلك في مرة سابقة، وذلك حين قال عمر بن الخطاب لأسماء بنت عميس: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" منكم، فشكته إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فوقف "صلى الله عليه وآله" إلى جانبها، ونصرها عليه، فراجع([167])..
المدينة تنفي خبثها، وخير دور الأنصار:
عن أبي حميد الساعدي، وأنس، وجابر، وأبي قتادة قالوا: أقبلنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غزوة تبوك حتى أشرفنا على المدينة قال: "هذه طابة ـ وزاد ابن أبي شيبة: أسكننيها ربي، تنفي خبث أهلها كما ينفي الكير خبث الحديد" انتهى.
فلما رأى أحداً قال: "هذا أُحد، جبل يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الأنصار".
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: "خير دور الأنصار بنو النجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعدة".
فقال أبو أسيد: ألم تر أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيَّر دور الأنصار فجعلنا آخرها داراً؟
فأدرك سعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، خيرت دور الأنصار فجعلتنا آخرها داراً؟!
فقال: "أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار"؟([168]).
ونقول:
إن ما تقدم يحتاج إلى بعض البيانات التي تفيد في فهم مقاصده ومراميه. ونذكر من ذلك الأمور التالية:
خبث أهل المدينة:
بالنسبة لطابة، وأنها تنفي خبث أهلها نقول:
أولاً: إنه لا شك في أن نفي طابة لخبث أهلها ليس بنحو الجبرية، والتصرف التكويني، فلعل ذلك يكون على معنى أن أجواءها ومحيطها الإيماني يساعد على تصفية النفوس وتزكيتها، وإبعاد الشوائب السيئة عن أهلها.. بالإضافة إلى الألطاف والبركات التي تحل على الناس، لأجل تاريخها المجيد، في خدمة الإسلام وأهله، وبركات حلول رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيها..
ثانياً: إن ثمة ما يبرر شكنا في صحة نسبة هذا الكلام إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذ إن أهل المدينة سرعان ما انقلبوا على أعقابهم، واختاروا خط العداء لأهل البيت "عليهم السلام" ومنابذتهم، حتى لم يبق في المدينة وفي مكة عشرون([169]) رجلاً يحبهم "عليهم السلام"([170]).
فما معنى هذا الثناء على أناس ستكون هذه حالهم مع أهل بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذين أمر الله ورسوله بمحبتهم ومودتهم؟!
ثالثاً: لم نعرف المراد بنفيها خبث أهلها!! فإن كان يراد به تطهيرهم من الخبث الباطني والأخلاقي، وإعادتهم إلى حالة الصفاء والنقاء من الشوائب كما أشير إليه فيما رووه: "إنها طيبة، تنفي الذنوب كما ينفي الكير خبث الفضة"([171])، فنقول:
إننا لم نجد في الواقع العملي ما يشير إلى أن المدينة قد نفت خبث أهلها فعلاً. بل بقي الذين مردوا على النفاق فيها، وكان عددهم يزداد، ونفوذهم وخطرهم يتضاعف، حتى إن أكثر آيات سورة التوبة قد نزلت فيهم، وكانت لهجتها بالغة القسوة. كما يعلم بالمراجعة.
ولو أن ذلك قد كان بالفعل، فينبغي أن نجد سيماء الصلاح ظاهرة على جميع أهلها، أو على أكثرهم، أو على الكثيرين منهم على الأقل..
مع أننا نلاحظ: أن ثمة اختلافاً كبيراً بينهم وبين غيرهم من أهل البلاد الأخرى.. حيث ظهر منهم الإنحراف عن أهل بيت النبوة، ثم أشاع فيهم الأمويون المجون والفسق، والفجور، واللهو والباطل كما هو معروف، وفي التاريخ موصوف.
وإن كان المراد بنفي الخبث: إخراج شرارها منها، كما صرحت به بعض الروايات: "لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير الخبث"([172]).
وفي آخر: "وهي المدينة تنفي الناس، كما ينفي الكير خبث الحديد"([173]).
فنقول:
إن الواقع الخارجي كان ولا يزال على خلاف ذلك أيضاً.. وإن كان ابن عبد البر وغيره قد ادَّعوا: أن ذلك يختص بزمنه "صلى الله عليه وآله"([174]).
ودعواه باطلة أيضاً، فإن ذلك لم يحصل في زمن النبي "صلى الله عليه وآله"، بل كان المنافقون والفاسدون مقيمين فيها ولم يخرجوا منها.
فلذلك ادَّعى النووي: أن ذلك سيكون في زمن الدجال حسبما تقدم عن البخاري([175]).
غير أنهم يروون: أنه حين خروج الدجال يأتي أحداً، فيصعد أحداً، أو ينزل بذباب يخرج إليه مشركوها وكفارها ومنافقوها.. وهذا لا ينطبق على الرواية التي تتحدث عن أنها تنفي خبثها في آخر الزمان، لأنها هي لم تخرج المنافقين والكفار، بل هم خرجوا منها([176]).
ويؤكد ما نرمي إليه: أن الرواية تشبه المدينة بالكير الذي ينفي خبث الفضة، وخروجهم منها، من دون أي فعلٍ أو تأثير لها يجعل تشبيهها بالكير في غير محله..
ولأجل ذلك ادَّعى الآقشهري: أن المراد بنفي خبثها أمر الملائكة بنقل المذنبين إلى غيرها من الأرض([177]).
وهذا معناه: عدم صحة ما زعموه من أنه "صلى الله عليه وآله" وعد من يموت بالمدينة بالشفاعة([178]).
نفي الخبث هو فضح المنافقين:
وزعموا: أن المقصود بنفي الخبث هو فضح أهل النفاق فيها([179]).
مع أن هذا الإحتمال منقوض بقوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}([180]). فأبقي أمرهم على حال الخفاء والإبهام..
كما أن الواقع التاريخي لا يؤيد هذا الإحتمال أيضاً، فإن الكثيرين من المنافقين لم يفتضح أمرهم، أو على الأقل لا يمكن التأكد من أن أمر جميع المنافقين فيها قد افتضح، فلا مجال للتأكد من صحة هذا الإحتمال.
نقل الوباء إلى خم:
وقد يقال: إن المراد هو نفي الأمراض عن أهلها، مثل الوباء والطاعون، فقد ورد: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "اللهم حبب إلينا المدينة".
إلى أن قال: "وانقل حماها، واجعلها بالجحفة"([181]).
وفي نص آخر: "واجعل ما بها من وباء بخم"([182]).
وفي نص ثالث: أنه "صلى الله عليه وآله" قال على المنبر: "اللهم انقل عنا الوباء"([183]).
أو قال: "أتيت هذه الليلة بالحمى، فإذا بعجوز سوداء ملببة في يدي الذي جاء بها، فقال: هذه الحمى، فما ترى؟
فقلت: اجعلوها بخم"([184]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "وانقل (أو فحول) حماها الى الجحفة"([185]).
وفي نص آخر: "اللهم انقل ما كان بالمدينة من وباء إلى مهيعة"([186]). "وهي الجحفة".
قال السمهودي: "وإنما دعا "صلى الله عليه وآله" بنقل الحمى إليها، لأنها كانت دار شرك، ولم تزل من يومئذٍ أكثر بلاد الله حمى".
قال بعضهم: وإنه ليتقى شرب الماء من عينها التي يقال لها: عين خم، فقلَّ من شرب منها إلا حُمّ([187]).
وقيل: لم يبق أحد من أهلها إلا أخذته الحمى([188]).
قال النووي: الجحفة من يومئذٍ وبيئة، ولا يشرب أحد من مائها إلا حُمّ([189]).
قال هشام بن عروة: وكان المولود إذا ولد بالجحفة لم يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى([190]).
(والطاعون) بثرة مع لهب واسوداد من مادة سمّية من وخز الجن.
قال الزمخشري: هو من الطعن لأنهم يسمون الطواعين رماح الجن (فأمسكت) حبست (الحمى بالمدينة) النبوية لكونها لا تقتل غالبا بل قد تنفع كما بينه ابن القيم. وهذا كان أولا ثم لما رأى ما أصاب أصحابه حين هاجروا إليها من حماها من البلاء والسقم دعى الله فنقلها إلى الجحفة حتى صارت لا يمر بها طائر إلا حم([191]).
ونقول:
إن هذه الترهات والأباطيل مرفوضة جملة وتفصيلاً، وذلك للأمور التالية:
1 ـ لماذا نُقِلَتِ الحمى إلى خصوص الجحفة، وغدير خم، دون سائر البلاد؟! فإن كان السبب هو شرك أهلها أو كفرهم، فلماذا لم ينقلها إلى جميع بلاد المشركين والكافرين؟!.
2 ـ إذا كان كفرهم أو شركهم هو السبب فما ذنب أبنائهم الذين أسلموا، وذرياتهم الذين لم يأتوا بعد؟! ولماذا تلازم الحمى الناس الذين يشربون من ماء الجحفة إلى يومنا هذا؟!.
3 ـ إن الحمى لم تنقطع عن أهل المدينة، سواء في ذلك ما كان منها وباءً، كما يدل عليه ما يروونه في صحاحهم عن أبي الأسود قال: "قدمت المدينة، وهم يموتون بها موتاً ذريعاً"([192]).
وكذلك سائر أنواع الحمى، فإنها لم تنقطع عنهم أيضاً، بل بقيت تنتابهم كما تنتاب سائر العباد في مختلف البلاد([193]).
4 ـ قال الصالحي الشامي في أحداث حجة الوداع: "وأصاب الناس جدري، أو حصبة، منعت من شاء الله أن تمنع من الحج"([194]).
ومن المعلوم: أن حجة الوداع كانت في سنة عشر.
وقد صرَّحوا: بأن الحمى قد كثرت في المدينة سنة إحدى وثمانين وثمان مائة([195]).
5 ـ لماذا يدعو لنقل وتحويل الحمى؟! ألم يكن الأولى والأوفق برحمة الرسول بالناس هو أن يطلب رفع الحمى عن أهل المدينة، دون أن يجعلها في غيرهم، لا من أهل الجحفة ولا من غيرهم؟! بل يترك الأمور على ما هي عليه بحسب طبيعتها..
6 ـ إذا كانت الحمى لا تدع أحداً من أهل خم حتى تأخذه، وإذا كان المقصود بالحمى التي نقلها من المدينة إلى الجحفة هي تلك التي تكون وباءً وليست الحمى العادية([196])، فإن المتوقع هو: أن يكون أهل تلك البلاد قد بادوا على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولكان الناس قد هجروا تلك البلاد، وتوقف كل أهل الأرض عن الدخول إليها، ولأصبح بنيانها خراباً، وبيوتها يباباً..
7 ـ بل إن اللازم هو: أن يبتلى بالحمى كل أولئك الذين يُحرِمون من الجحفة، وأن يفتك ذلك الوباء بالحجاج على مر الأزمان.. ولكان الناس قد امتنعوا عن المرور من ذلك الميقات وحولوا قوافلهم إلى سواه، ولشاع ذلك وذاع في جميع البلاد والأصقاع..
ولجاء السؤال المحرج عن السبب في اعتبار هذه البقعة بالذات من المواقيت، فهل المراد التسبيب لابتلاء الناس بالأمراض، والأوبئة المهلكة؟
8 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" وتسعين ألفاً من المسلمين، أو أكثر من ذلك، قد جاؤوا إلى غدير خم بعد حجة الوداع، حيث نصب "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إماماً ومولى للمسلمين، ولم نسمع أن أحداً من هؤلاء أصيب بالوباء، ولا حتى بالحمى.
وعلى كل حال، فإن من الواضح: أنهم إنما يريدون برواياتهم هذه توهين هذا الموقع، ليوهنوا هذه الواقعة، أعني واقعة الغدير، حيث نصب النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إماماً للناس.
9 ـ وعن المرأة التي أتي بها إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ليلة دعائه بنقل الوباء عن المدينة، فأرسلها إلى الجحفة نقول:
ألف: إن ظاهر الحديث الذي ذكره ابن زبالة أنه "صلى الله عليه وآله" أتي بالمرأة التي هي الحمى في حال اليقظة فأمر بجعلها بخم([197]).
لكن حديث البخاري يقول: إنه رأى امرأة سوداء ثائرة الرأس ذهبت إلى مهيعة، فتأولها بنقل حمى المدينة إلى هناك([198]).
وعند ابن زبالة: أن إنساناً جاء إلى المدينة من طريق مكة، فأخبره أنه رأى امرأة سوداء عريانة، ثائرة الشعر فقال "صلى الله عليه وآله": "تلك الحمى ولن تعود بعد اليوم أبداً"([199]).
إلا أن يقال: إن هذه الرواية لا تتنافى مع رواية البخاري المشار إليها آنفاً.
ب: ورووا بسند صحيح: أن الحمى استأذنت على النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: من هذا؟
فقالت: أم ملدم.
فأمر بها إلى أهل قباء، فلقوا ما لا يعلمه إلا الله تعالى.. فشكوها إليه الخ..([200]). فلا ندري هل أرسلها إلى خم أو إلى قباء؟! وما ذنب هؤلاء وأولئك؟!
ج: ورووا بسند رجاله ثقات عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: "أتاني جبريل بالحمى والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون بالشام.
فالطاعون شهادة لأمتي، ورحمة لهم، ورجز على الكفار" ([201]).
وأسئلتنا كثيرة هنا: إذ لماذا خص أهل الشام بالطاعون، ولم يرسله إلى العراق أو إلى فارس، أو الروم، أو الحبشة؟!..
ولماذا لا نجد هذا الطاعون في الشام في الأزمنة المتعاقبة، إلا مثل ما تراه في جميع الناس في غيرها من البلاد؟!
وإذا كان الطاعون رحمة وشهادة للأمة، فلماذا يحرم أهل المدينة وسائر البلاد من هذه الرحمة والشهادة ويفوز بها اهل الشام؟!
ولماذا عاد فأخرج الحمى من المدينة إلى غدير خم (أو مهيعة، أو الجحفة)؟!
أحد جبل يحبنا ونحبه:
ولعلنا قد أشرنا في بعض الموارد إلى حديث: "أحد جبل يحبنا ونحبه"([202]). غير أننا نحب أن نشير هنا إلى أن للأمكنة دوراً في حياة البشر يتجاوز ما عهدناه وألفناه من استفادة الإنسان منها في تيسير حاجاته، وتحقيق غاياته، فالأرض التي قد تكون مقدسة وقد لا تكون قد ورد في الآيات أنها تشهد عند الله للعبد إذا صلى فيها، وربما تفتح وربما تسكن، وقد تلعنه وقد تبكيه، وقد تكون به برة وقد ترفضه وتلفظه، وقد تحبه وربما تبغضه، وقد تفتخر وتتباهى به، وقد تخشى وربما تشفق، وقد يحرم عليها هذا ولا يحرم عليها ذاك، وتأتي طوعاً أو كرهاً.. و.. و.. الخ..
وجبل أحد يحب النبي "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته الطاهرين "عليهم السلام"، ومن معه من المؤمنين، لأنهم يجلبون الخير والبركة له، ولغيره من الموجودات، وقد عاين صبرهم وجهادهم وتضحياتهم بكل غال ونفيس، وحتى بأعز أحبابهم، والخيرة من أهلهم من أجل إعزاز دين الله، والذود عن حياضه، وفي سبيل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان.. إن جبل أحد قد عاين ذلك، وساهم فيه بصورة أو بأخرى، واحتضن في بعض سفوحه أجساد الشهداء الأبرار، بمن فيهم حمزة عم النبي "صلى الله عليه وآله"، وأسد الله، وأسد رسوله..
وجبل أحد لم يزل يسمع التسبيح والدعاء، والإبتهال، وقراءة القرآن عند تلك القبور، فتنعش وجوده، وتهز كيانه، ويخشع لذكر الله تبارك وتعالى، ويعيش لذة تسبيحه، ويتحسس عظمته، وجبل أحد يشعر مع أولئك الذاكرين والمسبحين بالأمان والسكينة، ويطمئن إلى نسمات الأنس التي تزجيها تسابيحهم في كل أجوائه، ويرتاح لنفحات الخير، والرحمات التي تزدحم في كل محيطه..
وهم يحبون جبل أحد لأن لهم معه ذكريات جهاد ملأت قلوبهم بالخشية، وهمسات أسحار بهرت أنوارها وجودهم، وغمرت بالطهر أرواحهم، وصفت ورضيت بذكر الله فاطمأنت نفوسهم.
كما أن لهم لدى جبل أحد ودائع غالية، ونفائس عزيزة، وأمانات مباركات يريدون منه حفظها، وأن يعرف حقها.
خير دور الأنصار حديث مشكوك:
ولسنا ندري لماذا ينسبون إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ما يسيء إلى مكانته، وموقعه كنبي يهدي إلى الحق، وهو أنه قد تدخل بلا مبرر بين القبائل، وأثار حالات من الحسد والضغينة بينها.. وذلك حين يفضل هذه القبيلة على تلك، ويجعل هذه القبيلة أولاً، وتلك يجعلها آخراً، من دون سبب، وهذا ما يثير العجب، حيث لم يبين وجه الأفضلية، وأنه في هذا الأمر، أو في ذاك!!
وقد رأينا أثر هذه الكلمة في أبي أسيد الساعدي، الذي شكا من جعل النبي "صلى الله عليه وآله" بني ساعدة آخر الأنصار داراً..
وحين طالب سعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالأمر أصر على ذلك، ولم يذكر له أي شيء يخفف من وقع هذا التفضيل.. مع أنه قد كان بالإمكان أن يتخذ منه ذريعة لحثهم على نيل بعض المقامات والكرامات بالعمل الذي يرشدهم إليه على أنه من موجبات تصحيح الأمور، والتغيير في المعادلة.
طلع البدر علينا:
عن السائب بن زيد قال: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى ثنية الوداع، مقدمه من تبوك([203]).
وعن ابن عائشة قال: لما قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
طـلع البـدر علـيـنـا مـن ثـنـيـات الــوداع
وجب الشكر علينــا مــا دعــــــا لله داع([204])
وعن خريم بن أوس بن لأم قال: هاجرت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منصرفه من تبوك، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد امتداحك؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "قل لا يفضض الله فاك".
فقال:
من قبلهـا طبـت في الظلال وفي مسـتـودع حيث يخـصـف الـورق
ثـم هـبـطـت البـلاد لا بـشـر أنـت ولا نـطــفـــة ولا عــلــق
بل نـطـفـة تركب السفين وقد ألجــم نـســراً وأهــلــه الـغـرق
تـنـقـل من صالـب إلى رحـم إذا مــضــى عــالم مــضـى طبـق
وردت نـار الخـلـيـل مكتتــماً في صـلـبـه أنـت كـيـف يحـــترق
حتى احتوى بيتك المهيمن من حـنــدق عـلـيـاء تحـتـهـا الـنطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض فـضــــاءت بـــنـــورك الأفــق
فـنـحن في ذلـك الـضـياء وفي النسـور وسبـل الـرشـاد نخترق([205])
ولما قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة بدأ بالمسجد بركعتين، ثم جلس للناس كما في حديث كعب بن مالك([206]).
قال ابن مسعود: ولما قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة قال: "الحمد لله الذي رزقنا في سفرنا هذا أجراً وحسنة"([207]).
وكان المنافقون الذين تخلفوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبرون عنه أخبار السوء، ويقولون: إن محمداً وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا. فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل الله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ}([208])"([209]).
ونقول:
1 ـ قد تحدثنا عن استقبال النبي "صلى الله عليه وآله" بالنشيد المتقدم:
طـلـع الـبـدر عـلـيـنـا الـــــــــخ..
وقلنا: إن الصحيح هو: أن ذلك قد حصل في غزوة تبوك، لا حين الهجرة..
2 ـ إن بدء النبي "صلى الله عليه وآله" بالمسجد حين قدومه المدينة يتضمن تعليماً كريماً، وأدباً عظيماً مع الله تبارك وتعالى، الذي منّ عليه بهذا النصر المؤزر.. وهو يشير للمسلمين بأن لا شيء يغني الإنسان عن الإتصال بالله تعالى، ولا يجوز أن يشغل الإنسان أي شاغل عن حفظ هذه الصلة، وعن القيام بالأعمال العبادية التي تغذي الروح وتنميها، وتصفي النفس وتزكيها.
إذ لا يغني شيء عن شيء، كما أن الكمال هو وضع كل شيء في موضعه، وليس من الحكمة، ولا من الصواب ترك الأمور على حالة النقص من جهة، والتصدي لإكمالها من سائر الجهات. بل لا بد من إنجاز الواجب في الحالتين، وأن لا يسمح بعروض النقص في الموضعين.
الأجر والحسنة:
وقد أعلن "صلى الله عليه وآله": نتائج سفره إلى تبوك، وحصرها بأمرين:
أحدهما: الثواب والأجر.
ثانيهما: الحسنة.
والمراد بالحسنة: الغنائم المادية والمعنوية، مثل إرهاب أعدائهم، وزيادة عزتهم، وثبات أمرهم، ورسوخ قدمهم، وإقبال الناس على الدخول في دينهم.
ويلاحظ هنا: أنه لم يقل: "نلنا". بل قال: "رزقنا الله"، لكي لا يتوهم متوهم أن ذلك بجهد وسعي منهم، ولِيُعْلَمَ أن ما نالوه إنما هو نتيجة للتفضل الإلهي، من دون أن يواجهوا أمراً ذا بال، أو أن يصيبهم ما يعكر عليهم صفو عيشهم.. بل كل ما فعلوه هو أنهم قاموا بسياحة محفوفة برضا الله تعالى ورسوله. مع شعور بالمزيد من السكينة والرضا، والطمأنينة، وبالعزة والكرامة.
وهذا ما حُرِم منه المتخلفون من المنافقين، وضعفاء اليقين، فلا كرامة لهم عند الله، ولا عزة لهم، ولا غنائم، ولا مثوبة.. بل لهم الخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.. مع مزيد من الحيرة والقلق، والترقب والأرق.. وما ظلمناهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون..
والذي يلفت النظر: أن كلمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد توافقت مع قوله تعالى في ذمهم: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ}([210]) وترافقت مع ما أذاعوه وأشاعوه من أن محمداً وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا.. فبلغهم تكذيب حديثهم، وعافية رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه. وطبيعي: أن يزيد ذلك من ألمهم، ويضاعف من ذلتهم، وهي حسنة أخرى تضاف إلى ما رزقه الله تعالى نبيه، ومن معه، لأنها نصر على أهل الشقاق والنفاق، يزيد من قوة أهل الإيمان، ويبعث فيهم نفحة سكينة وسلام، ومحبة ووئام..
مسجد الضرار:
عن أبي رهم كلثوم بن الحصين، وابن عباس، وسعيد بن جبير، ويزيد بن رومان: "أن مسجد قباء بني في موضع كان لامرأة يقال لها: "لية"، كانت تربط حماراً لها فيه، فابتنى سعد بن أبي خيثمة وبنو عمرو بن عوف مسجداً، فبعثوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأتيهم فيصلي فيه.
فأتاهم فصلى فيه، فحسدتهم أخوالهم بنو عمرو بن عوف.
فقال لهم أبو عامر الفاسق، قبل خروجه إلى الشام: ابنوا مسجدكم، واستمدوا فيه بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجيش من الروم، فأخرج محمداً وأصحابه، فكانوا يرصدون قدوم أبي عامر الفاسق.
فلما فرغوا من مسجدهم أرادوا أن يصلي فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليروج لهم ما أرادوه من الفساد، والكفر والعناد، فعصم الله تبارك وتعالى رسوله "صلى الله عليه وآله" من الصلاة فيه، فأتى جماعة منهم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يتوجه إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله إنَّا بنينا مسجداً لذي العِلَّة، والحاجة والليلة المطيرة، وإنَّا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه.
قال: "إني على جناح سفر، وحال شغل، وإذا قدمنا إن شاء الله صلينا لكم فيه"([211]).
فلما رجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غزوة تبوك، ونزل بذي أوان ـ مكان بينه وبين المدينة ساعة ـ أنزل الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً}([212])"([213]).
عن عروة عن أبيه قال: "كان موضع مسجد قباء لامرأة يقال لها "ليَّه" كانت تربط حماراً لها فيه، فابتنى سعد بن خيثمة مسجداً، فقال أهل مسجد الضرار: نحن نصلى في مربط حمار "ليَّه"؟ لا لعمر الله، لكنا نبني مسجداً فنصلي فيه.
وكان أبو عامر برئ من الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"، فلحق بمكة ثم لحق بعد ذلك بالشام، فتنصر، فمات بها، فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً}([214])"([215]).
قال ابن النجار: هذا المسجد بناه المنافقون، مضاهياً لمسجد قباء، وكانوا مجتمعين فيه يعيبون النبي "صلى الله عليه وآله"، ويستهزئون به([216]).
بناة مسجد الضرار:
قال ابن إسحاق: وكان الذين بنوه اثني عشر رجلاً: خِذَامُ بن خالد، من بني عبيد بن زيد ـ ومن داره أخرج هذا المسجد([217]) ـ ومعتِّب بن قشَيْر من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة بن الأَزعر من بني ضبيعة بن زيد، وعَبَّادُ بن حُنَيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر، وابناه مُجَمَّع بن جارية وزيد بن جارية، ونُفَيْل (نبتل) بن الحرث من بني ضبيعة، وبَحْزَج بن عثمان من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت من بني أُمية بن عبد المنذر([218]).
وقال بعضهم: إن رجالاً من بني عمرو بن عوف هم الذين بنوه، وكان أبو عامر المعروف بالراهب ـ وسماه النبي "صلى الله عليه وآله" بالفاسق ـ منهم([219]).
هدم وحرق مسجد الضرار:
وقالوا: لما أنزلت الآية: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً}([220]).. دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" مالك بن الدُخْشُم أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي، وأخاه عاصم بن عدي ـ زاد البغوي: وعامر بن السكن، ووحشي قاتل حمزة، زاد الذهبي في التجريد: سويد بن عباس الأنصاري([221]) ـ فقال: "انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فهدِّموه، وحرِّقوه"([222]).
فخرجوا مسرعين حتى أتوا بني سالم بن عوف (وهم رهط مالك بن الدُخْشُم)، فقال مالك لرفيقيه: أَنظِراني حتى أخرج إليكما، فدخل إلى أهله وأخذ سعفاً من النخيل فأشعل فيه ناراً، ثم خرجوا يشتدون حتى أتوا المسجد بين المغرب والعشاء، وفيه أهله، وحرَّقوه، وهدموه حتى وضعوه بالأرض، وتفرق عنه أهله، ونزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً}([223]).
فلما قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة عرض على عاصم بن عدي المسجد يتخذه داراً، فقال عاصم: يا رسول الله، ما كنت لأتخذ مسجداً ـ قد أنزل الله فيه ما أنزل ـ داراً، ولكن أعطه ثابت بن أَقْرَم، فإنه لا منزل له، فأعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثابت بن أَقْرَم. فلم يولد في ذلك البيت مولود قط. ولم ينعق فيه حمام قط، ولم تحضن فيه دجاجة قط([224]).
وعن سعيد بن جبير، وقتادة، وابن جريج، قالوا: ذكرنا أنه حفر في مسجد الضرار بقعة، فأبصروا الدخان يخرج منها([225]).
عاقبة السكنى في مسجد الضرار:
ونقول:
1 ـ إننا نرتاب فيما ذكره هؤلاء من أنه "صلى الله عليه وآله" قد عرض على عاصم بن عدي أن يتخذ مسجد الضرار داراً، فرفض، ثم أعطاه لثابت بن أقرم فلم يولد له فيه إلى آخر ما تقدم..
فقد روي عن أبي عبد الله "عليه السلام" قوله: وأمر أن يُتخذ كناسة تلقى فيه الجيف([226]).
إضافة إلى ما ورد عن جابر من أنه قال: رأيت المسجد الذي بني ضراراً يخرج منه الدخان([227]).
ولم يتضح لنا متى كان عرض المسجد على عاصم؟ هل كان قبل هدمه، أم بعده؟
وعلى فرض حصوله، فلعل الأرجح أن عرض موضع المسجد على عاصم كان بعد هدمه، لأن المفروض: أن عرضه عليه قد جاء بعد نزول الآية في شأنه، وقد هدمه "صلى الله عليه وآله" بعد نزولها مباشرة..
فيكون قول عاصم: "ما كنت لأتخذ مسجداً قد أنزل الله فيه ما أنزل داراً"([228]) قد جرى فيه على ضرب من التأويل، أي أنه قصد الموضع الذي كان مسجداً.
2 ـ إن كان النبي "صلى الله عليه وآله" يعلم بما سيصيب من يسكن في ذلك الموضع من سوء، وأنه لا يولد له ولد.. فإنه يكون قد غرَّر بثابت بن أقرم، وحاول التغرير بعاصم.. وحاشاه أن يفعل ذلك، فهو النبي المعصوم، الذي لا يغرر بالآمنين، ولا بالغافلين، بل هو يحفظهم بكل ما أوتي من قوة وحول..
وإن كان لا يعلم بذلك، فإن عاصم بن ثابت قد صرح له بتوجّسه من السكنى في موضع نزلت الآيات بشأنه، وأمر النبي "صلى الله عليه وآله" بتحريقه.. وقد ظهر ما يشير إلى شدة الغضب الإلهي مما جرى فيه، حتى إنهم حين حفروا بقعة منه، أبصروا الدخان يخرج منها.. ألم يكن ذلك كافياً للتخلي عن الأمر بالسكنى في ذلك المكان المغضوب عليه؟!.. وإن كان ذلك قد حصل بعد سكناهم فيه،
فلماذا لم يتركه ساكنوه؟ أو لماذا لم يراجعوا الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" في أمره، ليعفيهم من السكنى فيه، أو ليشير عليهم بالأصلح؟!
3 ـ ما معنى أن يصيب هؤلاء الناس هذا السوء بسبب سكناهم في موضع اختاره النبي "صلى الله عليه وآله" لهم؟! ألم يكن ذلك من موجبات تشكيكهم، وتشكيك سائر الناس بصوابية تصرفات الرسول "صلى الله عليه وآله"؟! أو إعطاء الإنطباع عنه بأنه يخطئ فيما يختاره لهم وهو قد يشير عليهم بما فيه شر وسوء، ومصيبة؟!
عمر، وإمام مسجد الضرار:
ومن الطريف هنا: أن مجمع بن جارية كان حين بناء مسجد الضرار غلاماً حدثاً قد جمع القرآن، فقدموه إماماً لهم ـ وهو لا يعلم بشيء من شأنهم.
وقد ذكر: أن عمر أراد عزله عن الإمامة، وقال: أليس بإمام مسجد الضرار؟!
فأقسم له مجمع أنه ما علم بشيء من أمرهم، وما ظن إلا الخير.
فصدقه عمر، وأقره([229]).
ونقول:
لعل المقصود: أنه كان غلاماً حدثاً بالنسبة لغيره من الذين كانوا مسنين.
وليس المقصود: أنه كان دون البلوغ، فإن إمامة الصبي للبالغين لا تصح..
ويشير إلى ذلك: أنه احتاج إلى أن يقسم لعمر: أنه ما علم بشيء من أمرهم، حيث دل ذلك على أنه كان في سن لو علم بأمرهم لصحت مؤاخذته، وثبتت مشاركته لهم في النفاق والتآمر.. والغلام الحدث لا يتمشّى ذلك في حقه..
على أن ثمة سؤالاً يراود خاطرنا، وهو: أنه لماذا لم يتعرض أبو بكر الذي حكم سنتين ونيفاً لإمامة هذا الرجل، ولم يحاول عزله عن هذا المقام كما فعل عمر من بعده؟!
بدريون.. في مسجد الضرار:
وذكروا في جملة المشاركين في مسجد الضرار معتب بن قشير. وقد ذكره ابن إسحاق في من شهد بدراً.
قال العسقلاني: قيل: كان منافقاً.
وقيل: إنه تاب([230]).
وهذا يشير: إلى أن ما يزعمونه من أن أهل بدر مغفور لهم، إن صح، فلا بد أن يكون المقصود بهم أولئك الذين استقاموا على طريق الحق، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، ولا عرض لهم النفاق، ولا ارتكبوا الموبقات.
كما أن قوله "صلى الله عليه وآله" لأهل بدر: "اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم"، إن صح، فالمراد به: اعملوا ما شتم من قليل الخير وكثيره.
وليس المراد: أنه سوف يغفر لهم ما يرتكبونه من ذنوب وموبقات، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يمكن أن يغري أحداً بالمعاصي.
سبب التسمية بمسجد الضرار:
وقالوا: إن سبب تسمية مسجدهم بمسجد ضرار، أنهم كانوا يضارون به مسجد قباء، وذلك أنه لما بنى عمرو بن عوف مسجد قباء، الذي أسسه النبي "صلى الله عليه وآله" لما قدم المدينة، وصلى فيه قالت طائفة من المنافقين: نبني نحن أيضاً مسجداً كما بنوا، فنقيل فيه، فلا نحضر خلف محمد.
فقال لهم أبو عامر الفاسق قبل خروجه إلى الشام: ابنوا مسجدكم، واستمدوا فيه ما استطعتم من سلاح وقوة، فإني ذاهب إلى قيصر، فآتي بجند الروم، فأخرج محمداً وأصحابه، فكانوا يرصدون قدومه([231]).
ثم طلبوا من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يصلي فيه ليروج أمره على الناس العاديين، وذلك حين كان "صلى الله عليه وآله" يتجهز إلى تبوك، ووعدهم بتلبية طلبهم بعد رجوعه من سفره كما تقدم.
ونقول:
اختلفت كلماتهم في المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى، فقيل: هو المسجد النبوي الشريف([232])..
وقال ابن حجر: "الجمهور على أنه هو مسجد قباء، لقوله تعالى في الآية: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يقتضي: أنه مسجد قباء، لأن تأسيسه كان من أول يوم وصل فيه "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، وقوله في بقية الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} يؤكد أن المسجد مسجد قباء".
قال الداودي وغيره: إن هذا ليس خلافاً، فإن كلاً منهما أسس على التقوى([233])..
والذي نقوله:
أولاً: قد يقال: ليس المقصود بالضرار هو الضرار بمسجد آخر بتقليل رواده لكي يقال: إن المقصود بالآية: أنه قد أضر بمسجد قباء، أو بمسجد المدينة، بل المقصود هو أن هذا المسجد قد أنشئ بهدف الإضرار بأهل الإسلام، وبدعوة أهل الإيمان..
ثانياً: قد صرح النص المتقدم بما يدل على أن مقصود المنافقين من بناء مسجد الضرار هو: أن لا يحضروا خلف محمد "صلى الله عليه وآله"، وهذا يرجح: أن مرادهم هو الإستغناء عن الحضور في مسجد النبي "صلى الله عليه وآله"، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ إذا كان حاضراً بالمدينة ـ فهو الذي يصلي في مسجدها غالباً لا في مسجد قباء..
ثالثاً: إنه يظهر من بعضهم: أن المراد بقوله: {لَمسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى}([234])، هو مسجد النبي "صلى الله عليه وآله".
والمراد بقوله: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ}([235])، هو مسجد قباء([236])، مع أن سياق الآيات يفيد أن الحديث فيهما عن مسجد واحد.
رابعاً: إن المنافقين أرادوا ببناء هذا المسجد أن يتستروا على مكائدهم ومؤامراتهم، بإظهار أنهم أهل دين وعبادة والتزام.. ثم طلبوا من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يصلي لهم فيه، ليأخذوا شرعية بذلك، وليظهروا للناس أنهم يقدسون الرسول "صلى الله عليه وآله"، ويتبركون به وبصلاته في مسجدهم.
واغتنموا الفرصة باختيار هذا الوقت الحساس، وهو وقت خروج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، حيث الناس منشغلون بأمر السفر، وبالتفكير بمواجهة العدو، ودفع خطره.. ربما لكي تمر القضية في زحمة الأحداث، وتَوّزع الإهتمامات، حيث لم يكن ثمة متسع من الوقت ولا تتوفر الفرصة اللازمة للبحث والتحري عن النوايا والخلفيات والدوافع.. ولكن لم يلبِّ النبي "صلى الله عليه وآله" طلبهم، وبقيت الأمور غير ظاهرة حتى جاء الوحي الإلهي، ليفضحهم، ويكذب أحدوثتهم..
هدم المسجد، لماذا؟!.
ويبقى هنا سؤال: لماذا يَهدم النبي "صلى الله عليه وآله" المسجد، ويتلف بذلك جهداً بُذل، مع أنه قد كان بالإمكان أن يبقيه ليصلي به بالمؤمنين، بعد أن يطرد أولئك المتآمرين المكّارين، أو أن يعاقبهم بما يستحقونه..
ونقول في الجواب:
إنَّ النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعاقب المنافقين الذين شاركوا في هذا الكيد القوي، واكتفى بهدم مسجد الفتنة الذي أقاموه، من أجل أن لا يبقى رمز النفاق قائماً تحنُّ له قلوب بعض أهل النفاق، وقد يتشجعون لبذل مسعى آخر يستلهمون فيه نفس الفكرة، ويطبقون نفس الأسلوب، ويسيرون على خطى أسلافهم..
كما أن من الممكن أن يمارسوا أسلوباً تضليلياً بادعائهم أن ما اتُّهموا به لم يكن حقيقياً، وإنما هو مجرد شائعات مكذوبة، ولربما يتمكنون من استمالة كثير من ضعفاء العقول والإيمان إلى جانبهم، ثم يمارسون معهم أساليب الخداع، لسوقهم إلى أجواء النفاق..
فكان حرق المسجد وهدمه هو السبيل الأمثل لاقتلاع جرثومة الفساد، وإفهام الناس أن لا هوادة في أمر النفاق، ولا مهادنة للمنافقين. بل القرار حاسم، ولا مجال لتزييف الحقائق أو تحريفها بأي وجه. وإن كل حركة باتجاه إثارة أجواء المكر والخيانة، والتآمر معرَّضة للإفتضاح، المؤدي بهم إلى الخزي والمهانة في أبشع مظاهرها وصورها..
وذلك هو الأسلوب الأمثل لردع هؤلاء الساقطين عن غيهم. وإحباط مكرهم، وبوار سيعهم.
ويلاحظ هنا: أن علياً "عليه السلام" كان يهدم دور الذين يهربون إلى معاوية لكي تكون عبرة لمن اعتبر، ودرساً لمن حقق النظر.
جيش الروم أمل أهل النفاق:
وقد أوضح النص المتقدم: أن هناك مساع كانت تبذل، وكان المنافقون ينتظرون نتائجها، وهي تهدف إلى إقناع الروم بشن حملة على الإسلام وأهله، ومهاجمة المدينة والحجاز كله، لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين..
ولعل هذا يفسر لنا بعض السبب في مبادرة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى غزو الروم، كعملية وقائية تهدف إلى وأد الخطر في مهده.. أو على الأقل منع الخطر من الزحف إلى مشارف المدينة.
وقد أظهر كلام أبي عامر الفاسق: أن المنافقين في مسجد الضرار كانوا يتجهون إلى جمع السلاح، والإستعداد، والسعي للتشبث بأسباب القوة، لاستخدامها في الوصول إلى مآربهم، فراجع: قوله: "واستمدوا فيه بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجيشٍ من الروم، فأخرج محمداً وأصحابه".
وقد تركت هذه الكلمات أثرها في المنافقين، حيث بقوا يرصدون ما يقدم به أبو عامر الفاسق.
الملاعنة في المسجد:
قالوا: وفي سنة تسع في شهر ذي القعدة لاعن "صلى الله عليه وآله" بين عويمر بن أبيض العجلاني، وبين امرأته، في مسجده، بعد صلاة العصر. وكان عويمر قدم من تبوك فوجدها حبلى، وقد كان قذفها بشريك بن سمحاء([237])..
ويقال: لما نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}([238]). قرأها النبي "صلى الله عليه وآله" على المنبر يوم الجمعة، فقام عاصم بن عدي الأنصاري، فقال:جعلني الله فداك، إن رأى رجل منا مع امرأته رجلاً، فأخبر بما رأى جلد ثمانين، وسماه المسلمون فاسقاً، ولا تقبل شهادته أبداً، فكيف لنا بالشهداء، ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل قد فرغ من حاجته ومرَّ؟!.
فجاء عويمر إلى عاصم، وأخبره أنه رأى شريك بن السمحاء على بطن امرأته، فرجع عاصم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الجمعة الثانية، فأخبره، فجمع النبي "صلى الله عليه وآله" بينهما فسألها، فأنكرت ذلك. وأصر عويمر على أنه لم يقربها منذ أربعة أشهر، وهي حامل من غيره، فأنزل الله آية الملاعنة، فلاعن بينهما، ففرق رسول الله "صلى الله عليه وآله" بينهما، وقال: "لولا هذه الأيمان لكان في أمرها رأي".
ثم قال: "تربصوا بها إلى حين الولادة، فإن جاءت بأصيهب أثيج، يضرب إلى السواد، فهو لشريك بن السمحاء، وإن جاءت بأورق، جعداً، جمالياً، خَدَلَّج الساقين، فهو لغير الذي رميت به".
قال ابن عباس: فجاءت بأشبه خلق بشريك([239]).
ونقول:
إن لنا هنا بعض التوضيحات، والبيانات، وهي كما يلي:
إيضاح مفردات:
الأصيهب: تصغير الأصهب. وهو الأحمر.
الأثيج: تصغير الأثج. وهو واسع الظهر.
الجمالي: عظيم الخلقة، تشبيهاً بالجمل عُظماً وبدانةً.
الخدلج: العظيم. والخدلجة: المرأة الممتلئة الذراعين والساقين.
لعل هذه أمارات شرعية؟!
إن ما ذكر عن النبي "صلى الله عليه وآله" من أن المولود الذي سيأتي إن كان فيه صفات كذا فهو لفلان، وإن لم تكن فيه تلك الصفات فهو لغيره، لا يمكن القبول بنسبته إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فإن ذلك لم يجعل من أمارات النسب، ولأجل ذلك نقول:
أولاً: إنه إن كان قوله هذا أمارة معتبرة شرعاً، فلا حاجة إلى الملاعنة، بل كان يجب أن ينتظر بالمرأة حتى تضع حملها فَيُنظر إلى صفات الولد، ليحكم عليها بالزنا أو بعدمه..
وإن كان ذلك لا يثبت شيئاً، فإنه يدخل في سياق قذف تلك المرأة من دون حجة ظاهرة، وهذا لا يصدر عن نبي الرحمة، المعصوم، والداعي إلى الستر على الناس.
ويزيد الأمر إشكالاً: أن بعض الروايات قد بينت أن ذلك أدى إلى تكريس اتهام تلك المرأة بالزنا ونفي الولد عن أبيه بين الناس، مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أورد ذلك على سبيل الظن والإحتمال، ففيها: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: انظروا، فإن جاءت به أسحم، أدعج العينين، عظيم الإليتين، خدلّج الساقين، فلا أحسب عويمراً إلا صدق عليها.
وإن جاءت به أحيمر، كأنه وجرة، فلا أحسب عويمراً إلا كذب عليها.
فجاءت به على النعت الذي نعته "صلى الله عليه وآله" من تصديق عويمر. فكان بعد ذلك ينسب إلى أمه([240]).
ثانياً: إن الكلام المنسوب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" قد جاء شبه متناقض فإن قوله "صلى الله عليه وآله": "فهو لغير الذي رميت به.." قد أكد أن الولد ابن زنا على كل تقدير. ثم لم يحكم بأنه ابن الزوج على التقدير الآخر.
مع أنه حكم بأن عويمراً قد كذب عليها.
إلا أن يقال: إن أبوة الزوج للولد قد انتفت بنفس اللعان وإن كان لا يصح نسبته إلى الزاني أيضاً..
ولكن يبقى السؤال عن معنى توصيف الولد بصفات محددة حتى في الحالتين.
نزول آية اللعان واعتراض سعد:
وقد ذكرت الرواية: أن آية اللعان قد نزلت في مناسبة قصة عويمر التي حصلت بعد تبوك.
وقد روى ابن عباس: أن سعد بن عبادة كان بصدد الإعتراض على حكم الله، حتى قال النبي "صلى الله عليه وآله" للأنصار: "يا معشر الأنصار، ألا تسمعون إلى ما قال سيدكم"؟
فاعتذروا له بشدة غيرة سعد، ثم إن سعداً نفسه اعتذر: بأنه إنما قال ذلك تعجباً.
وتضمن هذا الحديث نفسه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" همَّ بأن يجلد الذي قذف زوجته ثمانين.
قال: واجتمعت الأنصار وقالوا: ابتلينا بما قال سعد: أيجلد هلال([241])، وتبطل شهادته؟
فنزل الوحي باللعان..
ثم ذكرت الرواية قول النبي "صلى الله عليه وآله": إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها. وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه([242]).
ونقول:
إن من المناسب ملاحظة ما يلي:
متى نزلت آية اللعان؟!:
إن سورة النور قد نزلت دفعة واحدة على الأرجح، لقوله تعالى في أول آية منها: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا}([243]).. وهي إنما نزلت كما يقال: في غزوة المريسيع، التي كانت قبل تبوك بعدة سنوات.
إن قلت: لعل الآية نزلت مع السورة أولاً دفعة واحدة، ثم بعد سنوات حصلت مناسبتها، فنزلت مرة ثانية؟!.
فإنه يقال: لو كان الأمر كذلك لم يتحير عاصم، أو سعد بن عبادة في هذا الأمر..
فإن قلت: إن من الممكن أن لا يلتفت المتحير للآية التي ذكرت اللعان.
فنقول: قد كان يكفي في هذه الحال مبادرة النبي "صلى الله عليه وآله" الى تذكير المتحير بالآية والسورة، من دون حاجة إلى إنزالها على يد جبرئيل مرة أخرى.
وقد تقدم: عدم صحة ما نسب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من حكمه بأن الولد للزاني إن جاءت به بصفة كذا وكذا.
جلد هلال بن أمية:
إن ما زعمته رواية ابن عباس ـ كما في الدر المنثور ـ: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جلد هلال بن أمية. لا يمكن قبوله، وذلك:
أولاً: لما ذكرناه من أن هذا الحكم قد ورد في سورة النور التي نزلت دفعة واحدة على ما يظهر، وقد نزلت آيات الأمر بجلد القاذف، وآيات اللعان في صيغة واحدة، فالنبي"صلى الله عليه وآله" كان يعلم الحكم قبل هذه الواقعة.
ثانياً: قد يقال: إن ظاهر الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قد جلد هلالاً.
والجواب: أن الرواية لا تدل على ذلك، فإن قول سعد بن عبادة: "الآن، فضرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" هلال بن أمية، وأبطل شهادته في المسلمين"، يراد به: توقع حصول ذلك منه "صلى الله عليه وآله" لا أنه قد حصل بالفعل.
ويدل عليه قوله في آخر الرواية: "والله لم يعذبني عليها، كما لم يجلدني عليها".
ولو سلمنا أنه جلده فعلاً فيرد عليه:
ألف: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يقدم على جلد ذلك الرجل بدون إذن من ربه، فإن كان الحكم هو اللعان، فلماذا يأذن الله بجلده، وإن كان الحكم هو الجلد، فلا حاجة إلى حكم اللعان..
ونسبة الظلم إلى الله تعالى، أو التسرع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" والإقدام على عمل لم يؤذن له به، يوجب الكفر.
ب: تقول الرواية المزعومة ـ التي وردت في الدر المنثور ـ عن المصادر المتقدمة: أن هلال بن أمية، بعد أن جلد قال: "والله، إني لأرجو أن مخرجاً.." مع أنه قد جلد وانتهى الأمر، فأي مخرج يرجوه من عند الله ؟!.
إلا إن كان يريد أن يظهر الله صدقه فيما ادَّعاه، لأنه لا يريد أن يشيع بين الناس أنه قد افترى وكذب..
لولا ما مضى من كتاب الله:
وقد ذكرت رواية ابن عباس: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن، أو كذا وكذا" ([244]). أو "لولا هذه الأيمان لكان في أمرها رأي أو شأن" ([245]).
ونقول:
إن نسبة هذا الكلام إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" مرفوضة، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يمكن أن يكون له رأي يغاير شرع الله تبارك وتعالى.
كما لا يمكن أن يكون التشريع تابعاً لآراء الرجال.. بل إذا كان لا بد من إعمال نظر في أية قضية، فلا بد أن ينطلق من الضابطة التي وضعها الله، وفي الحدود التي رسمها..
إن هؤلاء يريدون أن يشرعوا لأئمتهم القول في الدين بآرائهم، حين يجهلون أحكام الله، وتطلب منهم الفتوى، أو اتخاذ الموقف.
ويلاحظ: أن الروايات قد اختلفت فيما بينها، فلاحظ مثلاً اختلافها في اسم الرجل الذي لاعن زوجته، هل هو هلال، أو عويمر؟
وفي اسم أبيه، هل هو أبيض، أو أمية؟
وهل الذي كلم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الذي يرى مع زوجته رجلاً ماذا يصنع، هل هو عاصم بن عدي، أم هلال بن أمية، أم سعد بن عبادة؟
يضاف إلى ذلك: الإختلاف في الكلام المنسوب للنبي "صلى الله عليه وآله"، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع.
آمنة بنت وهب المؤمنة الطاهرة:
ورووا عن ابن عباس أنه قال: إنه "صلى الله عليه وآله" "لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر، فجاء قبر أمه، فاستأذن ربه أن يستغفر لها. ودعا الله تعالى أن يأذن له في الشفاعة لها يوم القيامة، فأبى الله أن يأذن له، ونزلت الآية: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}([246])"([247]).
ونقول:
إن هذا الكلام مختلق ومكذوب من أساسه، وذلك لما يلي:
أولاً: قد تقدم: أن كلمة الإمامية قد اتفقت على أن أبوي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بل جميع آبائه "عليه السلام"، كانوا مؤمنين صالحين، وليس فيهم كافر أصلاًَ، وقال الصدوق "رحمه الله": إن أم النبي "صلى الله عليه وآله" آمنة بنت وهب كانت مسلمة أيضاً([248]).
وهناك جماعة من غير الإمامية يوافقونهم على ذلك..
وقد ألف السيوطي عدة رسائل لإثبات إيمان آباء النبي "صلى الله عليه وآله" مثل: "التعظيم والمنة" في أن أبوي رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الجنة، وغير ذلك.
ثانياً: قال كعب: إنه وجد في الكتب التي أنزلت من السماء: "ما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم، وآمنة أم محمد أو أحمد"([249])..
ثالثاً: قال الشيخ المفيد: "لا خلاف بين الأمة أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما فرغ من حجة الوداع لاذ بقبر قد درس، فقعد عنده طويلاً، ثم استعبر، فقيل له: يا رسول الله، ما هذا القبر؟!.
فقال: هذا قبر أمي آمنة بنت وهب، سألت الله تعالى في زيارتها فأذن لي"([250]).
رابعاً: قال تعالى في سورة "المنافقون" التي نزلت في غزوة بني المصطلق، أي قبل غزوة تبوك بعدة سنوات: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}([251]).
فإذا كان الله لا يغفر للمنافق، فهل يغفر للمعلن بشركه؟!.
خامساً: لماذا لم يتذكر النبي "صلى الله عليه وآله" الإستغفار لأمه إلا في آخر أيام حياته؟!.
سادساً: عن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: نزل جبرئيل "عليه السلام" على النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: يا محمد، إن ربك يقرؤك السلام ويقول: "إني قد حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك..
فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطلب، والبطن الذي حملك بطن آمنة بنت وهب، وأما الحجر الذي كفلك فحجر أبي طالب"([252]).
زاد في رواية قوله: "وفاطمة بنت أسد".
سابعاً: عن علي "عليه السلام"؛ قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هبط علي جبرئيل، فقال لي: إن الله تعالى مشفعك في (خمسة أو) ستة: بطن حملك، آمنة بنت وهب، وصلب أنزلك، عبد الله بن عبد المطلب، وحجر كفلك، أبو طالب الخ.."([253]).
وفي نص آخر: "حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك الخ.."([254]).
ثامناً: أخرج تمام الرازي في فوائده عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وأخ كان لي في الجاهلية"([255]).
تاسعاً: عنه "صلى الله عليه وآله": "إن الله عز وجل وعدني في أربعة، في أبي وأمي وعمي، وأخ كان لي في الجاهلية"([256]).
عاشراً وأخيراً: سيأتي في آخر غزوة تبوك تحت عنوان: "إعتمار النبي "صلى الله عليه وآله" بعد حجة الوداع". أن الروايات عن الأئمة المعصومين "عليهم السلام" تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" اعتمر ثلاث مرات: في الحديبية، وفي عمرة القضاء، ومن الجمرانة بعد الطائف وحنين([257])..
أما الروايات عند غير الشيعة، فتزيد على ذلك عمرة رابعة، وهي العمرة في حجة الوداع في السنة العاشرة([258])، ولا توجد عمرة في سنة تسع، بعد تبوك أصلاً.
الباب العاشر:
تبليغ سورة براءة وحجة الوداع
الفصل الأول:
أبو بكر وسورة براءة: هكذا يزوّرون الحقائق
أبو بكر يحج بالناس:
قالوا: وفي سنة تسع في ذي القعدة حج أبو بكر بالناس، بأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله". فخرج من المدينة في ثلاث مائة رجل. وبعث معه "صلى الله عليه وآله" عشرين بدنة، قلّدها، وأشعرها بيده، وعليها ناجية بن جندب الأسلمي، وساق أبو بكر خمس بدنات.
وحج عبد الرحمن بن عوف أيضاً، وساق هدياً([259]).
إرجاع أبي بكر وبعث علي ×:
قالوا: وبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" على أثر أبي بكر ليقرأ على الناس سورة براءة، فأدركه بالعرج في قول ابن سعد، أو في ضجنان([260]) كما قاله ابن عائذ. وكان علي "عليه السلام" على العضباء ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما رآه أبو بكر قال: أميراً أو مأموراً؟!
قال: لا بل مأمور. ثم مضيا([261]).
وحسب نص آخر: بعث أبا بكر على إقامة الحج سنة تسع، وبعث في أثره علياً يقرأ على الناس سورة براءة.
فقيل: لأن أولها نزل بعد أن خرج أبو بكر إلى الحج([262]).
وقيل: بل لأن عادة العرب كانت أنه لا تحل العقود والعهود ويعقدها إلا المطاع، أو رجل من أهل بيته، فلهذا بعث علياً "عليها السلام" في أثره([263]).
وقيل: أردفه به عوناً له ومساعداً، ولهذا قال له الصديق: أأميراً أو مأموراً؟
قال: بل مأموراً.
وأما أعداء الله الرافضة، فيقولون: عزله بعلي، وليس هذا ببدع من بهتهم وافترائهم([264]).
وقيل: كان في سورة براءة الثناء على الصديق، فأحب أن يكون على لسان غيره، قال في الهدي: لأن السورة نزلت بعد ذهاب أبي بكر إلى الحج([265]).
وإن مكرهم لتزول منه الجبال:
إن هذا العرض لما جرى لأبي بكر في تبليغ مضامين سورة براءة في موسم الحج يمثل أنموذجاً لمكر الماكرين، وجحود الجاحدين، {وَعِنْدَ اللَهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}([266]).. مع أن أحداث هذه القضية كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار، ولم يزل العلماء يتداولونها، ويستدلون بها في قضايا الإمامة، ولا يجد الآخرون مناصاً عن البخوع لمقتضيات مضامينها، والتسليم بدلالاتها، ولو وجدوا أي مجال للتأويل أو التحوير.. لما ترددوا في اللجوء إليه، والتعويل عليه.
ونحن نوضح الحقيقة في هذه القضية هنا، فنقول:
أساس القضية:
عن الحارث بن مالك: أنه سأل سعد بن أبي وقاص (سعد بن مالك): هل سمعت لعلي منقبة؟!
قال: قد شهدت له أربعاً، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا، أُعمّر فيها مثل عمر نوح: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش، فسار بها يوماً وليلة. ثم قال لعلي: اتبع أبا بكر فخذها وبلغها. فَرَدَّ عليٌّ أبا بكر، فرجع يبكي، فقال: يا رسول الله، أنزل فيَّ شيء؟
قال: لا، إلا خيراً، إنه ليس يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني.
أو قال: من أهل بيتي الخ.."([267]).
وكان مع أبي بكر، قبل أن يرجع ثلاث مائة رجل([268]).
ويظهر من النصوص المتوافرة لدينا: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر أبا بكر أن يسير إلى مكة ليقيم للناس حجهم في سنة تسع، وليبلغ عنه إلى الناس صدر سورة براءة، بالإضافة إلى قرارات يريد أن يلزم الناس بمراعاتها.
ويستفاد من مجموع الروايات: أنه "صلى الله عليه وآله" كتب عشر آيات، أو ثلاثين أو أربعين آية من سورة براءة، وكتب أيضاً:
1 ـ أن لا يطوفنَّ بالبيت عريان.
2 ـ ولا يجتمع المسلمون والمشركون.
3 ـ ومن كان بينه وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" عهد، فأجله إلى مدته ومن لم يكن بينه وبينه عهد فأجَّله إلى أربعة أشهر.
4 ـ وإن الله ورسوله بريء من المشركين.
5 ـ ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (أو إلا من كان مسلماً).
6 ـ ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا.
7 ـ وأن هذه أيام أكل وشرب.
8 ـ وأن يرفع الخمس من قريش، وكنانة وخزاعة إلى عرفات([269]).
والخمس أحكام كانوا قد قرروها لأنفسهم ترك الوقوف بعرفات والإفاضة منها([270]).
فلما كان أبو بكر ببعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإذا هو علي "عليه السلام"، فأخذ الكتاب من أبي بكر ومضى.
ويبدو أن الكتب كانت ثلاثة:
أحدها: ما أشير إليه آنفاً.
والثاني: كتاب يشتمل على سنن الحج، كما روي عن عروة.
والكتاب الثالث: كتبه النبي"صلى الله عليه وآله" الى أبي بكر وفيه: أنه استبدله بعلي "عليه السلام" لينادي بهذه الكلمات في الموسم، ويقيم للناس حجهم.
وعند المفيد: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لعلي: "وخيِّر أبا بكر أن يسير مع ركابك أو يرجع إليَّ"، فاختار أبو بكر أن يرجع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما دخل عليه قال: "يا رسول الله، إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه إليَّ، فلما توجهت له رددتني عنه؟ ما لي؟ أنزل فيَّ قرآن؟
فقال "صلى الله عليه وآله": لا، الخ.."([271]).
رجع أبو بكر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منزعجاً قلقاً قائلاً: يا رسول الله هل نزل فيَّ شيء. فأخبره النبي "صلى الله عليه وآله" بأن جبرئيل جاءه وقال له: إنه لا يبلغ عنه إلا هو أو رجل منه، وهو علي "عليه السلام".
فقرأ علي "عليه السلام" في موقف الحج سورة براءة حتى ختمها كما عن جابر.
وعن عروة: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام" أن يؤذّن بمكة وبمنى، وعرفة، وبالمشاعر كلها: بأن برئت ذمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" من كل مشرك حج بعد العام، أو طاف بالبيت عريان الخ..
ولهذا الحديث مصادر كثيرة جداً، فراجعه في مظانه([272]).
وقد نظم الشعراء هذه المنقبة شعراً فقال شمس الدين المالكي المتوفي سنة 780هـ:
وأرسله عنه الـرسـول مبـلغــاً وخُص بهذا الأمـر تخصيص مفـرد
وقال هل التبليغ عني ينبغي لمن ليس من بـيـتـي مـن القوم فاقتد([273])
الثناء على أبي بكر في سورة "براءة":
وبعد، فإننا بالنسبة لقولهم: إن أخذ آيات براءة من أبي بكر، إنما هو لأن السورة تضمنت مدحاً لأبي بكر، فأحب أن يكون على لسان غيره..
نقول:
إن هذا القائل يشير إلى آية الغار، فإن أبا بكر مقصود فيها، وهذا الكلام باطل.
أولاً: قد ذكرنا في هذا الكتاب حديث الغار، وقلنا: إن الآية التي ذكرت صحبة أبي بكر للنبي "صلى الله عليه وآله" في الغار، قد تضمنت ما يدل على التعريض بذم أبي بكر لأكثر من سبب، ومن ذلك: أنها ذكرت: حزن أبي بكر وهو في الغار، رغم أنه يرى الكرامات والمعجزات الدالة على حفظ الله تعالى لنبيه "صلى الله عليه وآله"، وهو معه، والحال أنه "صلى الله عليه وآله" يطمئنه ولا يلتفت إلى ذلك، وهذا يدل على أنه كان يحتاج إلى المزيد من تأكيد يقينه، وبلورة إيمانه، ولا يكتفي بهذا القدر، الذي لم تكن نتائجه مرضية ومقبولة.
يضاف إلى ذلك: أن الله تعالى سبحانه قد أخبر أنه أنزل سكينتة على نبيه "صلى الله عليه وآله" دون أبي بكر، مع أن أبا بكر كان هو الخائف الحزين، وليس النبي "صلى الله عليه وآله".
ثانياً: إنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى أهل مكة بعشر آيات، أو بعشرين، أو بثلاثين آية من سورة براءة، فليس من بينها أية آية تشير إلى أبي بكر، لأن آية الغار هي الآية الأربعون في سورة براءة..
إننا نسجل ملاحظة هامة هنا، وهي: السؤال عن سبب تأخر الحديث عن الغار، إلى ما بعد عشر سنوات، وعدم الحديث عن مبيت علي "عليها السلام" في فراش النبي "صلى الله عليه وآله" حين الهجرة. فهل يراد بذكر الغار الإلماح إلى أن المصائب والبلايا والشدائد قد لاحقت النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تلك اللحظات، وأنها كانت تأتيه من الداخل والخارج. وقد نصره الله في المواطن كلها حتى في هذه المواطن؟!
فلييأس المتآمرون، وليكفّ أعداء الله عن تقصُّده بالكيد والتآمر، فإن الله الذي كان معه في تلك المواطن الخطيرة والصعبة لن يتخلى عنه بعد أن ضرب الإسلام بجرانه، وعزَّ الدين وأهل الدين.
نعم، هل يراد بالحديث عن الغار بيان هذه الحقيقة؟! أم أن هناك ما هو أبعد من ذلك؟!
من بدع الرافضة!!:
تقدم: أن بعض أهل الأهواء زعم: أن حديث عزل أبي بكر عن إمارة الحج من بدع الرافضة..
وسنرى: أن هذا الذي ادُّعي أنه من بدع الرافضة هو الذي تؤيده أكثر الروايات. باستثناء رواية واحدة رواها محبو أبي بكر، وبقية الروايات وهي تؤكد على رجوع أبي بكر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" من الطريق وهي الأخرى لم يروها الرافضة، بل رواها أعداؤهم، ومناوؤوهم الذين لا يتورعون عن كيل الإتهامات الباطلة لهم، بسبب، وبدون سبب..
وليكن ظهور زيف هذه التهمة، دليلاً وشاهداً على قيمة سائر اتهاماتهم للرافضة، ومدى تجنّيهم عليهم!.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.. ويا ساعد الله هذه الأمة التي يكون رعاتها وعلماؤها بهذا المستوى من الجرأة على الباطل، وعدم الإلتزام بالصدق، بل وتعمد التجني، والإصرار على التسويق للباطل..
وسيتضح مدى جرأة هؤلاء الناس بملاحظة المطالب التالية:
رجوع إلى روايات غير الشيعة:
قد اختلفوا في هل أن أبا بكر رجع إلى المدينة، أم واصل سيره إلى مكة مع علي "عليه السلام"؟!.
وإذا كان قد سار إلى مكة، هل كان هو أمير الحج، وعلي "عليه السلام" تحت إمارته ورئاسته، أم العكس؟!.
والجواب: أن الروايات التي رواها غير الشيعة على ثلاثة أقسام:
الأول: ما لم يتعرض لهذا الأمر.
الثاني: ما صرح بمواصلة أبي بكر سيره إلى مكة، وحج مع علي "عليه السلام". وهذه الروايات عن أبي هريرة، وابن عباس، وينسب ذلك إلى أبي جعفر أيضاً والسدي.
الثالث: تلك الروايات التي تحدثت عن رجوع أبي بكر إلى المدينة، وهي منقولة عن علي "عليه السلام"، وابن عباس، وأبي هريرة، والسدي([274])، وأبي بكر نفسه، وعن زيد بن بثيع..
وقد صرحت بعض روايات هؤلاء: بأنه "صلى الله عليه وآله" بعث "براءة" أولاً مع أبي بكر، ثم دعاه، فبعث بها علياً "عليه السلام"([275]).
فيلاحظ: أن الذين يقال: إنهم رووا أن أبا بكر واصل سفره إلى مكة، وإنه أقام الحج للناس. هم ثلاثة أشخاص فقط وهؤلاء هم أنفسهم باستثناء ما نسبوه إلى أبي جعفر، قد رووا: أن أبا بكر رجع إلى المدينة..
وبذلك تصبح روايتهم لرجوع أبي بكر إلى المدينة هي المجمع عليها تقريباً.
وبذلك يتضح عدم صحة ما ادَّعاه هؤلاء من تواتر الأخبار في حج أبي بكر بالناس في سنة تسع، قال فضل بن روزبهان في رده على العلامة الحلي: "من الذي حج تلك السنة، إن رجع أبو بكر؟ أتدَّعي أن علياً كان أمير الحاج تلك السنة، وتخالف المتواتر؟! أم تدَّعي أنه لم يحج في سنة تسع أحد"؟([276]).
كما أن القاضي عبد الجبار قد ادَّعى: أن ولاية أبي بكر على الموسم والحج قد ثبت بلا خلاف بين أهل الأخبار، ولم يصح أنه عزله، ولا يدل رجوع أبي بكر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" مستفهماً عن القصة على العزل([277]).
ونقول:
أولاً: إن الأخبار متواترة في أن أبا بكر قد رجع إلى المدينة، ومضى علي "عليه السلام" في طريقه إلى مكة. ولم يروَ ـ عندهم ـ مضي أبي بكر إلى مكة سوى ما نسبوه إلى أبي جعفر "عليه السلام".
وأما أبو هريرة، وابن عباس، والسدي، فرووا كلا الأمرين.. فإذا أيدنا رواية الرجوع بما رواه كثيرون غيرهم، فإن روايتهم لغيرها تسقط عن الإعتبار.
ثانياً: إننا نقول لابن روزبهان: إن الذي حج بالناس في تلك السنة هو علي "عليه السلام"، كما صرحت به الروايات أيضاً.
وتبليغ رسالة النبي "صلى الله عليه وآله" للناس، لا يمنع علياً "عليه السلام" من إقامة الحج لهم. كما لم يكن مانعاً لأبي بكر من المضي في نفس هذين الغرضين، وكان سيؤديهما معاً، لو أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرجعه، ويرسل علياً "عليه السلام" مكانه..
ثالثاً: بالنسبة لكلام القاضي عبد الجبار، نقول:
ليس هناك إجماع على تولية أبي بكر للموسم، فقد قال الطبرسي بالنسبة لعلي "عليه السلام": "روى أصحابنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" ولاه أيضاً الموسم، وأنه حين أخذ البراءة من أبي بكر رجع أبو بكر"([278]).
وقد قلنا أيضاً: إن أكثر الأخبار خالية عن ذكر مسير أبي بكر إلى مكة.
وإن جميع الروايات، وجميع الرواة الذين تعرضوا لهذا الأمر قد صرحوا برجوعه إلى المدينة، باستثناء راو واحد ورواية واحدة.
وإن ثلاثة من الرواة قد ناقضوا أنفسهم في ذلك.. فلا اعتداد بروايتهم هذه، لأن روايتهم الأخرى مؤيدة بسواها..
رابعاً: لنفترض: أن أهل الأخبار ـ كما قال القاضي عبد الجبار ـ قد ذكروا تولية أبي بكر للموسم. فإذا كانوا كلهم من محبي أبي بكر، ومن المدافعين عنه، بكل قوة وحول ويسعون لتبرئته، ولدفع الطعون عنه.
وإذا كانت جميع الروايات التي رووها هم لنا تخالف قولهم هذا، مع تناقض باقيها فيما ينقله سوى رواية واحدة ـ وإذا كان الأمر كذلك ـ فإننا نفقد ثقتنا بهم، ونشك في اعتمادهم سبيل الإنصاف، وسنرى: أنهم متحيزون بلا حجة ولا دليل، بل الدليل والحجة والرشد في خلافهم..
خامساً: ويرد على القول: بأن رجوع أبي بكر لا يدل على العزل: أن المدعي لبقائه أميراً على الموسم هو الذي ربط بين الأمرين، واعتبر أن قبوله برجوع أبي بكر معناه إسقاط أبي بكر عن ولاية الموسم..
وهو محق في ربطه هذا، لأن الرواية التي اعتمد عليها، وهي رواية أبي جعفر. ورواية ابن عباس المتناقضة تقولان: إن علياً "عليه السلام" وأبا بكر مضيا إلى مكة، ولم يرجع أبو بكر إلى المدينة، فإن ثبت رجوعه، فذلك يكون دليلاً آخر على عدم سقوط هاتين الروايتين عن الإعتبار، يضاف إلى سائر الأدلة على ذلك.
هل نقض النبي ' العهد؟!:
تقول بعض الروايات: "نزلت سورة "براءة" لكي تنقض العهد الذي كان بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين المشركين.
ثم بينت: أن المقصود هو العهد العام الذي كان بينه وبين أهل الشرك، وهو: أن لا يصد عن البيت أحد جاءه، وأن لا يخاف أحد في الشهر الحرام.. وكان بين ذلك عهود بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين قبائل من العرب إلى أجل مسمى.
فنزلت "براءة" لتنقض العهد العام منها([279])..
ونقول:
إن هذا كلام باطل، إذ لم يكن عهد بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبين أحد، بل فتحت مكة في سنة ثمان، وبقيت الأمور على حالها هذه المدة القصيرة، ثم جاء هذا الحكم الإلهي الصريح، وكان لا بد من إبلاغه وتطبيقه.. وحاشا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن ينقض عهداً مع أحد، عامَّاً كان أو خاصَّاً.
بل لقد صرحت الروايات والآيات: بأن من كان بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبينهم عهد فعهدهم باق إلى انتهاء مدتهم، لكنه منع من تجديد العهد معهم، وهذا ليس نقضاً، كما هو ظاهر. ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر.
ولعل الهدف من إعطاء هذه المهلة للمشركين هو إفساح المجال لهم للسؤال عن هذا الدين، والعيش مع أهله لكي يحسموا خياراتهم بروية وهدوء، بعيداً عن أي ضغط أو إكراه.
ليس للمشرك أن يأتي بيت الله:
وقد كان المشركون يرفضون الإعتراف بالحق، والقبول بعبادة الله الواحد الأحد، فتحققت بذلك المنافرة والمناقضة بينهم وبين التوحيد، وكل ما يمت إليه بصلة، وهذا يفرض إقصاءهم ومنعهم من دخول حرم الله تعالى وبيته، وسيكون دخولهم إليه دخول المبغض الحانق، الذي لا يطيق رؤية أي من مظاهر هذا التوحيد وتجلياته، ولولا أنهم يريدون الحصول على منافع دنيوية، أو أنهم يريدون الكيد للإسلام وأهله، لما راق لهم المجيء إلى حرم الله تعالى، ولما استساغوا التعامل مع أهله..
والخلاصة: أنه لا يحق لهم المطالبة أو التفكير بدخول الحرم والمسجد، إذ لا شيء يربطهم به، أو يشدهم أو يخولهم الدخول إليه، بل إن دخولهم هذا يمثل عدواناً، وأذى، وربما يصاحبه استهزاء، وإظهار حنق وبغض لبيت الله وحرمه.
يضاف إلى ذلك: أنهم إنما كانوا يدخلونه لعبادة أصناهم، لا لعبادة الله، وقد أزيلت تلك الأصنام فيه، وأصبح موضعاً لعبادة الله وتوحيده، وليس لهم في هذا الأمر نصيب.
كيف يتبدل رأي النبي '؟!:
وقد يعترض بعض قاصري النظر، فيقول: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" معصوماً فما معنى أن يتبنى رأياً، ويبدأ بتنفيذه، ثم يبدل رأيه هذا بغيره، ويلغي ما كان قام به، ويستبدله بما يتوافق مع هذا الرأي المستجد؟!. فيرسل أبا بكر أولاً، حتى إذا قطع مسافة لا يستهان بها، أرسل إليه من يكون بديلاً عنه..
ثم ألا يُضعِف ذلك ثقة الناس بالنبي "صلى الله عليه وآله"، ويخل بمكانته في نفوسهم؟!.
والجواب:
إن القضية لم تكن قضية رأي ظهر خطؤه، وبان أن غيره هو الصواب، أو الأصوب، أو حتى الأفضل منه.. وإنما كان المطلوب أمران:
أحدهما: إرسال أبي بكر إلى المكان الذي وصل إليه، ثم إرسال علي "عليه السلام" ليأخذ منه كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن في هذا الأمر مصلحة يراد تحقيقها. وقد كان بوحي من الله، لا برأي ظهر خطؤه من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وذلك لأنه "صلى الله عليه وآله": {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى}([280])،
الثاني: إرجاع أبي بكر وإرسال علي "عليه السلام" دونه، وكان هذا بوحي من الله تعالى أيضاً..
لا ينقض العهد إلا العاقد أو رجل منه:
وقد حاول المشفقون على أبي بكر تبرير ما جرى، فادَّعوا ـ كما تقدم ـ: أن العقود والعهود لا يحلها إلا المطاع والعاقد لها، أو رجل من أهل بيته([281]).
وهذا كلام مرفوض:
أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرسل أبا بكر ولا علياً "عليه السلام" لحل عقد، أو نقض عهد، كما أوضحناه تحت عنوان: "هل نقض النبي "صلى الله عليه وآله" العهد؟".
ثانياً: لو سلمنا: أن الأمر كان كذلك، فلماذا أرسل أبا بكر من أول الأمر؟! فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن جاهلاً برسوم المجتمعات في زمانه، وبين قومه، وبالأعراف القائمة التي يفترض فيه أن يراعيها. ولا كان هناك من هو أعرف منه بها.
ثالثاً: إن دعوى أن من عادات العرب أن العهد لا ينقضه إلا العاقد أو رجل من أهل بيته، دعوى كاذبة على أهل الجاهلية، ولم نجد لها شاهداً، ولا مؤيداً ولا دليلاً، إلا نفس دعواهم لها في هذا المورد.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: ذلك غير معروف من عادة العرب، وإنما هو تأويل تأوله المتعصبون لأبي بكر، لانتزاع سورة براءة منه، وليس بشيء([282]).
فالذي قاله المرتضى أصح وأظهر، وما نسب إلى عادة العرب غير معروف، وإنما هو تأويل تأول به متعصبو أبى بكر لانتزاع براءة منه، وليس بشئ.
ولم نسمع أن أحداً توقف في نقض عقد أو عهد حتى يبلغه إياه عاقده أو أحد أقاربه([283])، بل المطلوب هو الوثوق بأن صاحب العلاقة قد نقض العهد، وحل العقد.
رابعاً: لو كان الأمر كذلك، فلماذا يخاف أبو بكر من أن يكون قد نزل فيه شيء؟!.
خامساً: لماذا لا يعترض أبو بكر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في المدينة، ويقول له: أرسل أحد أقاربك، فإن أعراف العرب تمنع من إرسالي.. وقد عهدناه هو وعمر يكثران من الإعتراض على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والإقتراح عليه..
أو لماذا لم يعترض أحد من الصحابة عليه في ذلك؟!.
سادساً: هناك ما يدل على: أن تبليغ براءة لا يمكن أن يقوم به حتى جميع أقارب النبي "صلى الله عليه وآله"، بل هو خاص بعلي "عليه السلام"، فقد رووا عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: "لا يؤدي عني إلا أنا أو علي". روي ذلك عن يحي بن آدم السلولي، وعن حبشي بن جنادة، وعن حنش، وعمران، وأبي ذر الغفاري([284])، وروي أيضاً عن ابن عباس([285]) فراجع.
لماذا أرجع أبا بكر؟:
وعن سبب إرجاع أبي بكر عن تبليغ سورة "براءة"، وسائر الأحكام التي أرسلها رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المشركين، وأهل مكة نقول:
لعل سبب ذلك يعود إلى بعض أو كل الإحتمالات التالية:
1 ـ قد يقال: إن المقصود هنا هو إظهار أن أبا بكر لا يؤتمن على إبلاغ الرسالة التي وكل بإبلاغها، ولذلك قال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني"، ولم يقل: إنك لا تقدر على التبليغ..
غير أننا نقول:
إن كلمة النبي "صلى الله عليه وآله": "لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني" لا تحتم أن يكون سبب عدم تبليغ غيره عنه هو عدم أمانته، لاحتمال أن يكون المقصود: هو النهي عن تولية غير علي "عليها السلام" لتبليغ شيء عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
غير أن هذا الإحتمال يبقى موضع جدال ونقاش.
فإنه ـ كما أوضحه بعض الإخوة ـ إذا كان الرسول "صلى الله عليه وآله" هو المبلغ عن الله تعالى إلى الناس كتابه وشرائعه، وقال: "لا يبلغ عني إلا علي" كان من المحتمل جداً ـ إن لم يكن هو الظاهر ـ إرادة أنه لا يقوم مقامي في التبليغ عني ـ الذي هو تبليغ بالواسطة عن الله تعالى ـ إلا علي، وهذا دليل إمامته "عليه السلام" وعدم صلاح غيره لهذا المقام.
وأما الرواة والفقهاء وحفظة القرآن بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإنهم وإن كانوا يبلغون عنه إلا أن المرجعية العليا في ذلك هي للإمام بعده "صلى الله عليه وآله"، لأنه هو الحافظ للشريعة وأحكامها والكتاب وآياته. وكل ما يتداولونه حينذاك إنما يصح الإعتماد عليه لأنه تحت إشرافه وبإمضائه "عليه السلام" وهذا غير ما سيأتي تحت رقم (5) فإن المذكور هناك هو الإستدلال بالأولوية، فإذا كان لا يصلح للنيابة في تبليغ رسالة فكيف يصلح للنيابة في الرياسة العامة، وأما هنا فإنه استدلال مباشر على أصل المسألة التي هي مقام النيابة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حفظ الشريعة وتبليغها، ويكون المورد ـ أي تبليغ براءة ـ من مصاديقها.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" خاف أن يضعف أبو بكر في أداء مهمته، وربما ينكل عن مواجهة المشركين بهذا الإعلان القوي. حيث إنه قد يخشى من المشركين أن يغتالوه أو أن يؤذوه، ولا يثق بنصرة أهل مكة له، لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام.
وقد أشار المعتزلي إلى ذلك فقال: لعل السبب في ذلك، أن علياً "عليه السلام"، من بني عبد مناف، وهم جمرة قريش في مكة، وعلي "عليه السلام" أيضاً شجاع لا يقام له، وقد حصل في صدور قريش منه الهيبة الشديدة، والمهابة العظيمة، فإذا حصل مثل هذا البطل وحوله من بني عمه من هم أهل العزة والقوة والحمية، كان أدعى إلى نجاته من قريش، وسلامة نفسه الخ..([286]).
ولكنّ علماءنا([287]) ناقشوا في ذلك، فقالوا: لو كان الغرض من استبدال أبي بكر بعلي "عليه السلام" هو سلامة من أرسله رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الأذى كان الأحرى أن يرسل "صلى الله عليه وآله" العباس، أو عقيلاً، أو غيرهما ممن لم يكن لدى قريش حقد عليهم، لأنهم لم يشاركوا في قتل آباءهم، وإخوانهم.
وحديث الخوف من شجاعة علي "عليه السلام" لا ينفع هنا، فإن قريشاً كانت تجترئ على علي "عليه السلام" وتسعى لقتله في الحروب، وإن كانت تُمنى دائماً بالخزي والخيبة، فهل تكف عنه إذا وجدته وحده في مكة بالذات وكان معها ألوف من أهل الشرك؟!
على أنهم قد زعموا: أن أبا بكر قد ذهب إلى مكة أميراً على الحاج([288])، فلماذا لم يخف من قريش ومن المشركين أن يغتالوه إذا كان قد خاف من القتل، بسبب حمله لرسالة النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم؟!.
3 ـ ولا نريد أن نوافق بعضهم حتى على إبداء احتمال أن يؤدي ضعف أبي بكر به إلى مصانعة الأعداء، وممالأتهم، والتآمر معهم.. فإن أبا بكر كان يعلم: أن النبي والمسلمين كانوا هم الأقوى، كما أظهرته الوقائع وكما ظهر من غزوة مؤتة، وتبوك، والفتح، وحنين، وخيبر، وأحد، وبدر، والخندق.. وما إلى ذلك.. وهو لن يجازف بالغدر بهم، ويعرض نفسه لأخطار سيكون علي "عليه السلام" هو مصدرها، وربما يهدر النبي "صلى الله عليه وآله" دمه.. ولا يجد بعد هذا ملاذاً له في أي مكان.
4 ـ هناك من يطرح احتمال أن يكون أبو بكر غير قادر على الإجابة على أسئلة الناس، وعن أحكام حجهم، ودينهم، وسياساته، وحقائقه، وشرائعه..
5 ـ لعل الهدف من إرجاع أبي بكر: هو تجسيد حقيقة حاله، وأنه لا يصلح لأن ينوب عن النبي "صلى الله عليه وآله" أو غير قادرٍ حتى في إبلاغ رسالة له إلى أهل مكة، فهل يصلح للرياسة العامة التي يرشح نفسه لها، أو يقدر على القيام بمقتضياتها، ولا سيما مع وجود علي أمير المؤمنين "عليه السلام"..
وهذا ما صرحت به الرواية التي وردت في التفسير المنسوب إلي الإمام العسكري "عليه السلام"، حيث تقول: إن جبرئيل قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله" عن "براءة": "ما أمرك ربك بدفعها إلى علي، ونزعها من أبي بكر سهواً، ولا شكاً، ولا استدراكاً على نفسه غلطاً، ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين: أن المقام الذي يقومه أخوك علي "عليه السلام" لن يقومه غيره سواك يا محمد، وإن جلَّت في عيون هؤلاء الضعفاء من أمتك مرتبته، وشرفت عندهم منزلته"([289]).
الله لا يؤاخذ على النوايا:
وهنا سؤال يقول:
إننا نعلم: أن الله تبارك وتعالى لا يؤاخذ الناس على نواياهم، فإذا كان أبو بكر لم يقترف ذنباً، فلماذا يعرضه لهذا الإمتحان العسير، ويفضحه أمام الناس، ويظهر ضعفه، أو يظهر عدم أمانته، أو نحو ذلك؟..
وهل تصح العقوبة بالفضيحة قبل الجناية؟!.
ويمكن أن يقال في الجواب: إنه لا شك في أن أبا بكر، قد هيّأ مقدمات كثيرة، وقام باتصالات مختلفة، وتعددت مساعيه لمنع تحقق ما يريده الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"، من أن يكون علي "عليه السلام" هو الإمام والخليفة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وكفى بذلك ذنباً يستحق العقوبة عليه بفضح نواياه، وابتلائه بهذا الإمتحان العسير..
غير أننا نقول:
إن ذلك قد لا يقنع أولئك الذين يهتمون بالذب عن أبي بكر، وابتغاء الأعذار له، ولذلك نقول:
لعل الأقرب إلى الإعتبار أن يقال هناك جوابان آخران:
أحدهما: أن هذا الذي جرى قد كان امتحاناً لأبي بكر، ولله ورسوله الحق في امتحان الناس، وإظهار قدراتهم، واستعداداتهم، حتى لا يحمِّلهم ما لا طاقة لهم به، ولكن أبا بكر قد فشل في تحقيق أدنى درجات النجاح في هذا الإمتحان، حيث إنه حين أرجعه النبي "صلى الله عليه وآله" في قضية براءة بكى، وانزعج، واغتم واهتم، وعاتب واشتكى، وأكثر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكلام.
ولم يرض بما رضيه الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"، ولم نره سلم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تسليماً. وكان أبعد ما يكون عن القاعدة التي أطلقتها زينب "عليه السلام": "رضا الله رضانا أهل البيت"([290]).
ويدل على ذلك خوف أبي بكر من أن يكون قد نزل في حقه شيء من القرآن، مع أنه يعلم أن الله تعالى أعدل العادلين وأكرم الأكرمين، فلو لم يكن قد صدر منه شيء خشي المؤاخذة عليه، أو أضمر شيئاً خشي افتضاحه، لم يكن معنى لخوفه، ولا لسؤاله عن ذلك..
ولعل مما يدل على ذلك ما صرحت به الرواية عن علي "عليه السلام": من أن أبا بكر كان قد تثاقل عن حمل الكتاب كما تثاقل غيره، حتى لجأ النبي "صلى الله عليه وآله" إلى فرض ذلك عليه، وإلزامه به([291]).
الثاني: إن أبا بكر كان يرشح نفسه لأخطر موقع، وأسمى مقام، فإذا لم يكن أهلاً لما يرشح نفسه له، بل كان من موجبات الهلاك والدمار، والفساد والبوار، وسيلحق بالإسلام وأهله ضرراً عظيماً، وهائلاً، فإنه يجب تعريف الناس بعدم أهليته لهذا المقام، وإفهامهم أنه فاقد للمواصفات التي تؤهله لما هو أدنى من ذلك بدرجات، ويكون نفس طموحه وسعيه لهذا الأمر ذنباً عظيماً وخطأً جسيماً يصحح إجراء العقوبة عليه، ولا أقل من أنه يوجب سقوط حقه في كل ما تكون مراعاته من أسباب تقويته على الوصول إليه..
وبعد أن يتم هذا البيان، وتقوم به الحجة، يتحمل الناس أنفسهم مسؤولية أي عمل يقدمون عليه، وإلى الله يكون إيابهم، وعليه حسابهم..
لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك:
قد صرحت الروايات: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبر أبا بكر، بأن جبرئيل قال له: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك..
وصرحت نصوص أخرى: بأنه لا يؤدي عن النبي "صلى الله عليه وآله" إلا هو أو علي..
مع أنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل عشرات، أو مئات الرسائل مع مختلف الأشخاص إلى الملوك، وإلى القبائل، والبلاد، والفئات والجماعات. وهذا تبليغ عنه. ولم يكن هو المبلغ ولا رجل منه..
ويمكن أن يجاب:
أولاً: بأن المقصود حينئذ التبليغ عنه فيما هو من شأنه كمبلغ عن الله، وهذا يرتبط بالشريعة والكتاب، وليس ما كان "صلى الله عليه وآله" يبعث الرسل فيه من هذا القبيل.
ثانياً: بأن الذين كان يرسلهم إلى الملوك والجماعات برسائله لم يكونوا هم الذين يبلغون عنه، بل كانت الرسالة هي التي توصل مرادات رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الأشخاص أو الجماعات..
وأما في تبليغ سورة "براءة"، فالمطلوب من حامل الآيات أن يتولى هو مهمة التبليغ عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وأن يعلن الحرب على من يصر على انتهاك حرمة المسجد الحرام بعد ذلك العام، وإبلاغ أحكام وقرارات حازمة، وحاسمة، ترتبط بالتدبير للشأن العام.. وقطع دابر الخلاف والمخالفة فيه، بما في ذلك: أن لا يطوف بالبيت عريان. وإبطال عادات الجاهلية فيما يرتبط بعرفات، وإنذار المشركين وإعطائهم مهلة إلى أربعة أشهر، والإعلان عن عدم تجديد عهد مع مشرك..
وذلك كله يحتاج إلى حزم وحسم، وتصميم، واعتبار هذه القرارات نهائية، لا مجال للمساومة ولا للماطلة فيها..
ومن جهة أخرى لا بد من أن ينقطع أمل كل أهل الشرك ومن يعنيهم هذا الإعلان من أن يجدوا في القائم بعد النبي "صلى الله عليه وآله" أدنى تعاطف معهم، بعد وفاته "صلى الله عليه وآله"، بنقض هذه القرارات، أو بأن يخفف من حدتها..
فإذا كان علي "عليه السلام" الذي لم يشرك بالله طرفة عين، وكان هو حامل راية التوحيد الخالص منذ خلقه الله تعالى، والذي هو نفس الرسول "صلى الله عليه وآله" بنص القرآن، وهو أخوه، وهو منه بمنزلة هارون من موسى، فإذا كان علي هو المبلغ عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإنه يكون هو الأعمق أثراً، وهو الأولى بإعلان براءة الله ورسوله من الشرك والمشركين.
أما أبو بكر الذي عاش أجواء الشرك طيلة عشرات السنين من حياته، فلن يكون قادراً على إعلان البراءة الحقيقية من الشرك والمشركين بنفس القوة والحزم والفاعلية، أو هذا ما سيفكر به المشركون على أقل تقدير.
ويؤكد هذه الحقيقة الشواهد التالية:
ألف: قد تقدم: أن بعض الروايات عن علي "عليه السلام" تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" كتب الكتاب، وعرض على جميع أصحابه المضي به إلى المشركين، فكلهم يرى التثاقل فيهم، فلما رأى ذلك ندب منهم رجلاً، فوجهه به، فأتاه جبرئيل "عليه السلام"، فقال: يا محمد، لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك، ووجهني بكتابه ورسالته إلى مكة الخ..([292]).
ب: قد صرحت بعض نصوص الرواية بأكثر من ذلك، فعن الإمام الباقر "عليه السلام" قال: لما سرح رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بكر بأول سورة "براءة" إلى أهل مكة أتاه جبرئيل "عليه السلام"، فقال: يا محمد، إن الله تعالى يأمرك أن لا تبعث هذا، وأن تبعث علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وإنه لا يؤديها عنك غيره..
فأمر النبي "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام"، فلحقه، فأخذ منه الصحيفة، وقال: ارجع إلى النبي.
فقال أبو بكر: هل حدث في شيء؟!.
فقال: سيخبرك رسول الله.
فرجع أبو بكر إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، ما كنت ترى أني مؤد عنك هذه الرسالة؟!.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله"، أبى الله أن يؤديها إلا علي بن أبي طالب "عليه السلام".
فأكثر أبو بكر عليه من الكلام، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار؟!([293]).
فإن قوله الأخير: "كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار"، قد جاء على سبيل التقريع والتشنيع والذم، وبيان السبب والمبرر لهذا الإجراء.
ولعل الوجه في ذلك: أن أبا بكر كان في الغار خائفاً فزعاً، مع أنه كان يرى الآيات الدالة على حفظ الله تعالى لنبيه "صلى الله عليه وآله"، مثل نسج العنكبوت، ونبات شجرة السدر، ووضع الحمامة الوحشية بيضها، ووقوفها على باب الغار.
ومع وجوده إلى جانب النبي "صلى الله عليه وآله".
ومع تطمينات نبي الرحمة له.
ومع عدم علم أحد من المشركين بمكانهما. و.. و..
فإذا كان أبو بكر في الغار، مرعوباً خائفاً إلى هذا الحد، وكل الشواهد تشير إلى أنه في مأمن، فكيف سيكون حاله إذاً أمام مئات أو ألوف المشركين، وهم يرونه ويعرفون مكانه، وهو في بلدهم وفي قبضتهم، وجموعهم تحيط به، وليس النبي "صلى الله عليه وآله" إلى جانبه، ليهدئ من روعه، ولا تظهر الآيات والمعجزات المطمئنة له. مع العلم: بأن أهل الشرك قد أصبحوا موتورين من الإسلام، الذي قتل صناديدهم، وآباءهم، وإخوانهم، وأبناء عشائرهم، وفتح بلادهم، وغنم أموالهم..
ج: ثم إن هذه الكلمة من رسول الله "صلى الله عليه وآله" توضح: أن الأمر بالنسبة إلى علي "عليه السلام" كان هو الأصعب، وأن إرساله هو الأشد خطراً على شخصه، فإن أبا بكر لم يكن له أثر يذكر في ساحات الحرب، وفي مواقع الطعن والضرب، بل كان مقامه مقام أهل الفرار، والذين كانوا بكلماتهم وبآرائهم يخذِّلون الناس عن الدخول في حرب مع المشركين ـ كما كان الحال في بدر والفتح، وسواهما، وقد سعى لحفظ حياة أسارى المشركين في بدر، ولم يعرف له قتيل ولا جريح في أي من الحروب التي شهدها طيلة حياة رسول الله"صلى الله عليه وآله" كما أن دأبه كان الفرار من الزحف في مواقع الشدة والحدة، كما جرى في أحد وفي حنين، وفي قريظة، وخيبر، ولم يجرؤ على الظهور في الخندق.. وفي سائر المقامات..
أما علي"عليه السلام" فهو لم يزل يقمعهم، ويفتك فيهم، طيلة عشر سنين حتى أباد خضراءهم، وقتل صناديدهم، وأذل عزيزهم، وأكذب أحدوثتهم، وكانوا يتربصون به الدوائر، وكان حقدهم عليه لا يقل عن حقدهم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان نومه على فراش النبي "صلى الله عليه وآله"، ومواجهتهم بالقتال هو السبب في نجاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وفي تمكنه من الهجرة الى المدينة..
واذا واجههم علي "عليه السلام" بهذا القرار الحاد، المتضمن لهذا التهديد والوعيد الشديد بالقتل، وبإعلان الحرب على الشرك وأهله، ووجدوه وحيداً فريداً بينهم، وفي عقر دارهم، وموضع قوتهم، ومحل اجتماعهم، فسوف لن يدخروا وسعاً في الإنتقام منه لو أمكنهم ذلك، ولن يجرؤ أحد من بني هاشم على إظهار نفسه في هذه المعمعة الهائلة، لأن مصيرهم سيكون الدمار والبوار.
د: على أنهم قد زعموا: أن أبا بكر لم يتعرض إلى التعذيب في مكة، لأنه كان محبباً في المشركين، مقرباً إليهم.
بل يزعمون: أنه كان أول من بنى مسجداً في الإسلام في بني جمح، ولم يعترض عليه أو لم يبالي بإعتراض أحد لأجل مكانته وعزته، كما ذكرناه في جزء سابق من هذا الكتاب، فراجع.
فلم يكن الأمر بالنسبة إليه يمثل أي خطر، ولا سيما بعد أن أسلم قومه، وأصدقاؤه ومحبوه. وإن كنا قد ذكرنا فيما سبق عدم صحة هذا الزعم.
أما علي "عليه السلام" فكانوا يحرقون عليه الأُرّم، وكانت هند قد طلبت من وحشي أن يقتله هو والنبي "صلى الله عليه وآله" أو حمزة.
الحدة بين علي × وبين المشركين:
ويلاحظ هنا: أن الأمور حين إبلاغ سورة براءة قد انقلبت رأساً على عقب، فبدلاً من أن يخاف علي "عليه السلام" المشركين على نفسه، كان هو الذي يتهددهم ويتوعدهم ويتحداهم، حتى لقد أبلغهم سورة براءة وكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد "لمع بسيفه"!!([294]).
وفي نص آخر: "لما دخل مكة اخترط سيفه وقال: والله لا يطوف بالبيت عريان إلا ضربته بالسيف"([295]).
وعن علي "عليه السلام": "فأتيت مكة، وأهلها من قد عرفتم، ليس منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل مني إرباً لفعل، ولو أن يبذل في ذلك نفسه وأهله، وولده، وماله، فبلغتهم رسالة النبي "صلى الله عليه وآله" وقرأت عليهم كتابه، فكلهم يلقاني بالتهديد والوعيد، ويبدي لي البغضاء، ويظهر الشحناء من رجالهم ونسائهم، فكان مني في ذلك ما قد رأيتم"([296]).
وقالوا أيضاً: "لما وصل علي "عليه السلام" إلى المشركين بآيات براءة لقيه خراش بن عبد الله أخو عمرو بن عبد الله وهو الذي قتله علي "عليه السلام" مبارزةً يوم الخندق ـ وشعبة بن عبد الله أخوه، فقال لعلي "عليه السلام": ما تسيرنا يا علي أربعة أشهر، بل برئنا منك ومن ابن عمك، إن شئت إلا من الطعن والضرب".
وقال شعبة: ليس بيننا وبين ابن عمك إلا السيف والرمح، وإن شئت بدأنا بك.
فقال علي "عليه السلام": أجل، أجل، إن شئت فهلموا([297]).
وعن أبي جعفر الباقر "عليه السلام": "خطب علي "عليه السلام" الناس: واخترط سيفه، وقال: لا يطوفن بالبيت عريان الخ.." ([298]).
وعن الامام الصادق "عليه السلام": أخذ علي "عليه السلام" الصحيفة، وأتى الموسم، وكان يطوف على الناس، ومعه السيف، ويقول: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ..}([299]). فلا يطوف بالبيت عريان بعد عامه هذا، ولا مشرك، فمن فعل، فإن معاتبتنا إياه بالسيف.
قال: وكان يبعثه إلى الأصنام فيكسرها، ويقول: "لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت"([300]).
نحن في حيرة من أمرنا:
ونربد ان نعترف هنا: أننا في حيرة شديدة في امر أبي بكر، حيث نجد محبيه، إذا رأوا أن إظهار الفخامة والعظمة هو المفيد، فإنهم يجعلون حتى فراره من الزحف شجاعة، ويجعلون ابتعاده عن المعركة في بدر رياسة، ويدَّعون: أن من دلائل عظمته اقناعه عمر بن الخطاب بموت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وينسبون له نفوذ الكلمة والإحترام والرياسة بين المشركين في مكة، فلم يعذبه المشركون لمكانته فيهم، ولم يمنعوه من إقامة المسجد من أجل ذلك، كما أن قريشاً تبذل فيه مائة ناقة لمن يمكّنها منه حين الهجرة كما بذلت في رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وعلى هذا فقس ما سواه.
وإذا احتاجوا لتخليصه من بعض المآزق إلى ادِّعاء ضعفه، وخوفه، وكونه بلا نصير، ولا عشيرة، ولا ظهير.. فإنهم يبادرون إلى ذلك، ويبالغون فيه ما شاؤا، وبلا رقيب ولا حسيب.
قصة براءة دليل إمامة أبي بكر:
قال الرازي: "قيل: قرر أبا بكر على الموسم، وبعث علياً خليفة (خلفه) لتبليغ هذه الرسالة حتى يصلي خلف أبي بكر، ويكون ذلك جارياً مجرى تنبيه على إمامة أبي بكر، والله أعلم".
قال: "وقرر الجاحظ هذا المعنى، فقال: إن النبي"صلى الله عليه وآله" بعث أبا بكر أميراً على الحاج، وولاه الموسم، وبعث علياً يقرأ على الناس سورة براءة، فكان أبو بكر الإمام وعلي المؤتم، وكان أبو بكر الخطيب وعلي المستمع، وكان أبو بكر الرافع بالموسم، والسائق لهم، والآمر لهم، ولم يكن ذلك لعلي"([301]).
وقد أجاب العلامة المجلسي على هذا بما ملخصه([302]):
أولاً: إن تولي أبي بكر للموسم ممنوع، كما أظهرته النصوص.
ثانياً: إن جعل شخص أميراً لا يلزم الناس بالصلاة خلفه..
ثالثاً: إن علياً "عليه السلام" لم يكن من أهل الموسم ليكون أبو بكر أميراً عليه، بل هو مرسل إليهم برسالة.. وليس في الأخبار ما يدل على أن علياً "عليه السلام" صلى خلف أبي بكر.
رابعاً: إن الصلاة خلف أبي بكر لا تعني ثبوت فضيلة له، على ما زعموه من جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر([303]).
خامساً: إن قول النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام": "لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل منيٍٍٍ"، يدل على أنها تأدية خاصة لا ينالها أحد من البشر، أما إمارة الحاج فيتولاها أي كان من الناس، براً كان أو فاجراً، وقد تولاها عتَّاب بن أسيد قبل أبي بكر، ولا تحتاج إلى أكثر من المعرفة بما هوالأصلح في سوق الإبل، والبهائم، ومعرفة المياه، والتجنب عن مواضع اللصوص ونحو ذلك.. فهو أمر إداري صرف..
سادساً: إن إمارة الحاج لا تستلزم خطابة، لتستلزم الإستماع.
سابعاً: إن النبي"صلى الله عليه وآله" لم يأمر علياً "عليه السلام" بطاعة أبي بكر، ومجرد رفاقته له ـ لو صحت ـ ٍلا تعني ائتماره بأمره..
أبو بكر وعمر إلى مكة:
والشيء الذي قلما أشار إليه الباحثون هو: أن النصوص قد صرحت: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل أبا بكر وعمر معاً ببراءة إلى أهل مكة، فانطلقا، فإذا هما براكب، فقال: من هذا؟!
قال: أنا علي. يا أبا بكر هات الكتاب الذي معك.ٍ
فأخذ علي الكتاب، فذهب به، ورجع أبو بكر وعمر إلى المدينة، فقالا: ما لنا يا رسول الله؟!
قال: "ما لكما إلا خيراً، ولكن قيل لي: لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك"([304]).
ويؤيد شراكة عمر في هذا الأمر: أن بعض الروايات قد صرحت: بأن النبي"صلى الله عليه وآله" قد عرض حمل الكتاب إلى المشركين على جميع أصحابه فكلهم تثاقل عن حمله، والمضي به إلى مكة، فندب منهم رجلاً فوجهه به([305]).
وهذا معناه: أن عمر كان ممن تثاقل أيضاً.. وقد كان تثاقل الناس هذا هو السبب في أنه "صلى الله عليه وآله" قد فرض حمل الكتاب إلى مكة على رجل بعينه!!.
وبذلك يكون حال عمر كحال أبي بكر في جميع ما يترتب على إرجاع النبي"صلى الله عليه وآله"لأبي بكر من آثار، وما يمكن أن يكون له من دلالات..
وفي مقابل ذلك نلاحظ: أن بعض الروايات تذكر: أن عمار بن ياسر هو الذي رافق علياً "عليه السلام" إلى مكة، ولعل عدم ذكر عمر وعمار في غالب الروايات قد جاء اكتفاءً بذكر من هو أهم منهما، فذكر علي "عليه السلام" يكفي عن ذكر عمار، كما أن ذكر أبي بكر يغني عن ذكر عمر، لا سيما وأن عمر يستمد شرعية حكومته من شرعية حكومة أبي بكر، لأنه تلقاها منه بوصية كتبها.
ولعل عمر كان أيضاً مرغماً على الذهاب معه، فإنه لم يكن ليجازف بنفسه مختاراً، وقد سبق أن امتنع عمر عن امتثال أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالذهاب إلى مكة ليبلغ أشراف قريش بما جاء له في غزوة الحديبية، فلم يرض بالذهاب وقال: يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي([306]).
محاولة فاشلة:
وتبذل محاولة للزعم: بأن أبا بكر قد سأل النبي "صلى الله عليه وآله" عن سبب إرسال علي"عليه السلام" بعد أدائه مناسك الحج.. لأجل الإيهام بأن أبا بكر قد مضى مع علي "عليه السلام" إلى مكة وأقام الحج للناس، فلما رجع سأل النبي "صلى الله عليه وآله" عن سبب استبداله بعلي "عليه السلام" في حمل الرسالة.
ولكنها محاولة فاشلة، فإن عدداً من الروايات الأخرى تصرح: بأنه حين لقي علياً رجع، ومضى علي "عليه السلام" إلى مكة..
وبعضها يقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام" بأن يردَّ أبا بكر..
والروايات متفقة على رجوعه، وإن اختلفت في بعض الخصوصيات الأخرى، التي يمكن حل اختلافاتها بأدنى تأمل.
وحتى لو كان قد سار الى مكة مع علي"عليه السلام"، فإن ذلك لا يستلزم الحكم بأنه هو الذي حج بالناس، فإنه يكون قد ذهب ليحج عن نفسه، وتحت إمرة علي "عليه السلام"، ولا مضايقة من أحد في ذلك.
أبو بكر لم يعزل:
وحين ضاقت الأمور على بعض المتعصبين لأبي بكر، وجدوا أنفسهم في موقع الإنكار لأصل الواقعة، وهذا ما فعله عباد بن سليمان، والقوشجي، وأضرابهما([307]).
واستدل بعضهم على ذلك: بأن عزل أبي بكر عن تأدية براءة قبل الوصول إلى موضعها يلزم نسخ الفعل قبل حضور وقت العمل، وهو غير جائز([308]).
غير أننا نقول:
أولاً: إن إنكار أصل الواقعة لا يلتفت إليه، لأنه إنكار لما هو أوضح من الشمس، وأبين من الأمس، كما اعترف به القاضي عبد الجبار([309]).
ثانياً: حديث عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل في هذا المقام.. غير سديد.
فإن هذا ليس نسخاً، فإن المورد ليس من الأحكام الشرعية الكلية ليتعلق به النسخ، بل هو أمر مرتبط بشخص بعينه، وإنما كانت هناك مصلحة في إعطاء أبي بكر الكتاب والآيات إلى أن يبلغ بها ذلك الموضع من الطريق لكي يكون ذلك مقدمة لبلورة مصلحة أخرى تكمن في أخذ علي "عليه السلام" الآيات والكتاب منه، وإيصاله إلى مكة وأهل الموسم، ولعل هذه المصلحة هي إظهار فضل علي "عليه السلام" على أبي بكر، وأن أبا بكر لا يصلح لما يَعْمَلُ من أجله..
ثالثاً: قد جوز جمهور الأشاعرة وكثير من علماء الأصول النسخ قبل حضور وقت العمل([310]).
رابعاً: إن عزل أبي بكر ليس من قبيل الأحكام، لكي يجري فيه النسخ، فإدخاله في هذا الباب غريب وعجيب.
خامساً: لو سلمنا: أنه من قبيل النسخ قبل حضور وقت العمل، فنقول:
إذا دلت الأخبار المتواترة على وقوعه ـ وأجمع نقلة الأخبار على حصوله كان ذلك دليلاً على جوازه.. وبه يعلم خطأ من ذهب إلى عدم الجواز..
من لم يصلح لتبليغ سورة لا يصلح للخلافة:
هذا، وقد استدل علماء الشيعة بهذه الواقعة على عدم صلاحية أبي بكر للخلافة، فضلاًً عن الإمامة، فقالوا: من لم يصلح لأداء سورة واحدة إلى أهل بلدة. فهو لا يصلح للرئاسة العامة، المتضمنة لأداء جميع الأحكام إلى عموم الرعايا في سائر البلاد([311]).
أضاف الشريف المرتضى "رحمه الله" قوله: "لو سلمنا أن ولاية الموسم لم تنسخ (أي لو سلمنا أنه ولي الموسم) لكان الكلام باقياً، لأنه إذا كان ما ولي مع تطاول الأزمان إلا هذه الولاية، ثم سلب شطرها، والأفخم، والأعظم منها، فليس ذلك إلا تنبيهاً على ما ذكرنا"([312]).
ويؤكد ما قاله علماؤنا هنا ما ذكرناه فيما سبق، من أنه "صلى الله عليه وآله" قد استبدله بعلي "عليه السلام" الذي كان خطر بطش المشركين والحاقدين به قوياً جداً، بخلاف أبي بكر الذي لم يكن لهم عنده ثارات، وكانت له مواقف إيجابية خلصت أسراهم وصناديدهم من خطر محتم، كما جرى في غزوة بدر وفي غيرها..
بل إن نفس قوله "صلى الله عليه وآله" حكاية عن جبريل "عليه السلام": "لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك"، يتضمن اتهاماً خطيراً لأبي بكر بعدم أدائه للأمانة، وأن القضية لم تكن بسبب الخوف، وإلا لكان قال لأبي بكر: إنك إن أبلغتهم الرسالة قتلوك، إذ إن الخطر إنما يتوجه إليه بعد إبلاغها.
فاتضح: أن هذا التعبير من رسول الله "صلى الله عليه وآله" يرمي إلى إفهام أمر آخر، ليس هو الخوف على أبي بكر من أن يلحقه أذى.
نحن في حيرة من أمرنا:
والمناسبة تفرض علينا أن نعترف بأننا في حيرة من أمرنا.
علي × وعمار:
وقد تقدم: أن بعض النصوص أشارت إلى أن عمار بن ياسر قد رافق علياً "عليه السلام" إلى مكة، وتقول: إن فلاناً وفلاناً قد انزعجا من إرسال علي "عليه السلام"، وأحبا أن يرسل من هو أكبر سناً، فقالا: بعث هذا الصبي، ولو بعث غيره إلى أهل مكة، وفي مكة صناديد قريش ورجالها. والله، الكفر أولى بنا مما نحن فيه.
ثم إنهما سارا إلى علي "عليه السلام" وإلى عمار، وخوفاهما بأهل مكة، وغلظا عليهما الأمر، وقالا لهما: إن أبا سفيان، وعبد الله بن عامر، وأهل مكة قد جمعوا لهم..
فقال علي "عليه السلام": حسبنا الله ونعم الوكيل، ومضيا، فلما دخلا مكة أنزل الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}([313])"([314]).
ولعل انزعاج فلان وفلان قد كان بعد تثاقلهما أولاً، وبعد الإنتداب القسري لأبي بكر للمهمة، ثم عزله عنها، حيث فاجأهما هذا العزل، وأزعجهما أن يكون علي "عليه السلام" هو البديل، واستفاقا على ضربة معنوية هائلة، وموجعة جداً، فأحبا تدارك الأمر، ولو بأن يعلن علي "عليه السلام" انصرافه، أو تردده، وخوفه، بسبب تخويفهما إياه بجمع الناس..
كما أن نفس إظهار شيء من الحرص على تولي هذه المهمة قد يعيد شيئاً من الإعتبار لمن فقده، مهما كان قليلاً وضئيلاً..
عودة علي ×:
وعن عودة علي "عليه السلام" من سفره تقول الرواية التي لخصناها:
إن علياً "عليه السلام" انصرف إلى المدينة يَقْصِد في السير، وأبطأ الوحي عن النبي "صلى الله عليه وآله" في أمر علي "عليه السلام"، وما كان منه، فاغتم لذلك غماً شديداً..
وكان من عادته "صلى الله عليه وآله" أنه إذا صلى الغداة استقبل القبلة، واستقبل علي "عليه السلام" الناس خلف النبي "صلى الله عليه وآله"، فيستأذنون في حوائجهم، وبذلك أمرهم "صلى الله عليه وآله".
فلما غاب علي "عليه السلام" إلى مكة لم يجعل أحداً مكان علي "عليه السلام"، بل كان هو نفسه "صلى الله عليه وآله" يستقبل الناس.
فأذن للناس.. فاستأذنه أبو ذر، فأذن له. فخرج يستقبل علياً "عليه السلام"، فلقيه ببعض الطريق، فالتزمه وقبله، وسبقه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبشره بقدومه، فقال النبي "صلى الله عليه وآله" لأبي ذر: "لك بذلك الجنة"([315]).
ثم ركب النبي "صلى الله عليه وآله" وركب معه الناس، فلما رآه أناخ ناقته، ونزل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتلقاه، والتزمه وعانقه، ووضع خده على منكب علي "عليه السلام".
وبكى النبي "صلى الله عليه وآله" فرحاً بقدومه. وبكى علي "عليه السلام" معه..
ثم سأله عما صنع، فأخبره، فقال "صلى الله عليه وآله": "كان الله عز وجل أعلم بك مني حين أمرني بإرسالك"([316])..
ونقول:
يلفت نظرنا في هذا النص أمور عديدة، فلاحظ على سبيل المثال ما يلي:
1 ـ النظام والإنضباط:
إن هذا النظام الذي ذكرته الرواية عن استئذان الناس من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من شأنه أن يؤكد حالة الإنضباط في الحركة، المفضي إلى طمأنينة القائد وإشرافه مباشرة على حركة الذين معه، الأمر الذي يزيده قدرة على التصرف، وفق معطيات دقيقة، ومعرفة تفصيلية بما سوف ينتجه تصرفه أو موقفه، وبما سيؤول إليه الحال بعد ذلك. وسيكون قراره متوافقاً مع قدراته، ومترافقاً مع كل فرص النجاح والفلاح..
2 ـ تأكيد الإرتباط بالقيادة:
إن هذا الإجراء من شأنه أن يبلور بعفوية شعوراً لدى الناس بارتباطهم الفعلي والمستمر بقيادتهم، وإعطاء القيمة، والأهمية لدورهم، ولموقعهم في المنظومة الإجتماعية، ويذكي لديهم الشعور بالحيوية، وبالتأثير الإيجابي والفاعل في الحياة..
3 ـ الجنة هي ثمن البشارة:
وقد أظهر النبي "صلى الله عليه وآله" اهتماماً بالغاً بسلامة علي "عليه السلام"، حتى صار همُّ أبي ذر هو: أن يكون له دور في إدخال السرور على قلب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاعتبر أن التعجيل في استجلاء خبر علي "عليه السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من أعظم القربات..
وقد ظهر مصداق ذلك في الثمن الذي تلقاه أبو ذر على بشارته بقدوم علي "عليه السلام"، حيث قال له النبي "صلى الله عليه وآله": "لك بذلك الجنة".
وهو ثمن عظيم ربما لم يكن يتوقعه أبو ذر، ولا أحد ممن حضر.. لأنهم ما عرفوا قيمة علي "عليه السلام" عند الله تعالى، وعند رسوله "صلى الله عليه وآله".
وكيف يعرفون قيمته، وهم لا يعرفونه حق معرفته؟ إذ ما عرف علياً "عليه السلام" إلا الله تعالى، وإلا رسوله "صلى الله عليه وآله"..
4 ـ إستقبال علي ×:
وإنه لمن غير المألوف ولا المعروف أن يستقبل النبي "صلى الله عليه وآله" أحداً بهذه الصورة، إلا ما وجدناه من أنه استقبل جعفراً بخطوات يسيرة..
ولكننا لم نجده يخرج من المدينة، ويركب راحلته، ويسير ما شاء الله أن يسير، لاستقبال قادم سوى علي "عليه السلام"..
ثم هو يضع خده على منكبه "عليه السلام"، ويبكي علي "عليه السلام" فرحاً بلقاء النبي "صلى الله عليه وآله"، ويبكي النبي "صلى الله عليه وآله" فرحاً بقدوم علي "عليه السلام"..
جزع قريش:
وقالوا: لما أذَّن علي "عليه السلام" "ببراءة" في مكة أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام. جزعت قريش جزعاً شديداً، وقالوا: ذهبت تجارتنا، وضاعت عيالنا، وخربت درونا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}([317])"([318]).
نعم، إن هذا هو ما يهم أهل الدنيا، وطلاب زخرفها، والمهتمين بزبارجها وبهارجها، مع أن دعوة إبراهيم الله تعالى بأن يجعل أفئدة من الناس تهوي إلى ذلك الوادي، وأن يرزقهم وأهله من الثمرات، كانت أقوى من كل تجاراتهم، وعلاقاتهم، وأوسع وأكبر من كل آمالهم وتوقعاتهم، وبهذه الدعوة يرزقهم الله، لا بكدِّهم وجدِّهم، لو كانوا يعقلون..
الفصل الثاني:
حجة الوداع
الإهتمام بحجة الوداع لماذا؟!:
إن من الطبيعي: أن يهتم المسلمون بما جرى في حجة الوداع، وأن يفردوها بتصانيفهم، وبحوثهم، لأنها تضمنت التأكيد على أمور أساسية وحساسة جداً، ومصيرية، أهمها: ما جرى في عرفة، أو في منى من تحد سافر من قبل قريش ومن هم على رأيها، تجاه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم التهديد الإلهي لهم الذي أدى إلى إنجاز نصب علي "عليه السلام" ولياً وإماماً، وأخذ البيعة منهم له بذلك يوم غدير خم، في طريق عودة النبي "صلى الله عليه وآله" من حجته تلك إلى المدينة.
أما دوافع هذا الإهتمام، فلعلها مختلفة إلى حد التباين.. بين من يريد الإثبات، ومن يريد النفي، أو على الأقل التشكيك بما حصل، أو بدلالته على ما سيق للدلالة عليه.
ومهما يكن من أمر، فقد قال بعضهم عن حجة الوداع:
أفردها بالتصنيف محمد بن المنذر، وأحمد بن عبد الله المحب الطبري، وإبراهيم بن عمر البقاعي الشافعيون.
وعلي بن أحمد بن حزم الظاهري.
وبسط الكلام عليها محمد بن أبي بكر الشهير بابن القيم الحنبلي في "زاد المعاد".
وإسماعيل بن كثير الشافعي في كتاب السيرة في تاريخه المسمى "البداية والنهاية"، وهو أوسع من الذي قبله.
كل منهم ذكر أشياء لم يذكرها الآخر، وهناك أشياء وظفرت بأشياء لم لم يذكروها([319]).
إعلان المسير.. جاء بخلائق لا يحصون:
قالوا: أقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمدينة عشر سنين يضحي كل عام، ولا يحلق، ولا يقصر، ويغزو المغازي ولا يحج، حتى كان في ذي القعدة سنة عشر أجمع الخروج إلى الحج. فأذَّن في الناس أنه حاج في هذه السنة.
فسمع بذلك من حول المدينة، فلم يبق أحد يريد، وفي لفظ: يقدر أن يأتي راكباً، أو راجلاً إلا قدم، فقدم المدينة بشر كثير، ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، وكانوا من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، مد البصر، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله "صلى الله عليه وآله" ويعمل مثل عمله([320]).
حجات رسول الله ':
قد جزم في النص الآنف الذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" كان بعد الهجرة يضحي، ولا يحلق ولا يقصر. في أيام الحج، ويغزو ولا يحج.. وأنه لم يحج من المدينة سوى حجة الوداع.
مع أنه قد روي: أنه "صلى الله عليه وآله" قد حج عشرين حجة مستسراً([321]).
وفي الكافي: عشر حجات([322]).
والسبب: أنه كان يستسر بحجه، إما لأجل النسيء، لأنهم كانوا يحجون في غير أوان الحج، أو لمخالفة أفعاله لأفعالهم، للبدع التي أبدعوها في حجهم([323])..
وهناك نصوص أخرى أشرنا إليها في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب، في فصل: "متفرقات في السنة الخامسة" تحت عنوان: "فرض الحج".
وفي موضع آخر من هذا الكتاب، ذكرنا عدد حجاته، وهي تدعو إلى عدم التسرع في إطلاق القول: بأنه "صلى الله عليه وآله" لم يحج سوى حجة الوداع..
فإن من القريب جداً: أن تكون بعض هذه العشرين حجة، قد حصلت بعد الهجرة، وبصورة سرية، بالطريقة التي تناسب حال رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ويؤيد ذلك قوله: إنه "صلى الله عليه وآله" كان يستسر بها جميعاً، فإذا كان في أيام النسيء، لم يحج مع الناس، وينتظر إلى الوقت الحقيقي، فيحج سراً..
الإعلان.. أم الأذان؟:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكتف بإعلام الناس بأنه حاج في تلك السنة، بل أمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم: بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحج في عامه هذا([324])، حتى "بلغت دعوته إلى أقاصي بلاد الإسلام، فتجهز الناس للخروج معه، وحضر المدينة، من ضواحيها، ومن حولها، ويقرب منها خلق كثير، وتهيأوا للخروج معه، فخرج بهم"([325])..
وعن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: ذكر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الحج، فكتب إلى من بلغه كتابه، ممن دخل الإسلام: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد الحج، يؤذنهم بذلك ليحج من أطاق الحج، فأقبل الناس([326])..
عدد الذين حجوا مع الرسول ':
قد ذكر النص المتقدم: أن الذين قدموا على رسول الله"صلى الله عليه وآله" في تلك السنة ليحجوا معه كانوا بشراً كثيراً، ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، وكانوا من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، مدَّ البصر.
وقد ذكرت الروايات: أن الذين خرجوا معه "صلى الله عليه وآله" كانوا سبعين ألفاً([327]).
وقيل: تسعون ألفاً([328]).
ويقال: مائة ألف، وأربعة عشر ألفاً([329]).
وقيل: مائة وعشرون ألفاً([330]).
وقيل: مائة وأربعة وعشرون ألفاً. ويقال أكثر من ذلك([331]).
قال العلامة الأميني: "هذه عدة من خرج معه، أما الذين حجوا معه، فأكثرمن ذلك، كالمقيمين بمكة، والذين أتوا من اليمن مع علي "عليه السلام" (أمير المؤمنين)، وأبي موسى"([332]).
قالوا: "وأخرج معه نساءه كلهن في الهوادج، وسار معه أهل بيته، وعامة المهاجرين والأنصار، ومن شاء الله من قبائل العرب، وأفناء الناس"([333]).
لماذا هذا الحشد؟!:
ونقول:
إن حشد الأمة إلى الحج، وإرسال الكتب إلى أقصى بلاد الإسلام، وأمر المؤذنين بأن يؤذنوا بأعلى أصواتهم: بأن رسول الله"صلى الله عليه وآله" يحج في عامه هذا، وإخراج النبي "صلى الله عليه وآله" نساءه كلهن في الهوادج إلى الحج، واجتماع هذه الأعداد الهائلة، لتسير معه، سوى من سار إلى مكة من دون أن يمر بالمدينة، وما والاها، وسوى الذين جاؤوا من اليمن مع ذلك، إن ذلك لم يكن أمراً عفوياً، ولا مصادفة، ولا كان استجابة لرغبة شخصية تقضي بجمع النبي "صلى الله عليه وآله" الناس حوله. فحاشاه من ذلك، ولا لغير ذلك من أمور دنيوية، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يفكر ولا يفعل إلا وفق ما يريده الله تبارك وتعالى.. وحاشاه من أي تفكير أو موقف أو عمل في غير هذا الإتجاه..
ولعل الهدف من كل هذا الحشد هو تحقيق أمور كلها تعود بالنفع العميم على الإسلام والمسلمين، ويمكن أن نذكر منها، ما يلي:
1 ـ إنه أراد للناس المتمردين، بل والمنافقين، والذين يحلمون بالإرتداد على الإسلام وأهله عند أول فرصة تسنح لهم، يريد لهم أن يروا عظمة الإسلام، وامتداداته الواسعة، وأنه لم يعد بإمكان أحد الوقوف في وجهه، أو إيقاف مده، فلييأس الطامحون والطامعون، وليراجع حساباتهم المتوهمون، وليعد إلى عقولهم المتهورون والمجازفون..
2 ـ إنه يريد أن يربط على قلوب الضعفاء، ويشد على أيديهم، ويريهم عياناً ما يحصنهم من خدع أهل الباطل، وكيد أهل الحقد والشنآن.. ومن كل ما يمارسونه معهم من تخويف، أو تضعيف..
3 ـ أن ينصب علياً "عليه السلام" إماماً وخليفة من بعده أمام كل هذه الجموع الهائلة، ليكونوا هم الشهداء بالحق على أنفسهم وعلى جميع الناس، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
ثم أن يقطع الطريق على قلة من الناس من أن يتمكنوا من خداع الآخرين ببعض الإدعاءات أو الإشاعات كما سنرى حين الحديث عما جرى في عرفات، ومنى، وفي طريق العودة، في غدير خم.
وأما أخذه لجميع نسائه معه فلعله لأن فيهن من يريد أن يقيم عليها الحجة في ذلك كله، لأنها سيكون لها دور قوي في الإتجاه الآخر الذي يريد أن يحذر الناس من الإنغماس والمشاركة فيه..
وباء الجدري والحصبة:
وقالوا: إن وباء الجدري والحصبة أصابت الناس فمنعت من شاء الله أن تمنع من الحج الخ.. ([334]).
وهذا يؤيد ما قدمناه تحت عنوان: "نقل الوباء إلى خم"، من أن حديث نقل الوباء من المدينة إلى خم، أو إلى غيرها، لا يصح، غير أن ما يهم هؤلاء هو أن يوهنوا أمر غدير خم، وأن يثيروا اشمئزاز الناس ونفرتهم منه، بمجرد سماع اسمه، حتى لقد قرنوه بالوباء، وبالحمى، وبالجدري، وما إلى ذلك..
هكذا خرج النبي ' إلى الحج:
قالوا: وصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الظهر بالمدينة أربعاً، وخطب الناس وعلمهم ما أمامهم من المناسك ثم ترجل وادهن بزيت، واغتسل قبل ذلك، وتجرد في ثوبين صحاريين: إزار ورداء([335]).
زاد الواقدي: وأبدلهما بالتنعيم بثوبين من جنسهما، ولبس إزاره، ورداءه، وركب ـ كما قال أنس ـ على رحل وكانت زاملته، وقال أيضاً: حج رسول الله "صلى الله عليه وآله" على رحل رث، وقطيفة خلقة.
ثم قال: "اللهم اجعله حجاً مبروراً، لا رياء فيه، ولا سمعة"([336]).
وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المدينة نهاراً بعد الظهر، لخمس بقين من ذي القعدة([337]).
والصحيح: أنه "صلى الله عليه وآله" خرج لأربع بقين منه([338]).
وقيل: خرج يوم السبت([339]).
وعند ابن حزم: يوم الخميس([340]).
وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" على طريق الشجرة، وكان يخرج منها، وصلى في مسجدها([341]).
ولما أراد الخروج جعل على المدينة أبا دجانة سماك بن خرشة الساعدي([342]).
ويقال: بل سباع بن عرفطة([343]).
ودخلها لأربع مضين من ذي الحجة([344]).
ودخل مكة من أعلاها، من عقبة المدنيين، وخرج من أسفلها([345]).
النبي ' بذي الحليفة:
قالوا: فسار "صلى الله عليه وآله" حتى أتى ذا الحليفة، وهو من وادي العقيق فنزل به، تحت سمرة في موضع المسجد، ليجتمع إليه أصحابه، وصلى بهم العصر ركعتين.
وأمر بالصلاة في ذلك الوادي.
فعن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول بوادي العقيق: "أتاني آت من ربي"، ولفظ البيهقي: "جبريل" فقال: "صل في هذا الوادي المبارك".
وقال: "عمرة في حجة، فقد دخلت العمرة في الحج، إلى يوم القيامة والله تعالى أعلم"([346]).
ثم بات بذي الحليفة، وصلى المغرب والعشاء، والصبح والظهر، فصلى بها خمس صلوات، وكان نساؤه معه كلهن في الهودج، وكن تسعة، وطاف عليهن تلك الليلة، واغتسل.
وعن عائشة: أنها طيبته قبل طوافه عليهن تلك الليلة، واغتسل([347]).
ونقول:
لماذا إفشاء أسرار رسول الله ':
إن من القبيح جداً أن تتحدث عائشة أو غيرها عن مباشرة النبي "صلى الله عليه وآله" لزوجاته، ما دام أن ذلك لا يفيد في كشف حكم شرعي، أو أخلاقي، بل هو مجرد كشف لستر لا يريد الله سبحانه أن يُكشف.
ومن الذي يرضى: أن تخبر زوجته الناس بمجامعته إياها واغتساله، كلما فعل ذلك؟!
دخلت العمرة في الحج:
وعن حديث: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" نقول:
سيأتي: أن ذلك يرتبط بتشريع حج التمتع، الذي بدأ في سنة عشر، وبهذه الكلمة بالذات. غير أن الظاهر أن قول الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك بوادي العقيق غير دقيق، بل قاله في مكة نفسها، كما سنرى في الفقرات التاليات إن شاء الله تعالى..
ولادة محمد بن أبي بكر:
وولدت أسماء بنت عميس ـ زوجة أبي بكر ـ بذي الحليفة (بالبيدا) محمد بن أبي بكر، فأرسلت أبا بكر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" تقول: كيف أصنع؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اغتسلي، واستثفري بثوب، وأهليِّ"، وفي رواية: "وأحرمي"([348]).
وزاد في نص آخر، عن أبي بكر: وتصنع ما يصنع الناس، إلا أنها لا تطوف بالبيت([349]).
ونقول:
لا معنى لأن يأمرها بالغسل، وهي لا تزال نفساء، إلا إن كان المراد أن تغسل الدم.
والصواب هو: ما روي عن أهل البيت "عليهم السلام"، من أنه "صلى الله عليه وآله" أمرها فاستثفرت، وتنظفت بمنطقة، وأحرمت([350]).
والإستثفار هو: أن تشد المرأة فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي.
فلما قدموا مكة، وقد نسكوا المناسك وقد أتى لها ثمانية عشر يوماً، أمرها رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن تطوف بالبيت، وتصلي، ولم ينقطع عنها الدم، ففعلت ذلك([351]).
قصة الحمار الوحشي والظبي:
قالوا: فلما كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالروحاء رأى حماراً وحشياً عقيراً، قال: "دعوه يوشك أن يأتي صاحبه"، فجاء صاحبه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "شأنكم بهذا الحمار"، فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بكر فقسمه بين الرفاق.
ثم مضى "صلى الله عليه وآله" حتى كان بالأثاية، بين الرويثة والعرج، إذا ظبي حاقف في ظل، وفيه سهم، فأمر رجلاً ـ قالوا: هو أبو بكر الصديق ـ أن يقف عنده، لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزوه([352]).
قالوا: والفرق بين قصة الظبي، وقصة الحمار: أن الذي صاد الحمار كان حلالاً، فلم يمنع من أكله، وهذا لم يعلم أنه حلال، وهم محرمون، فلم يأذن لهم في أكله، ووكل من يقف عنده لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه([353]).
ونقول:
أولاً: لم يظهر لنا من قصة الظبي الحاقف أنه كان ميتاً، فلعله كان لا يزال جريحاً وحياً..
بالنسبة للحمار العقير، وتوظيف رجل بحراسته، وحفظه نقول:
1ـ إنه أراد أن يحفظ حق صاحبه الذي صاده.
2 ـ إنه أراد أن يفهم من معه أن عليهم أن يراعوا الأحكام الشرعية، حتى لا يعتدوا على مال الغير، ولكي لا يرتكبوا مخالفة نهي الشارع المحرمين عنه..
3 ـ وربما يكون من الصحيح القول أيضاً بأنه فعل ذلك رفقاً لذلك الحيوان حتى لا يتعرض لأذى المتطفلين والعابثين..
ثانياً: حتى لو كان ميتاً، فإنه لا يجوز أكله لأحد إذا لم يذَّك بفري الأوداج، أو كان قد اصطيد بنحو يؤدي إلى ذكاته، وحلية أكله.
ولو جاز أكله لم يجز ذلك للمحرم، حتى لو وصاده المُحِل.
ثالثاً: إن قصة حمار الوحش إنما كانت بالروحاء، وهي على بعد أربعين ميلاً أو نحوها من المدينة([354])، ولا شك في أنها بعد الميقات، وقد كانوا محرمين عندها.
ويدل على ذلك: أنهم يقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" لما صار بالأبواء أهدى له الصعب بن جثمامة حمار وحش.
وفي رواية: (عجز حمار وحش).
وفي رواية: (لحم حمار وحش، يقطر دماً).
أو: (شق حمار وحشي).
أو: (رجل حمار وحش، فرده)، وقال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ([355]).
رابعاً: إنه يظهر أن الذي رمى الظبي بسهم لم يحضر ليرخصهم في الإستفادة من لحم ذلك الظبي، وليؤكد لهم ذكاته أيضاً.
مساجد بناها الناس:
قالوا: ومضى "صلى الله عليه وآله" يسير المنازل، ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له، بناها الناس، وعرفوا مواضعها([356]).
أي أن الناس كانوا يبنون مساجد في المواضع التي كان يصلي فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وهذا دليل آخر على صحة التبرك والتأسي برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلى هذا جرت سيرة المسلمين والمؤمنين، ولم يعترض أحد من الصحابة على ذلك، بل كان الصحابة أنفسهم يفعلون ما يؤكده، بمرأى من الناس وبمسمع من النبي نفسه"صلى الله عليه وآله".
فما معنى أن تظهر في آخر الزمان شرذمة تمنع الناس من التبرك بهذه الآثار المباركة وتسعى في هدمها وإبطالها.
ضياع زاملة رسول الله '!!:
قالوا: ثم سار "صلى الله عليه وآله" حتى إذا نزل بالعرج، وكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة، وكانت مع غلام لأبي بكر، فجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأبو بكر إلى جانبه وعائشة إلى جانبه الآخر، وأسماء بنت أبي بكر إلى جانبه، وأبو بكر ينتظر الغلام أن يطلع عليه، فطلع وليس معه البعير، فقال: أين بعيرك؟
فقال: أضللته البارحة.
فقال أبو بكر ـ وكان فيه حدة ـ: بعير واحد تضله، فطفق يضرب الغلام بالسوط، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يتبسم ويقول: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع"؟
وما يزيد رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أن يقول ذلك ويتبسم؟!([357]).
قال الصالحي الشامي: سبق أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حج على رحل، وكانت زاملة. أي أن الرحل والزاملة شيء واحد، وكان الرحل والزاملة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وليس لأبي بكر، فقول الرواية هنا: إن زاد النبي "صلى الله عليه وآله" كان على زاملة أبي بكر ينافي ذلك.
فأجاب عن ذلك بقوله: قال المحب الطبري: يحتمل أن يكون بعض الزاملة عليها (أي على رحله "صلى الله عليه وآله")، وبعض الزاملة مع زاملة أبي بكر.
ولما بلغ آل فضالة الأسلمي، أن زاملة رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضلت، حملوا له جفنة من حيس، فأقبلوا بها حتى وضعوها بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "هلم يا أبا بكر، فقد جاء الله تعالى بغذاء أطيب".
وجعل أبو بكر يغتاظ على الغلام.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هون عليك يا أبا بكر، فإن الأمر ليس إليك، ولا إلينا معك، وقد كان الغلام حريصاً على ألا يضل بعيره. وهذا خَلَفٌ مما كان معه".
ثم أكل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأهله، وأبو بكر، ومن كان معه يأكل حتى شبعوا.
فأقبل صفوان بن المعطل، وكان على ساقة الناس، والبعير معه، وعليه الزاملة، فجاء حتى أناخ على باب منزل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأبي بكر: "أنظر هل تفقد شيئاً من متاعك"؟.
فقال: ما فقدت شيئاً إلا قعباً كنا نشرب فيه.
فقال الغلام: هذا القعب معي.
فقال أبو بكر لصفوان: أدّى الله عنك الأمانة.
وجاء سعد بن عبادة، وابنه قيس ومعهما زاملة تحمل زاداً يؤمان رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوجدا رسول الله "صلى الله عليه وآله" واقفاً بباب منزله، قد رد الله عز وجل عليه زاملته، فقال سعد: يا رسول الله، بلغنا أن زاملتك ضلت الغداة، وهذه زاملة مكانها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "قد جاء الله بزاملتنا، فارجعا بزاملتكما بارك الله فيكما"([358]).
ونقول:
ويعود الحديث هنا من جديد عن ضياع زاملة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفق ما تعودناه في رواياتهم لأسفار رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ونحن وإن كنا لا نمانع في أن تضيع زاملته أو ناقته "صلى الله عليه وآله" أكثر من مرة، غير أننا نَلْمَحُ في كثير من الأحيان أن ثمة رغبة في التسويق لأشخاص هم من فريق واحد، من خلال إظهار خصوصية، لهم في أنفسهم، أو الإيحاء، بأن لهم نحو اختصاص برسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ولم نجد لأي من الفريق الآخر في رواياتهم أي حضور في جميع تلكم المواقع والمواضع، ولا في سواها إلا عندما يعجزون عن تغطية دور ذلك الفريق، أو أحد رموزه الكبار، أو عن تحريفه وتزييفه، أو عن نسبته إلى مناوئي علي "عليه السلام" وشانئيه..
ومهما يكن من أمر، فإن هناك العديد من النقاط التي تستوقفنا في حديث ضياع الزاملة هنا، ونذكر منها ما يلي:
زاملة النبي ' وزاملة أبي بكر واحدة:
وقد ادَّعت الرواية السابقة: أن زاملة النبي "صلى الله عليه وآله" وزاملة أبي بكر كانت في حجة الوداع واحدة، وكانت مع غلام لأبي بكر..
وتضمنت الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" جلس، فجلس أبو بكر إلى جانب الرسول "صلى الله عليه وآله" وعائشة إلى جانبه الآخر.. وأسماء إلى جانب أبي بكر الخ..
ونقول:
أولاً: لماذا كانت أسماء بنت أبي بكر حاضرة معهم في بيت الرسول "صلى الله عليه وآله"، ولم تكن عند الزبير بن العوام زوجها؟!
ثانياً: أين كانت أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر، فإنها كانت معهم في ذلك المسير، وقد ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة؟!
ولماذا تركها أبو بكر وحدها، وجاء بابنته أسماء دونها؟!
ولماذا يدخل أبو بكر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" النساء الأجانب اللواتي يتحرج "صلى الله عليه وآله" منهن؟!
وأين كان سائر نساء النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنهن كن جميعاً برفقته؟ وهل كان جميع طعام النبي "صلى الله عليه وآله" وطعام جميع نسائه محمولاً على جمل واحد بالإضافة إلى طعام أبي بكر وطعام من معه من العيال والنساء؟!
ثالثاً: بالنسبة للزاملة نقول:
إن ما نعرفه عن النبي "صلى الله عليه وآله" هو أنه لم يرض بركوب ناقة أبي بكر حين الهجرة إلا بعد أن اشتراها منه بالثمن، فهل كان أبو بكر قد وضع زاده مع زاد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، واستفاد من زاملة النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
أم أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي استفاد من زاملة أبي بكر، وحين استفاد منها هل أعطاه أجرتها؟!
أم اشتراها منه؟! أم رضي بوضع زاده على زاملة غيره، دون مقابل؟!
فإن كان الخيار الأخير هو الصحيح، فلماذا رضي في حجة الوداع بما لم يرضه يوم الهجرة من مكة. وإن كانت الخيارات الأخرى هي الصحيحة، فلماذا لم يبينها لنا الرواة؟!
أبو بكر يضرب الغلام والنبي ' يبتسم:
وعن ضرب أبي بكر لغلامه بالسوط نقول:
أولاً: لماذا يضرب أبو بكر غلامه بمحضر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، دون أن يستأذنه "صلى الله عليه وآله"؟! ألا تعد مبادرته إلى ضرب الغلام إساءة أدب تجاه رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
ثانياً: إذا كان ضرب الغلام مما لا ينبغي للمحرم، كما ظهر من قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع"، فقد كان ينبغي أن يغضب النبي "صلى الله عليه وآله"، أو أن يظهر الإنقباض، وأن يزجره عن فعله هذا، لا أن يبتسم!!
ثالثاً: من أين ثبت لأبي بكر أن الغلام كان مقصراً في مهمته، وانه يستحق الضرب، وهو لم يسأله عما جرى، ولا عرف منه سبب غفلته عنه؟! فلعل الغلام سها أو غلبته عيناه فنام، فانسل البعير إلى جهة مجهولة، فانتبه، فلم يجده.
رابعاً: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يعلم أن الغلام كان حريصاً على البعير كما صرحت به الرواية، فلماذا ترك أبا بكر يضربه بالسوط، ويواصل تغيظه عليه، ولماذا لا يدفعه أو يردعه عن ضرب ذلك الغلام المسكين؟! أو لماذا لم يقل ذلك لأبي بكر من أول الأمر؟!
خامساً: إذا كان الأمر ليس لأبي بكر، ولا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ولا إلى غيره معه كما تقول الرواية، فلماذا لم يعاقب أبا بكر على ظلمه لذلك الغلام المسكين.
سادساً: من أين عرف صفوان بن المعطل أن الزاملة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! والحال أن الجمل لأبي بكر! إذ ما أكثر الجمال في ذلك المسير..
هود وصالح يحجان:
قالوا: فلما مر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بوادي عسفان، قال: "يا أبا بكر أي واد هذا"؟
قال: "وادي عسفان".
قال: "لقد مر به هود، وصالح، (ونوح) على بكرين أحمرين (بكرات حمر) خطمهما ليف، وأزرهم العباء، وأرديتهم النمار، يلبون، يحجون البيت العتيق([359]).
ونقول:
إن هذا النص يحتاج إلى ما يؤكده ويقويه، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يجهل ذلك الموضع، فقد مر به عدة مرات، ولا سيما حين الهجرة، وحين فتح مكة، فلماذا يسأل أبا بكر عنه، في حين أن السائل أعلم بالأمر من المسؤول؟!
وسؤال آخر وهو: أنه هل لم يحج البيت ماراً بوادي عسفان سوى هود وصالح؟! أليس قد حج قبلهما إبراهيم وإسماعيل حسبما جاء في القرآن الكريم؟!
إلا إذا كان "صلى الله عليه وآله" يريد التذكير بما جرى لهذين النبيين العظيمين مع قومهما، وأنه سيجري من أصحابه على خليفته ما يشبه ذلك، والله هو العالم بحقيقة الحال.
وما فائدة ذكر البكرين الأحمرين؟! وذكر خطامهما، وأنهما من ليف؟!
وما فائدة ذكر أزرهما، وأرديتهما؟!
ولماذا؟! ولماذا؟!
متى حج النبي ' متمتعاً؟!:
ويلاحظ هنا: أن بعض الروايات تقول عن التمتع بالعمرة إلى الحج: أمرنا بها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو فعلناها مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" أو نحو ذلك، وهو تعبير منسجم مع ما جرى، وليس فيه ما يريب، أو ما يدعو إلى التساؤل..
لكن هناك تعابير وردت ربما تكون مثاراً للسؤال، كقول بعض الروايات: تمتع نبي الله وتمتعنا معه([360]).
وفي رواية: أعلم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب، ولم ينهنا عنهما الخ..
أو قول عمر عن حج التمتع: قد علمت أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد فعله وأصحابه.
أو قول سعد بن مالك عن المتعة: قد صنعها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وصنعناها معه.
أو قول ابن عمر: قد فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأمر به وغير ذلك([361]).
ويمكن أن يجاب: بأنه بعد أن ثبت أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حج قارناً لا متمتعاً، فلا بد أن تحمل هذه الروايات على أن ثمة تصرفاً تعرض له النص الأصلي، بأن يكون الرواة قد بدلوا الحديث الذي كان عن متعة النساء ليصبح عن متعة الحج، أو لا بد من طرح النص وإهماله، والأخذ بما يتوافق مع الثابت عنه "صلى الله عليه وآله"، وهو تلك النصوص المتواترة التي صرحت بأنه "صلى الله عليه وآله" قد فرض عليهم فسخ حجهم إلى عمرة، ليكون حجهم حج تمتع، وأنه "صلى الله عليه وآله" بقي على حج القران، لأنه ساق الهدي.
وقد يُحمل بعض النصوص على أن قوله: جمع بين حجة وعمرة: أنه أمر بذلك، وشرعه، وقرره..
أما النصوص المطلقة، فيمكن حملها على إرادة متعة النساء، أيضاً..
وبعض نصوص قول ابن عمر قد جاء على صورة القضية التعليقية، التقديرية، فلا تدل على أنه "صلى الله عليه وآله" قد فعل ذلك على الحقيقة..
الطيب للمحرم حرام:
وقد زعمت الروايات المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" تطيب، وأن عائشة كانت ترى الطيب في مفرق رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد أيام، أو بعد ثالثة وهو محرم.
ونقول:
لا ريب في عدم صحة ذلك، قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب. وقد قال النبي "صلى الله عليه وآله" في المحرم الذي وقصته راحلته([362]): "لا تمسوه بطيب" رواه مسلم.
وفي لفظ: "لا تحنطوه" متفق عليه.
فلما منع الميت من الطيب لإحرامه فالحي أولى. ومتى تطيب فعليه الفدية"([363]) انتهى.
أحرم بعد صلاة الظهر:
ولا نرى تناقضاً بين قولهم في النص المتقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" لما صلى الصبح أخذ في الإحرام..
وبين قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" أحرم بعد صلاة الظهر، فإن المقصود بأخذه في الإحرام هو التهيؤ له، بفعل مقدماته، مثل الغسل المستحب قبله، وإزالة الشعر ونحو ذلك..
الأمر بفسخ الحج إلى العمرة:
وقد تقدم: أن أربعة عشر من الصحابة قد رووا عن النبي "صلى الله عليه وآله" أمره بفسخ الحج إلى العمرة، فحل الناس كلهم إلا النبي "صلى الله عليه وآله" ومن كان معه هدي، لأنه كان قد ساق الهدي، فصار حجهم حج قران.
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" أخبرهم: أن حج التمتع الذي نزل الأمر به بعد أن ساق النبي "صلى الله عليه وآله" الهدي أفضل من حج القران، وأنه بعد حجه هذا سوف يختار الأفضل، وأنه لو كان استقبل من أمره ما استدبر لما ساق الهدي ولجعلها عمرة..
وقد ادَّعى ابن القيم حسبما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد خير من لم يكن معه هدي بين حج القران وحج التمتع في سرف، فلما وصل إلى مكة ألزم من ليس معه هدي بجعلها عمرة، وأن يحج متمتعاً، ومن معه هدي ألزمه بحج القران في مكة.
وهو كلام غير دقيق.. فإن الذين لم يسوقوا الهدي، وقد احرموا من الميقات لم يكونوا مخيرين بين القران والتمتع. بل كان فرضهم التمتع حصراً، ولكن ذلك لم يكن يروق لهم، بل كانوا يعارضونه أشد المعارضة، وقد عارضه عمر بن الخطاب في مكة. فأحب "صلى الله عليه وآله" أن يتدرج معهم في إبلاغهم هذا الحكم. فقال لهم أولاً: من أحب. ثم لما وصلوا إلى مكة ألزمهم بما فرضه الله تعالى عليهم، ولم يلتفت إلى كلام عمر، ولا إلى كلام غيره..
وسيأتي الحديث عن موقف عمر هذا إن شاء الله..
دخلت العمرة في الحج إلى الأبد:
وقد فسر البعض قوله "صلى الله عليه وآله": "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة"، بأن العمرة جزء من حج القران، فمن ثم قيل:قرن، أي قرن بين الحج والعمرة وقالوا: إنه "صلى الله عليه وآله" كان مفرداً أولاً، ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك، وأدخلها على الحج فصار قارناً، واكتفى بطواف الحج وسعيه عنه وعنها، كما زعم ابن كثير.
ونقول:
إن دعوى وجود عمرة في ضمن حج القران، من دون أن يكون لها طواف ولا صلاة، ولا سعي، ولا تقصير تحتاج إلى إثبات قاطع للعذر.. وما قولهم: إنه اكتفى بطواف الحج وسعيه عن طواف العمرة وسعيها إلا اقتراح وافتراض إلا إن لم يقترن بالدليل والحجة..
وكلمة: "دخلت العمرة في الحج إلى الأبد"، قد قيلت في جواب سراقة عن حكمة تحويل وفسخ حج الناس الذين لم يسوقوا الهدي إلى العمرة التي تسبق حج التمتع، فأجابه "صلى الله عليه وآله" بالتأكيد على أن فرض الذين لا يسكنون داخل المواقيت إلى جهة مكة ما إذا لم يسوقوا الهدي هو التمتع، ولزوم تقديم العمرة على الحج. وأن هذا الحكم ثابت إلى الأبد.
التلويح ثم التصريح:
وتقدم قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" خرج من المدينة لا يسمى حجاً ولا عمرة، ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة، فأمر من لم يكن معه هدي يجعلها عمرة.
ونقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان عالماً بالحكم، وقد صرحت النصوص: بأنه "صلى الله عليه وآله" أهلَّ بحج القران كما تقدم، ولكنه لم يكن يصرح للناس بشيء، لأنه كان يتصرف وفق خطة إلهية تهدف إلى تكريس حج التمتع الذي كان يلقى معارضة شديدة.. فأشار عليهم بحج التمتع بسرف، فلم يستجيبوا له، فلما بلغ مكة أمرهم به بصورة جازمة، فاعترض عليه عمر، فلم يلتفت إليه، وأمضى ذلك عليهم..
وقد ميز نفسه عنهم بحج القران، ليؤكد لهم ولكل أحد تحديد ما يرمي إليه، ولا يفسح المجال لأي تأويل أو افتئات، فإنه كان يعرف أن هذا الحكم سيلقى معارضة قوية.
وكان لا بد أن يتخذ الإجراءات المناسبة ليكسر حالة اللجاج والعناد التي ظهرت آثارها في اعتراض عمر الذي استمر على المعارضة الشديدة حتى في زمن خلافته..
دخلت العمرة في الحج:
وعن جوابه "صلى الله عليه وآله" لسراقة بن مالك عن فسخ الحج إلى العمرة بقوله: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" نقول:
إن فسخ الحج إلى عمرة قد لا يصدق على كثيرين، فقد قالت عائشة: "خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا نذكر حجاً ولا عمرة"([364]).. فإذا كانت عائشة وأمثالها لا يذكرون شيئاً منهما، فما بالك بالآخرين، الذين كان أكثرهم بعيدين عن التدقيق في مثل هذا الأمر.
عمر لا يرضى بحكم الله!!:
ورغم أن الآية القرآنية الكريمة تنص على تشريع التمتع بالعمرة إلى الحج، في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ}([365]).
ورغم أن الناس قد فعلوا حج التمتع في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبالذات في السنة العاشرة من الهجرة، وذلك قبل استشهاد النبي "صلى الله عليه وآله" بقليل، الذي كان في الثامن والعشرين من شهر صفر..
نعم، رغم ذلك، فإن عمر بن الخطاب قد أصر على مواصلة إنكاره لحج التمتع، حتى إذا نال ما تمناه من الإمرة على الناس بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" منعهم عنها بالقوة، وقد تقدم حديث منعه عن متعة الحج ومتعة النساء، وتوعده بعقوبة من يفعل أية واحدة منهما..
ونشير فيما يلي إلى نصوص أخرى ذكرت منعه عن متعة الحج بالخصوص، فقد روي عن أبي موسى: أنه سأل عمر عن متعة الحج، فأجابه بقوله: "قد علمت أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد فعله وأصحابه، ولكنني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم"([366]).
وقد فسرت بعض الأحاديث الرجل الذي لم يرضى بحكم الله في النسك بعمر([367]).
وقد اعترض الضحاك على سعد بن مالك: بأن عمر قد نهى عن حج التمتع، فقال له سعد: قد صنعها رسول الله "صلى الله عليه وآله" وصنعناها معه([368]).
وسئل سعد بن مالك أيضاً عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: حسنة جميلة.
فقيل: قد كان عمر ينهى عنها، فأنت خير من عمر؟!([369]).
قال: عمر خير مني، وقد فعل ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو خير من عمر.
وعن سالم قال: إني لجالس مع ابن عمر في المسجد، إذ جاء رجل من أهل الشام، فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال ابن عمر: حسن جميل.
قال: فإن أباك كان ينهى عنها.
فقال: ويلك! فإن أبي نهى عنها، وقد فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأمر به، أفبقول أبي آخذ؟ أم بأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! قم عني([370]).
وثمة نصوص أخرى تدل على منع عمر من متعة النساء، في أيام خلافته فلتراجع في مظانها([371]).
وقد صرح في بعضها: بأنه سوف يعاقب من يحاول أن يخالف أمره الصارم في متعة النساء ومتعة الحج، ومصادر ذلك تأتي في الفقرة التالية..
أول من نهي عن حج التمتع:
وزعمت النصوص المتقدمة: أن معاوية هو أول من نهى عن حج التمتع بالعمرة إلى الحج([372]).
وفي نصوصٍ أخرى: أن عثمان هو الذي نهى عنها([373]).
ونقول:
أولاً: إن هذا الكلام غير صحيح، فإن عمر بن الخطاب هو أول من نهى عن حج التمتع، وذلك في قوله المشهور: "متعتان كانتا على عهد رسول "صلى الله عليه وآله" أنا أحرمهما، وأعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج"([374]).
ثانياً: إن معاوية نفسه يقول: إنه هو الذي قصر للنبي "صلى الله عليه وآله" بمشقص بعد طوافه وسعيه في أيام العشرة([375]).
لكن قيس بن سعد، الراوي عن عطاء قال: والناس ينكرون هذا على معاوية([376]).
فإذا كان معاوية يروي: أنه هو الذي قصر لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في عمرة حج التمتع، فكيف يكون هو نفسه الناهي عن حج التمتع كما نقله لنا ابن عباس؟!
غير أننا نقول:
إن معاوية كاذب في دعواه: أنه قصر للنبي "صلى الله عليه وآله" بعد طوافه وسعيه للعمرة في حجة الوداع.. لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حج قارناً، فلا معنى للتقصير بعد الطواف والسعي في أيام العشر.
وعلى فرض كونه صادقاً أو كاذباً، فإنه متجرئ على الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله" عن علم وعمد في منعه الناس عن فعل ما شرعه الله تعالى لهم.
تأويلات للخروج من المأزق:
وحين رأوا: أن ما فعله عمر قد جاء واضحاً وفاضحاً، ولا مجال للتسويق له، حاولوا تلطيف الأجواء بطرح بعض التعليلات، ومن هذه التأويلات:
1 ـ ما زعم ابن عمر: أن أباه لم يقل: يحرم التمتع بالعمرة إلى الحج، وإنما قال: أفردوا العمرة من الحج، لكي يزور الناس البيت في غير أشهر الحج، أي أن العمرة لا تتم في شهر الحج إلا بهدي، قال: "فجعلتموها أنتم حراماً، وعاقبتم الناس عليها، وقد أحلها الله عز وجل الخ.."([377]).
وفي نص آخر عن ابن عمر: أن عمر لم يقل لك: "إن العمرة في أشهر الحج حرام، ولكنه قال: إنّ أَتَمّ العمرة أن تفردها من أشهر الحج"([378]).
وعن ابن عمر أيضاً: أن عمر بن الخطاب قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإن ذلك أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج([379]).
ونقول:
إن هذه التأويلات لا تصح ولا تجدي وذلك لما يلي:
أولاً: إن عمر نفسه كان يتبجح بأنه إنما ينهاهم عن نفس ما أمر الله به في كتابه، وفعله رسوله "صلى الله عليه وآله".
فعن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول: والله إني لأنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله، ولقد فعلها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يعني العمرة في الحج([380]).
ثانياً: عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحج، وقال: فعلتها مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنا أنهى عنها.
إلى أن قال: لو خلينا بينهم وبين ذلك لعانقوهن تحت الأراك، مع أن أهل البيت ـ يعني أهل مكة ـ ليس لهم ضرع ولا زرع، وإنما ربيعهم في من يطرأ عليهم([381]).. أي أنه يريد ان يعتمر الناس في غير أشهر الحج لينتفع بهم أهل مكة، إذ ليس لهم ضرع.
ثالثاً: إن جعل العمرة في غير أشهر الحج، معناه: إلغاء حج التمتع، واختلاف التعابير أو التأويلات لا يفيد شيئاً، وهذا يخالف ما جاء به الكتاب، وأمرهم به الرسول "صلى الله عليه وآله".
ولا ينفع التمسك تارة: بمقولة أنه يريد لأهل مكة أن ينتفعوا بورود المعتمرين عليهم.
وأخرى: بأنه لا يريد للناس أن يذهبوا إلى عرفات ورؤوسهم تقطر من ماء غسل الجنابة، أو خوفاً من أن يعرسوا بالنساء في أراك عرفات، أو خوفاً من أن يذهبوا إلى عرفات وذكورهم تقطر منياً، على حد تعابير عمر بن الخطاب في الموارد المختلفة. فإن ذلك لا يدفع غائله إقدام عمر على تغيير أحكام الشرع، وعدم الرضا بها..
بل إنه حتى لو أراد إدخال أي تعديل عليها، ولو بمقدار ترجيح حج القران على حج التمتع، أو ترجيح الفصل بين العمرة وبين الحج، بفاصل زمني محدَّد، ولو كان يسيراً.. فإن ذلك سيكون أيضاً إدخالاً لما ليس من الدين في الدين، وهو محرم قطعاً، واستدراك على الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"، وإظهاره وكأن من يفعل ذلك ويصر عليه ويرتأي ويستحسن، ثم يعاقب من يخالفه ـ إن هذا الشخص ـ يرى نفسه أعرف من الله ورسوله "صلى الله عليه وآله" بما يصلح الأمة، أو بالأرجح والأولى.. وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً من أي كان من الناس..
وخلاصة الأمر: لقد حاول عبد الله بن عمر أن يدافع عن أبيه، بادعاء: أنه لم يحرم حج التمتع، ولم يعاقب عليه، وإنما رجح للناس أن يفصلوا العمرة عن الحج، ويجعلوها في غير أشهر الحج..
وهي محاولة فاشلة وباطلة، وأما فشلها فلما ذكرناه آنفاً من أنه لا يحق لأحد أن يتصرف في التشريع برأيه. وأما بطلانها فلما تقدم من أنه حرم المتعة في الحج، ومتعة النساء بصورة باتة وقاطعة وتوعد المخالف بالعقوبة.
2 ـ وتأويل آخر قد عكس الدعوى، فقال:
إن عمر لم ينه عن العمرة التي يعقبها الحج، بل نهى عن الحج الذي يؤتى بالعمرة بعده([382]).
وقد رد ذلك العيني:
أولاً: بما جاء في رواية مسلم من التصريح بكونها متعة الحج.
ثانياً: سيأتي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعمر بعض أهله وهي عائشة في العشر، بمجرد فراغه من نفره من منى.
ثالثاً: في رواية له: جمع بين حج وعمرة، ومراده التمتع المذكور، وهو الجمع بينهما في عام واحد([383]).
ويمكن مراجعة ما قاله العلامة الأميني في الجواب عن ذلك([384])..
3 ـ هناك من حاول أن يصحح موقف عمر بن الخطاب بادِّعاء: أن الحكم بالتمتع بالعمرة إلى الحج خاص بالصحابة، فلعمر الحق في أن يمنع غيرهم من حج التمتع، ويعاقب فاعله.
وقد ذكر ذلك في رواية رواها رجل اسمه بلال..
ونقول:
أولاً: قال ابن القيم: إن تلكم الآثار الدالة على الإختصاص بالصحابة، بين باطل لا يصح عمن نسب إليه البتة، وبين صحيح عن قائل غير معصوم، لا يعارض به نصوص المشرع المعصوم([385]).
ثانياً: صرحت الرواية: بأن سراقة بن مالك قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": متعتنا هذه يا رسول الله، لعامنا هذا، أم للأبد؟.
قال: لا، بل لأبد الأبد([386]) أو نحو ذلك كما عن سراقة، وابن عباس، وعمر بن الخطاب([387])..
ثالثاً: قال أحمد عن بلال راوي الحديث لا يعرف هذا الرجل، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال عندي بثبت([388]).
وقال ابن القيم: نحن نشهد بالله أن حديث بلال هذا لا يصح عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو غلط عليه([389])..
4 ـ وتأويل رابع تضمنته رواية مزعومة تقول: عن سعيد بن المسيب: أن صحابياً أتى عمر بن الخطاب فشهد عنده: أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مرضه الذي توفي فيه ينهى عن العمرة قبل الحج([390])..
ونقول:
أولاً: قال العيني وغيره: إن هذا الحديث مخالف للكتاب والسنة، والإجماع([391])..
ثانياً: وقال أبو سليمان الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته، وجوز ذلك إجماع أهل العلم ولم يذكر فيه خلافاً([392]).
أو: قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرتين قبل حجه، والأمر الثابت المعلوم لا يترك بالأمر المظنون وجواز ذلك إجماع من أهل العلم لم يذكر فيه خلاف([393]).
ثالثاً: قال الزرقاني: إسناده ضعيف ومنقطع كما بينه الحفاظ([394])..
رابعاً: لماذا لم يذكر لنا سعيد بن المسيب اسم ذلك الصحابي الذي أدلى بهذه الشهادة؟!
خامساً: لماذا لم ينقل هذا الأمر عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا ذلك الصحابي؟! وأين كان سائر الصحابة عن مجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" في تلك الساعة؟!
وكيف اكتفى النبي "صلى الله عليه وآله" في نسخ حكم ثابت في الكتاب ـ وقد عمل به عشرات الألوف من الناس بذكره أمام هذا الرجل الوحيد المجهول؟!!
ولماذا لم ينقل هذه الشهادة أمام عمر بن الخطاب إلا سعيد بن المسيب، الذي ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر كما ذكره ابن عبد البر؟!([395]) أو لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر كما ذكره غيره([396]).
فعمن نقل ابن المسيب حديثه هذا يا ترى؟!.
سادساً: لماذا لم يستشهد عمر بن الخطاب بهذا النهي على الصحابة الذين انتقدوه على تحريمه للمتعتين، ولم يستشهد به عثمان على حرمة حج التمتع، ليحسم الأمر في احتجاجه على أمير المؤمنين "عليه السلام"، كما سنرى إن شاء الله تعالى؟!.
سابعاً: إذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا يصر عمر على نسبة النهي عن المتعتين إلى نفسه، فيقول: أنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما؟! ألم يكن الأولى أن ينسب ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وينوه بما ذكره له ذلك الصحابي، لكي يدفع عن نفسه غائلة التهمة بتصديه لإبطال أحكام الله، وتشريع ما يخالف الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله"؟!.
سبب اختلافهم في حج النبي ':
وحاولوا توجيه اختلافاتهم في طبيعة حج النبي "صلى الله عليه وآله": بأن سببه اختلاف إهلال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتارة: كان يهلُّ بحجة وأخرى: بعمرة، وثالثة: يهلُّ بحجة وعمرة.
ونحن لا نشك في عدم صحة هذا الكلام من أساسه..
فأولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن متحيراً فيما يفعل، بل كان عالماً بأنه يحج حج قران، فما معنى أن يهلَّ بالعمرة؟!
ثانياً: تقدم: أن عائشة قالت: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المدينة، لا يسمي حجاً ولا عمرة، ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة الخ..
وأعجب من ذلك قول النووي والقسطلاني المتقدم: إنه "صلى الله عليه وآله" كان مفرداً بالحج أولاً، ثم أحرم بالعمرة ثانياً، ثم أدخلها في الحج ثالثاً، فصار قارناً.
فإن هذا كله لا معنى له إذا كان قد ساق الهدي وأشعره، حسبما أوضحته الروايات..
تصديق روايات الإعتمار أربعاً:
وزعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد اعتمر أربع عمر.
وسيأتي: أن هذا غير صحيح.
والصحيح: هو ما روي عن أهل البيت "عليهم السلام"، من أنه اعتمر ثلاث مرات فقط، وهي الحديبية، والقضاء، والجعرانة بعد حنين..
وليس في حج القران عمرة، وما زعموه من أن طواف الحج وسعيه يقوم مقام العمرة كما ذكره ابن كثير في النص المتقدم لا قيمة له من الناحية العلمية، إلا إذا أثبت ذلك بدليل قاطع، ولم يثبت أن الإنسان يعنبر معتمراً حتى حيث لا يوجد شيء من أفعال العمرة، فلا طواف ولا سعي ولا تقصير، ولا غير ذلك..
أهل الجاهلية يمنعون من حج التمتع:
وعن سبب رفض الناس حج التمتع آنئذٍ نقول:
أولاً: قال الترمذي والعيني وعيرهما ـ تعليقاً على حديث سراقة ـ حول ثبوت حكم التمتع إلى الأبد: "معنى هذا الحديث: أن أهل الجاهلية كانوا لا يعتمرون في أشهر الحج، ولا يرون العمرة في أشهر الحج إلا فجوراً، فلما جاء الإسلام رخص النبي "صلى الله عليه وآله" في ذلك، فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة": يعني: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج.. انتهى([397]).. وهو كلام هام جداً.
غير أننا نلاحظ على تعابير الترمذي وغيره:
1 ـ قولهم: "رخص" أو "أذن" أو "جوز"، مع أن هذا الحكم مفروض على الناس، وقد أعلن النبي "صلى الله عليه وآله" أن حج التمتع أفضل من حج القران، ومن الإفراد.
2 ـ إنه نسب الترخيص لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، مع أن هذا الحكم قد نزل به القرآن، وألزم به رسول الله "صلى الله عليه وآله" كل من لم يسق الهدي..
ثانياً: عن ابن عباس، قال: والله، ما أعمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك.
وقال: كانوا يرون: أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض([398]).
علي × لا يدع السنة لقول أحد:
وقد رووا: أن علياً "عليه السلام" حج في زمن عثمان، حج تمتع، فأحفط ذلك عثمان بن عفان، فقال: لعلي "عليه السلام": تراني أنهى الناس عن شيء، وأنت تفعله؟!
فقال "عليه السلام": ما كنت لأدع سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لقول أحد من الناس([399]).
وفي نص آخر: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله"([400]).
وفي نص ثالث: أن علياً "عليه السلام" قال لعثمان: عمدت إلى سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورخصة رخص للعباد بها في كتابه، تضيق عليهم فيها، وتنهى عنها؟! وكانت لذي الحاجة، ولنائي الدار!!
ثم أهلَّ بعمرة وحجة معاً.
فأقبل عثمان على الناس، فقال: وهل نهيت عنها؟! إني لم أنه عنها إنما كان رأياً أشرت به، فمن شاء أخذ به، ومن شاء تركه([401])..
وحسبنا ما ذكرناه حول هذا الموضوع، فإن الحديث عنه طويل.. والحر تكفيه الإشارة..
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الثامن: جيش الإسلام في تبوك.............................. PAGEREF _Toc149140681 \h 5 ـ 48
الفصل التاسع: رسائل.. وأجوبتها.............................. PAGEREF _Toc149140719 \h 49 ـ 106
الفصل العاشر: في طريق العودة.............................. PAGEREF _Toc149140758 \h 107 ـ 150
الفصل الحادي عشر: أصح الروايات عن تبوك.. أو زبدة المخض PAGEREF _Toc149354018 \h 151 ـ 176
الفصل الثاني عشر: النبي ' في المدينة بعد تبوك....... PAGEREF _Toc149354033 \h 177 ـ 232
الباب العاشر: تبليغ سورة براءة وحجة الوداع
الفصل الأول: أبو بكر وسورة براءة: هكذا يزوّرون الحقائق PAGEREF _Toc149354063 \h 235 ـ 284
الفصل الثاني: حجة الوداع..................................... PAGEREF _Toc149354094 \h 285 ـ 236
الفهارس:........................................................... PAGEREF _Toc149354207 \h 337 ـ 351
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2,1,عنوان 3,1,عنوان 4,1,عنوان 5,1,عنوان 6,1"
الفصل الثامن: جيش الإسلام في تبوك
نزول المسلمين في تبوك:....................................................... PAGEREF _Toc150500737 \h 7
النبي ' لا يسب أحداً:............................................................ PAGEREF _Toc150500738 \h 9
الجمع بين الصلاتين وتأخير الصلاة:......................................... PAGEREF _Toc150500739 \h 9
خطبة النبي ' في تبوك:...................................................... PAGEREF _Toc150500740 \h 12
الإرتياب من الكفر:............................................................. PAGEREF _Toc150500741 \h 14
النياحة من أعمال الجاهلية:................................................... PAGEREF _Toc150500742 \h 14
الشعر من إبليس:................................................................ PAGEREF _Toc150500743 \h 15
الشقي من شَقِيَ في بطن أمه:................................................. PAGEREF _Toc150500744 \h 15
عباد بن بشر على الحرس في تبوك:....................................... PAGEREF _Toc150500745 \h 16
مسجد تبوك:..................................................................... PAGEREF _Toc150500746 \h 19
1 ـ تحديد الجهات:.................................................... PAGEREF _Toc150500747 \h 19
2 ـ مسجد تبوك وقبلته:.............................................. PAGEREF _Toc150500748 \h 19
3 ـ ما هاهنا يمن:..................................................... PAGEREF _Toc150500749 \h 20
النبي ' في تبوك يصلي على ميت في المدينة:........................... PAGEREF _Toc150500750 \h 20
المرور بين يدي المصلي:..................................................... PAGEREF _Toc150500751 \h 23
كرامات لرسول الله ' في تبوك:.......................................... PAGEREF _Toc150500752 \h 27
الكافر يأكل في سبعة أمعاء:.................................................. PAGEREF _Toc150500753 \h 30
حديث الجراب في ميزان الإعتبار:......................................... PAGEREF _Toc150500754 \h 32
عرباض ملازم لباب الرسول ':........................................... PAGEREF _Toc150500755 \h 32
لماذا المعجزة والكرامة هنا؟!:............................................... PAGEREF _Toc150500756 \h 33
لولا أني أستحي من ربي!!:.................................................. PAGEREF _Toc150500757 \h 33
نفضنا جُرَبَنا:.................................................................... PAGEREF _Toc150500758 \h 34
يطلع قرن الشيطان من المشرق:............................................. PAGEREF _Toc150500759 \h 35
تعقلها، ولا ترثها:............................................................... PAGEREF _Toc150500760 \h 36
ها هنا يطلع قرن الشيطان:.................................................... PAGEREF _Toc150500761 \h 37
الإيمان يمان:.................................................................... PAGEREF _Toc150500762 \h 41
ما ذنب الفدادين؟!:............................................................. PAGEREF _Toc150500763 \h 42
هبوب ريح لموت عظيم النفاق:.............................................. PAGEREF _Toc150500764 \h 43
بئر سعد بن هذيم:............................................................... PAGEREF _Toc150500765 \h 44
أعطيت خمساً:................................................................... PAGEREF _Toc150500766 \h 45
متى بعث النبي للعالمين ':................................................... PAGEREF _Toc150500767 \h 46
آية التيمم متى نزلت؟:.......................................................... PAGEREF _Toc150500768 \h 47
الصلاة في الكنائس والبيع، وحرمة الغنائم:............................... PAGEREF _Toc150500769 \h 47
هي! ما هي؟!:................................................................... PAGEREF _Toc150500770 \h 48
نقض أول الكلام بآخره:....................................................... PAGEREF _Toc150500771 \h 48
لو تركته لسال الوادي سمناً:.................................................. PAGEREF _Toc150500772 \h 48
الفصل التاسع: رسائل.. وأجوبتها..
رسائل بين النبي ' وقيصر:................................................. PAGEREF _Toc150500775 \h 51
نص الراوندي:.................................................................. PAGEREF _Toc150500776 \h 58
لماذا ضمان الجنة؟!:........................................................... PAGEREF _Toc150500777 \h 59
إذا جاء الليل أين يكون النهار؟!:............................................. PAGEREF _Toc150500778 \h 61
توضيحات لا بد منها:.......................................................... PAGEREF _Toc150500779 \h 62
لم تحدثه نفسه بشيء:.......................................................... PAGEREF _Toc150500780 \h 66
صاحب الروم.. وعظيم الروم:............................................... PAGEREF _Toc150500781 \h 67
بين هرقل وفرعون:........................................................... PAGEREF _Toc150500782 \h 67
ذهاب ملك النجاشي:........................................................... PAGEREF _Toc150500783 \h 69
مؤتة هي القوة الرادعة:....................................................... PAGEREF _Toc150500784 \h 70
الإستكبار الغبي:................................................................. PAGEREF _Toc150500785 \h 73
كذب عدو الله، وليس بمسلم:.................................................. PAGEREF _Toc150500786 \h 73
رفض التنوخي للإسلام غير منطقي:....................................... PAGEREF _Toc150500787 \h 75
هرقل يمنع الفلاحين من الإسلام، ومن الجزية:.......................... PAGEREF _Toc150500788 \h 75
حكم الإسلام واحد:............................................................. PAGEREF _Toc150500789 \h 77
الخطاب لهرقل دون سواه:.................................................... PAGEREF _Toc150500790 \h 77
ملك أيلة، وجربا، ومقنا:...................................................... PAGEREF _Toc150500791 \h 78
كتابه ' ليُحَنَّة:................................................................... PAGEREF _Toc150500792 \h 80
كتابه ' لأهل أذرح وجربا:.................................................. PAGEREF _Toc150500793 \h 82
كتابه ' لأهل مقنا:............................................................. PAGEREF _Toc150500794 \h 83
كتاب إلى مالك بن أحمر:...................................................... PAGEREF _Toc150500795 \h 85
وفدان لجذام:..................................................................... PAGEREF _Toc150500796 \h 86
من بركات تبوك:............................................................... PAGEREF _Toc150500797 \h 87
يريد كتاباً يدعو قومه به:...................................................... PAGEREF _Toc150500798 \h 87
أمان الله، وأمان رسوله:....................................................... PAGEREF _Toc150500799 \h 87
إرفع رأسك:...................................................................... PAGEREF _Toc150500800 \h 88
اليهودي والصليب:............................................................. PAGEREF _Toc150500801 \h 88
لمحة توضيحية في كتاب يُحَنَّة:.............................................. PAGEREF _Toc150500802 \h 89
أهل مقنا معتدون:............................................................... PAGEREF _Toc150500803 \h 89
الأمير من أهل البيت فقط:.................................................... PAGEREF _Toc150500804 \h 90
كتاب مزوَّر لأهل مقنا:........................................................ PAGEREF _Toc150500805 \h 90
قصة ذي البجادين:............................................................. PAGEREF _Toc150500806 \h 92
إعتراض عمر على قراءة القرآن:........................................... PAGEREF _Toc150500807 \h 94
لم يدع له بالشهادة!:............................................................ PAGEREF _Toc150500808 \h 95
إلى دمشق:....................................................................... PAGEREF _Toc150500809 \h 96
حديث الطاعون في الشام:.................................................... PAGEREF _Toc150500810 \h 98
قتال الملائكة في تبوك:..................................................... PAGEREF _Toc150500811 \h 104
الفصل العاشر: في طريق العودة
قبل المسير:.................................................................... PAGEREF _Toc150500814 \h 109
بعد بدء المسير:............................................................... PAGEREF _Toc150500815 \h 112
نبي يحتاج إلى مرشد!:...................................................... PAGEREF _Toc150500816 \h 113
صلاة الصبح تفوت النبي ' مرة أخرى:................................ PAGEREF _Toc150500817 \h 114
النبي ' يلعن أربعة سبقوه إلى الماء:..................................... PAGEREF _Toc150500818 \h 116
النبي ' يسقي الجيش من قربة واحدة:................................... PAGEREF _Toc150500819 \h 117
لا حاجة إلى الإعادة:......................................................... PAGEREF _Toc150500820 \h 119
النبي ' مال إلى شقه فأسنده:.............................................. PAGEREF _Toc150500821 \h 119
أين الجيش؟:................................................................... PAGEREF _Toc150500822 \h 120
لا سبيل للشيطان على الأنبياء ^:......................................... PAGEREF _Toc150500823 \h 122
لو أطاعوا أبا بكر وعمر لرشدوا:......................................... PAGEREF _Toc150500824 \h 122
المنفرون برسول الله ' ليلة العقبة:....................................... PAGEREF _Toc150500825 \h 123
المجرمون.. من أي القبائل؟!:.............................................. PAGEREF _Toc150500826 \h 131
الأسماء التي يدعونها:....................................................... PAGEREF _Toc150500827 \h 132
سبب إخفاء الأسماء:......................................................... PAGEREF _Toc150500828 \h 135
إفلات اسم أبي موسى الأشعري:.......................................... PAGEREF _Toc150500829 \h 136
لائحة المجرمين لدى آخرين:............................................... PAGEREF _Toc150500830 \h 137
عرفهم بعلم النبوة، فلا مؤاخذة للمجرمين:............................... PAGEREF _Toc150500831 \h 141
حمزة بن عمرو الأسلمي:................................................... PAGEREF _Toc150500832 \h 142
دباب الحصى، والهوة السحيقة:........................................... PAGEREF _Toc150500833 \h 142
في تبوك أم في حجة الوداع؟!:............................................ PAGEREF _Toc150500834 \h 143
لماذا هذه المؤامرة؟!:........................................................ PAGEREF _Toc150500835 \h 144
لمحات أخرى على ما جرى في العقبة:.................................. PAGEREF _Toc150500836 \h 145
قصة الحفيرة:................................................................. PAGEREF _Toc150500837 \h 146
سبب منع النبي ' الناس من مرافقته:.................................... PAGEREF _Toc150500838 \h 147
التخفي بصورة حجر:....................................................... PAGEREF _Toc150500839 \h 148
رؤساء العسكر هم العدو:................................................... PAGEREF _Toc150500840 \h 149
الفصل الحادي عشر: أصح الروايات عن تبوك.. أو زبدة المخض
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc150500843 \h 153
النص الأقرب والأصوب:.................................................. PAGEREF _Toc150500844 \h 153
الإنقلاب يبدأ بضرب نقطة الإرتكاز:.................................... PAGEREF _Toc150500845 \h 162
الخطة الملعونة:............................................................... PAGEREF _Toc150500846 \h 163
القرار النبوي في ثلاثة اتجاهات:.......................................... PAGEREF _Toc150500847 \h 163
الإخبار بالغيب، والمعجزات في تبوك:.................................. PAGEREF _Toc150500848 \h 164
إن تهلك هذه العصابة لا تعبد:.............................................. PAGEREF _Toc150500849 \h 165
قائد السرية خالد؟! أم الزبير وأبو دجانة؟!:............................. PAGEREF _Toc150500850 \h 166
مناديل سعد، أم مناديل الزبير؟!:.......................................... PAGEREF _Toc150500851 \h 167
الحرب الإعلامية وأثرها:................................................... PAGEREF _Toc150500852 \h 169
سياسة الفضائح:.............................................................. PAGEREF _Toc150500853 \h 170
عدد سرية آسري أكيدر:..................................................... PAGEREF _Toc150500854 \h 172
المطلوب من الزبير خاصة:................................................ PAGEREF _Toc150500855 \h 173
الفصل الثاني عشر: النبي ' في المدينة بعد تبوك
بالمدينة أقوام لهم أجر المجاهدين:......................................... PAGEREF _Toc150500858 \h 179
المدينة تنفي خبثها، وخير دور الأنصار:................................ PAGEREF _Toc150500859 \h 181
خبث أهل المدينة:............................................................. PAGEREF _Toc150500860 \h 182
نفي الخبث هو فضح المنافقين:............................................ PAGEREF _Toc150500861 \h 187
نقل الوباء إلى خم:............................................................ PAGEREF _Toc150500862 \h 187
أحد جبل يحبنا ونحبه:....................................................... PAGEREF _Toc150500863 \h 195
خير دور الأنصار حديث مشكوك:....................................... PAGEREF _Toc150500864 \h 198
طلع البدر علينا:............................................................... PAGEREF _Toc150500865 \h 199
الأجر والحسنة:............................................................... PAGEREF _Toc150500866 \h 203
مسجد الضرار:............................................................... PAGEREF _Toc150500867 \h 204
بناة مسجد الضرار:.......................................................... PAGEREF _Toc150500868 \h 207
هدم وحرق مسجد الضرار:................................................ PAGEREF _Toc150500869 \h 208
عاقبة السكنى في مسجد الضرار:......................................... PAGEREF _Toc150500870 \h 209
عمر، وإمام مسجد الضرار:................................................ PAGEREF _Toc150500871 \h 211
بدريون.. في مسجد الضرار:.............................................. PAGEREF _Toc150500872 \h 212
سبب التسمية بمسجد الضرار:............................................. PAGEREF _Toc150500873 \h 213
هدم المسجد، لماذا؟!......................................................... PAGEREF _Toc150500874 \h 217
جيش الروم أمل أهل النفاق:................................................ PAGEREF _Toc150500875 \h 218
الملاعنة في المسجد:......................................................... PAGEREF _Toc150500876 \h 219
إيضاح مفردات:.............................................................. PAGEREF _Toc150500877 \h 220
لعل هذه أمارات شرعية؟!.................................................. PAGEREF _Toc150500878 \h 221
نزول آية اللعان واعتراض سعد:.......................................... PAGEREF _Toc150500879 \h 222
متى نزلت آية اللعان؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150500880 \h 223
جلد هلال بن أمية:............................................................ PAGEREF _Toc150500881 \h 224
لولا ما مضى من كتاب الله:................................................ PAGEREF _Toc150500882 \h 225
آمنة بنت وهب المؤمنة الطاهرة:.......................................... PAGEREF _Toc150500883 \h 228
الباب العاشر: تبليغ سورة براءة وحجة الوداع
الفصل الأول: أبو بكر وسورة براءة: هكذا يزوّرون الحقائق
أبو بكر يحج بالناس:......................................................... PAGEREF _Toc150500888 \h 237
إرجاع أبي بكر وبعث علي ×:............................................ PAGEREF _Toc150500889 \h 237
وإن مكرهم لتزول منه الجبال:............................................. PAGEREF _Toc150500890 \h 239
أساس القضية:................................................................ PAGEREF _Toc150500891 \h 239
الثناء على أبي بكر في سورة "براءة":................................. PAGEREF _Toc150500892 \h 244
من بدع الرافضة!!:.......................................................... PAGEREF _Toc150500893 \h 246
رجوع إلى روايات غير الشيعة:........................................... PAGEREF _Toc150500894 \h 247
هل نقض النبي ' العهد؟!:................................................. PAGEREF _Toc150500895 \h 251
ليس للمشرك أن يأتي بيت الله:............................................. PAGEREF _Toc150500896 \h 252
كيف يتبدل رأي النبي '؟!:................................................ PAGEREF _Toc150500897 \h 253
لا ينقض العهد إلا العاقد أو رجل منه:.................................... PAGEREF _Toc150500898 \h 254
لماذا أرجع أبا بكر؟:......................................................... PAGEREF _Toc150500899 \h 257
الله لا يؤاخذ على النوايا:.................................................... PAGEREF _Toc150500900 \h 260
لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك:...................................... PAGEREF _Toc150500901 \h 263
الحدة بين علي × وبين المشركين:........................................ PAGEREF _Toc150500902 \h 268
نحن في حيرة من أمرنا:.................................................... PAGEREF _Toc150500903 \h 270
قصة براءة دليل إمامة أبي بكر:........................................... PAGEREF _Toc150500904 \h 271
أبو بكر وعمر إلى مكة:..................................................... PAGEREF _Toc150500905 \h 273
محاولة فاشلة:................................................................. PAGEREF _Toc150500906 \h 275
أبو بكر لم يعزل:.............................................................. PAGEREF _Toc150500907 \h 276
من لم يصلح لتبليغ سورة لا يصلح للخلافة:............................. PAGEREF _Toc150500908 \h 278
نحن في حيرة من أمرنا:.................................................... PAGEREF _Toc150500909 \h 279
علي × وعمار:............................................................... PAGEREF _Toc150500910 \h 279
عودة علي ×:................................................................. PAGEREF _Toc150500911 \h 280
1 ـ النظام والإنضباط:............................................. PAGEREF _Toc150500912 \h 281
2 ـ تأكيد الإرتباط بالقيادة:........................................ PAGEREF _Toc150500913 \h 282
3 ـ الجنة هي ثمن البشارة:....................................... PAGEREF _Toc150500914 \h 282
4 ـ إستقبال علي ×:............................................... PAGEREF _Toc150500915 \h 283
جزع قريش:................................................................... PAGEREF _Toc150500916 \h 283
الفصل الثاني: حجة الوداع
الإهتمام بحجة الوداع لماذا؟!:.............................................. PAGEREF _Toc150500919 \h 287
إعلان المسير.. جاء بخلائق لا يحصون:............................... PAGEREF _Toc150500920 \h 288
حجات رسول الله ':........................................................ PAGEREF _Toc150500921 \h 288
الإعلان.. أم الأذان؟:......................................................... PAGEREF _Toc150500922 \h 290
عدد الذين حجوا مع الرسول ':........................................... PAGEREF _Toc150500923 \h 291
لماذا هذا الحشد؟!:............................................................ PAGEREF _Toc150500924 \h 292
وباء الجدري والحصبة:..................................................... PAGEREF _Toc150500925 \h 294
هكذا خرج النبي ' إلى الحج:.............................................. PAGEREF _Toc150500926 \h 294
النبي ' بذي الحليفة:......................................................... PAGEREF _Toc150500927 \h 297
لماذا إفشاء أسرار رسول الله ':.......................................... PAGEREF _Toc150500928 \h 298
دخلت العمرة في الحج:...................................................... PAGEREF _Toc150500929 \h 299
ولادة محمد بن أبي بكر:.................................................... PAGEREF _Toc150500930 \h 299
قصة الحمار الوحشي والظبي:............................................. PAGEREF _Toc150500931 \h 301
مساجد بناها الناس:........................................................... PAGEREF _Toc150500932 \h 303
ضياع زاملة رسول الله '!!:.............................................. PAGEREF _Toc150500933 \h 304
زاملة النبي ' وزاملة أبي بكر واحدة:.................................... PAGEREF _Toc150500934 \h 307
أبو بكر يضرب الغلام والنبي ' يبتسم:.................................. PAGEREF _Toc150500935 \h 309
هود وصالح يحجان:......................................................... PAGEREF _Toc150500936 \h 310
متى حج النبي ' متمتعاً؟!:................................................. PAGEREF _Toc150500937 \h 311
الطيب للمحرم حرام:......................................................... PAGEREF _Toc150500938 \h 313
أحرم بعد صلاة الظهر:..................................................... PAGEREF _Toc150500939 \h 313
الأمر بفسخ الحج إلى العمرة:............................................... PAGEREF _Toc150500940 \h 314
دخلت العمرة في الحج إلى الأبد:.......................................... PAGEREF _Toc150500941 \h 315
التلويح ثم التصريح:.......................................................... PAGEREF _Toc150500942 \h 316
دخلت العمرة في الحج:...................................................... PAGEREF _Toc150500943 \h 316
عمر لا يرضى بحكم الله!!:................................................ PAGEREF _Toc150500944 \h 317
أول من نهي عن حج التمتع:............................................... PAGEREF _Toc150500945 \h 320
تأويلات للخروج من المأزق:.............................................. PAGEREF _Toc150500946 \h 323
سبب اختلافهم في حج النبي ':........................................... PAGEREF _Toc150500947 \h 332
تصديق روايات الإعتمار أربعاً:........................................... PAGEREF _Toc150500948 \h 332
أهل الجاهلية يمنعون من حج التمتع:...................................... PAGEREF _Toc150500949 \h 333
علي × لا يدع السنة لقول أحد:............................................ PAGEREF _Toc150500950 \h 334
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150500954 \h 339
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150500956 \h 341
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص450 و 451 عن مالك، وابن إسحاق، ومسلم، وأحمد. والبداية والنهاية ج5 ص17 وج6 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص23 والسيرة الحلبية ج3 ص110 و 120. وراجع: البحار ج21 ص250 وعمدة القاري ج18 ص45 والمصنف للصنعاني ج2 ص546 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص82 وج4 ص469 وج14 ص475 والمعجم الكبير ج20 ص57 وكنز العمال ج12 ص378 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص636 وإمتاع الأسماع ج2 ص58.
([2]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص451 و 452 و 453 عن أبي نعيم، وعن البيهقي في الدلائل، وعن ابن عائذ. وعيون الأثر ج2 ص 258 والسيرة الحلبية ج3 ص110 وإمتاع الأسماع ج5 ص113.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص451 عن مالك وعن الخطيب في كتاب الرواة، وقال في هامشه: أخرجه مسلم ج4 ص1784 ـ 1785 حديث (10/706) وأحمد ج5 ص238 وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (549)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص236 وابن خزيمة (968) ومالك في الموطأ 144وانظر كنز العمال (35398). وراجع: صحيح ابن خزيمة ج2 ص82 وصحيح ابن حبان ج4 ص470 والمعجم الأوسط ج7 ص76 والمعجم الكبير ج20 ص57 و والتمهيد ج12 ص194 والإستذكار لابن عبد البر ج2 ص205 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص38 وج61 ص275 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص637 ومصادر كثيرة أخرى.
([4]) سنن الترمذي ج5 ص392 وراجع: مسند أحمد ج1 ص223 و354، وصحيح مسلم ج2 ص152 وسنن أبي داود ج1 ص272 وسنن النسائي ج1 ص290 والسنن الكبرى ج3 ص167 وج1 ص491 وتحفة الأحوذي ج1 ص478 والموطأ (ط دار إحياء التراث العربي) ج1 ص144.
([5]) الآية 78 من سورة الإسراء.
([6]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج3 ص95 والكافي ج3 ص276 وراجع: من لا يحضره الفقيه ج1 ص215 والإستبصار للطوسي ج1 ص246 وتهذيب الأحكام للطوسي ج2 ص26 وفقه الرضا لابن بابويه ص74 والهداية للصدوق ص127 وتذكرة الفقهاء (ط.ج) للحلي ج2 ص308 ومنتهى المطلب (ط.ج) للحلي ج4 ص94 وجواهر الكلام ج7 ص78 والبحار ج80 ص32 و 46.
([7]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص273 وج5 ص452 عن أحمد وقال في هامشه: أخرجه أحمد في المسند ج3 ص37 و 58 و 414 والحاكم ج2 ص67 وسنن النسائي ج6 ص12، والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص160 والجهاد لابن المبارك ص158 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص592 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص305 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص9 والجامع الصغير للسيوطي ج1 ص439 وكنز العمال ج15 ص771 والبداية والنهاية ج5 ص17 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص23 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج1 ص437.
([8]) السكركة: خمر الحبشة، وهو من الذرة، وتسمى الغبيراء أيضاً.
([9]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص452 عن البيهقي، وقال في هامشه البيهقي ج5 ص241 قال الحافظ ابن كثير في البداية ج5 ص13و 14 هذا حديث غريب، وفيه نكارة، وفي إسناده ضعيف. وراجع: كنز العمال ج15 ص930.
([10]) الآيات 224 ـ 227 من سورة الشعراء.
([11]) الآية 56 من سورة الذاريات.
([12]) التوحيد للصدوق ص356 والبحار ج5 ص157 ونور البراهين للجزائري ج2 ص285 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص590 وميزان الحكمة ج2 ص1479 وراجع: نور الثقلين ج2 ص396 .
([13]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص453 عن الواقدي، وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص68.
([14]) سبل الهدى والرشاد ج ص451 عن الواقدي.
([15]) الآية 1 من سورة الإخلاص.
([16]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص456 و 457 عن الطبراني في الكبير والأوسط، وابن سعد، والبيهقي، وأبي يعلى، وعن البداية والنهاية ج4 ص14 وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص51 ومجمع الزوائد ج3 ص37 ومسند أبي يعلى ج7 ص258 والمعجم الكبير ج19 ص429 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1423 وأسد الغابة ج4 ص389 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص640.
([17]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص457.
([18]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص453 عن أحمد وأبي داود، وقال في هامشه: أخرجه أبو داود (701) و (705)، وأحمد ج4 ص64، والبيهقي في السنن ج2 ص234 والبداية والنهاية ج5 ص14 والبخاري في التاريخ ج8 ص366، وراجع: عمدة القاري ج4 ص279 والمغني لابن قدامه ج2 ص75 ومسند الشاميين ج3 ص195 والتاريخ الكبير للبخاري ج8 ص366 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص336.
([19]) عمدة القاري ج4 ص272 عن البخاري، ومسلم وص297 وراجع: صحيح البخاري باب التطوع خلف المرأة، وباب من قال: لا يقطع الصلاة شيء، وباب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود؟ وصحيح (ط دار الفكر) ج1 ص101 و 130 وصحيح مسلم ج2 ص61 وراجع: وسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج3 ص426 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص128 وج2 ص264 و 276 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص98 وصحيح ابن حبان ج6 ص110 ومعرفة السنن والآثار ج2 ص121 والإستذكار ج2 ص85 والتمهيد لابن عبد البر ج21 ص166 و 170 ونصب الراية للزيلعي ج1 ص127 وعمدة القاري ج4 ص297 والمصنف للصنعاني ج2 ص32 وسنن النسائي ج1 ص102 والموطأ (صلاة الليل) ومسند أحمد ج6 ص44 و 55 و 142 و 225 و 255 و 182 = = وفي (ط دار الحديث) ما ورد برقم: 24510 و 25308 و 24021 و 24443 و 25513 و 25523 و 25818 و 24118 و 25572 و 25475 و 26059 و (ط دار صادر) ج6 ص148 و 225.
([20]) عمدة القاري ج4 ص279.
([21]) صحيح البخاري (كتاب الصلاة) باب الصلاة إلى السرير، وباب استقبال الرجل وهو يصلي، وباب من قال: لا يقطع الصلاة شيء و (ط دار الفكر) ج1 ص128 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص276 وصحيح مسلم ج2 ص60 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص276 ومسند ابن راهويه ج3 ص835.
([22]) عمدة القاري ج4 ص288.
([23]) عمدة القاري ج4 ص299.
([24]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج3 ص434 ـ 436 و 426 عن كتاب التوحيد للصدوق ص171 و 177 وعن تهذيب الحكام ج1 ص228 وعن الإستبصار ج1 ص204 وعن الكافي ج3 ص82 وقرب الإسناد ص54 وعن من لا يحضره الفقيه ج1 ص80.
([25]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص454 والمغازي للواقدي ج3 ص1017 وإمتاع الأسماع ج2 ص61.
([26]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص454 و 455 عن الواقدي، وأبي نعيم، وابن عساكر، والمغازي للواقدي ج3 ص1017 وراجع: كنز العمال ج12 ص432 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص189 وإمتاع الأسماع ج2 ص70 وج14 ص52.
([27]) راجع: البحار ج63 ص325 و 337 والخصال ص351 والمحاسن ص447 ومصباح الشريعة ص27 و 28.
([28]) الآية 77 من سورة لقمان.
([29]) المحاسن ص447 والبحار ج63 ص337 والكافي ج6 ص268 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج24 ص240 و (ط دار الإسلامية) ج16 ص406.
([30]) البحار ج63 ص337.
([31]) الإصابة ج2 ص473 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص398 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص176 و 177 وج40 ص187 وتهذيب الكمال ج19 ص549 وتقريب التهذيب ج1 ص669 وتهذيب التهذيب ج7 ص157.
([32]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص260 و (ط دار الجيل) ج1 ص274.
([33]) المغازي للواقدي ج3 ص1017 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص455 عنه، وتاريخ مدينة دمشق ج37 ص213 وإمتاع الأسماع ج2 ص60 ومسند الحميدي ج2 ص452 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص552 وراجع: مسند أحمد ج4 ص118 وج5 ص273 وصحيح البخاري ج4 ص97 و 154 وج5 ص122 وج6 ص178 وصحيح مسلم ج1 ص51 وفتح الباري ج6 ص250 وعمدة القاري ج15 ص191 وج18 ص31 وج20 ص293 والمعجم الكبير ج17 ص209.
([34]) الآحاد والمثاني ج5 ص302 و (ط دار الدراية للطباعة) ج5 ص308.
([35]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص46. والعمدة لابن البطريق ص456 والطرائف لابن طاووس ص297 والصراط المستقيم ج3 ص237 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص83 والجمل لابن شدقم ص47 والبحار ج31 ص639 وج32 ص287 و مناقب أهل البيت للشيرواني ص471 و مسند أحمد ج2 ص1.
([36]) مسند أحمد ج2 ص23 و 26 وصحيح مسلم ج8 ص181 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص552 وكنز العمال ج11 ص119.
([37]) دلائل الصدق ج3 ق2 ص157 عن فضل بن روزبهان، والخصائص الفاطمية للكجوري ج1 ص504 والبحار ج2 ص87 ح241 وإحقاق الحق (الأصل) ص308 وكشف الغطاء (ط.ق) ج1 ص19 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي العاملي ص83 عن صحيح البخاري عن ابن عمر.
([38]) الإستذكار لابن عبد البر ج8 ص221 وصحيح البخاري ج2 ص23 وج8 ص95 وفتح الباري ج2 ص433 وج13 ص39 وعمدة القاري ج7 ص58 وج24 ص200 وسير أعلام النبلاء للذهبي ج12 ص524 وج15 ص356 وعوالي اللآلي ج1 ص154 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص277 والتمهيد لابن عبد البر ج1 ص279 وج21 ص267 والعهود المحمدية للشعراني ص513 وكنز العمال ج12 ص300 والدر المنثور ج3 ص113 وتاريخ مدينة دمشق ج1 ص133 و 134 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص836 .
([39]) وفاء الوفاء ج2 ص719.
([40]) وفاء الوفاء ج2 ص706.
([41]) رحلة ابن بطوطة ص72.
([42]) وفاء الوفاء ج2 ص543.
([43]) وفاء الوفاء ج2 ص542 و 459 و 460.
([44]) وفاء الوفاء ج2 ص542 و 459 و 460.
([45]) المعجم الكبير ج18 ص353 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص636 وكنز العمال ج12 ص91 وتفسير السمعاني ج5 ص187 والتفسير الكبير للرازي ج28 ص76 وتفسير أبي السعود ج1 ص56 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص5 و 8 و 9 وفضل آل البيت للمقريزي ص92 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص116 والبحار ج22 ص52 وج64 ص61 ومجمع البيان 9 ص108 والإختصاص = = ص143 والتاج الجامع للأصول 3 ص423 وج4 ص235 وفقه القرآن للراوندي ج1 ص371 .
([46]) لسان العرب (ط سنة 1416 هـ) ج10 ص201.
([47]) مسند أحمد ج3 ص341 و 347 وإمتاع الأسماع ج2 ص62 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص455 عن الواقدي، وراجع: البحار ج18 ص131 وج21 ص251 .
([48]) الآية 27 من سورة التكوير.
([49]) الآية 1 من سورة الفرقان.
([50]) الإتقان في علوم القرآن (ط سنة 1422 هـ) 26 و (ط دار الفكر) ج1 ص43 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج4 ص199 والجامع لأحكام القرآن ج13 ص1 وتفسير السمعاني ج4 ص5 وتفسير الآلوسي ج18 ص230.
([51]) الآية 107من سورة الأنبياء.
([52]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص460 عن أبي نعيم، والطبراني، ودلائل النبوة لأبي نعيم (1550) وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص117.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص457 عن الحارث بن أسامة، والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص442 ومجمع الزوائد ج5 ص306 وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص202 وصحيح ابن حبان ج10 ص357 وموارد الظمآن ج5 ص218.
([54]) الآية 29 من سورة التوبة.
([55]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص457 عن الحارث بن أبي أسامة والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص442 ومجمع الزوائد ج5 ص306 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص410 و 411 وأشار إلى المصادر التالية: الأموال لأبي عبيد ص22 وفي (ط أخرى) ص32 رواه بإسناده عن عبد الله بن شداد، ورسالات نبوية ص313/117 ومدينة البلاغة ج2 ص247 عن جمهرة رسائل العرب، ومجموعة الوثائق السياسية ص110/27 عن الأموال، وسنن سعيد بن منصور ج2 ص187 وصبح الأعشى ج6 ص363 و 377 والمطالب العالية ج4 ص2231/2479 عن الحارث بن أبي أسامة، وقال: انظر مجلة المعارف شهر يونيو 1935 م ص416 ـ 430) وراجع نشأة الدولة الإسلامية ص299 و 300 (عن أبي عبيد والقلقشندي ومحمد حميد الله) وراجع أيضاً: ص713. وأوعز إليه الحلبي في السيرة ج2 ص377 والبداية والنهاية ج5 ص15 وابن عساكر ج1 ص113 و 114 ودحلان (هامش الحلبية) ج2 ص374 . ومجمع الزوائد ج5 ص307 وقال: "رواه الطبراني ورجاله صحيح".
([56]) صحيح ابن حبان ج10 ص358 وموارد الظمآن ج5 ص218 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص457 وبغية الباحث عن مسند الحارث ص202 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص410 و 411 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: تاريخ اليعقوبي ج2 ص62 وفي (ط أخرى) ص67 وأشار إليه الحلبي ج3 ص277 والسيرة النبوية لدحلان ج3 ص67 والدلائل للأصبهاني ص292 والبحار ج20 ص379 و 395 ومجموعة الوثائق السياسية ص111/28 عن اليعقوبي، وعن منشآت السلاطين لفريدون بك ج1 ص30 وقال: قابل السهيلي ج2 ص320 ومسند أحمد ج3 ص442 وج4 ص74 ودلائل النبوة للبيهقي ج1 ص166. والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص16 وفي فتح الباري ج1 ص42 "ذكر السهيلي أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له وأنهم لم يزالوا يتوارثونه.." وراجع الأموال ص362.
([57]) حياة الصحابة ج1 ص106 و 107 عن عبد الله بن أحمد، وأبي يعلى، وراجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص651 والبداية والنهاية ج4 ص267 و 268 وج5 ص15 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص20 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص114 وفتح الباري ج1 ص41 ومجموعة الوثائق السياسية ص112/28 ـ ألف ب. وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ص392 ومجمع الزوائد ج8 ص235. وراجع: مسند أحمد ج3 ص442 و السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص27 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص458.
([58]) الآية 56 من سورة القصص.
([59]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص458 عن أحمد وأبي يعلى، وقال في هامشه: قال الحافظ ابن كثير ج5 ص16: هذا حديث غريب، وإسناده لا بأس به، تفرد به = = الإمام أحمد. ومكاتيب الرسول ج2 ص415 و 416 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3 ص280 والسيرة النبوية لزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص70 وإعلام السائلين ص19 ورسالات نبوية ص278 وأعيان الشيعة ج2 ص142 وفي (ط أخرى) ج2 ص244 وجمهرة رسائل العرب، والخطط للمقريزي ج1 ص29 وحسن المحاضرة ج1 ص42 والمواهب اللدنية للقسطلاني ج1 ص292 وج3 ص397، ونشأة الدولة الإسلامية ص304 عن فتوح مصر (ط ليدن) ص46، ومجلة الهلال أكتوبر سنة 1904 م، وصبح الأعشى ج6 ص358 ـ 366 و 378 وزاد المعاد لابن القيم ج3 ص61 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص421 وراجع: الإصابة ج3 ص531 ودائرة المعارف لوجدي ج9 ص317 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص347 وتأريخ الخميس ج2 ص37 ولغت نامه دهخدا ج43 ص955 وصبح الأعشى ج6 ص364 والمصباح المضيء ج2 ص129 ومجموعة الوثائق السياسية ص105/49 ورسالات نبوية، وإعلام السائلين، ومفيد العلوم للقزويني، وحسن المحاضرة للسيوطي، ونصب الراية للزيلعي، وصبح الأعشى، والبيهقي، والمنفلوطي، ومنشئات السلاطين لفريدون بك، وشرح المواهب للزرقاني، والحلبي وغيره.
([60]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص459 عن الواقدي، والبحار ج21 ص251 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص37 وإمتاع الأسماع ج2 ص61 ج9 ص264.
([61]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص459 وج11 ص356.
([62]) الخرائج والجرائح ج1 ص104 والبحار ج20 ص378 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص532.
([63]) الآية 47 من سورة الذاريات.
([64]) الآية 12 من سورة فصلت والآية 5 من سورة الملك.
([65]) الآية 6سورة الصافات.
([66]) الآية 3 من سورة الملك.
([67]) الآية 15 من سورة نوح.
([68]) الآية 4 من سورة المعارج.
([69]) الآية 47 من سورة الذاريات.
([70]) الآية 33 من سورة الرحمن.
([71]) الآيتان 34 و 35 من سورة الشعراء.
([72]) الآية 35 من سورة الشعراء.
([73]) الأموال لأبي عبيد ص32.
([74]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص460.
([75]) المغازي للواقدي ج3 ص1031 ومكاتيب الرسول ج2 ص480 عنه.
([76]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص460 و 461 عن البخاري، وابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وقال في هامشه: أخرجه مسلم ج3 ص1011 (503/1392).
وراجع: المغازي للواقدي ج3 ص1031 ومكاتيب الرسول ج3 ص114 عنه، وراجع: صحيح البخاري ج2 ص132 وج3 ص141 وج4 ص64 وعمدة القاري ج9 ص64 وج13 ص168 وج13 ص170 وج15 ص85 وتحفة الأحوذي ج5 ص165.
([77]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص460 و 461 عن الواقدي ومكاتيب الرسول ج3 ص114 عن المصادر التالية: البداية والنهاية ج5 ص16 و 17 (واللفظ له) والطبقات الكبرى ج1 ص290 وفي (ط أخرى) ج1 ق2 ص37 والسيرة الحلبية ج3 ص160 وزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص375 ورسالات نبوية ص89 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص49 عن شرح الزرقاني للمواهب اللدنية ج3 ص413 ومدينة البلاغة ج2 ص349. ومجموعة الوثائق السياسية ص118/32 عن جمع ممن تقدم، وعن إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص468= = و 469 وأخرى في القسم الغير المطبوع (خطية كوپرلو) ص1040 والمواهب اللدنية ج1 ص297 ومنشئات السلاطين ج1 ص34 وشرح الزرقاني ج3 ص360 ودلائل النبوة للبيهقي (خطية كوپرولو) ج1 ورقة 23 ـ ب. ثم قال: قابل الطبقات ج1 ق2 ص37 و 38 وشرح السيرة لإبراهيم الحلبي ورقة 115 ـ ب، وفتوح البلدان ص59 والخراج لقدامة ورقة 124، مخطوطة باريس، ولسان العرب، والمواهب اللدنية ج3 ص160 والتنبيه والإشراف ص282 والنهاية لابن الأثير مادة جرب، وانظر مجلة تحقيقات علمية في مراجع المكتوب ص26 (كايتاني) ج9 ص239 التعليقة الثانية و (اشپرنكر) ج3 ص422 و 424 و (اشپربر) ص44 و 45 .
([78]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص461 والمغازي للواقدي ج3 ص1032 ونقله العلامة الأحمدي "رحمه الله" في مكاتيب الرسول ج3 ص97 وراجع ج2 ص480 عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص289 وفي (ط أخرى) ج1 ق1 ص37 واللفظ له، وتهذيب تأريخ ابن عساكر ج1 ص115 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص181 وفي (ط أخرى) ص169 والسيرة الحلبية ج3 ص160 والبداية والنهاية ج5 ص16 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص374 والثقات ابن حبان ج2 ص94 و 95 والأموال لأبي عبيد ص200 وفي (ط أخرى) ص287 ورسالات نبوية ص317 والجمهرة ج1 ص48 ومدينة البلاغة ج2 ص327 وتأريخ الخميس ج2 ص127 ونشأة الدولة الإسلامية ص310 ومنشآت السلاطين ج1 ص33 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص468 وراجع: البحار ج21 ص245 (بهامشه) عن ابن هشام، والمقريزي، وشرح الزرقاني ج3 ص359 وفتح الباري ج3 ص273 و ج5 ص169 وج6 ص191 وعمدة القاري ج9 ص64 ـ 70 وج13 ص168 ـ 170 وج15 ص76 و 85 وعون المعبود ج3 ص144 وإرشاد الساري ج3 ص68 و 69 وزاد المعاد ج3 ص5 والأموال لابن زنجويه ج2 ص463 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص247 وسيرة النبي "صلى الله عليه وآله" لإسحاق بن محمد. ومسند أحمد ج5 ص425 وسنن الدارمي ج2 ص233 وابن أبي شيبة ج14 ص540 وإعلام الورى ص133 وفي (ط أخرى) ص75 والتنبيه والإشراف ص236 وفتوح البلدان للبلاذري ص80 واليعقوبي ج2 ص57 ومعجم البلدان ج1 ص292 في "إيلة" وأعيان الشيعة ج1 ص283 والكامل ج2 ص280 والطبري ج3 ص108 والمفصل ج7 ص348 وج6 ص601 وتأريخ ابن خلـدون ج2 ق2 ص50 والنهـايـة في = = مادة: بحر، وسيرة ابن كثير ج4 ص29 والتأريخ المختصر لأبي الفداء ج1 ص142 ومجموعة الوثائق السياسية ص117 والمطالب العالية لابن حجر ص2631، وانظر كايتاني ج9 ص38 (التعليقة الأولى) و (اشپربر) ص41 و (اشپرنكر) ج2 ص422) وراجع: البخاري ج2 ص155 وج3 ص213 وج4 ص119 وسنن أبي داود ج3 ص 179 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص215 وصحيح مسلم ج4 ص1785 وكنز العمال ج10 ص415 وفي (ط أخرى) ج5 ص325 وشرح النووي لمسلم ج15 ص42 والبخاري شرح الكرماني ج8 ص27 وتذكرة الفقهاء ج1 ص441.
([79]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص461 عن الواقدي ومكاتيب الرسول ج3 ص113 و 114 عن المصادر التالية: البدايـة والنهايـة ج5 ص16 و 17 (واللفظ لـه) = = والطبقات الكبرى ج1 ص290 وفي (ط أخرى) ج1 ق2 ص37 والسيرة الحلبية ج3 ص160 وزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص375 ورسالات نبوية ص89 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص49 ومدينة البلاغة ج2 ص349. ومجموعة الوثائق السياسية ص118/32 عن جمع ممن تقدم، وعن إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص468 و 469 وأخرى في القسم الغير المطبوع (خطية كوپرلو) ص1040 ومنشآت السلاطين ج1 ص34 وشرح الزرقاني ج3 ص360 ودلائل النبوة للبيهقي (خطية كوپرولو) ج1 ورقة 23 ـ ب. وشرح السيرة لإبراهيم الحلبي ورقة 115 ـ ب، وفتوح البلدان ص59 والخراج لقدامة ورقة 124، مخطوطة باريس، ولسان العرب، والمواهب اللدنية ج3 ص160 والتنبيه والإشراف ص282 والنهاية لابن الأثير مادة جرب، وانظر مجلة تحقيقات علمية في مراجع المكتوب ص26 (كايتاني) ج9 ص239 التعليقة الثانية و (اشپرنكر) ج3 ص422 و 424 و (اشپربر) ص44 و 45.
([80]) مكاتيب الرسول ج3 ص100 و101 و 105 عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى ج1 ص277 وفي (ط أخرى) ج1 ق2 ص28 وفتوح البلدان للبلاذري ص71 وفي (ط أخرى) ص80 (واللفظ للأول) ورسالات نبوية ص115 (عن المصباح المضيء عن ابن سعد) ونشأة الدولة الإسلامية ص311 والمصباح المضيء ج2 ص380 ومجموعة الوثائق السياسية ص119/33 عن المصادر المذكورة وعن الخراج لقدامة ورقة 124 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص439 ومرة أخرى في القسم الغير المطبوع (خطية كوپرولو) ص1040 وانظر مجلة تحقيقات علمية المقالة المذكورة في مراجع المكتوب ص26 وكايتاني ج9 ص40 و (اشپرنكر) ج3 ص419 ـ 421 و (اشپربر) ص45 و 46 وراجع: الطبقات ج1 ق2 ص38 والمغازي للواقدي ج3 ص1032 والسيرة = = الحلبية ج3 ص160 ودحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص375 ومدينة البلاغة ج2 ص325 و 326 ومعجم البلدان في "مقنا"، والكامل لابن الأثير ج2 ص280 والفائق ج2 ص411 والنهاية لابن الأثير، واللسان في "عرك" و "غزل".
([81]) الإصابة ج3 ص338 والإستيعاب ج3 ص381 وأسد الغابة ج4 ص271.
([82]) مكاتيب الرسول ج3 ص249 و 250 عن المصادر التالية: أسد الغابة ج4 ص271 (واللفظ له) والإصابة ج3 ص338 (عن البغوي وابن شاهين) ورسالات نبوية ص253 (عن جامع أزهر عن الطبراني في الأوسط، وابن الأثير وابن حجر) ولسان الميزان ج3 ص20 (نقله لمبارك بن أحمر ولعلـه سهو من = = قلمه، لأنه لم يذكر مبارك بن أحمر في الإصابة ولا ابن الأثير في أسد الغابة) ونشأة الدولة الإسلامية ص336 ومدينة البلاغة ج2 ص344 والمعجم الأوسط للطبراني ج7 ص419 وأوعز إليه في الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص381 والتراتيب الإدارية ج1 ص122 ومجموعة الوثائق السياسية ص279/174 (عن أسد الغابة والإصابة ومعجم الصحابة لابن قانع (خطية) ورقة 165 ـ ب 166 ـ ألف، وميزان الإعتدال للذهبي ج2 ص15 ثم قال: قابل الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي ج4 ص1 وراجع: اللباب ج1 ص265: وجذام هو الصدف بن أسلم بن زيد بن مالك بن زيد بن حضرموت، وكذا في الأنساب للسمعاني ج2 ص33 وفيه أيضاً: جذام هو الصدف بن شوال بن عمرو بن دعمى بن زيد، ولكن المشهور هو ما ذكرنا، ولعل هؤلاء طائفة أخرى كما في هامش الأنساب للسمعاني.
([83]) مكاتيب الرسول ج3 ص110 ـ 112 ومجموعة من الوثائق السياسية ص121.
([84]) البجاد: كساء مخطط من أكيسة الأعراب، يشتملون به.
([85]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص459 و 460 عن ابن إسحاق، وابن مندة، والواقدي، والمغازي للواقدي ج3 ص1014 وإمتاع الأسماع ج14 ص54.
([86]) الآية 97 من سورة التوبة.
([87]) سبل الهدى والرشاد 5 ص461 و 462 عن الواقدي، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص37 وإمتاع الأسماع ج2 ص62 وج9 ص264 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص119.
([88]) سبل الهدى والرشاد ص462 عن أحمد والطبراني، وفي هامشه عن: أحمد ج1 ص175 وج3 ص416 وج5 ص373، والطبراني في الكبير ج1 ص90، وانظر المجمع ج2 ص315 والدولابي في الكنى ج1 ص100، والطحاوي في المعاني ج4 ص306 ونيل الأوطار ج7 ص374 وصحيح مسلم ج7 ص27 وسنن الترمذي ج2 ص264 وتحفة الأحوذي ج4 ص148 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص376 ومسند أبي داود الطيالسي ص28 و 87 ومسند سعد بن أبي وقاص ص138 و 144 و 145 و 186 و منتخب مسند عبد بن حميد ص81 والآحاد والمثاني ج2 ص52 والسنن الكبرى لنسائي ج4 ص362 والمعجم الكبير ج1 ص166 وج4 ص91 وج18 ص15 والإستذكار لابن عبد البرج8 ص254.
([89]) سبل الهدى والرشاد ج ص462.
([90]) البحار ج78 ص121 عن علل الشرائع ص176 و (منشورات المكتبة الحيدرية) ج2 ص520. وراجع: التحفة السنية (مخطوط) ص339 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص430 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص645 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.
([91]) البحار ج78 ص121 و 122 وج108 ص82 عن معاني الأخبار ص74 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص254 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.
([92]) البحار ج6 ص122 وج78 ص122 عن معاني الأخبار ص74 و و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص255 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص431 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص646 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.
([93]) البحار ج6 ص122 وج10 ص255 ومسائل علي بن جعفر ص117 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص431 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص646 .
([94]) البحار ج72 ص14 وج62 ص82 وج73 ص338 وج74 ص50 والأمالي للصدوق ص181 و (ط مؤسسة البعثة) ص378 والخصـال ج2 ص102 = = و (ط منشورات جماعة المدرسين) ص520 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص258 و (منشورات جماعة المدرسين) ج3 ص557 وج4 ص257 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص49 وج15 ص345 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص431 وج11 ص274 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص235 و 436.
([95]) البحار ج72 ص15 والخصال ص287 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص50 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص432.
([96]) البحار ج27 ص277 وج61 ص85 وج62 ص82 والأمالي ج2 ص44 والطب النبوي لابن القيم ص118 و 119.
([97]) البحار ج62 ص82 وراجع: مسند ابن الجعد ص311 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص96 والطب النبوي لابن القيم ص118.
([98]) التاريخ الصغير للبخاري ج2 ص76 ـ 77، وسنن ابن ماجة ج2 ص1172ح3543، والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص218، ومجمع الزوائد ج5 ص101، وفتح الباري ج10 ص133و 134و 136، ومسند أبي داود الطيـالسي ص339، والمصنف لابن أبي شيـبـة ج5 ص569 وج6 ص226، = = والذرية الطاهرة النبوية ص129، والمعجم الأوسط ج9 ص107، وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين ص517 ح526، والجامع الصغير ج2 ص731 ح9754 وص732 ح9763، وكنز العمال ج10 ص54 ح28330 وص55 ح28339، وفيض القدير ج6 ص508 ح9754 وص511 ح9763، والكامل لابن عدي ج6 ص218، وتاريخ مدينة دمشق ج53 ص380، وإمتاع الأسماع ج8 ص27، وسبل الهدى والرشاد ج12 ص171، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص242، والنهاية في غريب الحديث ج1 ص252، والطب النبوي لابن القيم ص116، ولسان العرب ج12 ص88. وفي متون بعضها: لا تحدُّوا..
([99]) راجع المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3 ص142 عن الزمخشري في فضائل العشرة، وشرح إحقاق الحق ج23 ص282 عن غاية المرام (نسخة جستربيتي) ص73 وج31 ص565، وتفسير آية المودة للحنفي المصري ص74 عنه، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج23 ص281، وعمدة القاري ج16 ص215 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" لابن الدمشقي ج1 ص78 وقال محقق الكتاب: والحديث رواه الحلواني في الباب الثالث من كتاب المقصد الراغب، كما رواه أيضا الخفاجي في الثالثة عشرة من خصائص علي "عليه السلام" من خاتمة تفسير آية المودة الورق 74 /ب/. ورواه قبلهم جميعاً الحافظ السروي في عنوان: "محبة الملائكة إياه" من كتابه مناقب آل أبي طالب (ط بيروت) ج2 ص238.
([100]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص93، واللآلي المصنوعة ج1 ص362 والضعفاء الكبير للعقيلي ج1 ص211 و 212 وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج42 ص435، ومناقب علي بن أبي طالب "عليه السلام" وما نزل من القرآن في علي "عليه السلام" لأبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصفهاني ص131 وفيه بدل (الحاضر) و (الغائب): = = (الخاص) و(العام)، وكنز العمال ج5 ص725، والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص379، ومسند فاطمة "عليها السلام" للسيوطي ص21 عنه، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج31 ص323، والمناقب للخوارزمي ص315.
([101]) الغدير ج7 ص8 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص76.
([102]) أي: فقد زادهم وافتقروا.
([103]) أي: الناقة التي ورم ضرعها، والتي تقرّح إحليلها أو انسد فإذا كان ذلك قيل بها رَفَقٌ أو ناقة رَفِقَة.
([104]) كذا في المصدر وهو جمع صاع كما في مجمع البحرين.
([105]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص462و463 عن مسلم وإسحاق بن راهويه، وأبي يعلى، وأبي نعيم، وابن عساكر، والواقدي، والمغازي للواقدي ج3 ص1083 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص70 و71 وج5 ص151 و 152وج9 ص264 و 265.
([106]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص463 وج 8 ص233 عن ابن سعد، وابن حزم، والواقدي وغيرهم، وراجع: تذكرة الفقهاء (ط.ج) ج4 ص388 و (ط.ق) ج1 ص190وفتح العزيز للرافعي ج4 ص450 والمجموع للنووي ج4 ص361 والمبسوط للسرخسي ج1 ص237 وج10 ص75 والجوهر النقي ج3 ص150 وكشاف القناع للبهوتي ج1 ص627 والمحلى لابن حزم ج5 ص25 وج7 ص149وتلخيص الحبير ج4 ص450 وسبل السلام ج2 ص40 ونيل الأوطار ج3 ص256 ومسند أحمد ج3 ص295 وسنن أبي داود ج1 ص276 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص152ومجمع الزوائد ج2 ص158والمصنف للصنعاني ج2 ص532 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص342 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص345 وصحيح ابن حبان ج6 ص456 و 459 والمعجم الأوسط ج4= = ص185 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج2 ص435 وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج1 ص272 ونصب الراية ج2 ص223 وموارد الظمآن ج2 ص265 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص212 وكنز العمال ج8 ص236 وأضواء البيان للشنقيطي ج1 ص276 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص241 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص643 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص50 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص70.
([107]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص464 عن ابن إسحاق، وابن عقبة، وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج3 ص152و أضواء البيان للشنقيطي ج1 ص277 والثقات لابن حبان ج2 ص98 وإمتاع الأسماع ج5 ص113 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص265 وج3 ص119 والدرر لابن عبد البر ص242 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص373 والكامل في التاريخ ج2 ص281 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص224 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص953 وعيون الأثر ج2 ص260.
([108]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص465 وفي هامشه عن: الطـبراني في الكبـير ج11 = = ص301 وابن حبان، وذكره الهيثمي في الموارد (1706) وانظر المجمع ج6 ص193 والبيهقي في الدلائل ج6 ص155 وابن كثير في البداية ج6 ص186 وراجع: مناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص92 ومسند أحمد ج6 ص20 والآحاد والمثاني ج4 ص132 وصحيح ابن حبان ج10 ص535 والمعجم الكبير ج18 ص301 وكتاب الدعاء للطبراني ص265 ومسند الشاميين للطبراني ج2 ص68 وموارد الظمآن ج5 ص351 وراجع: كنز العمال ج9 ص70 وإمتاع الأسماع ج2 ص53 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص124.
([109]) إمتاع الأسماع ج5 ص151 وج 9 ص265 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص463 والمغازي للواقدي ج2 ص417 و425 وج3 ص1038.
([110]) سبل الهدى والرشاد جص464 عن الواقدي، وأبي نعيم والمغازي للواقدي ج3 ص1040 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص112وإمتاع الأسماع ج2 ص72 وج5 ص98.
([111]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص464 و465 عن الواقدي وابن اسحاق والمغازي للواقدي ج3 ص1039 ومعجم البلدان ج5 ص135وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص373 والبداية والنهاية ج5 ص23 وإمتاع الأسماع ج5 ص113 وعيون الأثر ج2 ص260 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص32.
([112]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص465 وإمتاع الأسماع ج2 ص72 وج5 ص114 وراجع: البحار ج21 ص250.
([113]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص465 عن أبي نعيم والواقدي، وإمتاع الأسماع ج2 ص73 وج5 ص107.
([114]) تهذيب الكمال للمزي ج21 ص81 وميزان الإعتدال للذهبي ج3 ص148 وتهذيب التهذيب ج7 ص322 وإمتاع الأسماع ج2 ص72 وج 9 ص98 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص112 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص464.
([115]) الآية 99 من سورة النحل.
([116]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص466و467 عن أحمد، والبيهقي، وابن سعد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، ومحمد بن إسحاق، والواقدي، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5 ص257 وانظر المغازي للواقدي ج3 ص1043 و1044 والدر المنثور ج3 ص259 عن ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي في الدلائل، وابن كثير في البداية ج5 ص19 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص30 وإمتاع الأسماع ج2 ص75 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص121 والصوارم المهرقة للتستري ص7 وكتاب الأربعين للشيرازي ص135والبحار ج21 ص247 وإعلام الورى ج1 ص245 .
([117]) المعارف لابن قتيبة ص343 والبداية والنهاية ج2 ص367 وإمتاع الأسماع ج2 ص76 وعيون الأثر ج1 ص75 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص275.
([118]) المعارف لابن قتيبة ص343 وإمتاع الأسماع ج2 ص76 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص80.
([119]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص467 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص258وإمتاع الأسماع ج14 ص345.
([120]) سبل الهدى والرشاد 5 ص468 ومجمع البيان ج5 ص91، وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص372 و 373 والبداية والنهاية ج5 ص19.
([121]) الآية 74 من سورة التوبة.
([122]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص467 و 468 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص258 وراجع: العمدة لابن البطريق ص341 والصراط المستقيم ج3 ص45 وكتاب الأربعين للشيرازي ص137 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص30 والمعجم الأوسط ج8 ص102 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص84 وتفسير البغوي ج2 ص307 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص207 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص387 والدر المنثور ج3 ص260 وتفسير الآلوسي ج10 ص139 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص648 والبداية والنهاية ج5 ص25 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص36 والسيرة الحلبية ج3 ص121.
([123]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص468 عن مسلم وقال في هامشه: أخرجه مسلم في صفات المنافقين (9) وأحمد ج5 ص390 والبيهقي في الدلائل ج5 ص261 وفي السنن الكبرى ج8 ص198 وانظر البداية ج5 ص20.
وراجع: العمدة لابن البطريق ص332 و 334 و 337 وكتاب الأربعين للشيرازي ص136و ص138ومكاتيب الرسول ج1 ص606 وصحيح مسلم ج8 ص122 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص198 وشرح مسلم للنووي ج17 = = ص125 والديباج على مسلم ج6 ص137 والآحاد والمثاني ج2 ص466 والجامع الصغير ج2 ص225 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص387 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص649 والبداية والنهاية ج5 ص26 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص37 وتقوية الإيمان لمحمد بن عقيل ص79. وراجع: المحلى لابن حزم ج11 ص220والعمدة لابن البطريق ص333 وصحيح مسلم النيسابوري ج8 ص123و الديباج على مسلم لجلال الدين السيوطي ج6 ص137.
([124]) دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص258 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص468 عنه، وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص375 والبداية والنهاية ج5 ص26 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص37 وراجع: الخصال ص398 والمسترشد للطبري ص595 والبحار ج31 ص522.
([125]) دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص258 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص468 والمغازي للواقدي ج3 ص1042و1044 وعن السيرة الحلبية ج3 ص162 ومجمع البيان ج5 ص51 والبداية والنهاية ج5 ص19 و 26 وعن السيرة النبوية (بهامش الحلبية) ج2 ص375 والصراط المستقيم ج3 ص44 والخصال ج2 ص499 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص37 وراجع: المسترشد للطبري ص595.
([126]) الدر المنثور ج3 ص260 عن ابن سعد، والمنار ج10 ص553 وراجع: مكاتيب الرسول ج1 ص599 وتفسير الآلوسي ج10 ص139 وتاريخ مدينة دمشق ج12 ص277 وتهذيب الكمال ج5 ص505 وإمتاع الأسماع ج9 ص328.
([127]) راجع: جمع الجوامع ج2 ص70 ومجمع البيان ج5 ص51 والبرهان (تفسير) 2 ص540و245 والتبيان ج5 ص303 والصراط المستقيم ج1 ص316 وروح المعاني ج10 ص139 والبحار ج17 ص184.
([128]) البحار ج21 ص233و 248 وج31 ص631 ومكاتيب الرسول ج1 ص599.
([129]) الخصال ص398 والبحار ج21 ص222 وج 31 ص522 عن الخصال.
([130]) البحار ج28 ص100 والدرجات الرفيعة للسيد على خان ص299 والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج2 ص175 وطرائف المقال ج2 ص207.
([131]) مكاتيب الرسول ج1 ص600 عن المنار ج10 ص555 عن الطبراني، وراجع: = = تفسير القرآن العظيم ج2 ص387 والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص166 ـ 167.
([132]) راجع: مكاتيب الرسول ج1 ص600 والدر المنثور ج3 ص260 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص262.
([133]) زاد المعاد ج3 ص8 و 9 والدر المنثور ج3 ص259 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص467.
([134]) الحديث عن أنه قد عاد مع جماعته إلى المدينة.
([135]) أسد الغابة ج1 ص292.
([136]) تقدم ذلك في بداية الحديث عن غزوة تبوك .
([137]) راجع فيما تقدم: زاد المعاد ج3 ص8 و 9 ومكاتيب الرسول ج1 ص600.
([138]) الدر المنثور ج3 ص247 ومكاتيب الرسول ج1 ص601 عنه .
([139]) الكامل لابن عدي ج2 ص772 ومكاتيب الرسول ج1 ص604 وكنز العمال ج13 ص608 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص93.
([140]) راجع: أقرب الموارد ج1 ص233 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص211 وكتاب العين للفراهيدي ج3 ص322 والصحاح للجوهري ج4 ص1465 ومعجم مقاييس اللغة ج2 ص147 ولسان العرب ج10 ص69 والقاموس المحيط ج3 ص224وتاج العروس ج13ص99.
([141]) راجع: كنز العمال ج13 ص608 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص93 ولسان الميزان ج5 ص290 وتنزيه الشريعة المرفوعة ج2 ص9 واللآلي المصنوعة ج1 ص391.
([142]) الأمالي للشيخ الطوسي ص184 (182) والبحار ج33 ص305 و 306 ومكاتيب الرسول ج1ص605.
([143]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص175و(ط دار الجيل) ج4 ص1764 ومكاتيب الرسول ج1 ص603.
([144]) البحار ج82 ص267وج28 ص100.
([145]) البحار ج28 ص100 ومكاتيب الرسول ج1 ص102 عن الصراط المستقيم ج3 ص44 وطرائف المقال ج2 ص207.
([146]) المسترشد ص591 ومكاتيب الرسول ج1ص606 عنه.
([147]) تقريب المعارف ص357 والبحار ج31 ص311 وج32 ص218 ومكاتيب الرسول ج1 ص601 .
([148]) مكاتيب الرسول ج1 ص602 والصراط المستقيم ج3 ص44 عن مسند الأنصار.
([149]) الخصال ج2 ص499 والبحار ج21 ص223.
([150]) المسترشد للطبري ص596.
([151]) البحار ج21 ص231 والتفسير المنسوب للإمام العسكري "عليه السلام" ص380 و 389 والإحتجاج ج1 ص128.
([152]) الدر المنثور ج3 ص259 عن البيهقي في الدلائل.
([153]) مجمع البيان ج5 ص46 والبحار ج21 ص196و 234 عنه وعن الخرايج والجرايح.
([154]) راجع: البحار ج17 ص184 ومجمع البيان ج5 ص51 وعن الإحتجاج ج1 ص129 وتفسير العسكري ص380 ـ 389
([155]) الدر المنثور ج3 ص259 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص466 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص33.
([156]) البحار ج28 ص99 و 100 وج37 ص115و 135 ومكاتيب الرسول ج1 ص602 عنه.
([157]) راجع: البحار ج21 ص223 ـ 232 والإحتجاج ج1 ص116 ـ 132 وج1 ص64 ـ 65 والتفسير المنسوب للإمام العسكري ص380 ـ 389.
([158]) الآية 107 من سورة التوبة.
([159]) راجع: تفسير الإمام العسكري "عليه السلام" ص169 ـ 199و (ط مدرسة الإمام المهدي "عليه السلام" سنة 1409 هـ) ص480 ـ 488 والبحار ج21 ص257 ـ 263 عنه، وراجع: التفسير الصافي ج2 ص376.
([160]) المعجم الكبير ج18ص232 ومجمع الزوائد ج6 ص191 وكنز العمال ج13 ص37 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص63.
([161]) راجع: تفسير القمي ج1 ص296 والبرهان (تفسير) ج2 ص132والبحار ج21 ص218 والتبيان للطوسي ج5 ص280 وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج5 ص104.
([162]) راجع: حاشية رد المحتار لابن عابدين ج1 ص95.
([163]) أسد الغابة ج2 ص298 وراجع: الإحتجاج للشيخ الطبرسي ج1 ص211 ومسند أحمد ج3 ص111 وج3 ص234 وصحيح البخاري ج7 ص220 وسنن الترمذي ج3 ص133 وسنن النسائي ج8 ص200 وفضائل الصحابة للنسائي ص35 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص274 وج5 ص62 و 472 وشرح مسلم للنووي ج16 ص23 وفتح الباري ج10 ص245 وعمدة القاري ج13 ص170وج16 ص267 وج22 ص14وج23 ص172 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص508 وج8 ص497 ومسند أبي يعلى ج3 ص273 ـ 274 والمعجم الكبير ج6 ص13ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج7 ص138 وتغليق التعليق ج5 ص62 و 194 وخلاصة تذهيب تهذيب ص135 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص435 وأسد الغابة ج4 ص107 وتهذيب الكمال ج22 ص246 وميزان الإعتدال للذهبي ج3 ص128 والإصابة ج4 ص525 والبداية والنهاية ج4 ص148 وعيون الأثر ج2 ص76 وصحيح البخاري ج2 ص200 وصحيح مسلم ج7 ص150 و 151 راجع: سيرة مغلطاي ص57 ومرآة الجنان ج1 ص10 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص78 والبداية والنهاية ج4 ص129 وشرح بهجة المحافل ج1 ص278 والمواهب اللدنية ج1 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص500 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص271 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص248 و 249 والسيرة الحلبية ج2 ص345 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20.
([164]) راجع سورة التوبة.
([165]) علي والخوارج ج1 ص253 و258 وراجع: أنساب الاشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص258 وراجع: مستدرك الحاكم ج3 ص366 وأسد الغابة ج2 ص199والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج4 ص323 والوافي بالوفيات ج14 ص123 ورسائل المرتضى للشريف المرتضى ج4 ص72 وكفاية الأثر ص115 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للميرجهاني ج4 ص84 وكشف المحجة لثمرة المهجة للسيد ابن طاووس ص183 والصراط المستقيم ج3 ص120 و 171والجمل لابن شدقم ص10 و 131 والبحار ج18 ص123 وج30 ص19 وج32 ص173وج36 ص324 وفتح الباري ج6 ص161وج13 ص46 والمصنف للصنعاني ج11 ص241 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص719 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص234 وج 13 ص287 وكنز العمال ج11 ص330 وفيض القدير ج4 ص358 وكشف الخفاء ج2 ص423 والضعفاء للعقيلي ج3 ص65 والعلل للدارقطني ج4 ص245 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص409 و 410 وتهذيب الكمال للمزي ج18 ص93 والإصابة ج2 ص460 وتهذيب التهذيب ج6 ص290 والعثمانية للجاحظ ص335 والكامل في التاريخ ج3 ص240 والبداية والنهاية ج6 ص237 و 238 وج7 ص268 و 269 وكتاب الفتوح لأعثم ج2 ص470 والإستغاثة ج2 ص68 وبشارة المصطفى للطبري ص380 وإعلام الورى ج1 ص91 والمناقب للخوارزمي ص179 ومطالب السؤول في مناقب آل الرسول "عليه السلام" لمحمد بن طلحة الشافعي ص215 وكشف الغمة ج1 ص242 وكشف اليقين ص154 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص412 و 415 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص149 وخزانة الأدب للبغدادي ج5 ص416 وج10 ص403.
([166]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص468 عن البخاري، وابن سعد، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج6 ص46 في الجهاد، باب من حبسه عذره عن الغزو، وفي المغازي (4423) وأبو داود (2508) وأحمد ج3 ص103 و 106 و 182 و 300 وابن ماجة ج2 ص923 (2764) والبيهقي في الدلائل ج5 ص267 وراجع: البحار ج21 ص248 وفتح الباري ج6 ص35 ج8 ص197وعمدة القاري ج14 ص130 و 133 وج18 ص57 وتحفة الأحوذي ج3 ص247 وج8 ص309 وعون المعبود ج7 ص133 والمصنف للصنعاني ج5 ص261 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص562 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص412 وبغية الباحث ص210 ومسند أبي يعلى ج4 ص193 وج6 ص451 وج7 ص214 وصحيح ابن حبان ج11 ص33 والإستذكار لابن عبد البر ج2 ص82 وج3 ص68 والتمهيد لابن عبد البر ج6 ص319 وج12 ص268 = = وج19 ص204 و 205 ورياض الصالحين للنووي ص58 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص350 وموارد الظمآن ج5 ص211 و 212 وتغليق التعليق ج3 ص434 وكنز العمال ج3 ص422 وفيض القدير ج3 ص474 وتفسير البغوي ج1 ص468 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص601 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص98 والتفسير الكبير للرازي ج11 ص8 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص342 وج8 ص226 و 292 وتفسير البحر المحيط ج5 ص87 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص554 وتفسير الثعالبي ج3 ص227 وج5 ص607 والدر المنثور ج3 ص267 وتفسير أبي السعود ج2 ص222 وفتح القدير ج1 ص503 وج2 ص392 وتفسير الآلوسي ج5 ص124 وأضواء البيان للشنقيطي ج1 ص247 وطبقات المحدثين بأصبهان ج4 ص289 وذيل تاريخ بغداد لابن النجار البغدادي ج3 ص144 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص362 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص649 والبداية والنهاية ج5 ص28 وإمتاع الأسماع ج8 ص394 وإعلام الورى ج1 ص247 وعيون الأثر ج2 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص41 والسيرة الحلبية ج3 ص122.
([167]) راجع: الطرائف ص466 وذخائر العقبى ص213 وقاموس الرجال ج12 ص185 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص243 و 244 وصحيح البخاري ج5 ص80 وصحيح مسلم ج7 ص172 وفضائل الصحابة ص87 وعمدة القاري ج17 ص251 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص515 وج8 ص466 والآحاد والمثاني ج5 ص455 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص104 ومسند أبي يعلى الموصلي ج13 ص304 والمعجم الأوسط ج6 ص231 وج 24 ص153 وكنز العمال ج13 ص323 وج16 ص677 وقاموس الرجال ج12 ص185 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص281 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص30 و 32 وسير أعلام النبلاء للذهبي ج2 ص283 و 431 والوافي بالوفيات ج9 ص34 والبداية والنهاية ج4 ص233 و 234 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص389 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص135 و 136 ونهج الحق وكشف الصدق ص347 وإحقاق الحق (الأصل) ص289.
([168]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص469 عن أحمد، والبخاري، ومسلم، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة في مصنفيهما، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج8 ص125 (4422) ومسلم في الحج (503) والبيهقي في الدلائل ج5 ص266 وفي السنن الكبرى ج6 ص372 وانظر الكنز (34993) وابن عساكر كما في التهذيب ج7 ص226. وراجع: وفاء الوفاء ج1 ص41 وراجع مجمع الزوائد ج10ص42 والمعجم الكبير ج6 ص125 وإمتاع الأسماع ج14 ص43 والسيرة الحلبية ج2 ص246.
([169]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص104 والغارات لللثقفي ج2 ص573 والبحار ج34 ص297 وج46 ص143 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص579 ومكاتيب الرسول ج3 ص730 وكتاب الأربعين للشيرازي ص298.
([170]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص104 والبحار ج46 ص143.
([171]) وفاء الوفاء ج1 ص42 عن البخاري، ومسند أحمد ج5 ص184 وج5 ص187 و 188وصحيح البخاري ج5 ص31 و 181 وصحيح مسلم ج4 ص121 = = وشرح مسلم للنووي ج9 ص153 وعمدة القاري ج18 ص180 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص493 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص452 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص326 واللمع في أسباب ورود الحديث لجلال ص54 وجامع البيان للطبري ج5 ص262 وتفسير الثعلبي ج3ص355 وتفسير البغوي ج1 ص459 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص306 والدر المنثور ج2 ص190 وفتح القدير ج1 ص497 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص167 وعيون الأثر ج1 ص408 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص308 وج4 ص189 والسيرة الحلبية ج2 ص286 والفتوحات المكية لابن العربي ج1 ص759.
([172]) وفاء الوفاء ج1 ص41 عن الصحيحين، وراجع: المحلى لابن حزم ج7 ص281 وصحيح مسلم ج4 ص120 وشرح مسلم للنووي ج9 ص154 وفتح الباري ج4 ص75 وج13 ص257 وعمدة القاري ج10 ص235 و تحفة الأحوذي ج10 ص 28 وصحيح ابن حبان ج9 ص52 وج15 ص179 والمعجم الأوسط ج3 ص157 وكنز العمال ج12 ص240 وإمتاع الأسماع ج10 ص348 و سبل الهدى والرشاد ج3 ص307 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص286.
([173]) وفاء الوفاء ج1 ص42 عن مسلم، وكتاب الموطأ ج2 ص887 والمحلى لابن حزم ج7 ص280 ومسند أحمد ج2 ص237 و 247 وصحيح البخاري ج2 ص221 وصحيح مسلم ج4 ص120 وعمدة القاري ج10 ص234 والمصنف للصنعاني ج9 ص267 ومسند الحميدي ج2 ص488 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص430 ومسند أبي يعلى ج11 ص262 وصحيح ابن حبان ج9 ص39 والإستذكار لابن عبد البر ج8 ص226 والتمهيد لابن عبد البر ج23 ص170 و 171 والجامع الصغير ج1 ص250 وكنز العمال ج12 ص232 وفيض القدير ج2 ص243 والدر المنثور ج5 ص188 وفضائل المدينة ص26 وإمتاع الأسماع ج10 ص348 والإمامة والسياسة لابن قتيبة (بتحقيق الزيني) ج2ص151 و (بتحقيق الشيري) ج2 ص204 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص296 و 308.
([174]) وفاء الوفاء ج1 ص42 عن ابن عبد البر، وعمدة القاري للعيني ج10ص235 عن عياض، وسبل الهدى والرشاد ج3 ص309.
([175]) وفاء الوفاء ج1 ص42 عن أحمد وغيره برجال الصحيح.
([176]) وفاء الوفاء ج1 ص62 عن أحمد برجال الصحيح، والطبراني في الأوسط، والحاكم، وابن حجر، وراجع: مجمع الزوائد ج3 ص308 والمعجم الأوسط ج2 ص340 و ج4 ص24 وكنز العمال ج14 ص330 ومسند أحمد ج4 ص338 وفتح الباري ج13 ص82 وج 13 ص257.
([177]) وفاء الوفاء ج1 ص42.
([178]) وفاء الوفاء ج1 ص42. وراجع: كنز العمال ج14 ص399 ومجمع الزوائد ج10 ص381 وكتاب الأوائل ص74 والمعجم الأوسط ج2 ص230 وكتاب الأوائل ص105 وفيض القدير ج3 ص117 وأسد الغابة ج3 ص332 والإصابة ج4 ص319.
([179]) وفاء الوفاء ج1 ص43.
([180]) الآية 101 من سورة التوبة.
([181]) وفاء الوفاء ج1 ص55 عن فضائل المدينة للجندي وراجع: كتاب الموطأ لمالك ج2 ص891 وتنوير الحوالك ص642 ومسند أحمد ج6 ص260 وصحيح البخاري ج4 ص264 وج7 ص5 وج7 ص11 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص382 وعمدة القاري ج17 ص61 وج21 ص217 وج21 ص229 والأدب المفرد للبخاري ص116 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص355 والإستذكار لابن عبد البر ج8 ص237 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص451 وفضائل المدينة ص20 والبداية والنهاية ج3 ص269 وإمتاع الأسماع ج11 ص296 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص315.
([182]) وفاء الوفاء ج1 ص55و57 عن أحمد برجال الصحيح، وعن ابن زبالة ومسند أحمد ج5 ص309 ومجمع الزوائد ج3 ص304 وكنز العمال ج12 ص244 ومعجم البلدان ج5 ص83.
([183]) اللمع في أسباب ورود الحديث ص31 وكنز العمال ج3 ص795 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص298.
([184]) وفاء الوفاء ج1 ص55 عن ابن زبالة، واللمع في أسباب ورود الحديث ص31 وكنز العمال ج3 ص795 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص298.
([185]) وفاء الوفاء ج1 ص56 و57 عن البخاري، ومسلم، والموطأ، وعن ابن إسحاق.
([186]) وفاء الوفاء ج1 ص57 و58.
([187]) وفاء الوفاء ج1 ص58 وفيض القدير ج4 ص14 وعمدة القاري ج10 ص251.
([188]) وفاء الوفاء ج1 ص58 عن الخطابي وعمدة القاري ج10 ص251.
([189]) وفاء الوفاء ج1 ص58 وراجع: فتح الباري ج3 ص305.
([190]) وفاء الوفاء ج1 ص58 عن البيهقي.
([191]) فيض القدير ج1ص124.
([192]) وفاء الوفاء ج1 ص61عن البخاري، وفتح الباري لابن حجر ج3 ص182 وج10 ص151 و 161وعمدة القاري ج8 ص196 ومسند أحمد ج1ص22 و 30 و 45 وصحيح البخاري ج3 ص149 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص123 وعمدة القاري ج8 ص196 وج13 ص202 وشرح سنن النسائي للسيوطي ج4 ص51 ومسند أبي يعلى ج1 ص135 وصحيح ابن حبان ج7 = = ص297 وكنز العمال ج15 ص750 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص197 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص176.
([193]) راجع: وفاء الوفاء ج1 ص61.
([194]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص450 وراجع: الغدير ج1 ص9 ونظرة الغدير ص52 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص308 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج2 ص252 وعيون الأثر ج2 ص341 وحجة الوداع لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي ج1 ص115.
([195]) وفاء الوفاء ج1 ص67.
([196]) وفاء الوفاء ج1 ص66 وراجع ص60و61.
([197]) وفاء الوفاء ج1 ص55 و 56.
([198]) وفاء الوفاء ج1 ص59 عن البخاري، والطبراني في الأوسط، والبحار ج58 ص225 ومسند أحمد ج2 ص107 و 117 وسنن الدارمي ج2 ص130 و 137.
([199]) وفاء الوفاء ج1 ص60 عن ابن زبالة، وسبل الهدى والرشاد ج3 ص298.
([200]) وفاء الوفاء ج1 ص60 عن أحمد برجال الصحيح، وعن ابن حبان، وأبي يعلى، والطبراني، ومسند أحمد ج3 ص316 ومجمع الزوائد ج2 ص305 وفتح الباري ج10 ص95 والسيرة الحلبيـة ج2 ص285 وراجع: مستـدرك الحـاكم ج1 = = ص346 ومسند أبي يعلى ج3 ص409 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص314 والآحاد والمثاني ج6 ص219 وصحيح ابن حبان ج7 ص197 والمعجم الكبير الطبراني ج25 ص145 وموارد الظمآن ج2 ص450 وكنز العمال ج10 ص99 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص303 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص50 وإمتاع الأسماع ج11 ص388 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص5 و 333 والسيرة الحلبية ج2 ص285 ومسند ابن راهويه ج5 ص238.
([201]) مسند أحمد ج5 ص81 ووفاء الوفاء ج1 ص60 عنه، ومجمع الزوائد ج2 ص310 عن أحمد، وراجع: فتح الباري ج10 ص162 وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص92 والمعجم الكبير ج22 ص392 والجامع الصغير ج1 ص16 وكنز العمال ج10 ص76 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص61 والثقات لابن حبان ج5 ص399 وتاريخ مدينة دمشق ج1 ص357 وج4 ص295 وأسد الغابة ج1 ص54 وج5 ص254 والآحاد والمثاني ج1 ص342 وعمدة القاري ج21 ص260 وعون المعبود ج8 ص263 وسير أعلام النبلاء ج3 ص475 والبداية والنهاية ج5 ص344 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص637 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص304 وج10 ص332 والسيرة الحلبية ج2 ص283.
([202]) الأحكام ليحيى بن الحسين ج2 ص546 وكتاب الموطأ لمالك ج2 ص889 و 893 وتنوير الحوالك ص641 والمجازات النبوية للشريف الرضي ص15 و 16 وعوالي اللآلي ج1 ص177والبحار ج21 ص248 والغدير ج5 ص162 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص30 ومسند أحمد ج3 ص140 و 149 و 159و 243 وصحيح البخاري ج2 ص133 وج3 ص223 و 225 وج4 ص118 وج5 ص40 و 136 وج6 ص207 وج8 ص153 وصحيح مسلم ج4 ص114 و 124 وج7 ص61 وسنن ابن ماجة ج2 ص1040 وسنن الترمذي ج5 ص379 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص197وج6 ص304 و 372 وج9 ص125 وشرح مسلم للنووي ج9 ص139 و 162 وج15 ص43 ومجمع الزوائد ج4 ص13 وج 6 ص155 وج10 ص42 وفتح الباري ج3 ص157 و 274 و 299 وج6 ص64 وج7 ص32 و 266 و 289 و 290 ج13 ص260 وعمدة القاري ج8 ص128 وج9 ص65 وج14 ص173 و177 وج15 ص262 وج17 ص138و 165 وج18 ص57 وج 21 ص58 وج23 ص2 وج25 ص58 والديبـاج على مسلـم ج3 ص408 وشرح سنن النسـائي ج4 ص56 وتحـفـة = = الأحوذي ج5 ص310 وج 10 ص292 والمصنف للصنعاني ج9 ص268 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص490 و 559 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص247 والآحاد والمثاني ج4 ص143 ومسند أبي يعلى ج5 ص325 و 438 وج6 ص370 و 371 وشرح معاني الآثار ج4 ص193 وصحيح ابن حبان ج9 ص42 و 43 وج10 ص355 وج14 ص428 والمعجم الأوسط ج2 ص255 وج6 ص315 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص90 ومسند الشاميين للطبراني ج4 ص12 و 251 والإستذكار لابن عبد البر ج8 ص230 و 231 و 247 والإستيعاب ج2 ص681 والتمهيد لابن عبد البر ج20 ص176 وج22 ص330 و 331 وتغليق التعليق ج3 ص30 و 31 وج4 ص17 و 110 وج5 ص324 والجامع الصغير ج1 ص41 و 42 و 332 وكنز العمال ج12 ص268 و 269وج14 ص142 و 143 وشرح مسند أبي حنيفة ص402 وفيض القدير ج1 ص239 و 240 وج2 ص522 وكشف الخفاء ج1 ص56 وتفسير ابن زمنين ج2 ص125 وتفسير الثعلبي ج8 ص63 وتفسير البغوي ج1 ص86 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص329 والمحرر الوجيز ج2 ص404 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص213 وتفسير البحر المحيط ج1 ص432 و 433 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص118 و 178 وتفسير الثعالبي ج3 ص33 وتفسير الآلوسي ج1 ص297 وأضواء البيان للشنقيطي ج8 ص10 وتاريخ ابن معين ج2 ص43 والتاريخ الكبير للبخاري ج2 ص380 وج4 ص141 وج5 ص58 و 193 وضعفاء العقيلي ج2 ص308 والكامل لابن عدي ج4 ص224 وج6 ص59 وعلل الدارقطني ج2 ص168 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص346 وج26 ص254 وج62 ص236 والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص148 وأسد الغابة ج2 ص379 وذيل تاريخ بغداد لابن النجار ج3 ص69 وتهذيب الكمال ج16 ص176 وميزان الإعتدال للذهبي ج2 ص651 ومن له رواية في مسند أحمد لابن حمزة ص188 والإصابة = = ج3 ص192 ولسان الميزان ج4 ص55 ومعجم البلدان ج3 ص51 وج5 ص87 وتاريخ المدينة ج1 ص80 و 81 و 82 و 84 وفضائل المدينة ص21 و 44 و 61 و 66 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص358 وج2 ص96 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص423 و 637 والبداية والنهاية ج4 ص11 وج5 ص28 وإمتاع الأسماع ج1 ص327 وج14 ص42 وإعلام الورى ج1 ص247 وعيون الأثر ج1 ص405 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص18 وج4 ص41 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص318 وج4 ص243 وج5 ص150 و 469 والسيرة الحلبية ج2 ص487 وج3 ص123 وينابيع المودة ج2 ص88 وغريب الحديث لابن سلام ج3 ص56 ومعجم ما استعجم ج1 ص117 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج1 ص327.
([203]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص469 وج3 ص278 عن البخاري، وأبي داود، والترمذي، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج6 ص191 (3082) وأبو داود ج3 ص90 (2779) وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص175 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص107 و 108 والإصابة ج3 ص23 وتاريخ الإسلام للذهبي ج6 ص364 والبداية والنهاية ج5 ص28 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص41 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص107وصحيح ابن حبان ج11 ص113 ومسند أحمد ج3 ص449.
([204]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص469 عن البيهقي في دلائل النبوة ج5 ص255 وابن كثير في البداية والنهاية ج5 ص33.
([205]) راجع المغني لابن قـدامـة ج12ص43 و52 والمنـاقـب لابن شهرآشـوب ج1= = ص27 والبحار ج22 ص287 والغدير ج2 ص4 والمستدرك للحاكم ج3 ص327 ومجمع الزوائد ج8 ص217 والمعجم الكبير ج4ص213 والفايق في غريب الحديث ج3 ص35 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص462 ـ 463 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص410 وأسد الغابة ج2ص111 وسير أعلام النبلاء ج2 ص102 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص43 والوافي بالوفيات ج16 ص361 والبداية والنهاية ج2 ص317 وج5 ص34 وإمتاع الأسماع ج3 ص193 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص195 وج4 ص51 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص70 وج5 ص469.
([206]) المجموع للنووي ج2 ص178وج4 ص54 و 399.
([207]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص469 و 470 عن الطبراني، والبيهقي، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5 ص267 و 268 وابن كثير في البداية والنهاية ج5 ص27 و 28 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص167 وإمتاع الأسماع ج2 ص79.
([208]) الآية 50 من سورة التوبة.
([209]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص470 و 471 عن أبي حاتم، وتفسير ابن أبي حاتم الرازي ج6 ص1810 والدر المنثور ج3 ص249 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص118 و (ط دار الكتب العلمية) 105 وفتح القدير ج2 ص370 وتفسير الآلوسي ج10 ص115.
([210]) الآية 50 من سورة التوبة.
([211]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص470 وج12 ص72 عن ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والواقدي. وراجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص99 و 100 والمجازات النبوية للشريف الرضي ص134 وجامع أحاديث الشيعة ج4 ص458 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص100 و 101 والكشاف للزمخشري ج2 ص213 وتفسير مجمع البيان ج5 ص125 وجامع البيان للطبري ج11 ص32 وتفسير البغوي ج2 ص326 وتفسير النسفي ج2 ص109 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص581 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج3 ص81 والتفسير الكبير للرازي ج16 ص195 وتفسير البحر المحيط ج5 ص101 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص403 وتفسير الثعالبي ج3 ص213 والدر المنثور ج3 ص277 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص125 و (ط دار الكتب العلمية) ص111 وتفسير أبي السعود ج4 ص102 وفتح القدير ج2 ص405 وتفسير الآلوسي ج11ص18 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص373 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص647 وإمتاع الأسماع ج2 ص76 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص956 وعيون الأثر ج2 ص263 والسيرة الحلبية ج3 ص123 وغيرها من المصادر..
([212]) الآية 107 من سورة التوبة.
([213]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص470 وراجع: تخريج الأحاديث والآثار ج2 ص101والفتح السماوي ج2 ص701 وجامع البيان للطبري ج11 ص32 وتفسير الثعلبي ج5 ص92 وتفسير البغوي ج2 ص327 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج3 ص81 وتفسير البحر المحيط ج5 ص101 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص403 وج2 ص403 وتفسير الثعالبي ج3 ص213 والدر المنثور ج3 ص277 و 286 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص125 و (ط دار الكتب العلمية) ص111 وفتح القدير ج2 ص405 وتفسير الآلوسي ج11 ص18 ومعجم البلدان ج1 ص275 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص373 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص647.
([214]) الآية 107 من سورة التوبة.
([215]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص471 ج12 ص72 عن ابن أبي شيبة، وابن هشام، وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص55 وإمتاع الأسماع ج10 ص76.
([216]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص471.
([217]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص99 وتفسير البغوي ج2 ص326.
([218]) جامع البيان للطبري ج11ص32 وأسباب نزول الآيات ص175 وزاد المسير ج3 ص339 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص253 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص403 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص374 والكامل في التاريخ ج2 ص282 والبداية والنهاية ج5 ص27 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص956 وعيون الأثر ج2 ص263 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص40 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص472.
([219]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص472 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص98 و 99 وراجع: الدرر لابن عبد البر ص147 وتفسير الثعالبي ج3 ص213 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص99 و 100 وتفسير الإمام العسكري "عليه= = السلام" ص488 والكشاف للزمخشري ج2 ص213 وتفسير الثعلبي ج5 ص93 والتفسير الكبير للرازي ج15 ص54 وتفسير أبي السعود ج4 ص102 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص204.
([220]) الآية 107 من سورة التوبة.
([221]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص472 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص98 و 99.
([222]) راجع: البحار ج21 ص254 والدرر لابن عبد البر ص242 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص100 و 101 والتبيان للطوسي ج5 ص298 والكشاف للزمخشري ج2 ص213 وتفسير مجمع البيان ج5 ص126 وفقه القرآن للراوندي ج1 ص159 وجامع البيان للطبري ج11 ص32 وتفسير الثعلبي ج5 ص92 وأسباب نزول الآيات ص176 وتفسير البغوي ج2 ص327 وتفسير النسفي ج2 ص109 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج3 ص81 وزاد المسير ج3 ص339 والتفسير الكبير للرازي ج16ص195 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص253.
([223]) الآية 107 من سورة التوبة.
([224]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص472 وج12 ص72 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص97 و 98 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص77 والسيرة الحلبية ج3 ص123.
([225]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص98 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص472 عن ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن أبي حاتم، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص123 وتفسير البغوي ج2 ص328.
([226]) تفسير مجمع البيان ج5 ص126 والبحار ج21 ص254 عنه، وراجع: مستدرك سفينة البحار ج4 ص486 وتفسير نور الثقلين ج2 ص269 وتفسير الميزان ج9 ص392 وميزان الحكمة ج2 ص1262 وراجع: تفسير مقاتل بن سليمان ج2 ص72 وزاد المسير ج3 ص339 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص258 وتفسير الآلوسي ج11 ص18.
([227]) البحار ج21 ص254 والتبيان للطوسي ج5 ص303 وجامع البيان للطبري ج11 ص45 وزاد المسير ج3 ص341 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص405.
([228]) إمتاع الأسماع ج2ص 77 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص472.
([229]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص99 وراجع: الكشاف للزمخشري ج2 ص215 وتفسير البغوي ج2 ص327 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص255 والسيرة الحلبية ج3 ص123.
([230]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص99 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص127 والغدير للشيخ ج3 ص166 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص32 ومجمع الزوائد ج1 ص111 وفتح الباري ج7 ص307 وعمدة القاري ج17 ص311 والمعجم الكبير ج3 ص166 والإستيعاب ج3 ص1429 والدرر لابن عبد البر ص118وتفسير البحر المحيط ج3 ص96 وقاموس الرجال ج10 ص147 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص463 وإكمال الكمال لابن ماكولا ج7 ص280 وتهذيب الكمال ج5 ص503 وعيون الأثر ج2 ص38.
([231]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص99 عن ابن جرير، وغيره وراجع: تخريج الأحاديث والآثار ج2 ص102وجامع البيان للطبري ج11 ص33 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1878 وفتح القدير ج2 ص404 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص649 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص470 و 471.
([232]) صحيح مسلم ج4 ص126 وشرح مسلم للنووي ج9 ص169 والديباج على مسلم ج3 ص429 وتحفة الأحوذي ج2 ص234 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص102 و 103 وجامع البيان ج11 ص37 وتفسير الثعلبي ج5 ص94 وتفسير البغوي ج2 ص327 وتفسير البيضاوي ج3 ص172 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص405 والبداية والنهاية ج3 ص367 وإمتاع الأسماع ج10 ص72 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص311 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص471 وج12 ص72 و 355 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص100.
([233]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص471 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص100.
([234]) الآية 108 من سورة التوبة.
([235]) الآية 109 من سورة التوبة.
([236]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص472 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص257 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1883 وتفسير السمرقندي ج2 ص88 و 349 و تفسير العز بن عبد السلام ج2 ص52 والتسهيل لعلوم التنزيل ج2 ص85 وتنوير المقباس من تفسير ابن عباس ص166 والدر المنثور ج3 ص279 و فتوح البلدان ج1 ص2.
([237]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص73 وراجع: البحار ج101 ص174 وتفسير القمي ج2 ص98 وراجع: البرهان ج3 ص125 عن الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، وتهذيب الأحكام، والإستبصار ج3 ص370 والدر المنثور ج5 ص21 ـ 24 وراجع: الوسائل ج15 ص586 و 589 ورسالة المحكم والمتشابه ص90 وراجع: الإستيعاب ج3 ص1226والبحار ج21 ص367.
([238]) الآية 4 من سورة النور.
([239]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص133 و 134 وتفسير القمي ج2 ص89 والبحار ج101 ص174 و 175 عنه وج22 ص45 و 46 و 68 ـ 70 وج21 ص367 و 368 ومجمع البيان ج7 ص127 و 128 والبرهان (تفسير) ج3 ص126 والدر المنثور ج5 ص22 ـ 24 عن البخاري، والترمذي، وابن ماجة ومصادر كثيرة أخرى فراجع.
([240]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص134وراجع: كتاب الأم للشافعي ج5 ص134= = و 307 وج7 ص311 والبحر الرائق ج4 ص189 واختلاف الحديث للشافعي ص547 وكتاب المسند للشافعي ص188وكتاب المسند للشافعي ص257 ومسند أحمد ج5 ص334 وصحيح البخاري ج6 ص3 وج8 ص146 وسنن ابن ماجة ج1 ص667 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص399 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص386 وفتح القدير ج4 ص11 والدر المنثور ج5 ص23 وتفسير الثعلبي ج7 ص71 والكشاف للزمخشري ج3 ص52.
([241]) يعني هلال بن أمية.
([242]) البحار ج22 ص46 ومجمع البيان ج7 ص127و128 والدر المنثور ج5 ص21و22 عن أحمد، وعبد الرزاق، والطيالسي، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وراجع: مسند أبي داود الطيالسي ص348 وتفسير مجمع البيان ج7 ص225 وجامع البيان للطبري ج18 ص109 وتفسير ابن أبي حاتم ج8 ص2533 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص355 و 364 وتفسير الثعلبي ج7 ص69 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص350.
([243]) الآية 1 من سورة النور.
([244]) الدر المنثور ج5 ص22و24 عن البخاري، والترمذي، النسائي، وأبي يعلى، وابن ماجة، وابن مردويه، وراجع: المجموع للنووي ج17 ص389 والمحلى لابن حزم ج10 ص145 وج11 ص280 ونيل الأوطار ج7 ص67.
([245]) الخلاف للشيخ الطوسي ج5 ص8 وج6 ص350 و 442 والمبسوط للشيخ الطوسي ج5 ص183 والسرائر لابن إدريس ج2 ص705 وجامع الخلاف والوفاق ص494 وتذكرة الفقهاء (ط.ق) ج2 ص278 وكشف اللثام (ط.ج) ج8 ص332 و (ط.ق) ج2 ص179 وجواهر الكلام ج34 ص63 والمجموع للنووي ج15 ص310 وج17 ص413 و 433 والمغني لابن قدامة ج6 ص396 و 397 وج9 ص4 و 6 و 44 وج6 ص404 و 405 وج9 ص4 و 16 وج 10 ص220 وكشاف القناع للبهوتي ج5 ص460 وسبل السلام ج3 ص194 وج4 ص137 ونيل الأوطار ج7 ص70 و 81 و 271 وج9 ص188 و 199 وعوالي اللآلي ج3 ص418 وجامع أحاديث الشيعة ج22 ص363 ومسند أحمد ج1 ص239 وسنن أبي داود ج1 ص503 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص395 وشرح مسلم للنووي ج12 ص5 وفتح الباري ج9 ص391 و 408 وج13 ص153 وعمدة القاري ج13 ص6 و 251 وشرح سنن النسائي للسيوطي ج8 ص234 ومسند أبي داود الطيالسي ص348 ومسند أبي يعلى ج5 ص127 ومعرفة السنن والآثار ج5 ص546 والتمهيد لابن عبد البر ج15 ص43 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص421 وكنز العمال ج15 ص203 وتفسير ابن أبي حاتم ج8 ص2534 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص306 وتفسير السمرقندي ج2 ص498 تفسير السمعاني ج3 ص505 وأحكـام القـرآن لابن العـربي ج3 ص353 وتفسير = = الرازي ج23 ص166 والجامع لأحكام القرآن ج12 ص187 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص277 وأضواء البيان للشنقيطي ج5 ص467 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص382.
([246]) الغدير ج8 ص13 عن مستدرك الحاكم ج2 ص366 ودلائل النبوة للبيهقي ج1 ص189 والمعجم الكبير ج11 ص296 وتفسير جامع البيان ج11 ص31 وإرشاد الساري ج7 ص270 والدر المنثور ج3 ص283.
([247]) الآية 113 من سورة التوبة.
([248]) الإعتقادات في دين الإمامية للصدوق ص110 والبحار ج15 ص117.
([249]) البحار ج15 ص261 عن أمالي الصدوق ص357 و (ط مؤسسة البعثة) ص698 وروضة الواعظين ص67 والبحار ج15 ص261.
([250]) الفصول المختارة للشريف المرتضى ص131 والبحار ج10 ص441 عنه.
([251]) الآية 6 من سورة المنافقون.
([252]) روضة الواعظين ص121 وفي (ط أخرى) ج1 ص139و (ط منشورات الشريف الرضي) ص67 والجواهر السنية ص218 والبحار ج15 ص108 وج35 ص109 والكافي ج1 ص446 ومعاني الأخبار ص136 وتفسير أبي الفتوح الرازي ج8 ص470 والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص48 والغدير ج7 ص385 وإيمان أبي طالب للأميني ص76 وأمالي الصدوق ص703 ومعاني الأخبار ص137.
([253]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14ص67 والبحار ج35 ص108 وج35 ص156 والغدير ج7 ص378 و 386 وراجع: الخصال للشيخ الصدوق ص294 والبحار ج15ص126.
([254]) التعظيم والمنة للسيوطي ص35 عن ابن الجوزي، وراجع: الغدير للأميني ج7 ص378 والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص283 ولسان الميزان ج6 ص248 وينابيع المودة ج2 ص331 والكافي ج1 ص446 والأمالي للصدوق ص703 ومعاني الأخبار ص137 وروضة الواعظين ص67 وشرح أصول الكافي ج7 ص177 وكنز الفوائد ص70 والصـراط المستقيم ج1 ص341 والجـواهـر = = السنية ص218 و 219 والبحار ج15 ص108 وج35 ص109 والغدير ج7 ص378 و 385 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص256 والتفسير الصافي ج4 ص96 والدر النظيم ص27.
([255]) ذخائر العقبى ص7 والدرج المنيفة ص7 ومسالك الحنفا ص14 عن أبي نعيم، وراجع: من لا يحضره الفقيه ج4 ص368 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص442 والبحار ج8 ص36 وج74 ص58 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص3 وتفسير القمي ج2 ص25 وتفسير نور الثقلين ج3 ص206.
([256]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص35 والغدير ج7 ص378.
([257]) راجع تذكرة الفقهاء (ط.ج) ج8 ص437 و (ط.ق) ج1ص401 وكشف اللثام (ط.ج) ج5 ص222 والمجموع للنووي ج7 ص170 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11ص341 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص247.
([258]) راجع: المغني لابن قدامة ج3 ص411 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص248 وكشاف القناع للبهوتي ج2 ص483 ونيل الأوطار ج5 ص26.
([259]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص73 وراجع ج11 ص338.
([260]) العرج: قرية تبعد عن المدينة نحو ثمانية وسبعين ميلاً. وضجنان: جبل يبعد عن مكة اثني عشر ميلاً.
([261]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج12 ص73 و 74 والدرر لابن عبد البر ص250 وإمتاع الأسماع ج14ص322.
([262]) راجع: الدرر لابن عبد البر ص250 وإمتاع الأسماع ج14 ص321 و 322.
([263]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج11 ص338 وج12 ص75 ودلائل الصدق ج2 ص245 و 246 عن الفضل بن روزبهان، والجامع لأحكام القرآن ج8 ص61 والبحار ج30 ص319 عن الجبائي، والمغني للقاضي عبد الجبار ج20 ص351 وتفسير الرازي ج15 ص218 والكشاف للزمخشري ج2 ص172 وتفسير البيضاوي ج1 ص405 وشرح التجريد للقوشجي ص372 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص345.
([264]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج11 ص338.
([265]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج12 ص75.
([266]) الآية 46 من سورة إبراهيم.
([267]) كفاية الطالب ص287 والبحار ج35 ص285 عن علل الشرايع ص74 ومقام الإمام علي "عليه السلام" لنجم الدين العسكري ص36 والغدير للشيخ الأميني ج1ص40 والغدير للشيخ الأميني ج6 ص346 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص445 وج15 ص661 وج22 ص429 عن مختصر تاريخ دمشق (ط إسلامبول) ج17ص130.
([268]) البحار ج35 ص309 عن الكامل لابن الأثير.
([269]) تفسير فرات ص161 والبحار ج35 ص300 عنه، وراجع: تفسير الميزان للسيد الطباطبائي ج8 ص87.
([270]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص199.
([271]) الإرشاد ج1ص65و66 والبحار ج21 ص275 وج35 ص303 عنه، وعن المناقب ج1ص326 و327 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص55 ونهج الإيمان لابن جبر ص247 وكشف اليقين ص173.
([272]) راجع هذا الحديث في المصادر التالية: الدر المنثور ج3 ص209و210 عن أحمد، وابن أبي شيبة، والترمذي، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وابن حبان، والطبراني، والتراتيب الإدارية ج1 ص72 ورسالات نبوية ص72 والبحار ج21 ص266 و 267 و 274 و 275 وج35 ص285 ـ 309 والجامع لأبي زيد القيرواني ص396 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص66 والرياض النضرة ج3 ص118 و 119 وذخائر العقبى ص69 وشرح المواهب اللدنية للزرقـاني ج3 ص91 وعن تاريـخ الأمم = = والملوك ج3 ص122 و 123 والكفاية للخطيب ص313 والسنة لابن أبي عاصم ص589 وكنز العمال ج2 ص422 و 417 و 431 وج13 ص109 ومجمع الزوائد ج7 ص29 وتفسير المنار ج10 ص157 و 156 والعمدة لابن البطريق ص160 وكشف اليقين ص172 والبداية والنهاية ج5 ص38 وج7 ص357 وعمدة القاري ج18 ص260 وج4 ص78 ووسيلة المآل ص122 والجمل للمفيد ص219 والكامل لابن عدي (ط دار الفكر) ج3 ص256 و 413 وابن زنجويه ج1 ص663 والمعجم الكبير ج11 ص400 وفتح القدير ج2 ص334 والمناقب للخوارزمي ص99 و 165 و 164 وزوائد المسند ص353 وفرائد السمطين ج1 ص61 وأنساب الأشراف ج1 ص383 وجامع البيان ج10 ص44 ـ 47 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص333 والصواعق المحرقة ص32 وتفسير أبي حيان ج5 ص6 وإمتاع الأسماع ص499 والإصابة ج2 ص509 وخصائص الإمام علي بن أبي طالب للنسائي ص92 و 93 والأموال لأبي عبيد ص213 و 215 وتيسير الوصول ج1 ص158 وعن الكشاف ج2 ص243 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص203 والسنن الكبرى ج5 ص128 ح8461 وج9 ص224 وكفاية الطالب ص255 و 254 و 285 عن أحمد، وابن عساكر، وأبي نعيم، وتشييد المطاعن ج1 ص164 و 165 ونور الثقلين ج2 ص177 و 182 وتهذيب تاريخ دمشق ج3 ص89 ومسند أحمد ج1 ص3 و 151 و 150 وج3 ص212 و 283 وإرشاد الساري ج10 ص283 وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج10 ص36 وتذكرة الخواص ص37 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ مدينة دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص376 و 390 والمستدرك على الصحيحين ج2 ص361 وج3 ص52 وينابيع المودة ص89 والطرائف ص38 و 39 وعن فتح الباري ج8 ص318 ومختصر تاريخ دمشق ج18 ص6 وج20 ص68 والجـامع الصحيح للترمـذي ج5 ص257 و 256 = = وتفسير النسفي ج2 ص115 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص168 وتفسير البيضاوي ج1 ص394 ومطالب السؤل ص17 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص46 وج7 ص288 وسنن الدارمي ج2 ص67 و 237 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص319 والروض الأنف ج7 ص374 والكامل في التاريخ ج1 ص644 والتفسير الكبير للرازي ج15 ص218 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص19 وج15 ص16 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص44 والمواهب اللدنية ج1 ص640 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص140 وروح المعاني ج10 ص44و45 وتاريخ الخميس ج2 ص141 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص128 وج2 ص407 وعن ابن خزيمة، وأبي عوانة، والدارقطني في الإفراد، وابن أبي حاتم، وتفسير البغوي (مطبوع مع تفسير الخازن) ج3 ص49 وتفسير الخازن ج2 ص203 والإرشاد للمفيد ج1 ص65و66 والبرهان (تفسير) ج2 ص100 و 101 وإعلام الورى ص132 وعن علل الشرايع ص74 وعن الخصال ج2 ص16 و 17. وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص152 ومسند علي ص741.
([273]) الغدير ج6 ص58 عن نفح الطيب ج10 ص244.
([274]) راجع مكاتيب الرسول ج1 ص268.
([275]) راجع: مسند أحمد ج3 ص283 ونحوه في سنن الترمذي في تفسير سورة التوبة. وقال: هذا حديث حسن. وكنز العمال ج2 ص422 وراجع الغدير ج6 ص345 وغير ذلك وشواهد التنزيل للحسكاني ج1ص309 وتاريخ مدينة = = دمشق ج42 ص344 وكشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد (بتحقيق الآملي) للعلامة الحلي ص509 و (بتحقيق السبحاني) ص204 وشرح إحقاق الحق للسيد المرعشي (الملحقات) ج22 ص422.
([276]) دلائل الصدق ج3 ق1 ص18و19 عن فضل بن روزبهان، وإحقاق الحق (الأصل) ص222.
([277]) البحار ج3 ص314 والمغني لعبد الجبار ج20 ص350 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج17 ص195والشافي في الإمامة ج4 ص153.
([278]) مجمع البيان ج5 ص9 والبحار ج21 ص266 وج30 ص417 والتفسير الصافي ج2 ص321 والتبيان للطوسي ج5 ص169وتفسير نور الثقلين ج2 ص182.
([279]) راجع: جامع البيان ج10 ص42 عن ابن إسحاق، وراجع ص43 عن الضحاك ودلائل الصدق ج2 ص245 عن فضل بن رزوبهان، وراجع: المغني لعبد الجبار ج20 ص351 وراجع: البحار ج21 ص268 وعمدة القاري ج18 ص258 وتفسير مجمع البيان ج5 ص12 وتفسير السمرقندي ج2 ص37 وتفسير الآلوسي ج10 ص47 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص420.
([280]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([281]) راجع: دلائل الصدق ج2 ص245 عن فضل بن روزبهان وبقية المصادر تقدمت في بداية الحديث عن موضوع تبليغ سورة "براءة".
([282]) شرح النهج للمعتزلي ج17 ص200 والبحار ج30 ص422 وج35 ص312 عنه.
([283]) راجع: الشافي ج4 ص150 والصراط المستقيم ج2 ص6 والبحار ج3 ص319.
([284]) إعلام الورى ص132 والإرشاد للمفيد ج1 ص66 ومسند أحمد ج4 ص164 و 165 وج1 ص150 والرياض النضرة ج3 ص119 والدر المنثور ج3 ص210 عن ابن الشيخ، وكنز العمال ج2 ص422 وج11 ص603 وتذكرة الخوا ص ص36 والمقاصد الحسنة ص124 وجامع البيان ج10 ص46 ومطالب السؤول ص18 والجامع الصغير ج2 ص177 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص495 والسنن الكبرى ج5 ص128 وسنن ابن ماجة ج1 ص44 وخصائص علي بن أبي طالب للنسائي ص91 ومصابيح السنة ج4 ص172 والمعجم الكبير ج4 ص16 والروضة الندية ص257 وينابيع المودة ج1 ص52 ونور الأبصار ص160 ونزل الأبرار ص38 والمصنف لابن أبي شيبة ج12 ص59 والصواعق المحرقة ص122 ومشكاة المصابيح ج3 ص356 ومناقب الإمام علي بن أبي طالب ص222 وكفاية الطالب ص276 وتهذيب الأسماء ج1 ص348 وتذكرة الحفاظ ج2 ص455 وكنوز الحقائق ج2 ص16 وفرائد السمطين ج1 ص59 والبداية والنهاية ج7 ص356 وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) وعن ابن قانع، وابن أبي عاصم، والضياء المقدسي، والجارودي، والعقد النبوي للشيخ ابن العيدروس، والبحار ج21 ص274و275.
([285]) البرهان (تفسير) ج2 ص105 عن ابن شهرآشوب وعلل الشرائع ج1 ص190 والبحار ج35 ص285 وجامع أحاديث الشيعة ج11ص325 والغدير ج6 ص344 والمعجم الكبير للطبراني ج11ص316 وتفسير نور الثقلين ج2 ص179 وجامع البيان للطبري ج10 ص84 وشواهد التنزيل للحسكاني ج1ص317 والكامل لابن عدي ج3 ص256 وتاريخ مدينة دمشق ج42 345 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14ص652 وج22ص423 وج23 ص206 وج30 ص620.
([286]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج17 ص200 والبحار ج30ص423.
([287]) راجع البحار ج30 ص423.
([288]) فتح العزيز ج7 ص31 والبحار ج30 ص418 وعمدة القاري ج18 ص260 وتحفة الأحوذي ج8 ص387 وجامع البيان للطبري ج10 ص77 والتفسير الكبير للرازي ج15 ص219 والمعارف لابن قتيبة ص165.
([289]) البحار ج35 ص297 عن التفسير المنسوب للإمام العسكري ص231 و 232.
([290]) راجع: البحار ج44 ص367 واللهوف لابن طاووس ص38 وكشف الغمة ج2 ص239 ومعارج الوصول ص94 ومثير الأحزان ص29 ولواعج الأشجان ص70 ونزهة الناظر وتنبيه الخاطر ص86 والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص207 عن مقتل الخوارزمي ج1 ص186.
([291]) راجع: الخصال ج2 ص369 والبحار ج35 ص286 وج38 ص172.
([292]) الخصال ج2 ص369 والبحار ج35 ص286 وج38 ص172.
([293]) إقبال الأعمال ج2 ص39 والبحار ج35 ص288.
([294]) البحار ج35 ص288 وإقبال الاعمال ج2 ص39.
([295]) البحار ج21 ص275 و 267 وج35 ص296 وإعلام الورى ص132 والحدائق الناضرة ج16 ص94 وجواهر الكلام ج19 ص276 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص401 و (ط دار الإسـلاميـة) ج9 ص464 وجامـع أحاديـث = = الشيعة ج11 ص326 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص597 وتفسير العياشي ج2 ص74 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص45 وتفسير مجمع البيان ج5 ص9 والتفسير الصافي ج2 ص321 وتفسير نور الثقلين ج2 ص182.
([296]) الخصال ج2 ص369 و 370 والبحار ج35 ص286 وج38 ص172 وتفسير نور الثقلين ج2 ص178 والإختصاص للمفيد ص168.
([297]) البحار ج35ص290 وج35 ص304 عن إقبال الاعمال ص320 و 321 و (ط مكتب الإعلام الإسلامي) ج2 ص41 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص392 والصوارم المهرقة ص126 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص422.
([298]) البحار ج35 ص296و303 عن تفسير العياشي ج2 ص75 والمناقب ج1 ص326 ـ 328 والحدائق الناضرة ج16 ص94 وجواهر الكلام ج19 ص276 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص401 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص464 وجامع أحاديث الشيعة ج11 ص326 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص597 وتفسير العياشي ج2 ص74 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص45 وتفسير مجمع البيان ج5 ص9 والتفسير الصافي ج2 ص321 وتفسير نور الثقلين ج2 ص182 وتفسير الميزان ج9 ص163.
([299]) الآيتان 1و2 من سورة براءة.
([300]) البحار ج35 ص299 وتفسير فرات ص159.
([301]) تفسير الرازي ج15 ص218 والبحار ج35 ص299 عن تفسير فرات ص54 وراجع: تحفة الأحوذي ج8 ص387.
([302]) البحار ج30 ص418 فما بعدها.
([303]) راجع: سنن أبي داود كتاب الصلاة: الباب 63 وراجع: فتح العزيز ج4 ص331 والمجموع للنووي ج5 ص268 ومغني المحتاج ج3 ص75 والمبسوط للسرخسي ج1ص40 وتحفة الفقهاء للسمرقندي ج1 ص229 و 248 وبدائع الصنائع لأبي بكر الكاشاني ج1 ص156 و 311 و 312 والجوهر النقي للمارديني ج4 ص19 والبحر الرائق ج1 ص610 وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج2 ص224 والمغني لابن قدامة ج2 ص25 والشرح الكبير لابن قدامة ج2 ص25 وج11ص379 وكشاف القناع للبهوتي ج6 ص366 وتلخيص الحبير ج4 ص331 وسبل السلام ج2 ص29.
([304]) المستدرك على الصحيحين ج3 ص51 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص50 وشواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص318 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص124.
([305]) الخصال ج2 ص369 والبحار ج35 ص286 وج38 ص172.
([306]) راجع تاريخ الأمم والملوك ج2 ص278 وإقبال الأعمال ج2 ص38 عنه، وعين العبرة في غبن العترة لأحمد آل طاووس ص24 والبحار ج35 ص287 ومسند أحمد ج4 ص324 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص310 وجامع البيان للطبري ج26 ص111 وتفسير الثعلبي ج9 ص47 وتفسير البغوي ج4 ص193 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 و 210 وتفسير الثعالبي ج5 ص254 والثقات لابن حبان ج1ص298 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص78 والبداية والنهاية ج4 ص191 وعيون الأثر ج2 ص118 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص46.
([307]) المغني للقاضي عبد الجبار ج20 ص350 والبحار ج30 ص315 و 318 وراجع: منار الهدى ص187 عن القوشجي، وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص200.
([308]) المغني ج20ص350 والبحار ج30 ص315 و 318.
([309]) البحار ج30 ص315 و 318.
([310]) هداية المسترشدين ج1 ص590 وبداية الوصول ج4 ص256 وعناية الأصول ج2 ص334.
([311]) راجع: البحار ج30 ص211 وج35 ص310 ومنهاج الكرامة ص181 ونهج الحق ص265 وإحقاق الحق (الأصل) ص222.
([312]) الشافي ج4 ص155 والبحار ج30 ص417 عنه، وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص197 والصوارم المهرقة ص126.
([313]) الآيتان (173و174) من سورة آل عمران.
([314]) راجع: تفسير العياشي ج1 ص206 و 279 والبحار ج30 ص217 وج35 ص294 عنه، وتفسير نور الثقلين ج1 ص411 و 562 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص289 و 654 وغاية المرام ج4 ص227.
([315]) إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ج2 ص40 والبحار ج35 ص289.
([316]) البحار ج35 ص288 ـ 290 وإقبال الأعمال ج2 ص40.
([317]) الآية 24 من سورة التوبة.
([318]) البحار ج35 ص293 وتفسير القمي ج1 ص284 وتفسير الميزان ج9 ص216 والتفسير الأصفى للفيض الكاشاني ج1ص457.
([319]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج8 ص450.
([320]) المصدر السابق.
([321]) البحار ج21 ص398 و 399 و 401 وج1 ص280 عن علل الشرائع ص154 وعن المناقب ج1 ص152 وعن السرائر ص469 وعن الكافي ج1 ص233 و 235 والدروس للشهيد الأول ج1ص474 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص238 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص285 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص380 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص201 وج11ص504.
([322]) البحار ج21 ص399 عن الكافي في الفروع ج1 ص233 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص201 والكافي ج4 ص244والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص124و (ط دار الإسلامية) ج8 ص88.
([323]) البحار ج21 ص398.
([324]) البحار ج21 ص390 عن الكافي (الفروع) ج1 ص233 و 234 و (ط دار الكتب الإسلامية) ج4 ص245 والحدائق الناضرة ج14 ص316 والفصول المهمة ج1 ص649 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص98 والتفسير الصافي ج3 ص374 وتفسير نور الثقلين ج1 ص146 وج3 ص487 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص386.
([325]) البحار ج21 ص383 و 384 عن الإرشاد للمفيد ج1 ص171 وعن إعلام الورى ص80 ص396 ومستدرك الوسائل ج8 ص84 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص331 ومكاتيب الرسول ج1 ص283.
([326]) الكافي (الفروع) ج4 ص249 و (ط دار الكتب الإسلامية) ج4 ص249 والبحار ج21 ص396 والحدائق الناضرة ج15 ص58 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص224و (ط دار الإسلامية) ج8 ص158 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص359 ومكاتيب الرسول ج1 ص282 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج3 ص45 ومنتقى الجمان ج3 ص163
([327]) البحار ج37 ص202 والتفسير الصافي ج2 ص53 وتفسير نور الثقلين ج2 ص73 والسيرة الحلبية ج3 ص308.
([328]) الغدير ج1 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص308.
([329]) الغدير ج1 ص9 والمجموع للنووي ج7 ص104 ومغني المحتاج ج1 ص345 والسيرة الحلبية ج3 ص308.
([330]) البحار ج37 ص150 والغدير ج1 ص9 و 296 والعدد القوية ص183 والسيرة الحلبية ج3 ص308.
([331]) الغدير ج1 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص308.
([332]) الغدير ج1 ص9.
([333]) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج3 ص225 وإمتاع الأسماع ص510 وإرشاد الساري ج6 ص429 والغدير ج1 ص9 عنهم.
([334]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص308 وعيون الأثر ج2 ص341 وحجة الوداع لابن حزم الأندلسي ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص450 والغدير ج1 ص9.
([335]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص173 وإمتاع الأسماع ج2 ص102.
([336]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 عن البخاري، وابن ماجة، والترمذي في الشمائل، وأبي يعلى في هامشه عن ابن ماجة ج2 ص965 وحاشية الدسوقي ج2 ص10 ومجمع الزوائد للهيثمي ج3 ص221 والشمائل المحمدية للترمذي ص180 والعهود المحمدية للشعراني ص215 وإمتاع الأسماع ج7 ص237والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص132.
([337]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 وسبل السلام ج2 ص188 وراجع: كتاب الأم ج2 ص138 وموطأ مالك ج1 ص393 ونيل الأوطار ج5 ص191 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص235 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص168 والإرشاد ج1 ص171 والبحار ج21 ص384 وج30 ص610 وكتاب المسند للشافعي ص111 ومسند أحمد ج6 ص273 وصحيح البخاري ج2 ص184 وصحيح مسلم ج4 ص32 وسنن ابن ماجة ج2 ص993 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص5 ومسند الحميدي ج1 ص104 ومسند ابن = = راهويه ج2 ص425 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص327 و 453 وصحيح ابن حبان ج9 ص238 وراجع: فتح الباري ج3 ص323 وج6 ص81 وج8 ص80.
([338]) البحار ج21 ص389 و 390 عن السرائر ص477 وعن الكافي (الفروع) ج1 ص233 ومنتهى المطلب (ط.ق) للحلي ج2 ص886 والكافي ج4 ص245 و 248 وعلل الشرائع للصدوق ج2 ص412 وتهذيب الأحكام للطوسي ج5 ص454 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص214 و 222 وج13 ص199 و (ط الإسلامية) ج8 ص151 و 157 وج9 ص318 ومستطرفات السرائر لابن إدريس ص591 والبحار ج21 ص389 و 395 وج96 ص88 وتفسير العياشي ج1 ص89 وتفسير نور الثقلين ج1 ص185 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص466 وتفسير الميزان ج2 ص83.
([339]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 عن ابن القيم، وابن كثير، والدمياطي، والحاكم في الإكليل، وابن سعد، وسبل السلام ج2 ص188 وفتح الباري ج3 ص323 وج6 ص 8 وج8 ص80.
([340]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 وفتح الباري ج3 ص323 وج6 ص81 وج8 ص80 وعمدة القاري ج9 ص168.
([341]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 عن البخاري.
([342]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص450 والدرر لابن عبد البر ص259 والبداية والنهاية ج5 ص127 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1020.
([343]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص450 عن ابن هشام، والدرر لابن عبد البر ص259 والبداية والنهاية ج5 ص127 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1020.
([344]) البحار ج21 ص389 و 390 و 395 وج30 ص618 وج96 ص193 والسرائر ص477 وعن الكافي (الفروع) ج1 ص233 و 234 والمجموع للنووي ج7 ص154 وكشاف القناع للبهوتي ج2 ص482 وتلخيص الحبير ج7 ص108 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص199 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص318 وجامع أحاديث الشيعة ج11 ص271.
([345]) البحار ج21 ص389 و 390 و 395 والسرائر ص477 وعن الكافي (الفروع) ج1 ص233 و 234 والبداية والنهاية ج5ص226.
([346]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 ورواه أحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن ماجة، والبيهقي، وفي هامشه عن: أحمد ج1 ص257 وابن ماجة ج2 ص991 وراجع: المعتبر للحلي ج2 ص786 والمبسوط للسرخسي ج4 ص4 وبدائع الصنائع ج2 ص144 و 175 وصحيح البخاري ج3 ص71 وسنن ابن ماجة ج2 ص991.
([347]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص451 عن مسلم، والبيهقي.
([348]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص453 عن مسلم، وفي هامشه عن المصادر التالية: مسلم ج2 ص886 حديث (147/1218) والشافعي في المسند ج1 ص296 (770) وأبو داود ج2 ص182 (1905) والنسائي ج1 ص654 وابن ماجة ج2 ص1022 (3074) وأحمد ج3 ص320 وراجع: المغني لابن قدامة ج3 ص261 و تلخيص الحبير ج7 ص242 ونيل الأوطار ج1 ص301 والبحار ج21 ص403 وسنن الدارمي ج2 ص45 وصحيح مسلم ج4 ص39 وسنن= = ابن ماجة ج1 ص204 وسنن النسائي (ط دار الفكر) ج5 ص164 وشرح مسلم للنووي ج 8 ص 172و منتخب مسند عبد بن حميد ص341 والسنن الكبرى للنسائي ج 2 ص 356 و مسند أبي يعلى ج4 ص24 و 93 والمنتقى من السنن المسندة ص123.
([349]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص453 عن النسائي، وابن ماجة، وفي هامشه عن: النسائي ج5 ص97 وابن ماجة ج2 ص972 وراجع: الآحاد والمثاني ج1 ص474 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص331 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص168 وكنز العمال ج 5 ص 276.
([350]) البحار ج21 ص379 عن الكافي (الفروع) ج1 ص287 و 288 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص588 والكافي ج4 ص444 وج5 ص389 و 396 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص402 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص66 وجامع أحاديث الشيعة ج11 ص29 وج11 ص429 ومنتقى الجمان ج3 ص167.
([351]) البحار ج21 ص379 عن الكافي (الفروع) ج1 ص289 ورسائل الشريف المرتضى ج1 ص173 والمعتبر للمحقق الحلي ج1 ص254 ومنتهى المطلب (ط.ج) للعلامة الحلي ج2 ص 438 و (ط.ق) ج1 ص124ومشرق الشمسين ص326 وكشف اللثام (ط.ج) ج5 ص406 و (ط.ق) ج1 ص333 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص644 ومستند الشيعة ج2 ص442 والكافي ج4 ص449 و تهذيب الأحكام ج1 ص179 وتهذيب الأحكام ج1 ص180 وتهذيب الأحكام ج5 ص399 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص384 و 388 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص612 و 616 وعوالي اللآلي ج1 ص307.
([352]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص459 وفي هامشه عن: أحمد ج3 ص452 والنسائي ج5 ص143 وراجع: كتاب الموطأ لمالـك ج1 ص351 والمغني لابن قدامـة = = ج3 ص291 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص291 والمحلى لابن حزم ج7 ص251 ومسند أحمد بن حنبل ج3 ص452 وسنن النسائي ج5 ص183 والمستدرك للحاكم ج3 ص624 والسنن الكبرى للبيهقي ج 5 ص 188.
([353]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص459.
([354]) وفاء الوفاء ج4 ص9222.
([355]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص460 وفي هامشه عن: البخاري ج4 ص31 (1825 و2573) ومسلم ج2 ص850 (50/1193) وراجع: فتح العزيز ج7 ص496 والمجموع للنووي ج7 ص306 و 325 ومغني المحتاج ج1 ص525 وكتاب الموطأ لمالك ج1 ص353 و 327 والمغني لابن قدامة ج3 ص290 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص290.
([356]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص173 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص459 عنه.
([357]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص460 وقال: ترجم أبو داود على هذه القصة في باب "المحرم يؤدب"، وفقه السنة للسيد سابق ج1 ص670 ومسند أحمد ج6 ص344 وسنن ابن ماجة ج2 ص978 وسنن أبي داود ج1 ص409 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص90 وتفسير ابن كثير ج1 ص246 والبداية والنهاية ج5 ص130 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص220.
([358]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص460 وإمتاع الأسماع المقريزي ج2 ص106 و 214 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج20 ص258.
([359]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص461 ومسند أحمد ج1 ص232 والعهود المحمدية للشعراني ص219 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص240 والدر المنثور ج3 ص97 وتاريخ مدينة دمشق ج62 ص275 والبداية والنهاية ج1 ص158 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص163.
([360]) الغدير ج6 ص199 عن صحيح مسلم ج3 ص71 ح169 ـ 171 وراجع: تلخيص الحبير ج7 ص113وصحيح مسلم ج4 ص48 وسنن النسائي ج5 ص155 و 179 وشرح مسلم للنووي ج8 ص205 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص350 و 367 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص136 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص456.
([361]) راجع النصوص في كتاب الغدير ج6 ص198 وما بعدها.
([362]) أي رمت به فدقت عنقه.
([363]) المغني لابن قدامة (ط دار عالم الكتب سنة 1417 هـ) ج5 ص140 و (ط دار الكتاب العربي) ج 3 ص 293 عن مسلم، وراجع الشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص279 وكشاف القناع للبهوتي ج2 ص498 و تذكرة الفقهاء (ط.ج) للعلامة الحلي ج7 ص303.
([364]) صحيح مسلم ج4 ص33 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص6 و 39 وشرح مسلم للنووي ج8 ص138معرفة السنن والآثار البيهقي ج3 ص512 و 555 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص371 والبداية والنهاية ج5 ص160 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص281 و 282 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص457 والسيرة الحلبية ج3 ص311.
([365]) الآية 196 من سورة البقرة.
([366]) الغدير ج6 ص200 عن مسلم في صحيحه ج3 ص67 ح157، وابن ماجة ج2 ص992 ومسند أحمد ج1 ص50 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص20 وسنن النسائي ج5 ص153 وتيسير الوصول ج1 ص340 وشرح الزرقاني على موطأ مالك، والبحار ج 30 ص 617.
([367]) الغدير ج6 ص200 وعن صحيح مسلم ج3 ص170 ح165و 166و 167.
([368]) الغدير ج6 ص201 عن كتاب الأم للشافعي ج7 ص199 والموطأ لمالك ج1 ص148 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص7 وسنن النسائي ج5 ص152 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص185 والمواهب اللدنية ج4 ص412 وعن زاد المعاد لابن القيم ج1 ص84 وعن الجامع لأحكام القرآن ج2 ص258 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص335.
([369]) سنن الدارمي ج2 ص35.
([370]) الغدير ج6 ص201و202 عن الجامع لأحكام القرآن ج2 ص365 عن الدارقطني، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج3 ص185 وزاد المعاد ج1 ص189 وعن هامش شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج2 ص252 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص21 ومجمع الزوائد ج1 ص285 والتمهيد لابن عبد البر ج8 ص209 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص388 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج9 ص32.
([371]) مسند أحمد ج1 ص49 وج5 ص143 والغدير ج6 ص202 فما بعدها عن زاد المعاد ج1 ص214 و 215 و 220 ومجمع الزوائد ج3 ص246 وكنز العمال = = ج5 ص167 والدر المنثور ج1 ص216 عن أحمد، وعن مسند ابن راهويه، وراجع: إرشاد الساري ج3 ص204 وعن جامع بيان العلم ج2 ص246 ومختصر جامع بيان العلم ص199 ح180 والآثار لأبي يوسف ص97.
([372]) راجع: بالإضافة إلى ما تقدم: مسند أحمد ج1 ص292 و 313 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص184.
([373]) راجع: الغدير ج6 ص199 فما بعدها عن شرح مسلم للنووي على صحيح مسلم ج8 ص205 وإرشاد الساري ج4 ص88 وعن فتح الباري ج3 ص433 وغير ذلك.
([374]) مسند أحمد ج1 ص337 وج3 ص325 و 356 و 363 والغدير ج6 ص208 و 209 و 210 و 211 و 212 ونقل أيضاً عن الجمع بين الصحيحين، وعن زاد= = المعاد، وجامع بيان العلم ج2 ص239 وعن مختصر جامع بيان العلم ص226 وكنز العمال (ط الهند) ج22 ص93 و 94 و 95 و (ط مؤسسة الرسالة) ج16 ص519 و 520 و 521 عن الطبري، وأبي صالح، والطحاوي، وابن عساكر، وعن ضوء الشمس ج2 ص94. وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص182 وج12 ص251 وج16 ص265 والأم ج7 ص219 وسنن البيهقي ج7 ص206 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج6 ص404 ومرآة العقول ج3 ص481 والأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص238 وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج5 ص17 والبيان والتبيين (ط سنة 1380 هـ) ج4 ص278و (ط دار الفكر) ج2 ص208 و 223 وزاد المعاد ج1 ص213 وج2 ص184 وفيه (ثبت عن عمر) والتفسير الكبير للرازي (ط سنة 1357 هـ) ـ مستدلاً به ـ ج10 ص51 وراجع ص52 وفي (ط أخرى) ج2 ص172 وج3 ص201و202 ووفيات الأعيان، وصحيح مسلم ج4 ص131 وتلخي صالشافي ج3 ص153 وج4 ص29 ومجمع البيان ج3 ص32 وكنز العرفان ج2 ص156 و 158 عن الطبري في المستنير، والجواهر ج30 ص139 و 140 و 145 و 148 و 149 ونفحات اللاهوت ص98 والإيضاح ص443 ودلائل الصدق ج3 ص102 و 103 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص270 وبداية المجتهد ج1 ص342 والمحلى ج9 ص107 والتمهيد للقرطبي ج23 ص364 و 365 بسندين، والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج9 ص54 والمرأة في القرآن والسنة لدروزة أيضاً ص182 عن المغني لابن قدامة (ط دار الكتاب العربي) ج7 ص527 وعن شرح معاني الآثار باب مناسك الحج ص374 وج2 ص144 والمبسوط للسرخسي ج5 ص152 باب القرآن من كتاب الحج وصححه، والبحار (ط قديم) ج8 ص273 عن جامع الأصول لابن الأثير، وتحريم نكاح المتعة ص106 و 105 و 72 و 73 و 76 وأخبار القضاة لوكيع = = ج2 ص124 وقد أشار المعلق في هامشه إلى أن نهي عمر عن المتعة رواه ابن ماجة، والبيهقي، وابن المنذر، ومحاضرات الراغب ج2 ص214 والمسالك ج1 ص500 والمتعة للفكيكي ص72 وشرح التجريد للقوشجي مبحث الإمامة ص484 والصراط المستقيم ج3 ص277 عن الطبري، وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار ج2 ص192 عن التفتازاني في حاشيته على شرح العضد، والتمهيد ج10 ص112و113 والمنتقى للفقي ج2 هامش ص519 والدر المنثور ج2 ص141 وراجع: الإيضاح ص443 وسنن سعيد بن منصور ج1 ص219.
([375]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج8 ص457 عن البخاري ومسلم، وعن النسائي، وأبي داود، وقد تقدمت الإشارة إلى مصادر أخرى فراجع.
([376]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج8 ص457 ونيل الأوطار للشوكاني ج5 ص131وسنن النسائي ج5 ص245 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص416.
([377]) السنن الكبرى ج5 ص21 والمجموع للنووي ج7 ص158 والغدير للشيخ ج6 ص202 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص21 والإستذكار لابن عبد البر ج4 ص61 و 107 والتمهيد لابن عبد البر ج8 ص210 وإمتاع الأسماع ج9 ص33.
([378]) السنن الكبرى ج5 ص21 ومجمع الزوائد ج1 ص285 والغدير ج6 ص202 وج10 و 66 وشرح معاني الآثار ج2 ص147 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج3 ص538 وكنز العمال ج5 ص301.
([379]) الموطَّأ ج1 ص252 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص5 وتيسير الوصول ج1 ص330 والدر المنثور ج1 ص281 عن ابن أبي شيبة، وكتاب الأم للشافعي ج7 ص226.
([380]) سنن النسائي ج5 ص153 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص238 وسنن النسائي ج5 ص153 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص349 والبداية والنهاية ج5 ص146.
([381]) حلية الأولياء ج5 ص205 وكنز العمال ج5 ص164 عنه، وعن أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي.
([382]) راجع عمدة القاري ج9 ص205 عن عياض وغيره.
([383]) راجع عمدة القاري ج9 ص205 عن عياض وغيره.
([384]) الغدير ج6 ص214.
([385]) الغدير ج6 ص214 عن زاد المعاد ج1 ص213.
([386]) الغدير ج6 ص214 عن المصادر التالية: صحيح البخاري ج3 ص148 (باب عمرة التنعيم) وصحيح مسلم ج1 ص346 والآثار لأبي يوسف ص126 وسنن ابن ماجة ج2 ص992 ومسند أحمد ج3 ص388 وج4 ص175 وسنن أبي داود ج2 ص282 وصحيح النسائي ج5 ص178 وسنن البيهقي ج5 ص19. انتهى وراجع: الخلاف ج1 ص444 وتذكرة الفقهاء (ط.ج) للحلي ج7 ص172 و (ط.ق) ج1 ص318 ومنتهى المطلب (ط.ق) ج2 ص660 و662 وذخـيرة المعـاد (ط.ق) ج1 ق3 ص551 والحدائـق النـاضرة ج14 = = ص312 وإعانة الطالبين للدمياطي ج2 ص321 وتحفة الفقهاء للسمرقندي ج1 ص380 وبدائع الصنائع لأبي بكر الكاشاني ج2 ص119 والمغني لابن قدامة ج3 ص417 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص247 والمحلى لابن حزم ج7 ص100 و 120 ونيل الأوطار للشوكاني ج5 ص56 وتهذيب الأحكام ج5 ص25 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص240 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص172 ومستطرفات السرائر لابن إدريس الحلي ص552 وعوالي اللآلي ج2 ص235 والبحار ج21 ص404 وج30 ص607 وج96 ص95 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص331 و451 والغدير ج6 ص214 واختلاف الحديث للشافعي ص567 وكتاب المسند للشافعي ص112 و 196 ومسند أحمد ج3 ص293 و 320 و 366 و 405 وج4 ص175 وسنن أبي داود ج1 ص402 و 426 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص326 و 338 وج5 ص6 و 7 وعمدة القاري ج9 ص186 وج10 ص122 وتحفة الأحوذي ج3 ص584 وعون المعبود ج5 ص258 ومسند أبي داود ص233 والمصنف للصنعاني ج7 ص504 ومسند أبي يعلى ج4 ص26 و 94 وج12 ص108 والمنتقى من السنن المسندة ص122 وشرح معاني الآثار ج2 ص191 و 192وصحيح ابن حبان ج9 ص227 و 232 و 235 و 252 و 255 والمعجم الكبير ج7 ص119 و 120 و 121 و 122 و 127 وسنن الدارقطني ج2 ص248 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص488 و 513 والتمهيد لابن عبد البر ج10 ص106 والدرر لابن عبد البر ص262 و 265 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص423 و 424 ونصب الراية ج3 ص206 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص321 وتفسير البغوي ج4 ص492 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص143 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص393 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص359 و 364 والمستصفى للغـزالي ص210 والمحصول للرازي ج2 = = ص103 ومنتقى الجمان ج3 ص108 وتهذيب الكمال ج10 ص215 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص297 وج2 ص12 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص703 والبداية والنهاية ج5 ص160 و 165 والبداية والنهاية ج7 ص169 وإعلام الورى ج1 ص261 وعيون الأثر ج2 ص344 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص280 و 291 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص139 وج8 ص467 والسيرة الحلبية ج3 ص320 والفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ص138 والفتوحات المكية لابن العربي ج1 ص76.
([387]) راجع: الغدير ج6 ص215 عن صحيح البخاري ج2 ص556 وعن مسلم ج3 ص70 وج1 ص355 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص13 وج4 ص344 و 352 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص271 وسنن ابن ماجة ج2 ص991 وسنن الدارمي ج2 ص51 وسنن أبي داود ج2 ص156 وسنن النسائي ج5 ص181 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص230.
([388]) عون المعبود للعظيم آبادي ج5 ص171 وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج2 ص19 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص359.
([389]) الغدير ج6 ص215 عن زاد المعاد ج1 ص207 و 208 ونيل الأوطار للشوكاني ج5 ص63 وعون المعبود ج5 ص171.
([390]) سنن أبي داود ج2 ص157 والمجموع للنووي ج7 ص157 والمغني لابن قدامة ج3 ص237 ونيل الأوطار ج5 ص58 وتهذيب الكمال ج15 ص439 والبداية والنهاية ج5 ص159 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص279 والفتوحات المكية لابن العربي ج1 ص748.
([391]) عمدة القاري ج9 ص 199 والمغني لابن قدامة ج3 ص238.
([392]) شرح الموطأ للزرقاني ج2 ص266 ونيل الأوطار للشوكاني ج 5 ص 58.
([393]) عون المعبود ج5 ص152.
([394]) شرح الموطأ للزرقاني ج2 ص266.
([395]) الإستذكار ج7 ص 488 وعمدة القاري ج1 ص186 والتمهيد لابن عبد البر ج6 ص301 وأضواء البيان للشنقيطي ج5 ص238 والثقات لابن حبان ج4 ص273 وتهذيب الكمال للمزي ج11 ص67 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج1 ص54 وسير أعلام النبلاء ج4 ص218.
([396]) عون المعبود للعظيم آبادي ج14 ص19 والتمهيد لابن عبد البر ج6 ص301.
([397]) الجامع الصحيح ج3 ص271 وعمدة القاري ج9 ص198 والمجموع لمحيى الدين النووي ج7 ص8 و 168 والمغني لابن قدامة ج3 ص237 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص237 ونيل الأوطار للشوكاني ج5 ص57 وفقه السنة للشيخ سيد سابق ج1 ص750 والغدير ج6 ص215 و 217 وسنن الترمذي ج2 ص206.
([398]) الغدير ج6 ص217 عن صحيح البخاري ج2 ص567 ح1489 وعن صحيح مسلم ج3 ص81 ح198 كتاب الحج، والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص345 وسنن النسائي ج5 ص180 والمجموع للنووي ج7 ص9 والبحار ج30 ص616 والغدير ج6 ص217 ومسند أحمد ج1 ص261 وسنن أبي داود ج1 ص442 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص345 وفتح الباري ج3 ص337 وعمدة القاري ج9 ص199 وصحيح ابن حبان ج9 ص81 والمعجم الكبير للطبراني ج11 ص18 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج3 ص499 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص393 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص357.
([399]) الغدير ج6 ص219 عن صحيح البخاري (ط سنة 1372هـ) ج3 ص69 وسنن النسائي ج5 ص148 وسنن البيهقي ج5 ص22 وج4 ص52 ومسند أحمد ج1 ص136 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص352 وج5 ص22 ومسند سليمان بن داود الطيالسي ص16 ومسند أبي يعلى ج1 ص342 وكنز العمال ج5 ص160 وسير أعلام النبلاء ج21 ص409 والشفا للقاضي عياض ج2 ص14 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص279 والبداية والنهاية ج5 ص159.
([400]) الغدير ج6 ص219 وعن صحيح البخاري ج2 ص569 وعن مسلم ج3 ص168 ح159والمجموع للنووي ج7 ص156 والبحار ج30 ص613 و 633 وصحيح البخاري ج2 ص153 وفتح الباري لابن حجر ج3 ص336 وعمدة القاري ج9 ص198 وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج2 ص15 ونصب الراية للزيلعي ج3 ص199 وأحكام القرآن لإبن العربي ج1 ص181 والدر المنثور ج1 ص216 والبداية والنهاية لابن كثير ج5 ص144 والبداية والنهاية ج5 ص146 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص248 وج4 ص253.
([401]) الغدير ج6 ص219و220 وجامع بيان العلم ج2 ص30 ومختصر جامع بيان العلم ص198والأحكام لابن حزم ج 6 ص 785.