شرح سنن النسائي
جلال الدين السيوطي ج 5
[ 1 ]
سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي حاشية الامام السندي الجزء الخامس دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان
[ 2 ]
كتاب الزكاة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن كان بعثه إليها في ربيع الاول وقبل حجه صلى الله عليه وسلم وقيل في آخر سنة تسع عند منصرفه من تبوك وقيل عام الفتح سنة ثمان واختلف هل بعثه واليا أو قاضيا فجزم الغساني بالاول وابن
[ 3 ]
عبد البر بالثاني واتفقوا على انه لم يزل عليها إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها رضي الله عنه انك تأتي قوما أهل كتاب كان أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد وهو تبع الاصغر حكاه بن إسحاق في أوائل السيرة فإذا جئتهم الخ لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج مع أن بعث معاذ كان في أواخر الامر وأجاب بن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الحاديث لاحتمال الزيادة والنقصان وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشرع بالصلاة والزكاة أكثر وبأنهما إذا وجبا على المكلف لا يسقطان عنه أصلا بخلاف الصوم فإنه قد يسقط بالفدية والحد فإن الغير قد يقوم مقامه كما في المغصوب ويحتمل أنه حينئذ لم يكن شرع قولا الشيخ سراج الدين البلقيني إذا كان الكلام في بيان الاركان لم يخل الشارع منها بشئ كحديث بن عمر بني الاسلام على خمس فإذا كان في الدعاء الى الاسلام اكتفى بالاركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة ولو كان بعد وجوب فرض الصوم والحج كقوله تعالى فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة في موضعين من براءة مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعا وحديث بن عمر أيضا أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وغير ذلك من الاحاديث قال والحكمة في ذلك أن الاركان الخمسة اعتقادي وهو الشهادة وبدني وهو الصلاة ومالي وهو الزكاة فاقتصر في الدعاء إلى الاسلام عليها ليفرع الركعتين الآخرين عليها فإن الصوم بدني محض والحج بدني ومالي وأيضا فكلمة الاسلام هي الاصل وهي شاقة على الكفار والصلاة شاقة لتكررها والزكاة شاقة لما في جبلة الانسان من حب المال فإذا دعى المرء
[ 4 ]
لهذه الثلاث كان ما سواها أسهل عليه بالنسبة إليها فاتق دعوة المظلوم أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم زاد في الرواية الآتية فإنها ليس بينها وبين الله حجاب أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع يمنعها والمراد أنها مقبولة وان كان عاصيا كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة وان كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده صحيح قال بن العربي هذا الحديث وان كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث
[ 5 ]
مرات إما أن يعجل له ما طلب وإما أن يدخر له أفضل منه وإما أن يدفع عنه من السوء مثله وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى أمن يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى ويكشف ما تدعون إليه إن شاء عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم أن أبا مالك الاشعري حدثه رواه مسلم من طريق أبي سلام عن أبي مالك بإسقاط عبد الرحمن بن غنم فتكلم فيه الدارقطني وغيره وقال النووي يمكن أن يجاب عن مسلم بأن الظاهر من حاله أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك وسمعه أيضا من عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك فرواه مرة عنه ومرة عن عبد الرحمن عنه وأبو مالك اسمه الحرث بن الحرث وقيل عبيد وقيل عمر وقيل كعب بن عاصم وقيل عبيد الله وقيل كعب بن كعب وقيل عامر بن الحرث وأبو سلام بالتشديد اسمه ممطور اسباغ الوضوء شطر الايمان قال النووي أصل الشطر النصف واختلف العلماء
[ 6 ]
فيه فقيل معناه أن الايمان يجب ما قبله من الخطايا وكذلك الوضوء لا يصح الا مع الايمان وصار لتوقفه على الايمان في معنى الشطر وقيل المراد بالايمان هنا الصلاة كما قال الله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر وليس يلزم في الشطر أن يكون نصفا حقيقيا وهذا القول أقرب الاقوال ويحتمل أن يكون معناه أن الايمان تصديق بالقلب وانقياد بالظاهر وهما شطران للايمان والطهارة متضمنة للصلاة فهي انقياد في الظاهر وقال في النهاية انما كان كذلك لان الايمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء يطهر نجاسة الظاهر والحمد لله تملا الميزان قال النووي معناه أعظم أجرها وأنه يملا الميزان وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الاعمال وثقل الميزان وخفتها والتسبيح والتكبير يملا السماوات والارض قال النووي يحتمل أن يقال لو قدر ثوابهما جسما لملا ما بين السماوات والارض وسبب عظم فضلهما ما استملا عليه من التنزيه لله بقوله سبحان الله والتفويض والافتقار إلى الله بقوله الحمد لله وقال القرطبي الحمد راجع إلى الثناء على الله تعالى بأوصاف كماله فإذا حمد الله تعالى
[ 7 ]
حامد مستحضر معنى الحمد في قلبه امتلا ميزانه من الحسنات فإذا أضاف إلى ذلك سبحان الله الذي معناه تبرئة الله وتنزيهه عن كل مالا يليق به من النقائص ملات حسناته وثوابها زيادة على ذلك ما بين السماوات والارض إذ الميزان مملوء بثواب التحميد وذكر السماوات على جبة الاعتناء على العادة العربية المراد أن الثواب على ذلك كثير جدا بحيث لو كان أجساما لملا ما بينهما والصلاة نور قال النووي معناه أنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به وقيل معناه أن أجرها يكون نورا لصاحبها يوم القيامة وقيل إنها سبب لاشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها وإقباله إلى الله بظاهره وباطنة وقد قال الله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وقيل معناه أنها تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة ويكون في الدنيا أيضا على وجهه إليها بخلاف من لم يصل والزكاة برهان قال النووي قال صاحب التحرير معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البارهين كما أن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله وقال غيري صاحب التحرير معناه أنها حجة على ايمان فاعلها فإن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على صحة ايمانه وقال في النهاية البرهان الحجة والدليل أي أنها حجة لطالب الاجر من أجل أنها فرض يجازى الله به وعليه وقيل هي دليل على صحة ايمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها وذلك لعلاقة ما بين النفس والمال وقال القرطبي أي برهان على صحة ايمان المتصدق أو على أنه ليس من المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات أو على صحة محبة المتصدق لله تعالى ولما لديه من الثواب إذ آثر محبة الله وابتغاء ثوابه على ما جبل عليه من حب الذهب والفضة حتى أخرجه لله تعالى والصبر ضياء قال النووي معناه الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى النائبات وأنواع المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود لا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب وقال القرطبي رواه بعض المشايخ والصوم ضياء بالميم ولم تقع لنا تلك الرواية على أنه يصح أن
[ 8 ]
يعبر بالصبر عن الصوم وقد قيل ذلك في قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة فإن تنزلنا على ذلك فيقال في كون الصبر ضياء كما قيل في كون الصلاة نورا وحينئذ لا يكون بين النور والضياء فرق معنوي بل لفظي والاولى أني قال أن الصبر في هذا الحديث غير الصوم بل هو الصبر على العبادات والمشاق والمصائب والصبر عن المخالفات والمنهيات كاتباع هوى النفس والشهوات وغير ذلك فمن كان صابرا على تلك الاحوال متثبتا فيها مقابلا لكل حال بما يليق به ضاءت له عواقب أحواله وصحت له مصالح أعماله فظفر بمطلوبه وحصل من الثواب على مرغوبه كما قيل وقل من جد في أمر يحاوله واستعمل الصبر إلا فاز بالظفر والقرآن حجة لك أو عليك قال النووي أي تنتفع به إن تلوته وعملت به وإلا فهو حجة عليك وقال القرطبي يعني أنك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه كان حجة لك في المواقف التي تسئل منه عنه كمسألة الملكين في القبر والمسألة عند الميزان وفي عقاب الصراط وان لم يمتثل ذلك احتج به عليك ويحتمل أن يراد به أن القرآن هو الذي ينتهي إليه عند التنازع في المباحث الشرعية والوقائع الحكمية فبه تستدل على صحة دعواك وبه يستدل عليك خصمك
[ 9 ]
من أنفق زوجين قال في النهاية الاصل في الزوج الصنف والنوع من كل شئ ومن كل شيئين مقترنين شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان وكل واحد منهما زوج يريد من أنفق صنفين من ماله من شئ من الاشياء أي من صنف من أصناف المال فرسين أو بعيرين أو عبدين قال القاضي عياض وقيل يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين والمطلوب تشفيع صدقته بأخرى في سبيل الله قيل هو على العموم في جميع وجوه الخير وقيل هو مخصوص بالجهاد قال القاضي عياض والاول أصح وأظهر دعى من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير قال النووي قيل معناه لك هنا خير ثواب وغبطة وقيل معناه هذا الباب فيما نعتقده خير لك من غيره من الابواب لكثرة ثوابه ونعيمه فيقال فادخل منه ولا بد من تقدير ما ذكرناه أن كل مناد يعتقد أن ذلك الباب أفضل من غيره فمن كان من أهل الصلاة الحديث قال النووي قال العلماء معناه من كان الغالب عليه في عمله وطاعته ذلك وقال القاضي عياض قد ذكر هنا من أبواب الجنة الثمانية أربعة أبواب باب الصلاة وباب الصدقة وباب الصيام وباب الجهاد وقد ورد في حديث آخر باب التوبة وباب الكاظمين الغيظ والعافين
[ 10 ]
عن الناس وباب الراضين فهذه سبعة أبواب جاءت في الاحاديث وجاء في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم يدخلون من الباب الايمن فلعله الباب الثامن وقال بن بطال فإن قلت النفقة إنما تكون في باب الجهاد والصدقة فكيف تكون في باب الصوم والصلاة قلت عنى بالزوجين نفسه وماله والعرب تسمى ما يبدله الانسان من النفس نفقة يقول فيما يعلم من الصنعة أنفقت فيها عمري فأتعاب الجسم في الصوم والصلاة انفاق من باب الريان قال العلماء سمى باب الريان تنبيها على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروى وعاقبته إليه وهو مشتق من الري الا من قال هكذا وهكذا وهكذا المراد جميع وجوه المكارم والخير
[ 11 ]
وتنطحه بكسر الطاء ويجوز الفتح كلما نفدت أخراها قال النووي ضبطناه بالدال المهملة وبالمعجمة وفتح الفاء وكلاهما صحيح الا جعل له طوقا في عنقه شجاع قال في النهاية هو بالضم وصف لحية الذكر وقيل هو الحية مطلقا وقال القاضي عياض قيل الشجاع من الحيات التي تواثب الفارس والراجل ويقوم على ذنبه وربما بلغ رأس الفارس يكون في الصحارى أقرع قال في النهاية هو الذي لا شعر له على رأسه يريد حية قد تمعط جلد رأسه لكثرة سمه وطول عمره وقال القاضي
[ 12 ]
عياض قيل هو الابيض الرأس من كثرة السم وقيل نوع من الحيات أقبحها منظرا وقال وظاهر هذه الرواية أن ماله صير وخلق على صورة الشجاع ويحتمل أن الله تعالى خلق الشجاع لعذابه قال وقيل خص الشجاع بذلك لشدة عداوة الحيات لبني آدم أيما رجل كانت له ابل لا يعطى حقها أي لا يؤدى زكاتها في نجدتها ورسلها قال في النهاية النجدة الشدة وقيل السمن والرسل بالكسر الهينة والتأني وقال الجوهري أي الشدة والرخاء يقول يعطى وهي سمان حسان يشتد عليه اخراجها فتلك نجدتها ويعطى في رسلها وهي مهازيل مقاربة وقال الازهري معناه الا من أعطى في إبله ما يشق عليه فتكون نجدة عليه أي شدة ويعطى ما يهو ن عليه عطاؤه منها مستهينا على رسله قال الازهري وقال بعضهم في رسلها أي بطيب نفس منه وقيل ليس للهزال فيه معنى لانه ذكر الرسل بعد النجدة على جهة التفخيم للابل فجرى مجرى قولهم الا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها وهذا كله يرجع إلى معنى واحد فلا معنى للهزال لان من بذل حق الله من المضنون به كان إلى إخراجه ما يهون عليه أسهل فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى قال صاحب النهاية والاحسن والله أعلم أن يكون المراد بالنجدة الشدة والجدب وبالرسل الرخاء والخصب لان الرسل اللبن وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب فيكون المعنى أنه يخرج حق الله في حال الضيق والسعة والجدب والخصب لانه إذا أخرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقا عليه فإنه
[ 13 ]
اجحاف وإذا أخرجها في حال الرخاء كان ذلك سهلا عليه ولذلك قيل في الحديث يا رسول الله ما نجدتها ورسلها قال في عسرها ويسرها فسمى النجدة عسرا والرسل يسرا لان الجدب عسر والخصب يسر فهذا الرجل يعطى حقها في حال الجدب والضيق وهو المراد بالنجدة وفي حال الخصب والسعة وهو المراد بالرسل فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت بالغين والذال المعجمتين أي أسرع وأنشط أغذ يغذ اغذاذا أسرع في السير وأسره بالسين المهملة وتشديد الراء قال في النهاية أي كأسمن ما كانت وأوفره من سر كل شئ وهو لبه ومخه وقيل هو من السرور لانها إذا سمنت سرت الناظر إليها قال وروى وآشره بمد الهمزة وشين معجمة وتخفيف الراء أي أبطره أو أنشطه يبطح لها أي يلقى على وجهه بقاع قرقر بفتح القافين هو المكان الواسع المستوي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال القرطبي قيل معناه لو حاسب فيه غير الله سبحانه وقال الحسن قدر بن السمان مواقفهم للحساب كل موقف ألف سنة وفي الحديث أنه
[ 14 ]
ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة فيرى سبيله زاد مسلم اما إلى الجنة واما إلى النار ليس فيها عقصاء هي الملتوية القرنين ولا عضباء هي المكسورة
[ 15 ]
القرن لو منعوني عقالا قال في النهاية أراد به الحبل الذي يعقل به البعير الذي يؤخذ في الصدقة لان على صاحبها التسليم وانما يقع القبض بالرباط وقيل أراد ما يساوى عقالا من حقوق الصدقة وقيل إذا أخذ المتصدق أعيان الابل قيل أخذ عقالا وإذا أخذ أثمانها قيل أخذ نقدا وقيل أراد بالعقال صدقة العام يقال أخذ المصدق عقال هذا العام إذا أخذ منهم صدقته وبعث فلان على عقال بني فلان إذا بعث على صدقاتهم واختاره أبو عبيد وقال هو أشبه عندي بالمعنى وقال الخطابي انما يضرب المثل في مثل هذا بالاقل لا بالاكثر وليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام
[ 16 ]
من أعطاها مؤتجرا أي طالبا للاجر ومن أبي فإنا آخذوها وشطر ماله قال في النهاية قال الحربي غلط الراوي في لفظ الرواية انما هو وشطر ماله أي يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة فأما مالا يلزمه فلا وقال الخطابي في قول الحربي لا أعرف هذا الوجه وقيل معناه أن الحق مستوفي منه غير متروك وان تلف شطر ماله كرجل كان له ألف شاة فتلفت حتى لم يبق له إلا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الالف وهو شطر ماله الباقي وهذا أيضا بعيد لانه قال إنا آخذوها وشطر ماله ولم يقل انا آخذوا شطر ماله وقيل انه كان في صدر الاسلام يقع بعض العقوبات في الاموال ثم نسخ كقوله في التمر المعلق من خرج بشئ منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة وكقوله في ضالة الابل المكتوبة غرامها ومثلها معها وكان عمر يحكم به فغرم حاطبا ضعف ثمن ناقة المزني لما سرقها رقيقة ونحروها وله في الحديث نظائر وقد أخذ أحمد بن حنبل بشئ من هذا وعمل به وقال الشافعي في القديم من منع زكاة ماله أخذت وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه واستدل بهذا الحديث وقال في الجديد لا يؤخذ إلا الزكاة لا غير وجعل هذا الحديث منسوخا وقال كان ذلك حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخت ومذهب عامة الفقهاء أن لا واجب على متلف شئ أكثر من مثله أو قيمته
[ 17 ]
عزمة من عزمات ربنا أي حق من حقوقه وواجب من واجباته خمس ذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة قال الزين بن المنير أضاف خمس إلى ذود وهو منكر لا يقع على المذكر والمؤنث وأضافه إلى الجمع لانه يقع على المفرد والجمع وأما قول بن قتيبة أنه يقع على الواحد فقط فلا يدفع ما نقله غيره أنه يقع على الجمع والاكثر على أن الذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه وقال أبو عبيد من الثنتين إلى العشرة قال وهو مختص بالاناث وقال سيبويه يقول ثلاث ذود لان الذود مؤنث وليس باسم كسر عليه مذكر وقال القرطبي أصله ذاد يذود إذا دفع شيئا فهو مصدر فكأنه من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر وشدة الفاقة والحاجة وأنكر
[ 18 ]
بن قتيبة أن يراد بالذود الجمع وقال لا يصح أن يقال خمس ذود كما لا يصح أن يقال خمس ثوب وغلطة العلماء في ذلك لكن قال أبو حاتم السجستاني تركوا القياس في الجمع فقالوا خمس ذود لخمس من الابل كما قال ثلاثمائة على غير قياس قال القرطبي وهذا صريح في أن للذود واحدا من لفظه والاشهر ما قاله المتقدمون أنه لا يطلق على الواحد حدثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بضم المثلثة قال الحافظ بن حجر صرح إسحاق بن راهويه في مسنده بأن حمادا سمعه من ثمامة وأقرأه الكتاب فانتفى تعليل من أعله بكونه مكاتبه إن أبا بكر كتب لهم أي لما وجه أنسا إلى البحرين عاملا على الصدقة إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين قال الحافظ بن حجر ظاهر في رفع الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس موقوفا على أبي بكر وقد صرح برفعه في رواية إسحاق في مسنده ومعنى فرض هنا أوجب أو شرع يعني بأمر الله وقيل معناه قدر لان إيجابها ثابت بالكتاب ففرض النبي صلى الله عليه وسلم لها بيان للمجمل من الكتاب بتقدير الانواع لا التي
[ 19 ]
أمر الله عزوجل بها رسوله صلى الله عليه وسلم كذا وقع هنا وفي سنن أبي داود بحذف الواو على أن التي بدل من التي الاولى وفي صحيح البخاري بواو العطف فمن سئلها من المسلمين على وجهها أي على هذه الكيفية المبينة في هذا الحديث ومن سئل فوق ذلك فلا يعط أي من سئل زائدا على ذلك في سن أو عدد فله المنع ونقل الرافعي الاتفاق على ترجيحه وقيل معناه فليمنع الساعي وليتول هو إخراجه بنفسه لان الساعي بطلب الزيادة يكون متعديا وشرطه أن يكون أمينا طروقة الفحل بفتح الطاء أي مطروقة فعلوة بمعنى مفعلوة والمراد أنها بلغت
[ 20 ]
أن يطرقها الفحل وهي التي أتت عليها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة جذعة بفتح الجيم
[ 21 ]
والمعجمة وهي التي أتت عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة إلا أن يشاء ربها إلا أن يتبرع متطوعا ولا يؤخذ في الصدقة هرمة بفتح الهاء وكسر الراء هي الكبيرة التي سقطت أسنانها ولا ذات عوار فتح العين المهملة وضمها أي معيبة وقيل بالفتح العيب وبالضم العور ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق اختلف في ضبطه فالاكثر على أنه بالتشديد والمراد المالك وهو اختيار أبي عبيد وتقدير الحديث لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلا ولا يؤخذ التيس وهو فحل الغنم الا برضا المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره اضرار به وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده لكن يجرى مجرى الوسيل فلا يتصرف بغير المصلحة وهذا قول الشافعي في البويطي ولفظة ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة الا أن يرى المصدق أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذ على النظر ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة
[ 22 ]
قال الشافعي هو خطاب للمالك من جهة وللساعي من جهة فأمر كل واحد أن لا يحدث شيئا من الجمع والتفريق خشية الصدقة فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر فمعنى قوله خشية الصدقة أي خشية أن تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة فلما كان محتملا للامرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر فحمل عليهما معا لكن الاظهر حمله على المالك ذكره في فتح الباري وما كان من خليطين اختلف في المراد بالخليط فقال أبو حنيفة هو الشريك واعترض بأن الشريك قد لا يعرف عين ماله وقد قال أنهما يتراجعان بينهما بالسوية وقال بن جرير لو كان تفريقهما
[ 23 ]
مثل جمعهما في الحكم لبطلت فائدة الحديث وإنما نهى عن أمر لو فعله كانت فيه فائدة قبل النهي قال ولو كان كما قال أبو حنيفة لما كان لتراجع الخليطين بينهما سواء معنى وقال الخطابي معنى التراجع أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين ماله فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة وهي تسمى خلطة الجوار فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة قال الزركشي ناقصة بالنصب خبر كان وشاة تمييز وواحدة وصف لها قال الكرماني واحدة اما منصوب بنزع الخافض أي بواحدة واما حال من ضمير ناقصة وروى بشاة واحدة بالجر وفي الرقة بكسر الراء وتخفيف القاف وهي الفضة الخالصة مضروبة كانت أو غير مضروبة قيل أصلها
[ 24 ]
الورق فحذفت الواو وعوضت الهاء وقيل يطلق على الذهب والفضة بخلاف الورق ومن حقها أن تحلب على الماء بحاء مهملة أي لمن يحضرها من المساكين وإنما خص الحلب بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل وذكره الداوي بالجيم وفسره بالاحضار إلى المصدق وتعقبه بن دحية وجزم بأنه تصحيف رغاء بضم الراء وغين معجمة صوت الابل يعار بتحتية مضمومة وعين مهملة صوت المعز ورواه الفزار بمثناة فوقة ورجحه بن التين وقال الحافظ بن حجر وليس بشئ ويكون كنز أحدهم قال الامام أبو جعفر الطبري الكنز كل شئ مجموع بعضه على بعض سواء كان في بطن الارض أم على ظهرها زاد صاحب العين وغيره وكان مخزونا وقال القاضي عياض اختلف السلف في المراد بالكنز
[ 25 ]
المذكور في القرآن والحديث فقال أكثرهم هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد فأما مال خرجت زكاته فليس بكنز وقيل الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة واتفق أئمة الفتوى على القول الاول أنا كنزك زاد بن حبان الذي تركته بعدك فلا يزال حتى يلقمه أصبعه لابن حبان فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيمضغها
[ 26 ]
ثم يتبعه سائر جسده أمره أن يأخذ من كل حالم قال في النهاية يعين الجزية أراد بالحالم من بلغ الحلم وجرى عليه حكم الرجال سواء احتلم أم لا أو عدله بالكسر والفتح معافريا
[ 27 ]
هي برود باليمن منسوبة إلى معافر قبيلة بها والميم زائدة جماء هي التي لا قرن لها يقضمها
[ 28 ]
القضم بقاف وضاد معجمة الكل بأطراف الاسنان
[ 30 ]
ان في عهدي أن لا نأخذ راضع لبن قال في النهاية أراد بالراضع ذات الدر واللبن وفي الكلام مضاف محذوف تقديره ذات راضع فأما من غير حذف فالراضع الصغير الذي هو بعد يرضع ونهيه عن أخذها لانها خيار المال ومن زائدة كما يقول لا يأكل من الحرام أي لا يأكل الحرام وقيل هو أن يكون عند الرجل الشاة الواحدة أو اللقحة قد اتخذها للدر فلا يؤخذ منها شئ كوماء أي مشرفة السنام عالية فصيلا مخلولا أي مهزولا وهو الذي جعل في أنفه خلال لئلا يرضع أمه فتهزل
[ 31 ]
إذا أتاكم المصدق بتخفيف الصاد وهو العامل فليصدر أي يرجع
[ 32 ]
ممتلئة محضا وشحما أي سمينة كثيرة اللبن والمحض بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللبن
[ 33 ]
ما ينقم بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره بن جميل قال الحافظ لم أقف على اسمه في كتب الحديث وفي تعليق القاضي حسين أن اسمه عبد الله إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله أي ما ينقم شيئا من منع الزكاة إلا بكفر النعمة فكأن غناه أداه إلى كفر نعمة الله أدراعه بمهملات جمع درع وهي الزردية وأعتده بضم المثناة جمع عتد بفتحتين قيل ما يعد الرجل من الدواب والسلاح
[ 34 ]
وقيل الخيل خاصة وروى بالموحدة جمع عبد والاول هو المشهور فهي عليه صدقة ومثلها معها قيل ألزمه صلى الله عليه وسلم بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه والمعنى فهي صدقة ثابتة عليه سيتصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما ودلت رواية
[ 35 ]
مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله فهي على لانه استسلف منه صدقة عامين وجمع بعضهم بين رواية على ورواية عليه بأن الاصل رواية على ورواية عليه مثلها
[ 36 ]
إلا أن فيها زيادة هاء السكت حكاها بن الجوزي عن بن ناصر
[ 37 ]
قد عفوت عن الخيل والرقيق أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه
[ 38 ]
مسكتان المسكة بالتحريك السوار
[ 39 ]
له زبيبتان تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين وهما الزبدتان اللتان في الشدقين وقيل النكتتان السوداوان فوق عينيه وقيل نقطتان يكتنفان فاه وقيل هما في حلقه بمنزلة زنمتي العنز وقيل لحمتان على رأسه مثل القرنين وقيل نابان يخرجان من فيه يطوقه بفتح أوله وفتح الواو الثقيلة أي يصير له ذلك الثعبان طوقا بلهزمتيه بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة قال في الصحاح هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الاذنين وفي الجامع هما لحم الخدين الذي يتحرك إذا أكل الانسان
[ 41 ]
فيما سقت السماء والانهار والعيون أو كان بعلا قال في النهاية هو ما شرب من النخيل بعروقه من الرض من غير سقى سماء ولا غيرها قال الازهري هو ما ينبت من النخل في أرض يقرب ماؤها فرسخت عروقها في الماء واستغنت عن ماء السماء والانهار العشر قال القرطبي أجمع العلماء على الاخذ بهذا الحديث في قدر ما يؤخذ واستدل أبو حنيفة بعمومه على وجوب الزكاة في كل ما أخرجت الارض من الثمار والرياحين والخضر وغيرها قال القرطبي والحكمة في فرض العشر أنه يكتب بعشرة أمثاله وكأن المخرج للعشر تصدق بكل ماله وما سقى بالسواني جمع سانية وهي الناقة التي يستقي عليها أو النضح أي ما يسقى بالدوالي
[ 42 ]
والاستسقاء والنواضح الابل التي يستقى عليها واحدها ناضح الله عز وجلوفيما سقى بالدوالي جمع الدلاء وهي جمع الدلو وهو المستقى به من البئر إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع قال في فتح الباري قال بظاهره الليث وأحمد وإسحاق وغيرهم وفهم منه
[ 43 ]
أبو عبيد في كتاب الاموال أن القدر الذي يأكلونه بحسب احتياجهم إليه فقال بترك قدر احتياجهم وقال مالك وسفيان لا يترك لهم شئ وهو المشهور عن الشافعي قال بن العربي والمتحصل من صحيح النظر أن يعمل بالحديث وقدر المؤنة ولقد جربنا فوجدناه في الاغلب مما يؤكل رطبا وحكى أبو عبيد عن قوم أن الخرص كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لكونه كان يوفق من الصواب لما لا يوفق له غيره الرب عز وجل الجعرور ولون حبيق هما نوعان من التمر رديئان الرذالة بضم
[ 44 ]
الراء إعجام الذال الردئ فإن جاء صاحبها وإلا فلك فيه حذف جواب الشرط من
[ 45 ]
الاول وحذف فعل الشرط بعد أن لا والمبتدأ من جملة الجواب الاسمية والتقدير فإن جاء صاحبها أخذها وإن لا يجئ فهي لك ذكره بن مالك العجماء هي البهيمة سميت عجماء لانها لا تتكلم رحمه الله جرحها جبار أي هدر والمراد الدابة المرسلة في رعيها أو المنفلتة من صاحبها والبئر جبار يتأول بوجهين بأن يحفر الرجل بأرض فلاة للمارة فيسقط فيها إنسان فيهلك وبأن يستأجر الرجل من يحفر له البئر في ملكه فتنهار عليه فإنه لا يلزم شئ من ذلك والمعدن جبار هم الاجراء في استخراج ما في بطون الارض لو انهار عليهم المعدن لا يكون على المستأجر غرامة
[ 47 ]
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضان على الحر العبد والذكر والانثى صاعا من تمر قيل أنه منصوب على أنه مفعول ثان وقيل على التمييز وقيل خبر كان محذوفا
[ 48 ]
وقيل على سبيل الحكاية
[ 49 ]
عن قيس بن سعد بن عبادة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله استدل به من قال
[ 50 ]
أن وجوب زكاة الفطر نسخ وهو إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان الاصم وأشهب من المالكية وابن اللبان من الشافعية قال الحافظ بن حجر وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالمر الاول لان نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر ومنهم من أول قوله فرض على معنى قدر قال بن دقيق العيد وهو أصله في اللغة لكن نقل عن عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى
[ 51 ]
من سلت بضم المهملة وسكون اللام ومثناة نوع من الشعير
[ 52 ]
من سمراء الشام أي القمح الشامي
[ 54 ]
المكيال مكيال أهل المدينة الوزن وزن أهل مكة قال الخطابي معنى هذا الحديث أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة وزن أهل مكة وهي دار الاسلام قال بن حزم وبحثت عنه غاية البحث من كل من وثقت بتمييزه وكل اتفق لي على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة من حب الشعير المطلق والدرهم سبعة أعشار المثقال فوزن الدرهم سبعة وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة فالرطل مائة وواحد وثمانية وعشرون درهما
[ 55 ]
بالدرهم المذكور وكرائم أموالهم أي خيارهم قال رجل زاد أحمد في مسنده من بني إسرائيل
[ 56 ]
الله لك الحمد على سارق أي على تصدقي عليه عن أبي المليح بفتح الميم اسمه عامر وقيل زيد وقيل عمير عن أبيه اسمه أسامة بن عمير له صحبة ولم يرو عنه غير ابنه أبي المليح ان الله
[ 57 ]
عزوجل لا يقبل صلاة بغير طهور قال الشيخ ولي الدين هو هنا بضم الطاء على الاشهر لان المراد به المصدر ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله عزوجل الا الطيب جملة معترضة بين الشرط والجزاء المقدر 7 ما قبله الا أخذها الرحمن عزوجل بيمينه وان كانت تمرة فتربو في كف الرحمن قال المازري هذا الحديث وشبهه انما عبر به على ما اعتداوا في خطابهم ليفهموا عنه فكنى عن قبول الصدقة باليمين وعن تضعيف أجرها بالتربية وقال القاضي عياض لما كان الشئ الذي يرتضى ويعز يتلقى باليمين ويؤخذ بها استعمل في مثل هذا استعير للقبول والرضا كما قال الشاعر تلقاها عرابة باليمين قال وقيل عبر باليمين هنا عن جهة القبول والرضا إذ الشمال بضده في هذا قال وقيل المراد بكف الرحمن هنا وبيمينه كف الذي تدفع إليه الصدقة واضافتها إلى الله إضافة ملك واختصاص لوضع هذه الصدقة فيها لله عزوجل قال وقد قيل في تربيتها وتعظيمها حتى تكون أعظم من الجبل أن المراد بذلك تعظيم أجرها وتضعيف ثوابها قال ويصح أن يكون على ظاهره وأن يعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها ويزيدها من فضله
[ 58 ]
حتى تثقل في الميزان وهذا الحديث نحو قول الله تعالى يمحق الله الربا ويربى الصدقات كما يربى أحدكم فلوه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو المهر لانه يفلى أي يعظم وقيل هو كل فطيم من ذات حافر والجمع أفلاء كعدو وأعداء وقال أبو زيد إذا فتحت الفاء شددت الواو وإذا كسرتها سكنت اللام كجد وضرب به المثل لانه يزيد زيادة بينة جهد المقل قال في النهاية بضم
[ 59 ]
الجيم أي قدر ما يحتمله حال القليل المال
[ 60 ]
فتصدق أبو عقيل بفتح العين وجاء انسان بشئ أكثر منه هو عبد الرحمن بن عوف جاء بأربعة آلاف أو ثمانية آلاف ان هذا المال خضرة حلوه قال الزركشي تأنيث الخبر تنبيه على أن المبتدأ مؤنث والتقدير أن صورة هذا المال أو يكون التأنيث للمعنى لانه اسم جامع لاشياء كثيرة والمراد بالخضرة الروضة الخضراء أو الشجرة الناعمة والحلوه المستحلاة الطعم بإشراف نفس أي تطلع إليه وتطمع فيه
[ 61 ]
واليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة قال القرطبي هذا نص يدفع الخلاف في التفسير لكن أدعى أبو العباس اللاني في أطراف الموطأ أن هذا التفسير مدرج في الحديث وصرح في رواية عند العسكري في الصحابة أنه من كلام بن عمر والاكثر رووا المنفقة بفاء وقاف ورواه
[ 62 ]
بعضهم المتعففة بتاء وعين وفاءين وقيل انه تصحيف خير الصدقة ما كان عن ظهر غني أي ما وقع من غير محتاج إلى ما تصدق به لنفسه أو من تلزمه نفقته قال الخطابي لفظ الظهر يزاد
[ 63 ]
في مثل هذا اشباعا للكلام والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الانسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية ولذلك قال بعده وابدأ بمن تعول وقال البغوي المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه والتنكير في قوله غنى للتعظيم هذا هو المعتمد في معنى الحديث وقيل المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة وقيل عن للسببية والظهر زائد أي خير الصدقة ما كان سببها غني في المتصدق سمعت عميرا مولى آبي اللحم قال النووي هو بهمزة ممدودة وكسر الباء قيل لانه
[ 64 ]
كان لا يأكل اللحم وقيل لا يأكل ما ذبح للاصنام واسمه عبد الله وقيل خلف وقيل الحويرث الغفاري وهو صحابي استشهد يوم حنين روى عنه عمير مولاه فقال يطعم طعامي بغير أن آمره قال الاجر بينكما قال النووي هذا محمول على أنعميرا تصدق بشئ لظن أن مولاه يرضى به ولم يرض به مولاه فلعمير أجر لان ماله أتلف عليه ومعنى الجر بينمكما أي لكل منكما أجر وليس المراد أن أجر نفس المال يتقاسمانه قال فهذا الذي ذكرته من تأويله هو المعتمد وقد وقع في كلام بعضهم مالا يرضى من تفسيره على كل مسلم صدقة زاد في رواية البخاري كل يوم قال النووي قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب لا إيجاب والزام يعتمل بيده الاعتمال افتعال من العمل الملهوف قال النووي هو عند أهل اللغة يطلق على المتحسر وعلى المضطر وعلى المظلوم قال يمسك عن الشر فإنها صدقة قال النووي معناه فإنها صدقة على نفسه كما في غير هذه
[ 65 ]
الرواية والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر على ذلك كما أن للمتصدق بالمال أجرا إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها أجر وللزوج مثل ذلك وللخازن مثل ذلك ولا ينقص كل واحد منهما من أجر صاحبه شيئا قال النووي معنى الحديث أن المشارك في الطاعة مشارك في الاجر ومعنى المشاركة أن له أجرا كما لصاحبه أجر من غير أن يزاحمه في أجره والمراد المشاركة في أصل الثواب فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وان كان أحدهما أكثر ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه فإذا أعطى المالك لامرأته أو لخازنه أو لغيرهما مائة درهم أو نحوها ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره
[ 66 ]
أو نحوه فأجر المالك أكثر وان أعطاه رغيفا أو رمانة أو نحوهما مما ليس له كبير قيمة ليذهب به إلى محتاج مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب إليه بأجره تزيد على الرمانة والرغيف فأجر الوكيل أكثر وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا فيكون مقدار الاجر سواء وأشار القاضي عياض إلى أنه يحتمل أيضا أن يكون سواء مطلقا لان الاجر فضل من الله تعالى ولا يدرك بقياس ولا هو بحسب الاعمال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والمختار الاول قال ولا بد في الزوجة والخازن من اذن المالك في ذلك فإن لم يكن اذن أصلا فلا أجر لهم بل عليهم وز بتصرفهم في مال غيرهم بغير اذنه قلت ولهذا عقب المصنف هذا الحديث لا يجوز لامرأة عطية الا بإذن زوجها قال النووي والاذن ضربان أحدهما الاذن الصريح في النفقة والصدقة والثاني الاذن المفهوم من اطراد العرف كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطراد العرف فيه وعلم بالعرف رضا الزوج به فإنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم وهذا إذا علم رضاه بالعرف وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به فإن اضطرب العرف وشك في رضاه أو علم شحه بذلك لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه قال وهذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة فإن زاد على المتعارف لم يجز عن فراس بكسر الفاء وراء خفيفة وسين مهملة عن عائشة أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعن
[ 67 ]
عنده زاد بن حبان لم يغادر منهن واحدة فقلن في رواية بن حبان فقلت بالمثناة وهو يفيد أن عائشة هي السائلة أيتنابك أسرع في رواية البخاري أينا بلا تاء وهو الافصح قال صاحب الكشاف وشبه سيبويه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم كلهن قال الكرماني أي ليست بفصيحة لحوقا نصب على التمييز فقال أطولكن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي أسرعكن لحوزقا بي قال الكرماني فان قلت القياس ان يقال طولا كن بلفظ الفعلى قلت جاز في مثله الافراد والمطابقة لمن أفعل التفضيل له يدا نصب على التمييز فأخذن قصبة فجعلن يذر عنها أي يقردن بذراع كل واحدة منهن وفي رواية البخاري فأخذوا قصبة يذرعونها بضمير جمع الذكور وهو من تصرف الوراة والصواب ما هنا فكانت سودة أسرعهن به لحوقا فكانت أطولهن يدا كذا وقع أيضا في رواية أحمد وابن سعد والبخاري في التاريخ الصغير والبيهقي في الدلائل قال بن سعد قال لنا محمد بن عمر يعني الواقدي هذا الحديث وهل في سودة وانما هو في زينب بنت جحش فهي أول نسائه لحوقا وتوفيت في خلافة عمر وبقيت سودة إلى أن توفيت في خلافة معاوية في شوال سنة أربع وخمسين وقال الحافظ أبو علي الصيرفي ظاهر هذا أن سودة كانت أسرع وهو خلاف المعروف عند أهل العلم أن زينب أول من مات من الازواج ثم نقله عن مالك والواقدي وقال بن الجوزي هذا الحديث غلط من بعض الرواة ولم يعلم بفساده الخطابي فإنه فسره وقال لحوق سودة به من أعلام النبوة وكل ذلك وهم وانما
[ 68 ]
هي زينب كما في رواية مسلم وقال النووي أجمع أهل السير أن زينب أول من مات من أزواجه وسبقه إلى نقل الاتفاق بن بطال قال الحافظ بن حجر يعكر عليه ما رواه البخاري في تاريخه بإسناد صحيح عن سعيد بن أبي هلال قال ماتت سودة في خلافة عمر وجزم الذهبي في التاريخ الكبير بأنها ماتت في آخر خلافة عمر وقال بن سيد الناس أنه المشهور وقال بن حجر لكن الروايات كلها متظافرة على أن القصة لزينب وتفسيره بسودة غلط من بعض الرواة قال وعندي أنه من أبي عوانة فقد خالفه في ذلك بن عيينة عن فراس قال بن رشد والدليل على ذلك أن سودة كان لها الطول الحقيقي ومحط الحديث على الطول المجازي وهو كثرة الصدقة وذلك لزينب بلا شك لانها رضي الله عنها كانت قصيرة وكانت وفاتها سنة عشرين قلت وعندي أنه وقع في رواية المصنف تقديم وتأخير وسقط لفظة زينب وأن أصل الكلام فأخذن قصبة فجعلن يذر عنها فكانت سودة أطولهن يدا أي حقيقة وكانت أسرعهن به لحوقا زينب وكان ذلك من كثرة الصدقة فاسقط الراوي لفظة زينب وقدم الجملة الثانية على الجملة الولي قال القرطبي معاه فهمنا ابتداء ظاهره فلما ماتت زينب علمنا أنه لم يرد باليد العضو وبالطول طولها بل أراد العطاء وكثرته فاليد هنا استعارة للصدقة والطول ترشيح لها قال رجل يا رسول الله قال الحافظ بن حجر يحتمل أن يكون أبا ذر ففي مسند أحمد والطبراني ما يقتضي ذلك أي الصدقة أفضل مبتدأ وخبر قال أن تصدق ضبطه الكرماني بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وتشديدها على
[ 69 ]
إدغام إداهما في الاخرى وأنت صحيح شحيح قال صاحب المنتهى الشح بخل مع حرص وقيل هو أعم من البخل وقيل هو الذي كالوصف اللازم ومن قبيل الطبع تأمل العيش بضم الميم أي تطمع بالغنى وفي رواية البخاري تأمل الغنى وتخشى الفقر زاد البخاري ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها كان له صدقة قال النووي معناه أراد بها الله عزوجل فلا يدخل فيه من
[ 70 ]
أنفقها ذاهلا قال وطريقه في الاحتساب أن يتفكر أنه يجب عليه الانفاق على الزوجة وأطفال أولاده والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقتهم وأن غيرهم ممن ينفق عليه مندوب إلى الانفاق عليهم فينفق بنية أداء ما أمر به وقد أمر بالاحسان إليهم أعتق رجل من بني عذرة عبد له من دبر اسم المعتق أبو مذكور واسم العبد يعقوب إن مثل المنفق المتصدق والبخيل كمثل رجلين عليهما جبتان أو جنتان الاول بموحدة تثنية جبة وهو ثوب مخصوص والثاني بالنون تثنية جنة
[ 71 ]
وهي الدرع وهذا شك من الراوي قال القاضي عياض وصوابه جنتان بالنون بلا شك كما في الرواية الاخرى قال ويدل عليه في الحديث نفسه قوله ولزمت كل حلقة موضعها وفي الحديث الآخر جنتان من حديد قلت وقوله في هذا الحديث اتسعت عليه الدرع وهو بمهملات من لدن ثديهما بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد الياء جمع ثدي إلى تراقيهما بمثناة فوق أوله وقاف جمع ترقوة حتى تجن بكسر الجيم وتشديد النون أي تستر قال عياض ورواه بعضهم تحز بالحاء المهملة والزاي وهو وهم بنانه بفتح الموحدة نونين الاولى خفيفة أي أصابعه قال عياض ورواه بعضهم بالمثلثة تحتية وموحدة جمع ثوب وهو وهم قال الحافظ بن حجر هو تصحيف وتعفو أثره قال النووي أي تمحو أثر مشيه بسبوغها وكمالها قال وهو تمثيل لنماء المال بالصدقة والانفاق والبخل بضد ذلك وقيل هو تمثيل لكثرة الجود
[ 72 ]
والبخل وأن المعطى إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعود وإذا أمسك صار ذلك عادة له وقيل معنى تعفو أثره أي تذهب بخطاياه وتمحوها وقيل ضرب المثل بهما لان المنفق يستره الله بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجنة لابسها والبخل كمن لبس جنة إلى ثدييه فبقي مكشوفا بادي العورة مفتضحا في الدنيا والآخرة قلصت أي انقبضت كل حلقة بسكون الام أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوسعها فلا تتسع يشير بيده قال القاضي عياض هذا تمثيل منه صلى الله عليه وسلم بالعيان للمثل الذي ضربه قال وفيه جواز لباس القمص ذوات الجيوب في الصدور ولذلك ترجم عليه البخاري باب جيب القميص من عند الصدر لانه المفهوم من لباس النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وهو لباس أكثر الامم وكثير من الزعماء والعلماء من المسلمين بالشرق وغيره ولا يسمى عند العرب قميصا إلا ما كان له جيب وقال الخطابي هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمتصدق والبخيل
[ 73 ]
فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما يلبس درعا يستر به من سلاح عدوه يصبها على رأسه ليلبسها والدرع أول ما تقع على الصدر والثديين إلى أن يدخل الانسان يديه في كمها فجعل المنفق كمثل من لبس درعا سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه وجعل البخيل كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه كلما أراد لبسها اجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انفسح لها صدره وطابت نفسه فتوسعت في الانفاق والبخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت نفسه فضاق صدره وانقبضت يداه ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون لا تحصى فيحصى الله عليك قال الكرماني الاحصاء العد قالوا المراد منه عد الشئ للتبقية
[ 74 ]
والادخار ترك الانفاق في سبيل الله وإحصاء الله تعالى يحتمل وجهين أحدهما أنه يحبس عنك مادة الرزق ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشئ المعدود والاخر أنه يناقشك في الآخرة عليه وقال النووي هذا من مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال الله تعالى ومكروا ومكر الله ومعناه يمنعك كما منعت ويقتر عليك كما قترت ليس لي شئ إلا ما أدخل على الزبير قال النووي هذا محمول على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب نفقة وغيرها أو مما هو ملك الزبير ولا يكره الصدقة منه بل يرضى بها على عادة غالب الناس ارضخي الرضخ براء وضاد وخاء معجمتين العطية القليلة ولا توكي فيوكى الله عليك يقال أوكى ما في ساقه إذا شده بالوكاء وهو الخيط
[ 75 ]
الذي يشد به رأس القربة وأوكى علينا أي بخل أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك فأشاح بوجهه قال في النهاية المشيح الحذر والجاد في الامر وقيل المقبل إليك المانع لما وراء ظهره فيجوز أن يكون أشاح أحد هذه المعاني أي حذر النار كأنه
[ 76 ]
ينظر إليها أو جد على الايصاء باتقائها أو أقبل إلينا في خطابه حتى رأيت كومين من طعام قال عياض والنووي ضبط بفتح الكاف وضمها قال بن سراج هو بالضم اسم لما كوم وبالفتح المكان المرتفع كالرابية قال القاضي عياض فالفتح هنا أولى لان مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية كأنه مذهبه قال في النهاية هكذا جاء في سنن النسائي وبعض طرق مسلم بالذال
[ 77 ]
المعجمة والباء الموحدة والرواية الدال والنون فإن صحت الرواية فهو من الشئ المذهب وهو المموه بالذهب ومن قولهم فرس مذهب إذا علت حمرته صفرة والانثى مذهبة وإنما خص الانثى بالذكر لانها أصفى لونا وأرق بشرة وأما على الرواية الاخرى فالمدهنة تأنيث المدهن وهو نقرة في الجبل يجتمع فيه المطر شبه وجهه لاشراق السرور عليه بصفاء الماء المجتمع في الحجر والمدهنة أيضا ما يجعل فيه الدهن فيكون قد شبه بصفاء الدهن وقال النووي ضبطوه بوجهين أحدهما وهو المشهور وبه جزم القاضي عياض والجمهور مذهبه بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها باء موحدة والثاني ولم يذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين غير مدهنة بدال مهملة وضم الهاء وبعدها نون وشرحه الحميدي في كتابه غريب الجمع بين الصحيحين فقال هو وغيره ممن فسر هذه الرواية إن صحت المدهن الاناء الذي يدهن فيه وهو أيضا اسم للنقرة في الجبل الذي يستنقع فيها ماء المطر فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء وبصفاء الدهن والمدهن وقال القاضي عياض في المشارق وغيره من الائمة هذا تصحيف والصواب بالذال المعجمة والباء الموحدة وهو المعروف في الروايات وعلى هذا ذكر القاضي وجهين في تفسيره أحدهما معناه فضة مذهبة فهو أبلغ في حسن الوجه وإشارفه والثاني شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها
[ 78 ]
مذاهب وهو شئ كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيه خطوطا مذهبة يرى بعضها إثر بعض ومن الخيلاء هي بالضم والكسر الكبر والعجب والاختيال الذي يحب الله
[ 79 ]
عز وجل اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة قال في النهاية أما الصدقة فأن تهزه أريحية السخاء فيعطي طيبة بها نفسه فلا يستكثر كثيرا ولا يعطى منها شيئا إلا وهو مستقل وأما الحرب فأن يتقدم فيها بنشاط وقوة ونخوة وعدم جبن ولا مخيلة هي بمعنى الخيلاء الخازن الامين الذي يعطى ما أمر به طيبة به نفسه قال هذه الاوصاف شروط الحصول
[ 80 ]
هذا الثواب فينبغي أن يعتنى بها ويحافظ عليها أحد المتصدقين قال النووي هو بفتح القاف على التثنية ومعناه له أجر متصدق وقال الحافظ بن حجر ضبط في جميع الروايات بفتح القاف قال القرطبي ويجوز الكسر على الجمع أي هو متصدق من المتصدقين والمرأة المترجلة قال في النهاية هي التي تتشبه بالرجال في زيهم وهيآتهم فأما في العلم والرأى فمحمود والديوث
[ 81 ]
بالمثلثة هو الذي لا يغار على أهله وقيل هو سرياني معرب ولو بظلف محرق الظلف بكسر
[ 82 ]
الظاء المعجمة للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخف للبعير يتلمظ فضله أي يدير لسانه
[ 83 ]
عليه ويتبع أثره
[ 84 ]
يتملقني قال في النهاية الملق بالتحريك الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي
[ 85 ]
ليس المسكين الذي ترده الاكلة والاكلتنان بضم الهمزة أي اللقمة واللقمتان قال النووي معناه المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها ليس هو هذا الطواف وليس معناه نفي أصل المسكنة عنه بل معناه نفي كمال المسكنة قالوا فما المسكين قال النووي هكذا الرواية وهو صحيح لان ما تأتي كثيرا لصفات من يعقل كقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من انساء ولا يفطن له فيتصدق عليه بالنصب
[ 86 ]
والعائل المزهو أي الفقير المتكبر
[ 87 ]
علقمة بن علاثة بضم العين المهملة وتخفيف اللام ومثلثة صناديدهم العظماء والاشراف والرؤس الواحد صنديد بكسر الصاد مشرف الوجنتين تثنية وجنة مثلث
[ 88 ]
الواو وهي أعلى الخد إن من ضئضئ هذا قوما بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة وآخره همزة هو الاضل ويقال ضئضئ بوزن قنديل يريد أنه يخرج من نسله وعقبه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق قال القاضي عياض فيه تأويلان أحدهما معناه لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلو منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف والثاني معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا تتقبل يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم أي يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شئ منه من الرمية هي الصيد المرمي فعيلة بمعنى مفعولة وقيل هي كل دابة مرمية لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل عاد
[ 89 ]
أي قتلا عاما مستأصلا كما قال تعالى فهل ترى لهم من باقية تحمل حمالة هي بالفتح ما يتحمله الانسان عن غيره من دية أو غرامة مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيه الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين قواما من عيش بكسر القاف أي ما يقوم بحاجته الضرورية أو سدادا من عيش بكسر السين أي ما يكفي حاجته جائحة هي الآفة
[ 90 ]
التي تهلك الثمار والاموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة وفتنة مثيرة جائحة من ذوي الحجا أي العقل الله تبارك وتعالى الرحضاء بضم الراء وفتح الحاء المهملة وضاد معجمة ممدودة هو عرق يغسل
[ 91 ]
الجلد لكثرته إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم أي يقرب من الهلاك إلا كلمة الاستثناء آكلة الخضر بالمد وكسر الضاد نوع من البقول فثلطت بالمثلثة أي ألقت رجيعها سهلا رقيقا قال في النهاية ضرب في هذا الحديث مثلين أحدهما للمفرط في جمع الدنيا والمنع من حقها والآخر للمقتصد في أخذها والنقع بها فقوله إن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم مثل للمفرط
[ 92 ]
الذي يأخذ الدنيا بغير حقها وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك أو تقارب الهلاك وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعه مستحقها قد تعرض للهلاك في الآخرة بدخول النار وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه وغير ذلك من أنواع الاذى وأما قوله إلا آكلة الخضر فإنه مثل للمقتصد وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتحسن وتنعم ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمرئها فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلا لما يقتصر في أخذ الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر ألا تراه قال أكلت حتى إذا امتلات خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت فإذا ثلطت زال عنها الحبط وأنما تحبط الماشية لانها تملا بطونها ولا تثلط ولا تبول فتنتفخ أجوافها فيعرض لها المرض فتهلك
[ 93 ]
تصدقن ولو من حليكن قال النووي وهو بفتح الحاء وسكون اللام مفرد وأما الجمع فيقال بضم الحاء وكسرها وكسر اللام وتشديد الياء لان يحتزم أحدكم بحزمة حطب على ظهره قال الكرماني
[ 94 ]
اللام إما ابتدائية أو جواب قسم محذوف فيبيعها بالنصب ما يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة بضم الميم وسكون الزاي وعين مهملة القطعة اليسيرة من اللحم وحكى كسر الميم وفتحها قال الخطابي يحتمل وجوها أن يأتي يوم القيامة ذليلا ساقطا لا جاه له ولا قدر كما يقال لفلان وجه عند الناس فهو كناية وأن يكون قد نالته العقوبة في وجهه فعذب حتى سقط لحمه على معنى مشاكلة عقوبة الذنب مواضع الجناية من الاعضاء كقوله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسرى بي قوما تقرض شفافهم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هم الذين يقولون مالا يفعلون وأن يكون ذلك علامة له وشعارا يعرف به وان لم يكن من عقوبة مسته في وجهه وقال بن بطال جازاه الله من جنس ذنبه حين بذل كماء وجهه وعنده الكفاية وإذا لم يكن اللحم فيه فتؤذيه الشمس أكثر من غيره وأمامن سأل مضطرا فيباح له السؤال ويرجى له أن يؤجر عليه إذا لم يجد عنه بدا بسطا بكسر الموحدة وحكى فتحها قال بن الصلاح أعجمي لا ينصرف
[ 95 ]
ومنهم من صرفه على أسكفه الباب بهمزة قطع مضمومة وسكون السين وضم الكاف وتشديد الفاء عتبة الباب السفلى حتى إذا نفد بكسر الفاء واهمال الدال أي فرغ ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم أي لن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إياه منفردا به عنكم ومن يستعفف يعفه الله زاد في رواية البخاري ومن يستغن يغنه الله قال التيمي أي من يطلب العفاف وهو
[ 96 ]
ترك المسألة يعطيه الله العفاف ومن يطلب الغنى من الله يعطه وقال بعضهم معناه من طلب من نفسه العفة عن السؤالي ولم يظهر الاستغناء يعفه الله أي يصيره عفيفا ومن ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى وهو إظهار الاستغناء عن الخلق يملا الله قلبه غنى لكن أن أعطى شيئا لم يرده
[ 97 ]
خموشا أي خدوشا أو كدوحا الخدوش وكل أثر من خداش أو عض فهو كدح
[ 99 ]
ولا لذي مرة بكسر الميم هي القوة والشدة سوى هو الصحيح الاعضاء
[ 100 ]
فرأهما جلدين بفتح الجيم وسكون اللام أي قويين
[ 101 ]
فمن أخذه بسخاوة نفس قال الزركشي أي بطيب نفس من غير حرص عليه وقال في فتح الباري أي بغير شره ولا إلحاح أي من أخذه بغير سؤال وهذا بالنسبة إلى الآخذ ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى المعطي أي سخاوة نفس المعطي أي انشراحه بما يعطيه ومن أخذ بإشراف نفس هو تطلعها إليه وتعرضها له وطمعها فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع قال الزركشي يعني من به الجوع الكاذب كلما ازداد أكلا أزداد جوعا وقال النووي قيل هو الذي به داء لا يشبع بسببه وقيل يحتمل أن المراد تشبيهه بالبهيمة الراعية واليد العليا خير من اليد السفلى الارجح أن العليا هي المعطية والسفلى هي السائلة كما تقدم في حديث بن عمر وتظافرت بذلك الروايات وعليه الجمهور وقيل السفلى هي الآخذه سواء كان
[ 102 ]
بسؤال أم بغير سؤال وقيل السفلى المانعة وذكر الاديب جمال الدين بن نباته في كتابه مطلع الفوائد في تأويل الحديث معنى آخر فقال اليد هنا هي النعمة فكأن المعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة وهذا حث على المكارم بأوجز لفظ ويشهد له أحد التأويلين في قوله ما أبقت غنى أي ما حصل به غنى للسائل كمن أراد أن يتصدق بألف فلو أعطاها لمائة إنسان لم يظهر عليهم الغنى بخلاف مالو أعطاها لرجل واحد وهو أولى من حمل اليد على الجارحة لان ذلك لا يستمر إذ فيمن يأخذ خير عند الله ممن يعطي قال الحافظ بن حجر وكل هذه التأويلات المتعسفة تضمحل عند الاحاديث المصرحة بالمراد فاولى ما فسر الحديث بالحديث لا أرزأ بتقديم الراء على الزاي لا آخذ من أحد شيئا وأصله النقص عن بن الساعدي المالكي قال القاضي
[ 103 ]
عياض الصواب بن السعدي كما في الرواية الاخرى واسمه قدامة وقيل عمرو وإنما قيل له السعدي لانه استرضع في بني سعد بن أبي بكر وأما الساعدي فلا يعرف له وجه وابنه عبد الله من الصحابة وهو قرشي عامري مكي من بني مالك بن حنبل بن عامر بن لؤي رضي الله تعالى عنهعن حويطب بن عبد العزى بضم الحاء المهملة أخبرني عبد الله بن السعدى أنه قدم على عمر بن الخطاب قال عياض والنووي وغيرهما هذا الحديث فيه أربعة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض وهم عمرو بن السعدي وحويطب والسائب وقد جاء جملة من الاحاديث فيها الاربعة صحابيون بعضهم عن بعض وأربعة تابعيون بعضهم عن بعض عمالة بضم العين اسم أجرة العامل
[ 104 ]
الله تبارك وتعالى ومالا فلا تتبعه نفسك قال النووي معناه ما لم يوجد فيه هذا الشرط لا تعلق النفس به
[ 106 ]
إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس قال النووي تنبيه على العلة في تحريمها عليهم وأنه لكرمتهم وتنزيههم عن الاوساخ ومعنى اوساخ الناس أنها تطهير أموالهم ونفوسهم كما قال تعالى صدقة تطهرهم وتزكيهم بها فهي كغسالة الاوساخ بن أخت القوم منهم قال النووي استدل به من يورث ذوى الارحام وأجاب الجمهور بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه وإنما معناه أن بينه
[ 107 ]
وبينهم ارتباطا وقرابة ولم يتعرض للارث وسياق الحديث يتقضي أن المراد أنه كالواحد منهم في إفشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك
[ 108 ]
هو لها صدقة قال بن مالك يجوز في صدقة الرفع على أنه خبر هو ولها صفة قدمت فصارت حالا والنصب على الحال ويجعل لها الخبر حملت على فرس أفاد بن سعد في الطبقات أن اسمه الورد وأنه كان لتميم الداري فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه لعمر فأضاعه الذي كان عنده أي يترك القيام بالخدمة والعلق ونحوها
[ 109 ]
لا تعد في صدقتك سمى شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث أن الغرض منها ثواب الآخرة فإذا اشترها برخص فكأنه آثر عرض الدنيا على الآخرة وصار راجعا في ذلك المقدار الذي سومح فيه
[ 110 ]
كتاب مناسك الحج عن أبي سنان بكسر المهملة بعدها نون اسمه يزيد وقيل ربيعة
[ 111 ]
أبي رزين العقيلي أنه قال يا رسول الله أن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن بفتح العين وسكونها لغتان مشهورتان قال فحج عن أبيك واعتمر قال الامام أحمد لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح منه قال الشيخ ولي الدين العراقي في هذا رد على بن بشكوال حيث قال في
[ 112 ]
مهماته في حديث أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال أبوك في النار أنه أبو رزين العقيل فإن مقتضاه أن أباه كان كافرا محكوما له بالنار وهذا الحديث يدل على أنه مسلم مخاطب بالحج الحجة المبرورة ليس لها جزاء الا الجنة قال النووي معناه أنه لا يقتصر لصاحبها من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه لا بد أن يدخل الجنة قال والاصح الاشهر أن الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة وقيل هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي وقيل هو الذي لا رياء فيه وقيل هو الذي لا يتعقبه معصية وهما داخلان فيما قبلهما قال القرطبي الاقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة وأنه الحج الذي وقت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على وجه الاكمل والعمرة إلى العمرة قال بن التين يحتمل أن يكون إلى بمعنى مع أي العمرة مع العمرة كفارة لما بينهما أشار بن عبد البر إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر قال وذهب بعض علماء عصرنا إلى تعميم ذلك ثم بالغ
[ 113 ]
في الانكار عليه قال في فتح الباري واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر فماذا تكفر العمرة والجواب أن تكفير العمرة مقيد بزمنها وتكفير الاجتناب عام لجميع
[ 114 ]
عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية من حج هذا البيت فلم يرفث بضم الفاء قال عياض هذا من قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق والجمهور على أن المراد في الآية الجماع قال الحافظ بن حجر والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك واليه نحا القرطبي قال الازهري الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة وكان بن عباس يخصه بما خوطب به النساء وقال غيره الرفث الجماع ويطلق على التعريض به وعلى الفحش في القول ولم يفسق أي لم يأت سيئة ولا معصية رجع كيوم ولدته أمه قال الحافظ بن حجر أي بغير ذنب وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك قال الطيبي الفاء في قوله فلم يرفث عاطفة على الشرط وجوابه رجع أي صار والجار والمجرور خبر له ويجوز أن
[ 115 ]
يكون حالا أي صار مشابها لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه قال لا ولكن أحسن الجهاد وأجمله حج مبرور قال في فتح الباري اختلف في ضبط لكن فالاكثر بضم الكاف خطاب للنسوة قال القابسي وهو الذي تميل إليه نفسي وفي رواية بكسر الكاف وزيادة
[ 116 ]
ألف قبلها بلفظ الاستدراك وسماه جهادا لما فيه من مجاهدة النفس
[ 117 ]
من خثعم بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة بعدها عين مهملة مفتوحة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل حي من بجيلة
[ 119 ]
رديف يقال ردفته ركبت خلفه على الدابة وأردفته أركبته خلفي
[ 121 ]
فأخرجت امرأة صبيا من المحفة بكسر الميم وحكى فتحها فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر قال النووي معناه بسبب حملها له وتجنيبها إياه ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله المحرم خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة بفتح القاف وكسرها قاله القاضي تاج الدين
[ 122 ]
السبكي في الترشيح يهل بضم أوله يرفع صوته بالتلبية
[ 123 ]
هشام بن بهرام بفتح الموحدة وكسرها وقت حكى الاثرم عن أحمد أنه سئل في أي سنة وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت فقال عام حج لاهل المدينة ذا الحليفة بالمهملة والفاء مصغر قال النووي بينها وبين المدينة ستة أميال ووهم من قال بينهما ميل واحد وهو بن الصباغ وهو أبعد المواقيت من مكة فقيل الحكمة في ذلك أن معظم أمورهم في المدينة قيل رفقا بأهل الآفاق لان أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة الجحفة بضم الجيم وسكون المهملة قرية خربة بينها وبين مكة خمس مراحل أو ست ورابغ قريب منها وسميت الجحفة لان السيل يجحف بها ذات عرق بكسر العين وسكون الراء وقاف سمى بذلك لان فيه عرقا وهو الجبل الصغير وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء بينها وبين مكة مرحلتان وهي الحد الفاصل
[ 124 ]
بين نجد وتهامة يلملم بفتح التحتية واللام وسكون الميم بعدها لام مفتوحة ثم ميم مكان على مرحلتين من مكة ويقال ألملم بالهمزة هو والاصل والياء تسهيل وحكى بن السيد فيه يرمرم براءين بدل اللامين ولاهل نجد هو اسم لعشرة مواضع والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها الشام والعراق وهو في الاصل كل مكان مرتفع قرنا قال في النهاية يقال له قرن المنازل وقرن الثعالب وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه وإنما هو بالسكون وممن ضبطه بالفتح صاحب الصحاح وغلطوه قال في فتح البارئ وبالغ النووي فحكى الاتفاق على تخطئته
[ 125 ]
في ذلك لكن حكى عياض من تعليق القابسي أن من قاله بالاسكان أراد الجبل ومن قاله بالفتح أراد الطريق والجبل المذكور بينه وبين مكة مرحلتان من جهة المشرق وحكى الروياني عن بعض قدماء الشافعية أن المكان الذي يقال له قرن موضعان أحدهما في هبوط وهو الذي يقال له قرن المنازل والاخر في صعود وهو الذي يقال له قرن الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب قال فظهر قرن الثعالب ليس من المواقيت
[ 126 ]
حتى أن أهل مكة يهلون منها هذا خاص بالحاج وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل قال المحب الطبري لا أعلم أحدا جعل مكة ميقات للعمرة فتعين حمله على القارن
[ 127 ]
في المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ثم سين مهملة على ستة أميال من المدينة بالبيداء قال في النهاية البيداء المفازة لا شئ بها وهي هنا اسم موضع مخصوص بقرب المدينة
[ 128 ]
وأكثر ما تردو يراد بها هذه وقال أبو عبيد البكري البيداء هذه فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي الابواء بفتح الهمزة وسكون الباء والمد جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد ينسب إليه بين قرني البئر قال في النهاية هما المبنيان على جانبيها فإن كانتا من خشب فهما زرنوقان
[ 129 ]
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب قال لا يلبس القميص الخ قال النووي قال العلماء هذا من بديع الكلام وجزله لان ما لا يلبس منحصر فحصل التصريح به وأما الملبوس الجائز فغير منحصر فقال لا يلبس كذا أي يلبس ما سواه وقال البيضاوي سئل
[ 130 ]
عما يلبس فأجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز وإنما عدل عن الجواب لانه أحصر وأخصر وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس لانه الحكم العارض في الاحرام المحتاج لبيانه إذ الجواز ثابت بالاصل معلوم بالاستصحاب فكان الاليق السؤال عما لا يلبس قال غيره هذا يشبه أسلوب الحكيم ويقرب منه قوله تعالى يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين فعدل عن جنس المنفق وهو المسؤل عنه إلى ذكر المنفق عليه لانه أهم ولا الزعفارن بالتنوين لانه منصرف إذ ليس فيه الا الالف والنون فقط قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنما أمر الناس بالخروج عن المخيط وغيره مما صنعوا في الحج ليخرج الانسان عن عادته والفه فيكون ذلك مذكرا له لما هو فيه من عبادة ربه فيشتغل الرب عز وجل بالجعرانة
[ 131 ]
قال في النهاية هي موضع قريب من مكة وهي بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر وتشدد الراء وقال صاحب المطالع أصحاب الحديث يشددونها وأهل الادب يخطئونهم ويخففونها وكلاهما صواب يغط بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشددة قال في النهاية الغطيط الصوت الذي يخرج مع نفس النائم وهو ترديده حيث لا يجد مساغا وقد غط يغط غطا وغطيطا ومنه حديث نزول الوحي فسرى عنه بسين مضمومة وراء مشددة وتخفف قال في النهاية أي كشف عنهما هو فيه من مكابدة نزول الوحي وقد تكررت في الحديث وخاصة في ذكر نزول الوحي وكلها بمعنى الكشف والازالة يقال سروت الصوت وسريته إذا خلعته والتشديد فيه للمبالغة ووقع عند أبي حاتم في تفسيره والطبراني في الاوسط أن الآية التي نزلت عليه حينئذ قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله آنفا
[ 132 ]
بالمد أي الآن الا أحد لا يجد نعلين قال بن المنير فيه استعمال أحد في الاثبات وقد خصوه بضرورة الشعر وسوغه كونه بعقب نفي
[ 133 ]
ولا تلبس القفازين قال في النهاية هو بالضم والتشديد شئ تلبسه نساء العرب أيديهن يغطي الاصابع والكف والساعد من البرد ويكون فيه قطن محشو وقيل هو ضرب من الحلى تتخذه المرأة ليديها
[ 136 ]
يهل ملبدا الاهلال رفع الصوت بالتلبية والتلبيد أن يجعل المحرم في رأسه صمغا أو غيره ليتلبد شعره أي يلتصق بعضه ببعض فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا القمل وإنما يفعله من يطول مكثه في الاحرام
[ 137 ]
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم قال النووي ضبطوا لحرمه بضم الحاء وكسرها والضم أكثر ولم يذكر الهروي وآخرون غيره وأنكر ثابت الضم على المحدثين وقال الصواب الكسر والمراد بحرمه الاحرام بالحج ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت المراد به طواف الافاضة
[ 139 ]
لقد كان يرى وبيص الطيب هو البريق وزنا ومعنى وصاده مهملة في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع مفرق بفتح الميم وكسر الراء وهو المكان الذي يفترق فيه الشعر في وسط الرأس قيل ذكرته بصيغة الجمع تعميما لجوانب الرأس التي يفرق فيها الشعر وهو محرم أدعى بعضهم أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم قاله المهلب وأبو الحسن بن القصار وغيرهما من المالكية لان الطيب من دواعي النكاح فنهى الناس عنه وكان هو أملك الناس لاربه ففعله ورجحه بن العربي بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح وقد ثبت عنه أنه قال حبب إلى النساء والطيب وقال المهلب انما خص بذلك لمباشرته الملائكة لاجل الوحي
[ 140 ]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم ادهن بأطيب دهن يجده للطحاوي والدارقطني بالغالية الجيدة
[ 141 ]
ينضح طيبا قال في النهاية وهو بالحاء المهملة أي يفوح والنضوح بالفتح ضرب من الطيب تفوح رائحته وأصل النضح الرشح فشبه كثرة ما يفوح من طيبة بالرشح وروى بالحاء المهملة وقيل هو بالخاء المعجمة فيما
[ 142 ]
ثخن من الطيب وبالمهملة فيما رق كالماء وقيل بالعكس وقيل هما سواء وعليه مقطعات قال النووي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وقال في النهاية أي ثياب قصار لانها قطعت عن بلوغ التمام وقيل المقطع من الثياب كل ما يفصل ويخاط من قميص وغيره وما لا يقطع منها كالازر والاردية متضمخ بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ بخلوق بفتح المعجمة
[ 143 ]
طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره ان يضمدهما بالصبر بكسر الموحدة ويجوز اسكانها أي يجعله عليهما ويداويهما به وأصل اضمد الشد يقال ضمد رأسه وجرحه إذا شده بالضماد وهي خرقة يشد بها العضو المؤف ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره وان لم يشد لو استقبلت من أمرى ما استدبرت أي لو علمت من أمري في الاول ما علمت في الآخر
[ 144 ]
فانطلقت محرشا قال في النهاية أراد بالتحريش هنا ذكر ما يوجب عتابه لها ولا تخمروا وجهه ورأسه قال النووي أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمع على تحريمه وأما وجهه فقال مالك وأبو حنيفة هو كرأسه وخالف الشافعي والجمهور وقالوا لا إحرام في وجهه بل له تغطيته وإنما يجب كشف الوجه في حق المرأة وأما الميت فمذهب الشافعي وموافقيه أنه يحرم تغطية رأسه دون وجهه كما في الحياة ويتأول هذا الحديث على أن النهى عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها انما هو صيانة للرأس فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه ولا بد من تأويله لان مالكا وأبا حنيفة وموافقيهما يقولون لا يمنع من ستر رأس الميت والشافعي وموافقوه يقولون يباح ستر الوجه فتعين تأويل الحديث
[ 145 ]
فإنه يبعث يوم القيامة يلبي قال النووي معناه على الهيئة التي مات عليها ومعه علامة لحجه وهي دلالة لفضيلته كما يجئ الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشخب دما
[ 146 ]
العذيب اسم ماء بني تميم على مرحلة من الكوفة مسمى بتصغير العذب وقيل سمي به لانه طرف أرض العرب من العذبة وهي طرف الشئ
[ 147 ]
ياهناه أي يا هذا وأصله هن ألحقت الهاء لبيان الحركة فصار ياهنة وأشبعت الحركة فصارت ألفا فقيل ياهناه بسكون الهاء ولك ضم الهاء قال الجوهري هذه اللفظة تختص بالنداء
[ 148 ]
رضي الله تعالى عنها لبيك عمرة وحجا قال أبو البقاء النصب بفعل محذوف تقديره أريد أو نويت
[ 154 ]
فمشطتني بالتخفيف قال صاحب الافعال مشط الرأس مشطا أي سرحه فليتئد أي ليتأن
[ 159 ]
ولا يعجل لبيك اللهم لبيك قال بن المنير مشروعية التلبية تنبيه على اكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته انما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام لب بالمكان إذا قام به فالملبي يخبر عن اقامته وملازمته لعبادة الله عزوجل وثنى هذا المصدر لتدل التثنية على الكثرة فكأنه يقول تلبية بعد تلبية أبدا وليس المراد مرتين فقط لقوله عزوجل ثم ارجع البصر كرتين المراد كرة بعد كرة أبدا ما استطعت وإذا كان المعنى في التلبية الاخبار بالملازمة على العبادة فهل المراد كل عبادة الله أي عبادة كانت أو العبادة التي هو فيها من الحج الاحسن عند المفسرين الثاني دون الاول للاهتمام بالمقصود قال ثم يعلم أن الاخبار بالملازمة على العبادة لا يصح في العبادة الماضية وإنما يصح الوعد في المستقبلات قال ويظهر من هذا رجحان مذهب مالك في كونه شرع التلبية إلى آخر المناسك لانه إذا بقي له شئ من الرمي أو غيره كان من جنس الوعد بالملازمة عليه لانه عبادة وغير مالك وهو الشافعي قطعها قبل ذلك قال وقوله لا شريك لك تقديره لا شريك لك في الملك ان الحمد والنعمة لك بكسر الهمز على الاستئناف ويفتح على التعليل والكسر أجود عند الجمهور قال ثعلب من كسر فقد عم ومن فتح فقد خص وتعقب بأن
[ 160 ]
التقييد ليس في الحمد وإنما هو في التلبية وقال الخطابي لهج العامة بالفتح وحكاه الزمخشري عن الشافعي وقال بن عبد البر المعنى عندي واحد لان من فتح أراد لبيك لان الحمد لك على كل حال وقال بن دقيق العيد الكسر أجود لانه يقتضي أن تكون الاجابة مطلقة غير معللة وأن الحمد والنعمة لله على كل حال والفتح يدل على التعليل فكأنه يقول أجبتك بهذا السبب والمشهور في قوله والنعمة النصب قال عياض ويجوز الرفع على الابتداء ويكون الخبر محذوفا والتقدير أن الحمد لك والنعمة مستقرة قال بن الانباري قال الكرماني وحاصله أن النعمة والشكر على النعمة كليهما لله تعالى وكذا قوله والملك يجوز فيه الوجهان قال بن المنير قرن الحمد والنعمة وأفرد الملك لان الحمد متعلق النعمة ولهذا يقال الحمد لله على نعمه فكأنه قال لا حمد الا لك لانه لا نعمة
[ 161 ]
الا لك وأما الملك فهو مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لانه صاحب الملك
[ 163 ]
إذا استوت به الناقة قائمة نصب على الحال وانبعثت أي سارت ومضت ذاهبة
[ 165 ]
الله تبارك وتعالى ليلة الحصبة بمهملتين وموحدة بوزن الضربة أي ليلة المبيت بالمحصب بعد النفر من منى
[ 166 ]
انقضى رأسك بضم القاف والضاد المعجمة أي حلى ضفره وامتشطى وأهلي بالحج ودعى العمرة قال الشافعي انه أمرها بأن تدع عمل العمرة وتدخل عليها الحج فتكون قارنة الا أن تدع العمرة نفسها وعلى أن اعتمارها من التنعيم تطييب لنفسها ليحصل لها عمرة منفردة مستقلة كما حصل لسائر أمهات المؤمنين قال الخطابي الا أن قوله انقضى رأسك وامتشطى لا يشكل هذه القضية ولو تأوله متأول على الترخيص في فسخ العمرة كما أذن لاصحابه في فسخ الحج لكان له وجه وأجاب الكرماني بأن نقض الرأس والامتشاط جائزان في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا وقد يتأول بأنها كانت معذورة وقيل المراد بالامتشاط تسريح الشعر بالاصابع لغسل الاحرام بالحج ويلزم منه نقضه
[ 167 ]
هذه مكان عمرتك قال الزركشي المشهور رفع مكان على الخبر أي عوض عمرتك التي تركتها لاجل حيضتك ويجوز النصب على الظرف وقال بعضهم لا يجوز غيره والعامل محذوف تقديره هذه كائنة مكان عمرتك أو مجعولة مكانها
[ 168 ]
ضباعة بضم الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة ومحلى بكسر الحاء أي مكان تحللي قيل كان هذا من خصائص ضباعة
[ 170 ]
وسلت الدم بمهملة ولام ومثناة أي أماطه بأصبه
[ 172 ]
ولم تحلل أنت بكسر اللام
[ 177 ]
ولا نرى الا الحج بضم النون أي نظن
[ 180 ]
كانوا يرون بضم أوله والمراد أهل الجاهلية وذلك من تحكماتهم المبتدعة ويجعلون المحرم صفر قال النووي هو مصروف بلا خلاف وحقه أن يكتب بالالف لانه منصوب لكنه كتب بدونها يعني على لغة ربيعة ولا بد من قراءته منونا وفي المحكم كان أبو عبيدة لا يصرفه ومعنى يجعلون يسمون وينسبون تحريمه إليه لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم فتضيق بذلك أحوالهم وهو المراد بالنسئ يقولون إذا برأ بفتحتين وهمزة وتخفف الدبر بفتحتين الجرح الذي يكون في ظهر البعير يقال دبر يدبر دبرا وقيل هو أن يقرح خف البعير يريدون أن الابل كانت تدبر
[ 181 ]
بالسير عليها إلى الحج وعفا الوبر أي كثر وبر الابل الذي حلقته رحال الحج وانسلخ صفر قال النووي هذه الالفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر موقوفا عليها لان مرادهم السجع أي الحل قال الحل كله أي حل يحل له فيه جميع ما يحرم على المحرم حتى غشيان النساء وذلك تمام الحل
[ 183 ]
بالاثاية بضم الهمزة وحكى كسرها ومثلثة موضع بطريق الجحفة إلى مكة والعرج بفتح العين وسكون الراء وجيم قرية جامعة من عمل الفرع على أميال من المدينة ظبي حاقف بمهملة ثم قاف ثم فاء أي نائم قد انحنى في نومه لا يريبه أحد أي لا يتعرض له أحد ولا يزعجه
[ 184 ]
انا لم نرده عليك الا أنا حرم ان الاولى مكسورة ابتدائية والثانية مفتوحة على تقدير لام التعليل
[ 185 ]
وخشينا أن نقتطع بضم أوله أي يقطعنا العدو عن النبي صلى الله عليه وسلم أرفع فرسي بتشديد الفاء المكسورة أي أكلفه السير السريع شأوا بالهمزة أي قدر عدوه وهو قائل من القيلولة
[ 186 ]
بالسقيا بضم السين موضع فاضلة أي فضلة
[ 187 ]
صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم قال الشيخ ولي الدين هكذا رواية يصاد بالالف وهي جائزة على لغة ومنه قول الشاعر إذا العجوز غضبت فطلق ولا ترضاها ولا تملق وقال الآخر ألم يأتيك والانباء تنمى عمرو بن أبي عمر وليس هو بالقوي في الحديث قال الشيخ ولي الدين قد تبع النسائي على هذا بن حزم فقال خبر جابر ساقط لانه عن عمرو وهو ضعيف وقد سبقهما إلى تضعيفه يحيى بن معين وغيره لكن وثقه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم
[ 188 ]
وابن عدي وغيرهم وأخرج له الشيخان في صحيحيهما فوجب قبول خبره وقد سكت أبو داود على حديثه هذا فهو عنده اما حسن أو صحيح وصححه الحاكم في المستدرك وقال إنه على شرط الشيخين ولكن المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يخرج له واحد من الشيخين في صحيحه وهذا يدل على أن الحاكم لا يريد بكونه على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما كما ذكره جماعة لانه لا يجهل كون الشيخين لم يخرجا للمطلب فدل على أن مراده أن يكون روايه في كتابيهما أو في طبقة من أخرجا له نعم أعل الترمذي هذا الحديث بالانقطاع بين المطلب وبين جابر فقال انه لا يعرف له سماع منه وكذا قال أبو حاتم وقال البخاري لا أعرف للمطلب سماعا من أحد من الصحابة الا قوله حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال الدارمي مثله خمس ليس على المحرم في قتلهن جناح قال النووي واختلفوا في المعنى في ذلك فقال الشافعي المعنى في جواز قتلهن كونهن مما لا يؤكل فكل مالا يؤكل وهو متولد من مأكول وغيره فقتله جائز للمحرم ولا فدية عليه وقال مالك المعنى فيهن كونهن مؤذيات فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله ومالا فلا والحدأة مقصور بوزن عنبة والفأرة بهمزة والكلب العقور قال النووي اختلف العلماء في المراد به فقيل هو الكلب المعروف وقيل كل ما يفترس لان كل مفترس من السباع يسمى في اللغة كلبا عقورا ومعنى العقور العاقر الجارح والغراب الابقع
[ 189 ]
هو الذي في ظهره أو بطنه بياض وقد أخذ بهذا القيد طائفة وأجاب غيرهم بأن الروايات المطلقة أصح ونهى عن قتل الجنان بكسر الجيم وتشديد النون هي الحبات التي تكون في البيوت واحدها جان وهو الدقيق الخفيف إلا ذا الطفيتين تثنية طفية وهي في الاصلخوصة المقل شبه الخطين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل والابتر أي القصير الذنب
[ 190 ]
خمس من الدواب لا جناح في قتلهن على من قتلهن في الحرم والاحرام قال النووي اختلفوا
[ 191 ]
في ضبط الحرم هنا فضبطه جماعة من المحدثين بفتح الحاء والراء الحرم المشهور وهو حرم مكة
[ 192 ]
والثاني بضم الحاء والراء ولم يذكر القاضي عياض في المشارق غيره قال هو جمع حرام كما قال تعالى
[ 193 ]
وأنتم حرم قال والمراد به المواضع المحرمة قال النووي والفتح أظهر من وثء بفتح الواو
[ 194 ]
وسكون المثلثة هو وهن في الرجل دون الخلع والكسر يقال وثئت رجله فهي موثوءة وثأتها أنا وقد تترك الهمزة احتجم وسط رأسه بفتح السين أي متوسطة وهو ما فوق اليافوخ بلحى جمل هو بفتح اللام وحكى كسرها وسكون المهملة وبفتح الجيم والميم موضع بين مكة والمدينة وقيل عقبة على سبعة أميال من السقيا وقيل ماء وقال البكري هي بئر جمل التي ورد ذكرها في حديث أبي جهم ووهم من ظنه فك الجمل الحيوان المعروف وأنه كان آلة الحجم ذكره في فتح الباري ويروى بلحيي جمل بصيغة التثنية قال الشاعر لولا رسول الله ما زرنا ملل ولا الرثيات ولا لحيي جمل
[ 197 ]
لفظه بعيره أي رماه فوقص وقصا قال في النهاية الوقص كسر العنق وقصت عنقه
[ 198 ]
أقصها وقصا ووقصت به راحلته كقولك خذ الخطام وخذ بالخطام ولا يقال وقصت العنق نفسها
[ 199 ]
ولكن يقال وقص الرجل فهو موقوص
[ 201 ]
البراء بالتشديد لانه كان يبرى النبل
[ 202 ]
اليوم نضربكم قال في النهاية سكون الباء من نضربكم من جائزات الشعر وموضعها الرفع يزيل الهام عن مقيله قال في النهاية الهام جمع هامة وهي أعلى الرأس ومقيله موضع مستعار من موضع
[ 203 ]
القائلة من نضح النبل بنون وضاد معجمة وحاء مهملة يقال نضحوهم بالنبل إذا رموهم هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض لا معارضة بين هذا وبين حديث ان إبراهيم حرم مكة لان المعنى أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند الله حراما أو أول من أظهره بعد الطوفان وقال القرطبي معناه ان الله حرم مكة ابتداء من غير سبب ينسب لاحد ولا لاحد فيه مدخل قال ولاجل هذا أكد المعنى بقوله ولم يحرمها الناس والمراد أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه أو المراد أنها من محرمات الله فيجب امتثال ذلك وليس من محرمات الناس يعني في الجاهلية كما حرموا أشياء من عند أنفسهم فلا يسوغ الاجتهاد في تركه وقيل معناه أن حرمتها مستمرة من أول الخلق وليس مما اختصت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فهو حرام بحرمة الله أن بتحريمه وقيل الحرمة الحق أي حرام بالحق المانع من تحليله لا يعضد شوكه بضم أوله وفتح الضاد المعجمة أي لا يقطع ولا ينفر صيده بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة قيل هو كناية عن الاصطياد وقيل
[ 204 ]
على ظاهره قال النووي يحرم التنفير وهو الازعاج عن موضعه ولا يختلى أي لا يقطع خلاه بالخاء المعجمة والقصر وحكى مده وهو الرطب من النبات قال العباس أي بن عبد المطلب إلا الاذخر يجوز فيه الرفع على البدل مما قبله والنصب قال بن مالك وهو
[ 205 ]
المختار لكون الاستثناء وقع متراخيا عن المستثنى منه فبعدت المشاكلة بالبدلية ولكون الاستثناء أيضا عرض في آخر الكلام ولم يكن مقصودا والاذخر نبت معروف طيب الريح له أصل مندفن وقضبان دقاق وذاله معجمة وهمزته مكسورة زائدة قال في فتح الباري لم يرد العباس أن يستثنى هو وإنما أراد أن يلقن النبي صلى الله عليه وسلم الاستثناء وقوله صلى الله عليه وسلم في جوابه إلا الاذخر هو استثناء بعض من كل لدخول الاذخر في عموم ما يختلى واختلف هل قاله باجتهاد أو وحي وقيل كان الله فوض له الحكم في هذه المسألة مطلقا وقيل أوحى إليه قبل ذلك أنه ان طلب أحد استثناء شئ من ذلك فأجب سؤاله رحمه اللهعن أبي شريح اسمه خويلد بن عمرو على المشهور وهو خزاعي كعبي أنه قال لعمرو بن سعيد أي بن العاص المعروف بالاشدق وهو يبعث البعوث جمع بعث بمعنى مبعوث من إطلاق المصدر على المفعول والمراد به الجيوش التي جهزها يزيد بن معاوية لقتال عبد الله بن الزبير الغد من يوم الفتح بالنصب أي ثاني يوم الفتح أن يسفك بها دما بكسر الفاء وحكى ضمها أي يسيله ولا يعضد بها شجرة قال
[ 206 ]
بن الجوزي أصحاب الحديث يقولونه بضم الضاد وقال لنا بن الخشاب هو بكسرها وروى ولا يخضد بالخاء المعجمة بدل العين المهملة وهو راجع إلى معناه فإن أصل الخضد الكسر ويستعمل في القطع وإنما أذن لي بفتح أوله والفاعل الله ويروى بضمه بالبناء للمفعول
[ 209 ]
الوزغ الفويسق تصغير فاسق وهو تصغير تحقير يقتضي زيادة الذم
[ 214 ]
ألم ترى يقال للمرأه رأيت ترين وحذف النون علامة للجزم ومعناه ألم ينبه علمك ولم تعرفي لولا حدثان بكسر الحاء مصدر حدث يحدث والخبر هنا محذوف وجوبا أي موجود
[ 215 ]
استلام الركنين مسحهما والسين فيه فاء الفعل وهو افتعال من السلام وهي الحجارة يقال استلم أي أصاب السلام وهي الحجارة إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم أي أن الركنين اللذين يليان الحجر ليسا بركنين وإنما هما بعض الجدار الذي بنته قريش فلذلك لم يستلمهما النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت له خلفا بفتح الخاء وسكون اللام وفاء أي بابا من خلفه يقابل هذا الباب الذي هو من قدام لولا أن قومك حديث عهد كذا روى بالاضافة وحذف الواو وقال المطرزي
[ 216 ]
لا يجوز حذف الواو في مثل هذا والصواب حديثو عهد كأسنمة الابل جمع سنام متلاحكة أي شديدة الملاءمة ذو السويقتين تثنية سويقة وهي تصغير الساق وهي مؤنثة فلذلك ظهرت
[ 217 ]
التاء في تصغيرها وإنما صغر الساقي لان الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة وأجاف الباب أي رده عليه
[ 222 ]
بخزامة كانت في أنفه بكسر الخاء هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير كانت بنو إسرائيل تخرم أنوفها وتخرق تراقيها ونحو ذلك من أنواع التعذيب فوضعه عن هذه الامة ثم أمره أن يقوده بيده وجهه أن القود بالازمة إنما يفعل بالبهائم وهو مثلة
[ 227 ]
إنك حجر لا تضر ولا تنفع الا بإذن الله قال الطبري إنما قال عمر ذلك لان الناس كانوا حديثي
[ 228 ]
عهد بعبادة الاصنام فخشى عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم الاحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية فأراد أن يعلم الناس أن استلامه الحجر اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الاوثان وقد روى الحاكم من حديث أبي سعيد أن عمر رضي الله عنه لما قال هذا قال له على بن أبي طالب انه يضر وينفع وذكر أن الله تعالى لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى يوم القيامة بالحجر وله لسان ذلق يشهد لمن يستلمه بالتوحيد وسنده ضعيف عن جابر قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم أتى المقام قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام يجعل الطائف البيت عن يساره ويبدأ بالحجر الاسود لان الحجر إذا استقبل البيت من ثنية كدى من باب بني شيبة تبقى في ركن البيت على يسارك وهو يمين البيت لانك إذا قابلت شخصا فيمينه يسارك ويساره يمينك والذي يلاقيك من البيت هو وجهه لان فيه بابه وباب البيت أي بيت كان هو وجه لذلك البيت والادب أن لا يؤتى الافاضل الا من قبل وجوههم ولاجل ذلك كان الابتداء بتثنية كدى والاصل في كل قربة يصح فعلها باليمين واليسار أن لا تفعل الا باليمين كالوضوء وغيره فإذا ابتدأ
[ 229 ]
بالحجر وجعل البيت على يساره كان قد ابتدأ باليمين والوجه معا فيجمع بين الفاضلين الكريمين ولو ابتدأ بالحجر وجعل البيت على يمينه ترك الابتداء بالوجه ويمين البيت جميع الحائط الذي بعد
[ 230 ]
الحائط الذي فيه البيت ويسار البيت الحائط الذي يقابله ودبر البيت الحائط الذي يقابل الحائط الذي فيه الباب يخب بضم الخاء المعجمة أي يعدو وهنتهم روى بالتخفيف وبالتشديد
[ 231 ]
أضعفتهم يثرب بالفتح غير منصرف فأمر أصحابه أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين وكان المشركون من ناحية الحجر فقالوا لهؤلاء أجلد من كذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام
[ 232 ]
فكان ذلك ضربا من الجهاد قال وعلته في حقنا تذكر النعمة التي أنعمها الله على رسوله وأصحابه
[ 233 ]
بالعزة بعد الذلة وبالقوة بعد الضعف حتى بلغ عسكره عليه الصلاة والسلام سبعين ألفا يستلم الركن بمحجن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم وميمه زائدة والمعنى أنه
[ 234 ]
يرمي بمحجنه إلى الركن حتى يصيبه
[ 237 ]
شرب من ماء زمزم وهو قائم هو لبيان الجواز وقيل أن الشرب من ماء زمزم من غير قيام يشق
[ 238 ]
لارتفاع ما عليها من الحائط لو كانت كما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما هذا من بديع فقهها لان ظاهر الآية رفع الجناح عن الطائف بالصفا والمروة وليس هو بنص في سقوط الوجوب فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصا في ذلك لقال فلا جناح عليه أن لا يطوف لان هذا يتضمن سقوط الاثم عمن ترك الطواف ثم أخبرته أن ذلك انما كان لان الانصار تحرجوا أن يمروا بذلك
[ 239 ]
الموضع في الاسلام فأخبروا أن لا حرج عليهم لمناة الطاغية مناة اسم صنم كان نصبه عمرو بن لحي بالمشلل فيجر بالفتحة والطاغية صفة لها قال الزركشي ولو روى بكسر الهاء بالاضافة لجاز ويكون الطاغية صفة للفرقة الطاغية وهم الكفار عند المشلل بضم أوله وفتح المعجمة ولامين الاولى مفتوحة مشددة هي الثنية المشرفة على قديد يتحرج أي يخاف الحرج
[ 241 ]
إن الناس غشوه أي ازدحموا عليه وكثروا
[ 242 ]
الا شدا أي عدوا
[ 249 ]
سرحة هي الشجرة العظيمة سر تحتها سبعون نبيا أي قطعت سررهم يعني أنهم ولدوا تحتها فهو يصف بركتها
[ 256 ]
الحج عرفة قال الشيخ عز الدين عبد السلام في أماليه فإن قيل أي أركان الحج أفضل قلنا الطواف لانه يشتمل على الصلاة وهو مشبه بالصلاة والصلاة أفضل من الحج والمشتمل على الافضل أفضل فإن قيل قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة يدل على أفضلية عرفة لان التقدير معظم الحج وقوف عرفة فالجواب أن لا نقدر ذلك بل نقدر أمرا مجمعا عليه وهو إدراك الحج وقوف عرفة فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه قال القاضي أبو الطيب
[ 257 ]
في تعليقه أي قارب التمام عز وجلفي ايضاع الابل يقال وضع البعير يضع وضعا وأوضعه راكبه أيضاعا إذا حمله على سرعة السير شنق ناقته يقال شنقت البعير أشنقه شنقا إذا كففته بزمامه
[ 259 ]
وأنت راكبه يسير العنق بفتحتين ضرب من سير الدواب طويل ونصبه على المصدر النوعي كرجعت القهقرى فجوة بفتح الفاء متسع بين الشعبتين مال أي عدل إلى الشعب بكسر الشين الطريق بين الجبلين فقلت يا رسول الله الصلاة وقال أبو البقاء الوجه النصب على تقدير تريد الصلاة أو أتصلي الصلاة وقال القاضي عياض هو بالنصب على الاغراء ويجوز الرفع على إضمار فعل أي حانت الصلاة أو حضرت قال الصلاة أمامك بالرفع مبتدا وخبر
[ 261 ]
في ضعفه أهله قال بن مالك في توضيحه جمع ضعيف على ضعفه غريب ومثله خبيث وخبثة
[ 262 ]
كانت امرأة ثبطة بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكونها وطاء مهملة أي ثقيلة بطيئة وروى بطينة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها قال النووي المراد به قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر لان ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين والغرض أن استحباب الصلاة في أول الوقت في هذا اليوم أشد وآكد وقال أصحابنا معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان في غير هذا اليوم يتأخر عن أول طلوع الفجر إلى ان يأتيه بلال وفي هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة
[ 263 ]
في التبكير ليتسع له الوقت لم أدع حبلا بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة قال في النهاية
[ 264 ]
هو المستطيل من الرمل وقيل الضخم منه وجمعه حبال وقيل الحبال من الرمل كالحبال في غير الرمل وقال الخطابي الحبال ما دون الجبال في الارتفاع وقضى تفثه بفتح المثناة الفوقية
[ 265 ]
والفاء ومثلثة قال في النهاية هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حصر كقص الشارب والاظفار ونتف الابط وحلق العانة وقيل اذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا ويقولون أشرق ثبير بلفظ الامر لتطلع عليك الشمس وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون التحتية وبالراء جبل عظيم بالمزدلفة
[ 266 ]
على يسار الذاهب منها إلى منى هذا هو المراد وللعرب جبال أخر اسم كل منها ثبير وهو منصرف ولكنه بدون التنوين لانه منادى مفرد معرفة قال الامام محمد بن الحسن للعرب أربعة جبال أسماؤها ثبير وكلها حجازية قال الخطابي كان أهل الجاهلية يقولون أشرق ثبير كيما نغير أي لتطلع عليك الشمس كي ندفع ونفيض فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل الطلوع ويقال أشرق ولكنه بدون التنوين لانه منادى مفرد معرفة قال الامام محمد بن الحسن للعرب أربعة جبال أسماؤها ثبير وكلها حجازية قال الخطابي كان أهل الجاهلية يقولون أشرق ثبير كيما نغير أي لتطلع عليك الشمس كي ندفع ونفيض فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل الطلوع ويقال أشرق الرجل إذا دخل في وقت الشروق إ
[ 271 ]
أغيلمة قال الخطابي هو تصغير الغلمة وكان القياس غليمة لكنهم ردوه إلى أفعلة فقالوا أغيلمة كما قالوا أصيبية في تصغير صبية وقال الجوهري الغلام جمعه غلمة وان كانوا لم يقولوه على حمرات جمع حمرة جمع تصحيح فجعل يلطح أفخاذنا قال أبو داود اللطح الضرب اللين وقال في النهاية هو الضرب الخفيف بالكف وجعل هذه من أفعال باب المقاربة من القسم الذي للشروع أبيني قال في النهاية اختلف في هذه اللفظة فقيل هو تصغير ابني كأعمى وأعيمي وهو اسم مفرد يدل على الجمع وقيل ان ابنا يجمع على أبناء مقصورا وممدودا وقيل هو تصغير بن وفيه قال بن الحاجب في أماليه قوله صلى الله عليه وسلم أبيني لا ترموا جمرة العقبة الاولى أن يقال أنه تصغير بني مجموعا وكان أصل بني بنيون أضفته إلى ياء المتكلم فصار بنيوى في الرفع وبنيي في النصب والجر فوجب أن تقلب الواو ياء وتدغم على ما هو قياسها في مثل قولك ضاربي وكذلك النصب والجر ولذلك كان لفظ ضاربي في الاحوال الثلاث سواء كرهوا اجتماع الياءات والكسرة فقلبوا اللام إلى موضع الفاء فصار ابيني وليس في هذا الوجه الا قلب اللام إلى موضع الفاء وهو قريب لما ذكرناه من الاستثقال في قلب الواو المضمومة همزة وهو جائز قياسا وهذا أولى من قول من يقول انه تصغير أبناء رد إلى الواحد وروعي مشاكلة الهمزة لانه لو كان تصغيره لقيل أبيناي ولم يرد إلى الواحد لان أفعالا من جمع القلة فتصغر من غير رد كقولك أجيمال وهو أيضا أولى من قول من قال أنه جمع ابنا مقصور على وزن افعل اسم جمع للابناء صغر وجمع بالواو والنون لانه لا يعرف ذلك مفردا فلا ينبغي أن يحمل الجمع عليه ولانه لا يجمع أفعل اسما جمع التصحيح (تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الجهاد)