إرواء الغليل
محمد ناصر الألباني ج 4

[ 1 ]
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل تأليف محمد ناصر الدين الالباني باشراف زهير الشاويش الجزء الرابع المكتب الاسلامي
[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للمكتب الاسلامي لصاحبه زهير الشاويش الطبعة الثانية 1405 ه‍ - 1985 م المكتب الاسلامي بيروت : ص . ب 3771 / 11 - هاتف 450638 - برقيا : اسلاميا دمشق : ص . ب 800 - هاتف 111637 - برقيا : اسلامي
[ 3 ]
كتاب الصيام 901 - (حديث ابن عمر : بني الاسلام على خمس) ص 216 صحيح . وتقسم بتمامه مع تخريجه برقم (781) . 902 - (وقرأ (ص) : (صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته) متفق عليه) . ص 216 منتقى (395) صحيح . وهو من حديث أبى هريرة ، وله عنه طرق : الاولى : عن عمد بن زياد عنه به وزاد : (فإن غبي عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين) أخرجه البخاري (4 / 106 . - فتح) ومسلم (3 / 124) والنسائي (1 / 301) والدارمي (2 / 3) والطحاوي في (مشكل الاثار) (1 / 209) والبيهقي (4 / 205 و 206) والطيالسي في (مسنده) (3481) وأحمد (2 / 415 ، 430 ، 454 ، 456 ، 469) من طرق عنه ، واللفظ للبخاري وهو رواية لاحمد ، وفي أخرى له وهو رواية الجماعة (فان غم) . الثانية : عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا بلفظ :
[ 4 ]
(إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومأ) . أخرجه مسلم والنسائي وابن الجارود في (المنتقى) (395) والدارقطني في سننه (229) والبيهقي وأحمد (2 / 263) وكذا الطيالسيى (2306) من طرق عن الزهري عنه وقال ابن الجارود والدارقطني : (عنه وأبي سلمة أو أحدهما) وهو رواية لاحمد (2 / 281) . الثالثة : عن الاعرج عنه به مثل رواية سعيد ، إلا أنه قال : (فعدوا ثلاثين) . أخرجه مسلم والنسائي ، والبيهقي وأحمد (2 / 287) . الرابعة : عن أبى سلمة عنه به . أخرجه الترمذي (- 1 / 133) والدارقطني وأحمد (2 / 259 ، 438 ، 497) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . الخامسة : عن عطاء عنه . أخرجه أحمد (2 / 422) من طريق الحجاج عن عطاء به . قلت : ورجاله ثقات غير أن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه . السادسة : عن سعد بن إبراهيم عنه . أخرجه البيهقي (4 / 247) بسند صحيح .
[ 5 ]
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس رضى الله عنه ، وله عنه أنه بسبع طرق : الاولى : عن أبي البختري قال : (أهللنا رمضان ونحن بذات عرق ، فارسلنا رجلا إلى إبن عباس رضي الله عنهما يساله ، فقال إبن عباس قال رسول الله الله (ص) : إن الله قد أمده لرؤيته فإن أغمي عليكم فكملوا العدة) . أخرجه مسلم (3 / 127) والدارقطني (230) وصححه ، البيهقي (4 / 206) والطيالسي في مسنده (2721) وأ حمد (1 / 327 ، 344 ، 371) . الثانية : عن سماك عن عكرمة عن إبن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين ، الا أن يكون شي يصومه أحدكم ، ولا تصوموا حتى تروه ، ثم صوموا حتى تروه ، فان حال دونه غمامة فاتموا العدة ثلاثين ، ثم أفطروا ، والشهر تسع وعشرون) . أخرجه أبو داود (2327) والنسائي (1 / 302) والترمذي (1 / 133) والدارمى (1 / 2) وابن حبان (873) والحاكم (1 / 425) والطيالسي (2671) واحمد (1 / 226) وأبو عبيد في (غريب الحديث) (من 59 / 1 - 2) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . الثالثة : عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن إبن عباس قال :
[ 6 ]
(عجبت ممن يتقدم الشهر ، وقد قال رسول الله (ص) : (إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فافطروا ، فإن غم عليكم فكملوا العدة ثلاثين) . أخرجه النسائي (1 / 301) والدارمي (2 / 3) وأحمد (1 / 221) وقال الدارمي : (محمد بن جبير) بدل (ابن حنين) (1) وهو الارجح لان الامام أحمد قد أخرجه (1 / 367) من طريق ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن جبير يقول : (كان إبن عباس ينكر أن يتقدم في صيام رمضان إذا لم ير هلال شهر رمضان ، ويقول : قال النبي (ص) (إذا لم تروا الهلال فاستكملوا ثلاثين ليلة) . وتابعه زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار به . أخرجه الطحاوي (1 / 209) قلت : وهذا سند صحيح ، فان محمد بن جبير وهو ابن مطعم ثقة من رجال الشيخين وكذلك سائر الرواة ، واما محمد بن حنين فمجهول لا يعرف وقد صوب المزي في (التهذيب) أنه ابن جبير ، وأفاد الحافظ في (تهذيبه) أن ابن حنين غير إبن جبير وذكر في (التقريب) أنه مقبول . ورواية إبن جريج تؤيد ما صوبه المزي والله اعلم . وقد خالف حماد بن سلمة فقال : عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا به . فاسقط من بينهما ابن حنين أو إبن جبير . أخرجه النسائي . والصواب إثباته لاتفاق سفيان وابن جريج عليه وإن اختلفا في إسم أبيه كما سبق . (1) ثم رجعت إلى نسخة مخطوطة من (الدارمي) فرأيت فيها (ابن حنين) كما عند النسائي واحمد . وهى نسخة جيدة مقروءة محفوظة في المكتبة الظاهرية ، وقد استخرجتها هذا العام (1384) من الدست : (*)
[ 7 ]
الرابعة : عن كريب عنه . أخرجه البيهقي (4 / 247) . وللحديث شاهد آخر من حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله (ص) : (إذا رأيتم الهلال فصوموا . . الحديث مثل حديث ابن حنين الا أنه قال : (فعدوا ثلاثين يوما) . أخرجه أحمد (3 / 329) بسند صحيح وكذا البيهقي (4 / 206) والطبراني في (الاوسط ، (1 / 98 / 1 - (زوائد المعجمين)) وعن أبي بكرة الثقفي مرفوعا مثل حديث ابن حنين عن إبن عباس . أخرجه الطيالسي في مسنده (873) وعنه أحمد (5 / 42) والبيهقي ، ورجاله موثقون . وعن طلق بن على مرفوعا بلفظ : (إن الله عزوجل جعل هذه الاهلة مواقيت للناس ، صوموا لرؤيته . . .) الحديث . أخرجه أحمد (4 / 23) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (1 / 22 - 23 طبع) ورجاله موثقون الا أن محمد بن جابر وهو الحنفي كان قد ذهبت كتبه فساء حفظه ، وخلط كثيرا وعمي فصار يلقن كما في (التقريب) . والحديث عزاه السيوطي في (الجامع) للطبراني وحده فقصر ! ومن طريق الطبراني أخرجه الديلمي (2 / 710) وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة منهم إبن عمر ، وياتي حديثه في الكتاب عقب هذا ، ومنهم جماعة لم يسموا وياتي حديثهم في الكتاب برقم (910) ومنهم السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : (كان رسول الله (ص) يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ، ثم
[ 8 ]
يصوم لرؤية رمضان ، فان غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام) . أخرجه أبو داود (2325) وابن حبان (869) والحاكم (1 / 423) والبيهقي (4 / 206) وأحمد (6 / 149) عن معاوية بن صالح عن عبد الله إبن أبي قيس عنها وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر فإن إبن صالح وابن أبى قيس لم يحتج بهما البخاري فهو على شرط مسلم وحده . وعن حذيفة مرفوعا : (لا تقدموا الشهر ، حتى تروا الهلال ، أو تكملوا العدة ، ثم صوموا حتى تروا الهلال ، أو تكملوا العدة) . أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان (875) وغيرهم . قلت : وإسناده صحيح . 903 - (قوله (ص) في حديث ابن عمر : (فإن غم عليكم فاقدروا له) متفق عليه .) . ص 216 صحيح . وله طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما : الاولى : عن نافع عنه أن رسول الله (ص) ذكر رمضان فقال : (لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فان غم . . .) الحديث . أخرجه البخاري (4 / 102 - 103) ومسلم (3 / 122) ومالك (1 / 286 / 1) وأبو داود (2320) والنسائي (1 / 301) والدارمي (2 / 3) والدارقطني (229) والبيهقي (4 / 204) وأحمد (2 / 5 ، 13 ، 63) من طرق عن نافع به . وزاد أبو داود والدارقطني والبيهقي وأحمد من طريق أيوب عنه قال :
[ 9 ]
(فكان إبن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين ، نظر له ، فإن رؤي فذاك وان لم ير ، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قترة أصبح مفطرا ، فلن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائما) . زاد الاولان : (فكان ابن عمر يفطر مع الناس) . زاد أبو داود : (ولا ياخذ عضدا الحساب) . وزاد البيهقي : (قال : وقال ابن عدن : ذكرت فعل إبن عمر لمحمد بن سيرين ، فلم يعجبه) . قلت : وإسنادهم جميعا صحيح على شرط الشيخين . وفي رواية لاحمد من طريق عبيد الله عن نافع قال : (وكان ابن عمر إذا كان ليلة تسع وعشرين ، وكان في السماء سحاب ، أو قتر أصبح صائما) . وإسناده صحيح أيضا على شرطهما . وزاد مسلم في آخر الحديث المرفوع : (ثلاثين) . وزاد البيهقي وهي رواية للحاكم (1 / 423) من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع : . . (إن الله تبارك وتعالى جعل الاهلة مواقيت ، فإذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فافطروا ، فان غم عليكم ، فاقدروا له ، أتموه ثلاثين) . الطريق الثانية : عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به بلفظ : (الشهر تسع وعشرون ليلة ، فلا تصوموا حتى تروه ، فان غم . . .) الحديث أخرجه البخاري ومسلم (3 / 123) ومالك (1 / 286 / 2) إلا أن
[ 10 ]
البخاري قال : (فأكملوا العدة ثلاثين) . الثالثة : عن سالم بن عبد الله عنه بلفظ : (إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فافطروا ، فان غم . . .) الحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه (1654) وأحمد (2 / 145) وزاد ابن ماجه (وكان إبن عمر يصوم قبل الهلال بيوم) . قلت : وهذه زيادة منكرة من هذه الطريق تفرد بها محمد بن عثمان العثماني وهو صدوق يخطئ كما في التقريب) وإنما صمت من طريق نافع كما تقدم . 904 - (حديث : (كان إبن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائما)) . ص 216 صحيح . أخرجه أبو داود ، والدارقطني والبيهقي وأحمد من طريق نافع عنه في حديثه المتقدم آنفا . (تنبيه) : استدل المصنف بهذا الاثر على وجوب صوم ليلة الثلاثين احتياطا إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر . وقال ، وابن عمر هو راوي الحديث يفي المتقدم ، وعمله به تفسير له) . قلت : وبناء على ذلك فسر قوله في الحديث المشار إليه : (فاقدروا له) . ب‍ (ضيقوا له العدة وذلك بان يحسب شعبان تسعة وعشرين يوما) . قلت : وبنا في ذلك أمور . الاول : أن في حديث أبي هريرة المتقدم قبل حديث : (فان غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) . وكذلك في حديث جماعة آخرين من الصحابة سبق ذكرهم هناك . الثاني : أن فعل إبن عمر هذا مخالف لفعله (ص) أيضا فقد تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها : (ثم يصوم لرؤية رمضان ، فان غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام) .
[ 11 ]
وأما ما رواه سعيد بن منصور عن عائشة أنها قالت : لان أصوم يومأ من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان . فلا يصح سنده ، فيه رجل لم يسم ، لكن قد جاء مسمى ب‍ (عبد الله بن أبي موسى) في سند أحمد (6 / 125 - 126) وسنده صحيح ، فمن قال : العبرة برأي الراوي لا بروايته لزم الاخذ به كالحنفية . 905 - (قرأ (ص) : (صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون) رواه أبو داود) . ص 217 صحيح . أخرجه أبو داود (2324) وكذا الدارقطني (231 ، 257 - 258) والبيهقي (4 / 251 - 252) من طريقين بل ثلاثة عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (فطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون ، وكل عرفة موقف ، وكل منى منحر ، وكل فجاج مكة منحر ، وكل جمع موقف) . وكذا أخرجه أبو على الهروي في (الاول من الثاني من الفوائد) (ق 20 / 1) من طريق روح بن القاسم ومعمر كلاهما عن محمد بن المنكدر به فهذه طرق أربعة عن إبن المنكدر . فالسند صحيح لولا أنه منقطع ، فان إبن المنكدر لم يسمع مسند أبى هريرة كما قال البزار وغيره ، وقد جعله بعض الضعفاء من مسند عائشة رضي الله عنها ، وبعضهم جعله من حديث محمد بن سيرين عن أبى هريرة ، وكل ذلك وهم ، وإليك البيان : قال إبن ماجه (1660) : حدثنا محمد بن عمر المقري ثنا إسحاق بن عيسى ، ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ :
[ 12 ]
(الفطر يوم تفطرون ، والاضحى يوم تضحون) . وقال الشيخ أحمد رحمه الله في تعليقه على (مختصر السنن) (3 / 213) : (وهذا إسناد صحيح جدا على شرط الشيخين) . وأقول كلا ، فان محمد بن عمر هذا لم يرو له من السنة سوى إبن ماجه ، ثم هولا يعرف كما في (التقريب) . . ومع ذلك فقد خالف الثقات ، فقد أخرجه الدارقطني من طريق العباسي بن محمد بن هارون وعلي بن سهل قالا : نا إسحاق بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد إبن المنكدر به . أخرجه الدارقطني ، وكذلك رواه الثقات الاخرون عن محمد بن المنكدر كما سبقت الاشارة إليه . فهذه الرواية منكرة الاسناد لمخالفة المجهول الثقات . وقال يحيى بن اليمان : عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة قالت : قال رسول الله (ص) : (الفطر يوم يفطر الناس ، والاضحى يوم يضحى الناس) . أخرجه الترمذي (1 / 153) والدارقطني (258) وقال الاول : (سالت محمدا (يعني الامام البخاري) قلت : محمد بن المنكدر سمع من عائشة ؟ قال : نعم ، يقول في حديثه : سمعت عائشة) . قال الترمذي : (هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه) . كذا قال . وهو عندي ضعيف من هذا الوجه لامرين : الاول : ضعف يحيى بن اليمان ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق عابد ، يخطئ كثيرا ، وقد تغير) . والاخر : مخالفته للثقة ، فقد رواه يزيد بن زريع عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة . أخرجه أبو على الهروي في (الفوائد) كما تقدم ، وتابع معمرا على ذلك
[ 13 ]
جماعة من الثقات كما سبق بيانه . فالحديث من مسند أبي هريرة ، وليس من مسند عائشة رضي الله عنها . وله عنه طريق أخرى ، يرويه اسحاق بن جعفر بن محمد قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ، والاضحى يوم تضحون) أخرجه الترمذي (1 / 135) وقال : (هذا حديث حسن غريب) . قلت : وإسناده حسن ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، وفي عثمان بن محمد وهو إبن المغيرة بن الاخنس كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ، وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق له أوهام) وعبد الله بن جعفر هو إبن عبد الرحمن المسور المخرمي المدني وهو ثقة ، روى له مسلم ، وإسحاق بن جعفر بن محمد هو الهاشمي الجعفري ، وهو صدوق كما في (التقريب) . وقد تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم وهو ثقة من رجال البخاري قال : ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي به ، دون الجملة الوسطى (والفطر يوم تفطرون) . أخرجه البيهقي (4 / 252) وخالفهما الواقدي ، فقال : ثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة به . أخرجه الدارقطني (231) ، والواقدي متروك فلا يعتد بمخالفته . ثم أخرجه من طريقه أيضا ، ثنا داود بن خالد وثابت بن قيس ومحمد بن مسلم جميعا عن المقبري به بلفظ : (صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون) .
[ 14 ]
وقال : (الواقدي ضعيف) . وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح إن شاء الله تعالى . (تنبيه) : تبين من هذا التخريج أن أبا داود رحمه الله لبس عنده قوله في حديث الكتاب : (صومكم يوم تصومون) فعزوه إليه من المؤلف لا يخفى ما فيه ، فكان الواجب عزوه للترمذي لا سيما وإسناده حسن بخلاف سند أبي داود ! 906 - (قوله (ص) : (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) ص 217 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 499) ومسلم (2 / 177) ومالك (1 / 113 / 2) وأبو داود (1371) والنسائي (1 / 308) والترمذي (1 / 154) والدارمي (2 / 26) وابن ماجه (1326) وأحمد (2 / 281 ، 289 ، 408 ، 423) والفريابي في (كتاب الصيام) (من 73 / 1) وعبد الغني المقدسي في (فضائل رمضان) (54 / 2) من طرق عن أبى سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به . وعند مسلم وأبي داود والترمذي وغيرهم زيادة في أوله بلفظ : (كان رسول الله (ص) يرغب في قيام رمضان من غير أن يامرهم فيه بفرعيه ، فيقول . . .) فذكره . وفي آخره زيادة أيضا عندهم بلفظ : (فتوفي رسول الله (ص) والامر على ذلك ، ثم كان الامر على ذلك في خلافة أبي بكر . وصدرا من خلافة عمر على ذلك) . وفي رواية الفريابى التصريح بأن هذه الزيادة من قول الزهري ، وقد ثبت ذلك عند البخاري (1 / 499) من طريق إبن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعا به . قال إبن شهاب : فتوفي رسول الله (ص) . . . الخ . وأخرج المرفوع من مسلم والنسائي وأحمد (2 / 486 ، 503) .
[ 15 ]
907 - (لحديث ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى النبي (ص) فقال : رأيت الهلال قال : أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال : نعم ، قال يا بلال : أذن في الناس فليصوموا غدا . رواه أبو داود والترمذي والنسائي) . حبان (870) ، المنتقى (379) ضعيف . أخرجه أبو داود (2340) والنسائي (1 / 300) والترمذي (1 / 134) والدارمي (2 / 5) وابن ماجه (1652) وإبن الجارود في (المنتقى) (379 ، 380) وابن حبان (870) والطحاوي في (مشكل الاثار) (1 / 201 - 202) والدارقطني (227 - 228) والحاكم (1 / 424) والبيهقي (4 / 211 ، 212) من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس . وقال الحاكم : (هذا الحديث صحيح ، احتج البخاري باحاديث عكرمة ، واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب) . قلت : ووافقه الذهبي ، وفيه نظر ، فان سماكأ مضطرب الحديث ، وقد اختلفوا عليه في هذا فتارة رواه موصولا ، وتارة مرسلا ، وهو الذي رجحه جماعة من مخرجيه ، فقال الترمذي : (حديث إبن عباس فيه إختلاف ، وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك عن عكرمة عن النبي (ص) مرسلا ، وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبي مرسلا) . قلت : وقد رواه الفضل بن موسى عن سفيان به موصولا بذكر إبن عباس . أخرجه النسائي والدارقطني والحاكم ، لكن خالفه جماعة منهم عبد الله بن المبارك فرووه عن سفيان مرسلا كما ذكر الترمذي ، وقال النسائي فيما نقله الزيلعى (2 / 443) : (وهذا أولى بالصواب ، لان سماكا كان يلقن فيتلقن ، وابن المبارك أثبت
[ 16 ]
في سفيان من الفضل) . ونحوه في (مختصر السنن) للمنذري (3 / 228) . ولم أجد قول النسائي هذا في (سننه الصغرى) المطبوعة ، (فلعله في (السنن الكبرى) له . 908 - (وعن إبن عمر قال : لا تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي (ص) أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه) رواه أبو داود) . صحيح أخرجه أبو داود (2342) والدارمي (2 / 4) وابن حبان (871) والدارقطني (227) والبيهقي (4 / 212) من طريق مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن إبن عمر . وقال الدارقطني : (تفرد به مروان بن محمد عن إبن وهب وهو ثقة) . قلت : لم يتفرد به ، فقد تابعه هارون بن سعيد الايلى ثنا عبد الله بن وهب به . أخرجه الحاكم (1 / 423) وعنه البيهقي . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . وقال إبن حزم (6 / 236) : (وهذا خبر صحيح) . وأقره الحافظ في (التلخيص) (2 / 187) . 909 - (لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه : (فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا) . رواه أحمد والنسائي ص 218 صحيح . أخرجه أحمد (4 / 321) والنسائي (1 / 300 - 301) وكذا الدارقطني (ص 232) من طرق عن حسين بن الحارث الجدلي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال : ألا إني جالست أصحاب رسول الله (ص) وساءلتهم ، وإنهم حدثوني أن رسول الله (ص) قال : (صوموا لرؤيته ، وافطروا لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين ، فان شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) . والسياق للنسائي ،
[ 17 ]
وزاد أحمد : (مسلمان) . وقال الدارقطني : (ذوا عدل) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات كلهم وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ولد في حياة النبي (ص) ، وزوجه عمر ابنته فاطمة . 910 - ((يقول عليه السلام : (صوموا لرؤيته)) . ص 218 صحيح . وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه وطرقه برقم (902) . 911 - (حديث : (رفع القلم عن ثلاثة)) . ص 216 صحيح . وتقدم تخريجه في أول (كتاب الصلاة) برقم (297) . 912 - (يقول إبن عباس في قوله تعالى : (وعلى الذين يطيقونه فدية) : (ليست بمنسوخة هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم) رواه البخاري .) صحيح . رواه البخاري في (التفسير) من (صحيحه) (8 / 135 - فتح) والدارقطني (250) من طريق زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء سمع إبن عباس يقول : ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ، قال ابن عباس : ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فليطعما مكان كل يوم مسكينا) . ورواه النسائي (1 / 318 - 319) من طريق ورقاء عن عمرو بن دينار به نحوه ولفظه : ((يطيقونه) يكلفونه ، (فدية طعام مسكين ، فمن تطوع خيرا) طعام مسكين آخر ، ليست بمنسوخة (فهو خير له ، وأن تصوموا خير لكم) لا يرخص في هذا إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى) . قلت : وإسناده صحيح . ورواه الدارقطني (249) وقال : (إسناده
[ 18 ]
صحيح ثابت) . وأخرجه إبن جرير في تفسيره (3 / 431 / 2778) عن ابن أبى نجيح عن عمرو بن دينار به مثل رواية ورقاء مع بعض اختصار . قلت : وإسناده صحيح أيضا . ثم رواه بسند مثله عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقول : ليست بمنسوخة . ثم أخرج هو (2752 ، 2753) وإبن الجارود في (المنتقى) (381) والبيهقي (4 / 230) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (رخص للشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا ، ويطعما كل يوم مسكينا ، ولا قضاء عليهما ، ثم نسخ ذلك في هذه الاية : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ، وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة لذا كانا لا يطيقان الصوم ، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا ، وأطعمتا كل يوم مسكينا) . ورواه أبو داود (2318) من طريق إبن أبي عدي عن سعيد به إلا أنه اختصره اختصارا مخلا ، ولفظه : ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال : كانت رخصته للشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا ، والحبلى والمرضع إذا خافتا - قال أبو داود : يعنى على أولادهما - أفطرتا وأطعمتا) . ووجه الاخلال أنه اختصر جملة (وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم) فصارت الرواية تعطي الترخيص للشيخ والمرأة بالافطار وهما يطيقان الصوم ، والواقع أن هذا منسوخ بدليل رواية الجماعة عن ابن عروبة وما قبلها من الروايات ! وإسناد هذه الرواية صحيح على شرط الشيخين ، وأما رواية أبي داود فهي
[ 19 ]
شاذة ، وقد وقع فيها (عروة) بدل (عزرة) وهو تصحيف بدليل رواية الجماعة ، وأيضا فقد رواه البيهقي من طريق أبي داود فقال (عزرة) على الصواب وقد تصحف هذا الاسم أيضا في تفسير الطبري من الطبعة الاولى كما نبه عليه محققه الاستاذ الفاضل محمود ومحمد شاكر في تعليقه عليه طبعة دار المعارف بمصر ، ثم تصحف أيضا في أحد الموضعين المشار إليهما من هذه الطبعة (2753) ! ومن روايات الحديث ما عند الطبري (2758) من طريق عبدة وهو إبن سليمان الكلابي عن سعيد بن أبي عروبة بسنده المتقدم عن ابن عباس قال : (إذا خافت الحامل على نفسها ، والمرضع على ولدها في رمضان قال : يفطران ، ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ، ولا يقضيان صوما) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . وفي رواية له بالسند المذكور عن إبن عباس : (أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا فقال : أنت بمنزلة الذي لا يطيق ، عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليك) . زاد في رواية أخرى (2761) عن سعيد به : أن هذا إذا خافت على نفسها) . ورواه الدارقطني (250) من طريق روح عن سعيد به بلفظ : (أنت من الذين لا يطيقون الصيام ، عليك الجزاء ، وليس عليك القضاء) وقال الدارقطني : (إسناده صحيح) . ثم روى من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن إبن عباس وإبن عمر فال :
[ 20 ]
(الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي) . وقال : (وهذا صحيح) . قلت : ورواه إبن جرير (2760) من طريق علي بن ثابت عن نافع عن إبن عمر مثل قول إبن عباس في الحامل والمرضع . قلت : وسنده صحيح ولم يسق لفظه ، وقد رواه الدارقطني من طريق أيوب عن نافع عن إبن عمر : (أن امرأته سألته وهي حبلى ، فقال : أفطري وأطعمي عن كل يوم مسكينا ولا تقضى) . وإسناده جيد ، ومن طريق عبيد الله عن نافع قال : (كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش ، وكانت حاملا ، فأصابها عطش في رمضان ، فأمرها إبن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا) . وإسناده صحيح . ومنها ما عند الدارقطني وصححه من طريق منصور عن مجاهد عن ابن عباس قرأ : (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) يقول : (هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من حنطة) . وأخرجه (249) من طريق عكرمة عن إبن عباس قال : (إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مدا مدا) . وقال : (إسناد صحيح) . ومن شواهد الحديث : عن معاذ بن جبل قال : (أما أحوال الصيام ، فان رسول الله (ص) قدم المدينة ، فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وصيام يوم عاشوراء ، ثم إن الله فرض عليه الصيام ، فانزل الله : (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من
[ 21 ]
قبلكم) إلى هذه الاية : (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فكان من شاء صام ، ومن شاء أطعم مسكينا فاجزى ذلك عنه ، ثم ان الله أنزل الاية الاخرى : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس) إلى قوله تعالى : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ، فاثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض وللمسافر ، وثبت الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام . فهذان حولان . . .) ، الحديث . أخرجه أبو داود (507) وإبن جرير (2733) والحاكم (2 / 774) والسياق له والبيهقي (4 / 200) وأحمد (5 / 246 - 247) من طريق المسعودي : حدثني عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . وافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر ، فإن المسعودي كان اختلط ، ثم إنه منقطع ، وبه أعله البيهقطط فقال عقبه : (هذا مرسل ، عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل) . وبه أعله البيهقي . وبذلك أعله الدارقطني والمنذري ، وقد ذكرت كلامهما في (صحيح أبي داود) (رقم 524) . لكن قد جاء بعضه من طريق غير المسعودي فراجع المصدر المذكور . ومنها : عن قتادة أن أنسا ضعف قبل موته فافطر ، وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكينا . أخرجه الدارقطني بسند صحيح . وأخرج من طريق أخرى عن أنس نحوه ولفظه : (عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة ثريد ودعا ثلاثين مسكينا فاشبعهم) .
[ 22 ]
وسنده صحيح أيضا ، وعلق البخاري بنحوه . وعن مالك عن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال : (تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة) . أخرجه الشافعي (1 / 266) ومن طريق البيهقي (4 / 230) وهو في (الموطا) (1 / 308 / 52) بلاغا أن عبد الله بن عمر سئل . . . وعن أي هريرة قال : (من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان ، فعليه لكل يوم مد من قمح) أخرجه الدارقطني وفيه عبد الله بن صالح وفيه ضعف . (تنبيه) : استدل المؤلف رحمه الله تعالى بحديث إبن عباس هذا على أن العاجز عن الصيام لكبر أو مرض مزمن يطعم عن كل يوم مسكينا ، وهذا صحيح يشهد له حديث إبن عمر وأبي هريرة . غير أن في قول إبن عباس في هذه الاية (وعلى الذين يطيقونه . . .) ليست منسوخة ، وأن المراد بها الشيخ الكبير ، والمراة الكبيرة لا يستطيعان الصيام ، اشكالا كبيرا ، ذلك لان معنى (يطيقونه) أي يستطيعون بمشقة ، فكيف تفسر حينئذ بان المراد بها من لا يستطيع الصيام ، لا سيما وابن عباس نفسه يذكر في رواية عزرة أن الاية نزلت في الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان أي يستطيعان الصوم ثم نسخت ، فكيف تفسر الاية بتفسيرين متناقضين (يستطيعون) و (لا يستطيعون) ؟ ! وأيضا فقد جاء عن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال) : (لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من أراد أن يفطر ، ويفتدي [ فعل ] حتى نزلت الاية التي بعدها فنسختها) . أخرجه الستة الا ابن ماجه . وفي رواية عنه قال :
[ 23 ]
(كنا في رمضان على عهد رسول الله (ص) ، من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين ، حتى نزلت هذه الاية : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) . أخرجه مسلم . ويشهد له حديث معاذ المتقدم . فهذا يبين لنا أن في حديث إبن عباس إشكالا آخر ، وهو أنه يقول : أن الرخصة التي كانت في أول الامر ، إنما كانت للشيخ أو الشيخة وهما يطيقان الصيام ، وحديث سلمة ومعاذ يدلان على أن الرخصة كانت عامة لكل مكلف شيخا أو غيره ، وهذا هو الصواب قطعا لان الاية عامة ، فلعل ذكر إبن عباس للشيخ والشيخة لم يكن منه على سبيل الحصر ، بل التمثيل ، وحينئذ فلا اختلاف بين حديثه والحديثين المذكورين . ويبقى الخلاف في الاشكال الاول قائما لان الحديثين المشار إليهما صريحان في نسخ الاية . وابن عباس يقول ليست بمنسوخة ويحملها على الذين لا يستطيعون الصيام كما سبق بيانه ! فلعل مراد إبن عباس رضي الله عنه أن حكم الفدية الذي كان خاصا بمن يطيق الصوم ويستطيعه ثم نسخ بدلالة القرآن ، كان هذا الحكم مقررا ايضا في حق من لا يطيق الصوم ولا يستطيعه ، غير أن الاول ثبت بالقرآن ، وبه نسخ ، وأما الاخر فانما ثبتت مشروعيته بالسنة لا بالقرآن ، ثم لم ينسخ ، بل استمرت مشروعيته إلى يوم القيامة ، فاراد ابن عباس رضي الله عنه أن يخبر عن الفرق بين الحكمين : بان الاول نسخ ، والاخر لم ينسخ ، ولم يرد أن هذا يثبت بالقرآن بآية (وعلى الذين يطيقونه) ، وبذلك يزول الاشكال إن شاء الله تعالى . ويؤيد ما ذكرته أن إبن عباس - في رواية عزرة - بعد أن ذكر نسخ الاية المذكورة قال : (وثبت للشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم ، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا ، وأطعمتا كل يوم مسكينا) .
[ 24 ]
ففى قوله : (ثبت) إشعار بان هذا الحكم في حق من لا يطيق الصوم كان مشروعا ، كما كان مشروعا في حق من يطيق الصوم ، فنسخ هذا ، واستمر الاخر ، وكل من شرعيته واستمراره انما عرفه إبن عباس من السنة ، وليس من القرآن . ويزيده تأييدا ، أن إبن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع لذا خافتا ومن الظاهر جدا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة في عدم الاستطاعة ، بل إنهما مستطيعتان ولذلك قال لام ولد له أو مرضع . : (أنت بمنزلة الذي لا يطيق) كما سبق . فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بان الاية (وعلى الذين يطيقونه) منسوخة ، ذلك من السنة بلا ريب . ويشهد لما سبق ذكره حديث معاذ ، فانه بعد أن افاد نسخ الاية المذكورة بقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال : (فاثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض والمسافر ، وثبت الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام) . فقد أشار بقوله (وثبت الاطعام) إلى مثل ما أشار إليه حديث إبن عباس . وبذلك يلتقي الحديثان حديث معاذ وسلمة مع حديث إبن عباس ، ويتبين أن في حديثه ما يوافق الحديثين ، وفيه ما يوافق حديث معاذ ويزيد على حديث سلمة وهو ثبوت الاطعام على العاجز عن الصيام ، فاتفقت الاحاديث ولم تختلف والحمد لله على توفيقه . وإذا عرفت هذا فهو خير مما ذكره الحافظ في (الفتح) (4 / 164) : (أن إبن عباس ذهب إلى أن الاية المذكورة محكمة ، لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير) . لما عرفت أن ابن عباس صرح بان الابة منسوخة ، لكن حكمها منسحب إلى العاجز عن الصيام بدليل السنة لا الكتاب لما سبق بيانه ، وقد توهم كثيرون
[ 25 ]
أن ابن عباس يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الاية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر في (الفتح) فقال (8 / 136) تعليقا على رواية البخاري عن إبن عمر أنه قرأ (فدية طعام مسكين) ، قال : (هو صريح في دعوى النسخ ، ورجحه إبن المنذر من جهة قوله . (وأن تصوموا خير لكم) قال : لانها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام ، لم يناسب أن يقال له (وأن تصوموا خير لكم) مع أنه لا يطيق الصيام) . قلت : وهذه حجة قاطعة فيما ذكر ، وهو يشير بذلك إلى الرد على إبن عباس ، ومثله لا يخفى عليه مثلها ، ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن إبن عباس عند البخاري الصريحة في نفي النسخ ، ولم يتأملوا في الرواية الاخرى الصريحة في النسخ ، ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما ، وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله ، وخلاصته : أن يحمل النفي على نفي نسخ الحكم لا الاية ، والحكم ماخوذ من السنة ، ويحمل النسخ عليها . وبذلك يتبين أن إبن عباس رضي الله عنه ليس مخالفا للجمهور . وهذا الجمع مما لم أقف عليه في كتاب ، فان كان صوابا ، فمن الله ، وإن كان خطا فمن نفسي . وأستغفر الله من كل ما لا يرضيه . 913 - ((والحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا) ، . رواه أبو داود) ص 218 صحيح وتقدم بتمامه مع تخريجه في تخريج الذي قبله . 914 - (لحديث حفصة أن النبي (ص) قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) . رواه أبو داود) ص 219 صحيح . أخرجه أبو داود (2454) عن ابن خزيمة (1933) والد رقطني ايضا (ص 234) والطحاوي (1 / 325) والبيهقي (4 / 202) والخطيب في (تاريخ بغداد) (3 / 92) من طرق عن عبد الله بن وهب :
[ 26 ]
حدثني إبن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله ابن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبي (ص) ، أن رسول الله (ص) قال : (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) . هذا هو لفظ أبى داود وسائر من ذكرنا إلا أن الطحاوي قال : (يبيت) بدل (يجمع) . والباقي مثله سواء . وأخرجه إلامام أحمد (6 / 287) من طريق حسن بن موسى قال : ثنا إبن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي بكر به . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة ، لكنه في رواية الجماعة مقرون بيحيي بن أيوب . ثم هو صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة الثلاثة عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن يزيد المقري ، وعبد الله بن وهب . وهذا من روايته عنه عند الجماعة كما رأيت ، فهي متابعة قوية ليحيى . وقد أخرجه النسائي (1 / 320) والترمذي (1 / 141) والبيهقي من طرق أخرى عن يحيى وحده . وقال الترمذي : (لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وقد روى عن نافع إبن عمر قوله وهو اصح ، وهكذا أيضا روي هذا الحديث عن الزهري موقوفا ، ولا نعلم أحدا رفعه الا يحيى بن أيوب) . قلت : وفي قوله الاخير نظر ، فقد رفعه إبن لهيعة أيضا كما سبق ، ورفعه آخرون فقال أبو داود : (رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضا جميعا عن عبد الله بن أبي بكر مثله ، ووقف على حفصة معمر والزبيدي وابن عيينة ويونس الايلى كلهم عن الزهري) . وأقول : أما رواية الليث ، فليست عن عبد الله بن أبي بكر مباشرة بل بواسطة يحيي بن أيوب فروايته إنما هي متابعة لابن وهب لا ليحيى كما أوهم أبو
[ 27 ]
داود . كذلك أخرجه النسائي والدارمي (2 / 6 - 7) والطحاوي عن الليث عن يحيى به . إلا أن الدارمي لم يذكر في إسناده إبن شهاب . وهو رواية للنسائي . وأما رواية اسحاق بن حازم فهي عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم لم يذكر فيه أيضا الزهري . أخرج إبن أبى شيبة (2 / 155 / 2) وعنه ابن ماجه (1700) والدارقطني والخطابى في (غريب الحديث) (ق 39 / 1) بلفظ : (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل) . قلت : وهذا سند صحيح أيضا ، فان اسحاق بن حازم ثقة إتفاقا ، وروايته تدل على أن لرواية الليث عن يحيى باسقاط ابن شهاب أصلا ، كما أن اثباته صحيح عنه . وتوجيه ذلك ان عبد الله بن أبي بكر كان قد أدرك سالما وروى كما قال إبن أبي حاتم في (العلل) (1 / 225) عن أبيه ، فإذ قد صحت الرواية عنه بالوجهين فمعنى ذلك أن عبد الله بن أبي بكر رواه اولا عن إبن شهاب عن سالم ، ثم رواه عن سالم مباشرة فكان يحدث تارة بهذا ، وتارة بهذا وكل صحيح . ولا يستكثر هذا على عبد الله بن أبي بكر ، فقد كان من الثقات الاثبات ، وقال الدارقطني عقب هذا الحديث : (رفعه عبد الله ابن أبي بكر عن الزهري ، وهو من الثقات الرفعاء) . وقال البيهقي : (وهذا حديث قد اختلف على الزهري في اسناده ، وفي رفعه إلى النبي (ص) ، وعبد الله ابن أبى بكر أقام اسناده ورفعه ، وهو من الثقات الاثبات) . قلت : ثم انه لم يتفرد بذلك بل تابعه ابن جريج عن ابن شهاب به ، ولفظه : مثل لفظ الكتاب تماما . أخرجه النسائي (1 / 320) ومن طريق إبن حزم في (المحلى) (6 / 162) والبيهقي (4 / 202) من طرق عن عبد الرزاق أنبا إبن جريج به .
[ 28 ]
وقال إبن حزم : (وهذا إسناد صحيح ، ولا يضر إسناد إبن جريج له أن أوقفه معمر ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة ، فابن جريج لا يتاخر عن أحد من هؤلاء في الثقة والحفظ ، والزهري واسع الرواية ، فمرة يرويه عن سالم عن أبيه ، ومرة عن حمزة عن أبيه وكلاهما ثقة ، وابن عمر كذلك : مرة رواه مسندا ، ومرة روى أن حفصة أفتت به ، ومرة أفتى هو به ، وكل هذا قوة للخبر) . قلت : وهذا توجيه قوي للاختلاف الذي أعل بعضهم هذا الحديث به ، وابن جريج هو كما قال إبن حزم في الثقة والضبط ، غير أنه موصوف بالتدليس كما صرح بذلك الدارقطني وغيره ، والظاهر أن إبن حزم لا علم عنده بذلك وإلا لم يحتج بإبن جريج أصلا ، فان من مذهبه أن المدلس لا يحتج بحديثه ، ولو صرح بالتحديث ، خلافا لجمهور العلماء الذين يقبلون حديثه إذا صرح بسماعه ، لكن إبن جريج لم يذكر سماعه في هذا الحديث ، فان كان تلقاه عن الزهري مباشرة فهو متابع قوي لعبد الله إبن أبي بكر ، والا فالعمدة فيه على الثاني منهما . وقد وجدت له طريقا أخرى عن ابن شهاب بإسناد آخر له عن ابن عمر به رواه رشدين عن عقيل وقرة عن إبن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة زوج النبي (ص) ، مرفوعا بلفظ : (لا صيام لمن لا يوجب الصيام من الليل) . أخرجه إبن عدي في (الكامل) (ص 273 / 1) . وهذا سند ضعيف ، رشدين هو إبن سعد المصري وهو ضعيف ، رجح عليه أبو حاتم إبن لهيعة ، وقال إبن يونس : كان صالحا في دينه فادركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث . كما في (التقريب) . قلت : وهذا من تخاليطه ، فقد رواه يونس ومعمر وسفيان عن إبن شهاب به موقوفا على حفصة .
[ 29 ]
أخرجه عنهم النسائي (1 / 320 ، 320 - 321) والطحاوي عن سفيان فقط وكذلك رواه نافع عن عبد الله بن عمر موقوفا عليه كما سبقت الاشارة إليه في كلام ابن حزم ولفظه : (كان يقول : لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل السفر) أخرجه مالك (1 / 288 / 5) وعنه النسائي (1 / 321) . وأخرجه هو والطحاوي (1 / 326) من طريقين آخرين عن نافع به . وله شاهد مرفوع من حديث عائشة بلفظ الكتاب غير أنه قال : (قبل طلوع الفجر) بدل (من الليل) . أخرجه الدارقطني (234) ومن البيهقي (4 / 203) عن عبد الله بن عباد ثنا المفضل بن فضالة حدثنى يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الانصاري عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عنها وقال الدارقطني وأقره البيهقي : (تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الاسناد ، وكلهم ثقات) . قلت : وهذا وإن كان ليس مريحا في دخول عبد الله بن عباد في التوثيق فلا شك أنه ظاهر في ذلك ، ولذلك فقد تعقبوه ، فقال إبن التركماني في (الجوهر النقي) : (قلت : كيف يكون كذلك وفي (كتاب الضعفاء) للذهبي : عبد الله بن عباد البصري ثم المصري ، عن المفضل بن فضالة ، واه . وقال إبن حبان : روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة) (1) . وقال الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 434 - 435) بعد أن ذكر التوثيق : (1) قول ابن حبان ، هذا ليس في (الضعفاء) هو من نقل التركماني عن ابن حبان . (*)
[ 30 ]
(وفي ذلك نظر ، فان عبد الله بن عباد غير مشهور ، ويحيى بن ايوب ليس بالقوي ، وقال إبن حبان : عبد الله بن عباد البصري يقلب الاخبار ، روى عن المفضل بن فضاله عن يحيى بن أيوب (قلت : فساقه بسنده ولفظه) وهذا مقلوب انما هو عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة ، روى عنه روح بن الفرج نسخة موضوعة . انتهى) . قلت : وقد روى عن عائشة موقوفا عليها ، فقال مالك في (الموطا) (1 / 288 / 5) : عن ابن شهاب عن عائشة وحفصة زوجي النبي (ص) بمثل ذلك . يعني مثل رواية مالك عن نافع عن إبن عمر المتقدمة . ورواه النسائي والطحاوي من طريق مالك عن ابن شهاب به . قلت : وهذا منقطع بين ابن شهاب وعائشة . وجملة القول : أن هذا الحديث ليس له إسناد صحيح يمكن الاعتماد عليه سوى إسناد عبد الله بن أبى بكر ، وهذا قد عرض له من مخالفته الثقات ، وفقدان المتابع المحتج به ما يجعل النفس تكاد تميل إلى قول من ضعف الحديث ، واعتبار رفعه شذوذا ، لولا أن القلب يشهد إن جزم هذين الصحابيين الجليلين حفصة وعبد الله إبني عمر وقد يكون معهما عائشة رضي الله عنهم جميعا بمعني الحديث وافتائهم بدون توقيف من النبي (ص) إياهم عليه ، إن القلب ليشهد أن ذلك يبعد جدا صدوره منهم ، ولذلك فاني أعتبر فتواهم به تقوية لرفع من رفعه كما سبق عن ابن حزم ، وذلك من فوائد ، والله اعلم . 915 - (وقال (ص) : (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الافق) حديث حسن) ص 220 صحيح . رواه مسلم (3 / 130) وأبو داود (2346) والترمذي (1 / 136) وابن ابي شيبة في (المصنف) (2 / 154 / 1) وابن خزيمة في (صحيحه) (1929) والطحاوي (1 / 83) والدارقطني (231 - 232)
[ 31 ]
والبيهقي (4 / 215) والطيالسي في (مسنده) (رقم 897 ، 798) وأحمد (5 / 13 - 14) من طرق عن سوادة بن حنظلة القشيري عن سمرة بن جندب مرفوعا به . واللفظ لاحمد والترمذي وقال : (حديث حسن) . قلت : وإنما لم يصححه لانه عنده من رواية أبي هلال وهو محمد بن سليم الراسبى وهو صدوق فيه لين ، ولكنه لم يتفرد به ، بل تابعه شعبة وعبد الله بن سوادة عند الاخرين ولفظ الثاني منهما قريب من هذا وهو : (لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا بياض الافق المستطيل - هكذا حتى يستطير هكذا ، وحكاه حماد بيديه ، وقال : يفي معترضا) وهو من ألفاظ مسلم والدارقطني وقال : (إسناده صحيح) . وفي الباب عن ابن سعود عند الشيخين وعن عائشة عندهما وطلق بن على عند أبي داود والترمذي وقال : (حديث حسن غريب) . وعن غيرهم . 916 - (وعن عمر مرفوعا : (إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس . أفطر الصائم) . متفق عليه) . ص 220 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 71 - فتح) ومسلم (3 / 132) وأبو داود (2351) والترمذي (1 / 135) والدارمي (2 / 7) وابن أبي شيبة (2 / 148) والفريابي (60 / 1) وابن الجارود في (المنتقى) (393) والبيهقي (4 / 216) وأحمد (1 / 28 و 35 و 48) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه مرفوعا ، والسياق البخاري إلا أنه قال : (فقد أفطر الصائم) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وأخرج الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن أبي أوفى قال :
[ 32 ]
(كنا مع النبي (ص) في سفر وهو صائم ، فلما غابت الشمس قال لبعض القوم : يا فلان قم فاجدح لنا (1) ، فقال : يا رسول الله لو أمسيت ، قال : أنزل فاجدح لنا ، قال : يا رسول الله فلو أمسيت ، قال : انزل فاجدح لنا ، قال : ان عليك نهارا ، قال : إنزل فاجدح لنا ، فنزل فجدح لهم ، فشرب رسول الله (ص) ثم قال : إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم) . زادا في رواية : (وأشار باصبعه قبل المشرق) . 917 - (حديث أبي ذر عن النبي (ص) قال : (لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر) . رواه أحمد) . ص 220 منكر بهذا التمام . أخرجه أحمد (5 / 146 و 172) من طريق ابن لهيعه عن سالم بن غيلان عن سليمان بن أبي عثمان عن عدي بن حاتم الحمصى عن أبي ذر به . قلت : وهذا سند ضعيف ، ابن لهيعه ضعيف ، وليس الحديث من رواية أحد العبادلة عنه . وسليمان بن أبي عثمان مجهول ، وبه اعله الهيثمي ، فقال في (مجمع الزوائد) (3 / 154) : (وفيه سليمان بن أبي عثمان قال أبو حاتم : مجهول) . وسكوته عن ابن لهيعه ليس بجيد . وإنما قلت إن الحديث منكر ، لانه قد جاءت أحاديث كثيرة بمعناه لم يرد فيها (تأخير السحور) أصحها حديث سهل بن سعد مرفوعا بلفظ : (لا تزال امتي بخير ما عجلوا الافطار) . أخرجه بهذا اللفظ أبو نعيم في (الحلية) (7 / 136) بسند صحيح ، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 148 / 2) إلا أنه قال : (1) الجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له (المجدع) مجنح الرأس (*)
[ 33 ]
(هذه الامة) . وإسناده صحيح على شرط مسلم . وهو عند الشيخين والترمذي والدارمي والفريابي (59 / 1) وابن ماجه والبيهقي وأحمد (5 / 331 و 334 و 336 و 337 و 339) بلفظ : (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) . وأورده ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) بلفظ أبي نعيم المتقدم ، وبلفظ : (لا تزال أمتي على الفطرة . . .) . ولم أره بهذا اللفظ في التعجيل بالفطر ، وإنما جاء في صلاة المغرب بلفظ : (لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم) أخرجه أبو داود والحاكم وأحمد بسند جيد ، فلعل ابن القيم اشتبه عليه بهذا . 918 - حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل أنى امرؤ صائم) . متفق عليه . ص 220 صحيح . وقد جاء من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه : الاولى ، عن ابن جريج اخبرني عطاء عن أبى صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله (ص) : (كل عمل ابن آدم (1) ، له ، إلا الصيام ، فانه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم . . . الخ ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم (1) اشكل على بعض اهل العلم ، وتفسيره في حديث إبى صالح عن ابى مرفوعا : كل عمل ابن آدم لحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ، قال الله تعالى : ، إلا الصوم فإنه لي . . رواه مسلم . وفي حديث . . عنه بلفظ (كل حسنة يعملها ابن آدم فله عشر إمثالها إلا الصيام) رواه النسائي بسند صحيح . (*)
[ 34 ]
الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك ، وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه عزوجل فرح بصيامه) . أخرجه البخاري (4 / 101) ومسلم (3 / 157 - 158) والنسائي (1 / 310) وابن خزيمة (1896) وأحمد (2 / 273) والسياق له والبيهقي (4 / 270) . الثانية : عن أبى الزناد عن الاعرج عنه مرفوعا مختصرا بلفظ : (الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ، ولا يجهل ، فان امرؤ فاتله أو شاتمه فليقل ، إنى صائم ، إني صائم) . أخرجه مالك (1 / 310 / 57) ومن طريقه البخاري (4 / 87) وأبو داود (رقم 2363) والبيهقي وأحمد (2 / 465) كلهم عن مالك به . وأخرجه مسلم (3 / 157) وأحمد (2 / 257) من طرق أخرى عن أبى الزناد به وليس عند مسلم فيه (الصيام جنة) . الثالثة : عن سليم بن حيان ثنا سعيد عن أبى هريرة به مثل رواية مالك . أخرجه أحمد (2 / 306 و 462 ، 504) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وسعيد هو ابن ميناء . الرابعة : عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) قلت : فذكر أحاديث كثيرة جدا هذا أحدهما بلفظ مالك : أخرجه أحمد (2 / 313) . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . الخامسة عن محمد عن موسى بن يسار عن أبى هريرة مثله . أخرجه أحمد (2 / 257) . قلت : وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم غير أن محمدا وهو ابن إسحاق
[ 35 ]
ابن يسار لم يحتج به مسلم وإنما روى له مقرونا باخر ، ثم هو مدلس وقد عنعنه السادسة : عن ابن أبي ذئب عن عجلان مولى المشنمعل عن أبي هريرة مرفوعا ولفظه : (لا تساب وأنت صائم) وان سابك أحد ، فقل : اني صائم ، وان كنت قائما فاجلس) . أخرجه ابن حبان (897) عن ابن خزيمة وهو في (صحيحه) (1994) بسنده الصحيح عن ابن أبى ذئب به . قلت : وهذا سند جيد ، عجلان هذا قال النسائي : (ليس به باس) . وكذا قال الحافظ في (التقريب) ، وقد انساق إلى ذهني لاول وهلة أن هذه الزيادة (وإن كنت قائما فاجلس) شاذة لتفرد عجلان بها دون سائر الطرق ، ولكني وجدت له متابعا قويا وهو في الطريق الاتية : السابعة : قال الامام أحمد (2 / 505) : ثنا يزيد أنا ابن ابي ذئب عن المقبري وأبو عاصم مولى حكيم ، وقال أبو أحمد الزبيري مولى حسام عن أبى هريرة به وزاد : (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، المقبري هو سعيد ابن أبي سعيد المقبري . واما أبو عاصم فالظاهر ان كنيته عجلان مولى المشمعل المذكور في الطريق السابقة ، فقد قيل فيه أنه مولى حكيم كما في هذا الاسناد ، لكن قال ابن حبان في (الثقات) (1 / 178) : (كنيته أبو محمد ، وليس هو والد محمد) . قلت : فلعل له كنيتان كما هو الشأن في بعض الرواة .
[ 36 ]
الثامنة : عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر قال : حدثنى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ : (إن شتم احدكم وهو صائم ، فليقل : اني صائم ، ينهي (الاصل ننتهي) بذلك عن مراجعة الصائم) . أخرجه ابن حبان (898) . قلت : ورجاله ثقات غير أن الوليد بن مسلم مدلس . التاسعة : عن أبي صالح عن أبى هريرة مثل رواية مسلم من الطريق الثانية . أخرجه ابن ابي شيبة في (المصنف) (2 / 145 / 2) وابن خزيمة (1894) . قلت : وإسناده جيد . 919 - (حديث ابن عباس وأنس كان النبي (ص) إذا أفطر قال : (اللهم لك صمنا ، وعلى رزقك أفطرنا ، اللهم تقبل منا ، إنك أنت السميع العليم)) . ضعيف . أما حديث ابن عباس ، فيرويه عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه مرفوعا به . أخرجه الدارقطني في (سننه) (240) وابن السني في (عمل اليوم والليلة) (رقم 474) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 174 / 2) . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، وفيه علتان : الاولى : عبد الملك هذا ، ضعيف جدا ، قال الذهبي في (الضعفاء) : (تركوه ، قال السعدي : دجال) . والاخرى : هارون بن عنترة ، مختلف فيه ، نقل الذهبي في (الميزان)
[ 37 ]
عن الدارقطني أنه ضعفه . وأورده ابن حبان في (الضعفاء) وقال : (منكر الحديث جدا ، يروي المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها . لا يجوز الاحتجاج به بحال) . وورده في (الثقات) أيضا ! ووثقه آخرون ، وفي (التقريب) : (لا باس به) . قلت : فآفة هذا الاسناد من ابنه عبد الملك ، ولذلك قال ابن القيم في (زاد المعاد) : (ولا يثبت) . وقال الحافظ في (التلخيص) : (سنده ضعيف) . وقال الهيثمي في (المجمع) (3 / 156) : (رواه الطبراني في (الكبير) ، وفيه عبد الملك بن هارون وهو ضعيف) . وفي ذلك تساهل منه ومن اللذين قبله ، فان حقهم أن يقولوا : (ضعيف جدا) . وذلك خشية أن يغتر أحد بظاهر كلامهم فيقوي الحديث بحديث أنس الاتي ، معتمدا على قاعدة (يتقوى الحديث الضعيف بكثرة الطرق ، ومن شرطها أن تكون مفردات هذه الطرق غير شديدة الضعف ، وهذا مما لم يتوفر في هذه الطريق عند التحقيق . وأما حديث أنس ، فيرويه إسماعيل بن عمرو البجلي : ثنا داود بن الزبرقان ثنا شعبة عن ثابت البناني عنه مرفوعا بلفظ : (كان إذا أفطر قال : بسم الله ، اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت) . اخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) (ص 189) وفي (الاوسط) أيضا ورمز لذلك في (زوائدها) (1 / 100 / 2) ومن طريقه أبو نعيم في
[ 38 ]
(أخبار أصبهان) (2 / 217) وقال الطبراني : (تفرد به إسماعيل بن عمرو) . قلت : وهو ضعيف ، قال الذهبي في (الضعفاء) : (ضعفه غير واحد) . قلت : وشيخه داود بن الزبرقان شرمنه ، قال الذهبي : (قال أبو داود : متروك ، وقال البخاري : مقارب الحديث) وقال الحافظ في (التقريب) : (متروك ، كذبه الازدي) . والحديث قال الهيثمي في (المجمع) : (رواه الطبراني في (الاوسط) ، وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف) . قلت : اقتصر هنا . على (الاوسط) وفي (الزوائد) أشار إلى أنه في (الصغير) أيضا وهو الصواب ، فانه في (الصغير) في المكان الذي سبقت الاشارة إليه . وقد روي الحديث من طريق اخرى مرسلا ، عن حصين بن عبد الرحمن عن معاذ أبي زهرة أنه بلغه : (أن النبي (ص) كان إذا أفطر قال : اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت) . اخرجه عبد الله بن المبارك في (الزهد) (ق 221 / 2) وابن صاعد في (الزوائد عليه) أبو داود (2358) وعنه البيهقي (4 / 239) وابن أبى شيبة في (المصنف) (2 / 181 / 2) وابن السني (473) من طرق عن حصين به إلا أنه لم يقل أحد منهم (أنه بلغه) سوى ابي داود . قلت : وهذا سند ضعيف ، فانه مع إرساله فيه جهالة معاذ هذا . فإنهم لم يذكروا له راويا عنه سوى حصين هذا ، واورده ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (4 / 1 / 248 / 1126) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وقد ذكره
[ 39 ]
ابن حبان في (التابعين) من (الثقات) كما في (التهذيب) ومع ذلك فلم يوثقه في (التقريب) ، وإنما قال : (مقبول) . يعني عند المتابعة ، كما نص عليه في المقدمة ، وبما أن الطريقين اللذين قبله ضعيفان جدا ، لا يستشهد بهما ، فيبقى حديثه ضعيفا لينا . ومع ذلك صحح حديثهم جميعا ، ولا أدري كيف تأثرت بهم في تعليقي على (صحيح ابن خزيمة) فسبقهم فيه ، مع أنني استغربت ذلك منهم في المصدر المشار إليه وبينت أنه صحاب للفطر عن الحديثين مع عدم وجود شاهد له يعتبر . وفي الباب حديث أنس من فعله (ص) وهو في الكتاب الاخر . 920 - (عن ابن عمر مرفوعا كان إذا أفطر قال : (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت (1) الاجر ان شاء الله رواه الدارقطني) . ص 221 . حسن . أخرجه أبو داود (2357) والنسائي في (السنن الكبرى) (ق 66 / 1) وعنه ابن السني (472) والدارقطني (240) والحاكم (1 / 422) والبيهقي (4 / 239) من طريق علي بن حسن بن شقيق : أخبرني الحسين بن واقد : ثنا مروان بن سالم المقفع قال : رأيت ابن عمر يقبض على لحيته ، فيقطع ما زاد على الكف ، وقال : (كان رسول الله (ص) إذا أفطر . . .) الحديث مثله . وقال الدارقطني (تفرد به الحسين بن واقد ، وإسناده حسن) . وهو كما قال ، وأقره الحافظ في (التلخيص) . فان الحسين هذا وإن أخرج له مسلم ، فقد قال الحافظ في (التقريب) : (1) الاصل (ووجب) والتصحيح من عند الذين أخرجوا الحديث و (المغني) . (*)
[ 40 ]
(ثقة له أوهام) . ثم إن مروان بن سالم قد روى عنه غير الحسين بن واقد : عزرة بن ثابت ، وهو وان لم يوثقه غير ابن حبان ، فاورده في (الثقات) (1 / 223) ، فيقويه تحسين الدارقطني لحديثه كما رايت وتصحيح من صححه كما ياتي . والحديث قال الحاكم عقبه : (صحيح على شرط الشيخين ، فقد احتجا بالحسين بن واقد ، ومروان بن المقفع) . قلت ، وفيه أوهام : الاول : أنه ليس على شرط الشيخين ، يعرف ذلك مما سبق في ترجمة الحسين ومروان ، وقد انتبه لبعض هذا الذهبي فقال في (تلخيصه) : (على شرط البخاري ، احتج بمروان وهو ابن المقفع وهو ابن سالم) . الثاني : الحسين بن واقد لم يروله البخاري محتجا به ، بل تعليقا . الثالث : أن مروان بن المقفع لم يحتج به البخاري ولا مسلم ، ولم يخرجا له شيئا والذهبي نفسه في (الميزان) لما ترجمه أشار إلى أنه من رجال أبي داود والنسائي فقط . وقال الحافظ في (التهذيب) : (زعم الحاكم في (المستدرك أن البخاري احتج به ، فوهم ، ولعله اشتبه عليه بمروان الاصفر) . قلت : قول الحافظ هذا ، قد نبهني إلى شئ ، طال ما كنت عنه غافلا ، وهو أن الذي في (المستدرك) . . . على شرط الشيخين ، فقد احتجا . . .) وهم من بعض النساخ وهو في قوله : (الشيخين) والصواب (البخاري) كما يشعر به نقل الحافظ عنه ، ويؤيده قول الذهبي في تلخيصه كما سبق : (على شرط البخاري احتج بمروان) . وكنت أظن سابقا أيضا أن هذا القول من الذهبي متعقبا به على الحاكم ،
[ 41 ]
والان تبين لي أنه حكاية منه لقول الحاكم مقرا له عليه كما هي عادته ، وأما عند التعقب فإنه يصدره بقوله (قلت . . . وذلك ما لم يصنعه هنا فتصويب نسخة المستدرك (صحيح على شرط البخاري ، فقد احتج . . .) . والله اعلم . 921 - (وفي الخبر : (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد)) . ص 221 ضعيف . أخرجه ابن ماجه (1753) وابن السني (475) والحاكم (1 / 422) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (2 / 287 / 2) عن الوليد بن مسلم ثنا إسحاق بن عبيدالله قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول : فذكره وزاد : (قال ابن أبى مليكة : سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر : اللهم إني أسالك برحمتك التي وسعت كل شئ أن تغفر لي) . قلت : وهذا سند ضعيف وعلته اسحاق هذا ، وهو ابن عبيدالله ابن أبى المهاجر المخزومي مولاهم الدمشقي أخو إسماعيل بن عبيدالله ، وفي ترجمته ساق الحافظ ابن عساكر هذا الحديث ، وقال : (روى عنه مسلم) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال (2 / 13) : (من أهل الشام ، كنيته أبو عبد الحميد مولى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، يروى عن أم الدرداء (أي الصغرى) ، روى عنه سعيد بن عبد العزيز ، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة) . وقال الذهبي في (الميزان) : (اسحاق بن عبد الله بن أبي المهاجر ينسخ للوليد بن مسلم ، لا يعرف ، دمشقي) . كذا قال (عبد الله) وتعقبه العسقلاني في (اللسان) بقوله :
[ 42 ]
(وهو رجل معروف ، وإنما تحرف اسم أبيه على الذهبي فجهله ، وهو اسحاق بن عبيدالله بالتصغير أخو اسماعيل بن عبيدالله . . . وحديثه عن ابن أبي مليكة عند ابن ماجه من رواية الوليد عنه ، واختلفت النسخ في ضبط والده بالتصغير والتكبير ، وقد أوضحته في (تهذيب التهذيب)) . ولم يوضح هناك شيئا من الاختلاف وغاية ما فعل انه قال : (قلت : الذي رأيته في عدة نسخ من ابن ماجه : حدثنا اسحاق بن عبيدالله المدني عن عبد الله بن أبى مليكة) . ذكر هذا في ترجمة اسحاق بن عبيدالله بن أبى مليكة القرشي التيمي وفيها قال المزني : (روى عن عبد الله بن أبى مليكة عن عبد الله بن عمرو حديث : إن للصائم . . . روى به ابن ماجه هذا الحديث) . فتعقبه الحافظ بما سبق يريد من ذلك أنه ليس في نسب المترجم في سنن ابن ماجه انه ابن أبى مليكة وإنما عن عبد الله بن أبى مليكة . فهذا هو الذي أوضحه الحافظ في (التهذيب) وأما الاختلاف الذي أشار إليه فلا . ثم ذكر الحافظ بعد تلك الترجمة ابن أبي المهاجر المذكور آنفا وساق فيها هذا الحديث ثم قال : (فهو الذي أخرج له ابن ماجه) . وذكر نحوه في (التقريب) ، وزاد : (وهو مقبول) . قلت : وما قاله في (التهذيب) هو الذي ينبغى الاعتماد عليه ، بيد أنه يرد عليه إشكال وهو انه وقع عند ابن ماجه أنه (المدني) ، والمترجم شامي ، والحافظ لم يفدنا شيئا نرد به هذا الاشكال ، والذي عندي أن هذه النسبة (المدنى) لم ترد في شئ من الطرق الكثيرة المشار إليها عن الوليد بن مسلم إلا في طريق ابن ماجه ، واغتر بها الحافظ المنذري فقال في (الترغيب) (2 / 63)
[ 43 ]
بعد أن ساق الحديث من رواية البيهقي عن اسحاق بن عبيدالله : (وإسحاق هذا مدني لا يعرف) . - ومدار هذه الطريق علي هشام بن عمار : ثنا الوليد . . . وهشام فيه ضعف وإن أخرج له البخاري ، فقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، مقرئ ، كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح) . قلت : فمثله إذا تفرد بمثل هذه الزيادة لم تقبل منه لمخالفته بها الثقات ، فهي شاذة إن لم تكن منكرة . ومثل هذا أنه وقع في سند الحاكم (اسحاق بن عبد الله) مكبرا ، وبناء عليه قال الحاكم عقبه : (إسحاق هذا إن كان ابن عبد الله ، مولى زائدة ، فقد خرج له مسلم ، وإن كان ابن أبي فروة ، فانهما لم يخرجاه) . ووافقه الذهبي ، الا أنه قال : (وإن كان ابن أبي فروة قواه) . وهذا أصح في الافادة ، وهو محتمل ، وليس كذلك احتمال كونه اسحاق ابن عبد الله مولى زائدة ، لان هذا تابعي ، ولم يدركه الوليد بن مسلم . وأما قول البوصيري في (الزوائد) (ق 111 / 2) : (هذا اسناد صحيح ، رجاله ثقات ، رواه الحاكم . . .) ثم ذكر رواية البيهقي وقوله المنذري في اسحاق بن عبيدالله ، لا يعرف ، ثم تعقبه البوصيري بقوله : (قلت : قال الذهبي في (الكاشف) : صدوق . وذكره ابن حبان في (الثقات)) . هكذا قال في نسختنا منه (الزوائد) وهي محفوظة في مكتبة الاوقاف الاسلامية في حلب ، ومن الظاهر أنها تختلف بعض الشئ عن النسخة التي كان
[ 44 ]
ينقل عنها أبو الحسن السنيدي رحمه الله في حاشيته على ابن ماجه ، ومن ذلك تخريج هذا الحديث فقد قال : (وفي الزوائد ، إسناده صحيح ، لان اسحاق بن عبد الله بن الحارث قال النسائي ليس به بأس ، وقال أبو زرعة : ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجال الاسناد على شرط البخاري) . فقد سمى في هذا النقل عن البوصيري عن اسحاق الذي لم يسمه في نسختنا ، فان كان أراد حين حقيقة اسحاق بن عبد الله بن الحارث هذا فيكون هو المراد بقول الذهبي : (صدوق) فهذا محتمل ، ولكن لا يحتمل أن يكون هو الذي في إسناد هذا الحديث ، لانه من التابعين ولم يدركه الوليد أيضا ، وإان كان البوصيري أراد في نسختنا غير ابن الحارث فلم أعرفه ، وإن أراد به ابن أبي المهاجر فيبعد أن يقول فيه الذهبي : (صدوق) وقد قال في (الميزان) : (لا يعرف) كما سبق والله أعلم . وجملة القول : إن إسناد هذا الحديث ضعيف لانه إن كان راويه إسحاق هو ابن عبيدالله مصغرا فهو إما ابن أبى المهاجر وهو الراجح فهو مجهول وإن كان هو ابن أبي مليكة كما ظن المزي فهو مجهول الحال كما في (التقريب) . وإن كان هو ابن عبد الله مكبرا فالارجح أنه ابن أبي فروة لانه من هذه الطبقة وهو متروك كما قال الحافظ . والله أعلم . وقد وجدت للحديث شاهدا ، يرويه أبو محمد المليكى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة) . فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا . وأبو محمد المليكى لم أعرفه ، ويحتمل أنه عبد الرحمن ابن أبي بكر بن عبيدالله ابن أبي مليكة المدني فإنه من هذه الطبقة ، فان يكن هو فإنه ضعيف كما في (التقريب) بل قال النسائي : ليس بثقة . وفي رواية : متروك الحديث .
[ 45 ]
والحديث أشار ابن القيم في (الزاد) إلى تضعيفه بقوله : (ويذكر عنه (ص) : إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد . رواه ابن ماجه) . 922 - (حديث أنس : (كان رسول الله (ص) يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء) . رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حسن غريب) . ص 221 حسن . أخرجه الامام أحمد (3 / 164) : ثنا عبد الرزاق ثنا جعفر بن سليمان قال : حدثني ثابت البناني عن أنس به . وخرجه أبو داود (2356) والدارقطني (240) والحاكم (1 / 432) والبيهقي (4 / 239) والضياء في (المختارة) (1 / 495) كلهم من طريق أحمد به وأخرجه الترمذي (1 / 135) عن محمد بن رافع والدارقطني أيضا عن مهنى بن يحى ي‍ أبي عبد الله الشامي ، والضياء أيضا ، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (2 / 381 / 1) عن أبي يعقوب إسحاق بن الضيف ، ثلاثتهم عن عبد الرزاق به . إلا أن أبا يعقوب قال : (لبن) بدل : (رطبات) . وهو شاذ أو منكر ، فان أبا يعقوب هذا وإن كان صدوقا ، فقد قال ابن حبان في ترجمته من (الثقات) : (ربما أخطأ) . فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا للثقات . وقد وافقه بعض الضعفاء على هذه اللفظة من طريق أخرى عن أنس كما سيأتي بيانه .
[ 46 ]
ثم قال الترمذي : (حديث حسن غريب) . قلت : وهو كما قال . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا لولا أن جعفر بن سليمان ، وإن كان احتج به مسلم ، ففيه كلام يسير ، وقال الذهبي والعسقلاني فيه : (صدوق) . فالحديث حسن كما قال الترمذي . وقد رواه غير عبد الرزاق عنه ، فقال ابن عدي في (الكامل) (ق 56 / 1) : أخبرنا الحسن بن سفيان : ثنا عمار بن هارون ثنا جعفر بن سليمان به مختصرا . قلت : وعمار هذا ضعيف كما في (التقريب) . وتابعه سعيد بن سليمان النشيطي كما في (التلخيص) (ص 192) وقال : (قال البزار : رواه النشيطي ، فأنكروه عليه ، وضعف حديثه) . (1) وتابع جعفرا بعض الضعفاء على إسناده ، وخالفه في متنه ، ألا وهو عبد الواحد بن ثابت أبي ثابت فقال : عن ثابت عن أنس مرفوعا بلفظ : (كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات ، أو شئ لم تصبه النار) . أخرجه العقيلى في (الضعفاء) (ص 251) والضياء المقدسي في (الاحاديث المختارة) (ق 49 / 1) من طريق أبي يعلى الموصلي ، وهذا في مسنده كلاهما عن عبد الواحد به وقال العقيلى : (عبد الواحد بن ثابت لا يتابع على حديثه هذا) . قلت : وقال فيه البخاري : (1) قلت : رواه ابن عدي (ق 56 / 1) عنه به مرفوعا من قوله (ص) نحو رواية سعيد بن عامر الاتية (*)
[ 47 ]
(منكر الحديث) . فهو ضعيف جدا ، وتساهل الهيثمي في (المجمع) فقال (3 / 155) : (رواه أبو يعلى ، وفيه عبد الواحد بن ثابت ، وهو ضعيف) . وللحديث طريقان آخران عن أنس : الاول : يرويه زكريا بن يحيى بن أبان ، ثنا مسكين بن عبد الرحمن التجيي ، ثنا يحيي بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ : (كان إذا كان صائما لم يصل حتى ناتيه برطب ، وماء فيأكل ويشرب إذا كان الصيف ، وإذا كان الشتاء لم يصل حتى ناتيه بتمر وماء) . رواه الطبراني في (الاوسط) (1 / 100 / 2) وقال : (لم يروه عن حميد الا يحيي ، ولا عنه الا مسكين ، تفرد به زكريا) . قلت : ولم أجد له ترجمة ، ومثله شيخه مسكين ، وبقية رجاله موثقون . وقال الهيثمي في (المجمع) (3 / 156) : (رواه الطبراني في (الاوسط) وفيه من لم أعرفه) . قلت : وسكت عليه الحافظ في (التلخيص) وخالف في سياقه لمتنه ، فإنه ذكره بعد قوله فيأكل ويشرب : (وإذا لم يكن رطب لم يصل حتى ناتيه بتمر وماء) . فكأنه رواه بالمعنى . وأما الطريق الاخر ، فيرويه عباد بن كثير الرملي عن عبد الرحمن السدي : سمعت أنس بن مالك يقول : فذكره بلفظ : (كان يفطر إذا كان صائما على اللبن ، وجئته بقدح من لبن ، فوضعته إلى جانبه ، ففطر عليه ، وهو يصلى) . أخرجه الطبراني أيضا في المصدر السابق وقال :
[ 48 ]
(لا يروى عن أنس إلا بهذا الاسناد) . قلت : وهو ضعيف من أجل عباد هذا ، وقال الهيثمى : (رواه الطبراني في (الاوسط) وفيه عباد بن كثير الرملي ، وفيه كلام ، وقد وثق) . وقد روي الحديث عن أنس مرفوعا من قوله (ص) بلفظ : (من وجد تمرا فليفطر عليه ، ومن لم يجد فليفطر على الماء ، فإن الماء طهور) . أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي والطبراني في (المعجم الصغير) (ص 214) وعنه أبو نعيم في (اخبار أصبهان) (2 / 231 - 232) من طريق محمد ابن اسحاق الصاغانى ، ثنا سعيد بن عامر الضبعي ، ثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عنه به . وقال الترمذي : (لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر ، وهو حديث غير محفوظ ، ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس ، وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الاحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر عن النبي (ص) وهو أصح من حديث سعيد بن عامر ، وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن سلمان ، ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب ، والصحيح ما رواه سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر ، وابن عون ، يقول : عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان ابن عامر ، والرباب هي أم الرائح) . وقال البيهقي عقب حديث شعبة الذي أشار إليه الترمذي عن الرباب عن سلمان : (ورواه سعيد بن عامر عن شعبة ، فغلط في إسناده) ثم ساقه من طريق شعبة عن ابن صهيب كما تقدم ، ثم قال :
[ 49 ]
(قال البخاري فيما روى عنه أبو عيسى : حديث سعيد بن عامر وهم ، يهم فيه سعيد ، والصحيح حديث عاصم عن حفصة بنت سيرين ، . قلت : فقد أتفق الامام البخاري وتلميذه الترمذي على تخطئة سعيد بن عامر في اسناده لهذا الحديث عن أنس ، فمعنى ذلك أن سعيدا قد يخطئ ، وقد أشار إلى ذلك أبو حاتم فقال كما في كتاب ابنه (2 / 1 / 49) : (هو صدوق ، وكان رجلا صالحا ، وكان في حديثه بعض الغلط) . وأما الحاكم فجرى على ظاهر السند ، فقال : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . وكيف يكون على شرط البخاري وهو قد أعله بمخالفة سعيد بن عامر للثقات كما سبق . ثم إن محمد بن إسحاق الصاغاني لم يخرج له البخاري إطلاقا ، فهو على شرط مسلم وحده ، ولكن الصواب أنه معلول بما عرفت ، وما يدرينا فلعل مسلما وافق البخاري على إعلاله كما وافقه الترمذي ، وكلاهما من تلاميذه ، غير أن اعلال مسلم لم نقف عليه . إذا عرفت ذلك فاعلم أن حديث شعبة المحفوظ قد أخرجه أصحاب السنن وغيرهم - ، فقال الطيالسي في (مسنده) (1181) : حدثنا شعبة عن عاصم قال : سمعت حفصة بنت سيرين تحدث عن الرباب عن سلمان (1) بن عامر أن النبي (ص) قال : (إذا صام أحدكم فليفطر على التمر ، فان لم يجد فعلى الماء ، فإنه طهور) . وأخرجه البيهقى (4 / 239) من طريق أبي داود الطيالسي به وقال : (هكذا وجدته في (المسند) وقد أقام إسناده أبو داود ، وقد رواه محمود بن غيلان عن أبى داود دون ذكر الرباب ، وروي عن روح بن عبادة عن شعبة (1) الاصل : سليمان في موضعين منه ، وهو خطا . (*)
[ 50 ]
موصولا) . قلت : وأخرجه احمد فقال (4 / 18 / 215) : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة به . إلا أنه لم يذكر الرباب في سنده . والصواب اثباتها فيه كما في رواية الطيالسي ، وهو الذي صححه الترمذي كما تقدم ، وهكذا رواه جماعة كثيرة من الثقات عن عاصم به . أخرجه أبو داود (2355) والترمذي والدارمي (2 / 7) وابن ماجه (1699) وابن أبي شيبة (2 / 184 / 2) وابن حبان (892) والفريابي (62 / 2) والحاكم (1 / 431 - 432) والبيهقي (4 / 238) وأحمد (4 / 17 و 19 و 213 - 215) من طرق عن عاصم به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط البخاري) . ووافقه الذهبي . قلت : وليس كذلك ، فإن الرباب هذه إنما اخرج لها البخاري تعليقا ، ثم هي لا تعرف الا برواية حفصة بنت سيرين عنها كما قال الذهبي نفسه في (الميزان) وقد وثقها ابن حبان كما تقدم في (الزكاة) وصحح حديثها هذا ، كما رأيت ، وهو في ذلك تابع لشيخه ابن خزيمة فقد صحح الحديث أيضا كما في (بلوغ المرام) وكذا صححه أبو حاتم الرازي كما في (التلخيص) (192) . أقوله : ولا أدري ما وجه هذا التصحيح ، لا سيما من مثل أبي حاتم ، فإنه معروف بتشدده في التصحيح ، والقواعد الحديثية تأبى مثل هذا التصحيح ، لتفرد حفصة عن الرباب كما تقدم ، ومعنى ذلك أنها مجهولة ، فكيف يصحح حديثها ؟ ! مع عدم وجود شاهد له ، إلا حديث أنس وهو معلول بمخالفة سعيد ابن عامر للثقات كما سبق بيانه . وقد وجدت له مخالفة أخرى ، فقد أخرج ابن حبان (893) من طريق محمد بن يحيى الذهلي : حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر به .
[ 51 ]
فقد خالف سعيد جميع من رواه عن شعبة عن عاصم فقال : هو عن شعبة عن خالد الحذاء ! وخلاصة القول أن الذي يثبت في هذا الباب إنما هو حديث انس من فعله (ص) واما حديثه وحديث سلمان ابن عامر من قوله (ص) وأمره ، فلم يثبت عندي ، والله أعلم . 923 - (قوله (ص) : (ومن استقاء فليقض)) . ص 224 ابن حبان (907) منتقى (385) صحيح . أخرجه الامام أحمد في (مسنده) (2 / 498) وأبو اسحاق الحربي في (غريب الحديث) (5 / 155 / 1) : حدثنا الحكم بن موسى قال عبد الله بن الامام احمد : وسمعته أنا من الحكم - ثنا عيسي بن يونس ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله (ص) : (من ذرعه القئ فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض) . واخرجه ابن ماجه (1676) من طريق الحكم به . وأخرجه أبو داود (2380) والترمذي (1 / 139) والدارمي (2 / 14) والطحاوي (1 / 348) وابن خزيمة (1960) وابن حبان (9 07) وابن الجارود (385) والدارقطني (240) والحاكم (1 / 427) والبيهقي (4 / 219) من طرق أخرى عن عيسى بن يونس به . وقال الدارقطني : (رواته ثقات كلهم) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، وقال الترمذي : (حديث حسن غريب ، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن ابي هريرة عن النبي (ص) الا من حديث عيسى بن يونس ، وقال محمد (يعني البخاري) : لا أراه محفوظا) .
[ 52 ]
قلت : قد عرفه غيره من حديث غير عيسى بن يونس . فقال أبو داود عقبه : (رواه أيضا حفص بن غياث عن هشام مثله) . وقد أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة (1961) والحاكم والبيهقي من طرق عن حفص بن غياث به . وقال البيهقى : (تفرد به هشام بن حسان القردوسي ، وبعض الحفاظ لا يراه محفوظا ، قال أبو داود (يعني في غير السنن) سمعت أحمد بن حنبل يقول : ليس من ذا شئ) . قال الخطابي : (يريد أن الحديث غير محفوظ) . قلت : وإنما قال البخاري وغيره بانه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى ابن يونس عن هشام ، كما تقدم عن الترمذي . وما دام أنه قد توبع عليه من حفص بن غياث ، وكلاهما ثقة محتج بهما في الصحيحين ، فلا وجه لاعلال الحديث إذن . على أننا نرى أن الحديث صحيح ولو تفرد به عيسى بن يونس لانه ثقة كما عرفت ، وقال الحافظ في (التقريب) : (ثقة مامون) ، ولانه لم يخالفه أحد فيما علمنا . بل قد روي الحديث من طريق أخرى عن أبى هريرة كما ياتي . . وقد وقفت على اعلال آخر للحديث يشبه ما سبق ، فقد قال الدارمي عقب الحديث ، وقد رواه من طريق ابن راهويه عن عيسى بن يونس : (قال عيسى : زعم أهل البصرة أبى هشاما أوهم فيه) . ونعرف الجواب عن هذا مما سبق ، وهو أن هشاما ثقة ممن احتج به الشيخان ، لا سيما وقد قال فيه الحافظ : (ثقة من أثبت الناس في ابن سيربن) . فلا يقبل فيه الزعم المذكور ، ولعل في قول عيسى : (زعم . . .) إشارة
[ 53 ]
إلى رده . ثم قال الترمذي والبيهقي والسياق له : (وقد روي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة مرفوعا) . قلت : وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 158 / 1) والدارقطني (240) واللفظ له من طريق عبد الله بن أبي سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعا : (إذا ذرع الصائم القئ ، فلا فطر عليه ولا قضاء عليه ، وإذا تقيا فعليه القضاء) . وقال الدارقطني : (عبد الله بن سعيد ليس بقوي) . قلت : بل هو متروك متهم . 924 - (الحديث الصحيح : (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم)) . صحيح . وقد مضى تخريجه في (الحيض) رقم (190) . 925 - (حديث : (ليس من البر الصيام في السفر) متفق عليه) ورواه النسائي . حبان 912) صحيح . وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله ، وكعب بن عاصم الاشعري ، وعبد الله بن عمر ، وأبي برزة الاسلمي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وعمار بن ياسر ، وأبي الدرداء : 1 - أما حديث جابر ، فله عنه طرق : الاولى : عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي عنه قال : (كان رسول الله في سفر ، فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه ، فقال ما هذا ؟ فقالوا : صائم ، فقال . . .) فذكره .
[ 54 ]
أخرجه البخاري (1 / 485) ومسلم (3 / 142) وأبو داود (2407) والنسائي (1 / 315) والدارمي (2 / 9) وابن أبي شيبة (2 / 149 / 1) والطحاوي (1 / 329) وابن جرير في تفسيره (3 / 473 / 2892) والفريابي في (كتاب الصيام) (63 / 2) وابن خزيمة (2017) وابن الجارود (399) والبيهقي (4 / 242) والطيالسي (1721) وأحمد (3 / 299 و 317 و 319 و 352 و 399) من طرق عن محمد بن عمرو به . الثانية : عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : حدثني جابر بن عبد الله قال : (مر النبي (ص) برجل في سفر في ظل شجرة يرش عليه الماء . فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : صائم يا رسول الله ، قال : فذكر الحديث ، وزاد الزيادة التي ذكرها المؤلف . وزاد : (عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها) . أخرجه النسائي (1 / 314) عن شعيب ، والطحاوي (1 / 329 - 330) عن الوليد بن مسلم ، كلاهما قالا : حدثنا الاوزاعي ، إلا أن الاول قال : حدثني يحيى بن أبي كثير قال : أخبرني محمد بن عبد الرحمن قال : أخبرني جابر ، وقال الاخر : عن يحيي بن أبي كثير قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان قال : حدثنى جابر . . . ورواه الفريابي في (الصيام) (63 / 2) عن الوليد : نا الاوزاعي حدثني يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر . وخالفهما الفريابي فقال : حدثنا الاوزاعي قال : حدثنى يحيى قال : أخبرني محمد بن عبد الرحمن قال : حدثني من سمع جابرا . . . فذكره نحوه ، فأدخل بين محمد بن عبد الرحمن وجابر شخصا لم يسمه . أخرجه النسائي . وتابع الاوزاعي على بن المبارك ، ولكن اختلف عليه فيه كما اختلف على الاوزاعي فقال وكيع : حدثنا على بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر به مع الزيادة دون قصة الرجل .
[ 55 ]
وقال عثمان بن عمر : أنبانا علي بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل عن جابر به دون الزيادة . أخرجهما النسائي . ثم أشار بباب عقده إلى أن الرجل الذي لم يسم هو محمد بن عمرو بن الحسن بن على المذكور في الطريق الاولى ، ولكن يشكل عليه أن الراوي لهذه الطريق إنما هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد كما في رواية لمسلم من طريق شعبة عنه ، وهو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الانصاري ، بخلاف الطريق الثانية ، فإن راويها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما تقدم في رواية الوليد بن مسلم عن الاوزاعي ، ورواية وكيع عن علي بن المبارك كلاهما عن يحيى بن أبي كثير . فالظاهر أن شيخ شعبة في هذا الحديث غير شيخ يحيى ، وأن الاول رواه عن جابر بالواسطة ، وأما الاخر فرواه عنه يحيى عن جابر بدون واسطة ، وتارة بواسطة الرجل الذي لم يسم . ومن الممكن أن يكون هذا الرجل هو محمد بن عمرو بن الحسن الذي هو مدار الطريق الاولى . وعليه فيكون ليحيى بن أبى كثير شيخان في هذا الحديث أحدهما محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهو الذي رواه عن جابر مباشرة وحفظ لنا تلك الزيادة ، والاخر محمد بن عبد الرحمن ، وهو ابن سعد ، وهو الذي يرويه عن محمد ابن عمرو بن الحسن ابن على عن جابر بدون الزيادة ، فانه لم يحفظها ، كما في رواية لمسلم (3 / 142) من طريق شعبة في الطريق الاولى قال : (وكان يبلغني عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث وفي هذا الاسناد أنه قال : (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم) فلما سألته لم يحفظه) . يعني محمد بن عبد الرحمن بن سعد ، لم يحفظ هنر الزيادة . وان مما يؤيد ما ذكرته أن رواية عثمان بن عمر عن علي بن المبارك التي فيها الرجل الذي لم يسم ، لم يقل يحيى فيها (ابن ثوبان) بخلاف رواية وكيع عن ابن المبارك التي ليس فيها الرجل فقد صرح يحيي بانه (ابن ثوبان) فدل ذلك على أنه يرويه عن شيخين ، أحدهما ابن ثوبان ، والاخر ابن سعد . وإلى هذا ذهب الحافظ المحقق ابن القطان فقال بعد أن ذكر هذه الزيادة :
[ 56 ]
(إسنادها حسن متصل ، قال : وهذا الحديث يرويه عن جابر رجلان ، كل منهما اسمه محمد بن عبد الرحمن ، ورواه عن كل منهما يحيى بن أبي كثير : أحدهما : ابن ثوبان . والاخر : ابن سعد بن زرارة ، فابن ثوبان سمعه من جابر ، وابن سعد ابن زرارة رواه بواسطة محمد بن عمرو بن حسن ، وهي رواية الصحيحين) . نقله الحافظ في (التلخيص) (ص 195) وأقره ، وأما في (الفتح) (4 / 162) فذهب إلى أن الصواب في رواية يحيى بن أبي كثير أنها عنه عن محمد بن عبد الرحمن ، وهو ابن سعد عن محمد بن عمرو بن الحسن عن جابر وأن قول من قال فيها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهم ، وإنما هو ابن عبد الرحمن بن سعد ، وهذا عندي بعيد لانه يلزم منه تخطئة ثقتين حافظين هما الوليد ابن مسلم ووكيع فانهما قالا : (ابن ثوبان) كما سبق ، ومثل هذا ليس بالامر السهل ما أمكن الجمع دون تخطئة الثقات الاخرين على نحو ما ذكرنا ، وذهب إليه ابن القطان . والله أعلم . وخلاصة القول أن هذه الزيادة إسنادها صحيح ، ولا يضره تفرد يحيى ابن أبي كثير بها لانه ثقة ثبت كما في (التقريب) ، وإنما يخشي البعض من التدليس ، وقد صرح هنا بالتحديث ، فأمنا بذلك تدليسه . فائدة : قال الحافظ في (الفتح) في الصفحة المشار إليها آنفا : ((تنبيه) : أوهم كلام صاحب (العدة) أن قوله (ص) : (عليكم برخصة الله التي رخص لكم) مما أخرجه مسلم بشرطه ، وليس كذلك ، وإنما هي بقية في الحديث لم يوصل إسنادها كما تقدم بيانه ، نعم وقعت عند النسائي موصولة في حديث يحيى بن أبى كثير بسنده ، وعند الطبراني من حديث كعب بن عاصم الاشعري كما تقدم) . قلت : وفي هذا الكلام ملاحظتان : الاولى : أن الذي أخذه الحافظ على صاحب (العمدة) ، قد وقع فيه
[ 57 ]
الزيلعى في (نصب الراية) (2 / 461) فقال عقب الحديث : (وزاد مسلم في لفظه : وعليكم برخصة الله التي رخص لكم) . وليس هذا فقط ، بل تابعه على ذلك الحافظ نفسه في (الدراية) ص 177 ! والاخرى : قوله : (وعند الطبراني . . .) . فإني أظنه خطا مطبعيا ، فإنه قال قبل صحيفة : (قال الطبري ، بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الاشعري ولفظه : سافرنا مع رسول الله (ص) ونحن في حر شديد ، فإذا رجل من القوم ، قد دخل تحت ظل شجرة ، وهو مضطجع كضجعة الوجع ، فقال رسول الله (ص) : ما لصاحبكم ؟ أي وجع به ؟ فقالوا : ليس به وجع ، ولكنه صائم ، وقد اشتد عليه الحر ، فقال النبي (ص) حينئذ : (ليس البر أن تصوموا في السفر عليكم برخصة الله التي رخص لكم) : فكان قوله (ص) ذلك لمن كان في مثل ذلك الحال) . قلت : فهذا الحديث لم أجده في تفسير الطبري مع انه قد ذكر فيه (3 / 474) نحو هذا الكلام ولكن عقب حديث جابر هذا ، وليس فيه حديث كعب هذا ، فلعله في بعض كتبه الاخرى ك‍ (التهذيب) مثلا . والله أعلم . الطريق الثالثة : عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه : (أن رسول الله (ص) خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه ، حتى نظر الناس إليه ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : أولئك العصاة ، اولئك العصاة) . أخرجه مسلم (3 / 141 - 142) والنسائي (1 / 315) والترمذي (1 / 137) والشافعي (1 / 268) والفريابي في (الصيام) (ق 65 - 66)
[ 58 ]
والطحاوي (1 / 331) والبيهقي (4 / 241) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 2 - وأما حديث كعب بن عاصم الاشعري ، فيرويه الزهري عن صفوان ابن عبد الله بن صفوان عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الاشعري ان رسول الله (ص) قال : (ليس من البر الصيام في السفر) . هكذا رواه الثقات عن الزهري ، فقال الامام أحمد (5 / 434) : ثنا سفيان عن الزهري به . وكذا قال ابن أبى شيبة في (المصنف) (2 / 149 / 1) والطيالسي في مسنده (1 / 190 - ترتيبه) والامام الشافعي في (السنن) (1 / 267 - ترتيبه) . وهكذا رواه النسائي (1 / 314) والدارمي (2 / 9) وابن ماجه (1664) والفريابي (63 / 1) والطحاوي (1 / 3 0) والحاكم (1 / 433) والبيهقي (4 / 242) من طرق عن سفيان به . وزاد الطحاوي : (قال سفيان : فذكر لي أن الزهري كان يقول - ولم أسمع انا منه - ليس من ام برام صيام في ام سفر) . قلت : وهذه الزيادة عن سفيان شاذة ، بل منكرة ، تفرد بها شيخ الطحاوي محمد بن النعمان السقطى ، وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي في (الميزان) ثم الحافظ في (اللسان) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه) . ووافقه الذهبي . ثم أخرجه الامام أحمد والطحاوي عن ابن جريج ، والدارمي عن يونس ، والطحاوي عن محمد بن ابي حفصة ، والفريابي ، والبيهقي عن معمر ، والفريابي عن الزبيدي كلهم عن الزهري به . وقال الامام أحمد : ثنا عبد الرزاق أنا معمر به . إلا أن لفظه مثل لفظ الطحاوي الشاذ : (ليس من امبرا مصيام في أمسفر) .
[ 59 ]
وهكذا رواه البيهقي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عبد الرزاق به . وزاد : (قال محمد بن يحيى : وسمعت عبد الرزاق مرة يقول : أخبرنا معمر . . . قلت : فذكره ، بإسناد باللفظ الاول : وهو الذي رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابى ، وهو المحفوظ عنه (ص) : قال الحافظ في (التلخيص) (ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثاني من رواية أحمد : (وهذه لغة لبعض اهل اليمن ، يجعلون لام التعريف ميما ، ويحتمل أن يكون النبي (ص) خاطب بها هذا الاشعري كذلك لانها لغته ، ويحتمل أن يكون الاشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته ، فحملها عنه الراوي عنه ، وأداها باللفظ الذي سمعها به ، وهذا الثاني أوجه عندي . والله أعلم) . قلت : الامر كما قال الحافظ - رحمه الله - لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الاشعري ، وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهري على روايته عنه باللفظ الاول ، وكذلك رواه جابر وغيره كما ياتي عن النبي (ص) ، في جميع الطرق عنهم رضي الله عنهم ، وأيضا فإن الراوي عن الاشعري إذا أدى الحديث باللفظ الذي سمعه منه ، فأحرى بهذا - أعني الاشعري - أن يؤديه باللفظ الذي سمعه من النبي (ص) . (تنبيه) : وقع الحديث في مسند الشافعي بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتي رحمه الله في (بدائع المنن) . 3 - وأما حديث عبد الله بن عمر ، فيرويه محمد بن المصطفى الحمصي قال : ثنا محمد بن حرب الابرش قال : ثنا عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا باللفظ الاول . أخرجه ابن ماجه (1665) والفريابي (64 / 1) والطحاوي ، وابن حبان في (صحيحه) (912) ، وقال الهيثمي في (الزوائد) (1 / 106) : (هذا إسناد صحيح ، ورجاله ثقات ، وله شاهد في (الصحيحين)
[ 60 ]
وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله وأنس وغيرهما) . قلت : ولم أجده في الصحيحين ولا في غيرهما من حديث أنس بهذا اللفظ . 4 - وأما حديث أبي برزة الاسلمي ، فيرويه معمر بن بكار السعدي ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبد الله بن عامر الاسلمي عن خالد عبد الرحمن بن حرملة عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا به . أخرجه الطبراني في (الاوسط) ، (1 / 104 / 1) وقال : (لا يروى عن أبى برزة الا بهذا الاسناد ، تفرد به معمر) . قلت : وهو صويلح كما قال الذهبي في (الميزان) ، لكن عبد الله بن عامر الاسلمي ضعيف كما في (التقريب) . وقال الهيثمى في (المجمع) (3 / 161) : (رواه أحمد والبزار والطبراني في الاوسط وفيه رجل لم يسم) . قلت : وفي هذا التخريج ملاحظتان : الاولى : أنني لم أره في مسند الامام أحمد . والاخرى : أن إسناد الطبراني ليس فيه رجل لم يسم ، وإنما فيه من هو معروف بالضعف كما رأيت . 5 - وأما حديث ابن عباس ، فرواه البزار والطبراني في (الكبير) . قال الهيثمي : (ورجاله رجال الصحيح) . 6 - وأما حديث ابن عمرو فرواه الطبراني في (الكبير) أيضا نحو حديث جابر . قال الهيثمي : (ورجاله رجال الصحيح) . 7 - وأما حديث عمار بن ياسر ، فرواه الطبراني أيضا في (الكبير) نحو
[ 61 ]
حديث جابر عند النسائي بالزيادة ، قال الهيثمى : (وإسناده حسن) . 8 - وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني أيضا في (الكبير) كما في (الجامع الكبير) (2 / 152 / 2) وقال الهيثمي : (ورجاله رجال الصحيح) . وسقط من كتابه اسم مخرجه ، فاستدركته من (الجامع) . 926 - (حديث : (هي رخصة من الله ، فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم ، فلا جناح عليه ، . ص 222 . رواه مسلم والنسائي) . صحيح . وهو من حديث حمزة بن عمرو الاسلمي رضي الله عنه . (أنه قال : يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ؟ فقال رسول الله . . .) فذكره . أخرجه مسلم (3 / 145) والنسائي (1 / 317) وكذا الطحاوي (1 / 334) وابن خزيمة (3 / 258 / 2026) والبيهقي (43 / 243) عن أبي الاسود عن عروة بن الزبير عن أبى مراوح عنه . وله عنه طريق أخرى ، رواه محمد بن عبد المجيد المدنى قال : سمعت حمزة بن محمد بن حمزة بن عمرو الاسلمي يذكر أن أباه أخبره عن جده حمزة بن عمرو قال : (قلت : يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه : أسافر عليه وأكريه ، وإنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة ، وأنا شاب ، وأجد بان أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخره فيكون دينا ، أفاصوم يا رسول الله أعظم لاجري أو أفطر ؟ قال : أي ذلك شئت يا حمزة) .
[ 62 ]
أخرجه أبو داود (2403) والحاكم (1 / 433) وعنهما البيهقي 4 / 241) وسكتوا عنه ، وأخرجه الطبراني في (الاوسط) وقال : (تفرد به محمد عن حمزة) . ذكره الحافظ في (التهذيب) ثم قال : (وحمزة ضعفه ابن حزم ، وقال ابن القطان : مجهول ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما) . وقال في (التقريب) : (مجهول الحال) . قلت : ومحمد بن عبد المجيد قال ابن القطان : (لا يعرف ، ولا ذكر له إلا في هذا الحديث) . وتبعه الحافظ الذهبي في (الميزان) . وقال الحافظ في (التقريب) : (مقبول) . وله طرق أخرى عن حمزة مختصرا أنه سال رسول الله (ص) عن الصوم في السفر فقال : (ان شئت أن تصوم فصم ، وإن شئت أن تفطر فافطر) . خرجها النسائي (1 / 317) والفريابي (67 / 1 - 2) والطحاوي (1 / 333) والطيالسي (1175) وأحمد (3 / 494) . 927 - (وعن حمزة بن عمرو الاسلمي أنه قال للنبي (ص) : أصوم في السفر ؟ قال : إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر . متفق عليه) . ص 222 صحيح . وجعله المصنف من مسند حمزة بن عمرو ، ورواية الشيخين وهم أو تساهل ، فانه عندهما من مسند عائشة رضي الله عنها زوج النبي (ص) : (أن حمزة بن عمرو الاسلمي قال . . .) فذكر الحديث . اخرجه البخاري (4 / 157) ومسلم (3 / 144 و 144 - 145) وكذا
[ 63 ]
مالك (1 / 295 / 24) وأبو داود (2402) والنسائي (1 / 318) والترمذي (711) وقال : حسن صحيح ، والدارمي (2 / 8 - 9) وابن خزيمة (2028) وابن الجارود (397) وابن أبي شيبة (2 / 150 / 1) وعنه ابن ماجه (1 / 510) والسراج في (جزء من حديثه) (98 / 2) والفريابي (67 / 2) والطحاوي (1 / 333) والبيهقي (4 / 243) وأحمد (6 / 46 و 193 و 202 و 207) من طرق كثيرة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها . وقال بعض الرواة عند النسائي : عن هشام عن عروة عنها عن حمزة كما ذكره المصنف ، وقال آخر : عن هشام عن عروة عن حمزة ، لم يذكر عائشة ، وجعلوه من مسند حمزة ، قال الحافظ : (والمحفوظ أنه مسند عائشة ، ويحتمل أن يكون هؤلاء لم يقصدوا بقولهم (عن حمزة) الرواية عنه ، وإنما ارادوا الاخبار عن حكايته ، فالتقدير : عن عائشة عن قصة حمزة أنه سال ، لكن قد صح مجئ الحديث من رواية حمزة ، فأخرجه مسلم من طريق أبى الاسود . . .) . يعني الطريق الاولى في الحديث اللمتقدم . وله طرق أخرى عن حمزة كما ذكرت هناك . وبالجملة : فالحديث صح من مسند عائشة ، ومن مسند حمزة ، لكن عزوه للشيخين من مسند حمزة فيه ما عرفت . 928 - (لحديث أبي بصرة الغفاري : (أنه ركب سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ، ثم قرب غداءه ، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة ، ثم قال : اقترب ، قيل : ألست ترى البيوت ؟ قال : أترغب عن سنة محمد (ص) فأكل . رواه أبو داود) . ص 222 صحيح . رواه أبو داود (2412) وعنه البيهقي (4 / 246) وأحمد (6 / 398) عن يزيد بن أبي حبيب أن كليب بن ذهل الحضرمي أخبره عن عبيد ابن جبر (وفي المسند : ابن حنين ، وهو تحريف) قال : (كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي (ص) في سفينة . . .) .
[ 64 ]
هذا هو نص الحديث عند أبي داود ، وزاد أحمد : (وهو يريد الاسكندرية) . قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير كليب بن ذهل قال الحافظ : (مقبول) . لكن للحديث شاهد من حديث دجنة بن خليفة ، فهو يتقوى به ، وآخر من حديث أنس باسناد صحيح ، وقد غمزه بعض المعاصرين من الشافعية ، وقد رددت عليه ذلك ، وبينت صحة الحديث بما لا قبل له برده ، نشر ذلك أولا في مجلة (التمدن الاسلامي) ثم في رسالة خاصة بعنوان : (تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه) فليراجعها من شاء . 929 - (قال ابن عباس : (كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ، ويطعما مكان كل يوم مسكينا ، والحبلى والمرضع ، إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا) . رواه أبو داود) . ص (222 - 223) . شاذ بهذا السياق ، أخرجه أبو داود من طريق ابن أبي عدي عن سعيد ، وهو ابن أبى عروبه ، عن قتادة عن عرزة - الاصل عروة - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال : كانت رخصة . الحديث . وإسناده صحيح ، ولكنه بظاهره يدل على أن هذه الرخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ثابتة لهما كما هي ثابتة للحبلى والمرضع ، والثابت عن ابن عباس من طرق أن الرخصة للشيخ والمرأة إنما هي إذا كانا لا يطيقان الصيام ، ولا يستطيعانه ، وأما إذا أطاقاه ، فالاية منسوخة إليهما ، وبهذا التفصيل رواه جماعة من الثقات عن ابن أبي عروبة ، كما تقدم بيانه برقم (912) . (تنبيه) ينتهى الحديث عند أبى داود بقوله : (إذا خافتا) وقال أبو داود بعده : (يعنى على أولادهما . . .) فهى من قول أبى داود أدرجه المصنف في الحديث !
[ 65 ]
فصل في المفطرات 930 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (من ذرعه القئ فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض) . رواه أبو داود والترمذي) . ص 224 صحيح . وقد مضي مع تخريجه برقم (923) . 931 - (حديث : (أفطر الحاجم والمحجوم) ، رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد عشر نفسا) . ص 224 صحيح . وقد ورد عن جماعة من الصحابة بلغ عددهم في تخريج الزيلعي في (نصب الراية) ثماني عشر شخصا ، إلا أن الطرق إلى أكثرهم معللة ، فاقتصر على ما صح منها ، وأحيل في الباقي على (نصب الراية) فقد شفى وأروى . أولا : عن ثوبان مولى رسول الله (ص) وله عنه طرق : الاولى : عن أبي أسماء الرحبي عنه مرفوعا به . أخرجه أبو داود (2367) والدارمي (2 / 14) وابن ماجه (1680) والسراج في (جزء من حديثه) " (ق 98 / 1) والطحاوي (1 / 349) وابن الجارود (386) وابن خزيمة (1962 و 1963) وابن حبان (899) والحاكم (1 / 427) والبيهقي (4 / 265) والطيالسي (1 / 186) وأحمد (5 / 277 و 280 و 282 و 283) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن ابي قلابة عن أبي أسماء به . ولفظ ابن حبان عن الاوزاعي : حدثني يحيى ابن أبي كثير ، قال : حدثني أبو
[ 66 ]
قلابة أن ابا أسماه الرحبي حدثه عن ثوبان مولى رسول الله (ص) : (أنه خرج مع رسول الله (ص) لثماني عشرة خلت من رمضان إلى البقيع ، فنظر رسول الله إلى رجل يحتجم ، فقال رسول الله (ص) . . .) فذكره . وهكذا أخرجه الحاكم وقال : (قد أقام الاوزاعي هذا الاسناد فجوده ، وبين سماع كل واحد من الرواة من صاحبه ، وتابعه على ذلك شيبان بن عبد الرحمن النحوي ، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وكلهم ثقاث ، فإذن : الحديث صحيح على شرط الشيخين ، قال أحمد بن حنبل : وهو أصح ما روي في هذا الباب . قلت : ووافقه الذهبي ، وإنما هو على شرط مسلم وحده ، فإن أبا أسماء الرحبي واسمه عمرو بن مرثد الدمشقي ، لم يرو له البخاري في صحيحه ، وإنما في (الادب المفرد) . وليحيي بن أبى كثير أسانبد اخرى تأتي ، وقد تابعه يحيي بن حمزة : حدثني أبو المهلب راشد بن داود الصنعاني ثنا أبو أسماء الرحبي به . قلت : وهذا سند حسن ، اخرجه البيهقي (4 / 266) . الطريق الثانية : عن ابن جريج : أخبرني مكحول أن شيخا من الحي [ مصدقا ] أخبره أن ثوبان مولى النبي (ص) أخبره أن النبي (ص) قال : فذكره أخرج أحمد (5 / 282) والسياق له ، وابن أبي شيبة (2 / 160 / 2) والزيادة له . قلت : وهذا سند جيد في المتابعات ، وقد صح ، فان أبا داود سمى شيخ مكحول أبا أسماء الرحبي ، رواه عن العلاء بن الحارث عن مكحول به . الثالثة : عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان به . أخرجه أحمد (5 / 276 و 282) ، وإسناده كالذي قبله . الرابعة : عن معدان ابن أبي طلحة عن ثوبان به .
[ 67 ]
أخرجه السراج (98 / 1) عن بكير ابن أبى السمط : ثنا قتادة عن سالم ابن أبى الجعد عن معدان به . قلت : واسناده ثقات رجال مسلم غير بكير ابن أبي السمط ، ففيه كلام ، وفي (التقريب) أنه (صدوق) . قلت : وقد خولف في إسناده فقال شعبة : سعيد ابن أبى عروبة : عن قتادة عن شهر بن حوشب بسنده المذكور في الطريق الثالثة . وقال أيوب أبو العلاء : عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال قال : قال رسول الله (ص) : فذكره . أخرجه ابن ابى شيبة (2 / 161 / 2) : يزيد بن هارون قال : أنا أيوب به ، وخالفه محمد بن يزيد وهو الواسطي فقال : ثنا أبو العلاء يعني القصاب عن قتادة عن أبى قلابة عن أبي أسماء عن شداد بن أوس كلما يأتي ، وأيوب هذا هو ابن أبى مسكين صدوق له اوهام ، فلعل قتادة له في هذا الحديث أسانيد . ثانيا : عن شداد بن أوس ، يروبه أبو قلابة عن أبي أسماء عنه . وقد اختلف فيه على أبى قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمي على وجوه : 1 - قتادة عنه بهذا . رواه الامام أحمد (4 / 124) : ثنا محمد بن يزيد ثنا أبو العلاء يعني القصاب عنه . 2 - عاصم الاحول عن أبى قلابة عن أبي الاشعث عن أبى أسماء به ، فادخل بينهما أبا الاشعث . أخرجه أحمد (4 / 123 و 124) والدارمي (2 / 14) وابن أبي شيبة (2 / 162 / 2) وابن حبان (900) والبيهقي (4 / 265) . لكن أخرجه أحمد أيضا والطيالسي (1 / 187) والسراج والحاكم (1 / 428 - 429) من طرق أخرى عن عاصم به دون ذكر ابي أسماء في
[ 68 ]
مسنده . ويؤيده الوجه الاتى . وتابعه داود أبن أبي هند عن عبد الله بن زيد ، وهو أبو قلابة عن أبي الاشعث عن أبي أسماء به . أخرجه أحمد وابن أبى شيبة . وتابعه أيضا أيوب عن أبى قلابة به . أخرجه أحمد (4 / 123) : ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب به . لكن خالفه حماد بن زيد ووهيب فقالا : عن أيوب به دون ذكر أبي أسماء فيه أخرجه أحمد (4 / 124) والحاكم (1 / 428) وأبو داود (2369) والبيهقي . وكذا خالفه اسماعيل فقال : ثنا أيوب عن أبى قلابة عمن حدثه عن شداد ابن أوس به . أخرجه أحمد (4 / 125) ثنا اسماعيل به . وكذا قال ابن أبى شيبة . قلت : واسماعيل هو ابن علية . ويرجح رواية هؤلاء متابعة جماعة من الثقات لايوب عليه . وهو : 3 - خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبي الاشعث عن شداد به . أخرجه أحمد (4 / 122 - 123) والسراج (98 / 1) وسمي الرجل (معقل بن يسار) وابن حبان (901) . وأخرجه الطحاوي (1 / 349) عن خالد ومنصور معا عن أبي قلابة به . 4 - يحيي بن أبي كثير : حدثني أبو قلابة الجرمى أنه اخبره أن شداد بن أوس بينما هو يمشي مع رسول الله (ص) . الحديث . هكذا أخرجه أحمد (5 / 283) عن شيبان عن يحيى وهكذا رواه أ بو داود
[ 69 ]
(2368) عن أحمد . ورواه ابن ماجه (1681) به عن يحيى عن أبى قلابة أنه اخبره أن شداد . . . ولعله الصواب ، فان قوله عند أحمد (حدثني) بدل (عن) لا معنى له مع قوله بعد (أنه أخبره) . والله أعلم . وعلى كل حال ، فهذا وجه رابع من الاختلاف فيه على أبى قلابة ، فانه أسقط من السند أبا الاشعث وأبا أسماء ، ومعنى ذلك أنه أرسله . وأولى الوجوه بالصواب عندي إنما هو الوجه الثاني لاتفاق جماعة من الثقات على روايته كذلك ، وقد زادوا في الاسناد على الوجوه الاخرى فقالوا : عن أبى قلابة عن أبي الاشعث عن أبي اسماء . وزيادة الثقة مقبولة ، وعلى هذا فيكون لابي أسماء الرحبي في هذا الحديث إسنادان : أحدهما عن ثوربان وقد مضى ، والاخر عن شداد وهو هذا . وقد أشار إلى هذا الامام على بن المدينى ، فروى البيهقي (4 / 266) بسنده عنه قال : (ما أرى الحديثين الا صحيحين ، وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما) . يعني ثوبان وشدادا ، ففيه اشارة إلى ترجيح الوجه الذي ذكرنا ، وهذا بخلاف ما روى البيهقي أيضا (4 / 267) بالسند المشار إليه عنه قال : (رواه عاصم الاحول عن أبى قلابة عن أبى الاشعث عن شداد ، رواه يحيى بن أبي كثير عن أبى قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان ، ولا أرى الحديثين إلا صحيحين ، فقد يمكن أن يكون سمعه منهما جميعا) . فهذا ظاهره ترجيح الوجه الثالث الذي ليس فيه ذكر أبي أسماء ، وهو مقتفى كلام البخاري ، ففي (نصب الراية) (2 / 472) : (قال الترمذي في (علله الكبرى) : قال البخاري : ليس في هذا الباب أصح من حديث ثوبان وشداد . ابن أوس ، فذكرت له الاضطراب ، فقال : كلاهما عندي صحيح ، فان أبا قلابة روى الحديثين جميعا (1) : رواه عن أبي (1) قلت : ويؤيد هذا ما روى السراج عقبهما بسنده الصحيح عن وهب بن جرير عن ابيه قال : عرضت على ايوب كتابا لابي قلابة ، فإذا فيه عن شداد بن أوس وثوبان ، فاعرفه . (*)
[ 70 ]
أسماء عن ثوبان ، ورواه عن ابى الاشعث عن شداد . قال الترمذي : وكذلك ذكروا عن ابن المدينى أنه قال : حديث ثوبان وحديث شداد صحيحين) . قلت : والوجه عندي هو ما ذكرته ، لاننا إذا رجحنا ما أشار إليه البخاري وشيخه ابن المديني لزمنا أن نخطئ الثقات بدون حجة ، وهذا لا يجوز . والله أعلم . وعلي كل حال فالحديثان صحيحان كما قالوا ، والاول أصح عندي للطرق الاخرى التي ذكرتها . وأشار إلى ذلك الامام أحمد بقوله : (هو أصح ما في الباب) . كما ذكره الحاكم عنه فيما تقدم . (تنبيه) عزا الزيلعي حديث أبي قلابة عن أب‍ الاشعث عن شداد لابي داود والنسائي وابن ماجه . وفيه نظر من وجهين : الاول : إطلاق العزو للنسائي ، فاوهم أنه أخرجه في (الصغرى) له ، ولم يخرجه الا في (الكبرى) له . والاخر : عزوه لابن ماجه من هذا الوجه وهم ، فانه إنما أخرجه من طريق يحي ابن أبى كثير عن أبي قلابة مرسلاي تقدم تحريره في الوجه الرابع . وقد شارك الحافظ ابن حجر الامام الزيلعي في هذين الوهمين ، وزاد عليه في الوهم الثاني أنه عزى في (التلخيص) (190) طريق يحيى هذه لابي داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان ! ولم يخرجها أحد من هؤلاء سوى أبى داود وابن ماجه ، ومرسلا كما ذكرنا . ثالثا : عن رافع بن خديج برويه يحيى ابن أبي كثير أيضا عن ابراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عنه مرفوعا به . أخرجه أحمد (3 / 465) ثنا عبد الرزاق ثنا معمر به . ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1 / 148) والسراج (98 / 1) وابن خزيمة (1964) وابن حبان (902) والحاكم (1 / 428) والبيهقي (4 / 465) . ثم
[ 71 ]
روى عن الامام أحمد أنه قال : (تفرد به معمر) . قال أبو حامد بن الشرفي : (وقد رواه معاوية بن سلام عن يحيى بن ابن كثير) . قلت : قد وصله الحاكم وعنه البيهقي من طريق معاوية به ، وعليه فيكون ليحيى ابن أبى كثير في هذا الحديث إسنادان موصولان : أحدهما عن ثوبان ، والاخ رعن رافع هذا ، وأشار إلى ذلك البيهقي بقوله : (وكان يحيى ابن أبى كثير روى الحديث بالاسنادين جميعا) . وقال الحاكم عقبه : (وليعلم أن الاسنادين ليحيى ابن أبى كثير ، قد حكم لاحدهما أحمد بن حنبل بالصحة ، وحكم على بن المديني للاخر بالصحة ، فلا يعلل أحدهما بالاخر ، وقد حكم اسحاق بن ابراهيم الحنظلي لحديث شداد بالصحة) . وقال الترمذي : (حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح ، وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال : أصح شئ في هذا الباب حديث رافع بن خديج ، وذكر على بن عبد الله أنه قال : أصح شئ في هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس) . وقال الزيلعي في قول أحمد هذا : (وفيه نظر فان ابن قارظ انفرد به مسلم) . قلت : فالاصح من هذه الاحاديث الثلاثة حديث ثوبان كما تقدم . وقد ادعى بعض المحدثين أن اسناد حديث رافع هذا خطا ، وكانهم قالوا ذلك بناء على قول أحمد ان معمرا تفرد به ، وقد عرفت أنه قد توبع ، فلا مطعن في السند إن شاء الله تعالى . رابعا : عن معقل بن سنان - قال الترمذي : ويقال : ابن يسار - يرويه
[ 72 ]
عطاء بن السائب قال : شهد عندي نفر من أهل البصرة منهم الحسن ابن أبى الحسن على معقل بن سنان الاشجعى قال : (مر على رسول الله (ص) وأنا أحتجم في ثمان عشرة من رمضان ، فقال : (فذكره) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 162 / 2) وعنه الطحاوي (1 / 349) وأحمد (3 / 480) وابنه عبد الله في زوائدة عن محمد بن فضيل عن عطاء به . وتابعه أحمد بن حميد ثنا ابن فضيل به . وتابعه عمار بن زريق عن عطاء به . أخرجه أحمد (3 / 474) : ثنا أبو الجواب : ثنا عمار بن رزيق به . وأخرجه النسائي في (الكبرى) عن محمد بن فضيل به . ثم أخرجه من حديث سليمان بن معاذ عن عطاء بن السائب به وقال : (معقل بن يسار) . ذكره الزيلعي (2 / 474) وقال : (وفي كتاب العلل) للترمذي : قلت لمحمد بن اسماعيل : حديث الحسن عن معقل بن يسار أصح ، أو معقل بن سنان ؟ فقال : معقل بن يسار أصح) . قلت : ويؤيد هذا رواية خالد الحذاء بسنده عن شداد المتقدمة عند السراج وسندها صحيح ، وهي فائدة عزيزة لم أجد من ذكرها ، وهي شاهد قوي لحديث معقل هذا ، وإن كان في سنده انقطاع بينه ، وبين الحسن ، وكان عطاء قد اختلط ، فان موافقة حديثه لرواية خالد قد دلت على أنه قد حفظ . خامسا : عن أنس بن مالك قال : (أول ما كرهت الحجامة للصائم ؟ أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم ، فمر به النبي (ص) فقال : أفطر هاذان ، ثم رخص النبي (ص) بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم) .
[ 73 ]
أخرجه الدارقطني (239) وعنه البيهقي (4 / 268) وقال الاول منهما ، وأقره الاخر : (كلهم ثقات ، ولا أعلم له علة) . وهو كما قالا ، لكن أعله صاحب (التنقيح) بانه شاذ الاسناد والمتن فراجع كلامه في (نصب الراية) (2 / 480) وسكت عليه ، وأما الحافظ في (الدراية) ص 179 فانه لم يورد كلام الدارقطني فيه ولا كلام (التنقيح) عليه . والله أعلم . ثم رأيت الحافظ قد أورد الحديث في (الفتح) من رواية الدارقطني ثم قال (4 / 155) : (ورواته كلهم من رجال البخاري ، الا أن في المتن ما ينكر ، لان فيه أن ذلك كان في (الفتح) ، (ورواته كلهم من رجال البخاري ، الا أن في المتن ما ينكر ، لان فيه أن ذلك كان في (الفتح) ، وجعفر قتل قبل ذلك) . كذا قال ، وليس في المتن ، حتى ولا في سياق الحافظ أن ذلك كان في (الفتح) ، فالله أعلم . (فائدة) : حديث أنس هذا صريح في نسخ الاحاديث المتقدمة (افطر الحاجم والمحجوم) . ومثله ما أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 101 / 2) من طريق أخرى عن أنس : (أن النبي (ص) احتجم بعدما قال : افطر الحاجم والمحجوم) . وقال : (لم يروه عن أبى قلابة الا أبو سفيان وهو السعدى واسمه طريف ، تفرد به أبو حمزة) . قلت : وطريف هذا ضعيف كما قال الحافظ في (الدراية) و (التقريب) . وخرجه الدارقطني (239) من طريق أخرى عن أنس وقال : (هذا إسناد ضعيف ، واختلف عن ياسين الزيات وهو ضعيف) .
[ 74 ]
وخير منه حديث أبي سعيد الخدري قال : (رخص رسول الله (ص) في القبلة للصائم ، والحجامة) . أخرجه الطبراني (1 / 102 / 1) والدارقطني من طريق المعتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به . وقال الدارقطني : (كلهم ثقات ، وغير معتمر يرويه موقوفا) . وفي (الفتح) (4 / 155) : (وقال ابن حزم : صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب ، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد : أرخص النبي (ص) في الحجامة للصائم . وإسناده صحيح ، فوجب الاخذ به ، لان الرخصة إنما تكون بعد العزيمة ، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما . انتهى والحديث المذكور أخرجه النسائي (يعني في الكبرى) وابن خزيمة والدارقطني ، ورجاله ثقات ، لكن اختلف في رفعه وقفه) . قلت : قد توبع معتمر عليه ، فقال الطبراني : ثنا ابراهيم (هو ابن هاشم) ثنا أمية ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن حميد عن أنس مثله وزاد : (ولا تعذبوا أولادكم بالغمز من العذرة) . وقال : (لم يروه عن حميد الا عبد الوهاب) . قلت : وهو ثقة من رجال مسلم ، وسائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم ، وهو ابن هاشم بن الحسن أبو إسحاق البيع المعروف ب‍ (البغوي) قال الدارقطني : ثقة ، فالسند صحيح ، ولا علة فيه سوى عنعنة حميد ، لكنهم قد ذكروا أن حديثه عن أنس إنما تلقاه عن ثابت عنه . وثابت ثقة محتج به في الصحيحين . وعلى ذلك فلحميد فيه إسنادان . أحدهما عن أبى المتوكل عن أبى سعيد . والاخر عن أنس . وله عن أبى المتوكل طريق أخرى ، يرويه اسحاق بن يوسف الازرق ،
[ 75 ]
عن سفيان ، عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل به دون ذكر القبلة . أخرجه الدارقطني وكذا الطبراني والبيهقي (4 / 264) وقال الدارقطني : (كلهم ثقات ، ورواه الاشجعي أيضا وهو من الثقات) . قلت : ثم ساقه من طريق الاشجعي عن سفيان به وزاد : (والقبلة) . قلت : فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه ، وهو نص في النسخ ، فوجب الاخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله . 932 - (حديث ابن عباس : أن النبي (ص) احتجم ، وهو صائم . رواه البخاري) . ص 224 صعيح . وله طرق عن ابن عباس : الاولى : عن عكرمة عنه به . أخرجه البخاري (4 / 155 و 10 / 125 - فتح) وأبو داود (2372) والترمذي (1 / 149) وابن ابي شيبة (2 / 163 / 1) والطحاوي (1 / 350) والبيهقي (4 / 263) من طرق عن أيوب به . وفي رواية للبخاري من طريق وهيب عن أيوب بلفظ : (احتجم وهو محرم ، واحتجم وهو صائم) . وتابعه جعفر بن ربيعة ، والحسن بن يزيد (وفي نسخة : زيد) كلاهما عن عكرمة به . أخرجهما الطحاوي . الثانية : عن مقسم عن ابن عباس بلفظ : (احتجم وهو صائم محرم) .
[ 76 ]
أخرجه أبو داود (2373) والترمذي وابن ماجه (1682) والشافعي (1 / 257) والطحاوي والطيالسي (2700) وأحمد (1 / 286) والبيهقي من طرق عن يزيد ابن ابي زياد عن مقسم به . وقال الترمذي عقبه : (حديث حسن ، صحيح) . كذا قال ، ويزيد ابن أبي زياد فيه ضعف ، فلعله يعني الحديث بطريقيه ، على أن ابن أبى زياد لم يتفرد ب ، فقال الطيالسي (2098) : حدثنا شعبة عن الحكم عن مقسم به ، وأخرجه ابن أبي شيبة وابن الجارود (388) وأحمد (1 / 244 و 286 و 344) عن شعبة . وزاد الطيالسي واحمد في رواية به : (محرما) وعزاه الحافظ في (التلخيص) (ص 189) لاصحاب السنن من طريق الحكم ، ولم أره عند أحد منهم ، ثم قال الحافظ : (لكن أعل بأنه ليس من مسموع الحكم عن مقسم) . وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد (1 / 248) من طريق الحجاج عن الحكم به . ولم يذكر ابن أبى شيبة (وهو محرم) . وزاد أحمد : (فغشى عليه ، قال : فلذلك كره الحجامة للصائم) لكن الحجاج - وهو ابن أرطاة - ضعيف لتدليسه . قال الحافظ : (ورواه البزار من طريق داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس) وزاد في آخر : (فغشى عليه) . الثالثة : عن ميمون بن مهران عن ابن عباس : (أن النبي (ص) احتجم وهو صائم) . أخرجه الترمذي (1 / 146) ، وعزاه الحافظ للنسائي ، وكأنه يعني في (الكبرى) وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) .
[ 77 ]
قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ، لكن طعن الامام أحمد فيه ، فانه أورده من هذا الوجه بزيادة (محرم) كما في الطريق الثانية ورواية الطيالسي في هذه الطريق ، فقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية في رسالته في الصيام (ص 93 - بتحقيقنا) : (قال مهنى : سالت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن النبي (ص) احتجم وهو صائم محرم ؟ فقال : ليس بصحيح ، وقد أنكره يحيى بن سعيد الانصاري) . قلت : ووجه الانكار ما نقله الحافظ عن النسائي ، فقال عنه : (واستشكل كونه (ص) جمع بين الصيام والاحرام لانه لم يكن من شانه التطوع بالصيام في السفر ، ولم يكن محرما الا وهو مسافر ، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الاحرام الا في غزاة الفتح ، ولم يكن حينئذ محرما) . قال الحافظ : (قلت : وفي الجملة الاولى نظر ، فما المانع من ذلك ؟ فلعله فعل مرة لبيان الجواز ، وبمثل هذا لا ترد الاخبار الصحيحة ، ثم ظهر لي أن بعض الرواة جمع بين الامرين في الذكر ، فاوهم أنهما وقعا معا ، والاصوب رواية البخاري : (احتجم وهو صائم ، واحتجم وهو محرم) فيحمل على أن كل واحد منهما وقع في حالة مستقلة ، وهذا لا مانع منه ، فقد صح أنه صام في رمضان وهو مسافر ، وهو في (الصحيحين) بلفظ : (وما فينا صائم الا رسول الله (ص) وعبد الله بن رواحة ، ويقوي ذلك أن غالب الاحاديث ورد مفصلا) . فقلت : وهذا هو التحقيق ، وبه يزول الاشكال إن شاء الله تعالى ، ولكن ليس هناك ما يشعر بان احتجامه (ص) وهو صائم كان في السفر ، فيحتمل أن يكون وقع ذلك منه (ص) في السفر ، ويحتمل أن يكون في الحضر ، فلا ضرورة حينئذ لاثبات أنه (ص) صام رمضان وهو مسافر . فتأمل . الرابعة : قال الطيالسي (2657) : حدثنا رباح عن عطاء عن ابن عباس
[ 78 ]
أن رسول الله (ص) احتجم وهو صائم 11) . ، قلت : وهذا سند جيد ، رجاله رجال مسلم ، الا أن رباحا - وهو ابن أبي معروف المكي - ضعفه بعضهم من قبل حفظه ، وفي (التقريب) : (صدوق له اوهام) . قلت : وانا أخشى أن يكون قد وهم في هذا الحديث ، فقد تابعه في اسناده عمرو بن دينار ، ولكن خالفه في متنه فقال : (احتجم النبي (ص) وهو محرم) . أخرجه البخاري (10 / 126) . لكن تابعه أبو الزبير عن عطاء باللفظ الاول . أخرجه أحمد (1 / 299) . وفي الباب عن أنس بن مالك رضى الله عنه : (أن أبا طيبة حجم رسول الله (ص) وهو صائم ، فاعطاه أجره ، ولو كان حراما ما اعطاه) . أخرجه الطحاوي (1 / 351) عن القاسم بن مالك عن عاصم عن أنس . قلت : وهذا سند على شرط الشيخين ، الا أن القاسم هذا ، فيه كلام وفي (التقريب) : (صدوق فيه لين) . قلت : وأنا أخشى أن يكون قوله (وهو صائم) زيادة منه ، وهم فيها ، فقد أخرج الامام احمد (3 / 100 و 182 و 282) من طريقين احدهما عند البخاري (10 / 127) كلاهما عن أنس ، وليس فيهما هذه الزيادة . نعم له طريقان آخران عن الاعمش عن أنس به نحوه . (1) للحديث عند الطيالسي طريقان آخران عن ابن عباس كما تقدم ، ومع ذلك فإن مرتبه الشيخ البنا رحمه الله لم يورد منها إلا هذه ، مما يؤكد أنه قد فاته أشياء قصدا أو سهوا . (*)
[ 79 ]
اخرجهما الطبراني في (الاوسط) (1 / 101 / 2) ، وفي أحدهما الربيع بن بدر ، وفي الاخر يوسف بن خالد السمني ، وكلاهما متروك . ثم وجدت له طريقا رابعا . وفيه شريك عن ليث ، وكلاهما ضعيف . رواه ابن ابي شيبة (2 / 163 / 2) . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة ، لكن الطرق إليهم كلها معلولة ، فمن شاء الاطلاع عليها فليراجع (مجمع الزوائد) (3 / 170) . وجملة القول : أن حديث ابن عباس من الطريق الاولى صحيح لا مغمز فيه ، فقول ابن القيم في (زاد المعاد) : (ولا يصح عنه (ص) انه احتجم وهو صائم ، وقد رواه البخاري) ! مما لا يلتفت إليه ، لان ما نقله عن أحمد من اعلاله للحديث من طرق تقدم أكثرها ليس فيها طريق البخاري ، فهي سالمة من الطعن ، وقد أشار إلى رد قول ابن القيم هذا الحافظ في (الفتح) بقوله (4 / 155) : (والحديث صيحيح لا مرية فيه) . 933 - (حديث ابن عباس أنه (كان يعد الحجام والمحاجم قبل مغيب الشمس ، فإذا غابت احتجم) . رواه الجوزجاني) . ص 224 لم أقف على إسناده ، ولا وجدته في شئ من المصادر التي عندي ، وما اراه يصح ، والمصنف اورده مستدلا به على أن حديث ابن عباس المتقدم (أنه (ص) احتجم وهو صائم) منسوخ ، قال : (لان ابن عباس راويه كان يعد . . .) . وقد ثبت عن ابن عباس خلافه فقال ابن أبي شيبة (2 / 163 / 1) : وكيع عن الاعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في الحجامة للصائم ، قال : (الفطر مما دخل وليس مما يخرج) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين ، وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب الجنبي الكوفي .
[ 80 ]
فهذا نص صريح على أن ابن عباس يرى أن الحجامة لا تفطر ، فرأيه موافق لروايته فيمكن قلب استدلال المصنف عليه ، فيقال : إن الراوي أدرى بمرويه من غيره ، فلو كان ما رواه منسوخا ، لم يخف فلك عليه إن شاء الله تعالى . ويؤيد حديث أبى سعيد الخدري وأنس فانهما يدلان على أن حديث ابن عباس المرفوع محكم ، وأن حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) هو المنسوخ ، وقد خرجتهما قبل حديثين . 934 - (حديث عائشة رضي الله عنها : (كان رسول الله (ص) يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ، ولكنه كان املككم لاربه) . رواه الجماعة إلا النسائي) . صحيح . وله عنها طرق كثيرة : الاولى : عن الاسود عنها به . أخرجه البخاري (1 / 480) ومسلم (3 / 135) وأبو داود (2382) والترمذي (1 / 141) وابن ماجه (1687) والطحاوي (1 / 346) وكذا الشافعي (1 / 261) وابن أبي شيبة (2 / 166 / 1) وابن خزيمة (1998) والبيهقي (4 / 230) وأحمد (6 / 42 و 216 و 230) ولابي داود الطيالسي (1391) التقبيل منه فقط . ولفظه : قالت : (ما كان رسول الله (ص) يمتنع من وجهي ، وهو صائم . تعني : يقبلها) . وفي رواية لاحمد (6 / 128) عن الاسود بن يزيد عنها قال : (قلت لعائشة : أيباشر الصائم يعني امرأته ؟ قالت : لا ، قلت : أليس رسول الله (ص) قد كان يباشر وهو صائم ؟ قللت : كان رسول الله (ص) أملككم لاربه) . قلت : وهو بهذا السياق عن الاسود غريب ، تفرد به جماعة عن إبراهيم
[ 81 ]
عنه ، وحماد هو ابن أبي سليمان مع فضله وفقهه في حفظه ضعف ، فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا فيه الثقات . ومن طريقه أخرجه البيهقي (4 / 232) . الثانية : عن علقمة عنها . أخرجه مسلم واصحاب السنن الا النسائي والشافعي وابن أبي شيبة وابن الجارود (391) والبيهقي (4 / 229 - 230) والطيالسي (1399) وأحمد (6 / 40 و 42 و 126 و 174 و 201 و 266) عنه . ومنهم من قرنه مع الاسود . الثالثة : عن شريح بن أرطاة مقرونا مع علقمة أنهما كانا عند عائشة ، فقال أحدهما : سلها عن القبلة للصائم ، فقال : لا أرفث عند أم المؤمنين ، فقالت : فذكره . أخرجه الطيالسي (1399) وأحمد (6 / 126) والبيهقي (4 / 229 - 230) . الرابعة : عن مسروق عنها . أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2001) والبيهقي (4 / 233) وأحمد (6 / 101 و 156 و 216 و 252 و 263) ، قرنه الاولان بالاسود بن يزيد ، وهو رواية لاحمد ولفظها عنده : (أتينا عائشة نسألها عن المباشرة للصائم ، فاستحينا ، فقمنا قبل أن نسالها فمشينا لا أدري كم ، ثم قلنا : جئنا نسالها ، عن حاجة ، ثم نرجع قبل أن نسألها ؟ ! فرجعنا فقلنا : يا أم المؤمنين انا جئنا لنسإلك عن شئ فاستحينا ، فقمنا ! فقالت : ما هو ؟ سلا ما بدا لكما ، قلنا : أكان النبي (ص) يباشر وهو صائم ؟ قالت : قد كان يفعل ذلك ، ولكنه كان أملك لاربه منكم) . ولفظ مسلم مختصر : (انطلقت انا ومسروق إلى عائشة) . ورواه الطحاوي أيضا (1 / 346) من الوجه الذي رواه مسلم لكن وقع عنده . (أنا وعبد الله بن مسعود) .
[ 82 ]
وما أظنه الا خطأ من بعض الرواة ، وقد استدل به الطحاوي على ان ما روي عن ابن مسعود انه قال عن القبلة للصائم : يقضي يوما آخر ، كان متقدما على ما حدثته عائشة به ! الخامسة : عن القاسم عنها به دون ذكر المباشرة . أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2000) والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 39 و 44) . السادسة : عن عروة عنها قالت : (كان رسول الله (ص) يقبل بعض نسائه ، وهو صائم . ثم تضحك) . أخرجه الشيخان ومالك (1 / 292 / 14) والدارمي (2 / 12) وابن أبي شيبة والشافعي (1 / 260) واحمد (6 / 192 و 241 و 252 و 280) والبيهقي . السابعة : عن عمرو بن ميمون عنها بلفظ : (كان يقبل في رمضان وهو صائم) . أخرجه مسلم وأبو داود (2383) وابن ماجه (1683) والطحاوي وابن أبى شيبة والبيهقي والطيالسي (1534) وأحمد (6 / 130 و 154 و 252 و 258 و 364 - 365) ، وفي رواية للطحاوي بلفظ : (كان يقبلني وأنا صائمة) . قلت : وسنده صحيح ، وياتي له شاهد في الطريق التاسعة . الثامنة : عن علي بن الحسين عنها مختصرا . أخرجه مسلم والطحاوي وأحمد (6 / 282) . التاسعة : عن طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمي عنها قالت : (أراد رسول الله (ص) أن يقبلني فقلت : إني صائمة : فقال : وأنا صائم ، فقبلني) . اخرجه أبو داود (2384) وابن خزيمة (2004) والطحاوي وكذا
[ 83 ]
الشافعي (1 / 260) والطيالسي (1523) وأحمد (6 / 134 و 162 و 175 - 176 ، و 179 و 269 - 270 و 270) والبيهقي من طرق عن سعد بن ابراهيم عنه ولفظ أبى داود وهو رواية لاحمد : (كلن يقبلني وهو صائم ، وأنا صائمة) . وإسناده صحيح على شرط البخاري . العاشرة : عن عكرمة عنها بلفظ : (كان يقبل وهو صائم ، ولكم في رسول الله أسوة حسنة) . أخرجه أحمد (6 / 192) بسند صحيح على شرط البخاري . الحادية عشرة : عن عائشة بنت طلحة عنها بلفظ : (أن رسول الله (ص) كان يباشر وهو صائم ، ثم يجعل بينه وبينها ثوبا يعني الفرج) . أخرجه أحمد (6 / 59) بسند جيد وهو على شرط مسلم . وهناك طرق أخرى لا ضرورة بنا إلى ذكرها ، وهي عند الترمذي والطحاوي والطيالسي (1476 و 1578) وأحمد (6 / 98 و 162 و 193 و 223 و 232 و 242) . وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم أم سلمة يرويه عبد الله بن فروخ . (أن لمرأة سالت أم سلمة فقالت : إن زوجي يقبلني وهو صائم ، وأنا صائمة ، فما ترين ؟ فقالت : كان رسول الله (ص) يقبلني وهو صائم ، وأنا صائمة) . أخرجه الطحاوي (1 / 345) وأحمد (6 / 291 و 320) بسند جيد وهو على شرط مسلم .
[ 84 ]
وعن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله (ص) ، أيقبل الصائم ؟ فقال له رسول الله (ص) : سل هذه - لام سلمة - فأخبرته أن رسول الله (ص) يصنع ذلك فقال : يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فقال له رسول الله : أما والله إني لاتقاكم الله ، وأخشاكم له) . أخرجه مسلم (3 / 137) والبيهقي (4 / 234) . (تنبيه) : في هذا الحديث إشارة إلى أن النبي (ص) كان يقبل أم سلمة ، وذلك ما صرحت به في الحديث الذي قبله . وقد جاء ذلك عنها من طريقين آخرين صحيحين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زينب بنت أبي سلمة عنها عند الطحاوي (1 / 345) وأحمد (6 / 291 و 300 و 310 و 318 و 319) وهذا سند غاية في الصحة . وقد عارض ذلك ما روى موسى بن علي عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو ابن العاص ، قال : (قلت : لام سلمة أكان رسول الله (ص) يقبل ، وهو صائم ؟ قالت : لا ، قلت : فإن عائشة تخبر الناس أن رسول الله (ص) كان يقبل وهو صائم ، قالت : قلت : لعله كان لا يتمالك عنها حبا ، أما أنا فلا) . أخرجه الطحاوي (1 / 346) وأحمد (6 / 296 و 317) وإسناده على شرط مسلم ، وهو معارض أشد المعارضة لما تقدم بحيث لا يمكن التوفيق بينه وبينها إلا بالترجيح ، ولا شك أن ما تقدم أصح منه لكثرتها ، وغرابة هذا ، لا سيما وموسى بن علي وهو اللخمي المصري وإن كان ثقة ، واحتج به مسلم ، فقد تكلم فيه بعضهم ، فقال ابن معين : (لم يكن بالقوي) ، وقال ابن عبد البر : (ما انفرد به فليس بالقوي) . فهو علة هذا الاسناد . والله أعلم . (تنبيه ثان) : وفي حديث عائشة من الطريق التاسعة ، ما يرد ما رواه ابن حبان (904) من طريق محمد بن الاشعث عنها بلفظ :
[ 85 ]
(كان النبي (ص) لا يمس من وجهي شيئا وأنا صائمة) . وهو بهذا اللفظ منكر كما بينته في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) برقم (962) 935 - (قوله (ص) للقيط بن صبرة : (. . . وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما)) . ص 225 صحيح . وقد مضى بتمامه مع تخريجه في (الطهارة) رقم (90) . 936 - (وروى أبو داود والبخاري في تاريخه عن النبي (ص) : أنه أمر بالاثمد المروح عند النوم وقال : ليتقه الصائم .) . منكر . أخرجه أبو داود (2377) واللفظ له ، وكذا الدارمي (2 / 15) والبيهقي (4 / 262) وأحمد (3 / 476 و 499 - 500) من طرق عن عبد الرحمن ابن النعمان بن معبد بن هوذة عن ابيه وجده عن النبي (ص) به . وقال أبو داود كل عقبه : (قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر) . وقال في (مسائل الامام أحمد) (ص 298) : (قلت لاحمد : عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة ؟ فقال : هذا حديث منكر ، يعني هذا الحديث) . وسكت البيهقي ، فلم يحسنه ، وتعقبه ابن التركماني بقوله : (عبد الرحمن ابن النعمان مختلف فيه ، ضعفه ابن معين ، وقال الرازي : (صدوق) . قلت : وهذا التعقب ليس بشئ وإنما علة الحديث والد عبد الرحمن : النعمان بن معبد ، فإنه مجهول كما في (التقريب) ، و (الميزان) . 937 - (قول ابن عباس : (لا بأس أن يذوق الخل والشئ يريد شراءه) . حكاه عنه أحمد والبخاري) .
[ 86 ]
حسن . علقه البخاري في (صحيحه) (4 / 132 - فتح) ، ووصله ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 161 / 2) من طريق جابر عن عطاء عن ابن عباس قال : (لا باس أن يذوق الخل ، أو الشئ ما لم يدخل حلقه وهو صائم) . وجابر هو الجعفي وهو ضعيف ، ثم رواه من طريق شريك عن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس قال : (لا باس أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه ، يمجه) . وهذا سند حسن في مثل هذا المتن . وشريك هو ابن عبد الله القاضي وفيه ، ضعف من قبل حفظه ، ومن طريقه رواه البيهقي (4 / 261) . والحديث سكت عليه الحافظ في (الفتح) . 938 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (من نسي وهو صائم ، فأكل أو شرب ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه) . رواه الجماعة إلا النسائي) . ص 226 . صحيح . وله عنه طرق : الاولى : عن محمد بن سيرين عنه به . أخرجه البخاري (1 / 481) ومسلم (3 / 160) وأبو داود (2398) والترمذي (1 /) والدارمي (2 / 13) وابن ماجه (1673) والدارقطني (237) والبيهقي (4 / 229) وأحمد (2 / 395 و 425 و 491 و 513) من طرق به ، ولفظ أبي داود : (جاء رجل إلى النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله اني أكلت وشربت ناسيا ، وأنا صائم ؟ فقال : أطعمك الله وسقاك) . وهو رواية للبيهقي . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الدارقطني وزاد : (ولا قضاء عليه) :
[ 87 ]
(إسناد صحيح ، وكلهم ثقات) . الثانية : عن خلاس بن عمرو عنه . أخرجه البخاري (4 / 318) والترمذي وابن ماجه وابن الجارود في (المنتقى) (389) والدارقطني (238) والبيهقي وأحمد (2 / 39 5) كلهم قرنوه مع رواية ابن سيرين سوى ابن الجارود ، وقال الدارقطني : (هذا إسناد صحيح) . الثالثة : عن أبي رافع عنه . أخرجه ابن الجارود (390) والدارقطني وأحمد (2 / 489) . قلت : واسناده صحيح . الرابعة : عن أبي سلمة عنه بلفظ : (من أفطر في شهر رمضان ناسيا ، فلا قضاء عليه ، ولا كفارة) . أخرجه ابن حبان (906) والحكم (1 / 430) وصححه على شرط مسلم ! ووافقه الذهبي ، وأخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا : (كلهم ثقات) . قلت : واسناده حسن . الخامسة : عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب عن عمه عنه . أخرجه الدارمي ، وإسناده حسن في المتابعات . وله عند الدارقطني طرق أخرى عنه ، لكنها معلولة فاضربنا عنها . وله شاهدان : الاول ، : عن أم إسحاق مولاة أم حكيم بنت دينار . (أنها كانت عند رسول الله (ص) فاتي بقصعة من ثريد ، فأكلت معه ،
[ 88 ]
ومعه ذو اليدين ، فناولها رسول الله (ص) عرقا ، فقال : يا أم إسحاق أصيبي من هذا ، فذكرت أنى صائمة ، فرددت يدي ، لا أقدمها ولا أؤخرها ، فقال النبي (ص) : ما لك ؟ قالت : كنت صائمة فنسيت ، فقال ذو اليدين : الان بعد ما شبعت ؟ ! فقال النبي (ص) : (أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك) . أخرجه الامام أحمد (6 / 367) عن بشار بن عبد الملك قال : حدثتني أم حكيم بنت دينار عنها . قلت : وهذا سند ضعيف ، أم حكيم هذه لا تعرف ، وبشار مختلف فيه . والشاهد الاخر : عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله (ص) قال : فذكره مثل حديث أبي هريرة . أخرجه أحمد (2 / 395 و 493) . وإسناده مرسل صحيح . فصل 939 - (حديث أبي هريرة : (أن رجلا قال : يا رسول الله وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله (ص) هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا ، قال : هل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ، فسكت فبينا نحن على ذلك أتي النبي (ص) بعرق تمر فقال : أين السائل خذ هذا تصدق به ، فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي (ص) حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك) . متفق عليه) . ص 226 - 227 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 141 - 149 و 151) و (2 / 130
[ 89 ]
و 3 / 490 و 4 / 133 - 134 و 151 و 278 - طبع أوربا) ومسلم (3 / 139) وأبو داود (2390) والترمذي (1 / 139) والدارمي (2 / 11) وابن ماجه (1671) وابن أبى شيبة (2 / 183 - 184) والطحاوي (1 / 328 - 329) وابن الجارود (384) والدارقطني (251) والبيهقي (4 / 221 و 222 و 224 و 226) وأحمد (2 / 208 و 241 و 281) من طرق كثيرة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : (بينما نحن جلوس عند النبي (ص) إذ جاء رجل فقال : يا رسول الله هلكت ! قال : ما لك ؟ قال : وتعت على امرأتي . . .) الحديث وسياقه للبخاري . ورواه مالك في (الموطا) (1 / 296 / 28) عن ابن شهاب به نحوه إلا أنه قال : (أفطر في رمضان) . لم يذكر الوقاع ، وقال : (فأمره رسول الله (ص) أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا) . هكذا على التخيير لا الترتيب . ومن طريق مالك أخرجه مسلم وأبو داود (2392) والدارمي والطحاوي والدارقطني والبيهقي وأحمد (2 / 516) . وهكذا رواه ابن جريج عن ابن شهاب به . أخرجه مسلم والبيهقي وغيرهما . وقال الدارقطني عقب رواية مالك : (تابعه يحيى بن سعيد الانصاري وابن جريج و عبد الله ابن أبي بكر ، وأبو أويس ، وفليح بن سليمان ، وعمر بن عثمان المخزومي ويزيد بن عياض ، وشبل والليث بن سعد من رواية أشهب بن عبد العزيز عنه ، وابن عيينة من
[ 90 ]
رواية نعيم بن حماد عنه ، وابراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر عنه ، وعبيد الله ابن أبى زياد إلا أنه أرسله عن الزهري ، كل هؤلاء رووه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، أن رجلا أفطر في رمضان . وحالفهم أكثر منهم عددا ، فرووه عن الزهري بهذا الاسناد أن إفطار ذلك الرجل كان بجماع ، وأن النبي (ص) أمره أن يكفر بعتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا . منهم عراك بن مالك ، وعبيدالله بن عمر ، وإسماعيل بن أمية ، ومحمد بن أبي عتيق ، وموسى بن عقبة ، ومعمر ، ويونس ، وعقيل ، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، والاوزاعي ، وشعيب بن أبى حمزة ، ومنصور بن المعتمر ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم ابن سعد ، والليث بن سعد ، و عبد الله بن عيسى ، ومحمد بن اسحاق ، والنعمان بن راشد ، وحجاج بن أرطاة ، وصالح بن أبي الاخضر ، ومحمد بن أبي حفصة ، وعبد الجبار بن عمر ، واسحاق بن يحيي العوصي ، وهبار ابن عقيل ، وثابت بن ثوبان ، وقرة بن عبد الرحمن ، وزمعة بن صالح ، وبحر السقا ، والوليد بن محمد ، وشعيب بن خالد ، ونوح بن أبي مريم ، وغيرهم) . قلت : فهؤلاء أكثر من ثلاثين شخصا اتفقوا على أن الرواية على الترتيب ، وأن الافطار كان بالجماع ، فروايتهم أرجح لانهم أكثر عددا ، ولان معهم زيادة علم ، ومن علم حجة على من لم يعلم . وثمة مرجحات أخرى فانظر (الفتح) (4 / 145) . قلت : ويمكن أن نضم إلى الثلاتين شخصا رجلا آخر ، وهو هشام بن سعد . فقد رواه أيضا عن الزهري مثل رواية الجماهير عنه إلا أنه خالف في اسناده فقال : (عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به) . وزاد في آخره : (وصم يوما واستغفر الله) .
[ 91 ]
أخرجه أبو داود (2393) وابن خزيمة (1954) والدارقطني (243 و 252) والبيهقي (4 / 226 - 227) . قلت : وهشام بن سعد مختلف فيه ، والذي استقر عليه رأي المحققين أنه حسن الحديث إذا لم يخالف ، ومع المخالفة فلا يحتج به ، كما فعل هنا ، فإنه خالف في السند كما عرفت ، وفي المنن فزاد فيه هذه الزيادة ، لكنه لم يتفرد بها عن الزهري ، فقد تابعه إبراهيم بن سعد كما رواه أبو عوانة في صحيحه على ما في (التلخيص) (ص 196) ، قلت : وقد أخرجه البيهقي (4 / 326) من طريق إبراهيم بن سعد قال : وأخبرني الليث بن سعد عن الزهري عن حميد عن أبى هريرة . (أن النبي (ص) قال له : اقض يوما مكانه) . وقال البيهقي : (وإبراهيم سمع الحديث عن الزهري ، ولم يذكر عنه هذه اللفظة ، فذكرها عن الليث بن سعد عن الزهري) . كانه يشير إلى حفظ إبراهيم بن سعد وضبطه ، فانه حين روى الحديث عن الزهري مباشرة لم يذكر هذه الزيادة ، لانه لم يسمعها منه ، ولما رواه عن الليث عنه ، ذكرها لانه سمعها من الليث ، وهذا حفظها من الزهري . ثم قال البيهقي : (ورواها ايضا أبو اويس المدنى عن الزهري) . ثم أخرج هو والدارقطني (251) من طريق اسماعيل بن ابي أويس حدثني أبي ان محمد بن مسلم بن شهاب أخبره عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريره حدثه . (أن رسول الله (ص) امر الذي افطر في رمضان أن يصوم يوما مكانه) . ثم قال البيهقي : (ورواه أيضا عبد الجبار بن عمر الايلى عن الزهري ، وليس بالقوي) . ثم ساقه بسنده عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب به . وقال الحافظ
[ 92 ]
في (التلخيص) بعد أن عزا رواية عبد الجبار هذه ورواية أبي أويس للدارقطني ، ولم أر هذه عند الدارقطني : (وقد اختلف في توثيقهما وتجريحهما) . ويبدو أن عبد الجبار اضطرب في إسناده ، فرواه مرة كما سبق ، ومرة أخرى قال : (حدثنى يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة به) . أخرجه ابن ماجه (1671) . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 106 / 2) (وعبد الجبار وإن وثقه ابن سعد ، فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم) . قلت : ولحديث سعيد بن المسيب أصل ولكن مرسل ، فقال ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 183 / 2) : حدثنا أبو خالد الاحمر عن محمد بن عجلان عن المطلب بن أبي وداعة عن سعيد بن المسيب قال : (جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : إني أفطرت يوما من رمضان ، فقال له النبي (ص) : تصدق ، واستغفر الله وصم يوما مكانه) . (1) . قلت : وهذا مرسل جيد الاسناد ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير المطلب بن أبي وداعة ، نسب إلى جده ، فانه المطلب بن عبد الله بن أبي وداعة إبن ابى صبيرة . . . أورده ابن أبى حاتم (4 / 1 / 359) برواية جماعة من الثقات عنه ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان في (الثقات) من التابعين (1 / 231) وقال : (يروي عن حفصة وأبيه ، وله صحبة . روى عنه ابنه إبراهيم بن المطلب ، وهو ختن سعيد بن المسيب على ابنته ، زوجه إياها على مهر درعين) . وقد تابعه عطاء بن عبد الله الخراساني عن سعيد بن المسيب به . (1) رواه سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان به ، كما في (التلخيص) . (*)
[ 93 ]
أخرجه مالك (1 / 297 / 29) وعبد الرزاق (7459) . وعطاء هذا ثقة فيه ضعف ، ولكنه مدلس إلا أنه صرح بالتحديث عند عبد الرزاق . وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بمثل حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة المتقدم ، وزاد : (وأمره أن يصوم يوما مكانه) . أخرجه ابن خزيمة (1955) وأحمد (2 / 208) والبيهقي (4 / 226) عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو به . قلت : والحجاج مدلس وقد عنعنه . ولهذه الزيادة طرق أخرى مرسلة ، أوردها الحافظ في (التلخيص) وفي (الفتح) (4 / 150) وقال فيه : (وبمجموع هذه الطرق تعرف أن لهذه الزيادة أصلا) . وهو كما قال رحمه الله تعالى ، فانه من المستبعد جدا ، أن تكون باطلة ، وقد جاءت بهذه الطرق الكثيرة ، لا سيما وفيها طريق سعيد المرسلة وهي وحدها جيدة . وبذلك رددنا على ابن تيمية رحمه الله قوله بضعفها في رسالة في (الصيام) فيما علقناه عليها ، وقد طبعت في) (المكتب الاسلامي) . 940 - (وقال (ص) للمجامع : (صم يوما مكانه) . رواه أبو داود) . ص 227 صحيح ، بمجموع طرقه وشواهد ، وقذ ذكرناها في الذي قبله . 941 - (لانه (ص) لم يأمر امرأة المواقع بكفارة) جعلوا كفارته على التخيير . ليس بحديث ، والمصنف استنبط ذلك استنباطا من حديث أبي هريرة المتقدم ، 942 - حديث : ((عفي لامتي عن الخطأ والنسيان) . رواه النسائي) .
[ 94 ]
صحيح . وتقدم تخريجه في أول (باب الوضوء) (رقم 82) . فصل 943 - (عن ابن عمر مرفوعا [ في ] قضاء رمضان : (إن شاء فرق وإن شاء تابع) . رواه الدارقطني) . ص 228 . ضعيف . أخرجه الدارقطني (ص 244) من طريق سفيان بن بشر ، ثنا على بن مسهر عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمران النبي (ص) قال في قضاء . . . الحديث وقال : (لم يسنده غير سفيان بن بشر) . قلت : ولم أجد له ترجمة ، والبيهقي أشار إلى هذا الحديث بقوله (4 / 59) : (وقد روي من وجه ضعيف عن ابن عمر مرفوعا ، وقد روي في مقابلته عن أبي هريرة في النهي عن القطع مرفوعا ، وكيف يكون ذلك صحيحا ، ومذهب أبي هريرة جواز التفريق ، ومذهب ابن عمر المتابعة ؟ ! وقد روي من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا في جواز التفريق ، ولا يصح شئ من ذلك) . وقال ابن الملقن في (الخلاصة) (101 / 2) عقب قول الدارقطني المتقدم : (قلت : وهو غير معروف الحال . قاله ابن القطان ، لا جرم قال البيهقى : (حديث لا يصح) . وخالف ابن الجوزي فصححه) . وفي (المغني إلى سنن الدارقطني) . (وقد صحح الحديث ابن الجوزي ، وقال : ما علمنا أحدا طعن في سفيان بن بشر) . قلت : ولا علمت أحدا وثقه ، وهذا هو صفة المجهول ، فكيف يصحح
[ 95 ]
حديثه ، لا سيما والثابت عن ابن عمر المتابعة كما تقدم عن البيهقي ، وقد أخرجه عنه ابن أبى شيبة (2 / 156 / 2) : حدثنا ابن علية عن معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبد الله عن ابن عباس في قضاء رمضان : صمه كيف شئت ، وقال ابن عمر : صمه كما أفطرته . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الدارقطني (244) ، ورواه عبد الرزاق عن معمر به دون قول ابن عمر . ولفظه : (يقضيه مفرقا ، قال الله تعالى : (فعدة من أيام أخر) . وسكت عليه الحافظ في (الفتح) (4 / 165) . ثم روى ابن أبى شيبة من طريق نافع عن ابن عمر في قضاء رمضان يتابع بينه وسنده صحيح أيضا . وعن عطاء عن ابن عباس وأبى هريرة قالا : (لا بأس بقضاء رمضان متفرقا) . وإسناده صحيح لولا عنعنة ابن جريج . ورواه الدارقطني ايضا . وفي رواية له من طريق عقبة بن الحارث عن أبى هريرة قال : (يواتره ان شاء) . وإسناده صحيح . ورواه الدارقطني أيضا . وقد روي عن أبى هريرة مرفوعا خلافه ، يرويه عبد الرحمن بن ابراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه بلفظ : (من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه) . أخرجه السراج في (حديثه - رواية المخلدي عنه) (ق 99 / 2) والدارقطني (243) والبيهقي (4 / 259) وقال الدارقطني :
[ 96 ]
(عبد الرحمن بن إبراهيم ضعيف) . وقال البيهقي : (ضعفه ابن معين والنسائي والدارقطني) . قلت : الرواية عن أبن معين مختلفة ، ففى (الميزان) : (روى عباس عن يحيى : ليى بشئ) ، وفي (اللسان) عن ابن أبي حاتم أنه روي عن ابن معين أنه قال : (هو ثقة) . وذكره الساجي والعقيلي وابن الجارود في (الضعفاء) . وقال أبو حاتم : (ليس بالقوي ، روى حديثا منكرا عن العلاء) . قلت : لعله هذا فانه بهذا الاسناد ، أو حديث : (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه) فإنه بهذا السند أيضا ، أورده الذهبي في ترجمته ، كما أورد الاول ، وصرح فيه بانه من مناكيره . لكن قال فيه أحمد : ليس به باس . وقال أبو زرعة : لا باس به ، أحاديثه مستقيمة . وبالجملة : فهو مختلف فيه ، والجمهور على تضعيفه وممن ضعفه غير من سبق أبو حاتم والنسائي فقالا : (ليس بالقوي) . وهو الذي اعتمده الذهبي فقال في (الضعفاء) : (عبد الرحمن بن ابراهيم المدني ، قال النسائي : ليس بالقوي) . وأورد قبله (عبد الرحمن بن إبراهيم القاص عن ابن المنكدر وقال : (ضعفه الدارقطني) . ففرق بينهما ، ولا وجه له فيما نرى ، فقد أورده في (الميزان) كما أورده قبله . وقال عقب قوله : (ضعفه الدارقطني) : (وهو بصري ، ويقال له : الكرماني ، وقيل : مدنى) . وحديث أبي هريرة هذا أورده عبد الحق في (الاحكام الكبرى) (93 / 1) من تخريج الدارقطني ، ثم قال : (رواه عبد الرحمن بن إبراهيم القاص ، وقد أنكره عليه أبو حاتم ،
[ 97 ]
ووثق ، وضعف) . قال الحافظ في (التلخيص) (195) : (وتعقبه ابن القطان بأنه لم ينص عليه ، فلعله حديث غيره ، قال : ولم يات من ضعفه بحجة ، والحديث حسن . قلت : قد صرح ابن أبي حاتم عن أبيه أنه أنكر هذا الحديث بعينه على عبد الرحمن) . قلت : ولم أر هذا التصريح لا في (الجرح) ولا في (العلل) . فالله أعلم . . وقال ابن الملقن في (الخلاصة) (101 / 2) بعد أن ذكر قول البيهقي المتقدم : (حديث لا يصح) وتضعيفه لعبد الرحمن : (وخالف ابن القطان فحسنه ، وذكره ابن السكن في سننه الصحاح) . وخلاصة القول أنه لا يصح في التفريق ولا في المتابعة حديث مرفوع ، والاقرب جواز الامرين كما قول أبي هريرة رضي الله عنه . (تنبيه) تصحيح ابن الجوزي لحديث أبي هريرة المرفوع لم أقف عليه في (التحقيق) في النسخة المحفوظة في المكتبة الظاهرية تحت رقم (301 - حديث) . والله أعلم . 944 - لقول عائشة : (لقد كان يكون على الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجئ شعبان) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (4 / 166 - فتح) ومسلم (3 / 154 - 115) وكذا مالك (1 / 308 / 54) وأبو داود (2399) وابن ماجه (1669)
[ 98 ]
وابن خزيمة (2046 - 2048) والبيهقي (4 / 252) من طرق عن يحيى بن سعيد عن أبى سلمة قال : سمعت عائشة تقول : فذكره . وزاد مسلم : (الشغل من رسول الله (ص) ، أو برسول الله (ص)) وفى رواية له : (وذلك لمكان رسول الله (ص)) . وهى عند البخاري من قول يحيى بن سعيد ، فهى مدرجة ويؤيده رواية أخرى لمسلم بلفظ : . (فظننت أن ذلك لمكانها من النبي (ص) ، يحيى يقوله) . ثم أخرجه مسلم وابن الجارود (400) من طريق محمد بن ابراهيم عن أبى سلمة به دون الزيادة بلفظ : . (إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله (ص) ، فما نقدر على أن نقضيه مع رسول الله (ص) حتى يأتي شعبان) . وله طريق أخرى عنها بلفظ : (ما كنت أقضى ما يكون علي من رمضان الا في شعبان ، حتى توفي رسول الله (ص)) . أخرجه الترمذي (1 / 150) وابن خزيمة (2049 - 2051) والطيالسي (رقم 1509) وأحمد (6 / 124 ، 131 ، 179) عن اسماعيل السدي عن عبد الله البهي عنها) وقال الترمذي : (هذا حديث حسن صحيح) . 945 - (حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله (ص) : (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما) متفق عليه) . ص 228 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 286 - طبع أوربا) ومسلم (3 / 165) وكذا أبو داود (2448) والنسائي (1 / 321) والدارمى
[ 99 ]
(2 / 20) وابن ماجه (1712) والطحاوي في (مشكل الاثار) (2 / 100) وفي (شرح المعاني) (1 / 342) والبيهقي (4 / 295 - 296) وأ حمد (2 / 160) عن عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو به . وله في مسلم والنسائي (1 / 226) و (المسند) (2 / 164 ، 190 ، 200 ، 205 ، 216) طرق أخر عن ابن عمرو . وفي بعضها : (أفضل الصيام) وفي ، أخرى : (أعدل الصيام) . 946 - (قول أبي هريرة : (أوصاني خليلي (ص) بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام) متفق عليه) . ص 228 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 197 - فتح) ومسلم (2 / 158 ، 159) وكذا الدارمي (2 / 19) والبيهقي (4 / 293) وأحمد (2 / 459) من طرق عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة به . ورواه أحمد (2 / 263 ، 384 ، 513) من طريق ثابت عن أبي عثمان أن ابا هريرة كان في سفر ، فلما نزلوا ، أرسلوا إليه وهو يصلى ، فقال : إنى صائم ، فلما وضعوا الطعام ، وكاد أن يفرغوا ، جاء ، فقالوا : هلم فكل ، فأكل ، فنظر القوم إلى الرسول ، فقال : ما تنظرون ؟ ! فقال : والله لقد قال : إني صائم ، فقال أبو هريرة : صدق ، وإن رسول الله (ص) قال : (صوم شهر الصبر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، صوم الدهر كله) فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر ، فأنا مفطر في تخفيف الله ، صائم في تضعيف الله) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . وروى النسائي (1 / 327) المرفوع منه . ثم روى أحمد (2 / 353) من طريق أخرى عن أبي عثمان النهدي قال : (تضيفت أبا هريرة سبعا ، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل
[ 100 ]
أثلاثا : يصلي هذا ، ثم يوقظ هذا ، ويصلى هذا ثم يرقد ، ويوقظ هذا ، قال : قلت : يا أبا هريرة كيف تصوم ؟ قال : أما أنا فأصوم من أول الشهر ثلاثا ، فإن حدث لي حادث كان آخر شهري) . قلت : وسنده صحيح أيضا . وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أبى هريرة : 2 - عن أبي سعيد من أزد شنوءة عنه به . أخرجه أبو داود (1432) 3 - عن الاسود بن هلال عنه . أخرجه النسائي (1 / 327) وأحمد (2 / 331) . 4 - عن أبي الربيع عنه . أخرجه الترمذي (1 / 146) وأحمد (2 / 277) . 5 - عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال : (جاء أعرابي إلى رسول الله (ص) بأرنب قد شواها ، فوضعها بين يديه فامسك رسول الله (ص) فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا ، وأمسك الاعرابي ، فقال له النبي (ص) : ما يمنعك أن تأكل ؟ قال : إنى أصوم ثلاثة أيام من الشهر ، قال : إن كنت صائما فصم الغد) . أخرجه النسائي (1 / 328 - 329) وابن حبان (945) وأحمد (2 / 336 ، 346) من طريق عبد الملك بن عمير عن موسى به . قلت : وعبد الملك بن عمير ثقة فقيه ، لكنه تغير حفظه ، وربما دلس كما قال الحافظ في (التقريب) وقد خولف في إسناده ، كما بينه النسائي ثم قال : (والصواب عن أبي ذر) . قلت : وهو رواية لابن حبان من طريق أخرى عن موسى بن طلحة ، ومما
[ 101 ]
يرجح أن الحديث ليس عن أبي هريرة ما تقدم في بعض الروايات من الطريق الاولى عن أبى هريرة أنه كان يصوم الثلاثة أيام في أول الشهر ، فلو كان الحديث : (فصم الغد) وهى الايام البيض لم يخالف ذلك إن شاء الله تعالى . 6 - عن سليمان بن أبي سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول : (أوصاني خليلي بثلاث ، ولست بتاركهن في سفر ولا حضر . . .) الحديث وزاد في ركعتي الضحي : (فانها صلاة الاوابين) . أخرجه أحمد (2 / 505) عن العوام وسنده صحيح على شرط الشيخين ، وبه أخرجه الدارمي (2 / 18 - 19) لكن بدون الزيادة ، وقد وقعت عند أحمد أيضا (2 / 265) من طريق أخرى عن العوام وهو ابن حوشب : حدثني من سمع أبا هريرة يقول . وبقيت طرق أخرى ، وفيما ذكرنا كفاية ، فمن شاء المزيد فليراجعها في . (المسند) (2 / 229 ، 233 ، 254 ، 260 ، 329 ، 472 ، 473 ، 489) عن الحسن البصري عنه و (2 / 258 ، 311 ، 402 ، 484 ، 497 ، 526) من الطرق الاخر عنه . (تنبيه) : وقع في طريق الحسن البصري (غسل الجمعة) بدل (صلاة الضحى) وكذلك وقع في طريق الاسود بن هلال المتقدمة الا في رواية للنسائي ، وكذا وقع في بعض الطرق المشار إليها في المسند ، وكل ذلك شاذ والصواب رواية الجماعة (وركعتي الضحى) ويؤيد قول قتادة أحد رواته عن الحسن : (ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة) . رواه أحمد (2 / 271 ، 489) . 947 - (وعن أبي ذر قال : قال رسول الله (ص) : (يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) حسنه الترمذي) . ص 228
[ 102 ]
حسن . أخرجه الترمذي (6 / 141) وكذا النسائي (1 / 329) وابن حبان (رقم 943 ، 944) والبيهقي (4 / 294) والطيالسي (رقم 475) وأحمد (5 / 162 ، 177) من طريق يحيي بن سام عن موسى بن طلحة قال : سمعت أبا ذر يقول : فذكره . وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : وهو كما قال إن شاء الله تعالى . ويحيى بن سام لا باس به ، وقد توبع عليه وخولف في سنده ، فقيل : عن أبي هريرة ، وقيل غير ذلك ، ورجح النسائي قول يحيى : عن أبى ذر كما تقدم في الحديث الذي قبله . وللحديث طريق اخرى بلفظ : (من صام من كل شهر ثلاثة أيام ، فذلك صيام الدهر ، فانزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) اليوم بعشرة أيام) . أخرجه الترمذي وابن ماجه (1708) منه طريق أبى عثمان النهدي عن أبى ذر مرفوعا به ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وإسناده على شرط الشيخين . (تنبيه) عزا الحديث باللفظ الاول الحافظ المنذري في (الترغيب) (2 / 84) لابن ماجه أيضا ، وذكر أنه زاد : (فانزل الله تصديق ذلك . . . .) وهذا ليس بجيد ، فان ابن ماجه لم يروه الا باللفظ الثاني ، وهو الذي فيه هذه الزيادة ، ثم انه ليس من إفراد ابن ماجه فقد رواه الترمذي أيضا ! ! 948 - ((لانة (ص) كان يصومهما (الاثنين والخميس) فسئل عن ذلك فقال : إن الاعمال تعرض يوم الاثنين والخميس) رواه أبو داود) . ص 229
[ 103 ]
صحيح . أخرجه أبو داود (2436) وكذا الدارمي (2 / 19 - 20) وابن أبي شيبة (2 / 160 / 1) والطيالسي (632) وعنه البيهقي (4 / 293) وأحمد (5 / 200 ، 204 - 205 ، 208 - 209) من طريق مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد عن أسامة بن زيد به . قلت : وهذا سند ضعيف لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة ، وبهما أعله المنذري في (الترغيب) (1 / 85) . قلت : لكن له طريق أخرى فقال الامام أحمد (5 / 201) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا ثابت بن قيس أبو غصن : حدثنى أبو سعيد المقبري حدثنى أسامة بن زيد قال : (كان رسول الله (ص) يصوم الايام ، يسرد حتى يقال : لا يفطر ، ويفطر الايام حتى لا يكاد أن يصوم ، إلا في يومين من الجمعة إن كانا في صيامه وإلا صامهما ، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان ، فقلت : يا رسول الله ، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر ، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما ، قال : أي يومين ؟ قال : قلت : يوم الاثنين وبوم الخميس ، قال : ذانك يومان تعرض فيهما الاعمال على رب العالمن ، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ، قال : قلت : ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر يرفع فيه الاعمال إلى رب العالمين ، فاحب أن يرفع عملي وأنا صائم) . ورواه النسائي (1 / 322) عنه عبد الرحمن به . قلت : وهذا اسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ثابت ابن قيس قال النسائي : (ليس به باس) وقال أحمد ثقة . وقال أبو داود : ليس حديثه بذاك . وقال المنذري في (مختصر السنن) (3 / 320) : (وهو حديث حسن) . وله طريق ثالثة : عن شرحبيل بن سعد عن أسامة قال :
[ 104 ]
(كان رسول الله (ص) يصوم يوم الاثنين والخميس ، ويقول : إن هذين اليومين تعرض فيهما الاعمال) . أخرجه ابن خزيمة في (صحيحه) (رقم 2119) ، وشرحبيل بن سعد هو أبو سعد الخطمي المدني وفيه ضعف ، لكن الحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث لا شك في صحته . لا سيما وله شاهد من حديث أبي هريرة وهو الاتى بعده . 949 - (وفي لفظ : (وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)) . ص 229 . صحيح . أخرجه الترمذي (1 / 144) : حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو عاصم عن محمد بن رفاعة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا : (تعرض الاعمال يوم الاثنين والخميس ، فاحب . . .) . وأخرجه الامام أحمد بهذا الاسناد أتم منه ، فقال (2 / 329) : ثنا أبو عاصم به ، ولفظه : (كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس ، قال : فقيل له ؟ فقال : إن الاعمال تعرض كل إثنين وخميس ، أو كل يوم له إثنين وخميس ، فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن إلا المتهاجرين فيقول : أخرهما) . وكذلك رواه الدارمي (2 / 20) بهذا الاسناد والمتن ، دون قوله : (فيغفر الله . . . .) ورواه ابن ماجه (1740) بتمامه بلفظ (كان يصوم الاثنين والخميس) دون عرض الاعمال . وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) . وقال المنذري بعد عزوه لابن ماجه : (رجاله ثقات) . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 110 / 2) : (هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات) ! قلت : ومحمد بن رفاعة في عداد المجهولين عندي ، فإنه لم يوثقه غير ابن
[ 105 ]
حبان ، ولم يرو عنه غير أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، فمثله لا تساعد القواعد العلمية على تحسين حديثه بله تصحيحه ، وتوثيق ابن حبان لا يعتد به لتساهله فيه كما نبهنا عليه مرارا ، زد على ذلك أنه قد خولف ابن رفاعة في متن الحديث فقال مالك في (الموطا) (2 / 908 / 17) : عن سهيل بن أبى صالح به بلفظ : (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا ، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا) . وأخرجه مسلم (8 / 11) من طريق مالك وجرير وعبد العزيز الدراوردي عن سهيل به . وتابعهم معمر عن سهيل . أخرجه أحمد (2 / 268) . وتابع سهيلا مسلم بن أبى مريم عند مسلم ومالك . وتابع أبا صالح أبو أيوب مولى عثمان عن أبي هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ : (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) . أخرجه أحمد (2 / 484) والبخاري في (الادب المفرد) (61) وإسناده ضعيف . ورواه الطبراني (1 / 22 / 2) من حديث أسامة بن زيد نحوه . وفيه موسى بن عبيدة ضعيف . وجملة القول أن إسناد الحديث ضعيف ، وإنما يتقوى بحديث أسامة بن زيد الذي قبله . والله أعلم . وعن ربيعة بن الغاز أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله (ص) ؟ فقالت : (كان يتحرى صيام الاثنين والخميس) .
[ 106 ]
أخرجه النسائي (1 / 306) والترمذي (1 / 143) وحسنه وابن ماجه (1739) وأحمد (6 / 80 ، 89 ، 106) وإسناده صحيح ، وفيه اختلاف بينه النسائي ، ولكن لا يضره ان شاء الله تعالى . 950 - (حديث أبي أيوب مرفوعا : (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر) رواه مسلم وأبو داود) . ص 229 صحيح . رواه مسلم (3 / 169) وأبو داود (2433) وكذا الترمذي (1 / 146) والدارمي (2 / 21) وابن ماجه (1716) وابن ابي شيبة (2 / 180 / 2) والطحاوي في (مشكل الاثار) (3 / 117 - 119) والبيهقي (4 / 292) والطيالسي (رقم 594) وأحمد (5 / 417 و 419) من طرق كثيرة عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت الانصاري عن أبى أيوب به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : سعد بن سعيد صدوق سئ الحفظ كما في (التقريب) ، وقد أخذ هذا من قول الترمذي عقب الحديث : (قد تكلم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قبل حفظه) . ولذلك قال الطحاوي : (هذا الحديث لم يكن بالقوي في قلوبنا من سعد بن سعيد ، ورغبة أهل الحديث عنه ، حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة في الرواية والتثبت ، ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الانصاري وعبد ربه بن سعيد الانصاري) . قلت : ثم ساق أسانيده إليهم بذلك ، فصح الحديث والحمد لله ، وزالت شبهة سؤ حفظ سعد بن سعيد . وحديث صفوان بن سليم ، أخرجه أبو داود أيضا والدارمى مقرونا برواية سعد بن سعيد .
[ 107 ]
ويزداد الحديث قوة بشواهده ، وهي كثيرة : فمنها عن ثوبان مولى رسول الله (ص) مرفوعا به نحوه وزاد : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) . أخرجه ابن ماجه (1715) والدارمى والطحاوي (3 / 119 ، 120) وابن حبان (928) والبيهقي (4 / 293) وأحمد (5 / 280) والخطيب في (تاريخ بغداد) (2 / 362) من طرق عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبى أسماء الرحبي عنه . ولفظ الطحاوي : (جعل الله الحسنة بعشرة ، فشهر بعشرة أشهر ، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة) . وهكذا أخرجه ابن خزيمة في (صحيحه) كما في (الترغيب) (2 / 75) وإسنادهم جميعا صحيح . وراجع بقية الشواهد في (الترغيب) و (مجمع الزوائد) إن شئت . 951 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) رواه مسلم) . ص 229 صحيح . رواه مسلم (3 / 169) وكذا أبو داود (2429) والترمذي (1 / 143) والدارمي (2 / 21) وابن ماجه (1742) والطحاوي في (المشكل) (2 / 100) وابن خزيمة (2076) والبيهقي (4 / 291) واحمد (2 / 303 و 329 و 342 و 344 و 535) من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميري عنه . وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : ولا أدري لم لم يصححه فإن إسناده صحيح غاية . وللحديث شاهد من رواية جندب بن سفيان البجلى رضى الله عنه
[ 108 ]
أخرجه الطبراني في (الكبير) (1 / 85 / 1) والبيهقي (4 / 291) من طرق عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمى رعنه . وقال المنذري (2 / 78) : (رواه النسائي والطبراني باسناد صحيح) . قلت : فيه نظر لان عبد الملك بن عمير يدلس وكان تغير كما سبق نقله عن الحافظ في الحديث (946) ، وإطلاق العزو للنسائي يشعر بأنه يعني (الصغرى) وليس . الحديث فيها ! ثم رأيت ابن أبي حاتم قد ذكر عن أبى زرعة أنه أعل الحديث . بعبيد الله بن عمرو وأن جماعة خالفوه فرووه عن ابن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة . وقال : (وهو الصحيح) . أنظر (العلل) (1 / 260) . 952 - (حديث أبي قتادة عن النبي (ص) أنه قال في صيام عاشوراء : (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده) . رواه مسلم) . ص 229 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 167 و 167 - 168) وكذا أبو داود (2425 و 2426) والبيهقي (4 / 286 و 293 و 3 00) وأحمد (5 / 297 و 308 و 311) عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبى قتادة : (أن رجلا أتى النبي (ص) فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله (ص) ، فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه ، قال : رضينا بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، نعوذ بالله من غضب الله ، وغضب رسوله ، فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام ، حتن سكن غضبه ، فقال عمر : يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله ؟ قال : لا صام ولا أفطر ، أو قال : لم يصم ولم يفطر ، قال : كيف من يصوم يومين ويفطر يوما ؟ قال : ويطيق ذلك أحد ؟ ! قال : كيف من يصوم يوما ويفطر يوما ؟ قال : ذاك صوم داود عليه السلام ، قال : كيف من يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال : وددت أنى طوقت ذلك ، ثم قال رسول الله (ص) : ثلاث من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله ، صيام يوم
[ 109 ]
عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) . هذه رواية مسلم وأبى داود ، وفي رواية لهما وهو رواية أحمد والبيهقي : (قال : وسئل عن صوم يوم الاثنين ؟ قال : ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أنزل علي فيه ، قال وسئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : يكفر السنة الماضية والباقية ، قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : يكفر السنة الماضية) . وأخرج النسائي (1 / 324) الرواية الاولى دون صوم عرفة وعاشوراء ، والترمذي (1 / 144 و 145) مفرقا وكذا ابن ماجه (1730 و 1738) والطحاوي (335 و 338) صوم اليومين المذكورين فقط وقال الترمذي : (حديث حسن) . كذا قال . وهو حديث صحيح رجاله كلهم ثقات لا مغمز فيهم ، لا سيما وله طريق أخرى عن أبي قتادة . أخرجه البيهقي (4 / 283) واحمد (5 / 296 و 304 و 307) عن أبى حرملة : حرملة بن إياس الشيباني عنه بحديث عرفة وعاشوراء فقط . وإسناده جيد في المتابعات ، وفي تسمية راويه عن أبي قتادة اختلاف ذكره الحافظ في ترجمة حرملة هذا من (التهذيب) والصواب كما قال أبو بكر بن زياد النيسابوري أنه حرملة المذكور ، ورواه ابن أبى شيبة (2 / 165 / 2) فاسقطه من الاسناد ، أو هكذا وقعت الرواية له . وللحديث شاهد أورده المنذري في (الترغيب) (2 / 76 و 78) عن أبى سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : (من صام يوم عرفة ، غفر له سنة أمامه ، وسنة خلفه ، ومن صام عاشوراء غفر له سنة) . وقال : (رواه الطبراني في (الاوسط) باسناد حسن) .
[ 110 ]
كذا قال ، وهو من أخطائه ، فقد أورده الهيثمي أيضا (3 / 189) بهذا اللفظ ، ثم قال : (رواه البزار ، وفيه عمر بن صهبان ، وهو متروك ، والطبراني في (الاوسط) باختصار يوم عاشوراء ، واسناد الطبراني حسن) . قلت : فيتحرر من كلامه ثلاثة أمور : الاول : أن اللفظ المذكور ليس للطبراني ، وإنما للبزار . الثاني : أن اسناد البزار ضعيف جدا . الثالث : أن اسناد الطبراني حسن كما قال المنذري . وفي هذا الامر الاخر نظر ظاهر ، فقد وقفت على اسناد الطبراني في (زوائد المعجمين) (1 / 104 / 2) فرأيته من طريق سلمة بن الفضل ثنا الحجاج ابن أرطاة عن عطية عن أبى سعيد . وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء ، عطية وهو العوفي فمن دونه ، فلا أدري كيف اتفق المنذري والهيثمي على تحسينه ، ووجود واحد منهم في اسناد ما يمنع من تحسينه ، فكيف وفيه ثلاثتهم ؟ ! (تنبيه) وقع الحديث في الكتاب بلفظ (السنة التي بعده) . وكذلك وقع في (الترغيب) (2 / 78) ، وكل ذلك وهم ، والصواب (قبله) كما تقدم في التخريج ، وقد ذكره المؤلف بعد حديثين على الصواب بلفظ (ماضية) . 953 - (حديث ابن عباس مرفوعا : (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الايام العشر) . رواه البخاري) . ص 229 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 246 طبع أوربا - عيدين) وأبو داود (2438) والترمذي (1 / 145) والدارمي (2 / 25) وابن ماجه (1727) والبيهقي (4 / 284) والطيالسي (رقم 2631) وأحمد (1 / 346) من طريق الاعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عنه به . واللفظ للترمذي وتمامه :
[ 111 ]
(فقالوا : يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله (ص) ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ) . وقال : (حديث حسن صحيح) . (تنبيه) عزا الحديث الحافظ عبد الحق الاشبيلى في (الاحكام الكبرى) (ق 94 / 2) وفي (الاحكام الصغرى) (ق 91 / 2) للترمذي فقط ! 954 - (وعن حفصة قالت : (أربع لم يكن يدعهن رسول الله (ص) : صيام عاشوراء والعشر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتان قبل الغداة) . رواه أحمد والنسائي) . ص 229 ضعيف (أخرجه أحمد (6 / 287) والنسائي (1 / 328) من طريق أبى اسحاق الاشجعى - كوفي - عن عمرو بن قيس الملائى عن الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد الخزاعي عنها . قلت : وهذا اسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير أبى إسحاق الاشجعي فهو مجهول ، على أن الرواة اختلفوا على الحر بن الصباح اختلافا كبيرا في إسناده ومتنه ، زيادة ونقصا ، ولذلك قال الحافظ الزيلعى في (نصب الراية) : (هو حديث ضعيف) . وقد تكلمت على الاختلاف المذكور وذكرت الراجح منه في (صحيح أبي داود) (2106) . 955 - (حديث أبي قتادة مرفوعا : (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة ، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية) . رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي) . ص 229 صحيح . وقد مضى تخريجه قبل حديثين . وقول المصنف (. . . الا البخاري والترمذي) . قلد فيه ابن تيمية في (المنتقى من أخبار المصطفى) والصواب استثناء البخاري وحده من الجماعة فإن الترمذي فد أخرجه كما
[ 112 ]
سبق ذكره هناك ، وأما النسائي فلم يخرجه في سننه الصغرى ، كما نبهنا عليه في المكان المشار إليه نعم عزاه إليه المنذري في (الترغيب) (2 / 76) فالظاهر أنه يعنى سننه الكبرى . والله أعلم . (فائدة) أخرج ابن أبى شيبة في (المصنف) (2 / 164 / 2) من طريق الهجري عن أبى عياض عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ : (صوم عاشوراء يوم كانت تصومه الانبياء ، فصوموه أنتم) . قلت : وهذا منكر بهذا اللفظ ، وعلته الهجري واسمه إبراهيم بن مسلم ، قال الحافظ ؟ (لين الحديث) . والثابت في (الصحيحين ، وغيرهما أن (موسى وقومه صاموه) . 956 - (حديث : ((صوم يوم التروية كفارة سنة) الحديث . رواه أبو الشيخ في الثواب وابن النجار عن ابن عباس مرفوعا) . ص 229 ضعيف . على أحسن الاحوال فإنى لم أقف على سنده لنتمكن من دراسته وإعطائه ما يستحقه من النقد بدقة . والمصنف قد نقله عن السيوطي ، وهذا أورده في جامعيه (الصغير) و (الكبير) وقد نص في مقدمة هذا أن كل ما عزاه من الاحاديث للعقيلي في (الضعفاء) أو لابن عدي في (الكامل) أو للخطيب ، أو لابن عساكر في تاريخه أو للحكيم الترمذي في (نوادر الاصول) ، أو للحاكم في (تاريخه) ، أو لابن النجار في (تاريخه) أو الديلمي في (مسند الفردوس) قال : (فهو ضعيف ، فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه) . بل قال ابن الجوزي كما في (تدريب الراوي) : (ما أحسن قول القائل : إذا رايت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الاصول ، فاعلم أنه موضوع . قال : ومعنى مناقضته
[ 113 ]
للاصول ، أن يكون خارجا عن دواوين الاسلام من المسانيد والكتب المشهورة) . فالحديث بهذا المعنى موضوع لكونه خارجا عن المسانيد والكتب المشهورة ، ولذلك قلت فيه انه ضعيف على أحسن الاحوال . والله أعلم . ثم وقفت والحمد لله على إسناده عند الديلمي في (مسند الفردوس) ؟ (2 / 248) من رواية أبى الشيخ عن على بن على الحميري عن الكلبى عن أبي صالح عن ابن عباس به . قلت : وهذا موضوع ، آفته الكلبى ، واسمه محمد بن السائب ، قال الحافظ : (متهم بالكذب) . قلت : قد قال هو نفسه لسفيان الثوري : (كل ما حدثتك عن أبى صالح فهو كذب) ! وعلي بن علي الحميري ترجمه ابن أبى حاتم (3 / 1 / 197) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . 957 - (روي عن أحمد عن خرشة بن الحر قال : (رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية)) . ص 230 صحيح . وليس هو في (المسند) للامام أحمد ، فهو في بعض كتبه الاخرى التي لم تصل إلينا ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 182 / 2) : أبو معاوية عن الاعمش عن وبرة بن عبد الرحمن عن خرشة بن الحر به . قلت : وهذا سند صحيح . وأخرجه الطبراني في (المعجم الاوسط) (1 / 106 / 1) : حدثنا محمد بن المرزبان الادمى ثنا الحسن بن جبلة الشيرازي نا سعيد بن الصلت عن الاعمش به ولفظه :
[ 114 ]
(ويقول : رجب ، وما رجب ؟ ! إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية ، فلما جاء الاسلام ترك) . والباقي مثله . وقال : (لم يروه عن الاعمش الا سعيد تفرد به الحسن) . كذا قال : وقد رواه عن الاعمش أبو معاوية أيضا كما سبق ، وأما الحسن فقال الهيثمى في (المجمع) (3 / 191) : (لم أجد من ذكره ، وبقية رجاله ثقات) . قلت : وأما شيخه سعيد ، فهكذا وقع في النسخة وهى بخط الحافظ السخاوي (سعيد) بالمثناة التحتية بعد العين ، والصواب (سعد) باسقاط المثناة كذلك أورده ابن أبى حاتم (2 / 1 / 86) وابن حبان في إتباع التابعين من كتابه (الثقات) (2 / 107) وقال : (من أهل فارس من شيراز ، يروي عن الاعمش وإسماعيل بن أبى خالد . . . ربما أغرب) . وبالجملة فالاعتماد في تصحيح هذا الاثر إنما هو على سند ابن أبي شيبة ، وأما هذا فلا باس به في المتابعات . وعزاه ابن عبد الهادي في (تنميح التحقيق) (2 / 62 / 1) لسعيد بن منصور من طريق أخرى عن وبرة مثل رواية ابن أبي شيبة . 958 - (وبإسناده عن ابن عمر انه : (كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه وقال : صوموا منه وأفطروا)) . ص 230 صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 182 / 2) : وكيع عن عاصم بن محمد عن أبيه قال : فذكره دون قوله : (صوموا منه وأفطروا) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . ولم أقف الان على سند أحمد لنعرف منه صحة هذه الزيادة (صوموا وأفطروا) وإن كان يغلب على الظن صحتها ، وهى نص على أن نهي عمر رضي
[ 115 ]
الله عنه عن صوم رجب المفهوم . من ضربه للمترجبين كما في الاثر الممقدم ليس نهيا لذاته بل لكى لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان ، وهذا ما صرح به بعض الصحابة ، فقد أورد ابن قدامة في (المغنى) (3 / 167) عقب اثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبى بكرة : (أنه دخل على أهله ، وعندهم سلال جدد وكيزان ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : رجب نصومه ، فقال : أجعلتم رجب رمضان ؟ ! فأكفا السلال وكسر الكيزان) . ثم قال ابن قدامة عقبه : (قال أحمد : من كان يصوم السنة صامه ، والا فلا يصومه متواليا ، يفطر فيه ، ولا يشبه برمضان) . ويظهر أن رأي ابن عمر في كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه في زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم ، فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر : (أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت ، بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة : العلم في الثوب ، وميثرة الارجوان ، وصوم رجب كله ! فقال لي عبد الله : أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الابد . . .) . أخرجه مسلم (6 / 139) وأحمد (1 / 26) . وعليه يشكل قوله في هذه الرواية : (فكيف بمن يصوم الابد) ، فقد فسروه بانه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه ، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله ، وأنه يصوم الابد . كما في شرح مسلم للنووي ، و (السراج الوهاج) لصديق حسن خان (2 / 285) . فلعل التوفيق بين صومه لرجب ، وكراهته لذلك ، أن تحمل الكراهة على افراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به ، فاما صيامه في جملة ما يصوم فليس
[ 116 ]
مكروها عنده . والله أعلم . لكننا نرى أن صوم الدهر لا يشرع ، ولو لم يكن فيها أيام العيد المنهى عن صيامها لقوله (ص) : (لا صام ولا أفطر) . رواه مسلم وغيره كما تقدم في الحديث (952) . وراجع لهذا (السراج الوهاج) (1 / 387 - 388) . ومن الغريب أن المؤلف رحمه الله لم يتعرض لصوم الدهر بذكر البتة ، وإن كان صنيعه يشعر بجوازه عنده لانه ذكر ما يكره وما يحرم من الصوم ولم يذكر فيه صوم الدهر . واختار ابن قدامة رحمه الله أنه مكروه فراجع كتابه (المغني) (3 / 167) . 959 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (4 / 203 فتح الباري) ومسلم (3 / 154) وأبو داود (2420) والترمذي (1 / 143) وابن أبى شيبة (2 / 160 / 1) وعنه ابن ماجه (1773) وابن خزيمة (2158) والبيهقي (4 / 302) وأحمد (2 / 495) من طريق الاعمش عن أبي صالح عنه به مع اختلاف يسير وليس عند أحد منهم النون المشددة في (لا يصوم) ، اللهم إلا في رواية الكشميهنى للبخاري . وله طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة عند الطحاوي (1 / 339) وابن أبى شيبة (/ 2 / 160 / 2) والطيالسي (2595) وأحمد (2 / 422 و 458 و 526) ، وكلها في المعنى واحد ، إلا ما رواه معاوية بن صالح عن أبي بشر عن عامر بن لدين الاشعري عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : (إن يوم الجمعة يوم عيد ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ، الا أن تصوموا قبله أو بعده) . أخرجه الطحاوي وابن خزيمة (216) والحاكم (1 / 437) وأحمد
[ 117 ]
(2 / 303 و 532) وقال الحاكم : (صحيح الاسناد ، إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه ، وليس ببيان ابن بشر ، ولا بجعفر بن أبى وحشية) . وتعقبه الذهبي بقوله : (أبو بشر مجهول) . قلت : ولم يورده في (الميزان) ، ولا الحافظ في (اللسان) ولا في (تعجيل المنفعة) وهو من شرطهم . وأما عامر بن لدين فاورده ابن أبى حاتم (3 / 1 / 327) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان في (التابعين الثقات) (1 / 157) وقال : (عداده في أهل الشام ، روى عنه أهلها وأبو بشر) . وهذا الحديث مما سكت عليه الحافظ في (الفتح) (4 / 205) وهو منكر عندي . ثم روى ابن أبى شيبة (2 / 160) عن قيس بن سكن قال : (مر ناس من أصحاب عبد الله على أبي ذر يوم جمعة وهم صيام ، فقال : أقسمت عليكم لتفطرن فإنه يوم عيد) . قلت : وإسناده صحيح . ثم روى عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد عن على بن أبى طالب رحمه الله قال : (من كان منكم متطوعا من الشهر أياما فليكن صومه يوم الخميس ، ولا يصوم يوم الجمعة ، فإنه يوم طعام وشراب وذكر ، فيجمع الله يومين صالحين يوم صيامه ويوم نسكه مع المسلمين) . وقال الحافظ :
[ 118 ]
(إسناده حسن) . كذا قال ، وعمران بن ظبيان قال الحافظ نفسه في (التقريب) : (ضعيف) . 960 - (حديث : (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) . حسنه الترمذي) . ص 230 صحيح . أخرجه أبو داود (2421) والترمذي (1 / 143) والدارمى (2 / 19) وابن ماجه (1726) والطحاوي (1 / 339) وابن خزيمة في (صحيحه) (2164) والحاكم (1 / 435) والبيهقي (4 / 302) وأحمد (6 / 368) والضياء المقدسي في (الاحاديث المختارة) (ق 114 / 1) ، عن سفيان بن حبيب والوليد ابن مسلم وأبي عاصم ، بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا ، والضياء أيضا في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 34 / 1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي (ص) قال : فذكره وزاد : (وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة ، أو عود شجرة فليمضغه) . وقال الترمذي : (حديث حسن ، ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام ، لان اليهود تعظم يوم السبت) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط البخاري) . قلت : وهو كما قال ، وأقره الذهبي ، ونقل ابن الملقن في (الخلاصة) (ق 103 / 1) عن الحاكم أنه قال : (صحيح على شرط الشيخين) وهو سهو قطعا ، فان السند يأباه لان ثورا ليس من رجال مسلم ، وصححه ابن السكن أيضا كما في (التلخيص) (2 / 216) . وقد أعل بالاختلاف في سنده على ثور على وجوه :
[ 119 ]
الاول : ما تقدم . الثاني : عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعا ليس فيه (عن أخته الصماء) . رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه . أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد في (المنتخب من المسند) (ق 60 / 1) والضياء في (المختارة) (106 / 2 و 107 / 1) عن عيسى ، وتمام في (الفوائد) (109 / 1) عن عتبة . الثالث : عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه ، بدل (أخته) . رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقري سمعت ثور بن يزيد به . أخرجه تمام أيضا . الرابع : وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة . ذكره الحافظ في (التلخيص) (200) وقال : (قال النسائي : حديث مضطرب) . وأقول : الاضطراب عند أهل العلم على نوعين : أحدهما : الذي يأتي على وجوه مختلفة متساوية القوة ، لا يمكن بسبب التساوي ترجيح وجه على وجه . والاخر : وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها فالنوع الاول هو الذي يعل به الحديث . وأما الاخر ، فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد . وحديثنا من هذا النوع ، فان الوجه الاول اتفق عليه ثلاثة من الثقات ، والثانى اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطني فلا قيمة لمتابعته . والوجه الثالث ، تفرد به عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة ولكن أشكل على أنني وجدته بخطى مكنيا بأبى بكر ، وهو إنما يكنى
[ 120 ]
بابى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد . والوجه الرابع لم أقف على اسناده . ولا يشك باحث أن الوجه الاول الذي اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه ، وسائرها شاذة لا يلتفت إليها . على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائي (هذا حديث مضطرب) : (قلت : ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه ، وعن أخته ، وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه ، ورجع عبد الحق الرواية الاولى وتبع في ذلك الدارقطني) . قلت وما رجحه هذا الامام هو الصواب ان شاء الله تعالى لما ذكرنا ، إلا أن الحافظ تعقبه بقوله : (لكن هذا التلون في الحديث الواحد بالاسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه ، وينبئ بقلة ضبطه ، الا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه ، وليس الامر هنا كذا ، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عن عبد الله بن بسر أيضا) . قلت : في هذا الكلام ما يمكن مناقشته : أولا : ان التلون الذي أشار إلى أنه يوهن راويه ، هو الاضطراب الذي يعل به الحديث ويكون منبعه من الراوي نفسه ، وحديثنا ليس كذلك . ثانيا : إن الاختلاف فيه قد عرفت أن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر الصحابي . وثور بن زيد قال الحافظ نفسه في (التقريب) : (ثقة ثبت) واحتج به البخاري كما سبق فهل هو الراوي الواهي أم خالد بن معدان وقد احتج به الشيخان ، وقال في (التقريب) : (ثقة عابد) ! أم الصحابي نفسه ؟ ! ولذلك فنحن نقطع أن التلون المذكور ليس من واحد من هؤلاء ، وإنما ممن دونهم .
[ 121 ]
ثالثا : ان الاختلاف الاخر الذي أشار إليه الحافظ لا قيمة له تذكر ، لانه من طريق الفضيل بن فضالة أن خالد بن معدان حدثه أن عبد الله بن بسر حدثه أنه سمع أباه بسرا يقول . فذكره . وقال : وقال عبد الله بن بسر : إن شككتم فسلوا أختي ، قال : فمشى إليها خالد بن معدان ، فسألها عما ذكر عبد الله ، فحدثته ذلك . أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 59 / 2) . قلت : لا قيمة تذكر لهذه المخالفة ، لان الفضيل بن فضالة ، لا يقرن في الثقة والضبط بثور بن يزيد ، لانه ليس بالمشهور ، حتى أنه لم يوثقه أحد من المعروفين غير ابن حبان . وهو معروف بالتساهل في التوثيق . والحق يقال : لو صح حديثه هذا ، لكان جامعا لوجوه الاختلاف ومصححا لجميعها ، ولكنه لم يصح ، فلابد من الترجيح وقد عرفت أن الوجه الاول هو الراجح . وقد جاء ما يؤيده فروى الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء به . أخرجه البيهقي . ولكني لم أعرف ابن عبد الله بن بسر هذا (1) ، وقد تبادر إلى ذهني أن قول عبد الله بن بسر (عن عمته) يعني عمته هو ، وليس عمة أبيه . وان كان يحتمل العكس ، فإن كان كما تبادر الي فهو شاهد لا باس به ، وإن كان الاخر لم يضر لضعفه . ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا ، فقال الامام أحمد (6 / 368 369) : ثنا الحكم بن نافع قال : ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به . قلت : وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ، فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها . (1) ثم رأيته عند ابن خزيمة (2165) من هذا الوجه دون لفظة (ابن) ، فلعله الصواب . (*)
[ 122 ]
فهذا يؤيد الوجه الاول تأييدا قويا ، ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بينا ، لانه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه . والحمد لله على توفيقه ، وحفظه لحديث نبيه (ص) . وقد جاء ما يؤيد الوجه الثاني من وجوه الاضطراب ، فقال يحيى بن حسان : سمعت عبد الله بن بسر يقول : سمعت رسول الله (ص) . فذكره مختصرا دون الزيادة . أخرجه أحمد (4 / 189) والضياء في (المختارة) (141 / 1) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات ، ويحيى بن حسان هو البكري الفلسطيني . وتابعه حسان بن نوح قال : سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله (ص) يقول : ترون يدي هذه ؟ بايعت بها رسول الله (ص) وسمعته يقول : فذكره بتمامه . أخرجه الدولابي في (الكنى) (2 / 118) وابن حبان في (صحيحه) (940) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (9 / 4 / 1) والضياء في (المختارة) (106 / 1 - 2) . ورواه أحمد في (المسند) (4 / 189) من هذا الوجه ولكن لم يقل : (سمعته) ، ووإنما قال : (ونهى عن صيام . . .) . وهو رواية للضياء أخرجوه من طريق مبشر بن اسماعيل وعلى بن عياش كلاهما عن حسان به . وخالفهما أبو المغيرة نا حسان بن نوح قال : سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله (ص) : فذكره . أخرجه الروياني في (مسنده) (30 / 224 / 2) : نا سلمة نا أبو المغيرة . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ في (التقريب) : (ثقة) .
[ 123 ]
قلت : فإما أن يقال : ان حسانا له إسنادان في هذا الحديث احدهما عن عبد الله بن بسر ، والاخر عن أبى أمامة ، فكان يحدث تارة بهذا ، وتارة بهذا ، فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلي بن عياش منه بالسند الاول ، وسمعه أبو المغيرة - واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني - منه بالسند الاخر ، وكل ثقة حافظ لما حدث به . واما أن يقال : خالف أبو المغيرة الثقتين ، فروايته شاذة ، وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب ، لما فيه من تخطئة الثقة بدون حجة قوية . فان قيل : فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه (ص) ، وهذا معناه تصحيح للوجه الثاني أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة ، وقد رجحت الوجه الاول عليها فيما سبق ، وحكمت عليها بالشذوذ ، فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح ؟ والجواب : ان حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ وإنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد ، فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما . ولكننا لما وجدنا الطريقين الاخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار ، وهما مما لا مدخل لهما في ذلك الاختلاف ، عرفنا منهما صحة الوجه الثاني من الطرق المختلفة . بعبارة أخرى أقول : ان الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر ، لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان ، فانها خالية من الاضطراب أيضا ، وهى عن عبد الله بن بسر عن اخته الصماء ، وهي من المرجحات للوجه الاول ، وبعد ثبوت الطريقين المذكورين ، . يتبين أن الوجه الثاني ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبي (ص) باسقاط أخته من الوسط . والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل ان شاء الله تعالى ، وذلك بان يقال : ان عبد الله بن بسر رضي الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء ، ثم سمعه من النبي (ص) مباشرة . فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الاول ، ورواه يحيى وحسان عنه على الوجه
[ 124 ]
الاخر ، وكل حافظ ثقة ضابط لما روى . ومما سبق يتبين لمن تتبع تحقيقنا هذا أن للحديث عن عبد الله بن بسر ثلاثة طرق صحيحة ، لا يشك من وقف عليها على هذا التحرير الذي أوردنا أن الحديث ثابت صحيح عن رسول الله (ص) ، فمن الاسراف في حقه ، والطعن بدون حق في رواته ما رووا بالاسناد الصحيح عن الزهري أنه سئل عنه ؟ فقال : (ذاك حديث حمصي) ! وعلق عليه الطحاوي بقوله : (فلم يعده الزهري حديثا يقال به ، وضعفه) ! وأبعد منه عن الصواب ، وأغرق في الاسراف ما نقلوه عن الامام مالك أنه قال : (هذا كذب) ! وعزاه الحافظ في (التلخيص) (200) لقول أبى داود في (السنن) عن مالك . ولم أره في (السنن) فلعله في بعض النسخ (1) أو الروايات منه ؟ وقال ابن الملقن في (خلاصة البدر المنير) بعد أن ذكر قول مالك هذا (103 / 1) : (قال النووي لا يقبل هذا منه ، وقد صححه الائمة) . والذي في (السنن) عقب الحديث : (قال أبو داود : وهذا حديث منسوخ) . قلت : ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس : (أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله (ص) بعثوني إلى أم سلمة أسألها : أي الايام كان رسول الله (ص) أكثر لصيامها ؟ قالت : يوم السبت والاحد ، فرجعت إليهم فاخبرتهم ، فكأنهم أنكروا ذلك ، فقاموا بأجمعهم إليها (1) هو في النسخة التازية آخر الباب . (*)
[ 125 ]
فقالوا : انا بعثنا إليك هذا في كذا ، وذكر أنك قلت : كذا ، فقالت : صدق ، ان رسول الله (ص) أكثر ما كان يصوم من الايام السبت والاحد ، وكان يقول إنهما عيدان للمشركين ، وأنا أريد أن أخالفهم) . أخرجه ابن حبان والحاكم وقال : (إسناده صحيح) . ووافقه الذهبي . قلت : وضعف هذا الاسناد عبد الحق الاشبيلى في (الاحكام الوسطى) وهو الراجح عندي ، لان فيه من لا يعرف حاله كما بينته في (الاحاديث الضعيفة) (بعد الالف) (1) . ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما ادعى الحاكم ، لامكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة ، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام ، لان هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذي . ولذلك قال ابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) (2 / 60 / 1) عقب حديث ابن عباس : (وهذا لا يخالف أحاديث الانفراد بصوم يوم السبت ، وقال شيخنا (يعني ابن تيمية (ليس في الحديث دليل على إفراد يوم السبت بالصوم . والله أعلم) . قلت : وهذا أولى مما نقله المصنف عن ابن تيمية فقال : (واختار الشيخ تقى الدين أنه لا يكره صوم يوم السبت مفردا ، وأن الحديث شاذ أو منسوخ) . ذلك لان الحديث صحيح من طرق ثلاث كما سبق تحريره فانى له الشذوذ . 961 - (لقول عمار : (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم (ص) . رواه أبو داود والترمذي) . ص 230 صحيح . أخرجه أبو داود (2334) والترمذي (1 / 133) وكذا النسائي (3) وقد حسنته في تعليقي على (صحيح ابن خزيمة) (2168) ولعله اقرب فيعاد النظر . (*)
[ 126 ]
(1 / 306) والدارمي (1 / 2) والطحاوي (1 / 356) وابن حبان (878) والدارقطني (227) والحاكم (1 / 424) وعنه البيهقي (4 / 208) من طريق عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق عن صلة قال : (كنا عند عمار ، فاتى بشاة مصلية ، فقال : كلوا ، فتنحى بعض القوم ، قال : إنى صائم ، فقال عمار . . .) فذكره واللفظ للنسائي وكذا الترمذي الا أنه زاد فقال : (يشك فيه الناس) . وقال : (حديث حسن صحيح) . وقال الدارقطني : (هذا إسناد حسن صحيح ، ورواته كلهم ثقات) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . قلث : وفي ذلك كله نظر عندي ، فان عمرو بن قيس لم يحتج به البخاري ، وأبو اسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي ، وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط باخره كما في (التقريب) ، وقد رماه غير واحد بالتدليس ، وقد رواه معنعنا ! نعم له طريق أخرى عن عمار يتقوى بها ، فلعله لذلك علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم . فقال ابن أبى شيبة في (المصنف) (2 / 170 - 171) : عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن منصور عن ربعي (1) أن عمار ابن ياسر وناسا معه اتوهم بسلونة (2) مشوية في اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان أو ليس من رمضان ، فاجتمعوا ، واعتزلهم رجل ، فقال له عمار : تعال فكل ، قال : فانى صائم ، فقال له عمار : إن كنت تؤمن بالله واليوم الاخر . فتعال فكل . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، واقتصر الحافظ في (الفتح) على تحسينه ولعلة ما ذكر بعد أنه رواه عبد الرزاق من وجه آخر عن (1) في الاصل (عن ربعي عن منصور) على القلب ، وصححته من (الفتح) (4 / 102) . (2) كذا الاصل . (*)
[ 127 ]
منصور عن ربعى عن رجل عن عمار ، وعبد العزيز العمي الذي رواه ابن أبى شيبة عنه ثقة حافظ احتج به الستة ، فالذي خالفه ، وأدخل بين ربعي وعمار رجلا لم يسمه لم يذكره الحافظ حتى ننظر في مخالفته هل يعتد بها أم لا . والحديث رواه ابن أبى شيبة (2 / 171 / 1) بسند صحيح عن عكرمة من قوله . ومنهم من وصله بذكر ابن عباس فيه . فراجع (نصب الراية) إن شئت (2 / 442) . 962 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (نهى عن صوم يومين ، يوم الفطر ، ويوم الاضحى) متفق عليه) . ص 230 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 496) ومسلم (3 / 152) وكذا مالك (1 / 300 / 36) والطحاوي (1 / 430) والبيهقي (4 / 297) وأحمد (2 / 511 و 529) من طريقين عن أبى هريرة به . وأخرجه الشيخان وأبو داود (2417) والترمذي (1 / 148) وابن أبى شيبة (2 / 183 / 1) والدارمي (2 / 20) وعنه ابن ماجه (1721) والطحاوي والبيهقي والطيالسي (2242) وأحمد (3 / 7 و 34 و 45 و 51 - 52 و 77) من طريق قزعة عن أبى سعيد الخدري مرفوعا به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وله طرق كثيرة أخرى عن أبى سعيد . أخرجها أحمد (3 / 39 و 53 و 64 و 66 و 67 و 71 و 85 و 96) وابن أبى شيبة . ثم أخرجه الشيخان ومالك (1 / 178 / 5) وأبو داود (2416) والترمذي وابن ماجه (1722) وابن أبى شيبة والطحاوي (1 / 430) وابن الجارود (401) والبيهقي وأحمد (1 / 24 و 34 و 40) من طربق أبي عبيد مولى أزهر قال :
[ 128 ]
(شهدت العيد مع عمر بن الخطاب ، فقال : هذان يومان نهى رسول الله (ص) عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الاخر تأكلون فيه من نسككم) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وأخرجه أحمد (1 / 60 و 61 و 70) والطحاوي من طريق أخرى عن أبي عبيد عن على وعثمان رضي الله عنهما مرفوعا . قلت : وإسناده جيد . وفي الباب عن عائشة وابن عمر . رواه ابن أبي شيبة وأحمد (2 / 59 - 60 و 138 - 139) وكذا مسلم . والطحاوي . 963 - (حديث : (وأيام منى أيام أكل وشرب) . رواه مسلم) . ص 230 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 135) وكذا أحمد (3 / 460) والبيهقي (4 / 297) من طريق أبى الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه حدثه (أن رسول الله (ص) بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى : أنه لا يدخل الجنة الا مؤمن ، وأيام منى . . .) . وأبو الزبير مدلس ، لكن للحديث شواهد كثيرة : 1 - عن نبيشة الهذلي مرفوعا : (أيام التشريق أيام أكل وشرب) . . أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (5 / 75) والطحاوي (1 / 428) . 2 - عن بشر بن سحيم أن النبي في أمره أن ينادي أيام التشريق : أنه لا يدخل الجنة . . . الحديث مثل حديث كعب .
[ 129 ]
أخرجه النسائي (2 / 267) والدارمى (2 / 23 - 24) وابن ماجه (1720) والطحاوي (1 / 429) والطيالسي (1299) وأحمد (3 / 415 و 4 / 335) والبيهقي . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . 3 - عن أبي هريرة مرفوعا به مثل حديث كعب (أيام منى . . .) . أخرجه ابن ماجه (1719) . قلت : وإسناده حسن ، وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 109 / 1) : (إسناده صحيح ، رجاله ثقات) . ونقل عنه أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه أنه قال : (إسناده صحيح على شرط الشيخين) ! وهو خطا قطعا ، ولا أدري أهو من السندي أم من الاصل الذي نقل منه . وله طريقان آخران عن أبي هريرة في (شرح المعاني) (1 / 428) و (المسند) (2 / 229 و 387 و 513 و 535) ، وأحدهما عند ابن حبان (959) والدارقطني (ص 241) والطبراني (3911) . 4 - عن أم مسعود بن الحكم الزرقي عن علي مرفوعا بلفظ : (إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر) . أخرجه الطحاوي (1 / 429) والحاكم (1 / 434 - 435) والبيهقي (4 / 298) وأحمد (1 / 92 و 104) وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) ! ووافقه الذهبي ! 5 - عن عبد الله بن حذافة أن النبي (ص) أمره أن ينادي في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب .
[ 130 ]
أخرجه الطحاوي (1 / 428) وأحمد بسند صحيح (3 / 450 - 451) ، وأخرجه هو (5 / 224) والطحاوي (1 / 429) من طريق أخرى عن مسعود ابن الحكم الانصاري عن رجل من أصحاب النبي (ص) قال : (أمر رسول الله (ص) عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح في الناس : (لا يصومن أحد ، فإنها أيام أكل وشرب) . قال : فلقد رأيته على راحلته ينادي بذلك) . قلت : وإسناده صحيح أيضا . 6 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص ، فوجده يأكل ، قال : فدعاني : قال : فقلت له : اني صائم ، فقال : هذه الايام التي نهانا رسول اللة عن صيامهن ، وأمرنا بفطرهن) . أخرجه مالك (1 / 376 / 137) وعنه أبو داود (2418) وأحمد (4 / 197) ، والدارمي (2 / 24) والحاكم (1 / 435) . قلت : وإسناده صحيح وكذلك قال الحاكم والذهبي . وله طريق أخرى في (المسند) (4 / 199) . 7 - عن عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ : (يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق عيدنا أهل الاسلام ، وهى أيام أكل وشرب) . أخرجه أبو داود (2419) والترمذي (1 / 148) وابن أبى شيبة (2 / 183 / 1) والدارمي (2 / 23) والطحاوي (1 / 335) وابن حبان (958)
[ 131 ]
وكذا ابن خزيمة (2100) والحاكم (1 / 434) والبيهقي (4 / 298) وأحمد (4 / 152) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . 8 - عن ابن عمر ، يرويه أبو الشعثاء قال : (أتينا ابن عمر في اليوم الاوسط من أيام الشريق ، قال : فأتي بطعام ندنا القوم ، وتنحى ابن له ، قال : فقال له : أدن فاطعم ، قال : فقال : اني صائم . ، قال : فقال : أما علمت أن رسول الله (ص) قال : إنها أيام طعم وذكر) . أخرجه أحمد (2 / 39) : ثنا حسبين بن على عن زائدة عن ابراهيم بن مهاجر عن أبى الشعثاء . قلت : وهذا إسناد على شرط مسلم ، رجاله كلهم ثقاث رجال الشيخين غير ابراهيم بن مهاجر ، فتفرد بالاحتجاج به مسلم ، لكن في حفظه ضعف ، وفي (التقريب) : (صدوق لين الحفظ) . وقال الهيثمى في (المجمع) (3 / 203) . (رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح) . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة رضي الله عنهم منهم سعد بن أبي وقاص وحمزة بن عمرو الاسلمي ويونس بن شداد في (المسند) 1 / 69 رو 174 و 3 / 394 و / 77) . وبالجملة ، فهذا الحديث متواتر المعنى عن رسول الله (ص) .
[ 132 ]
964 - (حديث ابن عمر وعائشة : (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن ، إلا لمن لم يجد الهدي) . رواه البخاري) . ص 230 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 211 - فتح) وكذا الطحاوي (1 / 428) والدارقطني (ص 240) والبيهقي (4 / 298) من طريق عبد الله بن عيسى عن الزهري عن عروة عن عائشة ، وعن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قالا : فذكره . وأخرجه الطبري في تفسيره (4 / 100 / 3470) والطحاوي والدارقطني من طريق يحيى بن سلام ثنا شعبة عن عبد الله بن عيسى عن ابن أبى ليلى عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : (رخص رسول الله (ص) للمتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق) ! . وقال الطحاوي (1 / 430) : (حديث منكر ، لا يثبته أهل العلم بالرواية لضعف يحيى بن سلام عندهم ، وابن أبى ليلى ، وفساد حفظهما ، مع أني لا أحب أن أطعن على أحد من العلماء بشئ ، ولكن ذكرت ما تقول أهل الرواية في ذلك) . وقال الدارقطني : (يحيى بن سلام ليس بالقوي) . ثم رواه من طريق عبد الغفار بن القاسم عن الزهري : حدثني عروة بن الزبير قال : قالت عائشة وعبد الله بن عمر قالا : (لم يرخص رسول الله (ص) لاحد في صيام أيام التشريق إلا لمتمتع أو محصر) . وضعفه بقوله : (أخطا في إسناده عبد الغفار ، وهو أبو مريم الكوفي وهو ضعيف) . ومن طريق يحيي بن أبي أنيسة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت :
[ 133 ]
سمعت رسول الله (ص) يقول : (من لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة ايام قبل يوم النحر ، ومن لم يكن صام تلك الثلاثة الايام فليصم أيام التشريق : أيام منى) وقال : (يحيى بن أبي انيسة ضعيف) . وعن عبد الله بن حذافة السهمي قال : (أمره رسول الله (ص) في رهط أن يطوفوا في منى في حجة الوداع يوم النحر فينادوا : إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله ، فلا تصوموا فيهن إلا صوما في هدي) . أخرجه الدارقطني (241) عن سليمان أبى معاذ عن الزهري عن سعيد بن المسيب عنه . قلت : سليمان بن أبي معاذ ضعيف جدا . ثم أخرج (241 و 253) عن سليمان بن أبي داود الحراني ثنا الزهري عن مسعود بن الحكم الزرقى عن رجل من أصحاب النبي قال : (أمر رسول الله (ص) عبد الله بن حذافة فنادى . . .) - وقال : (سليمان بن أبي داود ضعيف ، رواه الزبيدي عن الزهري أنه بلغه عن مسعود بن الحكم عن بعض أصحاب رسول الله (ص) بهذا . لم يقل فيه : الا محصرا أو متمتع) . قلت : ورواه معمر عن الزهري عن مسعود بن الحكم به دون الزيادة ، أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح كما تقدم في الحديث الذي قبله (الحديث 5) . وجملة القول أنه لم تصح هذه الزيادة أو معناها مرفوعا إلى النبي بصريح العبارة ، وانما صح حديث ابن عمر وعائشة المذكور في الكتاب ، وهو ليس صريحا في الرفع ، وإنما هو ظاهر فيه ، فهو كقول الصحابي : (أمرنا بكذا) أو (نهينا عن كذا) فانه في حكم المرفوع عند جمهور أهل العلم ، وهو الذي استقر عليه رأي علماء المصطلح . فانظر (الباعث الحثيث) (ص 55) .
[ 134 ]
وأما الطحاوي فادعى في هذا الحديث أنه موقوف عليهما ، وأن الرخصة التي ذكراها إنما . هي فهم منهما واجتهاد فقال : (يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عزوجل في كتابه (فصيام ثلاثة أيام في الحج) فعدا أيام التشريق من أيام الحج ، فقالا : رخص للحاج المتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الاية ، ولان هذه الايام عندهما من أيام الحج ، وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله (ص) الناس من بعد على أن هذه الايام ليست بداخلة فيما أباح الله عزوجل صومه من ذلك) (1) . قلت : وفي هذا الكلام نظر عندي من وجهين : الاول : قوله : وخفي عليهما ، فإنه ينافيه أن عبد الله بن عمر من جملة رواة التوقيف الذي أشار إليه ، وقد تقدم حديثه في جملة الاحاديث التى سقناها في الحديث الذي قبل هذا ، وهو الحديث (8) منها . الثاني : يبعد جدا أن يخفى عليهما ذلك ، مع مناداة جماعة من الصحابة به في أيام منى كما تقدم في أحاديثهم . الثالث : هب أنه فهم فهما من الاية ، ففهم الصحابي مقدم على غيره لا سيما إذا لم يخالفه أحد ، فكيف وهما صحابيان ؟ وأما احتجاج الطحاوي لمذهبه بما أخرجه (1 / 431) من طريق حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلا أتى عمر بن الخطاب يوم النحر ، فقال : يا أمير المؤمنين إنى تمتعت ، ولم أهد ، ولم أصم في العشر ، فقال : سل في قومك ، ثم قال : يا معيقيب أعطه شاة) . فلا يخفى ضعف الاحتجاج بمثل هذا على أهل العلم ، لان حجاجا وهو ابن أرطاة مدلس ، وقد عنعنه . وسعيد بن المسيب عن عمر مرسل عند بعض المحدثين . 965 - (لحديث عائشة قلت : يا رسول الله أهديت لنا هدية أو (1) يعني بالتوقيف الذي ذكره الاحاديث المتقدمة في النهى عن صوم ايام التشريق . (*)
[ 135 ]
جاءنا زور (1) قال : ما هو ؟ قلت : حيس ، قال : هاتيه ، فجئت به فأكل ثم قال : قد كنت أصبحت صائما . رواه مسلم) . ص 231 رواه مسلم (3 / 159) وأبو داود (2455) والنسائي في (الصغرى) (1 / 319 - 320) وفي (الكبرى) (ق 22 / 1 - 2) والشافعي (1 / 263 - 264) وعنه الطحاوي (1 / 355) وابن خزيمة (2141 و 2142) والدارقطني (236) والبيهقي (4 / 275) واحمد (6 / 49 و 207) من طرق عن طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيدالله حدثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : (قال لي رسول الله (ص) ذات يوم : يا عائشة هل عندك شئ ؟ قالت : قلت : لا والله ما عندنا شئ ، قال : فإني صائم ، قالت : فخرج رسول الله (ص) فاهديت لنا هدية ، أو جاءنا زور ، فلما رجع رسول الله (ص) ، قلت : يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور ، وقد خبأت لك شيئا ، قال : ما هو . الحديث مثله سواء واللفظ للبيهقي ، وكذا مسلم ، لكن ليس عنده : (لا والله) ، وزاد في آخره : (قال طلحة : فحدثت مجاهدا بهذا الحديث ، فقال : ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله ، فان شاء أمضاها ، وإن شاء أمسكها) . قلت : وقد وردت هذه الزيادة في الحديث مرفوعة إلى النبي (ص) ، أخرجه النسائي من طريق الاحوص عن طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة قالت : (دخل على رسول الله (ص) يوما ، فقال : هل عندكم شئ ؟ فقلت : لا . قال : فإنى صائم ، ثم مر بى بعد ذلك اليوم ، وقد أهدي الي حيس ، فخبأت له منه ، وكان يحب الحيس ، قالت : يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس ، فخبات لك منه ، قال : أدنيه ، أما اني قد أصبحت وأنا صائم ، فأكل منه ، ثم قال : (1) الاصل (رزق) والتصويب من (البيهقى) ، و (الزور) وسط الصدر أو ما ارتفع منه إلى الكتفين ، أو ملتقى اطراف عظام الصدر حيث اجتمعت ، (قاموس) . (*)
[ 136 ]
انما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة ، فإن شاء أمضاها ، وإن شاء حبسها) . أخرجه النسائي ، وإسناده صحيح على شرط مسلم وأبو الاحوص اسمه سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة متقن كما في (التقريب) ، وقد تابعه شريك عن طلحة به . أخرجه النسائي أيضا . قلت : فهذه الزيادة ثابتة عندي ، ولا يعلها ان بعض الرواة أوقفها على مجاهد ، فإن الراوي قد يرفع الحديث تارة ويوقفه أخرى ، فإذا صح السند بالرفع بدون شذوذ كما هنا فالحكم له ولذلك قالوا : زيادة الثقة مقبولة . وهذا بخلاف زيادة أخرى ، جاءت عند الشافعي ، وكذا الدارقطني والبيهقي في رواية لهما بلفظ : (سأصوم يوما مكانه) . فإنها زيادة شاذة تفرد بها سفيان بن عيينة عن جماعة الثقات الذين رووا الحديث عن طلحة عن عائشة بدونها ، وإنما حدث ابن عيينة بها في آخر حياته . فقد قال الامام الشافعي رحمه اللة : (سمعت سفيان عامة مجالستي إياه لا يذكر فيه (سأصوم يوما مكان ذلك) ثم إني عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فاجاز فيه : (سأصوم يوما مكان ذلك) . وفي هذا النص رد على الدارقطني ، فانه قال : (لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلى ، ولم يتابع على قوله (وأصوم يوما مكانه) ، ولعله شبه عليه ، والله أعلم لكثرة من خالفه عن ابن عيينة) ! فقد حدث به الشافعي أيضا عنه ، وبين أنه إنما أتى بها في آخر أيامه ، ولهذا تعقبه البيهقي بقوله : (وليس كذلك فقد حدث به ابن عيينة في آخر عمره ، وهو عند أهل العلم
[ 137 ]
بالحديث غير محفوظ) . وللحديث طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها ، فقال الطيالسي (1551) : حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك عن عكرمة عن عائشة قالت : (دخل على رسول الله (ص) ذات يوم ، فقال : أعندك شئ ؟ قلت : لا ، قال : اذن أصوم ، ودخل علي يوما آخر ، فقال : عندك شئ ؟ قلت : نعم ، قال : إذن أفطر وان كنت فرضت الصوم) . ومن طريق الطيالسي أخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا : (هذا إسناد صحيح) . ورده ابن التركماني بقوله : (قلت : كيف يكون صحيحا ، وفيه سليمان بن معاذ ، ويقال : سليمان بن قرم قال ابن معين : ليس بشئ ، وفي (الميزان) : قال ابن حبان : كان رافضيا ومع ذلك يقلب الاخبار) . قلت : قد ضعفه الجمهور ، ووثقه بعضهم كاحمد ، وهو بلا شك سئ الحفظ ، فيمكن الاستشهاد بحديثه ، وأما الاحتجاج به فلا . وجملة القول أن للحديث عن عائشة ثلاث طرق : الاولى : عن عائشة بنت طلحة عنها . والثانية : عن مجاهد عنها . والثالثة : عن عكرمة عنها . والطريقان الاوليان صحيحان ، والثالثة شاهد . والطريقان الاوليان كلاهما يرويهما طلحة بن يحيى ، وكان تارة يرويه عن مجاهد ، وتارة عن عائشة بنت طلحة ، وهو الاكثر ، وتارة يجمعهما معا كما في رواية القاسم بن معن عنه عنهما معا عن عائشة .
[ 138 ]
أخرجه النسائي بسند صحيح . وللشطر الاول منه طريق أخرى عن مجاهد عنها . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 155 / 2) . (تنبيه) وأما حديث : (الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار) فهو ضعيف لا يصح ، أخرجه البيهقي (4 / 277) عن عون بن عمارة ثنا حميد الطويل ثنا أبو عبيدة عن أنس مرفوعا به . وقال : (تفرد به عون بن عمارة العنبري وهو ضعيف) . ثم أخرجه من طريق ابراهيم بن مزاحم ثنا سريع بن نبهان قال : سمعت ابا ذر به وقال : (ابراهيم وسريع مجهولان) .
[ 139 ]
كتاب الاعتكاف 966 - (حديث عائشة : (كان رسول الله (ص) يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده) متفق عليه) . ص 232 صحيح . أخرج البخاري (4 / 236 - فتح) ومسلم (3 / 175) وكذا أبو داود (2262) والبيهقي (4 / 315 ، 320) وأحمد (6 / 92) من طرق عن الليث عن عقيل عن الزهري عن عروة عنها . وزاد البيهقي : (والسنة في المعتكف ألا يخرج الا للحاجة التي لابد منها ، ولا يعود مريضا ، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا اعتكاف الا في مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم) . قلت : وإسناده صحيح . وأخرج أبو داود هذه الزيادة مفصولة عن الحديث (2473) من طريق عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري به . قلت : وهذا إسناد جيد ، وهو على شرط مسلم . ثم رأيت الدارقطني أخرجها مع الحديث (247 - 248 ، 248) من طريق ابن جريج : أخبرني الزهري عن الاعتكاف ، وكيف سنته عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن عائشة به . وأعل الزيادة بقوله : (يقال : إن قوله : وإن السنة للمعتكف . . إلى آخره ، ليس من قول
[ 140 ]
النبي (ص) ، وإنه من كلام الزهري ، ومن أدرجه في الحديث ، فقدوهم والله أعلم ، وهشام بن سليمان لم يذكره) . قلت : كذا قال : (ليس من قول النبي (ص) ولعله سبق قلم ، فان هذا النفي لا حاجة إليه لان أحدا من الرواة لم يذكر أنه من قوله (ص) ، لان الحديث من أصله ليس من قوله (ص) وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله (ص) ، فالظاهر أنه أراد أن يقول : (ليس من قول عائشة) فوهم ، وقال أبو داود : (غير عبد الرحمن لا يقول فيه : قالت السنة) قال أبو داود : جعله قول عائشة) . قلت : رواية ابن جريج وعقيل عند البيهقي في معنى رواية عبد الرحمن كما لا يخفى ، ولذلك ادعى الدارقطني أنه من كلام الزهري ، واتفاق هؤلاء الثقات الثلاث على جعله من الحديث يرد دعوى الادرلج . والله أعلم . 967 - قوله (ص) : (من نذر أن يطيع الله فليطعه) رواه البخاري) . ص 232 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 274 ، 275) وكذا مالك (2 / 476 / 8) وأبو داود (3289) والنسائي (2 / 142 ، 143) والترمذي (1 / 288) والدارمي (2 / 184) وابن ماجه (2126) والطحاوي (2 / 76 - 77) وفي (المشكل) (3 / 37) وابن الجارود (934) والبيهقي (10 / 68) وأحمد (6 / 36 ، 41 ، 224) من طرق عن طلحة بن عبد الملك الايلي عن القاسم بن محمد عنها . وقال الترمذي . (حديث حسن صحيح) وأخرجه الطحاوي من طريق حفص بن غياث عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة به . قال حفص : سمعت ابن محيريز ، وهو عبد الله - فذكره عن القاسم عن عائشة عن النبي (ص) قال : يكفر عن يمينه .
[ 141 ]
قلت : وعبد الله بن محيريز ثقة عابد من رجال الشيخين ، فالزيادة صحيحة ، وسيأتي لها طريق أخرى عن عائشة برقم (2580) . 968 - (قوله (ص) : (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)) . ص 232 ضعيف . وتقدم تخريجه والكلام عليه قبيل (ما يوجب الغسل) . 969 - (قوله (ص) : صلاة في مسجدي هذا . . .) . صحيح . وياتي تخريجه بعد حديث . 970 - (لحديث أبي هريرة مرفوعا : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الاقصى) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 299) ومسلم (4 / 126) وكذا أبو داود (2033) والنسائي (1 / 114) وابن ماجه (1409) وأحمد (2 / 234 ، 238 ، 278) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به . وله عنه طرق أخرى : 1 - عن أبي سلمة عن أبي هريرة به . أخرجه الدارمي (1 / 330) وأحمد (1 / 501) عن محمد بن عمرو عنه . قلت : وإسناده جيد . وتابعه محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال : (خرجت إلى الطور . . . . . . فلقيت بصرة بن أبى بصرة الغفاري ، فقال : من أين أقبلت ؟ فقلت : من الطور ، فقال : لو أدركتك تبل أن تخرج إليه ما خرجت ، سمعت رسول الله (ص) يقول : (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد : إلى المسجد الحرام ، وإلى مسجدي
[ 142 ]
هذا ، وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس ، يشك) . الحديث . أخرجه مالك (1 / 108 / 16) ومن طريقه النسائي (1 / 210) واحمد (6 / 7) وابن حبان (1024) . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وفيه دليل ظاهر على أن الحديث من مراسيل أبي هريرة لم يسمعه من النبي (ص) مباشرة ، وإنما تلقاه عن بصرة بن أبي بصرة وكنيته أبو بصرة عنه (ص) . وله طريقان آخران عن أبي بصرة ، الاولى عن مرثد بن عبد الله اليزنى عنه قال : (لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلى فيه ، قال : فقلت له : لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت ، قال : فقال : ولم ؟ قال : فقلت : انى سمعت رسول الله (ص) ، يقول : لا تشد الرحال . . .) الحديث أخرجه أحمد (6 / 397 - 398) . قلت : وإسناده حسن ، وفيه محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث . الثانية : عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال : (لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة وهو جاء من الطور ، فقال : من أين أقبلت ؟ قال : من الطور ، صليت فيه ، قال : أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلت ، انى سمعت رسول الله (ص) يقول) فذكره . أخرجه الطيالسي (1348 ، 2506) وأحمد (6 / 7) . قلت : ورجاله ثقات . والحديث رواه أيضا أبو سعيد الخدري عن رسول الله (ص) : أخرجه البخاري (1 / 300 ، 466 ، 497) ومسلم (4 / 102) والترمذي (1 / 67) وابن ماجه (1410) واحمد (3 / 7 ، 34 ، 45 ، 51 ، 77 ، 78) من طريق قزعة عنه . وقال الترمذي :
[ 143 ]
(حديث حسن صحيح) : وله في المسند (3 / 53 ، 64 ، 71) ثلاث طرق أخرى عن أبى سعيد ، وأحدها بلفظ : (لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام . . .) . الحديث . وهو بهذا اللفظ ضعيف ، فيه شهر بن حوشب وهو سي الحفظ ، لا سيما وقد خالف جميع الثقات فيه وزيادته ما يخصص معناه وهو قوله : (إلى مسجد . . .) . والحديث عام يشمل المساجد وغيرها من المواطن التي تقصد لذاتها أو لفضل يدعى فيها ، ألا ترى أن أبا بصرة رضي الله عنه قد أنكر على أبى هريرة سفره إلى الطور ، وليس هو مسجدا يصلى فيه ، وانما هو جبل كلم الله فيه موسى عليه السلام فهو جبل مبارك ، ومع ذلك أنكر أبو بصرة السفر إليه ، وقد ثبت مثله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كما بينته في غير هذا الموضع . هذا ولفظ حديث أبي سعيد عند مسلم : (لا تشدوا الرحال . . .) . وله عنده طريق ثالثة عن أبي هريرة . بلفظ : (إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد . . .) . وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص . أخرجه ابن ماجه مقرونا مع أبي سعيد . 971 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) رواه الجماعة إلا أبا داود . وفي رواية : (فإنه أفضل)) . ص 233 - 234
[ 144 ]
صحيح . وله طرق كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه : الاولى : عن أبى عبد الله الاغر عنه . أخرجه البخاري (1 / 299) ومسلم (4 / 124) والنسائي (1 / 113 ، 2 / 34) والترمذي (1 / 67) وابن ماجه (1404) وكذا مالك (1 / 196 / 9) والدارمي (1 / 330) والبيهقي (5 / 246) وأحمد (2 / 256 ، 386 ، 468 ، 473 ، 485) من طرق عنه ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . الثانية : عن سعيد بن المسيب عنه . أخرجه مسلم والدارمي وابن ماجه وأحمد (2 / 239 ، 277) . الثالثة (عن عبد الله بن ابراهيم بن قارظ عنه . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 251 ، 473) . الرابعة : عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عنه . أخرجه أحمد (2 / 397 ، 528) بإسنلد جيد . وبقى هناك طريقان في (المسند) (2 / 466 ، 484 ، 499) وفيهما ضعف . ثم أخرجه (2 / 277 - 278) من طريق عطاء أن أبا سلمة أخبره عن أبي هريرة عن عائشة فذكره . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، وفيه إشعار بأن الحديث تلقاه أبو هريرة عن رسول الله (ص) بواسطة عائشة رضي الله عنها . فهو فيه كهو في الحديث الذي قبله . وقد سمعه منه (ص) عبد الله بن عمر أيضا . أخرجه مسلم والدارمي وابن ماجه (1405) والطيالسي (1826)
[ 145 ]
وأحمد (2 / 16 ، 53 ، 53 - 54 ، 68 ، 102) والبيهقي عن نافع عنه به . وأخرجه أحمد (2 / 29 ، 155) والبيهقي من طريق عطاء عنه به وزاد في آخره . (فهو أفضل) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . وفي الباب عن ميمونة زوج النبي (ص) . أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (6 / 334) . وعن سعد بن أبي وقاص . رواه أحمد (1 / 184) بسند حسن . وعن جبير بن مطعم . أخرجه الطيالسي (950) وأحمد (4 / 80) بإسناد رجاله ثقات لكنه منقطع . وعن أبى سعيد الخدري . أخرجه أحمد (3 / 77) بسند رجاله ثقات غير إبراهيم بن سهل فلم أعرفه ولم يترجم له الحافظ في (التعجيل) ولا ابن أبي حاتم . ثم ظهر أنه محرف ، فانه من رواية جرير عن مغيرة عنه . وقد أخرجه ابن حبان (1035) من طريق أخرى عن جرير عن مغيرة عن ابراهيم عن سهم بن منجاب عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال : (ودع رسول الله (ص) رجلا فقال : أين تريد ؟ قال : أريد بيت المقدس ، فقال النبي (ص)) . فذكره الا أن ابن حبان قال : (مائة صلاة) . فتبين أن الصواب : إبراهيم عن سهل . وابراهيم هو ابن يزيد النخعي وهو ثقة محتج به في الصحيحين ، وكذلك بقية الرواة سوى سهم بن منجاب وهو ثقة من رجال مسلم فالسند صحيح .
[ 146 ]
والحديث قال الهيثمي (4 / 6) : (رواه أبو يعلى والبزار إلا أنه قال : أفضل من ألف صلاة ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح) . قلت : وفاته أنه في المسند أيضا ! وهو عند ابن حبان من طريق أبى يعلى . وعن جابر بن عبد الله مرفوعا به وزاد : (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) . أخرجه ابن ماجه (1406) وأحمد (3 / 343 ، 397) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عطاء عنه . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، وصححه المنذري والبوصيري ، وقول الاول منهما : (رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين) . قلت : فهذا وهم منه فانه عندهما بإسناد واحد كما رأيت . وعن عبد الله بن الزبير مرفوعا به مع الزيادة ولفظها : (وصلاة في ذلك أفضل من مائة صلاة في هذا) . أخرجه الطحاوي في (المشكل) (1 / 245) وابن حبان (1027) والبيهقي والطيالسي (1367) وأحمد (4 / 5) . قلت : وإسنادهم - إلا الطيالسي - صحيح على شرط الشيخين . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة عند الطحاوي وأحمد وغيرهما ، فراجع إن شئت (مجمع الزوائد) (4 / 5 - 7) . 972 - (لحديث جابر : (أن رجلا قال يوم الفتح : يا رسول الله إنى نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس فقال : صل
[ 147 ]
ها ، هنا ، فسأله ، فقال صل ها هنا . فسأله ، فقال : شأنك إذا) . رواه أحمد وأبو داود) . ص 234 (صحيح . أخرجه أبو داود (3305) وكذا الدارمي (2 / 184 - 185) والطحاوي (2 / 72) والحاكم (4 / 304 - 305) والبيهقي (10 / 82) من طريق حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر . وقال الحاكم : (صحيح علي شرط مسلم) . وهو كما قال وأقره الذهبي ، وصححه أيضا ابن دقيق العيد في (الاقتراح) كما في (التلخيص) (ص 399) . وأخرج له أبو داود شاهدا عن رجال من أصحاب النبي (ص) بهذا الخبر وزاد : (والذي بعث محمدا بالحق ، لو صليت ههنا لاجزأ عنك صلاة في بيت المقدس) . وفيه عمر بن عبد الرحمن بن عوف لم يوثقه غير ابن حبان وقال الحافظ : (مقبول) . 973 - (لقول عائشة : (السنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لا بد له منه) ، رواه أبو داود) . ص 234 صحيح . وتقدم تخريجه قريبا في الحديث (967) 974 - (حديث : (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان) متفق عليه) ص 234 صحيح . اخرجه البخاري (4 / 236) ومسلم (1 / 167) وكذا أبو داود (2467) والترمذي (1 / 153) وابن ماجه مفرقا (1776 ، 1778) ومالك (1 / 312 / 1) وابن الجارود (409) وابن أبي شيبة (2 / 179 / 1) وأحمد (6 / 104 ، 181 ، 235 ، 247 ، 262 ، 364 ، 281) عنها بلفظ : (كان إذا اعتكف يدنى إلي رأسه فأرجله ، وكان . . .) وقال الترمذي :
[ 148 ]
(حديث حسن صحيح) . وزاد مسلم وغيره في رواية : (وأنا حائض) . 975 - (حديث : (إنما الاعمال بالنيات)) . ص 234 صحيح . وتقدم تخريجه في (باب الوضوء) . 976 - (روى حرب عن ابن عباس : (إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه واستأنف الاعتكاف)) . ص 234 صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 178 / 2) : وكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . 977 - (حديث عائشة : (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان) . متفق عليه) . ص 235 صحيح . تقدم قبل حديثين . 978 - (قول عائشة : (إن كنت لادخل البيت للحاجة ، والمريض فيه ، فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة) . متفق عليه) ص 235 صحيح . ولم أره عند البخاري ، ورواه مسلم (1 / 167) وابن ماجه (1776) بإسناد واحد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عنها . ثم رأيت البيهقي قد أخرجه أيضا (4 / 220) ونص أن البخاري لم يروه بهذا اللفظ ، ويعني أنه رواه إنما باللفظ الذي قبله .
[ 149 ]
كتاب الحج 979 - (لحديث ابن عمر : (بني الاسلام على خمس . . .) . ص 236 صحيح . وقد تقدم في أول (الزكاة) رقم (781) . 980 - (وعن أبي هريرة قال : (خطبنا رسول الله (ص) فقال : يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا . فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله (ص) : لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم . ثم قال : ذروني ما تركتكم) . رواه أحمد ومسلم والنسائي) . ص 236 صحيح . وتمامه : (فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فلذا أمرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه) . أخرجه مسلم (4 / 102) والنسائي (2 / 2) والدارقطني (281) وأحمد (2 / 508) والبيهقي (4 / 326) من طريق الربيع بن مسلم القرشى عن محمد بن زياد عن أبي هريرة به . وأخرج منه البخاري (4 / 422) وابن ماجه (1 / 2) من طريقين آخرين عن أبي هريرة مرفوعا قوله : (ذروني . . .) وعن ابن عباس قال : (خطبنا رسول الله (ص) : قال : يا أيها الناس إن الله كتب عليكم
[ 150 ]
الحج ، فقام الاقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت لم تعملوا بها ، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها ، الحج مرة ، فمن زاد فتطوع) . أخرجه أبو داود (1721) والنسائي والدارمي (2 / 29) والدارقطني (280) والحاكم (1 / 4441 و 470) وأحمد (1 / 255 و 290 و 303 و 352 و 370 و 371) من طرق عن الزهري عن أبي سنان عنه . وقال الحاكم : (إسناده صحيح ، وأبو سنان هو الدؤلي) . قلت : واسمه يزيد بن أمية ، وهو ثقة ، ومنهم من عده في الصحابة . وله في الدارمي والدارقطني ومسند الطيالسي (2668) وأ حمد (1 / 292 و 301 و 323 و 325) متابع من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس باختصار . وهو إسناد لا بأس به في المتابعات . وعن على رضي الله عنه قال : (لما نزلت (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) قالوا : يا رسول الله أفي كل عام ؟ فسكت ، فقالوا : يا رسول الله في كل عام ؟ قال : لا ، ولو قلت : نعم لوجبت ، فانزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم)) . أخرجه الترمذي (1 / 155) وابن ماجه (2884) والدارقطني (281) وأحمد (1 / 113) عن على بن عبد الاعلى عن أبيه عن أبي البختري عنه . وقال الترمذي : (حديث غريب) . قلت : يعني ضعيف ، وعلته عبد الاعلى وهو ابن عامر الثعلبي ضعفه أحمد وأبو زرعة وغيرهما ، وابنه أحسن حالا منه خلافا لما يفيده كلام الحافظ في (التقريب) .
[ 151 ]
وعن أنس بن مالك نحو حديث ابن عباس دون قوله : (ولم تستطيعوا . . .) وزاد : (ولما لم تقوموا بها عذبتم) . أخرجه ابن ماجه (2885) . وإسناده صحيح كما قال البوصيري في (الزوائد) (178 / 2) . 981 - (وعن عائشة أنها قالت : (يا رسول الله هل على النساء جهاد ؟ قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة) . رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح) . ص 236 صحيح . أخرجه أحمد (6 / 165) وابن ماجه (2901) والدارقطني (282) عن محمد بن فضيل قال : ثنا حبيب بن أبي عمرة عن عائشة ابنة طلحة عن عائشة به . قلت : وهذا اسناد صحيح على شرط الشيخين ، وصححه ابن خزيمة بإخراجه إياه في (صحيحه) كما في (الترغيب) (2 / 106) . وقد أخرجه البخاري (1 / 465) والبيهقي (4 / 326) وأحمد أيضا (6 / 79) من طريق عبد الواحد بن زياد ثنا حبيب بن أبي عمرة بلفظ : (قالت : قلت : يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم ؟ فقال : لكن أحسن الجهاد وأجمله : الحج ، حج مبرور . فقالت عائشة : فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله (ص) . ثم أخرجه البخاري (2 / 198 و 218) والبيهقي وأحمد (6 / 67 و 68 و 71 و 75 و 79 و 120 و 166) من طرق أخرى عن حبيب به نحوه . وتابعه معاوية بن اسحاق عن عائشة بنت طلحة بلفظ : قالت : (استأذنت النبي (ص) في الجهاد ؟ قال : جهادكن الحج) . ولمعاوية هذا إسناد آخر بلفظ آخر ، فقال الطبراني في (المعجم الكبير)
[ 152 ]
(1 / 141 / 1) و (الاوسط) (1 / 110 / 2 - زوائد) : حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل حدثنى ابراهيم بن الحجاج السامى نا أبو عوانة عن معاوية بن إسحاق عن عباية بن رفاعة عن الحسين بن علي رضي الله عنه قال : (جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : اني جبان ، وانى ضعيف ، قال : هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات ، وقال المنذري بعد أن عزاه للمعجمين : (ورواته ثقات ، واخرجه عبد الرزاق أيضا) . وأخرجه الدارقطني (282) والبيهقي (4 / 350) بإسناد آخر صحيح عن عائشة مثل رواية ابن فضيل . 982 - (ولمسلم عن ابن عباس : (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)) . ص 236 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 57) وكذا أبو داود (1790) والدارمي (2 / 50 - 51) والبيهقي (5 / 18) وأحمد (1 / 236 و 241) من طرق عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عنه قال : قال رسول الله (ص) : (هذه عمرة استمتعنا بها ، فمن لم يكن عنده هدي ، فليحل الحل كله فقد دخلت . . .) . وتابعه يزيد بن أبي زياد عن مجاهد به أتم منه ولفظه : قال : (قدمنا مع رسول الله (ص) حجاجا ، فامرهم فجعلوها عمرة ، ثم قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعلوا ، ولكن دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، ثم أنشب أصابعه بعضها في بعض ، فحل الناس إلا من كان معه هدي ، وقسم علي من اليمن . . .) . أخرجه أحمد (1 / 253 و 259) .
[ 153 ]
قلت : وهو حديث صحيح بهذا التمام ، فإن يزيد بن أبي زياد وإن كان فيه ضعف من قبل حفظه ، فلم يتفرد به ، فإن له شواهد كثيرة أتمها حديث جابر الطويل في صفه حجه (ص) ولي فيه رسالة مطبوعة . ويأتي موضع الشاهد منه . وروى أحمد (1 / 260 - 261) من طريق محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري عن كريب مولى عبد الله بن عباس قال : قلت له : يا أبا العباس ! أرأيت قولك : ما حج رجل لم يسق الهدي معه ، ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة ، وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدي إلا اجتمعت له عمرة وحجة ، والناس لا يقولون هذا ؟ فقال : (ويحك إن رسول الله (ص) خرج ومن معه من أصحابه لا يذكرون إلا الحج ، فأمر رسول الله من لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت ويحل بعمرة ، فجعل الرجل منهم يقول : يا رسول الله إنما هو الحج ؟ فيقول رسول الله (ص) : إنه ليس بالحج ، ولكنها عمرة) . قلت : وإسناده حسن . 983 - (وعن الصبي بن معبد قال : (أتيت عمر رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين إني أسلمت وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما . فقال : هديت لسنة نبيك) . رواه النسائي) ص 237 صحيح . أخرجه النسائي (2 / 13 - 14) وكذا أبو داود (1799) من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل قال : قال الصبي بن معبد : (كنت أعرابيا نصرانيا فأسلمت ، فكنت حريصا على الجهاد ، فوجدت الحج والعمرة مكتوبين علي ، فأتيت رجلا من عشيرتي يقال له هريم بن عبد الله فسألته ؟ فقال : أجمعهما ، ثم اذبح ما تيسر من الهدي ، فأهللت بهما ، فلما أتينا العذيب ، لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما ، فقال أحدهما للاخر : ما هذا بافقه من بعيره ! فأتيت عمر ، فقلت : يا أمير المؤمنين
[ 154 ]
إنى أسلمت ، وأنا حريص على الجهاد ، واني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي ، فأتيت هريم بن عبد الله فقلت : يا هناه إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي ، فقال : إجمعهما ، ثم اذبح ما استير من الهدي ، فأهللت بهما ، فلما أتينا العذيب لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان ، فقال أحدهما للاخر : ما هذا بأفقه من بعيره ، فقال عمر : هديت لسنة نبيك) . ثم رواه النسائي من طريق زائدة عن منصور عن شفيق قال : أنبانا الصبي فذكر مثله . قلت : وهذا سند صحيح . وأخرجه ابن ماجه (2970) والطحاوي (1 / 374) وابن حبان (985) والبيهقي (4 / 352 و 5 / 16) وأحمد (1 / 14 و 25 و 34 و 37 و 53) من طرق عن أبي وائل به نحوه موضع الشاهد منه وهو قوله : (وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين) . وزاد ابن ماجه وابن حبان وأحمد في رواية : (فأتيت عمر بن الخطاب - وهو بمني - فذكرت ذلك له ، فأقبل عليهما فلامهما ، وأقبل علي فقال : هديت لسنة نبيك (ص) مرتين) . وليس عند ابن ماجه (مرتين) ، وقوله : (وهو بمنى) عند ابن حبان فقط . ويخالفه ما عند الطحاوي بلفظ : (فقدمت المدينة) . وإسناده أصح من سند ابن حبان فإن في سند هذا أبا خليفة الفضل بن الحباب وهو ثقة ، لكن له أخطاء فراجع (لسان الميزان) . 984 - (حديث (رفع القلم عن ثلاثة)) . ص 237 صحيح وتقدم برقم (297)
[ 155 ]
985 - (لحديث ابن عباس : (أن امرأة رفعت إلى النبي (ص) صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر) رواه مسلم) . ص 237 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 101) وكذا مالك (1 / 422 / 244) والشافعي (1 / 289) وأبو داود (1736) والنسائي (2 / 5) والطحاوي (1 / 235) وابن الجارود (411) والبيهقي (5 / 155) واحمد (1 / 219 ، 244 ، 288 ، 343 ، 344) من طريق كريب عنه . وله شاهد من حديث جابر مثله . أخرجه الترمذي (1 / 174) وابن ماجه (2910) والبيهقي (5 / 156) عن أبي معاوية : حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عنه . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . وروي عن أنس مثله بزيادة : (قالت : فما ثوابه إذا وقف بعرفة ؟ قال : يكتب الله لوالديه بعدد كل من وقف بالموقف عدد شعر رؤوسهم حسنات) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (110 / 1) من طريق خالد بن الوليد المخزومي عن الزهري عن أنس . وقال : (لم يرد عن الزهري الا بهذا الاسناد) . قلت : وهو موضوع من أجل خالد هذا وهو ابن اسماعيل بن الوليد قال الذهبي : (نسب إلى جده تدليسا لحاله وهو متهم بالكذب ، قال ابن عدي : (كان يضع الحديث على الثقات ، فمن بلاياه . . .) . فذكر هذا الحديث ، وإنما أوردته للتنبيه عليه ، لا للاستكثار به . 986 - (وعنه أيضا مرفوعا : (أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة
[ 156 ]
أخرى ، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى) رواه الشافعي والطيالسي في مسنديهما) ص 237 صحيح . أخرجه الشافعي (1 / 290) فقال : أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبي السفر قال : قال ابن عباس : (أيها الناس أسمعوني ما تقولون ، وأفهموا ما أقول لكم ، أيما مملوك . . .) قلت : فذكره بمعناه موقوفا عليه . وأخرجه الطحاوي (1 / 435) والبيهقي (5 / 156) من طريقين آخرين عن أبي السفر به . وإسناده صحيح كما قال الحافظ في (الفتح) 9 (4 / 61) . وقد جاء من طريق آخر مرفوعا ، يرويه محمد بن المنهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الاعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (أيما صبي حج ، ثم بلغ الحنث فعليه حجة أخرى ، وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 110 / 1) والحاكم في (المستدرك) (1 / 481) والبيهقي (4 / 325) والخطيب في (تاريخ بغداد) (8 / 209) قال : (لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة ، وهو غريب) . وقال الطبراني : (لم يروه عن شعبة مرفوعا الا يزيد تفرد به محمد بن المنهال) . كذا قال ، وهو عند الخطيب من طريق محمد بن المنهال وحارث بن سريج النقال معا ، قالا : حدثنا يزيد بن زريع به . وقد أخرجه ابن عدي في
[ 157 ]
(الكامل) (64 / 2) عن الحارث بن سريج وحده ثم قال عقبه : (وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال عن يزيد بن زريع ، وأظن أن الحارث هذا سرقه منه ، ولا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما ، ورواه ابن أبي عدي وجماعة معه عن شعبة موقوفا) . قلت : يزيد بن زريع احتج به الشيخان ، وهو ثقة ثبت ومثله محمد بن المنهال احتج به الشيخان أيضا وهو ثقة حافظ كما في (التقريب) وكان أثبت الناس في يزيد بن زريع كما قال ابن عدي عن أبي يعلى ، فالقلب يطمئن لصحة حديثه ، ولا يضره وقف من أوقفه على شعبة ، لان الراوي قد ينشط تارة فيرفع الحديث ، ولا ينشط تارة فيوقفه فمن حفظ حجة على من لم يحفظ ، ولهذا قال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي (1) . والحديث قال الحافظ في (التلخيص) (ص 201 - 202) : (رواه ابن خزيمة والاسماعيلي في (مسند الاعمش) والحاكم والبيهقي وابن حزم وصححه والخطيب في (التاريخ) . . . قال ابن خزيمة : الصحيح موقوف . وأخرجه كذلك من رواية ابن أبي عدي ، وقال البيهقي : تفرد برفعه محمد بن المنهال ، ورواه الثوري عن شعبة موقوفا . قلت : لكن هو عند الاسماعيلي والخطيب عن الحارث بن سريج عن يزيد ابن زريع متابعة لمحمد بن المنهال ، ويؤيد رفعه ما رواه ابن أبى شيبة في مصنفه : نا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : احفظوا عني ، ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره . وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع ، فلذا نهاهم عن نسبته إليه ، وفي الباب عن جابر أخرجه ابن عدي بلفظ : (لو حج صغير حجة ، لكان عليه حجة أخرى) الحديث . وسنده (1) وصححه أيضا عبد الحق في (الاحكام) (106 / 2) لكنه توقف في صحة السند إلى يزيد بن زريع لانه لم يفف عليه ، لانه نقله عن ابن حزم ، وقد ابتدا به من عند يزيد وصححه ابن دقيق العيد ، فاورده في (الالمام) (رقم 635) .
[ 158 ]
ضعيف ، وأخرجه أبو داود في (المراسيل) عن محمد بن كعب القرظي نحو حديث ابن عباس مرسلا ، وفيه راو مبهم) . قلت : حديث القرظي رواه أيضا سعيد بن منصور في (سننه) كما في (المغني) (3 / 248) . وحديث جابر أخرجه ابن عدي في (الكامل) (111 / 1) في ترجمة حرام ابن عثمان الانصاري عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر عن أبيهما جابر به وتمامه : (. . . إذا بلغ ان استطاع إليه سبيلا ، ولو حج المملوك عشرا ، لكانت عليه حجة إذا عتق ان استطاع إليها سبيلا ، ولو حج الاعرابي عشرا لكانت عليه حجة إذا بلغ إن استطاع إليه سبيلا ، وإذا هاجر) . وساق له أحاديث أخرى وقال : (عامة أحاديثه مناكير) . قلت : وهو ضعيف جدا ، قال الذهبي في (الضعفاء) : (متروك باتفاق ، مبتدع) . قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقال الطيالسي في (مسنده) (1767) : (حدثنا اليمان أبو حذيفة ، وخارجة بن مصعب ، فأما خارجة فحدثنا عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر ، وأما اليمان فحدثنا عن أبى عبس عن جابر أن رسول الله (ص) قال : فذكره الا أنه قال : (لو أن صبيا حج عشر حجج . . .) كما قال في الاخرين . لكن اليمان هذا وهو ابن المغيرة ضعفوه كما قال الذهبي في (الضعفاء) . وقال الحافظ في (التقريب) : (ضعيف) . وحديث محمد بن المنهال يظهر أن له متابعا آخر فقد قال ابن الملقن في (خلاصة البدر المنير) (104 / 1) بعد أن أقر تصحيح الحكم إياه :
[ 159 ]
(وقال أبو محمد بن حزم : رواته ثقات ، وقال البيهقي : تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع . قلت : لم يتفرد ، بل تابعه عليه ثقتان كما ذكرته في (الاصل)) . يعني (البدر المنير) ولم أقف عليه ، لنتعرف على الثقة الاخر ، وأما الثقة الاول فهو فيما يبدو حارث بن سريج المتقدم وهو مختلف فيه فقد وثقه ابن معين وابن حبان والازدي وضعفه آخرون منهم ابن معين في رواية . وخلاصته : أن الحديث صحيح الاسناد مرفوعا ، وموقوفا ، وللمرفوع شواهد ومتابعات يتقوى بها . (تنبيه) من التخريج السابق يتبين للباحث المتأمل أن عزو المصنف لهذا الحديث عن ابن عباس للشافعي والطيالسي لا يخلو من شئ ، فإن الاول منهما ، إنما أخرجه موقوفا ، والاخر لم يخرجه عنه أصلا ، وإنما رواه عن جابر رضي الله عنهما . 987 - (قال ابن عباس : إذا أعتق العبد بعرفة أجزأه حجه) . لم اقف على سنده ، وقد أورده ابن قدامة في (المغني) (3 / 248) هكذا : (قال أحمد : قال طاوس عن ابن عباس : إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه حجته) . فالظاهر أنه صحيح عند أحمد لجزمه به . وروى أبو بكر القطيعى في (كتاب المناسك عن سعيد بن أبى عروبة) (159 / 1) باسناد صحيح عن قتادة وعن عطاءه أنهما قالا : (إذا أعتق المملوك أو احتلم الغلام عشية عرفة فشهد الموقف أجزأ عنهما) . ثم وقفت على سنده ، فقال الامام أحمد في (مسائل ابنه عبد الله)
[ 160 ]
(ص 190) : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن ليث عن طاوس عن ابن عباس به . قلت : وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف . 988 - (وعن أنس في قوله عزوجل : من استطاع إليه سبيلا قال : (قيل : يا رسول الله ما السبيل ؟ قال : الزاد والراحلة) رواه الدارقطني) ص 238 ضعيف . أخرجه الدارقطني (254) وكذا الحاكم (1 / 442) عن على بن العباس حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي ثنا ابن أبي زائدة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به . وقال الحاكم . (صحيح على شرط الشيخين ، وقد تابع حماد بن سلمة سعيدا على روايته عن قتادة) . قلت : ثم ساق الحاكم من طريق أبي قتادة الحراني عن حماد بن سلمة عن قتادة به . ثم قال : (هذا صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي في كل ذلك ، وخالفه البيهقي - وهو تلميذه - فقال (4 / 230) بعد أن علقه من طريق سعيد بن أبي عروبة به : (ولا أراه إلا وهما ، فقد أخبرنا . . .) ثم ساق إسناده إلى جعفر بن عون : أنبأ سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال . فذكره مرفوعا مرسلا ، وقال : (هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن النبي (ص) مرسلا ، وكذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن) . وقال ابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) (2 / 70 / 1) : (لم يخرجه أحد من أهل السنن بهذا الاسناد ، وعلي بن سعيد بن مسروق
[ 161 ]
وعلي بن العباس ثقتان ، والصواب عن قتادة عن الحسن عن النبي (ص) مرسلا ، وأما رفعه عن أنس فهو وهم ، هكذا قال شيخنا) . وقال الحافظ في (التلخيص) (202) بعد أن ذكر خلاصة كلام البيهقى في ترجيح المرسل علي الموصول : (وسنده صحيح إلى الحسن ، وقد رواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضا ، إلا أن الراوي عن حماد هو أبو قتادة عبد الله ابن واقد الحراني ، وقد قال أبو حاتم : هو منكر الحديث) . وقال في (التقريب) . (هو متروك ، وكان يدلس) . قلت : فلا قيمة لهذه المتابعة حينئذ فالعجب من الذهبي كيف وافق الحاكم على تصحيح اسناده وعلى شرط مسلم ؟ ! وهو ليس من رجاله ! ويتبين أن الصواب في هذا الاسناد أنه عن قتادة عن الحسن مرسلا كما قال البيهقى ثم ابن عبد الهادي عن شيخه وهو ابن تيمية ، أو الحافظ المزي ، والاول أقرب . وقد أخرجه أبو بكر القطيعي في (كتاب المناسك عن سعيد بن أبي عروبة) (1 / 157 / 2) قال : نا عبد الاعلى قال : نا سعيد عن قتادة عن الحسن به . وعبد الاعلى هذا هو ابن عبد الاعلى بن محمد السامي البصري ثقة محتج به في (الصحيحين) وقد قال : (فرغت من حاجتى من سعيد يعني ابن أبي عروبة قبل الطاعون) قال الحافظ في (التهذيب) : (يعنى أنه سمع منه قبل الاختلاط) . قلت : وهذا من المرجحات لرواية الارسال لان ابن أبي زائدة وهو يحيي ابن زكريا بن أبي زائدة الذي وصله لا ندري سمع منه قبل الاختلاط أو بعده .
[ 162 ]
2 - وقد روي موصولا من طريق جماعة آخرين من الصحابة منهم عبد الله ابن عمر بن الخطاب مثل حديث أنس . أخرجه الترمذي (1 / 155 ، 2 / 166) وابن ماجه (2896) وابن جرير الطبري في (التفسير) (7 / 40 / 7485) وكذا الشافعي (1 / 283 / 740) والعقيلي في (الضعفاء) (323) والدارقطني (255) والبيهقي (4 / 330) من طريق ابراهيم بن يزيد المكي عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن ابن عمر . وقال الترمذي : (حديث حسن (1) ، وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه) . وقال الحافظ في (التلخيص) (202) : (وقد قال فيه أحمد والنسائي : متروك الحديث) . وبهذا جزم في (التقريب) . وقال البيهقي عقبه : (ضعفه أهل العلم بالحديث ، وقد تابعه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن محمد بن عباد ، إلا أنه أضعف من ابراهيم بن يزيد . ورواه أيضا محمد بن الحجاج عن جرير بن حازم عن محمد بن عباد ، ومحمد بن الحجاج متروك) . قلت : وصل هذين الطريقين الدارقطني إلا أنه أدخل في الطريق الاولى ابن جريج بين ابن عمر وابن عباد . وله طريق أخرى عن ابن عمر فقال ابن أبي حاتم في (العلل) (1 / 297) : (1) كذا في نسخة بولاق من (السنن) وكذا في نقل (التلخيص) عنه ، وأما الزيلعي فنقل (3 / 8) عنه أنه قال : (حديث غريب . . .) . (*)
[ 163 ]
(سألت علي بن الحسين بن الجنيد عن حديث رواه سعيد بن سلام العطار عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عنه به ؟ قال : هذا حديث باطل) . قلت : وآفته ابن سلام هذا قال أحمد وابن معين : (كذاب) . 3 - وعن ابن عباس نحوه . أخرجه ابن ماجه (2897) : حدثنا سويد بن سعيد : ثنا هشام بن سليمان القرشي عن ابن جريج ، قال : وأخبرنيه أيضا (1) عن ابن عطاء عن عكرمة عنه . قلت : وهذا سند ضعيف وفيه ثلاث علل : (الاولى ابن عطاء ، وهو عمر بن عطاء بن وراز قال ابن معين : (عمر بن عطاء الذي يروي عنه ابن جريج يحدث عن عكرمة ، ليس بشئ ، وهو ابن وراز ، وهم يضعفونه ، وقال النسائي : (ضعيف) ذكره ابن عدي في (الكامل) (242 / 2) ثم قال : (وهو قليل الحديث ، ولا أعلم يروي عنه غير ابن جريج) . الثانية : هشام بن سليمان القرشي وجده عكرمة بن خالد بن العاص المخزومي . قال ابن أبى حاتم (4 / 2 / 62) عن أبيه : (مضطرب الحديث ، ومحله الصدق ، ما أرى به باسا) . وقال الحافظ في (التقريب) : (مقبول) يعني عند المتابعة ، وأما عند التفرد كما هنا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة . وبقول أبي حاتم المذكور أعله الزيلعى في (نصب الراية) (3 / 9) نقلا عن (الامام) لابن دقيق العيد . الثالثة : سويد بن سعيد هو الحدثاني قال الحافظ : (1) كذا الاصل وكذا نقله الزيلعى ، فمن المخبر لابن جريج عن ابن عطاء وقد ذكروا أن ابن جريج روى عنه مباشرة ! (*)
[ 164 ]
(صدوق في نفسه ، إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه ، وأفحش فيه ابن معين القول) . قلت : وأنا أخشي أن يكون هذا مما تلقنه ، فقد تابعه أبو عبيد الله المخزومى (1) لكنه أوقفه فقال : ثنا هشام بن سليمان وعبد المجيد عن ابن جريج قال : أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس مثل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (السبيل الزاد والراحلة) . أخرجه الدارقطني (255) وعنه البيهقى (4 / 331) . قلت : وهذا الموقوف أقرب إلى الصواب على ضعفه أيضا . ومن هذا التحقيق في هذا الاسناد تعلم أن قول البوصيري في (الزوائد) (ق 179 / 2) : (اسناد حسن) ليس بحسن ، مع أنه ذكر تضعيف من ذكرنا لابن عطاء ، لكنه زاد فقال : (وقال أبو زرعة : ثقة لين) . فاستخلص هو منه أنه وسط فحسن إسناده وكيف يصح هذا مع تضعيف أولئك إياه ، وقلة حديث ، ومع وجود العلتين الاخريين في الطريق إليه ؟ ! وله عند الدارقطني طريق اخرى ، فيه حصين بن مخارق قال الدارقطني : (يضع الحديث) . 4 - وعن عائشة مثله . أخرجه العقيلي في (الضعفاء) (323) والدارقطني (254 - 255) والبيهقي (4 / 330) عن عتاب بن أعين عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عنها . وقال العقيلي : . (عتاب في حديثه وهم) . (1) اسمه سعيد بن عبد الرحمن بن حسان وهو ثقة . (*)
[ 165 ]
ثم ساقه من طريقين صحيحين عن سفيان عن ابراهيم بن يزيد الخوزي بسنده المتقدم عن ابن عمر به ، ثم قال : (هذا أولى على ضعفه أيضا) . قلت : وأيضا ، فإن المحفوظ عن سفيان عن يونس إنما هو عن الحسن مرسلا . هكذا أخرجه البيهقى (4 / 327) من طريق أبي داود الحفري عن سفيان به نعم وصله الدارقطني (255) عن حصين بن مخارق عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس . لكن الحصين هذا يضع الحديث كما تقدم . وقال الامام أحمد : حدثنا هشيم حدثنا يونس عن الحسن مرسلا . أخرجه أبو داود في (المسائل) (97) وابنه عبد الله فيها (176) . 5 - عن جابر بن عبد الله مثله . أخرجه الدارقطني (254) عن عبد الملك بن زياد النصيبي ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي الزبير أو عمرو بن دينار عنه . قلت : هذا سند واه جدا قال ابن عبد الهادي في (التنقيح) (70 / 1) : (عبد الملك بن زياد النصيبي قال فيه الازدي : منكر الحديث غير ثقة ، ومحمد بن عبيد الله بن عبيد ضعفه ابن معين ، وقال مرة : ليس بثقة ومرة ليس حديثه بشئ . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك الحديث) . 6 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص (1) مثله . () وقع في (نصب الراية) (3 / 10) : (عمرو بن العاص . باسقاط ابنه عبد الله ووقع فيه قبل (3 / 8) عل الصواب . (*)
[ 166 ]
أخرجه الدارقطني عن أحمد بن أبي نافع ثنا عفيف عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . قلت : وهذا سند واه ، وفيه علتان : إحداهما : أحمد بن أبي نافع وهو أبو سلمة الموصلي ، أورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 79) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وفي (الميزان) : (قال أبو يعلى : لم يكن أهلا للحديث . وذكر له ابن عدي في كامله أحاديث منكرة) . والاخرى إبن لهيعة وهو ضعيف من قبل حفظه ، وتصحيح أحمد شاكر له من تساهله . وجزم بضعفه الزيلعى ، إلا انه اقتصر في اعلال الحديث عليه وهو قصور لا يخفى . وقد تابعه عند الدارقطني محمد بن عبيدالته العرزمى وهو أشد ضعفا منه قال الحافظ في (التقريب) : (متروك) . 7 - عن عبد الله بن مسعود مثله . رواه الدارقطني من طريق بهلول بن عبيد عن حماد بن أبي سليمان عن ابراهيم بن علقمة عنه . قلت : وهذا سند واه جدا ، بهلول آفته ، قال أبو حاتم : (ضعيف الحديث ذاهب) . وقال ابن حبان : (يسرق الحديث) وقال الحاكم : (روى أحاديث موضوعة) . وخلاصة القول : إن طرق هذا الحديث كلها واهية ، وبعضها أوهى من بعض ، وأحسنها طريق الحسن البصري المرسل ، وليس في شئ من تلك الموصولات ما يمكن أن يجعل شاهدا له لوهائها ، خلافا لقول البيهقي بعد أن ساق بعضها : (وروي فيه أحاديث أخر ، لا يصح شئ منها ، وحديث ابراهيم بن يزيد أشهرها ، وقد أكدناه بالذي رواه الحسن البصري وإن كان منقطعا)
[ 167 ]
قلت : ولسنا نرى هذا ، لان إبراهيم بن يزيد ضعيف جدا فلا يؤثر فيه ولا يقويه مرسل الحسن البصري كما هو المقرر في (علم المصطلح) . وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ عبد الحق الاشبيلى فإنه قال في (الاحكام الكبرى) (96 / 1) عقب حديث الخوزي : (وقد تكلم فيه من قبل حفظه ، وترك حديثه ، وقد خرج الدارقطني هذا الحديث من حديث جابر وابن عمر وابن مسعود وأنس وعائشة وغيرهم ، وليس فيها إسناد يحتج به) . ونقل الزيلعى (3 / 10) مثله عن ابن دقيق العيد في (الامام) ، أضف إلى ذلك ما في (فتح الباري) (3 / 300) : (قال ابن المنذر : لا يثبت الحديث الذي فيه الزاد والراحلة ، والاية الكريمة عامة ليست مجملة ، فلا تفتقر إلى بيان ، وكأنه كلف كل مستطيع قدره بمال أو بدن) . ويظهر أن ابن تيمية رحمه الله تعالى لم يعط هذه الاحاديث والطرق حقها من النظر والنقد فقال في (شرح العمدة) بعد سرده إياها : (فهذه الاحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة ، تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة . . .) (1) فإنه ليس في تلك الطرق ما هو حسن ، بل ولا ضعيف منجبر . فتنبه 989 - (لحديثه : (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)) . ص 238 صحيح . أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عمرو بسند ضعيف ، لكن أخرجه مسلم من طريق أخرى عنه نحوه ، وقد ذكرنا لفظه في (الزكاة) (رقم (1) نقلته من (سبل السلام) للصنعاني . (*)
[ 168 ]
990 - (حديث ابن عباس مرفوعا : (تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) رواه أحمد) . ص 238 حسن أخرجه أحمد (1 / 314) من طريق إسماعيل عن أبيه أبي إسرائيل ، عن فضيل يعنى ابن عمرو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن الفضل ، أو أحدهما عن الاخر . ثم أخرجه هو (1 / 214 ، 323 ، 355) وابن ماجه (2883) والبيهقي وأبو نعيم (1 / 114) والخطيب في (الموضح) (1 / 232) و (4 / 340) من طرق أخرى عن إسماعيل به لفظ : (من أراد الحج فليتعجل ، فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الضالة ، وتعرض الحاجة) . قلت : وهذا سند ضعيف إسماعيل هذا هو ابن خليفة العبسي أبو إسرائيل الملائى ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق سئ الحفظ ، نسب إلى الغلو في التشيع) . وقال البوصيري في (الزوائد) (178 / 2) : (هذا إسناد فيه مقال ، إسماعيل بن خليفة أبو إسرائيل الملائي قال فيه ابن عدي : عامة ما يرويه يخالف الثقات ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال الجوزجانى : مفتري زائغ ، قلت : لم ينفرد به إسماعيل ، فقد رواه أبو داود . . . وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه) . قلت : أما المتابعة التى أشار إليها ، فهي عند أبي داود (1732) والدارمي (2 / 28) وابن سمعون في (الامالي) (2 / 185 / 2) والدولابى (2 / 12) والحاكم (1 / 448) والبيهقي وأحمد (1 / 225) من طرق عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن مهران أبي صفوان عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : (من أراد الحج فليتعجل) . وقال الحاكم :
[ 169 ]
(صحيح الاسناد ، وأبو صفوان لا يعرف بالجرح) . ووافقه الذهبي . وهذا منهما عجب ، ولا سيما الذهبي فقد أورده في (الميزان) قائلا : (لا يدرى من هو ، قال أبو زرعة : لا أعرفه الا في هذا الحديث) . وقال الحافظ في (التقريب) : (مجهول) . قلت : لكن لعله يتقوى حديثه بالطريق الاولى فيرتقي إلى درجة الحسن ، لا سيما وبعض العلماء يحسن حديث أمثاله من التابعين كالحافظ ابن كثير وابن رجب وغيرهما والله أعلم ، وقد صححه عبد الحق في (الاحكام) رقم () . وأما الشاهد الذي ذكره البوصيري من حديث أبي هريرة ، فلم أعرفه وما أظنه الا وهما منه ، أو من بعض نساخ كتابه . والله أعلم . 991 - (لحديث : (لا تركب البحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا في سبيل الله) رواه أبو داود وسعيد) . ضعيف . أخرجه أبو داود وغيره من طريق بشر أبي عبد الله عن بشير ابن مسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعا . وهذا ضعيف ، بشر وبشير كلاهما مجهول . وفي إسناده اضطراب ، ولذلك اتفق الائمة على تضعيفه ، وقد ذكرت من ضعفه وبينت اضطرابه في (الاحاديث الضعيفة) رقم (478) فليراجعه من شاء الزيادة . (تنبيه) الحديث عند أبي داود في أول (الجهاد) من طريق سعيد بن منصور بلفظ : (لا يركب البحر الا حاج . . .) ، فلا أدري هل اللفظ الذي في الكتاب (لا تركب . . .) بصيغة المخاطب هو لفظ سعيد في سننه نقله المصنف عنه ، ووقع عند أبي داود بصيغة الغائب ، أم تحرف على النساح ؟
[ 170 ]
992 - (لحديث ابن عباس : (أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة ، فأحج عنه . قال : حجي عنه ، متفق عليه) ص 239 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 384 ، 464 ، 3 / 102) ومسلم (4 / 101) وكذا مالك (1 / 359 / 97) وأبو داود (1809) والنسائي (2 / 5) والترمذي (1 / 174) والدارمي (2 / 40) وابن ماجه (2909) وابن الجارود (497) والبيهقي (4 / 328) والطيالسي (2663) وأحمد (1 / 212 ، 213 ، 219 ، 251 ، 329 ، 346 ، 359) من طريق سليمان ابن يسار عنه . زاد الترمذي ، وصححه ابن ماجه : (عن أخيه الفضل) . وهو رواية لمسلم والنسائي وأحمد . وزاد الشيخان وغيرهما في رواية : (كان الفضل بن عباس رديف رسول الله (ص) فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل ينظر إليها ، وتنظر إليه ، فجعل رسول الله (ص) يصرف وجه الفضل إلى الشق الاخر قالت : يا رسول الله . . .) وزاد احمد (1 / 251) : (وكانت امرأة حبسناء) . وللحديث شاهد من حديث علي خرجته في (حجاب المرأة المسلمة) . 993 - (لحديث ابن عباس : (أن امرأة قالت : يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت . أفأحج عنها ؟ قال نعم ، حجي عنها . أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء) رواه البخاري) . ص 239 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 464 ، 4 / 431) والنسائي (2 / 4) وابن الجارود (501) والبيهقي (4 / 335) والطيالسي (2621) وأحمد (1 / 239 - 240 ، 345) والطبراني في (الكبير) (3 / 164 / 1) عن سعيد بن جبير عنه .
[ 171 ]
994 - (لحديث ابن عباس : (أن النبي (ص) ، سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة . قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) . رواه أحمد واحتج به ، وأبو داود وابن حبان والطبراني . قال البيهقي : إسناده صحيح ، وفي لنط للدارقطني : هذه عنك وحج عن شبرمة) . ص 240 صحيح . أبو داود (1811) وابن ماجه (2903) وابن الجارود (499) وإبن حبان في (صحيحه) (962) والدارقطني (276) والبيهقي (4 / 336) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 161 / 1) والضياء في (المختارة) (60 / 236 / 2) كلهم عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة ، عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به ، إلا أن المؤلف اختصر منه قوله : (قال : من شبرمة ؟ قال : أخ لي ، أو قريب لي) . وقال البيهقي : (هذا إسناد صحيح ليس في هذا الباب أصح منه) . قلت : وقد تكلم فيه بعض العلماء بكلام كثير يراجهه من شاء في المبسوطات من التخريجات . مثل (نصب الراية) و (تلخيص الحبير) وغيرهما ، وقال الحافظ ابن الملقن في (خلاصة البدر المنير) (ق 104 / 1) : (وإسناده صحيح على شرط مسلم ، وقد أعله الطحاوي بالوقف ، والدارقطني بالارسال ، وابن المغلس الظاهري بالتدليس ، وابن الجوزي بالضعف ، وغيرهم بالاضطراب والانقطاع ، وقد زال ذلك كله بما أوضحناه في الاصل) . قلت : وأوضح شيئا من ذلك الحافظ في (التلخيص) ، ومال إلى تصحيح الحديث بالنظر إلى أن له شاهدا مرسلا رواه سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن النبي (ص) فقال :
[ 172 ]
(لكنه يقوي المرفوع (يعني الموصول) لانه من غير رجاله ، وقد رواه الاسماعيلي في (معجمه) من طريق أخرى عن أبي الزبير عن جابر ، وفي إسنادها من يحتاج إلى النظر في حاله ، فيجتمع من هذا صحة الحديث) . قلت : وهو الذي لا يتوقف الباحث الناظر في طرقه ، لا سيما وقد وقفت له على طريق اخرى موصولة من طريق عطاء عن ابن عباس ، لم أر أحدا من المخرجين أو الذين تكلموا على الحديث ، ذكره أو أشار إليه ، فقال الطبراني في (المعجم الصغير) (ص 131) : ثنا عبد الله بن سندة بن الوليد الاصبهاني ثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عطاء به . وقال : (لم يروه عن عمرو إلا حماد ، ولا عنه الا يزيد تفرد به عبد الرحمن ابن خالد) . قلت : وهو ثقة قال النسائي : (لا باس به) وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وفي (التقريب) : (صدوق) . قلت : وبقية رجال الاسناد ثقات محتج بهم في الصحيح غير شيخ الطبراني ابن سندة ، وقد ترجم له أبو الشيخ في (طبقات الاصبهانيين) (ص 245) وقال : (يكنى أبا محمد ، وكان ثقة صدوقا) . وفي ترجمته أخرجه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) (2 / 66) من طريق الطبراني ثم قال : (كتب عن الشاميين ، كثير الحديث) . قلت : ولم أجده في (تاريخ دمشق) للحافظ ابن عساكر ، فلا أدري أسقط من النسخة ، أم هو مما فات الحافظ ، وبالجملة فهذا الاسناد صحيح عزيز ، والحمد لله على توفيقه . وأما طريق أبي الزبير التي ذكرها الحافظ ، فقد أخرجها أيضا الطبراني في
[ 173 ]
(الاوسط) (1 / 113 / 2) عن ثمامة بن عبيدة عن ابي الزبير عن جابر وقال : (لم يروه عن أبي الزبير إلا ثمامة) . قلت : وبه أعله الهيثمي ، فقال في (المجمع) (3 / 283) : (وهو ضعيف) . قلت : بل هو واه جدا ، قال في (الميزان) : (قال أبو حاتم : منكر الحديث ، وكذبه ابن المديني) . فمثله لا يستشهد به ولا كرامة ، والظاهر أن الاسماعيلي رواه من طريقه ، لقول الطبراني أنه تفرد به . والله أعلم . 995 - (حديث ابن عباس : (لا تسافر امرأة الا مع [ ذي ] ، محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم) . رواه أحمد بإسناد صحيح) . ص 240 صحيح . وقد أبعد المصنف النجعة ، فالحديث في (صحيح البخاري) (1 / 465) من طريق عمرو عن أبي معبد مولى ابن عباس عنه مرفوعا به وزيادة (فقال رجل : يا رسول الله : اني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا ، وامرأتى تريد الحج ؟ فقال : اخرج معها) . وهكذا هو عند أحمد في (مسنده) ، (1 / 222) الا أنه قدم قضية الدخول على السفر ، فعزوه لاحمد بسياق البخاري فيه مؤاخذة أخرى ! وأخرجه أيضا مسلم (4 / 104) والشافعي (رقم 756) .
[ 174 ]
باب الاحرام 996 - (حديث ابن عباس قال : (وقت رسول الله (ص) : لاهل المدينة ذا الحليفة ، ولاهل الشام الجحفة ولاهل نجد قرن ، ولاهل اليمن يلملم ، هن لهن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك ، فمهله من أهله ، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها) متفق عليه) . ص 241 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 386 ، 387 ، 387 - 388) ومسلم (4 / 5 ، 6) وكذا أبو داود (1738) والنسائي (2 / 6 ، 7) والدارمي (2 / 30) والطحاوي (1 / 359) وابن الجارود (413) والدارقطني (263) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 132 / 1) والبيهقي (5 / 29) والطيالسي (2606) وأحمد (1 / 238 ، 249 ، 252 ، 332 ، 339) من طريق طاوس عنه . زاد الطحاوي من طريق عمرو وهو ابن دينار : ولا تحسبن فينا أحدا أصدق لهجة من طاوس . 997 - (قول عمر : (انظروا حذوها من قديد - وفي لفظ - من طريقكم) رواه البخاري) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 388) وكذا البيهقي (5 / 27) عن عبد الله بن عمر قال : (لما فتح هذان المصران (يعني البصرة والكوفة) أتوا عمر ، فقالوا : يا أمير المؤمنين : ان رسول الله (ص) حد لاهل نجد قرنا وهو جور عن طريقنا وإنا
[ 175 ]
إن أردنا قرنا شق علينا ؟ قال : فانظروا حذوها من طريقكم ، فحد لهم ذات عرق) . 998 - (وفي صحيح مسلم عن جابر : (أن النبي (ص) وقت لاهل العراق ذات عرق)) . ص 242 . وعن عائشة مرفوعا نحوه . رواه أبو داود والنسائي . صحيح . أخرجه مسلم (4 / 7) وكذا الشافعي (777) والطحاوي (1 / 360) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 132 / 1 - 2) وأحمد (3 / 333) عن ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن المهل ، فقال : سمعت (أحسبه رفع إلى النبي (ص)) فقال : (مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الاخر الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن ، ومهل أهل اليمن من يلملم) . وأخرجه ابن ماجه (2915) عن طريق إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر قال : (خطبنا رسول الله (ص) فقال : مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ومهل أهل الشام من الجحفة ، ومهل أهل اليمن من يلملم ، ومهل أهل نجد من قرن ، ومهل أهل المشرق من ذات عرق ، ثم أقبل بوجهه للافق ، ثم قال : اللهم أقبل بقلوبهم) . قلت : وهذا سند ضعيف جدا من أجل ابراهيم هذا وهو الخوزي ، قال البوصيري في (الزوائد) (180 / 2) : (هذا إسناد ضعيف ، إبراهيم بن يزيد الخوزي ، قال فيه أحمد والنسائي وعلي بن الجنيد : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : منكر الحديث . وقال ابن المدينى وابن سعد : ضعيف) .
[ 176 ]
قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقال الامام أحمد (3 / 336) : ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير قال : سألت جابرا عن المهل ؟ قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : فذكره مثل حديث ابن جريج . قلت : وابن لهيعة أحسن حالا من الخوزي ، فانه في نفسه ثقة ، ولكنه سئ الحفظ ، عرض له ذلك بعد أن احترقت كتبه ولذلك قال ابن سعد : كان ضعيفا ، ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالا ممن سمع منه باخره) . وقال عبد الغني بن سعيد الازدي : (إذا روى العبادلة عنه ابن لهيعة فهو صحيح : ابن المبارك وابن وهب والمقري) . وذكر الساجى وغيره مثله . قلت : وقد روى هذا الحديث عن ابن لهيعة إبن وهب ، أخرجه البيهقي (5 / 27) بسند صحيح عن عبد الله بن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (ومهل العراق من ذات عرق) فصح الحديث من هذه الطريق والحمد لله . ولا يعله الشك في رفعه الذي وقع في رواية ابن جريج ، لان الذي لم يشك معه من العلم ما ليس مع من شك ، ومن علم حجة على من لم يعلم ، لا سيما وللحديث شواهد يتقوى بمجموعها كما قال الحافظ في (الفتح) (3 / 309) ، ومن هذه الشواهد حديث عائشة الاتى في الكتاب بعد هذا . 999 - (وعن عائشة مرفوعا نحوه . رواه أبو داود والنسائي) . صحيح . أخرجه أبو داود (1739) والنسائي (2 / 6) وكذا الدارقطني (262) والبيهقي (5 / 28) من طرق عن أفلح بن حميد عن القاسم ابن محمد عن عائشة رضي الله عنها . (أن رسول الله (ص) وقت لاهل العراق ذات عرق) .
[ 177 ]
ولفظ النسائي أتم : (وقت لاهل المدينة ذا الحليفة ، ولاهل الشام ومصر الجحفة ، ولاهل العراق ذات عرق ، ولاهل اليمن يلملم) . وهكذا أخرجه ابن عدي في (الكامل) (29 / 2) في ترجمة أفلح هذا وقال : (قال لنا ابن صاعد : كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد ، فقيل له : يروي عنه غير المعافا ؟ قال : المعافا بن عمران ثقة . قال ابن عدي : وأفلح بن حميد أشهر من ذلك ، وقد حدث عنه ثقات الناس ، مثل ابن أبي زائدة ووكيع وابن وهب ، وآخرهم القعنبى ، وهو عندي صالح ، وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها ، وهذا الحديث ينفرد به معافا عنه ، وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله : (ولاهل العراق ذات عرق) ، ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئا) . قلت : ولا وجه عندي لهذا الانكار أصلا ، فإن أفلح بن حميد ثقة اتفاقا ، واحتج به الشيخان جميعا ، فلو روى ما لم يروه غيره من الثقات لم يكن حديثه منكرا ولا شاذا ، وقد قال الامام الشافعي في الحديث الشاذ : (وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس ، وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره) فهذا الحديث عن عائشة ثفرد به القاسم بن محمد عنها فلم يكن شاذا ، لانه لم يخالف فيه الناس ، وتفرد به أفلح به حميد عنه فلم يكن شاذا كذلك ولا فرق . فكيف والحديث له شواهد تدل على حفظ أفلح وضبطه ؟ ! فمنها حديث جابر الذي تقدم قبله ، ومنها أحاديت عن جماعة من الصحابة خرجها الزيلعي في (نصب الراية) وغيره ، وقد وجدت شاهدا آخر لم أجد أحدا من المخرجين قد تعرض لذكره ألا وهو الذي يرويه جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال :
[ 178 ]
(وقت رسول الله (ص) لاهل المدينة ذا الحليفة ، ولاهل اليمن يلملم ولاهل الشام الجحفة ، ولاهل الطائف قرن ، قال ابن عمر : وحدثني أصحابنا أن رسول الله (ص) وقت لاهل العراق ذات عرق) . أخرجه أبو نعيم في (الحلية) (4 / 94) وقال : (هذا حديث صحيح ثابت من حديث ميمون لم نكتبه الا من حديث جعفر عنه) . ومن هذا الوجه أخرجه الطحاوي (1 / 360) إلا أنه قال : (وقال الناس : لاهل المشرق ذات عرق) . قال الطحاوي : (فهذا ابن عمر يخبر أن الناس قد قالوا ذلك ، ولا يريد ابن عمر من الناس إلا أهل الحجة والعلم بالسنة ، ومحال أن يكونوا قالوا ذلك بأرائهم ، لان هذا ليس مما يقال من جهة الرأي ، ولكنهم قالوا بما أوقفهم عليه رسول الله (ص) . قلت : ورواية أبي نعيم صريحة في ذلك ، وقد وجدت لها متابعا أيضا لم أر أحدا ذكره ، فقال الامام أحمد (2 / 78) : ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت صدقة بن يسار يحدث عن رسول الله (ص) : (أنه وقت لاهل المدينة ذا الحليفة ، ولاهل الشام الجحفة ، ولاهل نجد قرنا ، ولاهل العراق ذات عرق ، ولاهل اليمن يلملم) . قلت : وهذا إسناد صحيح موصول على شرط مسلم . ولكن قد يعارضه ما أخرجه أحمد أيضا (2 / 11) من طريق سفيان وهو ابن عيينة ، و (2 / 140) من طريق جرير وهو ابن عبد الحميد عن صدقة بن يسار ، وقال الاول : سمع صدقة ابن عمر يقول . . . فذكر الحديث دون التوقيت لاهل العراق وزاد مكانه : (قيل له فالعراق ؟ قال : لا عراق يومئذ) . قلت : وهذا سند صحيح أيضا وهو ثلاثي .
[ 179 ]
وظاهره أن ابن عمر لا يعلم في الحديث ذكر ميقات أهل العراق ، ويعلل عدم ذكره فيه أن العراق لم تكن مفتوحة يومئذ . فكيف يتفق هذا القول منه مع ذكره ذلك في رواية شعبة عنه ؟ قلت : مادام أن الروايتين عن ابن عمر ثابتتان عنه ، ومن رواية صدقة ابن يسار عنه ، فالظاهر أن ابن عمر رضي الله عنه كان في أول الامر لم يبلغه عن رسول الله (ص) الميقات المذكور ، ولو من طريق غيره من الصحابة ، فلما سئل عنه أجاب بقوله (لا عراق يومئذ) . ثم بلغه من طريق بعض الصحابة أن النبي (ص) ذكره فكان هو بعد ذلك يذكره في الحديث ولا يقول فيه (سمعت رسول الله (ص) . . .) لانه لم يسمعه بهذا التمام بدليل رواية ميمون بن مهران المتقدمة عنه . كما يظهر أيضا أن صدقة بن يسار سمع الحديث من ابن عمر على الوجهين فكان تارة يرويه على هذا الوجه ، وتارة أخرى على الوجه الاخر . هذا ما بدا لي في الجمع بين الروايتين ، والله أعلم . وإن مما يحسن التنبيه عليه أن قوله في الحديث : (ولاهل اليمن يلملم) . هو أيضا مما لم يسمعه ابن عمر من رسول الله (ص) ، وإنما حدثه به بعض الصحابة كما في رواية ابنه سالم عن أبيه مرفوعا بلفظ : (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن . قال ابن عمر : وذكر لي - ولم أسمع - أن رسول الله (ص) ، قال : ويهل أهل اليمن من يلملم) . أخرجه مسلم (4 / 6) وأحمد (2 / 9) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 132 / 1) وغيرهم . ثم أخرج أحمد (2 / 48 / ، 5) والبخاري (1 / 47) ومسلم وأبو نعيم من طريق نافع عنه نحوه . وجملة القول أنه قد ثبت ذكر ميقات العراق في حديث ابن عمر رضي الله
[ 180 ]
عنهما ، ولكنه تلقاه عن غيره من الصحابة ، وكلهم عدول ، رضي الله عنهم ، وقد انضم إليه حديث جابر وحديث عائشة فهو صحيح عن رسول الله (ص) يقينا . 1000 - (و (وقت عمر أيضا لاهل العراق ذات عرق) رواه البخاري) ص 242 صحيح . وتقدم تخريجه ولفظه بتمامه قبل حديث . 1001 - (عن أنس : (أنه كان يحرم من العقيق)) . ص 242 لم أقف على سنده . والمصنف كأنه نقله عن ابن المنذر ، وقد نقله عنه الزيلعي في (نصب الراية) (3 / 13) وقد روي مرفوعا عن النبي (ص) وهو الحديث الذي بعده . 1002 - (وعن ابن عباس : (أن رسول الله (ص) وقت لاهل المشرق العقيق) حسنه الترمذي) ص 242 منكر . أخرجه الترمذي (1 / 159) وكذا أحمد (1 / 344) وعنه أبو داود (1740) ومن طريق البيهقي (5 / 28) كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن محمد بن على عن ابن عباس به . وقال الترمذي : (حديث حسن) . كذا قال ، وقد تعقبه ابن القطان في كتابه فقال كما في (نصب الراية) (3 / 14) : (هذا حديث أخاف أن يكون منقطعا ، فإن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عهد يروي عن أبيه عن جده ابن عباس كما جاء ذلك في (صحيح مسلم) في (صلاته عليه السلام من الليل) وقال مسلم في (كتاب التمييز) : لا نعلم له سماعا من جده ، ولا أنه لقيه ، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جده ، وذكر أنه يروي عن أبيه) .
[ 181 ]
قلت : وأيضا فإن يزيد بن أبي زياد وهو الهاشمي مولاهم قال الحافظ : (ضعيف ، كبر فتغير ، صار يتلقن) . قلت : والحديث عندي منكر لمخالفته للاحاديث المتقدمة قريبا عن عائشة وجابر وابن عمر في أن النبي (ص) وقت لاهل العراق ذات عرق . والعقيق قبلها بمرحلة أو مرحلتين كما ذكر ابن الاثير في النهاية فهما موضعان متغايران ، فلا يعقل أن يكون لاهل العراق ، وهم أهل المشرق ، ميقاتان مع ضعف حديث العقيق . وعلى هذا - فما قاله ابن عبد البر - كما نقله المصنف : (هو أحوط من ذات عرق) . ليس بجيد ، لان الاحتياط إنما هو في اتباع السنة ، لا في مخالفتها والازدياد عليها وما أحسن ما قال الامام مالك رحمه الله لرجل أراد أن يحرم قبل ذي الحليفة : (لا تفعل ، فإني أخشي عليك الفتنة ، فقال : وأي فتنة في هذه ؟ ! وإنما هي أميال أزيدها ! قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله (ص) ؟ ! إنى سمعت الله يقول : (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)) . وكل ما روي من الاحاديث في الحض على الاحرام قبل الميقات لا يصح ، بل قد روي نقيضها ، فانظر الكلام على عللها في (سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة) (رقم 210 - 212) . 1003 - (قول عائشة : (فمنا من أهل بعمرة ومنا من اهل بحج ومنا من أهل بهما)) . ص 243 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 396 / 3 / 175) ومسلم (4 / 29) كلاهما عن مالك ، وهو في (الموطأ) (1 / 335 / 36) وعنه أبو داود (1779) وكذا الطحاوي (1 / 371) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 142 / 2) والبيهقي (5 / 2) وأحمد (6 / 36) كلهم عن مالك عن أبي الاسود محمد بن
[ 182 ]
عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي (ص) أنها قالت : (خرجنا مع رسول الله (ص) عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وأهل رسول الله (ص) بالحج ، فأما من أهل بعمرة ، فحل ، وأما من أهل بحج ، أو جمع الحج والعمرة فلم يحلو احتى كان يوم النحر) . وتابعه الزهري عن عروة بلفظ : (خرجنا مع رسول الله (ص) فقال : من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأهل رسول الله (ص) بحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بالعمرة ، وكنت ممن أهل بعمرة) . أخرجه مسلم (4 / 28) والسياق له وأبو نعيم في (مستخرجه عليه) (19 / 142 / 1) وأحمد (6 / 119) والبيهقي (5 / 3) وابن الجارود (421) وله عن عائشة طريقان آخران : أحدهما عن القاسم بن محمد عنها قالت : (منا من أهل بالحج مفردا ، ومنا من قرن ، ومنا من تمتع) . أخرجه مسلم (4 / 32) وأبو نعيم (19 / 144 / 2) والبيهقي (5 / 2) والاخر : عن محمد بن عمرو ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة رضي الله عنها قالت : (خرجنا مع رسول الله (ص) على أنواع ثلاثة ، فمنا من أهل بحجة وعمرة ، ومنا من أهل بحج مفرد ، ومنا من أهل بعمرة ، فمن كان أهل بحج وعمرة فلم يحل من شئ حرم عليه حتى قضي مناسك الحج ، ومن أهل بحج مفرد لم يحل من شئ حتي يقضي مناسك الحج ، ومن أهل بعمرة ، فطاف بالبيت
[ 183 ]
والصفا والمروة ، حل ، ثم استقبل الحج) أخرجه الحاكم (1 / 485) وأحمد (6 / 141) وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه) . وأقره الذهبي ، وفي ذلك نظر ، فإن محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم متابعة وهو ثقة حسن الحديث ، وأخرج له البخاري مقرونا . (تنبيه) : استدل المصنف رحمه الله كغيره بهذا الحديث على أن المحرم مخير في إحرامه لمن شاء جعله حجا مفردا ، أو قرانا ، أو تمتعا وهو ظاهر الدلالة على ذلك ، لكن من تتبع الاحاديث الواردة في حجه (ص) ، وخصوصا حديث جابر الطويل - وقد أفردته في جزء - يتبين له أن التخيير المذكور لنا كان في مبدأ حجته (ص) وعليه يدل حديث عائشة هذا ، ولكن حديث جابر المشار إليه وغيره دلنا على أن الامر لم يستقر على ذلك ، بل نهى (ص) كل من لم يسق الهدي من المفردين والقارنين أن يجعل حجه عمرة ، ودلت بعض الاحاديث الصحيحة أنه (ص) غضب على من لم يبادر إلى تنفيذ أمره (ص) بفسخ الحج إلى عمرة ، ثم جعل ذلك شريعة مستمرة إلى يوم القيامة حين سئل عنه فقال : (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) وشبك (ص) بين أصابعه ، بل إنه (ص) ، ندم على سوق الهدي الذي منعه من أن يشارك أصحابه في التحلل الذي أمرهم به ، كما هو صريح حديث جابر المذكور في الكتاب بعد هذا ، ولذلك فإننا لا ننصح أحدا الا بحجة التمتع لانه آخر الامرين من رسول الله (ص) كما حكاه المصنف عن الامام احمد رحمه الله ، وتجد شيئا من التوضيح لهذا في جزئنا المشار إليه من الطبعة الثانية (1) ، وقد أضفت إليها فوائد أخرى هامة لم تكن في الطبعة الاولى منه . 1004 - (لحديث جابر : (أنه حج مع النبي (ص) ، وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم : حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت ، وبين الصفا والمروه ، وقصروا ، وأقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية ، فاهلوا (3) اصدرها المكتب الاسلامي في بيروت جزى الله صاحبه الاستاذ زهير الشاويش خير الجزاء (*)
[ 184 ]
بالحج ، واجعلوا الذي قدمتم بها متعة فقالوا : كيف نجعلها (1) متعة وقد سمينا الحج ؟ فقال : افعلوا ما أمرتكم به فلولا إنى سقت الهدي لفعلت مثل ما (2) أمرتكم به ، ولكن لا يحل منى حرام حتى ييلغ الهدي محله) متفق عليه) . ص 243 - 244 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 397) ومسلم (4 / 37 - 38) . 1005 - (قول طاوس : (خرج رسول الله (ص) من المدينة لا يسمي حجا ينتظر القضاء فنزل عليه بين الصفا والمروة . . . .) الخ) . ص 244 منكر . أخرجه الشافعي (1 / 310 / 907) وعنه البيهقي (5 / 6) : أخبرنا سفيان حدثنا ابن طاوس وإبراهيم بن ميسرة وهشام بن حجير سمعوا طاوسا يقول : فذكره . قلت : وإسناده صحيح مرسل ، ولكن متنه عندي منكر لمخالفته للاحاديث الصحيحة التي منها ما ينص على أنه (ص) أهل بالحج كحديث عائشة الذي قبله بحديث ، ومنها ما ينص على أنه (ص) أهل بالحج والعمرة كحديث أنس في الصحيحين وغيرهما . بل فيها ما يصرح أن الوحي نزل عليه يأمره بذلك وهو حديث عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله (ص) بوادي العقيق يقول : (أتاني الليلة آت من ربي ، فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة) . أخرجه الشيخان وغيرهما . (1) الاصل (تجعلها) بالتاء المضارعة وهو خطا لعله من النساخ . (2) كذا الاصل ولفظ الصحيحين (الذي) . (*)
[ 185 ]
(تنبيه) : هذا الحديث من أصح الاحاديث المرسلة إسنادا ، لان طاوسا الذي أرسله ثقة فقيه فاضل احتج به الجميع ، ورواه عنه ثلاثة من الثقات ، وعنهم سفيان وهو ابن عيينة ، ومع ذلك فهو حديث باطل كما بينا ، وهو من الادلة الكثيرة على ما ذهب إليه المحدثون أن المرسل ليس بحجة ، وأصح منه اسنادا حديث الغرانيق ، فإنه جاء من طرق صحيحة عن جماعة من ثقات التابعين منهم سعيد بن جبير ، ومع ذلك فهو حديث أبطل من هذا ولي في تحقيق ذلك رسالة خاصة ، وقد طبعت . 1006 - (حديث أنس قال : (قدم علي على رسول (ص) من اليمن فقال : بم أهللت يا علي ؟ قال : أهللت بإهلال كإهلال النبي (ص) قال : لولا أن معى الهدي لاحللت) متفق عليه) . ص 244 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 394) ومسلم (4 / 59) وكذا البيهقى (5 / 15) وأحمد (3 / 185) من حديث سليم بن حيان سمعت مروان الاصفر عن أنس بن مالك به . ، 1007 - (قول عائشة : (فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من من أهل بحج) متفق عليه .) . ص 244 صحيح . وتقدم قبل ثلاثة أحاديث . 1008 - (روى النسائي من حديث جابر : (أن النبي (ص) قال لعلي : بم أهللت ؟ قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله (ص))) . ص 244 صحيح . أخرجه النسائي (2 / 17) من طريق جعفر بن محمد قال : حدثنا أبي قال أتينا جابر بن عبد الله ، فسألناه عن حجة النبي (ص) فحدثنا : (أن عليا قدم من اليمن بهدي ، وساق رسول الله (ص) من المدينة هديا ، قال لعلى . . .) ، الحديث وزاد :
[ 186 ]
(ومعى الهدي ، قال : فلا تحل) . قلت : وسنده صحيح على شرط مسلم ، وقد أخرجه في (صحيحه) في حديث جابر الطويل في حجته (ص) ، إلا أنه جعل قوله (معي الهدي) مرفوعا بلفظ : قال : (فان معى الهدي فلا تحل) . وقد خرجت هذا الحديث في رسالة خاصة جمعت فيها طرقه وألفاظه ، وهي مطبوعة فلا نطيل الكلام بتخريجه . 1009 - (وعن عائشة : (أن رسول اللة (ص) دخل على ضباعة بنت الزبير فقال لها : لعلك أردت الحج فقالت : والله ما أجدني إلا وجعة . فقال لها : حجي ، واشترطي وقولي : اللهم إن محلي حيث حبستنى) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (3 / 417) ومسلم (4 / 26) وكذا أبو نعيم في (مسخرجه) (19 / 140 / 1) والنسائي (2 / 21) وابن حبان (973) وابن الجارود (420) والدارقطني (262) والبيهقي (5 / 221) وأحمد (6 / 164 ، 202) من طريق عروة عنها . وله طريق آخر عنها ، يرويه القاسم وهو ابن محمد عنها مختصرا بلفظ : (أن رسول الله (ص) أمر ضباعة أن تشترط) . أخرجه الدارقطني بسند صحيح . 1010 - (وللنسائي في حديث ابن عباس : (فإن لك على ربك ما استثنيت)) . ص 245 صحيح . أخرجه النسائي (2 / 20) وكذا الدارمي (2 / 34 - 35) وأبو نعيم (9 / 224) من طريق هلال بن خباب قال : سالت سعيد بن جبير عن الرجل بحج فيشترط قال : الشرط بين الناس ، فحدثته حديثه يعني عكرمة ،
[ 187 ]
فحدثني عن ابن عباس : (أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبي (ص) ، ، فقالت : يا رسول الله إني أريد الحج فكيف اقول ؟ قال : قولي : لبيك اللهم لبيك ومحلي حيث تحبسني ، فإن لك على ربك ما استثنيت) . قلت : وهذا اسناد حسن ، رجاله ثقات رجال الصحيح غير هلال وهو صدوق تغير باخره كما في (التقريب) . وله طريق أخرى يرويه سفيان بن حسين عن أبي بشر عن عكرمة عن ابن عباس : (أن ضباعة بنت الزبير . . .) الحديث نحوه وفي آخره : (فإن ذلك لك) . أخرجه أحمد (1 / 352) والبيهقي (5 / 222) . قلت : وإسناده صحيح ، رجاله رجال الصحيح . وقد أخرجه من طريق هلال دون قوله : (فإن لك . . .) أبو داود (1776) والترمذي (1 / 177) والبيهقي وأحمد (6 / 360) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وكذلك أخرجه مسلم (4 / 26) وأبو نعيم (19 / 141 / 1) والنسائي أيضا والبيهقي وأحمد (1 / 337) من طريق أبي الزبير أنه سمع طاوسا وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس به . وأخرجوه جميعا سوى أحمد والطيالسي (1648 و 268 5) من طريق عمرو بن هرم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس به مختصرا . وفي الباب عن أم سلمة عند أحمد (6 / 303) : الطبراني بسند حسن . وعن أبى بكر بن عبد الله بن الزبير عن جدته أسماء بنت أبى بكر أو سعدى بنت عوف . رواه بن ماجه وأحمد (6 / 349) .
[ 188 ]
وعن جابر . رواه البيهقى . وعن ضباعة صاحبة القصة ويأتي بعده . (فائدة) : قال البيهقي : (قال الشافعي في (كتاب المناسك) : لو ثبت حديث عروة عن النبي (ص) في الاستثناء لم أعده إلى غيره ، لانه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله (ص) ، (قال البيهقي) : قد ثبت هذا الحديث من أوجه عن رسول الله (ص)) . وقال أبو داود في (المسائل) (ص 123) : (سمعت أحمد سئل عمن اشترط في الحج ثم أحصر ؟ قال : ليس عليه شئ . ثم ذكر أحمد قول الذي قال : كانوا يشترطون ولا يرونه شيئا . قال : كلام منكوس ، أراد أن يحسن رد حديث النبي (ص) ، يقول لضباعة : قولي : محلى حيث حبستني) . وقال الحافظ في (التلخيص) (230) : (وزعم الاصيلي أنه لا يثبت في الاشتراط حديث ! وهو زلل منه عما في الصحيحين . وقال العقيلي : روى ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد ، وأخرجه ابن خزيمة من حديث ضباعة نفسها) . 1011 - (وفي حديث عكرمة [ عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ] : (فإن حبست أو مرضت ، فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك) . رواه أحمد) . ص 245 صحيح . أخرجه الامام أحمد في (المسند) (6 / 419 - 420) : ثنا الضحاك بن مخلد عن حجاج الصواف قال : حدثنى يحيى بن أبى كثير عن عكرمة عنها قالت : قال رسول الله (ص) :
[ 189 ]
((أحرمى وقولي : إن محلي حيث تحبسني ، فإن حبست . . .) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله رجال الصحيح . وقد رواه جماعة من الثقات عن عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة . . . كما تقدم آنفا ، فلعل عكرمة بعد أن سمعه عن ابن عباس لقي ضباعة نفسها فسمع الحديث منها مباشرة . وقد تابعه عروة فرواه عن ضباعة به دون قوله : (فان حبست . . .) أخرجه ابن ماجه (2937) بسند صحيح على شرط الشيخين ، ومعنى الزيادة المذكورة عند النسائي وغيره من طريقين عن ابن عباس كما تقدم .
[ 190 ]
باب محظورات الاحرام 1012 - (حديث ابن عمر : (أن النبي (ص) سئل : ما يلبس المحرم ؟ فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ، ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ، ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين) . متفق عليه) . ص 245 . صحيح . اخرجه البخاري (1 / 47 و 390 و 460 و 4 / 74 - 75 و 77) ومسلم (4 / 2) وكذا مالك (1 / 324 / 8) وعنه أبو داود (1824) والنسائي (2 / 9 و 10) والترمذي (1 / 159) والدارمي (2 / 31 - و 32) وابن ماجه (2929) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 130 / 2) والطحاوي (1 / 369) والبيهقي (5 / 46 و 49) وكذا الدارقطني (260) والليالسي (1839) وأحمد (2 / 3 و 4 و 29 و 32 و 41 و 54 و 63 و 65 و 77 و 119) من طرق عن نافع به . وزاد البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي وأحمد : (ولا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين) . وأشار البخاري إلى صحة هذه الزيادة ، وذكر اتفاق جماعة من الثقات عليها ، خلافا للحافظ في (الفتح) فرجح أنها موقوفة على ابن عمر ، والارجح عندي الاول ، وهو الذي يشعر به قول الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وفي رواية لاحمد (2 / 32) من طريق ابن إسحاق عن نافع بلفظ : (سمعت رسول الله (ص) يقول على هذا المنبر)
[ 191 ]
وقد صرح ابن اسحاق بالتحديث في رواية أبي داود . وتابعه أيوب عن نافع بلفظ : (نادى رجل رسول الله (ص) وهو يخطب ، وهو بذاك المكان ، وأشار نافع إلى مقدم المسجد) . أخرجه البيهقي . وفي رواية له من طريق عبد الله بن عوف عن نافع عنه قال : (قام رجل من هذا الباب ، يعنى بعض أبواب مسجد المدينة) . وقال الدارقطني : (سمعت أبا بكر النيسابوري يقول : في حديث ابن جريج وليث بن سعد وجويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال : نادى رجل رسول الله (ص) في المسجد : ماذا يترك المحرم من الثياب ؟) . ونقله الحافظ في (الفتح) (3 / 318) عن الدارقطني باسقاط جويرية بن أسماء ، ثم قال : (ولم أر ذلك في شئ من الطرق عنهما) . قلت : حديث الليث بن سعد أخرجه البخاري (1 / 47) والنسائي (2 / 6) ، وحديث ابن جريج أخرجه الشافعي (1 / 299 / 775) وأحمد (2 / 47) كلاهما عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلا قام في المسجد فقال : يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ؟ فقال رسول الله (ص) : فذكر حديث المواقيت الذي ذكرته عند الكلام على الحديث (996) . ثم أخرج البخاري (1 / 460) من طريق الليث : حدثنا نافع من عبد الله ان عمر قال : قام رجل فقال : يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الاحرام ؟ الحديث . فالظاهر أن القصة واحدة ، والسائل واحد ، سأل عن قضيتين : احداهما في المواقيت والاخرى في ثياب المحرم ، ثم فصل الرواة إحداهما عن الاخرى ، وصارا كأنهما قصتان متغايرتان عن رجلين مختلفين (9) . (1) ثم وقفنا له علي سؤال ثالث فانظر الحديث 1036 . (*)
[ 192 ]
ومما يؤيد ما ذكرته أننا قدمنا من رواية أيوب عن نافع في قصة الثياب أن الرجل نادى رسول الله (ص) وهو يخطب في المسجد ، وقد أخرج البيهقى أيضا (5 / 26) من الرواية ذاتها عن نافع عن ابن عمر قال : (نادى رجل رسول الله (ص) وهو في المسجد فقال : من أين تأمرنا أن نهل يا رسول الله ؟ فقال رسول الله (ص) :) فذكر حديث المواقيت . فثبت يقينا أن القصة واحدة ، والسائل واحد ، وأن ذلك وقع في المسجد النبوي قبل خروجه (ص) إلى الحج . وفي رواية لاحمد (2 / 22) من طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله (ص) : (ينهى النساء في الاحرام عن القفاز والنقاب ، وما مس الرؤوس والزعفران من الثياب) . وأخرجه البخاري (1 / 461) وغيره من طرق أخرى عن نافع به . وفي أخرى له (2 / 31) من طريق جرير بن حازم : ثنا نافع قال : وجد ابن عمر القر ، وهو محرم ، فقال : ألق علي ثوبا ، فألقيت عليه برنسا ، فأخره ، وقال : تلقي علي ثوبا قد نهى رسول الله (ص) أن يلبسه المحرم ! ؟) . قلت : وإسناده صحيح . ثم أخرجه هو (2 / 57 و 141) وأبو داود (1828) من طريقين آخرين عن نافع به نحوه . وللحديث طريقان آخران عن ابن عمر . رضي الله عنه . أحدهما : عن سالم بن عبد الله عنه ، وسياق الكتاب له . أخرجه البخاري (1 / 104 و 462 و 4 / 77) ومسلم وأبو داود (1823) والنسائي والطحاوي وابن الجارود (416) والدارقطني والبيهقي والطيالسي (1806) وأحمد (2 / 8 و 34) وأبو نعيم في (المستخرج) من طرق عن الزهري
[ 193 ]
عن سالم به . وزاد ابن الجارود وأحمد : (وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ، فإن لم يجد نعلين . . .) . وستأتى هذه الزيادة في الكتاب (1096) ونتكلم على إسنادها هناك . والاخرى : عن عبد الله بن دينار عنه قال : (نهى رسول الله (ص) أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس ، وقال : من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين) . أخرجه البخاري (4 / 88) ومسلم وأبو نعيم وابن ماجه (2930) والبيهقي (5 / 50) وأحمد (2 / 66) كلهم من طريق مالك ، وهذا في (الموطأ) (1 / 325 / 9) عن عبد الله بن دينار به . وأخرجه الطيالسي (1883) وأحمد (2 / 47 و 74 و 81 و 139) من حديث شعبة عن عبد الله بن دينار به . ثم أخرجه أحمد (2 / 73 و 111) من طريقين آخرين عن ابن دينار به . وأخرجه الدارقطني (259) من طرق عن سفيان عن عمرو عن ابن عمر به . وزاد : (قال : وقال عمرو : انظروا أيهما كان قبل ؟ حديث ابن عمر أو حديث ابن عباس ؟) . قلت : عمرو هو ابن دينار ، وهو يرويه عن ابن عباس أيضا وليس فيه قطع النعلين أسفل من الكعبين ، ولذلك أمر عمرو بالنظر في أيهما كان قبل . ولا شك أن حديث ابن عمر ، كان قبل حديث ابن عباس ، لما سبق تحقيقه أن هذا الحديث خطب به عليه السلام في مسجد المدينة قبل خروجه إلى الحج ، وأما حديث ابن عباس ، فإنما خطب به (ص) بعد ذلك وهو في عرفات ، وهو الحديث المذكور في الكتاب عقب هذا . 1013 - (لحديث ابن عباس : (سمعت النبي (ص) يخطب
[ 194 ]
بعرفات : (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ، ومن لم مجد نعلين فليلبس خفين) . متفق عليه) . ص 245 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 462 و 4 / 88) ومسلم (4 / 3) وأبو داود (1829) والنسائي (2 / 9 و 10) والترمذي (1 / 159) والدارمي (2 / 32) وابن ماجه (2931) والطحاوي (1 / 367) وابن الجارود (417) والدارقطني (260) والبيهقي (5 / 50) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 130 / 2) والطيالسي (2610) وأحمد (1 / 215 و 221 و 228 و 279 و 285 و 336 - 337) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 178 / 1) من طرق عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال أبو داود : (هذا حديت أهل مكة ، ومرجعه إلى البصرة إلى جابر بن زيد ، والذي تفرد به منه ذكر السراويل ، ولم يذكر القطع في الخف) . قلت : . كذا قال أبو داود أن جابر بن زيد تفرد به ، وكذا قال الحافظ في (الفتح) (3 / 321) ، وهو منقوض بما أخرجه الطبراني في (الكبير) (3 / 160 / 2) : حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي نا يحيي بن سليمان الجعفي نا يحيي بن عبد الملك بن أبي غنية نا أبو إسحاق الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي قال : فذكره . قلت : وهذا اسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير أحمد بن يحيي الرقي ولم اجد له الان ترجمة . (تنبيه) زاد النسائي في آخر الحديث : (وليقطعهما أسفل من الكعبين) . أخرجها من طريق شيخه إسماعيل بن مسعود قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : أنبانا أيوب عن عمرو بن دينار به . وهذا إسناد ظاهره الصحة ، فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير
[ 195 ]
إسماعيل بن مسعود وهو الجحدري وهو ثقة ، ولذلك قال ابن التركماني : (وهذا إسناد جيد ، فيه أن اشتراط القطع مذكور في حديث ابن عباس ، فلا نسلم أن الاطلاق بجواز لبسهما هو المتأخر) . قلت : لكن هذه الزيادة في حديث ابن عباس شاذة بلا ريب ، وهي من الجحدري المذكور ، فقد تابعه صالح بن حاتم بن وردان وهو ثقة احتج به مسلم فقال : نا يزيد بن زريع فلم يذكر الزيادة . أخرجه الطبراني في (الكبير * * . وتابع يزيد بن زريع اسماعيل بن علية فقال : عن أيوب ، به ، دون الزيادة . أخرجه النسائي . وكذلك رواه جميع الثقات عن عمرو بن دينار كما سبقت الاشارة إليه في تخريج الحديث . بل لقد زاد ابن جريج زيادة أخرى تبطل تلك الزيادة ، فقد قال في روايته : (قلت : لم يقل : (ليقطعهما) ؟ قال : لا) . اخرجه الدارمي والطحاوي وأحمد (1 / 228) . والقائل (قلت) هو إما عمرو بن دينار ، أو ابن جريج ، وأيهما كان فعمرو بن دينار على علم بأنه ليس في حديث ابن عباس (وليقطعهما) فهو دليل قاطع على وهم من زادها في حديثه ! فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في مكان آخر . والحمد لله على توفيقه . وللحديث شاهد من حديث جابر مرفوعا بلفظ : (من لم يجد نعلين ، فليلبس خفين ، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل) . اخرجه مسلم وأبو نعيم والطحاوي والبيهقي وأحمد (3 / 323 / 395)
[ 196 ]
من طرق عن زهير : حدثنا أبو الزبير عن جابر به . قلت : وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه ، لكنه قد توبع ، فقال الطبراني في (المعجم الاوسط) (1 / 115 / 1) : حدثنا هاشم بن مرثد ثنا زكريا بن نافع الارسوفي نا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله به مع تقديم الجملة الاخيرة على الاولى ، وزاد : (وليقطعهما أسفل من العقبين) . وقال : (لم يروه عن عمرو عن جابر الا محمد) . قلت : ومحمد بن مسلم الطائفي أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (وثقه ابن معين ، وضعفه أحمد) . وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق يخطئ) . قلت : والراوي عنه زكريا بن نافع الارسوفي مجهول الحال ، ذكره ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (1 / 2 / 594 - 595) من رواية جماعة عنه ، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا . وقال الحافظ في (اللسان) : (ذكره ابن حبان في (الثقات) ، وقال : (يغرب) ، وأخرج له الخطيب في (الرواة عن مالك) حديثا في ترجمة العباس بن الفضل عنه ، وقال : في إسناده غير واحد من المجهولين) . قلت : ومما سبق تعلم تساهل الحافظ الهيثمي في قوله في (المجمع) (3 / 219) : (رواه الطبراني في (الاوسط) وإسناده حسن) . 1014 - (وفي رواية لاحمد في حديث ابن عمر المتقدم (1012) : سمعت رسول الله (ص) على المنبر . وذكره) . ص 245 صحيح . وتقدم تخريجه قبل حديث .
[ 197 ]
1015 - (حديث : (نهيه (ص) المحرم عن لبس العمائم والبرانس)) . ص 245 صحيح . وتقدم تخريجه قبل حديثين ، وهو هناك بلفظ المفرد : (العمامة والبرنس) . ونبهت هناك أنه لفظ سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه . وأما لفظه هنا ، فهو لفظ نافع عن مولاه ابن عمر . 1016 - (وقوله (ص) في المحرم الذي وقصته ناقته : (ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) . متفق عليه) . ص 245 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 319 و 361 و 363) ومسلم (4 / 23 - 26) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 139 / 1 - 140 / 1) وأبو داود أيضا (3238 - 3241) والنسائي (1 / 269 و 2 / 13 و 28 - 29) والترمذي (1 / 178) والدارمي (2 / 49 - 50) وابن ماجه (3084) والطحاوي في (مشكل الاثار) (1 / 99) وابن الجارود (506 و 507) والدارقطني (287) والبيهقي (3 / 390 - 393 و 5 / 53 - 54) والطيالسي (2622) وأحمد (1 / 220 - 221 و 221 و 286 و 287 و 333 و 346) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 175 / 2 - 166 / 1) و (الصغير) (ص 43 و 209) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : (أن رجلا كان مع النبي (ص) فوقصته ناقته وهو محرم فمات ، فقال رسول الله (ص) : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبه (وفي رواية : ثوبيه) ، ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا . . .) . وفي رواية للنسائي : (اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما ، واغسلوه بماء وسدر . . .) . وقال الترمذي :
[ 198 ]
(حديث حسن صحيح) . قلت : وفي رواية النسائي يونس بن نافع وهو الخراساني صدوق يخطئ . وفي رواية منصور عن سعيد بن جبير بلفظ : (ولا تغطوا وجهه) . بدل (ولا تخمروا رأسه) . رواه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود والبيهقي (3 / 293) . وكذلك رواه جماعة عن عمرو بن دينار عن ابن جبير . أخرجه الطبراني والدارقطني . وجمع بينهما سفيان وهو الثوري عن عمرو بن دينار بلفظ : (ولا تخمروا رأسه ، ولا وجهه) . أخرجه مسلم وابن ماجه والبيهقي من طريقين عن وكيع عن سفيان به وتابع وكيعا أبو داود الحفري عن سفيان به . أخرجه النسائي بسند صحيح . وتابعه أشعث بن سوار وهو ضعيف ، وأبو مريم واظنه عبد الغفار بن قاسم الانصاري رافضي ليس بثقة ، كلاهما عن عمرو بن دينار به . أخرجه الطبراني . وفي رواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير بلفظ : (وأن يكشفوا وجهه - حسبته قال : ورأسه) . أخرجه مسلم وأبو عوانة ، والبيهقي تعليقا وقال : (وذكر الوجه فيه غريب ، ورواية الجماعة الذين لم يشكوا ، وساقوا المتن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة) . ويرد عليه ما سبق من الطرق والمتابعات التي لا شك فيها أصلا ، ولهذا
[ 199 ]
تعقبه ابن التركماني بقوله : (قلت : قد صح النهي عن تغطيتهما ، فجمعهما بعضهم ، وافرد بعضهم الرأس ، وبعضهم الوجه ، والكل صحيح ، ولا وهم في شئ منه في متنه ، وهذا أولى من تغليط مسلم) . يعني في إخراجه للرواية التى فيها ذكر الوجه ، وهو كما قال ، فإنه يبعد جدا أن يجتمع أولئك الثقات على ذكر هنر الزيادة في الحديث خطأ منهم جميعا ، فهي زيادة محفوظة إن شاء الله تعالى . وقد جاءت من طريق آخر عن سعيد بن جبير ، يرويه شعبة قال : سمعت أبا بشر يحدث عن سعيد بن جبير . . . فذكر الحديث بلفظ : (. . . وأن يكفن في ثوبين ، ولا يمس طيبا ، خارج راسه . قال شعبة : ثم حدثنى به بعد ذلك : خارج راسه ووجهه) . أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقي . وأخرجه النسائي (2 / 28 - 29) بلفظ : (وكفنوه في ثوبين ، ثم قال على أثره : خارجا رأسه ، قال ولا تمسوه طيبا فانه يبعث يوم القيامة ملبيا ، قال شعبة : فسألته بعد عشر سنين ، فجاء بالحديث كما كان يجئ به إلا أنه قال : ولا تخمروا وجهه ورأسه) . أخرجه من طريق خالد : حدثنا شعبة به . وأخرجه ابن حبان في (صحيحه) من طريق أبي أسامة عن شعبة بهذا اللفظ : (ولا تخمروا وجهه ورأسه) كما في (الجوهر النقي) . ثم أخرجه النسائي من طريق خلف بن خليفة عن أبي بشر بلفظ : (ولا يغطى رأسه ووجهه) . وإسناده على شرط مسلم إلا أن خلفا هذا كان اختلط في الاخر ، ومن طريقه رواه ابن حزم في (حجة الوداع) كما في (الجوهر النقى) وعزاه إليه
[ 200 ]
وحده ، وهو قصور . وأما قول الحافظ في (الفتح) (4 / 47) بعد أن ذكر رواية شعبة هذه من طريق مسلم : (وهذه الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية ، وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث ، فلعل بعض رواته انتقل ذهنه من التطيب إلى التغطية) . قلت : وهذا من الحافظ أمر عجيب ، فإن الطرق كلها تدل أن الرواية وإنما تتعلق بالكشف لا بالتطيب على خلاف ما حملها عليه الحافظ ، وإنما غره رواية مسلم ، وفيها تقديم وتأخر كما دل على ذلك رواية النسائي وغيره ، فقوله : (خارج رأسه) عند مسلم جملة حالية لقوله : (وأن يكفن في ثوبين) لا لقوله : (ولا يمس طيبا) كما توهم الحافظ ، ويؤيد ذلك رواية شعبة نفسه فضلا عن غيره : (ولا تخمروا وجهه ورأسه) . فإنها صريحة فيما ذكرنا . وجملة القول : أن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير ، من طرق عنه ، فيجب على الشافعية أن يأخذوا بها كما أخذ بها الامام أحمد في رواية عنه ذكرها المؤلف (ص 246) ، كما يجب على الحنفية أن ياخذوا بالحديث ولا يتأولوه بالتأويل البعيدة توفيقا بينه وبين مذهب إمامهم ! 1016 / 1 - (قول ابن عمر : (أضح لمن أحرمت له)) . صحيح موقوفت . أخرجه البيهقى (5 / 70) من طريق شجاع بن الوليد ثنا عبيدالله بن عمر : حدثني نافع قال : (أبصر ابن عمر رجلا على بعيره وهو محرم ، قد استظل بينه وبين الشمس ، فقاله . . .) فذكره . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وفي شجاع بن الوليد وهو السكوني كلام يسير لا يضر . ثم أخرج البيهقى من طريق عمرو بن دينار أن عطاء حدثه أنه رأى
[ 201 ]
عبد الله بن أبي ربيعة جعل على وسط راحلته عودا ، وجعل ثوبا يستظل به من الشمس وهو محرم ، فلقيه ابن عمر ، فنهاه . قلت : وإسناده صحيح أيضا . ويعارضه الحديثان الاتيان بعده . 1017 - (حديث جابر (أن النبي (ص) امر بقبة من شعر ، فضربت له بنمرة ، فنزل بها)) . ص 246 صحيح . وهو قطعة من حديث جابر من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عنه . وقد كنت تتبعت طرقه والزيادات التى وردت فيها ، ثم ضممتها إلى هذه الرواية ، وسقتها على سياق مسلم لها ، وخرجت الطرق كلها في أول الرسالة ، ورمزت في صلب الرواية لمخرجي الزيادات بالاحرف ، وعلقت عليها بتعليقات مفيدة . ونشرت في مصر . ثم أضفت عليها إضافات وفوائد هامة ، في أولها وآخرها ، وفي تضاعيف ذلك ، ثم طبعت في المكتب الاسلامي جزى الله صاحبه خيرا . وبما أن المصنف رحمه الله ، قد نقل من الحديث فقرات كثيرة في مواطن متفرقة ، رأيت أن أسوق هنا متن الحديث كما جاء في الرسالة المذكورة حتى يتسنى الاحالة عليها ؟ عند كل فقرة ستمر معنا في الكتاب ، وبذلك نزيد القراء فاثدة ، ونوفر علينا إعادة التخريج مرات ومرات . فاقول : قال جابر رضي الله عنه : (إن رسول (ص) مكث تسع سنين لم يحج . ثم أذن في الناس في العاشرة : أن رسول الله (ص) حاج هذا العام . فقدم المدينة بشر كثير (وفي رواية : فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبا أو راجلا إلا قدم) ، فتدارك الناس ليخرجوا معه ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله (ص) ويعمل مثله عمله . وقال جابر رضي الله عنه : سمعت - قال الراوي :
[ 202 ]
أحسبه رفع إلى النبي (ص) ، (وفي رواية قال : خطبنا رسول الله (ص)) فقال : (مهل اهل المدينة من ذي الحليفة ، و (مهل أهل) الطريق الاخر الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن ، ومهل أهل اليمن من يلملم ، . قال فخرج رسول الله (ص) (لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع) (وساق هديا) . فخرجنا معه (معنا النساء والولدان) حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر . فارسلت إلى رسول الله (ص) : كيف أضع ؟ فقال : اغتسلي واستثفري (1) بثوب وأحرمي . فصلى رسول الله (ص) في المسجد (وهو صامت) . ثم ركب القصواء (2) حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالحج (وفي رواية أفرد الحج) هو وأصحابه . قال جابر : فنظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله (ص) بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شئ عملنا به . فاهل بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، ان الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك . وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، (وفي رواية : ولبى الناس) والناس يزيدون : لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل ، فلم يرد رسول الله (ص) عليهم شيئا منه . ولزم رسول الله (ص) تلبيته . قال جابر : ونحن نقول : (لبيك اللهم) لبيك بالحج . (نصرخ صراخا) لسنا ننوي الا الحج (مفردا) لا نخلطه بعمرة (وفي رواية : لسنا نعرف العمرة) ، وفي أخرى : أهللنا أصحاب النبي (ص) بالحج خالصا ليس معه غيره ، خالصا وحده . قال : وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كانت ب (سرف) عركت (1) أمر من الاستثفار . قال ابن الاثير في (النهاية) : (هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا وتوثق طرفها في شئ تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم) . (2) هي بفتح القاف وبالمداسم ناقته (ص) ولها أسماء أخرى مثل (العضباء) و (الجدعاء) . وقيل هي أسماء لنوق له (ص) انظره (شرح مسلم) للنووي . (*)
[ 203 ]
حتى إذا أتينا البيت معه (صبح رابعة مضت من ذي الحجة) ، (وفي رواية : دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى) . فأتى النبي (ص) باب المسجد فأناخ راحلته ثم دخل المسجد) ، استلم الركن (وفي رواية : الحجر الاسود) ، ثم مضي عن يمينه . فرمل حتي (عاد إليه ثلاثا) ومشى أربعا على هينته . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ : (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي) ، (ورفع صوته يسمع الناس) ، فجعل المقام بينه وبين البيت ، فصلى ركعتين . (قال) : فكان يقرأ في الركعتين : (قل هو الله أحد) ، و (قل يا أيها الكافرون) (وفي رواية : (قل يا أيها الكافرون) ، و (قل هو الله أحد)) . ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها ، وصب على رأسه . ثم رجع إلى الركن فاستلمه . ثم خرج من الباب (وفي رواية : باب للصفا) إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : (ان الصفا والمروة من شعائر الله) . أبدأ (وفي رواية : نبدأ) بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا فرقى عليه حق رأى البيت . فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ثلاثا وحمده وقال : لا إله إلا لله وحده لا شريك لك له ، له الملك وله الحمد (يحيى ويميت) ، وهو على كل شئ قدير ، لا اله الا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الاحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، وقال مثل هذا ثلاث مرات . ثم نزل ماشيا إلى المروة ، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى ، حتى إذا صعدتا (يعني قدماه) لشق الاخر مشى حتى أتى المروة (فرقى عليها حق نظر إلى البيت) . ففعل على المروة كما فعل على الصفا . حتى إذا كان آخر طوافه (وفي رواية : كان السابع) على المروة . فقال يا أيها الناس لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي (ول‍) جعلتها عمرة ، فمن كان منكم معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ، (وفي رواية : فقال : أحلوا من إحرامكم ، فطوفوا بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، وقصروا ، وأقيموا حلالا . حتى إذا كان يوم التروية ، فاهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة) .
[ 204 ]
فقام سراقة بن مالك بن جعشم (وهو في أسفل المروة) فقال : يا رسول الله أرأيت عمرتنا (وفي لفظ : متعتنا) هذه [ أ ] لعامنا هذا أم لابد الابد ؟ قال فشبك رسول الله (ص) أصابعه واحدة في أخرى وقال : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، لا بل لابد أبد لا بل لابد أبد ، ثلاث مرات . (قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الان ، فيما العمل اليوم ؟ أفيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير أو فيما نستقبل ؟ قال : لا بل فيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير . قال : ففيم العمل إذن ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له) . قال جابر : فأمرنا إذا حللنا أن نهدي ، ويجتمع النفر منا في الهدية ، كل سبعة منا في بدنة فمن لم يكن معه هدي ، فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله . قال : فقلنا : حل ماذا ؟ قال : الحل كله . قال : فكبر ذلك علينا ، وضاقت به صدورنا قال : فخرجنا إلى البطحاء ، قال : فجعل الرجل يقول : عهدي باهلي اليوم . قال : فتذاكرنا بيننا فقلنا : خرجنا حجاجا لا نريد الا الحج ، ولا ننوي غيره ، حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع ، (وفي رواية : خمس ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني من النساء ، قال : يقول جابر بيده ، (قال الراوي) : كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها ، قالوا : كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج ؟ قال : فبلغ ذلك النبي (ص) فما ندري أشئ بلغه من السماء ، أم شئ بلغه من قبل الناس . فقام فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال : أبا لله تعلموني أيها الناس ! قد علمتم أنى أتقاكم لله واصدقكم وأبركم ، إفعلوا ما آمركم به فإني لولا هديى لحللت كما تحلون ولكن لا يحل منى حرام حتى يبلغ الهدي محله ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، فحلوا . قال : فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وسمعنا وأطعنا . فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي (ص) ومن كان معه هدي .
[ 205 ]
قال : وليس مع أحد منهم هدي غير النبي (ص) وطلحة . وقدم علي من سعايته من اليمن ببدن النبي (ص) . فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل : ترجلت ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، وقال : من أمرك بهذا ؟ ! ، فقالت : إن أبي أمرنى بهذا . قال : فكان علي يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله (ص) محرشا (1) على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله (ص) فيما ذكرت عنه ، فأخبرته أنى أنكرت ذلك عليفا فقالت : أبى أمرنى بهذا فقال : صدقت ، صدقت ، صدقت أنا أمرتها به . قال جابر : وقال لعلي : ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ قال : قلت : اللهم انى أهل بما أهل به رسول الله (ص) . قال : فإن معي الهدي فلا تحل وأمكث حراما كما أنت . قال : فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ، والذين أتى به النبي (ص) من المدينة مائة بدنة . قال : فحل الناس كلهم وقصروا ، إلا النبي (ص) ومن كان معه هدي . فلما كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر توجهوا إلى منى فاهلوا بالحج من البطحاء ، قال : ثم دخل رسول الله (ص) علي عائشة رضي الله عنها فوجدها تبكي فقال : ما شأنك ؟ قالت : شأني أنى قد حضت ، وقد حل الناس ولم أحلل ، ولم أطف بالبيت ، والناس يذهبون إلى الحج الان ، فقال : ان هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ثم أهلي بالحج ثم حجي واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تصلي ، ففعلت . (وفي رواية : فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت) . (1) اللتحريش : الاغراء ، والمراد هنا أن يذكر ما يقتضي عتابها . نووي . (*)
[ 206 ]
وركب رسول الله (ص) وصلى بها (يعني منى ، وفي رواية : بنا) الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . ثم مكث قليلا حتي طلعت الشمس . وأمر بقبة له من شعر تضرب له بنمرة . فسار رسول الله (ص) ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة ويكون منزلة ثم كما كانت قريش تصنع في الجاهلية - فأجاز رسول الله (ص) حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها . حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي . فخطب الناس وقال : (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا وإن كل شئ من أمر الجاهلية تحت . قدمي هاتين موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وان أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربانا : ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وان لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعد إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون (وفي لفظ مسؤولون) عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ، ونصحت لامتك ، وقضيت الذي عليك فقال باصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد) . ثم اذن بلال بنداء واحد ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا . ثم ركب رسول الله (ص) القصواء حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة .
[ 207 ]
فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص . وقال : وقفت ههنا وعرفة كلها موقف . وأردف أسامة بن زيد خلفه . ودفع رسول الله (ص) (وفي رواية : أفاض وعليه السكينة) وقد شنق للقصواء الزمام ، حتى ان رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى هكذا واشار بباطن كفه إلى السماء أيها الناس السكينة السكينة . كلاما آتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد . حتى أتى المزدلفة فصلى بها فجمع بين المغرب والعشاء ، بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا . ثم اضطجع رسول الله (ص) حتى طلع الفجر ، وصلى الفجر حين تبين له الفجر ، باذان وإقامة . ثم ركب القصواء حتى اتى المشعر الحرام فرقى عليه فاستقبل القبلة ، فدعا ، (وفي لفظ : فحمد الله) وكبره وهلله ووحده . فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا . (وقال : وقفت ههنا ، والمزدلفة كلها موقف) . فدفع من جمع قبل أن تطلع الشمس وعليه السكينة . وأردف الفضل بن عباس - وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما - فلما دفع رسول الله (ص) مرت به ظعن تجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله (ص) يده على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الاخر ، فحول رسول الله (ص) يده من الشق الاخر على وجه الفضل ، يصرف وجهه من الشق الاخر ينظر ! حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلا وقال : عليكم السكينة ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها ضحى بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة منها ، مثل حصي الخذف فرمى من بطن الوادي وهو على راحلته وهو يقول : لتاخذوا منا سككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه . قال : ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس ،
[ 208 ]
ولقيه سراقة وهو يرمى جمرة العقبة ، فقال : يا رسول الله ، ألنا هذه خاصة ؟ قال : لا ، بل لابد . ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر يقول : ما بقي : ، وأشركه في هديه . ثم امر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها ، وشربا من مرقها . (وفي رواية قال : نحر رسول الله (ص) عن نسائه بقرة) . (وفي أخرى قال : فنحرنا البعير (وفي أخرى : نحر البعير) عن سبعة ، والبقرة عن سبعة) (وفي رواية خامسة عنه قال : فاشتركنا في الجزور سبعة ، فقال له رجل : أرأيت البقرة أيشترك ؟ فقال : ما هي إلا من البدن) . وفي رواية : قال جابر : كنا لا نأكل من البدن الا ثلاث منى ، فارخص لنا رسول الله (ص) قال : (كلوا وتزودوا)) . قال : فأكلنا وتزودنا حتى بلغنا بها المدينة (وفي رواية : نحر رسول الله (ص) فحلق وجلس بمنى يوم النحر للناس فما سئل يومئذ عن شئ قدم قبل كل شئ الا قال : (لاحرج ، لا حرج) حتى جاءه رجل فقال : حلقت قبل أن أنحر ؟ قال : (لا حرج) ثم جاء آخر فقال : حلقت قبل أن أرمى ؟ قال : لا حرج) . ثم جاءه آخر فقال : طفت قبل أن أرمى ؟ قال : لا حرج . قال آخر : طفت قبل أن أذبح ، قال : اذبح ولا حرج . ثم جاءه آخر فقال : إنى نحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج . ثم قال نبى الله (ص) : قد نحرت ههنا ، ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر فانحروا من رحالكم . وقال جابر رضي الله عنه : خطبنا (ص) يوم النحر فقال : أي يوم أعظم حرمة ؟ فقالوا : يومنا هذا ، قال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ قالوا : شهرنا هذا ، قال : أي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا بلدنا هذا ، قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم إشهد . ثم ركب رسول الله (ص) فأفاض إلى البيت فطافوا ولم يطوفوا بين الصفا
[ 209 ]
والمروة ، فصلى بمكة الظهر . فأتى بنى عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال : انزعوا بنى عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوا فشرب منه) . وقال جابر رضي الله عنه : وإن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت قال : حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة ، ثم قال : قد حللت من حجك وعمرتك جميعا قالت : يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج ؟ قال : إن لك مثل ما لهم فقالت إني أجد في نفسي أنى لم أطف بالبيت حتى حججت قال : وكان رسول الله (ص) رجلا سهلا إذا هويت الشئ تابعها عليه قال فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم فاعتمرت بعد الحج ثم أقبلت وذلك ليلة الحصبة . وقال جابر : طاف رسول الله (ص) بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لان يراه الناس ، وليشرف ، وليسالوه ، فإن الناس غشوه . وقال : رفعت امرأة صبيا لها إلى رسول الله (ص) فقالت يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر . وهذا آخر ما وقفت عليه من (حجة النبي (ص)) برواية جابر رضي الله عنه ، والحمد لله على توفيقه وأساله المزيد من فضله . 1018 - (حديث أم الحصين : (حججت مع رسول الله (ص) حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي (ص) والاخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة) . رواه مسلم) . صحيح . أخرجه مسلم (4 / 80) وكذا أبو نعيم في (المستخرج) (20 / 167 / 1) وأبو داود (1834) والنسائي (2 / 49 - 50) وفي (الكبرى)
[ 210 ]
له (2 / 187 / 1) والبيهقي (5 / 69) وأحمد (6 / 402) عنها 1018 / 1 - (في بعض ألفاظ حديث صاحب الراحلة : و (لا تخمروا وجهه . لا رأسه)) . ص 246 صحيح . وتقدم تخريجه والكلام على هذه الزيادة بتفضيل رقم (1016) . 1019 - حديث (أنه (ص) غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر) متفق عليه) ص 246 . صحيح وأخرجه البحاري (1 / 461) ومسلم (4 / 23) وكذا مالك (1 / 323 / 4) والشافعي (1008) وأبو داود (1840) والنسائي (2 / 8) وابن ماجه (2934) والن الجارود (441) والدارقطني (227) والبيهقي (5 / 63) وأحمد (5 / 418 / 421) من طريق عبد الله بن حنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة انهما اختلفا بالايواء فقال عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه ، وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه ، فارسلني ابن عباس الي ابي أيوب الانصاري أسأله عن ذلك ، فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب ، قال فسلمت عليه ، فقال : من هذا ؟ فقلت ، أنا عبد الله بن حنين ، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله (ص) يغسل رأسه وهو محرم ، فوضع أبو أيوب رضي الله عنه يده على الثوب فطأطأه حتي بدا لي رأسه ، ثم قال لانسان يصب ، أصبب ، فصب على رأيسه ، ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما ، وادبر ، ثم قال : هكذا رأيته (ص) يفعل) 1020 - (واغتسل عمر وقال (لا يزيد الماء الشعر إلا شعثا) رواه مالك والشافعي) ص 246 صحيح أخرجه مالك (1 / 323 / 5) عن عطاء ابن ابي رباح : (أن عمر بن خطاب قال ليعلى بن أمية - وهو يصب على عمر بن
[ 211 ]
الخطاب ماء وهو يغتسل - أصبب على رأسي ، فقال يعلى : أتريد ان يجعلها بي ؟ لن أمرتني صببت ، فقال له عمر بن الخطاب : أصبب فلن يزيده الماء الا شعثا) . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ، الا أنه منقطع بين عطاء وعمر ، لكن وصله الشافعي (1009) من طريق أخرى فقال : أخبر سعيد بن سالم عن ابن جريج أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى أخبره عن أبيه يعلى بن امية أنه قال : (بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يغتسل إلى بعير ، وأنا أستر عليه بثوب إذ قال عمر بن الخطاب : يا يعلى اصبب على رأسي ، فقلت : أمير المؤمنين اعلم ، فقال عمر رضي الله عنه : ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا ، فسمى الله تعالى ثم أفاض على رأسه) . قلت : وهذا اسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن سالم قال الحافظ في (التقريب) . (صدوق ، يهم ، رمي بالارجاء ، وكان فقيها) . 1021 - (وعن ابن عباس : قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة : تعال أباقيك أينا أطول نفسا في الماء) . رواه سعيد : ص 246 صحيح . أخرجه الشافعي أيضا فقال (1010) : أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس به . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (5 / 63) 1022 - (قال (ص) : (لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) . رواه أحمد والبخاري) . صحيح . وهو قطعة عن حديث ابن عمر المتقدم برقم (1012) .
[ 212 ]
1023 - (ماروي عن اسماء : (أنها تغطيه)) . ص 246 صحيح . أخرجه مالك (1 / 328 / 16) عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : (كنا نخمر وجوهنا ، ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) . قلت : وهذا إسناد صحيح . ورواه على بن مسهر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : (كنا نغطي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمشط قبل ذلك في الاحرام) . أخرجه الحاكم (1 / 454) وقال : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . وله شاهد من حديث عائشة قالت : (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ، ولا تتلثم ، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت) . أخرجه البيهقى (5 / 47) بسند صحيح . قلت : وروى ابن الجارود (418) عنها مختصرا بلفظ : (تلبس المحرمة ما شاءت إلا البرقع) . وفي سنده يزيد ابن أبى زياد وفيه ضعف كما يأتي في الحديث بعده . 1024 - لحديث عائشة : (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله (ص) فإذا حازونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه . رواه أبو داود والاثرم . ص 247
[ 213 ]
أخرجه أبو داود (1833) وعنه البيهقى (5 / 48) وهما عن أحمد (6 / 30) ، وابن ماجة (2935) وابن الجارود (418) والدارقطني (286 ، 287) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة قالت : فذكره . قلت : يزيد بن أبي زياد هو الهاشمي مولاهم الكوفي قال الحافظ : (ضعيف ، كبر فتغير ، صار يتلقن) . 1025 - (قوله في الذي وقصته راحلته : (ولا تمسوه بطيب)) . ص 247 صحيح . وهو قطعة من الحديث المتقدم (1016) . 1026 - (قوله (ص) : (ولا يلبس ثوبا مسه ورس وزعفران) . متفق عليه) . ص 247 صحيح . وهو قطعة من الحديث المتقدم (1012) . 1027 - (قوله (ص) : (عفى لامتي عن الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه) ص 247 . صحيح . وتقسم في أول (باب الوضوء) . 1028 - (حديث أبي قتادة : (أنه كان مع أصحاب له محرمين وهو لم يحرم فابصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول اخصف نعلي فلم يؤذنوني به ، وأحبوا لو أني أبصرته فركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولونى السوط والرمح فقالوا : والله لا نعينك عليه . ولما سالوا النبي (ص) قال : هل أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ؟ قالوا لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها) . متفق عليه) . ص 247 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 457) ومسلم (4 / 16) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 135 / 2) والنسائي (2 / 26) والدارمي (2 / 38 -
[ 214 ]
39) والطحاوي (1 / 389) والبيهقي (5 / 189) وابن الجارود (435) واحمد (5 / 302) من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب قال : أخبرني عبد الله ابن أبي قتاده أن أباه أخبره : (أن رسول الله (ص) خرج حاجا فخرجوا معه ، فانصرف طائفة منهم فيهم أبو قتاده ، فقال : خذوا ساحل البحر حتى نلتقي ، فاخذوا ساحل النبي (ص) ، فلما انصرفوا احرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم ، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش ، فحمل أبو قتادة على الحمر ، فعقر منها أتانا فنزلوا ، فأكلوا من لحمها ، فقالوا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحم الاتان ، فلما أتوا رسول الله (ص) قالوا : يا رسول الله إنا كنا أحرمنا ، وقد كان أبو قتادة لم يحرم ، فرأينا حمر وحش ، فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا ، فنزلنا ، فأكلنا من لحمها ثم قلنا : انأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحمها ، قال : أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا ما بقي من لحمها) . ثم أخرجه البخاري (2 / 130 ، 3 / 499) من طريق عبد العزيز وهو ابن رفيع وأبي حازم المدني عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : (كنت يوما جالسا مع رجل من أصحاب النبي (ص) في منزل في طريق مكة ، ورسول الله (ص) نازل أمامنا ، والقوم محرمون ، وأنا غير محرم ، فأبصروا حمارا وحشيا ، وأنا مشغول أخصف نعلي ، فلم يؤذنوني به ، وأحبوا لو أنى أبصرته ، والتفت ، فأبصرته ، فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ، ونسيت السوط والرمح ، فقلت لهم : ناولوني السوط والرمح فقالوا : لا والله ، لا نعينك عليه بشئ ، فغضبت ، فنزلت فاخذتهما ثم ركبت ، فشددت على الحمار فعقرته ، ثم حئت به ، وقد مات ، فوقعوا عليه يأكلونه ، ثم انهم شكوا في أكلهم اياه ، وهم حرم ، فرحنا ، وخبأت العضد معي ، فأدركنا رسول الله (ص) ، فسألناه عن ذلك ؟ فقال : معكم منه شئ ؟ فقلت : نعم ، فناولته العضد فأكلها حتى نفدها وهو محرم) . وأخرجه الشيخان وأبو داود (1852) والنسائي وابن ماجه (3093)
[ 215 ]
والدارقطني (285) وكذا الطحاوي والبيهقي وأحمد (5 / 301) من طرق أخرى عن عبد الله بن أبي قتادة به نحوه . 1029 - (قول ابن عباس : (في بيض النعام قيمته)) . ص 248 صحيح موقوفا . أخرجه عبد الرزاق في (مصنفه) - كما في (نصب الراية) (3 / 135) فقال : - حدثنا سفيان الثوري عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال : فذكره بلفظ : (ثمنه) . قلت : وهذا سند موقوف صحيح على شرط الشيخين . وله طريق أخرى عنه بمعناه ، يرويه أبو أسامة عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس : (أنه جعل في كل بيضتين من بيض حمام الحرم درهما) . أخرجه البيهقى (5 / 208) وإسناده صحيح أيضا . وقد روي الاول مرفوعا من طريق ابراهيم بن أبي يحيي عن حسين بن عبد الله بن عبيدالله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب بن عجرة : (أن النبي (ص) قضى في بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه) . أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، والدارقطني في سننه (267) ومن طريقه البيهقي (5 / 208) . قلت : وهذا سند واه جدا ، من أجل ابن أبى يحيى فانه متهم بالكذب وشيخه الحسن ضعيف . وقال البيهقى عقبه : (وروي في ذلك عن جماعة من الصحابة) . قلت : يعنى موقوفا . منهم ابن عباس كما تقدم . ومنهم ابن مسعود أخرجه البيهقي وغيره بسند ضعيف منقطع ، وعمر بن الخطاب ، رواه ابن أبى شيبة بسند منقطع . أنظر (نصب الراية) (3 / 135) وقال :
[ 216 ]
(وأخرج نحوه عن مجاهد والشعبي والنخعي وطاوس) قلت : وقد روي مرفوعا أيضا من حديث أبي هريرة ، وهو : 1030 - (وعن أبي هريرة مرفوعا : (في بيض النعام ثمنه) ، رواه ابن ماجه) . ص 248 ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجه (3086) والدارقطني (268) من طريق حسين المعلم عن أبي المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال : (في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه) . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، أبو المهزم واسمه - يزيد بن سفيان - ضعيف جدا ، قال الحافظ في (التقريب) : (متروك) . ومن طريقه رواه الطبراني أيضا كما في (نصب الراية) (3 / 136) وفاته أن يعزوه لابن ماجه ! وأشار البيهقي في (سننه) (5 / 208) إلى تضعيف الحديث ، وله شاهد من حديث كعب بن عجرة ، ولكن إسناده ضعيف جدا كما سبق بيانه آنفا . وقد جاء ما يعارضه وهو أحسن حالا منه من حديث أبي هريرة أيضا يرويه الوليد بن مسلم : نا ابن جريج عن أبي الزناد عن الاعرج عنه قال : قال رسول الله (ص) : (في بيضة نعام صيام يوم ، أو إطعام مسكين) . أخرجه الدارقطني (267) وكذا البيهقى (5 / 207) من هذا الوجه عن ابن جريج قال : أحسن ما سمعت في بيض النعامة حديث أبي الزناد به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين لكنه منقطع بين ابن جريج وأبي الزناد ، وقد ذكره ابن أبي حاتم في (العلل) (1 / 270) وقال : سالت أبي عنه فقال : (هذا حديث ليس بصحيح عندي ، ولم يسمع ابن جريج من أبي الزناد
[ 217 ]
شيئا ، يشبه أن يكون ابن جريج اخذه من إبراهيم بن أبي يحيى) . قلت : وفي نفى سماع ابن جريج من أبي الزناد نظر عندي ، فقد صرح ابن جريج بالسماع منه لهذا الحديث عند الدارقطني فقال (268) : (نا محمد بن القاسم نا أبو سعيد نا أبو خالد الاحمر عن ابن جريج أخبرني أبو الزناد عمن أخبره عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله (ص) فذكره . قلت : وهذا سند صحيح إلى أبى الزناد ، ومحمد بن القاسم الظاهر أنه أبو بكر الانباري فانه من شيوخ الدارقطني وهو حافظ صدوق له ترجمة في (تاريخ بغداد) (3 / 181 - 186) و (تذكرة الحفاظ) (3 / 57 - 59) . وللدارقطني شيخان آخران كل منهما يسمى محمد بن القاسم أحدهما أبو الطيب المعروف بالكوكبي ، والاخر أبو عبد الله الازدي يعرف بابن بنت كعب البزاز ، وكلاهما ثقة أيضا مترجم لهم في (التاريخ) (3 / 181 ، 186) ، فيحتمل أن يكون أحدهما هو المذكور في هذا الاسناد ، لكن الاول أرجح لانه أشهر من هذين والله أعلم ، وبقية رجال الاسناد من رجال الشيخين سوى الذي لم يسم ، وقد سماه بعضهم عروة ، أخرجه الدارقطني من طريق أبي قرة عن ابن جريج : أخبرني زياد بن سعيد عن أبي الزناد عن عروة عن عائشة عن النبي (ص) به . ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي (5 / 207) ثم قال : (هكذا رواه أبو قرة موسى بن طارق عن ابن جريج ، ورواه أبو عاصم وهشام بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبي الزناد عن رجل عن عائشة ، وهو الصحيح ، قاله أبو داود السجستاني وغيره من الحفاظ) . قلت : وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج به . أخرجه الدارقطني .
[ 218 ]
قلت : فقد اتفق ثلاثة من الثقات وهم أبو خالد الاحمر وابن أبي رواد وأبو عاصم على خلاف رواية أبي قرة في تسمية الرجل ، ولا شك أن رواية الجماعة تطمئن إليها النفس أكثر من رواية الفرد المخالف لهم ، لا سيما إذا قيل فيه : (ثقة يغرب) كما هو حال أبي قرة هذا . نعم له شاهد من حديث رجل منه الانصار يرويه مطر عن معاوية بن قرة عنه : (أن رجلا أوطأ بعيره أدحي نعام وهو محرم ، فكسر بيضها ، فانطلق إلى على رضي الله عنه فسأله عن ذلك ؟ فقال له علي : عليك بكل بيضة جنين ناقة ، أو ضراب ناقة ، فانطلق إلى رسول الله (ص) ، فذكر ذلك له ، فقال رسول الله (ص) : قد قال علي بما سمعت ، ولكن هلم إلى الرخصة ، عليك بكل بيضة صوم ، أو إطعام مسكين) . أخرجه الامام أحمد (5 / 58) والدارقطني والبيهقي من طرق عن سعيد ابن أبي عروبة عن مطر به . قلت : ومطر هو ابن طهمان الوراق ، وفيه ضعف ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، كثير الخطأ) . وخالف الطرق المشار إليها عبدة بن سليمان ، فقال : عن سعيد عن قتادة عن معاوية بن قرة : أن رجلا أوطأ بعيره الحديث . أخرجه الدارقطني . فخالف من وجهين : الاول : جعل قتادة ، بدل مطر . والاخر : أسقط الرجل من الانصار فصار الحديث مرسلا ، وعبدة ثقة ، لكن رواية الجماعة أحب إلينا والله أعلم .
[ 219 ]
وقال البيهقي عقب رواية مطر : (هذا هو المحفوظ ، وقيل فيه : عن معاوية بن قرة عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى عن علي) . (تنبيه) عزا حديث عائشة هذا الحافظ في (التلخيص) (224) لابي داود أيضا ، فأطلق ، فأوهم أنه في سننه وليس كذلك ، وإنما ذكره في (المراسيل) كما صرح بذلك عبد الحق الاشبيلي في (الاحكام الكبرى) (ق 107 / 2) رقم (- نسختي) وقال : (هذا لا يسند من وجه صحيح) . 1031 - (وحديث ابي هريرة مرفوعا : (أنه من صيد البحر وهم) قاله أبو داود) . ص 249 ضعيف . أخرجه أبو داود (1854) والترمذي (1 / 162) وابن ماجه (3222) والبيهقي (5 / 207) وأحمد (2 / 306 ، 364 ، 374 ، 407) من طريق أبي المهزم عن أبي هريرة قال : (أصبنا حرما من جراد فكان رجل منا يضرب بسوطه وهو محرم ، فقيل له : إن هذا لا يصلح ، فذكر ذلك للنبي (ص) فقال : إنما هو من صيد البحر) . واللفظ لابي داود والبيهقي ، ولفظ الاخرين : (كلوه ، فانه من صيد البحر) . وقال الترمذي : (حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حيث أبي المهزم ، واسمه يزيد بن سفيان ، وقد تكلم فيه شعبة) . قلت : بل هو ضعيف جدا كما تقدم قريبا ، وقد روي من غير طريقه ، أخرجه أبو داود وعنه البيهقي من طريق ميمون بن جابان عن أبي رافع عن أبى هريرة عن النبي (ص) قال :
[ 220 ]
(الجراد من صيد البحر) . وقال أبو داود : (أبو المهزم ضعيف ، والحديثان جميعا وهم) . قلت : كأنه يعنى أن الصواب فيه الوقف ، فقد ساقه موقوفا من طريق ميمون بن جابان أيضا عن أبي رافع عن كعب : الجراد من صيد البحر . وميمون هذا ليس ممن يحتج به كما قال عبد الحق (رقم) . 1032 - (وعنه : (هو من صيد البحر لا جزاء فيه لا) . ص 249 لم أقف عليه بهذا اللفظ ، وهو في المعنى كالذي قبله . 1033 - (قال ابن عباس : (هو من صيد البحر)) . ص 249 لم أقف على إسناده ، والمصنف نقله عن ابن المنذر معلقا ، وقد جاء عن ابن عباس خلافه ، فقال الامام الشافعي (1000) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال : أخبرني بكر بن عبد الله قال : سمعت القاسم يقول : (كنت جالسا عند ابن عباس ، فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم ، فقال ابن عباس : فيها قبضة من طعام ، ولتأخذن بقبضة جرادات ، ولكن ولو) قال الشافعي : (قوله : ولتأخذن بقبضة جرادات إنما فيها القيمة . وقوله (ولو) يقول تحتاط ، فتخرج أكثر مما عليك بعد ما أعلمتك أنه أكثر مما عليك) . قلت : وإسناده جيد . 1034 - (عن ابن عمر قال : (هي أهون مقتول)) . ص 249 صحيح موقوف . أخرجه البيهقي (5 / 213) عن حسان بن عبد الله ثنا المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه :
[ 221 ]
أن رجلا أتاه فقال : إنى قتلت قملة وأنا محرم ، فقال ابن عمر رضي الله عنه : أهون قتيل) . قلت : وهذا إسناد جيد رجاله كلهم رجال البخاري . 1035 - (وعن ابن عباس فيمن القاها ثم طلبها : (تلك ضالة لا تبتغى)) . ص 249 صحيح موقوفا . أخرجه الشافعي (996) : أخبرنا ابن عينية عن ابن أبي نجيح قال : سمعت ميمون بن مهران قال : (كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما وسأله رجل فقال : أخذت قملة فألقيتها ، ثم طلبتها ، فلم أجدها ، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : تلك ضالة لا تبتغى) . قلت : وهذا سند صحيح . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (5 / 213) ، ثم أخرج من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه قال ، قال رجل لابن عباس : أحك رأسي وأنا محرم ؟ قال : فإدخل ابن عباس يده في شعره وهو محرم فحك رأسه بها حكا شديدا ، قال : أما أنا فأصنع هكذا ، قال : أفرأيت إن قتلت قملة ؟ قال : بعدت ما للقملة ، ما يغنى من حك رأسك ، وما إياها أردت ، وما نهيتم إلا عن قتل الصيد) . قلت : وإسناده جيد . 1036 - لحديث : (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : الحدأة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور - وفي لفظ - الحية مكان العقرب) . متفق عليه) . ص 249 صحيح . وهو من حديث عائشة رضي الله عنها وله طرق : الاولى : عن عروة عنها به .
[ 222 ]
أخرجه البخلري (1 / 458 ، 2 / 328) ومسلم (4 / 18) وأبو نعيم في (مستخرجه) (19 / 136 / 2) والنسائي (2 / 33) والترمذي (1 / 160) والدارمي (2 / 36 - 37) والطحاوي (1 / 385) والبيهقي (5 / 209) وأحمد (6 / 87 ، 122 ، 164 ، 231 ، 259 ، 261) من طريقين عنه . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . الثانية : عن سعيد بن المسيب عنها به إلا أنه قال (الحية) بدل (العقرب) . وقال : (الغراب الابقع) (1) أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائي (2 / 26 ، 32) وابن ماجه (3087) والطحاوي والطيالسي (1521) واحمد (6 / 97 ، 203) . الثالثة : عن عبيد الله بن مقسم قال : سمعت القاسم بن محمد : سمعت عائشة زوج النبي (ص) تقول : فذكره مرفوعا بلفظ : (أربع كلهن فاسق يقتلن . . .) الحديث فذكر الخمس دون العقرب والحية ، وزاد في آخره : (فقلت للقاسم : أفرأيت الحية ؟ قال : تقتل بصغر لها) . ورواه المسعودي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه به مختصرا بلفظ : (الحية فاسقة ، والعقرب فاسقة ، والغراب فاسق ، والفأرة فاسقة) . أخرجه أحمد (6 / 209 ، 238) قلت : والمسعودي ضعيف لاختلاطه . الرابعة : عن زيد بن مرة أبى المعلى عن الحسن عنها : (1) هو الذي في ظهره وبطنه بياض . (*)
[ 223 ]
(أن رسول الله (ص) أحل من قتل الدواب والرجل محرم : أن يقتل . . .) . قلت : فذكر الخمس ، وقال (الغراب الابقع) وزاد : (والحية ، ولدغ رسول الله (ص) عقرب ، فامر بقتلها وهو محرم) . أخرجه أحمد (6 / 250) . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير زيد بن مرة ، وهو زيد بن أبي ليلى وثقه ابن معين والطيالسي وغيرهما كما في (الجرح والتعديل) (1 / 2 / 573) . إلا أن الحسن وهو البصري مدلس وقد عنعنه ، بل لعله لم يسمع من عائشة أصلا . وقد ورد الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة رضي الله عنهم . منهم عبد الله بن عمر ، وله عنه طرق : الاولى : عن نافع عنه مرفوعا بلفظ : (خمس من الدواب ، لا حرج على من قتلهن : . . .) قلت : فذكرهن . أخرجه البخاري ومسلم وأبو نعيم ورمالك (1 / 356 / 88) والشافعي (1006) والنسائي (2 / 26) والدارمي (2 / 36) وابن ماجه (3087) والطحاوي والبيهقي وأحمد (2 / 3 ، 32 ، 48 ، 54 ، 65 ، 82 ، 138) من طرق عن نافع به . وفي رواية ابن جريج عند مسلم ومحمد بن اسحاق عنده وكذا أحمد تصريح ابن عمر بسماعه من النبي (ص) ، وفي معني رواتهما رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : (نادى رجل رسول الله (ص) فقال : ما نقتل من الدواب إذا أحرمنا ؟ قال . . .) فذكره . أخرجه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين .
[ 224 ]
ومن الظاهر أن هذا الرجل هو الذي سأل عن لباس المحرم ومهله ، وكان ذلك في المسجد النبوي قبيل إحرامه (ص) كما سبق بيانه عند الحديث (1012) . وذكرت هناك أن الرجل سأل سؤالين في مكان واحد وقصة واحدة ، فرقهما الرواة ، فهذا سؤال ثالث له . والله أعلم . الثانية : عن سالم عنه نحوه وزاد : (في الحرم والاحرام) . أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (1846) والنسائي (2 / 33) والدارمي وابن الجارود (440) وأحمد (2 / 8) . الثالثة : عن عبد الله بن دينار عنه بلفظ : (خمس من قتلهن وهو حرام فلا جناح عليه فيهن . . .) فذكرهن : أخرجه البخاري (2 / 328) ومسلم وأبو نعيم ومالك (1 / 356 / 89) والطحاوي والطيالسي (1889) وأحمد (2 / 50 ، 52 ، 138) . الرابعة : عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه . أخرجه مسلم (4 / 20) وأبو نعيم (19 / 137 / 1) وأحمد (2 / 32) من طريق محمد بن إسحاق عن نافع وعبيد الله بن عبد الله به . . الخامسة : عن حجاج بن أرطاة عن وبرة ، سمعت ابن عمر يقول : (أمر رسول الله (ص) بقتل الذئب للمحرم ، يعني والفأرة والغراب والحدأة ، فقيل له : فالحية والعقرب ؟ فقال : قد كان يقال ذلك) . قلت : وهذا إسناد ضعيف لعنعنة الحجاج ، وذكر الذئب فيه غريب وقد جاء من طرق أخرى كما يأتي ، وقال الحافظ في (الفتح) (4 / 30) : (وحجاج ضعيف ، وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا . أخرجه ابن أبي شيبة) .
[ 225 ]
ومنهم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، يرويه عنها أخوها عبد الله بن عمر ، وعنه رجلان : الاول : زيد بن جبير أن رجلا سال ابن عمر : ما يقتل المحرم من الدواب ؟ فقال : أخبرتني إحدى نسوة رسول الله (ص) أنه أقر أو أمر أن يقتل . . . فذكر الخمس . أخرجه مسلم وأبو نعيم وأحمد (6 / 285 ، 236 ، 380) ، وزاد الاولان في رواية : (والحية ، قال : وفي الصلاة أيضا) . والاخر : سالم بن عبد الله ، قال : قال عبد الله بن عمر ، قالت حفصة قال رسول الله (ص) : (خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن . . .) . قلت : فذكرهن . ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : (خمس قتلهن حلال في الحرم . . . .) فذكرهن إلا أنه قال : (الحية) بدل (الغراب) . أخرجه أبو داود (1847) من طريق حاتم بن اسماعيل : حدثنى محمد ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عنه . قلت : وهذا إسناد جيد ، وأخرجه البيهقي (5 / 210) من طريق أبي داود ، ومن طريق يحيى بن أيوب عن ابن عجلان به ، ولم يسق لفظه ، لانه ساقه مع رواية حاتم بن إسماعيل ، فكأنه أحال به عليه ، وقد رواه الطحاوي (1 / 384) من طريق يحيى بن أيوب بلفظ : (الحية والذئب والكلب العقور) . ومنهم أبو سعيد الخدري أن النبي (ص) سئل عما يقتل المحرم ؟ قال :
[ 226 ]
(الحية ، والعقرب ، والفويسقة ، ويرمى الغراب ، ولا يقتله ، والكلب العقور ، والحدأة ، والسبع العادي) . أخرجه أبو داود (1448) وابن ماجه (3089) والطحاوي (1 / 385) والبيهقي واحمد (3 / 3 ، 32 ، 79) وكذا ابنه عبد الله من طرق عن يزيد بن أبي زياد ثنا عبد الرحمن بن أبي نعم البجلى عنه به ، واللفظ لابي داود والبيهقي ، وليس في رواية ابن ماجه (ولا يقتله) وهو رواية لاحمد . (فقيل له : لم قيل لها الفويسقة ؟ قال : لان رسول الله (ص) استيقظ لها وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت) . وقال أحمد : (فصعدت بها إلى السقف لتحرق عليه) . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل يزيد هذا فانه ضعيف من قبل حفظه كما تقدم غير بعيد . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 187 / 2) : (هذا إسناد ضعيف : يزيد بن ابي زياد ضعيف ، وإن أخرج له مسلم ، فإنما أخرج له مقرونا بغيره ، ومع ضعفه فقد اختلط بآخره) . ومن طريقه أخرجه الترمذي (1 / 160) مختصرا جدا بلفظ : (يقتل المحرم السبع العادي) . وقال : (حديث حسن) ! 1037 - (لحديث عثمان أن النبي (ص) قال : (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب) . رواه الجماعة إلا البخاري وليس للترمذي فيه : (ولا يخطب)) . ص 249 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 136 - 137) وأبو داود (1838 ، 1839) والنسائي (2 / 27 ، 78 - 79) والترمذي (1 / 160) والدارمي (2 / 37 - 38 ، 141) وابن ماجه (1966) والطحاوي (1 / 441) وابن الجارود (444) وكذا مالك (1 / 348 / 70) وعنه الشافعي (962) وأبو
[ 227 ]
نعيم في (مستخرجه) (21 / 191 / 2) والدارقطني (275 ، 399) والبيهقي (5 / 65) والطيالسي (74) وأحمد (1 / 57 ، 64 ، 68 ، 69 ، 73) من طريق أبان بن عثمان عن عثمان مرفوعا به . وفي رواية لمسلم وغيره عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيدالله أراد أن تزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير ، فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك - وهو أمير الحج ، فقال : أبان : سمعت عثمان بن عفان يقول : فذكره . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وليس عنده (ولا يخطب) كما ذكر المصنف . (تنبيه) أخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : (أن النبي (ص) تزوج ميمونة وهو محرم) . قال الحافظ في (الفتح) (4 / 45) (وصح نحوه عن عائشة وأبي هريرة ، وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالا وعن أبي رافع مثله ، وأنه كان الرسول إليها (1) . واختلف العلماء في هذه المسألة ، فالجمهور على المنع لحديث عثمان (يعني هذا) ، وأجابوا عن حديث ميمونة بانه اختلف في الواقعة كيف كانت ، فلا تقوم بها الحجة ، ولانها تحتمل الخصوصية ، فكان الحديث في النهى عن ذلك أولى بأن يؤخذ به . وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة : يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطأ ، فتعقب بالتصريح فيه بقوله : (ولا ينكح) بضم أوله . وبقوله فيه (ولا يخطب)) . وقال الحافظ ابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) (2 / 104 / 1) وقد ذكر حديث ابن عباس : (وقد عد هذا من الغلطات التي وقعت في (الصحيح) ، وميمونة أخبرت أن هذا ما وقع ، والانسان أعرف بحال نفسه ، قالت : (تزوجني رسول الله (1) قلت : في إسناد حديث أبي رافع مطر الوراق وهو ضعيف ، وقد خالفه مالك فأرسله ، كما يأتي بيانه في (النكاح) ، في أول الفصل الذي يلي (باب النكاح وشروطه) . رقم الحديث 1849 .
[ 228 ]
(ص) ونا حلال بعدما رجعنا من مكة) . رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل نحوه : (تزوجني النبي (ص) ونحن حلال بسرف) . قلت : وسند أبي داود صحيح على شرط مسلم ، وقد أخرجه في (صحيحه) (4 / 137 - 138) دون ذكر سرف . وأخرجه أحمد (6 / 332 ، 335) باللفظ الاول الذي في (التنقيح) وهو على شرط مسلم أيضا . 1038 - (وعن أبي غطفان عن أبيه : (أن عمر فرق بينهما - يعني رجلا تزوج وهو محرم - ، رواه مالك والدارقطني . صحيح . أخرجه مالك (1 / 349 / 71) وعنه البيهقى (5 / 66) والدارقطني (ص 399) عن داود بن الحصين عن أبي غطفان به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . ثم روى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : (لا ينكح المحرم ، ولا يخطب على نفسه ، ولا على غيره) . وسنده صحيح . وروى البيهقي عن علي قال : (لا ينكح المحرم فان نكح رد نكاحه) . وسنده صحيح أيضا . قلت : وإتفاق هؤلاء الصحابة على العمل بحديث عثمان رضي الله عنه مما يؤيد صحته وثبوت العمل به عند الخلفاء الراشدين ، يدفع احتمال خطأ الحديث أو نسخه ، فذلك يدل على خطأ حديث ابن عباس رضي الله عنه ، وإليه ذهب الامام الطحاوي في كتابه (الناسخ والمنسوخ) خلافا لصنيعه في (شرح المعاني) . أنظر (نصب الراية) (3 / 174) . 1039 - (وروي عن عمر : (في الجراد الجزاء)) . ص 250
[ 229 ]
أخرجه الشافعي (997) وعنه البيهقي (5 / 206) عن عبد الله بن أبي عمار (أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الاحبار في أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة ، حتى إذا كنا ببعض الطريق ، وكعب على نار يصطلى مرت به رجل جراد فأخذ جرادتين فقتلهما ، ونسي إحرامه ، ثم ذكر إحرامه ، فألقاهما ، فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر رضي الله عنه ، ودخلت معهم ، فقص كعب قصة الجرادتين على عمر ، فقال عمر : من بذلك ؟ لعلك يا كعب ؟ قال : نعم ، قال : إن حمير تحب الجراد ! ما جعلت في نفسك ؟ قال : درهمين ، قال بخ ، درهمان خير من مائة جرادة ، اجعل ما جعلت في نفسك) . قلت : ورجاله ثقات على خلاف يسير في بعضهم ، فهو إسناد حسن ، لولا عنعنة ابن جريج فانه مدلس .
[ 230 ]
باب الفدية 1040 - (قوله (ص) لكعب بن عجرة : (لعلك آذاك هوام رأسك ؟ قال : نعم يا رسول الله قال : إحلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة) . متفق عليه) . ص 251 صحيح . وهو من حديث كعب بن عجرة نفسه ، وله عنه طرق : الاولى : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه به . أخرجه البخاري (1 / 453 - 455 ، 3 / 119 ، 4 / 46 ، 54 ، 277) ومسلم (4 / 20 - 21) وكذا مالك (1 / 417 - 237 ، 238) والشافعي (1015 ، 1018 ، 1019) وأبو داود (1856 ، 1857 ، 1860 ، 1861) والنسائي (2 / 28) والترمذي (2 / 161) وابن الجارود (450) والدارقطني (288) والبيهقي (5 / 55 ، 169 ، 185 ، 187 ، 242) وكذا أبو نعيم في (المستخرج) (19 / 137 / 2) والطيالسي (1065) وأحمد (4 / 241 ، 242 ، 243) من طرق عن ابن أبي ليلى به بالفاظ مختلفة ، وهذا لفظ البخاري ومالك وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وزاد الشيخان وغيرهما في رواية بلفظ : (أو تصدق بفرق بين سنة ، أو نسك مما تيسر) . وزاد مسلم في رواية أخرى : (والفرق ثلاثة آصع) .
[ 231 ]
وزاد مالك في آخره ، وعنه أبو داود والنسائي وأحمد من طريق عبد الكريم الجزري عن ابن أبي ليلى : (أي ذلك فعلت أجزأ عنك) . وفي معناها رواية الشعبي عن ابن أبي ليلى بلفظ : (إن شئت فانسك نسيكة ، وان شئت فصم ثلاثة أيام ، وإن شئت فاطعم ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين) . أخرجه أبو داود والبيهقي (5 / 185) بسند صحيح . لكن رواه الدارقطني (288) بلفظ : (أمعك نسك ؟ قال : لا ، قال : فإن شئت فصم . . .) الحديث . وهو رواية لابي داود (1858) . فهذا يدل على أن التخيير إنما كان بعد أمره (ص) إياه بالنسيكة ، واعتذار كعب بأنه لا يجدها ، ويشهد له ما يأتي في الطريق الثانية والرابعة . الطريق الثانية : عن عبد الله بن معقل قال : (قعدت إلى كعب رضي الله عنه ، وهو في المسجد ، فسألته عن هذه الاية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ، فقال كعب رضي الله عنه : نزلت في ، كان بى أذي من رأسي ، فحملت إلي رسول الله (ص) ه والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى ، أتجد شاة ؟ فقلت : لا ، فنزلت هذه الاية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ، قال : صوم (وفي رواية : فصم) ثلاثة أيام ، أو إطعام (وفي الرواية الاخرى أو أطعم) ستة مساكين نصف صاع طعاما لكل مسكين ، قال : فنزلت في خاصة ، وهى لكم عامة) . أخرجه البخاري (1 / 454) ومسلم (4 / 21 - 22) والسياق له والترمذي (2 / 161) وابن ماجه (3079) والبيهقي (5 / 55) والطيالسي (1062) وأحمد (4 / 242) ، وقال الترمذي :
[ 232 ]
(حديث حسن صحيح) . الثالثة : عن أبي وائل عن كعب بن عجرة قال : (أحرمت ، فكثر قمل رأسي ، فبلغ ذلك النبي (ص) فأتاني وأنا أطبخ قدرا لاصحابي ، فمس رأسي بأصبعه ، فقال : انطلق فاحلقه وتصدق على ستة مساكين) . قلت : وإسناده جيد . الرابعة : عن محمد بن كعب القرظي عن كعب بن عجرة قال : (أمرنى رسول الله (ص) حين آذاني القمل أن أحلق رأسي ثم أصوم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك به) . أخرجه الشافعي (1017) وابن ماجه (3080) قلت : وإسناده حسن . وأخرجه الامام مالك (1 / 417 / 239) عن عطاء بن عبد الله الخراساني أنه قال : حدثنى شيخ بسوق البرم بالكوفة عن كعب بن عجرة أنه قال : (جاءني رسول الله (ص) ، وأنا أنفخ تحت قدر لاصحابي ، وقد امتلا رأسي ولحيتي قملا ، فأخذ بجبهتي ، ثم قال : احلق هذا الشعر ، وصم . . .) ، الحديث مثل رواية القرظى . قلت : وعطاء الخراساني فيه ضعف من قبل حفظه ، وشيخه الذي لم يسم ، قال الحافظ (4 / 11) : (قال ابن عبد البر يحتمل أن يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أو عبد الله ابن معقل) . قلت : الاحتمال الاول بعيد عندي ، لانه ليس في حديث ابن أبي ليلى : (وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك به) ، وإنما هذه الزيادة في حديث ابن معقل وحديث القرظى كما تقدم ، فالشيخ الذي لم يسم هو أحد هذين . والله أعلم .
[ 233 ]
1041 - (وقال ابن عباس فيمن وقع على امرأته في العمرة قبل التقصير : (عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك) رواه الاثرم) . صحيح موقوفا . أخرجه البيهقي (5 / 172) من طريق أيوب عن سعيد بن جبير : (أن رجلا أهل هو وامرأته جميعا بعمرة ، فقضت مناسكها إلا التقصير ، فغشيها قبل أن تقصر ، فسئل ابن عباس عن ذلك ، فقال : إنها لشبقة ، فقيل له : إنها تسمع ، فاستحيا من ذلك وقال : ألا أعلمتموني ؟ وقال لها : أهريقي دما ، قالت : ماذا ؟ قال : إنحري ناقة أو بقرة أو شاة ، قالت أي ذلك أفضل قال : ناقة . قلت : وسنده صحيح ، وخالفه أبو بشر عن سعيد بن جبير فقال : (أن رجلا اعتمر فغشي امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة بعد ما طاف بالبيت ، فسئل ابن عباس ؟ قال : (فدية من صيام أو صدقة أو نسك) ، فقلت فأي ذلك أفضل ؟ قال : جزور أو بقرة ، قلت : فأاي ذلك افضل ؟ قال : جزور) . قلت : وإسناده صحيح أيضا ، لكن رجح البيهقي الاول فقال : (ولعل هذا أشبه) . 1042 - (قال ابن عمر وعائشة : لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي . رواه البخاري) (ص 252) . صحيح . وتقدم تخريجه برقم (964) . 1043 - (لان ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو قالوا للواطئين : أهديا هديا فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) . ص 253 صحيح . أخرجه البيهقي (5 / 167) من طرق عن محمد - بن عبيد ثنا
[ 234 ]
عبيدالله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه : (أن رجلا أتى عبد الله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأة ، فأشار إلى عبيدالله بن عمر ، فقال : اذهب إلى ذلك فسله ، ، قال : فلم يعرفه الرجل ، فذهبت معه ، فسأل ابن عمر ، فقال : بطل حجك ، فقال الرجل : فما أصنع ؟ قال : اخرج مع الناس ، واصنع ما يصنعون ، فإذا أدركت قابلا فحج واهد فرجع إلى عبد الله بن عمرو ، وأنا معه ، فأخبره ، فقال : اذهب إلى ابن عباس فسله ، قال شعيب فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله ، فقال له كما قال ابن عمر فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه ، فأخبره بما قال ابن عباس ، ثم قال : ما تقول أنت ، فقال : قولي مثل ما قالا) . وقال البيهقي : (هذا إسناد صحيح ، وفيه دليل على صحة سماع شعيب بن محمد بن عبد الله من جده عبد الله بن عمرو) . ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (2 / 65) وقال : (هذا حديث ثقات رواته حفاظ ، وهو كالاخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد الله بن عمرو) . ووافقه الذهبي . 1044 - (وقول ابن عباس في رجل أصاب اهله قبل أن يفيض يوم النحر ينحران جزورا بينهما وليس عليه الحج من قابل . ص 253 رواه مالك) . صعيح موقوف . هو في (الموطأ) (1 / 384 / 155) من طريق أبى الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس : (أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى ، قبل أن يفيض ، فأمره أن ينحر بدنة) .
[ 235 ]
ثم روى من طريق ثور بن يزيد الديلي عن عكرمة مولى ابن عباس ، قال : لا أظنه إلا عبد الله بن عباس أنه قال : (الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي) . ورواه البيهقي (5 / 171) من طريق العلاء بن المسيب عن عطاء عن ابن عباس مثل رواية الكتاب . قلت : وإسناده صحيح . 1045 - (قول ابن عباس فيمن وقع على امرأته قبل التقصير : عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك ص 253 رواه الاثرم) . صحيح . وتقدم قريبا (1041) . 1046 - (حديث عائشة مرفوعا : (إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شئ إلا النساء) . رواه سعيد) . ص 253 ضعيف بزيادة (وحلقتم) . أخرجه الطحاوي في (شرح الاثار) (1 / 419) والبيهقي (5 / 136) وأحمد (6 / 143) من طريق يزيد قال : أخبرنا الحجاج عن أبي بن بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة به . وأخرجه الدارقطني (ص 279) من طرق أخرى عن الحجاج به ، وفي رواية له وكذا الطبري في تفسيره (رقم 3960) من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج به . ثم قال : قال (يعني الحجاج) : وذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي (ص) ، مثله . وتابعه عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج عن الزهري به ، دون قوله (وحلقتم) . أخرجه أبو داود (1978) والطحاوي ، وقال أبو داود : (هذا حديث ضعيف ، الحجاج لم ير الزهري ، ولم يسمع منه) .
[ 236 ]
قلت : وهؤلاء الذين رووا الحديث عن الحجاج كلهم ثقات ، وقد اختلفوا عليه في إسناده ومتنه ، وهذا الاختلاف منه ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، كثير الخطأ ، والتدليس) . ولهذا قال البيهقي عقبه : (وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة ، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي (ص) ، كما رواه سائر الناس عن عائشة رضي الله عنها) . قلت : يعنى الحديث الاتى بعد هذا . وللحديث شاهد من حديث ابن عباس بلفظ : (إذا رميتم الجمرة ، فقد حل لكم . . .) . وقد أوردته في (سلسلة الاحاديث الصحيحة) ، وبينت فيه الاختلاف في رفعه ووقفه ، وأن الاكثر على الوقف ، وأنه حديث صحيح لغيره . بدون الزيادة المذكورة (وحلقتم) ، لان له شاهدا من حديث عائشة كما سابينه في حديثها الاتى . 1047 - (قالت عائشة : طيبت رسول الله (ص) لاحرامه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت . متفق عليه) . ص 254 صحيح . وله عنها طرق : الاولى : عن القاسم بن محمد عنها . أخرجه البخاري (1 / 439) ومسلم (4 / 10) وكذا أبو نعيم في (مستخرجه) (19 / 133 / 2) ومالك (1 / 328 / 17) وأبو داود (1745) والنسائي (2 / 10 ، 11) والترمذي (1 / 173) والدارمي (2 / 33) وابن ماجه (2926) والطحاوي (1 / 419) وابن الجارود (414) والدارقطني
[ 237 ]
(278) والبيهقي (5 / 34 ، 136) والطيالسي (1418 ، 1431) وأحمد (6 / 181 ، 186 ، 192 ، 250 ، 214 ، 216 ، 238 ، 244) وابن أبي داود في (مسند عائشة رضي الله عنها) (ق 54 / 2) من طرق عنه . وزاد البخاري : (بيدي هاتين ، وبسطت يديها) . وهي عند أحمد في رواية دون قوله : (وبسطت يديها) . وزاد هو في رواية أخرى وكذا النسائي : (بطيب فيه مسك) . وهي في رواية الترمذي ، وقال : (حديث حسن صحيح) . وزاد الدارقطني وحده من طريق إسرائيل عن عبد الكريم عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه بلفظ : (كنت أطيب رسول الله (ص) بعدما يذبح ويحلق قبل أن يزور البيت) . قلت : فقوله : (بعدما يذبح ويحلق) شاذ أو منكر ، لانه ثبت عن عروة وغيره ان ذلك كان بعد ما رمى (ص) ، جمرة العقبة لم يذكروا الذبح والحلق كما يأتي في الطريق الثانية وغيرها ، والشذوذ إنما هو من عبد الكريم ، وهو ابن أبي المخارق البصري أو ابن مالك الجزري ، فإن كلا منهما يروي عنه اسرائيل وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، ولذلك لم أستطع الجزم بأيهما المراد هنا ، وإن كان القلب يميل إلى أنه البصري لانه ضعيف فهو بهذا الشذوذ أولى من الجزري فإنه ثقة . والله أعلم . الطريق الثانية : عن عروة عنها بلفظ : (طيبت رسول الله (ص) بيدي بذريرة في حجة الوداع للجل والاحرام) .
[ 238 ]
أخرجه البخاري (4 / 101) ومسلم وأبو نعيم والشافعي (924 ، 925) والنسائي والدارمي والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 200 ، 244) وابن أبي داود من طرق عن عروة به . وزاد النسائي عن طريق الزهري عنه : (ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت) . وهى عند أحمد من طريق عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة والقاسم يخبران به بلفظ : (وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت) . وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين . الطريق الثالثة : عن أم أبي الرجال (واسمها عمرة) عنها بلفظ : (طيبت رسول الله (ص) لحرمه حين أحرم ، ولحله قبل أن يفيض باطيب ما وجدت) . أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقي . الطريق الرابعة : عن سالم بن عبد الله قال : قالت عائشة رضي الله عنها : (أنا طيبت رسول الله (ص) لحله وإحرامه . قال سالم : وسنة رسول الله (ص) ، أحق أن تتبع) . أخرجه الشافعي (927) : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم به . ومن طريقه أخرجه البيهقي (5 / 135 - 136) ورواه الطيالسي (1553) : حدثنا حماد بن زيد قال : ثنا عمرو بن دينار به مختصرا دون قول سالم وكذا رواه الطحاوي . قلت : وهذا سند صحيح . وأخرجه الامام أحمد (6 / 106) : ثنا مؤمل : قال : ثنا سفيان عن
[ 239 ]
عمرو بن دينار : قال سالم : فذكره بلفظ : (كنت أطيب النبي (ص) بعد ما يرمى الجمرة قبل أن يفيض إلى البيت . قال سالم : فسنة رسول الله (ص) أحق أن نأخذ بها من قول عمر) . قلت : ومؤمل بوزن محمد هو ابن اسماعيل البصري وهو صدوق ولكنه سئ الحفظ ، الا أن قوله (بعدما يرمي الجمرة) ثابت محفوظ عن عائشة رواه عنها عروة والقاسم كما سبق في الطريق الثانية ، ويأتى مثله في السادسة والسابعة . ويشير سالم بقوله : (فسنة رسول الله (ص) أحق . . . من قول عمر) إلى ما أخرجه مالك (1 / 410 / 421) وعنه البيهقي (5 / 204) عن نافع وعبد الله ابن ينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة ، وعلمهم أمر الحج ، وقال لهم فيما قال : (إذا جئتم منى ، فمن رمى الجمرة ، فقد حل له ما حرم على الحاج ، الا النساء والطيب ، لا يمس أحد نساء ، ولا طيبا ، حتى يطوف بالبيت) . وزاد في لفظ له : (ثم حلق أو قصر ، ونحر هديا إن كان معه) . ورواه الطحاوي (1 / 420) من الوجهين عن ابن عمر ، ومن طريق طاوس عنه مثله . السادسة : عن طاوس عن ابن عمر ، قال : قال عمر (فذكر مثل الذي تقدم آنفا) قال : فقالت عائشة رضي الله عنها : (كنت أطيب رسول الله (ص) إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض ، فسنة رسول الله (ص) أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر) . أخرجه الطحاوي (1 / 421) بسند صحيح . السابعة : عن عطاء عنها قالت :
[ 240 ]
طيبت رسول الله (ص) يوم الاضحى بعد ما رمى الجمرة ، قبل ان يطوف بالبيت) . أخرجه الطيالسي (1493) : حدثنا طلحة عن عطاء . قلت : وطلحة هو ابن عمرو المكى متروك ، لكنه قد توبع على أصل الحديث عن عطاء ، وعلى الحديث بتمامه عن غيره كما سبق ، وأما أصل الحديث عن عطاء فرواه عباد بن منصور قال : سمعت القاسم بن محمد ويوسف بن ماهك وعطاء يذكرون عن عائشة أنها قالت : (كنت أطيب رسول الله (ص) عند إحلاله وعند إحرامه) . أخرجه أحمد (6 / 186) . قلت : وعباد بن منصور فيه ضعف . (تنبيه) استدل المصنف رحمه الله بحديث عائشة هذا والذي قبله على أن التحلل الاول يحصل به شئ من رمي وحلق وطواف) . قلت : وحديثها الاول يدل على ما ذكر لولا أنه ضعيف الاسناد كما سبق بيانه . وأما حديثها هذا فهو بعد جمع طرقه يدل على أن التحلل الاول يحصل بمجرد الرمي ، ولو لم يكن معه حلق لقولها (وحين رمي جمرة العقبة) وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، ولا شك أن الصواب ما دل عليه هذا الحديث ولا معارض له وانظر (سلسلة الاحاديث الصحيحة) (رقم 239) . 1048 - (قول ابن عمر : (لم مجل النبي (ص) من شئ حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وطاف بالبيت ثم قد حل له كل شئ حرم منه) . متفق عليه) . ص 254 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 425) ومسلم (4 / 49) وأبو داود (1805) والنسائي (2 / 15) والبيهقي (5 / 17) وأحمد (2 / 139) عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قال :
[ 241 ]
تمعتع رسول الله (ص) في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة ، وبدأ رسول الله (ص) ، فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي (ص) بالعمرة إلى الحج ، فكان من الناس من أهدى ، فساق الهدي ، ومنهم من لم يهد ، فلما قدم النبي (ص) مكة ، قال للناس : من كان منكم أهدى فانه لا يحل من شئ حرم منه حتى يفضي حجه ، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ويقصر ، وليحلل ، ثم ليهد بالحج ، فمن لم يجد هديا ، فليصم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فطاف حين قدم مكة ، واستلم الركن أول شئ ، ثم خب ثلاثة أطواف ، ومشى أربعا ، فركع ، حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ، ثم سلم ، فانصرف رسول الله (ص) ، فأتى الصفا ، فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ، ثم لم يحلل من شئ حرم منه حتى قضى حجه ، ونحر هديه يوم النحر ، وأفاض فطاف بالبيت ، ثم حل من كل شئ حرم منه ، وفعل مثل ما فعل رسول الله (ص) ، من أهدى وساق الهدي من الناس) . 1049 - (حديث : (أن عمر رضي الله عنه قضي في حمار الوحش وبقره بقرة)) . ص 254 لم أقف عليه عن عمر ، وإنما عن ابن عباس ، أخرجه الدارقطني (267) والبيهقي (5 / 182) من طريق أبي مالك الجنبى عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس في حمام الحرم : (في الحمامة شاة ، وفي بيضتين درهم ، وفي النعامة جزور ، وفي البقرة بقرة ، وفي الحمار بقرة) . قلت : وهذا سند ضعيف ، أبو مالك هذا اسمه عمرو بن هاشم وهو لين الحديث ، لكنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه البيهقي بسنده عن الشافعي عن سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال : (في بقرة الوحش بقرة ، وفي الايل بقرة) .
[ 242 ]
ورجاله موثقون لكنه منقطع فان الضحاك لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة . 1050 - (وفي الضبع كبش (لان النبي (ص) حكم فيها بذلك) . رواه أبو داود وغيره) ص 254 صحيح . أخرجه أبو داود (3801) والدارمي (2 / 74) والطحاوي في (مشكل الاثار) (4 / 370 - 371) وابن الجارود (439) وابن حبان (979) والدارقطني (266) والحاكم (1 / 452) والبيهقي (5 / 183) وأبو يعلى (119 / 2) من طرق عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله قال : سألت رسول الله (ص) عن الضبع ؟ فقال : (هو صيد ، ويجعل فيه كبش ، إذا صاده المحرم) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . قلت : وسكت عليه الذهبي ، وإنما هو على شرط مسلم وحده ، لان عبد الرحمن بن أبي عمار لم يخرج له البخاري . وقد تابعه ابن جريج : أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمار أخبره قال : (سالت جابرا فقلت : الضبع آكلها ؟ قال : نعم ، قال : قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم ، قلت أسمعت ذاك من نبي الله (ص) ؟ قال : نعم) . خرجه النسائي (2 / 27 ، 199) والترمذي (1 / 162) والدارمى والطحاوي وابن حبان أيضا (1068) وابن الجارود (438) والدارقطني والبيهقي وأحمد (3 / 318 ، 322) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال في (علله الكبرى) :
[ 243 ]
(قال البخاري : حديث صحيح) . كما نقله (نصب الراية) (3 / 134) . وتابعه أيضا اسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عبيد به ، ليس فيه ذكر الكبش . أخرجه ابن ماجه (3236) والطحاوي والدارقطني وأحمد (3 / 297) وأبو يعلى (118 / 2) . قلت : وقد يبدو من هذا التخريج ، أن ذكر الكبش زيادة تفرد بها جرير ابن حازم فتكون شاذة ، وليس كذلك ، فقد جاءت من طريق أخرى عن جابر رضي الله عنه ، يرويها حسان بن ابراهيم : ثنا ابراهيم الصائغ عن عطاء عنه قال : قال رسول الله (ص) : (الضبع صيد ، فإذا أصابه المحرم ففيه جزاء كبش مسن ، ويؤكل) . أخرجه الطحاوي (4 / 372 - وسقط منه متنه) وابن خزيمة (2648) والدارقطني والحاكم والبيهقي من طرق ثلاث عن حسان به . وقال الحاكم : (هذا حديث صحيح ، ولم يخرجاه ، وإبراهيم بن ميمون الصائغ زاهد عالم أدرك الشهادة رضي الله عنه) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو صحيح الاسناد كما قال الحاكم رحمه الله ، وعطاء هو ابن أبي رباح كما جزم بذلك الطحاوي ، وقول المعلق على (المستدرك) : (هو عطاء بن نافع) وهم ، سببه أنه رأى في ترجمته أنه روى عن جابر ، فتوهم أنه هو ، ولم يتنبه أنهم لم يذكروا في الرواة عنه ابراهيم الصائغ ولو رجع إلى ترجمة إبراهيم هذا لرأى في شيوخه عطاء بن أبي رباح . وقد أعل هذه الطريق الطحاوي بالوقف ، فقد رواه من طريق هشيم عن منصور بن زاذان ومن طريق زهير بن معاوية عن عبد الكريم بن مالك كلاهما عن عطاء عن جابر قال : (في الضبع إذا أصابه المحرم كبش) .
[ 244 ]
قلت : هذا الموقوف لا ينافي المرفوع ، لان الراوي قد ينشط أحيانا فيرفع الحديث ، واحيانا يوقفه ، ومن رفعه فهي زيادة من ثقة مقبولة وقد رفعها ثقتان احدهما ابن أبي عمار عن جابر ، والاخر ابراهيم الصائغ عن عطاء عنه ، ولا سبيل إلى توهيمهما وهما ثقتان لمجرد مخالفة منصور بن زاذان وعبد الكريم بن مالك عن عطاء ، وإيقافهما إياه ، لا سيما وفي الطريق إلى ابن زاذان هشيم وهو مدلس وقد عنعنه ، لكنه قد صرح بالسماع عند البيهقي (5 / 183) . وللحديث شاهد مرسل ، قال الشافعي (989) : (أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس يقول : أنزل رسول الله (ص) ، ضبعا صيدا ، وقضي فيها كبشا) . قلت : ورجاله ثقات ، وقد وصله الدارقطني (266) وعنه البيهقي من طريق أبن أبي السري نا الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (الضبع صيد ، وجعل فيها كبشا) . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل ابن أبي السري واسمه محمد بن المتوكل العسقلاني ، فإنه ضعيف ، وقد أتهم . وأما أثر ابن عباس ، فاخرجه الشافعي (988) وعنه البيهقي : أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول : (في الضبع كبش) . قلت : وهذا إسناد حسن إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه فقد روى أبو بكر بن أبي خيثمة . بسند صحيح عن ابن جريج قال : (إذا قلت : قال عطاء ، فإنا سمعته منه ، وإن لم أقل سمعت) . قلت : وهذه فائدة هامة جدا ، تدلنا على أن عنعنة ابن جريج عن عطاء في حكم السماع .
[ 245 ]
1051 - (وقضي فيها عمر وابن عباس بكبش) . ص 254 صحيح . أخرجه مالك (1 / 414 / 230) وعنه الشافعي (987) وعنه البيهقي (5 / 183) والطحاوي في (المشكل) (4 / 372) عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله (وسقط من (الموطأ) عن جابر بن عبد الله) : (أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الارنب بعناق ، وفي اليربوع بجفرة) . ثم رواه البيهقي (5 / 184) من طريق الليث بن سعد : حدثنى أبو الزبير به . قلت : وهذا إسناد صحيح ، فإن الليث لا يروي عن أبي الزبير إلا ما صرح له فيه بالتحديث ، وهو على شرط مسلم . وقد تابعه عطاء عن جابر به . أخرجه البيهقي (5 / 184) بسند صحيح على شرط مسلم أيضا . 1052 - (وفي الغزال شاة : قضى بها عمر وعلي وروى عن النبي (ص) من حديث جابر) . ص 254 صحيح موقوفا . أما عن عمر ، فهو عند مالك وغيره ، وتقدم تخريجه آنفا . وله عنه طريقان آخران صحيحان عند البيهقي (5 / 181) وفيه قصة . وله عنده (5 / 180) طريق ثالث ، لكنه منقطع . ورواه مالك (1 / 414 / 231) من هذا الوجه . وأما أثر علي ، فلم أقف عليه الان . وأما حديث جابر ، فيرويه الاجلح عن أبي الزبير عنه عن النبي (ص) ، قال : (في الضبع إذا أصابه المحرم كبش ، وفي الظبي شاة ، وفي الارنب عناق ، وفي اليربوع جفرة . قال : والجفرة التي قد ارتعت) وفي رواية : (فطمت ورعت) .
[ 246 ]
أخرجه الدارقطني (266 ، 267) والبيهقي (5 / 183) وقال : (والصحيح أنه موقوف على عمر رضي الله عنه) . قلت : وأبو الزبير مدلس ، والاجلح فيه ضعف ، وقد تفرد برفعه عنه ، وخالفه مالك والليث بن سعد وغيرهما من الثقات فرووه عن أبي الزبير عن جابر عن عمر قوله ، كما سبق في الذي قبله . ثم رأيته في (مسند أبي يعلى) (ق 16 / 2) رواه من طريق مالك بن سعير عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر عن عمر بن الخطاب قال : ولا أراه الا أنه قد رفعه . (أنه حكم في الضبع يصيبه المحرم شاة ، وفي الارنب عناق ، وفي اليربوع جفرة وفي الظبي كبش) . 1053 - (وفي اليربوع جفرة لها أربعة أشهر ، روي عن عمر وابن مسعود وجابر)) . ص 254 صحيع موقوفا . أما عن عمر فقد تقدم قبل حديث . وهو عنه صحيح ، وهو من رواية مالك والليث عن أبي الزبير عن جابر عنه . وأخرجه البيهقي (5 / 184) من طريق أبي عبيد حدثني ابن علية عن أيوب عن أبي الزبير . وزاد : (قال أبو عبيد : قال أبو زيد : الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر ، وفصل عن أمه) . وأما عن ابن مسعود ، فاخرجه البيهقي من طريق الشافعي باسنادين صحيحين أحدهما عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، والاخر عن مجاهد كلاهما عن ابن مسعود . (أنه قضي في اليربوع بجفر أو جفرة) . وقال : (وهاتان الروايتان عن ابن مسعود رضي الله عنه مرسلتان ، أحداهما تؤكد
[ 247 ]
الاخرى) . قلت : يعني أنهما منقطعتان بين أبي عبيدة ومجاهد وبين ابن مسعود . وأما عن جابر ، فلم أقف عليها إلا من روايته عن عمر موقوفا عليه ، أو من روايته عن النبي (ص) . وقد تقدمتا . 1054 - (وفي الارنب عناق دون الجفرة يروى عن عمر : (أنه قضى بذلك)) . ص 254 صحيح موقوف . وتقدم تخريجه قبل حديثين . 1055 - ((في القطا والورش والفواخت شاة) قضى به عمر وعثمان وابن عمرو وابن عباس)) . ص 254 لم أقف على إسناده عنهم سوى ما علقه البيهقي (5 / 205) عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن إبن عباس : (في الخضري والدبسي والقمري ، والقطا والحجل شاة شاة) وابن أبي ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وهو سئ الحفظ . 1056 - (وروي عن ابن عباس : (أنه قضى به في حمام الاحرام)) . لم أقف عليه بهذا اللفظ ، وإنما أخرجه البيهقي (5 / 205) من طريق عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس : (أنه جعل في حمام الحرم على المحرم والحلال في كل حمامة شاة) . قلت : إسناده صحيح . وفي رواية له من الوجه المذكور عنه قال : (ما كان سوى حمام الحرم ففيه ثمنه إذا أصابه المحرم) . وإسناده صحيح أيضا .
[ 248 ]
قلت : فمجموع الروايتين تبطلان رواية الكتاب ، فإنهما فرقتا بين حمام الاحرام ففيه القيمة ، وحمام الحرم ففيه شاة ، وهو مذهب مالك . وقد أورد ابن قدامة في (المغني) (3 / 518) رواية الكتاب ولم يعزها لاحد ، وصدرها بقوله (روي) ، وما أظن أنه يريد تضعيفها . 1056 / 1 - (وروي عن ابن عباس وجابر : أنهما قالا : (في الحجلة والقطاة والحبارى شاة شاة) . قاله في الكافي) . ص 255 لم أقف عليه عن جابر ، وأما عن ابن عباس ، فرواه البيهقي معلقا دون (الحبارى) كما تقدم قبل حديث . وروى البيهقي أيضا (5 / 206) من طريق شريك عن عبد الكريم عن عطاء : (في عظام الطير شاة : الكركي والحبارى والوز ، ونحوه) . وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سئ الحفظ . 1057 - (لحديث ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) يوم فتح مكة : إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والارض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة - الحديث - وفيه ولا ينفر صيدها) . متفق عليه صحيح . أخرجه البخاري (1 / 401 ، 3 / 147) ومسلم (4 / 109) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 179 / 2) وأبو داود (2018) والنسائي (2 / 30 - 31 ، 31) وابن الجارود (509) والبيهقي (5 / 195) وأحمد (1 / 259 ، 315 - 316) من طرق عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) ، يوم الفتح فتح مكة : (لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ، وقال يوم الفتح فتح مكة : إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي ، ولم يحل لي الا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر
[ 249 ]
صيده ، ولا يلتقط إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها ، فقال العباس : يا رسول الله الا الاذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم ، فقال : الا الاذخر) ، وله طريق أخرى عن ابن عباس يرويه عكرمة عنه مختصرا : (إن الله عزوجل حرم مكة ، فلم تحل لاحد قبلي ، ولا تحل لاحد بعدي ، وإنها أحلت لي ساعة من نهار ، لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يلتقط لقطتها الا لمعرف ، فقال العباس يا رسول الله إلا الاذخر لصاغتنا وبيوتنا ، قال (الا الاذخر) . أخرجه البخاري (1 / 338) والبيهقي . وله شاهد من حديث أبي هريرة نحو حديث طاوس عن ابن عباس إلا أنه قال : قبورنا وبيوتنا ، وزاد فيه : (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، إما أن يفدى ، وإما أن يقتل) . وزاد في آخره : (فقام أبو شاه - رجل من اليمن - فقال : كتبوا لي يا رسول الله ، فقال رسول الله (ص) : اكتبوا لابي شاة) . أخرجه البخاري (1 / 40 - 41) ومسلم (4 / 110) وأبو داود (2017) وأبو نعيم والبيهقي وأحمد (2 / 238) من طرق عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة ثنا أبو هريرة . وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الامام أحمد : (ليس يروى في كتابة الحديث شئ أصح من هذا الحديث ، لان النبي (ص) أمرهم قال : (اكتبوا لابي شاة) ما سمع النبي (ص) ، : خطبته) . وللحديث شاهد مختصر من حديث صفية بنت شيبة سمعت النبي (ص) يخطب عام الفتح : فذكرته . أخرجه ابن ماجه (3109) بسند جيد ، وعلقه البخاري بصيغة
[ 250 ]
الجزم ، وقواه البوصيري في (الزوائد) خلافا لما نقله السندي في حاشيته عنه ، وتبعه محمد فواد عبد الباقي . 1058 - (حديث علي في تحريم صيد حرم المدينة) ص 255 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 467 ، 2 / 296 ، 298 ، 4 / 289 ، 425) ومسلم (4 / 115) وأبو نعيم (20 / 179 / 2) وأبو داود (2034) والبيهقي (5 / 196) والطيالسي (184) وأحمد (1 / 81 ، 126 ، 151) من طريق ابراهيم التيمى عن أبيه قال : (خطبنا على بن أبي طالب فقال : من زعم أن عندنا شيئا نقرأه الا كتاب الله وهذه الصحيفة ، قال : - وصحيفة معلقة في قراب سيفه - فقد كذب ، فيها أسنان الابل ، وأشياء من الجراحات ، وفيها قال النبي (ص) : المدينة حرم ، ما بين عير إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا ، فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، وذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم ، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا) . والسياق لمسلم ، وفي رواية أبي داود ، وهو رواية للبخاري بلفظ : (ما كتبنا عن رسول الله (ص) إلا القرآن ، وما في هذه الصحيفة . . .) . وله طريق أخرى ، عن قتادة عن أبي حسان أن عليا رضي الله عنه ، كان يأمر بالامر ، فيؤتى ، فيقال : قد فعلنا كذا وكذا ، فيقول : صدق الله ورسوله قال : فقال له الاشتر : إن هذا الذي تقول قد تفشع في الناس ، أفشئ عهده إليك رسول الله (ص) ؟ قال على رضي الله عنه : ما عهد الي رسول الله (ص) شيئا خاصة دون الناس ، الا شئ سمعته منه ، فهو في صحيفة في قراب سيفى ، قال : فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة ، قال : فإذا فيها : ان
[ 251 ]
ابراهيم حرم مكة ، وإني أحرم المدينة ، حرام ما بين حرتيها ، وحماها كلها ، لا يختلى خلاها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تلتقط لقطتها ، الا لمن أشار بها ، ولا تقطع منها شجرة ، إلا أن يعلف رجل بعيره ، ولا يحمل فيها السلاح لقتال ، (قال : وإذا فيها :) المؤمنون تتكافأ دمأوهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده) . أخرجه الامام أحمد (1 / 119) وأبو داود (2035) والنسائي (2 / 241) مختصرا بسند صحيح على شرط مسلم ، وأبو حسان هو الاعرج اسمه مسلم بن عبد الله . والاستثناء المذكور (الا ان يعلف رجل بعيره) . له شاهد في (المسند) (3 / 393) عن جابر . وفيه ابن لهيعة . وللحديث شواهد كثيرة ، اذكر بعضها : فمنها عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا بلفظ : (إنى أحرم ما بين لابتي المدينة : أن يقطع عضاهها ، أو يقتل صيدها وقال : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، لا يدعها أحد رغبة عنها ، إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لاوائها وجهدها ، إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة) . أخرجه مسلم وأبو نعيم وأحمد (1 / 181 ، 184 ، 185) . ومنها عن جابر قال : قال النبي (ص) : (ان إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، لا يقطع عضاهها ، ولا يصاد صيدها) . أخرج مسلم وأبو نعيم والبيهقي (5 / 198) . 1059 - (وقوله : (ولا يعضد سجرها ولا يحش حشيشها) . (وفي رواية : لا يختلى شوكها) - فقال العباس : إلا الاذخر فإنه لابد لهم
[ 252 ]
منه فإنه للقبور والبيوت . فقال : إلا الاذخر . متفق عليه) . ص 255 صحيح . وهو من حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عباس واللفظ للاول منهما ، وليس عندهما (ولا يحش حشيشها) وقد سبق لفظهما وتخريجهما قبل حديث . 1060 - (لما روي عن ابن عباس أنه قال : (في الدوحة بقرة وفي الجزلة شاة)) . ص 256 لم أقف عليه عن ابن عباس ، وقد روي بعضه عن ابن الزبير ، فروى البيهقي (5 / 196) عن الشافعي أنه قال في الاملاء : (والفدية في متقدم الخبر عن ابن الزبير وعطاء مجتمعة في أن في الدوحة بقرة ، والدوحة الشجرة العظيمة ، وقال عطاء : في الشجرة دونها شاة) . قال البيهقي : (روينا عن ابن جريج عن عطاء في الرجل يقطع من شجر الحرم ، قال في القضيب درهم ، وفي الدوحة بقرة) . (تنبيه) : فسر المصنف رحمه الله (الدوحة) بالشجرة الكبيرة ، و (الجزلة) بالشجرة الصغيرة . وفي تفسير الجزلة بما ذكر نظر ، فإن الذي في (النهاية) و (القاموس) أن (الجزلة) بالكسر القطعة العظيمة ، فالظاهر أن المعنى القطعة الكبيرة من الشجرة . فلعل تفسير المؤلف تفسير مراد . والله أعلم . 1061 - (لقول جابر : (كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له : والبقرة ؟ فقال : وهل هي إلا من البدن ؟) . رواه مسلم) ص 256 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 88) وكذا أبو نعيم (20 / 170 / 2) والبيهقي (9 / 295) وأحمد (3 / 378) من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال : فذكره بلفظ : (اشتركنا مع النبي (ص) في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة ، فقال رجل
[ 253 ]
لجابر : أيشترك في البقرة (ووقع في مسلم : البدنة) ما يشترك في الجزور ؟ قال : ما هي إلا من البدن ، وحضر جابر الحديبية قال : نحرنا يومئذ سبعين بدنة ، اشتركنا كل سبعة في بدنة) . وليس عند أحمد قوله : (فقال رجل . . .) وكذلك رواه ابن الجارود (479) ورواه مالك (2 / 486 / 9) عن أبي الزبير المكي به بلفظ : (نحرنا مع رسول الله (ص) ، عام الحديبية البدنة ، والبقرة عن سبعة) . وأخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (2809) والترمذي ى (1 / 284) والدارمي (2 / 78) وابن ماجه (3132) والبيهقي (5 / 168 ، 169) كلهم من طريق مالك به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وتابعه سفيان عن أبى الزبير به . دون قوله : (والبقرة عن سبعة : أخرجه الدارمي والدارقطني (ص 265) والحاكم (4 / 230) ، وزادوا : (فقال رسول الله (ص) : اشتركوا في الهدي) . الا أن الحاكم قال : (البدنة عن عشرة) . وهو شاذ كما أشار إلى ذلك الذهبي في (تلخيصه) . وتابعه زهير ثنا أبو الزبير به بلفظ : (خرجنا مع رسول الله (ص) ، مهلين بالحج معنا النساء والولدان . . .) الحديث وفيه : (وأمرنا رسول الله أن نشترك في الابل والبقر كل سبعة منا في بدنة) . أخرجه أحمد (3 / 291 - 293) ومسلم وأبو نعيم . وتابعه عطاء عن جابر بلفظ : (كنا نتمتع مع رسول الله (ص) بالعمرة ، فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها) .
[ 254 ]
أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود (2807) والنسائي (2 / 205) وأحمد (304 ، 318 ، 366) . ورواه البيهقي (9 / 295) مختصرا مرفوعا بلفظ : (البقرة عن سبعة ، والبدنة عن سبعة) . وهو رواية لاحمد (3 / 363 ، 364) . وله ثلاث طرق أخرى عن جابر ، وفيها كلها : (البدنة عن سبعة) مما يؤكد شذوذ رواية الحام المتقدمة . أخرجها أحمد (3 / 316 ، 335 ، 353) . وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا به نحوه إلا أنه قال : (وفي البعير سبعة أو عشرة) . أخرجه ابن حبان (1050) وكذا الحاكم (4 / 230) إلا أنه قال : (وفي الجزور عن عشرة) ولم يشك . وفي إسنادهما الحسين بن واقد وهو ثقة له أوهام كما في (التقريب) فلعل الشك منه . وفي الباب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بلفظ : (الجزور في الاضحى عن عشرة) . أخرجه ابن عدي (19 / 2) والدارقطني (ص 265) من طريق أيوب أبي الجمل نا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود . وقال ابن عدي : (لا يرويه عن عطاء غير أبي الجمل) . وكذا قال الدارقطني وزاد : (وهو ضعيف) . وعطاء كان اختلط ، وبه أعله الهيثمي (4 / 20) وعزاه للطبراني في (الكبير) .
[ 255 ]
وروى الدارقطني نحوه عن المسور بن مخرمة ومروان مرفوعا . وفيه عنعنة ابن إسحاق . 1062 - (قول ابن عباس : (أتى النبي (ص) رجل فقال إن علي بدنة وأنا موسر ، ولا أجدها فأشتريها ، فأمره النبي (ص) أن يبتاع سبع شياة فيذبحهن) . رواه أحمد وابن ماجه) . ص 256 ضعيف . أخرجه أحمد (1 / 311 ، 312) وابن ماجه (3136) من طريق ابن جريج ، قال : قال عطاء الخراساني عن ابن عباس . قلت : وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين الخراساني وابن عباس فانه لم يدركه كما يأتي عن البيهقي ، وابن جريج مدلس ولم يصرح بالتحديث . لكنه قد توبع فرواه ابن وهب أخبرني اسماعيل بن عياش عن عطاء الخراساني به . أخرجه البيهقي (5 / 169) وقال : (وكذلك رواه ابن جريج عن عطاء الخراساني ، أورده أبو داود في (المراسيل) لان عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ، وقد روي موقوفا) . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 191 / 1) : (هذا إسناد رجاله رجال الصحيح ، وفيه مقال ، عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس ، قاله الامام أحمد ، قال شيخنا أبو زرعة : روايته عن ابن عباس في (صحيح البخاري) . قلت : وابن جريج مدلس ، وقد رواه بالعنعنة قال يحيى بن سعيد القطان : ابن جريج عن عطاء الخراساني ضعيف ، وإنما هو كتاب دفعه ، إليه) . قلت : أخرج البخاري عن ابن جريج باسناده هذا عن ابن عباس حديثين لكنه لم يقع عنده أنه الخراساني ، ولدلك مال الحافظ في (التهذيب) إلى أنه عطاء بن أبي رباح ، واحتج على ذلك بان الخراساني ذكره البخاري في (الضعفاء) ، فبعيد جدا أن يحتج به في (الصحيح) . فراجع تمام البحث في المصدر المذكور .
[ 256 ]
باب اركان الحج وواجباته 1063 - (حديث : (إنما الاعمال بالنيات)) . ص 257 صحيح . وهو متفق عليه ، وقد مضى تخريجه في أول (الطهارة) (رقم 22) 1064 - (حديث : (الحج عرفة) ، رواه أبو داود) ص 257 صحيح . أخرجه أبو داود (1949) والنسائي (2 / 45 - 46 ، 48) والترمذي (1 / 168) والدارمي (2 / 59) وابن ماجه (3015) والطحاوي (1 / 408) وابن الجارود (468) وابن حبان (1009) والدارقطني (264) والحاكم (1 / 464 ، 2 / 278) والبيهقي (5 / 116 ، 173) والطيالسي (1309) وأحمد (4 / 309 ، 309 - 310 ، 335) والحميدي (899) عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلى قال : (أتيت النبي (ص) ، وهو بعرفة ، فجاء ناس ، أو نفر ، من أهل نجد فأمروا رجلا ، فنادى رسول الله (ص) ، : كيف الحج ؟ فأمر رسول الله (ص) رجلا ، فنادى : الحج ، الحج يوم عرفة ، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فتمم حجه ، أيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين ، فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه ، قال : ثم أردف رجلا خلفه ، فجعله ينادي) . وزاد الترمذي والبيهقي - واللفظ له - : (قال سفيان بن عينية : قلت : لسفيان الثوري : ليس عندكم بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من هذا) .
[ 257 ]
وقال ابن ماجه : (قال محمد بن يحيى : ما أرى للثوي حديثا أشرف منه) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . وله شاهد من حديث عروة بن مضرس يأتي بعد حديث . ثم إن للحديث شاهدا آخر من رواية ابن عباس مختصرا مرفوعا بلفظ : (الحج عرفة) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 119 / 2) عن عبد السلام بن حرب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس - لا أعلمه إلا قال : - قال النبي (ص) ، وقال : (لا يروى عن ابن عباس الا بهذا الاسناد) . قلت : وهو ضعيف من أجل خصيف ، فإنه سئ الحفظ ، قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه الطبراني في (الاوسط) أيضا من طريق عمر بن قيس عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : (من أدرك عرفة قبل طلوع الفجر ، فقد أدرك الحج) . وقال الطبراني : (لم يروه عن عطاء إلا عمر) . كذا قال : وعمر ضعيف متروك ، وهو المكي المعروف ب‍ (سندل) ، ولكنه لم يتفرد به ، بل تابعه ابن أبي ليلى عن عطاء به أتم منه ، ولفظه : (من أدرك عرفات ، فوقف بها والمزدلفة ، فقد تم حجه ، ومن فاته عرفات ، فقد فاته الحج ، فليحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل) . أخرجه الدارقطني (264) . وابن أبي ليلى - واسمه محمد بن عبد الرحمن - صدوق سئ الحفظ ، وقد
[ 258 ]
روي عنه عن عطاء ونافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : (من وقف بعرفات بليل ، فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفات بليل ، فقد فاته الحج . ، فليحل بعمرة ، عليه الحج من قابل) أخرجه الدارقطني أيضا من طريق رحمة بن مصعب ابي هاشم الفراء (رحمة بن مصعب ضعيف ، ولم يأت به غيره) . 1065 - (قول جابر (لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع . قال أبو الزبير : فقلت له : أقال رسول الله (ص) ذلك ؟ قال : نعم .) رواه الاثرم) ص 257 لم أقف على إسناده . وقد عزاه للاثرم أيضا الشيخ ابن قدامة في (المغني) (3 / 145) ثم رأيت البيهقي قد أخرج (5 / 174) بإسناده عن ابن وهب : أخبرني ابن جريح عن عطاء بن أبي رباح قال : (لا يفوت الحج حتى ينفجر من ليلة جمع ، قال : قلت لعطاء : أبلغك ذلك عن رسول الله (ص) ؟ قال عطاء : نعم) . وبإسناده عن ابن وهب أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله إنه قال ذلك . قلت : وهذا سند صحيح إن كان ابن جريج سمعه من أبي الزبير فإنه مدلس . ومثله أبو الزبير أيضا ، لكنه قد سمعه من جابر بدليل رواية الاثرم . والله أعلم 1066 - (حديث عروة بن مضرس بن أوس حارثة بن لام الطائي قال (أتيت رسول الله (ص) بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت : يا رسول الله إني جئت من جبل طئ ، أكللت راحلتي وأتعبت .
[ 259 ]
نفسي ، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله (ص) : من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه الخمسة وصححه الترمذي) . ص 257 صحيح . أخرجه أبو داود (1950) والنسائي (2 / 48) والترمذي (1 / 169) والدارمي (2 / 59) وابن ماجه (3016) والطحاوي (1 / 408) وابن الجارود (467) وابن حبان (1010) والدارقطني (264) والحاكم (1 / 463) والبيهقي (5 / 116) والطيالسي (1282) وأحمد (4 / 15 ، 261 ، 262) والحميدي (900 ، 901) من طرق عن الشعبي عن عروة به . وزاد أحمد والبيهقي في رواية لهما عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عنه بلفظ : (أنه حج على عهد رسول الله (ص) ، فلم يدرك الناس إلا ليلا وهو يجمع ، فانطلق إلى عرفات ، فأفاض منها ، ثم رجع فأتى جمعا ، فقال : يا رسول الله ! أتعبت نفسي . . .) الحديث . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أن ابن أبي زائدة كان يدلس وقد عنعنه . وأورده الهيثمي بهذه الزيادة وقال (3 / 254) : (رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه ، ورجال أحمد رجال الصحيح) . قلت : لكن فيه العنعنة المشار إليها . وهناك زيادة أخرى غريبة ، أخرجها أبو يعلى في (مسنده) (ق 62 / 2) من طريق مطرف عن عامر به بلفظ : (ومن لم يدرك جمعا فلا حج له) . قلت : وسكت عليها الحافظ في (التلخيص) (ص 216) ، وأنا أظن أنها مدرجة من كلام الشعبي ، فقد زاد الدارقطني عقب الحديث في رواية له : (قال الشعبي : ومن لم يقف بجمع جعلها عمرة) .
[ 260 ]
ثم قال الحافظ : (وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما) . 1067 - (حديث : (الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك) رواه الخمسة) . ص 258 صحيح . وقد تقدم تخريجه قبل حديثين ، واللفظ هنا للترمذي ، وسقته هناك بلفظ أبي داود . 1068 - (روي ان عمر قال لهبار بن الاسود لما حج من الشام وقدم يوم النحر : ما حبسك ؟ قال : حسبت أن اليوم عرفة ، فلم يعذر بذلك . رواه الاثرم) . ص 258 . صحيح . أخرجه مالك (1 / 383 / 154) عن سليمان بن يسار : (أن هبار بن الاسود جاء يوم النحر ، وعمر بن الخطاب ينحر هديه ، فقال : يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة ، كنا نرى أن هذا اليوم يوم عرفة ، فقال عمر : اذهب إلى مكة ، فطف أنت ومن معك ، وانحروا هديا إن كان معكم ، ثم احلقوا أو اقصروا وارجعوا ، فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع) . قلت : وهذا سند صحيح ، والهبار صحابي معروف له ترجمة في (الاصابة) وغيره . وأخرجه الشافعي (1105) والبيهقي (5 / 174) من ، طريق مالك ، والبخاري في (التاريخ) من طريق موسى بن عقبة عن سليمان بن يسار عن هبار ابن الاسود أنه حدثه به مختصرا . 1069 - (عن عائشة قالت : (حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت . قالت : فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فقال : أحابستنا
[ 261 ]
هي ؟ قلت : يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ، ثم حاضت بعد الافاضة . قال : فلتنفر إذا) متفق عليه) . ص 258 صحيح . وله عنها طرق : الاولى والثانية : عن أبي سلمة وعروة عنها . أخرجه البخاري (3 / 173) ومسلم (4 / 93) وأبو نعيم (20 / 172 / 2) والنسائي في (السنن الكبرى) (94 / 2) وابن ماجه (3072) والطحاوي (1 / 422) والبيهقي (5 / 162) من طريق الزهري عنهما . ثم أخرجه البخاري (1 / 434) وأحمد (6 / 185) من طريقين آخرين عن أبي سلمة وحده . وفيه عند البخاري : (فاراد النبي (ص) منها ما يريد الرجل من أهله ، فقلت : يا رسول الله إنها حائض . .) الحديث نحوه . وهكذا أخرجه مسلم وأبو نعيم (20 / 173 / 1) والنسائي (95 / 1) عن أبي سلمة وحده . وأخرجه مالك (1 / 413 / 228) وعنه أبو داود (2003) وابن الجارود (496) وكذا النسائي والبيهقي (5 / 162) وأحمد (6 / 164 ، 202 ، 207 ، 213 ، 231) عن عروة وحده بنحوه بدون الزيادة . الثالثة : عن الاسود عنها قالت : (لما أراد النبي (ص) أن ينفر ، إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة ، فقال : عقري حلقى ، إنك لحابستنا ، ثم قال لها : أكنت أفضت يوم النحر ؟ قالت : نعم ، قال : فانفري) . أخرجه البخاري (1 / 440 ، 442 - 443 ، 3 / 479) ومسلم وأبو نعيم والنسائي والدارمي (2 / 68) وابن ماجه (3073) والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 122 ، 175 ، 213 ، 2 4 ، 253) .
[ 262 ]
الرابعة : عن القاسم بن محمد عنها نحو الطريق الاولى . أخرجه مسلم وأبو نعيم ومالك (412 / 225) والنسائي والترمذي (1 / 177) والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 99 ، 192 - 193 ، 207) وزاد : (أن صفية حاضت بمنى وقد أفاضت) . الخامسة : عن عمرة بنت عبد الرحمن عنها نحوه . أخرجه مسلم وأبو نعيم ومالك (226) والنسائي والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 177) . وقد وقعت لام سليم مثل هذه القصة ، وروتها عن صفية أيضا ، فقال قتادة عن عكرمة قال : (إن زيد بن ثابت وابن عباس اختلفا في المرأة تحيض بعد الزيارة في يوم النحر ، بعد ما طافت بالبيت ، فقال زيد : يكون آخر عهدها الطواف بالبيت ، وقال ابن عباس : تنفر ان شاءت ، فقال الانصار : لا نتابعك يا ابن عباس ، وأنت تخالف زيدا ، وقال : واسألوا صاحبتكم أم سليم ، فقالت : حضت بعد ما طفت بالبيت يوم النحر ، فأمرني رسول الله (ص) أن أنفر ، وحاضت صفية ، فقالت لها عائشة : الخيبة لك انك لحابستنا (فذكر ذلك للنبي (ص) ، فقال : مروها فلتنفر) . أخرجه الطحاوي والطيالسي (1651) وأحمد (6 / 431) . قلت : وإسناده صحيح . وهو عند مسلم وأبي نعيم وغيرهما من طريق طاوس قال : كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت . . . فذكر نحوه دون قصة صفية ، ويأتى بتمامه في تخريج الحديث (1086) . وعن أنس أن أم سليم حاضت بعدما أفاضت ، فأمرها النبي (ص) أن تنفر .
[ 263 ]
أخرجه الطحاوي والطبراني في (الاوسط) (1 / 122 / 2) بسند صحيح . 1070 - (قول ابن عمر : (أفاض رسول الله (ص) يوم النحر) متفق عليه) . ص 259 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 84) وأبو نعيم (20 / 168 / 2) وأبو داود (1998) والنسائي في (السنن الكبرى) (ق 94 / 1) وابن الجارود (486) والحاكم (1 / 475) والبيهقي (5 / 144) وأحمد (2 / 34) كلهم عن عبد الرزاق : أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : (أن رسول الله (ص) أفاض يوم النحر ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى ، قال نافع : فكان ابن عمر يفيض يوم النحر ، ثم يرجع فيصلى الظهر بمنى ، ويذكر أن النبي (ص) فعله) . قلت : وعلقه البخاري في (صحيحه) بقوله بعد أن ساقه من طريق سفيان عن عبيد الله به موقوفا : (ورفعه عبد الرزاق قال : أخبرنا عبيد الله) . ولم يسق لفظه . فعزو المصنف الحديث للمتفق عليه لا يخفي ما فيه ، وهو تابع في ذلك للمجد ابن تيمية في (المنتقى) ! ولم ينبه على ذلك شارحه الشوكاني (4 / 298) ! وللحديث شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (حججنا مع رسول الله (ص) ، فأفضنا يوم النحر ، فحاضت صفية ، فأراد النبي (ص) . . .) الحديث . أخرجه البخاري (1 / 434) وتقدم تمامه في الحديث الذي قبله . وله شاهد آخر من حديث جابر في حديثه الطويل في (حجته (ص)) : (ثم ركب رسول الله (ص) ، فأفاض إلى البيت ، فصلى بمكة الظهر) .
[ 264 ]
أخرجه مسلم (4 / 42) وأصحاب السنن وأحمد وغيرهم ، ولنا فيه رسالة خاصة طبعت للمرة الثانية . (فائدة) قد عارض هذا الحديث ما علقه البخاري بقوله : (وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس : أخر النبي (ص) الزيارة إلى الليل) . وقد وصله أبو داود (2000) والنسائي والترمذي (1 / 173) والبيهقي وأحمد (1 / 288 ، 309 ، 6 / 215) من طرق عن سفيان عن أبي الزبير به بلفظ : (أخر طواف (وفي لفظ : الطواف) يوم النحر إلى الليل) . وفي رواية لاحمد بلفظ : (أفاض رسول الله (ص) ، من منى ليلا) . وقد تأول هذا الحديث الحافظ ابن حجر (3 / 452) فقال : (يحمل حديث جابر وابن عمر على اليوم الاول ، وهذا الحديث على بقية الايام) قلت : وهذا التأويل ممكن بناء على اللفظ الذي عند البخاري : (آخر الزيارة إلى الليل) . وأما الالفاظ الاخرى فهي تأبى ذلك لانها صريحة في أنه طواف الافاضة في اليوم الاول يوم النحر . ولذلك فلابد من الترجيح ، ومما لا شك فيه أن حديث ابن عمر أصح من هذا مع ما له من الشاهدين من حديث جابر وعائشة نفسها ، بل إن هذا معلول عندي ، فقد قال البيهقي عقبه : (وأبو الزبير سمع من ابن عباس ، وفي سماعه من عائشة نظر ، قاله البخاري) . قلت : وهذا إعلال قاصر ، لانه إن سمع من ابن عباس فالحديث متصل
[ 265 ]
من هذا الوجه ، فلا يضره بعد ذلك إنقطاعه من طريق عائشة ، وإنما العلة رواية أبي الزبير إياه بالعنعنة ، وهو معروف بالتدليس ، فلا يحتج من حديثه إلا بما صرح فيه بالتحديث حتى في روايته عن جابر ، ولذلك قال الذهبي في ترجمته من (الميزان) : (وفي (صحيح مسلم) عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر ، ولا هي من طريق الليث عنه ، ففي القلب منها شئ) . ومن هنا تعلم أن قول الترمذي في هذا الحديث : (حسن صحيح) غير مسلم . ولا يشد من عضده ما رواه عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة أيضا : (أن النبي (ص) أذن لاصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهيرة وزار رسول الله (ص) مع نسائه ليلا) . أخرجه البيهقي : فان سنده ضعيف جدا من أجل عمر بن قيس هذا وهو المعروف ب‍ (سندل) فإنه متروك . ولا ينفعه أنه تابعه محمد بن إسحاق عن (عبد الرحمن بن القاسم به نحوه ، فإنه مدلس وقد عنعنه أيضا كما سيأتي برقم (1082) 1071 - (قول عائشة : (طاف رسول الله (ص) وطاف المسلمون - تعني : بين الصفا والمروة - فكانت سنة فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة)) . رواه مسلم . ص 259 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 68 - 69) وابن ماجه (2986) وكذا أبو نعيم في (المستخرج) (20 / 162 / 1 - 2) ثلاثتهم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة : أخبرني أبي قال : قلت لعائشة : ما أرى على جناحا أن لا أتطوف بين الصفا والمروة ، قالت . : لم ؟ قلت : لان الله عزوجل يقول : (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الاية ،
[ 266 ]
فقالت : لو كان كما تقول لكان : (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) ، إنما أنزل هذا في أناس من الانصار كانوا إذا أهلوا ، هلوا لمناة في الجاهلية ، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما قدموا مع النبي (ص) للحج ، ذكروا ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الاية ، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة) . وتابعه مالك في (الموطأ) (1 / 373 / 129) وعنه البخاري (1 / 448 و 3 / 200) وأبو داود (1901) والبيهقي (5 / 96) كلهم عن مالك به دون قوله (فلعمري . . .) . وزاد : (وكانت مناة حذو قديد) . ثم أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقي من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة به إلا أنه قال : (وهل تدري فيما كان ذاك ؟ إنما كان ذاك أن الانصار كانوا يهلون في الجاهلية لصمين على شط البحر يقال لهما (إساف) و (نائلة) ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ، ثم يحلقون ، فلما جاء الاسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية ، قالت : فأنزل الله . . .) . قال البيهقي : (كذا قال أبو معاوية عن هشام : أن الاية نزلت في الذين كانوا يطوفون بين الصفا والمروة في الجاهلية ، خلافا لما رواه أبو أسامة عن هشام نحو رواية مالك ، في أنها نزلت فيمن لا يطوف بينهما ، ويحتمل أن يكون كلاهما صحيحا) . يعنى أن بعضهم كان يطوف ، وبعضهم لا يطوف ، وسيأتى ما يشهد لهذا من رواية الزهري عن عروة . ورواه سفيان قال : سمعت الزهري يحدث عن عروة قال : قلت لعائشة زوج النبي الله : ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئا ، وما
[ 267 ]
أبالي أن لا أطوف بينهما ، قالت : بئس ما قلت يا ابن أختي ، طاف رسول الله (ص) ، وطاف المسلمون ، فكانت سنة ، وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي ب‍ (المشلل) لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فلما كان الاسلام ، سألنا النبي (ص) ، عن ذلك ، فأنزل الله عزوجل (إن الصفا . . . الاية) ولو كانت كما تقول ، لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما . قال الزهري : فذكرت ذلك لابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأعجبه ذلك ، وقال : إن هذا العلم ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروه من العرب يقولون ان طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية ، وقال آخرون من الانصار إنما أمرنا بالطواف بالبيت ، ولم نؤمر به بين الصفا والمروة ، فأنزل الله عزوجل : (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ، قال أبو بكر بن عبد الرحمن فأراها قد نزلت في هؤلاء ، وهؤلاء) . أخرجه البخاري (3 / 340) ومسلم وأبو نعيم والترمذي (1 / 160) وقال : (حديث حسن صحيح) . قلت : ففي قوله (ان طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية) ما يدل على أنهم كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية . فهي تؤيد رواية أبي معاوية المتقدمة عن هشام بن عروة عن أبيه . وقد رواه شعيب عن الزهري عن عروة به وزاد بعد قوله : (فأنزل الله (ان الصفا . . .)) . (قالت عائشة رضي الله عنها : وقد سن رسول الله (ص) الطواف بينهما ، فليس لاحد أن يترك الطواف بينهما) . (قال الزهري) : (ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن ، فقال : إن هذا لعلم ما كنت سمعته ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون : أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة ، فلما ذكر الله
[ 268 ]
الطواف بالبيت ، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا : يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة ، وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا ، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة ؟ فأنزل الله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الاية ، قال أبو بكر : فأسمع هذه الاية نزلت في الفريقين كليهما ، في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة ، والذين يطوفون ، ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الاسلام ، من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت ، ولم يذكر الصفا والمروة ، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت) . أخرجه البخاري (1 / 414) والنسائي (2 / 41) دون قول الزهري : (ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن . . .) . وكذلك رواه مسلم (4 / 69 - 70) وأبو نعيم عن عقيل ويونس ، وأحمد (6 / 144 ، 227) عن ابراهيم ابن سعد ، ثلاثتهم عن الزهري به دون حديث أبي بكر بن عبد الرحمن . وقال البيهقى : (ورواية الزهري عن عروة توافق رواية مالك وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه ، وروايته عن أبي بكر بن عبد الرحمن توافق رواية أبى معاوية عن هشام ، ثم قد حمله أبو بكر على الامرين جميعا ، وأن الاية نزلت في الفريقين معا . والله أعلم) . قلت : وقد رواه معمر عن الزهري مثل رواية أبي معاوية عن هشام بن عروة ولفظه : (عن عائشة في قوله عزوجل (ان الصفا والمروة من شعائر الله) قالت : كان رجال من الانصار ممن يهل لمناة في الجاهلية - ومناة صنم بين مكة والمدينة - قالوا : يا نبي الله إنا كنا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من حرج أن نطوف بهما ؟ فأنزل الله عز وجل (إن الصفا والمروة من شعائر الله . . .) الاية) . أخرجه أحمد (6 / 162 - 163) بسند صحيح . 1072 - (حديث : (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) رواه
[ 269 ]
أحمد وابن ماجه) . ص 259 صحيح . أخرجه الامام أحمد (6 / 421) وكذا ابن سعد في (الطبقات) (8 / 180) والحاكم (4 / 70) والطبراني في (الكبير) كما في (المجمع) (3 / 247) من طريق عبد الله بن المؤمل المكي عن عمر بن عبد الرحمن بن محصن حدثنى عطاء بن أبي رباح عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت : (دخلت على دار أبي حسين في نسوة من قريش ، ورسول الله (ص) يطوف بين الصفا والمروة ، وهو يسعى ، يدور به إزاره من شدة السعي ، وهو يقول لاصحابه : اسعوا . . .) . وأخرجه الشافعي (1025) وعنه الدارقطني (270) والبيهقي (5 / 98) وأبو نعيم في (الحلية) (9 / 159) عن عبد الله بن المؤمل به الا أنه زاد في الاسناد فقال : (عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني بنت أبي تجرأة . . .) وهو رواية لاحمد ، لكنه أسقط منه عمر بن عبد الرحمن ، فجعله من رواية عبد الله بن المؤمل عن عطاء بن أبي رباح . قلت : ولعل هذا الاختلاف من ابن المؤمل نفسه فإنه ضعيف ، قال الهيثمي : (وثقة ابن حبان ، وقال : يخطئ ، وضعفه غير واحد) . ولذلك قال الذهبي في (التلخيص) : (هذا الحديث لم يصح) . وفي هذا الاطلاق نظر ، فقد جاء من طريق أخرى عن معروف بن مشكان أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية قالت : أخبرتني نسوة من بنى عبد الدار اللاتي أدركن رسول الله (ص) ، قلن : (دخلنا دار ابن أبي حسين ، فاطلعنا من باب مقطع ، فرأينا رسول الله (ص) يشتد في السعي ، حتى إذا بلغ زقاق بني فلان - موضعا قد سماه من
[ 270 ]
المسعى - استقبل الناس ، وقال : يا ايها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم) . أخرجه الدارقطني (270) والبيهقي (5 / 97) . قلت : وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير ابن مشكان هذا ، وقد روى عنه جماعة من الثقات مثل عبد الله بن المبارك ومروان بن معاوية وبشر بن السري وغيرهم ، وكان أحد القراء المشهورين ، ولم يذكر فيه صاحب (الجرح والتعديل) فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذا صاحب (التهذيب) ، لكن شهرته هذه مع رواية الثقات عنه تغني عن نقل في توثيقه ، ولذلك قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق) ، ولهذا صحح إسناده الحافظان المزي وابن عبد الهادي ، فقال الثاني في (تنقيح التحقيق) (2 / 116 / 1) : (قال شيخنا : والحديث صحيح الاسناد ، ومنصور بن عبد الرحمن هو ثقة مخرج له في (الصحيحين) . قال شيخنا : وليس هذا بمنصور بن عبد الرحمن الفداني) . هكذا في نسختنا المخطوطة من (التنقيح) ، ويظهر أن فيها سقطا فقد نقل عبارته الحافظ الزيلعى في (نصب الراية) (3 / 56) وزاد بعد تصحيح إسناده : (ومعروف بن مشكان باني كعبة الرحمن صدوق ، لا نعلم من تكلم فيه ، ومنصور . . .) . وقال الحافظ في (الفتح) بعد أن ساقه من الطريق الاولى : (له طريق أخرى في (صحيح ابن خزيمة) مختصرا ، وعند الطبراني عن ابن عباس كالاولى ، وإذا انضمت إلى الاولى قويت) . وللحديث طرق أخرى أوردتها في كتابنا (حجة الوداع) الكبير . (تنبيه) عزاه المصنف لابن ماجه وهو وهم سبقه إليه في (المغني) (3 / 389)
[ 271 ]
1073 - (حديث (أن النبي (ص) وقتف إلى الغروب) . ص 259 صحيح . وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجة النبي (ص) ، أخرجه مسلم وغيره من أصحاب السنن وغيرهم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عنه بلفظ : (فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص . . .) . ولنا في هذا الحديث رسالة خاصة ، وقد تم طبعها الطبعة الثانية مع زيادات هامة في المكتب الاسلامي في بيروت . وفي الباب عن على رضي الله عنه قال : (وقف رسول الله (ص) بعرفة ، فقال : هذه عرفة ، وهذا هو الموقف ، وعرفة كلها موقف ، ثم أفاض حين غربت الشمس) . أخرجه الترمذي (1 / 167) وابن الجارود (471) وغيرهما وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 1074 - (حديث : (خذوا عني مناسككم)) . ص 259 صحيح . اخرجه مسلم (4 / 79) وأبو نعيم في (المستخرج) (21 / 166 / 2) وأبو داود (1970) والنسائي (2 / 50) والترمذي (1 / 168) مختصرا وابن ماجه (3023) وأحمد (3 / 301 ، 318 ، 332 337 ، 367 ، 378) وأبو يعلى في (مسنده) (ق 119 / 1) والبيهقي (5 / 130) من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : (رأيت رسول الله (ص) يرمي الجمرة ، وهو على بعيره ، وهو يقول : يا أيها الناس خذوا مناسككم ، فإنى لا أدري لعلي لا أحج بعد عامى هذا) . واللفظ للنسائي ، ولفظ مسلم وغيره : (رأيت النبي (ص) يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول : لتاخذوا
[ 272 ]
مناسككم (ولفظ ابن ماجه وكذا أحمد في رواية : لتأخذ أمتي مناسكها) فاني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتى هذه) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . (تنبيه) عزى الحديث الحافظ في (التلخيص) (218) للشيخين وهو وهم وإنما هو من إفراد مسلم عنه . 1075 - (حديث : (أن النبي (ص) بات بمزدلفة ، وقال : لتأخذوا عني مناسككم)) . ص 259 صحيح . وهذا السياق من المصنف يشعر أنه حديث واحد ، وليس كذلك ، فإن قوله (لتاخذوا . . .) حديث مختلف المخرج عن هذا ، وتقدم تخريجه آنفا ، وفيه أنه قاله وهو يرمي جمرة العقبة ، وليس فيه (عني) عند أحد مخرجيه الذين ذكرنا . وأما البيات فهو حديث آخر ، وهو حديث جابر الطويل عند مسلم وغيره كما سبقت الاشارة إليه آنفا ، ولفظه : (حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء ، بأذان واحد ، وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله (ص) حتى طلع الفجر ، وصلى الفجر حين تبين له الصبح ، بأذان وإقامة) . 1076 - (عن ابن عباس قال : (كنت فيمن قدم النبي (ص) في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى) متفق عليه) . ص 259 صحيح . وله عن ابن عباس طرق : الاولى : عن عبيدالله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول : (أنا ممن قدم النبي (ص) ليلة المزدلفة في ضعفة أهله) . أخرجه البخاري (1 / 422 - 423) ومسلم (4 / 77) وأبو نعيم
[ 273 ]
(21 / 166 / 1) وأبو داود (1939) والنسائي (2 / 47) وكذا الشافعي (1077) والبيهقي (5 / 123) والطيالسي (1 / 222) وأحمد (1 / 222) والحميدي (463) كلهم عن سفيان وهو ابن عيينة عن عبيد الله به . قلت : وإسناده عند الشافعي وأحمد ثلاثى . الثانية : عن عطاء عن ابن عباس قال : (كنت فيمن قدم رسول الله (ص) في ضعفة أهله) . أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائي وابن ماجه (3026) والبيهقي وأحمد (1 / 221 ، 340) والحميدي (464) . وأخرجه الطحاوي (1 / 412) من طريق اسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفير عن عطاء قال : أخبرني ابن عباس بلفظ : (أن رسول الله (ص) قال للعباس ليلة المزدلفة : اذهب بضعفائنا ونسائنا ، فليصلوا الصبح بمنى ، وليرموا جمرة العقبة ، قبل أن يصيبهم دفعة الناس . قال : فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف) . قلت : وابن أبي الصفير هذا ، أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (ليس بالقوي) . وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق كثير الوهم) . وأخرجه النسائي (2 / 49) من طريق عمرو بن دينار أن عطاء بن أبي رباح حدثهم أنه سمع ابن عباس يقول : (أرسلني رسول الله (ص) ، في ضعفة أهله ، فصلينا الصبح بمنى ، ورمينا الجمرة) . قلت : وإسناده صحيح ، وقوله (ورمينا الجمرة) ليس نصا في أنهم رموا قبل طلوع الشمس ، فلا يعارض ما سيأتي من الروايات المصرحة بنهيهم عن الرمي حتي تطلع الشمس .
[ 274 ]
ورواه حبيب بن أبي ثابت عن عطاء به بلفظ : (كان رسول الله (ص) يقدم ضعفاء أهله بغلس ، ويأمرهم يعنى لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس) . أخرجه أبو داود (1941) والنسائي (2 / 50) . قلت : وإسناده صحيح ، ان كان ابن أبي ثابت سمعه من عطاء فإنه مدلس ، لكن الحديث صحيح ، فإن له طرقا أخرى تأتي . قريبا إن شاء الله تعالى . الثالثة : عن عكرمة عن ابن عباس قال : (بعثنى النبي (ص) من جمع بليل) . أخرجه البخاري (1 / 422) والبيهقي (5 / 123) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . الرابعة : عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس ، قال : (كنت فيمن بعثه النبي (ص) يوم النحر ، فرمينا الجمرة ، مع الفجر) . أخرجه الطحاوي (1 / 411 - 412) والطيالسي (1 / 222) . قلت : وهذا إسناده ضعيف ، شعبة هذا هو ابن دينار الهاشمي أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (قال النسائي) : ليس بالقوي) . وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، سئ الحفظ) . قلت : وقوله (فرمينا الجمرة مع الفجر) منكر ، لمخالفته ما يأتي . الخامسة : عن كريب عن ابن عباس : (أن النبي (ص) كان يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول
[ 275 ]
الفجر ، بسواد ، ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين) . أخرجه الطحاوي (1 / 412) والبيهقي (5 / 132) بسند جيد . السادسة : عن الحكم عنه . (أن رسول الله (ص) رحل ناسا من بنى هاشم بليل - قال شعبة : أحسبه قال : ضعفتهم - ، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتي تطلع الشمس) . أخرجه أحمد (1 / 249) عن شعبة عنه . قلت : وإسناده صحيح إن كان الحكم وهو ابن عتيبة الكوفي سمعه من ابن عباس فانه موصوف بأنه ربما دلس (1) ، وقد رواه غير شعبة عنه عن مقسم عن ابن عباس . فأخرجه الترمذي (1 / 169) والطحاوي (1 / 412) والطيالسي (1 / 223) وأحمد (1 / 326 ، 344) من طريق المسعودي ، والطحاوي وأحمد (1 / 277 ، 371) ، والطحاوي عن الحجاج ، وأحمد (1 / 326) عن أبي الاحوص والطحاوي (1 / 412 ، 413) عن ابن أبي ليلى كلهم عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عنه ولفظ الاعمش وهو أحفظهم : قال : قال رسول الله (ص) ليلة المزدلفة : (يا بنى أخي ، يا بني ، يا بنى هاشم تعجلوا قبل زحام الناس ، ولا يرمين أحد منكم العقبة حتى تطلع الشمس) . ولفظ المسعودي : (أن النبي (ص) قدم ضعفة أهله . وقال : لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وإسناده صحيح ، ومقسم هو ابن بجرة . يقال له مولى ابن (1) ثم رأيت البيهقي قد أخرجه (5 / 132) من طريق اخرى عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، فاتصل السند وصح ، والحمد لله . (*)
[ 276 ]
عباس للزومه له ، وهو ثقة احتج به البخاري . السابعة : عن الحسن العرني عن ابن عباس قال : (قدمنا رسول الله (ص) ، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول : أبنيي لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) . أخرجه أبو داود (1940) والنسائي (2 / 50) وابن ماجه (3025) والطحاوي (1 / 413) والبيهقي (5 / 132) والطيالسي (1 / 223) وأحمد (1 / 234 ، 311 ، 343) والحميدي (465) من طرق عن سلمة بن كهيل عنه . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير أن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس كما قال أحمد ، ولذلك قال الحافظ في (بلوغ المرام) : (رواه الخمسة إلا النسائي ، وفيه انقطاع) . كذا قال ، وفيه نظر من وجهين : الاول : أن النسائي قد أخرجه وقد أشرنا إلى مكانه من كتابه . الثاني : أن الترمذي ليس إسناده منقطعا ، بل هو موصول ، فإنه من طريق مقسم عنه ابن عباس كما سبق بيانه في الطريق السادسة ، وهو صحيح من هذا الوجه ، وهو قد أوهم أن الحديث ضعيف ، وهو صحيح فتنبه . واعلم أنه لا يصح حديث مرفوع صريح عن النبي (ص) في الترخيص بالرمي قبل طلوع الشمس للضعفة ، وغاية ما ورد أن بعضهم رمى قبل الطلوع في حجته (ص) دون علمه أو إذنه ، ومن ذلك حديث عائشة الاتى بعده ان صح . ثم رأيت الحافظ قال عن الحديث في (الفتح) (3 / 422) : (وهو حديث حسن . .) ثم ذكر الطريق الموصولة وطريق حبيب عن عطاء ثم قال : (وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا ، ومن ثم صححه الترمذي
[ 277 ]
وابن حبان) . 1077 - (عن عائشة قالت : (أرسل رسول الله (ص) بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت) رواه أبو داود) ص 259 ضعيف . أخرجه أبو داود (1942) والبيهقي (5 / 133) من طريق ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عنها به إلا أنه قال : (ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم ، اليوم الذي يكون رسول الله (ص) ، تعني عندها) . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم ، الا أن الضحاك فيه ضعف من قبل حفظه ، ولذلك قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، يهم) . قلت : وقد خولف في إسناده ومتنه . أما الاسناد ، فقد أرسله جماعة ، فقال الشافعي (1075) : عن داود ابن عبد الرحمن العطار وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه قال : (دار رسول الله (ص) إلى أم سلمة يوم النحر ، فأمرها أن تعجل الافاضة من جمع حتى تأتى مكة فتصلي بها الصبح ، وكان يومها فأحب أن توافيه) . وتابعهما حماد بن سلمة عن هشام به مرسلا بلفظ : (أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر ، فأمرها رسول الله (ص) ليلة جمع أن تفيض ، فرمت جمرة العقبة ، وصلت الفجر بمكة) . أخرجه الطحاوي (1 / 413) . وخالفهم جميعا أبو معاوية محمد بن خازم فقال : عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت :
[ 278 ]
(أمرها رسول الله (ص) يوم النحر أن توافي صلاة الصبح بمكة) . وقال الطحاوي : (ففي هذا الحديث أن رسول الله (ص) ، أمرها بما امرها به من هذا يوم النحر ، فذلك على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر ، وهذا خلاف الحديث الاول) . يعنى حديث حماد بن سلمة المتقدم . قال الحافظ في (التلخيص) (217) : (قال البيهقي : هكذا رواه جماعة عن أبي معاوية ، وهو في آخر حديث الشافعي المرسل ، وقد أنكره أحمد بن حنبل ، لان النبي (ص) صلى الصبح يومئذ بالمزدلفة ، فكيف يأمرها أن توافي معه صلاة الصبح بمكة ، وقال الروياني في (البحر) : فوله : (وكان يومها) ، فيه معنيان : أحدهما أن يريد يومها من رسول الله (ص) ، فأحب أن يوفي التحلل ، وهي قد فرغت ، ثانيهما : أنه أراد وكان يوم حيضها ، فأحب أن توافي التحلل قبل أن تحيض ، قال : فيقرأ على الاول بالمثناة تحت ، وعلى الثاني بالمثناة فوق . قلت : وهو تكلف ظاهر ، ويتعين أن يكون المراد اليوم الذي يكون فيه عنده (ص) ، وقد جاء مصرحا بذلك في رواية أبي داود التي سبقت ، وهي سالمة من الزيادة التي استنكرها أحمد ، وسياتى قريبا قول أم سلمة أنه (ص) كان عندها ليلة النحر التي كان يأتيها فيها . والله أعلم) . (تنبيه) في نسخة من (شرح المعاني) بعد قوله (توافي) زيادة (معه) وأورده الحافظ من رواية البيهقي بلفظ (أن توافيه) ، وهو في سننه بلفظ (أن توافي) ليس فيه الضمير العائد إلى النبي (ص) ، وعليه فليس فيه ما انكره الامام أحمد رحمه الله تعالى . وقال ابن التركماني في (الجوهر النقي) (5 / 132) : (وحديث ام سلمة مضطرب سندا كما بينه البيهقي ، ومضطرب متنا كما سنبينه إن شاء الله تعالى ، وقد ذكر الطحاوي وابن بطال في (شرح البخاري) أن
[ 279 ]
أحمد بن حنبل ضعفه ، وقال : لم يسنده غير أبي معاوية ، وهو خطأ ، وقال عروة مرسلا أنه عليه السلام أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة . قال أحمد : وهذا أيصا عجب ، وما يصنع النبي (ص) يوم النحر بمكة ؟ ! ينكر ذلك ، قال : فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته ؟ فقال : عن هشام عن أبيه (أن النبي (ص) أمرها أن توافي) ، وليس (توافيه) ، وبين هذين فرق ، وقال لي يحيى : سل عبد الرحمن بن مهدي ، فسألته ؟ فقال : هكذا [ قال ] سفيان عن هشام عن أبيه : (توافي) . قال أحمد : رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشد بعقده (!) ، وقال البيهقي في (الخلافيات) : (توافي) هو الصحيح ، فانه عليه السلام لم يكن معها بمكة وقت صلاة الصبح يوم النحر) . وقال الطحاوي : هذا حديث دار على أبي معاوية ، وقد اصطرب فيه ، فرواه مرة هكذا يعني كما ذكره البيهقي ، ورواه مرة أنه عليه السلام أمرها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة . فهذا خلاف الاول ، لان فيه أنه أمرها يوم النحر فذلك على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر . وهذا أشبه لانه عليه السلام يكون في ذلك الوقت حلالا) . وخلاصة القول : أن الحديث ضعيف لاضطرابه اسنادا ومتنا ، ولذلك فلا يصح استدلال المصنف به ، على ما ذكره من أن المبيت في المزدلفة إلى بعد نصف الليل . لعدم ثبوت الحديث ، ولو صح فدلالته خاصة بالضعفة من النساء فلا يصح استدلاله به لغيرهن . ثم رأيت ابن القيم قد ضعف أيضا هذا الحديث وقال : (انه حديث منكر أنكره الامام أحمد وغيره) . ثم ذكر ما تقدم نقله عن الامام أحمد من (الجوهر النقي) من الاختلاف في إرساله ووصله ، وزاد في الاستدلال على بطلانه فذكر شيئا آخر فراجعه (1 / 313) . 1078 - (حديث عائشة (. . . ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي التشريق . . .) الحديث رواه أحمد وأبو داود) . صحيح المعنى ، وإسناده ضعيف كما سيأتي برقم (1082) .
[ 280 ]
1079 - (حديث ابن عباس قال : (استأذن العباس رسول الله (ص) أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فاذن له) . متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 411 ، 436) ومسلم (4 / 86) وبو داود (1959) والدارمي (2 / 75) وكذا الشافعي (1094) وابن ماجه (3065) وابن الجارود (490) والبيهقي (5 / 153) وأحمد (2 / 19 ، 28 ، 88) من طرق عن نافع عن ابن عمر به . هكذا هو عندهم جميعا من مسند ابن عمر ، وفي الكتاب (ابن عباس) وهو خطأ . 1080 - (عن عاصم بن عدي : (أن النبي (ص) رخص لرعاء الابل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر) رواه الخمسة وصححه الترمذي) . صحيح . أخرجه أبو داود (1975) والنسائي (2 / 50) والترمذي (1 / 179) وابن ماجه (3037) وكذا مالك (1 / 408 / 218) وابن الجارود (478) والحاكم (1 / 478) والبيهقي (5 / 192) وأحمد (5 / 450) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن ابي البداح بن عاصم عن أبيه . ولفظ ابن الجارود : وهو رواية لاحمد : (. . . ثم يجمعوا رمى يومين بعد النحر ، فيرمونه في أحدهما - قال مالك - ظننت أنه قال في الاول (وقال أحمد عنه : الاخر) منهما ، ثم يرمون يوم النفر) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) وصححه الحاكم أيضا فقال : (أبو البداح مشهور في التابعين ، وعاصم بن عدي مشهور في الصحابة ، وهو صاحب اللعان) ، ووافقه الذهبي . ثم أخرجه أبو داود (1976) من طريق سفيان عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر عن أبيهما عن أبى البداح بن عدي عن أبيه :
[ 281 ]
(أن النبي (ص) رخص للرعاء أن يرموا يوما ، ويدعوا يوما) . وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه (3036) وابن حبان (1015) والحاكم وأحمد كلهم عن سفيان به ، لكنهم لم يذكروا في سنده محمد ابن أبي بكر ، والرواية عنه محفوظة ، فقال ابن جريج : أخبرني محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه عن أبي البداح عن عاصم بن عدي بلفظ : (أن النبي (ص) أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر ، ثم يدعوا يوما وليلة ، ثم يرموا الغد) . أخرجه أحمد والبيهقي وقال عقب رواية سفيان وأخرجها من طريق أبي داود : (هكذا قال سفيان بن عيينة ، وكذلك قاله روح بن القاسم عن عبد الله ابن أبي بكر ، وكأنهما نسبا أبا البداح إلى جده ، وأبوه عاصم بن عدي) . وذكر نحوه الحاكم . 1081 - (حديث (. . . أن النبي (ص) بدأ برمي جمرة العقبة)) . ص 260 صحيح المعنى . ولم أره بهذا اللفظ ومعناه في عدة أحاديث منها حديث جابر الطويل في حجته (ص) ، وفيه : (ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف . . .) الحديث أخرجه مسلم وغيره ولنا فيه رسالة مطبوعة كما سبق التنبيه عليه مرارا . وفي رواية له من طريق أبي الزبير عن جابر قال : (رمى رسول الله (ص) الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد فإذا زالت الشمس) .
[ 282 ]
ويجوز للمعذور أن يرمى في الليل ، أو أن يجمع رمي يومين في يوم ، لا يبيت في منى ، لحديث ابن عمر قال : (استأذن العباس رسول الله (ص) أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ؟ فأذن له . (أخرجه الشيخان) ويجوز للمعذور : أ - أن لا يبيت في منى لحديث . . . ب - وأن يجمع في يومين ويرمي في يوم واحد . ج - وأن يرمي في الليل . 1082 - (حديث عائشة (أن النبي (ص) رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة يقف عند الاولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها) رواه أبو داود) ص 260 ضعيف . أخرجه أبو داود (1973) وكذا الطحاوي (1 / 414) وابن حبان (1013) وابن الجارود (492) والدارقطني (ص 278) والحاكم (1 / 477) وعنه البيهقي (5 / 148) وأحمد (6 / 90) من طرق عن محمد بن اسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها به . وزاد ابن حبان في آخره : (وكانت الجمار من آثار إبراهيم (ص)) . وهي زيادة شاذة ، تفرد بها سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي عن أبيه ، وفيهما كلام يسير ، وذلك وإن كان لا يضر في حديثهما ، ولكنه يمنع من الاحتجاج بما تفردا به عن الثقات كهذه الزيادة ، وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ورافقه الذهبي ، وفيه نظر من وجهين : الاول : ان ابن اسحاق لم يحتج به مسلم ، وإنما روى له مقرونا بغيره . والاخر : انه مدلس وقد عنعنه ، نعم صرح بالتحديث في رواية ابن
[ 283 ]
حبان ، لكن في الطريق إليه سعيد بن يحيى عن أبيه ، ، وقد عرفت حالهما ، فان توبعا على ذلك ، فالحديث حسن ، وإلا فلا . 1083 - (حديث (. . . فليقصر ثم ليحلل) .) ص 260 صحيح . وهو قطعة من حديث ابن عمر رضي الله عنه ، وقد سقت لفظه عند تخريج قطعة أخرى منه ذكرها المصنف فيما تقدم (رقم (1048) . (تنبيه) في هذا الحديث أمر المتمتع بالحج إلى العمرة أن يتحلل منها بتقصير الشعر ، لا يحلقه ، وفي الحديث الاتى بعده تفضيل الحلق على التقصير ، ولا تعارض فالاول خاص بالمتمتع ، والاخر عام يشمل كل حاج أو معتمر إلا المتمتع فإن الافضل في حقه أن يقصر في عمرته ، ولهذا قال الحافظ في (الفتح) (3 / 449) : (يستحب في حق المتمتع أن يقصر في العمرة ، ويحلق في الحج إذا كان ما ببن النسكين متقاربا) . وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتعين فيحلق بدل التقصير ، ظنا منه أنه أفضل له وليس كذلك لهذا الحديث فاحفظه يحفظك الله تعالى . 1084 - (حديث : (دعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة) متفق عليه) . ص 260 صحيح . وقد جاء من حديث عبد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، وجدة يحيى بن الحصين ، وعبد الله بن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، ومالك بن ربيعة السلولي ، وحبشي بن جنادة ، وقارب بن الاسؤد الثقفى . أما حديث ابن عمر ، فيرويه نافع عنه أن رسول الله (ص) قال : (اللهم ارحم المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : اللهم ارحم المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال : والمقصرين) . وزاد بعض الرواة عنه : (فلما كانت الرابعة قال : والمقصرين) .
[ 284 ]
أخرجه البخاري (1 / 433) ومسلم (4 / 80 - 81) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 167 / 1) ومالك (1 / 395 / 184) والشافعي (1089) وأبو داود (1979) والنسائي في (الكبرى) (90 / 1) والترمذي (1 / 172) والدارمي (2 / 64) وابن ماجه (3044) والطحاوي في (مشكل الاثار) (2 / 143) وابن الجارود (485) والبيهقي (5 / 134) والطيالسي (1835) وأحمد (2 / 16 ، 24 ، 79 ، 119 ، 138 ، 141 ، 151) من طرق عن نافع به . والزيادة للنسائي والدارمي ورواية لمسلم . وفي أخرى له في أوله : (حلق رسرل الله (ص) ، وحلق طائفة من أصحابه ، وقصر بعضهم ، قال عبد الله : ان رسول الله (ص) قال . . .) فذكره . وهذه الزيادة خرجها البخاري أيضا في (المغازي) (3 / 175) لوحدها دون المتن ، وأخرج أبو داود (1980) منها قوله (حلق (ص) رأسه في حجة الوداع) . وهو رواية للبخاري . واستنبط من ذلك الحافظ في (الفتح) (3 / 447) أن هذا القول وقع منه (ص) في حجة الوداع ، ثم ذكر عن ابن عبد البر أنه قال : (لم يذكر أحد من رواة نافع عن ابن عمر أن ذلك كان يوم الحديبية ، وهو تقصير وحذف ، وإنما جرى ذلك يوم الحديبية حين صد عن البيت ، وهذا محفوظ مشهور من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد . . .) قال الحافظ : (ولم يسق ابن عبد البر عن ابن عمر في هذا شيئا ، ولم أقف على تعيين الحديبية في شئ من الطرق عنه ، وقد قدمت في صدر الباب أنه مخرج من مجموع الاحاديث عنه أن ذلك كان في حجة الوداع ، كما يومئ إليه صنيع البخاري) . قلت : قد وقفت على التعين المذكور الذي خفي على الحافظ ومن قبله ابن عبد البر ، والحمد لله على توفيقه ، فقال عبد الرزاق : أنا معمر عن أيوب عن نافع به بلفظ : (أن النبي (ص) قال يوم الحديبية : اللهم اغفر للمحلقين . . .) .
[ 285 ]
الحديث . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . أخرجه الامام أحمد (2 / 34 ، 151) . ولذلك شواهد تأتي . 2 - وأما حديث أبي هريرة ، فله عنه طريقان : الاولى : عن أبي زرعة عنه قال : قال رسول الله (ص) : (اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : وللمقصرين . . . قالها ثلاثا ، قال : وللمقصرين) . أخرجه البخاري ومسلم وأبو نعيم وابن ماجه (3043) والطحاوي والبيهقي وأحمد (2 / 231) الثانية : عن العلاء - وهو ابن عبد الرحمن - عن أبيه عنه به . أخرجه مسلم - ولم يسق لفظه وأبو نعيم وأحمد (2 / 411) . 3 - وأما حديث جدة يحيى بن الحصين ، واسمها أم الحصين الاحمسية ، فقال شعبة عن يحيى بن الحصين عنها أنها سمعت النبي (ص) في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة . أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائي في (الكبرى) والطيالسي (1655) وأحمد (4 / 70 ، 6 / 402 ، 403) وفي رواية : (سمعت نبي الله (ص) بعرفات يخطب ، يقول . . .) وفي أخرى : (سمعت النبي (ص) بمنى دعا . . .) . 4 - وأما حديث ابن عباس فيرويه مجاهد عنه قال : (حلق رجال يوم الحديبية ، وقصر آخرون ، فقال رسول الله (ص) يرحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين . . . قالوا : فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالرحمة ؟ قال : انهم لم يشكوا) .
[ 286 ]
أخرجه ابن ماجه (3045) والطحاوي وأحمد (1 / 353) قلت : وهذا إسناد حسن ، وقال البوصيري في (الزوائد) (185 / 2) : (إسناد صحيح) . وله في المسند (1 / 216) طريق أخرى عن ابن عباس ، ليس فيه ذكر الحديبية ولا المظاهرة ، وسنده لا باس به في المتابعات ، وطريق ثالث في (اوسط الطبراني) (1 / 121 / 1) . 5 - وأما حديث أبي سعيد الخدري ، فيرويه أبو إبراهيم الانصاري عنه . (أن رسول الله (ص) وأصحابه حلقوا رؤوسهم عام الحديبية ، غير عثمان بن عفان وأبي قتادة ، فاستغفر رسول الله (ص) ، للمحلقين ثلاث مرار ، وللمقصرين مرة) . أخرجه الطيالسي (2224) وأحمد (3 / 20 ، 89) والطحاوي (2 / 146) نحوه . ورجاله ثقات غير الانصاري هذا فانه مجهول . 6 - وأما حديث جابر ، فيروبه أبو الزبير سمع جابر بن عبد الله يقول : (حلق رسول الله (ص) يوم الحديبية ، وحلق ناس كثير من أصحابه حين رأوه حلق ، وأمسك آخرون ، فقالوا : والله ما طفنا بالبيت ! فقصروا ، فقال رسول الله (ص) يرحم الله المحلقين ، فقال : رجل : والمقصرين يا رسول الله ، فقال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال : والمقصرين) . أخرجه الطحاوي والطبراني في (الاوسط) (1 / 121 / 1) عن زمعة بن صالح عن زياد بن سعد عن أبي الزبير . قلت : ورجاله ثقات غير زمعة بن صالح فهو ضعيف . 7 - وأما حديث مالك بن ربيعة السلولي فيرويه ابنه بريد بن أبي مريم عنه أنه سمع رسول الله (ص) وهو يقول : اللهم اغفر للمحلقين ، اللهم اغفر للمحلقين قال : يقول رجل من القوم : والمقصرين ، فقال رسول الله (ص) في
[ 287 ]
الثالثة أو في الرابعة : والمقصرين . ثم قال : وأنا يومئذ محلوق الرأس ، فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم ، أو خطرا عظيما . أخرجه أحمد (4 / 177) والطبراني في (الاوسط) (1 / 121 / 2) من طريقين عن بريد به . قلت : وهو بمجموع الطريقين عن بريد صحيح الاسناد ، وقال الهيثمي في (المجمع) (3 / 262) ، (وإسناده حسن) . 8 - وأما حديث حبشي بن جنادة ، فيرويه أبو إسحاق عنه - وكان ممن شهد حجة الوداع - قال : قال رسول الله (ص) : اللهم اغفر للمحلقين . . قال في الثالثة : والمقصرين . أخرجه أحمد (4 / 165) والطبراني في (الكبير) (1 / 173 / 1) . قلت : ورجاله ثقات رجال الصحيح . 9 - وأما حديث قارب ، فيرويه ابن قارب عن أبيه قال : سمعت رسول الله (ص) يقول ، اللهم اغفر للمحلقين ، قال رجل : والمقصرين ، قال في الرابعة : والمقصربن ، يقلله سفيان بيده ، قال سفيان ، وقال : في تيك كأنه يوسع يده . أخرجه أحمد (6 / 393) والحميدي (931) بسند صحيح ، وابن قارب اسمه عبد الله وله صحبة ، وقال الهيثمى (3 / 262) : (رواه أحمد والطبراني في (الكبير والبزار وإسناده صحيح) . 1085 - (حديث أنس (أن النبي (ص) ، أتى منى فأتى الجمرة فرماها ، ثم أتى منزله بمنى ونحر ، ثم قال للحلاق : خذ ، وأشار إلى جانبه الايمن ثم الايسر وجعل يعطيه الناس) . رواه أحمد ومسلم) . صحيح . وله عن أنس طريقان : الاولى : عن محمد بن سيرين عنه به .
[ 288 ]
أخرجه مسلم (4 / 82) وأبو نعيم في (مستخرجه) (20 / 167 / 2) وأبو داود (1981 ، 1982) وابن الجارود (484) والبيهقي (5 / 134) وأحمد (3 / 111 ، 208 ، 256) واللفظ لمسلم ، وفي رواية له : (فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ، ثم قال بالايسر فصنع به مثل ذلك ثم قال : ههنا أبو طلحة ؟ فدفعه إلى أبي طلحة) . وهو لفظ أبي داود ؟ وزاد مسلم وأبو نعيم في رواية : (فقال : أقسمه بين الناس) . ولابن الجارود معناها . والاخرى : عن ثابت عنه قال : (رأيت رسول الله (ص) والحلاق يحلقه ، وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة الا في يد رجل) . أخرجه أحمد (3 / 133 ، 137 ، 146 ، 213 ، 239 ، 287) وابن سعد في (الطبقات) (1 / 2 / 135) بسند صحيح على شرط مسلم . وفي رواية لاحمد بلفظ : (لما أراد أن يحلق رأسه بمنى ، أخذ أبو طلحة شق رأسه ، فحلق الحجام ، فجاء به إلى أم سليم ، وكانت أم سليم تجعله في مسكها) . وهو صحيح أيضا على شرط مسلم . 1086 - (حديث ابن عباس (أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 439) ومسلم (4 / 93) وأبو نعيم في (المستخرج) (2 0 / 172 / 2) والنسائي في (الكبرى) (95 / 2) والطحاوي (1 / 421) من طريق سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به وفي رواية عن الحسن بن مسلم عن طاوس قال :
[ 289 ]
(كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت : ثقتى أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت ؟ ! فقال ابن عباس : إما لا ، فسل فلانة الانصارية هل أمرها بذلك رسول الله (ص) ، قال : فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول : ما أراك الا قد صدقت) . أخرجه مسلم وأبو نعيم والنسائي والطحاوي وأحمد (1 / 226 ، 348) . وفي أخرى عن وهيب قال : حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : (رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت ، قال : وسمعت ابن عمر يقول : إنها لا تنفر ، ثم سمعته يقول بعد : ان النبي (ص) رخص لهن) . أخرجه البخاري (1 / 440) والدارمي (2 / 72) . وللحديث طريق أخرى ، يرويه عمرو بن دينار أن ابن عباس كان يذكر : (أن النبي (ص) ، رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف ، إذا كانت قد طافت في الافاضة) . أخرجه أحمد (1 / 370) بسند صحيح على شرطهما . وله طريق ثالثة تقدم ذكرها في تخريج الحديث (1069) . ثم ورد الحديث عن ابن عمر أيضا قال : (من حج البيت ، فليكن آخر عهده بالبيت ، الا الحيض ، رخص لهن رسول الله (ص)) . أخرجه النسائي (95 / 1) والترمذي (1 / 177) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) .
[ 290 ]
1087 - (حديث (إنما الاعمال بالنيات)) . ص 261 صحيح . وتقدم في أول الكتاب . 1088 - (حديث : (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي)) . ص 261 صحيح . وقد سبق تخريجه (1072) . 1089 - (عن ابن عمر أن النبي (ص) قال : (من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت ، وبين الصفا والمروة وليقصر وليحلل) ، متفق عليه) . ص 261 صحيح . وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه برقم (1048) . 1090 - (حديث (أمره (ص) عائشة أن تعتمر من التنعيم)) ص 261 صحيح . وهو من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : (أن النبي (ص) أمره أن يردف عائشة ، ويعمرها من التنعيم) . أخرجه البخاري (1 / 445) ومسلم (4 / 35) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 146 / 2) . وأبو داود (1995) والنسائي في (الكبرى) (ق 97 / 1) والترمذي (1 / 176) والدارمي (2 / 52) وابن ماجه (2999) والبيهقي (4 / 357 ، 357 - 358) وأحمد (1 / 197 ، 198) من طرق عنه به ، واللفظ للشيخين وغيرهما . ولفظ أبي داود والدارمي وهو رواية للبيهقي وأحمد : (يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة ، فأعمرها من التنعيم ، فإذا هبطت بها من الاكمة فلتحرم ، فإنها عمرة متقبلة) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) .
[ 291 ]
قلت : وفي الباب عن عائشة عند الشيخين وغيرهما . (تنبيه) قال الحافظ في (التلخيص) (205) في تخريج هذا الحديث : (متفق عليه من حديثها ، ورواه أحمد والطبراني من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر) وفاته أنه متفق عليه من حديثه أيضا ، فهو ذهول عجيب من مثله . 1091 - (حديث (وليقصر وليحلل)) . ص 262 صحيح . وتقدم قبل حديث . 1092 - (حديث (بات بمني ليلة عرفة) - رواه مسلم عن جابر) : صحيح . وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجته (ص) بلفظ : (فلما كان يوم التروبة توجهوا إلى منى ، وأهلوا بالحج ، وركب رسول الله (ص) فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس . . .) . 1093 - (حديث عائشة (أن النبي (ص) حين قدم مكة توضأ ثم طاف بالبيت) متفق عليه) . صحيح . يرويه عنها عروة بن الزبير قال : قد حج النبي (ص) ، فأخبرتني عائشة : (أن أول شئ بدأ به حين قدم أنه توضأ ، ثم طاف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم حج أبو بكر ، وكان أول شئ بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم عمر مثل ذلك ، ثم حج عثمان فرأيته أول شئ بدأ به الطواف ثم لم تكن عمرة ، ثم معاوية وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع أبي : الزبير بن العوام فكان أول شئ بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة ، ثم رأيت المهاجرين والانصار يفعلون ذلك ، ثم لم تكن عمرة ، ثم آخر من رأيت فعل . ذلك ابن عمر ثم لم تنقضها عمرة ، وهذا ابن عمر عندهم فلا يسألونه ؟ ولا
[ 292 ]
أحد ممن مضي ما كانوا يبدأون بشئ حين يضعون أقدامهم من الطواف بالبيت ، ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبدأن بشئ أولى من البيت ، تطوفان به ، ثم إنهما لا تحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة ، فلما مسحوا الركن حلوا) . أخرجه البخاري (1 / 407 ، 413 - 414) ومسلم (4 / 54) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 155 / 2) والبيهقي (5 / 77) . 1094 - (حديث ابن عباس (أن النبي (ص) وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت جعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى) رواه أبو داود) . ص 262 صحيح . أخرجه أبو داود (1884) : حدثنا أبو سلمة : موسى : ثنا حماد : عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به . وأخرجه البيهقى (5 / 79) من طريق أبي داود . ثم أخرجه هو وأحمد (1 / 371) والضياء المقدسي في (المختارة) (60 / 230 - 231) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة به وزادا بعد قوله : (الجعرانة) : (فاضطبعوا) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وقال المنذري : (حديث حسن) ، فيما نقله الزيلعي عنه في (نصب الراية) (3 / 43) ، ولم أره في (مختصر أبي داود) له . وعزا هذه الزيادة الحافظ الزيلعي ثم العسقلاني (ص 213) للطبراني فقط في (معجمه) ! ولعبد الله بن عثمان فيه شيخ آخر ، فقال الامام أحمد (1 / 306) : ثنا سريج ويونس قالا : ثنا حماد يعني ابن سلمة عن عبد الله بن عثمان عن أبي الطفيل عن ابن عباس (أن رسول الله (ص) وأصحابه اعتمروا من جعرانة ، فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا) .
[ 293 ]
وتابعه يحيى بن سليم الطائفي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به بلفظ : (اضطبع رسول الله (ص) هو وأصحابه ورملوا . . .) . وهذا إسناد صحيح أيضا . أخرجه البيهقي . 1095 - (حديث جابر (. . . حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا)) ص 262 صحيح . وهو قطعة من حديثه الطويل في حجته (ص) . 1096 - (حديث ابن عمر (وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين) رواه أحمد) . ص 262 صحيح قال الامام أحمد (2 / 34) : ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر : (أن رجلا نادى ، فقال : يا رسول الله ما يجتنب المحرم من الثياب ؟ فقال : لا يلبس السراويل ، ولا القميص ، ولا البرنس ، ولا العمامة ، ولا ثوبا مسه زعفران ، ولا ورس ، وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ، فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين ، وليقطعهما حق يكونا أسفل من العقبين) . وكذا أخرجه ابن الجارود في (المنتقى) (416) : حدثنا محمد بن يحيى قال : ثنا عبد الرزاق به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، وقد أخرجاه في (صحيحيهما) دون هذه القطعة التي أوردها المصنف كما سبق التنبيه على ذلك عند تخريج الحديث برقم (1012) . واعلم أن هذا التخريج قد فات كبار الحفاظ المتأخرين فلم يقفوا للحديث الا على مخرج واحد هو غير من ذكرناهما ، بل إن بعضهم بيض له فلم يقف له على مخرج أصلا ، وذلك كله مصداق قول القائل (كم ترك الاول للآخر) ، فقد أورد الحديث الرافعي في شرحه الكبير ، فقال ابن الملقن في (خلاصة البدر المنير) (ق 106 / 2) :
[ 294 ]
(رواه أبو عوانة في صحيحه) من رواية ابن عمر رضي الله عنه ، فاستفده فلم أجده إلا بعد سنين) . فاستفاده منه الحافظ ابن حجر ، وزاد عليه فقال في (التلخيص) (209) (بيض له المنذري والنووي في الكلام على (المهذب) ، ووهم من عزاه إلى الترمذي ، نعم رواه ابن المنذر في (الاوسط) ، وأبو عوانة في (صحيحه) بسند على شرط الصحيح من رواية عبد الرزاق . . . وقال ابن المنذر في (مختصره) : ثبت أن النبي (ص) قال : فذكره . وله شاهد عند البخاري من طريق كريب عن ابن عباس قال : انطلق رسول الله (ص) من المدينة بعدما ترجل وادهن ، ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه ، ولم ينه عن شئ من الازار والاردية يلبس الا المزعفر) . 1097 - (حديث ابن عمر أن النبي (ص) كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : لبيك اللهم لبيك . . .) الحديث متفق عليه) ص 262 صحيح . وعزوه للمتفق عليه بهذا اللفظ فيه نظر ، فانه من أفراد مسلم أخرجه (4 / 7) من طريق حاتم بن اسماعيل عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر ، ونافع مولى عبد الله وحمزة بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما . ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم (19 / 132 / 2) والبيهقي (5 / 44) . وأخرجه البخاري (1 / 360) ومسلم (4 / 8) عن مالك وهو في (الموطا) (1 / 332 / 30) وعنه أبو داود (1771) والترمذي (رقم 818) وقال : حسن صحيح والنسائي (2 / 19) والبيهقي (5 / 38) كلهم عنه عن موسى بن عقبة به بلفظ : (بيداؤكم هذه التى تكذبون على رسول الله (ص) ، فيها ، ما أهل رسول الله (ص) إلا من عند المسجد ، يعنى مسجد ذي الحليفة * * .
[ 295 ]
وتابعه شعبة عن موسى به مختصرا بلفظ : (كان ابن عمر يكاد يلعن البيداء ، ويقول : إنما أهل رسول الله (ص) من المسجد) . أخرجه أحمد (2 / 28) . ثم أخرج البخاري (1 / 362) ومسلم وأبو نعيم والنسائي وابن ماجه (2916) وأحمد (2 / 36) حديث نافع عن ابن عمر قال : (أهل النبي (ص) حين استوت به راحلته قائمة) . وأخرج البخاري ومسلم وأبو عوانة والنسائي وأحمد (2 / 17) من طريق عبيد بن جريج قال : قلت لابن عمر : رأيتك تهل إذا استوت بك ناقتك ؟ قال : (ان رسول الله (ص) كان يهل إذا استوت به ناقته وانبعثت) . 1098 - (عن الفضل بن عباس قال : (كنت رديف النبي (ص) من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) رواه الجماعة) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 390 ، 424) ومسلم (4 / 71) وأبو نعيم (20 / 163 / 1) وأبو داود (1815) والترمذي (1 / 173) والنسائي (2 / 51) وفي الكبرى (88 / 1) والدارمي (2 / 62 - 63) وابن ماجه (3040) والطحاوي (1 / 416) والبيهقي (5 / 112) وأحمد (1 / 210 - 214) من طرق عن عبد الله بن عباس عن الفضل به . وزاد أحمد والنسائي في (الكبرى) في رواية : (فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة) .
[ 296 ]
قلت : وسنده صحيح على شرط مسلم (1) . وزاد ابن ماجه و (كبرى النسائي) : (فلما رماها قطع التلبية) . وسنده ضعيف ، والمعنى صحيح ، لان له شاهدا من حديث ابن مسعود كما يأتي . وتابعه أبو الطفيل عن الفضل بن عباس به . أخرجه أحمد (1 / 211) بسند صحيح على شرط مسلم . وفي الباب عن ابن عباس : (أن النبي (ص) لبى حتى رمى جمرة العقبة) . أخرجه ابن ماجه (3 039) والطحاوي وأحمد (1 / 283) من طريقين صحيحين عنه . وكأنه مرسل ، فان ابن عباس إنما يرويه عن أخيه الفضل كما سبق . وله شاهد من حديث على . أخرجه الطحاوي وأحمد (1 / 114 ، 155) بسند جيد . وآخر من حديث ابن مسعود . أخرجه الطحاوي وأحمد أيضا (1 / 417) ولفظه : (خرجت مع رسول الله (ص) فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة ، إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل) . وإسناده حسن . 1099 - (عن ابن عباس مرفوعا قال : (يلبي المعتمر حتى (1) واخرجه ابن خزيمة في (صحيحه) بزيادة : (ثم قطع التلبية مع آخر حصاة) . وقال : (هذا حديث صحيح مفسر لما ابهم في الروايات الاخرى وإن لمراد بقوله : (حتى رمى جمرة العقبة) اي اتم رميها (فتح) . (*)
[ 297 ]
يستلم الحجر) رواه أبو داود) . ضعيف . أخرجه أبو داود (1817) وكذا الترمذي (1 / 173) والبيهقي (5 / 105) من طرق عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس به . ولفظ الترمذي والبيهقي : (كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . كذا قال ، وابن أبي ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن ضعيف لسوء حفظه ، ولذلك قال الامام الشافعي وقد ذكر حديثه هذا : (ولكنا هبنا روايته لانا وجدنا حفاظ المكيين يقفونه على ابن عباس) . نقله البيهقي ، ثم أيده بقوله : (رفعه خطأ ، وكان ابن أبي ليلى هذا كثير الوهم ، وخاصة إذا روى عن عطاء ، فيخطئ كثيرا ، ضعفه أهل النقل مع كبر محله في الفقه) . قلت : وقد أشار أبو داود إلى ترجيح وقفه أيضا بقوله عقبه : (رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفا) . ورواية عبد الملك وصلها البيهقي عنه قال : (سئل عطاء متى يقطع المعتمر التلبية ؟ فقال : قال ابن عمر : إذا دخل الحرم ، وقال ابن عباس : حتى يمسح الحجر ، قلت : يا أبا محمد أيهما أحب إليك ؟ قال : قول ابن عباس) . وسنده صحيح .
[ 298 ]
ثم روى عن مجاهد قال : (كان ابن عباس رضي الله عنه يلبي في العمرة حتى يستلم الحجر ثم يقطع ، قال : وكان ابن عمر رضي الله عنه يلبي في العمرة حتى إذا رأى بيوت مكة ترك التلبية ، وأقبل على التكبير والذكر حتي يستلم الحجر) . وسنده صحيح أيضا . وقد روي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال : (اعتمر رسول الله (ص) ثلاث عمر كل ذلك [ في ذي القعدة ] يلبي حتي يستلم الحجر) . أخرجه البيهقي وأحمد (2 / 180) عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . وقال البيهقي : (إسناده أضعف من حديث ابن عباس ، والحجاج بن أرطاة لا يحتج به . وروي عن أبي بكرة مرفوعا أنه خرج معه في بعض عمره فما قطع التلبية حتى استلم الحجر . وإسناده ضعيف) . (تنبيه) من تراجم النسائي في (السنن الكبرى) قوله (97 / 2) : (متى يقطع المعتمر التلبية ؟) ثم ساق بسنده الصحيح عن أيوب عن نافع : (كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ، ثم يبيت بذي طوى ، ويصلى به الصبح ، ويغتسل ويحدث أن نبي الله (ص) كان يفعل ذلك) . وهذا رواه البخاري أيضا (1 / 398 - 399) بإسناده ومتنه ؟ وليس فيه كما ترى ذكر للعمرة فكيف ترجم به للباب ؟ الظاهر والله أعلم أن انسائي رحمه الله أشار بذلك إلى ما وقع في بعض الحديث ، على طريقة البخاري الدقيقة في ذلك ، فقد قال مالك في (الموطأ) (1 / 338 / 46) : عن نافع أن عبد الله بن عمر ، كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم يلبي حق يغدو من منى إلى عرفة ، فإذا غدا ترك التلبية ،
[ 299 ]
وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم) . 1100 - (حديث ابن عباس : (من ترك نسكا فعليه دم)) . ص 263 ضعيف مرفوعا ، وثبت موقوفا ، أخرجه مالك (1 / 419 / 240) عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : (من نسي من نسكه شيئا ، أو تركه ، فليهرق دما) . قال أيوب : لا أدري قال : (ترك) أو (نسي) . ومن طريق مالك أخرجه البيهقي (5 / 152) وقال عقبه : (وكذلك رواه الثوري عن أيوب (من ترك أو نسي شيئا من نسكه فليهرق له دما) كأنه قالهما جميعا) . وتابعه وهيب عن أيوب به . أخرجه الطحاوي (1 / 424) ولكنه لم يسق لفظه ، وإنما أحال فيه على لفظ آخر عن ابن عباس نحوه ، ظننت أنه أراد به هذا . والله أعلم . وأما المرفوع ، فرواه ابن حزم من طريق على بن أحمد المقدسي عن أحمد ابن علي بن سهل المروزي عن على بن الجعد عن ابن عيينة عن أيوب به . وأعله بالمروزي هذا والمقدسي الراوي عنه فقال : (هما مجهولان) . ذكره الحافظ في (التلخيص) (ص 205) وأقتره . وذكر في ترجمة المروزي من (اللسان) أنه يحتمل أن يكون الذي أورده الذهبي قبل هذا من (الميزان) أحمد بن علي بن سليمان أبو بكر المروزي وقال فيه : (ضعفه الدارقطني فقال : يضع الحديث) .
[ 300 ]
فصل 1101 - (حديث : (لا يطوف بالبيت عريان) متفق عليه) . ص 263 صحيح . وهو من حديث أبي هريرة ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله ابن عباس أما حديث أبي هريرة فبيوبه حميد بن عبد الرحمن عنه قال : (بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله (ص) قبل حجة الوداع ، في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان) . أخرجه البخاري (1 / 409 ، 2 / 298 ، 3 / 163 ، 249) ومسلم (4 / 106 - 107) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 178 / 1) وأبو داود (1946) والنسائي (2 / 40) وابن سعد في (الطبقات) (2 / 1 / 121 - 122) والبيهقي (5 / 87 - 66) وزاد أبو داود في آخره : (ويوم الحج الاكبر يوم النحر ، والحج الاكبر الحج) . وهي عند اللبخاري في رواية بلفظ : (وإنما قيل الاكبر من أجل قول اللناس الحج الاصغر) . وهذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست من المرفوع إلى النبي (ص) ، وقد صرحت بذلك رواية مسلم ففيها : (قال ابن شهاب : فكان حميد بن عبد الرحمن يقول : يوم النحر يوم الحج الاكبر من أجل حديث أبي هريرة) . وهي رواية للبخاري أيضا ، ولذلك جزم الحافظ في (الفتح) (8 / 258) بأنها مدرجة في الحديث ، وأنها من قول حميد بن عبد الرحمن استنبطه من قوله تعالى : (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر) ومن مناداة أبي هريرة بذلك بأمر أبي بكر يوم النحر) . وعنده في الرواية الثانية : (فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحج عام حجة الوادع الذي
[ 301 ]
حج فيه النبي (ص) مشرك) . وزاد في رواية رابعة : (قال حميد بن عبد الرحمن : ثم أردف رسول الله (ص) بعلى بن أبي طالب وأمره أن يؤذن ب‍ (براءة) ، قال أبو هريرة : فأذن معنا على يوم النحر في أهل منى ب‍ (براءة) ، وأن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان) . وتد تابعه المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال : (جئت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله (ص) إلى أهل مكة ، . ببراءة ، قال : ما كنتم تنادون ؟ قال : كنا ننادي أنه لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله (ص) عهد فأجله وأمده إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت الاربعة أشهر فإن الله برئ من المشركين ورسوله ، ولا يحج بعد العام مشرك ، فكنت أنادي حتى صحل صوتي) . أخرجه النسائي والدارمي (1 / 332 - 333 ، 2 / 237) وأحمد (2 / 299) والحاكم (2 / 331) وقال : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير المحرر بن أبي هريرة وقد أورده ابن حبان في (الثقات) (1 / 235) وقال : (روى عنه الشعبي وأهل الكوفة) . قلت : وروى عنه غيرهم من الكبار كالزهري وعطاء وعكرمة ، فهو ثقة إن شاء الله ، فقول الحافظ فيه (مقبول) غير مقبول ! وعليه فالاسناد صحيح . وأما حديث علي ، فيرويه زيد بن أثيع قال : (سألت عليا رضي الله عنه بأي شئ بعثت - يعني يوم بعثه النبي (ص) مع
[ 302 ]
أبي بكر رضي الله عنه في الحجة ؟ قال : بعثت بأربع ، لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ، ولا يطوف‍ بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين النبي (ص) عهد ، فهده إلى مدته ، ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا) . أخرجه الترمذي (1 / 165 ، 2 / 184) والدارمي (2 / 68) وأحمد (1 / 79) ، والحميدي (48) كلهم عن سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن زيد به ، وقال الترمذي : (حديث حسن ، ورواه الثوري عن أبي اسحاق عن بعض أصحابه عن علي) . قلت : وخالفهما إسرائيل إسنادا ومتنا . أما السند فإنه قال : (عن أبي بكر) بدل (علي) أعني أنه جعله من مسند أبي بكر ، وليس من مسند علي . أما المتن ، فإنه زاد في آخره : (قال : فسار (يعني أبا بكر) بها ثلاثا ثم قال لعلي رضي الله عنه : الحقه فرد علي أبا بكر ، وبلغها أنت ، قال : ففعل ، قال ، فلما قدم على النبي (ص) أبو بكر بكى ، قال : با رسول الله حدث في شئ ؟ قال : ما حدث فيك الا خير ، ولكن أمرت أن لا يبلغه الا أنا ورجل مني) . أخرجه أحمد (1 / 3) : ثنا وكيع قال : قال إسرائيل قال أبو إسحاق . . . وكذا أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (8 / 2 - فاتح) : ثنا إسحاق ابن إسماعيل ثنا وكيع به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ، الا أن في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق لين سمع منه بأخرة كما قال الامام أحمد ، وهو حفيده فإنه إسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي الهمداني ، وقد تفرد بهذه الزيادة عن جده دون ابن عيينة ، فلا تطمئن النفس لها ، على أن في السند علة أخرى وهي عنعنة أبي إسحاق في جميع الطرق فإنه كان مدلسا ، ثم انه لم يسم شيخه زيدا في
[ 303 ]
رواية الثوري عنه كما ذكر الترمذي ، والثوري أثبت الناس في أبي إسحاق كما في (التهذيب) والله أعلم . وأنكر ما في هذه الزيادة استرداد النبي الله لابي بكر بعد ثلاث ، فإن جميع الروايات تدل على أن أبا بكر رضي الله عنه استمر أميرا على الحج في هذه السنة التي كانت قبل حجة الوداع ، وأصرح الروايات في ذلك حديث ابن عباس الاتي ، وظني أن ذلك من تخاليط أبي إسحاق ، فإنه كان اختلط في آخر عمره . وأما حديث ابن عباس ، فيرويه مقسم عنه قال : (بعث النبي (ص) أبا بكر وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، ثم أتبعه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق ، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله (ص) القصواء ، فخرج أبو بكر فزعا ، فظن أنه رسول الله (ص) ، فإذا هو علي ، فدفع إليه كتاب رسول الله (ص) ، وأمر عليا أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، فانطلقا فحجا ، فقام علي أيام التشريق ، فنادى : ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك ، فسيحوا في الارض أربعة أشهر ، ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوت بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وكان علي ينادي ، فإذا عيي قام أبو بكر فنادى بها) . أخرجه الترمذي (2 / 184) وقال : (حديث حسن غريب) . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري ، فهو صحيح الاسناد ، فلا أدري لم اقتصر الترمذي على تحسينه ؟ وله شاهد مرسل من حديث أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم بنحوه ، وفيه : (فخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقة رسول الله (ص) حتى أدرك أبا بكر بالطريق ، فلما رآه أبو بكر قال : أأمير أم مامور ؟ فقال : بل مأمور ، ثم مضيا ، فأقام أبو بكر للناس الحج . . . حتى إذا كان يوم النحر قام
[ 304 ]
علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله (ص) ، فقال . . . .) الحديث . أخرجه ابن إسحاق في (السيرة) (4 / 190) بسند حسن مرسل . 1102 - (حديث ابن عباس : أن النبي (ص) قال : (الطواف بالبيت صلاة . إلا أنكم تتكلمون فيه) رواه الترمذي والاثرم) . ص 263 . صحيح . وتقدم في (الطهارة) رقم (121) . 1103 - (حديث عائشة لما حاضت : (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) متفق عليه) . صحيح . وتقدم في (الحيض) (رقم 191) . 1104 - (حديث (إن النبي (ص) طاف سبعا) . ص 263 . صحيح . وهو من حيث عبد الله بن عمر يرويه عمرو بن دينار قال : (سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة ، فطاف بالبيت ، ولم يطف بين الصفا والمروة ، أيأتى امرأته ؟ فقال : قدم رسول الله (ص) ، فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، ويين الصفا والمروة سبعا ، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) . أخرجه البخاري (1 / 409 ، 448) ومسلم (4 / 53) وأبو نعيم في (المستخرج) (155 / 1) والنسائي (2 / 41) وأحمد (2 / 15 ، 85) . وتابعه سالم بن عبد الله عن ابن عمر : (فطاف حين قدم مكة ، واستلم الركن أول شئ ، ثم خب ثلاثة أطواف ومشي أربعا . . .) الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما ، ومضي لفظه بتمامه عند الحديث (1048) .
[ 305 ]
وله شواهد ، منها عن ابن عباس قال : (قدم النبي (ص) مكة ، فطاف سبعا ، وسعى بين الصفا والمروة ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة) . أخرجه البخاري (1 / 410) . 1105 - (حديث (خذوا عني مناسككم)) . ص 263 صحيح . وتقدم (1075) . 1106 - (حديث (الحجر من البيت) متفق عليه) . ص 264 صحيح . وهو من حديث عائشة رضي الله عنها ، وله طرق : الاولى : عن الاسود بن يزيد عنها قالت : (سألت النبي (ص) عن الجدر أمن البيت هو ؟ قال : نعم ، قلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟ قال : ان قومك قصرت بهم النفقة ، قلت : فما شأن بابه مرتفعا ؟ قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ، ويمنعوا من شاؤوا ، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية ، فأخاف أن تنكر قلوبهم [ لنظرت ] أن أدخل الجدر في البيت ، وأن ألصق بابه بالارض) . أخرجه البخاري (1 / 400 - 401 ، 4 / 412) ومسلم (4 / 100) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 175 / 1) والدارمي (2 / 54) وابن ماجه (2955) وقال : (البيت) بدل (الجدر) والطحاوي (1 / 395) والبيهقي (5 / 89) . الثانية : عن عبد الله بن الزبير قال : حدثتني خالتي عائشة أن رسول الله (ص) قال لها : (لولا أن قومك حديث عهد بشرك أو بجاهلية ، لهدمت الكعبة فألزقتها
[ 306 ]
بالارض ، وجعلت لها بابين : بابا شرقيا ، وبابا غربيا ، وزدت فيها من الحجر ستة أذرع ، فإن قريشا اقتصرتها حين بنت الكعبة) . أخرجه الامام مسلم وأبو نعيم والطحاوي والبيهقي (5 / 89) وأحمد (6 / 179 - 180) . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري . الثالثة : عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، يرويه عنه أبو قزعة أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت ، إذ قال : قاتل الله ابن الزبير ، حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول : سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا عائشة ! لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر ، فإن قومك قصروا في البناء) ، فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين ، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا ، قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته علي ما بنى ابن الزبير) . اخرجه مسلم وأبو نعيم والطحاوي والبيهقي وأحمد (6 / 253 ، 262) الرابعة : عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة قالت : (كنت احب أن أدخل البيت فأصلى فيه ، فأخذ رسول الله (ص) بيدي فأدخلني الحطجر ، فقال : إذا أردت دخول البيت فصل ههنا ، فإنما هو قطعة من البيت ، ولكن قومك اقتصروا حيث بنوه) أخرجه النسائي (3 / 25) والترمذي (1 / 166) وأحمد (6 / 92 - 93) والسياق للنسائي وزاد الاخران : (فأخرجوه من البيت) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) .
[ 307 ]
الخامسة : عن صفية بنت شيبة عنها قالت : (قلت : يا رسول الله ألا أدخل البيت ؟ قال : ادخلي الحجر فإنه من البيت) . أخرجه النسائي والطيالسي (1562) . قلت : وسنده صحيح على شرط الشيخين . السادسة : عن سعيد بن جبير عن عائشة أنها قالت : (يا رسول الله ، كل أهلك قد دخل البيت غيري ، فقال : أرسلي إلى شيبة فيفتح لك الباب ، فأرسلت إليه ، فقال شيبة : ما أستطعنا فتحه في جاهلية ولا اسلام بليل ، فقال النبي (ص) : صلي في الحجر ، فإن قومك استقصروا عن بناء البيت حين بنوه) . أخرجه أحمد (6 / 67) والبيهقي (5 / 158) . قلت : ورجاله ثقات رجال الصحيح ، منهم عطاء بن السائب ، وكان اختلط ، يرويه عنه حماد بن سلمة وعلي بن عاصم وسمعا منه في الاختلاط . (تنبيه) جاء في الطريق الثالثة الاشارة إلى أن عبد الله بن الزبير كان قد بنى الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام وأنه ضم الحجر إليها ، وقد جاء في بعض طرق الحديث تفصيل ذلك ، أعرضت عن ذكره خشية التطويل ، لا سيما وقد ذكرته في (سلسلة الاحاديث الصحيحة) برقم (43) فليراجع من شاء الوقوف علي ذلك . 1107 - (حديث جابر : أن النبي (ص) أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا) رواه مسلم والنسائي) ص 264 صحيح . وهو قطعة من حديث جابر في حجته (ص) . 1108 - (حديث (الطواف بالبيت صلاة)) . ص 264
[ 308 ]
صحيح . وتقدم قريبا (1103) . 1109 - (حديث (إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة)) . ص 265 . صحيح . وتقدم في (صلاة الجماعة) (497) . 1110 - (حديث ابن عمر : (كان رسول الله (ص) لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافة) (1) - قال نافع : (وكان ابن عمر يفعله) رواه أبو داود) . ص 265 حسن . أخرجه أبو داود (1876) والنسائي في (الكبرى) (78 / 1) والصغرى (2 / 39) والطحاوي (1 / 394) وكذا الحاكم (1 / 456) والبيهقي (5 / 80) وأحمد (2 / 115) عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عنه به وزاد الطحاوي وأحمد : (ولا يستلم الركنين الاخرين اللذين يليان الحجر) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . وافقه الذهبي . قلت : وإنما هو حسن الاسناد عندي ، لان ابن أبي رواد فيه ضعف يسير من قبل حفظه ، كما أشار إليه الحافظ بقوله : (صدوق عابد ، ربما وهم) . 1111 - عن عمر أن النبي (ص) استقبل الحجر ، ووضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، ثم التفت فإذا بعمر بن الخطاب يبكي فقال : يا عمر ها هنا تسكب العبرات . - رواه ابن ماجه) . ص 265 ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجه (2945) وكذا الحاكم (1 / 454) (1) الاصل في (طوافه) والتصحيح من (سنن أبي داود) وغيره . (*)
[ 309 ]
من طريق محمد بن عون عن نافع عن ابن عمر به . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وذلك من أوهامهما ، فإن محمد بن عون هذا وهو الخراساني متفق على تضعيفه ، بل هو ضعيف جدا ، وقد أورده الذهبي نفسه في (الضعفاء) وقال : (قال النسائي متروك) . وزاد في (الميزان) : (وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن معين : ليس بشئ) . ثم ساق له الذهبي هذا الحديث ، مشيرا بذلك إلي أنه مما أنكر عليه ، والظاهر أنه هو الحديث الذي عناه أبو حاتم بقوله في ترجمته من (الجرح والتعديل) (4 / 1 / 47) : (ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، روى عن نافع حديثا ليس له أصل) . وساق له في التهذيب ، هنا الحديث ، ثم قال : (وكأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم) . وقال في (التقريب) : (متروك) . وقال الحافظ البوصيري في (الزوائد) (ق 182 / 1) : (هذا إسناد ضعيف محمد بن عون ضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخاري والنسائي وغيرهم ، رواه ابن خزيمة في (صحيحه) والحاكم وصحح إسناده ، ومن طريقه البيهقي وقال : تفرد به محمد بن عون . ورواه عبد بن حميد في (مسنده) عنه . 1112 - (السجود على الحجر فعله ابن عمر وابن عباس . نقله الاثرم) .
[ 310 ]
صحيح . أخرجه الطيالسي في (مسنده) (ص 7) : حدثنا جعفر بن عثمان القرشي - من أهل مكة - قال : رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه ، ثم قال : رأيت عبد الله بن عباس قبله وسجد عليه ، فقال ابن عباس : رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه ، ثم قال عمر : لو لم أر رسول الله (ص) قبله ما قبلته . وأخرجه الحاكم (1 / 455) من طريق أبى عاصم النبيل ثنا جعفر بن عبد الله - وهو ابن الحكم - قال : رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد إليه . . . الخ ، الا أنه قال في آخره : رأيت رسول الله (ص) فعل هكذا ، ففعلت . وكنا أخرجه الدارمي (2 / 53) : اخبرنا أبو عاصم عن جعفر بن عبد الله ابن عثمان قال : فذكره . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . وفيه نظر ، لان قوله في جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم - وهو ثقة - لم يسلم له ، فقد صرح الدارمي في روايته أنه ابن عثمان ، ولذلك تعقبه الحافظ في (التلخيص) (ص 212) بقوله : (ووهم في قوله : (إن جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم ، فقد نص العقيلي على أنه غيره ، وقال في هذا : في حديثه وهم واضطراب) . قلت : أخرجه العقيلي في (الضعفاء) (ص 65) من طريق بشر بن السري قال : حدثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان الحميدي عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس أن النبي (ص) قبل الحجر ثم سجد عليه . وقال : (رواه أبو عاصم وأبو داود والطيالسي عن جعفر فقالا : عن ابن عباس عن عمر مرفوعا . وحدثنا إسحاق بن ابراهيم عن عبد الرزاق عن ابن جريج
[ 311 ]
قال : أخبرني محمد بن عباد بن (1) جعفر أنه رأى ابن عباس قبل الحجر وسجد عليه . حديث ابن جريج أولى) . قلت : ومما يؤيد أنه موقوف رواية الشافعي إياه من طريق أخرى عن ابن عباس موقوفا فقال (1057) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن أبي جعفر قال : رأيت ابن عباس جاء يوم التروية مسبدا رأسه ، فقبل الركن ثم سجد عليه ثلاث مرات . وأخرجه الازرقي في (أخبار مكة) (233) عن ابن عيينة عن ابن جريج به . قلت : وهذا إسناد صحيح ان كان ابن جريج سمعه من أبي جعفر وهو محمد بن علي بن الحسين الباقر رحمه الله . ثم وجدت تصريحه بالتحديث في (مصنف عبد الرزاق) (8912) فصح الاسناد والحمد لله . والطريق الاولى عند العقيلي موقوفا جيدة . وقد تبين من اسناد العقيلي في المرفوع أن جعفر بن عثمان في رواية الطيالسي إنما هو جعفر بن عبد الله بن عثمان نسبه الطيالسي إلى جده . والحديث أخرجه البيهقي (5 / 74) من طريق الطيالسي والحاكم ، ومن طريق الشافعي عن سعيد وهو ابن سالم القداح المكي . ثم ساق من طريق يحيى بن يمان ثنا سفيان عن ابن أبي حسين عن عكرمة عن ابن عباس قال : (رأيت النبي (ص) يسجد على الحجر) . وقال : (لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان . وابن أبي حسين : عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) . قلت : وابن يمان ضعيف قال الحافظ : (1) كذا الاصل والصواب : (محمد بن عباد عن أبي جعفر) كما في الروايات الاخرى الاتية عن ابن جريج ، وكذلك في (مصنف عبد الرزاق) (8912) (*)
[ 312 ]
(صدوق عابد يخطئ كثيرا ، وقد تغير) . وذكر له في (مجمع الزوائد) (3 / 241) شاهدا من حديث ابن عمر قال : (رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر ، وسجد عليه ، ثم عاد فقبله وسجد عليه ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله (ص) !) . ثم قال : (رواه أبو يعلى بإسنادين ، وفي أحدهما جعفر بن محمد المخزومى وهو ثقة ، وفيه كلام ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، ورواه البزار من الطريق الجيد) . قلت : ثم رأيته في (مسند أبي يعلى) (17 / 2) من الطريق الاخرى وفيها عمر بن هارون وهو متروك . قلت : فيبدو من مجموع ما سبق أن السجود على الحجر الاسود ثابت ، مرفوعا وموقوفا . والله أعلم . (تنبيه) : وقع في الكتاب : (فعله ابن عمر) ، وأنا أخشى أن تكون لفظة (ابن) مقحمة من بعض النساخ ، فإني لم أقف على رواية فيها سجود ابن عمر على الحجر ، وإنما ذلك عن أبيه كما تقدم ، اللهم إلا أن يكون ذلك عند الاثرم ، وذلك مما أستبعده . والله أعلم . 1113 - (حديث ابن عمر (1) (أن النبي (ص) استلمه بيده وقبل يده) رواه مسلم) . ص 265 صحيح . أخرجه مسلم (4 / 66) وأبو نعيم في (المستخرج) (20 / 161) وابن الجارود (453) والبيهقي (5 / 75) وأحمد (2 / 108) وابنه عبد الله ، كلهم عن أبي خالد الاحمر عن عبيدالله عن نافع قال : (رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ، ثم قبل يده ، وقال : ما تركته منذ رأيت رسول الله (ص) يفعله) . (1) الاصل (ابن عباس) وهو خطا . (*)
[ 313 ]
وروى البيهقي عن عطاء قال : (رأيت جابر بن عبد الله وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وابن عمر رضي الله عنهم إذا استلموا الحجر قبلوا ايديهم . قال ابن جريج : فقلت لعطاء : وابن عباس ؟ قال : وابن عباس - حسبت - كثيرا) . أخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء أخبرني ابن جريج عن عطاء . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . وقد أخرجه الشافعي (1035) : أخبرنا سعيد عن ابن جريج به وزاد : (قلت : وابن عباس ؟ قال : نعم ، وحسبت كثيرا ، قلت : هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك ؟ قال : فلم استلمه إذا) . قلت : وإسناده جيد . 1114 - (عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : (رأيت رسول الله (ص) يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه) ص 265 . صحيح . أخرجه مسلم (4 / 68) وكذا أبو نعيم في (المستخرج) (162 / 1) وأبو داود (1879) وابن ماجه (2949) وابن الجارود (464) والبيهقي (5 / 100 - 101) وأحمد (5 / 454) عن معروف بن خربوذ المكي قال : سمعت أبا الطفيل به . وزاد أحمد في أوله : (وأنا غلام شاب) . وليس عنده ولا عند أبي نعيم : (ويقبل المحجن) . وزاد أبو نعيم وأبو داود وابن الجارود والبيهقي : (ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فطاف سبعا على راحلته) . 1115 - (حديث : قيل للزهري : إن عطاء يقول : تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف ، فقال : السنة أفضل ، لم يطف النبي (ص)
[ 314 ]
أسبوعا إلا صلى ركعتين) رواه البخاري) . ص 266 ضعيف بهذا اللفظ . وإطلاق العزو للبخاري ، يوهم أنه مسند عنده ، وليس كذلك ، فإنه إنما أورده معلقا في (باب صلى النبي (ص) اسبوعه ركعتين) (1 / 409) ثم قال : (وقال إسماعيل بن أمية ، قلت : للزهري : فذكره . وقال الحافظ في (الفتح) (3 / 388) : (وصله ابن أبي شيبة مختصرا قال : حدثنا يحيي بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن الزهري قال : مضت السنة أن مع كل أسبوع ركعتين . ووصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري بتمامه) . ويغني عنه حديث ابن عمر الذي ساقه البخاري في الباب بلفظ : (قدم رسول الله (ص) ، فطاف بالبيت سبعا ، ثم صلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) . وقد أخرجه مسلم أيضا وغيره وتقدم لفظه برقم (1105) . 1116 - (حديث (إن النبي (ص) والى بين السعي)) . ص 266 . لم أجده . . 1117 - (روي (أن سودة بنة عبد الله بن عمر تمتعت فقضت طوافها في ثلاثة أيام)) . ص 266 لم أقف عليه الان . 1118 - (حديث (إن النبي (ص) سعى راكبا)) . ص 266 صحيح . ورد من حديث جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس .
[ 315 ]
أما حديث جابر ، فيرويه أبو الزبير سمعه يقول : (طاف النبي (ص) في حجة الوداع على راحلته بالبيت ، وبالصفا والمروة ليراه الناس ، وليشرف وليسألوه ، فإن للناس غشوه) . أخرجه مسلم (4 / 67 - 68) وأبو نعيم (161 / 2) والنسائي (2 / 42) والبيهقي (5 / 100) وأحمد (3 / 317 و 333 - 334) عن ابن جريج : أخبرني أبو الزبير به . وأما حديث ابن عباس ، فيرويه أبو الطفيل قال : (قلت لابن عباس : أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ، ومشي أربعة أطواف أسنة هو ؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة ، قال : فقال : صدقوا وكذبوا ؟ قال : قلت : ما قولك صدقوا وكذبوا ، قال : ان رسول الله (ص) قدم مكة ، فقال المشركون إن محمدا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال ، وكانوا يحسدونه ، قال : فأمرهم رسول الله (ص) أن يرملوا ثلاثا ، ويمشوا أربعا ، قال : قلت له : أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو ، فإن قومك يزعمون أنه سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا ، قال : قلت ، ، وما قولك : صدقوا وكذبوا ؟ قال : إن رسول الله (ص) كثر عليه الناس ، يقولون : هذا محمد ، هذا محمد ، حتى خرج العواتق من البيوت ، قال : وكان رسول الله (ص) لا يضرب الناس يين يديه ، فلما كثر عليه ركب ، والمشي والسعي أفضل) . أخرجه مسلم (4 / 64) وأبو نعيم (20 / 160 / 2) والبيهقي (5 / 100) من طريق الجريري عن أبي الطفيل به . وتابعه أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل به . أخرجه أحمد (1 / 297) بتمامه ، وهو (1 / 369) والبيهقي مختصرا دون قصة الرمل . وله طريق آخر عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم :
[ 316 ]
(أنه طاف بالبيت على ناقته يستلم الحجر بمحجنه ، وبين الصفا والمروة ، وقال يزيد مرة : على راحلته يستلم الحجر) . أخرجه أحمد (1 / 237) . ورجاله ثقات غير أخي سالم بن أبي الجعد وله خمسة إخوة عبد الله وعبيد وزياد وعمران ومسلم ، وبعضهم ثقة ، والاخرون مجهولون ولم أعرف من هو من بينهم . 1119 - (حديث (أن النبي (ص) سعى بعد الطواف ، وقال : خذوا عني مناسككم) . ص 266 صحيح . وهو مركب من حديثين لجابر بن عبد الله رضي الله عنه : أحدهما : حديثه الطويل في وصف حجته (ص) وفيه : (حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشي أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام ، فقرأ (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت . . . ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا) الحديث . رواه مسلم وغيره . والحديث الاخر تقدم برقم (1074) . 1120 - (حديث جابر : (أن النبي (ص) لما دنا من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا فرقي عليه . .) الحديث رواه مسلم ولفظ النسائي : (ابدؤوا بما بدأ الله به)) . ص 266 صحيح باللفظ الاول ، وهو في حديث جابر الطويل في صفة حجته (ص) ، وقد مضي بتمامه برقم (1017) ، وهو من رواية حاتم بن اسماعيل
[ 317 ]
المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر . هكذا أخرجه مسلم وأبو نعيم وأبو داود والنسائي في (الكبرى) (80 / 2) والدارمي وابن ماجه وابن الجارود (469) والدارقطني (270) والبيهقي (5 / 7 - 9 ، 93) كلهم من طرق عن حاتم به ، وكلهم قالوا : (أبدأ) إلا ابن ماجه والبيهقي في رواية فقالا : (نبدأ) وأما الدارقطني فوفع عنده (فابدؤوا) بصيغة الامر ، وهو رواية لابن خزيمة في (صحيحه) (1 / 273 / 1) وهو شاذ . فهذه ثلاثة ألفاظ : (ابدأ) و (نبدأ) و (ابدؤوا) . وقد تابعه على اللفظ الثاني جماعة من الثقات ، فمنهم مالك في (الموطأ) (1 / 372 / 126) وعنه النسائي (2 / 41) . وابن عبد الهاد عنده (2 / 40 ، 41 - 42) ويحيى بن سعيد عنده أيضا (2 / 41) وكذا ابن الجارود (465) وأحمد (3 / 320) ، وأبو يعلى في مسنده ، (1185 / 1) وإسماعيل بن جعفر ، عند النسائي في (الكبرى) (ق 79 / 2) وسفيان بن عيينة عند الترمذي (1 / 163 - 164) ورهيب بن خالد عند الطيالسي في (مسنده) (1668) وأبو يعلى (ق 114 / 1) وابن جريج عند أبي بكر الفقيه في (الجزء من الفوائد المنتقاة) (187 / 1) كل هؤلاء الثقات قالوا : (نبدأ) . وأما اللفظ الثالث : (ابدؤوا) . فقد عزاه المصنف للنسائي ، وهو في ذلك تابع لغير واحد من الحفاظ كالزيلعي في (نصب الراية) (3 / 54) وابن الملقن في (الخلاصة) (108 / 2) وابن حجر في (التلخيص) (214) وغيرهم ، وقد أطلقوا جميعا العزو للنسائي ، وذلك يعني اصطلاحا (سننه الصغرى) ، وليس فيها هذا اللفظ أصلا ، فيحتمل أنهم قصدوا (سننه الكبرى) ، ولم أره فيه في الجزء الثاني من (كتاب المناسك) من (الكبرى) المحفوظة في (المكتبة الظاهرية) فيحتمل - على بعد - أن يكون في الجزء الاول منه ، وهذا - مع الاسف مما لا يوجد عندنا ، أو في (كتاب الطهارة) منه ، وهو مفقود أيضا . وإنما وجدنا في الجزء المشار إليه اللفظ الثاني ، والاول أيضا كما سبقت إلاشارة إليه أنفا . وقد رأيت الحافظ أبا محمد بن حزم قد أخرجه في (المحلى) (2 / 66) من طريق النسائي بإسناده عن حاتم بن اسماعيل . إلا أنه
[ 318 ]
وقع عنده بهذا اللفظ الثالث : (ابدؤوا) ، وهو في نسختنا المخطوطة بلفظ الاول : (أبدأ) ، وهي نسخة جيدة مقابلة ومصححة ، فالظاهر أن نسخ (السنن الكبرى) في هذه اللفظة مختلفة ، فيمكن أن يكون أولئك الحفاظ كانت نسختهم موافقة لنسخة ابن حزم من (السنن الكبرى) ، أو أنهم اعتمدوا عليها في عزو اللفظ المذكور للنسائي . وسواء كان هذا أو ذاك ، فلست أشك أن رواية ابن حزم شاذة لمخالفتها لجميع الطرق عن حاتم بن إسماعيل ، وقد اتفقت جميعها على رواية الحديث باللفظ الاول كما تقدم . نعم قد وجدت للفظ الثالث طريقين آخرين ، لم أر من نبه عليهما أو أرشد إليهما من أولئك الحفاظ : الاولى : عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد به . أخرجه الدارقطني (269) والبيهقي (1 / 85) . والاخرى : عن سليمان بن بلال عن جعفر به . أخرجه أحمد (3 / 394) : حدثنا موسى بن داود حدثنا سليمان بن بلال . قلت : وموسى بن داود - وهو الضبي - قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق فقيه زاهد ، له أوهام) . وأما سليمان بن بلال فثقة محتج به في الصحيحين ، فيمكن أن يكون الضبي قد وهم عليه في هذا اللفظ ، وإلا فهو الواهم . والعصمة لله . وجملة القول : إن هذا اللفظ : (ابدؤوا) شاذ لا يثبت لتفرد الثوري وسليمان به ، مخالفين فيه سائر الثقات الذين سبق ذكرهم وهم سبعة ، وقد قالوا : (نبدأ) . فهو الصواب ، ولا يمكن القول بتصحيح اللفظ الاخر لان الحديث واحد ، وتكلم به (ص) مرة واحدة عند صعوده على الصفا ، فلابد من الترجيح ، وهو ما ذكرنا . وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن دقيق العيد في (الالمام بأحاديث الاحكام) (رقم 56) بعد أن ذكر هذا اللفظ من رواية النسائي :
[ 319 ]
(والحديث في (الصحيح) لكن بصيغة الخبر (نبدأ) و (أبدأ) لا بصيغة الامر ، والاكثر في الرواية هذا ، والمخرج للحديث واحد) . وقال الحافظ في (التلخيص) : (قال أبو الفتح القشيري (1) : (مخرج الحديث عندهم واحد ، وقد اجتمع مالك وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية (نبدأ) بالنون التي للجمع) . قلت : وهم أحفظ الناس) . قلت : المتبادر من (سفيان) عند الاطلاق إنما هو الثوري لجلالته وعلو طبقته ، وليس هو المراد هنا ، بل هو سفيان بن عيينة كما سبق ، وأما الثوري فهو المخالف لرواية الجماعة ، ومن الطرائف أن روايته هذه رواها عنه سفيان بن عيينة ، عند الدارقطني وتابعه الفريابي وقبيصة عنه عند البيهقي . ومن الغرائب أن ابن التركماني في (الجوهر النقي) توهم أن سفيان عند البيهقي هو سفيان نفسه عند الترمذي ، ولكنه لم يذكر أهو عنده الثوري أم ابن عيينة ، وقد عرفت أنهما متغايران . 1121 - (حديث (أنه (ص) قال لعائشة لما حاضت : افعلي ما يفعل الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) . ص 267 صحيح . وقد مضى في (الحيض) (191) . 1122 - (قالت عائشة : (إذا طافت المرأة بالبيت ثم صلت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة)) ص 267 . لم أقف عليه الان . (1) هو ابن دقيق العيد صاحب (الالمام) . وما نقله الحافظ عنه هو في كتابه الاخر (الامام) كما ذكر ابن الملقن . (*)
[ 320 ]
1123 - (حديث جابر : (ماء زمزم لما شرب له) رواه أحمد وابن ماجه) ص 267 صحيح . وله عن جابر بن عبد الله طريقان : الاولى : عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عنه . أخرجه أحمد (3 / 357 ، 372) وابن ماجه (3062) والعقيلي في (الضعفاء) (ص 222) والبيهقي (5 / 148) والخطيب في (تاريخ بغداد) (3 / 179) والازرقي في (أخبار مكة) (291) من طرق سبع عن ابن المؤمل به . وقال البيهقي : (تفرد به عبد الله بن المؤمل) . وقال العقيلي : (لا يتابع عليه) . قال الذهبي في (الضعفاء) وفي (الميزان) : (ضعفوه) . وقال في) الرد على ابن القطان) (19 / 1) : (لين) . وقال الحافظ في (التقريب) : ضعيف الحديث) . ولذلك قال الحافظ السخاوي في (المقاصد الحسنة) (928) بعد ما عزاه للفاكهي أيضا : (وسنده ضعيف) . قلت : لكن الظاهر أنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه البيهقي (5 / 202) من طريقين عن أبي محمد أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادي ب‍ (هراة) أنا معاذ بن نجدة ثنا خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا أبو الزبير قال : (كنا عند جابر بن عبد الله ، فتحدثنا فحضرت صلاة العصر ، فقام فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به ، ورداؤه موضوع ، ثم أتى بماء من ماء زمزم
[ 321 ]
فشرب ، ثم شرب ، فقالوا : ما هذا ؟ قال : هذا ماء زمزم ، وقال فيه رسول الله (ص) : ماء زمزم لما شرب له . قال : ثم أرسل النبي (ص) وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ، ولا يترك ، قال : فبعث إليه بمزادتين) . قلت : وهذا اسناد رجاله ثقات رجال الصحيح ، غير معاذ بن نجدة ، أورده الذهبي في (الميزان) وقال : . (صالح الحال ، قد تكلم فيه ، روى عن قبيصة وخلاد بن يحيى ، توفي سنة أثنتين وثمانين ومائتين ، وله خمس وثمانون سنة) . وأقره الحافظ في (اللسان) . وأما الراوي عنه أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادي ، فلم أعرفه ، وهو من شرط الخطيب البغدادي في (تاريخه) ، ولم أره في ، فلا أدري أهو مما فاته ، أم وقع في اسمه تحريف في نسخة البيهقي ، فهو علة هذه الطريق عندي . وأما الحافظ فقد أعله بعلة غريبة فقال : (قلت : ولا يصح عن إبراهيم ، انما سمعه إبراهيم من إبن المؤمل) قلت : ولا أدري من أين أخذ الحافظ هذا التعليل ، فلو اقتصر على قوله : (لا يصح عن ابراهيم) . لكان مما لا غبار عليه . ثم قال : (ورواه العقيلي من حديث ابن المؤمل وقال (لا يتابع عليه) ، وأعله ابن القطان به ، وبعنعنة أبي الزبير ، لكن الثانية مردودة ، ففي رواية ابن ماجه التصريح بالسماع) . قلت : لكنها رواية شاذة غير محفوظة ، تفرد بها هشام بن عمار قال : قال عبد الله بن المؤمل أنه سمع أبا الزبير . وهشام فيه ضعف ، قال الحافظ : (صدوق ، كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح) .
[ 322 ]
قلت : والوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح بسماعه من ابن المؤمل ، وقد خالفه رواية الطرق الاخرى وهم ستة فقالوا : عن أبي الزبير عن جابر ، فروايتهم هي الصواب . ثم قال الحافظ : (وله طريق أخرى من حديث أبي الزبير عن جابر . أخرجها الطبراني في (الاوسط) في ترجمة على بن سعيد الرازي) . قلت : لم أره في (زوائد المعجمين) لشيخه الحافظ الهيثمي ، وقد ساق فيه (1 / 118 / 1 - 2) من رواية أوسط الطبراني بإسناد آخر له عن ابن عباس مرفوعا بلفظ (خير ماء على وجه الارض ماء زمزم . . .) ومن رواية فيه قال : حدثنا على بن سعيد الرازي ثنا الحسن بن أحمد نحوه . فهذا هو حديث على بن سعيد الرازي في (الاوسط) : (خير ماء . . .) وليس هو (ماء زمزم لما شرب له) فهل اختلط علي الحافظ أحدهما بالاخر ، أم فات شيخه الهيثمي ما عناه الحافظ فلم يورده في (الزوائد) ؟ كل محتمل ، والاقرب الاول . والله أعلم . الطريق الثانية : عن سويد بن سعيد قال : رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتى زمزم ، فاستقى منه شربة ، ثم استقبل الكعبة ثم قال : اللهم إن ابن أبى الموال حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي (ص) أنه قال : (ماء زمزم لما شرب له) وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه . أخرجه الخطيب في (تاريخه) (10 / 116) وكذا ابن المقرئ في (الفوائد) كما في (الفتح) (3 / 394) والبيهقي في (شعب الايمان) كما في (التلخيص) (221) وقال البيهقي : . (غريب تفرد به سويد) . قت : وهو كما قال في (التقريب) : (صدوق في نفسه ، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه ،
[ 323 ]
وأفحش فيه ابن معين القول) . وقال في (الفتح) (3 / 394) : (وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح ، وهو كما قال من حيث الرجال ، إلا أن سويدا وإن أخرج له مسلم ، فإنه خلط ، وطعنوا فيه ، وقد شذ بإسناده والمحفوظ في ابن المبارك عن ابن المؤمل . وقد جمعت في ذلك جزءا) . وقال في (التلخيص) (221) : (قلت : وهو ضعيف جدا ، وإن كان مسلم قد أخرج له في المتابعات ، وأيضا فكان أخذ به عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه ، ولذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالاخذ عنه ، كان قبل عماه ، ولما أن عمي صار يلقن فيتلقن ، حتي قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدا ، من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير . قلت : وقد أخطأ في هذا الاسناد ، وأخطأ فيه على ابن المبارك . وإنما رواه ابن المبارك عن ابن المؤمل عن أبي الزبير ، كذلك رويناه في (فوائد أبي بكر بن المقري) من طريق صحيحة فجعله سويد عن ابن أبي الموال عن ابن المنكدر . واغتر الحافظ شرف الدين الدمياطي بظاهر هذا الاسناد ، فحكم بأنه على رسم الصحيح ، لان ابن أبي الموال تفرد به البخاري ، وسويدا انفرد به مسلم ، وغفل عن أن مسلما إنما أخرج لسويد ما توبع عليه ، لا ما انفرد به ، فضلا عما خولف فيه) . وقال الحافظ السخاوي في (المقاصد الحسنة) (928) بعد أن ذكر حديث أبي الزبير عن جابر ، ومجاهد عن ابن عباس الاتي برقم (1126) وضعفهما : (وأحسن من هذا كله عند شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر) ما أخرجه الفاكهي من رواية ابن اسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : لما حج معاوية ، فحججنا معه ، فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين ، ثم مر بزمزم ، وهو خارج إلى الصفا ، فقال : انزع لي منها دلوا يا غلام قال : فنزع له منه دلوا ، فأتي به فشرب ، وصب على وجهه ورأسه وهو يقول : زمزم شفاء ، وهي لما شرب له . بل قال شيخنا : إنه حسن مع كونه
[ 324 ]
موقوفا ، وأفرد فيه جزءا ، واستشهد له في موضع آخر بحديث أبي ذر فيه : (إنها طعام طعم ، وشفاء سقم) . وأصله في (مسلم) ، وهذا اللفظ عند الطيالسي ، قال : ومرتبة هذا الحديث انه باجتماع الطرق يصلح للاحتجاج به . وقد جربه جماعة من الكبار ، فذكروا أنه صح ، بل صححه من المتقدمين ابن عيينة ، ومن المتأخرين الدمياطي في جزء جمعه فيه ، والمنذري ، وضعفه النووي) . وقال ابن القيم في (زاد المعاد) (3 / 192 - المطبعة المصرية) عقب حديث ابن أبي الموال المتقدم عن ابن المنكدر عن جابر : (وابن أبي الموال ثقة ، فالحديث إذا حسن ، وقد صححه بعضهم ، وجعله بعضهم موضوعا ، وكلا القولين فيه مجازفة ، وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمور عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله ، وشاهدت من يتغذى به الايام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعا ، ويطوف مع الناس كأحدهم ، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوما ، وكان له قوة يجامع بها أهله ، ويصوم ، ويطوف مرارا) . قلت : ما ذكره من أن الحديث حسن فقط ، هو الذي ينبغي أن يعتمد ، لكن لا لذاته كما قد يوهم أول كلامه الذي ربط فيه التحسين بكون ابن أبي الموال ثقة ، فهو معلول بسويد بن سعيد كما سبق ، وإنما الحديث حسن لغيره بالنظر إلى حديث معاوية الموقوف عليه فإنه في حكم المرفوع ، والنووي رحمه الله إنما ضعفه بالنظر إلى طريق ابن المؤمل قال في (المجموع) (8 / 267) : (وهو ضعيف) . وذكر له السخاوي شاهدا آخر من حديث ابن عباس ، ولكنه عندي ضعيف جدا فلا يصلح شاهدا ، بل قال فيه الذهبي : (خبر باطل) . وأقره الحافظ في (اللسان) كما يأتي بيانه برقم (1126) . (تنبيه) عزا المنذري في (الترغيب) (2 / 133) حديث سويد بن سعيد المتقدم لاحمد بإسناد صحيح . وهذا وهم منه ، فليس هو عند أحمد في مسنده ،
[ 325 ]
ولا إسناده صحيح ، بل هو منكر كما تقدم بيانه من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى . هذا وجزم ابن الجوزي بصحة الحديث مؤكدا ذلك بقوله في (منهاج القاصدين) : (وقد قال (ص) : ماء زمزم لما شرب له) . ومال السيوطي إلى تصحيحه في (الفتاوى) (2 / 81) . 1124 - (حديث جابر (أن النبي (ص) (دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ)) . ص 267 حسن . ومضى تخريجه في (الطهارة) (رقم 12) ، ومن هناك تعرف أن الحديث ليس من مسند جابر ، بل من مسند على رضي الله عنهما . 1125 - (عن ابن عباس مرفوعا : (إن آية ما بيننا وبين المنافقين [ أنهم ] لا يتضلعون من ماء زمزم) رواه ابن ماجه) . ص 267 . ضعيف . أخرجه ابن ماجه (3061) وكذا البخاري في (التاريخ الصغير) (193) وأبو نعيم في (صفة النفاق) (ق 29 / 2) والضياء في (المختارة) (67 / 110 / 1) عن عبيد الله بن موسى عن عثمان بن الاسود عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : (كنت عند ابن عباس جالسا ، فجاءه رجل ، فقال : من أين جئت ؟ قال : من زمزم ، قال : فشربت منها كما ينبغي ؟ قال : وكيف ؟ قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة ، واذكر اسم الله ، وتنفس ثلاثا ، وتضلع منها ، فإذا فرغت ، فاحمد الله عزوجل ، فإن رسول الله (ص) قال : فذكره . وتابعه مكي بن ابراهيم ثنا عثمان بن الاسود عن محمد بن عبد الرحمن قال : فذكره .
[ 326 ]
أخرجه البيهقي (5 / 147) . وتابعه عبد الله بن المبارك . عند البخاري في (تاريخه الكبير) (1 / 1 / 158) . وخالفهم اسماعيل بن زكريا أبو زياد ، فقال : عن عثمان بن الاسود : حدثنى عبد الله بن أبي مليكة قال : جاء رجل إلى ابن عباس . . . أخرجه البخاري في (التاريخ) والدارقطني في (سننه) (284) والبيهقي . وتابعه عبد الرحمن بن بوذيه حدثنا عثمان به . أخرجه البخاري فيه والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 115 / 1) وعنه أبو نعيم من طريق عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن به . وتابعه الثوري عن عثمان . أخرجه الطبراني عقب الرواية السابقة فقال : قال عبد الرزاق : ولا أعلم الثوري إلا حدثناه عن عثمان بن الاسود به . وتابعه الفضل بن موسى أخبرنا عثمان عن ابن أبي مليكة به . أخرجه البخاري : حدثني يوسف : أخبرنا الفضل به . وعلقه البيهقي عن الفضل بن موسى به إلا أنه قال : عبد الرحمن بن أبى مليكة . وخالفهم جميعا عبد الوهاب الثقفي فقال : ثنا عثمان بن الاسود : حدثني جليس لابن عباس قال : قال لي ابن عباس : من أين جئت ؟ أخرجه البيهقي . قلت : فقد اختلف على عثمان بن الاسود في تسمية شيخه على وجوه : الاول : محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر .
[ 327 ]
رواه عنه هكذا عبيدالله بن موسى ، ومكي بن ابراهيم ، وعبد الله بن المبارك ، وهؤلاء ثقات أثبات . الثاني : عبد الله بن أبي مليكة . رواه عنه اسماعيل بن زكريا ، وهو صدوق يخطئ قليلا ، وعبد الرحمن بن بوذيه ، وليس بالمشهور ، وأثنى عليه أحمد ، وسفيان الثوري وهو ثقة حجة لكن في الطريق إليه وإلى ابن بوذيه إسحاق وهو الدبري وفيه ضعف . والفضل بن موسى وهو ثقة ثبت وربما أغرب كما قال : الحافظ . وقيل عنه عن عثمان (عبد الرحمن بن أبي مليكة) . الثالث : جليس لابن عباس لم يسم . قلت : بعد هذا العرض يتبين أن أولى هذه الوجوه بالترجيح إنما هو الوجه الاول لاتفاق الثلاثة الثقات عليه ، وصحة الطرق بذلك إليهم . بخلاف الوجه الثاني ، فبعض رواته لم تثبت عدالتهم ، وبعضهم لم يثبت السند إليه ، الا إلى الفضل بن موسى . وأما الوجه الثالث ، فشاذ فرد . وإذا كان كذلك فقد رجع الحديث إلى أنه من رواية محمد بن عبد الرحمن ابن ابي بكر عن ابن عباس ، فمن يكون ابن أبي بكر هذا وما حاله ؟ هو محمد ابن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي الجمحي أبو الثورين المكي ، روى عنه عمرو بن دينار أيضا ، وقد أورده ابن حبان في (الثقات) (1 / 208) ، ولم يوثقه غيره ، ولهذا قال الحافظ في (التقريب) : (مقبول) يعني عند المتابعة . قلت : وقد توبع ، لكن السند واه إلى المتابع كما يأتي . وأما قول البوصيري في (الزوائد) (ق 186 / 1) : (هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات ، رواه الدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس ، ورواه البيهقي في سننه الكبرى عن الحاكم) .
[ 328 ]
قلت : فهذا التصحيح إنما يستقيم في طريق ابن أبي مليكة ، لو لم تكن مضطربة ومخالفة للطريق الراجحة التي مدارها على أبي الثورين هذا ، أما وهي مضطربة ومرجوجة فلا . وأما ما ذكره أن هذه الطريق في مستدرك الحاكم ، فالظاهر أنه ليس كذلك وإن النسخة المطبوعة من (المستدرك) قد سقط منها عبد الله بن أبي مليكة ، فصار الحديث بذلك منقطعا ، وليس السقط من الناسخ أو الطابع ، كما يتبادر للذهن ، وإنما هو من الحاكم نفسه فإنه قال عقب الحديث (1 / 472 - 473) : (صحيح على شرط الشيخين ، ان كان عثمان بن الاسود سمع من ابن عباس) . وتعقبه الذهبي بقوله : (قلت : لا والله ما لحقه ، توفي عام خمسين ومائة ، وأكبر مشيخته سعيد ابن جبير) . قلت : والسقط المذكور يتبين لي أنه من الحاكم نفسه حين ألف الكتاب ، فإن البيهقي رواه عنه بالسند الذي أورده الحاكم في (المستدرك) باثبات ابن أبي مليكة فيه ، هو من طريق إسماعيل بن زكريا ، وبذلك اتصل السند وزال الانقطاع ، وإنما العلة محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، فهو تابعي الحديث وليس ابن أبي مليكة وهو مجهول الحال كما سبق بيانه . نعم ، انه لم يتفرد به فقال الطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 97 / 1) : حدثنا زكريا الساجي نا عبد الله ابن هارون أبو علقمة الفروي نا قدامة بن محمد الاشجعي عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ص) : (علامة ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم) . قلت : وهذا اسناد ضيعف جدا أبو علقمة هذا فال الدارقطني : (متروك
[ 329 ]
الحديث) . وقال الذهبي : (منكر الحديث) . وفي (التقريب) : (ضعيف) . وبقية رجال الاسناد موثقون . 1126 - (حديث ابن عباس أن رسول الله (ص) قال : (ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته تستشفي به شفاك الله ، وإن شربته يشبعك أشبعك الله به ، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله ، وهي هزمة جبريل وسقيا [ الله ] إسماعيل) . رواه الدارقطني) ص 267 . باطل موضوع . أخرجه الدارقطني في (سننه) (284) : ثنا عمر بن الحسن بن على ثنا محمد بن هشام بن عيسى (!) المروزي ثنا محمد بن حبيب الجارودي : نا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به . قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل : الاولى : محمد بن حبيب الجارودي غمزه الحاكم كما يأتي ، وفي (تاريخ بغداد) ، (2 / 277) : (محمد بن حبيب الجارودي ، بصري قدم بغداد ، وحدث بها عن عبد العزيز بن أبي حازم ، روى عنه أحمد بن على الخزاز والحسن بن عليل العنزي وعبد الله بن محمد البغوي وكان صدوقا) . قال الحافظ في (اللسان) : (فيحتمل أن يكون هو هذا ، وجزم أبو الحسن القطان بأنه هو ، وتبعه على ذلك ابن دقيق العيد والدمياطي) . قلت : وقد تناقض فيه الذهبي ، فقال في ترجمته : (غمزه الحاكم النيسابوري ، وأتى بخبر باطل ، اتهم بسنده) يعني هذا الحديث .
[ 330 ]
وقال مرة (موثق) . وأخرى : (ثقة) ، ومرة : (صدوق) كما يأتي النقل عنه . والحق أنه صدوق كما قال الخطيب ومن تابعه الا أنه أخطأ في هذا الحديث فرفعه وأسنده عن ابن عباس ، والصواب فيه موقوف على مجاهد ، قال : الحافظ في آخر ترجمته : (فهذا أخطأ الجارودي [ في ] ، وصله ، وإنما رواه ابن عيينة موقوفا على مجاهد ، كذلك حدث عنه حفاظ أصحابه ، كالحميدي وابن أبي عمر وسعيد بن منصور وغيرهم) . وقال في (التلخيص) (ص 222) : (قلت : والجارودي صدوق ، إلا أن روايته شاذة ، فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة كالحميدي وابن أبي عمر وغيرهما عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله . ومما يقوي رواية ابن عيينة ما أخرجه الدينوري في (المجالسة) من طريق الحميدي قال : كنا عند ابن عيينة فجاء رجل فقال : يا أبا محمد الحديث الذي حدثتنا عن ماء زمزم صحيح ؟ قال : نعم ، قال : فإني شربته الان لتحدثني مائة حديث ، فقال : اجلس ، فحدثه مائة حديث) . قلت : الدينوري واسمه أحمد بن مروان ذكر الحافظ في (اللسان) عن الدارقطني أنه كان يضع الحديث . فلا يوثق بخبره . الثانية : محمد بن هشام بن عيسى . كذا وقع في المطبوعة من (الدارقطني) وفي (الميزان) في موضع ، و (اللسان) في موضع آخر نقلا عن الدارقطني (ابن على) ، ولم يترجم له الذهبي في (الميزان) وكانه لانه ثقة عنده كما يأتي ، واستدركه الحافظ فقال : (قال ابن القطان : لا يعرف حاله ، وكلام الحاكم يقتضي أنه ثقة عنده ، فإنه قال عقب حديثه : (صحيح الاسنلد إن سلم من الجارودي) . قلت : وقد قال الزكي المنذري مثلما قال ابن القطان ، وسبق في ترجمة عمر بن الحسن الاشناني قول الذهبي : إن محمد بن هشام هذا موثق . قال : وهو ابن أبي
[ 331 ]
الدميك) . قلت : وتبع ابن القطان الحافظ ابن الملقن فقال في (الخلاصة) (112 / 1) عقب قول الحاكم المذكور : (سلم منه ، فإنه صدوق ، لكن الراوي عنه مجهول) . الثالثة : عمر بن الحسن بن علي ، وهو الاشناني أبو الحسين القاضي ، قال الذهبي في (الميزان) : (صاحب بلايا ، فمن ذلك ، حدثنا عمر بن الحسن بن على ثنا محمد بن هشام المروزوي وهو ابن الدميك موثق ثنا محمد بن حبيب الجارودي . . . قلت : وذكر الحديث ثم قال عقبه : (وابن حبيب صدوق ، فآفة هذا هو عمر ، ولقد أثم الدارقطني بسكوته عنه ، فإنه بهذا الاسناد باطل ، ما رواه ابن عيينة قط ، بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر مختصرا) . وتعقبه الحافظ بقوله : (والذي يغلب على الظن أن المؤلف هو الذي أثم بتأثيمه الدارقطني ، فإن الاشناني لم ينفرد بهذا ، تابعه عليه في (مستدركه) الحاكم ، ولقد عجبت من فول المؤلف : ما رواه ابن عيينة قط ، مع أنه رواه عنه الحميدي وغيره من حفاظ أصحابه إلا أنهم أوقفوه على مجاهد ، لم يذكروا ابن عباس فيه ، فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه) . وأقول : لم يأثم الدارقطني ولا الذهبي إن شاء الله تعالى ، لان كلا منهما ذهب إلى ما أداه إليه اجتهاده ، وإن كنا نستنكر من الذهبي اطلاق هذه العبارة في الامام الدارقطني . وأما تعجب الحافظ من الذهبي ، فلست أراه في محله ، لان الذي أورده عليه من رواية الحميدي ، غير وارد لانه مقطوع ، وإنكار الذهبي منصب على الحديث المرفوع الموصول ، فهو الذي نفاه بقوله (ما رواه ابن عيينة قط) ونفيه
[ 332 ]
هذا لا يزال قائما ، كما يدل عليه هذا البحث الدقيق . وأما قوله : (تابعه عليه في (مستدركه) الحاكم) فوهم ، ولعل في العبارة سقطا فإن الذي تابعه إنما هو شيخ الحاكم ، فقد قال في (المستدرك) (1 / 373) : حدثنا على بن حمشاد العدل ثنا أبو عبد الله بن هشام المروزي به دون قله : (وهي هزمة جبريل ، وسقيا الله إسماعيل) . وزاد : (قال : وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال : اللهم أسالك علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء) . وقال : (هذا حديث صحيح الاسناد ، إن سلم من الجارودي) . قلت : ووافقه الذهبي ، وذلك من وهمه وتناقضه ، فقد سبق عنه أنه قال في (الجارودي هذا) : (أتى بخبر باطل) . وقد عرفت مما تقدم ذكره أن قوله هذا هو الصواب وأنه أخطأ في رفعه ووصله . ثم إن الحافظ قد ذكر في ترجمة الاشناني هذا عن الحاكم أنه كان يكذب ، وعنه أنه قال : قلت : للدارقطني : سألت أبا علي الحافظ عنه ، فذكر أنه ثقة ، فقال : بئس ما قال شيخنا أبو علي ! وقال الذهبي في (الرد على ابن القطان) (بعد أن ساق الحديث من طريق الدارقطني (19 / 1 - 2) : (قلت : هؤلاء ثقات ، سوى عمر الاشناني ، أنا أتهمه بوضع حديث اسلمت وتحتي أختان) . وجملة القول : إن الحديث بالزيادة التي عند الدارالقطني موضوع . لتفرد هذا الاشنانى به ، وهو بدونها باطل لخطأ الجارودي في رفعه ، والصواب وقفه على مجاهد ، ولئن قيل إنه لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع ، فإن سلم هذا ، فهو في حكم المرسل ، وهو ضعيف . والله أعلم .
[ 333 ]
ثم إن الزيادة التي عند الحاكم في دعاء ابن عباس بعد شربه من زمزم ، قد أخرجها الدارقطني (284) من طريق حفص بن عمر العدني حدثنى الحكم عن عكرمة قال : (كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال . . .) فذكره بالحرف الواحد . وهذا إسناد ضعيف ، من أجل العدني ، والحكم وهو ابن أبان العدني ، صدوق له أوهام كما في (التقريب) . فهل الزيادة هذه وقعت للحاكم في الطريق الاولى ، أم هي في الاصل عنده من هذه الطريق لكنها سقطت من الناسخ أو الطابع ؟ الله أعلم ، فإنى لم أقف الان على شئ يرجح أحد الاحتمالين . 1127 - (حديث : (من زارني أو زار قبري كنت له شافعا أو شهيدا) رواه أبو داود الطيالسي) . 267 . ضعيف . أخرجه الطيالسي في (مسنده) (رقم 65) قال : حدثنا سوار بن ميمون (1) أبو الجراح العبدي قال : حدثني رجل من آل عمر عن عمر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : فذكره بلفظ : (من زار قبري - أو قال : من زارني - كنث له شفيعا وشهيدا ، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الامنين يوم القيامة) . قلت : وهذا إسناد واه من أجل الرجل الذي لم يسم . وسوار بن ميمون أغفلوه فلم يذكره ابن أبي حاتم ولا الذهبي ولا العسقلاني . نعم قلبه بعض الرواة فقال : ميمون بن سوار ، ومع ذلك لم يوردوه فيمن اسمه ميمون ، وهذا مما يدل على أنه رجل مغمور مجهول ، ولهذا (1) الاصل (نوار) ، وكذا نقله مرتبه الشيخ البنا في (منحة المعبود) رقم (1098) وهو خطا صححناه من (سنن البيهقي) و (التلخيص) وغيره . (*)
[ 334 ]
قال الحافظ ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي في الرد على السبكي) (ص 87) (وهو شيخ مجهول) ، لا يعرف بعدالة ولا ضبط ، ولم يشتهر بحمل العلم ونقله وهو خطا صححناه من (سنن البيهقي (و (التلخيص) وغيره . (وأما شيخ سوار في هذه الرواية فإنه شيخ مبهم ، وهو اسوأ حالا من المجهول) . والحديث أخرجه البيهقي في (سننه) (5 / 245) من طربق الطيالسي . وقال ابن عبد الهادي : (هذا الحديث ليس بصحيح لانقطاعه ، وجهالة إسناده واضطرابه) . ثم فصل ذلك تفصيلا لا تجده في كتاب فليراجعه من شاء من (86 - 91) . ومن وجوه الاضطراب المشار إليه وراية العقيلي في (الضعفاء) ، (ص 452) من طريق شعبة عن سوار بن ميمون عن هارون بن قزعة عن رجل من آل الخطاب عن النبي (ص) بلفظ : (من زارني متعمدا كان في جوار الله يوم القيامة ، ومن مات . . .) الحديث . أورده في ترجمة هارون هذا وقال عن البخاري : (لا يتابع عليه) . ثم قال العقيلي : (والرواية في هذا لينة) . وأخرجه الدارقطني في سننه (279 - 280) من طريق وكيع نا خالد بن أبي خالد وأبو عون عن الشعبي والاسود بن ميمون عن هارون أبي قزعة عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال : قال رسول الله (ص) :
[ 335 ]
(من زارني بعد موتى فكأنما زارني في حياتي ، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الامنين يوم القيامة) . وهذا اسناد مجهول أيضا ، وأبو عون إن كان هو محمد بن عبيدالله بن سعيد الثقفي فهو ثقة ولكنه ممن لم يدركه وكيع ، فإن هذا ولد بعد وفاة أبي عون بإحسد عشرة سنة ! فالظاهر أنه (ابن عون) ، ويؤيده أنه وقع هكذا في رواية السبكي للحديث في (الشفاء) من غير طريق الدارقطني وابن عون اسمه عبد الله وهو ثقة فقيه ، وعليه فالسند إلى هارون أي قزعة صحيح فهو علة الحديث وهو مجهول ، . ويقال فيه هارون بن قزعة كما تقدم ، أو شيخه الذي لم يسم ، وقد أطال الكلام على هذا الاسناد العلامة ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) (99 - 102) ، وقد ذكرنا لك خلاصته . وقد روي الحديث عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : (من زارني في مماتي ، كان كمن زارني في حياتي ، ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له شهيدا يوم القيامة ، أو قال شفيعا) . أخرجه العقيلي في (الضعفاء) (355) عن فضالة بن سعيد بن زميل المأربى ، حدثنا محمد بن يحيى المأربي عن ابن جريج عن عطاء عنه . وقال : (فضالة حديثه غبر محفوظ ، ولا يعرف الا به ، ويروى بغير هذا الاسناد ، من طريق أيضا فيه لين) . وقال الذهبي في (الميزان) : (هذا موضوع على ابن جريج ، ويروى في هذا شئ من مثل هذا) . وأقره الحافظ في (اللسان) ، لكن وقع فيه : (ويروى في هذا ، شئ أمثل من هذا . انتهى) . ولا يخفى الفرق بين العبارتين . 1128 - (عن ابن عمر مرفوعا : (من حج فزار قبري بعد
[ 336 ]
وفاتي فكأنما زارني في حياتي) وفي رواية (من زار قبري وجبت له شفاعتي) رواه الدارقطني بإسناد ضعيف) . ص 268 منكر . وله عن ابن عمر طريقان : الاولى : عن حفص بن أبي داود عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عنه به بالرواية الاولى . أخرجه الدارقطني (279) وكذا البيهقي (5 / 246) وغيرهما وقال البيهقي : (تفرد به حفص وهو ضعيف) . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل ليث وحفص ، وقد ذكرت بعض أقوال الائمة فيهما ، ومن أخرج حديثهما سوى من ذكرنا في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) (رقم 47) ، ونقلت فيه كلام شيخ الاسلام ابن تيمية على الحديث وحكمه عليه بالوضع من حيث معناه ، فراجعه فإنه مهم . والاخرى : عن موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه بالرواية الاخرى . أخرجه الدارقطني (280) وعنه ابن النجار في (ترريخ المدينة) (397) وكذا الخلعي في (اللفوائد) (ق 111 / 2) والعقيلي في (الضعفاء) (410) من طريقين عن موسى به . ورواه الدولابى في (الكنى) (2 / 64) عن موسى بن هلال الا أنه قال : حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن أخو عبيدالله عن نافع به . وكذا رواه ابن عدي في (الكامل) (385 / 2) ، أخرجاه من طريقين أخرين عنه . وقال ابن عدي بعد أن أشار إلى الرواية الاولى : (وعبد الله أصح ، ولموسى غير هذا ، وأرجو أنه لا بأس به) . ورواه البيهقي في (شعب الايمان) كما في (الصارم) (12) من طريق ابن
[ 337 ]
عدي ثم قال : (وقيل : عن موسى بن هلال العبدي عن عبيدالله بن عمر ، وسواء قال : عبيدالله أو عبد الله ، فهو منكر عن نافع عن ابن عمر ، لم يأت به غيره) . قال ابن عبد الهادي : (والصحيح أنه عبد الله المكبر كما ذكره ابن عدي ، وغيره) . قلت : ورواية الدولابي صريحة في ذلك ، قال الحافظ عقبها في (اللسان) : (فهذا قاطع للنزاع من أنه عن المكبر ، لا عن المصغر ، فإن المكبر هو الذي يكنى أبا عبد الرحمن ، وقد أخرج الدولابي هذا الحديث في من يكنى أبا عبد الرحمن) . قلت : وأنا أخشى أن يكون هذا الاختلاف من موسى بن هلال نفسه وليس من الرواة عنه ، لان الطرق بالروايتين عنه متقابلة ، فمن الصعب والحالة هذه ترجيح وجه على الاخر من وجهي الاختلاف عليه ، فالاضطراب منه نفسه فإنه ليس بالمشهور ، فقد عرفت آنفا قول ابن عدي فيه (أرجو أنه لا باس به) وخالفه الاخرون ، فقال أبو حاتم والدارقطني : (مجهول) . وقال العقيلي عقب الحديث : (لا يصح ، ولا يتابع عليه) . وقال ابن القطان : (الحق أنه لم تثبت عدالته) . قلت : واضطرابه في إسناد هذا الحديث مما يدل عندي على ضعفه . والله أعلم . ثم رأيت ابن عبد الهادي قد مال أخيرا إلى هذا الذي ذكرناه من اضطراب موسى فيه فقال (18) مرجحا أن الصواب قوله (عبد الله بن عمر) : (وكان موسى بن هلال حدث به مرة عن عبيدالله فأخطا ، لانه ليس من أهل الحديث ، ولا من المشهورين بنقله ، وهو لم يدرك عبيدالله ، ولا لحقه ،
[ 338 ]
فإن بعض الرواة عنه لا يروي عن رجل عن عبيدالله ، وإنما يروي عن رجل عن آخر عن عبيدالله فإن عبيدالله متقدم الوفاة كما ذكرنا ذلك فما تقدم بخلاف عبد الله ، فانه عاش دهرا بعد أخيه عبيدالله . وكان موسى بن هلال لم يكن يميز بين عبد الله وعبيدالله ولا يعرف أنهما رجلان ، فإنه لم يكن من أهل العلم ولا ممن يعتمد عليه في ضبط باب من أبوابه) . وقد جزم الامام ابن خزيمة بان قول موسى في بعض الروايات عنه (عبيدالله بن عمر) مصغرا خطأ منه فقال بعد أن ساق الحديث في (صحيحه) : (ان ثبت الخبر ، فإن في القلب منه) . ثم ساق إسناده به ثم قال : (أنا أبرأ من عهدة هذا الخبر ، لان عبيدالله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي مثل هذا المنكر ، فإن كان موسى بن هلال لم يغلط فيمن فوق أحد العمرين فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر ، فاما من حديث عبيدالله بن عمر فإني لا أشك أنه ليس من حديثه) . ذكره الحافظ في (اللسان) وقد وقع فيه بعض الاخطاء صححناها بقدر الامكان ، ثم قال : (وعبد الله بن عمر العمري بالتكبير ضعيف الحديث ، وأخوه عبيدالله بن عمر بالتصغير ثقة حافظ جليل ، ومع ما تقدم من عبارة ابن خزيمة وكشفه عن علة هذا الخبر لا يحسن أن يقال : أخرجه ابن خزيمة في (صحيحه) الا مع البيان) . قلت : ولذلك فقد تأدب الحافظ السخاوي بتوجيه شيخه هذا فقال في (المقاصد الحسنة) (1125) : (وهو في) صحيح ابن خزيمة) وأشار إلي تضعيفه) (1) . (1) وأخل بذلك ابن الملقن فقال (112 / 1) : (سكت عنه عبد الحق ، وتعقبه بن القطان ، لكن أخرجه ابن خزيمة في صحيحه) ! (*)
[ 339 ]
ومن أجل ذلك كله قال ابن القطان في هذا الحديث : (لا يصح) وأنكر على عبد الحق سكوته عن تضعيفه ، وقال : أراه تسامح فيه لانه من الحث والترغيب عل عمل) . وأنا أخالف ابن القطان في هذا الذي ظنه من التسامح ، وأرى أن عبد الحق يذهب إلى أن الحديث ثابت عنده لانه قال في مقدمة كتابه (الاحكام الكبرى) : (وإن لم تكن فيه علة ، كان سكوتي عنه دليلا على صحته) ! وأيضا ، فقد أورد الحديث في كتابه الاخر (مختصر أحكام الشريعة) المعروفة ب‍ (الاحكام الكبرى) ، وأورد الحديث فيه وقد نص في مقدمتها قال : (فإني جمعت في هذا الكتاب متفرقا من حديث رسول الله (ص) . . . وتخيرتها صحيحة الاسناد ، معروفة عند النقاد . . .) (1) . فهذا وذاك يدلان على أن الحديث صحيح عنده ، نقول هذا بيانا للحقيقة ودفعا لسوء الظن بعبد الحق أن يسكت عن الحديث الضعيف ، وهو يراه ضعيفا ، وإلا فالصواب الذي لا يرتاب فيه من أمعن النظر فيما سبق من البيان أن الحديث ضعيف الاسالد لا تقوم به حجة . ولا يقويه أنه روي من طريق أخرى فانها شديدة الضعف جدا ، أخرجها البزار في (مسنده) قال : حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن ابراهيم : حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به . قلت : وهذا إسناد هالك ، وفيه علتان : (الاولى : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف جدا ، وهو صاحب (1) قلت : ونحن في صدد استنساخ الكتابين ، يقوم بنسح الاول منهما ابني عبد اللطيف وقد جاوز حتى الان نصفه ، وبدأت بتحقيقه والتعليق عليه ، وبالاخر ابني عبد الرزاق ، وفقهما الله لطاعته ، وأنعم عليهما بمزيد من توفيقه وهدايته . (*)
[ 340 ]
حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليهما وسلم ، وهو حديث موضوع كما بينته في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) رقم (25) . والاخرى : عبد الله بن إبراهيم وهو الغفاري ، أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (متهم ، قال ابن عدي : ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات) . وقال الحافظ في (التقريب) : (متروك ، ونسبه ابن حبان إلى الوضع) . قلت : وبه أعله الهيثمي فقال في (المجمع) (4 / 2) وتبعه الحافظ في (التلخيص) : (رواه البزار وفيه عبد الله بن ابراهيم الغفاري وهو ضعيف) . قلت : وفيه قصور لا يخفى . وقال الامام النووي في (المجموع شرح المهذب) (8 / 272) : (رواه البزار والدارقطني بإسنادين ضعيفين) (1) . وقد روي من حديث أنس ، رواه ابن النجار في (تاريخ المدينة) (ص 397) عن محمد بن مقاتل : حدثنا جعفر بن هارون ، حدثنا إسماعيل بن المهدي عن أنس مرفوعا به . قلت : وهذا إسناد ساقط بمرة ، إسماعيل بن مهدي لم أعرفه ، وأظنه محرفا من (سمعان بن مهدي) ، فإن نسخة (التاريخ) المطبوعة سيئة جدا ، فقد جاء في (الميزان) : (سمعان بن مهدي ، عن أنس بن مالك ، لا يكاد يعرف ، ألصقت به (1) كذا في نسختنا المطبوعة من (المجموع شرح المهذب) ، ونقل عنه ابن عبد الهادي في كتابه (ص 18 و 32) والمناوي في (الفيض) أنه قال : (ضعيف جدا) . وهذا أقرب إلى التحقيق ، فلعل لفظة (جدا) سقطت من الناسخ أو الطابع . والله أعلم . (*)
[ 341 ]
نسخة مكذوبة ، رأيتها ، قبح الله من وضعها) . قال الحافظ في (اللسان) : (وهي من رواية محمد بن مقاتل الرازي عن جعفر بن هارون الواسطي عن سمعان ، فذكر النسخة ، وهي أكثر من ثلاثمائة حديث ، أكثر متونها موضوعة . . . وأورد الجوزجاني من هذه النسخة حديثا ، وقال : منكر ، وفي سنده غير واحد من المجهولين) . قلت : ومن الظاهر أن هذا الحديث من هذه النسخة لانه مروي بسندها . وجعفر بن هارون ، قال الذهبي في ترجمته : (أتى بخير موضوع) . قلت : فلعله هو الذي افتعل هذه النسخة . ومحمد بن مقاتل (وكان في النسخة : محمد بن محمد بن مقاتل) قال الذهبي : (تكلم فيه ، ولم يترك) . وقال الحافظ في (التقريب) : (ضعيف) . وجملة القول : إن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به ، وبعض طرقه أشد ضعفا من بعض . . 1129 - (حديث جابر أن النبي (ص) ، قال : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في سواه إلا المسجد الحرام ، فصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة [ فيما سواه ]) . رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين) . ص 268 . صحيح . أخرجه أحمد (3 / 343 ، 397) وابن ماجه (1406) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر به .
[ 342 ]
قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وعبد الكريم هو ابن) مالك الجزري . وقال البوصيري في (الزوائد) (87 / 1) : (هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات ، وأصله في (الصحيحين) من حديث أبي هريرة وفي مسلم وغيره من حديث ابن عمر ، وفي ابن حبان والبيهقي من حديث عبد الله بن الزبير) . وأما قول المصنف : (. . . باسنادين صحيحين) . فهو وهم تبع فيه المنذري في (الترغيب) (2 / 136) فقد عرفت أنهما أخرجاه بإسناد واحد صحيح . والحديث صححه أيضا ابن عبد الهادي في (التنقيح) (2 / 111 / 2 - 112 / 1) 1130 - (عن أبي الدرداء مرفوعا : (الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس بخمس مئة صلاة) رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه) . ص 268 . لم أقف على سنده ، لنرى رأينا فيه ، وقد حسنه بعضهم . وقد أورده المنذري في (الترغيب) (2 / 137) بهذا اللفظ ثم قال : (رواه الطبراني في الكبير ، وابن خزيمة في صحيحه) ولفظه : (صلاة في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة) . ورواه البزار ولفظه : (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة) . وقال البزار : (إسناده
[ 343 ]
حسن) . كذا قال) . قلت : فتد أشار المنذري إلى أن تحسين البزار لسنده ليس بالمرضي عنده ، وقد بين وجه ذلك الحافظ الناجي في كتابه الذي وضعه على (الترغيب) فقال (من 135 / 1) : (وهو كما قال المصنف ، إذ فيه سعيد بن سالم القداح ، وقد ضعفوه ، ورواه عن سعيد بن بشير ، وله ترجمة في آخر الكتاب في الرواة المختلف فيهم) . قلت : وهو ضعيف ، كما جزم به الحافظ في (التقريب) ، وأما القداح ، فقال فيه : (صدوق ، يهم) . وقال الهيثمي في اللفظ الاول (4 / 7) : (رواه الطبراني في (الكبير) ورجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام ، وهو حديث حسن) . قلت : إن كان إسناده وكذا اسناد ابن خزيمة من الوجه الذي أخرجه البزار ، فقد علمت أنه ضعيف ، وإن كان من غيره - وهذا ما لا أظنه - فإني لم أقف عليه . فمن كان عنده علم بذلك فليتحفنا به ، وجزاؤه عند ربه ، تبارك وتعالى . ثم رأيت الحديث في (مشكل الاثار) للطحاوي (1 / 248) من طريق سعيد بن سالم القداح عن سعيد بن بشير عن اسماعيل بن عبد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ البزار ، وقد عرفت ضعفه . لكن له شاهد من حديث جابر مرفوعا نحوه . رواه البيهقي في (شعب الايمان) كما في (الجامع الصغير) للسيوطي ، لكنه قال في (الكبير) (2 / 61 / 1) : (والخطيب في (المتفق والمفترق) ، وفيه إبراهيم بن أبي حية واه) . قلت : يعني ضعيف جدا . قال البخاري : منكر الحديث . وقال الدارقطني : متروك . واتهمه ابن حبان بتعمد الوضع .
[ 344 ]
باب الفوات والاحصار 1131 - (حديث جابر : (لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع) رواه الاثرم) ص 269 . لم أقف على سنده . عند الاثرم ، وأخرجه البيهقي ، وفي سنده مدلسان ، وقد مضى بيانه برقم (1065) . 1132 - (عن عمر بن الخطاب (أنه أمر أبا أيوب صاحب رسول الله (ص) وهبار بن الاسود حين فاتهما الحج ، فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم يحجا عاما قابلا ويهديا ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله) رواه مالك في الموطأ والشافعي والاثرم بنحوه) . ص 269 . صحيح . أخرجه مالك (1 / 383 / 153) عن يحيى بن سعيد أنه قال : أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب الانصاري خرج حاجا ، حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة أضل رواحله ، وأنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر ، فذكر ذلك له ، فقال عمر : اصنع كما يصنع المعتمر ، ثم قد حللت ، فإذا أدركك الحج قابلا ، فاحجج ، واهد ما تيسر من الهدي) . ومن طريق مالك أخرجه الشافعي (1104) والبيهقي (5 / 174) . قلت : وهذا إسناد صحيح ، وأعله البيهقي بالانقطاع ، يعني بين سليمان وأبي أيوب ، وفيه نظر ، فإنه أدركه وكان عمره حين وفاة أبي أيوب نحو ست عشر سنة . ثم أخرجه مالك وعنه المذكوران من طريق نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الاسود جاء يوم النحر ، وعمر بن الخطاب ينحر هديه . . . الحديث وتقدم بتمامة برقم (1068) .
[ 345 ]
1133 - (وللنجاد عن عطاء مرفوعا نحوه) . ص 269 لم أقف على سنده عند النجاد واسمه أبو بكر الفقيه أحمد بن سلمان بن الحسن توفي سنة (348) . وتقدم برقم (1065) من رواية البيهقي بسند صحيح عن عطاء بن أبي رباح مرفوعا بلفظ : (لا يفوت الحج حتى ينفجر الفجر من ليلة جمع) . فهل هو اللفظ الذي رواه النجاد ؟ ذلك ما لا أظنه . ثم وقتفت على لفظه ، ذكره ابن قدامة في (المغني) (3 / 527) : (من فاته الحج فعليه دم ، وليجعلها عمرة ، وليحج من قابل) . واعلم أنه كان في الاصل : (وللبخاري) ، فرابني ذلك لان الحديث مرسل ، فكيف يرويه البخاري في كتابه (المسند الجامع الصحيح) ، فقلت : لعل المصنف يعني أنه رواه تعليقا ، فلا يشترط أن يكون حينئذ مسندا ، فأخذت أبحث عنه في تعليقاته ، ولكن عبثا ، إلى أن رأيت ابن قدامة يقول : (وروى النجاد بإسناده عن عطاء أن النبي (ص) قال . . .) فذكر . ، فعرفت منه أن (النجلد) تحرف على ناسخ الكتاب أو الطابع ، فحمدت الله على توفيقه . 1134 - (وللدارقطني عن ابن عباس مرفوعا :) من فاته عرفات فقد فاته الحج وليتحلل بعمرة ، وعليه الحج من قابل)) ص 269 ضعيف . أخرجه الدارقطني طريق يحيى بن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (من أدرك عرفات فوقف بها ، والمزدلفة ، فقد تم حجه ، ومن فاته عرفات . . .) الحديث . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
[ 346 ]
الاولى : ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن وهو ضعيف لسوء حفظه ، وبه أعله ابن عبد الهادي في (التنقيح) (2 / 130 / 1) . وقد اختلف عليه كما ياتي . والاحرى : يحيى بن عيسى وهو التميمي الفاخوري ، وهو وان كان أخرج له مسلم ففيه ضعف ، وبه أعله الزيلعي في (نصب الراية) (3 / 145) وذكر بعض أقوال الائمة فيه . وأورده الذهبي في (الضعفاء) فقال : (صدوق يهم ، ضعفه ابن معين ، وقال النسائي : ليس بالقوي) قلت : وقد خالفه رحمة بن مصعب أبو هاشم الفراء الواسطي فقال : عن ابن أبي ليلى عن عطاء ونافع عن ابن عمر مرفوعا به . رواه عنه داود بن جبير ، عند الدارقطني وقال : (رحمة بن مصعب ضعيف ، ولم يأت به غيره) . قلت : لكن داود بن جبير مجهول الحال كما في (الميزان) وقال ابن عبد الهادي : (غير مشهور) . قال : (والاشبه في هذين الحديثين الوقف ، وقد روى سعيد بن منصور ثنا هشام أنبأ مغيرة عن ابراهيم عن الاسود بن يزيد أن رجلا فاته الحج ، فأمره عمر بن الخطاب ان يحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل) . قلت : وهذا أخرجه البيهقي (5 / 175) من طرق عن ابراهيم به . وزاد في بعض الطرق عنه : (قال الاسود : مكثت عشرين سنه ثم سألت زيد بن ثابت عن ذلك ؟ فقال : مثل قول عمر) . قلت : وإسناده صحيح . 1135 - (حديث ابن عمر أن رسول الله (ص) خرج معتمرا ،
[ 347 ]
فحالت كفار قريش بينه وبين البيت ، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية) ص 270 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 451) واللفظ له ، ومسلم (4 / 51) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 154 / 2) والبيهقي (5 / 216) من طريق نافع أن عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه (أنهما كلما عبد الله بن عمر ليالي نزل الجيش بابن الزبير ، فقالا : لا يضرك أن لا تحج العام ، وإنا نخاف أن يحال بينك وبين البيت ، فقال : (خرجنا مع رسول الله (ص) ، فحال كفار قريش دون البيت ، فنحر النبي (ص) هديه وحلق رأسه ، وأشهدكم أني قد أوجبت عمرة إن شاء الله تعالى ، أنطلق ، فإن خلى بيني وبين الببت طفت ، وإن حيل بيني وبينه ، فعلت كما فعل النبي (ص) وأنا معه ، فأهل بالعمرة من ذي الحليفة ، ثم سار ساعة ، ثم قال : انهما شأنهما واحد ، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي ، فلم يحل منهما حتى حل يوم النحر ، وأهدى ، وكان يقول : لا يحل حتى يطوف طوافا واحدا يوم يدخل مكة) . وفي رواية من طريق فليح عن نافع عن ابن عمر : (أن رسول الله (ص) خرج معتمرا ، فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه ، وحلق رأسه بالحديبية ، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ، ولا يحتمل سلاحا عليهم الا سيوفا ، ولا يقيم بها الا ما أحبوا ، فاعتمر من العام المقبل ، فدخلها كما كان صالحهم ، فلما أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج ، فخرج) . أخرجه البخالري (2 / 168) والبيهقي وأحمد (2 / 125) . 1121 - (وللبخاري عن المسور (أن النبي (ص) نحر قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك)) . ص 270
[ 348 ]
صحيع . أخرجه البخاري (1 / 452) وكذا أحمد (4 / 327) من طريق عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور (زاد أحمد ، ومروان) قالا : فذكره والسياق للبخاري ، ولفظ أحمد : (قلد رسول الله (ص) الهدي ، وأشعر بذي الحليفة ، وأحرم منها بالعمرة ، وحلق بالحديبية في عمرته ، وأمر أصحابه بذلك ، ونحر بالحديبية قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك) . 1136 - (روي عن ابن عمر أنه قال : (من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت) رواه مالك) ص 270 . صحيح موقوفا . أخرجه في (الموطأ) (1 / 361 / 1) وعنه البيهقي (5 / 219) عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللله عن عبد الله بن عمر به وزاد : (وبين الصفا والمروة) . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، فتصدير المؤلف إياه بقوله : (روي) بصيغة المبني للمجهول ، المشعر بالضعف ليس بجيد . وأخرجه البخاري (1 / 452) والنسائي (2 / 21) من طريق يونس عن الزهري قال : أخبرني سالم قال : كان ابن عمر يقول : (أليس حسبكم سنة رسول الله (ص) ! إن حبس أحدكم عن الحج ، فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ، ثم حل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا ، فيهدي أو يصوم إن لم يجد) . باب الاضحية 1137 - (حديث أنس : (ضحى النبي (ص) بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر) متفق عليه) . ص 271 .
[ 349 ]
صحيح . أخرجه البخاري (4 / 25 ، 451) ومسلم (6 / 77) وكذا أبو داود (2794) والنسائي (2 / 204 - 205 و 208) والدارمي (2 / 75) وابن ماجه (3120 ، 3155) وابن الجارود (902 ، 909) والبيهقي (5 / 238) والطيالسي (1968) وأحمد (3 / 99 ، 115 ، 170 ، 183 ، 189 ، 214 ، 222 ، 255 ، 258 ، 272 ، 279) وأبو يعلى في (مسنده) (157 / 2 و 158 / 2) من طرق عن قتادة عن أنس به . وصرح قتادة بالتحديث في رواية للبخاري وأحمد . ورواه أبو قلابة عن أنس : (أن رسول الله (ص) انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده) . أخرجه البخاري (4 / 23) وأبو داود (2793) . 1138 - (حديث (إن الرسول (ص) ضحى عمن لم يضح من أمته) . رواه أبو داود وأحمد والترمذي من حديث جابر) ص 271 . صحيح . أخرجه أبو داود (2810) والترمذي (1 / 287) وكذا الطحاوي (2 / 302) والدارقطني (544 - 545) والحاكم (4 / 229) والبيهقي (9 / 264 ، 287) وأحمد (3 / 356 ، 362) عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله (زاد الطحاوي وغيره : وعن رجل من بنى سلمة أنهما حدثاه) عن جابر بن عبد الله ، (وفي رواية الطحاوي : أن جابر بن عبد الله أخبرهما) قال : (شهدت مع رسول الله في (ص) الاضحى بالمصلى ، فلما قضي خطبته ، نزل من منبره ، وأتي بكبش ، فذبحه رسول الله (ص) بيده ، وقال : بسم الله ، والله أكبر ، هذا عني ، وعمن لم يضح من أمتي) . وقال الترمذي (حديث غريب من هذا الوجه) . قلت : وقال الحاكم :
[ 350 ]
(صحيح الاسناد) . وأقره الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، فإن رجاله كلهم ثقات ، وإنما يخشى من تدليس المطلب وقد عنعنه في رواية الترمذي وغيره ، فلعله إستغربه من أجلها ، لكن قد صرح بالتحديث في رواية الطحاوي والحاكم وغيرهما ، فزالت بذلك شبهة تدليسه . ثم رأيت الترمذي قد بين وجه الاستغراب بعد سطرين مما سبق نقله عنه فقال : (والمطلب بن عبد الله بن حنطب يقال انه لم يسمع من جابر) . قلت : ورواية الطحاوي : ترد هذا القيل . وقد قال ابن أبي حاتم في روايته عن جابر : (يشبه أنه أدركه) . وهذا أصح مما رواه عنه ابنه في (المراسيل) : (لم يسمع من جابر) . على أنه لم ينفرد به ، فقد رواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش عن جابر بن عبد الله قال : (ضحى رسول الله (ص) بكبشين في يوم العيد ، فقال : حين وجههما : (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض (إلى آخر الاية) اللهم إن هذا منك ولك (1) عن محمد وأمته ، ثم سمى الله ، وكبر ، وذبح) . أخرجه أبو داود (2795) والدارمي (2 / 75 - 76) والطحاوي والبيهقي (9 / 285 ، 287) قلت : ورجاله ثقات غير أبي عياش هذا وهو المعافري المصري ، وهو مستور روى عنه ثلاثة من الثقات . نعم رواه ابن ماجه (3121) بإسناده عن محمد بن اسحاق به الا أنه قال : (عن أبى عياش الزرقى) . وأبو عياش الزرقي اثنان أحدهما صحابي ، والاخر تابعي اسمه زيد بن عياش ، وهو ثقة ، فالاسناد على هذا صحيح لولا عنعنة ابن إسحلق ، لكن (1) هذه الجملة لها شاهد من حديث أبي سعيد عند أبي يعلى فانظر (مجمع الزوائد) 4 / 22) . (*)
[ 351 ]
إسناد إبن ماجه إليه بأنه الزرقي ضعيف ، ويؤيد أنه غيره أنهم لم يذكروا في الرواة عنه يزيد بن ابي حبيب ، وإنما ذكروه في الرواة عن المعافري . وله طريق ثالثة عن جابر ، يرويه عبد الله بن محمد بن عقيل قال : أخبرني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله قال : حدثني ابي : (أن رسول الله (ص) اتي بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوئين ، فأضجع احدهما ، وقال : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم عن محمد وأمته ، من شهد لك بالتوحيد ، وشهد لي بالبلاغ) . أخرجه الطحاوي وأبو يعلى في (مسنده) ، (105 / 2) والبيهقي (9 / 268) . قلت : وإسناده حسن ، رجاله ثقات رجال مسلم غير ابن عقيل وفيه كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن ، وقد قال الهيثمي (4 / 22) : (رواه أبو يعلى وإسناده حسن) . نعم قد اختلف فيه على ابن عقيل ، فرواه حماد بن سلمة عنه هكذا . ورواه زهير وعبيد الله بن عمر عنه عن على بن الحسين عن أبي رافع به وزاد : (ثم يؤتي بالاخر فيذبحه بنفسه ويقول : هذا عن محمد وآل محمد ، فيطعمهما جميعا المساكين ، ويأكل هو وأهله منها ، فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحي ، قد كفاه الله المؤنة برسول الله (ص) والغرم) . أخرجه عنهما الامام أحمد (6 / 391 - 392 ، 392) والطحاوي عن عبيد الله والبيهقي عن زهير . ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي سلمة عن عائشة وعن أبي هريرة (أن رسول الله (ص) كان إذا اراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين . . . .) الحديث إلى قوله : (وعن آل محمد) .
[ 352 ]
أخرجه ابن ماجه (3122) والطحاوي والحاكم (4 / 227 - 228) وأحمد (6 / 220 ، 225) والبيهقي وقال البوصيري (ق 190 / 1) : (هذا إسناد حسن ، عبد الله بن محمد مختلف فيه) . قلت : والطرق إلى ابن عقيل بهذه الاسانيد كلها صحيحة ، فإما أن يكون ابن عقيل قد حفظها عن مشايخه الثلاثة : عبد الرحمن بن جابر وعلى بن الحسن وأبي سلمة ، وإما أن يكون اضطرب فيها ، ورجح الاول البيهقي ، ولكنه لم تقع له روايته عن أبي سلمة ، وإنما عن عبد الرحمن وعلى فقال عقب روايته عنهما : (فكأنه سمعه منهما) . قلت : ولعله يرجح ما ذكره البيهقي أن للحديث أصلا عن أبي رافع ، وعائشة وأبي هريرة من طرق أخرى عنهم . أما حديث أبي رافع ، فرواه عمارة : حدثني المعتمر بن أبي رافع عن أبيه مختصرا بلفظ : (ذبح رسول الله (ص) كبشا ثم قال : هذا عني وعن أمتى) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 127 / 2) وقال : (لم بروه إلا عمارة) . قلت : وهو ابن غزية ، وهو ثقة ، لكن شيخه المعتمر ، ليس بالمشهور عندي لم أجد له ترجمة ، سوى أن ابن حبان أورده في (الثقات) (1 / 218) وقال : (يروي عن أبيه ، وعنه عمرو بن أبي عمرو . . .) . وأما حديث عائشة فيرويه عروة بن الزبير عنها : (أن رسول الله (ص) أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ، ويبرك في سواد وينظر في سواد ، فأتى به ليضحي به ، فقال لها يا عائشة : هلمي المدية ، ثم
[ 353 ]
قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها ، وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به) . أخرجه مسلم (6 / 78) وأبو داود (2792) والطحاوي والبيهقي . وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه ابن وهب : حدثني عبد الله بن عياش ابن عباس القتباني عن عيسى بن عبد الرحمن أخبرني ابن شهاب عن سعيد بن السميب عنه مرفوعا بلفظ : (ضحى رسول الله (ص) بكبشين أقرنين أملحين أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والاخر عنه وعمن لم يضح من أمته) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (217 / 2) وقال : (تفرد به ابن وهب) . قلت : وهو ثقة حافظ ، ومن فوقه ثقات إلا أن القتباني فيه ضعف يسير ، وأخرج له مسلم في الشواهد ، فالاسناد حسن . وقال الهيثمى : (رواه الطبراني في (الاوسط) و (الكبير) واسناده حسن) . وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مختصرا نحو حديث المعتمر بن أبي رافع عن أبيه . أخرجه الطحاوي والدارقطني والحاكم (4 / 228) والبيهقي وأحمد (3 / 8) من طريق ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : كذا قالا ، وربيح لم يوثقه أحد بل قال البخاري : (منكر الحديث) ، . أورده الذهبي نفسه في (الضعفاء) ! وقال الحافظ في (التقريب) : (مقبول) .
[ 354 ]
وعن أنس بن مالك . وله عنه طريقان : الاولى : عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن أنس مرفوعا نحو حديث أبي هريرة عند ابن وهب . أخرجه الطبراني في (الاوسط ، (128 / 1) وقال : (لم يروه الا الحجاج) . قلت : وهو مدلس وقد عنعنه . وفي الطريق إليه ضعيفان . لكن أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (157 / 1) بسند صحيح عنه ، فانحصرت الشبهة فيه . والاخرى : عن المبارك بن سحيم نا عبد العزيز بن صهيب عنه . أخرجه الدارقطني . والمبارك بن سحيم متروك . وفي الباب عن أبي طلحة وابن عباس وحذيفة بن أسيد ، وفي أسانيدها كلام ، وقد خرجها الهيثمي فليراجعها من شاء في كتابه (مجمع الزوائد) فإن فيما خرجناه كفاية . (فائدة) : ما جاء في هذه الاحاديث من تضحيته (ص) عمن لم يضح من أمته ، هو من خصائصه (ص) كما ذكره الحافظ في (الفتح) (9 / 514) عن أهل العلم . وعليه فلا يجوز لاحد أن يقتدي به (ص) في التضحية عن الامة ، وبالاحرى أن لا يجوز له القياس عليها غيرها من العبادات كالصلاة والصيام والقراءة ونحوها من الطاعات لعدم ورود ذلك عنه (ص) ، فلا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ، ولا يقرأ أحد عن أحد ، وأصل ذلك كله قوله تعالى : (وأن ليس للانسان لا ما سعى) . نعم هناك أمور استثنيت من هذا الاصل بنصوص وردت ، ولا مجال الان لذكرها فلتطلب في المطولات . 1139 - (روي عن أبى بكر وعمر (أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبا)) . ص 271 .
[ 355 ]
صحيح . أخرجه البيهقي (9 / 295) من طريق جماعة عن أبي سريحة الغفاري قال : (ما أدركت أبا بكر ، أو رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما . كانا لا يضحيان - في بعض حديثهم - كراهية أن يقتدى بهما) . وقال : (أبو سريحة الغفاري هو حذيفة بن أسيد صاحب رسول الله (ص) . قلت : والسند إليه صحيح . ثم روى عن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال : (إني لادع الاضحى ، واني لموسر ، مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي) . قلت : وإسناده صحيح أيضا . 1140 - (حديث : (من نذر أن يطيع الله فليطعه)) . ص 271 . صحيح . وقد مضى برقم (966) . 1141 - (حديث أبي هريرة (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الاولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن) متفق عليه) . ص 271 صحيح وقد تقدم 1142 - (قول أبي أيوب : (كان الرجل في عهد النبي (ص) يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ، حتى تباهى الناس فصار كما ترى) رواه ابن ماجة والترمذي وصححه) . ص 272 . صحيح . أخرجه الترمذي (1 / 284) وابن ماجه (3147) وكذا مالك
[ 356 ]
(2 / 486 / 10) والبيهقي (9 / 268) من طريق عمارة بن عبد الله بن صياد عن عطاء بن يسار قال : (سالت أبا أيوب الانصاري : كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله (ص) ؟ قال . . .) فذكره وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . (تنبيه) : أخرجه مالك مختصرا وقال : (عمارة بن يسار) ولم أجد في الرواة من اسمه عمارة (بن يسار ، وقد ذكروا في شيوخ مالك عمارة بن عبد الله ابن صياد ، فالظاهر أنه هذا . والله أعلم هل الخطأ من الراوي أم الطابع ؟ 1143 - (قول أبي هريرة : (سمعت رسول الله (ص) يقول : نعم ، أو : نعمت الاضحية الجذع من الضأن) رواه أحمد والترمذي .) . ص 272 . ضعيف . ولم يحسن المصنف بعدم ذكره لقول مخرجه الترمذي عقبه : (حديث غريب) " . المشعر بضعفه ، وقد بينت علته ومن ضعفه من أهل العلم في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) (رقم 64) ، فأغنى عن الاعادة . 1144 - (وفي حديث عقبة بن عامر (فقلت يا رسول الله : أصابني جذع ، قال : ضح به) متفق عليه) . ص 272 . صحيح . وله عنه طرق : الاولى : عن بعجة بن عبد الله الجهني عنه قال : (قسم رسول الله فينا ضحايا ، فأصابني جذغ ، فقلت : يا رسول الله . . .) الحديث . أخرجه البخاري (4 / 21) ومسلم (6 / 77) والنسائي (2 / 204) والترمذي (1 / 284) والبيهقي (9 / 269) وأحمد (4 / 144 - 145 و 156) .
[ 357 ]
الثانية : عن أبي الخير عنه : (أن رسول الله (ص) أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا ، فبقى عتود فذكره لرسول الله ، فقال : ضح به أنت) . أخرجه البخاري (2 / 91 و 113 و 4 / 23) ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه (3138) والبيهقي (9 / 270) وأحمد (4 / 149) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح ، قال وكيع : الجذع من الضأن يكون ابن ستة أو سبعة أشهر) . قلت : وزاد البيهقي في آخره . (ولا أرخصه لاحد فيها بعد) . وقال : (فهذه الزيادة إذا كانت محفوظة ، كانت رخصة له كما رخص لابي بردة ابن نيار) . قلت : إسنادهما صحيح ، وهي إن لم تكن محفوظة لفظا ، فلست أشك في صحتها معني لقوله (ضح به أنت) فإنه ظاهر الدلالة على الخصوصية ، ومما يؤيد ذلك قوله (ص) لابي بردة : (ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك) . وهو من حديث البراء وسيأتي تخربجه برقم (1154) . الثالثة : عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن معاذ بن عبد الله ابن خبيب عن عقبة بن عامر قال : (ضحينا مع رسول الله بجذع منه الضأن) . أخرج النسائي (2 / 204) وابن الجارود (955) والبيهقي .
[ 358 ]
قلت : وهذا إسناد جيد ، وقواه الحافظ وأعله ابن حزم بجهالة ابن خبيب ، وليس بشئ كما بينته في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) (رقم 65) . وخالفه أسامة بن زيد فقال : عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن ابن المسيب عن عقبة بن عامر قال : (سألت رسول الله (ص) عن الجذع ؟ فقال : ضح به ، لا باس به) . أخرجه أحمد (4 / 152) . وهذا (إسناد حسن ان كان أسامة قد حفظه ، ففي حفظه ضعف ، وإلا فرواية بكير أصح ، وقد أخرجها ابن حبان في (صحيحه) (1048) . 1145 - (حديث (لا تذبحوا إلا مسنة ، فإن عز عليكم ، فاذبحوا الجذع من الضأن) . رواه مسلم وغيره) . ص 272 ضعيف . فانه عند مسلم (6 / 77) وأبي داود (2797) والنسائي (2 / 204) وابن ماجه (3141) وابن الجارود (904) والبيهقي (9 / 269) وأحمد (3 / 312 ، 327) وأبى يعلى الموصلي في (مسنده) (ق 125 / 2) كلهم من طريق زهير قال : حدثنا أبو الزبير عن جابر مرفوعا بلفظ : (. . . إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن) . والباقي مثله سواء . ثم رواه أبو يعلى من طريق محمد بن عثمان القرشي ثنا سليمان : ثنا أبو الزبير بلفظ : (إذا عز عليك المسان من الضأن ، أجزأ الجذع من الضأن) . قلت : وسليمان هذا أظنه ابن مهران الاعمش . ومحمد بن عثمان القرشي ، قال الدارقطني : (مجهول) . واورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 24 / 104) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ! .
[ 359 ]
ومدار الطريقين على أبي الزبير ، وهو مدلس معروف بذلك خاصة عن أبي الزبير فيتقى حديثه عنه ما لم يصرح بالتحديث ، وكان معنعنا ، كما فعل في هذا الحديث في جميع المصادر المخرجة له ، وقد كنت اغتررت برهة من الزمن بهذا الحديث متوهما صحته ، لاخراج مسلم إياه في (صحيحه) ، ثم تنبهت لعلته هذه ، فتنبهت عليها في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) (ج 1 ص 91 طبع المكتب الاسلامي في دمشق) . وقد صح عنه (ص) أنه قال : (إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثنية) وهو مجاشع الاتى بعده ، فهو معارض لهذا ، إلا أن تحمل (المسنة) فيه ، على المسنة من المعز فانها لا تجزئ كما يأتي في حديث البراء المخرج عند الحديث (1154) ، وهو خلاف الظاهر من السياق ، ولفظ أبي يعلى الثاني (. . . المسان من الضأن . . .) يبطله . والله أعلم . 1146 - (وعن مجاشع مرفوعا (إن الجذع يوفى مما يوفي منه الثنية) رواه أبو داود وابن ماجه) ص . صحيح . أخرجه أبو داود (2799) وابن ماجه (3140) والحاكم (4 / 226) والبيهقي (9 / 270) من طريق الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : (كنا مع رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له مجاشع من بني سليم ، ففرت الغنم ، فأمر مناديا فنادى أن رسول الله (ص) كان يقول . . .) فذكره . قال أبو داود : (وهو مجاشع بن مسعود) وفي رواية للبيهقي : (إن الجذع من الضأن ، يفي ما تفي منه الثنية) زاد في أخرى : (أراه قال : من المعز . شك سفيان) . وأخرجه النسائي (2 / 204) والحاكم والبيهقي وأحمد (5 / 368) من
[ 360 ]
طرق أخرى عن عاصم عن أبيه قال : (كنا في سفر فحضر الاضحى ، فجعل الرجل منا يشتري المسنة بالجذعتين والثلاثة ، فقال لنا رجل من مزينة : كنا مع رسول الله (ص) ، في سفر فحضر هذا اليوم ، فجعل الرجل يطلب المسنة بالجذعتين والثلاثة ، فقال رسول الله (ص) . . .) فذكره . وقال الحاكم : (حديث صحيح) . وقال ابن حزم في (المحلى) (7 / 267) : (إنه في غاية الصحة) . وهو كما قالا . 1147 - (عن أبي رافع قال : (ضحى رسول الله (ص) بكبشين أملحين موجوءين خصيين) رواه أحمد) ص 272 صحيح . أخرجه احمد (6 / 8) من طريق شريك عن عبد الله بن محمد عن على بن حسين عن أبي رافع به وزاد : (فقال : أحدهما عمن شهد بالتوحيد ، وله بالبلاغ ، والاخر عنه وعن أهل بيته ، قال : فكان رسول الله (ص) قد كفانا) . قلت : وهذا إسناد حسن ، لولا أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي سئ لحفظ ، لكن قد تابعه جماعة من الثقات عن عبد الله بن محمد ، وهو ابن عقيل ، وتابع هذا آخرون كما سبق بيانه عند هذا الحديث من رواية جابر ، (رقم 1138) وذكرنا له هناك طرقا وشواهد فراجعها . (تنبيه) في (المسند) (موجبين) بدل (موجؤين) ، ووقع في (مجمع الزوائد) (4 / 21) كما في الكتاب ، فلا أدري أهذا تصحيف ، أم ما في (المسند) ، فان كان الاول ، فلفظ المسند شاذ بل منكر لعدم وروده في شئ من الطرق التى أشرنا إليها آنفا . 1148 - (حديث البراء بن عازب (أربع لا تجوز في الاضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ،
[ 361 ]
والكسير - وفي لفظ - والعجفاء التي لا تنقى) رواه الخمسة ومعهم الترمذي) . صحيح . أخرجه أبو داود (2802) والنسائي (2 / 203) والترمذي (1 / 283) والدارمي (2 / 76 ، 76 - 77) وابن ماجه (3144) ومالك (2 / 482 / 1) والطحاوي (2 / 296) وابن حبان (1046) وابن الجارود (907) والبيهقي (9 / 274) والطيالسي (740) وأحمد (4 / 284 ، 289 ، 300 ، 301) من طرق عن عبيد بن فيروز عنه به والسياق لابي داود إلا أنه قال (بين) بالتنكير في المواطن الثلاثة ، ووقعت معرفة عند النسائي وغيره . واللفظ الاخر له في رواية ، ولمالك وغيره كالترمذي وقال : (حديث حسن صحيح) . قلت ، وإسناده صحيح ، فان عبيد بن فيروز ثقة بلا خلاف ، وتابعه يزيد بن أبي حبيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن عند الحاكم (4 / 223) وقال : (صحيح الاسناد) . ورده الذهبي بأن فيه أيوب بن سويد ضعفه أحمد . 1149 - (حديث علي (نهى رسول الله (ص) أن يضحى بأعضب الاذن والقرن) رواه النسائي) . منكر . أخرجه أبو داود (2805) والنسائي (2 / 204) والترمذي (1 / 284) وابن ماجه (3145) والطحاوي (2 / 297) والحاكم (4 / 224) والبيهقي (9 / 275) والطيالسي (97) وأحمد (1 / 83 ، 101 ، 127 ، 129 ، 137 ، 150) وأبو يعلى في (مسنده) ، (ق 18 / 1) من طريق قتادة قال : سمعت جري بن كلب عن على بن أبي طالب به . والسياق لابن ماجه وآخرين ، وكلهم قدموا القرن على الاذن ، سوى أبي داود ، إلا أنه قال (بعضباء) ، ولم يذكر النسائي (الاذن) ! وزاد جمهورهم : (قال قتادة : سألت سعيد بن المسيب عن (العضب) ؟ قال : النصف فما زاد) . وقال أبو داود : (جري سدوسي بصري ، لم يحدث عنه إلا قتادة) .
[ 362 ]
ونقل الذهبي في (الميزان) مثله عن أبي حاتم وقال (لا يحج به) فتعقبه بقوله : (قلت : قد أثنى عليه قتادة) . وكأنه لذلك لما قال الحاكم : (صحيح الاسناد) . وافقه الذهبي في (تلخيصه) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : ولعل ذلك لطرقه ، وإلا فأحسن أحواله أن يبلغ رتبة الحسن . وقد رواه جابر عن عبد الله بن نجي عن علي به . أخرجه الطيالسي (97) وعنه البيهقى وأحمد (1 / 109) . وجابر هو ابن يزيد الجعفي وهو متروك . وقال البيهقي عقب هذه الرواية والتي قبلها : (كذا في هاتين الروايتين ، والاولى : مثلهما ، والاخرى أضعفهما ، وقد روي عن علي رضي الله عنه موقوفا خلاف ذلك في القرن) . ثم ساق عن طريق سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال : (كنا عند علي رضي الله عنه ، فأتاه رجل فقال : البقرة ؟ فقال : عن سبعة ، قال : القرن ، (وفي رواية : مكسورة القرن) ؟ قال : لا يضرك ، قال العرج ، قال : إذا بلغت المنسك ، أمرنا رسول الله (ص) ، أن نستشرف العين والاذن) . وأخرجه الترمذي (1 / 284) والدارمي (2 / 77) وابن ماجه (3143) والطحاوي (2 / 297) والحاكم (4 / 225) وأ حمد (1 / 985 ، 105 ، 125 ، 152) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : هو على كل حال أحسن إسنادا من الاول ، ولكنه لا يبلغ درجة الصحة فان حجية هذا ، وإن كان من كبار أصحاب على رضي الله عنه كما قال
[ 363 ]
الحاكم ، فقد أورده الذهبي في (الميزان) وقال : (قال أبو حاتم : شبه مجهول ، لا يحتج به . قلت : روى عنه الحكم وسلمة ابن كهيل وأبو إسحلق ، وهو صدوق ان شاء الله تعالى ، قد قال فيه العجلي : ثقة) وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق يخطئ) . قلت : ويشهد لحديثه المرفوع ما روى زهير : أنبأنا أبو إسحاق عن شريح بن النعمان - قال : وكان رجل صدق - عن علي قال : (أمرنا رسول الله (ص) أن نستشرف العين والاذن ، وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء . قال زهير : فقلت لابي اسحاق : أذكر عضباء ؟ قال : لا ، قال : قلت : ما المقابلة ؟ قال : هي التى يقطع طرف أذنها ، قلت : فالمدابرة ؟ قال : التى يقطع مؤخر الاذن ، قلت : ما الشرقاء ؟ قال : التي يشق أذنها ، قلت : فما الخرقاء ؟ قالو : التى تخرق أذنها السمة) . أخرجه الامام أحمد (1 / 108 ، 149) وأبو داود (2804) والبيهقي عن زهير . ورواه الترمذي (1 / 283) وصححه والدارمي (2 / 77) وابن الجارود (906) والطحاوي والحاكم (4 / 224) والبيهقي أيضا وأحمد (1 / 80 ، 128) من طرق أخرى عن أبي اسحاق به دون ذكر (العضباء) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . وفيه نظر ، فان أبا اسحاق وهو عمرو بن عبد الله السبيعي كان اختلط ، ثم هو مدلس وقد عنعنه ، وروى الحاكم من طريق قيس بن الربيع قال : قلت لابي إسحاق سمعته من شريح ؟ قال : حدثني ابن أشوع عنه . قلت : وابن أشوع اسمه سعيد بن عمرو ، وهو ثقة من رجال الشيخين ،
[ 364 ]
فإذا صح أنه هو الواسطة بين أبي اسحاق وشريح ، فقد زالت شبهة التدليس ، وبقيت علة الاختلاط . وله طريق أخرى عن علي مختصرا قال : (أمر رسول الله (ص) أن نستشرف العين والاذن فصاعدا) . أخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) (1 / 132) من طريق أبى اسحاق الهمداني عن هبيرة بن يريم (بوزن عظيم ، وفي الاصل : مريم وهو تصحيف) عن علي . قلت : وهبيرة أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (قال أبو حاتم : شبه المجهول) . وبقية رجاله ثقات رجال مسلم ، لكن أبو اسحاق الهمداني وهو السبيعي فيه ما عرفت . وجملة القول : أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح ، وذكر القرن فيه منكر عندي لتفرد جري به ، مع مخالفته لما رواه حجية عن علي أنه لا باس به . والطريق الاخرى لا غناء فيها لشدة ضعفها بسبب الجعفي . والله أعلم . (تنبيه) عرفت مما سبق أن الطيالسي أخرج الحديث من الطريقين ، فاعلم أنه وقع في النسخة المطبوعة منه سقط ، فلم يذكر فيها إسناد الطريق الاولى ولا متنها المرفوع ، وجعل سؤال قتادة لسعيد بن المسيب من تمام الطريق الاخرى ، فيصحح ذلك من البيهقي ، فقد أخرجهما كليهما عن الطيالسي ، وقد وقعت الاولى في (ترتيبه) دون الاخرى ! 1150 - (عن ابن عمر (أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها فقال : إبعثها قياما [ مقيدة ] (1) سنة محمد ، (ص)) متفق عليه) . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 430) ومسلم (4 / 89) وكذا أبو (1) سقطت من الاصل ، وهي ثابتة عند كل من أخرج الحديث . (*)
[ 365 ]
داود (1768) والنسائي في (الكبرى) و (ق 91 / 1) والدارمي (2 / 66) وأحمد (2 / 3 ، 86 ، 139) من طريق زياد بن جبير قال : (رأيت ابن عمر أتى . . .) . والسياق البخاري . وأخرج البيهقي من طريق سعيد بن جبير قال : (رأيت ابن عمر نحر بدنته وهي قائمة معقولة إحدى يديها صافنة) . وهذا موقوف صحيح الاسناد . وعزاه الحافظ (3 / 441) لسعيد بن منصور وسكت عليه . وله شاهدان مرفوعان : الاول : عن أبي قلابة عن انس وذكر الحديث قال : (ونحر النبي (ص) بيده سبع بدن قياما ، وضحى بالمدينة بكبشين أملحين أقرنين) . أخرجه البخاري وأبو داود (1796 ، 2793) والبيهقي . الثاني : عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ، وأخبرني عبد الرحمن ابن سابط : (أن النبي (ص) وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها . أخرجه أبو داود (1767) وعنه البيهقي وقال : (حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر موصول ، وحديثه عن عبد الرحمن بن سابط مرسل) . قلت : وهو مرسل صحيح الاسناد . وأما الموصول ففيه عنعنة ابن جريج وأبى الزبير ، فأحدهما يقوي الاخر ، ولعله من أجل ذلك سكت عنه الحافظ في (الفتح) (3 / 441) . 1151 - (حديث (ضحى النبي (ص) بكبشين ذبحهما بيده) . متفق عليه) . ص 274 صحيح . وتقدم في أول الباب برقم (1137) .
[ 366 ]
1152 - (حديث ابن عمر (أن النبي (ص) ، ذبح يوم العيد كبشين - وفيه - ثم قال : بسم الله والله كبر ، اللهم هذا منك ولك) . رواه أبو داود .) ص 274 . صحيح . وعزوه لحديث ابن عمر ، وهم ، وإنما هو من حديث جابر رضي الله عنه ، وقد ذكرنا لفظه مع بيان اسناده وشواهده عند الحديث (1138) . 1153 - (حديث أنس قال (قال رسول الله (ص) ، يوم النحر : من كان ذبح قبل الصلاة فليعد) . متفق عليه) . ص 274 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 243 ، 4 / 22) ومسلم (6 / 86) وكذا النسائي (2 / 206) وابن ماجه (3151) والبيهقي (9 / 277) وأحمد (3 / 113 ، 117) عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس به ، وزادوا جميعا سوى ابن ماجه : (فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم ، وذكر جيرانه - وعندي جذعة خير من شاتي لحم ، فرخص له في ذلك ، فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا ، ثم انكفأ النبي (ص) إلى كبشين فذبحهما ، وقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها ، أو قال : فتجزعوها) . 1154 - (وللبخاري (من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه ، وأصاب سنه المسلمين)) . ص 274 صحيح . وليس هو من حديث أنس كما يوهمه صنيع المصنف رحمه الله ، وإنما هو من حديث البراء بن عازب ، ثم هو ليس من أفراد البخاري ، بل متفق عليه ، فأخرجه البخاري (1 / 243 ، 245 ، 246 ، 248 ، 250 ، 4 / 21) ومسلم (6 / 74) واللفظ له وأبو داود (2800) والنسائي (1 / 202 ، 234) والترمذي (1 / 285) والدارمي (2 / 80) وابن الجارود (908) والبيهقي (9 / 276) وأحمد (4 / 281 - 282 ، 282 ، 287 ، 297 ، 302) من طرق عن الشعبي عن البراء قال : (ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله (ص) : تلك شاة
[ 367 ]
لحم ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : ضح بها ، ولا تصلح لغيرك ، ثم قال : من ضحى قبل الصلاة ، فانما ذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة . . .) الحديث . ولفظ البخاري في رواية وهو لفظ أبي داود والنسائي : قال : (خطبنا رسول الله (ص) يوم النحر بعد الصلاة فقال : من صلى صلاتنا ، ونسك نسكنا ، فقد أصاب النسك ، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم قدم ، فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة ، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب ، فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني ، فقال رسول الله (ص) : تلك شاة لحم ، قال : فان عندي عناقا (1) جذعة لهي خير من شاتى لحم ، هل تجزي عنى ؟ قال : نعم ، ولن تجزي عن أحد بعدك) . وفي رواية لمسلم : (فقال : يا رسول الله إن عندي عناق لين ، هي خير من شاتي لحم ، فقال : هي خير نسيكتيك ، ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك) . وهى رواية الترمذي وابن الجارود وأحمد ، وقال الاول : (حديث حسن صحيح) . وللحديث شاهد عن جندب بن سفيان قال : (شهدت الاضحى مع رسول الله (ص) ، فلم يعد أن صلى وفرغ من صلاته سلم ، فإذ هو يرى لحم أضاحي قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته فقال : من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي ، أو نصلي ، فليذبح مكانها أخرى ، ومن كان لم يذبح ، فليذبح باسم الله) . أخرجه البخاري (1 / 250 ، ومسلم (6 / 73) والسياق له ، والنسائي (2 / 203) وابن ماجه (3152) والبيهقي والطيالسي (936) وأحمد (1) العناق كسحاب الانثى من اولاد المعز - قاموس - (*)
[ 368 ]
(4 / 312 ، 313) وأبو يعلى (92 / 2) عن الاسود بن قيس عنه . وعن عويمر بن أشقر الانصاري المازنى مختصرا . أخرجه ابن حبان (1052) 1155 - (حديث (أنه (ص) (نهى عن ادخار لحوم الاضاحي فوق ثلاث) متفق عليه) . ص 275 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 27) ومسلم (6 / 80) والترمذي (ظ / 285) وكذا النسائي (2 / 208) والدارمي (2 / 78) والبيهقي (ط / 290) وأحمد (2 / 9 ، 16) من حديث ابن عمر عن النبي (ص) أنه قال : (لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام) . هذا لفظ مسلم والترمذي والدارمي نحوه . ولفظ البخاري : (كلوا من الاضاحي ثلاثا ، . ولفظ الاخرين وهو رواية لمسلم : (نهى أن تؤكل لحوم الاضاحي بعد ثلاث) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح ، وانما كان النهى من النبي (ص) متقدما ثم رخص بذلك) . قلت : ودليل الترخيص بذلك في حديث الكتاب الذي بعد هذا . وللحديث شاهد من رواية على رضي الله عنه قال : (نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث) . أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي من طريق أبى عبيد عنه . وأما ما رواه علي بن زيد عن ربيعة بن النابغة عن أبيه عن على : (أن رسول الله (ص) نهى عن زيارة القبور . . . ونهيتكم عن لحوم الاضاحي أن تحبسوها بعد ثلاث ، فاحبسوا ما بدا لكم) . فهذا لا يصح عن علي من أجل ابن زيد فانه ضعيف . وإنما صح ذلك من حديث بريدة بن الحصيب
[ 369 ]
أخرجه مسلم (6 / 82) والنسائي (2 / 209) والترمذي (1 / 285) وقال : (حديث حسن صحيح) . 1156 - (وقال جابر (كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث [ منى ] ، فرخص لنا النبي ، (ص) ! فقال : كلوا وتزودوا ، فأكلنا وتزودنا) . رواه البخاري) . ص 275 صحيح . وله عن جابر طريقان : الاولى : عن عطاء سمع جابر بن عبد الله يقول : فذكره . أخرجه البخاري (1 / 431) ومسلم (6 / 81) والنسائي في (الكبرى) (ق 96 / 1) والبيهقي (9 / 291) وأحمد (3 / 317 ، 378) . وفي رواية من هذا الوجة عنه : (كنا نتزود لحوم الهدي على عهد رسول الله (ص) إلى المدينة) . رواه البخاري (3 / 502) والنسائي في (الكبرى) (ق 93 / 1) والدارمي (2 / 80) وأحمد (3 / 309) . الثانية : عن أبي الزبير عن جابر : (أن رسول الله (ص) نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام ، ثم قال بعد : كلوا وتصدقوا وتزودوا وادخروا) . أخرجه مالك (2 / 484 / 6) وعنه مسلم (6 / 80) والنسائي (2 / 208) والبيهقي وأحمد (3 / 388) كلهم عن مالك به . وتابعه حرب بن أبي العالية عند الطيالسي (1740) . قلت : وفيه عنعنة أبي الزبير فإنه مدلس لكنه قد صرح بالتحديث عنه في رواية لاحمد (3 / 327) من طريق حسين بن واقد عن أبي الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول : (أكلنا مع رسول الله (ص) ، القدسيد بالمدينة من قديد الاضحى) .
[ 370 ]
قلت : وهذا إسناد جيد على شرط مسلم . وللحديث شواهد كثيرة ، فمنها عن عائشة قالت : (دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الاضحى ، زمن رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) : ادخروا ثلاثا ، ثم تصدقوا بما بقي ، فلما كان بعد ذلك ، قالوا : يا رسول الله ان الناس يتخذون الاسقية من ضحاياهم ، يجملون منها الودك ، فقال رسول الله (ص) : وما ذاك ؟ قالوا : نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ، فقال : إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت ، فكلوا وادخروا وتصدقوا) . أخرجه مسلم (6 / 80) وأبو داود (2812) والنسائي (2 / 209) والبيهقي (9 / 293) وأحمد (6 / 51) كلهم عن مالك وهو في (الموطأ) (2 / 484 / 7) عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عنها ، والدارمي (2 / 79) عن عبد الله نحوه . وأخرجه البخاري (3 / 502) والنسائي وأحمد (6 / 102 ، 259) من طريق أخرى عن عائشة به مختصرا . وعن سلمة بن الاكوع قال : قال النبي (ص) : (من ضحى منكم فلا يضحى بعد ثالثة وفي بيته منه شئ ، فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله نفعل كما فعلنا العلم الماضي ؟ قال : كلوا واطعموا وادخروا ، فإن ذلك العام كان للناس جهد ، فاردت أن تعينوا فيها) . وفي لفظ (أن يفشوا فيهم) ، وفي لفظ : (أن تقسموا في الناس) . أخرجه البخاري (4 / 26) والسياق له ، ومسلم (6 / 81) واللفظ الاخر له ، والبيهقي (9 / 297) باللفظ الثالث . وفي الباب عن بريدة وقد خرجته في الحديث السابق ، وعن ثوبان وياتى بعد حديث ، وعن جماعة آخرين ، وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى .
[ 371 ]
1157 - (حديث جابر (أن النبي ، (ص) أشرك عليا في هديه قال : ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر فأكلا منها وشربا حسيا من مرقها) . رواه مسلم وأحمد) . ص 275 . صحيح . وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجته (ص) ، وقد ذكرناه بتمامه فيما تقدم برقم (1017) ، لكن ليس فيه لفظة (حسيا) ، ولم أر هذه اللفظة في شئ من طرقه الثابتة ، وإنما روي قريب منه في بعض طرقه ، أخرجه ابن ماجه (رقم 3158) : حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله : (أن رسول الله (ص) أمر من كل جزور ببضعة ، فجعلت في قدر ، فأكلوا من اللحم ، وحسوا من المرق) . وهذا إسناد رجاله ثقات ، رجال مسلم غير هشام فمن رجال البخاري وهو صدوق ، لكنه لما كبر صار يتلقن . إلا أنه لم يتفرد بهذا اللفظ ، فقد أخرجه النسائي في (الكبرى) (ق 92 / 2) من طريق إسماعيل قال : حدثنا جعفر بن محمد به . قلت : واسناده صحيح على شرط مسلم . وله شاهد من حديث ابن عباس ، وله عنه طريقان : الاولى : عن ابن إسحاق قال : حدثني رجل عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر عنه قال : (أهدى رسول الله (ص) في حجة الوداع مائة بدنة نحر منها ثلاثين بدنة بيده ثم أمر عليا فنحر ما بقى منها ، وقال : . اقسم لحومها وجلالها وجلودها بين الناس ، ولا تعطين جزارا منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة ، حتى نأكل لحمها ، ونحسو من مرقها ، ففعل) . أخرجه أحمد (1 / 260) ورجاله ثقات غير الرجل . الثانية : عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الحكم عن مقسم عنه
[ 372 ]
قال : (نحر رسول الله (ص) في الحج مائة بدنة ، نحر منها بيده ستين ، وأمر ببقيتها فنحرت ، وأخذ من كل بدنة بضعة فجمعت في قدر ، فأكل منها ، وحسا من مرقها) الحديث . أخرجه أحمد أيضا (1 / 314) وإسناده لا باس به في المتابعات والشواهد . 1158 - (حديث ثوبان : (ذبح رسول الله (ص) ، أضحيته ، ثم قال : يا ثوبان ، أصلح لي لحم هذه ، فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة) رواه أحمد ومسلم) . ص 275 - 276 . صحيح . أخرجه مسلم (6 / 82) وأحمد (5 / 177 ، 281) وكذا أبو داود (2814) والنسائي في (السنن الكبرى) (ق 93 / 1) والبيهقي (9 / 291) من طريق معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ثوبان به . وتابعه محمد بن الوليد الزبيدي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه به بلفظ : (قال لي رسول الله (ص) في حجة الوداع : أصلح هذا اللحم . . .) الحديث . وفي لفظ : (وقال لي رسول الله (ص) ونحن بمنى . . .) فذكره . أخرج مسلم الاول ، والدارمي (2 / 79) بالاخر ، وفيه رد على البيهقي فإنه قال في اللفظة الاولى (في حجة الوداع) : (ولا أراها محفوظة) . فان رواية الدارمي تشهد لها ، لانها في معناها كما لا يخفى . 1159 - (حديث (أن أزواج النبي ، (ص) ، تمتعن معه في حجة
[ 373 ]
الوداع ، وأدخلت عائشة الحج على العمرة فصارت قارنة ، ثم ذبح النبي ، (ص) ، عنهن البقر فأكلن من لحومها) . متفق عليه) ص 276 . صحيح . وهو ملتقط من حديث عائشة في عدة روايات عنها : الاولى : عن الاسود عنها قالت : (خرجنا مع رسول الله (ص) ، ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت ، فأمر رسول الله (ص) من لم يكن ساق الهدي أن يحل ، قالت : فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن ، قالت عائشة : فحضت فلم أطف بالبيت . . .) الحديث . أخرجه البخاري (1 / 395 - 396) ومسلم (4 / 33) الثانية : عن عروة بن الزبير عنها قالت : (خرجنا مع رسول الله (ص) في حجة الوداع ، موافين لهلال ذي الحجة ، قالت : فقال رسول الله (ص) : من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل ، فلولا أني أهديت لاهللت بعمرة ، قالت : فكان من القوم من أهل بعمرة ، ومنهم من أهل بالحج ، قالت : فكنت أنا ممن أهل بعمرة ، فخرجنا حتى قدمنا مكة ، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض ، لم أحل من عمرتي ، فشكوت ذلك إلى النبي (ص) ، فقال : دعي عمرتك ، وانفضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ، قالت : ففعلت . . .) الحديث . أخرجه البخاري (1 / 393) ومسلم (4 / 39) والسياق له ومالك (1 / 410 / 223) وعنه أبو داود (1781) والنسائي (2 / 19 - 20) وابن ماجه (3000) وأحمد (6 / 191) . الثالثة : عن عمرة قالت سمعت عائشة تقول : (خرخنا مع رسول الله (ص) لخمس بقين من ذي القعدة ، ولا نرى الا الحج حتى إذا دنونا من مكة ، أمر رسول الله (ص) من لم يكن معه هدي ، إذا طاف بالبيت أن يحل . قالت عائشة : فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر ،
[ 374 ]
فقلت : ما هذا ؟ فقيل : ذبح النبي (ص) عن أزواجه) . أخرجه البخاري (1 / 431 - 432) ومسلم (4 / 32) وابن ماجه (2981) وأحمد (6 / 194) . وأخرجه مسلم (4 / 30) ومالك (410 / 223) وأحمد (6 / 273) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها به . وفي رواية لاحمد من طريق ابن إسحاق قال : فحدثني عبد الرحمن بن القاسم به بلفظ : (فحل كل من كان لا هدي معه ، وحل نساؤه بعمرة ، فلما كان يوم النحر أتيت بلحم بقر كثير ، فطرح في بيتي ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : ذبح رسول الله (ص) عن نسائه البقر . . .) . قلت : وإسناده حسن . 1160 - (حديث ابن عباس مرفوعا (ويطعم أهل بيته ، الثلث ، ويطعم فقراء جيرانه الثلث ، ويتصدق على السؤال بالثلث)) . ص 276 . لم أقف على سنده لانظر فيه ، وقد حسن ، وما أراه كذلك ، فقد أورده ابن قدامة في (المغني) (8 / 632) كما ذكره المؤلف ، وقال : (رواه الحافظ أبو موسى الاصفهانى في (الوظائف) ، وقال : حديث حسن) . قلت : ولا أدري أراد بذلك حسن المعنى أم حسن الاسناد ، والاول هو الاقرب . والله أعلم . (فائدة) : كتاب (الوظائف) هذا هو من كتب أبي موسى محمد بن عمر ابن المديني الحافظ المتوفي سنة 581 كما في (كشف الظنون) لكاتب حلبي ، وهو غير كتابه الاخر : (اللطائف من علوم المعارف) ، ولم يورده في (الكشف) وفي المكتبة الظاهرية منه نسخة جيدة في مجلد لطيف بخط دقيق .
[ 375 ]
1161 - (حديث علي : (أمرني رسول الله (ص) ، أن أقوم على بدنة ، وأن أقسم جلودها وحلالها ، ولا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا) - متفق عليه) . ص 276 . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 431) ومسلم (4 / 87) وأبو داود (1769) والنسائي في (السنن الكبرى) (ق 92 - 93 / 1) والدارمي (2 / 74) وابن ماجه (3099) وابن الجارود (483) والبيهقي (9 / 294) وأحمد (1 / 79 ، 123 ، 132 ، 154) كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه به . واللفظ للبيهقي الا أنه قال : (وأمرني أن لا أعطي . .) والباقى مثله سواء ، وقريب منه لفظ أبى داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في رواية ، ومعناه في (الصحيحين) دون قوله : (نحن نعطيه من عندنا) . ومن ذلك تعلم ما في قول المؤلف (متفق عليه) ! وهو في ذلك تابع لابن قدامة في (المغني) (8 / 634) . وهذه الزيادة عند من ذكرنا من طريق عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن علي . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . وللحديث شاهد من رواية ابن عباس رضي الله عنه ، أخرجه أحمد بإسناد فيه رجل لم يسم ، وقد ذكرت لفظه عند الحديث (1157) . 1162 - (حديث (لا تعط في جزارتها شيئا منها) قال أحمد إسناده جيد) ص 277 صحيح . وتقدم في الحديث السابق ، لكن من كلام علي بلفظ : (وأن لا أعطي الجازر منها شيئا) . وأما من قوله (ص) ، فلم أره إلا في (زوائد المسند) (1 / 112) بلفظ : (لا تعط الجازر منها شيئا) .
[ 376 ]
وإسناده ضعيف فيه سويد بن سعيد شيخ عبد الله بن أحمد فيه ، وهو ضعيف وأفحش فيه ابن معين القول . وفيه عنعنة ابن جريج . 1163 - (حديث أم سلمة أن النبي (ص) ، قال : (إذا دخل العشر ، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي) . رواه مسلم . وفي رواية له : (ولا من بشرته)) . ص 277 . صحيح . وهو من رواية سعيد بن المسيب عنها ، وله عنه طريقان . الاولى : عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف سمع سعيد بن المسيب به . أخرجه مسلم (6 / 83) والنسائي (2 / 202) وابن ماجه (3149) البيهقى (9 / 266) وأحمد (6 / 289) من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بلفظ : (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا) ، قيل لسفيان : فان بعضهم لا يرفعه ، قال : لكني أرفعه . الثانية : عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب به بلفظ : (من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهل هلال ذي الحجة ، فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي) . أخرجه مسلم (6 / 83 - 84) واللفظ له والنسائي والترمذي (1 / 287) وابن ماجه (3150) والطحاوي (2 / 305) والحاكم (4 / 220) والبيهقي وأحمد (6 / 301 ، 311) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه) . ووافقه الذهبي . قلت : وقد وهما في أمرين :
[ 377 ]
الاول : في الاستدراك على مسلم وقد أخرجه ! والاخر : في تصحيحه على شرطهما ، فان عمرو بن مسلم وهو ابن عمارة ابن اكيمة الليثي ليس منه رجال البخاري . وله طريق ثالث عن سعيد ، ولكنه موقوف . رواه شريك عن عثمان الاحلافي عن سعيد بن المسيب قال : (من أراد أن يضحي ، فدخلت أيام العشر ، فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره) فذكرته لعكرمة ، فقال : ألا يعتزل النساء والطيب) . أخرجه النسائي . وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سئ الحفظ . وعثمان الاحلافي هو ابن حكيم بن عباد ، وهو ثقة ، فان صح ما رواه عنه شريك عن عكرمة ، فهو موقف لا يستحسن من عكرمة ، يشبه بعض المواقف من أهل الرأي . لكن يمكن أن يقال : أنه ليس في هذه الرواية التصريح برفع الحديث إلى النبي (ص) ، فمن المحتمل أن عكرمة إنما رده بالرأي لان الراوي لم يذكره له مرفوعا ، فحسب أنه اجتهاد من سعيد ، فقابله باجتهاد من عنده ، وهو له أهل ، وأما لو بلغه حديثا مرفوعا إليه (ص) ، لكان موقفه يختلف عن هذا الموقف تماما . ألا وهو القبول والتسليم . وذلك هو الظن يرحمه الله . وله طريق ثانية عن أم سلمة موقوفا . رواه الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت : (إذا دخل عشر ذي الحجة ، فلا تأخذن من شعرك ، ولا من أظفارك حتى تذبح أضحيتك) . أخرجه الحاكم (4 / 220 - 221) وقال : (هذا شاهد صحيح ، وإن كان موقوفا) . ثم روى من طريق قتادة قال : جاء رجل من العتيك ، فحدث سعيد بن
[ 378 ]
المسيب أن يحيى بن يعمر يقولى : (من اشترى أضحية في العشر فلا يأخذ من شعره وأظفاره) . قال سعيد : نعم ، فقلت عمن يا أبا محمد ؟ قال : (عن أصحاب رسول الله (ص) . قلت : وسكت عليه هو والذهبي ، وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين ، غير أبي الحسين أحمد بن عثمان الادمى ثنا محمد بن ماهان . وهما ثقتان مترجمان في (تايخ بغداد) (4 / 299 - 300 ، 3 / 293 - 294) . قلت : وفي هذه دليل على أن هذا الحديث كان مشهورا ببن الصحابة رضي الله عنهم ، حتى رواه ابن المسيب عن جماعة منهم ، وهو إن لم يصرح بالرفع عنهم فله حكم الرفع لانه لا يقال بالاجتهاد والرأي ، وبمثل هذا يجاب عن بعض الروايات التي وقع الحديث فيها موقوفا حتى أعله الدارقطني بالوقف كما في (التلخيص) (رقم 1954 - طبع مصر) ولم يجب الحافظ عنه بشئ ، تبعا للحافظ عبد الحق الاشبيلي في (الاحكام الكبرى) (رقم بتحقيقي) فإنه قال : (هذا الحديث قد روي موقوفا ، قال الدارقطني : (وهو الصحيح عندي أنه موقوف) وذكره الترمذي وقال : حديث حسن صحيح) . ولكن عبد الحق أشار في (الاحكام الصغرى) (رقم بتحقيقي) إلى رده لاعلال الدارقطني إياه بالوقف بإيراده للحديث فيه ، وقد التزم أن لا يذكر فيه الا ما صح عنده . (تنبيه) : تبين من هذا التخريج أن الحديث باللفظ الذي ذكره المصنف رحمه الله من رواية مسلم ليس عنده ، ولا عند غيره ، وإنما لفظ ملفق من روايتي مسلم ، ون الرواية الاخرى التي عزاها المؤلف إليه هي في روايته الاولى .
[ 379 ]
فصل في العقيقة 1164 - (حديث : (لانه (ص) ، عق عن الحسن والحسين)) . ص 278 صحيح . ورد عن جماعة من أصحاب النبي (ص) ، منهم عبد الله بن عباس ، وعائشة ، وبريدة بن الحصيب ، وأنس بن مالك ، و عبد الله بن عمرو ، وجابر ، وعلى . 1 - أما حديث ابن عباس ، فيرويه عنه عكرمة ، وله عنه طريقان : الاولى : عن أيوب عن عكرمة عنه به وزاد : (كبشا كبشا) . أخرجه أبو داود (2841) والطحالوي في (المشكل) (1 / 457) وابن الجارود (911) والبيهقي (9 / 299 ، 302) وأبو إسحاق الحربي في (غريب الحديث) (5 / 8 / 2) وابن الاعرابي في (معجمه) (ق 166 / 1) والطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 254 ، 3 / 137 / 2 ، 138 / 1) وأبو نعيم في (أخبار اصبهان) (2 / 151) . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ، وقد صححه عبد الحق الاشبيلى في (الاحكام الكبرى) (رقم بتحقيقي) . الثانية : عن قتادة عن عكرمة به ، وزاد : (بكبشين كبشين) . أخرجه النسائي (2 / 189) والطبراني في (الكبير) (3 / 137 / 2) دون الزيادة .
[ 380 ]
وإسنادهما صحيح ، إسناد الاول على شرط البخاري . الثالثة : عن يونس بن عبيد عن عكرمة به بلفظ : (عق عن الحسن كبشا ، وأمر برأسه فحلق ، وتصدق بوزن شعره فضة وكذلك الحسين أيضا) . أخرجه ابن الاعرابي في (معجمه) (166 / 1) من طريق مسلمة بن محمد الثقفي عن يونس بن عبيد به . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، مسلمة هذا لين الحديث كما في (التقريب) . 2 - وأما حديث عائشة رضي الله عنها ، فيرويه ابن وهب : أخبرني محمد ابن عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت : (عق رسول الله (ص) عن حسن وحسين يوم السابع ، وسماهما ، وأمر أن يماط عن رأسه الاذى) . أخرجه الطحاوي في (المشكل) (1 / 460) وابن حبان (1056) والحاكم (4 / 237) والبيهقي (9 / 299) وقال : (قال ابن عدي : لا أعلم يرويه عن ابن جريج بهذا الاسناد غير محمد بن عمرو اليافعي ، و عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد) . قلت : واليافعي قال ابن حبان عقب اسمه في هذا السند : (شيخ ثقة مصري) . قلت : وروى له مسلم متابعة . وقال ابن عدي : له مناكير . وقال ابن القطان : لم تثبت عدالته . وذكره الساجى في (الضعفاء) ونقل عن يحيى بن معين أنه قال : غيره أقوى منه . كما في (التهذيب) . قلت : وفي هذا رد على الذهبي حيث قال في (الميزان) : (روى له مسلم ، وما علمت أحدا ضعفه) .
[ 381 ]
قلت : لكن تابعه عبد المجيد ابن أبي رواد كما تقدم عن ابن عدي معلقا ، ووصلها البيهقى (9 / 303) وتابعه أيضا أبو قرة واسمه موسى بن طارق وهو ثقة أخرجه البيهقي ، وفي روايته : (عن الحسن شاتين ، وعن حسين شاتين ، ذبحهما يوم السابع وسماهما) . أخرجه البيهقي (9 / 303 - 304) . قلت : فهاتان المتابعتان تقويان رواية اليافعي وتدلان على أنه قد حفظ الحديث عن ابن جريج ، فلولا عنعنة هذا لقلت كما قال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي ! وصححه ابن السكن أيضا كما ذكر الحافظ في (التلخيص) (4 / 147) . وقال في (الفتح) (9 / 483) : (وسنده صحيح) . 3 - وأما حديث بريدة ، فيرويه الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مختصرا بلفظ : (أن رسول الله (ص) عق عن الحسن والحسين) . أخرجه النسائي (2 / 188) وأحمد (5 / 355 ، 361) والطبراني في (الكبير) ، (1 / 121 / 2) وقال الحافظ (وسنده صحيح) . قلت : وهو على شرط مسلم . 4 - وأما حديث أنس بن مالك ، فيرويه ابن وهب أيضا : أخبرني جرير ابن حازم عن قتادة عنه قال : (عق رسول الله (ص) عن حسن وحسين بكبشين) . أخرجه الطحاوي في (المشكل) (1 / 456) وابن حبان (1061) والطبراني في (المعجم الاوسط) (1 / 133 / 2) وابن عدي في (الكامل) (ق 51 / 2) وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (14 / 356 / 1) وقال الطبراني :
[ 382 ]
(لم يروه عن قتادة إلا جرير ، تفرد به ابن وهب) . قلت : وكلهم ثقات من رجال الشيخين لولا أن قتادة مدلس وقد عنعنه . ومع ذلك فقد صححه عبد الحق في (الاحكام الكبرى) (رقم) وقال الهيثمي في (المجمع) (4 / 58) بعدما عزاه للاوسط : (ورجاله رجال الصحيح) . وقال في مكان آخر (4 / 57) : (رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجاله ثقات) . وعزاه الحافظ في (التلخيص) (4 / 147) للطبراني في (الصغير) ، وهو وهم ، فانما أخرجه في (الاوسط) كما عرفت من تخريجنا ومما نقلته عن الهيثمي . 5 - وأما حديث ابن عمرو ، فيرويه سوار أبو حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : (أن النبي (ص) عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين) . أخرجه الحاكم (4 / 237) وسكت عليه ، وتعقبه الذهبي بقوله : (قلت : سوار ضعيف) . قلت : ولا بأس به في الشواهد . 6 - وأما حديث جابر بن عبد الله ، فله عنه طريقان : الاولى : عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عنه مختصرا : (أن رسول الله (ص) عق عن الحسن والحسين) . أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (ق 111 / 1) والطبراني في (الكبير) (1 / 121 / 2) قلت : ورجاله ثقات كلهم رجال مسلم غير المغيرة بن مسلم وهو القسملي وهو ثقة ، لكن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه ، ولولا ذلك لقلنا بصحته . وقال الهيثمى (4 / 557) :
[ 383 ]
(رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات) . والاخرى : عن محمد بن المتوكل : حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد المكى عن محمد بن المنكدر عنه به وزاد : (وختنهما لسبعة أيام) . أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) (ص 185) وابن عدي في (الكامل) (ق 149 / 1) وعنه البيهقي في (السنن الكبرى) (8 / 324) وقال ابن عدي : (لا أعلم رواه عن الوليد غير محمد بن المتوكل ، وهو محمد بن أبي السري العسقلاني) . قلت : وهو ضعيف . وفي (التقريب) : (صدوق له أوهام كثيرة) . وقال الهيثمي (4 / 59) : (رواه الطبراني في (الصغير) و (الكبير) باختصار الختان ، وفيه محمد بن أبي السري ، وثقه ابن حبان وغيره وفيه لين) . قلت : فيه إيهام أنه في (الكبير) من هذه الطريق ، وأنه لم يروه غير الطبراني بالاختصار ، وليس كذلك كما هو ظاهر بمراجعة الطريق الاولى . 7 - وأما حديث علي بن أبي طالب ، فيرويه محمد بن إسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر عن محمد بن على بن الحسين عنه قال : (عق رسول الله (ص) عن الحسن بشاة ، وقال : يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة ، قال : فوزناه ، فكان وزنه درهما أو بعض درهم) . أخرجه الترمذي (1 / 286 - 287) وقال : (حديث حسن غريب ، وإسناده ليس بمتصل ، وأبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب) .
[ 384 ]
قلت : قد وصله الحاكم فقال (4 / ز 237) : حدثنا أبو الطيب محمد بن علي بن الحسن الحيري - من أصل كتابه - ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء ثنا يعلى ابن عبيد ثنا محمد بن اسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي أبي طالب به . وسكت عليه هو والذهبي ، ورجاله ثقات معروفون غير أبي الطيب هذا ، فلم أجد له ترجمة . وقد ذكره البيهقي من الطريق الاولى معلقا ثم قال (9 / 304) : (وهذا منقطع) . ثم ذكره من الطريق الاخرى الموصولة ثم قال : (ولا أدري محفوظ هو أم لا) . قلت : ومداره من الطريقين على محمد بن اسحاق وهو ابن يسار صاحب السيرة ، وهو مدلس وقد عنعنه . ولعل تحسين الترمذي إياه من أجل ماله من الشواهد مثل حديث ابن عباس المتقدم من الطريق الثالثة . والله أعلم . (فائدة) : يلاحظ القارئ الكريم أن الروايات اختلفت فيما عق به (ص) عن الحسن والحسين رضي الله عنهما ، ففي بعضها أنه كبش واحد عن كل منهما ، وفي أخرى أنه كبشان . وأرى أن هذا الثاني هو الذي ينبغى الاخذ به والاعتماد عليه ، لامرين : الاول : أنها تضمنت زيادة على ما قبلها ، وزيادة الثقة مقبولة ، لا سيما إذا جاءت من طرق مختلفة المخارج كما هو الشأن هنا . والاخر : إنها توافق الاحاديث الاخرى القولية في الباب ، والتي توجب العق عن الذكر بشاتين ، كما يأتي بيان قريبا بعد حديث ان شاء الله تعالى . وجاء في طريق واحد منها زيادة تبدو أنها غريبة وهى قوله : (وختنهما لسبعة أيام) . وقد وجدت لها شاهدا من حديث رواد بن الجراح عن عبد الملك بن أبي
[ 385 ]
سليمان عن عطاء عن ابن عباس قال : (سبعة من السنة في الصبي يوم السابع : يسمى ، ويختن ، ويماط عنه الاذى ، ويثقب أذنه ، ويعق عنه ، ويحلق رأسه ، ويلطخ بدم عقيقته ويتصدق بوزن شعره في رأسه ذهبا أو فضة . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 133 / 2) وقال : (لم يروه عن عبد الملك الا رواد) . قلت : وهو صدوق ، اختلط بآخره فترك كما قال الحافظ في (التقريب) . وقال في (التلخيص) (4 / 148) : (وهو ضعيف) . قلت : وأورده الذهبي في (الضعفاء) ، وقال : (قال النسائي : ليس بثقة ، وقال أبو حاتم : محله الصدق . وقال الدارقطني : ضعيف . قلت : فمثله هل يعتبر به ويحتج به في المتابعات والشواهد ؟ محل نظر عندي . والله أعلم . وأما قول الهيثمى (4 / 59) : (رواه الطبراني في (الاوسط) ورجاله ثقات) . فهو من تساهله أو ذهوله ، وقد اغتررت به زمانا من دهري قبل أن أقف على رجال إسناده وقول الطبراني أن روادا تفرد به ، فلما وقفت على ذلك تبينت لي الحقيقة وتركت قول الهيثمي ! 1165 - (وقال (ص) : (كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ، ويحلق رأسه) . رواه الخمسة وصححه الترمذي) . صحيح . أخرجه أبو داود (2838) والنسائي (2 / 179) والترمذي (1 / 287) وابن ماجه (3165) وأحمد (5 / 7 - 8 ، 12 ، 17 ، 17 - 18 ، 22) ، فهؤلاء هم الخمسة ، ورواه أيضا الطيالسي (909) والدارمي
[ 386 ]
(2 / 81) والطحاوي في (مشكل الاثار) (1 / 453) وابن الجارود (910) والحاكم (4 / 237) والبيهقي (9 / 299) وأبو نعيم في (الحلية) (6 / 191) كلهم من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . وصححه أيضا عبد الحق الاشبيلي () قال الحافظ في (التلخيص) (4 / 164) : (وجعل بعضهم الحديث بأنه من رواية الحسن عن سمرة ، وهو مدلس . لكن روى البخاري في (صحيحه) من طريق الحسن أنه سمع حديث العقيقة من سمرة ، كأنه عنى هذا) . قتلت : ورواه أيضا النسائي عقب الحديث مباشرة كأنه يشير بذلك إلى أنه أراد هذا الحديث ، وهو الظاهر ، ويؤيده أنه لا يعرف للحسن حديث آخر في العقيقة . والله أعلم . وأعلم أن قوله في الحديث (فيه) لم يرد إلا في رواية للامام أحمد ، وقد طعن في صحتها أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى ، فوجب البحث في ذلك وبيان الصواب فيه فأقول : قال الامام أحمد : ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ، ويزيد قال : أنا سعيد ، وبهز : ثنا همام (قلت : يعني ثلاثتهم) عن قتادة به بلفظ : (تذبح عنه يوم سابعه ، قال بهز في حديثه : ويدمى ويسمى فيه ، ويحلق قال يزيد : رأسه) . قلت : فهؤلاء ثلاثة من الثقات : همام وهو ابن يحيى العوذي البصري ، وسعيد وهو ابن أبي عروبة ، وشعبة وهو ابن الحجاج ثلاثتهم زادوا فيه (فيه) . وقد تابعه عن ابن أبي ى عروبة روح بن عبادة بلفظ : (تذبح عنه ، ويسمى ويحلق رأسه في اليوم السابع) . أخرجه الطحاوي (1 / 254) وأعله بقوله :
[ 387 ]
(ليس بالقوي في قلوبنا ، لان الذي رواه عن سعيد بن أبي عروبة إنما هو روح وسماعه من سعيد إنما كان بعد إختلاطه ، فطلبناه من رواية سواه ممن سماعه منه كان قبل إختلاطه) . ثم ساقه من طريق النسائي بسنده عن يزيد بن زريع عن سعيد به : دون قوله (فيه) . قلت : وقد خفي عليه الطريقان الاخران عن قتادة وهما صحيحان ، وفيهما الزيادة ، فدل ذلك على أنها قوية محفوظة . وفي رواية بهز عن همام لفظة أخرى غريبة وهي : (ويدمى) . وقد تابعه عفان ثنا همام به . إلا أنه اقتصر عليها ، ولم يجمع بينها وبين قوله : (ويسمى) . وكذلك تابعه أبو عمر حفص بن عمر صاحب الحوض ثنا همام به . أخرج المتابعة الاولى أحمد (5 / 17 - 18) والدارمي والاخرى أبو داود والبيهقي وزادوا واللفظ لاحمد : (قال همام : وراجعناه (ويدمى) ، قال همام : فكان قتادة يصف الدم فيقول : إذا ذبح العقيقة ، تؤخذ صوفة فتستقبل أو داج الذبيحة ، ثم توضع على يافوخ الصبى حتى إذا سال غسل رأسه ، ثم حلق بعد) . قلت : فقد اختلف الرواة على قتادة في هذه اللفظة (ويسمي) فالاكثرون عليها يدل (ويدمي) وعكس ذلك همام في رواية ، ومرة جمع بينهما فقال : (ويدمي ويسمي كما سبق .) . والرواية الاولى هي التى ينشرح الصدر لها لاتفاق الاكثر عليها ، ولا سيما ولها متابعات وشواهد كما يأتي بخلاف الاخرى فهي غريبة ، ولذلك قال أبو داود عقبها : (وهذا وهم من همام : (ويدمى) ، وخولف همام في هذا الكلام ، وإنما
[ 388 ]
قالوا : (يسمي) ، فقال : همام : (يدمي) ، وليس يؤخذ بهذا) . وقال عقب الرواية الاولى : (ويسمى أصح ، كذا قال سلام ابن أبي مطيع عن قتادة وإياس بن دغفل ، وأشعث عن الحسن) . قلت : وصله الطحاوي من طريق أشعث عن الحسن به . وإسناده جيد فهو شاهد قوي لرواية الجماعة عن قتادة . وقد رد الحافظ في (التلخيص) (4 / 146) تغليط أبي داود لهمام بقوله : (قلت : يدل على أنه ضبطها أن في رواية بهز عنه ذكر الامرين : التدمية والتسمية ، وفيه أنهم سألوا قتادة عن هيئة التدمية ، فذكرها لهم ، فكيف يكون تحريفا من التسمية ، وهو يسأل عن كيفية التدمية ؟ !) . قلت : وهو الجواب صحيح لو كانت الدعوى محصورة في كون هذه اللفظة : (ويسمي) تحرفت عليه فقال : (ويدمي) ، لكن الدعوى أعم من ذلك وهي أنه أخطأ فيها سواء كان المحفوظ عنه إقامتها مقام (ويسمى) ، أو كان المحفوظ الجمع بين اللفظين ، فقد اختلفوا عليه في ذلك ، وهو في كل ذلك واهم ، وهذا وإن كان بعيدا بالنسبة للثقة فلابد من ذلك ليسلم لنا حفظ الجماعة ، فإنه إذا كان صعبا تخطئة الثقة الذي زاد على الجماعة ، فتخطئة هؤلاء ونسبتهم إلى عدم الحفظ أصعب . أضف إلى ما سبق أن تدميم رأس الصبى عادة جاهلية قضى عليها الاسلام بدليل حديثين له اثنين : الاول : عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : (كنا في الجاهلية إذا ولد لاحدنا غلام ذبح شاة ، ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء بالاسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران) أخرجه أبو داود (2843) والطحاوي (1 / 456 ، 460) والحاكم (4 / 238) والبيهقي (9 / 303) وقال الحاكم :
[ 389 ]
(صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . قلت : إنما هو على شرط مسلم وحده ، فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاري إلا تعليقا . وله شاهد من حديث عائشة قالت : (وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ، ويحيلونه على رأس الصبي ، فأمر رسول الله (ص) ، أن يجعل مكان الدم خلوفا) . أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (215 / 1 - 2) والبيهقي (9 / 303) بإسناد رجاله ثقات ، لكن فيه عنعنة ابن جريج ، لكن قد صرح بالتحديث عند ابن حبان (1057) فصح الحديث والحمد لله . الثاني : عن يزيد بن عبد المزني عن أبيه أن رسول الله (ص) قال : (يعق عن الغلام ، ولا يمس رأسه بدم) . أخرجه الطحاوي (1 / 460) والطبراني في (الاوسط) (1 / 133 / 2) وفي (الكبير) أيضا كما في (المجمع) (4 / 58) وقال : (ورجاله ثقات) . قلت : لكن يزيد بن عبد هذا لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير أيوب ابن موسى القرشي فهو مجهول العين ، وقول الحافظ في (التقريب) : (مجهول الحال) تسامح . ومن هذا الوجه أخرجه ابن ماجه (3166) لكن لم يقع عنده في السند : (عن أبيه) وراجع له (الاحاديث الصحيحة) (1996) . 1166 - (حديث عائشة مرفوعا : (عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة) رواه أحمد والترمذي وصححه) . ص 278 . صحيح . أخرجه الترمذي (1 / 286) وأحمد (6 / 31 ، 158 ،
[ 390 ]
251) وكذا ابن ماجه (3163) وابن حبان (1058) والبيهقي (9 / 301) وأبو يعلى في (مسنده) (221 / 2) من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن ، فسألوها عن العقيقة ؟ فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها أن رسول الله (ص) ، أمرهم عن الغلام . . . الحديث . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . وله طريق أخرى : عن عبد الجبار بن ورد المكي : سمعت ابن أبى مليكة يقول : نفس لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام فقيل لعائشة : يا أم المؤمنين : عقي عنه جزورا ، فقالت : معاذ الله ، ولكن ما قال رسول الله (ص) : شاتان مكافئتان . أخرجه الطحاوي (1 / 457) والبيهقي . قلت : إسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير عبد الجبار هذا قال الذهبي في (الضعفاء) : (ثقة ، قال البخاري : يخالف في بعض حديثه) . وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق يهم) . وله طريق ثالث ، يأتي ذكرها في تخريج الحديث (1170) . وله شواهد كثيرة ، منها عن أم كرز الكعبية ، وله عنها طرق : الاولى : عن حبيبة بنت ميسرة عنها قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول : (عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة) . أخرجه أبو داود (2834) والنسائي (2 / 189) والدارمي (2 / 81) والطحاوي (1 / 457) وابن حبان (1060) وأحمد (6 / 381 ، 422) والحميدي (345 ، 346) قلت : ورجالها ثقات غير حبيبة هذه وهي مجهولة تفرد عنها عطاء بن أبي
[ 391 ]
رباح . وفي (التقريب) : (مقبولة) . الثانية : عن سباع بن ثابت عنها به دون قوله (مكافئتان) وزاد : (لا يضركم أذكرانا أم اناثا) . أخرجه أبو داود (2835) والنسائي (2 / 189) والترمذي (1 / 286) وابن ماجه (3162) والشافعي (1132) (1) والطحاوي وابن حبان (1059) والحاكم (4 / 237) وأحمد (6 / 381 ، 422) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي قلت : وهو كما قالوا . ورجاله ثقات كلهم رجال الشيخين ، إلا أن الترمذي وقع في اسناده زيادة بين سباع وأم كرز فقال : عن سباع أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره أن أم كرز أخبرته به . وهى رواية لاحمد . وإبن ثابت هذا ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان ، وهذه الزيادة إن كانت محفوظة ، فلا يعل الاسناد بها لتصريح سباع بن ثابت بسماعه للحديث من أم كرز عند أحمد بإسناد الشيخين وزاد هو وأبو داود والحاكم في أوله : (أقروا الطير على مكناتها) . وصححه ابن حبان أيضا (1431) . الثالثة والرابعة والخامسة : عن عطاء وطاوس ومجاهد عنها بلفظها الاول . أخرجه النسائي (2 / 188 - 189) والطحاوي (1 / 458 ، عن قيس ابن سعد عنهم . وإسناده صحيح على شرط مسلم) وتابعه منصور عن عطاء وحده . أخرجه أحمد (6 / 422) . وأخشى أن يكون منقطعا بين عطاء وأم كرز ، فقد رواه عمرو بن دينار (1) وقد اختصر إسناده مرتبه البنا ، فلم يحسن . (*)
[ 392 ]
عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة ، وهى الطريق الاولى . ومن شواهده : عن أسماء بنت يزيد مرفوعا مثل حديث عائشة الاول . أخرجه أحمد (6 / 456) بإسناد صحيح . وأورده الهيثمي في (المجمع) (4 / 57) بلفظ : (العقيقة حق على الغلام . . .) ثم قال : (رواه أحمد والطبراني في الكبير ، ورجاله محتج بهم) . ومنها : عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : (للغلام عقيقتان ، وللجارية عقيقة) أخرجه الطحاوي (1 / 458) بسند جيد في الشواهد . وقال الهيثمي : (رواه البزار والطبراني في (الكبير) ، وفيه عمران بن عيينة ، وثقه ابن معين وابن حبان وفيه ضعف) . قلت : وطريق الطحاوي سالمة منه . ومنها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : (سئل رسول الله (ص) عن العقيقة ؟ فقال : لا يحب الله عزوجل العقوق ، وكأنه كره الاسم ، قال : يا رسول الله إنما نسألك أحدنا يولد له ، قال : من أحب أن ينسك عن ولده فلينسك عنه ، عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة) . أخرجه أبو داود (2842) والنسائي (2 / 188) والطحاوي (1 / 461) والحاكم (4 / 238) والبيهقي (9 / 300) وأحمد (2 / 182 - 183 ، 194) من طريق داود بن قيس عنه به . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : والخلاف في عمرو بن شعيب معروف مشهور والمتقرر أنه حسن الحديث ، يحتج به . وقد رواه عنه عبد الله بن عامر الاسلمي مختصرا فعله (ص) ، بلفظ :
[ 393 ]
(عق رسول الله (ص) عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة) . أخرجه أحمد (2 / 185) والاسلمي هذا ضعيف . ومنها عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال : (إن اليهود تعق عن الغلام ، ولا تعق عن الجارية ، فعقوا عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة) . أخرجه البيهقى (9 / 301 - 302) عن أبي حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن الاعرج عنه . وسالم هذا وأبوه لم أر من ذكرهما . والحديث في (المجمع) (4 / 58) بنحوه ، وقال : (رواه البزار من رواية أبي حفص الشاعر عن أبيه ، ولم أجد من ترجمهما) . 1167 - (حديث ابن عباس : (إن النبي (ص) عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا)) رواه أبو داود ص 278 صحيح . وتقدم تخريجه عند الحديث (1167) . 1168 - (حديث أنس مرفوعا : (يعق عنه من الابل والبقر والغنم) رواه الطبراني) . ص 278 . موضوع . أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) (ص 45) : ثنا إبراهيم بن أحمد ابن مروان الواسطي ثنا عبد الملك بن معروف الخياط الواسطي ثنا مسعدة بن اليسع عن حديث ابن السائب عن الحسن عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (ص) : (من ولد له غلام فليعق عنه من . . .) . وقال :
[ 394 ]
(لم يروه (عن حديث إلا مسعدة ، تفرد به عبد الملك بن معروف) . قلت : وهو غير معروف ، ليس له ترجمة في شئ من كتب الرجال . وشيخه مسعدة ، قال الذهبي : (هالك كذبه أبو داود ، وقال أحمد : حرقنا حديثه منذ دهر) وقال أبو حاتم : (هو ذاهب منكر الحديث ، ولا يشتغل به ، يكذب على جعفر بن محمد) . وحديث ابن السائب أورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (ضعفه زكريا الساجي) . والحسن وهو البصري مدلس وقد عنعنه . وإبراهيم شيخ الطبراني قال الدارقطني : (ليس بالقوي) . قلت : فهو إسناد ساقط بمرة مسلسل من أوله إلى آخره بالعلل ، . أقواها كذب مسعدة ، وكأنه لذلك أعلن به الحافظ الهيثمي ولم يعرج على العلل الاخرى فقال في (المجمع) (4 / 58) : (رواه الطبراني في (الصغير) ، وفيه مسعدة بن اليسع وهو كذاب) . قلت : ولو كان هذا الحديث ثابتا لم تقل السيدة عائشة رضي الله عنها حين قيل لها (عقي جزورا (: (معاذ الله ، ولكن ما قال رسول الله (ص) : شاتان مكافئتان) . وإسناده حسن كما تقدم بيانه عند الحديث (1166) ، ففيه إشعار بأن هذا الحديث عن أنس ، لم يقله رسول الله (ص) ، فمن العجيب سكوت الحافظ في (الفتح) (9 / 512) وقد عزاه للطبراني وأبي الشيخ . 1169 - (حديث سمرة مرفوعا (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ويحلق رأسه) رواه الخمسة وصححه الترمذي) ص 278 . صحيح . وتقدم برقم . (1165) . 1170 - (حديث بريدة ، عن النبي (ص) قال في العقيقة :
[ 395 ]
(تذبح لسبع ولاربع عشرة ولاحدى وعشرين) أخرجه الحسين بن عيسى ابن عياش (1) القطان ، ويروى عن عائشة نحوه) . ص 279 . ضعيف .) أخرجه الحسين بن يحيى بن عياش أبو عبد الله القطان في (حديثه) (من 59 / 1) وعنه البيهقي في (السنن) (9 / 303) والطبراني في (المعجم الصغير) (ص 149) و (الاوسط) (1 / 134) من طريق اسماعيل ابن مسلم عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به . وقال الطبراني : (لم يروه عن قتادة إلا إسماعيل) . قلت : وهو ضعيف بل تركه بعضهم . وقال الهيثمي (4 / 59) : (رواه الطبراني في (الصغير) و (الاوسط) وفيه اسماعيل بن مسلم المكى وهو ضعيف لكثرة غلطه ووهمه) . وأما حسدث عائشة ، فأخرجه الحاكم (4 / 238 - 239) : أخبرنا أبو عبد الله محمد يعقوب الشيباني ، ثنا ابراهيم بن عبد الله أنبأ يزيد بن هارون أنبا عبد الملك ابن أبي سليمان عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا : (نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرتا جزورا ، فقالت عائشة رضي الله عنها : لا بل السنة أفضل ، عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ، تقطع جدولا ، ولا يكسر لها عظم ، فيأكل ويطعم ويتصدق ، وليكن ذاك يوم السابع ، فإن لم يكن ففي أربعة عشر ، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين) . وقال : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير إبراهيم بن عبد الله وهو السعدي الينسابوري وهو صدوق كما قال الذهبي في (الميزان) ، وغير أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني وهو حافظ كبير مصنف ويعرف بابن الاحزم توفي سنة (344) له ترجمة في (التذكرة) (3 / 76 - 77) . (1) الاصل : (عباس) وهو خطأ . (*)
[ 396 ]
قلت : وعلى هذا فظاهر الاسناد والصحة ، ولكن له عندي علتان : الاولى : الانقطاع بين عطاء وأم كرز ، لما ذكرته فيما تقدم من الكلام على طرق حديث أم كرز هذه عند حديث عائشة ، رقم (1166) . والاخرى : الشذوذ والادراج ، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين كما سبق هناك ، وليس فيهما قوله : (تقطع جدولا . . .) فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء ، ويؤيده أن عامر الاحول رواه عن عطاء عن أم كرز قالت : قال رسول الله (ص) : (عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة) . قال : وكان عطاء يقول : تقطع جدولا . . .) دون قوله (ولكن ذاك يوم السابع . . .) . أخرجه البيهقي (9 / 302) . فقد بين عامر أن هذا القول ليس مرفوعا في الحديث وإنما هو من كلام عطاء موقوفا عليه ، فدل أنه مدرج في الحديث . والله أعلم . 1171 - ((أهرقوا عنه دما وأميطوا عنه الاذى) رواه أبو داود) . ص 279 صحيح . أخرجه أبو داود (2839) والترمذي (1 / 286) والبيهقي (9 / 299) وأحمد (4 / 18 ، 214) عن عبد الرزاق : ثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي قال : قال رسول الله (ص) : (مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا . . .) . وتابعه عاصم بن سلمان الاحول عن حفصة بنت سيرين به . أخرجه الترمذي وأحمد (4 / 214) والحميدي (823) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وخالف عبد الرزاق جماعة ، فرواه عبد الله بن نمير ثنا هشام بن
[ 397 ]
حسان عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر به . لم يذكر الرباب . أخرجه ابن ماجه (3164) وأحمد (4 / 17 - 18 ، 214) . وكذلك رواه يحيى بن سعيد عن هشام به . أخرجه الامام أحمد (4 / 18 ، 214) : ثنا يحيى بن سعيد به . وكذلك رواه محمد بن جعفر ويزيد بن هارون قالا : ثنا هشام به . أخرجه أحمد أيضا (4 / 17 - 18 ، 214) وكذلك رواه سعيد بن عامر عن هشام به . أخرجه الدارمي (2 / 81) وكذا رواه عبد الله بن بكير السهمي عن هشام به أخرجه الحارث بن أبي اسامة كما في (الفتح) (9 / 510) قلت : فقد اتفق هؤلاء الثقات على روايته عن هشام بن حسان بإسقاط الرباب من الاسناد ، وذلك - مما يرجح روايتهم على رواية عبد الرزاق التى زاد فيها (الرباب) ، وهي مجهولة ، ويجعل روايته شاذة ، إلا أن متابعة عاصم الاحول المذكورة تدل على أن لها أصلا ، وقد علقها البخاري في (صحيحه) فقال : (وقال غير واحد عن عاصم وهشام عن حفصه بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي (ص) . وفيه إشعار بأن عبد الرزاق لم يتفرد به عن هشام ، وذلك مما يقوي أن روايته محفوظة ، فلعل حفصة بنت سيرين سمعتها أولا من الرباب عن سلمان ، ثم سمعتها من سلمان مباشرة ، فكانت ترويه على الوجهين ، مرة عنها ، وتارة عنه . وقد تابعها على الوجه الثاني أخوها محمد بن سيرين عن سلمان به مرفوعا .
[ 398 ]
رواه عنه جماعة من الثقات منهم أيوب وحبيب ويونس وقتادة ، رواه عنهم جميعا حماد بن سلمة . أخرجه النسائي (2 / 188) والبيهقي وأحمد (4 / 18 ، 214) وعلقه البخاري . ومنهم هشام وهو ابن حسان نفسه . أخرجه الطحاوي (1 / 459) والبيهقي في رواية حماد بن سلمة المذكورة آنفا وعلقها البخاري . وتابعه حماد بن زيد عن أيوب وحده . أخرجه البيهقي وأحمد (4 / 18) وجرير بن حازم أخرجه الطحاوي . وعلقه البخاري وتابعه هشيم أخبرنا يونس وحده . وهمام ثنا قتادة وحده أخرجه أحمد (4 / 18 ، 215) . ومنهم ابن عون وسعيد - وهو ابن أبي عروبة كلاهما عن محمد بن سيرين به أخرجه احمد (4 / 18 ، 214 - 215) وزادا : (قال : وكان ابن سيرين يقول : إن لم يكن إماطة الاذي حلق الرأس فلا أدري ما هو ؟) . ومنهم يزيد بن إبراهيم حدثنا محمد بن سيرين به . وزاد : (قال محمد : فحرصت أن أعلم معنى (أميطوا عنه) فلم يخبرني أحد) . أخرجه الطحاوي والبيهقي لكنه أوقفه ، وكذلك علقه البخاري .
[ 399 ]
قلت : فهذه طرق كثيرة عن جماعة من الثقات رووه عن ابن سيرين عن سلمان بن عامر مرفوعا ، وابن سيرين ثقة لا يسأل عن مثله فالسند صحيح غاية ، وقال الحافظ في (الفتح) : (وبالجملة فهذه الطرق يقوى بعضها بعضا ، والحديث مرفوع ، ولا يضره رواية من وقفه) . قلت : وقد روي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه الحاكم (4 / 238) من طريق محمد بن جرير بن حازم عن عبد الله بن المختار عن محمد بن سيرين به . وقال : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : ومحمد بن جرير بن حازم لم أجد له ترجمة ، ولم يذكره في (التهذيب) ، في الرواة عن جرير بن حازم ، وقد ذكر فيهم ابنه وهيبا : والحديت أورده الهيثمي في (المجمع) (4 / 58) وقال : (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح) . وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : (إذا كان يوم سابعه ، فأهريقوا عنه دما ، واميطوا عنه الاذى ، وسموه) . أخرجه الطبراني في (الكبير) (3 / 193 / 2) و (الاوسط) (1 / 133 / 1) : حدثنا أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى ناجدي حرملة بن يحيى نا ابن وهب : حدثني الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن مجبر عن سالم عن أبيه . وقال : (لم يروه عن عبد الرحمن إلا الضحاك ، تفرد به ابن وهب) . قلت : وهو ثقة حافظ ، ومن فوقه ثقة من رجال مسلم سوى ابن المجبر فأورده ابن حبان في (الثقات) (2 / 166) ووثقه عمرو بن علي الفلاس كما
[ 400 ]
(الجرح والتعديل) (2 / 2 / 1374) . قلت : فالسند صحيح إن كان أحمد بن طاهر قد توبع عليه ، كما يشعر بذلك قول الطبراني : (تفرد به ابن وهب) فإن مفهومه أن ابن طاهر لم يتفرد به ، فإذا كان من تابعه ثقة فهو صحيح ، وإلا فلا ، لان ابن طاهر كذاب كما قال الدارقطني وغيره . وقال الهيثمي : (رواه الطبراني في (الاوسط) و (الكبير) ورجاله ثقات) ! (فائدة) : ذهب ابن سيرين - كما تقدم إلى أن المراد بقوله (وأميطوا عنه الاذى (الحلق . قاله فهما من عنده ، وذكر أنه ليس عنده رواية في ذلك . وقد روى أبو داود (2840) بإسناد صحيح عن الحسن أنه كان يقول : (إماطة الاذى حلق الرأس) ويحتمل معنى آخر ، ذكره أبو جعفر الطحاوي ، وهو تنزيه رأس المولود أن يلطخ بالدم كما كانوا يفعلونه في الجاهلية ، على ما تقدم ذكره في بعض الاحاديث ، كحديث بريدة ، ويأتى عقب هذا ، وعليه فالحديث دليل آخر على خطأ من ذكر في حديث سمرة المتقدم (1165) : (ويدمي) بدل (ويسمى) وقد سبق بيان ذلك بما فيه كفاية . وليس هو إزالة الدم الذي كانوا في الجاهلية يلطخون به رأس الصبي . 1172 - عن بريدة : (كنا نلطخ رأس الصبي بدم العقيقة ، فلما جاء الاسلام كنا نلطخه بزعفران) رواه أبو داود ص 279 . صحيح . وتقدم تخريجه في الكلام على الحديث (1165) . 1173 - (قول أبي رافع (رأيت رسول الله (ص) أذن في أذن الحسن (1) حين ولدته فاطمة بالصلاة) رواه أحمد وغيره) ص 279 . حسن إن شاء الله أخرجه أحمد (6 / 9 ، 391 ، 392) وأبو داود (1) الاصل (الحسين) والتصويب من السند وغيره . (*)
[ 401 ]
(5105) والترمذي أيضا (1 / 286) والحاكم (3 / 179) والبيهقي (9 / 305) والطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 121 / 2) من طريق سفيان عن عاصم بن عبيدالله عن عبيدالله ابن أبي رافع عن أبيه به . ثم رواه الطبراني من طريق حماد بن شعيب عن عاصم بن عبيدالله به مرفوعا بلفظ : (أذن في أذن الحسن والحسين حين ولدا ، وأمر به) . قلت : وهو بهذا اللفظ ضعيف جدا تفرد به حماد بن شعيب ضعفه ابن معين وغيره ، وقال البخاري : (منكر الحديث) وفي موضع آخر : (تركوا حديثه) . وأما اللفظ الاول ، فقال الترمذي عقبه : (حديث حسن صحيح) . كذا قال ، وعاصم بن عبيد الله اتفقوا على تضعيفه ، وأحسن ما قيل فيه (لا بأس به) . قاله العجلى ، وهو من المتساهلين ، ولذلك جزم الحافظ في (التقريب) بضعف عاصم هذا ، وأورده الذهبي في (الضعفاء) وقال : (ضعفه مالك وغيره) . وتعقب قول الحاكم (صحيح الاسناد) بقوله : (قلت : عاصم ضعيف) . قلت : وقد روي الحديث عن ابن عباس أيضا بسند ضعيف أوردته كشاهد لهذا الحديث عند الكلام على الحديث الاتي بعده في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) رقم (321) ورجوت هناك أن يصلح شاهدا لهذا . والله أعلم . 1174 - (روى ابن السني عن الحسن بن علي مرفوعا (من ولد له ولد فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان)) . ص 279 موضوع . قال ابن السني في (عمل اليوم والليلة) (ص 200 رقم 617) :
[ 402 ]
أخبرني أبو يعلى : حدثنا جبارة بن المفلس ثنا يحيى بن العلاء من مروان بن سالم عن طلحة ابن عبيدالله العقيلي عن حسين بن علي رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله (ص) . فذكره . قلت : وهذا إسناد موضوع ، آفته يحيى بن العلاء أو شيخه مروان بن سالم ، فإن أحدهما شر من الاخر ، فأوردهما الذهبي في (الضعفاء) ، وقال في الاول منهما : (قال أحمد : كذاب يضع الحديث) . وقال في الاخر : (قال أحمد : ليس بثقة) . وقال الحافظ في (التقريب) . (متروك ، ورماه الساجي وغيره بالوضع) . وقال في الذي قبله : (رمي بالوضع) . قلت : وجبارة بن المغلس ضعيف ، لكن الافة ممن فوقه من المتهمين بالوضع ، فأحدهما اختلقه . وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة من المؤلفين منهم الشيخ المباركفوري فإنه جعله شاهدا للحديث الذي قبله . وهو يعلم - بلا ريب - أن الموضوع ، بل والذي اشتد ضعفه لا يصلح الاستشهاد به . فلو كان على علم بوضعه لما إستشهد به . والله المستعان . وقد أوردت الحديث في (سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة) رقم (321) ، وذكرت هناك من ضعف الحديث من العلماء ومن خفى عليه وضعه . 1175 - (وقال (ص) لفاطمة لما ولدت الحسن : (احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين) . رواه أحمد) . ص 279
[ 403 ]
حسن . أخرجه أحمد (6 / 390) والطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 121 / 2) والبيهقي (9 / 304) من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع قال : (لما ولدت فاطمة حسنا ، قالت : ألا أعق عن ابني بدم ؟ قال : لا ، ولكن احلقى رأسه ، وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين ، والاوفاض ، وكان الاوفاض ناسا من أصحاب رسول الله (ص) محتاجين في المسجد ، أو في الصفة ففعلت ذلك ، قالت : فلما ولدت حسينا فعلت مثل ذلك) . قلت : وهذا إسناد حسن لولا أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي سئ الحفظ ، لكنه لم يتفرد به ، فقد تابعه عبيدالله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل به ولفظه : (أن الحسن بن علي لما ولد ، أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين ، فقال : لا تعقي عنه ، ولكن احلقي شعر رأسه ، ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله ، ثم ولد حسين بعد ذلك ، فصنعت مثل ذلك) . اخرجه أحمد (6 / 392) . قلت : وهذه متابعة قوية من عبيدالله هذا وهو الرقي ثقة محتج به في (الصحيحين) فثبت الحديث والحمد لله . وتابعه أيضا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن عبد الله بن محمد بن عقيل به إلا أنه قال : (بكبش عظيم) . وقال : (في سبيل الله ، وعلى الاوفاض ، ثم ولدت الحسين رضي الله عنه من العام المقبل ، فصنعت به كذلك) . أخرجه الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد نا سعيد بن ابي الربيع السمان : نا سعيد بن سلمة . . . وأخرجه البيهقي من طريق محمد بن غالب نا
[ 404 ]
سعيد بن اشعث به . قلت : وهذه متابعة ، لا باس بها ، ابن أبي الحسام هذا من رجال مسلم ، وفيه كلام ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، . صحيح الكتاب ، يخطئ من حفظه) . وأما سعيد بن أبي الربيع السمان ، فقال فيه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 5) عن أبيه : (ما أراه إلا صدوقا) . قلت : ومن أجل هذه الطرق قال البيهقي : (تفرد به ابن عقيل) . قلت : وهو حسن الحديث إذا لم يخالف ، وظاهر حديثه مخالف لما استفاض عنه (ص) أنه عق عن الحسن والحسين رضي الله عنهما ، كما تقدم برقم (1150) ، وأجيب عن ذلك بجوابين ذكرهما الحافظ في (الفتح) (9 / 515) : (قال شيخنا في (شرح الترمذي) : يحمل على أنه (ص) كان عق عنه ، ثم استأذنته فاطمة أن تعق عنه أيضا فيمنعها . قلت : ويحتمل أن يكون منها لضيق ما عندهم حينئذ ، فارشدها إلى نوع من الصدقة ، أخف ، ثم تيسر له عن قرب ما عق به عنه .) . قلت : وأحسن من هذين الجوابين ، جواب البيهقي : (وهو إن ، فكأنه أراد أن يتولى العقيقة عنهما بنفسه ، كما رويناه (يعني في الاحاديث التى أشرنا إليها آنفا) فأمرها بغيرها ، وهو التصدق بوزن شعرهما من الورق . وبالله التوفيق) . (تنبيه) ذكر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الحديث عقب قول الماتن : (ويسن أن يحلق رأس الغلام في اليوم السابع ، ويتصدق بوزنه فضة ، ويسمى فيه) . وهذا الحديث فيه أن الحلق والتصدق في اليوم السابع ، وإنما روى ذلك
[ 405 ]
من حديث أنس بن مالك . (أن رسول الله (ص) أمر برأس الحسن والحسين ابني على بن أبي طالب يوم سابعهما ، فحلق ، ثم تصدق بوزنه فضة ، ولم يجد (1) ذبحا) . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 133 / 2) من طرق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة فإنه سئ الحفظ ، إلا فيما رواه العبادلة عنه . ، وليس منه هذا الحديث . وقال الهيثمي في (المجمع) (4 / 57) : (رواه الطبراني في (الكبير) و (الاوسط) والبزار ، وفي إسناد الكبير ابن لهيعة ، وإسناده حسن ، وبقية رجاله رجال الصحيح) . قلت : وفاته أن ابن لهيعة في إسناد (االاوسط) أيضا . ولا أعلم حديثا آخر في توقيت الصدقة باليوم السابع ، الا حديث ابن عباس الذي أوردته في (فائدة) في الحديث (1150) وهو ضعيف أيضا . وقد صرح باستحباب ذلك الامام أحمد كما رواه الخلال عنه ، وذكره ابن القيم في (تحفة الودود ، باحكام المولود) (ص 31 هند) ، فلعل هذا الحكم يتقوى بمجموع حديث أنس وحديث ابن عباس . وأما ما روى البيهقى (9 / 304) من طريق موسى بن الحسن ثنا الضغبي ثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده . (أن فاطمة بنت رسول الله (ص) ذبحت عن حسن وحسين حين ولدتهما شاة ، وحلقت شعورهما ، ثم تصدقت بوزنه فضة) . فهو منكر مخالف لحديث أبي رافع وأنس هذا ، وعلته موسى بن الحسن ، وهو موسى بن الحسن بن موسى ، قال ابن يونس في (تاريخ مصر) : (يعرف وينكر) . (1) الاصل (لحد) بالاهمال ، وفي (المجمع) : (لجر) هكذا بإهمال الحرف الاول والاخر . (*)
[ 406 ]
وأما دليل الحلق والتسمية في اليوم السابع فهو حديث سمرة الذي تقدم لفظه وتحقيق القول فيه برقم (1165) . (فائدة) قال الحافظ في (التلخيص) (4 / 148) : (الروايات كلها متفقة على ذكر التصدق بالفضة ، وليس في شئ منها ذكر الذهب بخلاف ما قال الرافعي : أنه يستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبا ، فإن لم يفعل ففضة . . .) . قلت : ذكر حديث ابن عباس في أن سبعة من السنة في الصبي يوم السابع وفيه (ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة) . وقال : (وفيه رواد بن الجراح وهو ضعيف) . وقد تقدمت الاشارة إليه آنفا . 1176 - (حديث (احب الاسماء عبد الله وعبد الرحمن) . رواه مسلم) . ص 279 صحيح . أخرجه مسلم (6 / 169) وكذا الحاكم (4 / 274) والبيهقي (9 / 306) من طريق عباد بن عباد عن عبيدالله بن عمر وأخيه عبد الله سمعه منهما سنة أربع وأربعين ومائة ، يحدثان عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) : فذكره بلفظ : (إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) . وأخرجه أبو داود (4949) من هذا الوجه لكنه لم يفكر في اسناده أخا عبيدالله ، واسمه بن عمر العمري . وكذا أخرجه الدارمي (2 / 294) من طريق أخرى عن عبيدالله به . وأخرجه الترمذي (2 / 136) وابن ماجه (3828) وأحمد (2 / 24) من طرق أخرى عن العمري به . وقال الترمذي : (حديث غريب من هذا الوجه) .
[ 407 ]
قلت : وذلك لان العمري ضعيف من قبل حفظه ، لكن متابعة أخيه عبد الله إياه مما يدل على أنه قد حفظ هذا الحديث . نعم شذ في رواية عبد الوهاب بن عطاء عنه بإسناده بلفظ : (كان أحب الاسماء إلى رسول الله (ص) عبد الله وعبد الرحمن) . أخرجه أحمد (2 / 128) . فكأنه رواه بالمعنى . وله طريق أخرى عند الحاكم عن نافع باللفظ الاول . وقد روي من حديث أبي هريرة ، وأنس بن مالك ، وأبي وهب الجشمي . أما حديث أبي هريرة ، فأخرجه عبد الله بن وهب في (الجامع) (ص 11) حدثني ابن سمعان ان عبد الرحمن الاعرج أخبره عنه به . قلت : وهذا إسناده واه بمرة ، ابن سمعان - واسمه عبد الله بن زياد بن سليمان المخزومي قال في (التقريب) : (متروك ، اتهمه بالكذب أبو داود وغيره) . وأما حديث أنس ، ففي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف كما قال في (المجمع) (8 / 49) . أخرجه أبو يعلى في (مسنده) (ق 147 / 1) . وأما حديث أبي وهب فيأتي بعد حديث . 1177 - (حديث سمرة مرفوعا (لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح ، فإنك تقول : اثم هو فلا يكون ، فيقول : لا) رواه مسلم) . ص 280 صحيح . أخرجه مسلم (6 / 172) والترمذي أيضا (2 / 137) والطحاوي في (المشكل) والبيهقي (9 / 306) و (2 / 303) وأبو داود والطيالسي
[ 408 ]
(893) وأحمد (5 / 7 و 10 و 21) عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب به . وتابعه عمارة بن عمير التيمي عن الربيع به . أخرجه الطحاوي . وخالفهما سلمة بن كهيل فقال : سمعت هلال بن يساف يحدث عن سمرة به . فلم يذكر في إسناده الربيع بن عميلة . وتابعه الركين بن الربيع عن أبيه به دون قوله : (فإنك تقول . . .) وقال : (نافعا) بدل (يحيى) . أخرجه مسلم وابن ماجه (3730) والدارمي (2 / 294) والبيهقي وأحمد (5 / 12) أخرجه الطحاوي والطيالسي (900) . فلعل هلالا سمعه أولا عن الربيع عن سمرة ، ثم لقي سمرة فسمعه منه مباشرة . وقد ذكروا في ترجمته أنه روى عنه . والله أعلم . 1178 - (حديث [ أبي ] (1) وهب الجشمي مرفوعا (تسموا بأسماء الانبياء) . رواه أحمد) . ص 280 . ضعيف . أخرجه أحمد (4 / 345) وكذا أبو داود (4950) والنسائي (2 / 119) والبيهقي من طريق عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال : قال رسول الله (ص) : فذكره . وتمامه : (وأحب الاسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) . قلت : وهذا إسناد ضعيف من أجل عقيل بن شبيب ، قال الذبي : (لا يعرف هو ولا الصحابي الا بهذا الحديث) . (1) سقطت من الاصل . (*)
[ 409 ]
وقال الحافظ : (مجهول) . ولتمام الحديث شاهد مرسل صحيح ، خرجته في (الصحيحة) (1040) (تنبيه) قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (مجموعة الفتاوى) (1 / 379) : (وقد ثبت في (صحيح مسلم) عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي (ص) قال : أحب الاسماء إلى الله عبد الله ، وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة) . وهذا من أوهامه رحمه الله ، فإنه كان يكتب من حفظه ، قلما يراجع كتابا عند ما يكتب ، فإن حديث ابن عمر في (صحيح مسلم) كما قال ، لكن دون قوله : (وأصدقها . . .) الخ . وانما هذه الزيادة في حديث أبى وهب الجشمي هذا ، ولا تصح كما علمت ، فاقتضى التنبيه . 1179 - (حديث عائشة (تطبخ جدولا ولا يكسر لها عظم)) . ص 280 معلول . وسبق بيانه علته وتخريجه عند الحديث (1170) . 1180 - (حديث أبي هريرة مرفوعا (لا فرع ولا عتيره) . متفق عليه) . ص 281 . صحيح . أخرجه البخاري (9 / 515 - فتح) ومسلم (6 / 83) وأبو داود أيضا (2831) والنسائي (2 / 189) والترمذي (1 / 285) والدارمي (2 ك 80) وابن ماجه (3168) والبيهقي (9 / 313) والطيالسي (2298) وأحمد (2 / 229 و 239 و 279 و 490) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عنه به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) .
[ 410 ]
وزاد الشيخان وغيرهما : (قال : والفرع أول النتاج ، كان ينتج لهم ، كانوا يذبحونه لطواغيتهم والعتيرة في رجب) . وقال أحمد : (. . . ذبيحة في رجب) وصرح أن هذا التفسير من قول الزهري . وروى أبو داود (2832) بسند صحيح عن الزهري عن سعيد قال : (الفرع أول النتاج ، وكان ينتج لهم فيذبحونه) . 1181 - (حديث الحارث بن عمرو (1) أنه (لقي رسولي الله (ص) ، في حجة الوداع ، قال : فقال رجل : يا رسول الله ، الفرائع والعتائر ؟ قال : من شاء فرع ومن شاء لم يفرع ، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر ، في الغنم الاضحية) . رواه أحمد والنسائي) . ص 281 ضعيف . أخرجه أحمد (3 / 485) والنسائي (2 / 190) والطحاوي في (المشكل) (1 / 466) والحاكم (4 / 236) والبيهقي (9 / 312) من طريق يحيى بن زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو الباهلي قال : حدثنى أبي عن جدي الحارث بن عمرو به . قلت : وهذا سند ضعيف ، يحيى بن زرارة وابوه ، حالهما مجهولة ، ولم يوثقهما أحد غير ابن حبان ، وهو أشهر من أبيه ، قال ابن القطان : (لا تعرف حاله) . وقال عبد الحق الاشبيلي في (الاحكام الكبرى) (رقم بتحقيقي) : (وزرارة هذا لا يحتج بحديثه) . قال ابن القطان : (يعنى أنه لا يعرف) . قلت : وأما الحاكم فإنه قال : (صحيح الاسناد) ! ووافقه الذهبي ، (1) الاصل (عمرو بن الحارث) وهو خطأ . (*)
[ 411 ]
وأقره الحافظ في (الفتح) (9 / 516) ! لكن يشهد لمعنى الحديث أحاديث أخرى . للاول : عن داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : (وسئل عن الفرع ؟ قال : والفرع حق ، وأن تتركوه حتى يكون بكرا شفزيا (أي غليظا) ابن مخاض ، أو ابن لبون فنعطيه أرملة ، أو تحمل عليه في سبيل الله ، خير من أن تذبحه ، فيلزق لحمه بوبره ، وتكفأ إناءك ، وتوله ناقتك) زاد في رواية : (قال : وسئل عن العتيرة ؟ فقال : العتيرة حق . قال بعض القوم لعمرو ابن شعيب : ما العتيرة ؟ قال : كانوا يذبحون في رجب شاة فيطبخون ويأكلون ويطعمون) . أخرجه أبو داود (2842) والسياق له دون الزيادة والنسائي (2 / 189 - 190) والحاكم (4 / 236) والبيهقي (9 / 312) وأحمد (2 / 182 - 183) والزيادة له وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وانما هو حسن فقط للكلام المعروف في إسناد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . ولم يذكر النسائي في إسناده في هذا الحديث قوله : (عن جده) إنما قال : (عن أبيه وزيد بن أسلم) . فصار الحديث بذلك مرسلا ، والصواب إثباته فقد رواه جماعة من الثقات عن داود بن قيس به . ورواه شعبان عن زيد بن أسلم عن رجل عن ابيه قال : (شهدت النبي (ص) بعرفة ، وسئل . . .) فذكره . أخرجه النسائي .
[ 412 ]
قلت : وهذا موصول لولا أن فيه الرجل الذي لم يسمه . الثاني : عن نبيشة الهذلي قال : (قالوا : يا رسول الله إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية ، فما تأمرنا ؟ قال : اذبحوا لله عزوجل في أي شهر ما كان ، وبروا الله تبارك وتعالى وأطعموا ، قالوا : يا رسول الله انا كنا نفرع في الجاهلية فرعا فما تأمرنا ؟ قال : في كل سائمة فرع ، تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه ، - قال خالد : أراه قال : على ابن السبيل - فإن ذلك هو خير) . أخرجه أبو داود (2830) والنسائي (2 / 190) وابن ماجه (3167) والطحاوي في (مشكل الاثار) (1 / 465) والحاكم (4 / 235) والبيهقي (9 / 311 - 312) وأحمد (5 / 75 و 76) من طرق عن خالد الحذاء عن أبي المليح بن أسامة عنه . غير أن أبا داود أدخل بينهما أبا قلابة . وكلاهما صحيح إن شاء الله تعالى . فقد قال شعبة : عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المليح . قال خالد : وأحسبني قد سمعته عن أبى المليح . وفي رراية : فلقيت أبا المليح ، فسألته ، فحدثني . . . أخرجه أحمد (5 / 76) . والنسائي بالرواية الاخرى . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو قصور منهما فإنه صحيح على شرط الشيخين . وأخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 128 / 2) عن معاوية بن واهب بن سوار ثنا عمي أنيس عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : قلت : فذكره دون قصة الفرع وقال : (تفرد به معاوية بن واهب) . قلت : ولم أعرفه . وهو عن أنس منكر الاسناد . الثالث : عن عائشة قالت :
[ 413 ]
(أمرنا رسول الله (ص) في فرعة من الغنم من الخمسة واحدة) . هكذا أخرجه أحمد (6 / 82) عن وهيب ، وأبو يعلى (15 / 1) عن يحيى ابن سليم والحاكم (4 / 235 - 236) عن حجاج بن محمد : ثنا ابن جريج ثلاثتهم عن ابن خيثم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عنها . وقال الحاكم : ثلاثتهم عن ابن خيثم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عنها . وقال الحاكم : (صحيح الاسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، لكن اضطرب في متنه ، فرواه من ذكرنا هكذا بلفظ : (الخمسة) . ورواه عبد الرزاق انبأ ابن جريج به بلفظ : (خمسين) . أخرجه البيهقى (9 / 312) وقال : (كذا في كتابي ، وفي رواية حجاج بن محمد وغيره عن ابن جريج : في كل خمس واحدة . ورواه حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خيثم قال : من كل خمسين شاة ، شاة) . قلت : ثم ساقه من طريق أبي داود ، وقد أخرجه هذا في سننه (رقم 2833) : حدثنا موسى بن إسماعيل : ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به قلت : ولعل هذا اللفظ (خمسين) هو الارجح لانه يبعد جدا أن يكون في الزكاة من كل أربعين شاة ، وفي الفرع من كل خمس شاة . فتأمل . هذا وقد أفادت هذه الاحاديث مشروعية الفرع ، وهو الذبح أول النتاج على أن يكون لله تعالى ، ومشروعية الذبح في رجب وغيره بدون تمييز وتخصيص لرجب على ما سواه من الاشهر ، فلا تعارض بينها وبين الحديث المتقدم (لا فرع ، ولا عتيرة) ، لانه إنما أبطل (ص) ، به الفرع الذي كان أهل الجاهلية لاصنامهم ، والعتيرة ، وهى الذبيحة التى يخصون بها رجبا . والله أعلم .