حاشية السندي على النسائي
ابن عبد الهادي ج 1
[ 1 ]
سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الامام السندي الجزء الاول دار الكتب العلمية بيروت لبنان
[ 2 ]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد فهذا تعليق لطيف على سنن الامام الحافط ابى عبد الرحمن احمد بن شعيب بن على بن بحر النسائي رحمه الله تعالى يقتصر على حل ما يحتاج إليه القاري والمدرس من ضبط اللفظ وايضاح الغريب والاعراب . رزق الله تعالى ختمه بخير ثم ختم الاجل بعد ذلك على احسن حال آمين رب العالمين
[ 3 ]
قالوا شرط النسائي تخريج احاديث اقوام لم يجمعوا على تركهم إذا صح الحديث باتصال الاسناد من غير قطع ولا ارسال ومع ذلك فكم من رجل اخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي اخراج حديثه بل تجنب النسائي اخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين ولذلك قيل ان لابي عبد الرحمن شرطا في الرجال اشد من شرط البخاري ومسلم . وروى عن النسائي انه قال لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشئ فوقعت الخيرة على تركهم
[ 4 ]
ولذلك ما اخرج حديث بن لهيعة والا فقد كان عنده حديثه ترجمة ترجمة . قال أبو جعفر بن الزبير اولى ما ارشد إليه ما اتفق المسلمون على اعتماده وذلك الكتب الخمسة والموطا الذى تقدمها وضعا ولم يتاخر عنها رتبة . وقد قيل إذا نظرت الى ما يخرجه اهل الحديث فما خرجه النسائي اقرب الى الصحة مما خرجه غيره قلت المراد غير الصحيحين . وبالجملة فكتاب السنن للنسائي اقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ورجلا مجروحا ويقاربه كتاب ابى داود وكتاب الترمذي ويقابله من الطرف الاخر كتاب
[ 5 ]
ابن ماجه فانه تفرد فيه باخراج احاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الاحاديث وبعض تلك الاحاديث لا تعرف الا من جهتهم قال النسائي كتاب السنن أي الكبرى كله صحيح وبعضه معلول الا انه لم يبين علته والمنتخب المسمى بالمجتبى صحيح وذكر بعضهم ان النسائي لما صنف السنن الكبرى اهداه الى امير الرملة فقال له الامير اكل ما في هذا صحيح قال لا قال فجرد الصحيح منه فصنف له المجتبى وهو بالباء الموحدة وقيل ويقال بالنون ايضا وبالجملة فاطلاق اسم الصحيح على كتاب النسائي الصغير
[ 6 ]
وهو المشهور المقروء شائع وهو مبنى على تسمية الحسن صحيحا ايضا والضعيف نادر جد أو ملحق بالحسن إذا لم يوجد في الباب غيره وهو اقوى عند المصنف وابى داود من راى الرجال والله تعالى اعلم قوله تأويل قوله عزوجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الآية يريد رحمه الله تعالى أن تمام ما يذكر في كتاب الطهارة في هذا الكتاب بمنزلة باب الطهارة أو كتاب الطهارة في غيره وتمام الابواب المذكورة في الطهارة داخلة في هذه الترجمة وأما ما ذكر فيها من الحديث فأما أن مراده بذلك التنبيه أن الطهارة تبدأ بغسل اليدين كما ذكره الفقهاء فإنهم عدوا البداءة بالغسل المذكور من سنن الوضوء واستدلوا عليه بهذا الحديث وغيره لكن في دلالة هذا الحديث عليه بحث ظاهر إذ سوق الحديث المذكور ليس لافادة ابتداء الوضوء بغسل اليدين لا مطلقا ولا مقيدا بوضوء يكون بعد القيام من النوم إذ لا دلالة له على كون الغسل للوضوء ليقع بداءته به وإنما هو لافادة منع إدخال اليدين في الماء إذا لم تكن طهارتهما معلومة أو إذا كانت نجاستهما مشكوكة قبل غسلهما ثلاثا ولا دلالة لذلك على أن الوضوء يبدأ بماذا نعم في الباب أحاديث أخر تدل على أن الوضوء يبدأ بغسل اليدين ولو كانتا طاهرتين جزما كما في الوضوء على
[ 7 ]
الوضوء مثلا وأما مراده بالتبعية على أن الماء المطلوب للوضوء ينبغي أن يكون خاليا من شبهة النجاسة فضلا عن تحققها وهذا أقرب إلى الحديث وان كان الاول هو المشهور بين الفقهاء والله تعالى أعلم قوله إذا استيقظ أحدكم من نومه الظاهر أن المقصود إذا شك أحدكم في يديه مطلقا سواء كان لاجل الاستيقاظ من النوم أو لامر آخر الا أنه فرض الكلام في جزئي واقع بينهم على كثرة ليكون بيان الحكم فيه بيانا في الكلى بدلالة العقل ففيه احالة للاحكام إلى الاستنباط ونوطه بالعلل فقالوا في بيان سبب الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن حالة النوم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس فنهاهم عن إدخال يده في الماء فلا يغمس بالتخفيف من باب ضرب هو المشهور ويحتمل أن يكون بالتشديد من باب التفعيل أي فلا يدخل في وضوئه بفتح الواو أي الماء المعد للوضوء وفي رواية في الاناء أين الظرف الذي فيه الماء أو غيره من المائعات قالوا هو نهي أدب وتركه اساءة ولا يفسد الماء وجعله أحمد للتحريم وقوله حتى يغسلها أي
[ 8 ]
ندبا بشهادة التعليل بقوله لان أحدكم لا يدري أين باتت يده لان غايته الشك في نجاسة اليدين والوجوب لا يبني على الشك وعند أحمد وجوبا ولا يبعد من الشارع الايجاب لرفع الشك وفي الحديث دلالة على أن الانسان ينبغي له الاحتياط في ماء الوضوء واستدل به على أن الماء القليل يتنجس بوقوع النجاسة وان لم يتغير أحد أوصافه وفيه أنه يجوز أن يكون النهي لاحتمال الكراهة لا لاحتمال النجاسة ويجوز أن يقال الوضوء بما وقع فيه النجاسة مكروه فجاء النهي عند الشك في النجاسة تحرزا عن الوقوع فيه هذه الكراهة على تقدير النجاسة وأيضا يمكن أن يكون النهي بناء على احتمال أن يتغير الماء بما على اليد من النجاسة فيتنجس فمن أي علم أنه يتنجس الماء بوقوع النجاسة مطلقا والله تعالى أعلم ويؤخذ من هذا الحديث أن النجاسة الغير المرئية يغسل محلها لازالتها ثلاث مرات إذ ما شرع ثلاث مرات عند توهمها الا لاجل أزالتها فعلم أن ازالتها تتوقف على ذلك ولا يكون بمرة واحدة إذ يبعد أن ازالتها عند تحققها بمرة ويشرع عند توهمها ثلاث مرات لازالتها والله تعالى أعلم قوله (2) يشوص فاه بالسواك بفتح الياء وضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة أي يدلك الاسنان
[ 9 ]
بالسواك عرضا قوله (3) وهو يستن الاستنان استعمال السواك وهو افتعال من الاسنان أي يمره عليها وطرف السواك بفتح الراء عأعأ بتقديم العين المفتوحة على الهمزة الساكنة وفي رواية البخاري أع أع بتقديم الهمزة المضمومة على العين الساكنة وفي رواية أخ بكسر همزة وخاء معجمة وإنما اختلفت الرواة لتقارب مخارج هذه الحروف وكلها ترجع إلى حكاية صوته صلى الله (0) عليه وسلم إذا جعل السواك على طرف اللسان يستاك إلى فوق باب هل يستاك الامام بحضرة رعيته كأنه أشار بخصوص الترجمة بالامام إلى أن الاستياك بحضرة الغير ينبغي أن يكون مخصوصا بمن
[ 10 ]
لا يكون ذاك مستقذرا منه لكونه إماما ونحوه والله تعالى أعلم قوله (4) سأل العمل أي طلب كل منهما من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله عاملا على طرف قلت أي اعتذارا عن دخولهما معه مع كونهما جاءا لطلب العمل تحت شفته أي حال كون السواك ثابتا تحت شفته قلصت أي حال كون الشفة قد ارتفعت بوضع السواك تحتها قوله (5) الله تعالى مطهرة للفم بفتح الميم وكسرها لغتان والكسر أشهر وهو كل آلة يتطهر بها شبه السواك بها لانه ينظف الفم والطهارة النظافة ذكره النووي قلت لا حاجة إلى اعتبار التشبيه لان السواك بكسر السين اسم للعود الذي يدلك به الاسنان ولا شك في كونه آلة لطهارة الفم بمعنى نظافته ومرضاة بفتح ميم وسكون راء والمراد أنه آلة لرضا الله تعالى باعتبار أن استعماله سبب لذلك وقيل مطهرة ومرضاة بفتح ميم كل منهما مصدر بمعنى اسم الفاعل أي
[ 11 ]
مطهر للفم ومرض للرب تعالى أو هما باقيان على المصدرية أي سبب للطهارة والرضا وجاز أن يكون مرضاة بمعنى المفعول أي مرضي للرب انتهى قلت والمناسب بهذا المعنى أن يراد بالسواك استعمال العود لا نفس العود أما على ما قيل أن اسم السواك قد يستعمل بمعنى استعمال العود أيضا أو على تقدير المضاف ثم لا يخفى أن المصدر إذا كان بمعنى اسم الفاعل يكون بمعنى اسم الفاعل من ذلك المصدر لا من غيره فينبغي أن يكون ههنا مطهرة ومرضاة بمعنى طاهر وراض لا بمعنى مطهر ومرض ولا معنى لذلك فليتأمل ثم المقصود في الحديث الترغيب في استعمال السواك وهذا ظاهر قوله بن الحبحاب بحاءين مهملتين مفتوحتين وباءين موحدتين الاولى ساكنة قوله وقد أكثرت عليكم أي بالغت في تكرير طلبه
[ 12 ]
منكم وفي هذا الاخبار ترغيب فيه وهذا بمنزلة التأكيد لما سبق من التكرير لمن علم به سابقا وبمنزلة التكرير والتأكيد جميعا لمن لم يعلم به وفي بعض النسخ قد أكثرتم علي في السواك وهذا يقتضي أنهم طلبوا منه إيجابه أو تخفيفه بأن يرفع تأكد ندبه عنهم أو أنهم عدوا ما قاله في شأنه كثيرا فقال لهم ذلك إنكارا عليهم ذلك والله تعالى أعلم قوله (7) لولا أن أشق أي لولا خوف أن أشق فلا يرد أن لولا لانتفاء الشئ لوجود غيره ولا وجود للمشقة ههنا لامرتهم أي أمر إيجاب والا فالندب ثابت وفيه دلالة على أن مطلق الامر للآيجاب بالسواك أي باستعماله لان السواك هو الآلة وقيل أنه يطلق
[ 13 ]
على الفعل أيضا فلا تقدير كذا ذكره الحافظ بن حجر في الفتح وفيه دلالة على أنه لا مانع من إيجاب السواك عند كل صلاة الا ما يخاف من لزوم المشقة على الناس ويلزم منه أن يكون الصوم غير مانع من ذلك ومنه يؤخذ ما ذكره المصنف من الترجمة ولا يخفى أن هذا من المصنف استنباط دقيق وتيقظ عجيب فلله دره ما أدق وأحد فهمه قوله (8) قالت بالسواك ولا يخفى أن دخوله البيت لا يختص بوقت دون وقت فكذا السواك ولعله إذا انقطع عن الناس للوحي
[ 14 ]
وقيل كان ذلك لاشتغاله بالصلاة النافلة في البيت وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم قوله (9) الفطرة خمس الفطرة بكسر الفاء بمعنى الخلقة والمراد ههنا هي السنة القديمة التي اختارها الله تعالى للانبياء فكأنها أمر جبلي فطروا عليها وليس المراد الحصر فقد جاء عشر من الفطرة فالحديث من أدلة أن مفهوم العدد غير معتبر والاستحداد استعمال الحديدة في العانة وفي هذا الحديث قص الشارب وجاء في بعض الروايات
[ 15 ]
حلق وفي البعض أخذ الشارب وقد اختار كثير القص وحملوا الحلق وغيره عليه والله تعالى أعلم قوله (13) فليس منا أي من أهل طريقتنا المقتدين بسنتنا المهتدين بهدينا ولم يرد خروجه من الاسلام نعم سوق
[ 16 ]
الكلام على هذا الوجه يفيد التغليظ والتشديد فلا ينبغي الاهمال قوله وقت من التوقيت أي عين وحدد ومفاد الحديث أن أربعين أكثر المدة وقيل الاولى أن يكون من جمعة إلى جمعة قوله (15) أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى المشهور قطع الهمزة فيهما وقيل وجاء حفا الرجل شاربه يحفوه كاحفى إذا استأصل أخذ شعره وكذلك جاء عفوت الشعر وأعفيته لغتان فعلى هذا يجوز أن تكون همزة وصل
[ 17 ]
واللحى بكسر اللام أفصح جمع لحية قال الحافظ بن حجر الاحفاء بالحاء المهملة والفاء الاستقصاء وقد جاءت روايات تدل على هذا المعنى ومقتضاها أن المطلوب المبالغة في الازالة وهو مذهب الجمهور ومذهب مالك قص الشارب حتى يبدو طرف الشفة كما يدل عليه حديث خمس من الفطرة وهو مختار النووي قال
[ 18 ]
النووي وأما رواية أحفوا فمعناه أزيل واما طال على الشفتين قلت وعليه عمل غالب الناس اليوم ولعل مالكا حمل الحديث على ذلك بناء على أنه وجد عمل أهل المدينة عليه فإنه رحمه الله تعالى كان يأخذ في مثله بعمل أهل المدينة فالمرجو أنه المختار والله تعالى أعلم واعفاء اللحية توفيرها وأن لا تقص كالشوارب قيل والمنهى قصها كصنع الاعاجم وشعار كثير من الكفرة فلا ينافيه ما جاء من أخذها طولا ولا عرضا للاصلاح قوله أبعد أي تلك الحاجة أو نفسه عن أعين الناس قوله المذهب مفعل من الذهاب وهو يحتمل أن يكون مصدرا أو اسم مكان وعلى الوجهين فتعريفه
[ 19 ]
للعهد الخارجي والمراد محل التخلي أو الذهاب إليه بقرينه أبعد فإنه اللائق بالابعاد وقيل بل صار في العرف اسما لموضع التغوط كالخلاء ائتني بوضوء بفتح الواو قوله (18) إلى سباطة قوم السباطة بضم السين المهملة وتخفيف الموحدة هي الموضع الذي يرمي فيه التراب والاوساخ وما يكنس من المنازل وقيل هي الكناسة نفسها واضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك فهي كانت مباحة ويحتمل الملك ويكون الاذن منهم ثابتا صريحا أو دلالة وقد افتقوا على أن عادته صلى الله عليه وسلم في حالة البول القعود كما يدل عليه حديث عائشة فلا بد أن يكون القيام في هذا الوقت لسبب دعا إلى ذلك وقد عينوا بعض الاسباب بالتخمين والله تعالى أعلم بالتحقيق فتنحيت عنه تبعدت على ظن أنه يكره القرب في تلك الحالة كما عليه العادة فدعاني لا كون كالسترة عن نظر الاغيار إليه في تلك الحالة
[ 20 ]
قوله (19) رضي الله تعالى عنه إذا دخل الخلاء أي أراد دخوله والخلاء بالفتح والمد موضع قضاء الحاجة من الخبث بضمتين جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة والمراد ذكران الشياطين واناثهم وقد جاءت الرواية بإسكان
[ 21 ]
الباء في الخبث أيضا اما على التخفيف أو على أنه اسم بمعنى الشر وحينئذ فالخبائث صفة النفوس فيشمل ذكور الشياطين واناثهم والمراد التعوذ عن الشر وأصحابه قوله (20) وهو بمصر رواية الصحيحين
[ 22 ]
تفيد أن الامر كان بالشام ولا تنافي لا مكان أنه وقع له هذا في البلدتين جميعا بهذه الكراييس بياءين مثناتين من تحت يعني بيوت الخلاء قيل ويفهم من كلام بعض أهل اللغة أنه بالنون ثم الياء وكانت تلك الكراييس بنيت إلى جهة القبلة فثقل عليه ذلك ورأى أنه خلاف ما يفيده الحديث بناء على أنه فهم الاطلاق لكن يمكن أن يكون محمل الحديث الصحراء وإطلاق اللفظ جاء على ما كان عليه العادة يومئذ إذ لم يكن لهم كنف في البيوت في أول الامر ويؤيده الجمع بين أحاديث هذا الباب منها ما ذكره
[ 23 ]
المصنف ومنها ما لم يذكره ولذلك مال إليه الطحاوي من علمائنا والمسألة مختلف فيها بين العلماء والاحتراز عن الاستقبال والاستدبار في البيوت أحوط وأولى والله تعالى أعلم قوله ولكن شرقوا الخ أي خذوا في ناحية المشرق أو ناحية المغرب لقضاء حاجتكم وهذا خطاب الاهل المدينة ومن قبلته على ذلك السمت والمقصود الارشاد إلى جهة أخرى لا يكون فيها استقبال القبلة ولا استدبارها وهذا مختلف بحسب البلاد فللكل أن يأخذوا بهذا الحديث بالنظر إلى المعنى لا بالنظر إلى اللفظ قوله واسع
[ 24 ]
بن حبان بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة قوله ارتقيت أي صعدت على ظهر بيتنا جاء في رواية مسلم وغيره على ظهر بيت حفصة فالاضافة مجازية باعتبار أنها أخته بل الاضافة إلى حفصة كذلك لتعلق السكني والا فالبيت كان ملكا له صلى الله عليه وسلم على لبنتين تثنية لبنة بفتح اللام وكسر الموحدة وتسكن مع فتح اللام وكسرها واحدة الطوب مستقبل بيت المقدس والمستقبل له يكون مستدبرا للقبلة فيدل على الرخصة عما جاء عنه النهي وللمانع أن يحمل على أنه قبل النهي أو بعده لكنه مخصوص به والنهي لغيره أو كان للضرورة والنهي عند عدمها إذ الفعل لا عموم له وأما أنه فعل ذلك لبيان الجواز فبعيد وكيف ولم تكن رؤية بن عمر له صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة عن قصد من بن عمر ولا عن قصد منه صلى الله عليه وسلم بل كانت اتفاقية من الطرفين ومثله لا يكون
[ 25 ]
لبيان الجواز والحاصل للكلام مساغ من الطرفين وهذه الحاشية لا تتحمل البسط والله تعالى أعلم قوله (24) إذا بال أحدكم لا مفهوم لهذا القيد بل إنما جاء لان الحاجة إلى أخذه يكون حينئذ فإذا
[ 26 ]
كان الاخذ باليمين غير لائق عند الحاجة إليه فعند عدم الحاجة بالاولى قوله (29) بال قائما اعتاد البول قائما ويؤيده رواية الترمذي ففيها من حدثكم أنه كان يبول قائما وكذا التعليل بقولها ما كان يبول الا جالسا أي ما كان يعتاد البول الا جالسا فلا ينافي هذا الحديث حديث حذيفة وذلك لان ما وقع منه قائما كان نادرا جدا والمعتاد خلافه ويمكن أن يكون هذا مبنيا على عدم علم عائشة بما وقع منه قائما والحاصل أن عادته صلى الله عليه وسلم هو البول قاعدا وما وقع منه قائما فعلى خلاف العادة لضرورة أو لبيان الجواز وأجاب
[ 27 ]
بعضهم بترجيح حديث حذيفة بأن في حديث عائشة شريكا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ وقول الترمذي في حديث عائشة أنه أصح شئ في الباب لا يدل على صحته وتصحيح الحاكم له لا عبرة به لان تساهل الحاكم في التصحيح معروف وقوله على شرط الشيخين غلط لان البخاري لم يخرج لشريك بالكلية ومسلم خرج له استشهادا لا احتجاجا قلت والمصنف أشار إلى الجواب بوجه آخر وهو أن يحمل حديث عائشة على البيت فإنها كانت عالمة بأحواله صلى الله عليه وسلم في البيت فالمعنى من حدثكم أنه بال قائما في البيت لا تصدقوه ومعلوم أن حديث حذيفة كان خارج البيت وهو مراده بالصحراء في الترجمة فلا اشكال أصلا والله تعالى أعلم قوله (30) كهيئة الدرقة أي شئ مثل هيئة الدرقة فالكاف بمعنى مثل مبتدأ والدرقة بدال وراء مهملتين مفتوحتين الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عصب فوضعها الخ أي جعلها حائلة بينه وبين الناس وبال مستقبلا لها فقال بعض القوم قيل لعل القائل كان منافقا فنهى
[ 28 ]
عن الامر المعروف كصاحب بني إسرائيل نهى عن المعروف في دينهم فوبخه وهدده بأنه من أصحاب النار لما عيره بالحياء وبأن فعله فعل النساء قلت والنظر في الروايات يرجح أنه كان مؤمنا الا أنه قال ذلك تعجبا لما رآه مخالفا لما عليه عادتهم في الجاهلية وكانوا قريبي العهد بها كما تبول المرأة أي في التستر وعليه حمله النووي فقال أنهم كرهوا ذلك وزعموا أن شهامة الرجال لا تقتضي التستر على هذا الحال وقيل أو في الجلوس أو فيهما وكان شأن العرب البول قائما وقد جاء في بعض الروايات ما يفيد تعجبهم من القعود نعم ذكر ما أصاب صاحب بني إسرائيل أنسب بالتستر صاحب بني إسرائيل بالرفع أو بالنصب
[ 29 ]
قوله (31) في كبير أي في أمر يشق عليهما الاحتراز عنه لا يستنزه بنون ساكنة بعدها زاي معجمة ثم هاء أي لا يتجنب ولا يتحرز عنه كان يمشي أي بين الناس بالنميمة هي نقل كلام الغير بقصد الاضرار
[ 30 ]
والباء للمصاحبة أو التعدية على أنه يمشي بالنميمة ويشيعها بين الناس ثم دعا بعسيب بمهملتين بوزن فعيل وهي جريدة لم يكن فيها خوص باثنين قيل الباء زائدة وهي حال فغرس قيل أي عند رأسه ثبت ذلك بإسناد صحيح لعله أي العذاب يخفف على بناء المفعول أو لعله أي ما فعلت يخفف على بناء الفاعل والمفعول محذوف أي العذاب ما لم ييبسا بفتح مثناة تحتية أولى وسكون الثانية وفتح
[ 31 ]
الموحدة أو كسرها أي العودان قيل المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الاشجار وغيرها وكذلك ما فيه بركة كالذكر وتلاوة القرآن من باب أولى ويؤيده ما جاء عن بعض الصحابة أنه اوصى بذلك وقيل بل هو أمر مخصوص به ليس لمن بعده أن يفعل مثل ذلك والله تعالى أعلم قوله حكيمة الخ حكيمة وأميمة ورقيقة كلها بالتصغير ورقيقة بقافين قوله قدح بفتحتين من عيدان اختلف في ضبطه أهو بالكسر والسكون جمع عود أو بالفتح والسكون جمع عيدانه بالفتح وهي النخلة الطويلة المتجردة من السعف من أعلاه
[ 32 ]
إلى أسفله وقيل الكسر أشهر رواية ورد بأنه خطأ معنى لانه جمع عود وإذا اجتمعت الاعواد لا يتأتى منها قدح لحفظ الماء بخلاف من فتح العين فإن المراد حينئذ قدح من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ ما يجعل فيه قلت والجمعية غير ظاهرة على الوجهين وان حمل على الجنس يصح الوجهان الا أن يقال حمل عيدان بالفتح على الجنس أقرب لانه مما فرق بينه وبين واحدة بالتاء ومثله يجئ للجنس بل قالوا إن أصله الجنس يستعمل في الجمع أيضا فلا اشكال فيه بخلاف العيدان بالكسر جمع عود وأجاب بعضهم على تقدير الكسر بأنه جمع اعتبارا للاجزاء فارتفع الاشكال على الوجهين ثم قيل لا يعارضه ما جاء أن
[ 33 ]
الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول اما لان المراد أن ذلك إذا طال مكثه وما يجعل في الاناء لا يطول مكثه غالبا أو لان المراد هناك كثرة النجاسة في البيت بخلاف ما في القدح فإنه لا يحصل به النجاسة لمكان آخر قوله فانخنثت بنونين بينهما خاء معجمة وبعد الثانية ثاء مثلثة في النهاية انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت ولا يخفى أن هذا لا يمنع الوصية قبل ذلك ولا يقتضي أنه مات فجأة بحيث لاتمكن منه الوصية ولا يتصور كيف وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم علم بقرب أجله قبل المرض ثم مرض أياما نعم هو يوصي إلى على بماذا كان بالكتاب والسنة فالوصية بهما لا تختص بعلي بل يعم المسلمين كلهم وان كان المال فما ترك مالا حتى يحتاج إلى وصية إليه والله تعالى أعلم قوله (34) عن قتادة عن عبد الله بن سرجس بفتح السين وسكون الراء وكسر جيم آخره سين مهملة غير منصرف للعلمية والعجمة وسماع قتادة عن عبد الله بن سرجس أثبته أبو زرعة وأبو حاتم ونفاه أحمد بن حنبل قوله في جحر بضم جيم وسكون حاء مهملة وهو ما يحتفره الهوام والسباع لانفسها لانه قد يكون
[ 34 ]
فيه ما يؤذي صاحبه من حية أو جن أو غيرهما قوله وما يكره من البول في الجحر الظاهر أن ما موصولة مبتدأ والخبر مقدر أي لماذا إذ الظاهر أن السؤال عن سبب الكراهة يقال أنها أي جنس الجحر ولذلك قال مساكن الجن بصيغة الجمع والتأنيث لمراعاة الخبر قوله (36) عن عبد الله بن مغفل على وزن مفعول من التغفيل قوله في مستحمه بفتح الحاء وتشديد الميم أصله الموضع الذي يغسل
[ 35 ]
فيه بالحميم وهو الماء الحار ثم شاع في مطلق المغتسل والمراد أنه إذا بال ثم اغتسل فكثيرا ما يتوهم أنه أصابه شئ من الماء النجس فذلك يؤدي إلى تطرق الشيطان إليه بالافكار الرديئة والمراد بعامة الوسواس معظمه وغالبه وقد حمل العلماء الحديث على ما إذا استقر البول في ذلك المحل وأما إذا كان بحيث
[ 36 ]
يجري عليه البول ولا يستقر أو كان فيه منفذ كالبالوعة فلا نهى والله تعالى أعلم قوله (37) فلم يرد عليه السلام تأديبا له والمراد أخر الرد كما في الحديث الآتي والتأخير يكفي في التأديب ويحتمل أنه ترك
[ 37 ]
الرد أحيانا وأخره أحيانا على حسب اختلاف الناس في التأديب وغيره والله تعالى أعلم قوله (38) عن حضين هو بضاد معجمة مصغر بن قنفذ بضم قاف وفاء بينهما نون ساكنة آخره ذال معجمة قوله بن سنة بفتح سين مهملة وتشديد نون
[ 38 ]
قوله أن يستطيب أي يستنجي قوله (40) إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم كما يعلم الوالد ولده ما يحتاج إليه مطلقا ولا يبالي بما يستحيا بذكره فهذا تمهيد لما يبين لهم من آداب الخلاء إذ الانسان كثيرا ما يستحي من ذكرها سيما في مجلس العظماء يأمر بثلاثة أحجار أما لان المطلوب الانقاء والايتار وهما يحصلان غالبا بثلاثة أحجار أو الانقاء فقط وهو يحصل غالبا بها والرمة بكسر الراء وتشديد الميم هي العظم البالي والمراد ههنا مطلق العظم كما سبق ويحتمل أن يقال العظم البالي لا ينتفع به فإذا منع عن تلويثه فغيره بالاولى قوله وقال له رجل زاد بن ماجة من المشركين أي استهزاء حتى الخراءة بكسر خاء وفتح راء بعدها ألف ممدودة ثم هاء هو القعود
[ 39 ]
عند الحاجة وقيل هو فعل الحدث وأنكر بعضهم فتح الخاء لكن في الصحاح خرئ خراءة ككره كراهة وهو يفيد صحة الفتح وقيل لعله بالفتح مصدر وبالكسر اسم وقيل المراد هيئة القعود للحدث قلت وهذا المعنى يقتضي أن يكون بكسر الخاء وسكون الراء وهمزة كجلسة لهيئة الجلوس أجل بسكون اللام أي نعم قال الطيبي جواب سلمان من باب أسلوب الحكيم لان المشرك لما استهزأ كان من حقه أن يهدد أو يسكت عن جوابه لكن ما التفت سلمان إلى استهزائه وأخرج الجواب مخرج المرشد الذي يرشد السائل المجد يعني ليس هذا مكان الاستهزاء بل هو جد وحق فالواجب عليك ترك العناد والرجوع إليه قلت والقرب أنه رد له بأن ما زعمه سببا للاستهزاء ليس بسبب له حتى المسلمون يصرحون به عند الاعداء وأيضا هو أمر يحسنه العقل عند معرفة تفضيله فلا عبرة بالاستهزاء به بسبب الاضافة إلى أمر يستقبح ذكره في الاجمال والجواب بالرد لا يسمى باسم أسلوب الحكيم فليتأمل بأقل من ثلاثة أي لانه لا يفيد الانقاء عادة أو لان هذا العدد هو المطلوب على اختلاف المذاهب والاقرب أن الانقاء والايتار مطلوبان جميعا والله تعالى أعلم قوله (42) قال ليس أبو عبيدة ذكره الخ قال الحافظ ما حاصله أنه روى أبو إسحاق هذا الحديث عن أبي عبيدة
[ 40 ]
وعبد الرحمن جميعا لكن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه بن مسعود على الصحيح فتكون روايته منقطعة فمراد أبي إسحاق بقوله ليس أبو عبيدة ذكره أي لست أرويه الآن عنه وإنما أرويه عن عبد الرحمن قوله الغائط هو في الاصل اسم للمكان المطمئن من الارض ثم اشتهر في نفس الخارج من الانسان والمراد ههنا هو الاول إذ لا يحسن استعمال الاتيان في المعنى الثاني هذه ركس بكسر الراء وسكون
[ 41 ]
الكاف أي نجس مردودة لنجاستها وفسره المصنف بطعام الجن وفي ثبوته في اللغة نظر قيل ليس فيه أنه اكتفى بحجرين فلعله زاد عليه ثالثا لا يقال لم تكن الاحجار حاضرة عنده حتى يزيد والا لم يطلب من غيره ولم يطلب من بن مسعود إحضار ثالث أيضا فيدل هذا على اكتفائه بهما لانا نقول قد طلب من بن مسعود أولا ثالثة وهو يكفي في طلب الثالث عند رمي الروثة ولا حاجة إلى طلب الجديد على أنه جاء في رواية أحمد ائتني بحجر ورجاله ثقات أثبات وعلى تقدير أنه اكتفى باثنين ضرورة لا يلزم الرخصة بلا ضرورة ولا يلزم أن لا يكون التثليث سنة فليتأمل قوله (43) إذا استجمرت أي استعملت الاحجار الصغار للاستنجاء أو بخرت الثياب أو أكفان الميت والاول أشهر وعليه بنى المصنف كلامه فأوتر يريد أن إطلاقه يشمل الاكتفاء بالواحد أيضا وقد يقال المطلق يحمل على المقيد في الروايات الاخر سيما العادة تقتضيه والانقاء عادة لا يحصل بالواحد قوله بن قرط بضم القاف وسكون الراء وطاء
[ 42 ]
مهملة قوله فإنها تجزى قيل هو بفتح التاء كما في قوله تعالى لا تجزى نفس عن نفس شيئا أي تغني عن الماء وارجاع الضمير إليه وإن لم يتقدم له ذكر لانه مفهوم بالسياق قوله نحوى أي مقارب لي في السن إداوة بكسر الهمزة اناء صغير من جلد
[ 43 ]
قوله (46) كان يفعله أي فهو أولى وأحسن ولم يرد أن الاكتفاء بالاحجار لا يجوز قوله (47) فلا يتنفس في الاناء أي من غير ابانته عن الفم وهذا نهى تأديب لارادة المبالغة في النظافة إذ قد يخرج مع النفس بصاق أو مخاط أو بخار ردئ فيحصل للماء به رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره عن شربه ثم حين علمهم آداب حالة إدخال الماء في الجوف علمهم آداب حالة إخراجه أيضا تتميما للفائدة وبهذا ظهر المناسبة بين الجملتين فلا يمس فتح الميم أفصح من ضمها ولا يتمسح ولا يستنج كما في رواية والمقصود أن اليمين شريف فلا يستعمله في الامور الرديئة
[ 44 ]
قوله (49) ويستقبل القبلة ظاهره أي حالة الاستنجاء لكن الرواية السابقة صريحة أن المراد الاستقبال حال قضاء الحاجة والحديث واحد فالظاهر أن المراد ذلك واختلاف العبارات من الرواة ولذا جوز كثير منهم الاستقبال حالة الاستنجاء وان منعوا منه حالة قضاء الحاجة وقالوا القياس فاسد لظهور الفرق
[ 45 ]
وقاس بعضهم ومنعوا في الحالتين والله تعالى أعلم قوله (50) دلك يده بالارض أي مبالغة في تنظيفها وإزالة للرائحة الكريهة عنها قوله طهورا بفتح الطاء أي ماء قوله هذا أشبه بالصواب أي كون
[ 46 ]
الحديث من مسند جرير أولي من كونه من أبي هريرة قيل في ترجيح النسائي رواية أبان على رواية شريك نظر فإن شريكا أعلى وأوسع رواية وأحفظ وقد أخرج له مسلم في صحيحه ولم يخرج لابان على أنه يمكن أن يكون الحديث من مسند جرير وأبى هريرة جميعا ويكون عند إبراهيم بالطريقين جميعا والله تعالى أعلم باب التوقيت في الماء أي التحديد فيه بأن أي قدر يتنجس بوقوع النجاسات وأي قدر لا قوله (52) وما ينوبه من ناب المكان وانتابه إذا تردد إليه مرة بعد أخرى ونوبة بعد نوبة وهو عطف على الماء
[ 47 ]
بطريق البيان نحو أعجبني زيد وكرمه قال الخطابي فيه دليل على أن سؤر السباع نجس والا لم يكن لسؤالهم عنه ولا لجوابه إياهم بهذا الكلام معنى قلت وكذا على أن القليل من الماء يتنجس بوقوع النجاسة قلتين زاد عبد الرزاق عن بن جريج بسند مرسل بقلال هجر قال بن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا فاندفع ما يتوهم من الجهالة لم يحمل الخبث بفتحتين أي يدفعه عن نفسه لا أنه يضعف عن حمله إذ لا فرق إذا بين ما بلغ من الماء قلتين وبين ما دونه والحديث إنما ورد مورد الفصل والتحديد بين المقدار الذي يتنجس وبين الذي لا يتنجس ويؤكد المطلوب رواية لا ينجس رواها أبو داود وغيره قوله (53) لا تزرموه بضم تاء واسكان زاي معجمة وبعدها راء مهملة أي لا تقطعوا عليه البول يقال زرم البول بالكسر إذا انقطع وأزرمه غيره فصبه عليه أخذ منه المصنف ان الماء لا ينجس وان قل وذلك لان الدلو من الماء قليل وقد صب على البول فيختلط به فلو تنجس الماء باختلاط البول يلزم أن يكون هذا تكثيرا للنجاسة لا إزالة لها وهو خلاف المعقول فلزم أن الماء لا يتنجس باختلاط النجس وأن قل وفيه بحث أما أو لا فيجوز أن يكون صب الماء عليه لدفع رائحة البول لا لتطهير المسجد وتكون
[ 48 ]
طهارته بالجفاف بعد والطهارة بالجفاف قول لعلمائنا الحنفية وهو أقوى دليلا ولذا مال إليه أبو داود في سننه واستدل عليه بحديث بول الكلاب في المسجد وأما ثانيا فيجوز أن يفرق بين ورود الماء على النجاسة فيزيلها وبين ورود النجاسة عليه فتنجسه كما يقول به الشافعية وأما ثالثا فيمكن أن يقال كانت الارض رخوة فشربت البول لكن بقي بظاهرها أجزاء البول فحين صب عليه الماء تسفلت تلك الاجزاء واستقر مكانها أجزاء الماء فحيث كثر الماء وجذب مرارا كذلك ظاهرها وبقي مستقلا بأجزاء الماء الطاهرة فصب الماء إذا كان على هذا الوجه لا يؤدي إلى نجاسة بل يؤدي إلى طهارة ظاهر الارض فليتأمل قوله (56) فتناوله الناس أي بألسنتهم ولمسلم قالوا مه مه قلت أو أرادوا أن يتناولوه بأيديهم فقد قاموا إليه وأهريقوا بفتح الهمزة وسكون الهاء أو فتحها أي صبوا تحقيق الكلمة
[ 49 ]
يطلب من كتب التصريف واللغة فإنما بعثتم أي بعث نبيكم على تقدير المضاف وقال السيوطي إسناد البعث إليهم على طريق المجاز لانه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث بما ذكر لكنهم لما كانوا في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك أو هم مبعوثون من قبل بذلك أي مأمورون وكان ذلك شأنه صلى الله عليه وسلم في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات يقول يسروا ولا تعسروا قلت ويحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية فيكون ذلك بمنزلة البعث ويصلح أن يكون هذا هو وجه ما قيل علماء هذه الامة كالانبياء والله تعالى أعلم قوله (57) في الماء
[ 50 ]
الدائم أي الذي لا يجرى ثم يتوضأ بالرفع أي ثم هو يتوضأ منه كذا ذكره النووي وكأنه أشار إلى أنه جملة مستأنفة لبيان أنه كيف يبول فيه مع أنه بعد ذلك يحتاج إلى استعماله في اغتسال أو نحوه وبعيد من العاقل الجمع بين هذين الامرين والطبع السليم يستقذره ولم يجعله معطوفا على جملة لا يبولن لما فيه من عطف الاخبار على الانشاء قوله عطشنا بكسر الطاء الطهور بفتح الطاء قيل هو للمبالغة من الطهارة فيفيد التطهير والاقرب أنه اسم لما يتطهر به كالوضوء لما يتوضأ به وله نظائر فهو اسم للآلة الحل بكسر الحاء أي الحلال ميتتة بفتح الميم قال الخطابي وعوام الناس يكسرونها وانما هو بالفتح يريد حيوان البحر إذا مات فيه ولما كان سؤالهم مشعرا بالفرق بين ماء البحر وغيره أجاب بما يفيد اتحاد الحكم لكل بالتفصيل ولم يكتف بقوله نعم فهو اطناب في الجواب في محله وهذا إشارة المرشد الحكيم قوله (60) سكت هنيهة بضم هاء وفتح نون وسكون ياء أي زمانا قليلا والمراد بالسكوت لا يقرأ القرآن جهرا ولا يسمع الناس والا فالسكوت الحقيقي ينافي القول فلا يتأتى السؤال
[ 51 ]
بقوله ما تقول في سكوتك وهذا ظاهر معنى في زمانه وبين خطاياي أي بين أفعال لو فعلتها تصير خطايا فالمطلوب الحفظ وتوفيق الترك أو بين ما فعلتها من الخطايا والمطلوب المغفرة كما فيما بعد نقني بالتشديد أي طهرني منها بأتم وجه وآكده بالثلج أي بأنواع المطهرات والمراد مغفرة الذنوب وسترها بأنواع الرحمة والالطاف قيل والخطايا لكونها مؤدية إلى نار جهنم نزلت بمنزلتها فاستعمل في نحوها من المبردات ما يستعمل في اطفاء النار والبرد بفتح الراء حب الغمام وحيث التطهير من المعاصي غسلا لها بهذه الآلات تشبيها له بالغسل الشرعي أفاد الكلام أن هذه الآلات تفيد الغسل الشرعي والا لما
[ 52 ]
حسن هذه الاستعارة مأخذ المصنف من الترجمة قوله (62) وأكرم نزله بضمتين أو سكون الزاي وهو في الاصل قرى الضيف قوله فليغسله أي الاناء سبع مرات قال أبو البقاء مرات سبعا على الصفة فلما قدمت الصفة وأضيف إلى المصدر نصبت نصب المصدر قلت إعطاء اسم العدد إلى المعدود لا يحتاج إلى اعتبار هذا التكلف فإن ما بينهما من الملابسة يغني عن هذا ومعلوم أن الاصل في مثل هذا العدد هو الاضافة إلى المعدود فكيف يقال هو خلاف الاصل ثم من لم يأخذ بظاهر هذا الحديث يعتذر بأنه منسوخ لان أبا هريرة وهو راوي الحديث كان يفتى بثلاث مرات وعمل الراوي بخلاف مرويه من أمارات النسخ والله تعالى أعلم
[ 53 ]
قوله (64) إذا ولغ يقال ولغ الكلب يلغ بفتح اللام فيهما أي شرب بطرف لسانه قوله فليرقه يؤخذ منه تنجس الماء وأن الغسل لتطهير الاناء لا لمجرد التعبد وكذا يؤخذ ذلك من رواية طهور إناء أحدكم بضم الطاء فإن كون الغسل طهورا يقتضي تنجس الاناء والظاهر أنه ما تنجس الا بواسطة تنجس الماء قوله (66) تابع على بن مسهر الخ قال بن عبد البر لم يذكره الحفاظ من أصحاب الاعمش وقال بن منده لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه الا عن علي بن مسهر بهذا الاسناد وقال الحافظ بن حجر قد ورد الامر بالاراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه بن عدي لكن في رفعه نظر والصحيح أنه موقوف وكذا ذكر الاراقة حماد بن زيد عن أيوب عن
[ 54 ]
بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا وإسناده صحيح أخرجه الدارقطني وغيره قوله (67) أمر بقتل الكلاب ثبت نسخ هذا الامر وعفروه أي الاناء وهو أمر من التعفير وهو التمريغ في التراب الثامنة بالنصب على الظرفية أي المرة الثامنة ومن لم يقل بالزيادة على السبع يقول أنه عد التعفير في أحدى الغسلات غسلة ثامنة
[ 55 ]
قوله (68) عن حميدة الاكثر على ضم حائها قوله فسكبت بتاء التأنيث الساكنة أي صبت أو على صيغة التكلم ولا يخلو عن بعد وضوءا بفتح الواو فشربت منه أي أرادت الشرب أو شرعت فيه فأصغى أي أمال ليست بنجس بفتحتين مصدر نجس الشئ بالكسر فلذلك لم يؤنث كما لم يجمع في قوله تعالى انما المشركون نجس والصفة منه نجس بكسر الجيم وفتحها ولو جعل المذكور في الحديث
[ 56 ]
صفة يحتاج التذكير إلى التأويل أي ليس بنجس ما يلغ فيه إنما هي من الطوافين الخ إشارة إلى علة الحكم بطهارته وهي أنها كثيرة الدخول ففي الحكم بنجاستها حرج وهو مدفوع وظاهر هذا الحديث وغيره أنه لا كراهة في سؤرها وعليه العامة ومن قال بالكراهة فلعله يقول ان استعمال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم السؤر كان لبيان الجواز واستعمال غيره لا دليل فيه وفي مجمع البحار أن أصحاب أبي حنيفة خالفوه وقالوا لا بأس بالوضوء بسؤر الهرة والله تعالى أعلم قوله ينهاكم أي الله وذكر الرسول لانه مبلغ فينبغي رفعه على الابتداء وحذف الخبر أي ورسوله يبلغ والجملة معترضة أي ينهاكم أي الرسول وذكر الله للتنبيه على أن نهى الرسول نهى الله وجاء بصيغة التثنية أي ينهيانكم وهو ظاهر لفظا لكن فيه اشكال معنى حيث نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الخطيب الذي قال ومن يعصهما والجواب أن مثل هذا اللفظ يختلف بحسب المتكلم والمخاطب والله تعالى أعلم فإنها أي لحوم الحمر أو الحمر رجس أي قذر وقد يطلق على الحرام والنجس وأمثالهما والظاهر أن المراد ههنا النجس فارجاع الضمير إلى الحمر يؤدي إلى أن لا يطهر جلده بالدباغ أيضا والله تعالى أعلم قوله (70) أتعرق العرق بفتح فسكون العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم أي كنت آخذ عنه اللحم بالاسنان حيث وضعت لبيان الحكم
[ 57 ]
أو للتأنيس وإظهار المودة يتوضئون التذكير للتغليب والاجتماع قيل كان قبل الحجاب وقيل بل هي الزوجات والمحارم واستدلوا به على جواز استعمال الفضل لانه قد يؤدي إلى فراغ المرأة قبل الرجل أو العكس فيستعمل كل منهما فضل الآخر ومن هنا يؤخذ الترجمة الآتية من الحديث الذي ذكر لاجلها قوله بمكوك بفتح ميم وتشديد كاف قيل المراد ههنا المد وان كان قد يطلق على الصاع والمد بضم
[ 58 ]
فتشديد مكيال معروف قيل سمى بذلك لانه يملا في الانسان إذا مدهما ومكاكي كأناسى جمعه على ابدال الياء من الكاف الخيرة وادغامها في ياء الجمع قوله (75) انما الاعمال بالنية أفردت النية لكونها مصدرا ووجه الاستدلال أن الجار والمجرور خبر والظاهر من جهة القواعد تعلقه بكون عام والمعنى أعمال المكلفين لا تتحقق ولا تكون الا بالنية وهذا يؤدي إلى أن وجود العمل يتوقف على النية والواقع يشهد بخلافه فإن الوجود الحسي لا يحتاج إلى نية وأيضا الانسب بكلام الشارع هو الوجود الشرعي فلا بد من تقدير كون خاص هو الوجود الشرعي ومرجعه إلى الصحة أو الاعتبار فالمعنى الاعمال لا تتحقق شرعا ولا تصح فلا تعتبر الا بالنية وعموم الاعمال تشمل الوضوء فيلزم أن لا يوجد الوضوء شرعا ولا يتحقق الا بالنية وهو المطلوب وفيه بحث لان الاعمال أن أبقيت على عمومها يلزم أن لا توجد
[ 59 ]
المباحات بل والمحرمات شرعا ولا يعد فاعلها فاعلا شرعا الا بالنية وان خصت بالعبادات يتوقف الدليل على اثبات أن الوضوء عبادة وقد يجاب بتخصيص الاعمال بالافعال الشرعية التي علم وجودها من جهة الشارع والوضوء منها بلا ريب لكن ينتقض الدليل بنحو طهارة الثوب والبدن لتحققهما بلانية أيضا مع أنهما من الامور الشرعية فالاحسن الجواب بإثبات أن الوضوء عبادة لو رود الثواب عليه لفاعله مطلقا في الاحاديث وكل ما هذا شأنه فهو عبادة وقد يقال أن أحاديث الثواب تكفي في اثبات المطلوب من غير حاجة إلى ضم هذا الحديث لانها تدل على أن الوضوء عبادة وقد أجمعوا على أن العبادة لا تكون الا بالنية أو لانهم اتفقوا على أن الثواب يتوقف على النية وقد علم أن الوضوء مطلقا يثاب عليه فلزم أن الوضوء مطلقا يتوقف على النية والله تعالى أعلم بقي أن هذا الحديث هل هو مسوق لاشتراط النية في العبادات أم لا والظاهر أنه غير مسوق لذلك كما صرح به القاضي البيضاوي في شرح المصابيح وان كان كلام الفقهاء وغيرهم على أنه مسوق له وذلك لان قوله وإنما لامرئ ما نوى أي ما نواه من خير أو شر أو نية وكذا قوله فمن كانت هجرته الخ بالتفريع على ما تقدم بالفاء يأبى تخصيص النية بالنية الشرعية ويقتضي أن المراد بالنية في الحديث مطلق القصد أعم من أن يكون نية خير أو شر قال القاضي النية لغة القصد وشرعا توجه القلب نحو الفعل ابتغاء لوجه الله تعالى وامتثالا لامره وهي في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبقه على ما بعده وتقسيمه بقوله فمن كانت هجرته الخ فالمعنى أن الاعمال أي الافعال الاختيارية لا توجد الا بالنية والقصد الداعي للفاعل إلى ذلك الفعل وإنما لامرئ ما نوى أي ليس للفاعل من عمله الا نيته أو منويه أي الذي يرجع إليه من العمل نفعا أو ضرا هي النية فإن العمل بحسبها يحسب خيرا وشرا ويجزى المرء على العمل بحسبها ثوابا وعقابا يكون العمل تارة حسنا وتارة قبيحا بسببها ويتعدد الجزاء بتعددها وقوله لامرئ بمعنى لكل امرئ كما جاء في الروايات وذلك لان انما يتضمن النفي في أول الكلام والاثبات على آخر جزء منه فالنكرة صارت
[ 60 ]
في حيز النفي فتفيد العموم على أن النكرة في الاثبات قد يقصد بها العموم كما في قوله تعالى علمت نفس ولا يخفى أنه يظهر على هذا المعنى تفريع فمن كانت هجرته على ما قبله أشد ظهورا والمراد أن من هجرته إلى الله تعالى والى رسوله قصدا ونية فهجرته إليهما أجرا وثوابا ولهذا المعنى زيادة تفصيل ذكرناه في حاشية الاذكار وصحيح البخاري والله تعالى أعلم قوله (76) وحانت صلاة العصر أي والحال أنه قد حضرت صلاة العصر فالواو للحال بتقدير قد الناس الوضوء بفتح الواو ههنا وفيما بعد ينبع بضم الباء ويجوز كسرها وفتحها أي يسيل ويجري قوله بتور بفتح المثناة شبه الطست وقيل هو الطست يتفجر أي يخرج والبركة قال أبو البقاء بالجر
[ 61 ]
عطف على الطهور أي عطف الوصف على الشئ مثل أعجبني زيد وعلمه قال وصفه بالبركة لما فيه من الزيادة والكثرة من القليل ولا معنى للرفع هنا قلت لا بعد في الاخبار بأن البركة من الله تعالى في مثل هذا المقام دفعا لا يهام قدره الغير عليه واعترافا بالمنة واظهارا للنعمة لقصد الشكر فلاوجه من منع الرفع والله تعالى أعلم قوله (78) توضؤوا بسم الله أي متبركين أو مبتدئين به أو قائلين هذا اللفظ على أن الجار والمجرور أريد به لفظه وعلى كل تقدير يحصل المطلوب وعدل عن الحديث المشهور بينهم في هذه المسألة وهو لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه لما في إسناده من التكلم حتى توضؤوا من عند آخرهم أي
[ 62 ]
توضؤوا كلهم حتى وصلت النوبة إلى الآخر فمن بمعنى إلى وقيل كلمة من للآبتداء والمعنى توضؤوا وضوءا ناشئا من عند آخرهم وكون الوضوء نشأ من آخرهم في وصف التوضوء يستلزم حصول الوضوء للكل وهو المراد كناية والله تعالى أعلم قوله سكبت أي صببت قوله فتوضأ أي بن عباس لاجل الاخبار بوضوء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مرة مرة فعلم به أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أحيانا اكتفى بمرة في الوضوء
[ 63 ]
قوله (81) توضأ ثلاثا ثلاثا أخذ من إطلاقه تثليث المسح أيضا لكن إطلاق هذا الكلام فيما إذا كان غسل الاعضاء ثلاثا والمسح مرة سائغ وهو يدفع الاستدلال والله تعالى أعلم قوله (82) فقرع ظهري بعصا أي ضربه بها وليس المراد الضرب الشديد بل وضع العصا للاعلام فعدل أي مال عن وسط الطريق إلى الناحية سطيحة هي من المزاد ما كان من جلدين سطح أحدهما على الآخر وذكر من ناصيته شيئا أي ذكر أنه على شئ من الناصية وشئ من العمامة
[ 64 ]
قوله استوكف في النهاية أي استقطر الماء وصبه على يديه ثلاث مرات وبالغ حتى وكف منها ثلاثا قلت هو من وكف البيت والدمع إذا تقاطر فلا دلالة للفظ على تخصيص اليدين فكأنهم أخذوا ذلك من بعض الامارات والله تعالى أعلم قوله (84) عن حمران بضم فسكون قوله فأفرغ على يديه أي صب الماء عليهما وظاهره أنه جمعهما في الغسل واحتمال التفريق بعيد واختار بعض الفقهاء التفريق ثم مسح رأسه أي مرة كما يدل عليه ترك ذكر ثلاثا وقد رجح غير واحد من المحققين أن المرة هي
[ 65 ]
مقتضى الادلة لا يحدث نفسه فيهما أي يدفع الوسوسة مهما أمكن وقيل يحتمل العموم إذ ليس هو من باب التكليف حتى يجب دفع الحرج والعسر بل من باب ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص أي من باب الوعد على العمل فمن حصل منه ذلك العمل يحصل له ذلك الثواب ومن لا فلا نعم يجب أن يكون ذلك العمل ممكن الحصول في ذاته وهو هنا كذلك فإن المتجردين عن شواغل الدنيا يتأتى منهم هذا العمل على وجهه غفر له الخ حمله العلماء على الصغائر لكن كثيرا من الاحاديث يقتضي أن مغفرة الصغائر غير مشروطة بقطع الوسوسة فيمكن أن يكون الشرط لمغفرة الذنوب جميعا والله تعالى أعلم
[ 66 ]
قوله ثم يستنثر قيل الاستنشاق هو إدخال الماء في أنفه بأن جذبه بريح أنفه والاستنثار أخراجه منه بريحه بإعانة يده أو بغيرها بعد إخراج الاذى لما فيه من تنقية مجرى النفس ولما ورد أن الشيطان يبيت على خيشومه وقيل الاستنثار تحريك النثرة وهي طرف الانف وقيل الاستنشاق والاستنثار واحد والله تعالى أعلم قوله أبن لقيط كفعيل بن صبرة بفتح فكسر أو سكون قوله أسبغ الوضوء أي أكمله وبالغ فيه بالزيادة على المفروض كمية وكيفية بالتثليث والدلك وتطويل الغرة وغير ذلك وبالغ في الاستنشاق زاد بن القطان في روايته والمضمضة وصححه والاقتصار على ذكر هذه الخصال مع أن السؤال كان عن الوضوء أما من الرواة بسبب أن الحاجة دعتهم إلى نقل البعض والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين كيفية الوضوء بتمامها أو من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بناء على أن مقصد السائل البحث عن هذه الخصال وأن أطلق لفظه في السؤال اما بقرينة حال أو وحي
[ 67 ]
أو الهام والله تعالى أعلم قوله (90) فليستنثر ثلاث مرات الامر في هذا الحديث وأمثاله عند العلماء للندب لدليل لاح لهم وعند الظاهرية للوجوب على خيشومه بفتح خاء معجمة قيل أعلى الانف وقيل كله وقال التوربشتي هو أقصى الانف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ ومبيت الشيطان أما حقيقة لانه أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب والمقصود من الاستنثار إزالة آثاره وأما مجازا فإن ما ينعقد فيه من الغبار والرطوبة قذرات توافق الشيطان فالمراد أن الخيشوم محل قذر يصلح لبيتوتة الشيطان فينبغي للانسان تنظيفة والله تعالى أعلم قوله (91) هذا طهور بضم الطاء أي وضوءه صلى الله تعالى عليه
[ 68 ]
وسلم والاشارة إلى تمام ما فعله من الوضوء والاقتصار من الراوي قوله (92) فدعا بطهور بفتح الطاء فقلنا أي في أنفسنا أو فيما بيننا ألا ليعلمنا من التعليم أو الاعلام فأتى على بناء المفعول وطست بالجر عطف على اناء من الكف الخ أي فعل كلا منهما باليد اليمني التي أخذ بها الماء وهذا لا يفيد اتحاد الماء لهما ولا معنى لحمل هذا الكلام على اتحاد الماء مرة واحدة تصريح بالوحدة فهو هذا أي فليعلم هذا فإنه هو هذا فحذف الجزاء وأقيمت علته مقامه قوله فكفأ بالهمزة أي
[ 69 ]
أمال ذلك التور قوله هذا خطأ أي قول شعبة عن مالك بن عرفطة خطأ من شعبة وقد اتفق الحفاظ على تخطئة شعبة في هذا الاسم كالترمذي وأبي داود وأحمد كما ذكره المصنف رحمهم الله تعالى قوله (95) أن محمد بن علي هو محمد الباقر وعلى هو زين العابدين وعلى الثاني هو علي بن أبي طالب والحسين هو سبط رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم قوله بوضوء هو بفتح الواو في الموضعين
[ 70 ]
الاولين فقربته من التقريب فغسل كفيه الفاء لتفسير البدلية أو للتعقيب ومعنى فبدأ فأراد البداءة وهذان الوجهان هما المشهوران في قوله تعالى فنادى نوح ربه فقال رب فالفاء في فقال يحتمل الوجهين ثم قام قائما أي قياما فهو مصدر على زنة الفاعل ويحتمل أنه حال مؤكدة مثل قوله تعالى ولا تعثوا في الارض مفسدين ناولني أي اعطني في اليد فعجبت أي من الشرب قائما إذ المعتاد هو الشرب قاعدا وهو الوارد في الاحاديث ولذلك قال بعض العلماء بأن الشرب قائما مخصوص بفضل الوضوء بهذا الحديث وبماء زمزم لما جاء فيه أيضا وفي غيرها لا ينبغي الشرب قائما للنهى والحق أنه جاء في غيرها أيضا فالوجه أن النهي للتنزيه وكان لامر طبي لا لامر ديني وما جاء فهو لبيان الجواز والله تعالى أعلم يقول أي على لوضوئه بضم الواو أي في شأن وضوئه وشرب بالجر عطف على وضوئه قوله (96) صلى الله عليه وسلم حتى أنقاهما والانقاء عادة يكون بثلاث وقد جاء التصريح بذلك في الروايات السابقة فلا فادة هذا المعنى ذكر المصنف هذا الحديث في هذه الترجمة ويحتمل أنه أراد غسل الذراعين ويحتمل أن مراده
[ 71 ]
التنبيه على أن المقصود الانقاء دون التثليث وهذا بعيد مخالف لقواعد الاصول لوجوب حمل المجمل على المفصل وأقوال الفقهاء والله تعالى أعلم قوله (97) إلى المرفقين وبه تبين حد الغسل ثم ردهما هذا
[ 72 ]
الرد ليس بمسح ثان بل هو استيعاب للمسح الاول لتمام الشعر إذ العادة أن الشعر ينثني عند المسح فالمسح الاول لا يستوعبه وبالرد يحصل الاستيعاب وهذا ظاهر لكن الراوي سمى هذا المسح مسحا مرتين نظرا إلى الصورة كما سيجئ قوله (99) الذي أرى النداء قالوا هذا خطأ لان راوي حديث الوضوء هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وراوي الاذان هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه قوله ومسح
[ 73 ]
برأسه مرتين قد عرفت وجهه قوله (100) ثم أمرت أي اليد على الخدين ولعل ذلك لانه قد تبقى عليهما بقية الماء فيمر الانسان اليد الخالي عليهما أو إزالة له سيما في أيام البرد قوله كنت آتيها مكاتبا أي والحال أني كنت مكاتبا وهذا مبني على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ولعله كان عبدا لبعض أقرباء عائشة وأنها كانت ترى جواز دخول العبد على سيدته وأقربائها والله تعالى أعلم قوله (101) من غرفة واحدة قيل هو بفتح غين وهو بالفتح مصدر للمرة من غرف إذا أخذ الماء بالكف وبالضم المغروف أي ملء الكف قلت والوجه جواز الفتح والضم كما بهما القراءة في قوله تعالى الا من اغترف غرفة بيده وصفة الوحدة على تقدير الفتح للتأكيد وعلى الضم للتأسيس وقيل هما بمعنى المصدر وقيل بمعنى المغترف وهو القدر الصالح في الكف بعد الاغتراف وقيل المفتوح للمصدر للمرة والمضموم
[ 74 ]
اسم للقدر الحاصل في الكف بالاغتراف والله تعالى أعلم قوله بالسباحتين السباحة والمسبحة الاصبع التي تلي الابهام سميت بذلك لانها يشار بها عند التسبيح وهذا اسم إسلامي وضعوها مكان السبابة لما فيه من الدلالة على المعنى المكروه قوله (103) خرجت الخطايا من فيه أي خرجت خطايا فيه من فيه فاللآم بدل من المضاف إليه أو للعهد بالقرينة المتأخرة وهكذا فيما بعد فلا يرد أن تمام الخطايا إذا خرجت من فيه فماذا يخرج من سائر الاعضاء وقد حملوا الخطايا على الصغائر والمصنف رحمه الله تعالى استدل بقوله حتى تخرج من أذنيه على أن الاذنين من الرأس لان خروج الخطايا منهما بمسح الرأس انما يحسن إذا كانا منه وعدل عن الحديث المشهور في هذه المسألة وهو حديث الاذنان من الرأس لما قيل أن حمادا تردد فيه أهو مرفوع أم موقوف وإسناده ليس بقائم نعم قد جاء بطرق عديدة مرفوعا فتقوى رفعه وخرج من الضعف لكن الاستدلال بما استدل به المصنف أجود وأولى
[ 75 ]
وهذا من تدقيق نظره رحمه الله تعالى نافلة له أي زائدة على ما تخرج به الخطايا عن أعضاء الوضوء فيخرج بها سائر الخطايا والله تعالى أعلم قوله والخمار أي العمامة لان الرجل يغطي بها رأسه كما أن المرأة تغطي الرأس بخمارها وقد اعتذر من لا يقول بالمسح على العمامة عن الحديث بأنه من أخبار الآحاد فلا يعارض الكتاب لان الكتاب يوجب مسح الرأس ومسح العمامة لا يسمى مسح الرأس على أنه حكاية حال فيجوز أن تكون العمامة صغيرة رقيقة بحيث ينفذ البلة منها إلى الرأس ويؤيده اسم الخمار فإن الخمار ما تستر به المرأة رأسها وذاك يكون عادة بحيث يمكن نفوذ البلة منها إلى الرأس إذا كانت
[ 76 ]
البلة كثيرة فكأنه عبر باسم الخمار عن العمامة لكونها كانت لصغرها كالخمار على أن الحديث يحتمل أن يكون قبل نزول المائدة والله تعالى أعلم قوله (107) فمسح ناصيته وعمامته أخذ به الشافعي فجوز للآستيعاب مسح العمامة إذا مسح بعض الراس وحمل أحاديث مسح العمامة مطلقا إذا لبس على طهارة قوله تخلف أي عن العسكر بمطهرة بكسر الميم يحسر من نصر وضرب أي أراد أو شرع أن يكشف عن ذراعيه فألقاه أي الكم بعد إخراج اليد من داخلة
[ 77 ]
قوله (109) فبرز لحاجته أي خرج إلى البراز بفتح الباء وهو الواسع من الارض قال وصلاة الامام أي الخصلة الثانية صلاة الامام قوله (110) ويل للعقب بفتح عين فكسر قاف مؤخر القدم والاعقاب جمعها والمعنى ويل لصاحب العقب المقصر في غسلها نحو واسأل القرية أو العقب تختص بالعذاب إذا قصر في غسلها والحديث الثاني يوضح المعنى والمراد بالعقب الجنس والجمع في الحديث الثاني لانه جاء في قوم تسامحوا في غسل الرجلين ولا حاجة
[ 78 ]
إلى حمل الجمع على معنى التثنية والمراد ويل لاعقابهم أو أعقاب من يصنع صنيعهم قوله تلوح أي تظهر مما آثره لباقي الرجل لاجل عدم مساس الماء إياها ومساسه لباقي الرجل أسبغو الوضوء فيه دليل على أن التهديد كان لتسامحهم في الوضوء لا لنجاسة على أعقابهم فيلزم من الحديث بطلان المسح على الرجلين على الوجه الذي يقول به من يجوز المسح عليهما وهو أن يكون على ظاهر القدمين وهذا ظاهر فتعين الغسل وهو المطلوب وأما القول بالمسح على وجه يستوعب ظاهر القدم وباطنه وكذا القول بأن اللازم أحد الامرين أما الغسل وأما المسح على الظاهر وهم قد اختاروا الغسل فلزمهم استيعابه فورد الوعيد لتركهم ذلك فهو مما لم يقل به أحد فلا يضر احتماله لبطلانه بالاتفاق والله تعالى أعلم قوله (112) ما استطاع إشارة إلى شدة المحافظة على التيامن والطهور بضم الطاء ونعله أي لبس نعله وترجله أي تسريح شعره
[ 79 ]
قوله (114) وخلل بين الاصابع أي مبالغة في التنظيف واطلاقه يشمل أصابع اليدين والرجلين
[ 80 ]
(0) باب حد الغسل ذكر في حديث عثمان الدال على أن اليد إلى المرفق والرجل إلى (0) الكعب أو الدال على أن الغسل يثلث دون المسح باب الوضوء في النعل أراد بالضوء غسل الرجل فإنه المتعارف في الوضوء دون المسح وقوله في النعل أي وقت لبس النعل أي إذا كان الانسان لابس نعلين في رجلين يجب عليه غسل رجلين ولا يجوز له الاكتفاء بالمسح على
[ 81 ]
النعلين كما في الخفين قوله سبتية بكسر مهملة وسكون موحدة بعدها مثناة فوقية نسبة إلى السبت والمراد التي لا شعر لها والسبت هو الحلق ومعنى يتوضأ فيها أي يتوضأ في حال لبسها والمتبادر منه أنه يتوضأ الوضوء المعتاد في حال لبسها فاستدل به المصنف على غسل الرجلين دون المسح ولو كان الوضوء حال لبسها له على الوجه المعتاد لذكر والله تعالى أعلم قوله بيسير أي بقليل والمراد أنه أسلم بعد نزول مائدة ورأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يمسح على الخفين حال إسلامه وعلم به أن المسح حكم باق لا أنه منسوخ بمائدة كما زعمه من لا يقول به ولذلك يعجبهم حديث جرير وكل من تأخر إسلامه بعد نزول مائدة والا فزؤيته قبل نزول مائدة لا يكفي في المطلوب وتأخر الاسلام لا يقتضي تأخر الرؤية بقي أن حديث جرير من أخبار الآحاد فلا يعارض القرآن وغيره من أحاديث الباب يجوز أن يكون قبل نزول مائدة فلا دلالة فيها على بقاء الحكم بعد نزولها الا أن يقال القرآن يحتمل المسح على قراءة الجر فيحمل على مسح الخفين توفيقا بين الادلة أو يقال تواتر عدم نسخه بعمل الصحابة بعده صلى الله تعالى عليه وسلم فإن كثيرا منهم عملوا به ومثله يكفي في افادة التواتر ونسخ النص والله تعالى أعلم
[ 83 ]
قوله (125) تخلف يا مغيرة هو وما بعده بصيغة الامر قوله (126) أن لا ننزع خفافنا ظاهره أن اعتبار
[ 84 ]
المدة من وقت اللبس لا من وقت المسح أو الحدث والله تعالى أعلم قوله (127) الا من جنابة أي لكن ننزع من جنابة فالاستثناء منقطع أو معنى قوله من غائط وبول الخ أي من كل حدث الا من جنابة فالاستثناء متصل قوله (129) ائت عليا فيه أنه ينبغي لاهل العلم إرشاد السائل إلى من كان أعلم بجوابه فإنه أعلم بذلك مني لان المعتاد لبس الخفاف في الاسفار دون الحضر وعلى أعلم بحال السفر من عائشة رضي الله تعالى عنهما يأمر أي أمر إباحة ورخصة لا أمر إيجاب
[ 85 ]
قوله (130) وهذا وضوء من لم يحدث فبين أن لغير المحدث أن يكتفي بالمسح موضع الغسل ولعل ما جاء من مسح الرجلين من بعض الصحابة أحيانا ان صح يكون محله غير حالة الحدث والله تعالى أعلم قوله (131) يتوضأ لكل صلاة أي يعتاد ذلك وان كان قد يجمع بين صلاتين وأكثر بوضوء واحد أيضا ويحتمل أن جواب أنس حسبما اطلع عليه ولعله لم يطلع على خلافه وان كان ثابتا في الواقع نصلي الصلوات أي المتعددة لا جميع صلوات اليوم ويحتمل المعنى الثاني لان القضية جزئية والله تعالى أعلم قوله بوضوء بفتح الواو بالوضوء بضم الواو والظاهر أن المراد وضوء الصلاة لا غسل اليدين والمراد بالامر أعم من أمر الوجوب والندب والقصر اضافي أي ما أمرت بالوضوء عند الطعام لا أمر ندب ولا أمر وجوب فلا يشكل الحديث بالوضوء لطواف أو لمس مصحف
[ 86 ]
قوله لم تكن تفعله أي لم تكن تعتاده والا فقد ثبت أنه كان يفعله قبل ذلك أحيانا وقد فعله بالصهباء أيام خيبر حين طلب الازواد فلم يؤت الا بالسويق قال عمدا فعلته لما كان وقوع غير المعتاد يحتمل أن يكون عن سهو دفع ذلك الاحتمال ليعلم أنه جائز له ولغيره قوله حفنة بفتح فساكن أي ملء كف بها أي فعل بها نضح قيل هو الاستنجاء بالماء وعلى هذا معنى إذا توضأ أي أراد أن يتوضأ وقيل رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء ليدفع به وسوسة الشيطان وعليه الجمهور وكأنه يؤخره
[ 87 ]
أحيانا إلى الفراغ من الوضوء والله تعالى أعلم قوله (137) وأخرج بلال فضل وضوئه ظاهره أنه الذي بقي في الاناء بعد الفراغ من الوضوء ويحتمل أنه المستعمل فيه والاخير هو الاظهر في الحديث الآتي فابتدره الناس أي استبقوا إلى أخذه وركزت على بناء المفعول أي غرزت وفي نسخة ركز أي بلال على بناء الفاعل العنزة بفتح مهملة ونون هي عصا أقصر من الرمح بين يديه أي قدامه وراء العنزة وهذا يدل على أن مرور شئ وراء السترة لا يضر قوله وضوءه بفتح الواو والظاهر أنه الماء المستعمل فهذا يدل على طهارة الماء المستعمل وحديث الخصوص غير مسموع لكون
[ 88 ]
(0) الاصل هو العموم باب فرض الوضوء أي المفروض من الوضوء فالاضافة بيانية أو الوضوء المفروض فالاضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف عند من يجوزها قوله (139) لا يقبل الله قبول الله تعالى العمل رضاه به وثوابه عليه فعدم القبول أن لا يثيبه عليه بغير طهور بضم الطاء فعل التطهير وهو المراد ههنا وبفتحها اسم للماء أو التراب وقيل بالفتح يطلق على الفعل والماء فههنا يجوز الوجهان والمعنى بلا طهور وليس المعنى صلاة ملتبسة بشئ مغاير للطهور إذ لا بد من ملابسة الصلاة بما يغاير الطهور ضد الطهور حملا لمطلق المغاير على الكامل وهو الحدث من غلول بضم الغين المعجمة أصله الخيانة في خفية والمراد مطلق الخيانة والحرام وغرض المصنف رحمه الله تعالى أن الحديث يدل على افتراض الوضوء للصلاة ونوقش بأن دلالة الحديث على المطلوب يتوقف على دلالته على انتفاء صحة الصلاة بلا طهور ولا دلالة عليه بل على انتفاء القبول والقبول أخص من الصحة ولا يلزم من انتفاء الاخص انتفاء الاعم ولذا ورد انتفاء القبول في مواضع مع ثبوت الصحة كصلاة العبد الآبق وقد يقال الاصل في عدم القبول هو عدم الصحة وهو يكفي في المطلوب الا إذا دل دليل على أن عدم القبول لامر آخر سوى عدم الصحة ولا دليل ههنا والله تعالى أعلم قوله فأراه ثلاثا ثلاثا أي غير المسح فقد جاء في هذا الحديث أن المسح كان مرة في رواية سعيد بن منصور ذكره الحافظ بن حجر في شرح البخاري قال فقوله فمن زاد على هذا الخ من أقوى الادلة على عدم العدد في المسح وأن الزيادة غير مستحبة ويحمل المسح ثلاثا ان ثبت على الاستيعاب لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الادلة انتهى وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث أو نقص والمحققون على أنه وهم لجواز الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين أساء أي في مراعاة
[ 89 ]
آداب الشرع وتعدى في حدوده وظلم نفسه بما نقصها من الثواب قوله (141) فإنه أمرنا أي ايجابا أو ندبا مؤكدا أو أمر غيرهم ندبا بلا تأكيد فظهر الخصوص وكذا قوله ولا ننزى ان قلنا أن الانزاء مكروه مطلقا فإن قلنا لا كراهة في حق الغير فالخصوص ظاهر وهو من الانزاء يقال نزى الذكر على الانثى ركبه وأنزيته أنا قيل سبب الكراهة قطع النسل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير لكن ركوبه صلى الله تعالى عليه وسلم البغل ومن الله تعالى على عباده بقوله والخيل والبغال والحمير دليل على عدم الكراهة أجيب بأنه كالصور فإن عملها حرام واستعمالها في الفرش مباح قوله (143) بما يمحو الله به الخطايا أي يغفرها أو يمحوها من كتب الحفظة ويكون ذلك المحو دليلا على غفرانها الدرجات
[ 90 ]
أي منازل الجنة اسباغ الوضوء إتمامه بتطويل الغرة والتثليث والدلك على المكاره جمع مكره بفتح الميم من الكره بمعنى المشقة كبرد الماء وألم الجسم والاشتغال بالوضوء مع ترك أمور الدنيا وقيل ومنها الجد في طلب الماء وشرائه بالثمن الغالي وكثرة الخطأ ببعد الدار وانتظار الصلاة بالجلوس لها في المسجد أو تعلق القلب بها والتأهب لها فذلكم الاشارة إلى ما ذكر من الاعمال الرباط بكسر الراء قيل أريد به المذكور في قوله تعالى ورابطوا وحقيقته ربط النفس والجسم مع الطاعات وقيل المراد هو الافضل والرباط ملازمة ثغر العدو لمنعه وهذه الاعمال تسد طرق الشيطان عنه وتمنع النفس عن الشهوات وعداوة النفس والشيطان لا تخفى فهذا هو الجهاد الاكبر الذي فيه قهر أعدى عدوه فلذلك قال الرباط بالتعريف والتكرار تعظيما لشأنه قوله (144) في المساجد الاربعة لعل المراد بها مسجد مكة والمدينة ومسجد قباء
[ 91 ]
والمسجد الاقصى كما أمر أي أمر إيجاب فيحصل الثواب لمن اقتصر على الواجبات في الوضوء أو أمر إيجاب أو ندب فيتوقف على المندوبات ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لجواز أن يراد بالامر مطلق الطلب الشامل للايجاب والندب ما قدم من التقديم من عمل من ذنب قوله (145) رحمه الله فالصلوات الخمس أي في حق ذلك الذي أتم الوضوء لما بينهن أي من الصغائر كما جاء (146) حتى يصليها يقتضي أن المراد بالصلاة الاخرى هي الصلاة المتأخرة فهذه مغفرة للذنوب قبل أن يرتكبها ومعناها تقدير أنه يؤاخذ بما يفعل والله تعالى أعلم
[ 92 ]
قوله (147) وغسلت رجليك إلى الكعبين فيه تصريح بأن وظيفة الرجلين هي الغسل لا المسح اغتسلت أي صرت طاهرا من عامة خطاياك أي غالبها أي مما يتعلق بأعضاء الوضوء وهي الغالبة فلذلك قيل عامة الخطايا والمراد بالخطايا الصغائر عند العلماء خرجت على صيغة الخطاب فإن الخطايا إذا خرجت من الانسان فقد خرج الانسان منها لافتراق كل منهما على صاحبه فيجوز نسبة الخروج إلى كل منهما كيوم ولدتك أمك قال الحافظ السيوطي بفتح يوم بناء لاضافته إلى جملة صدرها مبني قلت البناء جائز لا واجب فيجوز الجر اعرابا والظاهر أن المعنى خرجت من الخطايا كخروجك منها يوم ولدتك أمك وفيه أن الخروج من الخطايا فرع الدخول فيها فلا يتصور يوم الولادة وأيضا هذا يفيد مغفرة الكبائر أيضا فإن الانسان يوم الولادة طاهر عن الصغائر والكبائر جميعا ولا يقول به العلماء والجواب أنه متعلق بما يدل عليه خرجت أي صرت طاهرا من الخطايا أي الصغائر كطهارتك منها يوم ولدتك أمك وهذا صحيح وحمل التشبيه على ذلك بأدلة غير بعيدة فليتأمل قوله لقد كبرت بكسر الباء قوله
[ 93 ]
(148) عبده ورسوله زاد الترمذي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت أي تعظيما لعمله وان كان الدخول يكون من باب غلب عليه عمل أهله إذ أبواب الجنة معدوة لاهل أعمال مخصوصة كالريان لمن غلب عليه الصيام قوله (149) يا بني فروخ بفتح فاء وتشديد راء وخاء معجمة قيل هو من ولد إبراهيم كثر نسله فولد العجم ما توضأت أي خوفا من سوء ظنكم بتغيير المشروع وفيه أن أسرار العلم تكتم عن الجاهلين يبلغ الحلية بكسر مهملة وسكون لام وخفة ياء يطلق على السيما فالمراد ههنا التحجيل من أثر الوضوء يوم القيامة وعلى الزينة والمراد ما يشير إليه قوله تعالى يحلون فيها من
[ 94 ]
أساور والله تعالى أعلم قوله (150) خرج إلى المقبرة بتثليث الباء والكسر قليل دار قوم بالنصب على الاختصاص أو النداء أو بالجر على البدل من ضمير عليكم والمراد أهل الدار تجوزا أو بتقدير مضاف ان شاء الله قاله تبركا وعملا بقوله ولا تقولن لشئ الآية أو لان المراد الدفن في تلك المقبرة أو الموت على الايمان وهو ما يحتاج إلى قيد المشيئة بالنظر إلى الجميع وددت قال الطيبي فان قلت فأي اتصال لهذا الوداد بذكر أصحاب القبور قلت عند تصور السابقين يتصور اللاحقون أو كوشف له صلى الله تعالى عليه وسلم عالم الارواح فشاهد الارواح المجندة السابقين منهم واللاحقين أني رأيت أي في الدنيا بل أنتم أصحابي ليس نفيا لاخوتهم ولكن ذكره مزية لهم بالصحبة على الاخوة فهم أخوة وصحابة واللاحقون اخوة فحسب قال تعالى إنما المؤمنون اخوة وأخواني أي المراد بأخواني أو الذين لهم أخوة فقط وأنا فرطهم بفتحتين أي أنا أتقدمهم على الحوض أهيئ لهم ما يحتاجون إليه كيف تعرف أي يوم القيامة كأنهم فهموا من تمنى الرؤية وتسميتهم باسم الاخوة دون الصحبة أنه لا يراهم
[ 95 ]
في الدنيا فإنما يتمنى عادة ما لم يمكن حصوله ولو حصل اللقاء في الدنيا لكانوا صحابة وفهموا من قوله أنا فرطهم أنه يعرفهم في الآخرة فسألوا عن كيفية ذلك أرأيت أي أخبرني والخطاب مع كل من يصلح له من الحاضرين أو السائلين غر بضم فتشديد جمع الاغر وهو الابيض الوجه محجلة اسم مفعول من التحجيل والمحجل من الدواب التي قوائمها بيض بهم بضمتين أو سكون الثاني وهو الاشهر للازدواج دهم والمراد سود والثاني تأكيد للاول غر الخ أي وسائر الناس ليسوا كذلك اما لاختصاص الوضوء بهذه الامة من بين الامم وحديث هذا وضوئي ووضوء الانبياء من قبلي إن صح لا يدل على وجود الوضوء في سائر الامم بل في الانبياء أو لاختصاص الغرة والتحجيل وأنا فرطهم ذكره تأكيدا والله تعالى أعلم قوله (151) فأحسن الوضوء هو الاسباغ مع مراعاة الآداب بلا اسراف يقبل الاقبال بالقلب أن لا يغفل عنهما ولا يتفكر في أمر لا يتعلق بهما ويصرف نفسه عنه مهما أمكن والاقبال بالوجه أن لا يتلفت به إلى جهة لا يليق بالصلاة الالتفات إليها ومرجعه الخشوع والخضوع فإن الخشوع في القلب والخضوع في الاعضاء قلت يمكن أن يكون هذا الحديث بمنزلة
[ 96 ]
التفسير لحديث عثمان وهو من توضأ نحو وضوئي الخ وعلى هذا فقوله أحسن الوضوء هو أن يتوضأ نحو ذلك الوضوء وقوله في حديث عثمان لا يحدث نفسه فيهما هو أن يقبل عليهما بقلبه ووجهه وقوله في ذلك الحديث غفر له الخ أريد به أنه يجب له الجنة ولا شك أن ليس المراد دخول الجنة مطلقا فإنه يحصل بالايمان بل المراد دخولا أوليا وهذا يتوقف على مغفرة الصغائر والكبائر جميعا بل مغفرة ما يفعل بعد ذلك أيضا نعم لا بد من اشتراط الموت على حسن الخاتمة وقد يجعل هذا الحديث بشارة بذلك أيضا والله تعالى أعلم قوله الوضوء من المذي بفتح الميم وسكون ذال معجمة وتخفيف ياء أو بكسر ذال وتشديد ياء هو الماء الرقيق اللزج يخرج عادة عند الملاعبة والتقبيل قوله مذاء بالتشديد والمد للمبالغة في كثرة المذي لرجل جالس إلى جنبي الظاهر أن المراد أي في مجلسه صلى الله تعالى عليه وسلم فهذا يدل على حضوره مجلس الجواب كما جاء في بعض الروايات وهذا يرد على من استدل بالحديث على جواز الاكتفاء بالظن مع إمكان حصول العلم وفيه أنه ينبغي أن لا يذكر ما يتعلق بالجماع والاستمتاع عند الاصهار قوله (153) إذا بنى الرجل إلى قوله فسل كان جواب إذا مقدر أي ماذا عليه ما أدرى فسل يغسل مذاكيره هو جمع ذكر على غير قياس وقيل جمع لا واحد له وقيل واحده مذكار وإنما جمع مع أنه في الجسد
[ 97 ]
واحد بالنظر إلى ما يتصل به وأطلق على الكل اسمه فكأنه جعل كل جزء من المجموع كالذكر في حكم الغسل وقد جاء الامر بغسل الانثيين صريحا قبل غسلهما احتياطا لان المذي ربما انتشر فأصاب الانثيين أو لتقليل المذي لان برودة الماء تضعفه وذهب أحمد وغيره إلى وجوب غسل الذكر والنثيين للحديث قوله فأمرت عمارا لا منافاة بين الروايتين لجواز أمره كلا من عمار ومقداد قوله فلينضح
[ 98 ]
فرجه أي ليغسله قوله (158) أن الملائكة تضع الخ أي تضعها لتكون وطاء له إذا مشى وقيل هو بمعنى التواضع له تعظيما له بحقه وقيل أراد بوضع الاجنحة نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران وقيل أراد اظلالهم بها وعلى التقادير فالفعل غير مشاهد لكن بأخبار الصادق صار كالمشاهد ففائدته إظهار تعظيم العلم بواسطة الاخبار ويحتمل أن الملائكة يتقربون إلى الله تعالى بذلك ففائدة فعلهم يكون ذلك فائدة الاخبار إظهار جلالة العلم عند الناس والله تعالى أعلم وقوله الا من جنابة أي فمنها تنزع
[ 99 ]
ولكن لا تنزع من غائط ففي الكلام تقدير بقرينة قوله شكى الاقرب أنه على بناء المفعول والرجل بالرفع على أنه نائب الفاعل وجملة يجد الشئ استئناف أو صفة للرجل على أن تعريفه للجنس وجعله حالا بعيد معنى ويحتمل أن يقال نائب الفاعل الجار والمجرور والرجل مبتدأ والجملة خبره والجملة استئناف بيان للشكاية كأنه قيل ماذا قيل في الشكاية فأجيب قيل الرجل يجد الخ وأما جعل شكا مبنيا للفاعل والرجل فاعله فبعيد فإن اللائق حينئذ أن يكتب شكا بالالف وأن يكون قوله لا ينصرف بالخطاب لا الغيبة ثم الغاية تدل على أنه إذا وجد ريحا أو سمع صوتا ينصرف لاجل الوضوء وهو المطلوب والمقصود بقوله حتى يجد ريحا الخ أي حتى يتيقن بطريق الكناية أعم من أن يكون بسماع صوت أو وجدان ريح أو يكون بشئ آخر وغلبة الظن عند بعض العلماء في حكم المتيقن فبقي أن الشك لا عبرة به بل يحكم بالاصل المتيقن وان طرأ الشك في زواله والله تعالى أعلم قوله (161) فلا يدخل يده في
[ 100 ]
الاناء أي في الاناء الذي فيه ماء الوضوء ولذا جاء في بعض الروايات في الوضوء بفتح الواو فهذا يدل علي أن الوقت وقت لادخال اليد في الوضوء وأخذ منه المصنف الترجمة قوله (162) إذا نعس بفتحتين فلينصرف بإتمام الصلاة مع تخفيف لا بقطعها لعله يدعو على نفسه موضوع الدعاء له من غلبة النعاس وأخذ منه المصنف أن النعاس لا ينقض الوضوء إذ لو كان ناقضا للوضوء لما منع الشارع عن الصلاة بخشيته أن يدعو على نفسه بل وجب أن يذكر الشارع أنه لا تصح صلاته مع النعاس أو نحوه لانتفاض وضوئه قوله (164) إذا أفضى أي وصل إليه الرجل بيده
[ 101 ]
أمارى أجادل من حرسه بفتحتين أي خدمه قوله (165) إلا مضغة بضم ميم وسكون ضاد معجمة ثم غين معجمة أو بضعة بفتح موحدة وسكون ضاد معجمة ثم عين مهملة ومعناهما قطعة من اللحم وهو شك من الراوي وصنيع المصنف يشير إلى ترجيح الاخذ بهذا الحديث حيث أخر هذا الباب وذلك لانه بالتعارض حصل الشك في النقض والاصل عدمه فيؤخذ به ولان حديث بسرة يحتمل التأويل بأن يجعل مس الذكر كناية عن البول لانه غالبا يرادف خروج الحدث منه ويؤيده أن عدم انتقاض الوضوء بمس الذكر قد علل بعلة دائمة وهي أن الذكر بضعة من الانسان فالظاهر دوام الحكم بدوام علته ودعوى أن حديث قيس بن طلق
[ 102 ]
منسوخ لا تعويل عليه والله تعالى أعلم قوله مسني برجله ليوقظني ومعلوم أن ذاك كان مسابلا شهوة فاستدل به المصنف على أن المس بلا شهوة لا ينقض وأما بالشهوة فالدليل على عدم الانتقاض أن الاصل هو العدم حتى يظهر دليل الانتقاض للقائل به وهذا يكفي في القول بعدم النقض بل سيظهر دليل العدم وهو حديث القبلة إذ القبلة لا تخلو عادة عن مس بشهوة والله تعالى أعلم قوله (167) غمز رجلي لان رجلها كان في موضع سجوده صلى الله تعالى عليه وسلم فكان يعلمها بالغمز أنه يريد السجود ولا يخفى ما فيه من المس والقول بأنه كان بحائل بعيد يحتاج إلى دليل قوله والبيوت يومئذ الخ اعتذار عنها بأنها ما كانت تدري وقت سجوده لعدن المصباح والا لما احتاج صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الغمز كل مرة بل هي ضمت رجلها إليها وقت السجود قوله (169) أعوذ برضاك أي متوسلا
[ 103 ]
برضاك من أن تسخط علي وتغضب أعوذ بك منك أي أعوذ بصفات جمالك عن صفات جلالك فهذا اجمال بعد شئ من التفصيل وتعوذ بتوسل جميع صفات الجمال عن صفات الجلال والا فالتعوذ من الذات مع قطع النظر عن شئ من الصفات لا يظهر وقيل هذا من باب مشاهدة الحق والغيبة عن الخلق وهذا محض المعرفة الذي لا يحيطه العباد لا أحصى ثناء عليك أي لا أستطيع فردا من ثنائك على شئ من نعمائك وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرب تعالى ومعنى أنت كما أثنيت على نفسك أي أنت الذي أثنيت على ذاتك ثناء يليق بك فمن يقدر على أداء حق ثنائك فالكاف زائدة والخطاب في عائد الموصول بملاحظة المعنى نحو انا الذي سمتني أمي حيدره ويحتمل أن الكاف بمعنى على والعائد إلى الموصول محذوف أي أنت ثابت دائم على الاوصاف الجليلة التي اثنيت بها على نفسك والجملة على الوجهين في موضع التعليل وفيه إطلاق لفظ النفس على ذاته تعالى بلا مشاكلة وقل أنت تأكيد
[ 104 ]
للمجرور في عليك فهو من استعارة المرفوع المنفصل موضع المجرور المتصل إذ لا منفصل في المجرور وما في كما مصدرية والكاف بمعنى مثل صفة ثناء ويحتمل ان تكون ما على هذا التقرير موصولة أو موصوفة والتقدير مثل ثناء أثنيته أو مثل الثناء الذي أثنيته على أن العائد المقدر ضمير المصدر ونصبه على كونه مفعولا مطلقا وإضافة المثل إلى المعرفة لا يضر في كونه صفة نكرة لانه متوغل في الابهام فلا يتعرف بالاضافة وقيل أصله ثناؤك المستحق كثنائك على نفسك فحذف المضاف من المبتدأ فصار الضمير المجرور مرفوعا والله تعالى أعلم قوله يقبل من التقبيل وهذا لا يخلو عن مس بشهوة عادة فهو ودليل على أن المس بشهوة لا ينقض الوضوء قوله وان كان مرسلا أي لان إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة كما قاله أبو داود قلت والمرسل حجة عندنا وعند الجمهور وقد جاء موصولا عن إبراهيم عن أبيه عن عائشة ذكره الدارقطني وبالجملة فقد رواه البزار بإسناد حسنه فالحديث حجة بالاتفاق ويؤيده
[ 105 ]
أحاديث المس السابقة والقول بأن عدم النقض بالمس من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم كما ذكره بعض الشافعية يحتاج إلى دليل قوله توضؤوا الخ قد ثبت أن عمومه منسوخ أو مؤول بغسل اليد والله تعالى أعلم قوله أثوار أقط جمع ثور بمثلثة بمعنى قطعة من الاقط بفتح فكسر هو اللبن الجامد
[ 106 ]
اليابس الذي صار كالحجر قوله (174) قال بن عباس أتوضأ أي اعتراضا على أبي هريرة في الوضوء مما مسته النار قوله قال محمد القارئ يريد أن محمد بن بشار زاد في روايته لفظ القاري وأن عمر بن علي أسقطها قيل وفي بعض النسخ قال حدثنا محمد القاري وأظنه خطأ والله تعالى أعلم قوله مما غيرت النار أي مسته والمراد ما يعم الطبخ والشواء كما يدل عليه الروايات
[ 107 ]
قوله (182) أكل كتفا أي كتف شاة وهو بفتح فكسر
[ 108 ]
ولم يمس ماء كناية عن ترك الوضوء فكأنه ترك الوضوء فغسل اليدين لبيان الجواز قوله (183) من غير احتلام للتنصيص على أن الجنابة الاختيارية لا تفسد الصوم فضلا عن الاضطرارية قوله (185) كان آخر الامرين أي تحقق الامر أن الوضوء والترك لكن كان آخرهما الترك وهذا نص في
[ 109 ]
النسخ ولولا هذا الحديث لكانت الاحاديث متعارضة فليتأمل قوله فثرى بضم المثلثة وكسر الراء المشددة أي بل بالماء قوله فأمره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي ما بعد أسلم كما هو الظاهر وأما حمل أسلم على أنه أراد الاسلام فأمره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قبل أن يسلم ليوافق الحديث الآتي فبعيد فالظاهر أنه أمر بالاغتسال إزالة لوسخ الكفر ودفعا لاحتمال الجنابة إذ الكافر لا يخلو عن ذلك وهذا الاغتسال ندب عند الجمهور واجب عند أحمد لظاهر الامر والله تعالى أعلم قوله (189) إن ثمامة
[ 110 ]
بضم مثلثة وميم مخففة بن أثال بضم ومثلثة مخففة إلى نجل قيل بجيم ساكنة وهو الماء القليل النابع وقيل هو الماء الجاري قلت أو بخاء معجمة جمع نخلة أي إلى بستان لان البستان لا يخلو عن الماء عادة فما قيل الجيم هو الصواب ليس بشئ كيف وقد صرحوا أن الخاء رواية الاكثر وقال عياض الرواية بالخاء وذكر بن دريد بالجيم ثم دخل المسجد الخ فقدم الاغتسال على الاسلام وهو وان كان فيه تعظيم الاسلام لكن تقديمه على الاغتسال أولي والله تعالى أعلم قوله (190) بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي اغتسل لعله أمره
[ 111 ]
بذلك لازالة ما أصابه من تراب أو غيره والله تعالى أعلم قوله (191) بين شعبها بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة أي نواحيها قيل يداها ورجلاها وقيل نواحي الفرج الاربع وضمير جلس للواطئ وضمير شعبها للمرأة وأحيل التعيين إلى قرينة المقام ثم اجتهد كناية عن معالجة الايلاج والحديث يدل على أن الانزال غير مشروط في وجوب الغسل بل المدار على الايلاج قوله (193) وإذا فضخت الماء بالفاء
[ 112 ]
والضاد والخاء المعجمتين أي دفقت والمراد بالماء المني على أنه تعريف للعهد بقرينة المقام وفيه أن المنى إذا سأل بنفسه من ضعفه ولم يدفعه الانسان فلا غسل عليه والله أعلم قوله فسألت أي بواسطة المقداد أو عمار كما سبق وقد بين سببه بأنه استحيا لمكان ابنته صلى الله تعالى عليه وسلم فاطمة فمن قال يحتمل أنه سأل بنفسه أيضا مما يأباه الطبع السليم وعلى هذا فالخطاب في هذه الرواية والرواية السابقة بالنظر إلى نقل الجواب بمعناه وذكر المني في الجواب لزيادة الافادة والا فالجواب قد تم ببيان حال المذي والله تعالى أعلم قوله (195) ما يرى الرجل أي من الحلم إذا أنزلت الماء نسبة الانزال إلى الانسان نظرا إلى أن هذا الماء عادة لا ينزل الا باجتهاد من الانسان فصار انزالا منه قوله (196) ان الله لا يستحيي من الحق تمهيد لسؤالها عما يستقبح اظهاره عادة وفيه أن سؤال العبد يشبه التخلق بأخلاق الله تعالى
[ 113 ]
نعم أي إذا رأت الماء كما جاء في روايات الحديث فيحمل المطلق على المقيد أف لك استحقارا لها وانكارا عليها وأصل آلاف وسخ الاظفار وفيه لغات كثيرة مذكورة في محلها أشهرها تشديد الفاء وكسرها للبناء والتنوين للتنكير والكاف ههنا وفيما بعد مكسورة لخطاب المرأة أو ترى المرأة قيل إنكار عائشة وأم سلمة على أم سليم قضية احتلام النساء يدل على قلة وقوعه من النساء قال الحافظ السيوطي قلت وظهر لي أن يقال أن أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يقع لهن احتلام لانه من الشيطان فعصمن منه تكريما له صلى الله تعالى عليه وسلم كما عصم هو منه ثم بلغني أن بعض أصحابنا بحث في الدرس منع وقوع الاحتلام من أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لانهن لا يطعن غيره لايقظة ولا نوما والشيطان لا يتمثل به فسررت بذلك كثيرا اه قلت وهذا لا ينافي الاستدلال به على قلة
[ 114 ]
الوقوع لانه لو كان كثير الوقوع لما خفي عليهن عادة والله تعالى أعلم تربت يمينك أي لصقت بالتراب بمعنى افتقرت وهي كلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب بل اللوم ونحوه فمن أين يكون الشبه أي الشبه يكون من الماء فإذا ثبت الماء فخروجه ممكن إذا كثر وفاض ولم يرد أن الشبه يكون من الاحتلام وأنه دليل عليه والشبه بفتحتين أو بكسر فسكون قوله
[ 115 ]
بسم الله الرحمن الرحيم فضحكت أم سلمة قيل في التوفيق يجوز اجتماع عائشة وأم سلمة في واحد فبدأت إحداهما بالانكار وساعدتها الاخرى فأقبل صلى الله تعالى عليه وسلم عليهما بالانكار وكذا يجوز تعدد القضية أيضا بأن نسيت أم سليم الجواب فجاءت ثانيا للسؤال وأرادت بالمجئ ثانيا زيادة التحقيق والتثبيت والله تعالى أعلم ففيم أي فلم فكلمة في بمعنى اللام وفي نسخة فبم بالباء قوله (199) الماء من الماء أي وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق فالاول الماء المطهر والثاني المني وهذا الحديث يفيد الحصر عرفا أي لا يجب الغسل بلا ماء فينبغي أن لا يجب بالادخال أن لم ينزل فيعارض حديث إذا قعد بين شعبها فالجمهور على أن حديث الماء من الماء منسوخ لقول أبي
[ 116 ]
بن كعب كان الماء من الماء في أول الاسلام ثم ترك بعده وأمر بالغسل إذا مس الختان الختان وقال بن عباس حديث الماء من الماء في الاحتلام لافي الجماع واليه أشار المصنف في الترجمة توفيقا بين الاحاديث لكن رد بأن مورد حديث الماء من الماء هو الجماع لا الاحتلام كما جاء في صحيح مسلم صريحا والله تعالى أعلم قوله ماء الرجل الخ قيل ما ذكر في صفة الماءين إنما هو في غالب الامر واعتدال الحال والا فقد يختلف أحوالهما للعوارض فأيهما سبق أي تقدم في الانزال أو غلب وكثر في المقدار والضمير للماءين وعلى الاول لو جعل للرجل والمرأة لكان له وجه كان الشبه أي شبه الولد بالاب أو الام في المزاج والذكورة والانوثة وكان تامة أو ناقصة والخبر محذوف أي له أو الاسم الضمير والشبه خبر بتقدير سبب الشبه أو صاحب الشبه فليتأمل قوله تستحاض على بناء المفعول وهذا الفعل من الافعال اللازمة البناء للمفعول فزعمت أي قالت وهذا من استعمال الزعم في القول الحق
[ 117 ]
انما ذلك بكسر الكاف على خطاب المرأة أي إنما ذلك الدم الزائد على العادة السابقة وذلك لانه الدم الذي اشتكته عرق أي دم عرق لا دم حيض فإنه من الرحم الحيضة بفتح الحاء أي دم الحيض أو بالكسر حالة الحيض أو هيئته بمعنى أن يكون الدم على هيئته يعرف أنه دم حيض وقد جاء أن دم الحيض يعرف فلعل بعض النساء تعرفة فاغسلي عنك الدم الظاهر أنه أمر بغسل ما على بدنها من
[ 118 ]
الدم فلا بد من تقدير أي واغتسلي وتركه اما من الرواة أو لظهور وجوب الاغتسال ويحتمل أن يقال معناه واغسلي عنك أثر الدم وهو الجنابة أو نصب الدم بنزع الخافض أي للدم ولا يخفى بعد هذين الاحتمالين وعلى الوجوه فالاستدلال به على وجوب الاغتسال للحيض بعيد وفي بعض النسخ فاغتسلي واغسلي عنك الدم وعلى هذه النسخة يظهر الاستدلال والظاهر أنه قصد الاستدلال بالرواية الثانية والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله (203) إن هذه ليست بالحيضة ذكروا أنه بالفتح لا غير لان المراد اثبات الاستحاضة ونفي الحيض فالمعنى أن هذا الدم ليس بحيض وإنما هو دم عرق والتأنيث أولا والتذكير ثانيا لمراعاة الخبر قلت والفتح أظهر لكن يمكن الكسر على أن المعنى هذه الحالة أو هذه الهيئة ليست بحالة الحيض أو هيئته ولكن هذا الدم دم عرق فالحالة حالة الاستحاضة فالاستدراك يحسن نظرا إلى لازمه فليتأمل قوله (204) فكانت تغتسل لكل صلاة أي في غير أيام الحيض باجتهاد منها أو بحمل كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك وهذا ظاهر هذا اللفظ لكن سيجئ ما يدل على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمر بذلك في مركن هو بكسر ميم اجانة تغسل فيها الثياب
[ 119 ]
قوله ختنة بفتحتين أي أخت زوجته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله ملآن وفي بعض النسخ ملاى وكذا في مسلم جاء بالوجهين قال النووي وهما صحيح التذكير على اللفظ والتأنيث على المعنى لانه اجانة قدر ما كانت الخ أي قدر عادتك السابقة
[ 120 ]
قوله (208) كانت تهراق الدم على بناء المفعول من هراق ونصب الدم أو الرفع وأصل هراق أراق بدلت الهمزة هاء ويقال يهريق بفتح الهاء لان الهاء موضع الهمزة ولو كانت الهمزة ثابتة في المضارع لكانت مفتوحة ويقال إهراق يهريق بسكون الهاء جمعا بين البدل والاصل ونصب الدم تشبيها بالمفعول وهو في المعنى تمييز الا أنه لا يطلق عليه اسم التمييز مراعاة لقواعد الاعراب وقيل هو تمييز وتعريفه زائد والاصل يهراق دمها فأسند الفعل إلى ضمير المرأة مبالغة وجعل الدم تمييزا وقيل يجوز تعريف التمييز لو رود أمثاله كثيرا وقيل على إسقاط حرف الجر أي بالدماء أو على إضمار الفعل أي يهريق الله تعالى الدم منها أو لما قيل يهراق كأنه قيل ما تهريق قال تهريق الدم والرفع على أنه بدل من ضمير تهراق أو نائب الفاعل ان كان يهراق بلفظ التذكير فإذا خلفت ذلك من التخليف أي جعلتها وراءها والمراد إذا مضت تلك الايام والليالي ثم لتستثفر بمثلثة قبل الفاء والاستثفار أن تشد ثوبا تحتجر به يمسك موضع الدم ليمنع السيلان ثم لتصلي كذا في نسختنا بإثبات الياء على الاشباع
[ 121 ]
أو على أنه عومل المعتل معاملة الصحيح والله تعالى أعلم قوله ركضة بفتح فسكون الضرب بالرجل كما تفعل الدابة وقد جاء أنها ركضة من ركضات الشيطان فلعل معنى من الرحم أي في الرحم والمراد أن الشيطان ضرب بالرجل في الرحم حتى فتق عرقها وقيل ان الشيطان وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها فصار كأنها ركضة نالها من ركضاته في الرحم قوله قدر أقرائها أي حيضها وقوله التي صفة القدر لتأويله بالمدة ولها بمعنى فيها قوله (211) رضي الله تعالى عنه بنت أبي حبيش بضم حاء مهملة وفتح موحدة وسكون مثناة تحتية بعدها شين معجمة واسم أبي حبيش قيس فلذا كان فيما سبق بنت قيس ثم هذه الاحاديث كلها مبنية على إطلاق القرء على الحيض ولهذا ذكره المصنف كما ذكره في بعض النسخ ليكون دليلا على أن المراد بالقرء في القرآن الحيض والمحققون على أن القرء من الاضداد يطلق على الحيض والطهر قوله
[ 122 ]
(213) عرق عاند شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته وقيل العاند الذي لا يسكن فأمرت
[ 123 ]
على بناء المفعول والظاهر في مثله أن القائل والآمر هو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والحاصل أنها أمرت بالجمع بين الصلاتين بغسل ففيه دلالة على الجمع لعذر والله تعالى أعلم قوله نفست على بناء المفعول مرها أن تغتسل هذا الاغتسال كان للتنظيف لاجل الاحرام وليس هو من قبيل الاغتسال من النفاس لان ذلك الاغتسال يكون عند انقطاع النفاس لا في أثنائه وحال قيامه فإنه لا ينفع حينئذ وهذا الاغتسال المأمور به كان في ابتداء النفاس وحال قيامه فلا وجه لذكر هذا الحديث في هذا الباب والله تعالى أعلم قوله يعرف أي معروف بين النساء ولعل المراد أن بعض النساء تعرفه والله تعالى
[ 125 ]
أعلم قوله (222) أي الليل أي أي طرفي الليل في الامر سعة بفتح السين أي حيث أباح لنا الامرين وبين لنا نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك بتقديم الغسل مرة وتأخيره أخرى لكن قد يقال لا دلالة في الحديث على جواز التأخير الذي فيه سعة لجواز أنه كان يغتسل أول الليل إذا كانت الجنابة أول الليل
[ 126 ]
ويغتسل آخره إذا كانت الجنابة آخره الا أن يقال يفهم التأخير بقرينة السؤال وبقرينة تقرير عائشة السائل على قوله الحمد لله الخ فليتأمل قوله (223) كل ذلك مفعول لمقدر أي يفعل كل ذلك أو مبتدأ خبره مقدر أي كل ذلك يفعله وجملة ربما الخ بيان له ومعنى كل ذلك أي كلا من الاغتسال أول الليل والاغتسال آخره قوله (224) كنت أخدم من باب نصر ولني قفاك أي اجعله إلى مثل يولوكم الادبار فأستره للمتكلم أي أستر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقفاي قوله فسلمت يحتمل أنها سلمت على فاطمة أو عليه صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى الثاني يكون دليلا على جواز السلام على المشتغل بالاغتسال للتقرير من هذا على اعتبار الاشارة إلى الشخص الداخل وفيه دليل على جواز التكلم للمغتسل قوله
[ 127 ]
حزرته بمهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي قردته وخمنته قوله (228) وهو الفرق بفتحتين وجوز سكون الثاني مكيال يسع ستة عشر رطلا قوله بمكوك بفتح ميم وتشديد كاف أي بمدومكاكي
[ 128 ]
كأناسى قوله (230) يكفي من الغسل أي في الغسل من كان خيرا منكم يريد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله على أنه لا وقت أي لا حد وكأنه أخذ ذلك من قولها وهو قدر الفرق فإنه يدل عرفا على أنه كلام تخميني لا تحقيقي فلو كان قدرا محدودا لما اكتفت بذلك بل بينت الحد وأنه لا يجوز الزيادة عليه أو أخذ ذلك من أن الرواية السابقة تدل على أنه كان يغتسل وحده بقدح هو قدر الفرق وهذه الرواية تدل على أنه هو وعائشة يغتسلان من قدر الفرق فينبغي أن لا يكون الماء محدودا بحيث لا تجوز الزيادة عليه والنقصان منه والله تعالى أعلم
[ 129 ]
قوله (234) أنازع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الاناء أي أنا أجره إلى نفسي وهو صلى الله تعالى عليه وسلم يجره إلى نفسه وهذا من حسن العشرة مع الاهل قوله سئلت على بناء المفعول إذا كانت كيسة في المجمع أرادت حسن الادب في استعمال الماء مع الرجل قلت فسرها الاعرج بقوله لا تذكر فرجا ولا تباله والفرج معرفة في حيز النكرة يعم فرجها وفرج الزوج ولا تباله بفتح التاء أصله تتباله بتاءين حذفت إحداهما من تباله الرجل إذا أرى من نفسه ذلك وليس به أي ولا تأتي بأفعال المراة البلهاء والابلة خلاف الكيس والمرأة بلهاء كحمراء من مركن بكسر الميم نفيض على أيدينا أي
[ 130 ]
نبدأ باليدين ولذا قالت حتى ننقيهما بضمير التثنية ثم نفيض عليها أي على أبداننا وارجاع الضمير وان لم يجر لها ذكر لكونها معلومة واعتبار الابدان شائع في مثل هذا الموضع والله تعالى أعلم قوله أن يمتشط الخ أي عن الاكثار في الامتشاط والزينة بفضل المرأة قيل المراد بالفضل المستعمل في الاعضاء لا الباقي في الاناء ويرده قوله وليغترفا جميعا وقيل بل النهي محمول على التنزيه وقد رأى بعضهم أن معارض هذا الحديث أقوى قوله يبادرني فيه دليل على أن كل واحد منهما يريد أن يسبق على صاحبه فلولا جاز استعمال الفضل لما قصد السبق لما فيه من افساد الماء على الآخر وبالجملة
[ 131 ]
فالجمهور على جواز استعمال فضل كل منهما الآخر والادلة كثيرة وقد نسب إلى أحمد القول بعدم جواز الفضل والله تعالى أعلم قوله (240) في قصعة أي من قصعة وهو بدل مما قبله والقصعة نوع من الاناء وقوله فيها أثر العجين يدل على ان الطاهر القليل لا يخرج الماء عن الطهورية قوله (241) أشد ضفر رأسي قال النووي بفتح ضاد وسكون فاء هو المشهور رواية أي أحكم فتل شعري وقيل هو لحن والصواب ضمهما جمع ضفيرة كسفن جمع سفينة وليس كما زعمه بل الصواب جواز الآمرين والاول أرجح رواية قال بن العربي يقرؤه الناس بإسكان الفاء وإنما هو بفتحها لانه بسكون الفاء مصدر ضفر رأسه ضفرا وبالفتح هو الشئ المضفور كالشعر وغيره والضفر نسج الشعر وإدخال بعضه في بعض قلت المصدر يستعمل بمعنى المفعول كثيرا كالخلق بمعنى المخلوق فيجوز اسكانه على أنه مصدر بمعنى المضفور مع أنه يمكن ابقاؤه على معناه المصدري لان شد المنسوج يكون بشد نسجه كما يشير إليه كلام النووي رحمه الله تعالى أفأنقضه أي أيجب على شرعا النقض أم لا والا فهي مخيرة وما جاء في بعض الروايات أنه قال لا فالمراد أنه لا يجب لا أنه لا يجوز انما يكفيك أي في تمام الاغتسال لا في غسل الرأس فقط والا لما كان لقوله ثم تفيضي معنى وعلى هذا فكلمة انما تدل على عدم افتراض الدلك والمضمضة
[ 132 ]
والاستنشاق في الغسل أن تحثى بسكون الياء لانها ياء الخطاب والنون محذوفة بالنصب ولا يجوز نصب اياء ثم تفيضي في بعض النسخ تفيضين بإثبات النون وكأنه على الاستئناف وفي بعضها الاول بالنون وكأنه على اهمال أن تشبيها لها بما المصدرية والله تعالى أعلم قوله (242) انقضى رأسك وامتشطي أشار بالترجمة إلى أن المراد بذلك هو الاغتسال لاحرام الحج كما وقع التصريح بذلك في رواية جابر والله تعالى أعلم قوله الا أشهب يريد أن أشهب رواه عن مالك عن هشام بن عروة
[ 133 ]
والمعروف انما هو مالك عن بن شهاب فقط قوله (245) فيغسل ما على فخذيه أي من أثر المنى لئلا يكثر
[ 134 ]
بافاضة الماء على البدن فيتلوث به البدن قوله (246) قال عمرو ولا أعلمه أي عطاء بن السائب الا قال الخ ولا يخفى أن ظاهره غسل اليسرى مرة ثانية لا غسلهما كما في الترجمة فكأنه أشار بالترجمة إلى أن المراد فيجمعهما في الغسل بقرينة الروايات المتقدمة والله تعالى أعلم قوله (247) كما يتوضأ للصلاة ظاهره أنه يغسل الرجلين أيضا فكأنه يغسلهما أحيانا ويؤخرهما إلى الفراغ من الغسل أحيانا مراعاة للمكان فيخلل بها أصول شعره لانه أسهل لوصول الماء
[ 135 ]
قوله (248) حتى يصل إلى شعره كلمة حتى بمعنى كي أي كي يصل الماء إلى شعره ويستوعبه قوله (249) الرب عز وجل يشرب رأسه من التشريب أو الاشراب أي يسقيه الماء والمراد به ما سبق من التخليل قوله (250) أما أنا فأفيض
[ 136 ]
الخ أما بفتح همزة وتشديد ميم وأفيض بضم الهمزة من الافاضة وقسيم أما ما ذكره الناس الحاضرون أي أما أنتم فتفعلون ما ذكرتم وفيه سنية التثلثيث في الافاضة على الرأس وألحق به غيره فإن الغسل أولى بالتثليث من الوضوء المبني على التخفيف في مجمع البحار قلت لكن بعض الاحاديث تدل على أنه كان يقصد بالثلاث الاستيعاب مرة لا التكرار مرات كما قررناه في حاشية سنن أبي داود والله تعالى أعلم ومعنى ثلاث أكف ثلاث حفنات ملء الكفين ذكره في المجمع وأكف بفتح همزة وضم كاف فمشددة جمع كف قوله (251) فأخبرها كيف تغتسل أي بين لها كيفية الاغتسال فرصة بكسر فاء وسكون راء وصاد مهملة أي قطعة من قطن أو صوف تقرض أي تقطع من مسك المشهور كسر الميم والمراد الطيب المعلوم أي مطيبة من مسك فعلى هذا فمتعلق الجار خاص بقرينة المقام وأنكره بعض بأنهم ما كانوا أهل وسع يجدون المسك فالوجه فتح الميم أي كائنة من جلد عليه صوف فمتعلق الجار عام وما جاء في بعض الروايات فرصة ممسكة يحمل على الاول على أنها مطيبة بمسك وعلى الثاني على أنها خلق قد مسكت كثيرا لا جديد قلت الاحاديث تفيد المعنى الاول حتى قد جاء في الاحداد ولا تمس طيبا الا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار فليتأمل فاستتر كذا أي حياء من أن يواجهها بذكر محل الدم سبحان الله تعجبا
[ 137 ]
من عدم فهمها المقصود قوله (252) لا يتوضأ بعد الغسل أي يصلى بعد الاغتسال وقبل الحدث بلا وضوء جديد اكتفاء بالوضوء الذي كان قبل الاغتسال أو بما كان في ضمن الاغتسال والله تعالى أعلم بالحال قوله غسله بضم الغين أي ماء الغسل على حذف المضاف وهو اسم للماء الذي يغتسل به فلا حاجة إلى تقدير مضاف وقوله من الجنابة متعلق بفعل الاغتسال المفهوم في ضمنه فدلكها تنظيفا
[ 138 ]
لها تنحى تبعد عن مكانه بالمنديل بكسر الميم وظاهر هذا الحديث أنه غسل الرجلين مرتين مرة لتتميم الوضوء ومرة لتنظيفهما عن أثر المكان الذي اغتسل فيه قوله (254) وجعل يقول أي يمسحه عن البدن قوله توضأ تخفيفا للجنابة
[ 139 ]
قوله غسل يديه أي أحيانا يقتصر على ذلك لبيان الجواز وأحيانا يتوضأ لتكميل الحال قوله أينام أي أيحسن له النوم فقوله إذا توضأ معناه يحسن له إذا توضأ والا فالوضوء عند الجمهور مندوب لا واجب والامر عندهم محمول على الندب لدليل لاح لهم
[ 140 ]
قوله (260) الله تعالى أن تصيبه الجنابة من الليل أي في الليل مثله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أو هي لابتداء الغاية في الزمان أي ابتداء إصابة الجنابة الليل ذكره الولي العراقي توضأ أي ندبا وقال طائفة بالوجوب واغسل ذكرك الواو لا تفيد الترتيب والعقل يقتضي تقديم غسل الذكر على الوضوء
[ 141 ]
قوله بن نجي بضم نون وفتح جيم وتشديد ياء وثقة النسائي ونظر البخاري في حديثه قوله لا تدخل الملائكة حملت على ملائكة الرحمة والبركة لا الحفظة فانهم لا يفارقون الجنب ولا غيره وحمل الجنب على من يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لا من يؤخر الاغتسال إلى حضور الصلاة وأشار المصنف بالترجمة إلى أن المراد من لم يتوضأ وبالجملة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد ورخص في النوم بوضوء فلا بد من تخصيص في الحديث وحمل الكلب على غير كلب الصيد والزرع ونحوهما وأما الصورة فهي صورة ذي روح قيل إذا كان لها ظل وقيل بل أعم
[ 142 ]
ومال النووي إلى إطلاق الحديث لكن أدلة التخصيص أقوى وأظهر والله أعلم قوله (262) أن يعود أي إلى أهله بعد أن جامع توضأ أي بين الجماع الاول والعود زاد البيهقي فإنه أنشط للعود وقد حمله قوم على الوضوء الشرعي لانه الظاهر وقد جاء في رواية بن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة وأوله قوم بغسل الفرج وقالوا إنما شرع الوضوء للعبادات لا لقضاء الشهوات ولو شرع لقضاء الشهوة لكان الجماع أولا
[ 143 ]
مثل العود فينبغي أن يشرع له والانصاف أنه لا مانع من الندب والجماع ينبغي أن يكون مسبوقا بذكر الله مثل بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فلا مانع من ندب الوضوء له ثانيا تخفيفا للجنابة بخلاف الاول فليتأمل قوله (263) طاف على نسائه أي دار وهو كناية عن الجماع بغسل واحد وفي رواية في غسل والمعنى واحد أي يجامعهن ملتبسا ومصحوبا بنية غسل واحد وتقديره والا فالغسل بعد الفراغ من جماعهن وهذا يحتمل أنه كان يتوضأ عقب الفراغ من كل واحدة منهن ويحتمل ترك الوضوء لبيان الجواز ومحمله على عدم وجوب القسم عليه أو على أنه كان برضاهن وقال القرطبي يحتمل
[ 144 ]
أن يكون عند قومه من سفر أو عند تمام الدور عليهن وابتداء دور آخر أو يكون ذلك مخصوصا به والا فوطئ المرأة في نوبة ضرتها ممنوع منه قوله (265) عن عبد الله بن سلمة بكسر اللام قوله ليس الجنابة بالنصب على أن ليس من أدوات الاستثناء والمراد بعموم شئ ما يجوز العقل فيه القراءة من الاحوال والا فحالة البول والغائط مثل الجنابة لكن خروجهما عقلا أغنى عن الاستثناء
[ 145 ]
قوله (267) فحدت عنه بكسر الحاء من حاد يحيد أي ملت عنه إلى جهة أخرى لا ينجس بفتح الجيم وضمها أي الحدث ليس بنجاسة تمنع عن المصاحبة وتقطع عن المجالسة وإنما هو أمر تعبدي أو المؤمن لا ينجس أصلا ونجاسة بعض الاعيان اللاصقة بأعضائه أحيانا لا توجب نجاسة الاعضاء نعم تلك الاعيان يجب الاحتراز عنها فإذا لم تكن فما بقي الا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها فكأنه قال لو كانت هناك نجاسة لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجسة لاصقة به والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة فلا نجاسة والله تعالى أعلم قوله فأهوى إليه أي مال إليه ومد يده نحوه ولا منافاة بين الروايتين فيمكن أنه حين أهوى إليه حاد حذيفة بلا كلام ثم يوم جاء قال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك فقال حذيفة اني جنب الخ قوله (269) الرب عز وجل فانسل عنه أي ذهب عنه في خفية
[ 146 ]
سبحان الله تعجب مما فعل واعتقد من نجاسة المؤمن قوله (70) ناوليني الثوب أي من الحجرة إني لا أصلي كنابة عن الحيض فقال أنه أي الحيض أو الدم ليس في يدك حتى يمنع عن إدخال اليد في المسجد قوله الخمرة بضم خاء معجمة وسكون ميم ما يصلي عليه الرجل من حصير ونحوه من المسجد متعلق بقال أي قال وهو في المسجد ناوليني الخمرة لان المناولة كانت من الحجرة كما سبق كذا يفهم من تقرير عياض وهذا مبني على اتحاد القضية والاظهر تعددها وتعلق من بناوليني ولما كانت المناولة من المسجد أشد من مناولة من في المسجد من الخارج اعتذرت بالحيض فيها كما اعتذرت به في المناولة من الخارج فليتأمل ولهذا زيادة إيضاح في حاشيتنا على صحيح مسلم حيضتك بفتح الحاء أي الدم أو بكسرها أي نجاسة الحيض والفتح أشهر
[ 147 ]
وأظهر والله تعالى أعلم قوله (273) في حجر احدانا بفتح الحاء وكسرها قيل حجر الثوب هو طرفة المقدم والانسان يربي ولده في حجره واسم الحجر يطلق على الثوب والحضن إلى المسجد لا يقتضي الدخول فيه والبسط يتأتى ممن هو في الخارج أيضا قوله (275) يومئ إلى رأسه أي يخرجه إلى وهي في
[ 148 ]
الحجرة قوله مجاور أي معتكف قوله أرجل من الترجيل بمعنى تسريح الشعر قوله طامث بالمثلثة أي حائض وأنا عارك أي حائض العرق بضم عين وسكون راء العظم الذي أخذ منه معظم اللحم وبقي عليه قليل فيقسم من الاقسام على بتشديد فيه أي في شأنه أي يقول أقسمت عليك أن تبدئي به أو والله ابدئي به فأعترق منه يقال اعترقت العظم وعرقته وتعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك ويضع فمه حيث وضعت إظهارا للمودة وبيانا للجواز وفيه ما كان عليه
[ 150 ]
من اللطف بأهل بيته قوله (283) أنا مضطجعة بالرفع وقال الحافظ السيوطي ويجوز النصب قلت بعيد ههنا وإنما شراح صحيح البخاري جوزوه في رواية البخاري بلفظ بينما أنا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مضطجعة بناء على أن يكون الظرف خبرا ومضطجعة حالا فليتأمل في الخميلة بفتح خاء معجمة وكسر ميم وهي القطيفة ذات الخمل وهو الهدب فانسللت خرجت بتدريج تقذرت بنفسها أن تضاجعه وهي كذلك أو خشيت أن يصيب شئ من دمها وأن يطلب منها استمتاعا ثياب حيضتي بكسر الحاء واختاره كثير أي الثياب التي أعددتها لالبسها حالة الحيض وجوز الفتح بمعنى الحيض كما جاء في رواية والمعنى على تقدير مضاف أي الثياب التي ألبسها زمن الحيض أنفست بفتح نون وكسر فاء أي أحضت وفي الولادة بضم النون وجوز بعضهم الضم فيهما قوله (284) في الشعار بكسر المعجمة وبالعين
[ 151 ]
المهملة الثوب الذي يلي الجسد لانه يلي الشعر طامث بطاء مهملة وثاء مثلثة أي حائض فقوله حائض ذكر تأكيدا ولم يعده بإسكان العين وضم الدال أي لم يجاوزه إلى غيره بل اتقصر عليه قوله احدانا أي إحدى نسائه ثم يباشرها أي فوق الازار والمباشرة فوق الازار لا يمكن أن تكون جماعا حتى يقال كيف أطلقت المباشرة مع أن جماع الحائض حرام قوله (286) أن تتزر أي بأن تتزر قيل صوابه تأتزر بهمزة وتخفيف تاء لا بتشديدها كما هو المشهور إذ الهمزة لا تدغم في التاء ولا يخفى أنه منقوض باتخذ من أخذ قوله (287) عن بدية بضم موحدة وفتح دال مهملة وبياء مشددة يقول ندبة بفتح نون ودال جميعا آخره موحدة وقيل بسكون الدال وحكى بضم النون وسكون الدال
[ 152 ]
قوله يباشر المرأة قال السيوطي أي يستمتع في غير الفرج أنصاف الفخذين والركبتين لعل المراد تارة يبلغ أنصاف الفخذين وتارة الركبتين محتجزة به بزاي معجمة أي شادة له على حجزها وهو وسطها قوله (288) ولم يجامعوهن في البيوت أي لم يصاحبوهن ولم يساكنوهن ولم يخالطوهن وليس المراد الوطئ إذ لا يساعده قوله في البيوت فلا يناسب الواقع وكذا المراد بقوله ولا يجامعوهن في البيوت
[ 153 ]
والحديث تفسير للآية وبيان أن ليس المراد بالاعتزال مطلق المجانبة بل المجانبة مخصوصة أنجامعهن طلبا للرخصة في الوطئ أيضا تتميما لمخالفة الاعداء فتمعر بالعين المهملة أي تغير فبعث في آثارهما أي رسولا ليحضرا عنده فسقاهما اللبن إظهارا للرضا وزاد الدارقطني في العلل وقال لهما قولا اللهم انا نسألك من فضلك ورحمتك فإنهما بيدك لا يملكهما أحد غيرك قوله أو نصف دينار قيل التخيير يدل على أنه مستحب لكن هذا لو لم يكن أو للتقسيم إلى أن الاتيان في أول الحيض لكن روايات الحديث ناظرة إلى التقسيم نعم في الحديث نوع اضطراب في التقدير ولذا قال النووي هذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ وكأنه لذلك قال كثير من العلماء أنه يستغفر الله ولا كفارة عليه قوله (290) لا نرى قال السيوطي بضم النون أي لا نظن وهذا بالنظر إلى أن غالبهم ما أرادوا الا الحج أو المقصد الاصلي لهم كان هو الحج والا فقد كان فيهم من اعتمر أولا ومنهم عائشة كما سبق فما كان أي النبي صلى الله عليه وسلم بسرف بفتح مهملة وكسر راء موضع قريب من مكة وهو ممنوع من الصرف وقد يصرف
[ 154 ]
أنفست بفتح فكسر أو ضم فكسر كما تقدم أي أحضت كتبه الله أي فلا تقصير فيه منك حتى تبكي غير أن لا تطوفي كلمة لا زائدة أو المقصود إخراج الطواف عما يقضي الحاج لا إخراج عدم الطواف ويمكن ابقاء لا على معناها على أنه استثناء مما يفهم من الكلام السابق أي فلا فرق بينك وبين الحاج غير أن لا تطوفي ثم المراد غير الطواف وما يتبعه من السعي لانه لا يجوز تقديمه على الطواف ولكونه تابعا لم يذكر والله تعالى أعلم قوله واستثفري بمثلثة قبل الفاء أي أمسكي موضع الدم عن السيلان بثوب ونحوه وفي بعض النسخ استذفري بذال معجمة قبل الفاء بقلب الثاء ذالا قوله (292) بنت محصن بكسر ميم وسكون حاء وفتح صاد مهملتين
[ 155 ]
قوله حكيه بضلع بكسر معجمة وفتح لام أي بعود في الاصل واحد أضلاع الحيوان أريد به العود لشبهه به وقد تسكن اللام تخفيفا قال الخطابي وإنما أمر بحكه لينقلع المتجسد منه اللاصق بالثوب ثم يتبعه الماء ليزيل الاثر وزيادة السدر للمبالغة والا فالماء يكفي وذكر الماء لانه المعتاد ولا يلزم منه أن غيره من المائعات لا تجزى كيف ولو كان لبيان اللازم لوجب السدر أيضا ولا قائل به قوله (293) وكانت تكون في حجرها تكون زائدة قوله حتية بالمثناة أي حكيه ثم اقرصيه القرص بالصاد المهملة الدلك بأطراف الاصابع والاظفار مع صب الماء حتى يذهب أثره ثم أنضحيه أي بقية الثوب بناء على أنه مشكوك كما يقول به مالك أو الموضع الاول منه لزيادة التنظيف وهو الظاهر قوله (294) إذا لم ير فيه أذى أي أثر المنى وقد يستدل به على عدم طهارة المني والله تعالى أعلم
[ 156 ]
قوله (295) اغسل الجنابة أي أثرها وهو المنى أو أريد به المنى مجازا بقع الماء بضم موحدة وفتح قاف جمع بقعة
[ 157 ]
وهي القطعة المختلفة اللون قوله افرك الفرك دلك الشئ حتى ينقلع من باب نصر قوله في حجره بتقديم حاء مفتوحة أو مكسورة على جيم ساكنة على ثوبه أي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم وأغرب من قال من
[ 158 ]
المالكية على ثوب الصبي فنضحه من يرى وجوب الغسل يحمله على الغسل الخفيف ويحمل قوله ولم يغسله على أنه لم يبالغ في غسله قوله يغسل أي بالمبالغة ويرش أي يغسل غسلا خفيفا وهذا تأويل الحديث عند من يرى وجوب الغسل فيهما وهو تأويل بعيد قوله (305) من عكل بضم عين وسكون كاف اسم
[ 159 ]
قبيلة وسيجئ أنهم من عرينة بضم عين وفتح راء مهملتين بعدها ياء ساكنة والتوفيق أن بعضهم كانوا من عكل وبعضهم من عرينة أهل ضرع أي أهل لبن ريف بكسر راء وسكون ياء أي أهل زرع واستوخموا المدينة أي استثقلوها وكرهوا الاقامة بها فأمر لهم قال الحافظ بن حجر يحتمل أن تكون اللام زائدة أو للتعليل أو لشبه الملك أو للاختصاص وليست للتمليك بذود بفتح معجمة آخره مهملة أي جماعة من النوق وهو اسم جمع مخصوص بالاناث من الابل لا واحد لها من لفظها وأبوالها جمع بول واستدل به غير واحد كالمصنف على أن بول ما يؤكل لحمه طاهر ومن لم ير ذلك يحمله على ضرورة التداوي ثم منهم من يرى الاستعمال للتداوي باقيا ومنهم من يرى أن ذلك إذا علم بالقطع ولا سبيل إليه لغيره صلى الله تعالى عليه وسلم قلت فقول هؤلاء راجع إلى الخصوص وكانوا بناحية الحرة
[ 160 ]
بفتح حاء مهملة وتشديد راء أرض ذات حجارة سود والجملة معترضة الطلب بفتحتين أي الطالبين لهم فسمورا بتخفيف الميم على بناء الفاعل والضمير للصحابة وجوز تشديد الميم أي كحلوها بمسامير محماة قوله (306) من عرينة بالتصغير كما تقدم فاجتووا بالجيم أي كرهوا المقام فيها لعدم موافقة
[ 161 ]
هواءها لهم إلى لقاح بكسر لام أي نوق ذات ألبان قوله (307) عند البيت أي الكعبة وملا
[ 162 ]
أي جماعة وقد نحروا جزورا بفتح الجيم هو البعير ذكرا كان أو أنثى الا أن لفظة الجزور مؤنث فقال بعضهم جاء في مسلم أنه أبو جهل هذا الفرث أي فرث الجزور المذبوحة وهي جارية أي صغيرة واستدل بالحديث المصنف على طهارة فرث ما يؤكل لحمة ورد بأن الدم نجس وكان معه دم كما في رواية واستدل آخرون على أن ما يمنع انعقاد الصلاة ابتداء لا يبطل الصلاة بقاء واعتذر من لا يرى ذلك إما بأن هذا قبل نزول حكم النجاسة أو بأنه لعله ما علم في الصلاة بالنجاسة لاستغراقه في شأن الصلاة ثم لعله أعادها والله تعالى أعلم في قليب بفتح القاف أي بئر لم تطو
[ 163 ]
قوله (308) فبصق فيه فلولا أنه طاهر ما فعل ذلك قوله (309) فلا يبزق بزق كبصق كلاهما من باب نصر بين يديه تعظيما لجهة القبلة ولا عن يمينه تعظيما لملك الحسنات سيما في الصلاة التي هي من عظام الحسنات والا فبزق وان لم يفعل ذلك فليفعل كما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقد بزق صلى الله تعالى عليه وسلم في الثوب ثم رد بعضه على بعض قوله بالبيداء بفتح الموحدة والمد هي الشرف الذي قدام ذي الحليفة في طريق مكة أو بذات الجيش قيل هي من المدينة على بريد بينها وبين العقيق
[ 164 ]
سبعة أميال والشك من بعض الرواة عن عائشة أو منها وقد جاء في حديث عمار أنها ذات الجيش بالجزم عقد بكسر المهملة هي القلادة لي أي معي فاللام للاختصاص والا فهو كان لاسماء استعارته منها (310) على التماسه لاجل طلبه أقامت برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الباء للتعدية ونسبة الفعل إليها للسببية فجاء أبو بكر لم تقل أبي تنبيها على أنه ما راعي الابوة في الغضب في الله يطعن بضم العين في الطعن بنحو الرمح وهو الحسي وبالفتح الطعن بالقول في النسب وهو المعنوي وحكى فيهما الضم والفتح أيضا إلا مكان رسول الله أي كون رأسه ووجوده على فخذي أسيد بن حضير بالتصغير فيهما
[ 165 ]
بأول بركتكم بل هي مسبوقة بغيرها من البركات قوله (311) أبي جهيم بالتصغير بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم قوله بئر الجمل بفتح جيم وميم موضع معروف بذلك بالمدينة ومعنى من نحوه من جهته وقد أخو بعض علمائنا الحنفية كما صرح به في البحر من هذا الحديث
[ 166 ]
وأمثاله التيمم مع القدرة على الماء في الوضوء المندوب دون الواجب قوله (312) في سرية بفتح سين وكسر راء وتشديد ياء أي في قطعة من الجيش فتمعكت تقلبت في التراب كأنه ظن أن إيصال التراب إلى جميع الاعضاء واجب في الجنابة كايصال الماء وبه يظهر أن المجتهد يخطئ ويصيب ثم نفخ فيها تقليلا للتراب ودفعا لما ظن أنه لا بد من الاكثار في استعمال التراب ثم مسح الخ ظاهره الاكتفاء بضربة واحدة الا أن يقال التقدير ثم ضرب ومسح كفيه لكن هذا الوجه يرده روايات هذا الحديث أو يقال الحديث لبيان كيفية المسح في تيمم الجنابة وبيان أنه كتيمم الوضوء وأما الضربات فمعلومة من خارج فترك بعض الضربات لا يدل على عدمه في التيمم فقال أي عمر لعمار نوليك من التولية أي جعلناك واليا على ما تصديت عليه من التبليغ والفتوى بما تعلم كأنه أراد أنه ما يتذكر فليس له أن يفتى به لكن لك يا عمار أن تفتى بذلك والله تعالى أعلم ثم حق هذا الحديث أن تجعل ترجمته التيمم للجنابة لكن ترجمته في نسختنا التيمم في الحضر مع أن هذه الترجمة قد سبقت أيضا لكن ترجمة التيمم للجنابة ستجئ فليتأمل والله تعالى أعلم وكأنه أخذ هذه الترجمة من تيمم النبي صلى
[ 167 ]
الله تعالى عليه وسلم للتعليم قوله عرس من التعريس وهو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة والنوم بأولات الجيش بضم الهمزة جمع ذات ويقال لذاك الموضع ذات الجيش أيضا كما سبق من جزع بفتح جيم وسكون معجمة خرزيماني ظفار بكسر أوله وفتحه مدينة بسواحل اليمن وهو مبني على الكسر كقطام وروى أظفار لكنه خطأ ذكره صاحب النهاية فحبس على بناء المفعول ورفع الناس أو الفاعل ونصب الناس وضميره للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ابتغاء أي لاجل طلب عقدها ولم ينقضوا أي لم يسقطوا من نقض باب نصر فمسحوا بالحاء المهملة أو الخاء المعجمة كما في بعض النسخ أي غيروا وبدلوا لكثرة التراب وأيديهم إلى المناكب أي من الظهور إلى المناكب ولذلك عطف عليه قوله ومن بطون أيديهم إلى الآباط وهذا اما لانه كان مشروعا كذلك ثم نسخ أو لاجتهادهم وعدم سؤالهم فوقعوا فيه خطأ والله تعالى أعلم
[ 168 ]
قوله (316) وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى هو معطوف على قوله عن أبي مالك كما بينه في الاطراف قوله ربما نمكث الشهر والشهرين أي في مكان فيصيبنا الجنابة لطول المكث ولا ماء ثمة أفنتيمم فإذا لم أجد الماء أي وكنت جنبا فبين أن اجتهاده يقتضي تأخير الصلاة لا جواز التيمم للجنابة فتمرغت تقلبت أن كان مخففة
[ 169 ]
من الثقيلة أي أن الشأن اتق الله أي في ذكر أحكامه فلا تذكر الا عن تحفظ إن شئت كأنه رأى أن أصل التبليغ قد حصل منه وزيادة التبليغ غير واجب عليه فيجوز له تركه ان رأى عمر فيه مصلحة ولكن نوليك كأنه ما قطع بخطئه وإنما لم يذكره فجوز عليه الوهم وعلى نفسه النسيان والله تعالى أعلم وهذا الحديث يفيد أن الاستيعاب إلى الذراع غير مشروط في التيمم قوله (317) عن التيمم أي للجنابة فلم يدر ما يقول أي ويصلح جوابا له بل قال أنا أفعل كذا ويمكن أن الانسان يأخذ في خاصة نفسه بحكم فيه شدة مع وجود ما هو أخف منه وعلى هذا فمن روى أنه قال للسائل لا تصل فكأنه أخذ ذلك من الفحوى
[ 170 ]
والله تعالى أعلم قوله (320) فقال أبو موسى أبو موسى كان قائلا بعموم التيمم للمحدث والجنب وابن
[ 171 ]
مسعود كان قائلا بخصوصه بالمحدث فجرى بينهما البحث فقال أبو موسى معترضا عليه أو لم تر عمر الخ قيل لانه أخبر عن شئ حضره معه ولم يذكره فجوز عليه الوهم كما جوز على نفسه النسيان قلت فتبع بن مسعود عمر في ذلك فلعل من ترك الاخذ بظاهر حديث عمار تبع بن مسعود وبناؤهم على تجويز الوهم عليه لا على التكذيب والله تعالى أعلم قوله (321) ولا ماء بفتح الهمزة على البناء أي معي موجود أي معك أو مع القوم والجملة حال وهذا الحديث دليل على جواز التيمم للجنب بلا اشكال والصعيد فسره بعض بالتراب وبعض بوجه الارض مطلقا وان لم يكن عليه تراب فيجوزون التيمم وان كان صخرا لا تراب عليه قوله (322) وضوء المسلم بفتح الواو أي طهوره أطلق عليه اسم الوضوء مجازا لان الغالب في الطهور
[ 172 ]
هو الوضوء قوله (323) وليسوا على وضوء بضم الواو ثم الظاهر أن مراد المصنف بالترجمة أن من لم يجد ماء ولا ترابا يصلي ولا يعيد ووجه استدلاله بالحديث تنزيل عدم مشروعية التيمم منزلة عدم التراب بعد المشروعية إذ مرجعهما إلى تعذر التيمم وهو المؤثر ههنا قلت وهذا هو الموافق لظاهر قوله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم أو كما قال إذ الصلاة على حالة غاية ما يستطيعه الانسان في تلك الحالة وغير المستطاع ساقط ولا يسقط به المستطاع الا بدليل هو الموافق للقياس والاصول فإن سقوط تكليف الشرط لتعذره لا يستلزم سقوط تكليف المشروط لا حالا ولا أصلا كستر العورة وطهارة الثوب والمكان وغير ذلك فإن شيئا من ذلك لا يسقط به طلب الصلاة عن الذمة ولا يتأخر بل يصلي الانسان ولا يعيد والطهارة كذلك بل تعذر الركن لا يسقط تكليف باقي الاركان فكيف الشرط كما إذا تعذر غسل بعض أعضاء الوضوء لعدم المحل فإنه يغسل الباقي ولا يسقط الوضوء وكما إذا عجز عن القراءة في الصلاة وكذا القيام وغيره قلت بل قد علم سقوط الطهارة تخفيفا بالنظر إلى المعذور فالاقرب أنه يصلي ولا يعيد كما يميل إليه كلام المصنف وكذا كلام البخاري رحمه الله تعالى في
[ 173 ]
صحيحه والله تعالى أعلم قوله أصبت أي حيث عملت باجتهادك فكل منهما مصيب من هذه الحيثية وان كان الاول مخطئا بالنظر إلى ترك الصلاة بالتيمم والله تعالى أعلم (0) كتاب المياه قال الله عزوجل وأنزلنا الخ قلت ما ذكر من أول الكتاب إلى هنا متعلق بتأويل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا أقمتم إلى الصلاة الآية وذلك لان الآية سيقت لبيان الوضوء والغسل والتيمم الذي يكون نائبا عنهما عند فقد الماء وعدم القدرة على استعماله فما ذكر من أحاديث هذه الابواب كلها بمنزلة البيان للآية فالآن يشرع في أحاديث تتعلق بأحكام المياه وان كان كثير من هذه الاحكام قد مضت في أحكام الطهارة أيضا لكن لما كان ذكرها هناك تبعا ما اكتفى بذلك بل وضع هذا الكتاب لبيانها ليبحث عنها اصالة وصدر الكتاب بآيات من القرآن تنبيها على أن الاحاديث المذكورة في الكتاب بمنزلة البيان لهذه الآيات وأمثالها هكذا غالب أحاديث الاحكام بيان وشرح لآيات من القرآن ويظهر امتثاله صلى الله تعالى عليه وسلم لقوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والله تعالى أعلم قوله (325) ان الماء لا ينجسه شئ وفي رواية الترمذي وأبي داود وابن ماجة ان الماء لا يجنب فمعنى قوله لا ينجسه على وفق تلك الرواية أنه لا ينجسه شئ من جنابة المستعمل أو حدثه أي إذا استعمل منه جنب أو محدث فلا يصير البقية نجسا بجنابة المستعمل أو حدثه وعلى هذا فهذا الحديث خارج عن محل النزاع وهو أن الماء هل يصير نجسا بوقوع النجاسة أم لا
[ 174 ]
وما يتعلق بهذه المسألة والله أعلم قوله أتتوضأ على صيغة الخطاب أو المتكلم مع الغير وقول النووي الثاني تصحيف رده الولي العراقي في شرح أبي داود كما نقله السيوطي في حاشيته على أبي داود وبضاعة بفتح الباء والضاد المعجمة وأجيز كسرها وحكى بالصاد المهملة والحيض بكسر الحاء وفتح الياء الخرق التي يمسح بها دم الحيض والنتن ضبط بفتحتين قيل عادة الناس دائما في الاسلام والجاهلية تنزيه المياه وصونها عن النجاسات فلا يتوهم أن الصحابة وهم أطهر الناس وأنزههم كانوا يفعلون ذلك عمدا مع عزة الماء فيهم وإنما كان ذلك من أجل أن هذه البئر كانت في الارض المنخفضة وكانت السيول تحمل الاقذار من الطرق وتلقيها فيها وقيل كانت الريح تلقي ذلك ويجوز أن يكون السيل والريح تلقيان جميعا وقيل يجوز أن المنافقين كانوا يفعلون ذلك (326) الماء طهور من يقول يتنجس القليل بوقوع النجاسة يحمل الماء على الكثير بقرينة محل الخطاب وهو بئر بضاعة لا ينجسه شئ أي ما دام لا يغيره وأما إذا غيره فكأنه أخرجه عن كونه ماء فما بقي على الطهورية لكونها صفة الماء والمغير كأنه ليس بماء والله تعالى أعلم قوله فقلت أنتوضأ ظاهره أنه بصيغة الخطاب ولذا جزم النووي أنه الصواب
[ 175 ]
لكن يجوز أن يكون للمتكلم مع الغير أي أيجوز لنا التوضؤ منها وفيه من مراعاة الادب مالا يخفى بخلاف الخطاب وفي رواية الدارقطني أنا نتوضأ ذكره الولي (0) العراقي فليتأمل باب التوقيت في الماء أي باب ما يدل على التحديد فيه وجودا وعدما وكذا جمع فيه من الاحاديث ما ذكر قبل هذا في بابين في باب التوقيت وباب عدم التوقيت وشرح الاحاديث ودلالتها على المطلوب قد سبق قريبا قوله لا تزرموه من أزرم أي لا تقطعوا عليه البول
[ 176 ]
قوله عطشنا من باب علم قوله والبرد بفتحتين
[ 177 ]
قوله (337) ما بالهم وبال الكلاب أي أمر الناس بقتل الكلاب أولا ثم نسخ ذلك الامر وقال ما بال الناس وبال الكلاب أي ليس بين الفريقين ما يقتضي القتل ويحتمل أنه قال ذلك حين وجود الامر بالقتل حثا لهم على ذلك أي ما لهم يراعون الكلاب ولا يقتلونها مع وجود الامر وقوله ورخص
[ 178 ]
أي في اقتنائه أو عدم قتله قوله (340) ليست بنجس بفتحتين وهو في الاصل مصدر ولذا لم يؤنث ولم يجمع في قوله تعالى أنما المشركون نجس قوله العرق بفتح فسكون أي العظم الذي بقي عليه شئ
[ 179 ]
من اللحم وأتعرق أي آخذ بالاسنان قوله يتوضئون أي مع أنه يؤدي إلى فراغ بعضهم قبل بعض فيبقى للآخر منهم الفضل فلولا جاز ذلك ما فعلوا قوله بمكوك بفتح فتشديد
[ 180 ]
(0) كتاب الحيض والاستحاضة قوله (348) لا نرى على بناء المفعول ويحتمل الفاعل غير أن لا تطوفي كلمة لا زائدة إذ الطواف هو المستثنى من جملة ما يقضي الحاج وأخذ المصنف من الحديث أن الحيض يسمى نفاسا وهذا ظاهر وكذا
[ 181 ]
أخذ منه أن بدايته من حين خلق النساء لعموم بنات آدم كلها لكن شمول هذا الاسم لحواء خفي الا أن يقال أنه صار اسما لنوع النساء كولد آدم لنوع الانسان حتى قالوا في حديث أنا سيد ولد آدم أن الاسم يشمل آدم أيضا والله تعالى أعلم قوله فزعمت أي قالت
[ 182 ]
قوله واستثفري أي امسكي موضع الدم
[ 183 ]
قوله (356) فذكر شأنها على بناء المفعول ولكنها ركضة أي ركضة من ركضات الشيطان في الرحم فلتغتسل عند كل صلاة ضعف النووي ثبوت الاغتسال عند كل صلاة مرفوعا كما في هذا الحديث
[ 184 ]
قوله وأمرت على بناء المفعول ولعل هذا الجمع فيمن نسيت أيام حيضها فلا تعرف الحيض من الاستحاضة أو تعرف بأدنى علامة وهذا هو وجه قوله (361) تجلس أيام أقرائها في الحديث الآتي والله تعالى أعلم
[ 185 ]
قوله يعرف لعله يعرفه بعض النساء لقوة معرفتهن
[ 187 ]
قوله (368) رضي الله تعالى عنها كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا ظاهره أنهما ليسا من الحيض أصلا واليه يميل كلام المصنف في الترجمة وهو الموافق لحديث فإنه دم أسود يعرف لكن الجمهور حملوه على ما إذا رأت ذلك بعد الطهر كما في رواية أبي داود واليه أشار البخاري في الترجمة حيث قال باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ومنهم من قال أنهما حيض مطلقا وها مشكل جدا قوله (369) ولا يجامعوهن في البيوت أي ولا يصاحبوهن في البيوت ما خلا الجماع ظاهره أنه يحل له الانتفاع بما تحت الازار ما عدا الجماع كما قال محمد ووافقه قوم لكن
[ 188 ]
الجمهور على منعه والاول أقوى دليلا والثاني أحوط وأوفق باتباع النبي صلى الله عليه وسلم قوله (372) لم يعده
[ 189 ]
بسكون العين وضم الدال أي لم يزد عليه قوله واسع كأنها أرادت ما لا يقتصر على قدر موضع الدم فقط قوله (376) عن بدية بضم موحدة وفتح دال وتشديد ياء والثاني ندبة بفتح نون ودال
[ 190 ]
آخر موحدة . قوله يبلغ أنصاف الفخذين أي تارة والركبتين أي أخرى قوله (377) وهي طامث أي حائض عارك أي حائض فيقسم من أقسم بالله على بتشديد الياء فيه في شأنه وفي
[ 191 ]
البداية به قوله (381) في حجر أحدانا بتقديم الحاء المهملة المكسورة أو المفتوحة على الجيم قوله (382) أحرورية أنت بفتح حاء مهملة فضم راء أي أخارجية وهم طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر موضع قريب من كوفة وكان عندهم تشدد في أمر الحيض شبهتها بهم في تشددهم في الامر واكثارهم في المسائل تعنتا وقيل أرادت أنها خرجت عن السنة كما خرجوا عنها وإنما شددت عليها لشهرة أمر
[ 192 ]
سقوط الصلاة عن الحائض ولا نؤمر بالقضاء ولو كان القضاء واجبا لامر به فهذا استدلال منها بالتقرير وفيه أن الامر بالشئ ليس أمرا بقضائه إذا فات بعذر شرعي والله تعالى أعلم قوله فتبسطها
[ 193 ]
بلا دخول في المسجد وهو ممكن قوله (386) فيناولها رأسه بإخراج الرأس من المسجد إليها وفهي أن إخراج البعض من المسجد لا يضر بالاعتكاف قوله يدني من الادناء أي يقرب إلى بتشديد الياء رأسه بالنصب مفعول يدني قوله أرجل من الترجيل
[ 194 ]
قوله (390) الا قالت بأبا أصله بأبي بالياء أبدلت الياء ألفا والتقدير هو مفدى بأبي أو فديته بأبي أسمعت بكسر التاء على خطاب المرأة لتخرج العواتق هو صيغة أمر باللام من الخروج جمع عاتق والعاتق من النساء من بلغت الحلم أو قاربت أو استحقت التزويج أو هي الكريمة على أهلها أو ذوات الخدور بالعطف هو المشهور والخدور بضم خاء معجمة ودال مهملة جمع خدر بكسر خاء وسكون دال وهو ستر في ناحية البيت تقعد البكر وراءه والحيض بضم الحاء وتشديد الياء جمع حائض وهو بالرفع عطف على العواتق وهذا هو المشهور عند أهل الحديث والشراح ويحتمل أن يكون بفتح وسكون بالجر معطوفا على الخدور نعم الحيض في قوله وتعتزل الحيض جمع حائض لا غير الخير ذكر الخطبة وتعتزل الحيض المصلي أي في وقت الصلاة وفيه أنه ليس لحائض أن تحضر محل الصلاة وقت الصلاة والله تعالى أعلم قوله (391) قالت بلى أي بل طفت
[ 195 ]
قوله نفست على بناء المفعول والظرف متعلق بالحديث قوله (393) في وسطها أي في محاذاة وسطها بفتحتين وعلم منه أن نفاسها لا يمنع الصلاة عليها مع أن الميت كالامام فلزم منه أن النفساء طاهر والمؤمن لا ينجس والحديث أمر تعبدي والله تعالى أعلم (394) كانت تكون زائدة
[ 196 ]
قوله بضلع بكسر ضاد معجمة وفتح لام أي بعود بماء وسدر أي مبالغة والله تعالى أعلم
[ 197 ]
(0) كتبا الغسل والتيمم يريد البحث عنهما على وجه الاستقلال وذكر بعض ما فات من أبحاثهما والله تعالى أعلم
[ 198 ]
قوله (400) لو استطاع أن لا يرفع حديثا لم يرفعه تعظيما للنسبة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وخوفا من أن يقع منه فيها خطأ فيقع في الكذب عليه والله تعالى أعلم ومقصود هشام أن وقف أيوب لا يضر في الرفع إذا ثبت الرفع بطريق آخر على وجهه قوله (401) فلا يدخل الحمام هو بالتشديد بيت معروف واللفظ نهى أو نفى بمعنى النهي ونهيهم عن ذلك لان الدخول فيه لا يخلو عن نظر بعض إلى عورة بعض الا بمئزر بكسر ميم ثم معجمة ثم مهملة بمعنى الازار ورخص به لانه يؤمن به من كشف العورة ونظر البعض إلى عورة آخرين وهذا لا يقتضي وجود الحمامات يومئذ في بلاد الاسلام فلا ينافي حديث ستفتح لكم أرض العجم مما يفيد أنه لم يكن يومئذ ببلاد الاسلام حمام قوله والبرد بفتحتين
[ 199 ]
قوله (404) أيغتسل قبل أن ينام أي أيغتسل متصلا بالجنابة أو ينام بعد الجنابة ثم يغتسل وهذا هو المراد بما سيجئ من قوله أيغتسل من أول الليل أو من آخره ولذلك قال يوم سمع الجواب الحمد لله الذي جعل في الامر سعة
[ 200 ]
والا فلو كان الاغتسال مع الجنابة الا ان الجنابة كنت تارة أول الليل وتارة آخره فلا سعة والله تعالى أعلم قوله بالبراز بالفتح اسم للفضاء الواسع حليم لا يعجل بالعقوبة فلا يليق بالعبد أن يستدل بترك العقوبة على فعل على رضاه به حيي بكسر أولى الياءين مخففة ورفع الثانية مشددة أي الله تعالى تارك للقبائح ساتر للعيوب والفضائح يحب الحياء والستر من العبد ليكون متخلقا بأخلاقه تعالى فهو تعريض للعباد وحث لهم على تحرى الحياء قوله فليتوار صيغة أمر باللام أي فليستتر بشئ وفي بعض النسخ بثبوت الالف في آخره اما للاشباع أو لمعاملة المعتل معاملة الصحيح قوله (408) فلم يردها من
[ 201 ]
الارادة قوله (409) يغتسل عريانا أي فالعرى في محل مأمون عن نظر الغير بمنزلة الستر وهذا مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا خر عليه أي سقط عليه من فوق ولكن لا غنى بي عن بركاتك أي فأجمعه لكونه من جملة بركاتك وظاهر الحديث أن الله تعالى كلمة بلا واسطة ويحتمل أن المراد بواسطة الملك قوله (410) وهو الفرق بفتحتين وبسكون الثاني اناء معروف ولعل وجه الاستدلال أنه عند اجتماع شخصين
[ 202 ]
على اناء واحد لا يتميز أيهما أكثر أخذا وان كلا منهما أخذ أي قدر فلو كان في الماء حد مقدر لا يجوز الاغتسال بدونه لما جاء الاجتماع المؤدي إلى الاشتباه (0) وقد سبق تقدير آخر للاستدلال لكن هذا التقرير أحسن وأولى والله تعالى أعلم باب الرخصة في ذلك أي أن ما ذكر من الاجتماع رخصة يجوز تركها بسبق أحدهما على الآخر كما يفهم من المبادرة قوله (415) قد سترته أي فاطمة وترك ذكرها من الرواة فيها أثر العجين فخلط طاهر يسير بالماء لا يخرجه
[ 203 ]
عن الطهورية حين قضى غسله أي أتم وفرغ منه قوله (416) فإذا تور بيان للمشار إليه أي فنظرت إلى المشار إليه فإذا هو تور فأفيض من الافاضة قوله (417) لان أصبح بفتح اللام وأصبح بضم الهمزة وهو مبتدأ خبره أحب مطليا يقال طليته بنورة أو غيرها لطخته بها وأطليت افتعلت منه إذا فعلته بنفسك فيحتمل أن يكون مطليا بفتح الميم وسكون الطاء وتشديد الياء اسم مفعول من طليته أو بضم الميم وتشديد الطاء وتخفيف الياء اسم فاعل من اطليت والثاني هو المضبوط وهو خبر أصبح ان كان ناقصا أو حال من ضميره ان كان تاما بقطران بفتح فكسر دهن يستحلب من شجر يطلي به الاجرب والكلام كناية عن صيرورته أجرب أنضخ بخاء معجمة أي يفور مني رائحة الطيب وقيل بحاء مهملة وهو أقل من المعجمة وقيل بعكسه فقالت طيبت أي رد القول بن عمر ثم أصبح محرما أي
[ 204 ]
بعد أن اغتسل بقرينة أنه طاف على النساء وقد بقي أثر الطيب كما يعلم من رد عائشة قول بن عمر بذلك وقد جاء صريحا أيضا فاستدل به المصنف على أن بقاء أثر الطيب لا يمنع صحة الاغتسال وهذا هو الظاهر من هذا الحديث وقد جوز بعضهم أنه تطيب ثانيا بعد الاغتسال وما بقي من آثار الطيب بعد الاحرام كان أثرا للثاني إذ بقاء أثر الاول بعد الاغتسال على وجه الكمال والسبوغ بعيد وجوز آخرون أن المراد بالطواف دخوله صلى الله تعالى عليه وسلم عليهن لا الجماع فلا حاجة إلى فرض الاغتسال والله تعالى أعلم قوله (418) هذه غسلة بالكسر أي كيفية الاغتسال للجنابة وصفته (419) ثم يفرغ من الافراغ أي يصب
[ 205 ]
قوله (420) أروى بشرته أي جعله مبلولا قوله (422) واتسقت الاحاديث أي اتفقت الاحاديث والمراد
[ 206 ]
حديث عائشة وحديث بن عمر فيفرغ من الافراغ قوله ان شاء فيه إشارة إلى أنه يفعله أحيانا ويتركه أحيانا وكأنه حسب ما يقتضيه الوقت أو لبيان الجواز حتى ينقيها من الانقاء لم يمسح وقد سبق أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة فأما أن يقال ذاك عموم يخص بهذا أو يقال لعله تارة يفعل هذا وتارة ذاك لبيان الجواز وفيه أن المسح يحصل في ضمن الغسل وأن الضمني كاف في سقوط التكليف وعلى هذا لو فرض أن الواجب مسح الرجلين كما يقول الرافضة فهو يتأدى بغسلهما دون العكس فالغسل أحوط والله تعالى أعلم كان غسل بضم الغين قوله (423) رضي الله تعالى عنهما أنه قد استبرأ البشرة همزة في آخره أي أوصل البلل إلى جميعها قوله (424) نحو الحلاب بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام وموحدة اناء يسع قدر حلب ناقة بدأ بشق رأسه بكسر الشين أي نصفه وناحيته
[ 207 ]
فقال بهما من إطلاق القول على الفعل والحديث دال على أنه لا يقصد بالتثليث الكرار بل الاستيعاب فلا دليل في تثليث الصب على الرأس لمن يقول بالتكرار في الغسل كما سبق والله تعالى أعلم قوله فرصة بكسر فسكون أي قطعة من قطن أو صوف ممسكة بضم ميم ففتح ثانية ثم سين مشددة مفتوحة أي مطلية بالمسك وقد سبق بيان أن هذا التفسير هو الصحيح
[ 208 ]
سبح من التسبيح أي قال سبحان الله فأخذتها بضم التاء من قول عائشة والله تعالى أعلم قوله (428) ثم أفاض على رأسه وسائر جسده وهذا بإطلاقه لا يقتضي العدد والاصل عدمه أو المتبادر منه عند عدم ذكر عدد المرة ولائه أو لو كان هناك تكرار لذكرت فحيثما ذكرت علم المرة والله تعالى أعلم
[ 209 ]
قوله ينضخ أي يفوح روى بالحاء المهملة والخاء المعجمة وأخذ منه المصنف وحده الاغتسال إذ العادة أنه لو تكرر الاغتسال عدد تكرر الجماع لما بقي من أثر الطيب شئ فضلا عن الانتفاح والله تعالى
[ 210 ]
أعلم قوله أعطيت على بناء المفعول خمسا لم يرد الحصر بل ذكر ما حضره في ذلك الوقت مما من الله تعالى به عليه ذكره اعترافا بالنعمة وأداء لشكرها وامتثالا لامر وأما بنعمة ربك فحدث لا افتخارا لم يعطهن على بناء المفعول ورفع أحد أي من الانبياء أو من الخلق نصرت على بناء المفعول بالرعب بضم الراء وسكون عين أي بقذفه من الله في قلوب الاعداء بلا أسباب ظاهرية وآلات عادية له بل بضدها فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم كثيرا ما يربط الحجر ببطنه من الجوع ولا يوقد النار في بيوته ومع هذا الحال كان الكفرة مع ما عندهم من المتاع والآلات والاسباب في خوف شديد من بأسه صلى الله تعالى عليه وسلم فلا يشكل بأن الناس يخافون من بعض الجبابرة مسيرة شهر وأكثر فكانت
[ 211 ]
بلقيس تخاف من سليمان عليه الصلاة والسلام مسيرة شهر وهذا ظاهر وقد بقي آثار هذه الخاصة في خلفاء أمته ما داموا على حاله والله تعالى أعلم مسجدا موضع صلاة وطهورا بفتح الطاء والمراد أن الارض ما دام على حالها الاصلية فهي كذلك والا فقد تخرج بالنجاسة عن ذلك والحديث لا ينفي ذلك والحديث يؤيد القول بأن التيمم يجوز على وجه الارض كلها ولا يختص بالتراب ويؤيد أن هذا العموم غير مخصوص قوله فأينما أدرك الرجل بالنصب الصلاة بالرفع وهذا ظاهر سيما في بلاد الحجاز فإن غالبها الجبال والحجارة فكيف يصح أو يناسب هذا العموم إذا قلنا ان بلاد الحجاز لا يجوز التيمم منها الا في مواضع مخصوصة فليتأمل قوله الشفاعة أي العظمى وكان النبي أي قبلي وفيهم نوح فقد قال تعالى انا ارسلنا نوحا إلى قومه وآدم نعم قد اتفق في وقت آدم أنه ما كان على وجه الارض غير أولاده فعمت نبوته لاهل الارض اتفاقا وكذا اتفق مثله في نوح بعد الطوفان حيث لم يبق الا من
[ 212 ]
كان معه في السفينة وهذا لا يؤدي إلى العموم وأما دعاء نوح على أهل الارض كلها واهلاكهم فلا يتوقف على عموم الدعوة بل يكفي فيه عموم بلوغ الدعوة وقد بلغت دعوته الكل لطول مدته كيف والايمان بالنبي بعد بلوغ الدعوة وثبوت النبوة واجب سواء كان مبعوثا إليهم أم لا كايماننا بالانبياء السابقين مع عدم بعثتهم إلينا وفرق بين المقامين والله تعالى أعلم وقد سقطت من هذه الرواية الخصلة الخامسة وهي ثابتة في الصحيحين وهي وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي وأما كون الارض مسجدا وطهورا فهما أمر واحد متعلق بالارض
[ 213 ]
قوله (433) ما كان في الوقت أي ما دام الرجل ثابتا في الوقت وهذا ظرف لعاد أصبت السنة أي وافقت الحكم المشروع وهذا تصويب لاجتهاده وتخطئه لاجتهاد الآخر وفيه أن الخطأ في الاجتهاد لا ينافي الاجر في العمل المبني عليه والظاهر ثبوت الاجر له ولمن قلده على وجه يصح سهم جمع أي سهم من الخير جمع فيه أجر الصلاتين قوله (435) تذاكر على ومقداد وعمار فيه توجيه التوفيق بين
[ 214 ]
ما جاء أن عليا أمر المقداد تارة وأمر عمارا أخرى فليغسل ذلك منه أي ذكره ذكر بوجه الكناية لظهور الامر بالقرينة
[ 215 ]
قوله (439) يغسل ذكره خبر بمعنى الامر فصح عطف قوله ثم ليتوضأ عليه وفي بعض النسخ هما متوافقان قوله فلينضح أي فليغتسل قوله (442) صليت مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي بعد ما توضأ وتوضأت كما جاء صريحا لكن المصنف نبه بالترجمة على أن هذا المختصر محمول على ذلك المطول
[ 216 ]
قوله نعس بفتحتين وعلم أن النعاس لا ينقض الوضوء وقد سبق تقريره قوله (445) إذا أفضى قال السيوطي قال الفقهاء الافضاء لغة المس ببطن الكف
[ 217 ]
(0) كتاب الصلاة قوله (448) عند البيت أي الكعبة المشرفة إذ أقبل أحد الثلاثة ظاهر النسخة أن إذ بلا ألف وأن الالف التالية متعلقة بما بعده وهو من الاقبال والمعنى أنه جاءه ثلاثة فأقبل منهم واحد إليه بين رجلين حال من مقدر أي أقبل إلى واحد من الثلاثة والحال أني كنت بين رجلين قالوا هما حمزة وجعفر ويحتمل أن يقرأ إذا قيل على أن الالف جزء من إذا وقيل من القول أي سمعت قائلا يقول في شأني هو أحد الثلاثة بين الرجلين أي هو أوسطهم وقد جاء في رواية أنهم جاؤه وهم ثلاثة وفي رواية سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة بين الرجلين ولا منافاة بين الروايتين فالوجهان في كلام المصنف صحيحان لفظا ومعنى فأتيت على بناء المفعول بطست بفتح طاء وسكون سين هو المعروف وحكى بعضهم كسر الطاء وهو اناء معروف واللفظ مؤنث من ذهب لا شك أنه كان بإذنه تعالى فهو إذا مباح بل بأمره فهو واجب فمن قال استعمال الذهب حرام فسؤاله ليس في محله حتى يحتاج إلى جواب ملاى بالتأنيث لتأنيث
[ 218 ]
الطست وفي نسخة ملآن بالتذكير لتأويله بالاناء حكمة وايمانا منصوبان على التمييز والمراد انها كانت ممتلئة بشئ إذا أفرغ في القلب يزيد به ايمانا وحكمة فشق على بناء الفاعل أي الآتي أو على بناء المفعول وكذا في الوجهين قوله فغسل وقوله ملئ إلى مراق البطن بفتح الميم وتشديد القاف هو ما سفل من البطن ورق من جلده ثم أتيت على بناء المفعول فقيل أي قال أهل السماء الدنيا لجبريل من هذا الفاتح ومن معك كأنه ظهر لهم ببعض الامارات أن معه أحدا وقد أرسل إليه أي الرسول للاسراء لا بالوحي إذ بعيد أن يخفى عليهم أمر نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم إلى هذه المدة ونعم المجئ جاء قيل فيه تقديم وتأخير وحذف والاصل جاء ونعم المجئ مجيئة وقيل بل هو من باب حذف الموصول أو الموصوف أي نعم المجئ الذي جاء أو مجئ جاء قلت من هو تنزيل نعم المجئ منزلة خير مقدم كأنه قيل خير مقدم قدم ولا بعد في وجود استعمال لم يبحث عنه النحاة والله تعالى أعلم فأتيت على بناء الفاعل أي مررت على آدم فمثل ذلك أي فجرى مثل ذلك أو فعلوا مثل ذلك أو فقالوا مثله
[ 219 ]
بكى قيل ما يبكيك قالوا لم يكن بكاء موسى عليه الصلاة والسلام حسدا على فضيلة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وأمته فإن الحسد مذموم من آحاد المؤمنين وأيضا منزوع منهم في ذلك العالم فكيف كليم الله الذي اصطفاه الله تعالى برسالته وكلامه بل كان أسفا على ما فاته من الاجر بسبب قلة اتباع قومه وكثرة مخالفتهم وشفقته عليهم حيث لم ينتفعوا بمتابعته انتفاع هذه الامة بمتابعة نبيهم وقيل بل أراد بالبكاء تبشير نبينا صلى الله عليه وسلم وإدخال السرور عليه بأن أتباعه صلى الله تعالى عليه وسلم أكثر ولعل تحصيل هذا الغرض بالبكاء آكد من تحصيله بوجه آخر ففيه إظهار أنه نال منالا يغبطه مثل موسى والله تعالى أعلم وإطلاق الغلام لم يرد به استقصار شأنه فإن الغلام قد يطلق ويراد به القوى الطرى الشاب والمراد منه استقصار مدته مع استكمال فضائله واستتمام سواد أمته ثم رفع على بناء المفعول أي قرب آخر ما عليهم أي ذلك الدخول آخر دخول يدوم عليهم ويبقى لهم فهو بالرفع خبر محذوف أولا يعودون آخر أجل كتب عليهم فهو بالنصب ظرف وبهذا ظهر كثرة ما خلق الله تعالى من الملائكة
[ 220 ]
وهم كلهم أهل الرحمة والرضا فبه ظهر معنى سبقت رحمتي غضبي فإذا نبقها بفتح أو كسر فسكون موحدة وككتف أي ثمرها وواحدته بهاء قلال بكسر القاف جمع قلة بالضم وهي الجرة وهجر بفتحتين اسم موضع كان بقرب المدينة الفيلة بكسر فاء وفتح تحتانية جمع الفيل باطنان عن أبصار الناظرين وهذا لا يستبعد عن قدرة القادر الحكيم الفاعل لما يشاء ثم فرضت على هو على بناء المفعول وكأنه أراد بذلك تشريف نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وإظهار فضله حتى يخفف عن أمته بمراجعته صلى الله تعالى عليه وسلم وما قالوا أنه لا بد للنسخ من البلاغ أو من تمكن المكلفين من المنسوخ فذلك فيما يكون المراد ابتلاءهم ولعل من جملة أسرار هذه القضية رفع التهمة عن جناب موسى حيث بكى بألطف وجه حيث وفقه الله تعالى من جملة الانبياء لهذا النصح في حق هذه الامة حتى لا يخطر ببال أحد أنه بكى حسدا فهذا يشبه قضية رفع الحجر ثوبه دفعا للتهمة عنه كما ذكر الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها والله تعالى أعلم وان أمتك لن يطيقوا ذلك كأنه علم ذلك من أنهم أضعف منهم جسدا وأقل منهم قوة والعادة أن ما يعجز عنه القوى
[ 221 ]
يعجز عنه الضعيف أن قد أمضيت تفسير للنداء لما فيه من معنى القول أو بأن قد أمضيت فريضتي أي بحساب خمسين أجرا وخففت عن عبادي حيث جعلتها في العدد خمسا وأجزى من الجزاء قوله (449) حتى أمر فيه إحضار لتلك الحالة البديعة فلذا عبر بالمضارع هي خمس عددا وخمسون أجرا قد استحييت هذه الرواية تدل على أنه منعه الحياء عن المراجعة لاكون الخمس لا تقبل النسخ وسيجئ ما يدل على أن كون الخمس لا تقبل النسخ منعه عن ذلك فالوجه أن يجعل الامران مانعين الا أنه وقع الاقتصار من الرواة على ذكر أحدهما والله تعالى أعلم قوله خطوها بفتح فسكون أي
[ 222 ]
تضع رجلها عند منتهى بصرها واستدل به أن يكون قطعها بين الارض والارض في خطوة واحدة لان الذي في الارض يقع بصره على السماء فبلغت سبع سماوات في سبع خطوات واليها المهاجر بفتح الجيم بمعنى المهاجرة على أنه مصدر ولو كان اسم مكان لكان اللائق وهي المهاجر صليت بطور سيناء وهذا أصل كبير في تتبع آثار الصالحين والتبرك بها والعبادة فيها ببيت لحم قال الحافظ السيوطي بالحاء المهملة فقدمني من التقديم ثم صعد كعلم أي جبريل أو البراق أو على بناء المفعول والباء على الوجهين للتعدية والجار والمجرور نائب الفاعل عن الثاني فغشيني بكسر الشين ضبابة كسحابة وزنا ومعنى قيل هي سحابة تغشى الارض كالدخان فخررت بخاء معجمة من ضرب ونصر أي سقطت
[ 223 ]
ثم رددت بصيغة المتكلم وفي نسخة ردت بصيغة التأنيث أي الصلوات وعلى الوجهين على بناء المفعول وهذا بيان ما آل إليه الامر آخرا بعد تمام المراجعات وليس المراد أنه بسقوط العشر صارت خمسا وأما قوله تعالى فارجع إلى ربك فمتعلق بسقوط العشر وأما قوله فسألته التخفيف فقال اني يوم خلقت الخ فمعناه فسألت التخفيف فخفف عشرا وهكذا حتى وصلت إلى خمس فحين وصلت إلى خمس قال اني يوم خلقت الخ وليس المراد أنه راجع بعد أن صارت خمسا فرد الله مراجعته بما يدل على أن الخمس لا يقبل النسخ كما هو الظاهر لمخالفته لسائر الروايات مخالفة بينه فليتأمل صرى بكسر الصاد المهملة وفتح الراء المشددة آخرها ألف مقصورة أي عزيمة باقية لا تقبل النسخ قوله أسرى على بناء المفعول
[ 224 ]
انتهى على بناء الفاعل أي السير أو المفعول في السماء السادسة قيل أصلها في السادسة ورأسها في السابعة فلا ينافي هذا الحديث حديث أنس عرج على بناء المفعول فراش بفتح فاء هو طير معروف بتهافت على السراج وخواتيم سورة البقرة كأن المراد أنه قرر له اعطاءها وأنه ستنزل عليك ونحوه والا فالآيات مدنيات ويغفر على بناء الفاعل أي الله أو المفعول وهو معطوف على ما قبله بتقدير أن أي وأن يغفر ومفعوله المقحمات بضم ميم وسكون قاف وكسر حاء أي الذنوب العظام التي تقحم أصحابها في النار ولعل المراد أن الله تعالى لا يؤاخذهم بكلها بل لا بد أن يغفر لهم بعضها وان شاء غفر لهم كلها وقيل المراد بالغفران أن لا يخلد صاحبها في النار أو المراد الغفران لبعض الامة ولعله ان كان هناك تأويل فما ذكرت أقرب والا فتفويض هذا الامر إلى علمه تعالى أولى والله تعالى أعلم قوله (452) وأخرجا حشوه هكذا في نسختنا وهو بفتح فسكون أي ما في وسط بطنه وفي نسخة السيوطي
[ 225 ]
حشوته وهي بالضم والكسر الامعاء ثم كبسا جوفه أي ستراه حكمة وعلما أي حال كونه ذا حكمة وعلم قوله (453) أول ما فرضت الصلاة ركعتين هكذا في بعض النسخ وفي بعضها ركعتان بالرفع والظاهر أن أول بالنصب ظرف وما مصدرية حينية والتقدير على نسخة نصب ركعتين كانت الصلاة أول أوقاتها افتراضها ركعتين وعلى نسخة الرفع الصلاة أول أوقات افتراضها ركعتان ثم المراد هي الصلاة المختلفة سفر أو حضرا فلا يشكل بصلاة المغرب والفجر وقوله فأقرت أي رجعت بعد نزول القصر في السفر إلى الحالة الاولى بحيث كأنها كانت مقررة على الحالة الاصلية وما ظهرت الزيادة فيها أصلا فلا يشكل بأن ظاهر قوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة يفيد أن صلاة السفر قصرت بعد أن كانت تامة فكيف يصح القول بأنها أقرت وأيضا اندفع أن يقال مقتضى هذا الحديث أن الزيادة على الركعتين لا يصح ولا يجوز كما في صلاة الفجر فكيف كانت عائشة تتمها في السفر فليتأمل
[ 226 ]
والله تعالى أعلم قوله (454) ركعتين ركعتين حال ليشمل جميع الصلوات الرباعية قوله (456) وفي الخوف ركعة هذا على رأي من يرى أن اللازم في الخوف ركعة واحدة ولو اقتصر عليها جاز قوله (457) كيف تقصر الصلاة أي بلا خوف مع أن الرخصة في القرآن مقيدة بالخوف وأشار بن عمر في الجواب
[ 227 ]
إلى أن النبي أعلم بالقرآن وقد أخذنا ببيانه صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (458) ثائر الرأس أي منتشر شعر الرأس صفة رجل والاضافة لفظية فلا يمنع وقوعه صفة نكرة وقيل حال وهو بعيد لوقوعه حالا عن نكرة محضة يسمع على بناء المفعول أو بالنون على بناء الفاعل وكذا قوله ولا نفهم دوى صوته بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء وقيل وحكى ضم الدال وهو ما يظهر من الصوت ويسمع عند شدته وبعده في الهواء تشبيها بصوت النحل عن الاسلام أي عن شرائعه خمس صلوات بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو هل على غيرهن أي من جنس الصلاة والا لا يصح النفي في الجواب ضرورة أن الصوم والزكاة غيرهن الا أن تطوع حمله القائل بالوجوب بالشروع على أنه استثناء متصل لانه الاصل والمعنى الا إذا شرعت في التطوع فيصير واجبا عليك واستدل به على أن الشروع موجب قلت لكن لا يظهر هذا في الزكاة إذا الصدقة قبل الاعطاء لا تجب وبعده لا توصف بالوجوب فمتى يقال أنها صارت واجبة بالشروع فيلزم اتمامها فالوجه أن الاستثناء منقطع أي لكن التطوع جائز أو وارد في الشرع ويمكن أن يقال أنه من باب نفي واجب آخر على معنى ليس عليك واجب
[ 228 ]
آخر الا التطوع والتطوع ليس بواجب فلا واجب غير المذكور والله تعالى أعلم ولعل الاقتصار على المذكورات لانه لم يشرع يومئذ غيرها أفلح ان صدق يدل على أن مدار الفلاح على الفرائض
[ 229 ]
والسنن وغيرها تكميلات لا يفوت أصل الفلاح بها قوله (459) صلوات خمس هكذا في بعض النسخ فهو اما مرفوع بتقدير هي خمس أو جملتها خمس أو منصوب لكن حذف الالف خطأ على دأب كتابة أهل الحديث فإنهم كثيرا ما يكتبون المنصوب بلا ألف وفي بعض النسخ خمسا بالالف وهو واضح هل قبلهن أو بعدهن شيئا أي هل افترض قبلهن أو بعدهن شيئا قوله (460) ألا تبايعون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيه حث لهم على ذلك وفي عنوان الرسالة تنبيه على أنها العلة الباعثة على ذلك ولذلك عدل عن الضمير إلى الظاهر وأما الصلاة فيحتمل أن يكون منه صلى الله تعالى عليه وسلم ويحتمل أن يكون من غيره فقدمنا من التقديم تعبدوا الله أي تطيعوه بما تطيقون من ذلك ولا تشركوا به شيئا أي اخلاصا بلا رياء أو معنى تعبدوا الله توحدوه وجملة ولا تشركوا تأكيد له أن لا تسألوا أي طمعا فيما عندهم والا فطلب الدين ونحوه والعلم ومثله غير داخل فيه والله تعالى أعلم
[ 230 ]
قوله (461) عز وجل خمس صلوات الظاهر أنه مبتدأ لتخصيصه بالاضافة خبره كتبهن أي أوجبهن وفرضهن وقد استدل بالعدد على عدم وجوب الوتر لكن دلالة مفهوم العدد ضعيفة عندهم وقد يقال لعله استدل على ذلك بقوله من جاء بهن الخ حيث رتب دخول الجنة على أداء الخمس ولو كان هناك صلاة غير الخمس فرضا لما رتب هذا الجزاء على أداء الخمس قلت هذا منقوض بفرائض غير الصلوات فيتأمل لم يضيع من التضييع استخفافا بحقهن احترازا عما إذا ضاع شئ سهوا ونسيانا أن يدخله من الادخال والمراد الادخال أولا وهذا يقتضي أن المحافظ على الصلوات يوفق للصالحات بحيث يدخل الجنة ابتداء والحديث يدل على أن تارك الصلوات مؤمن كما لا يخفى ومعنى عذبه أي على قدر ذنوبه ومعنى أدخله الجنة أي ابتداء بمغفرته والله تعالى أعلم
[ 231 ]
قوله أرأيتم أي أخبروني لو أن نهرا بفتح الهاء وسكونها من درنه بفتحتين أي وسخة فكذلك الخ ان قلت من أي التشبيه هذا التشبيه قلت هو من تشبيه الهيئة ولا حاجة فيه إلى تكلف اعتبار تشبيه الاجزاء بالاجزاء فلا يقال أي شئ يعتبر مثلا للنهر في جانب الصلاة يمحو الله بهن الخطايا خصها العلماء بالصغائر ولا يخفى أنه بحسب الظاهر لا يناسب التشبيه بالنهر في إزالة الدرن إذ النهر المذكور لا يبقى من الدرن شيئا أصلا وعلى تقدير أن يبقى فابقاء القليل والصغير أقرب من ابقاء الكثير الكبير فاعتبار بقاء الكبائر وارتفاع الصغائر قلب لما هو المعقول نظرا إلى التشبيه فلعل ما ذكروا من التخصيص مبني على أن للصغائر تأثير في درن الظاهر فقط كما يدل عليه ما ورد من خروج الصغائر من الاعضاء عند التوضؤ بالماء بخلاف الكبائر فإن لها تأثيرا في درن الباطن كما جاء أن العبد إذا ارتكب المعصية تحصل في قلبه نقطة سوداء ونحو ذلك وقد قال تعالى بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقد علم أن أثر الكبائر يذهبها التوبة التي هي ندامة بالقلب فكما أن الغسل إنما يذهب بدرن الظاهر دون الباطن فكذلك الصلاة فتفكر والله تعالى أعلم قوله (463) أن العهد أي العمل الذي أخذ الله تعالى عليه العهد والميثاق من المسلمين كيف وقد سبق أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بايعهم على الصلوات وذلك من عهد الله تعالى الذي بيننا وبينهم أي الذي يفرق بين المسلمين والكافرين ويتميز به هؤلاء عن هؤلاء صورة على الدوام
[ 232 ]
الصلاة وليس هناك عمل على صفتها في افادة التميز بين الطائفتين على الدوام فقد كفر أي صورة وتشبها بهم إذلا يتميز الا المصلي وقيل يخاف عليه أن يؤديه إلى الكفر وقيل كفر أي أبيح دمه وقيل المراد من تركها جحدا وقال أحمد تارك الصلاة كافر لظاهر الحديث والله تعالى أعلم قوله (465) ان أول ما يحاسب به العبد أي في حقوق الله فلا يشكل بما جاء انه يبدأ بالدماء فإن ذاك في المظالم وحقوق الناس بصلاته الباء زائدة تدل عليه الرواية الآتية فيكمل به نقص من الفريضة ظاهره أن
[ 233 ]
من فاتته الصلاة المكتوبة فصلى نافة يحسب عنه النافلة موضع المكتوبة وقيل بل ما نقص من خشوع الفريضة وآدابها يجبر بالنافلة ورد بأن قوله وسائر الاعمال كذلك لا يناسبه إذ ليس في الزكاة الا فرض أو فضل فكما تكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك في الصلاة وفضل الله أوسع وكرمه أعم وأتم والله تعالى أعلم
[ 234 ]
قوله (468) يدخلني الجنة من الادخال أي يدخلني الله به أو يدخلني ذلك العمل على الاسناد المجازي والمراد الدخول ابتداء والا فيكفي الايمان والمضارع مرفوع والجملة صفة عمل ويمكن جزم المضارع بتقدير أي أن عملته أو على أنه جواب الامر وفيه بيان أنه 7 هي نفسه لاتيان ذلك العمل بحيث كان الاخبار في حقه سببا لدخول الجنة تعبد الله بمعنى المصدر أو خبر بمعنى الامر والعبادة التوحيد وجملة ولا تشرك تأكيد له أو الطاعة مطلقا وجملة ولا تشرك لبيان الاخلاص وترك الرياء وعلى الثاني وقوله وتقيم الخ تخصيص بعد التعميم ذرها أمر له بأن يترك ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه حبسها
[ 235 ]
وقت السؤال والله تعالى أعلم قوله (469) وبذي الحليفة العصر ركعتين قصرها لانه خرج حاجا إلى مكة لا لان ذا الحليفة حد القصر كما توهم قوله بالهاجرة قال السيوطي هي اشتداد الحر نصف النهار قلت كذلك قال أهل اللغة لكن المراد ههنا بعد الزوال فكان مرادهم نصف النهار وما يقاربه عنزة بمهملة ونون مفتوحتين هي مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا وفي طرفها حديدة قوله (471) لن يلج بكسر اللام أي
[ 236 ]
لا يدخل وقوله صل لعل المراد به الدوام ولعله لا يوفق للمداومة الا من سبقت له هذه السعادة والله تعالى أعلم قوله فآذني بالمد وتشديد النون بادغام نون الكلمة في نون الوقاية من الايذان بمعنى الاعلام أي أعلمني فأملت من الاملاء أي ألقت على لاكتب وصلاة العصر بالعطف فالظاهر أنها غير الوسطى وهو يخالف الحديث المرفوع الذي سيجئ الا أن يجعل العطف للتفسير والظاهر أن هذا كان من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذكره تفسيرا للآية فزعمت عائشة أنه جزء من الآية أو كان جزءا فنسخ وزعمت بقاءه والله تعالى أعلم قوله (474) فقد حبط عمله بكسر الباء أي بطل قبل أريد به تعظيم المعصية لا حقيقة
[ 237 ]
اللفظ يكون مجاز التشبيه قلت وهذا مبني على أن العمل لا يحبط الا بالكفر لكن ظاهر قوله تعالى لا ترفعوا أصواتكم الآية يفيد أنه يحبط ببعض المعاصي أيضا فيمكن أن يكون ترك العصر عمدا من جملة تلك المعاصي والله تعالى أعلم قوله (475) كنا نحزر بحاء مهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة من نصر أي نقدر وفي الآخرتين
[ 238 ]
على نصف ذلك هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الآخرتين أحيانا سوى الفاتحة أيضا هذا ثم ما جاء من الاختلاف في قدر القراءة يحمل على اختلاف الاوقات قوله (478) من فاتته صلاة ظاهر العموم لكل وقيل الوقت ذهاب الوقت مطلقا وقيل الوقت المختار وقيل ذهاب الجماعة وتر أهله وماله يروى بالنصب على أن وتر بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين وبالرفع على أنه بمعنى أخذ فيكون أهله هو نائب الفاعل والمقصود أنه ليحذر من تفوتها كحذره من ذهاب أهله وماله وقال الداودي أي يجب عليه من الاسف والاسترجاع مثل الذي يجب على من وتر أهله وماله اه قلت ولا يجب عليه شئ من الاسف أصلا فليتأمل والوجه أن المراد أنه حصل له من النقصان في الآجر في الآخرة ما لو وزن بنقص الدنيا لما وازنه الا نقصان من نقص أهله وماله والله تعالى أعلم ثم هذا الحديث غير داخل في ترجمة صلاة العصر في السفر بل هذا بحث آخر وتحقيق ما يتعلق بهذا الحديث والله تعالى أعلم قوله (479) خالفه محمد بن إسحاق قيل وجه مخالفة محمد بن إسحاق لليث أنه خالفه في السند فقال بن إسحاق سمعت نوفل بن معاوية
[ 239 ]
وقال الليث عن عراك بن مالك أنه بلغه أن نوفل بن معاوية وفي المتن فإن الاول وقفه على نوفل والثاني رفعه قوله أعتم بفتح أي أخر العشاء أنه ليس أحد الخ أي هي مخصوصة بكم فاللائق بكم أن تنتفعوا بها بالاشتغال بها والانتظار لها لان الانتظار كالاشتغال بها أجرا والله تعالى أعلم قوله
[ 240 ]
(485) يتعاقبون فيكم أي تأتي طائفة عقب طائفة ثم تعود الاولى عقب الثانية وضمير فيكم للمصلين أو مطلق المؤمنين والواو في يتعاقبون لعلامة جمع الفاعل على لغة أكلوني البراغيث وليس بفاعل أو هو ضمير مبهم بينه ملائكة بالليل أو قوله ملائكة بالليل مبتدأ خبره يتعاقبون فيكم تقدم عليه لفظا هذا
[ 241 ]
هو المشهور في مثله ورد بأن في هذا الحديث وقع اختصار من الرواة والاصل أن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار كما رواه البزار ثم يعرج الذين باتوا ليلا أو نهارا كما في رواية ومقتضى اجتماعهم في الصلاتين أنه يختلف مجيئهم وذهابهم حسب اختلاف الناس في الصلاة والله تعالى أعلم قوله (486) صلاة الجمع الاضافة لادنى ملابسة أي صلاة أحدكم مع الجمع أي الجماعة أو بحذف المضاف أي صلاة آحاد الجميع والا فليس المطلوب تفضيل صلاة المجموع على صلاة الواحد بل تفضيل صلاة الواحد على صلاته باعتبار الحالين ثم إنه جاء في بعض الروايات بسبع وعشرين درجة فيحتمل على أنه اوحى إليه أولا بخمس وعشرين ثم بسبع وعشرين تفضلا من الله تعالى حيث زاد درجتين أو على أن المراد في أحد الحديثين التكثير دون التحديد والله تعالى أعلم كان مشهودا أي يشهده
[ 242 ]
الملائكة ويحضره ولا يخفي أن طائفة من الملائكة على البدلية تشهد الصلوات كلها وكلتا الطائفتين لا يحضرون صلاة الفجر أو العصر بتمامهما أيضا لقولهم تركناهم وهم يصلون فكأنهم يشهدون القرآن جميعا ثم تذهب طائفة عند تمام الركعة الثانية من الفجر أو الرابعة من العصر قبل الفراغ من الصلاة فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (488) بيت المقدس كمرجع أو كاسم المفعول من التقديس
[ 243 ]
وصرف على بناء المفعول أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعد ذلك ولظهور البعدية من السوق لم يقل ثم صرف إلى القبلة اللام فيها للعهد والمراد القبلة المعهودة بين المسلمين وهي الكعبة المشرفة والا فقد كان بيت المقدس قبلة لهم قال تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قوله وجه على بناء المفعول أي أمر بأن يتوجه فانحرفوا إلى الكعبة أي انصرفوا إليها وهم في الصلاة لخبر الواحد وفيه نسخ القطعي بالظني وقد قررهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك الا أن يمنع الظنية ويدعي أنه قد حفته أمارات
[ 244 ]
أدت إلى القطع وفيه أن ما عمل على وفق المنسوخ قبل العلم بالنسخ فهو صحيح وأن حكم الناسخ يثبت من وقت العلم فينبغي أن لا يترك ما ثبت لاحتماله النسخ لان حكم النسخ لا يثبت الا من حين العلم وقبل الثابت وهو حكم المنسوخ فليتأمل وينبغي أن يكون احتمال المعارض والتأويل مثله والله تعالى أعلم قوله يسبح من التسبيح أي يصلي النافلة قبل بكسر القاف غير أنه أي لكنه وهذا يدل على عدم وجوب الوتر قوله (491) يصلي على دابته أي النافلة قوله (492) حيثما توجهت به الباء للتعدية أو المصاحبة قوله بقباء بضم القاف وهذا يذكر ويصرف وقيل يقصر ويؤنث ويمنع
[ 245 ]
فاستقبلوها بكسر الباء على أنه صيغة أمر وهو من كلام الآتي أو بفتح الباء على أنه صيغة ماض وهو حكاية لحالهم قيل والظاهر هو الاول لان الثاني يغني عنه قوله فاستداروا الكعبة والله تعالى أعلم ثم هذا الاستقبال يستلزم تقدم القوم على الامام الا أن يقال بأن الامام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره ثم تحولت الرجال حي صاروا خلفه ويلزم وقوع مشي كثير في أثناء الصلاة الا أن يقال كان وقوعه قبل التحريم أو لم تتوال الخطا كذا قيل ومراده بقوله قبل التحريم أي قبل الشروع في الصلاة أو قبل أن يصير العمل في الصلاة حراما والاول يأباه ظاهر لفظ الحديث والله تعالى أعلم قوله (494) الله تعالى أما ان جبريل أما بالتخفيف حرف استفتاح بمنزلة ألا امام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بكسر الهمزة وهو حال لكون اضافته لفظية نظرا إلى المعنى أو بفتح الهمزة وهو ظرف والمعنى يميل إلى الاول ومقصود عروة بذلك أن أمر الاوقات عظيم قد نزل لتحديدها جبريل فعلمها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالفعل فلا ينبغي التقصير في مثله اعلم أمر من العلم أي كن حافظا ضابطا له ولا تقله عن غفلة أو من الاعلام أي بين لي
[ 246 ]
حالة واسنادك فيه يحسب بضم السين من الحساب خمس صلوات كل واحدة منها مرتين تحديدا لاوائل الاوقات وأواخرها وهو بالنصب مفعول يحسب أو صليت والله تعالى أعلم قوله يسأل هو في الموضعين على بناء الفاعل (495) كما أسمعك من الاسماع قال أبوبرزة كان أي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يحب النوم قبلها لما فيه من تعريض صلاة العشاء على الفوات ولا الحديث الخ لما فيه من تعريض قيام الليل بل صلاة الفجر على الفوات عادة وقد جاء الكلام بعدها في العلم ونحوه مما لا يخل فلذلك خص هذا الحديث بغيره يذهب الذاهب بعد الفراغ منها كما يدل عليه السياق لان الحديث مسوق لتحديد الوقت الذي يصلي فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حية حياة الشمس اما ببقاء الحر أو بصفاء اللون بحيث لا يظهر فيه تغير أو بالامرين جميعا فيعرفه فإذا
[ 247 ]
كان هذا وقت الفراغ فيكون الشروع بغلس والله تعالى أعلم قوله زاغت أي زالت قوله (497) عن خباب بمعجمة وموحدتين كعلام قوله حر الرمضاء كحمراء بضاد معجمة هي الرمل الحار لحرارة الشمس فلم يشكنا من أشكى إذا أزال شكواه في النهاية شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر وسألوه تأخيرها قليلا فلم يجبهم إلى ذلك قال وهذا الحديث يذكره أهل الحديث في مواقيت الصلاة لاجل قول أبي إسحاق لما قيل له في تعجيلها أي شكوا إليه في شأن التعجيل قال نعم والفقهاء يذكرونه في السجود فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم
[ 248 ]
في السجود من شدة الحر فنهوا عن ذلك قلت وهذا التأويل بعيد والثابت أنهم كانوا يسجدون على طرف الثوب وقال القرطبي يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمرهم بالابراد ويحتمل أنهم طلبوا زيادة تأخير الظهر على وقت الابراد فلم يجبهم إلى ذلك وقيل معناه فلم يشكنا أي لم يحوجنا إلى الشكوى ورخص لنا في الابراد وعلى هذا يظهر التوفيق بين الاحاديث قوله (498) إذا نزل منزلا أي قبيل الظهر لا مطلقا كيف وقد صح عن أنس إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر وإن كان بنصف النهار متعلق بما يفهم من السوق من التعجيل أي يعجل ولا يبالي بها وإن كانت بنصف النهار والمراد قرب النصف إذ لا بد من الزوال والله تعالى أعلم بالحال قوله (499) أبرد بالصلاة من الابراد وهو الدخول في البرد والباء للتعدية أي أدخلها في البرد وأخرها عن شدة الحر في أول الزوال فكان حد
[ 249 ]
التأخير غالبا أن يظهر الفئ للجدر قوله (500) فأبردوا عن الصلاة قيل كلمة عن بمعنى الباء أو زائدة وأبرد متعد بنفسه بمعنى أدخل في البرد وقيل متعلقة بأبردوا بتضمين معنى التأخير ولا بد من تقدير المضاف وهو الوقت فإن قدر مع ذلك مفعول أبردوا أعنى بالصلاة فالمعنى أدخلوها في البرد مؤخرين إياها عن وقتها المعتاد وإن لم يقدر له مفعول يكون المعنى ادخلوا أنت في البرد مؤخرين إياها عن وقتها والله تعالى أعلم من فيح جهنم أي شدة غليانها وانتشار حرها والجمهور حمله على الحقيقة إذ لا يستبعد مثله وقيل خرج مخرج التشبيه والتقريب أي كأنه نار جهنم في الحر فاحذروها واجتنبوا ضرها قوله عن أبي هريرة قال الخ الظاهر أن هذه الواقعة بمكة قبل إسلام أبي هريرة والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال هذا الكلام لمن حضره يومئذ وأبو هريرة أخذ الحديث من بعض أولئك فالحديث مرسل صحابي لكن مرسل الصحابي كالمتصل ويحتمل على بعد مجئ جبريل مرة ثانية بعد إسلام أبي هريرة ويكون الحديث
[ 250 ]
متصلا والله تعالى أعلم فصلى أي جبريل أو النبي عليهما الصلاة والسلام حين رأى أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو جبريل الظل مثله أي قدر قامته ولم يكن في تلك الايام فئ كما جاء أو كان والمراد سوى فئ الزوال ضرورة أن المقصود تحديد الوقت وتعيينه وفئ الزوال لا يتعين زمانا ولا مكانا فعند اعتباره في المثل لا يحصل التحديد أصلا ثم صلى به الظهر أي فرغ منها وأما في العصر الاول فالمراد بقوله صلى شرع فيها وهذا لان تعريف وقت الصلاة بالمرتين يقتضي أن يعتبر الشروع في أولى المرتين والفراغ في الثانية منهما ليتعين بهما الوقت ويعرف أن الوقت من شروع الصلاة في أولى المرتين إلى الفراغ منها في المرة الثانية وهذا معنى قول جبريل الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاة اليوم أي وقت الصلاة من وقت الشروع في المرة الاولى إلى وقت الفراغ في المرة الثانية وبهذا ظهر صحة هذا القول في صلاة المغرب وان صلى في اليومين في وقت واحد وسقط ما يتوهم أن لفظ الحديث يعطي وقوع الظهر في اليوم الثاني في وقت صلاة العصر في اليوم الاول فيلزم اما التداخل في الاوقات وهو مردود عند الجمهور ومخالف لحديث لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة أخرى أو النسخ وهو يفوت التعريف المقصود بامامة جبريل مرتين فإن المقصود في أول المرتين تعريف أول الوقت وبالثانية تعريف آخره وعند النسخ لا يحصل ذلك على أن قوله والصلاة ما بين صلاتك الخ تصريح في رد القول بالنسخ ثم قوله والصلاة ما بين صلاتك الخ يقتضي بحسب الظاهر أن لا يجوز العصر بعد المثلين لكنه محمول على بيان الوقت المختار ففيما يدل الدليل على وجود وقت سوى الوقت
[ 251 ]
المختار يقول به كالعصر وفيما لم يقم دليل على ذلك بل قام على خلافه كالظهر حيث اتصل العصر بمضي وقته المختار نقول فيه بأن وقته كله مختار وليس له وقت سوى ذلك والله تعالى أعلم قوله (503) كان قدر صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الخ أي قدر تأخير الصلاة عن الزوال ما يظهر فيه قدر ثلاثة أقدام للظل أي يصير ظل كل انسان ثلاثة أقدام من اقدامه فيعتبر قدم كل انسان بالنظر إلى ظله والمراد أن يبلغ مجموع الظل الاصلي والزائد هذا المبلغ لا أن يصير الزائد هذا القدر ويعتبر الاصلي سوى ذلك فهذا قد يكون لزيادة الظل الصلي كما في أيام الشتاء وقد يكون لزيادة الظل الزائد بسبب
[ 252 ]
التبريد كما في أيام الصيف والله تعالى أعلم قوله صلى معي هكذا في نسختنا ثبوت الياء والظاهر حذفها وكان الياء الموجودة للآشباع وأما لام الكلمة فهي محذوفقة أو هي لام الكلمة الا أن المعتل عومل معاملة الصحيح وقد تكرر الوجهان في مواضع فكن على ذكر منهما فلعلي ما أعيد بعد ذلك والله تعالى أعلم ثم هذا الحديث في وقت الظهر والعصر موافق لحديث امامة جبريل فيؤيد بطلان قول من يقول بالنسخ فليتأمل قوله (505) والشمس في حجرتها أي ظلها في الحجرة لم يظهر الفئ أي ظلها لم يصعد ولم يعل على الحيطان أو لم يزل قلت وهو الاظهر لان الغالب أن ظل الشمس يظهر على الحيطان قبل المثل والله تعالى أعلم قوله (506) الله تبارك وتعالى وهم يصلون أي العصر ومعلوم أنهم صحابة ما يصلون في وقت لا ينبغي
[ 253 ]
التأخير إليه قوله (507) ويذهب الذاهب أي بعد الصلاة بقرينة السياق قوله محلقة اسم فاعل من التحليق بمعنى الارتفاع أي مرتفعة قوله (509) حتى دخلنا على أنس بن مالك أي وبيته في جنب المسجد وهذا يفيد تعجيل العصر بلا ريب قال النووي وإنما أخر عمر بن عبد العزيز الظهر رحمه الله تعالى على عادة الامراء قبلة قبل أن تبلغه السنة في تقديمها فلما بلغته صار إلى التقديم ويحتمل أنه أخرها لشغل وعذر عرض له وظاهر الحديث يقتضي التأويل الاول وهذا كان حين ولي عمر بن عبد العزيز المدينة نيابة لا في خلافته لان أنسا رضى الله تعالى عنه توفي قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بنحو تسع سنين قوله عجلت من التعجيل
[ 254 ]
قوله تلك أي الصلاة المتأخرة عن الوقت وقوله فكانت بين قرني الشيطان كناية عن قرب الغروب وذلك لان الشيطان عند الطلوع والاستواء والغروب بنتصب دون الشمس بحيث يكون الطلوع والغروب بين قرنيه فنقر أربعا كأنه شبه كل سجدتين من سجداته من حيث أنه لا يمكث
[ 255 ]
فيهما ولا بينهما بنقر طائر إذا وضع منقاره يلتقط شيئا والله تعالى أعلم قوله فتقدم جبريل الخ وكانت امامة جبريل بأمره تعالى فاقتداء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم به والناس اقتداء مفترض بمفترض فلا يستقيم استدلال من استدل بالحديث على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل حتى وجبت أي غربت
[ 256 ]
حين انشق الفجر أي طلع ثم أتاه في اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه أي أتاه بحيث فرغ من الصلاة وقد كان ظل الرجل مثل شخصه بخلاف ما تقدم من العصر في اليوم الاول فإنه شرع في الصلاة وكان ظل الشئ مثله وقد تقدم تحقيقه فنمنا ثم قمنا ظاهره أن جابرا قد حضر هذه الصلاة لكن المشهور أن هذه الصلاة كانت بمكة قبل الهجرة فأما أن يقال أن هذا الكلام كلام من سمع جابر الحديث عنه ثم ذكره جابر على وجه الحكاية أو نقول بتعدد الواقعة كما ذكرت في حديث أبي هريرة وعلى الثاني فقول جابر يعلمه مواقيت يحمل على زيادة الايقان والحفظ والله تعالى أعلم امتد الفجر أي طال ولعله ما انتظر الاسفار التام لتطويل القراءة فصلى بحيث وقع الفراغ عند الاسفار فضبط آخر الوقت بالفراغ من الثانية كما ضبط أوله بالشروع في الاولى والله تعالى أعلم
[ 257 ]
قوله (514) من أدرك ركعتين غالب الروايات من أدرك ركعة ومعنى فقد أدرك أي تمكن منه بأن يضم إليها باقي الركعات وليس المراد أن الركعة تكفي عن الكل ومن يقول بالفساد بطلوع الشمس في أثناء الصلاة يؤول الحديث بأن المراد أن من تأهل للصلاة في وقت لا يفي الا لركعة وجب عليه تلك الصلاة كصبي بلغ وحائض طهرت وكافر أسلم وقد بقي من الوقت ما يفي ركعة واحدة تجب عليه صلاة ذلك الوقت لكن رواية فليتم صلاته كما سيجئ تأتي هذا التأويل والله
[ 258 ]
تعالى أعلم قوله (518) رضي الله تعالى عنه لا صلاة بعد العصر الخ نفى بمعنى النهي مثل لا رفث ولا فسوق قوله (519) عند الفجر أي عند طلوعه حين وقع أي حين غاب وسقط حاجب الشمس أي طرفها الذي بغيبته تغيب الشمس كلها وأنعم أن يبرد أي أطال الابراد
[ 259 ]
قوله (520) يرمون ويبصرون من الابصار والحديث يدل على التعجيل وعلى أنه يقرأ فيها السور القصار إذ لا يتحقق مثل هذا الا عند التعجيل وقراءة السور القصار فليتأمل قوله بالمخمص بميم مضمومة وخاء معجمة مفتوحة ثم ميم مفتوحة مشددة اسم موضع
[ 260 ]
كان له أجره أي في هذه الصلاة أو في مطلق الصلاة أو في كل عمل والله تعالى أعلم حتى يطلع الشاهد كناية عن غروب الشمس لان بغروبها يظهر الشاهد والمصنف حمله على تأخير الغروب وهو بعيد لان غاية الامر جواز التأخير لا وجوبه ولو حمل الحديث عليه لافاد الوجوب فليتأمل قوله (522) ما لم تحضر العصر يدل على أن أول وقت العصر كان معلوما عندهم بل ظاهر سوق هذه الرواية أن أوائل كل الاوقات معلومات عندهم كأنها أمر معروف عنه وإنما سيق الحديث لتحديد الاواخر والمراد بيان الوقت المختار ثور الشفق بالمثلثة أي انتشاره وثوران حمرته من ثار الشئ يثور إذا انتشر وارتفع قوله (523) فلم يرد عليه شيئا أي لم يبين له الاوقات بالكلام بل أمره بالاقامة يومين ليبين له بالفعل كما تقدم حين انشق الفجر أي طلع كأنه شق موضع طلوعه فخرج منه انتصف النهار قال الشيخ ولي الدين هو على سبيل الاستفهام قلت فيحمل أن يكون بفتح الهمزة مثل اصطفى
[ 261 ]
البنات وأفترى أو بكسرها على أن حرف الاستفهام مقدر كما في قول القائل طلعت الشمس ثم يحمل الحديث على بيان الوقت المختار نعم قد علم في البعض أنه ليس له وقت سوى الوقت المختار والله تعالى أعلم قوله (524) وكان الفئ هو الظل بعد الزوال قدر الشراك بكسر الشين أحد سيور النعل التي تكون على وجهها وظاهر هذه الرواية أن المراد الفئ الاصلي لا الزائد بعد الزوال ولذلك استثنى في وقت
[ 262 ]
العصر العنق بمهملة ونون مفتوحتين وقاف سير سريع ذكره السيوطي قلت لكن إلى التوسط أقرب والله تعالى أعلم قوله (525) يصلي الهجير أي الظهر التي تدعونها تسمونها الاولى فإنها أول صلاة صلاها جبريل للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم تدحض أي تزول حتى يرجع
[ 263 ]
الظاهر حين يرجع ولعل كلمة حتى وقعت موضع حين سهوا من بعض والله تعالى أعلم قوله سطح الفجر أي ارتفع وظهر قوله سواء أي مساوية للغروب حال من مفعول صلاها
[ 264 ]
قوله بالهاجرة في الصحاح هو نصف النهار عند اشتداد الحر وفي القاموس هو من الزوال إلى العصر ولا يخفى أن الاول لا يستقيم والثاني لا يفيد تعين الوقت المطلوب والظاهر أن المراد هو الاول على تسمية ما هو قريب من النصف نصفا ولعل المطلوب أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها أي لا يؤخرها تأخيرا كثيرا فلا ينافي الابراد ولعل تخصيص أيام الحر لبيان أن الحر لا يمنعه من أول الوقت فكيف إذا لم يكن هناك حر إذا وجبت الشمس أي سقطت وغربت والعشاء الظاهر لفظا أنه عطف ومعنى أنه مبتدأ أو مفعول لمحذوف أي عجل العشاء أحيانا وأخرها أحيانا وجملة كان إذا رآهم الخ بيان لحين التعجيل والتأخير والله تعالى أعلم قوله (528) لسقوط القمر أي غيبته وكان هذا هو الغالب والا فقد علم أنه كان يعجل تارة
[ 265 ]
ويؤخر أخرى حسبما يرى من المصلحة ولان دلالة الحديث على بيان الشفق غير ظارة الا بوجه بعيد فليتأمل قوله العتمة بفتحتين أي العشاء (531) رضي الله تعالى عنهما أو خلوا بكسر خاء معجمة وسكون لام أي منفردا أعتم أي أخر الصلاة الصلاة بالنصب على الاغراء أو التقدير عجلها أو أخرها
[ 266 ]
فبدد بتشديد الدال أي فرق ثم على الصدغ بضم الصاد المهملة لا يقصر من التقصير أي لا يبطئ ولا يبطش من نصر وضرب أي لا يستعجل الا هكذا أي بالتأخير إلى مثل هذا الوقت ويفهم منه أن تأخير العشاء أحب من تعجيلها قوله (532) رقد النساء والولدان قيل أي الذين بالمسجد قلت أو الذين بالبيوت بعد انتظارهم للازواج ة والآباء الذين بالمسجد قوله أنه الوقت أي الاحب لولا أن
[ 267 ]
أشق على أمتي أي لامرتهم به قوله (535) ما ينتظرها غيركم أي فانتظاركم شرف مخصوص بكم فلا تكرهوه إلى ثلث الليل فعلم منه آخر الوقت المرغوب (536) حتى ذهب عامة الليل أي غالبه والمتبادر منه أنه صلى بعد أن ذهب من النصف الاخير أيضا شئ أنه لوقتها بفتح اللام قوله
[ 268 ]
ولولا أن تثقل بصيغة التأنيث أي الصلاة هذه الساعة أو التذكير أي التأخير لصليت بهم هذه الساعة أي ليطول انتظارهم فيكثر بذلك انتفاعهم بهذه الصلاة المخصوصة بهم لان المنتظر للصلاة كالذي في الصلاة قوله (538) لم تزالوا في الصلاة التنكير للتعميم أي أي صلاة أنتظرتموها فأنتم فيها ما دام انتظرتموها ولولا ضعف الضعيف هو بضم أو فتح فسكون والسقم بضم فسكون أو بفتحتين ومقتضى الموافقة أن يختار فيهما الضم مع السكون ثم السقم هو المرض والضعف أعم فقد يكون بدونه والله تعالى أعلم قوله (539) إلى وبيص خاتمه قال السيوطي هو البريق وزنا ومعنى
[ 269 ]
قوله (540) ما في النداء أي الاذان كما في رواية والصف الاول أي من الخير والبركة كما في رواية ثم لم يجدوا أي سبيلا إلى تحصيله بطريق الا أن يستهموا عليه أي بأن يستهموا عليه فالضمير في عليه راجع لما وقيل للمذكور من النداء والصف الاول والاستفهام الاقتراع أي الا بالقرعة وفيه تجهيل للمتساهلين في هذا الامر فلا يرد أنهم قد علموا بخبر الصادق وهم بسعة من تحصيله بلا استهام ومع هذا لا يحصلونه فكيف يصدق الخبر بأنهم لو علموا لاستهموا التهجير أي التبكير إلى الصلوات مطلقا وقيل الاتيان إلى صلاة الظهر في أول الوقت لان التهجير من الهاجرة لاستبقوا إليه أي سبق بعضهم بعضا إليه لا بسرعة في المشي في الطريق فإنه ممنوع بل بالخروج إليه والانتظار في المسجد قبل الآخر ولو حبوا كما يمشي الصبي
[ 270 ]
أول أمره قوله (541) لا تغلبنكم الاعراب الخ أي الاسم الذي ذكر الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسم العشاء والاعراب يسمونها العتمة فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه من غلبة الاعراب عليكم بل أكثروا استعمال اسم العشاء موافقة للقرآن فالمراد النهي عن اكثار اسم العتمة لا عن استعماله أصلا فاندفع ما يتوهم من التنافي بين أحاديث البابين فإنهم يعتمون من أعتم إذا دخل في العتمة وهي الظلمة وعلى بمعنى اللام أي يؤخرون الصلاة ويدخلون في ظلمة الليل بسبب الابل وحلبها والله تعالى
[ 271 ]
أعلم قوله أن كان كلمة أن مخففه من المثقلة أي أن الشأن كان الخ متلفعات بعين مهملة بعد الفاء أي متلففات بأكسيتهن ما يعرفن أي حال الانصراف في الطرق لا في داخل المسجد كما زعمه المحقق بن الهمام لان جملة ما يعرفن حال من فاعل ينصرف فيجب المقارنة بينهما من الغلس أي لاجل
[ 272 ]
الظلمة لا لاجل التلفع قوله (547) قريب منهم أي من أهل خيبر فأغار عليهم أي وقع عليهم وقاتلهم خربت خيبر أي على أهلها وفتحت على المسلمين قاله تفاؤلا حين رأى في أيدي أهلها آلات الهدم صباح المنذرين بفتح الذال والمخصوص بالذم محذوف أي صباحهم والضمير للقوم قوله (548) أسفروا بالفجر من يرى أن التغليس أفضل يحمله على التأخير حين تبين وينكشف بحقيقة الامر ويعرف يقينا طلوع الفجر أو يخصه بالليالي المقمرة لان أول الصبح لا يتبين فيها فأمروا بالاسفار احتياطا أو على تطويل الصلاة وهو الاوفق بحديث ما أسفرتم بالفجر فإنه أعظم أي للاجر وهو مختار الطحاوي
[ 273 ]
من علمائنا الحنفية والله تعالى أعلم قوله (552) بين صلاتيكم هاتين الظاهر أن المراد بهما الظهر والعصر أي يصلي العصر بين ظهركم وعصركم والمقصود أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يعجل وإنهم يؤخرون إلى أن ينفسح البصر أي يتسع وهذا آخر وقته صلى الله عليه وسلم ولا يلزم منه أنه أخر الوقت بمعنى
[ 274 ]
أنه لا يجوز بعده بل ذاك هو الذي يدل عليه حديث من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس الحديث والله تعالى أعلم قوله (553) من أدرك من الصلاة ركعة الخ لا دلالة له على حكم من أدرك دون الركعة الا بالمفهوم ولا حجة فيه عند من لا يقول به ولذلك يقول علماؤنا الحنفية القائلون بعدم المفهوم أن من أدرك التحريمة في الوقت فقد أدرك الا في الصبح والجمعة لما عندهم من الدليل على ذلك والله
[ 275 ]
تعالى أعلم قوله (559) ومعها قرن الشيطان أي اقترانه أو أن الشيطان يدنو منها بحيث يكون طلوعها بين قرني الشيطان وغرض اللعين أن يقع سجود من يسجد للشمس له فينبغي لمن يعبد ربه تعالى أن لا يصلي في هذه الساعات احترازا من التشبيه بعبدة الشيطان في تلك الساعات أي الثلاث قوله (560) أو نقبر
[ 276 ]
فيهن من قبر الميت من باب نصر وضرب لغة وظاهر الحديث كراهة الدفن في هذه الاوقات وهو قول أحمد وغيره ومن لا يقول به يؤول الحديث بأن المراد صلاة الجنازة على الميت بطريق الكناية للملازمة بين الدفن والصلاة ولا يخفى أنه تأويل بعيد لا ينساق إليه الذهن من لفظ الحديث يقال قبره إذا دفنه ولا يقال قبره إذا صلى عليه بازغة أي طالعة ظاهرة لا يخفى طلوعها وحين يقوم قائم الظهيرة أي يقف الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسبما يرى ويظهر فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له حركة سريعة حتى يظهر بمرأى العين أنه واقف وهو سائر وحين تضيف بتشديد الياء بعد الضاد المفتوحة وضم الفاء صيغة المضارع أصله تتضيف بالتاءين حذفت إحداهما أي تميل قوله وكان أي عمر من أحبهم إلى جملة معترضة في البين
[ 277 ]
قوله لا يتحسر أحدكم هكذا في نسختنا بسين وراء بعد الحاء المهملة أي لا يتعجز ولا يتثقل عن أداء الصلوات في الوقت اللائق بها فيصلي بسبب ذلك عند طلوع الشمس أو غروبها لاجل تأخيرها عن الوقت اللائق بها وفي بعض النسخ لا يتحر براء بعد الحاء على أنه نهى من التحري
[ 278 ]
وهو المشهور في هذا الحديث ومعناه ظاهر وسيجئ تحقيقه أيضا قوله (567) حتى تبزغ الشمس بزوغ الشمس طلوعها من حد نصر قوله (570) أوهم عمر هكذا في النسخ بالالف والصواب وهم بكسر الهاء أي غلط أو بفتح الهاء أي ذهب وهمه إلى ما قال كما صرحوا في مثله وهو المشهور في رواية هذا الحديث يقال أوهم في صلاته أو في الكلام إذا أسقط منها شيئا ووهم بالكسر إذا غلط ووهم بالفتح يهم إذا ذهب وهمه الا أن يقال المراد ان الحديث كان مقيدا فأسقط القيد من الكلام نسيانا ثم تبع إطلاقه ومقصود عائشة أن عمر كان يرى المنع بعد العصر مطلقا وهو خطأ والصواب أن الممنوع هو التحري بالصلاة في النهاية التحري هو القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشئ بالفعل والقول فالمنهي عنه تخصيص الوقتين المذكورين بالصلاة واعتقادهما أولى وأحرى للصلاة أو أرادت عائشة أن المنهي عنه هو الصلاة عند الطلوع والغروب بخصوصهما لا بعد العصر والفجر مطلقا وعلى كل تقدير فقد وافق عمر على رواية الاطلاق
[ 279 ]
أصحابه فالوجه أن روايته صحيحة والاطلاق مراد والتقييد في بعض الروايات لا يدل على نفيه بل لعله كان للتغليظ في النهي والله تعالى أعلم قوله (571) إذا طلع حاجب الشمس أي طرفها الذي يطلع أولا والمراد ثانيا هو الطرف الذي يغيب آخرا والله تعالى أعلم قوله ما يكون الخ أي قربا يليق به تعالى
[ 280 ]
قيد رمح أي قدره وتسجر على بناء المفعول أي توقد فالاولى التصديق بامثال هذا وترك الجدال ثم لعل المقصود بيان أن الصلاة مباحة إلى طلوع الشمس والى الغروب في الجملة وهذا لا ينافي كراهة النفل بعد أداء صلاة الفجر والعصر فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (573) الا أن تكون الشمس الخ دلالة الاستثناء على الجواز بالمفهوم وهو غير معتبر عند قوم ودلالة الاطلاق أقوى منه عند آخرين ويكفي لصحته جواز بعض أفراد الصلاة كالقضاء وكأن القائلين بالاطلاق اعتمدوا بعض ما ذكرنا والله تعالى
[ 281 ]
أعلم قوله (574) السجدتين بعد العصر ادعى كثير منهم الخصوص لانه صلى الله تعالى عليه وسلم فإته مرة ركعتان بعد الظهر فقضى بعد العصر ثم التزمهما والتزام القضاء مخصوص به قطعا وجوز بعضهم
[ 282 ]
الصلاة بعد العصر لسبب واستدلوا بالحديث عليه والله تعالى أعلم
[ 283 ]
قوله (582) كنا نصليها الخ والظاهر أن الركعتين قبل صلاة المغرب جائزتان بل مندوبتان ولم أر للمانعين جوابا شافيا والله تعالى أعلم قوله (583) لا يصلي الا ركعتين خفيفتين أي قبل الفرض قوله قال حر وعبد قيل هما أبو بكر وبلال ثم انته أمر من الانتهاء فما دامت أي وكذا انته ما دامت أي الشمس كأنها حجفة بتقديم
[ 284 ]
حاء مهملة على جيم مفتوحتين أي ترس في عدم الحرارة وامكان النظر حتى يقوم العمود على ظله العمود خشبة يقوم عليها البيت والمراد حتى يبلغ الظل في القلة غايته بحيث لا يظهر الا تحت العمود ومحل قيامه فيصير كأن العمود قائم عليه والمراد وقت الاستواء قوله (585) أية ساعة شاء الظاهر أن المعنى لا تمنعوا أحدا دخل المسجد للطواف والصلاة عند الدخول أية ساعة يريد الدخول فقوله أية ساعة ظرف لقوله لا تمنعوا لالطاف وصلى ففي دلالة الحديث على الترجمة بحث كيف والظاهر أن الطواف والصلاة حين يصلي الامام الجمعة بل حين يخطب الخطيب يوم الجمعة بل حين يصلي الامام أحدى الصلوات الخمس غير مأذون فيها للرجال والله تعالى أعلم قوله (586) إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما ظاهره
[ 285 ]
أنه كان يجمع بينهما في وقت العصر ومن لا يقول به يحمل قوله إلى وقت العصر على معنى إلى قرب وقت العصر ويحمل الجمع على الجمع فعلا لا وقتا وهو أن يصلي الظهر في آخر وقته بحيث يتصل خروج الوقت ودخول وقت العصر بفراغه ثم يصلي العصر في أول وقته والله تعالى اعلم قوله (588) وهو في زراعة بفتح زاي معجمة وشدة راء مهملة التي تزرع حتى إذا كان بين الصلاتين ظاهره أنه جمع جمع تقديم
[ 286 ]
في آخر وقت الظهر ويحتمل أنه جمع فعلا وأما جمع التأخير فهذا اللفظ يأبى عنه والله تعالى أعلم فليصل هذه الصلاة بضم الياء وتشديد اللام والمراد فليصل هكذا أو بفتح الياء وتخفيف اللام فليجمع هذه الصلاة قوله ثمانيا أي ثماني ركعات أربع ركعات للظهر وأربع ركعات للعصر والاحسن في تأويله أنه جمع فعلا لا وقتا فأخر الظهر إلى آخر وقته وعجل العصر في أول وقته وهو الاوفق بقوله أخر الظهر وعجل العصر والله تعالى أعلم قوله الاولى أي الظهر فإنهم كانوا يسمون الظهر الاولى لكونها أول صلاة صلى جبريل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثمان سجدات أي ثمان ركعات فأريد بالسجدة الركعة باستعمال اسم الجزء في الكل
[ 287 ]
قوله (591) إلى الحمي بكسر حاء وفتح ميم وقصر ألف وفي بعض النسخ الحمى وهو بالفتح والتشديد والميم موضع بقرب المدينة فحمة العشاء بفتح فاء وسكون حاء هي أول سواد الليل قوله سرف بفتح فكسر قوله (594) الله تعالى إذا عجل كسمع والباء في به للتعدية وظاهر هذا الحديث هو الجمع وقتا لا فعلا
[ 288 ]
قوله (595) لما بها بفتح اللام أي للذي بها من المرض الشديد أو بكسر اللام أي هي في الشدة والتعب لما بها من المرض يسايره يوافقه في السير وهو يحافظ على الصلاة الجملة حال قوله (596) حتى كاد الشفق أن يغيب هذا صريح في الجمع فعلا إذا جد به السير الباء للتعدية أي جعله السير مجتهدا مسرعا قوله الا بجمع بفتح فسكون أي بمزدلفة ولم يذكر عرفات وكأنه بناء على أنه يجمع هناك أحيانا لا دائما لما قال بعض
[ 289 ]
العلماء ان شرطه الامام الاعظم والله تعالى أعلم (597) فأسرع السير بالنصب مفعول أسرع وفاعله الضمير حتى حانت أي حضرت الصلاة بالرفع أي حضرت أو بالنصب على الاغراء أي بتقدير أتريد الصلاة أو أتصلي الصلاة كما قاله أبو البقاء ثم سلم واحدة أي تسليمه واحدة والاكتفاء بالواحدة وارد وان كان الغالب الاثنين قوله (599) أو حز به أمر أي نزل به مهم
[ 290 ]
قوله (602) لئلا يكون على أمته حرج أي لئلا يتحرج من يفعل ذلك من أمته والا فالجمع إذا حملناه على الجمع فعلا كما سبق فهو جائز لهم على مقتضى تحديد الاوقات لان كلا من الصلاتين في وقتها الا أن الاولى في آخر الوقت والثانية في أول الوقت
[ 291 ]
قوله بنمرة موضع بعرفة أمر بالقصواء كحمراء اسم ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم ويقال لكل ناقة مقطوعة الاذن قصواء قالوا ولم تكن ناقته مقطوعة الاذن
[ 292 ]
قوله جمع بين الصلاتين الا بجمع كأنه رضي الله تعالى عنه ما اطلع على جمع عرفة ولا على جمع السفر قبل وقتها أي يعتاد الصلاة بعد طلوع الفجر بشئ ويومئذ صلى أول ما طلع ولم يرد أنه صلى قبل الطلوع فإنه خلاف ما ثبت قوله (609) فلما أتى الشعب بكسر معجمة وسكون مهملة الطريق المعهودة للحاج وقد ثبت أنه توضأ هناك بماء زمزم ولم يقل إهراق الماء أي موضع بال يريد أنه حفظ اللفظ المسموع وراعاه في التبليغ وأنهم ما كانوا يحترزون عن نسبة البول ثم الحديث يدل على أن الفصل القليل لا يضر بالجمع قوله (610) على وقتها أي في وقتها المندوب وبر الوالدين بكسر موحدة
[ 293 ]
وتشديد راء الاحسان وبر الوالدين ضد العقوق وهو الاساءة وتضييع الحقوق قوله (611) أقام الصلاة أصله إقامة الصلاة لكن حذفت التاء تخفيفا كما في قوله تعالى وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة قوله (612) قال نعم وبعد الاقامة وحدث الخ يريد أن الصلاة لا تسقط بذهاب الوقت بل تقضى ثم ان قبل بخصوص القضاء بالمكتوبات يكون الحديث دليلا على وجوب الوتر عند عبد الله والا فلا
[ 294 ]
قوله (614) يرقد عن الصلاة الجملة صفة الرجل باعتبار أن تعريفه للجنس فهو في المعنى كالنكرة فيصح أن يوصف بالجملة وجعلها حالا بعيد معنى أو يغفل بضم الفاء كفارتها يدل على أنه لا يخلو عن تقصير ما بترك المحافظة لكن يكفي في محو تلك الخطيئة القضاء وما سيجئ أنه لا تفريط في النوم فبالنظر إلى الذات قوله (615) أنه ليس في النوم تفريط ليس المراد أن نفس فعل النوم والمباشرة بأسبابه لا يكون فيه تفريط أي تقصير فإنه قد يكون فيه تفريط إذا كان في وقت يفضي فيه النوم إلى فوات الصلاة مثلا كالنوم قبل العشاء وإنما المراد أن ما فات حالة النوم فلا تفريط في فوته لانه فات بلا اختيار وأما المباشرة بالنوم فالتفريط فيها تفريط حالة اليقظة ولفظ اليقظة بفتحتين قوله حتى يجئ ظاهره أنه لا يجوز الجمع وقتا بتأخير الاولى إلى وقت الثانية كما يقول علماؤنا الحنفية لكن قد يقال إطلاقه ينافي جمع مزدلفة في الحج وهو خلاف المذهب وعند التقييد يمكن تقييده بما يخرجه عن الدلالة بأن يقال أن يؤخر صلاة بلا مبيح شرعا وأيضا المراد بقوله حتى يجئ وقت الاخرى أي حتى يخرج وقت تلك الصلاة بطريق الكناية لان الغالب أنه بدخول الثانية يخرج وقت الاولى وذلك لان خروج الاولى مناط للتفريط ولا دخل فيه لدخول وقت الثانية وأيضا مورد الكلام صلاة الصبح والتفريط فيها يتحقق بمجرد الخروج
[ 295 ]
بلا دخول وقت أخرى فمضمون الكلام أن المذموم هو التأخير إلى خروج الوقت وإذا جاز الجمع في السفر فلا نسلم خروج وقت الاولى بدخول وقت الثانية لان الشارع قرر وقت الثانية وقتالهما فكل منهما في وقتها حينئذ والله تعالى أعلم قوله فليصلها أحدكم الخ أي ليصل الوقتية من الغد للوقت ولما كانت الوقتية من الغد عين المنسية في اليوم باعتبار أنها واحدة من خمس كالفجر والظهر مثلا صح رجع الضمير والمقصود المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد وأن لا يتخذ الاخراج عن الوقت والاداء في وقت أخرى عادة له وهذا المعنى هو الموافق لحديث عمران بن الحصين أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قلنا يا رسول الله الا نقضيها لوقتها من الغد فقال نهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم ولم يقل أحد بتكرار القضاء والله تعالى أعلم قوله أقم الصلاة لذكري بالاضافة إلى ياء المتكلم وهي القراءة المشهورة لكن ظاهرها لا يناسب المقصود فاوله بعضهم بأن المعنى وقت ذكر صلاتي على حذف المضاف أو المراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة لكون ذكر الصلاة يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى
[ 296 ]
فيها فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله فقيل في موضع أقم الصلاة لذكرها لذكر الله وفي
[ 297 ]
بعض النسخ للذكرى بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة وهي قراءة شاذة لكنها أوفق بالمقصود وهو الموافق لما سيجئ قلت للزهري هكذا قرأها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال نعم والله تعالى أعلم قوله فأسرينا أي سرنا ليلا فذكر ليلة تأكيدا لذلك قوله فحبسنا على بناء
[ 298 ]
المفعول فقال ما على الارض تبشيرا وتهوينا لما لحقهم من المشقة بفوات الصلاة قوله عرسنا من التعريس أي نزلنا آخر الليل ليأخذ كل انسان الخ أي لنخرج من هذا المحل قوله (624) من يكلؤنا بهمزة في آخره أي يحفظ لنا وقت الصبح لا نرقد جملة مستأنفة في محل التعليل فضرب على آذانهم منهما في وقتها حينئذ والله تعالى أعلم قوله فليصلها أحدكم الخ أي ليصل الوقتية من الغد للوقت ولما كانت الوقتية من الغد عين المنسية في اليوم باعتبار أنها واحدة من خمس كالفجر والظهر مثلا صح رجع الضمير والمقصود المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد وأن لا يتخذ الاخراج عن الوقت والاداء في وقت أخرى عادة له وهذا المعنى هو الموافق لحديث عمران بن الحصين أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قلنا يا رسول الله الا نقضيها لوقتها من الغد فقال نهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم ولم يقل أحد بتكرار القضاء والله تعالى أعلم قوله أقم الصلاة لذكري بالاضافة إلى ياء المتكلم وهي القراءة المشهورة لكن ظاهرها لا يناسب المقصود فاوله بعضهم بأن المعنى وقت ذكر صلاتي على حذف المضاف أو المراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة لكون ذكر الصلاة يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى
[ 296 ]
فيها فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله فقيل في موضع أقم الصلاة لذكرها لذكر الله وفي
[ 297 ]
بعض النسخ للذكرى بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة وهي قراءة شاذة لكنها أوفق بالمقصود وهو الموافق لما سيجئ قلت للزهري هكذا قرأها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال نعم والله تعالى أعلم قوله فأسرينا أي سرنا ليلا فذكر ليلة تأكيدا لذلك قوله فحبسنا على بناء
[ 298 ]
المفعول فقال ما على الارض تبشيرا وتهوينا لما لحقهم من المشقة بفوات الصلاة قوله عرسنا من التعريس أي نزلنا آخر الليل ليأخذ كل انسان الخ أي لنخرج من هذا المحل قوله (624) من يكلؤنا بهمزة في آخره أي يحفظ لنا وقت الصبح لا نرقد جملة مستأنفة في محل التعليل فضرب على آذانهم
[ 299 ]
أي ألقى عليهم نوم شديد مانع عن وصول الاصوات إلى الآذان بحيث كأنه ضرب الحجاب عليها قوله أدلج بالتخفيف أي سار أول الليل (625) ثم عرس بالتشديد أي نزل آخره تم الجزء الاول من صحيح الامام النسائي ويليه الجزء الثاني وأوله كتاب الاذن