الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج8
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني:
سلمان الفارسي حر
تذكير ضروري:
إننا قبل أن ندخل في موضوع تحرر سلمان من الرق، نشير إلى أن هذا البحث قد كتب، بالإضافة إلى بحوث أخرى تتعلق بسلمان، كموضوع التمييز العنصري، الذي عانى منه سلمان كما عانى منه الآخرون، وموضوع بيان السبب في قبوله الإشتراك في الحكم في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، مع أنه يعتبر من المعارضين لخلافة من عدا أمير المؤمنين "عليه السلام"، وموضوعات أخرى.
وقد كتبت هذه البحوث، لتكون جزءاً من هذا الكتاب، ثم رأينا أنها قد أصبحت من السعة بحيث لا مناص من إفرادها، كتأليف مستقل، يمكن الرجوع إليه للراغبين في الاطلاع عليه، فأفردناها في كتاب باسم "سلمان الفارسي في مواجهة التحدي".
ولكننا لم نجد بدَّاً هنا من إيراد الفصل الذي يرتبط بتحرير سلمان من الرق، لأنه يعتبر جزءاً من هذا الكتاب بالذات ولعل الإحالة على ذلك الكتاب فيه لا تخلو من بعض المحاذير.
فرضينا لأنفسنا: أن نقع في محذور إيراد هذا الفصل في كتابين، وهو أمر لم نكن نحب أن يصدر منا؛ من أجل أن نوفر على القارئ معاناة محذور الإحالة على كتاب لربما لا يكون متوفراً لديه: فنقول:
متى تحرر سلمان؟!
ويقولون: إن تحرير سلمان من رق العبودية بصورة كاملة قد كان في أول السنة الخامسة من الهجرة النبوية الشريفة([1]) وذلك قبل وقعة الخندق، التي يرى عدد من المؤرخين: أنها كانت سنة خمس، في ذي القعدة منها([2]).
ولكننا بدورنا نقول: إن ذلك مشكوك فيه من ناحيتين:
الأولى: في تاريخ وقعة الخندق.
الثانية: في تاريخ عتق سلمان.
تاريخ غزوة الخندق:
فأما بالنسبة للناحية الأولى، أعني تاريخ غزوة الخندق، فإننا نقول:
1 ـ لو سلم أنها كانت في السنة الخامسة، فإن مجرد ذلك لا يكفي في تعيين زمان عتقه على النحو المذكور، إذ قد يكون العتق قد تم بعد أُحد بأشهر يسيرة، في السنة الرابعة مثلاً، ثم حضر الخندق بعد ذلك بسنة أو أكثر، أو أقل.
2 ـ لقد جزم البعض بأن الخندق كانت في سنة أربع، وصححه النووي في الروضة، وفي شرحه لصحيح مسلم([3]).
بل لقد قال ولي الدين العراقي عن غزوة الخندق: "المشهور أنها في السنة الرابعة للهجرة"([4]).
وقال عياض: "إن سعد بن معاذ مات إثر غزوة الخندق، من الرمية التي أصابته، وذلك سنة أربع بإجماع أهل السير، إلا شيئاً قاله الواقدي"([5]).
فقوله: "بإجماع أهل السير" يحتمل رجوعه إلى سنة أربع، فيكون قد ادَّعى الإجماع على كون الخندق في سنة أربع، ويحتمل رجوعه إلى موت سعد بن معاذ بعد الخندق، وتكون كلمة: "وذلك سنة أربع" معترضة، ولا تعبر إلا عن رأيه.
ومما يدل على أن الخندق قد كانت سنة أربع:
1 ـ أنهم يذكرون بالنسبة لزيد بن ثابت: أن أباه قتل يوم بعاث وهو ابن ست سنين، وكانت بعاث قبل الهجرة بخمس سنين([6]) وقدم النبي "صلى الله عليه وآله" المدينة وعمر زيد إحدى عشرة سنة([7]).
ثم يقولون: إن أول مشاهد زيد، الخندق([8])، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أجازه يوم الخندق([9]) وهو ابن خمس عشرة سنة([10]).
والخندق إنما كانت في شوال سنة أربع([11]).
ويروى عن زيد قوله: أجازني رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم الخندق، وكساني قبطية([12]).
وعنه: أجزت يوم الخندق، وكانت وقعة بعاث وأنا ابن ست سنين([13]).
وعنه: لم أجز في بدر، ولا في أُحد، وأجزت في الخندق([14]).
وتوفي زيد سنة ثمان وأربعين، وسنه تسع وخمسون سنة([15]).
وقال الواقدي: مات سنة خمس وأربعين وهو ابن ست وخمسين سنة([16]).
وقد استدل النووي، وابن خلدون ـ وربما يظهر ذلك من البخاري ـ على أن غزوة الخندق قد كانت سنة أربع([17]): بأنهم قد أجمعوا على أن حرب أُحد، كانت سنة ثلاث ولم يجز النبي "صلى الله عليه وآله" عبد الله بن عمر أن يشترك فيها؛ لأن عمره كان أربع عشرة سنة، ثم أجازه في وقعة الخندق لأنه كان قد بلغ الخامسة عشرة([18])، فتكون الخندق بعد أحد بسنة واحدة.
وقـد حـاول البعض الإجـابـة على ذلك بطرح بعض الاحتـمالات البعيدة، وقد أجبنـا عنهـا في كتابنـا: "حديث الإفك" ص 96 ـ 99، فليراجعـه من أراد.
ومهما يكن من أمر؛ فإن احتمال أن يكون تحرر سلمان من الرق قد تم قبل السنة الخامسة من الهجرة؛ يصبح على درجة من القوة.
تاريخ الحرية:
وأما بالنسبة لتحديد تاريخ الحرية، فإننا نقول:
إننا نكاد نطمئن إلى أنه قد تحرر في السنة الأولى من الهجرة، بل لقد ورد في بعض الروايات ما يدل على أنه قد أعتق في مكة([19]).
ويدل على تحرره في السنة الأولى:
1 ـ إن روايات عتقه يدل عدد منها على أنه قد أعتق عقيب إسلامه بلا فصل، وهو إنما أسلم ـ أو فقل: أظهر إسلامه ـ في السنة الأولى من الهجرة([20]).
2 ـ قد صرح البعض ـ كتاريخ كزيده ـ بأن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد اشتراه في السنة الأولى من هجرته([21]).
وسيأتي التصريح بذلك عن الشعبي وعن بريدة، وذلك حين الكلام عن كونه من موالي رسول الله "صلى الله عليه وآله".
3 ـ ومما يدل على أن سلمان قد تحرر في أول سني الهجرة:
كتاب النبي ' في مفاداة سلمان:
حيث يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أملى كتاب مفاداة سلمان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وهو ـ والنص لأبي نعيم ـ كما يلي:
هذا ما فادى محمد بن عبد الله، رسول الله، فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي، ثم القرظي، بغرس ثلاثمائة نخلة، وأربعين أوقية ذهب؛ فقد برئ محمد بن عبد الله رسول الله لثمن سلمان الفارسي، وولاؤه لمحمد بن عبد الله رسول الله، وأهل بيته، فليس لأحد على سلمان سبيل.
شهد على ذلك: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وبلال مولى أبي بكر، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.
وكتب علي بن أبي طالب يوم الإثنين في جمادى الأول، مهاجر محمد بن عبد الله رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقد ذكرت بعض المصادر هذا الكتاب من دون ذكر الشهود([22]).
تأملات في الكتاب:
قال الخطيب: "في هذا الحديث نظر، وذلك أن أول مشاهد سلمان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" غزوة الخندق، وكانت في السنة الخامسة من الهجرة، ولو كان يخلص سلمان من الرق في السنة الأولى من الهجرة لم يفته شيء من المغازي مع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وأيضاً، فإن التاريخ بالهجرة لم يكن في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأول من أرخ بها عمر بن الخطاب في خلافته"([23]).
وقال العلامة المحقق الأحمدي: "أما الشهود فإن فيهم أبا ذر الغفاري "رحمه الله" وهو لم يأت المدينة إلا بعد خندق، مع أن صريح الكتاب أن ذلك كان في السنة الأولى من الهجرة. وتوصيف أبي بكر بالصديق يخالف رسوم كتب صدر الإسلام"([24]).
قال هذا "رحمه الله" بعد أن ذكر: أن الخطيب قد تنظر في الكتاب وأنه لم يذكر الشهود. كما وذكر "رحمه الله": أن ابن عساكر والنوري في نفس الرحمن لم يذكرا الشهود أيضاً([25]).
الرد على الشكوك المشار إليها:
ونقول:
إن لنا هنا ملاحظات، سواء بالنسبة لما ذكره الخطيب أو بالنسبة لما ذكره العلامة الأحمدي.
فأما بالنسبة إلى ما ذكره الخطيب فنشير إلى ما يلي:
أولاً: قوله: إن أول مشاهد سلمان الخندق، ينافي ما ورد في الكتاب من أنه قد كوتب في السنة الأولى للهجرة.
هذا القول لا يصح وذلك لما يلي:
1 ـ إن من الممكن أن يتحرر في أول سني الهجرة، ثم لا يشهد أياً من المشاهد، لعذر ما، قد يصل إلينا، وقد لا يصل.
2 ـ إن مكاتبته في السنة الأولى لا تستلزم حصوله على نعمة الحرية فيها مباشرة، إذ قد يتأخر في تأدية مال الكتابة، فتتأخر حريته.
وإن كنا قد ذكرنا آنفاً: أن سلمان لم يكن كذلك، بدليل نفس ما ورد في ذلك الكتاب الآنف الذكر، وأدلة أخرى.
ولكننا نريد أن نقول للخطيب: إن ما ذكرته ليس ظاهر اللزوم في نفسه، ولا يصح النقض به، مجرداً عن أي مثبتات أخرى، كما يريد هو أن يدعيه.
3 ـ إن البعض قد ذكر: أن سلمان قد شهد بدراً وأحداً أيضاً([26]).
وهو الذي يظهر من سليم بن قيس، فقد عد سلمان في جماعة أهل بدر([27]).
ولعل هذا يفسر لنا سبب فرض عمر له خمسة آلاف، الذي هو عطاء أهل بدر([28]).
وقد حاول البعض أن يقول: إن مراد القائلين بحضوره بدراً: أنه حضرها وهو عبد، ومراد القائلين بأنه قد شهد الخندق فما بعدها، ولم يحضر بدراً، أنه لم يحضرها وهو حر([29]).
ونقول:
إن هذا جمع تبرعي، لا يرضى به أولئك، ولا هؤلاء، لأن مدار النفي والإثبات هو أصل الحضور والشهود، من دون نظر إلى الحرية والعبودية، ولذا تجد في بعض العبارات المنقولة التعبير بأن لم يفته مشهد بعد الخندق، فإنه يكاد يكون صريحاً في فوات بعض المشاهد قبل ذلك.
ثانياً: قول الخطيب إن التاريخ الهجري لم يكن في عهد الرسول، وأن عمر بن الخطاب هو أول من أرخ به،
لا يمكن قبوله: فقد أثبتنا في كتابنا هذا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو واضع التاريخ الهجري وقد أرخ به هو نفسه "صلى الله عليه وآله" أكثر من مرة، وهذا الكتاب يصلح دليلاً على ذلك أيضاً.
وأما بالنسبة لكلام العلامة البحاثة الأحمدي، فنحن نشير إلى ما يلي:
أ ـ قوله: إن الخطيب، وابن عساكر، ونفس الرحمن لم يذكروا الشهود، ليس في محله، كما يعلم بالمراجعة.
ب ـ إن ما ذكره حول توصيف أبي بكر بالصديق صحيح، وقد تحدثنا في كتابنا هذا: أن تلقيبه بهذا اللقب لا يصح لا في الإسراء والمعراج، ولا في أول البعثة، ولا في قضية الغار، حسب اختلاف الدعاوى.
وذكرنا هناك: أن الظاهر: هو أن هذا اللقب قد خلع عليه بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" بمدة ليست بالقصيرة.
ونضيف إلى ذلك: أنه إن كان أبو بكر نفسه قد كتب هذه الكلمة على كتاب عتق سلمان، فنقول:
إن من غير المألوف أن يطلق الإنسان على نفسه ألقاب التعظيم والتفخيم، بل إن الإنسان العظيم، الذي يحترم نفسه، يعمد في موارد كهذه إلى إظهار التواضع والعزوف عن الفخامة والأبهة.
وإن كان الآخرون هم الذين أطلقوا عليه لقب "الصديق"، وأضافوه إلى الكتاب من عند أنفسهم، تكرماً وحباً ورغبة في تعظيمه، وتفخيمه.
فذلك يعني: أنهم قد تصرفوا بالكتاب، وأضافوا إليه ما ليس منه، دون أن يتركوا أثراً يدل على تصرفهم هذا، وهو عمل مدان، ومرفوض، إن لم نقل إنه مشين، لا سيما وأنهم أهملوا صديقه عمر بن الخطاب، فلم يصفوه بالفاروق كما أهملوا غيره أيضاً.
ولا يفوتنا التذكير هنا: بأن النوري قد أورد الكتاب في نفس الرحمن عن تاريخ كزيده وليس فيه وصف أبي بكر بـ "الصديق"، بل وصفه بـ "ابن أبي قحافة"، وهو الأنسب، والأوفق لظاهر الحال.
ج ـ وأما قولهم: إن أبا ذر لم يكن قد قدم المدينة حينئذٍ، لأنه إنما قدمها بعد الخندق،
فإننا نقول:
المراد: أنه إنما قدمها مستوطناً لها بعد الخندق، أما قبل ذلك، فلعله قدمها للقاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو لبعض حاجاته، فصادف كتابة هذا الكتاب؛ فشهد عليه، ثم عاد إلى بلاده، وثمة رواية أخرى تشير إلى حضوره([30])، فلتراجع.
د ـ أضف إلى ذلك: أن وصف بلال بأنه مولى أبي بكر، قد يكون من تزيد الرواة أيضاً؛ إذ قد ذكرنا فيما سبق من هذا الكتاب: أن بلالاً لم يكن مولى لأبي بكر.
وأخيراً.. فإن مما يدل على أن الرواة والكتاب قد زادوا شيئاً من عند أنفسهم: إضافة عبارة: "رضي الله عنهم" إلى الشهود؛ إذ لا شك في أن ذلك قد حصل بعد كتابة ذلك الكتاب، بل ويحتمل أن يكون الشهود جميعاً قد أضيفوا بعد ذلك، وإن كان هذا احتمالاً بعيداً جداً.
حديث الحرية بطريقة أخرى:
وقد جاء في بعض الروايات: أن الرق قد شغل سلمان حتى فاته بدر وأحد، حتى قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": كاتب يا سلمان، فكاتب سيده على ثلاث مئة نخلة (وقيل: على مئة وستين فسيلة، وقيل: خمس مئة وقيل: مئة فقط) يحييها له، وأربعين أوقية من ذهب.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أعينوا أخاكم بالنخل.
فأعانه أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" بالخمس والعشر حتى اجتمعت عنده، فأمره "صلى الله عليه وآله" أن يفقّر لها، ولا يضع منها شيئاً حتى يكون النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي يضعها بيده؛ ففعل، فجاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" فغرسها بيده، فحملت من عامها.
وقال "صلى الله عليه وآله": إذا سمعت بشيء قد جاءني فأتني، أغنيك بمثل ما بقي من فديتك، فبينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات يوم في أصحابه، إذ جاء رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما فعل الفارسي المكاتب؟
فدعي له سلمان، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان.
إلى أن تقول الرواية: فأخذها فأوفى منها حقهم كله: أربعين أوقية([31]).
وفي بعض المصادر: أنه بقي منها مثل ما أعطاهم.
وأعتق سلمان، وشهد الخندق ثم لم يفته معه مشهد([32]).
مناقشات لا بد منها:
إننا نشك في بعض ما جاء في هذه الرواية:
1 ـ لأنها تقول: إنه هو الذي كاتب سيده، وأعانه الصحابة على أداء دينه، وأعانه الرسول أيضاً بالذهب.
مع أن صريح كتاب المفاداة: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" هو الذي أدى جميع ما على سلمان، وأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد اشتراه وأعتقه، وأن ولاءه لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته، وقد دلت على ذلك نصوص أخرى أيضاً ستأتي إن شاء الله تعالى.
2 ـ إن كونه قد أعتق في السنة الخامسة، أو الرابعة، مشكوك فيه أيضاً، وقد قدمنا بعض ما يرتبط بذلك، وأنه قد أعتق في أول سني الهجرة.
3 ـ قول الرواية: إنه قد فاته بدر وأحد، قد عرفنا: أنه غير مُسلَّم، فقد قيل: إنه حضرهما أيضاً.
أضف إلى ذلك، أن رواية أبي الشيخ تنص على أنه قد أخبر النبي بأنه قد كاتب سيده فور إسلامه، حين مجيء النبي "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة مباشرة([33]) فراجع.
كما أن القول: بأن الصحابة قد أعانوا النبي "صلى الله عليه وآله" على أداء دينه فيما يرتبط بفداء سلمان هو الآخر لا يصح، إذ قد كان على الراوي أن يقول ذلك، ويصرح به، وكان على النبي "صلى الله عليه وآله": أن يطلب منهم أن يعينوه هو، لا أن يعينوا أخاهم سلمان، كما هو صريح الرواية.
الرواية الأقرب إلى القبول:
ولعل الرواية الأقرب إلى القبول هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قد غرس النوى، وكان علي "عليه السلام" يعينه؛ فكان النوى يخرج فوراً، ويصير نخلاً، ويطعم بصورة إعجازية له "صلى الله عليه وآله" كما ظهرت معجزته "صلى الله عليه وآله" في وزن مقدار أربعين أوقية ذهباً، من حجر صار ذهباً([34])، من مثل البيضة، أو من مثل وزن نواة.
النخلة التي غرسها عمر:
ونجد في بعض المصادر: أن عمر بن الخطاب قد شارك في غرس نخلة واحدة ولكنها لم تعش، فانتزعها النبي "صلى الله عليه وآله" وغرسها بيده، فحملت([35]).
وفي رواية أخرى: أن التي لم تعش كان سلمان هو الذي غرسها([36]).
أما عياض، فلم يسم أحداً، وإن كان قد ذكر غرس غيره أيضاً([37]).
ولعلها كانت فسيلة حاضرة لدى عمر، أو سلمان، فأحب المشاركة في هذا الأمر، فغرسها، ولعله غرس نواة كانت في حوزته، وإن كانت الروايات قد صرحت بالأول لا بالنواة فيتعين ذلك الاحتمال.
وقد حاول البعض الجمع بين الروايتين المشار إليهما، أعني رواية غرس عمر للنخلة التي لم تعش، ورواية غرس سلمان لتلك النخلة:
بأن من الممكن أن يكونا ـ عمر وسلمان ـ قد اشتركا في غرسها، فصح نسبة ذلك لهذا تارة، ولذاك أخرى([38]).
"ويجوز أن يكون كل واحد من سلمان وعمر غرس بيده النخلة، أحدهما قبل الآخر"([39]).
ولنا أن نعلق على ذلك: بأنه بعد نهي النبي "صلى الله عليه وآله" لسلمان عن ذلك؛ فلا يعقل أن يقدم على مخالفة النبي "صلى الله عليه وآله"، وسلمان هو من نعرف في انقياده، والتزامه المطلق بأوامر الله سبحانه ورسوله "صلى الله عليه وآله"، فلا يمكن أن نصدق: أنه قد خالف أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وكيف لم يتدخل في غرس مائتين وتسع وتسعين، وتدخل في خصوص هذا الواحدة دون سواها؟!
هذا بالإضافة إلى صحة سند ما روي عن عمر، وكثرة الناقلين له، وعدم نقل ذلك عن سلمان إلا عند ابن سعد في طبقاته.
وإذا كان الراجح ـ إن لم يكن هو المتعين ـ أن سلمان لم يتدخل في هذا الأمر، ولا خالف النهي المتوجه إليه من قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وإذا كان النهي إنما توجه إلى سلمان، لا إلى عمر، فإن إقدام عمر على هذا الأمر، يصبح أكثر معقولية، وأقرب احتمالاً.
فهو قد أراد أن يجرب حظه في هذا الأمر أيضاً، ولعله يريد إظهار زمالته للرسول "صلى الله عليه وآله"، وهو القائل: "أنا زميل محمد"([40])، فكما أن النخل يثمر على يد رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ فإنه يثمر على يده أيضاً وكما أن الرسول يقوم ببعض الأعمال؛ فإن غيره أيضاً قادر على أن يقوم بها، فليس ثمة فرق كبير فيما بينهم وبينه "صلى الله عليه وآله"، على حد زعمه، أو هكذا خيل له على الأقل.
وأما أنه لماذا لم يغرس سوى نخلة واحدة، فلعله يرجع إلى أنه حين رأى النبي "صلى الله عليه وآله" ينهى سلمان عن أن يغرس شيئاً منها، فإنه قد تردد في ذلك، وحاذر من أن يتعرض لغضب النبي "صلى الله عليه وآله" وإنكاره ثم تشجع أخيراً، وجرب حظه في نخلة واحدة، الأمر الذي تفرد فيه دون سائر الصحابة الآخرين، ولم يقدم عليه لا أبو بكر، ولا غيره. وقد يكون السبب في ذلك هو أنه لم يكن في حوزته سوى هذه النخلة.
ولكن شاءت الإرادة الإلهية: أن يحفظ ناموس النبوة، وأن تخيب كل الطموحات، وتتحطم كل الآمال، التي تريد أن تنال من ذلك الناموس، أو تستفيد منه في مسار انحرافي آخر، لا يلتقي معه، ولا ينتهي إليه، وتجلى هذا اللطف الإلهي في أن النخل قد أثمر كله، سوى هذه، حتى أعاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" غرسها بيده الشريفة من جديد، فظهرت البركات، وتجلت الكرامة الإلهية.
دور خليسة في عتق سلمان:
وقد جاء في بعض روايات عتق سلمان: أنه كان لامرأة اسمها خليسة، كانت قد اشترته، ثم بعد أن أسلم سلمان أرسل إليها رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام"، يقول لها: إما أن تعتقي سلمان وإما أن أعتقه، فإن الحكمة تحرمه عليك.
فقالت له: قل له: إن شئت أعتقه، وإن شئت فهو لك.
قال رسول الله: أعتقيه أنت؛ فأعتقته.
قال: فغرس لها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاث مئة فسيلة.
وفي لفظ آخر قالت: ما شئت.
فقال: أعتقته([41]).
ونقول:
1 ـ إن الرواية التي قدمناها في مكاتبته لمولاه على غرس النخل، حتى تطعم، وعلى أربعين أوقية، وغير ذلك مما دل على أن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد اشتراه، وأعتقه، ينافي ذلك.
2 ـ إن كتاب المفاداة المتقدم ينافي ذلك أيضاً، لأنه كتب باسم عثمان بن الأشهل القرظي:
إلا أن يدَّعى: أن خليسة كانت زوجة لعثمان هذا، أو من أقاربه أو غير ذلك، فلا مانع من كتب الكتاب باسمه نيابة عنها.
ولكن ذلك مجرد احتمال، يحتاج إلى شاهد وعاضد، وهو مفقود.
3 ـ لماذا يأمرها النبي "صلى الله عليه وآله" بعتق سلمان، ولم يأمر غيرها، من الذين كانوا يملكون أرقاء مسلمين؟!([42]).
4 ـ ما معنى قوله: إما أن تعتقيه أنت، أو أعتقه أنا، فهل يريد الرسول "صلى الله عليه وآله" استعمال ولايته في هذا المجال؟!
5 ـ وإذا كانت قد أسلمت قبل أن يرسل إليها هذا الأمر([43])؛ فما معنى قوله: "صلى الله عليه وآله": فإن الحكمة تحرمه عليك؟!
فهل كانت قد تزوجته، وهل يصح تملك المرأة لزوجها؟
أم أنه كان أباً لها؟! أم ماذا؟!
هذا مع أنه حتى لو فرض ذلك، فإنه ينعتق عليها قهراً في الفرض الثاني، وينفسخ النكاح في الفرض الأول.
6 ـ وإذا كانت لم تملكه لأنه كان حراً، وقد ظلموه، فباعوه لها؛ فإن ذلك لو صح أنه كاف في ذلك؛ لمنع من أصل عبوديته؛ فلا حاجة بعد ذلك لعتقه، لا من قبله "صلى الله عليه وآله" ولا من قبلها.
7 ـ وإذا كانت تملكه، ولا بد من عتقه؛ فلماذا لا يشتريه منها؟!
أو لماذا لم تكاتبه هي؟! ولماذا تؤمر بعتقه من الأساس، إلا على سبيل الحث والترغيب في الأجر، لا على سبيل التهديد، وبأسلوب القهر؟!
8 ـ وما معنى التناقض في رواية عتقها له تارة، وعتق النبي "صلى الله عليه وآله" له تارة أخرى؟! بقي علينا أن نعرف:
من الذي حرر سلمان؟
هناك نصوص كثيرة تفيد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي حرر سلمان من الرق.
1 ـ فقد عده كثير من العلماء والمؤرخين من موالي رسول الله "صلى الله عليه وآله"([44]).
2 ـ وعن بريدة: "كان لليهود؛ فاشتراه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكذا وكذا درهماً، وعلى أن يغرس له نخلاً، ويعمل فيها سلمان حتى تطعم، فغرس رسول الله "صلى الله عليه وآله" النخل"([45]).
3 ـ وسئل الشعبي: هل كان سلمان من موالي رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
قال: نعم، أفضلهم. كان مكاتباً؛ فاشتراه، فأعتقه([46]).
4 ـ وقال الخطيب البغدادي: "أدى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتابته، فهو إلى بني هاشم"([47]).
5 ـ وقال المبرد: "وكان "صلى الله عليه وآله" أدى إلى بني قريظة مكاتبة سلمان، فكان سلمان مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال علي بن أبي طالب "عليه السلام": سلمان منا أهل البيت"([48]).
6 ـ وقال أبو عمر: "وقد روي من وجوه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" اشتراه على العتق"([49]).
7 ـ وتقدم كتاب المفاداة، الذي ينص على أن ولاء سلمان هو لمحمد بن عبد الله رسول الله، وأهل بيته، فليس لأحد على سلمان سبيل.
8 ـ وفي مهج الدعوات، في حديث حور الجنة وتحفها، مسنداً عن فاطمة عليها السلام: "فقلت للثالثة: ما اسمك؟
قالت: سلمى.
قلت: ولم سميت سلمى؟
قالت: خلقت أنا لسلمان الفارسي، مولى أبيك رسول الله"([50]).
9 ـ وفي رسالة سلمان إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، كتب له سلمان: من سلمان مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([51]).
10 ـ وروى الحاكم أن علي بن عاصم ذكر في حديث إسلام سلمان: أنه كان عبداً، فلما قدم النبي "صلى الله عليه وآله" المدينة، أتاه، فأسلم فابتاعه النبي "صلى الله عليه وآله" وأعتقه([52]).
11 ـ وفي حديث سلام سلمان على أهل القبور، قال "رحمه الله": سألتكم بالله العظيم، والنبي الكريم إلا أجابني منكم مجيب، فأنا سلمان الفارسي: مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([53]).
12 ـ وعن ابن عباس قال: رأيت سلمان الفارسي "رحمه الله" في منامي، فقلت له: يا سلمان، ألست مولى النبي "صلى الله عليه وآله"؟
قال: بلى، فإذا عليه تاج من ياقوت الخ..([54]).
13 ـ هذا بالإضافة إلى الحديث الذي يقول سلمان في آخره: فأعتقني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسماني سلماناً([55]).
أبو بكر وعتق سلمان:
وبعد كل ما تقدم، فإننا نعرف: أن دعوى: أن أبا بكر قد اشترى سلمان فأعتقه([56]) لا يمكن أن تصح بأي وجه.
ويكفي في ردها حديث كتاب المفاداة المتقدم، بالإضافة إلى النصوص الآنفة الذكر، إلى جانب النصوص الأخرى، التي تدَّعي: أنه قد أعانه الصحابة ورسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى أدى ما عليه من مال الكتابة، وإن كان سيتضح أنها غير خالية عن المناقشة.
لماذا يكذبون؟
ولعل أهمية سلمان، وعظمته وجلالته في المسلمين، قد جعلت البعض يرغبون في أن يجعلوا للشخصيات التي يحترمونها، ويهتمون في حشد الفضائل لها، نصيباً في هذا الرجل الفذ، وفضلاً لها عليه، حتى ولو كان ذلك على حساب كرامات وفضائل رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه، فإن الإغارة على بعض فضائله وكراماته "صلى الله عليه وآله"، ونسبتها إلى غيره، لا تنقص من شأنه ـ بزعمهم ـ شيئاً، إذ يكفيه شرفاً: أنه النبي الهادي لهذه الأمة، وأنه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
كما أن ذلك يمكن أن يكون ردة فعل على تلك الرواية التي لا يجدون دليلاً ملموساً على ردها وتكذيبها، والتي تقول:
إنه أسلم في مكة، وحسن إسلامه، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" شاوره ـ امتحاناً له ـ فيمن يبدأ بدعوته في مكة، فجال سلمان في أهل مكة يخبرهم، ويشيرهم، ويجتمع مع النبي "صلى الله عليه وآله" وأبي طالب لهذا الغرض، ثم أشار بدعوة أبي بكر؛ لأنه معروف بين العرب بتعبير الأحلام، وهم يرون فيه ضرباً من علم الغيب، مع معرفته بتواريخ العرب وأنسابها بالإضافة إلى أنه معلم للصبيان، ويطيعه ويجله من أخذ عنه من فتيانهم، ولكلامه تأثير فيهم؛ فإذا آمن فلسوف يكون لذلك أثره، ولسوف تلين قلوب كثيرة، لا سيما وأن معلمي الصبيان راغبون في الرئاسة، فاستصوب النبي "صلى الله عليه وآله" وأبو طالب ذلك، وشرع سلمان في دلالة الرجل، وإدخاله في الإسلام([57]).
فلعل سلمان ـ كما تدل عليه هذه الرواية، ويظهر من غيرها ـ كان في بدء أمره في مكة وأسلم هناك، ثم انتقل إلى المدينة.
وعن تقدم إسلام سلمان، نجد عدداً من الروايات تشير إلى ذلك([58]) ومن ذلك: أن أعرابياً سأل النبي "صلى الله عليه وآله" عنه قال: أليس كان مجوسياً، ثم أسلم؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": يا أعرابي، أخاطبك عن ربي، وتقاولني؟! إن سلمان ما كان مجوسياً، ولكنه كان مضمراً للإيمان، مظهراً للشرك([59]).
الفصل الثالث:
ولادة الإمام الحسين × وبعض ما قيل حوله
بـدايـة:
إن الحديث عن ولادة سيد شباب أهل الجنة، الإمام الحسين "عليه السلام"، وما رافق ذلك من اهتمام ظاهر من قبل الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" بهذا الوليد المبارك، وأهداف ذلك، وأبعاده، ومراميه لهو حديث محبب للنفوس المؤمنة وتتطلبه عقول ذوي النهى، ما دام أن ذلك يجسد لنا المعاني الحقيقية التي تريد الأسوة والقدوة لنا أن نتلمسها ونتحسسها ونتوصل إليها، ونعيشها.
ولكن بما أن هذا الكتاب قد اتخذ ـ عموماً ـ منحى يغلب عليه طابع التعامل مع النصوص تأكيداً، أو تفنيداً، فقد أصبح طرح حقائق كهذه لا يتلاءم مع أسلوب الكتاب، ولا يناسب توجهه العام.
ولأجل ذلك، فنحن نكتفي في طرحنا لقضية ولادة الحسين "عليه السلام" أيضاً ببعض ما لا يخرجنا عن هذا الاتجاه، ولا يضر بذلك المنحى؛ فنقول:
ولادة الإمام الحسين ×:
وفي السنة الرابعة للهجرة، في الخامس من شعبان، أو لثلاث، أو لأربع، خلون منه، كانت ولادة الإمام الحسين بن علي "عليهما السلام" في المدينة المنورة([60]).
وقيل: ولد في آخر شهر ربيع الأول، سنة ثلاث من الهجرة([61]).
وقال قتادة: إنه "عليه السلام" ولد بعد أخيه الحسن بسنة وعشرة أشهر، لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ([62]).
وقال الجزري تفريعاً على قول قتادة: فولدته لست سنين، وخمسة أشهر ونصف([63]).
وقال الدولابي: ولد لأربع سنين وستة أشهر من الهجرة([64]).
وقيل: ولد سنة سبع، وليس بشيء([65]).
ومن جهة أخرى؛ فقد قيل: لم يكن بينه وبين أخيه إلا الحمل، والحمل ستة أشهر([66]).
وزاد في بعض الروايات قوله: وعشراً([67]).
وقيل: كان أصغر من الحسن بسنة([68]).
وقول آخر: يفيد أنه كان بين ولادة الحسن وولادة الحسين عشرة أشهر وعشرون يوماً([69]).
وفي رواية أخرى: أنها حملت به بعد وضعها الحسن "عليه السلام" بخمسين يوماً([70]).
وفي نص آخر: لم يكن بينهما إلا طهر واحد([71]).
وقال ابن قتيبة: "حملت به بعد أن وضعت الحسن بشهر واحد واثنين وعشرين يوماً، وأرضعته وهي حامل ثم أرضعتهما جميعاً"([72]).
ومن الواضح أنه لا منافاة بين النصوص الأربعة الأخيرة على تقدير كون الحمل به تسعة أشهر، ولكن العسقلاني يقول: "قلت: فإذا كان الحسن ولد في رمضان، وولد الحسين في شعبان، احتمل أن يكون ولدته لتسعة أشهر، ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين"([73]).
ونقول: إن في كلامه بعض المناقشة:
أولاً: إنه مبني على ما يذهبون إليه، من أن النفاس يمكن أن يكون أربعين يوماً، ويكون شهرين وأكثر وأقل وغير ذلك.
أما على ما هو الثابت من مذهب أهل البيت "عليهم السلام"، ويؤيده الواقع، من أن أكثر النفاس عشرة أيام ولا حد لأقله، فلا معنى لاستمرار نفاسها إلى شهرين.
ثانياً: إنه حتى على ما ذكره؛ فإن نفاسها يكون خمسين يوماً، إذا كان حملها قد استمر تسعة أشهر، إلا أن يكون كلامه تقريبياً، ولا تحديد فيه.
ثالثاً: قد ورد في الروايات: أنها "صلوات الله وسلامه عليها" لم تر الدم حين الولادة أصلا ً([74]).
الحلق، والعقيقة، والتسمية:
"ولما ولد "عليه السلام"، أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" به، فجاءه، وأخذه، وأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، واستبشر به "صلى الله عليه وآله"، وسماه "حسيناً" وعق عنه كبشاً، وفي رواية كبشين، وقال لأمه: احلقي رأسه، وتصدقي بوزنه فضة، وافعلي به كما فعلت بأخيه الحسن".
وزاد البعض: وأعطى القابلة رجل العقيقة، وختنه يوم السابع من ولادته.
وزاد آخرون: أنه "صلى الله عليه وآله" حنكه بريقه، وتفل في فمه، ودعا له، وسماه حسيناً، يوم السابع([75]).
وعن عمران بن سليمان، قال: الحسن والحسين من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية([76]).
لا منافاة بين الروايات:
وفي حين نجد بعض الروايات تقول: إن فاطمة "عليها السلام" قد عقت عن الحسنين "عليهما السلام"([77]).
فإننا نجد الروايات المتضافرة الأخرى تفيد: أنه "صلى الله عليه وآله" هو الذي عق عنهما "عليهما السلام"([78]).
كما أن بعض الروايات تفيد: أن فاطمة "عليها السلام" هي التي حلقت رأسيهما يوم سابعهما، وتصدقت بوزن شعرهما فضة([79]).
بينما غيرها يقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه هو الذي تولى ذلك منهما([80]).
ولعله لا منافاة بين جميع ما ذكر، إذ إن الرسول "صلى الله عليه وآله" أمرها بذلك، حسبما صرحت به الروايات، فهي "عليها السلام" قد تولت أمر العقيقة والحلق، والنبي "صلى الله عليه وآله" يكون هو الذي اشترى العقيقة، ودفع الفضة التي تصدقت بها "عليها السلام".
ويمكن أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد شارك الصديقة الطاهرة "عليها السلام" في ذبح الكباش وتوزيعها، كما وشاركها في أمر الحلق أيضاً، فصح نسبة الفعل إليه "صلى الله عليه وآله" تارة، وإليها "صلوات الله وسلامه عليها" أخرى([81]) والله العالم.
اليافعي وثقافته الواسعة:
قال اليافعي: "في رمضان منها (أي سنة ثلاث) ولد الحسن رضوان الله عليه.
قلت: ولم أرهم ذكروا تاريخ ولادة أخيه الحسين رضي الله تعالى عنه، والذي يقتضيه ما ذكروا من تاريخ مدة عمرهما، وزمان وفاتهما: أن يكون ولادة الحسين في السنة الخامسة، والله تعالى أعلم.
ثم وقفت على كلام للإمام القرطبي المالكي يذكر فيه: أنه ولد في شهر شعبان في السنة الرابعة.
فعلى هذا ولد الحسين قبل تمام السنة من ولادة الحسن، ومثل هذا غريب في العادة، نادر الوقوع.
ويؤيد هذا ما وقفت عليه بعد ذلك، ومن نقل الواحدي: أن فاطمة رضي الله تعالى عنها علقت بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة والله أعلم"([82]).
وإنما ذكرنا كلام اليافعي ـ وهو من أعلام القرن الثامن الهجري ويعبر عنه بـ "الإمام" ـ بطوله، ليقف القارئ على سعة اطلاع هذا الرجل، ومعرفته بتاريخ حفيد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأحد سبطيه، وسيد شباب أهل الجنة "صلوات الله وسلامه عليه"، مع أنه هو نفسه يذكر تواريخ دقيقة لكثير من الناس الذين لا شأن ولا منزلة لهم إلا من خلال مواقفهم وعداواتهم لأهل البيت "عليهم السلام".
حملته أمه كرهاً:
وجاء في رواية عن أبي عبد الله "عليه السلام": أنه لما أعلم جبرئيل النبي "صلى الله عليه وآله" بأن أمته ستقتل الحسين "عليه السـلام" ـ وذلك قبل أن يولد "عليه السلام" ـ كرهت فاطمة "عليها السلام" حمله. وحينما وضعته كرهت وضعه، لأنها علمت أنه سيقتل وفيه نزلت:
?وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً?([83]).
زاد في المناقب: ولم يولد مولود لستة أشهر عاش غير عيسى والحسين.
وفي نصوص أخرى: أنها "عليها السلام" رضيت لما أخبرها بأن الإمامة والولاية في ذريته([84]).
وأقول:
1 ـ لا أستطيع أن أؤكد صحة هذا الخبر، ما دمت أرى أنه لا يناسب فاطمة "عليها السـلام" أن تفكر بهذه الطريقة التي تصب في الاتجـاه الشخصي، وأقول: إن فاطمة ترضى ما يرضاه الله سبحانه لها، ولم تكن لتكره عطيته سبحانه، ولا سيما إذا كانت هذه العطية هي الحسين "عليه السلام" سيد شباب أهل الجنة.
2 ـ كما أنني أريد أن أحتمل هنا: أن المقصود أيضاً هو التقليل من كرامة الحسين "عليه السلام" نفسه، حتى إن أقرب الناس إليه وهو أمه لم ترض بحمله، ولا بوضعه، وكان وجوده ثقيلاً عليها.
3 ـ ويمكن أن يناقش في هذه الرواية بأن الآية قد وردت في سورة الأحقاف، وهي مكية([85])، والحسين "عليه السلام" إنما ولد في المدينة.
وقد يمكن دفع ذلك بأمرين:
الأول: بما ورد في بعض الروايات من أنه "صلى الله عليه وآله" كان إذا نزلت آية يقول لهم ضعوها في المكان الفلاني([86]) ويمكن أن تكون هذه الآية نزلت في المدينة، ووضعها الرسول "صلى الله عليه وآله" في سورة مكية، تقدم نزولها، وقد ورد الاستثناء لهذه الآية بخصوصها فراجع المصاحف المطبوعة.
الثاني: إنه يمكن أن يكون قد تكرر نزول هذه الآية بهذه المناسبة، ولذلك نظائر كثيرة([87]) فلا إشكال.
رواية أسماء:
وأما بالنسبة لرواية أسماء بنت عميس لما جرى حين ولادته وأخيه الحسن "عليهما السلام" وحكم بعض المحققين عليها بأنها غير مستقيمة فقد تقدم في المجلد السادس: أن سبب ذلك هو الاشتباه في قراءة كلماتها.
وإن كان في بعض نصوصها شيء من التهافت الناشئ من خلط الرواة بين بنت عميس وغيرها([88]).
وملخص هذه الرواية حسبما جاء في روضة الواعظين:
قالت أسماء بنت عميس: قبلت فاطمة بالحسن والحسين "عليهم السلام"، فلما ولد الحسن "عليه السلام" جاء النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا أسماء (أي وهي غير بنت عميس) هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها النبي "صلى الله عليه وآله" وقال: يا أسماء، ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء؟ فلفته في خرقة بيضاء، ودفعته إليه، فأذن في أذنه اليمنى.
ثم تذكر الرواية تسمية النبي "صلى الله عليه وآله" له، وحلقه رأسه، وتصدقه بزنته ورقاً، وعقه عنه، وطلي رأسه بالخلوق، ثم قال: يا أسماء الدم فعل الجاهلية.
"ولعله لأنهم كانوا في الجاهلية يطلون رأس المولود بالدم، فغيَّر "صلى الله عليه وآله" هذه السنة السيئة".
فلما ولد الحسين، جاء "صلى الله عليه وآله" وقال: يا أسماء "أي وهي غير بنت عميس" هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ووضعه في حجره، وبكى، فقالت أسماء: قلت فداك أبي وأمي مم بكاؤك؟
فقال: على ابني هذا.
قلت: إنه ولد الساعة.
قال: يا أسماء، تقتله الفئة الباغية إلى آخر الرواية([89]).
فأسماء بنت عميس فيها تروي عن أسماء أخرى، ولعلها بنت يزيد الأنصارية.
أما ما روي عن السجاد "عليه السلام"، من أنه قال: لما حان وقت ولادة فاطمة بعث إليها رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسماء بنت عميس وأم أيمن، حتى قرأتا؟ عليها آية الكرسي والمعوذتين([90]).
فهو أيضاً موضع إشكال، لأن بنت عميس كانت مع زوجها جعفر بن أبي طالب في الحبشة، ولم تقدم إلى المدينة إلا عام خيبر.
والظاهر ـ أيضاً ـ : أن كلمة "بنت عميس" مقحمة في هذه الرواية من قبل الرواة أو المؤلفين جرياً على عادتهم وما هو المألوف عندهم، وتكون أسماء هي واحدة أخرى من النساء الصحابيات، بنت يزيد، أو غيرها.
ومما يدل على هذا الإقحام: أننا نجد الدياربكري، راوي الرواية السابقة عن علي بن الحسين "عليه السلام" يروي رواية أخرى عن المحب الطبري، فيقحم فيها من عند نفسه كلمة "بنت عميس" فيقول:
"عن أسماء بنت عميس، قالت: قبلت فاطمة بالحسن؛ فلم أر لها دماً؛ فقلت: يا رسول الله إني لم أر لفاطمة دماً في حيض ولا نفاس؟! فقال "صلى الله عليه وآله": "أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة، لا يرى لها دم في طمث، ولا ولادة أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا"([91]).
فراجعت ذخائر العقبى ص44 فرأيت الرواية نفسها، ولكنها عن أسماء من دون ذكر لعبارة "بنت عميس" فيها.
وهذه هي الرواية الصحيحة، لأن بنت عميس كانت حين ولادة الإمام الحسن "عليه السلام" في الحبشة، لا في المدينة حسبما ألمحنا إليه آنفاً.
وثمة روايات أخرى عن أسماء بنت عميس([92])، والكلام فيها هو الكلام.
أي أننا نحتمل أن يكون لفظ: "بنت عميس" من إقحام الرواة، انطلاقاً مما هو مرتكز في أذهانهم، دون أن يلتفتوا إلى المفارقة المذكورة.
التشريف والتكريم:
هذا وقد روي عن أبي جعفر "عليه السلام"، قال: لما عرج برسول الله "صلى الله عليه وآله"، نزل بالصلاة عشر ركعات: ركعتين، ركعتين، فلما ولد الحسن والحسين، زاد رسول الله سبع ركعات شكراً لله؛ فأجاز الله ذلك([93]).
وقال ابن شهرآشوب: "من كثرة فضلهما، ومحبة النبي إياهما: أنه جعل نوافل المغرب، وهي أربع ركعات، كل ركعتين منهما عند ولادة كل واحد منهما"([94]).
هذا وقد أشرنا في المجلد الرابع من هذا الكتاب في فصل: قضايا وأحداث غير عسكرية إلى موضوع الزيادة في الصلاة فلا نعيد.
ولكننا نشير هنا: إلى أن بعض الروايات تشير إلى أن سبب زيادة الركعتين أمر آخر، وهو إرادة الحفاظ على إتيان الصلاة من قبل المكلفين بصورة معقولة.
وقيل: غير ذلك، فليراجع كتاب الوسائل ج3 باب عدد الفرائض اليومية ونوافلها وجملة من أحكامها.
ولا مانع من كون الداعي إلى ذلك هو كلا الأمرين، كما أن رواية ابن شهرآشوب([95]) لا تنافي الرواية التي قبلها، كما لا تنافي سائر الروايات المبينة لسبب جعل النوافل؛ فإن جعل النافلة عند ولادتهما تشريفاً لهما، لا ينافي أن تكون علة هذا الجعل شيئاً آخر، وذلك ظاهر.
إرضاع الحسين × بلبن قثم لا يصح:
عن أم الفضل بنت الحارث قالت: رأيت فيما يرى النائم: أن عضواً من أعضاء النبي "صلى الله عليه وآله" في بيتي، فقصصتها على النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً، فترضعيه بلبن قثم، فولدت فاطمة غلاماً، فسماه حسيناً، فدفعه إلى أم الفضل، فكانت ترضعه بلبن قثم([96]).
وفي نص أخر: لم يذكر إرضاعها له بلبن قثم، بل اكتفى بأنه "صلى الله عليه وآله" أخبرها بأنه يكون في حجرها، فكان كذلك، وتفصيل القصة يراجع في مصادرها([97]).
ولكننا قد قدمنا في هذا الكتاب، في فصل: شخصيات وأحداث، حينما تحدثنا عن ولادة الإمام الحسن "عليه السلام" ما يلي:
1 ـ إن العباس لم يكن قد هاجر حينئذٍ إلى المدينة، وقد كانت زوجته عنده في مكة، كما هو الظاهر.
2 ـ إننا نجد البعض ينكر أن يكون لقثم صحبة أصلاً.
وأخيراً، فيحتمل أن تكون رواية أم الفضل هذه هي نفس الرواية التي تقدمت في هذا الكتاب في آخر فصل شخصيات وأحداث.
لكن الرواة بسبب عدم نقط الكلمات وتقارب كلمتي الحسن والحسين، قد صحفوا أحدهما بالآخر، ونضيف هنا:
3 ـ إنه قد ورد في بعض الروايات ـ والنص للبحراني ـ أنه: "لم يرضع الحسين "عليه السلام" من فاطمة "عليها السلام"، ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي "صلى الله عليه وآله" فيضع إبهامه في فيه، فيمص منها ما يكفيه، اليومين، والثلاثة، فنبت لحم الحسين من لحم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودمه من دمه"([98]).
وفي نص آخر: أنه كان يؤتى بالحسين؛ فيلقمه لسانه؛ فيمصه؛ فيجتزئ به، ولم يرتضع من أنثى([99]).
وروي عن أبي عبد الله "عليه السلام"، قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأتي مراضع فاطمة؛ فيتفل في أفواههم، ويقول لفاطمة: لا ترضعيهم([100]).
وإن كان ربما يقال: إن هذا لا يدل على أنه لم يرضع من أخريات.
وبعد، فقد تقدم: أن الظاهر هو: أن صاحبة القضية المذكورة، وصاحبة المنام المشار إليه، ليست هي أم الفضل، وإنما هي أم أيمن([101])، حسبما جاء في بعض الروايات، وأشرنا إليه في جزء سابق حين الكلام حول ولادة الحسن "عليه السلام".
أوهام لأبي نعيم:
عن هارون عن عبد الله قال: سمعت أبا نعيم يقول: "قتل الحسين على رأس سنة ستين، يوم السبت؛ يوم عاشوراء، وقتل وهو ابن خمس وستين، أو ست وستين".
وفي هذه الرواية وهم من جهتين؛ في القتل، والمولد.
فأما مولد الحسين؛ فإنه كان بينه وبين أخيه الحسن طهر. وولد الحسن للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
وأما الوهم في تاريخ موته، فأجمع أهل التاريخ: أنه قتل في المحرم، سنة إحدى وستين، إلا هشام ابن الكلبي، فإنه قال: سنة اثنتين وستين، وهو وهم أيضاً"([102]).
ونزيد نحن في توضيح ذلك: أن معنى كلام أبي نعيم هو: أن الإمام الحسين "عليه السلام"، قد ولد قبل الهجرة بست سنين، مع أن علياً قد تزوج بالزهراء "عليهما السلام" بعد الهجرة، وولدت له الحسن "عليه السلام" في سنة ثلاث.
أضف إلى ذلك: أن أبا الفرج يقول: "إن الأصح هو: أنه "عليه السلام" قد استشهد يوم الجمعة، لا يوم السبت"([103]).
ويقول عن القول بأنه استشهد يوم الإثنين: إنه: "لا أصل له، ولا حقيقة، ولا وردت فيه رواية"([104]).
رواية أخرى لا تصح:
قال أبو الفرج: "وروى سفيان الثوري عن جعفر بن محمد: أن الحسين بن علي قتل وله ثمان وخمسون سنة، وأن الحسن كذلك كانت سنوّه يوم مات، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين، وأبو جعفر محمد بن علي"([105]).
قال سفيان: "وقال لي جعفر بن محمد: وأنا بهذا السن في ثمان وخمسين سنة، فتوفي فيها رحمة الله عليه"([106]).
قال أبو الفرج: "وهذا وهم، لأن الحسن ولد سنة ثلاث من الهجرة، وتوفي في سنة إحدى وخمسين، ولا خلاف في ذلك، وسنه على هذا ثمان وأربعون سنة، أو نحوها"([107]).
ونقول:
أولاً: قول أبي الفرج عن الإمام الحسن "عليه السلام": إنه "توفي سنة إحدى وخمسين، ولا خلاف في ذلك" محل نظر، إذ إن كثيرين يقولون: إنه "عليه السلام" قد توفي في سنة تسع وأربعين، وقيل: في سنة خمسين، وقيل: في سنة ثمان وأربعين، وقيل: غير ذلك([108]).
وبالنسبة لسن السجاد والباقر "عليهما السلام"، فهو أيضاً ليس على حسب ما جاء في الرواية، فليراجع البحار والكافي، وغير ذلك من المصادر المشار إليها في الهامش على الفقرة السابقة.
ثانياً: بالنسبة للمدة التي عاشها الإمام الصادق "عليه السلام"، فالمقل يقول: إنه "عليه السلام" قد عاش ثلاثاً وستين سنة، والأكثر على أنه عاش خمساً وستين، وقيل أكثر من ذلك([109]).
اشتباهات حسابية:
وهذه الاشتباهات كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ قال المقدسي: "قتل الحسين "عليه السلام" سنة إحدى وستين من الهجرة، يوم عاشوراء، وهو يوم الجمعة، وكان قد بلغ من السن ثمانياً وخمسين سنة"([110]).
وقال في موضع آخر: "قتل يوم عاشوراء سنة اثنتين وستين"([111]). والتنافي بين هذين القولين ظاهر.
كما أنه بعد ذكره: أن الحسن "عليه السلام" قد توفي سنة سبع وأربعين([112]) ذكر: "أن الحسين "عليه السلام" قد قتل سنة اثنتين وستين، بعد الحسن بسبع عشرة سنة"([113])، مع أن ما بين سبع وأربعين واثنتين وستين هو خمس عشرة سنة لا أكثر.
وفي مورد آخر يذكر: أن الحسين "عليه السلام" قد ولد بعد الحسن بعشرة أشهر أي في السنة الرابعة([114])، ثم يذكر: أنه استشهد سنة إحدى وستين وعمره ثمان وخمسون سنة. مع أن عمره يكون سبعاً وخمسين سنة.
إلا أن يكون قد أضاف أشهراً يسيرة على العمر الصحيح، الذي هو سبع وخمسون سنة وأشهر.
كما أنه تارة يذكر: أن الحسين "عليه السلام" قد ولد بعد الحسن "عليه السلام" بعشرة أشهر وعشرين يوماً، وأن الحسن قد ولد في السنة الثالثة.
وتارة يذكر: أن الحسين "عليه السلام" قد ولد بعد الهجرة بسنتين([115]).
2 ـ ويصرح ابن الوردي، وغيره: بأن الحسين "عليه السلام" قد ولد سنة أربع([116]) وتوفي سنة إحدى وستين.
ولكنه يغلط بالحساب، فيقول: "والصحيح: أن عمره رضي الله عنه وعنا بهم: خمس وخمسون سنة وأشهر"([117]).
3 ـ وقال الحافظ عبد العزيز: ولد في شعبان سنة أربع، وقتل يوم عاشوراء، سنة إحدى وستين، وهو ابن خمس وخمسين سنة وستة أشهر([118]).
والخطأ في حساب سني عمره الشريف واضح، والصحيح: أن عمره سبع وخمسون سنة وأشهر.
4 ـ أما الشيخ المفيد "رحمه الله" تعالى، فإنه ذكر أن ولادته "عليه السلام" كانت في شعبان سنة أربع ووفاته في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وعمره ثمان وخمسون سنة([119]).
وقد قدمنا: أن الصواب هو أن عمره سبع وخمسون سنة وأشهر، ولعله "رحمه الله" لم يعتن بهذه الأشهر الباقية، فأطلق حكمه ذاك على سبيل التسامح.
الفصل الرابع:
عبرة ومناسبة
بـدايـة:
نتحدث في هذا الفصل عن وفيات بعض الأشخاص الذين عاشوا في زمن النبي "صلى الله عليه وآله"، وذلك انطلاقاً من المبررات التي ألمحنا إليها في بداية الفصل السابق.
ولكننا نشير هنا إلى أننا سوف نجعل ذلك أيضاً ذريعة إلى التعرض لأمور أخرى ترتبط بهؤلاء الأشخاص من قريب أو من بعيد، من أجل أن نسجل تحفظاً، أو ننوه بما ينبغي التنويه به، والتنبيه إليه، فنقول:
1 ـ عبد الله بن عثمان:
فإنهم يقولون: إن عبد الله بن عثمان بن عفان، سبط رسول الله، حيث إن أمه هي رقية بنت النبي "صلى الله عليه وآله"([120])، قد توفي في جمادى الأولى، من السنة الرابعة([121]).
وكان قد ولد في الإسلام في الحبشة؛ فبلغ ست سنين؛ فنقره ديك في عينه؛ فمرض فمات([122]).
وحين دفن دخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبره([123]).
ونحن نشك في أكثر ما تقدم، ونذكر ذلك ضمن النقاط التالية:
عبد الله بن عثمان سبط الرسول '!!
في قولهم: إن عبد الله بن عثمان كان سبط رسول الله "صلى الله عليه وآله".
نقول: قد تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب شكنا في كون زوجتي عثمان كانتا بنتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقلنا: إن الظاهر هو أنهما كانتا ربيبتيه؛ فراجع.
سماه النبي '!
إننا لا ننكر أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" كان يؤتى بأولاد الصحابة يسميهم، ويبرّك عليهم حين ولادتهم، وقد حفظ التاريخ لنا وقائع كثيرة من هذا القبيل([124]).
ولكن قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي سمى ابن عثمان ب "عبد الله"([125]) غير ظاهر الوجه، بعد أن كان قد ولد في الحبشة، فهل يعقل أن يبقى طفل هذه المدة الطويلة، التي تصل إلى سنوات من دون تسمية!!
أضف إلى ذلك: أن ظاهر بل صريح كلام مصعب الزبيري، والزهري، وأم عباس "أو عياش" التي يقال: إنها مولاة رقية هو: أن عثمان نفسه هو الذي سمى ولده([126]).
إلا أن يدَّعى: أنهم قد سموه أولاً، ثم لما قدموا المدينة، ورآه رسول الله "صلى الله عليه وآله" جدد له التسمية.
ولكن ذلك يبقى مجرد احتمال لا دليل عليه، وليس ثمة ما يؤيده.
ولعل الهدف هو جعله في مستوى سيدي شباب أهل الجنة، اللذين سماهما النبي "صلى الله عليه وآله"، ولا أقل من أن لا يكون ذلك مختصاً بهما "عليهما السلام".
وفاة عبد الله:
قولهم: إن عبد الله قد توفي في السنة الرابعة، يقابله قول أبي سعد النيسابوري في كتاب شرف المصطفى: أنه مات قبل أمه بسنة، فيكون قد مات في أول سني الهجرة([127]).
وذكر الدولابي: "أنه مات وهو رضيع"([128]).
دخول النبي ' قبر ابن عثمان:
قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد دخل قبره ينافيه قولهم: إن عثمان هو الذي دخل قبره([129]).
إلا أن يقال: يمكن أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" وعثمان أيضاً قد دخلا حفرته.
ولكنه احتمال بعيد، إذ قد كان على ناقل دخول عثمان أن ينبه على دخول النبي أيضاً، لأن ذلك شرف عظيم لا يهمل ذكره ليذكر ما لا شرف فيه، مع توفر الدواعي على تكريس الفضائل والكرامات لعثمان، وكل من يلوذ به.
بل قولهم: "صلى عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ونزل في حفرته أبوه عثمان"([130]) يأبى عن هذا التوجيه إن لم يكن ظاهراً في ضده ونقيضه.
ابن عثمان حقيقة أم خيال؟
وأخيراً، فنحن نشك في أصل وجود هذا الطفل، فضلاً عن كل تلك الادعاءات.
قال قتادة: "لم تلد رقية لعثمان"([131]).
وعلقوا على ذلك بقولهم: "وهو غلط، والأصح ما تقدم وإنما أختها أم كلثوم لم تلد له"([132]).
لكن الحقيقة هي: أن قتادة التابعي القريب العهد من عصر النبوة، والذي يأخذ علمه عن الصحابة الشاهدين للأحداث مباشرة، قتادة هذا لا بد أن يكون أعرف بهذا الأمر من الدياربكري وغيره.
ويكفي أن يكون قول قتادة هذا موجباً للشك والشبهة في هذا الأمر الخطير، لا سيما ونحن نعلم: أن هناك من يهتم بصياغة الفضائل والمناقب لعثمان، كما أشرنا إليه غير مرة.
التناقض والاختلاف:
هذا كله، بالإضافة إلى ما تقدم من الاختلاف الفاحش في المدة التي عاشها بين أن تكون ست سنين، ثم مات، أو أنه مات وهو رضيع.
2 ـ زينب بنت خزيمة:
قد أشرنا فيما سبق: إلى وفاة زينب بنت خزيمة، وذلك حين الكلام عن زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بها، ولكنها كانت إشارة عابرة وسريعة، فآثرنا هنا أن نذكر ذلك بنحو أكمل وأتم، فنقول:
إنهم يقولون: إن زينب بنت خزيمة، بنت الحارث الهلالية، قد تزوجها النبي "صلى الله عليه وآله" في سنة ثلاث، فلبثت عنده "صلى الله عليه وآله" شهرين، أو ثلاثة، ثم توفيت، ودفنت في البقيع، ذكره الفضائلي، والذهبي.
وعند الدياربكري: أنها مكثت عنده "صلى الله عليه وآله" ثمانية أشهر، ذكره الفضائلي.
وقال البلاذري: أقامت عند النبي "صلى الله عليه وآله" ثمانية أشهر، تزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، وماتت في آخر ربيع الأول سنة أربع: ودفنها في البقيع.
وكانت أولاً تحت عبد الله بن جحش، قتل عنها يوم أُحد، كما قال ابن شهاب، قال في المواهب: وهو أصح.
وقال قتادة: كانت قبله "صلى الله عليه وآله" عند الطفيل بن الحارث.
وقال أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني النسابة: كانت عند الطفيل بن الحارث، ثم خلف عليها عبيدة بن الحارث.
قال: وكانت زينب أخت ميمونة، لأمها.
قال أبو عمر: ولم أر ذلك لغيره.
ويقال: إنها كانت تدعى في الجاهلية بأم المساكين، ونزل في قبرها إخوتها.
وكان سنها يوم ماتت ثلاثين سنة، أو نحوها([133]).
تأييد قول الجرجاني:
ونقول: إن الظاهر: أن الصحيح هو قول الجرجاني النسابة، ويؤيده ما ذكره ابن سعد وغيره، من أن الطفيل بن الحارث طلقها، فخلف عليها أخوه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فقتل عنها يوم بدر([134]).
من اشتباه الأسماء:
وأما ما قاله الزهري، وتبعه غيره، من أنها كانت تحت عبد الله بن جحش، فقد قال التستري:
"لعل الأصل في قول كونها عند عبد الله بن جحش، خلطها بأم حبيبة، فإنها كانت قبل النبي "صلى الله عليه وآله" عند عبد الله بن جحش، والله العالم"([135]).
ولكننا لم نفهم المبرر لهذا الخلط، ولا سيما من الزهري، فهل هو اشتباه نسخ الكتاب الذي قرأ ذلك فيه، أم أن الرواة خلطوا في سماعهم لفظ: أم حبيبة، فسمعوه: بنت خزيمة!!.
كل ذلك بعيد عن الاحتمال المقبول، والمرضي، ولعل دعوى الخلط بين عبد الله بن جحش، وعبد الله بن الحارث أقرب إلى الاعتبار، بملاحظة ما بينهما من الاتفاق والتقارب في اللفظ لو كان ثمة خلط حقيقة.
أسرعكن لحوقاً بي:
قال ابن الأثير: "ذكر ابن مندة في ترجمتها قول النبي "صلى الله عليه وآله": "أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً" فكان نساء النبي "صلى الله عليه وآله" يتذارعن، أيتهن أطول يداً، فلما توفيت زينب علمن أنها كانت أطولهن يداً في الخير".
قال: "وهذا عندي وهم، فإنه "صلى الله عليه وآله" قال: أسرعكن لحوقاً بي، وهذه سبقته، إنما أراد: أول نسائه تموت بعد وفاته، وقد تقدم في زينب بنت جحش، وهو بها أشبه، لأنها كانت أيضاً كثيرة الصدقة من عمل يدها، وهي أول نسائه توفيت بعده"([136]).
ونضيف نحن إلى ذلك: أن من غير المعقول أن يقول النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" كلاماً مبهماً لا يفهم المقصود منه، حتى لقد صدر منهن ما يوجب الضحك والسخرية، وهو أنهن صرن يتذارعن ليرين أيهن أطول يداً؛ لأنه "صلى الله عليه وآله" حين قال لهن ذلك، إنما أراد به حثهن على المسابقة في الصدقات وعمل الخير، وهذا هو اللائق بشأنه "صلى الله عليه وآله"، والمتوافق مع أهدافه ومراميه.
فالحق هو أنها زينب بنت جحش، كما قالوا.
ولا نرى أن قولهم: كان نساء النبي "صلى الله عليه وآله" يتذارعن، يصح بوجه، ولا مبرر له.
3 ـ فاطمة بنت أسد:
وقد كانت فاطمة بنت أسد امرأة صالحة، وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يزورها، ويقيل في بيتها([137]).
وهي أول امرأة بايعت النبي "صلى الله عليه وآله" بمكة بعد خديجة([138]).
قال ابن عباس: "وفيها نزلت: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ?"([139]).
وأول امرأة هاجرت إلى النبي "صلى الله عليه وآله" من مكة إلى المدينة على قدميها ماشية حافية([140]).
وكانت حادية عشرة، يعني في السابقة إلى الإسلام، وكانت بدرية([141]).
وحينما حضرتها الوفاة أوصت إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقبل وصيتها([142]).
وتوفيت في السنة الرابعة من الهجرة، وصلى عليها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتولى دفنها، ونزع قميصه وألبسها إياه، واضطجع معها في قبرها، وقرأ فيه القرآن، وأحسن الثناء عليها.
فلما سوى عليها التراب سئل عن سبب فعله ذلك، فقال: ألبستها لتلبس من ثياب الجنة، واضطجعت معها في قبرها لأخفف عنها ضغطة القبر، إنها كانت أحسن خلق الله صنعاً بي بعد أبي طالب.
وعند السمهودي أنه "صلى الله عليه وآله" نزع قميصه وأمر أن تكفن فيه، وأنه "صلى الله عليه وآله" صلى عليها عند قبرها وكبر عليها تسعاً وأنه "صلى الله عليه وآله" حفر اللحد بيده وأخرج ترابه بيده.
وأضاف السلفي: أنه "صلى الله عليه وآله" تمرغ في قبرها وبكى، وقال: جزاك الله من أم خيراً، لقد كانت خير أم، وكانت ربت النبي "صلى الله عليه وآله"([143]).
وأضاف الكليني: أنه "صلى الله عليه وآله" حمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل حتى أوردها قبرها، وأخذها على يديه، ووضعها فيه، وانكب عليها طويلاً يناجيها ولقنها ما تسأل عنه، حتى إمامة ولدها علي "عليه السلام".
وحينما سئل عن ذلك قال: "اليوم فقدت بر أبي طالب، إن كانت لتكون عندها الشيء؛ فتؤثرني به على نفسها وولدها إلى آخر ما قال "صلى الله عليه وآله وسلم"([144]).
وعند الكليني: أنه هو نفسه "صلى الله عليه وآله" قد قال للمسلمين:
"إذا رأيتموني قد فعلت شيئاً لم أفعله قبل ذلك؛ فسلوني: لم فعلته"([145]).
وعند السمهودي: أن قبرها حفر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة([146]).
ودفنت رحمها الله تعالى في البقيع، ودفن الحسن عندها كما نص عليه المفيد وغيره([147]).
ولكن أبا الفرج يقول: إنها دفنت في الروحاء مقابل حمام أبي قطيفة([148])، ولم نفهم المبرر لدفنها هناك، لو صح ذلك.
ووصية الإمام الحسن "عليه السلام" بدفنه عندها، ثم دفنه في البقيع تدل على خلاف ذلك، والحسنان "عليهما السلام" أعرف بقبر جدتهما من غيرهما.
وأخيراً، فقد قيل: إنها توفيت في مكة قبل الهجرة، قالوا: وليس بشيء، واستدلوا على ذلك بأن علياً "عليه السلام" قال لها: إكف فاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" سقاية الماء و تكفيك الداخل والطحن والعجن([149]).
ونضيف نحن إلى ذلك:
ما روي عن علي "عليه السلام" أنه قال: إنه أهدي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" حلة استبرق، فقال: اجعلها خُمراً بين الفواطم، فشققتها أربعة أخمرة، خماراً لفاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وخماراً لفاطمة بنت أسد، وخماراً لفاطمة بنت حمزة، ولم يذكر الرابعة، قال ابن حجر "قلت" ولعلها امرأة عقيل الآتية([150]).
التوازن والتكريم:
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" حينما أراد أن يقوم ببعض الأعمال، ويتخذ بعض المواقف تجاه فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، يقول للمسلمين: "إذا رأيتموني قد فعلت شيئاً لم أفعله قبل ذلك؛ فسلوني: لم فعلته"؟.
ونرى: أنه "صلى الله عليه وآله" يهدف من وراء ذلك إلى تركيز أمرين اثنين لهما أهمية فائقة:
أولهما: الإشارة إلى أن أهم شيء تقوم عليه التربية الإلهية لهذا الإنسان هو: إقرار حالة من التوازن بين ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان المسلم من لزوم التعبد والتسليم والانقياد لله وللرسول "صلى الله عليه وآله" ولكل ما هو شرع ودين، عملاً بقوله تعالى: ?وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا?([151]).
وقوله تعالى: ?أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ?([152]). والآيات الآمرة بهذه الإطاعة كثيرة.
وبين أن يبقى العقل والفكر طليقاً يمارس حقه الطبيعي في التأمل، والتدبر والاستنتاج، وإصدار الأحكام، وفقاً للمعايير الصحيحة والسليمة، التي يقبلها العقل وأقرها الشرع حتى إذا ما واجه هذا الإنسان أحياناً مشكلة على مستوى الفهم والنظر والتأمل، فإن عليه أن يبحث، ومن حقه أن يسأل ويستوضح.
ذلك: أن التسليم والتعبد والانقياد لا يتنافى مع هذا الفكر والعقل والفهم، والإدراك الوجداني. وإنما هو ملازم له، وبحاجة إليه في نظر الإسلام.
فالإسلام لا يريد لهذا الإنسان أن يعيش حالة الكبت والقهر، وسلب الاختيار ثم الجمود، ليكون ـ من ثم ـ آلة بلهاء، لا حياة فيها، ولا حركة. وإنما يريده حراً، مختاراً طليقاً، يزخر بالحيوية، ويجيش بالحركة والتطلع والتوثب، يتفاعل مع ما يحيط به، ويعي ما يدور حوله، ويفهمه، ويعيشه بروحه، وعقله، وبوجدانه، وعاطفته، وبكل وجوده.
وذلك من أجل أن يجد السبيل إلى أن يتكامل به ومعه، ويستوعب خصائصه الإنسانية ولينسجم ـ من ثم ـ مع نفسه، وفكره، ومع وجدانه وفطرته.
والإسلام يرى في الفكر والعقل، وفي الفطرة أيضاً خير نصير ومعين له في مجال تحقيق أهدافه، حيث إن ذلك يسهم في تجلي عظمته، ويظهر مزاياه الفريدة، وخصائصه الكريمة والمجيدة.
وقد اهتم القرآن والحديث عن النبي "صلى الله عليه وآله" وعن المعصومين من أهل بيته الطاهرين "صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين" كثيراً في التركيز على الدور الطليعي والرائد للعقل وللفكر، وللنظر وللتدبر، وذم التقليد والانقياد الأعمى، ولا نرى حاجة لإيراد الشواهد على ذلك؛ فإن ذلك أظهر من النار على المنار، وأجلى من الشمس في رابعة النهار.
والعبارة المتقدمة عنه "صلى الله عليه وآله" ليست إلا واحداً من الشواهد الكثيرة على اهتمام النبي "صلى الله عليه وآله" بإثارة دفائن العقول، وتحريكها نحو الفهم والفكر، والتعقل والتدبر، ليصبح التعبد والانقياد مرتكزاً على أساسه القوي المتين، ومستنداً إلى ركنه الشديد الوثيق.
ويشبه ما نقرؤه عن النبي "صلى الله عليه وآله" هنا ما نقرؤه عن سبطه ووصيه ووارثه الإمام الرضا "عليه السلام"، حينما سأله الحسين بن خالد عن نقش خاتم جده أمير المؤمنين علي "عليه السلام" فقال له: "ولم لم تسألني عما كان قبله"؟!
ثم يذكر له خواتيم الأنبياء السابقين "عليهم الصلاة والسلام"([153]).
وفي مورد آخر، نجد الأصبغ بن نباتة يروي عن علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، أنه قال: "ما من شيء تطلبونه إلا وهو في القرآن؛ فمن أراد ذلك؛ فليسألني عنه"([154]).
نعم، وقد أثرت هذه التربية الإلهية في شيعة أهل البيت "عليهم السلام" وبلغت حداً فريداً من نوعه، حتى لنجد زرارة ذلك الرجل العالم التقي يواجه إمامه الإمام الباقر "عليه السلام" الذي يعتقد عصمته، وأن قوله قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" يواجهه بسؤال: "من أين علمت وقلت: إن المسح ببعض الرأس، وبعض الرجلين؟ فضحك، ثم قال: يا زرارة، قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ونزل به الكتاب من الله (ثم يذكر له آية الوضوء وغير ذلك من استدلالات لا مجال لذكرها هنا)"([155]).
وكتاب علل الشرايع للشيخ الصدوق لخير دليل على مدى اهتمامهم "عليهم السلام" بإيراد علل الأحكام للسائلين عنها، وتفهيمهم إياها بالصورة المقبولة والمعقولة، وذلك لما أشرنا إليه.
أضف إلى ذلك: أنهم "عليهم السلام" كانوا يعلمون شيعتهم كيفية استنباط المعاني والأحكام من أدلتها ومصادرها، وذكر شواهد ذلك له مجال آخر([156]).
ثانيهما: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أراد بوصيته للمسلمين بسؤاله عما يفعل في هذه المناسبة أن يفهمهم، وكل من يصل إليه نبأ هذه الواقعة: أن الإسلام يحفظ للمحسن إحسانه، ولا يبخسه منه شيئاً، حيث لا يضيع عند الله عمل عامل من ذكر أو أنثى.
ولكنه في حين يريد: أن يعلن أن هذه المرأة الصالحة قد أعطت وقدمت من التضحيات في سبيل الله سبحانه وتعالى ما يجعلها مؤهلة للتكريم والتقدير، والمعاملة المتميزة وعلى المستوى الأعلى، وبالذات من قبل أفضل الخلق، وخاتم الأنبياء محمد "صلى الله عليه وآله"،
إنه في حين يريد أن يعلن ذلك لسبب أو لآخر نجده يختار لهذا التكريم والتقدير، ولهذه المعاملة المتميزة اتجاهاً لم نعهده من غيره في مجالات كهذه على الإطلاق.
فلقد كان هذا التكريم لا يهدف إلى المكافأة الدنيوية، التي ليس فقط يكون مصيرها ـ كسائر حالات الدنيا وشؤونها ـ إلى الزوال والفناء.
وإنما هي قد تضر بحال من تكون له أو لأجله، نفسياً وروحياً ـ على الأقل، حينما يأخذ العجب والغرور، والإحساس بالتميز بالنسبة لغيره من إخوانه وأقرانه ـ وأقل ما يقال في ذلك: إنه من الأدواء الخطيرة والمرعبة، ولا أخطر من ذلك ولا أدهى.
وإنما اتخذت تلك المكافأة وذلك التكريم منحى أكثر واقعية، وأعظم نفعاً، وأبعد عن مزالق الخطر، ومخاطر الأدواء، حيث ألبسها قميصه لتكسى من حلل الجنة، واضطجع في قبرها لتهون عليها ضغطة القبر.
وهذا في الحقيقة هو محض الخير، ومنتهى الإحسان، وغاية النعمة حيث تحس به الروح الإنسانية إحساساً حقيقياً وواقعياً، وعميقاً، حينما يمكن للروح أن تتلقاه عن طريق العقل بكل ما له من شفافية وطهر وصفاء لم يتكدر صفاؤه، ولا تأثر طهره بأعراض الحياة الدنيا وزخارفها، ولا خفف من درجة الإحساس به حجب الشهوات والأهواء، ولا الانصراف ولا الانشغال بشواغل وصوارف اللهو واللعب. كما قال تعالى: ?اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلهَوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهَ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ?([157]).
وما ذلك إلا لأن الدار الأخرة هي التي يتاح للإنسان فيها: أن يعيشها بكل خصائصه الإنسانية، وبكامل قدراته الحياتية، وهي التي يجد الإنسان فيها حقيقته، ويدرك واقعه كإنسان، وكإنسان فقط.
?وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ?([158]).
4 ـ وفاة عمرة بنت مسعود (أم سعد):
وفي السنة الخامسة في ربيع الأول منها، في غياب النبي "صلى الله عليه وآله" إلى غزوة دومة الجندل توفيت عمرة بنت مسعود، أم سعد بن عبادة، وكان ولدها سعد غائباً مع النبي "صلى الله عليه وآله" أيضاً وكانت من المبايعات.
وقالوا: إنه لما رجع النبي "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة أتى قبرها، فصلى عليها وذلك بعد أشهر من موتها([159]). و قد تقدم الحديث عن ذلك فلا نعيد.
5 ـ وفاة أبي سلمة:
ويقال: إن أبا سلمة، عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، ابن عمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ لأن أمه هي: برة بنت عبد المطلب([160]) ـ إن أبا سلمة هذا ـ قد توفي في السنة الرابعة كما سيأتي.
وكان قد أسلم "رحمه الله"، بعد عشرة أنفس، وكان الحادي عشر، قاله ابن إسحاق([161]).
وكان قد شهد "بدراً، وأحداً، وجرح فيها، جرحه أبو أسامة الجشمي، رماه بمعبلة([162]) في عضده؛ فمكث شهراً يداوي جرحه فبرئ فيما يرى، وقد اندمل الجرح على بغي لا يعرفه؛ فبعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على رأس خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة في سرية إلى بني أسد، بقطن، فغاب بضع عشرة ليلة، ثم قدم المدينة، فانتقض به الجرح، فاشتكى ثم مات لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة"([163]).
وإذاً.. فقد كانت وفاته في أوائل السنة الرابعة([164])، ونسب ذلك إلى الجمهور.
وقيل: توفي "رحمه الله" في سنة ثلاث، في جمادى الآخرة ونقل هذا عن أبي عمر أيضاً([165]).
وفي نقل آخر عن أبي عمر، وابن مندة: أنه توفي سنة اثنتين([166]).
فيقع التنافي بين كلامي أبي عمر في نفس الكتاب.
وقد قدمنا في الجزء السادس: أن الأقرب هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تزوج بأم سلمة في السنة الثانية، ومعنى ذلك أن زوجها الأول، وهو أبو سلمة كان قد مات قبل ذلك.
وذلك يدل على: أن سرية قطن قد كانت في السنة الثانية أيضاً.
ومهما يكن من أمر، فقد حضر النبي "صلى الله عليه وآله" موت أبي سلمة، وأغمضه بيده([167])، كان قد أتاه ليعوده، فصادف خروج نفسه([168]) فضج ناس من أهله، فقال "صلى الله عليه وآله": لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمّنون.
ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا، وله يا رب العالمين([169]).
"فغسل من (اليسيرة)، بئر بني أمية بن زيد بالعالية، وكان ينزل هناك حين تحول من قباء، غسل بين قرني البئر. وكان اسمها في الجاهلية "العبير" فسماها رسول الله "صلى الله عليه وآله": (اليسيرة) ثم حمل من بني أمية بن زيد، فدفن في المدينة"([170]).
من حياة أبي سلمة:
وأخيراً.. فإنهم يقولون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان قد آخى بين أبي سلمة وبين سعد بن خيثمة([171]).
ولما أقطع رسول الله "صلى الله عليه وآله" الدور في المدينة، جعل لأبي سلمة موضع داره، عند دار بني عبد العزيز الزهريين اليوم، وكانت معه أم سلمة، فباعوه بعد ذلك، وتحولوا إلى بني كعب([172]).
واستخلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا سلمة على المدينة، لما سار إلى غزوة العشيرة، سنة اثنتين من الهجرة([173]).
وسيأتي حين الكلام على سرية قطن بعض ما يذكرونه عنه: أنه فعله في هذه السرية.
ورغم: أن الكثير مما تقدم يحتاج إلى بحث وتحقيق، ولكننا سوف نعتبره من الأمور التي لا نجد ضرورة ملحة لمعالجتها في الوقت الحاضر، ولأجل ذلك، فنحن نرجئ الحديث عنها إلى فرصة أخرى، ووقت آخر، ونكتفي بتسجيل ملاحظات يسيرة، رأينا في الاشارة إليها بعض الفائدة، أو هكذا خيل لنا، والملاحظات هي التالية.
هجرة أبي سلمة إلى الحبشة وإلى المدينة:
ويقولون: إن أبا سلمة كان قد: "هاجر إلى الحبشة، وكان أول من هاجر إليها.
وقال ابن مندة: هو أول من هاجر بظعينته إلى الحبشة، وإلى المدينة"([174]) فهو إذاً قد كان الأول في الهجرتين معاً.
وكان أبو سلمة قد التجأ ـ في أول الأمر ـ إلى خاله أبي طالب، شيخ الأبطح "رحمه الله" حينما اشتد البلاء على المسلمين؛ فمنعه أبو طالب، ورفض تسليمه إلى بني مخزوم([175]) ثم كانت الهجرة إلى الحبشة، فكان أول من هاجر إليها.
وأما بالنسبة إلى هجرته إلى المدينة، فإنه حينما قدم من الحبشة إلى مكة وآذته قريش، وقد بلغه إسلام من أسلم من الأنصار، خرج إليها، وذلك قبل بيعة العقبة([176]).
وكان قدومه إلى المدينة لعشر خلون من المحرم، ونزل على مبشر بن عبد المنذر([177]).
ومما تقدم يظهر: أن قولهم: إن عثمان كان أول من هاجر إلى الحبشة بأهله لا يصح؛ ولا أقل من أنه يصير محل شك وريب، وقد ألمحنا إلى ذلك في الجزء الثالث من هذا الكتاب في فصل: الهجرة إلى الحبشة.
أبو سلمة في حنين (!!)
قال ابن مندة: شهد أبو سلمة بدراً، وأحداً، وحنيناً والمشاهد ومات بالمدينة، لما رجع من بدر([178]).
ونقول:
أولاً: إن غزوة حنين قد كانت سنة ثمان، فمن مات بعد رجوعه من بدر، التي كانت في شهر رمضان المبارك، في السنة الثانية كيف يشهد حرب حنين؟!
ثانياً([179]): قد تقدم أنه مات في السنة الرابعة على ما قاله الجمهور، أو في الثالثة، ونحن قد قوينا: أن وفاته كانت في الثانية، ونسب ذلك إلى أبي عمر، ولكن في كلام أبي عمر تناقض حسبما ألمحنا إليه.
نزول آية في أبي سلمة:
ويقولون: إن قوله تعالى: ?فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ?([180]). قد نزل في أبي سلمة "رحمه الله" تعالى([181]).
ولكن قد ورد أن هذه الآية قد نزلت في أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، روي ذلك عن أبي جعفر الباقر، وأبي عبد الله الصادق، وابن عباس، فراجع([182]).
الفصل الخامس:
رجم اليهوديين حقيقة أم خيال؟!
اليهود والرجم في القرآن (!!)
ويقولون: إن بعض الآيات القرآنية قد نزلت في مناسبة ترتبط باليهود، وموقفهم من الرجم في الزنى، والآيات في سورة المائدة، وهي التالية:
?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ، وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ الله ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ، إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ الله وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ?([183]) إلى آخر الآيات رقم 50.
وأما القصة التي يقال: إن الآيات نزلت من أجلها؛ فإن نصوصها شديدة الاختلاف، بينة التهافت، ونحن نذكر خلاصات عنها على النحو التالي.
نص الرواية:
ذكروا: أنه في ذي القعدة من السنة الرابعة رجم رسول الله "صلى الله عليه وآله" يهودياً ويهودية زنيا، ونزل في هذه المناسبة قوله تعالى: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ?([184]).
وقيل: بل كان ذلك في شوال من السنة الرابعة([185]).
وعن أبي هريرة: أن ذلك كان حين قدوم النبي "صلى الله عليه وآله" المدينة([186]) وللرواية نصوص متعددة ومختلفة نذكر منها:
1 ـ عن ابن عمر: إن اليهود أتوا النبي "صلى الله عليه وآله" برجل وامرأة منهم قد زنيا؛ فقال: ما تجدون في كتابكم؟. "وحسب نص آخر عنه: كيف تفعلون بمن زنى منكم؟".
فقالوا: نسخّم وجوههما، ويخزيان..
وفي نص آخر عنه: "نفضحهم، ويجلدون، وفي نص ثالث أيضاً: نحممهما، ونضربهما"، فسألهم: إن كانوا يجدون الرجم في التوراة، فأنكروا.
فقال "صلى الله عليه وآله": كذبتم، إن فيها الرجم؛ فأتوا بالتوراة؛ فاتلوها إن كنتم صادقين.
وفي نص آخر: عن ابن عمر أيضاً: "أن ابن سلام قال لهم ذلك". فجاؤوا بالتوراة، وجاؤوا بقارئ لهم أعور، يقال له: ابن صوريا.
وفي نص آخر عنه: "فدعا ـ أي النبي "صلى الله عليه وآله" ـ ابن صوريا".
فقرأ، حتى انتهى إلى موضع منها، وضع يده عليه؛ فقيل له: وفي نص آخر "فقال له ابن سلام" ارفع يدك، فرفع يده، فإذا هي تلوح؛ فقال: أو قالوا: إن فيها الرجم، ولكنا كنا نتكاتمه بيننا، فأمر بهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرجما.
وفي نص آخر عنه: "فرجمهما رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بالبلاط".
وفي نص ثالث عنه أيضاً: "أنهما رجما قريباً من حيث توضع الجنائز في المسجد".
قال: فلقد رأيته يجانئ عليها، يقيها الحجارة بنفسه([187]).
2 ـ وفي نص آخر: إن اليهود دعوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى القف([188])، فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منا زنى بامرأة فاحكم. فوضعوا للرسول "صلى الله عليه وآله" وسادة فجلس عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراة.
فأتي بها.
فنزع الوسادة من تحته، فوضع التوراة عليها، ثم قال: آمنت بك، وبمن أنزلك.
ثم قال: ائتوني بأعلمكم.
فأتي بفتى شاب.
ثم ذكر قصة الرجم([189]).
3 ـ في نص آخر: عن البراء بن عازب قال: مر النبي "صلى الله عليه وآله" بيهودي محمم مجلود([190]) فدعاهم؛ فقال: هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني؟
قالوا: نعم.
فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزنى؟
قال: لا، ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد.
ثم تذكر الرواية اختيارهم هذا الحل.
إلى أن تقول الرواية: وأمر به فرجم فأنزل الله: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ..? إلى قوله: ?يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ? إلى قوله: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ?.
قال: في اليهود، إلى قوله: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأوْلَئِكَ هُمُ الْظَالِمُونَ?.
قال: في اليهود وإلى قوله: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ..?([191]).
4 ـ وفي رواية عن جابر: جاءت اليهود برجل منهم وامرأة زنيا؛ فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ائتوني بأعلم رجلين فيكم؛ فأتوه بابني صوريا.
ثم تذكر الرواية مناشدته "صلى الله عليه وآله" لهما، وإقرارهما بالرجم في التوراة، إذا شهد أربعة أنهم نظروا إليه مثل الميل في المكحلة.
إلى أن قالت الرواية: فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالشهود فجاء أربعة فشهدوا، فأمر برجمهما([192]).
5 ـ وفي نص آخر، عن الإمام الباقر "عليه السلام" ما ملخصه: أن المرأة كانت من خيبر، وكانت ذات شرف، زنت مع آخر من أشرافهم، وكانا محصنين، فكرهوا رجمهما؛ فأرسلوا إلى يهود المدينة ليسألوا النبي "صلى الله عليه وآله" طمعاً في أن يأتيهم برخصة؛ فانطلق قوم منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد بن عمرو، وشعبة ومالك بن الصيف، وكنانة بن أبي الحقيق، وغيرهم، فسألوه، فنزل جبرئيل بالرجم، فأخبرهم، فأبوا، فقال له جبرئيل: اجعل بينك وبينهم ابن صوريا. وهو شاب أمرد أبيض أعور يسكن بفدك، فناشده "صلى الله عليه وآله" أن يخبره عن الرجم في التوراة، فاعترف به، إذا شهد أربعة شهداء بالرؤية المباشرة، ثم كان سؤال وجواب.
ثم أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بهما فرجما عند باب مسجده.
فأنزل الله: ?يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ?([193]).
ثم تذكر الرواية طلب ابن صوريا من النبي "صلى الله عليه وآله" أن لا يذكر الكثير الذي عفا عنه في الآية، فاستجاب لطلبهم، ثم سأله ابن صوريا بعض الأسئلة، ثم أسلم، فوقعت فيه اليهود، وشتموه، فلما أرادوا أن ينهضوا تعلقت بنو قريظة ببني النضير.
ثم تذكر الرواية ما سيأتي من قضية القود والدية والتحميم والتجبيه عند قتل واحد من هذه القبيلة أو تلك، فانتظر([194]).
6 ـ وعن ابن عباس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمر برجمهما عند باب المسجد؛ فلما وجد اليهودي مس الحجارة أقام على صاحبته، فحنى عليها يقيها الحجارة حتى قتلا جميعاً؛ فكان مما صنع الله لرسوله "صلى الله عليه وآله" في تحقيق الزنى منهما.
وعند الطبراني: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أتي بيهودي ويهودية قد أحصنا، فسألوه أن يحكم بينهما بالرجم، فرجمهما في فناء المسجد([195]).
7 ـ وفي نص آخر عنه: أن رهطاً أتوا النبي "صلى الله عليه وآله"، جاؤوا معهم بامرأة، فقالوا: يا محمد، ما أنزل عليك بالزنى؟
فقال: اذهبوا فائتوني برجلين من علماء بني إسرائيل، فذهبوا فأتوه برجلين أحدهما شاب فصيح، والآخر شيخ قد سقط حاجبه على عينيه، حتى يرفعهما بعصابة، فناشدهما أن يخبراه بما أنزل الله على موسى في الزاني، فأخبراه بنزول الرجم..
إلى أن تقول الرواية:
فقال: اذهبوا بصاحبتكم؛ فإذا وضعت ما في بطنها فارجموها([196]).
8 ـ وعن أبي هريرة رواية طويلة مفصلة، وملخصها: أن يهوديين زنيا، فقرر علماؤهم رفع أمرهما إلى الرسول "صلى الله عليه وآله"، فإن حكم بالرجم كما في التوراة خالفوه، كما لم يزالوا يخالفونها في ذلك، وإن حكم بما هو أخف من ذلك أخذوا به، واعتذروا إلى الله بأنهم عملوا بفتيا نبي من أنبيائه.
فأتوه إلى المسجد، فسألوه؛ فلم يجبهم، بل قام ومعه بعض المسلمين حتى أتى مدارس اليهود، وهم يدرسون التوراة، فقام "صلى الله عليه وآله" على الباب، وناشدهم أن يخبروه بحكم التوراة في الزاني المحصن قالوا: يحمم ويجبّه (والتحميم تسويد الوجه، والتجبيه: أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أقفيتهما، ويطاف بهما).
وسكت حبرهم الشاب. ثم اعترف للنبي بالرجم في التوراة، ثم أمر النبي "صلى الله عليه وآله" برجمهما.
"فبلغنا: أن هذه الآية أنزلت فيه: ?إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ?([197]) وكان النبي "صلى الله عليه وآله" منهم([198]).
9 ـ وفي رواية أخرى عنه، جاء في آخرها: فخير في ذلك، قال: ?فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ?([199]).
10 ـ وعند البيهقي عنه: أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة، وقد زنى منهم رجل بعد إحصانه بامرأة من اليهود قد أحصنت، فقالوا: انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد "صلى الله عليه وآله" فسلوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما، فإن عمل بعملكم فيهما من التجبيه..
إلى أن قال: فاتبعوه وصدقوه، فإنما هو ملك، وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه.
إلى أن تقول الرواية: إنه طلب من اليهود أن يخرجوا إليه أعلمهم؛ فأخرجوا له ابن صوريا الأعور.
وقد روى بعض بني قريظة: أنهم أخرجوا إليه مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا.
إلى أن تقول الرواية: قالوا لابن صوريا: هذا أعلم من بقي بالتوراة؛ فخلا به رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكان غلاماً شاباًَ، من أحدثهم سناً فألظ به المسألة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم تذكر الرواية: "مناشدة النبي "صلى الله عليه وآله" له، واعترافه بأن التوراة جاءت بالرجم، فخرج "صلى الله عليه وآله" وأمر بهما، فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا، فأنزل الله:
?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ..? إلى قوله: ?سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ..? يعني الذين لم يأتوه وبعثوا وتخلفوا أو أمروهم بما أمروهم به من تحريف الكلم عن مواضعه، قال:
?يُحَـرِّفُـونَ الْكَلِـمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُـولُـونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُـذُوهُ ـ "للتجبيه" ـ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ ـ "أي الرجم" ـ فَاحْذَرُواْ.. ?([200])"([201]).
هذا.. وقد صحح القرطبي نزول الآيات بهذه المناسبة([202]) وهو ما اعتمده كثير من المفسرين.
ولكن نصاً آخر ذكر أنهم سألوا النبي "صلى الله عليه وآله" فأفتاهم بالرجم فأنكروه؛ فناشد أحبارهم فكتموا حكم الرجم إلا رجلاً من أصاغرهم أعور، فقال: كذبوك يا رسول الله، إنه في التوراة([203]).
11 ـ وأخيراً.. فقد نقل ابن العربي، عن الطبري، والثعلبي عن المفسرين، قالوا: انطلق قوم من قريظة والنضير، منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسد، وسعيد بن عمرو، ومالك بن الصيف، وكنانة بن أبي الحقيق، وشاس بن قيس، ويوسف بن عازوراء، فسألوا النبي "صلى الله عليه وآله"، وكان رجل وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا، واسم المرأة "بسرة" وكانت خيبر حينئذٍ حرباً؛ فقال لهم: اسألوه، فنزل جبرئيل على النبي "صلى الله عليه وآله"؛ فقال: اجعل بينك وبينهم ابن صوريا الخ..([204]).
مناقشة النص:
وبعد ما تقدم: فإننا نسجل على الروايات المتقدمة المؤاخذات التالية:
1 ـ إن مقارنة سريعة فيما بين هاتيك النصوص كافية للتدليل على مدى ما بينها من اختلاف وتناقض ظاهر وصريح حتى في روايات الراوي الواحد؛ حتى إنك لا تكاد تجد فقرة إلا وثمة ما ينافرها ويناقضها، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك بأن التصرف والتغيير لم يكن عفوياً، وإنما ثمة تعمد للتصرف والتزوير في هذه القضية.
فلا يمكن أن تكون الحقيقة هي كل ما تقدم على الإطلاق.
ولئن استطاعت بعض التمحلات للجمع ـ وبعضها ظاهر السخف والتفاهة ـ التخفيف من حدة التنافي في بعض الموارد؛ فإن ذلك إنما يأتي في
موارد محدودة، وتبقى عشرات الموارد الأخرى على حالها من الاختلاف والتنافر.
2 ـ ذكرت بعض الروايات نزول قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ..? ([205]).
في ابن صوريا الذي أسلم، ثم كفر بعد ذلك، أو في طائفة اليهود التي قامت بهذه اللعبة.
وتقول: إن ذلك لا يمكن أن يصح؛ فإنه عدا عن أن سورة المائدة قد نزلت قبيل وفاة الرسول "صلى الله عليه وآله"، فإن هاتين الآيتين لا تنطبقان على المورد، وذلك لأن مفادهما وجود فريقين:
أحدهما: يسارع في الكفر، ويظهر الإيمان ويبطن الكفر.
والثاني: فريق يهودي سماع للكذب، سماع لقوم آخرين.
ويظهر أن الفريق الأول ليس من طائفة اليهود، وإنما هو من المنافقين بقرينة التنصيص على كون الفريق الثاني كان يهودياً، المشعر بأن الفريق الأول لم يكن من طائفة اليهود.
مع أن الرواية التي تذكر نزول الآيتين في ابن صوريا أو في طائفة اليهود تجعل الفريقين واحداً، وهو خلاف ظاهر الايتين.
3 ـ قد جاء في رواية ابن عباس: أن اليهودي لما وجد مس الحجارة،
"حنى على صاحبته يقيها الحجارة، حتى قتلا جميعاً، فكان مما صنع الله لرسوله "صلى الله عليه وآله" في تحقيق الزنى منهما".
لم نفهم كيف يكون حنوّه عليها ليقيها الحجارة دليلاً على تحقيق الزنى منهما؛ فإن الإنسان قد يعطف حتى على الحيوان، فضلاً عن الإنسان. فلا يمكن أن يكون حنوه عليها ولا على غيرها دليلاً على شيء من هذا القبيل.
4 ـ لقد نصت رواية أبي هريرة على أنهم يعتذرون إلى الله سبحانه عن ترك الرجم بأنهم قد عملوا بفتيا نبي من أنبيائه (يعني محمداً "صلى الله عليه وآله").
ومعنى ذلك هو: أنهم يعتقدون بنبوَّته "صلى الله عليه وآله" فلا يكونون من اليهود.
لكن نصاً آخر عن أبي هريرة نفسه يقول: إنه إن أفتى بغير الرجم، فإنه يكون ملكاً، وإن أفتى بالرجم، فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه.
فنبوَّته إذاً توجد لهم الحذر من أن يسلبهم ما في أيديهم، وليس ثمة اعتذار منهم إلى الله سبحانه وإن أفتاهم بغير الرجم، فذلك دليل على كونه ملكاً.
ومعنى ذلك هو ترددهم في نبوته وعدمها، وذلك بعكس النص السابق.
5 ـ إن الآيات التي في سورة المائدة، والتي يدَّعى نزولها في هذه المناسبة وهي الآيات 41 ـ 50 لم تتعرض لحكم التوراة في الزنى أصلاً، وإنما تعرضت بالتفصيل لأحكام القتل والجروح ونحوها. مع أنها لو كانت نازلة في هذه المناسبة فإن المفروض هو أن تبين حكم الواقعة المختلف فيها والتي أوجبت نزولها، والذي يلاحظ الآيات المذكورة؛ فإنه يجدها مترابطة ومنسجمة مع بعضها البعض، ويدرك: أنها نزلت في واقعة واحدة، لا أن كل واحدة منها نزلت في واقعة تختلف عن الواقعة التي نزلت فيها الآية الأخرى.
6 ـ إن بعض الروايات تفيد: أنه "صلى الله عليه وآله" هو الذي عرض نفسه للحكم في هذه المسألة، حينما رآهم يجرون أحكام دينهم على الزانيين، فتدخل هو نفسه متبرعاً، وانجر الأمر إلى الحكم بالرجم.
مع أن الآيات المذكورة تقول: ?فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ..?([206]).
إذاً، فحكمه "صلى الله عليه وآله" بينهم معلق على مجيئهم إليه، وترافعهم ?فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم..?.
أضف إلى ذلك: أن الآية تقول: ?فَاحْكُم بَيْنَهُم? الظاهر بحدوث خلاف بين المترافعين والمتنازعين يحتاج إلى الحكم، وفصل الخصومة فيه، وليس في النصوص المتقدمة ما يشير إلى حدوث خلاف في أمر الزانيين المرجومين، بل في بعضها تلويح، بل تصريح بعدمه.
7 ـ ويلاحظ على بعض الروايات أيضاً: محاولة إظهار تعظيم النبي "صلى الله عليه وآله" للتوراة، التي كانت لديهم، وإيمانه "صلى الله عليه وآله" بما جاء فيها.
وهذا هو ما دعا البعض إلى القول بأن التوراة لم تتعرض للتحريف، حيث استدل بالروايات المتقدمة على ذلك([207]).
ولعل مما يزيد في تأكيد ذلك وتثبيته قولهم بنزول آية: ?إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ?([208]) في هذه المناسبة.
على أساس أن مراد الآية ـ والحالة هذه ـ بالتوراة التي لها هذه المواصفات: هو نفس هذه التوراة التي عظمها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقرأها ابن صوريا، وعليه فإن التوراة التي كانت بحوزة اليهود كانت سليمة عن التحريف، بنص الآية الشريفة.
مع أن تحريف التوراة كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار.
وقد حاول العسقلاني دفع هذه الغائلة بطرح فكرة: أن المراد: أنه "صلى الله عليه وآله" مؤمن بما جاء في أصل التوراة، لا بهذه التوراة المحرفة([209]).
وهو تمحل ظاهر؛ فإنه "صلى الله عليه وآله" إنما خاطب بكلامه هذا خصوص التوراة الموضوعة أمامه.
واحتمال أن تكون خصوص تلك النسخة غير محرفة، دون غيرها([210]) يدفعه: أن من غير المعقول أن يأتوه بالتوراة الصحيحة، لأجل التحاكم إليها، وليس من الممكن لهم تسجيل إدانة ضدهم، بأنهم يتعاملون بتوراتين: إحداهما محرفة، والأخرى صحيحة!!
8 ـ وحين قال البعض: إن حكم الرجم لم يكن مشرعاً في الإسلام، فإنه ادَّعى أنه "صلى الله عليه وآله" إنما رجمهما بحكم التوراة، فإنه "صلى الله عليه وآله" كان أول قدومه إلى المدينة مأموراً باتباع التوراة والعمل بها حتى يأتي ناسخ، ثم نسخ حكم التوراة بالرجم بعد ذلك([211]).
وأجابوا عن ذلك: بأن اليهود إنما جاؤوا يسألون النبي "صلى الله عليه وآله" عن الحكم الذي عنده، وقد قال سبحانه: ?وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ..?([212]).
فمراجعته للتوراة إنما كانت من أجل أن يثبت لليهود أن حكم التوراة لا يخالف حكم القرآن([213]).
هذا كله، عدا عن الأحاديث التي أشرنا إليها في عدة مواضع، من أنه "صلى الله عليه وآله" كان يخالف اليهود في كل مورد، حتى قالوا: "إن محمداً يريد أن لا يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه"([214]).
9 ـ وأما أنه "صلى الله عليه وآله" قد رجم اليهوديين في أول قدومه المدينة، أو في السنة الرابعة، ويؤيد الأول ذكر كعب بن الأشرف في عدد من النصوص، مع أن كعباً قد قتل قبل السنة الرابعة بمدة طويلة، أما ذلك فيرد عليه:
ألف: إنهم يقولون: إن عبد الله بن الحرث بن جزء قد حضر ذلك، وعبد الله إنما قدم المدينة مسلماً بعد فتح مكة.
ب: إنه يظهر من حديث ابن عباس: أنه هو أيضاً قد شاهد ذلك، وابن عباس إنما قدم المدينة مع أبيه بعد فتح مكة أيضاً.
ج: إن الآيات التي يدَّعى نزولها في هذه المناسبة قد جاءت في سورة المائدة، النازلة في أواخر أيام حياته "صلى الله عليه وآله"، وقد نزلت دفعة واحدة، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
د: قال العيني: "وقد وقع الدليل على أن الرجم وقع بعد سورة النور، لأن نزولها كان في قصة الإفك، واختلف هل كان سنة أربع، أو خمس، أو ست، والرجم كان بعد ذلك، وقد حضره أبو هريرة، وإنما أسلم سنة سبع"([215]).
وبعد ما تقدم، فكيف يكون رجم اليهوديين في السنة الرابعة، أو في أول الهجرة؟!
10 ـ وترد هنا الأسئلة التالية:
لماذا عرف المؤرخون اسم المرأة المرجومة ولم يعرفوا اسم الرجل؟!([216])
ولماذا تعلقت بنو قريظة ببني النضير حينما حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالرجم؟
ولماذا يستفتي اليهود النبي "صلى الله عليه وآله" حينما كرهوا رجم صاحبيهما؟
وكيف ذكرت رواية الإمام الباقر "عليه السلام" التحميم والتجبيه عند القتل، لا عند الزنى؟ ثم إننا لم نفهم المراد من كونه كان يجانئ (أي ينحني) على المرأة، يقيها الحجارة بنفسه، فهل كانا في حفرة واحدة؟!
أضف إلى ذلك: أن الرواية عن الإمام الباقر "عليه السلام" تفيد: أن الرجم كان معمولاً به عند اليهود حتى ذلك الوقت، حيث تقول: إن اليهود كرهوا رجم صاحبيهما، ولذلك استفتوا النبي "صلى الله عليه وآله".
11 ـ إن نزول الآيات المتقدمة في أول البحث: ?فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ?، وغير ذلك من آيات تقدمت، غير معقول، وذلك للأمور التالية:
ألف: لأن هذه الآيات في سورة المائدة: 41 ـ 47 وسورة المائدة كانت من آخر ما نزل؛ فلا يعقل أن يحتفظ بهذه الآيات من أول الهجرة إلى قبيل وفاته "صلى الله عليه وآله"، ثم تنزل سورة المائدة، فيجعلها فيها([217]).
ب: أضف إلى ذلك أنهم يقولون: إن سورة المائدة قد نزلت كلها، دفعة واحدة؛ فراجع([218]).
ج: إنهم قد ذكروا سبباً آخر لنزول الآيات في بني النضير وبني قريظة وهو: أن بني النضير كانوا أكثر مالاً، وأحسن حالاً من بني قريظة، وكانوا حلفاء لابن أبي، وكان من يقتل منهم لا يرضون من بني قريظة بالقود، بل يلزمونهم بالدية وبالقود من القاتل معاً.
أما لو قتل نضيري قريظياً؛ فإن القاتل يحمم ويجبه، ويدفع نصف الدية، ولا يقاد به، وكتبوا بذلك كتاباً في الجاهلية، فلما هاجر "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، وضعف أمر اليهود قتل قريظي نضيرياً فطالبوهم بالدية والقود، فأبوا وطلبوا أن يحكم "صلى الله عليه وآله" بالأمر فطلب بنو النضير من حليفهم ابن أُبي: أن يقنع النبي "صلى الله عليه وآله" بعدم نقض الشرط الذي بينهم وبين القريظيين، وقال لهم ابن أُبي: إن حكم بنقض الشرط فلا تطيعوه في ذلك، فنزلت الآيات: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ..?. إلى قوله: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ?.
بل في بعض النصوص: أن الحرب كادت تقع بينهما، ثم ارتضوا بالنبي "صلى الله عليه وآله"([219]).
ولعل هذا أنسب بالآيات وسياقها، كما أنه هو الأنسب بالمعاهدة التي أبرمت بين المسلمين واليهود حين قدوم النبي "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة (وتقدمت في الجزء الرابع من هذا الكتاب)؛ حيث قد نصت على: "أن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده؛ فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد "صلى الله عليه وآله".
فهذه القصة كاد أن يحدث فيها حدث أو اشتجار يخاف فساده، فالمرجع فيها إلى الله سبحانه وإلى محمد "صلى الله عليه وآله".
ويظهر من رواية ابن جريج وغيره: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما حكم بالرجم في الزنى، ورأت قريظة: أنه قد جاء بحكم التوراة، عرفت أن بإمكانها أن تطرح قضيتها عليه "صلى الله عليه وآله"، وتحصل على حقها، ففعلت ذلك؛ فلما حكم النبي "صلى الله عليه وآله" فيها، غضب بنو النضير، وقالوا: لا نطيعك بالرجم، ولكننا نأخذ بحدودنا التي كنا عليها([220])، وذلك من أجل أن يتخلصوا من حكمه "صلى الله عليه وآله".
ولكن يبقى في المقام إشكال، وهو: أن نزول الآيات قد كان بعد محاربته "صلى الله عليه وآله" لهاتين الطائفتين بمدة طويلة، فلا بد أن يكون سبب نزولها أمراً آخر.
إلا أن يدَّعى: أن بقايا هاتين الطائفتين كانت لا تزال في المنطقة، ولا سيما أولئك الذين لم يشاركوا في الحرب منهم ـ وإن كانوا ـ فلعل القصة قد حصلت بعد ذلك، أي في أواخر حياته "صلى الله عليه وآله".
وأما بالنسبة لعبد الله بن أبي، فإنهم يقولون: إنه قد توفي في سنة تسع من الهجرة، فلا إشكال من هذه الناحية.
سر الوضع والاختلاق:
ويبقى أن نشير إلى أن سر وضع الرواية المتقدمة، التي عرفنا عدم إمكان صحتها بوجه، يمكن أن يكون حسبما يفهم من النصوص ومن تصريحاتهم ما يلي:
1 ـ ما تقدم من إظهار تعظيم النبي "صلى الله عليه وآله" للتوراة حتى لينزع الوسادة من تحته ليضع التوراة عليها.
2 ـ النص على إيمانه "صلى الله عليه وآله" بما جاء فيها.
إذاً، فيجب على كل مسلم أن يقتدي برسول الله "صلى الله عليه وآله" ويؤمن بها.
3 ـ إن ذلك يعني: أنها صحيحة، وغير محرفة، فلا يصح ما يدَّعيه المسلمون على اليهود من تحريفهم لها.
4 ـ إظهار: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يعمل بالتوراة في كل ما لم ينزل فيه عليه شيء، فلا مانع من العمل بها الآن في كل مورد لا يجد المسلمون حكمه، أو يرون أنه لم ينزل فيه شيء.
5 ـ إظهار دور عبد الله بن سلام المتميز، في تحقيق الحق، وإظهاره، حتى إنه ليأتي بنفس التعبير القرآني: ?فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ?([221]). ولا بد أن يكون هذا من شدة انسجامه مع القرآن، ومع آياته، وعمق إيمانه به، حتى أصبح كلامه عين الآيات القرآنية، ونفس عباراتها.
6 ـ إظهار ورع أحبار اليهود ورؤسائهم، حتى ليقرون للنبي "صلى الله عليه وآله" بالحقيقة بمجرد مناشداته لهم.
ولا ندري كيف يكون هذا الورع والتقوى من أناس يحرفون كتابهم ويستبدلون أحكامه، أو يسكتون على تبديلها، ويرضون به؟
7 ـ التأكيد، أو فقل الإلماح إلى جواز أن يفتي الرجل للآخرين بما يخالف دينه وشريعته، لأنهم يقولون: إن حكم الإسلام لم يكن هو الرجم، رغم أن الله سبحانه قد أمره "صلى الله عليه وآله" أن يحكم بينهم بما أنزل الله.
8 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" يشارك اليهود في كتمانه ما أنزل الله سبحانه، حيث طلب ابن صوريا من النبي "صلى الله عليه وآله" أن لا يذكر الكثير مما حرفوه، فاستجاب "صلى الله عليه وآله" لطلبه.
9 ـ ولعل المقصود أيضاً: إبعاد سورة المائدة عن أن تكون قد نزلت في أواخر أيام حياته "صلى الله عليه وآله"، وذلك لأن فيها آيتي الولاية النازلتين يوم غدير خم، الذي كان قبيل وفاته "صلى الله عليه وآله"، والآيتان هما، قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ?([222]).
وقوله تعالى: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً?([223]).
فإذا كانت سورة المائدة قد نزلت دفعة واحدة، وثبت نزول آيات في قضية رجم اليهوديين، التي يصرحون: أنها كانت في أول الهجرة، أو في السنة الرابعة،
فإن معنى ذلك هو أن الآيتين المتقدمتين لم تنزلا في مناسبة غدير خم قبيل وفاته "صلى الله عليه وآله"، فيتطرق الشك إلى أصل حديث الغدير.
اليهود في آيات سورة المائدة:
إننا إذا راجعنا الآيات الكريمة، الواردة في سورة المائدة، أعني قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً أوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ، وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ الله ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أوْلَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ?([224]).
إننا إذا راجعنا هذه الآيات، وتأملناها، فلسوف نجد فيها الكثير من الحقائق الهامة، والمطالب العالية، التي يهم الإنسان المسلم الوقوف عليها، والتعرف إليها، وبما أن المجال لا يتسع لطرح كل ما نجده ـ بفهمنا القاصر ـ في ثنايا هذه الآيات، فلسوف نقتصر على الإلماح العابر لأمرين فقط، لربما نجد فيهما بعض الصلة فيما نحن بصدده، وهذان الأمران هما:
الأول: إننا نلاحظ: أن بعض الأمور تبدو لنا صغيرة وثانوية، وغير ذات أهمية كالحض على طعام المسكين، ثم إننا إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجده قد أولاها المزيد من العناية، واهتم بها اهتماماً بالغاً، فنزلت بخصوصها الآيات الكثيرة، ذات الطابع القوي، والعنيف، والمركز، مع إظهار: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، الذي يتصرف من موقع الوالد الرحيم لكل أحد، والذي تذهب نفسه حسرات، من أجل هداية الناس، وإبعادهم عن مزالق الشر والجريمة ـ هذا كله عدا عن موقعه "صلى الله عليه وآله" كقائد مشرع وحكيم ـ نعم إن هذا النبي يهتم، ويغتم، ويحزن كثيراً لأجل هذه الأمور بالذات.
ولعل ذلك يرجع إلى أن هذا الذي رأيناه ثانوياً، وغير ذي أهمية، بنظرنا القاصر، إنما يكشف عن خلفيات مرعبة، وبواعث ومنطلقات خطيرة، من شأنها أن تقوض كل بناء وتنسف كل جهد، وتحبط كل مسعى في سبيل إقامة صرح العدل، وتثبيت الحق وترسيخه.
ولتصبح من ثم كل تلك الجهود، وهاتيك المنجزات مجرد ظواهر ومظاهر لامعة، وشكليات خادعة، ليس لها من الثبات، والأصالة والرسوخ، ما يمكنها من الصمود والتصدي في مواقع التحدي، ولا من مواجهة المحن، والعوادي، والأخطار.
وواضح: أن كل جهد وبناء لا يقوم على الركائز العقيدية والإيمانية، والأخلاقية، والسلوكية الثابتة، لا يكون سوى جهد ضائع، وسراب خادع، لا حياة له ولا بقاء، ولسوف ينتهي إلى التلاشي والدمار والفناء.
وهذا هو القرآن نراه في هذا المناسبة يركز على الخصائص الإيمانية والعقيدية، بالنسبة إلى اليهود والمنافقين على حد سواء.
فهو تعالى يقول عن اليهود: ?وَمَا أوْلَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ?.
ويقول عن المنافقين: ?الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ? و ?يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ?.
وعنهما معاً يقول: ?وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً أوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ?.
وعن خصائصهم السلوكية والأخلاقية يقول: ?سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ?, ?يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِه..?([225]).
أي أنهم رغم كل خبثهم وشيطنتهم، هم من الحمق، وقلة العقل إلى حد: أنهم أصبحوا سمَّاعين للكذب، الذي ينبت النفاق([226])، وهو فساد كل شيء([227]).
وجعلت الخبائث في بيت، وجعل مفتاحه الكذب([228])، إلى غير ذلك مما يوضح: أن الكذب هو أم الخبائث، وأساس الموبقات.
نعم، لقد بلغ الحمق وقلة العقل بهم حداً، أصبحوا معه بحيث يستهويهم الكذب، وأصبح له دور رئيس في حياتهم وتعاملهم؛ فهم سمَّاعون له، بملء إرادتهم، ومع مزيد من الأنس به، والإلف له.
كما أنهم قد رضوا بأن يكونوا آلات ودمى طيِّعة بأيدي الآخرين، الذين يرون: أن الحفاظ على امتيازاتهم الظالمة لن يكون إلا في ظل مقاومة دعوة الإسلام، التي هي دعوة الحق والعدل والخير والأمن والسلام، والنعمة، والبركات.
ويلاحظ هنا: أنه سبحانه وتعالى قد كرر عبارة: ?سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ?، ولعله ليشير بذلك إلى أن تعاملهم قائم على أساس مواصلة السماع للكذب، الذي هو أحد أهم مناشئ البلايا والمصائب، والنكبات، حينما يكون ثمة من يتخذ الكذب شعاره، ودثاره؛ فهو يتحرك، ويخطط، ويتعامل على أساسه، عن سابق إرادة واختيار وسابق معرفة وتصميم، حيث رضي بأن يكون الكذب رائد انطلاقته في الحياة؛ بهدف الحصول على الامتيازات الظالمة واللامشروعة، والحفاظ عليها.
نعم، لقد كرر سبحانه ذلك ليؤكد على مدى حمقهم وقلة عقلهم، حتى ليتلذذون بالكذب، وقد رضوا لأنفسهم أن يصبحوا دمى في أيدي الذين يتعاملـون على أسـاس الكـذب، والـدجـل فهـم: ?سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ?، ?سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ? من دون تعقل وتدبر، أو تفكير وتأمل.
والصفة الثانية، التي نعى سبحانه وتعالى عليهم اتصافهم بها هي: حبهم للمال، وتفانيهم في سبيله، ولكنه المال الذي لا يحصل عليه الإنسان بالطرق المشرفة والمشروعة، وإنما يرتكب من أجله ما يسحت دينه ومروءته، ويلزمه العار، ليكون "سحتاً" حسبما ورد في تفسير السحت([229]).
وهذا يُدلِّل على مدى الانحطاط والمهانة والرذالة في شخصيتهم، وفي إنسانيتهم، حتى ليصح أن يقال: إنهم أصبحوا موجودات ممسوخة، لا تملك شيئاً من الميزات والخصائص الإنسانية على الإطلاق.
فالمهم لدى هؤلاء هو الدنيا، والحصول على زخرفها، من أي طريق كان، وبأية وسيلة كانت، حتى ولو كان ثمن ذلك هو دينهم، ومروءتهم ولزوم العار الدائم لهم.
ولعل هذا هو ما سهل على الآخرين أن يسخروهم لإرادتهم حتى ليصبحون أداوت طيعة في أيديهم، فإن حبهم العظيم للمال، وتفانيهم في سبيل الحصول عليه قد أعمى بصائرهم، وسلبهم عقولهم وأعماهم وأصمهم، وأصبحوا حمقى وقليلي عقل، ودمى طيّعة بأيدي الطامعين والمستغلين، إذ قد أصبح المال والدنيا بالنسبة إليهم كل شيء، وليس قبلهما ولا بعدهما شيء، فهما المعيار لهم في كل موقف، وليست هي المبادئ الإلهية، والمثل والقيم الإنسانية.
وإن هذين الأمرين أعني: قلة عقولهم، وصيرورتهم أدوات طيعة مسلوبة الاختيار بأيدي الطامعين والمفسدين،
وأيضاً.. انسلاخهم عن الخصائص الإنسانية، وعن الالتزام بالمبادئ، بسبب حبهم للمال، حتى لو كان ثمنه هو أن يسحت دينهم ومروءتهم ويلزمهم العار،
إن ذلك من أهم العوامل لتبديد كل الجهود الخيرة، وإحباط كل الأعمال الجهادية والتضحيات الكبيرة في سبيل إعلاء كلمة الحق، والعدل، وتعميق جذور شجرة الإسلام المباركة، لتنمو باسقة وارفة الظلال، عزيزة الشموخ.
الثاني: إننا نلاحظ: أن القرآن الكريم حين يستنكر تحاكمهم للنبي "صلى الله عليه وآله"، إنما يستنكر أن يكون قصدهم من ذلك هو الوصول إلى الحق، والحصول على الحكم العدل، إذ لو كان الأمر كذلك لما احتاجوا إلى التحاكم إليه "صلى الله عليه وآله"؛ لأن حكم هذه القضية ـ سواء أكانت هي قضية الرجم، أو هي قضية القود؛ التي نميل إلى أنها هي مورد نزول الآية ـ إن حكم هذه القضية واضح وجلي في التوراة التي عندهم، وهي واضحة الدلالة على هذا الحكم.
وهم إنما يقبلون بالتحاكم إليه "صلى الله عليه وآله" من أجل تحقيق مآربهم في الابتعاد عن حكم الله، حسب ظنهم، حتى إذا ما أحسوا بأن الحكم سوف يأتي موافقاً لما عرفوه من حكم الله في التوراة نجد لديهم التصميم والتآمر والتمرد سلفاً على هذا الحكم الإلهي، حتى قبل صدوره.
فتواجههم الإرادة الإلهية بالإصرار على إقامة حكم الله سبحانه، إن كان لا بد من الحكم، وإلا فإن الإعراض عنهم، حيث يكون هذا الحكم في معرض الاغتيال والتآمر هو أيضاً لا حرج فيه، ما دام أنهم قد تآمروا على هذا الحكم سلفاً؛ بهدف اغتياله، بل وحتى التمرد عليه بصورة علنية وفاضحة.
فيكون حكم النبي فيما بينهم خاضعاً لما يراه مفيداً للإسلام، وللمسلمين، ويساهم بشكل أو بآخر في فضيحتهم وخزيهم، وإبطال تآمرهم في الدنيا، ثم لهم في الآخرة عذاب عظيم، تماماً كما قال تعالى: ?لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ?([230]).
وبعد كل ما تقدم فإن هذه الآيات تفيدنا: أنه لا مجال للمهادنة ولا للمساومة مع أحد أياً كان على حساب الدين، والحق، وأنه لا يمكن التنازل عن الأحكام الإلهية في مجال التشريع، استجابة لحالات طارئة، ولضغوطات معينة. وإن كان قد الواقع يفرض عدم التوسل ببعض الوسائل العنيفة لفرض الحكم الإلهي وتطبيقه أو انتظار الفرصة المناسبة من أجل ذلك.
وفقنا الله للسير على هدى القرآن، والالتزام بتعاليمه، والاهتداء بنوره، إنه ولي قدير، وبالإجابة جدير.
الفصل السادس:
من متفرقات الاحداث
سرقة طعمة:
يذكر المؤرخون هنا: قصة "سرقة طعمة"، ونحن نذكر أولاً النص التاريخي للرواية، ثم نشير إلى ما يرد عليها من مناقشات، بقدر ما يسمح لنا به المجال هنا، فنقول:
نص الرواية:
إنهم يقولون: إنه في شهر ربيع، سنة أربع من الهجرة، كانت قصة السرقة المعروفة عن بني أبيرق([231]) وجعلها الدياربكري في السنة الثالثة([232]).
فقد جاء في تفسير القمي: "أن قوماً من الأنصار، من بني أبيرق([233])، أخوة ثلاثة، كانوا منافقين: بشير، وبشر، ومبشر. فنقبوا على عم قتادة بن النعمان ـ وكان قتادة بدرياً ـ وأخرجوا طعاماً كان أعده لعياله، وسيفاً ودرعاً.
فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، إن قوماً نقبوا على عمي، وأخذوا طعاماً كان أعده لعياله، وسيفاً ودرعاً، وهم أهل بيت سوء، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن، يقال له: لبيد بن سهل.
فقال بنو أبيرق لقتادة: هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ ذلك لبيداً؛ فأخذ معه سيفه، وخرج عليهم، فقال: يا بني أبيرق، أترمونني بالسرقة وأنتم أولى بها مني؟! وأنتم المنافقون تهجون رسول الله، وتُنسبون إلى قريش، لتبينن ذلك، أو لأملأن سيفي منكم.
فداروه، فقالوا له: ارجع يرحمك الله، فإنك بريء من ذلك، فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم، يقال له: أسيد بن عروة، وكان منطيقاً بليغاً، فمشى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا، أهل شرف ونسب وحسب، فرماهم بالسرقة، واتهمهم بما ليس فيهم.
فاغتم رسول الله "صلى الله عليه وآله" لذلك، وجاء إليه قتادة، فأقبل عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقال له: عمدت إلى أهل بيت شرف، وحسب، ونسب، فرميتهم بالسرقة؟! فعاتبه عتاباً شديداً؛ فاغتم قتادة من ذلك، ورجع إلى عمه، وقال: يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد كلمني بما كرهته، فقال عمه: الله المستعان؛ فأنزل الله في ذلك على نبيه "صلى الله عليه وآله": ?إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً، وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً، وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً، يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً?([234]). يعني الفعل، فوقع القول مقام الفعل.
إلى أن قال في تفسير القمي: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر "عليه السلام": أن أناساً من رهط بشر الأدنين، قالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقالوا: نكلمه في صاحبنا، أو نعذره أن صاحبنا بريء؛ فلما أنزل الله: ?يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ? إلى قوله: ?وَكِيلاً?،
أقبل رهط بشر، فقالوا: "يا بشر استغفر الله وتب إليه من الذنوب، فقال: والذي أحلف به، ما سرقها إلا لبيد؛ فنزلت ?وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً?([235]).
ثم إن بشراً كفر، ولحق بمكة، وأنزل الله في النفر الذين أعذروا بشراً وأتوا النبي "صلى الله عليه وآله" ليعذروه قوله: ?وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ? ـ إلى قوله: ـ ?وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً?([236])"([237]).
وذكر الطبرسي وغيره: الرواية السابقة، مع بعض الاختلافات والإيضاحات فقالوا، والنص للطبرسي: "كان بشير (هكذا في نص الطبرسي ) يكنى أبا طعمة، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثم يقول: قاله فلان، وكانوا أهل حاجة في الجاهلية والإسلام، فنقب أبو طعمة على علية رفاعة بن زيد".
ثم يذكر شكواه لقتادة، ثم يقول: "فتجسسا في الدار، وسألا أهل الدار في ذلك، فقال بنو أبيرق: والله ما صاحبكم إلا لبيد الخ..".
إلى أن قال: "فلما سمع بذلك رجل من بطنهم الذي هم منه يقال له: أسير بن عروة، جمع رجالاً من أهل الدار، ثم انطلق إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
إلى أن قال: "فلما أتى قتادة رسول الله بعد ذلك ليكلمه، جبهه رسول الله جبهاً شديداً، وقال: عمدت الخ..".
ثم يستمر في كلامه، إلى أن ذكر أخيراً ذهاب بشير إلى مكة: "فنزل على سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت امرأة من الأوس، من بني عمرو بن عوف، نكحت في بني عبد الدار، فهجاها حسان، فقال:
فقد أنـزلتـه بنت سعد فـأصبحت ينـازعهـا جـلـد أستهـا وتنازعــه
ظننتم بأن يخفى الذي قد صنـعـتمُ وفينا نبي عـنـد ذي الوحي واضعه
فحملت رحله على رأسها، فألقته بالأبطح، وقالت: ما كنت تأتيني بخير، أهديت إليَّ شعر حسان.
هذا قول: "مجاهد، وقتادة بن النعمان، وعكرمة، وابن جريج"([238]).
ثم أضاف الطبرسي "رحمه الله" قوله: إلا أن عكرمة قال: إن بني أبيرق طرحوا ذلك على يهودي، يقال له: زيد بن السهين([239])، فجاء اليهودي إلى رسول الله، وجاء بنو أبيرق إليه، وكلموه: أن يجادل عنهم؛ فهم رسول الله أن يفعل، وأن يعاقب اليهودي؛ فنزلت الآية. وبه قال ابن عباس([240]).
وقال الضحاك: نزلت في رجل من الأنصار، استودع درعاً؛ فجحد صاحبها فخونه رجال من أصحاب النبي؛ فغضب له قومه، فقالوا: يا نبي الله، خوّن صاحبنا وهو مسلم أمين، فعذره النبي، وكذب عنه، وهو يرى: أنه بريء، مكذوب عليه فأنزل الله الآيات([241]).
واختار الطبري هذا الوجه، قال: لأن الخيانة إنما تكون في الوديعة، لا في السرقة([242]). إنتهى كلام الطبرسي.
وفي رواية عن ابن عباس: أن طعمة سرق درع قتادة، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق الجراب، حتى انتهى إلى داره، ثم خبأها عند رجل من اليهود، يقال له: زيد بن السمين. ثم تذكر الرواية كيف اقتفوا أثر الدقيق، حتى انتهوا إلى دار طعمة؛ فحلف لهم، فتركوه. ثم اقتفوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي، ثم جاء قوم طعمة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" الخ..([243]).
وقال الطبرسي أيضاً: "يروى: أن أبا طعمة بن أبيرق سرق درعاً من جار له اسمه قتادة بن النعمان، وخبأها عند رجل من اليهود؛ فأخذ الدرع من منزل اليهودي؛ فقال: دفعها إليَّ أبو طعمة، فجاء بنو أبيرق إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى آخر ما مر عن الضحاك([244]).
وعن ابن زيد: "كان رجل سرق درعاً من حديد في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" طرحه على يهودي.
فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم، ولكن طرحت عليَّ، وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه، ويطرحونه على اليهودي، ويقولون: يا رسول الله، إن هذا اليهودي خبيث، يكفر بالله وبما جئت به، حتى مال عليه النبي "صلى الله عليه وآله" ببعض القول.
فعاتبه الله في ذلك؛ فقال: ?إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً?([245]). واستغفر الله مما قلت لليهودي الخ.."([246]).
وعند الطوسي: أنه بلغ بني أبيرق نزول الآيات فخرجوا من المدينة، ولحقوا بمكة، وارتدوا؛ فلم يزالوا بمكة مع قريش؛ فلما فتح مكة هربوا إلى الشام؛ فأنزل الله فيهم: ومن يشاقق الرسول الخ..([247]).
وفي رواية عن ابن عباس، بعد أن ذكر: أن صاحب الدرع أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي،
فلما رأى السارق ذلك عمد إليها، فألقاها في بيت بريء، وقال لرجل من عشيرته: إني غيبت الدرع، وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده؛ فانطلقوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
إلى أن قالت الرواية: فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ فبرأه، وعذره على رؤوس الناس؛ فأنزل الله: ?إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ..?([248])"([249]).
وقال الضحاك: أراد النبي "صلى الله عليه وآله" أن يقطع يده (أي يد اليهودي المتهم بالسرقة) وكان مطاعاً، فجاءت اليهود شاكين في السلاح؛ فأخذوه؛ وهربوا؛ فنزل: ها أنتم هؤلاء، يعني: اليهود([250]).
وقيل: إن زيد بن السمين أودع الدرع عند طعمة؛ فجحده طعمة، فأنزل الله تعالى: ?إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ..?([251]).
وذكر السدي: "أن الآية نزلت في طعمة بن أبيرق، استودعه رجل من اليهود درعاً؛ فانطلق بها إلى داره؛ فحفر لها اليهودي، ثم دفنها، فخالف إليها طعمة، فاحتفر عنها، فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها؛ فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته؛ فقال: انطلقوا معي؛ فإني أعرف موضع الدرع؛ فلما علم به طعمة أخذ الدرع، فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة، وأناس من قومه، فسبوه.
قال: أتخونونني؟ فانطلقوا يطلبونها في داره؛ فأشرفوا على دار أبي مليك، فإذا هم بالدرع.
وقال طعمة: أخذها أبو مليك.
وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقولوا له: ينضح عني، ويكذب حجة اليهودي، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتاه ناس من الأنصار؛ فقالوا: يا رسول الله، جادل عن طعمة، وأكذب اليهودي، فَهَمَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يفعل؛ فأنزل الله عليه: ?لاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً..? إلى قوله: ?أَثِيماً?.
ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم، فقال: ?يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله..? إلى قوله: ?وَكِيلاً?.
ثم دعا إلى التوبة، فقال: ?وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ..? إلى قوله: ?رَّحِيماً?.
ثم ذكر قوله حين قال: أخذها أبو مليك؛ فقال: ?وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً..? إلى قوله: ?مُّبِيناً?.
ثم ذكر الأنصار، وإتيانها إياه: أن ينضح عن صاحبهم، ويجادل عنه، فقال: ?لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ?، ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة، فقال: ?لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ?.
فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة، هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فأراد أن يسرقه، فسمع الحجاج خشخشة في بيته، وقعقعة جلود كانت عنده؛ فنظر فإذا هو بطعمة، فقال: ضيفي وابن عمي فأردت أن تسرقني؟! فأخرجه؛ فمات بحرة بني سليم كافراً، وأنزل الله فيه: ?وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ..? إلى قوله: ?وَسَاءتْ مَصِيراً?"([252]).
مناقشة النص:
ولكن لنا شكوك كبيرة في كثير من الجهات والأمور التي أثارتها النصوص المتقدمة، ونكتفي هنا بتسجيل النقاط التالية:
أولاً: إن ملاحظة النصوص المتقدمة، ومقارنتها فيما بينها، وكذلك مقارنتها مع غيرها من الروايات التي لم نذكرها، وإنما اكتفينا بالإشارة إلى مصادرها في الهامش،
إن هذه الملاحظة والمقارنة توضح لنا مدى التفاوت، والاختلاف، الذي قد يصل إلى درجة التناقض الواضح والفاضح فيما بينها، ولا نريد أن نذكر النصوص المتخالفة هنا، ما دام أن بوسع القارئ الكريم أن يلحظ ذلك بأدنى تأمل ومراجعة.
ثانياً: لقد ادّعت تلك النصوص: أن قوله تعالى: ?وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً? قد نزل بهذه المناسبة.
وقد أريد به: أن استغفر الله يا محمد "صلى الله عليه وآله" مما هممت به من معاقبة اليهودي.
وقيل: من جدالك عن طعمة.
وقد تمسك بهذه الآية من يرى جواز صدور الذنب من الأنبياء، وقالوا: لو لم يقع من الرسول "صلى الله عليه وآله" ذنب لما أُمر بالاستغفار([253]).
وقد صرحت بعض الروايات المتقدمة: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عمل أو همَّ بعمل كان في غير محله على الأقل.
ففي بعضها: أنه "صلى الله عليه وآله" قد لام قتادة لوماً شديداً.
وفي أخرى: جبهه رسول الله "صلى الله عليه وآله" جبهاً شديداً.
وفي ثالثة: أنه "صلى الله عليه وآله" مال على اليهودي ببعض القول.
ورابعة تقول: فعذره النبي "صلى الله عليه وآله"، وكذب عنه وهو يرى أنه بريء مكذوب عليه، فنزلت الآيات.
وفي خامسة: أنه "صلى الله عليه وآله" برأ السارق، وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله إنا أنزلنا الخ..
ولعل كلمة "الخصام" تشير إلى الشدة في ذلك؛ فإن المخاصمة: "المنازعة، بالمخالفة بين اثنين، على وجه الغلظة"([254]).
إلى غير ذلك من النصوص المختلفة، التي تفيد: أنه "صلى الله عليه وآله" قد عذر السارق، وساهم في تبرئته فعلاً، أو أنه هم بذلك.
أما نحن فنقول: إن ذلك لا يصح؛ وذلك للأمور التالية:
1 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" إما أن يكون قد قصر في تحريه للحقيقة فانخدع، فذلك لا يصح؛ لأن النبي "صلى الله عليه وآله"، لم يكن ليقدم على إدانة شخص، والدفاع عن آخر؛ ما لم يثبت له بعد التحري والتحقيق الدقيق براءته، وصدقه.
وأما الإقدام على تبرئة شخص، والدفاع عنه، من دون تحرٍ ولا تحقيق، فهو لا يصدر عن أي إنسان عادي آخر، فكيف بالنبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" الذي هو عقل الكل، ومدبر الكل، ورئيس الكل، وقد تلقى "صلى الله عليه وآله" الحكمة عن الله سبحانه، فلا يعقل أن يتصرف تصرفاً غير معقول كهذا.
وإما أن يكون قد حكم وفق الضوابط الظاهرية، التي جعلها الله سبحانه في موارد كهذه؛ فلا معنى لاعتبار ذلك من الذنوب التي لا بد أن يستغفر منها.
وإما أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد حكم وفق هواه، وعلى خلاف ما يريده الله سبحانه، حتى صح أن يعد الله ذلك ذنباً يستوجب الاستغفار.
فمعنى ذلك: أن لا يكون "صلى الله عليه وآله" معصوماً، وهذا خلاف ما ثبت بالدليل القاطع، والبرهان الناصع، من عصمته "صلى الله عليه وآله"، وخلاف الآيات التي ألزمت الناس بالرجوع إليه ليحكم بينهم، واعتبار حكمه حكماً إلهياً، لا بد من قبولهم به وانتهائهم إليه.
2 ـ إن قوله تعالى في بقية هذه الآيات التي يقال: إنها نزلت في هذه المناسبة: ?وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً?([255]).
ثم قوله: ?لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَّجْوَاهُمْ?.
وكذا قوله: ?إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ?([256]).
إن هذه الآيات تفيد: أنهم كانوا قد تناجوا في هذا الأمر، وبيَّتوا ما لا يرضي الله من القول، بهدف الذب عن صاحبهم، وإبعاد الشبهة عنه. ولكن لم يصل ذلك إلى درجة إقدامهم على تضليل النبي "صلى الله عليه وآله"، فلم يقدموا على ذلك أصلاً بصريح الآية التي تقول: ?وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مِنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ?([257])، فقد دلت الآية: على أنهم لم يهموا بإضلال النبي "صلى الله عليه وآله"، لا أنهم هموا بذلك وفعلوه ووقع النبي "صلى الله عليه وآله" والعياذ بالله في حبائل مكرهم، وهمَّ بمعاقبة السارق، أو بقطع يده، أو أنه برأه على رؤوس الأشهاد، وجبه قتادة جبهاً شديداً!!
وبتعبير أوضح: إن هؤلاءالناس قد يحاولون إضلال النبي "صلى الله عليه وآله"، زاعمين: أن ذلك ممكن لهم..
ولكن بما أن هذا الأمر يستحيل حصوله.. فلا يصل سعيهم إلى نتيجة، ويكون همهم به بمنزلة العدم من حيث إنه من قبيل الهم بالمستحيل.
فيصح القول: بأنهم لم يهموا بذلك تنزيلاً له بمنزلة العدم.. بسبب استحالة تحقق مقتضاه، لأجل فضل الله على رسوله "صلى الله عليه وآله".
3 ـ إن نفس الآية الأنفة الذكر تدل على: أنهم حتى لو أنهم حاولوا إضلال النبي "صلى الله عليه وآله" في هذا، فإنهم سوف يفشلون في ذلك قطعاً وسوف لن يؤثر ذلك في النبي "صلى الله عليه وآله"، وذلك لقوله تعالى: ?وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ? فإنه بقرينة قوله بعده: ?وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ?، يفيد: أن إضلال هؤلاء لا يتعدى أنفسهم ولا يتجاوزهم إليك.
ويفيد: نفي إضرارهم بالنبي "صلى الله عليه وآله" نفياً مطلقاً، وذلك بسبب أن الله قد: ?أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ?.
فنفس هذه الآية تفيد: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يرتكب ذنباً في حق أحد يجب أن يستغفر الله منه.
وبعد كل ما تقدم، فإن الظاهر هو: أن الآية الشريفة: ?وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً، وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً، وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ?،
إن كل ذلك لا بد أن يكون وارداً مورد التأديب والتعليم له ولأمته في أن لا يبادروا بالخصام إلا بعد تبيّن الحق لهم، وليس يريد إثبات أنه "صلى الله عليه وآله" قد خاصم فعلاً عن الخائنين وجادل عنهم، فأذنب بذلك، فوجب أن يستغفر الله سبحانه. فإن ذلك ليس مراداً قطعاً؛ وذلك لما قدمناه من القرائن والأدلة، وهو من قبيل قوله تعالى: ?لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ?([258]) فإنه لا يدل على وقوع الشرك منه "صلى الله عليه وآله".
أضف إلى ذلك كله: أن الشيخ الطوسي "رحمه الله تعالى" يقول: "على أنَّا لا نعلم: أن ما روي في هذا الباب وقع من النبي "صلى الله عليه وآله" لأن طريقه الآحاد، وليس توجه النهي إليه بدالٍّ على أنه وقع منه ذلك المنهي"([259]).
ثالثاً: وقالوا حول آية: ?لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ? : احتج به من ذهب من علماء الأصول: إلى أن له "صلى الله عليه وآله" أن يحكم بالاجتهاد، بهذه الآية([260]).
ونقول: إن الآية على خلاف ذلك أدلّ، حيث إن مفادها: أن الله سبحانه يريه الحق من الكتاب، فيحكم به.
وإلا فلو كان مراد الآية: أن له "صلى الله عليه وآله" أن يحكم بالاجتهاد، لكان ذكر إنزال الكتاب، ثم تعليل ذلك بقوله: ?لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ?.
أضف إلى ذلك: أن الله سبحانه إذا أراه شيئاً فإنما يريه الحق، ولا يريه ما ليس بحق، ولو كان من قبيل الاجتهاد، الذي قد يخطئ ويصيب، لكان ينبغي أن يقول: بما تراه أنت ليشمل ما كان حقاً وما لم يكن كذلك.
وقد قال عمر بن الخطاب: "لا يقولن أحدكم: قضيت بما أراني الله، فإن الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه "صلى الله عليه وآله"، ولكن ليجتهد رأيه، فإن الرأي من الرسول "صلى الله عليه وآله" كان مصيباً، لأن الله كان يريه إياه، وهو منّا الظن والتكلف"([261]).
وروي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال: "كان الرأي من رسول الله "صلى الله عليه وآله" صواباً، ومن دونه خطأ؛ لأن الله تعالى قال: فاحكم بينهم بما أراك الله، ولم يقل ذلك لغيره"([262]).
ويلاحظ هنا: أن الآية منقولة في هذه الرواية بالمعنى، لا بنصها الحرفي. والآية هي: ?لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ?
رابعاً: أما ما ورد في رواية الضحاك؛ من أن اليهود جاؤوا شاكين السلاح، فخلصوا صاحبهم، وهربوا به، فهو موضع شك كبير، إذ لم يكن اليهود ليجرؤوا على ذلك بعد أن رأوا ما جرى لبني قينقاع من قبل، ثم لبني النضير.
وسيأتي بعض ما يرتبط بهذا الموضوع إن شاء الله تعالى.
كما ويرد هنا سؤال: إنه لماذا لم يتعقبهم المسلمون؟! وإلى أين هربوا؟ فهل إنهم خرجوا من البلاد التي تدين بالولاء لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟ ولماذا لم يذكر التاريخ لنا ذلك؟!
هذا كله، عدا عن أن ذلك يعتبر نقضاً للوثيقة التي كتبت في مطلع الهجرة فيما بين اليهود والمسلمين، والتي تنص على أن كل حدث واشتجار يخاف فساده: فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد "صلى الله عليه وآله"([263]).
خامساً: إن الظاهر هو: أن سورة النساء قد نزلت بعد السنة السادسة للهجرة، لأنهم يقولون: إنها نزلت بعد سورتي الأحزاب والممتحنة([264]) وهي قد نزلت بعد السنة الرابعة ولا سيما سورة الممتحنة، فإن قصة حاطب بن أبي بلتعة وكتابته لقريش، وانكشاف ذلك قد كان في قصة الحديبية([265]).
وثمة شواهد أخرى على ذلك في السورة مثل مجيء النساء المؤمنات في الحديبية، ونزول آية: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ المُؤْمِنَاتُ..?([266]).
وصرح في رواية ابن عباس: بأن سورة الممتحنة نزلت بعد صلح الحديبية([267]).
كما أنها قد نزلت بعد سورة: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً?([268]) ولا شك في أن هذه السورة قد نزلت في شأن الحديبية وصرح الرواة في آية بيعة النساء بأنها نزلت عام الفتح([269]).
(وليراجع بقية تفسير سورة الممتحنة وتفسير سورة الأحزاب في الدر المنثور للوقوف على موارد أخرى تدل على ذلك).
أضف إلى ذلك: أنهم يقولون: إن قوله تعالى: ?إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا? الواردة في سورة النساء قد نزلت يوم فتح مكة، حيث رد الرسول مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن أبي طلحة، حسبما يقولون([270]).
بل لقد زعم النحَّاس: الاتفاق على نزول هذه الآية في مكة، حتى ادعى أن سورة النساء مكية([271]).
وفيها أيضاً: آية التيمم، التي يقول أبو هريرة وهو قد أسلم سنة سبع([272]): إنها لما نزلت لم يدرِ كيف يصنع([273]).
وتتبع الموارد الأخرى يُترك لمن أراد ذلك.
سادساً: تقدم: أن الطبري قد استظهر أن تكون القضية واردة في الخيانة في الوديعة لأن الخيانة إنما تقال في هذا المجال.
سابعاً: لقد روي في تفسير قوله تعالى: ?إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ? ما يفيد: أن هذه الآيات قد نزلت في مورد آخر فراجع([274]).
ولم نفهم لماذا لم يشتك نفس صاحب الدرع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأرسل شخصا آخر لهذا الغرض؟!
وأخيراً فإننا نلاحظ: أن بعض الروايات تهدف إلى الطعن بالأنصار، والحط من قدرهم.
الكلمة الأخيرة:
ولكننا مع كل ما تقدم، فإننا لا نستبعد أن يكون لهذه الرواية أصل، وإن لم نستطع أن نحدده بدقة، فربما يكون ثمة شخص قد سرق درعاً لأحدهم، فلما خاف أن تقطع يده هرب وارتد.
الارتداد لماذا؟!
ليس عجيباً أن يسرق الإنسان شيئاً ما، بدافع الحاجة أحياناً، أو بدافع الإضرار بخصمه أحياناً أخرى، أو لاقتضاء عادته وظروفه النفسية وغيرها وخصوصاً مع عدم بنائه نفسه، وأخلاقه، وعاداته، وسلوكه بصورة عامة، وفق المبادئ والمثل العليا التي يؤمن بها.
ولكن العجيب حقاً أن يتخلى هذا الإنسان عن عقيدته، وفكره، وقناعاته بسبب أمر تافه كهذا؟! وهذا إن دل على شيء؛ فإنما يدل على: أن هذه العقيدة لم تتخذ من نفسه صفة الأصالة والرسوخ الكامل، ولا اتصلت بعقله وبروحه، ولا هو تفاعل معها وعاشها فكراً وعقيدة وسلوكاً، وإنما كانت بالنسبة إليه نوعاً من الترف الفكري، أو انسياقاً في جو معين لم يَر بأساً من الانسياق معه، ولا ضرورة للتخلف عنه.
ماذا يقطع في حد السرقة؟!
إن حد السرقة هو قطع اليد، واختلفوا فيما يقطع منها، فقال قوم: بأن القطع للأصابع فقط. وإن كان الجمهور على أن القطع من الكوع([275]) على حد تعبير ابن رشد، واتفق على ذلك الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل([276]).
ولكن قد خالف الشيعة في ذلك، وذهبوا تبعاً لأئمتهم إلى أن القطع يجب أن يكون من أصول الأصابع. ويدل على ذلك من النصوص الواردة عن أمير المؤمنين "عليه السلام" وغيره:
1 ـ إن الجاحظ يذكر: أن أمير المؤمنين "عليه السلام" كان يقطع اليد من أصول الأصابع، حتى عد الجاحظ ذلك من المطاعن عليه([277]). وذلك يدل على شهرة ذلك عنه.
2 ـ روى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: أن علياً كان يقطع اليد من الأصابع، والرجل من نصف الكف([278]).
3 ـ ويشير إلى ذلك: أنهم يروون: أنه "عليه السلام" قد جيء بسارق، فقال لقنبر: اذهب به يا قنبر، فشد إصبعه، وأوقد النار، وادع الجزار ليقطع الخ..([279]).
فإن الظاهر: أنه أمره بشد إصبعه، ليكون القطع من أصول الأصابع.
4 ـ ويؤيد ذلك: قول عمر: لا تقطع الخمس "أي الأصابع" إلا في خمس([280]) أي دراهم.
5 ـ "وكان علي بن أصمع على البارجاه، ولاه علي بن أبي طالب "صلوات الله عليه"، فظهرت منه خيانة، فقطع أصابع يده، ثم عاش حتى أدرك الحجاج؛ فاعترضه يوماً، فقال: أيها الأمير، إن أهلي عقوني.
قال: بم ذاك؟
قال: سموني علياً.
قال: ما أحسن ما لطفت. ثم ولاه ولاية، ثم قال: والله لئن بلغتني عنك خيانة لأقطعن ما أبقى علي من يدك([281]).
6 ـ بل الظاهر: أن قطع الأصابع قد كان شائعاً قبل زمان عطاء، أي في الصدر الأول، كما يفهم من تساؤل ابن جريج، وجواب عطاء له، فقد قال ابن جريج لعطاء: سرق الأولى.
فقال: يقطع كفه.
قلت: فما قولهم: أصابعه؟!
قال: لم أدرك إلا قطع الكف كلها([282]).
خسوف القمر:
ويقولون: إنه في السنة الخامسة من الهجرة في جمادى الآخرة انخسف القمر، وجعل اليهود يضربون بالطساس (جمع طاس) ويقولون: سحر القمر. فصلى بهم النبي "صلى الله عليه وآله" صلاة الخسوف، حتى انجلى القمر([283]).
ونقول:
إن من الواضح: أن اليهود لم يكونوا سليمي النوايا حينما ضربوا بالطساس، وقالوا: سحر القمر.
وذلك لأن خسوف القمر أمر عادي يحدث كثيراً، ويعرفه كل أحد.
فهل أراد اليهود بعملهم هذا التلاعب بأفكار الناس، وإيهامهم بأن هذا من فعل محمد "صلى الله عليه وآله"، وأنه ساحر، وليس بنبي؟!
إن تاريخ اليهود، ونشاطاتهم الماكرة والهدامة، لا تأبى عن تقوية هذا الاحتمال، وتأكيده.
النبي ' يبعث بالأموال إلى مكة:
وفي السنة الخامسة كما يقولون: أصابت قريشاً شدة، فبعث إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بفضة، يتألفهم بها([284]).
وفي بعض النصوص: أنه أرسل إليهم بخمس مئة دينار([285]).
عن عبد الله بن علقمة الخزاعي، عن أبيه، قال: بعثني النبي "صلى الله عليه وآله" بمال لأبي سفيان بن حرب، يفرق في فقراء قريش، وهم مشركون يتألفهم. فقدمت مكة ودفعت المال إلى أبي سفيان فجعل أبو سفيان يقول: من رأى أبرّ من هذا ولا أوصل ـ يعني: النبي "صلى الله عليه وآله" ـ إنا نجاهد ونطلب دمه وهو يبعث إلينا بالصلات يبرنا بها([286]).
أما ما ذكره ابن سعد: من أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل إلى أبي سفيان بمال يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح([287]) فلعلها كانت مرة أخرى غير التي كانت في السنة الخامسة. ولعل الرسول في كلا الحادثتين رجل واحد أيضاً.
ونقول:
إن هذا الموقف للرسول "صلى الله عليه وآله" من مشركي مكة لا يجوز تفسيره على أنه محاولة منه لشراء ولائهم، عن طريق استغلال ضعفهم الناشئ عن مكابدة الحاجة، ومكافحة الجوع، ومعاناة البلاء والالآم؛ لأن معنى ذلك هو أن مواقفه "صلى الله عليه وآله" وتصرفاته كانت تمليها عليه الروح التجارية، والشعور الانتهازي وأهداف لا إنسانية بصورة عامة.
وإنما عكس ذلك هو الصحيح. فإن مواقف المشركين معه "صلى الله عليه وآله"، وجرائمهم تجاهه، وتجاه أهل بيته وأصحابه والتي كانت قد بلغت الغاية، وأوفت على النهاية، لو فرض أنها قد كان لها دور في ما يتخذه من مواقف ويقوم به من أعمال، فقد كان اللازم هو أن يجد في معاناة أهل مكة أنواع البلاء ما يشفي غليل صدره ومتنفساً لحقده ووجده.
ولكننا نجده يعلن بفرحه وسروره، ويعرب عن تمنياته بزيادة النكبات، وتوالي المصاعب والمتاعب وبمضاعفة البلايا والمآسي على أولئك الذين لم يألوا جهداً ولم يدخروا وسعاً في حربه، وقهره، وإلحاق مختلف أنواع الأذى به وبكل من يلوذ به.
نعم، إن هذا هو الذي كان يمكن أن نتوقعه منه "صلى الله عليه وآله" في ظروف كهذه ولكن من يراجع حياة النبي "صلى الله عليه وآله" ومواقفه من أهل مكة قبل وبعد هذه القضية، فإنه يجده ذلك الرجل المشفق، والوالد الرحيم لهم حتى وهم يتخذون ضده وضد أهل بيته وأصحابه أعتى المواقف، ويرتكبون في حقهم أبشع الجرائم وأفظعها، فهو القائل في حرب أحد، التي قتل فيها عمه أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وهو الذي قال لأهل مكة، حينما دخلها بعد ذلك في سنة ثمان للهجرة: اذهبوا؛ فأنتم الطلقاء.
مع أنهم قد حاربوه، ونابذوه على مدى سنوات طويلة، وقتلوا، أو تسببوا في قتل الكثيرين من الخيرة من أهل بيته وأصحابه.
وقد وصف القرآن الكريم حالته ومشاعره هذه بأنه: ?عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ، حَرِيصٌ عَلَيْكُم، بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ?([288]).
بل لقد كانت نفسه تذهب حسرات عليهم، حتى لقد قال الله تعالى له: ?فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ?([289]).
وقال مخاطباً إياه: ?فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً?([290]).
نعم.. وهو هو شأن المسلم الأول، وتلك هي تعاليم الإسلام والتربية الإلهية الخالصة، التي تسمو بالإنسان عن أن يكون أسير انفعالاته وأحقاده، وتفتح أمامه الآفاق الرحبة، ليعيش الحياة بكل صفائها ونبلها، وبكل كمالاتها ومواهبها، لا تقيده قيود، ولا تحده حدود.
أول وافد على رسول الله ':
ويقولون: إنه في السنة الخامسة قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلال بن الحارث، في أربعة عشر رجلاً من مزينة، فأسلموا. وكان أول وافد مسلم بالمدينة.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": ارجعوا، فأينما تكونوا فأنتم من المهاجرين. فرجعوا إلى بلادهم([291]).
ونقول: إننا نسجل هنا ما يلي:
1 ـ إن اعتبار النبي "صلى الله عليه وآله" هؤلاء من المهاجرين أينما كانوا وحيثما وجدوا يشير إلى:
ألف: إن المهاجر لا ينحصر بمن قدم من مكة إلى المدينة، بل يعم كل من هاجر من بلاده إلى الله ورسوله، كما أشارت إليه الآية بل الآيات القرآنية.
إذاً: فلا يحق لأهل مكة أن يعتبروا أنفسهم "المهاجرين" دون غيرهم. فالامتيازات التي حاولوا أن يختصوا بها لأنفسهم دون غيرهم على هذا الأساس تصبح بلا مبرر مهما كان ضعيفاً وغير معقول.
ب : إن اعتبارهم من قبل النبي "صلى الله عليه وآله" مهاجرين، حتى مع بقائهم في بلادهم هو بدوره أيضاً توضيح ومعيار آخر لمفهوم المهاجر الذي يعترف به الإسلام ويتعامل على أساسه.
ج : إننا نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد ركز على كونهم من المهاجرين، ولم يعتبرهم من الأنصار، ولا ندري إن كان ذلك منه "صلى الله عليه وآله" وهو الذي كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق إلماحة إلى سياسة الاستئثار والتجني التي سوف ينتهجها الحكام تجاه الأنصار، لصالح المهاجرين، وهو بذلك يبذل محاولة لإعطاء المبررات المنطقية لإدانة تلك السياسة الظالمة وإظهار بعدها عن النزاهة، وعن العدالة.
وقد رأيناه "صلى الله عليه وآله" قد اعتبر: أن كل من دخل في الإسلام طوعاً فهو مهاجري([292]) حسبما روي عنه.
وهذا بدوره إدانة أخرى لتلك السياسات التي انتهجها الخليفة الثاني بعده لصالح المهاجرين ضد الأنصار، بهدف تكريس الحكم في هذا الفريق الذي يهتم الخليفة الثاني بأمره، ويرسم لذلك الخطط، ويضع له المناهج.
وقد أشرنا إلى شيء مما حاق بالأنصار في الجزء الخامس من هذا الكتاب فليراجعه من أراد، وتحدثنا عن جانب من هذه السياسات في كتابنا "الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام".
2 ـ إننا نلاحظ: أن هذه الوفود قد بدأت في السنة الخامسة، وذلك يدل على: أن الناس قد بدأوا يشعرون بقوة الإسلام، وشوكته، وأصبح واضحاً لديهم: أن قريشاً، بكل جبروتها وقوتها ونفوذها قد باتت عاجزة عن تسديد ضربة قاضية لهذا الدين الجديد رغم أنها قد ألحقت بالمسلمين خسائر كبيرة في حرب أُحد، ولكن تحرك النبي "صلى الله عليه وآله" في غزوة حمراء الأسد وفي غيرها وحتى في حرب أُحد بالذات قد ضيع عليها فرص تكريس النصر لها كما هو معلوم.
إذاً، فقد كان من الطبيعي أن يظهر من يرغب بالإسلام إسلامه، دونما خوف أو وجل.
كما أن من الطبيعي أن يخطب أولئك الذي يعيشون في المنطقة ود المسلمين، وأن يعقدوا معهم معاهدات وإتفاقات توضح نوع ومستوى ومنطلقات العلاقة بهم.
وهذه الوفود، وإن كانت قد ظهرت على نطاق واسع في سنة تسع من الهجرة أي بعد فتح مكة، وكسر شوكة قريش والقضاء على جبروتها،
ولكن بدء هذه الوفود ولو بصورة محدودة في السنة الخامسة، يدلل على وجود تحول حقيقي في ميزان القوى في المنطقة، ثم في نظرة الناس للإسلام، والمسلمين، وحساباتهم الدقيقة وتصوراتهم فيما يختص بالتعامل معه كقوة جديدة في المنطقة، وكدين جديد أيضاً.
3 ـ قولهم: إن وفد بلال بن الحارث كان أول وفد مسلم إلى المدينة قد يكون موضع ريب وشك إذا أردنا أن نبحث هذا الموضوع بدقة وأناة، فلعل وفد ضمام بن ثعلبة كان قبله.
إلا أن يدَّعى :أن ضماماً لم يكن قد أسلم حينئذٍ.
ومهما يكن من أمر: فإن موضوع الوفود وسائر ما يتعلق به موكل إلى ما يأتي إن شاء الله تعالى.
4 ـ وإذا كان بلال بن الحارث شاباً في مقتبل العمر، لم يتجاوز الخمس وعشرين سنة([293]) فإن نسبة هذا الوفد إليه، من بين سائر الرجال الذين رافقوه، ولعل الكثيرين منهم كانوا أسن منه، وقد يكون فيهم من هو من ذوي الشرف والرياسة في تلك القبيلة،
نعم.. إن نسبة الوفد إلى هذا الشاب دون أي منهم يصبح بحاجة إلى مزيد من التأمل والتحقيق والتدبر.
5 ـ إن بلالاً كان يسكن وراء المدينة([294]) ـ كما يقولون ـ فلا بد من التأمل أيضاً في سبب اعتبار قدومه إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وفادة عليه.
نسأل الله التوفيق لمزيد من البحث في ذلك في الوقت المناسب.
وفد ضمام بن ثعلبة:
قال الدياربكري: "وفي هذه السنة قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضمام بن ثعلبة، من بني سعد بن بكر، وعليه جمع كثير من أكابر أهل السير.
لكن الحافظ ابن حجر، قال في فتح الباري: إن قدوم ضمام كان في السنة التاسعة، كما ذهب إليه محمد بن إسحاق، وسيجيء في الخاتمة"([295]).
ونحن نوكل الحديث والتحقيق في ذلك إلى الحديث عن سنة تسع، وهي سنة الوفود إن شاء الله تعالى.
وإنما ذكرنا ذلك هنا متابعة لهم، وللإشارة إلى الموضع الذي نفضل إرجاء طرح هذه المسائل إلى حين بلوغه.
غدر مقيس بن حبابة:
قالوا: وفي السنة الخامسة، قدم مقيس بن حبابة من مكة، متظاهراً بالإسلام، فقال: يا رسول الله، جئتك مسلماً، وجئتك أطلب دية أخي، قتل خطأ، فأمر له رسول الله بدية أخيه هشام بن حبابة، فأقام عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" غير كثير، ثم اعتدى على قاتل أخيه، فقتله، ثم رجع إلى مكة مرتداً([296]).
وذلك إن دل على شيء، فإنما يدل على: عدل الإسلام، وسماحته وتسامحه، ويظهر زيف وسقوط مناوئيه، وغدرهم.
وهو يعطي الصورة العملية عن أخلاقيات الإسلام ومناقبيته، ووفائه بالتزاماته.
وإلى جانب ذلك تظهر اللاأخلاقية والفلتان واللامبدئية الجاهلية.
أعاذنا الله من شرور أنفسنا، وهدانا إلى سواء السبيل.
الباب الثالث:
حتى بئر معونة
الفصل الأول: سريتان ناجحتان
الفصل الثاني: مأساة الرجيع: نصوص وآثار
الفصل الثالث: حدث ونقد
الفصل الرابع: جثة خبيب
الفصل الأول:
سريتان ناجحتان
بـدايـة:
هذا.. وقد كانت فيما بين أُحد والخندق العديد من السرايا والغزوات وكانت لها نتائج إيجابية، على الصعيد السياسي العام وكذلك على الصعيد الاجتماعي، والعسكري وغير ذلك كما سنرى.
وحيث إن السرايا لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" يشارك فيها، وإنما كان يشارك في الغزوات فقط، فلسوف نحاول الفصل فيما بينهما في الحديث، ولسوف نهتم بالغزوات التي يشارك فيها النبي "صلى الله عليه وآله" بنفسه أكثر، لنستفيد من أقواله ومواقفه "صلى الله عليه وآله" الدروس والعظات والعبر، ولتكون لنا نهج حياة، ومنار هداية، ودليل خير وفلاح.
وليُعلم: أن كثيراً مما يذكر في هذه الغزوات والسرايا، يحتاج إلى بحث وتمحيص، وقد لا نرى ضرورة كبيرة للمبادرة لتحقيقه ومعالجته في هذه العجالة، توفيراً للفرصة لما هو أهم وأكثر ضرورة وإلحاحاً.
فما نذكره هنا لا يدل على أننا نقطع بصحته، وإنما نذكره متابعة للمؤرخين، فليعلم ذلك.
ونذكر هذه السرايا حسب الترتيب الزمني، فيما ظهر لدينا، أو حسب ما نص عليه المؤرخون فنقول:
سرية أبي سلمة إلى قطن:
ويقولون: إنه في هلال المحرم، على رأس خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة،
وقيل: في آخر سنة ثلاث، على رأس أربعة وثلاثين شهراً كانت سرية أبي سلمة، عبد الله بن عبد الأسد، إلى قطن([297])، وكان معه مئة وخمسون رجلاً من الأنصار والمهاجرين، منهم: أبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأسيد بن حضير، وسالم مولى أبي حذيفة، وغيرهم.
فإن رجـلاً من طيء، وقيل: من نفس الـذين توجـه أبو سلمة لغزوهم ـ واسمه الوليد بن زهير بن طريف ـ وقيل: الوليد بن الزيه الطائي، ولعله تصحيف زهير، أو العكس ـ كان قد قدم المدينة لزيارة زينب الطائية ابنة أخيه، وزوجة طليب بن عمير ـ فأخبر صهره أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يريدون أن يدنوا من المدينة لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقالوا: نسير إلى محمد في عقر داره، ونصيب من أطرافه؛ فإن لهم سرحـاً يرعى جـوانـب المدينة، ونخرج على متون الخيـل، فقد أربعنا خيلنا ـ أي أرعيناها الربيع ـ ونخرج على النجائب المخبورة؛ فإن أصبنا نهباً لم ندرك، وإن لاقينا جمعهم كنا قد أخذنا للحرب عدتها؛ معنا خيل و لا خيل معهم، ومعنا نجائب أمثال الخيل، والقوم منكوبون قد أوقعت بهم قريش، فهم لا يستبلون دهراً ولا يثوب لهم جمع.
فقال رجل منهم اسمه: قيس بن الحارث: يا قوم، والله ما هذا برأي، ما لنا قبلهم وتر، ولا هم نهبة لمنتهب، إن دارنا لبعيدة من يثرب، ما لنا جمع كجمع قريش، مكثت قريش دهراً تسير في العرب تستنصرها، ولهم وتر يطلبونه، ثم ساروا وقد امتطوا الإبل، وقادوا الخيل، وحملوا السلاح، مع العدد الكثير، ثلاثة آلاف مقاتل سوى أتباعهم، وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاث مئة رجل، إن كملوا، فتغررون بأنفسكم، وتخرجون من بلدكم، ولا آمن أن تكون الدائرة عليكم.
فكاد ذلك أن يشككهم في المسير، وهم على ما هم عليه بعد، فذهب به صهره إلى النبي "صلى الله عليه وآله"؛ فأخبره كما أخبره.
وفي رواية: أنهم كانوا قد جمعوا، وتوجهوا إلى المدينة، ثم بدا لهم الرجوع، فرجعوا إلى منازلهم.
وعند البلاذري: كانوا قد جمعوا جمعاً عظيماً.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا سلمة، وأرسل معه نفس ذلك الرجل الذي أخبره بجمعهم، وقال "صلى الله عليه وآله" لأبي سلمة: سر حتى تنزل أرض بني أسد، فأغر عليهم، قبل أن تلاقى عليك جموعهم.
فخرج، وكان الطائي دليلاً خريتاً ـ أي ماهراً ـ فأغذّ السير فسار بهم أربعاً إلى قطن، وسلك بهم غير الطريق وعارض الطريق، وسار بهم ليلاً ونهاراً.
وفي رواية أخرى: أنهم كان يسيرون في الليل ويكمنون في النهار ليعمي عليهم الأخبار، فسبقوا الأخبار، وانتهوا إلى أدنى قطن، ماء من مياه بني أسد.
فتذكر رواية: أن أبا سلمة أغار على سرحهم ودوابهم وأصابوا ثلاثة أعبد، كانوا رعاة، وهرب الباقون، وأخبروا قومهم بمجيء أبي سلمة، وكثرة جيشه ـ وبتعبير الواقدي: وكثروه عندهم ـ .
فخافوا، وهربوا عن منازلهم في كل وجه، ثم ورد أبو سلمة، فوجد الجمع قد تفرق، وجعل أصحابه ثلاث فرق، فرقة أقامت، وفرقتان أغارتا في ناحيتين شتى، وأوعز إليهم ألا يمعنوا في طلب أحد، وألا يفترقوا، وألا يبيتوا إلا عنده، واستعمل على كل فرقة عاملاً منهم؛ فآبوا إليه جميعاً سالمين، ولم يلقوا أحداً، وجمعوا ما قدروا عليه من الأموال ورجعوا إلى المدينة.
وفي رواية أخرى: أنه لقيهم فقاتلهم، فظفر وغنم، وأنه قتل عروة بن مسعود (الصحيح: مسعود بن عروة) في هذه الغزوة على ما قاله أبو عبيدة البكري.
وأن أبا سلمة لما ورد قطن، وجدهم قد جمعوا جمعاً، فأحاط بهم أبو سلمة في عماية الصبح، فوعظ القوم ورغبهم في الجهاد، وأوعز إليهم في الإمعان في الطلب، وألف بين كل رجلين، فانتبه الحاضر قبل حملة القوم عليهم، فتهيأوا وأخذوا السلاح، أو أخذه بعضهم، فقتل سعد بن أبي وقاص رجلاً منهم، وقتل رجل منهم مسعود بن عروة، فحازه المسلمون إليهم، حتى لا يسلب من ثيابه، ثم حمل المسلمون فانكشف المشركون، وتفرقوا في كل وجه، ثم أخذ أبو سلمة ما خف لهم من متاع القوم، ولم يكن في المحلة ذرية، ثم انصرفوا راجعين إلى المدينة، حتى إذا كانوا من الماء على مسيرة ليلة أخطأوا الطريق، فهجموا على نعم لهم، فيها رعاؤهم، فاستاقوا النعم والرّعاء، فكانت غنائمهم سبعة أبعرة.
وفي رواية: أنهم لما أخطأوا الطريق.. استأجروا دليلاً فقال لهم: أنا أهجم بكم على نعم؛ فما تجعلون لي منه؟
فقالوا: الخمس.
قال: فدلهم على النعم، وأخذ خمسه.
وفي نص آخر: أن أبا سلمة أعطى الدليل الطائي ما أرضاه، وعزل للنبي "صلى الله عليه وآله" عبداً، (صفي المغنم)، ثم خمسها، وقسم الباقي على السرية، فبلغ سهم كل واحد سبعة أبعرة، وأغناماً.
وكانت مدة غيبتهم عشرة أيام، وقيل: أكثر من ذلك([298]).
ملاحظات لا بد منها:
ولنا على ما تقدم ملاحظات، هي:
ألف: إن النص المتقدم يقول: إن سرية أبي سلمة إلى قطن قد كانت في هلال المحرم، على رأس خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة.
ونقول:
أولاً: إن من الواضح: أن هجرة الرسول الأعظم والأجلِّ الأكرم "صلى الله عليه وآله" قد كانت في شهر ربيع الأول.
وهذا معناه: أن سرية أبي سلمة كانت على رأس أربعة وثلاثين شهراً، إلا إذا كان المقصود: أنها كانت في أول الشهر الخامس والثلاثين كما هو الأولى.
ثانياً: إنها إذا كانت في أول المحرم، فلا يمكن أن تكون في أول السنة الرابعة، إلا بنحو من المسامحة، وزيادة شهرين، لأن الهجرة كانت في ربيع الأول، كما قلنا، وكان هو أول السنة، وتغييره إلى المحرم إنما كان من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بعد سنوات طويلة.
فمن قال: إنها كانت في أول الرابعة فقد اعتمد التاريخ الذي وضعه عمر بن الخطاب، وتسامح بإضافة شهرين.
ومن قال: إنها كانت في أواخر الثالثة فقد اعتمد التاريخ الأصيل الذي وضعه النبي "صلى الله عليه وآله" والذي يكون أول السنة فيه هو ربيع الأول، ويكون كلامه أكثر دقة وانسجاماً مع الواقع.
ثالثاً: إن كون سرية أبي سلمة هذه قد كانت سنة ثلاث في آخرها، أو في أول سنة أربع، لا يتلاءم مع القول بأن أبا سلمة قد توفي سنة اثنتين ولا مع القول بأنه قد توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، حسبما قدمناه، حين الكلام على وفاته.
رابعاً: إنه قد تقدم في المجلد الخامس من هذا الكتاب بعض القرائن التي تفيد أنه توفي سنة اثنتين، وهو ما ذهب إلىه البعض، حسبما ألمحنا حين الكلام على وفاته.
وقد ذكرنا في الجزء الخامس: أن أم سلمة قد حضرت زفاف فاطمة كزوجة للنبي، إلا أن تكون أم سلمة قد حضرت هذا الزفاف كامرأة من النساء ويكون المراد ببيت أم سلمة: البيت الذي صار لها فيما بعد. وإن كان ذلك خلاف الظاهر. حيث إن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما كان يبني لزوجاته البيوت بعد زواجه بهن، ولأنه يظهر من الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يتعامل معها كزوجة، كما ألمحنا إليه فيما تقدم. والله هو العالم بحقيقة الحال.
ب: يلاحظ: أن الرواية المتقدمة تقول: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر أبا سلمة بالإغارة عليهم بغتة، قبل أن يعلموا أو يجمعوا الجيش.
ولعل ذلك يرجع إلى أنهم كانوا قد بادروا هم إلى نصب العداء للمسلمين، وجمع الجموع للإغارة على المدينة، فأصبحوا من المحاربين، الذين لا بد من كسر شوكتهم، ودفع غائلتهم، ولم يعد لهم أمان، ولا حرمة، ولا عهد. فلا مانع من تربص غفلتهم، والإغارة عليهم بغتة، فإنما: "على نفسها جنت براقش"، ولا يعتبر ذلك غدراً بهم، ولا تجنياً عليهم، فإن المحارب إذا قصر في الاحتياط لنفسه، لا يكون معذوراً، ولا يجب على غيره أن ينوب عنه في ذلك.
ومن جهة ثانية: فإن هذا الأمر من شأنه أن يقلل من حجم الخسائر في الأرواح في صفوف المسلمين، وحتى في صفوف المشركين أيضاً.
كما أن من شأنه أن يعود بالفائدة الكبيرة على المسلمين من الناحية الاقتصادية ـ كما يتضح من حجم الغنائم التي حصلوا عليها ـ ويضعف عدوهم من هذه الناحية أيضاً، وبالتالي فإنه يربك خطط العدو وخطواته في مجال التآمر على المسلمين، وضربهم، ويؤجل كثيراً من المشاكل، والأخطار إلى أجل مسمى، الأمر الذي ربما يحمل معه الكثير من المستجدات، التي قد لا يبقى معها مجال للحرب، ولا للخصومة على الإطلاق.
ولعل ما ذكره ابن سعد من قول الرسول "صلى الله عليه وآله" لأبي سلمة: سر حتى تنزل أرض بني أسد فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم([299])، يشير إلى الأمرين السابقين.
ج: إن ذلك يعطينا: أنه لا مانع من المبادرة إلى أعمال وقائية، تمنع الأعداء من تسديد الضربات القاسية للمؤمنين، ما دام العدو بصدد ذلك، ويعد العدة له.
أضف إلى ذلك: أن غزو المسلمين في عقر دارهم يضعف أمرهم، ويوهن عزمهم، ويطمع فيهم أعداءهم.
أما إذا بادروا هم إلى مبادءة أعدائهم في عقر دارهم، فإن ذلك أبعد للسمع، وأنكى للعدو، وأقوى لقلوب المسلمين.
د: لعل الرواية الأخيرة أقرب إلى الصواب، إذا ثبت أن مسعود بن عروة أو عروة بن مسعود قد قتل في هذه الغزوة: كما نص عليه البعض([300]).
كما ويلاحظ: دقة نصوصها وتفصيلاتها، ولعلها لا تأبى عن الجمع بينها وبين الرواية الأخرى التي لا تخلو من شيء من الإجمال.
إغتيال سفيان بن خالد:
وتعرف بسرية عبد الله بن أنيس.
ويقولون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد بعث عبد الله بن أنيس ـ وحده ـ إلى قتل سفيان بن خالد، وفي الإكتفاء والمواهب اللدنية: خالد بن سفيان، حيث بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه يجمع الجموع لحرب المسلمين، وضوى إليه بشر كثير من أفناء الناس.
فخرج عبد الله بن أنيس إليه ليقتله، فرواية تقول: لقيه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلاً، فسأله عن نفسه، فأخبره بأنه رجل من العرب سمع بجمعه لهذا الرجل أي النبي فجاءه لذلك، فقال: أجل، أنا في ذلك.
فمشى معه شيئاً، حتى إذا أمكنته الفرصة قتله، وترك ظعائنه مكبات عليه.
وعند البلاذري: أنه قتله وهو نائم. ويبدو أنه ناظر إلى ما جاء في الطبقات وغيره، عن ابن أنيس قال: "واستأذنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن أقول، فأذن لي، فخرجت، وأخذت سيفي، وخرجت أعتزي إلى خزاعة ـ وفي السيرة الحلبية والواقدي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمره بالانتساب إليها ـ حتى إذا كنت ببطن عرنة([301]) لقيته يمشي ووراءه الأحابيش، ومن ضوى إليه".
فمشى معه، وحدثه بما هو قريب مما تقدم، وفيه أنه استحلى حديث ابن أنيس، حتى انتهى إلى خبائه؛ وتفرق عنه أصحابه، حتى إذا هدأ الناس وناموا، اغتررته فقتلته، وأخذت رأسه، ثم دخلت غاراً في جبل، وضربت العنكبوت عليَّ الخ..
ثم صار يسير بالليل ويكمن بالنهار حتى قدم بالرأس على النبي، فوضعه بين يديه، وكانت مدة غيبته ثمانية عشر يوماً.
ويذكر أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أعطاه بهذه المناسبة عصاً ليتخصر بها في الجنة، فأوصى أهله، حتى لفوها في كفنه ـ أو بين جلده وكفنه ـ ودفنوها معه.
كما أنه هو نفسه قد ذكر: أنه حينما رأى خالداً، وكان قد دخل وقت صلاة العصر، خشي أن يكون له معه ما يشغله عن الصلاة، فصلى وهو يمشي نحوه، ويومي برأسه.
أما بالنسبة لتاريخ هذه القصة، فقد ذكرها المؤرخون في السنة الرابعة يوم الإثنين لخمس خلون من المحرم، على رأس خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة، ورجع يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
وعند الواقدي: في المحرم على رأس أربعة وخمسين شهراً.
وعند البلاذري: سنة ست، وفي الوفاء: في الخامسة، بعد غزوة بني قريظة وذكره المسعودي في التنبيه والإشراف بلفظ: قيل.
وبعض أهل السير أوردها بعد سرية عاصم بن ثابت، وقال: إنه ـ يعني سفيان بن خالد ـ كان سبباً لقصة الرجيع التي قتل فيها عاصم وأصحابه. فتكون قصة قتل سفيان بعد سرية الرجيع([302]).
ملاحظات على ما تقدم:
ولنا هنا ملاحظات:
ألف: بالنسبة لمدى اعتبار الرواية، نشير إلى:
1 ـ إن الملاحظ: هو أن المؤرخين والمحدثين إنما يروون هذه الحادثة الهامة عن خصوص بطلها عبد الله بن أنيس، وذلك أمر ملفت للنظر حقاً: فلماذا لم ترو عن غيره يا ترى؟!
هذا مع ملاحظة: أنه يحاول إعطاء نفسه بعض الأوسمة البراقة، مثل قوله عن نفسه: إنه كان لا يهاب الرجال.
أو قوله: فاستحلى حديثي، أو قصة تخصره بالعصا في الجنة، أو نحو ذلك. مما يظهر من تتبع نصوص الرواية في المصادر المشار إليها في الهامش آنفاً وغيرها.
2 ـ إننا نلاحظ: أنه يدخل غاراً، ثم يحدث له نفس ما حدث للنبي "صلى الله عليه وآله" حين هجرته، من نسج العنكبوت عليه؛ ثم يأتي رجل، ومعه إداوة ضخمة، ونعلاه في يده، وكان ابن أنيس حافياً، وكان أهم أمره عنده العطش، فوضع إداوته ونعله، وجلس يبول على فم الغار، ثم قال لأصحابه: ليس في الغار أحد، فانصرفوا راجعين، فخرج عبد الله وأخذ النعلين، وشرب من الإداوة ولم يره أحد فطلبهما صاحبهما بعد ذلك فلم يجدهما فرجع إلى قومه، ثم سار عبد الله نحو المدينة([303]).
وهذه هي نفس الأمور التي حدثت للنبي "صلى الله عليه وآله" في غار ثور حين هجرته، لا ندري كيف عادت وتكررت لابن أنيس دون سواه!! ومن دون أي تفاوت أو تغيير تقريباً.
ويلاحظ أيضاً: أن هذا الرجل يحاول أن ينسب قتل سلام بن أبي الحقيق اليهودي لنفسه أيضاً: كما سنرى.
3 ـ إن الرواية ـ رغم أنها عن شخص واحد، وهو نفسه بطلها ـ وردت مختلفة النصوص إلى حد التنافي، كما يظهر من ملاحظة ما تقدم.
4 ـ إن هذه الرواية تقول: إن عبد الله بن أنيس قد حمل رأس سفيان إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
ولكن قد جاء عن الزهري قوله: "لم يحمل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رأس إلى المدينة قط"([304]).
وقد جعل الحلبي قصة حمل رأس سفيان وكعب بن الأشرف إلى النبي "صلى الله عليه وآله" رداً على الزهري، وإبطالاً لقوله([305]).
ونقول: إن ذلك ليس بأولى من العكس، بل العكس هو الأولى، ما دام الزهري بصدد تكذيب ما نقل من ذلك. فلولا أنه بحث عن ذلك واستقصاه، وسأل عنه، لما حكم بهذا الحكم القاطع.
ولا سيما بملاحظة أن ناقل إحدى القصتين رجل واحد، هو نفس بطلها، إلى آخر ما تقدم من وجوه الوهن في القصة.
ب: بالنسبة لتاريخ الرواية، وكونها على رأس خمسة وثلاثين شهراً، في السنة الرابعة، فقد قلنا بعض ما يرتبط بذلك حين الكلام على سرية أبي سلمة إلى قطن.
كما أننا قدمنا آنفاً: أن هذا التاريخ محل نظر، ولا بد أن تكون بعد سرية الرجيع، وهي بعد التاريخ الآنف الذكر.
ومهما يكن من أمر: فقد تكلمنا حول الاغتيالات في الجزء السادس من هذا الكتاب فما بعده، فلا نعيد.
ج: ولو أننا أغمضنا النظر عما تقدم، ففي الرواية دلالة على جواز التبرك بآثاره "صلى الله عليه وآله".
وحتى لو فرضنا: أن الرواية المتقدمة غير صحيحة من الأساس، فإن قبول المؤرخين القدامى هذا الأمر ـ "التبرك" ـ وإدراجه في كتبهم، من دون اعتراض عليه، أو تسجيل ملاحظة حوله يشير إلى أنهم كانوا لا يرون هذا التبرك شركاً بالله سبحانه، ولا خروجاً عن الدين.
وقد تحدث العلامة البحاثة الشيخ علي الأحمدي "رحمه الله" حول هذا الموضوع بإسهاب في كتابه القيم: التبرك، تبرك الصحابة والتابعين بآثار الأنبياء والصالحين فليراجعه من أراد.
د: لقد ذكر البعض([306]): أن قبيلة هذا الرجل وهي هذيل كان لها خصومات دامية مع خزاعة([307]).
فكيف يمكن لابن أنيس أن يدَّعي: أنه من خزاعة، ثم يثق به سفيان بن خالد؟!
الفصل الثاني:
مأساة الرجيع: نصوص وآثار
يوم الرجيع كما يرويه المؤرخون:
قالوا: إنه في سنة ثلاث، بعد أحد، قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" رهط من عضل، والقارة، فقالوا: يا رسول الله، إن فينا إسلاماً؛ فابعث معنا نفراً من أصحابك، يفقهوننا في الدين، ويقرؤوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام.
فبعث "صلى الله عليه وآله" معهم نفراً، ستة من أصحابه، وهم:
1 ـ مرثد بن أبي مرثد الغنوي، حليف حمزة بن عبد المطلب.
2 ـ خالد بن البكير الليثي.
3 ـ عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
4 ـ خبيب بن عدي الأسدي.
5 ـ زيد بن الدثنة.
6 ـ عبد الله بن طارق.
وأمر عليهم: مرثد بن أبي مرثد، وخرجوا مع القوم، حتى إذا كانوا على الرجيع ـ ماء لهذيل بناحية الحجاز بين عسفان ومكة ـ غدروا بهم، فاستصرخوا عليهم هذيلاً، فلم يرع القوم، وهم في رحالهم، إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم.
فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئاً من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه: أن لا نقتلكم.
فأما مرثد بن أبي مرثد، وخالد بن البكير، وعاصم بن ثابت، فقالوا: والله، لا نقبل من مشرك عهداً، ولا عقداً أبداً.
ثم ارتجز عاصم أبياتاً ذكرها ابن هشام في السيرة، ثم قاتل القوم حتى قتل، وقتل صاحباه.
فأرادت هذيل أخذ رأس عاصم، ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شُهيَد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أُحد: لئن قدرت على رأس عاصم، لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته الدبر ـ أي الزنابير والنحل ـ فقالوا: دعوه حتى يمسي فتذهب عنه، فنأخذه، فبعث الله سيلاً، فاحتمل عاصماً، فذهب به.
وكان عاصم قد أعطى الله عهداً: أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركاً أبداً، تنجساً، فكان عمر بن الخطاب يقول حين بلغه أن الدَّبر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركاً أبداً في حياته، فمنعه الله بعد وفاته، كما امتنع منه في حياته.
وأما زيد بن الدثنة، وخبيب بن عدي، وعبد الله بن طارق، فلانوا ورقوا، ورغبوا في الحياة، فأعطوا أيديهم، فأسروهم، ثم خرجوا بهم إلى مكة، ليبيعوهم بها حتى إذا كانوا بالظهران ـ واد قرب مكة ـ انتزع عبد الله بن طارق يده من الحبل الذي كان قد ربط به، ثم أخذ سيفه، واستأخر عنه القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبره ـ "رحمه الله" ـ بالظهران.
وأما خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، فقدموا بهما إلى مكة.
قال ابن هشام: فباعوهما من قريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة.
قال ابن إسحاق: فابتاع خبيباً حجير بن أبي إهاب التميمي، حليف بني نوفل، لعقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل، وكان أبو إهاب أخاً للحارث بن عامر لأمه، ليقتله بأبيه.
وأما زيد بن الدثنة، فابتاعه صفوان بن أمية، ليقتله بأبيه أمية بن خلف.
وبعث به صفوان مع مولى له، يقال له: نسطاس إلى التنعيم ـ موضع بين مكة وسرف على فرسخين من مكة ـ وأخرجوه من الحرم ليقتلوه.
واجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان، حين قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك، نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟
قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه أن تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي.
قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً.
ثم قتله نسطاس، يرحمه الله.
وأما خبيب بن عدي، فقد حدثت ماوية، (أو مارية) مولاة حجير بن أبي إهاب، قالت: كان خبيب بن عدي حبس في بيتي، فلقد اطلعت عليه يوماً، وإن في يده لقطفاً من عنب، مثل رأس الرجل، يأكل منه، وما أعلم في أرض الله عنباً يؤكل.
وقالت أيضاً: قال لي حين حضره القتل: ابعثي إليَّ بحديدة أتطهر بها للقتل.
قالت: فأعطيت غلاماً من الحي الموسى، فقلت: أدخل بها على هذا الرجل البيت.
قالت: فما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه.
فقلت: ماذا صنعتُ؟! أصاب ـ والله ـ الرجل ثأره بقتل هذا الغلام فيكون رجلاً برجل.
فلما ناوله الحديدة أخذها من يده، ثم قال: لعمرك، ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي؟ ثم خلى سبيله.
قال ابن هشام: ويقال: إن الغلام ابنها "وسماه بعضهم: أبا حسين بن الحارث بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، كما في شرح المواهب".
قال ابن إسحاق: ثم خرجوا بخبيب، حتى إذا جاؤوا به إلى التنعيم ليصلبوه، طلب منهم السماح له بصلاة ركعتين، فسمحوا له، فصلاهما، ثم قال لهم: أما والله لولا أن تظنوا: أني إنما طولت جزعاً من القتل، لاستكثرت من الصلاة.
فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين.
قال: ثم رفعوه على خشبة فلما أوثقوه، قال: اللهم إنَّا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يصنع بنا.
ثم قال: اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ثم قتلوه "رحمه الله".
فكان معاوية بن أبي سفيان يقول: حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان؛ فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقاً من دعوة خبيب.
وكانوا يقولون: إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه.
قال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عقبة بن الحارث، قال: سمعته يقول: ما أنا ـ والله ـ قتلت خبيباً، لأني كنت أصغر من ذلك. ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار، أخذ الحربة، فجعلها في يدي، ثم أخذ بيدي، وبالحربة، ثم طعنه بها حتى قتله.
وكان عمر بن الخطاب قد استعمل سعيد بن عامر بن حذيم على بعض الشام، وكانت تصيبه غشية، فقيل لعمر، فسأله عن ذلك، فقال: إنه كان فيمن حضر خبيباً حين قتل، وسمع دعوته، فكان إذا ذكرها غشي عليه.
قال ابن هشام: أقام خبيب في أيديهم حتى انقضت الأشهر الحرم، ثم قتلوه.
وروي عن ابن عباس: أن المنافقين قالوا في هذه المناسبة: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا، لا هم قعدوا في أهليهم، ولا هم أدّوا رسالة صاحبهم.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قول المنافقين، وما أصاب أولئك النفر من الخير بالذي أصابهم، فقال سبحانه: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا? أي لما يظهر من الإسلام بلسانه ?وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ? وهو مخالف بما يقول بلسانه ?وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ? أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك.
وقال ابن إسحاق: قال تعالى: ?وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ? أي لا يحب عمله ولا يرضاه، ?وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ، وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ?([308]).
يعني: قد شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله، والقيام بحقه، حتى هلكوا على ذلك يعني تلك السرية.
ثم ذكر خبيباً حين بلغه أن القوم اجتمعوا لصلبه، قال:
لـقـد جمع الأحـزاب حولي وألبوا قبـائلهم واستجمعوا كـل مـجمـع
ثم ذكر عدة أبيات.
ولكن ابن هشام قال: وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها له.
ثم ذكر خمسة أبيات لحسان بن ثابت يبكي بها خبيباً، أولها:
مـا بـال عينك لا تـرقـى مدامعهـا سحاً على الصدر مثل اللؤلؤ القلق
وأبياتاً أخرى ستة، أولها:
يا عين جودي بدمع منك منسكب وابـك خبيباً مع الفتيان لـم يـؤب
ثم قال ابن هشام: وهذه القصيدة مثل التي قبلها، وبعض أهل العلم بالشعر ينكرهما لحسان، وقد تركنا أشياء قالها حسان في أمر خبيب لما ذكرت.
قال ابن إسحاق: وكان الذين أجلبوا على خبيب في قتله حين قتل من قريش: عكرمة بن أبي جهل، وسعيد بن أبي عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود، والأخنس بن شريق الثقفي، وعبيدة بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي، حليف بني أمية بن عبد شمس، وأمية بن أبي عتبة، وبنو الحضرمي.
ثم ذكر عدة مقطوعات شعرية لحسان يبكي فيها خبيباً أو يهجو هذيلاً، والمقطوعة الأخيرة، وهي خمسة أبيات، أولها:
صلى الإلـه على الـذين تـتـابعـوا يـوم الـرجيع، فـأكـرمـوا وأثيبـوا
ثم قال ابن هشام: "وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لحسان".
كان ما تقدم سرداً لقضية يوم الرجيع، حسبما يريد ابن هشام أن يصورها لنا([309]).
ولسوف نجد: أن ثمة نصوصاً أخرى تخالف ما ذكر، ولسوف يتضح بعض الأمر في المناقشات التالية.
رأينا في الرواية:
ونقول:
إننا لا نملك دليلاً قاطعاً يجعلنا نخضع لصحة هذا الحدث، ونستسلم لواقعيته بصورة نهائية.
بل لدينا الكثير من الموارد المثيرة لأكثر من سؤال، ولا سيما فيما يتعلق ببعض التفاصيل التي أشارت إليها الروايات المختلفة. وهي من الكثرة بحيث نكاد نشكك في أصل هذه السرية.
وقد رأينا أن نقسم الحديث عن هذه السرية إلى قسمين، ثم عززناهما بثالث.
أولهما: يتناول بشيء من التفصيل التناقضات الظاهرة فيما بين النصوص المختلفة التي بحوزتنا.
الثاني: يتعرض لمناقشة طائفة من الموارد التي جاءت في هذه النصوص، وإبطالها، وفقاً لما يتوفر لدينا من وسائل، تعطينا القدرة على ذلك.
أما القسم الثالث: فقد تعرضنا فيه للرواية التي تتحدث عن إنزال خبيب عن خشبته التي صلب عليها، حسبما نرى.
فإلى ما يلي من مطالب وفصول.
تناقضات في روايات الرجيع:
إن روايات سرية الرجيع، ثم ما جرى لحبيب وصاحبيه، وكذلك ما يرتبط بإنزال جثة خبيب، لا تكاد تتفق على شيء، فهي متنافرة، ومتدابرة بصورة عجيبة وغريبة.
الأمر الذي يشير إلى وجود تعمد للكذب والوضع، والتصرف والتحريف، بحيث أصبح من الصعب تحديد نتيجة واضحة لا لبس فيها في هذا المجال.
بل إن هذه التناقضات الواضحة تكاد تجعلنا نشك في مجمل ما يذكرونه هنا، سوى أننا لا نجرؤ على نفي الموضوع من أساسه، ولا ضير في أن يكون ثمة أشخاص قد قتلهم ناس من عضل والقارة([310]) ولا نمانع في أن يكون خبيب وصاحبه قد قتلهما أهل مكة.
وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه، إن لم نقل إن فيه الكثير مما نقطع بأنه مكذوب وموضوع، أو محرف عن عمد، أو عن غير عمد كما سنرى.
وإذا أردنا أن نلم بطائفة من هذه التناقضات، فإننا نشير إلى ما يلي:
ألف: بالنسبة لتاريخ سرية الرجيع، نجد: أن معظم المؤرخين يذكرون قضية الرجيع في صفر سنة أربع([311]) مع أن عدداً آخر يذكرها في سنة ثلاث بعد غزوة أحد([312]).
وفي نص آخر: أنهم انطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة، بعد وقعة بدر([313]).
ب: وبينما نجد بعض النصوص تشير إلى: أن غزوة الرجيع كانت بعد بئر معونة، التي كانت في محرم([314]).
فإن البعض يذكر: أن خبرهما (بئر معونة، والرجيع) قد جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في ليلة واحدة([315]).
ونص ثالث: يشير إلى أن أهل مكة قد اشتروا خبيباً وابن الدثنة في ذي القعدة، فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم، ثم أخرجوهما، فقتلوهما([316]).
ورابع عن أنس يذكر: أنه لما أصيب خبيب بعث رسول الله السبعين إلى حي من بني سليم، فقتلوا جميعاً([317]).
ج: وفيما يرتبط بسبب بعث السرية، فقد تقدم أن نفراً من عضل والقارة قد طلبوا من النبي "صلى الله عليه وآله": أن يرسل معهم من يفقههم في الدين، لأن فيهم إسلاماً، فأرسلهم معهم، فغدروا بهم.
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يبعث عيوناً إلى مكة؛ ليأتوه بخبر قريش، فلما طلب منه هؤلاء النفر ذلك بعث معهم ستة نفر للأمرين جميعاً([318]).
وتفصل إحدى الروايات في سبب إقدام هؤلاء النفر على الطلب من النبي "صلى الله عليه وآله" فتقول: إن بني لحيان بعد قتل سفيان بن خالد، قد جعلوا لعضل والقارة إبلاً على أن يكلموا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يخرج إليهم نفراً من أصحابه، يدعونهم إلى الإسلام، "فنقتل من قتل صاحبنا، ونخرج بسائرهم إلى قريش بمكة، فنصيب بهم ثمناً". فقدم سبعة نفر مظهرين الإسلام الخ..([319]).
ولكن رواية أخرى تذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسلهم عيوناً إلى مكة، فساروا يكمنون النهار، ويسيرون بالليل، خوفاً من قريش وهذيل، وذلك قرب وقعة أحد، وقتل سفيان بن خالد الهذلي([320]).
وعن اليعقوبي: بعد أن ذكر خروجهم مع أولئك النفر، قال: "فلما كانوا على ماء يقال له: الرجيع لهذيل، خرج بعض الناس، حتى انتهى إلى هذيل، فقال:
"إن ههنا نفراً من أصحاب محمد، هل لكم أن نأخذهم، ونسلبهم، ونبيعهم من قريش؟! فما راع إلا الرجال الخ.."([321]).
وعن البغوي: أن قريشاً بعثوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو بالمدينة: إنا قد أسلمنا، فابعث إلينا نفراً من علماء أصحابك يعلموننا دينك، وكان ذلك مكراً منهم، فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحاب السرية إليهم([322]).
د: بالنسبة لعدد عناصر السرية، نقول: إن البعض يصرح بأنهم كانوا تسعة([323]).
وذكرت الرواية المتقدمة في عدد من مصادرها: أن عدد أفراد السرية هو ستة نفر وقد تقدمت أسماؤهم.
ولعل هذا القول والذي قبله واحد، لأن الكتابة في السابق لم يكن لها نقط، وستة وسبعة في الرسم متقاربان.
ولكننا نجد رواية أخرى تزيد فيهم: معتب بن عبيد([324]).
وزاد ابن سعد: ربيعة بن الحارث([325]).
وبعضهم زاد: مغيث بن عوف([326]).
وقال البخاري وغيره: كانوا عشرة رجال([327]).
والبعض يذكر: أنهم عشرة، ولكنه يذكر أسماء سبعة منهم ويسكت([328]).
هـ : بالنسبة لأمير السرية أيضاً نقول:
قد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمَّر على السرية: مرثد بن أبي مرثد([329]).
ولكن في عدد من المصادر: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر عليها عاصم بن ثابت([330]).
وذكر ابن سعد: أن ربيعة بن الحارث كان أميراً في سرية الرجيع([331]).
و: وبالنسبة لكيفية اكتشاف أمر السرية:
ذكرت الرواية المتقدمة: أن الذين كانوا مع السرية قد غدروا بهم؛ فاستصرخوا هذيلاً عليهم، فلم يرعهم وهم في رحالهم إلا والرجال بأيديهم السيوف، قد غشوهم، فأخذوا السيوف ليقاتلوهم الخ..
ولكن النص الآخر يقول: إنهم خرجوا عيوناً، فلما نزلوا بالرجيع، أكلوا تمرة عجوة، فسقط نواه في الأرض، فجاءت امرأة من هذيل، ترعى غنماً؛ فرأت النوى، فأنكرت صغرهن، وقالـت: هذا تمر يثرب، فصاحت في قومها، وقالت: قد أُتيتم من قبل العدو، فجاؤوا في طلبهم، واتبعوا آثـارهم، فلما أحسوا بهم التجأوا إلى جبل كان هناك؛ فأحاطوا بهم، وقالوا لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا: أن لا نقتل منكم رجلاً، فنزلوا إليهم الخ..([332]).
أما ابن الوردي فلا يشير إلى هذيل أصلاً، فهو يقول: "فلما وصلوا إلى الرجيع.. غدروا بهم وقاتلوهم الخ.."([333]).
وعند البلاذري، بعد ذكر ادعاء هذيل الإسلام على سبيل المكيدة: "فلما صاروا إليهم، غدروا، وكثروهم، فقتل مرثد الخ.."([334]).
ز: بالنسبة لعدد المهاجمين للسرية: نجد رواية تقول: إنهم كانوا مائة رام.
وأخرى تقول: إنهم كانوا مائتي رام([335]).
ورواية تفسير البغوي تقول: ركب سبعون رجلاً معهم الرماح، حتى أحاطوا بهم([336]).
ح: ثم إنهم قد رووا: أن عاصم بن ثابت قد قتل رجلاً، وجرح رجلين([337])، ولكن رواية أخرى تقول: إنه كان عنده سبعة أسهم، فقتل بكل سهم رجلاً من عظمائهم([338]).
ط: وبالنسبة لمعرفة المسلمين بعدوهم، تقدم: أن المسلمين لم يشعروا بعدوهم إلا وقد غشيهم في رحالهم.
بينما نجد رواية أخرى تذكر: أنهم قد شعروا بعدوهم فالتجأوا إلى جبل كان هناك، فأحاطوا بهم([339]).
ورواية تصرح: بأن الجميع كانوا كامنين في الجبل، فلما أحاطوا بهم وطلبوا منهم النزول لم ينزل سوى خبيب، وزيد، وابن طارق، وأبى عاصم النزول، واقتدى به أصحابه ورماهم بنبله حتى فني، ثم قاتلهم بالسيف، حتى قتل، وقتل أصحابه([340]).
وأخرى تقول: بل هؤلاء الثلاثة فقط هم الذين رقوا الجبل([341]).
ي: وبالنسبة لمن قتلوا مع عاصم:
فإن الرواية المتقدمة تذكر: أن رجلين فقط قد قتلا مع عاصم، وهما: مرثد، وخالد بن بكير.
بينما نجد النص الآخر يقول: إن المقتولين كانوا أربعة فيضيف إليهم: معتب بن عبيد([342]).
وفي نص آخر: أنهم قتلوا سبعة، وبقي ثلاثة، وأنهم قتلوهم بالنبل([343]).
ك: قد تقدم: أن عاصماً قد حمته الدبر، ثم جاء سيل فاحتمله، فذهب به.
وزاد في نص آخر: أن السيل احتمل عاصماً إلى الجنة([344]).
لكن في نص آخر: أن الله حماه بالدبر، فارتدوا عنه، حتى أخذه المسلمون فدفنوه([345]).
ل: بالنسبة لعبد الله بن طارق، نقول:
تذكر الرواية المتقدمة: أن عبد الله بن طارق استأسر مع رفيقيه، وساروا بهم حتى إذا بلغوا الظهران ـ واد قرب مكة ـ انتزع يده من الحبل الذي ربط به، ثم أخذ سيفه، وقاتلهم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه؛ فقبره بمر الظهران.
ولكن رواية أخرى تقول: إنهم حين أسروه أرادوا ربطه، فاعتبر ذلك أول الغدر منهم، ورضي بأن يقتل إلى جانب عاصم ورفاقه؛ فكان ذلك([346]).
أما ابن الوردي: فقال: "فهرب طارق([347]) في الطريق، وقاتل، إلى أن قتلوه بالحجارة"([348]).
ولكن الواقدي ذكر: أن قوله لهم: هذا أول الغدر، قد كان بمر الظهران([349]).
م: تقول الرواية المتقدمة: إن الذي اشترى خبيباً هو حجير بن أبي إهاب، اشتراه لعقبة بن الحارث، ليقتله بأبيه.
ولكن ثمة رواية تقول: اشتراه عقبة وأبو سروعة، وأخوهما لأمهما حجير بن أبي إهاب، حليف بني نوفل([350]).
ورواية ثالثة تقول: اشترته ابنة الحارث بن عامر بن نوفل([351]).
ورابعة تقول: إشترك في شرائه: أبو إهاب، وعكرمة بن أبي جهل، والأخنس بن شريق، وعبيدة بن حكيم بن الأوقص، وأمية بن أبي عصمة أو عتبة، وبنو الحضرمي، وصفوان بن أمية، وزاد البعض: شعبة بن عبد الله([352]).
وخامسة تقول: إن عقبة بن الحرث اشترى خبيباً من بني النجار([353]).
ورواية سادسة تقول: اشترته ابنة أبي سروعة، واشترك معها ناس([354]).
وسابعة تقول: إشتراه بنو الحارث بن نوفل([355]).
ن: وعن سبب شراء هؤلاء لخبيب نجد الرواية المتقدمة تقول: إنهم أرادوا أن يقتلوه بالحارث بن عامر، الذي كان خبيب قد قتله يوم بدر.
لكن رواية أخرى تقول: إن الذي قتله خبيب في بدر هو عامر بن نوفل([356]).
س: بالنسبة للذي اشترى زيد بن الدثنة، قالوا: "إشتراه صفوان بن أمية، بخمسين فريضة (أي جملاً)، فقتله بأبيه.
ويقال: إنه شرك فيه أناس من قريش.."([357]).
ع: بالنسبة لثمن الأسرى، نجد الرواية المتقدمة تقول: إنهم باعوا زيد بن الدثنة وخبيباً بأسيرين من هذيل كانا بمكة.
ولكن رواية أخرى تقول: إنهم أرادوا أسر أفراد السرية ليسلموهم لقريش، ويأخذوا في مقابلهم مالاً، لعلمهم بأنه لا شيء أحب لقريش من أن يؤتوا ببعض أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله"، يمثلون به، ويقتلونه بمن قتل منهم ببدر([358]).
وذلك يفسر لنا أننا نجد رواية أخرى تقول: إنهم باعوا خبيباً بأمة سوداء([359]).
وثالثة تقول: إنهم باعوه بثمانين مثقال ذهب([360]).
ورابعة تقول: بمائة من الإبل([361]).
وخامسة: بخمسين فريضة([362])، وهي البعير.
وبالنسبة لثمن زيد بن الدثنة قيل: بيع بخمسين من الإبل أيضاً([363]). كما تقدم.
ف: قد صرحت الرواية المتقدمة: أن المرأة التي حبس عندها خبيب هي: ماوية (أو مارية)([364])، مولاة حجير بن أبي إهاب، زوجة موهب، مولى آل نوفل، كما ذكره البعض.
ولكن نصوصاً أخرى تقول: إنه كان عند امرأة اسمها جويرية([365]).
وفي نص ثالث: أن عقبة بن الحارث سجنه في داره([366]).
وفي نصوص أخرى: أنه كان عند بنات الحارث([367])
ص: بالنسبة لزيد بن الدثنة، يقولون: إن صفوان بن أمية حبسه عند ناس من بني جمح.
وفي مقابل ذلك يقال: حبسه عند نسطاس، غلامه([368]).
ق: تقول الرواية المتقدمة: إن مولاة حجير قد أرسلت بالمدية إلى خبيب مع غلام من الحي.
ولكن الرواية الأخرى تقول: إن الغلام كان ابنها.
ر: وقد سمته عدة من المصادر ب "أبي حسين".
وبما أن أم أبي حسين هذا هي أمامة بنت خليفة بن النعمان بن بكر بن وائل، فإن مصعب الزبيري جعل القضية بينه وبين حاضنته([369]).
أما السهيلي، فسماه: "أبا عيسى بن الحارث بن عدي بن نوفل بن عبد مناف".
قال الزبير: وهو جد عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، الذي يروي عنه مالك([370]).
ولكن ابن حزم سماه: "أبا حسنين"([371])، ولعله تصحيف حسين.
ش: في الرواية المتقدمة: أن هذا الغلام كان كبيراً إلى حد أن المرأة خافت أن يقتله، فيكون رجلاً برجل.
ولكن الرواية الأخرى تقول: إنه كان صبياً صغيراً، قد درج، فما شعرت إلا وهو في حجر خبيب([372]).
ت: والروايـة المتقدمـة تقـول: إنها أرسلت إليه بالسكين مع ذلـك الغـلام.
والرواية الأخرى تقول: إنها هي التي أعطته الحديدة، ثم درج ابنها فجلس في حجره.
ث: وصرحت بعض النصوص: أن خبيباً قد استعار الموسى من زينب بنت الحرث وأن الصغير كان لها([373]).
وأخرى: أنه استعاره من مولاة حجير.
ملاحظة: جمع العسقلاني بين الروايتين، بأن من الممكن أن يكون قد طلب الموسى من كلا المرأتين، فأوصله إليه ابن هذه، وجلس في حجره ابن الأخرى([374]).
ولكنه جمع باطل، لأن الرواية تصرح: بأنها هي بنفسها قد ناولته الموسى، ثم رأت ولدها في حجره، والرواية الأخرى تصرح: بأنها أرسلته مع غلام من الحي، ثم خافت على نفس ذلك الغلام بالذات.
أضف إلى ذلك: أنه قد تقدم عن مصعب الزبيري: أن أم أبي حسين هي أمامة بنت خليفة، وليست هي بنت الحرث كما لا يخفى([375]).
هذا بالإضافة إلى: أن أبا عمر قد ذكر رواية ثالثة، وهي أن خبيباً قد طلب الحديدة من امرأة عقبة بن الحارث فأعطته إياها([376]).
خ: والرواية المتقدمة تصرح: بأن مولاة حجير هي التي رأت خبيباً يأكل العنب، ولم يكن ثمة عنب في تلك المنطقة.
ولكن الرواية الأخرى تصرح: بأن بنت الحرث ـ وسمتها بعض المصادر بـ "زينب" ـ هي التي رأت ذلك منه كما روته ماوية نفسها عن زينب([377]).
ملاحظة ثانية: لقد اعتذر البعض: بأن من الممكن أن تكون ماوية وزينب معاً قد رأتا عنقود العنب في يد خبيب وأن يكون قد حبس في بيت ماوية، وكانت زينب تحرسه([378]).
ولكن لماذا ترويه ماوية عن زينب، ولا ترويه عن نفسها، كما في بعض الروايات.
ذ: ذكرت الرواية المتقدمة: أن هذيلاً أرادت قطع رأسه فحمته الدبر.
وفي رواية أخرى: أن قريشاً أو قيساً أرادت شيئاً من لحمه فحمته الدبر([379]).
ويذكر البلاذري: أنهم أرادوا إحراق عاصم، فحمته الدبر، ثم احتمله السيل([380]).
وفي رابعة: أنهم أرادوا أن يصلبوه، فحمته الدبر([381]).
وفي خامسة: أنهم أرادوا أن يمثلوا به، فحمته الدبر([382]).
وحسبنا ما ذكرناه من التناقضات، فإن فيها كفاية، لمن أراد الرشد والهداية.
الفصل الثالث:
حدث ونقد
بـدايـة:
وبعد ما تقدم؛ فإن لنا على كثير من الفقرات التي أوردتها روايات هذه السرية العديد من الملاحظات والإيرادات التي تبقى بلا جواب.
ونحن نورد ذلك فيما يلي:
سبب غزوة الرجيع:
قد تقدم: أن ثمة نصاً يقول: إن بني لحيان ـ بعد قتل صاحبهم سفيان بن خالد ـ أرادوا الانتقام له ممن قتله، فكلموا قبيلتي عضل والقارة، وطلبوا منهما أن يذهبوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ويخدعوه؛ ليرسل معهم بعض أصحابه، ليقتلوا من قتل صاحبهم، ويبيعوا الباقين من قريش، فكان ما كان، وفعلوا فعلتهم حسبما تقدم([383]).
ونقول: إن ذلك لا يصح، وذلك لما يلي:
ألف: قد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسلهم عيوناً إلى مكة، فاكتشفت هذيل أمرهم.
وثمة روايات أخرى تفيد: أن هذيلاً لم تكن تعلم بأمرهم قبل ذلك، فراجع الفقرة (ج) من حديثنا الآنف حول تناقضات الرواية.
ب: هناك نص آخر يقول: إن سفيان بن خالد نفسه هو الذي قتل أصحاب الرجيع حينما علم بهم([384]).
ج: قد تقدم: أن تاريخ غزوة الرجيع، إما هو سنة ثلاث بعد غزوة أحد، أو في صفر سنة أربع([385]).
والأصح، هو الأول وذلك لأن بعض النصوص تصرح: بأن أهل مكة قد اشتروا خبيباً، وابن الدثنة في ذي القعدة فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم، ثم أخرجوهما، فقتلوهما([386]).
ومن الواضح: أن قتل سفيان بن خالد قد كان بعد ذلك، وذلك: لما يلي:
1 ـ إن بعض الروايات تقول: إن سفيان قتل لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة([387]).
2 ـ بل لقد أورد البعض قصة سفيان بن خالد في السنة الخامسة، بعد غزوة بني قريظة([388]) ولا شك في أن قصة الرجيع قد كانت قبل ذلك.
3 ـ إن الحافظ البيهقي قد ذكر في الدلائل: قتل سفيان بعد مقتل أبي رافع([389]) فإذا انضم ذلك إلى ما يظهر من ابن إسحاق من أن مقتل أبي رافع كان بعد الخندق وقريظة([390]):
فإن النتيجة تكون: أن قتل سفيان قد كان بعد هاتين الغزوتين أيضاً، أما قصة الرجيع، فلا شك في سبقها على ذلك.
4 ـ قال البلاذري: "وسرية عبد الله بن أنيس، من ولد البرك بن وبرة، عداده في جهينة، في المحرم سنة ست، إلى سفيان بن خالد بن نبيح"([391]).
جثة عاصم وما قيل حولها:
تقول الرواية المتقدمة: إنهم أرادوا قطع رأس عاصم بن ثابت، ليبيعوه من سلافة بنت سعد، فحمته الدبر منهم (أي من بني لحيان الهذليين)، ثم احتمله السيل في المساء.
ونقول:
1 ـ إننا نجد عند أبي الفرج: أن حياً من قيس، (وعند غيره: أن حياً من قريش)، قد أرسلوا إلى عاصم ليؤتوا من لحمه بشيء، وقد كان لعاصم فيهم آثار بأحد، فبعث الله عليه دبراً فحمت لحمه([392]).
ومعنى ذلك هو: أن السيل لم يكن قد احتمل عاصماً، حسبما ذكرته الرواية المتقدمة.
واعتذار العسقلاني وغيره عن ذلك: بأن من الممكن أن لا تكون قريش قد علمت بحماية الزنابير له من هذيل، أو شعرت بذلك، لكن رجت أن تكون الزنابير قد تركته([393])،
هذا الاعتذار لا يجدي في دفع ما ذكرناه، لأن الرواية المتقدمة تذكر: أن السيل قد احتمل عاصماً في مساء ذلك اليوم الذي أرادت هذيل قطع رأسه فيه فحمته الدبر.
وزاد في بعض الروايات: أن ذلك السيل قد احتمل معه خمسين من المشركين إلى النار أيضاً كما تقدم([394]).
2 ـ لا ندري لماذا جاء ذلك السيل الذي احتمل عاصماً ليلاً، ولم يأت نهاراً؟! فهل خشي على نفسه من هذيل أن يعرفوه، ويعاقبوه بعد ذلك؟
ولماذا اكتفى بحمل خمسين من المشركين، ولم يحمل بقيتهم، ويخلص الناس من شرهم؟!
ولماذا لم يعتبروا بما جرى، وأصروا على أسر خبيب وأصحابه، ثم قدموا بهم إلى مكة، حتى جرى عليهم ما جرى؟!
ألم يكن الأنسب أن يطلقوا سراح أسراهم، ويعتذروا إليهم؟!
ألم يكن الأجدر بهم أن يرجعوا إلى أنفسهم، ويعرفوا: أن دعوة عاصم وأصحابه صحيحة ومحقة، فيقبلوا بها ويعتنقوها، ويعتذروا لنبي الإسلام عما صدر منهم؟! ولا أقل من أن يفعل بعضهم ذلك، أو يختلفوا فيما بينهم لأجله!!
وقريش أيضاً: لماذا لم تعتبر بما رأته من الكرامة لعاصم، فترجع إلى نفسها، وتصدق بالحق، أو يصدق بعض رجالها به؟!
3 ـ إن بعض الروايات تصرح: بأن المسلمين قد دفنوا عاصماً بعد أن حمته الدبر([395])، ومعنى ذلك هو: أن السيل لم يحتمله، إلا أن يكون قد احتمله ثم أرجعه إليهم!!
كما أننا لم نعرف من أين جاء المسلمون إلى عاصم ليدفنوه، فهل هم خبيب وأصحابه الأسرى الذين لم يكن يمكنهم القيام بأي عمل من دون إذن آسريهم؟
أم أنهم مسلمون آخرون كانوا حاضرين، ولكنهم لم يشاركوا في المعركة ولم يدافعوا عن إخوانهم؟!
عاصم ليس قاتل عقبة:
لقد ذكروا: أن العظيم الذي قتله عاصم يوم بدر، هو عقبة بن أبي معيط، قتله صبراً بأمر النبي "صلى الله عليه وآله"، بعد منصرفهم من بدر([396]).
ولكن ذلك لا يصح؛ إذ قد تقدم: أن علياً "عليه السلام": هو الذي قتل عقبة هذا بأمر من رسول الله "صلى الله عليه وآله"([397]).
وقال معاوية للوليد بن عقبة في صفين يحرضه على علي "عليه السلام": ".. وأما أنت يا وليد فإنه قتل أباك بيده صبراً يوم بدر"([398]).
ونقول أيضاً:
1 ـ إننا لم نفهم السر في سكوت عبد الله بن طارق حتى بلغوا به مر الظهران، ولماذا قال لهم في هذا المكان بالذات: هذا أول الغدر، فكلمة (هذا) يراد بها الإشارة إلى أي شيء؟!
أليس كانوا قد وعدوه بأن يأخذوه إلى مكة ليصيبوا به وبرفيقيه مالاً من أهلها؟ فهل غيروا خطتهم الآن، وغدروا بهم وأخلفوا بوعدهم؟!
2 ـ ما معنى قوله: إن بهؤلاء لأسوة، يعني القتلى؟ فهل كان القتلى حاضرين في مر الظهران إلى جانبه حتى صح أن يشير إليهم بكلمة (هؤلاء)؟ ألم يترك القتلى في منطقة الرجيع البعيدة عن مر الظهران مسافات طويلة؟!
3 ـ قد تقدم: أن من غير المعقول: أن يبقي آسروه سيفه معه، وتقدم غير ذلك أيضاً، فلا نعيد.
4 ـ ويفهم من عبارة ابن الوردي: أنه قد هرب من آسريه، فلما حاولوا استعادته قاتلهم، لا أنه تمرد عليهم ثم قاتلهم، يقول ابن الوردي: "فهرب طارق (كذا) في الطريق، وقاتل إلى أن قتلوه بالحجارة"([399]).
خبيب مع بني النجار:
وحول ما ذكرته بعض الروايات المتقدمة، من أن عقبة بن الحارث اشترى خبيباً من بني النجار([400]).
فإن لنا أن نسأل: لماذا من بني النجار، وليس من الهذليين؟!
ولماذا اشتراه بنو النجار؟ ثم لماذا عادوا فباعوه بعد ذلك؟!
فهل كانوا يريدون المتاجرة به والحصول على المال؟!
ابن طارق، ومعتب مع الأعداء:
وتذكر الرواية المتقدمة: أن عبد الله بن طارق استأسر مع رفيقيه، وسار معهم، حتى إذا بلغوا مر الظهران ـ واد قرب مكة ـ انتزع يده من الحبل الذي ربط به، ثم أخذ سيفه وقاتلهم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه؛ فقبره بالظهران.
وذكر ابن سعد: أن معتب بن عبيد هو الآخر قد قتل يوم الرجيع بمر الظهران شهيداً([401]).
ونقول:
ألف: قد تقدمت الرواية الأخرى القائلة: إنه بعد قتل عاصم ورفيقيه رفض عبد الله أن يسير مع آسريه، فقتلوه إلى جانب رفاقه.
ب: إننا لم نفهم سر بقاء سيفه معه، إلى أن بلغ معهم مر الظهران، وكيف لم ينتزعوه منه، وهو أسيرهم، ومربوط بحبالهم؟!
ج: لماذا رموه بالحجارة حتى قتلوه، ألم يكن معهم سيوف يقاتلونه بها؟!
ولماذا لم يرموه بسهامهم، وقد كانوا مئة رام، أو مئتين؟!
أو لماذا لم يشجروه برماحهم؟!
د: معنى قول ابن سعد: أن معتباً هو الآخر قد استشهد بمر الظهران هو أن الأسرى كانوا أربعة لا ثلاثة.
تهافت عبارتي الواقدي وابن سعد:
وعبارة الواقدي هنا هي التالية: "حتى إذا كانوا بمر الظهران، وهم موثقون بأوتار قسيهم، قال عبد الله بن طارق: هذا أول الغدر، والله لا أصاحبكم، إن لي في هؤلاء لأسوة، يعني القتلى، فعالجوه؛ فأبى ونزع يده من رباطه ثم أخذ سيفه الخ.."([402]).
وقريب منه عبارة ابن سعد أيضاً، فالقتلى لم يكونوا بمر الظهران ليصح قوله: إن لي بهؤلاء لأسوة.
من الذي اشترى خبيباً؟
وقد صرحت الرواية المتقدمة: بأن الذي اشترى خبيباً هو: حجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث، ليقتله بأبيه الحارث بن عامر بن نوفل.
وصرح البعض: بأن خبيباً هو الذي قتل الحارث في غزوة أحد([403]) أو في بدر([404]).
ونقول:
1 ـ قد تقدم: أن بعض الروايات تقول: إن ثلاثة قد اشتركوا في شراء خبيب. وهم: أبو سروعة، وعقبة، وأخوهما لأمهما حجير بن أبي إهاب([405]) وتقدمت روايات أخرى في من اشتراه.
2 ـ إن رواية أخرى تقول: إن المقتول ببدر هو عامر بن نوفل([406]) وليس هو الحارث بن عامر.
3 ـ إن الدمياطي قد أشكل على هذا المورد بأمرين:
أحدهما: أن خبيباً لم يذكره أحد من أهل المغازي في من شهد بدراً([407]).
الثاني: أن الذي قتل الحارث هو خبيب بن أساف الخزرجي، وهو غير خبيب بن عدي الأوسي([408]).
4 ـ ونقول: بل قيل: إن قاتل الحارث هذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"([409]).
مناقشة البعض لقول الدمياطي وجوابها:
وقد أجابوا عن قول الدمياطي الآنف الذكر: بأن في هذا تضعيفاً للحديث الصحيح، ولو لم يقتل خبيب بن عدي الحارث بن عامر، لم يكن لاعتناء آل الحارث بشرائه وقتله به معنى، إلا أن يقال: لكونه من قبيلة قاتله، وهم الأنصار، كذا قال ابن حجر([410]).
ونقول: إن هذه الأجوبة لا مجال لقبولها، وذلك:
ألف: إن الحديث الصحيح ليس وحياً منزلاً، فكم من حديث ورد بسند صحيح في الصحاح الستة، ومنها البخاري، ثم ثبت كذبه، وإذا جاء الحديث الصحيح مخالفاً لكل الأدلة القطعية، فلا بد من رده وتضعيفه.
وخذ مثلاً على ذلك: حديث بدء نزول الوحي، وحديث الإفك، وحديث زواج علي "عليه السلام" ببنت أبي جهل، إلى عشرات، بل مئات من الأحاديث التي ثبت كذبها وضعفها، أو التصرف العمدي فيها.
ب: وأما بالنسبة لاعتناء آل الحارث بشراء خبيب وقتله بصاحبهم، فلا يدل على أنه قد قتل أباهم بنفسه، إذ يكفي أن يكون من الفريق القاتل ومن مؤيديه ومناصريه.
ومن عادة العرب: أن يقتلوا أياً من أفراد القبيلة إذا كان أحد أفرادها قد قتل بعضهم.
ومن الواضح: أن خبيب بن عدي كان قحطانياً كخبيب بن أساف، وكان من مؤيدي ومناصري النبي "صلى الله عليه وآله"، وعلى دينه، فإذا كان الحارث في حالة غليان ضد النبي "صلى الله عليه وآله" وكل من يلوذ به، فإن اهتمامهم بأمر خبيب لا يكون غريباً ولا عجيباً.
وقد أشار ابن حجر إلى هذا المعنى، فاعتبر كون خبيب من الأنصار كافياً لاهتمام آل الحارث بقتله، وإن كان القاتل للحارث هو ابن أساف لا ابن عدي.
هذا كله، مع غض النظر عن سائر ما يرد على الرواية مما تقدم وسيأتي فإنه لا يبقي مجالاً للشك في عدم صحة هذا الحديث، وإن كان مذكوراً في الكتب التي اعتبروها صحاحاً.
وبعد كل ما تقدم نقول: إن عد "الإستيعاب" خبيب بن عدي في من شهد بدراً([411]) لعله مستند إلى رواية قتله الحارث بن عامر، فلا يصلح دليلاً على صحتها.
دعوى نزول آيتين في هذه المناسبة:
وفي الرواية المتقدمة: كما في بعض المصادر: أن المنافقين قالوا في هذه المناسبة: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا، لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم؛ فأنزل الله: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ?([412]).
?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ الله وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ?([413]).
قال ابن إسحاق: في أصحاب الرجيع نزلت: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ..? الخ..([414]).
ونقول:
إن ذلك لا يصح، وذلك لما يلي:
1 ـ أما بالنسبة لآية: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ..?، فقد قال السهيلي رداً على ابن إسحاق: "أكثر أهل التفسير على خلاف قوله، وأنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، رواه أبو مالك عن ابن عباس، وقاله مجاهد.
وقال ابن الكلبي: كنت بمكة، فَسُئلت عن هذه الآية، فقلت: نزلت في الأخنس بن شريق، فسمعني رجل من ولده، فقال: يا هذا، إنما أنزل القرآن على أهل مكة؛ فلا تسم أحداً ما دمت فيها"([415]).
2 ـ كما أننا لم نفهم معنى لقول المنافقين: "ولا هم أدوا رسالة صاحبهم"، فهل كانوا يحملون رسالة منه "صلى الله عليه وآله" لبني هذيل؟!
كما أن قول المنافقين: "لا هم قعدوا في أهليهم" يفيد: أن مسيرهم ذاك كان برأي منهم، والفقرة السابقة تدل على: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حملهم رسالة، فما هذا التناقض؟
3 ـ وأما بالنسبة لآية الشراء فإنهم تارة يقولون: إنها نزلت في قضية الرجيع، حسبما تقدم، وأخرى يقولون: إنها نزلت في حق الزبير والمقداد، في محاولتهما إنزال جثة خبيب عن الخشبة التي كان مصلوباً عليها([416]).
وسيأتي في الفصل التالي: أن ذلك كله لا يصح.
وثالثة: إنها نزلت في صهيب لما أخذه المشركون ليعذبوه، فأعطاهم ماله([417]).
وقد ذكرنا في فصل: هجرة الرسول الأعظم أن ذلك أيضاً لا يصح.
ولكن الصحيح هو: أنها نزلت في علي أمير المؤمنين "عليه السلام" حين مبيته على فراش النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" حينما هاجر، ووقاه "عليه السلام" بنفسه([418])، كما قدمناه في فصل هجرة الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله".
دعاء خبيب:
وقد تقدم: أن خبيباً قد دعا عليهم بقوله: "اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً" فلبد رجل بالأرض خوفاً من دعائه.
وقالوا: حضر قتلهما أكثر أهل مكة([419]).
وعند ابن سعد: "خرج معه الصبيان والنساء والعبيد، وجماعة أهل مكة فلم يتخلف أحد"([420]).
ثم قالوا: "فلم يحل الحول ومنهم أحد حي، غير ذلك الرجل الذي لبد في الأرض.
قيل: إن ذلك الرجل هو معاوية"([421]).
وأضاف البعض: "ولقد مكثت قريش شهراً، أو أكثر، وما لها حديث في أنديتها غير دعوة خبيب"([422]).
وأضاف بعض آخر قوله: "وقد قتلوا في الخندق متفرقين"([423]).
ونقول:
1 ـ إن الدعاء المنسوب إلى خبيب بعينه رواه غير واحد على أنه من كلام الإمام الحسين "عليه السلام" في كربلاء([424]).
وقد تعودنا في موارد كثيرة: أن نجدهم يسرقون كلام علي وغيره من الأئمة الأطهار "عليهم السلام"، وينسبونه إلى آخرين ممن لهم هوى في مناصرته، وإظهار أمره، وتضخيم مواقفه.
2 ـ كيف لم يحل الحول وأحد ممن حضر حيّ، مع أن أبا سفيان قد كان في جملة من حضر، وقد بقي بعد ذلك عشرات السنين، هذا بالإضافة إلى كثيرين ذكرت أسماؤهم؟
بل تقدم: أن أكثر أهل مكة كانوا حاضرين، فلو كان أكثرها قد هلك، قبل أن يحول الحول، فلماذا يحتاج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى خوض حرب الخندق، وما بعدها من حروب إلى فتح مكة؟
ألم يكن بإمكان الرسول "صلى الله عليه وآله" أن يهجم حينئذٍ على مكة، ويستولي عليها، ولماذا ينتظر إلى سنة ثمان من الهجرة أي حوالي أربع سنين من هلاك أكثر أهل مكة؟!
ولا ندري بعد هذا ما المقصود بقولهم: إنهم قتلوا في الخندق متفرقين، ونحن نعلم أنه لم يقتل في الخندق من المشركين سوى عدة قليلة معروفين بأسمائهم وأعيانهم، كما سيأتي.
توجيهات لا تجدي:
والغريب في الأمر: أننا نجد الزرقاني والسهيلي يتبرعان بحل هذا المشكل على النحو التالي:
إن دعوة خبيب أصابت منهم من سبق في علمه تعالى: أن يموت كافراً، وأما من سبق في علمه تعالى أنه يسلم: فلم يعنه خبيب، ولا قصده في دعائه فلم تصبه.
وعلامة استجابة دعوته: أن من هلك بعد الدعوة، فإنما هلك بدداً، لأنهم قتلوا غير معسكرين، ولا مجتمعين، كاجتماعهم في بدر وأحد، لأن الدعوة بعدهما، فنفذ الدعوة على صورتها([425]). إنتهى.
ونقول:
ألف: إن صريح الكلام المتقدم هو أن جميع الذين حضروا قتل خبيب قد هلكوا، ولم يبق منهم أحد قبل أن يحول الحول.
ب: من الذي أخبره أن خبيباً كان قد فكر هذا التفكير الذي ذكره، فلعله لم يدر بخلده، ولم يخطر له على بال أصلاً، فكيف حكم بأن خبيباً لم يعنه؟
ج: هل إن الذين ماتوا من مشركي مكة ما بين قتل خبيب وفتح مكة ماتوا جميعاً قتلاً، ألم يمت من مكة طيلة الأربع سنين أحد حتف أنفه؟!
صلاة خبيب:
وذكرت الرواية المتقدمة: أن خبيباً قد صلى ركعتين قبل قتله، ثم قتل، فهو أول من سن الصلاة حين القتل([426]).
وقوله هذا يدل على أنها سنة جارية([427]).
1 ـ لا ندري كيف سمح له المشركون بالصلاة، وهم الأشرار والموتورون، الذين ما كانوا يتحملون ما هو أقل من الصلاة، وكان يسرهم حتى آخر لحظة: أن يجعلوه يرجع عن دينه ويتخلى عنه؟
2 ـ لا ندري لماذا يقال: إن خبيباً هو أول من سن الركعتين، مع أن المصادر قد ذكرت: "أن زيد بن الدثنة أيضاً قد صلى هاتين الركعتين"([428]) وكيف نفسر قول ابن سعد: "وكانا قد صليا ركعتين ركعتين قبل أن يقتلا، فخبيب أول من سن ركعتين عند القتل"([429])؟
وذكر الواقدي: أنهما التقيا في التنعيم؛ فأوصى كل منهما الآخر بالصبر، ثم افترقا([430]).
ويظهر من الرواية المتقدمة: أن قتل زيد بن الدثنة كان أسبق من قتل خبيب([431]).
إذاً، فما معنى أن يقال: إن خبيباً هو أول من سن الصلاة حين القتل؟
3 ـ ثم إنهم يقولون: إن زيد بن حارثة هو الآخر حين أراد أحد الأشرار قتله قد صلى ركعتين، ثم دعا الله سبحانه؛ فخلصه الله منه([432]).
قال مغلطاي: "وصلى خبيب قبل قتله ركعتين فكان أول من سنهما، وقيل: أسامة بن زيد حين أراد المكري الغدر به كذا ذكره بعضهم وكان الصواب زيد"([433]).
قال في النور: والمعروف أن زيد بن حارثة صلاهما قبل خبيب بزمن طويل.
وفي الينبوع: إن قصة زيد بن حارثة "رضي الله تعالى عنهما" كانت قبل الهجرة([434]).
4 ـ هل يصح أن يقال: إن خبيباً قد سن صلاة كذا؟ وهل يحق لغير الرسول أن يشرع من عند نفسه؟ وهل يحق للآخرين أن يقتدوا به؟!
التشريع من غير النبي ':
وقد حاول البعض أن يجيب على هذا السؤال فقال: "وإنما صار فعل خبيب سنة، والسنة إنما هي أقوال رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأفعاله وتقريره؛ لأنه فعله في حياته "صلى الله عليه وآله"، فاستحسن ذلك من فعله، واستحسنها المسلمون، والصلاة خير ما ختم به عمل العبد"([435]).
ونقول لهؤلاء:
ألف: إن كلامهم يبقى مجرد دعوى بلا دليل ولا شاهد؛ إذ لا بد من إثبات أن ذلك قد بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أولاً، ثم إثبات: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد استحسن ذلك من فعله ثانياً، وليس لدينا ما يثبت ذلك ولو حتى رواية واحدة.
ب: إنه لم يثبت أن المسلمين قد استحسنوا ذلك، ولو قبلنا ذلك؛ فإن استحسان المسلمين لا يصير تشريعاً.
ج: إن كون الصلاة خير ما ختم به عمل العبد صحيح في نفسه، ولكن جعل ذلك في وقت معين وحالة معينة بحيث يصبح من التشريعات والسنن، يكون خلاف الشرع، ولا يجوز ارتكابه، لأنه تشريع وتقوُّل على الله سبحانه.
والصحيح هو: أن يقال هنا: إن خبيباً أو زيداً لم يفعلا ذلك بقصد التشريع، ولا إحداث سُنَّة، وإنما أحبا أن يختم عملهما بالصلاة التي هي عمود الدين، ففعلا ذلك وقد اقتدى الآخرون بفعلهما، لا بقصد فعل ما هو مشرع ومسنون أيضاً.
متى أسر خبيب؟!
وبينما نجد الروايات المتقدمة تقول: إن خبيباً أسر يوم الرجيع، نجد ابن دريد يقول: "ومنهم خبيب بن عدي أسر يوم الأحزاب، وقتلته قريش بمكة وصلبوه"([436]).
بلاغ الرسالة:
وأخيراً فإننا لم نستطع أن نفهم معنى قول خبيب: اللهم بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما أتى إلينا.
فهل طلب النبي "صلى الله عليه وآله" منهم أن يوصلوا رسالته إلى أحد؟ ولمن كان "صلى الله عليه وآله" قد أرسل تلك الرسالة؟
وما يذكر من أحداث في هذه الرواية يدل على أن أصحاب الرجيع قد قتلوا في الطريق، وقبل أن يصلوا إلى أي قبيلة أو بلد يمكنهم إبلاغ رسالة رسولهم فيه.
ثم إننا لم نفهم وجه الربط بين هذه الكلمة من هؤلاء، ودعواهم تبليغ رسالة الرسول، وبين إنكار المنافقين لذلك، حين قالوا: لا هم قعدوا في أهليهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم.
كما أن قول المنافقين الآنف الذكر يدل على أنهم كانوا متبرعين بالذهاب.
وحسبنا ما ذكرناه هنا، فإن ذلك كله يكشف عن مدى التلاعب والتزوير للحقائق، ويجعلنا نفقد الثقة فيما يدَّعى أنه تاريخ وحديث لدى البعض بصورة عامة.
معاوية لم يبلغ الحلم:
وأخيراً.. فقد قال ابن دريد: "وكان معاوية يقول: إني لأذكر دعوة خبيب، فأتطأطأ مخافة أن تصيبني، والله ما كنت بلغت، ولكن جاء رجل من قريش ـ سماه ـ فجمع يدي في يده، وفيها حربة، ثم طعنه بها الخ.."([437]).
ولكن من الواضح، أن معاوية قد ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل: بسبع، وقيل: بثلاث عشرة([438]).
ومعنى هذا هو: أن عمره كان حين قتل خبيب لو كان قتل في السنة الرابعة من الهجرة، لا بعد ذلك، كان اثنين وعشرين، أو أربع وعشرين، أو ثلاثين سنة، فكيف يقول: إنه حين قتل خبيب لم يكن قد بلغ؟!
بقي أن نشير إلى الأمور الثلاثة التالية:
1 ـ الأشعار المنحولة:
وقد لاحظنا: أن ابن هشام يقول بالنسبة للأشعار المنسوبة لخبيب بن عدي، وحسان بن ثابت: إن أهل العلم بالشعر، أو بعضهم، ينكر أن تكون هذه الأشعار أو تلك لخبيب أو لحسان.
بل إن ابن هشام يصرح: بأنه قد ترك ذكر أشعار أخرى تنسب لحسان، بسبب إنكار العلماء بالشعر، أو بعضهم نسبتها لحسان.
الأمر الذي يعطي: أنه قد كان ثمة شكوك منذ الصدر الأول تراود أذهان العلماء في هذا المجال، وأنهم كانوا يشعرون بوجود تعمد وإصرار على نظم أشعار ونسبتها إلى خبيب تارة وإلى حسان أخرى.
وإن ذلك لمريب حقاً، وأي مريب.
2 ـ خبيب هو الأهم:
ومن يراجع النصوص الروائية والتاريخية يتضح له: أن خبيب بن عدي هو محط الاهتمام، والحائز على أوسمة التبجيل والإكرام، وهو الذي ترثيه الشعراء، وتظهر له الكرامات وتبرز له الفضائل.
بل ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال يوم قتل خبيب: خبيب قتلته قريش، ولا ندري أذكر زيداً أم لا([439]).
فهل سبب ذلك: أنه كان أفضل من زيد بن الدثنة وأعلم وأعبد؟!
أم أن سبب ذلك هو: أن العلماء يشكون في أمر زيد بن الدثنة، ويرون أنه لم يقتل مع خبيب؟!
أم أنه قد كان ثمة من يهتم بأمر خبيب، والتركيز عليه لقرابة له معه، أو لهوى سياسي له يخوله الاستفادة من استشهاد خبيب لتثبيت أمر فريق، وتقوية مركزه في مقابل الفرقاء الآخرين.
أم أنه قد كان ثمة أهداف ومرام أخرى؟!
إن التاريخ لم يفصح لنا عن شيء من ذلك، ولسوف تبقى تلك الأسئلة وسواها تراود أذهاننا، حتى نجد الإجابة الصريحة، والمقنعة والمفيدة.
3 ـ عاصم بن ثابت هو الأعظم أيضاً:
ونلاحظ: أن شخصية عاصم بن ثابت بن الأقلح تظهر كذلك على أنها متميزة على من عداها من أولئك الذين استشهدوا في قضية الرجيع، فهو أمير السرية عند البعض، وهو الوحيد الذي قتل رجلاً، وجرح رجلين، بل لقد كان عنده سبعة أسهم، فقتل بكل سهم رجلاً من عظمائهم، وهو الذي يرفض قبول طلب الأعداء، فيقتدي به الآخرون وهو الذي حمت رأسه الدبر، ويحتمله السيل، وهو الذي يقرضه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الخ..
وعاصم وإن كان شهيداً مغفوراً له، وله الدرجات العلى عند الله، لكن الباحث قد تراوده بعض الشكوك في الموارد التي يرى أنها خارجة عن المألوف والمعروف، وقد يكون سر التكرم بالأوسمة على عاصم، هو أنه كان خال عاصم بن عمر بن الخطاب لأن أم عاصم بن عمر هي جميلة بنت ثابت، فيكون عاصم أخاها([440]).
ووهم البعض فادعى: أنه جد عاصم بن عمر([441]) والصحيح هو ما ذكرناه.
الفصل الرابع:
عمرو بن أمية وجثة خبيب:
ويقولون: إن جثة خبيب قد أنزلت عن الخشبة في وقت لاحق. وتذكر قضية إنزالها على أنحاء مختلفة، فاقتضى الأمر إيراد النص المطول الذي ذكره كثير من المحدثين والمؤرخين، ثم نعطي رأينا فيه، وفي سائر المنقولات في هذا المجال، فنقول:
نص الرواية:
قال الطبري: "ولما قتل من وجهه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى عضل والقارة من أهل الرجيع، وبلغ خبرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بعث عمرو بن أمية الضمري إلى مكة، مع رجل من الأنصار، وأمرهما بقتل أبي سفيان بن حرب، فحدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدثني محمد بن إسحاق عن جعفر بن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه، عن جده ـ يعني عمرو بن أمية ـ قال: قال عمرو بن أمية: بعثني رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد قتل خبيب وأصحابه، وبعث معي رجلاً من الأنصار، فقال: إئتيا أبا سفيان بن حرب, فاقتلاه.
قال: فخرجت أنا وصاحبي، ومعي بعير لي، وليس مع صاحبي بعير، وبرجله علة؛ فكنت أحمله على بعيري، حتى جئنا بطن يأجج فعقلنا بعيرنا في فناء شعب، فأسندنا فيه.
فقلت لصاحبي: انطلق بنا إلى دار أبي سفيان؛ فإني محاول قتله؛ فانظر؛ فإن كانت مجادلة، أو خشيت شيئاً؛ فالحق ببعيرك، فاركبه، والحق بالمدينة، فأت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره الخبر، وخل عني، فإني رجل عالم بالبلد جريء عليه، نجيب الساق.
فلما دخلنا مكة، ومعي مثل خافية النسر ـ يعني: خنجره ـ قد أعددته، إن عانقني([442]) إنسان قتلته به، فقال لي صاحبي: هل لك أن نبدأ؛ فنطوف بالبيت أسبوعاً، ونصلي ركعتين؟!
فقلت: أنا أعلم بأهل مكة منك، إنهم إذا أظلموا رشوا أفنيتهم، ثم جلسوا بها، وأنا أعرف بها من الفرس الأبلق.
قال: فلم يزل بي حتى أتينا البيت؛ فطفنا به أسبوعاً، وصلينا ركعتين ثم خرجنا، فمررنا بمجلس من مجالسهم، فعرفني رجل منهم؛ فصرخ بأعلى صوته: هذا عمرو بن أمية!
قال: فتبادرتنا أهل مكة، وقالوا: تالله ما جاء بعمرو خير، والذي يحلف به ما جاءنا قط إلا لشر.
وكان عمرو رجلاً فاتكاً، متشيطناً في الجاهلية.
قال: فقاموا في طلبي وطلب صاحبي، فقلت له: النجاء، هذا والله الذي كنت أحذر، أما الرجل فليس إليه سبيل، فانج بنفسك.
فخرجنا نشتد، حتى أصعدنا في الجبل؛ فدخلنا في غار فبتنا فيه ليلتنا، وأعجزناهم، فرجعوا، وقد استترت دونهم بأحجار حين دخلت الغار، وقلت لصاحبي: أمهلني حتى يسكن الطلب عنا؛ فإنهم والله ليطلبنّا ليلتهم هذه ويومهم هذا حتى يمسوا.
قال: فوالله، إني لفيه إذ أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي، يتخيل([443]) بفرس له، فلم يزل يدنو ويتخيل بفرسه حتى قام علينا بباب الغار، قال: فقلت لصاحبي: هذا والله ابن مالك، والله، لئن رآنا ليعلمن بنا أهل مكة.
قال: فخرجت إليه؛ فوجأته بالخنجر تحت الثدي، فصاح صيحة أسمع أهل مكة، فأقبلوا إليه، ورجعت إلى مكاني، فدخلت فيه وقلت لصاحبي: مكانك.
قال: واتَّبع أهل مكة الصوت يشتدون، فوجدوه وبه رمق، فقالوا: ويلك، من ضربك؟
قال: عمرو بن أمية، ثم مات، وما أدركوا ما يستطيع أن يخبرهم بمكاننا؛ فقالوا: والله، لقد علمنا: أنه لم يأت لخير، وشغلهم صاحبهم عن طلبنا؛ فاحتملوه.
ومكثنا في الغار يومين، حتى سكن عنا الطلب.
ثم خرجنا إلى التنعيم، فإذا خشبة خبيب؛ فقال لي صاحبي: هل لك في خبيب تنزله عن خشبته؟!
فقلت: أين هو؟
قال: هو ذاك حيث ترى.
فقلت: نعم؛ فأمهلني وتنح عني.
قال: وحوله حرس يحرسونه.
قال عمرو بن أمية: فقلت للأنصاري: إن خشيت شيئاً، فخذ الطريق إلى جملك، فاركبه، والحق برسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ فأخبره الخبر.
فاشتددت إلى خشبته، فاحتللته، واحتملته على ظهري؛ فوالله، ما مشيت إلا نحو أربعين ذراعاً حتى نذروا بي، فطرحته؛ فما أنسى وجبته حين سقط؛ فاشتدوا في أثري، فأخذت طريق الصفراء؛ فأعيوا، فرجعوا.
وانطلق صاحبي إلى بعيره؛ فركبه، ثم أتى النبي "صلى الله عليه وآله"؛ فأخبره أمرنا.
وأقبلت أمشي، حتى إذا أشرفت على الغليل، غليل ضجنان([444]) دخلت غاراً فيه، ومعي قوسي وأسهمي؛ فبينا أنا فيه إذ دخل علي رجل من بني الديل بن بكر، أعور طويل، يسوق غنماً له، فقال: من الرجل؟
فقلت: رجل من بني بكر.
قال: وأنا من بني بكر، ثم أحد بني الديل.
ثم اضطجع معي فيه، فرفع عقيرته يتغنى، ويقول:
ولست بمـسلـم مـا دمـت حيــاً ولـسـت أديـن ديـن المسـلـمـين
فقلت: سوف تعلم! فلم يلبث الأعرابي أن نام، وغط؛ فقمت إليه فقتلته أسوأ قتلة قتلها أحد أحداً، قمت إليه؛ فجعلت سية قوسي في عينه الصحيحة، ثم تحاملت عليه، حتى أخرجتها من قفاه.
قال: ثم أخرج مثل السبع، وأخذت المحجة كأني نسر، وكان النجاء حتى أخرج على بلد قد وصفه، ثم على ركوبة، ثم على النقيع؛ فإذا رجلان من أهل مكة بعثتهما قريش يتحسسان من أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ فعرفتهما؛ فقلت: استأسرا.
فقالا: أنحن نستأسر لك؟!
فأرمي أحدهما بسهم، فأقتله، ثم قلت للآخر: استأسر؛ فاستأسر فأوثقته، فقدمت به على رسول الله "صلى الله عليه وآله".
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن سليمان بن وردان، عن أبيه، عن عمرو بن أمية، قال: لما قدمت المدينة، مررت بمشيخة من الأنصار، فقالوا: هذا والله عمرو بن أمية؛ فسمع الصبيان قولهم، فاشتدوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبرونه؛ وقد شددت إبهام أسيري بوتر قوسي، فنظر النبي إليه؛ فضحك حتى بدت نواجذه، ثم سألني فأخبرته الخبر، فقال لي خيراً، ودعا لي بخير([445]).
دور الزبير والمقداد:
ولكن بعض النصوص الأخرى تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل الزبير والمقداد في إنزال خبيب عن خشبته؛ فوصلا إلى التنعيم، فوجدا حوله أربعين رجلاً نشاوى يحرسونه.
فأنزلاه، فحمله الزبير على فرسه وهو رطب، لم يتغير منه شيء فنذر به المشركون "وكانوا سبعين حسب بعض المصادر" فلما لحقوهم قذفه الزبير، فابتلعته الأرض، فسمي بليع الأرض، وعند العيني قالا: "فأنزلناه فإذا هو رطب لم يتغير بعد أربعين يوماً، ويده على جرحه وهو ينبض يسيل دماً كالمسك".
وزاد في بعض المصادر: "أنهما قدما على النبي محمد "صلى الله عليه وآله" وجبرئيل "عليه السلام" عنده، فقال جبرئيل: يا محمد، إن الملائكة تباهي بهذين من أصحابك، فنزل فيهما: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ الله وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ?([446])"([447]).
وأضافت بعض المصادر: أن الزبير قال للمشركين: ما جرأكم علينا يا معاشر قريش؟
ثم رفع العمامة عن رأسه، فقال: أنا الزبير بن العوام، وأمي صفية بنت عبد المطلب، وصاحبي المقداد بن الأسود، أسدان رابضان يدافعان عن شبليهما؛ فإن شئتم ناضلتكم، وإن شئتم نازلتكم، وإن شئتم انصرفتم. فانصرفوا إلى مكة([448]).
ونحن نشك في هذه الرواية وسابقتها، وشكنا هذا يستند إلى الأمور التالية:
تناقض الروايات:
إن بينها وبين سائر الروايات والنصوص وكذلك سائر الروايات فيما بينها تناقضات ظاهرة، ونحن نكتفي هنا بالإشارة إلى الموارد التالية:
ألف: بالنسبة لتاريخ بعث عمرو بن أمية نجد: أن هذه الرواية تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل عمرواً وصاحبه لقتل أبي سفيان فور وصول نبأ قتل عضل والقارة أصحاب الرجيع، أو بعد مقتل خبيب وأصحابه([449]) في السنة الرابعة([450]) بعد أربعين يوماً من قتله([451]).
لكن البعض ذكر: بعث عمرو بن أمية في السنة السادسة، بعد سرية كرز بن جابر، وقبل الحديبية، وعطفها عليها بكلمة "ثم"([452]).
وصرح البلاذري بقوله: "سرية عمرو بن أمية الضمري إلى مكة، في صفر سنة ثمان، أو شهر ربيع الأول، وجهه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لقتل أبي سفيان، فوجده قد نذر به، فانصرف"([453]).
ولم يذكر حديثه مع جثة خبيب.
ب: وبالنسبة للأنصاري، الذي كان مع عمرو بن أمية، سماه البعض سلمة بن أسلم بن حريش([454]).
وسماه بعض آخر: جبار بن صخر([455]).
وفي بعض المصادر: خيار بن صخر([456])، ويبدو أنه تصحيف.
ج: بعض المصادر يذكر: أنه لم يكن مع صاحبه بعير كما في الرواية المتقدمة وبعضها يقول: فحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج([457]).
د: والذي رأى عمرو بن أمية: هل هو معاوية بن أبي سفيان([458]) أو غيره كما قيل([459]).
هـ: وتقول الرواية المتقدمة: فدخلنا على غار فبتنا فيه ليلتنا، وأعجزناهم، فرجعوا وقد استترت دونهم بأحجار حين دخلت الغار.
وثمة نص آخر يقول: فدخلت في غار، فتغيبت عنهم حتى أصبحت، وباتوا يطلبوننا في الجبل وعمى الله عليهم طريق المدينة أن يهتدوا له([460]).
وفي نص آخر: فخرجنا نشتد، حتى أصعدنا في جبل، وخرجوا في طلبنا، حتى إذا علونا الجبل يئسوا منا، فرجعنا فبتنا في كهف في الجبل([461]).
و: والرواية المتقدمة تقول: إن مجيء عثمان بن مالك كان بمجرد دخول الضمري إلى الغار، واستتاره بالأحجار.
ونص آخر يقول: فلما كان ضحوة الغد أقبل عثمان بن مالك إلخ..([462]).
ز: والذي جاء يتخيل بفرسه، هل هو عثمان بن مالك بن عبيد الله كما ذكرته الرواية المتقدمة؟
أو هو عبيد الله بن مالك([463]) أو عبد الله بن مالك([464]).
ح: وهل ضربه بالخنجر تحت الثدي، كما في الرواية المتقدمة، أم أنه ضربه على يده؟([465]).
إلا أن يكون الراوي أو الكاتب قد صحف الكلام هنا، فبدل أن يكتب ضربه على ثديه، كتب: ضرب على يده.
ط: والرواية المتقدمة مفادها: أنه بمجرد أن رأى جثة خبيب اشتد نحوها، واحتله وحمله على ظهره، فما مشى إلا نحو أربعين ذراعاً حتى نذروا به.
وفي نص آخر: أنه بعد أن حمل خبيباً ومشى به استيقظوا([466]) الأمر الذي يدل على أنهم كانوا نائمين حينئذٍ.
لكن رواية أخرى تفيد: أنهم خرجوا ليلاً يريدون المدينة، فمروا بالذين يحرسون جثة خبيب، فقال أحدهم: ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، فلما حاذى عمرو الخشبة شد عليها؛ فاحتملها، وخرج بها شداً وخرجوا وراءه([467]).
ي: الرواية المتقدمة تقول: إنه شد على الخشبة، فاحتمل خبيباً عنها، ثم احتمله على ظهره، ومشى به.
والنص الآخر يقول: إنه اقتلع الخشبة نفسها بما عليها([468]).
ك: والرواية المتقدمة تقول: إنه بمجرد أن نذروا به رمى الجثة، على بعد نحو أربعين ذراعاً، فاشتدوا في أثره.
والنص الآخر يقول: إنه بقي يعدو والخشبة معه، وهم خلفه، حتى أتى جرفاً بمهبط سيل يأجج، فرمى بالخشبة بالجرف([469]).
ل: وفي الرواية المتقدمة: أنه مشى نحو أربعين ذراعاً، فنذروا به.
وفي نص آخر: ما مشيت إلا عشرين ذراعاً([470]).
وفي نص ثالث: أنه حين حله عن الخشبة وقع إلى الأرض، فانتبذ غير بعيد، ثم التفت فلم يره، كأنما ابتلعته الأرض([471]).
م: تقول رواية: إنه بقي حاملاً الخشبة التي عليها خبيب، حتى رمى بها بمهبط مسيل يأجج بالجرف، فغيبه الله عنهم، فلم يقدروا عليه([472]).
ورواية تقول: إنه حين أهبط عن الخشبة لم ير له رمة ولا جسداً([473]).
وفصلت رواية ثالثة، فقالت: إنه حين ألقاه عن الخشبة سمع وجبة خلفه، فالتفت فلم ير شيئاً، كأنما ابتلعته الأرض، زاد بعضهم قوله: فلم تر لخبيب رمة حتى الساعة([474]).
ولكن نصاً آخر يقول: عن عمرو بن أمية: فطرحت الخشبة: فما أنسى وجبتها، يعني صوتها، ثم أهلت التراب عليه برجلي([475]).
هذا كله، عدا عن دعوى ابتلاع الأرض له في حديث إنزال الزبير والمقداد له، وأنه سمي بليع الأرض([476]).
ن: والرواية المتقدمة تنص على: أن عمرو بن أمية هو الذي أنزل جثة خبيب عن الخشبة.
بينما نجد نصوصاً أخرى نسبت ذلك إلى الزبير والمقداد([477]).
وبعض الروايات نسبت قضية إنزاله إلى خباب بن الأرت([478]).
س: ونجد في بعض النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرسل عمرو بن أمية، بل أسر في بئر معونة فقدموا به مكة، فهو دفن خبيباً([479]).
طريق جمع فاشل:
وقد حاول البعض رفع هذا التنافي الأخير: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل الضمري أولاً، ثم أرسل الزبير والمقداد؛ فحين أنزله عن الخشبة كانا حاضرين، فأخذه الزبير، فلما لحقوهم قذفه الزبير، فابتلعته الأرض([480]) فصح نسبة ذلك إلى كل منهم.
ولكن هذا المتبرع بالجمع قد نسي: النصوص التي يقول بعضها: إن عمرو بن أمية قد حمله حتى أتى جرفاً بمهبط مسيل يأجج، فرمى بالخشبة، فكأنما ابتلعته الأرض.
والنصوص التي تقول: إنه بمجرد أن وقع إلى الأرض ابتعلته الأرض.
والنصوص التي تقول: إن الأرض ابتلعته بعد عشرين ذراعاً، أو أربعين.
والنصوص التي تقول: إن عمرو بن أمية قد دفنه، وأنه أهال عليه التراب برجله. إلى آخر ما تقدم مما لا مجال لإعادته.
هذا كله، عدا عن أن ابن أبي شيبة يقول: إنهما حين حلاه من الخشبة التقمته الأرض([481])، فالذي حله إذاً اثنان وليس رجلاً واحداً.
عودة للتناقضات:
ع: وقد تقدم: أن عمرو بن أمية قد شد على الخشبة فاحتلها وذهب بها.
لكن نصاً آخر يقول: إنه احتمله بخدعة ليلاً، فذهب به فدفنه([482]).
ف: تقدم أن الرسول قد أرسل عمرو بن أمية لأجل قتل أبي سفيان.
لكن نصاً آخر يقول: إنه قد بعثه عيناً على قريش، فجاء إلى خشبة خبيب فحله عنها([483]).
وصرحت بعض المصادر: أنه "صلى الله عليه وآله" قد بعثه إلى خبيب لينزله عن الخشبة([484]).
هذا كله، بالنسبة لطائفة من الموارد، التي تظهر فيها التناقضات في ما بين الروايات والنصوص.
وأما بالنسبة لسائر الأمور التي نود الإشارة إليها هنا، مما يدل على ضعف هذه الروايات وسقوطها، فإننا نشير إلى ما يلي:
آية الشراء:
قد ذكرت رواية إنزال الزبير والمقداد لجثة خبيب: أن آية: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ الله..? نزلت فيهما، وأن الملائكة تباهي بهما من بين أصحابه "صلى الله عليه وآله".
ونقول:
1 ـ إن ذلك ينافي قولهم المتقدم: إن آية الشراء قد نزلت في خبيب وابن الدثنة، فكيف يقولون: إنها قد نزلت في الزبير والمقداد؟
كما أنهم يقولون: إنها قد نزلت في صهيب، وهو ينافي ما يذكرونه هنا أيضاً، ودعوى تكرر نزول الآية لا تدفع التناقض في قصة خبيب هنا.
2 ـ قد تقدم: أن آية الشراء قد نزلت في علي "عليه السلام" حين مبيته على فراش رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد ذكرنا عشرات المصادر لذلك؛ فلا نعيد.
الكشاف الليلي والسحر الخارق:
1 ـ قد صرحت الروايات المقدمة: أن عمرو بن أمية ورفيقيه قد ذهبا إلى الكعبة للطواف والصلاة بعد حلول الظلام؛ فكيف رآه معاوية وعرفه إذاً.
2 ـ قد صرحت الروايات المتقدمة: أنهما قد ذهبا إلى جثة خبيب ليلاً، فكيف رآهما ذلك الرجل، وعرف مشية عمرو بن أمية بخصوصها؟
3 ـ وبعد أن رآه ذلك الرجل وأخبر رفقاءه بوجود غريب حولهم، كيف استطاع أن يقتلع الخشبة، أو أن يحل الجثة منها، وهم حولها يحرسونها؟!
وإذا كانوا حينئذٍ نائمين فكيف رآه ذلك الرجل وعرف مشيته؟
نبوءة وكهانة وموتة السوء:
وحين كان راجعاً إلى المدينة، ودخل الغار، وجاءه الراعي، كيف عرف أنه من بني بكر؟!
وهل مجرد وضع سية قوسه في عينه الصحيحة، وقتله بهذه الصورة يعتبر أسوأ قتلة؟! أليس ثمة أشكال وأنحاء أخرى أسوأ من هذه القتلة؟!
أين هي جثة ابن الدثنة؟
الحديث كله، وعند جميع المؤرخين، يدور حول جثة خبيب، فأين ذهبت جثة زيد بن الدثنة؟!
ولماذا لم ينزلها الضمري، ولا الزبير والمقداد، ولا ذكرها الرسول، ولا حرسها المشركون، ولا ابتلعتها الأرض ولا.. ولا الخ..؟!
طاقية الإخفاء لدى الأعرج الطائر:
وصاحبه الذي لا رجلة له، ولم يكن يستطيع المشي، لماذا لم يأخذه حراس خبيب؟!
ولماذا لحقوا فقط بعمرو نفسه دونه، ولماذا لا يثير وجوده تساؤلهم؟
وإذا كان لا يستطيع المشي، فكيف استطاع أن ينجو من أهل مكة، حينما صرح معاوية أو غيره يعلمهم بوجوده، وكيف استطاع أن يرتقي الجبل وهو لا يستطيع المشي ولا يرتقيه أهل مكة وهم يستطيعون المشي؟!
تعمد المواجهة:
إنهما حين خرجا من الكعبة لماذا مرا على مجلس من مجالس قريش؟ ألم يكن بوسعهم تحاشي المرور على ذلك المجلس؟! لا سيما وأن الظلام كان يسترهما عن العيون؟!
طاقية الإخفاء مرة أخرى:
كيف قام عليهم عثمان التيمي على باب الغار، وهو على فرسه ولم يرهم فيه؟! وكيف قتله على باب الغار، وجاء أهل مكة إلى صاحبهم الذي كان ملقى على باب الغار، ولم ينظروا فيه، بل لم يفطنوا لوجوده؟!
وحين أخبرهم المقتول بقاتله، كيف لم يبحثوا عنه، وهو لا بد أن يكون قريباً منهم؟!
وكيف تقول الرواية: شغلهم موت صاحبهم عن البحث عنهما، مع أن نفس الرواية تقول: إنهما أقاما في الغار يومين حتى سكن الطلب؟!
فإن ذلك يدل على أن المكيين قد واصلوا البحث عنهما.
بطل هنا.. ونعامة هناك:
إننا نلاحظ: أن البطولات كلها تنسب إلى عمرو بن أمية الضمري، وليس لصاحبه أي دور يذكر.
فهو نجيب الساق.. وهو أعرف بمكة من الفرس الأبلق، وهو معه خنجر مثل خافية النسر، وهو يخرج من الغار مثل السبع، ويأخذ المحجة كأنه نسر وهو الرجل المعافى، وصاحبه ذو علة، وهو صاحب الجمل، ولا جمل لصاحبه وهو.. وهو الخ..
ولكننا لا نجده في سرية بئر معونة نجيب الساق، ولا كان مثل السبع، ولا أخذ المحجة كأنه نسر، بل ألقي عليه القبض مباشرة ولم يذكر لنفسه ولا ذكر غيره له أي شيء يشير إلى ذلك لا من قريب ولا من بعيد كما تقدم.
بطل يتحدث عن نفسه:
لم ترو قصة عمرو بن أمية إلا عن عمر بن أمية نفسه، وهذا أمر يثير الشبهة والريب فيها.
يأس العاجز أم طاقية الإخفاء؟
تقول الرواية: إن أهل مكة حين رأوا عمرو بن أمية على رأس الجبل يئسوا.
ولكن النص الآخر يقول: إن الله قد عمّى عن أهل مكة طريق المدينة أن يهتدوا له، فهل كان ذلك الغار على طريق المدينة، أو أن ذلك الجبل كان على طريق المدينة؟!
فشدوا الوثاق:
لم نعرف معنى لشد إبهام أسيره بسية قوسه، فلماذا لا يشد يده مثلاً أو رقبته، أو أي شيء آخر؟!
ولا ندري لماذا جاء الأمر بشد الوثاق في القرآن، ولم يرد الأمر بشد الإبهام؟!
وهل شده لإبهامه يمنعه من التمرد عليه لو غفل عنه؟!
وأخيراً:
لماذا لم يعد إلى صاحبه، ويركبا معاً الجمل، ويعودا إلى المدينة؟!
ولماذا؟ ولماذا؟
إلى آخر ما هنالك من الأسئلة الكثيرة التي لا مجال لإيرادها.
تحذير النبي ' من الضمري:
عن الخزاعي، عن أبيه قال: دعاني رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان، يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال: التمس صاحباً.
قال: فجاءني عمرو بن أمية الضمري.
فقال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحباً.
قال: قلت: أجل.
قال: فأنا لك صاحب.
قال: فجئت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقلت: قد وجدت صاحباً.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: إذا وجدت صاحباً فآذني.
قال: فقال: من؟
فقلت: عمرو بن أمية الضمري.
قال: فقال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري، ولا تأمنه.
قال: فخرجنا، حتى إذا جئت الأبواء قال: إني أريد حاجة إلى قومي بودّان، فتلبث لي.
قال: قلت: راشداً.
فلما ولى ذكرت قول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فشددت على بعيري، ثم خرجت أوضعه، حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهط، وأوضعت فسبقته، فلما رآني قد فته انصرفوا، وجاءني، فقال: كانت لي إلى قومي حاجة.
قلت: أجل.
فمضينا حتى قدمنا مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان([485]).
سبعون يهربون من واحد أم العكس؟!
لا نعرف كيف انصرف سبعون من المشركين عن الزبير والمقداد، لمجرد تهديد الزبير لهم، وإذا كانوا قد خافوا منه إلى هذا الحد، فلماذا لم يخافوا منه في أُحد، حيث فر مع الفارين؟! وكذا في غيرها من المواطن الصعبة، ولماذا لم يبرز لواحد منهم وهو عمر بن عبد ود في الخندق؟!
وإذا كان الحراس نشاوى، فهل أفاقوا من نشوتهم بعد أن أتم الزبير عمله وأخذ الجثة من بينهم، وحمل الجثة على فرسه وذهب ولم يستفيقوا قبل ذلك؟!
ما هي الحقيقة إذن؟
وغاية ما يمكن أن يطمئن إليه الباحث هو: أن جماعة من المسلمين كانوا قرب منازل هذيل في منطقة الرجيع، فأتوا إليهم، وقتلوهم، وقد يبلغ عددهم الستة أشخاص، ومن بينهم عاصم بن ثابت.
هذا بالإضافة إلى أسر اثنين آخرين هما: خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وقد انتهى أمر هذين الأسيرين إلى أن أصبحا في أيدي مشركي مكة، فقتلوهما حقداً منهم وبغياً.
وما سوى ذلك فإنه إما لا ريب في كونه مكذوباً ومختلقاً، وإما يشك في صحته بنسبة كبيرة، مع احتمال أن يكون ثمة أمور أخرى نالتها يد التحريف، والتحوير لأهداف سياسية، أو غيرها.
الباب الرابع:
سرية بئر معونة
الفصل الأول: النصوص وتناقضاتها
الفصل الثاني: نقاط ضعف
الفصل الثالث: القنوت والدعاء على القبائل
الفصل الرابع: دلالات وعبر
الفصل الأول:
النصوص وتناقضاته
نص الرواية:
ويقولون: إن سرية بئر معونة([486]) كانت في السنة الرابعة في المحرم، كما قال البعض([487]).
وقد اختلفت الروايات في بيان حقيقة ما جرى، ونحن نذكر أولاً نص الطبري الذي قال:
قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر، ملاعب الأسنة ـ وكان سيد بني عامر بن صعصعة ـ على رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة، وأهدى له هدية، فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقبلها، وقال: يا أبا براء، لا أقبل هدية مشرك، فأسلم إن أردت أن أقبل هديتك. ثم عرض عليه الإسلام، وأخبره بما له فيه، وما وعد الله المؤمنين من الثواب، وقرأ عليه القرآن فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا محمد إن أمرك هذا الذي تدعو إليه حسن جميل، فلو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إني أخشى عليهم أهل نجد! فقال أبو براء: أنا لهم جار، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة المعنق([488]) ليموت في أربعين رجلاً من أصحابه من خيار المسلمين؛ منهم الحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان أخو بني عدي النجار، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر؛ في رجال مسمين من خيار المسلمين([489]).
فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" المنذر بن عمرو في سبعين راكباً، فساروا حتى نزلوا بئر معونة ـ وهي أرض بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، كلا البلدين منها قريب، وهي إلى حرة بني سليم أقرب ـ فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه، حتى عدا على الرجل فقتله، ثم استصرخ عليهم بني عامر، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، وقالوا: لن نخفر أبا براء، قد عقد لهم عقداً وجواراً.
فاستصرخ عليهم قبائل من بني سُليم: عُصيّة، ورعلاً، وذكوان، فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم، فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا السيوف، ثم قاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم، إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار، فإنهم تركوه وبه رمق، فارتث([490]) من بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق.
وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري، ورجل([491]) من الأنصار أحد بني عمرو بن عوف، فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر، فقالا: والله إن لهذه الطير لشأناً، فأقبلا لينظرا إليه، فإذا القوم في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة.
فقال الأنصاري لعمرو بن أمية: ماذا ترى؟
قال: أرى أن تلحق برسول الله "صلى الله عليه وآله" فتخبره الخبر، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، وما كنت لتخبرني عنه الرجال. ثم قاتل القوم حتى قتل.
وأخذوا عمرو بن أمية أسيراً، فلما أخبرهم أنه من مضر، أطلقه عامر بن الطفيل، وجز ناصيته، وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه.
فخرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة، أقبل رجلان من بني عامر حتى نزلا معه في ظل هو فيه؛ وكان مع العامريين عقد من رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجوار لم يعلم به عمرو بن أمية، وقد سألهما حين نزلا: ممن أنتما؟
فقالا: من بني عامر، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثؤرة([492]) من بني عامر، بما أصابوا من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما قدم عمرو بن أمية على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخبره الخبر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لقد قتلت قتيلين لأدينهما.
ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": هذا عمل أبي براء؛ قد كنت لهذا كارهاً متخوفاً.
فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه إخفار عامر إياه، وما أصاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" بسببه وجواره وكان فيمن أصيب عامر بن فهيرة([493]).
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عامر بن الطفيل كان يقول: إن الرجل منهم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء من دونه. قالوا: هو عامر بن فهيرة([494]).
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن أحد بني جعفر، رجل من بني جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، قال: كان جبار فيمن حضرها([495]) يومئذ مع عامر، ثم أسلم بعد ذلك.
قال: فكان يقول مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلاً منهم يومئذ بالرمح بين كتفيه، فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره، فسمعته يقول حين طعنته: فزت والله!
قال: فقلت في نفسي: ما فاز! أليس قد قتلت الرجل؟! حتى سألت بعد ذلك عن قوله.
فقالوا: الشهادة.
قال: فقلت: فاز لعمرو الله!
فقال حسان بن ثابت([496]) يحرض بني أبي البراء على عامر بن الطفيل:
بـنـي أم البنين ألـم يـرعــكـــم وأنـتـم مـن ذوائـب أهـل نـجـد
تـهـكـم عـامـر بـأبـي بــــــراء ليـخـفـره، ومــا خـطـأ كـعـمـد
ألا أبـلـغ ربـيـعـة ذا المســــاعي فمـا أحـدثت في الحدثـان بعدي([497])
أبـوك أبـو الحـروب أبـو بــــراء وخـالك مـاجد حـكـم بـن سعد
وقال كعب بن مالك في ذلك أيضاً:
لـقـد طـارت شعـاعـاً كل وجـه فــارة مـــا أجــار أبــو بــــراء
فـمـثـل مسـهـب وبـنـي أبـيــه بـجـنـب الـرَّده من كنفي سـواء([498])
بـنـي أم الـبـنـيـن أمـا سمعتــم دعـاء المسـتـغـيـث مـع المســاء!
وتـنـويـه الصريـخ بـلى ولـكـن عـرفـتـم أنـه صـدق الـلـقــــاء
فـمـا صفرت عياب بني كـلاب ولا القـرطــاء مـن ذم الــوفـــاء
أعـامـر عـامـر السـوءات قدماً فـلا بـالفعـل فـزت ولا الـسنـاء
أأخـفـرت النبي وكـنـت قـدمـاً إلى السوءات تـجـري بـالـعـراء ؟
فـلـست كجـار جـار أبـي داودٍ ولا الأســدي جــار أبـي العـلاء
ولـكـن عـاركـم داء قـديــــم وداء الـغـدر فـاعـلــم شــر داء
فلما بلغ ربيعة بن عامر أبي البراء قول حسان وقول كعب، حمل على عامر بن الطفيل فطعنه، فشطب الرمح عن مقتله، فخر عن فرسه.
فقال: هذا عمل أبي براء! إن مت فدمي لعمي ولا يتبعن به، وإن أعش فسأرى رأيي فيما أتى إليَّ([499]).
حدثني محمد بن مرزوق، حدثنا عمرو بن يونس، عن عكرمة، قال: حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، قال: حدثني أنس بن مالك في أصحاب النبي الذين أرسلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أهل بئر معونة.
قال: لا أدري، أربعين أو سبعين وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" الذين بعثوا؛ حتى أتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه.
ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" أهل هذا الماء؟
فقال ـ أراه ابن ملحان الأنصاري ـ : أنا أبلغ رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فخرج حتى أتى حواء منهم، فاحتبى أمام البيوت، ثم قال: يا أهل بئر معونة، إني رسول رسول الله إليكم، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله.
فَخُرِج إليه من كسر البيت برمح، فَضُرِب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر، فقال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل.
قال إسحاق: حدثني أنس بن مالك أن الله عز وجل أنزل فيهم قرآناً: "بلِّغوا عنا قومنا أنَّا قد لقينا ربنا، فرضي عنا، ورضينا عنه".
ثم نسخت، فرفعت بعدما قرأناه زماناً، وأنزل الله عز وجل: ?وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ..?([500]).
حدثني العباس بن الوليد، قال: حدثني أبي قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى عامر بن الطفيل الكلابي سبعين رجلاً من الأنصار قال: فقال أميرهم: مكانكم حتى آتيكم بخبر القوم!
فلما جاءهم قال: أتؤمنونني حتى أخبركم برسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
قالوا: نعم، فبينا هو عندهم، إذ وخزه رجل منهم بالسنان: قال:
فقال الرجل: فزت ورب الكعبة! فقتل.
فقال: عامر: لا أحسبه إلا أن له أصحاباً، فاقتصوا أثره حتى أتوهم فقتلوهم، فلم يفلت منهم إلا رجل واحد.
قال أنس: فكنا نقرأ فيما نسخ: "بلغوا عنا إخواننا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه"([501]).
وتقول الروايات: إنه "صلى الله عليه وآله" قنت شهراً في صلاة الغداة يدعو على رعل وذكوان وعصية.
نص آخر للطبراني:
وثمة نص آخر، عن سهل بن سعد، ملخصه: أن عامر بن الطفيل قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" المدينة، فراجع النبي "صلى الله عليه وآله" وارتفع صوته، وثابت بن قيس قائم بسيفه على النبي "صلى الله عليه وآله"، فأمره بغض صوته، وجرى بينهما كلام.
فعطس ابن أخ لعامر، فحمد الله، فسمّته النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم عطس عامر، فلم يسمّته، فقال عامر: سمّت هذا الصبي، ولم تسمّتني؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": إن هذا حمد الله.
قال: ومحلوفه، لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً.
فقال "صلى الله عليه وآله": يكفينيك الله وابنا قيلة.
ثم خرج عامر، فجمع للنبي "صلى الله عليه وآله"، فاجتمع من بني سليم ثلاثة أبطن هم الذين كان "صلى الله عليه وآله" يدعو عليهم في صلاة الصبح: اللهم العن لحياناً، ورعلاً، وذكوان وعصية، دعا سبع عشرة ليلة.
فلما أن سمع "صلى الله عليه وآله": أن عامراً جمع له، بعث النبي "صلى الله عليه وآله" عشرة، فيهم عمرو بن أمية الضمري وسائرهم من الأنصار، وأميرهم المنذر بن عمرو.
فمضوا، حتى نزلوا بئر معونة، فأقبل حتى هجم عليهم، فقتلهم كلهم؛ فلم يفلت منهم إلا عمرو بن أمية، كان في الركاب.
فأخبر الله نبيه بقتلهم، فقال "صلى الله عليه وآله": اللهم اكفني عامراً، فأقبل حتى نزل بفنائه. فرماه الله بالذبحة في حلقه في بيت امرأة سلولية فأقبل ينزو ويقول: يا آل عامر، غدة كغدة الجمل في بيت سلولية، يرغب أن تموت في بيتها، فلم يزل كذلك حتى مات في بيتها.
وكان أربد بن قيس أصابته صاعقة، فاحترق فمات، فرجع من كان معهم([502]).
نص ثالث لابن طاووس &:
وحسب نص ابن طاووس: أقبل عامر بن الطفيل، وزيد بن قيس، وهما عامريان، أبناء عم، يريدان رسول الله، وهو في المسجد جالس في نفر من أصحابه.
قال: فدخلا المسجد، فاستبشر الناس لجمال عامر بن الطفيل، وكان من أجمل الناس، أعور.
فجعل يسأل: أين محمد؟ فيخبرونه، فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله، فقال: هذا عامر بن الطفيل يا رسول الله.
فأقبل، حتى قام عليه؛ فقال: أين محمد؟
فقالوا: هو ذا.
قال: أنت محمد؟
قال: نعم.
قال: ما لي إن أسلمت؟
قال: لك ما للمسلمين، وعليك ما على المسلمين.
قال: تجعل لي الأمر بعدك؟
قال: ليس ذلك لك، ولا لقومك، ولكن ذاك إلى الله، يجعله حيث يشاء.
قال: فتجعلني على الوبر ـ يعني الإبل ـ وأنت على المدر؟
قال: لا.
قال: فماذا تجعل لي؟
قال: أجعل لك أعنة الخيل، تغزو عليها، إذ ليس ذلك لي اليوم، قم معي، فأكلمك.
فقام معه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأوصى (أي عامر) لزيد بن قيس: أن اضربه.
قال: فدار زيد بن قيس خلف النبي "صلى الله عليه وآله"؛ فذهب ليخترط السيف فاخترط منه شبراً، أو ذراعاً، فحبسه الله تعالى، فلم يقدر على سله.
فجعل يومئ عامر إليه، فلا يستطيع سله.
فقال رسول الله: اللهم هذا عامر بن الطفيل أعر (كذا) الدين عن عامر ـ ثلاثاً ـ ثم التفت فرأى زيداً وما يصنع بسيفه، فقال: اللهم اكفنيهما.
ثم رجع، وبدر([503]) بهما الناس، فوليا هاربين.
قال: وأرسل الله على زيد بن قيس صاعقة فأحرقته([504]).
ورأى عامر بن الطفيل بيت سلولية، فنزل عليها، فطعن في خنصره فجعل يقول: يا عامر غدة كغدة البعير وتموت في بيت سلولية، وكان يعتبر([505]) بعضهم بعضاً بنزوله على سلول ذكراً كان أو أنثى.
قال: فدعا عامر بفرسه فركبه، ثم أجراه حتى مات على ظهره خارجاً من منزلها. فذلك قول الله عز وجل: ?فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله [في آيات الله] وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ?، يقول: العقاب.
فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة، وقتل زيد بالصاعقة([506]).
وثمة نصوص أخرى:
وفي نص آخر: أن عامراً كان رئيس المشركين قدم على النبي، فقال: إختر مني ثلاث خصال، يكون لك السهل ويكون لي أهل الوبر، أو أكون خليفة من بعدك، أو أغزوك بغطفان ألف أسفر وألف سفراً([507]) قال: فطعن في بيت امرأة من بني فلان الخ..
وفي الإصابة: "أن ربيعة جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله أيغسل عن أبي هذه الغدرة: أن أضرب عامر بن الطفيل ضربة أو طعنة؟
قال: نعم، فرجع ربيعة فضرب عامراً ضربة أشواه منها فوثب عليه قومه فقالوا لعامر بن الطفيل: اقتص.
فقال: قد عفوت وعقب ذلك مات أبو براء أسفاً الخ.."([508]).
وذكروا أيضاً: أن سبب مجيء ربيعة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وسؤاله له حسبما تقدم عن الإصابة: أن حسان بن ثابت قال شعراً يحرضه على عامر بن الطفيل:
ألا مـن مبـلـغ عـنـي ربـيـعـــاً بمـا قـد أحـدث الحدثـان بـعدي
وخـالـد مـاجـد الـخ..([509])
فقال ربيعة: هل يرضى حسان طعنة أطعنها عامراً قيل: نعم، فشد عليه فطعنه فعاش منها([510]).
وثمة نصوص أخرى يتضح مخالفتها لما قدمناه مما سيأتي حين الكلام عن تناقض النصوص.
تناقض النصوص واختلافها:
إن أدنى ملاحظة للنصوص توضح لنا مدى الاختلاف والتناقض فيما بينها، بشكل يتعذر معه الجمع فيما بينها، وحيث إن استقصاء هذه الاختلافات والتناقضات أمر يطول، فإننا نلمح إلى بعض الموارد، ونترك سائرها إلى معاناة القارئ أو الباحث الذي يهمه ذلك، لسبب أو لآخر: فنقول:
ألف: تاريخ السرية:
هناك من يقول: إنها كانت في السنة الرابعة من المحرم([511]).
وآخرون يقولون: إنها كانت على رأس ستة وثلاثين شهراً أي على رأس أربعة أشهر من أحد، في شهر صفر([512]).
أو لعشرين بقين منه([513]).
وثالث، وهو مكحول، زعم: أنها كانت بعد غزوة الخندق([514]).
أما العامري فقد رأى: أن من الممكن أن تكون في السنة الثالثة حيث قال: "وفيها، أو في الرابعة، سرية بئر معونة"([515]).
ب: سبب إرسال السرية:
1 ـ وحول سبب إرسال السرية نجد الرواية المذكورة في صدر البحث تقول: إن أبا براء قدم على النبي "صلى الله عليه وآله"، فدعاه "صلى الله عليه وآله" إلى الإسلام، فلم يسلم، ولم يبعد، ولكنه طلب من النبي "صلى الله عليه وآله"، أن يرسل دعاته إلى نجد، وتعهد بأن يكون جاراً لهم، إن تعرض لهم أحد.
2 ـ ولكننا نجد في مقابل ذلك من يقول: إن أبا براء بعث إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يقول له: ابعث إلي رهطاً ممن معك، يبلغوني عنك، وهم في جواري، فأرسل إليه "صلى الله عليه وآله" المنذر بن عمرو الخ.."([516]).
ومعنى ذلك هو: أن أبا براء لم يطلب ذلك من النبي "صلى الله عليه وآله" حين قدم عليه.
3 ـ وجاء في نص ثالث: أن أناساً جاؤوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقالوا: ابعث معنا رجالاً يعلموننا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار.
إلى أن تقول الرواية: فبعثهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم، فتعرضوا لهم، فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان([517]).
4 ـ وحسب ما جاء في صحيح البخاري، وغيره، أن رعلاً، وذكوان وعصية، وبني لحيان، أتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فزعموا: أنهم أسلموا فاستمدوه على قومهم (عدوهم خ ل)، فأمدهم سبعين رجلاً الخ..([518]).
5 ـ ولكننا نجد رواية أخرى تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" بعث المنذر بن عمرو في هؤلاء الرهط ـ عيناً له في أهل نجد ـ فسمع بهم عامر بن الطفيل، فاستنفر بني عامر الخ..([519]).
6 ـ وآخر ما نذكره هنا هو: النص الذي يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" سمع أن عامر بن الطفيل قد جمع له، فبعث "صلى الله عليه وآله" عشرة، فيهم عمرو بن أمية، وسائرهم من الأنصار؛ فأقبل عامر بن الطفيل، حتى هجم عليهم فقتلهم([520]).
ملاحظة: وقد سجل الدمياطي تحفظاً على النص الذي رواه البخاري وغيره، وهو المتقدم آنفاً: وهو أن قوله أتاه رعل وذكوان وعصية، ولحيان، وهم؛ لأن بني لحيان ليسوا في أصحاب بئر معونة، وإنما هم أصحاب الرجيع، وهو كما قال الخ..([521]).
ج ـ من هو أمير السرية؟
وتذكر المصادر المتقدمة: أن أمير السرية هو المنذر بن عمرو.
ولكن نصاً آخر يقول: إن أميرها هو مرثد بن أبي مرثد([522]).
بل نجد في الطبري رواية تفيد: أن حرام بن ملحان كان أمير السرية.
وتقول الرواية: فقال أميرهم: مكانكم، حتى آتيكم بخبر القوم.
ثم تذكر الرواية: ذهابه إليهم، وغدرهم به، وقتلهم إياه على النحو الذي سبق([523]).
مع أن الروايات متفقة: على أن الذي جاءهم وغدروا به هو حرام بن ملحان.
د: عدد أفراد السرية:
وقد تقدم: أن الروايات مختلفة في عدد أفراد السرية هل هم سبعون أو أربعون؟
بل إن أنس بن مالك كان متردداً أيضاً، فهو يقول: "لا أدري، في أربعين أو سبعين"([524]).
وبعض الروايات تقول: زهاء سبعين([525]).
ورواية ثالثة تذكر: أنهم كانوا ثلاثين رجلاً، أربعة من المهاجرين والباقون من الأنصار([526]).
ورابعة تقول: كانوا عشرة فقط، منهم عمرو بن أمية ـ فقط ـ من المهاجرين([527]).
وخامسة: تحدد عددهم ب "اثنين وعشرين راكباً".
واحتمل الذهبي: أن يكون قد عد الركاب دون الرجالة([528]).
ونقول: وهو خلاف ظاهر الحصر.
كما أن رواية العشرة، ورواية الإثنين والعشرين ورواية الأربعين، تبقى على حالها، فإن احتمال الذهبي لا يجدي في رفع تناقضها.
أضف إلى ذلك: أن رواية السبعين أيضاً تصرح بكونهم ركباناً([529]).
ورواية سادسة تذكر: أنهم كانوا تسعة وعشرين رجلاً([530]).
وسابعة تقول: إن عدتهم أربعة عشر رجلاً([531]).
وثامنة تقول: إنهم كانوا أربعة وخمسين رجلاً.
وتاسعة تقول: كانوا سبعة وعشرين رجلاً.
ولعلها لا تخلتف عن رواية التسعة والعشرين، لتقارب رسم الخط فيهما.
ورواية عاشرة تقول: كانوا أربعة وعشرين رجلاً([532]).
هـ : لم يكن في السرية إلا أنصاري:
وفي حين نجد الروايات تصرح بوجود أربعة من المهاجرين في السرية مثل عامر بن فهيرة، والحكم بن كيسان المخزومي، ونافع بن بديل بن ورقاء السهمي، بل وحتى سعد بن أبي وقاص([533])،
فإننا نجد البعض يصرح: بأنه لم يكن في هذه السرية إلا أنصاري.
قال الواقدي: وهذا الثبت عندنا([534]). مع أن الواقدي نفسه قد صرح بأسماء المهاجرين الآنفة الذكر([535]).
واستثنى البعض خصوص عمرو بن أمية دون سواه([536]).
ولعل منشأ تخصيص الأنصار بذلك هو رواية أنس التي تقول: ذكر أنس سبعين من الأنصار، كانوا إذا جنّهم الليل أووا إلى معلم بالمدينة ثم تذكر الرواية إرسالهم إلى بئر معونة([537]).
و: من الذي قتل حرام بن ملحان؟
وقد تقدم: أن عامر بن الطفيل لم ينظر في كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى عدا على حرام بن ملحان؛ فقتله، وهذا هو صريح رواية اليعقوبي أيضاً، وابن إسحاق، كما عند دحلان.
ولكن رواية أخرى تقول: إن رجلاً خرج من كسر البيت، أو من خلفه، فقتله([538]).
وعند الواقدي: أن الذي قتله هو جبار بن سلمى الكلابي([539]).
وقيل: إنه لم يمت من طعنة عامر بن الطفيل، وإنما أثخن، وظنوا أنه مات فكان عند امرأة تداوي جراحه كما سيأتي([540]).
ملاحظة: لعل القول بأن قاتله هو جبار بن سلمى قد نشأ عن الخلط بينه وبين عامر بن فهيرة، كما سنرى إن شاء الله تعالى.
ز: أين التقى المسلمون بالمشركين؟
وقد تقدم: أن المشركين بعد قتلهم لحرام قد توجهوا إلى المسلمين، حتى غشوهم، فأحاطوا بهم وهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا السيوف، فقاتلوهم.
ولكن نصاً آخر يقول: إن المسلمين استبطأوا صاحبهم، فأقبلوا في أثره فلقيهم عامر، فأحاطت بهم بنو عامر، وكاثروهم حتى قتلوهم([541]).
ح: من هو قاتل عامر بن فهيرة؟
ونجد في الروايات: أن عامر بن الطفيل هو الذي قتل عامر بن فهيرة([542]).
ولكننا نجد نصاً آخر يقول: إن الذي قتله هو رجل من بني كلاب([543]).
ويصرح الواقدي: أن ابن الطفيل قد نسب قتله إلى ذلك الرجل أيضاً([544]).
وقد سمته بعض الروايات بجبار بن سلمى([545]).
ملاحظة: لقد حاول البعض الجمع بين الروايات بأن نسبة القتل إلى عامر بن الطفيل قد جاء على سبيل التجوز، لكونه كان رأس القوم([546]).
ونقول: لو صح ذلك لكان ينبغي نسبة قتل غير ابن فهيرة إلى عامر أيضاً فلماذا اقتصر الرواة على نسبة قتل ابن فهيرة إلى ابن الطفيل؟!
ط: من كان في سرح القوم؟
قد ذكرت الروايات المتقدمة: أن عمرو بن أمية كان في سرح القوم مع رجل آخر.
وتقول بعض الروايات: إن ذلك الآخر كان أنصارياً أحد بني عمرو بن عوف.
ولكننا نجد: أن بعض الروايات قد سمت هذا الآخر بـ "الحارث بن الصمة"([547]).
وسماه بعض آخر بـ "المنذر بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح"([548]).
ي: الناجي من القتل:
قد تقدمت الرواية التي تقول: إن الناجي من القتل هو ـ فقط ـ عمرو بن أمية الضمري([549]).
وأضافت رواية أخرى إلى عمرو بن أمية رجلاً آخر هو كعب بن زيد، الذي استشهد يوم الخندق([550])، وقالوا: بأنه ارتث بين القتلى.
وعند الزمخشري وغيره: أن ثلاثة قد نجوا من القتل([551]).
ونص رابع يقول: إن رجلاً أعرج ـ فقط ـ قد نجا من القتل([552]) وصرح البعض بأنه كعب بن زيد([553]).
أما اليعقوبي فيقول: إن الناجي هو أسعد بن زيد، حيث أعتقه عامر بن الطفيل عن رقبة كانت على أمه ولم يذكر عمرو بن أمية ولا غيره([554]).
ونص سادس يقول: إن سعد بن أبي وقاص قد نجا أيضاً([555]).
وسابع يقول: إن أصحاب بئر معونة قتلوا جميعاً([556]).
وفي نص آخر: ما بقي منهم مخبر([557]).
ويذكر نص ثامن: أن المنذر بن عمرو أمير السرية، أمر أربعة فذهبوا إلى بعض مياههم، فلما رجعوا إذا هم بنسور تحوم، فآثر اثنان منهم الموت، فقاتلا حتى قتلا، ورجع اثنان منهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([558]).
لكن نصاً آخر يذكر: أن عمرو بن أمية ورجلاً آخر كانا في سرح القوم، فعادا فوجدا نسوراً تحوم، فقاتل أحدهما، فيقال: إنه قتل أربعة من المشركين.
وعند الواقدي: أن هذا الرجل هو الحارث بن الصمة، وأنه قتل رجلين فقط([559]) ثم قتل، وأسر عمرو بن أمية، ثم أطلق، ورجع وحده([560]).
وفي بعض المصادر: انطلق حرام ورجلان معه، أحدهما أعرج، فقال: كونا قريباً مني حتى آتيهم.
إلى أن قال: وقتل كلهم إلا الأعرج كان في رأس الجبل([561]).
وفي بعض المصادر: أن اللذين كانا مع حرام كانا من بني أمية([562]).
وقد تقدم تسمية الأعرج بأنه كعب بن زيد من بني دينار بن النجار أما الرجل الآخر، فسموه بالمنذر بن محمد بن عقبة بن الجلاح الخزرجي([563]).
وتقول رواية أخرى: قتل المنذر بن عمرو وأصحابه إلا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم، أحدهم عمرو بن أمية فلم يرعهم إلا والطير تحوم، فحمل أحد الثلاثة يشتد، فلقي رجلاً فقتله ذلك الرجل، ورجع صاحباه وقتلا رجلاً من بني سليم في طريقهما، وقدما على النبي "صلى الله عليه وآله"([564]).
ملاحظة: جاء في البخاري: فانطلق حرام أخو أم سليم وهو رجل أعرج ورجل من بني فلان وقال: كونا قريباً مني.
إلى أن قال: فقتلوا كلهم غير الأعرج([565]).
فالظاهر: أن الواو في قوله: (وهو) قدمت سهواً والصحيح: (هو ورجل) لأن حراماً قد قتل أيضاً([566])، ولأن قوله قريباً الخ.. يدل على أن الذين كانوا مع حرام رجلين.
ك: الذين رأوا الطير تحوم!!
ونجد بعض الروايات تصرح: بأن رجلين كانا في سرح القوم، فرجعا؛ فرأيا الطير تحوم([567]).
ولكن رواية أخرى تقول: إن ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم؛ فرجعوا فرأوا الطير تحوم([568]).
ورواية ثالثة تذكر: أن أمير السرية أرسل أربعة إلى بعض مياههم؛ فرجعوا فإذا هم بنسور تحوم([569]).
ل: من قتل العامريين؟
وتقول الروايات المتقدمة: إن عمرو بن أمية ـ وحده ـ قد قتل العامريين اللذين كان معهما عهد من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو راجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
ولكننا نجد نصاً آخر يقول: إن رجلين قد نجيا من بئر معونة فقتلا الرجلين، وأخذا ما معهما، فأتيا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبراه الخ..([570]).
وفي نص ثالث: "فقتل المنذر بن عمرو وأصحابه إلا عمرو بن أمية الضمري فإنهم أسروه، فاستحيوه حتى قدموا به مكة، فهو دفن خبيب بن عدي"([571]). فكيف يكون قد قتل العامريين وهو عائد من بئر معونة؟
وفي رواية أخرى: أنهما كانا من بني سليم لكنهما اعتزيا إلى بني عامر لأنهم كانوا أعز من بني سليم([572]).
م : مدة دعاء النبي ' على القبائل:
قد تقدم: أن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" قد دعا على رعل وذكوان، وعصية شهراً في قنوته ثم تركه لما جاؤوا مسلمين تائبين كما ذكره ابن القيم([573]).
وفي نص آخر: أنه دعا عليهم سبع عشرة ليلة([574]).
وفي ثالث: خمس عشرة ليلة أو يوماً([575]).
وفي رابع: سبعين يوماً([576]).
وفي خامس: أربعين يوماً([577]).
ن : مصير ملاعب الأسنة:
وحول مصير ملاعب الأسنة؛ فإن الروايات المتقدمة تذكر: أنه قد بقي حياً، وأنه حين بلغه قول النبي "صلى الله عليه وآله": هذا عمل أبي براء، شق عليه ذلك، ولكنه كما يقول الواقدي: كان لا حركة له من الكبر([578]).
ولكن نصاً آخر يقول: إن أبا براء قد مات أسفاً على ما صنع به ابن أخيه عامر بن الطفيل([579]).
ونص ثالث يقول: إن أبا براء أسلم عند ذلك، وقاتل حتى قتل([580]).
وفي رواية أخرى: أن أبا براء طلب من النبي إرسال رجال إليه لتعليم القرآن، فبعث إليه المنذر بن عمرو في أربعة عشر رجلاً، فلما ساروا إليهم بلغهم موت أبي براء، فأرسل المنذر بن عمرو إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يستمده فأمده بأربعين رجلاً أميرهم عمرو بن أمية، على أن يكون المنذر بن عمرو أميرهم حين يجتمعون فلما وصلوا إلى بئر معونة كتبوا إلى ربيعة بن أبي البراء: نحن في ذمتك وذمة أبيك فنقدم عليك أم لا؟!
قال: أنتم في ذمتي فأقدموا الخ..([581]).
وفي نص آخر دلالة على: أن ملاعب الأسنة قد قتل نفسه بعد موت عامر بن الطفيل، لأن قومه بعد موت عامر حين انصرافه من عند النبي "صلى الله عليه وآله" أرادوا النجعة دون مشورته لأنهم يزعمون: أنه قد حدث له عارض في عقله، بسبب إرساله إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدعا لبيداً وقينتين، فشرب وغنتاه، فقال للبيد: أرأيت إن حدث بعمك حدث ما أنت قائل؟ فإن قومك يزعمون أن عقلي قد ذهب والموت خير من عزوب العقل، فقال لبيد:
قـومــاً تـجـوبـان مـع الأنــواح فـي مـأتـم مـهــجــر الــــرواح
في السلب السود وفـي الأمسـاح وابّـنـا مـــلاعـــب الــرمــــاح
يا عـامـراً يـا عـامـر الـصـبــاح وعــامــر الـكـتـيـبـة الــــرداح
حتى أتمها، وغيرها من المراثي، فلما أثقله الشرب اتكأ على سيفه حتى مات، وقال:
لا خير في العيش، وقد عصتني عامر ........
وتزعم عامر: أنه مات مسلماً ولم يقتل نفسه([582]).
وقال الذهبي: الصحيح أنه لم يسلم([583]).
س: مصير عامر بن الطفيل:
ونجد رواية تقول: إن ربيعة بن أبي براء، بعد موت أبيه طعن عامر بن الطفيل فقتله([584]).
وأخرى تقول: إن عامراً عاش بعد ذلك حتى ابتلي بغدة كغدة البعير، ومات كافراً، وهو منصرف من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"([585]).
وقيل: إنه قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" وهو ابن بضع وثمانين سنة، ولم يسلم، وعاد من عنده؛ فخرج له خراج في أصل أذنه، أخذه منه مثل النار، فاشتد عليه، ومات منه([586]).
ع : مكان موت عامر:
وتناقض آخر، وهو: أن عامر بن الطفيل، هل مات على ظهر فرسه، بعد تركه بيت السلولية، كما جاء في الروايات المتقدمة؟
أم أنه مات في بيت السلولية بالذات، كما رواه الطبراني؟!([587]).
هذا كله.. عدا عن الاختلاف في أنه مات قبل موت أبي براء، أو بعده.
وحسبنا هذا الذي ذكرناه من التناقضات والاختلافات بين الروايات، ولو أردنا استقصاء ذلك لاحتجنا إلى جهد أعظم، ووقت أطول، ولملأنا العديد من الصفحات، والمهم هو الإلماح والإشارة؛ ليتضح: أن ثمة تعمُّداً للكذب، والوضع، والتحريف، وأنه لا يمكن الركون إلى النصوص، ولا اعتماد بعض دون بعض، إلا بعد تزييف الزائف، وتحقيق ما هو حقيقة.
والله هو الموفق، والمسدد.
الفصل الثاني:
نقاط ضعف
بداية:
وبعد ما تقدم، فإن لنا على كثير من الفقرات التي أوردتها روايات هذه السرية العديد من الملاحظات والإيرادات التي تبقى لا جواب لها.
الأمر الذي يزيد في تشكيكنا وريبنا في كثير من الأحداث والتفاصيل التي تحدثت عنها.
ونحن نجمل هنا ما نريد التنبيه إليه فيما يلي من مطالب، وفصول:
مكحول.. وتاريخ غزوة بئر معونة:
يقول مكحول: إن سرية بئر معونة قد كانت بعد غزوة الخندق([588]).
ونقول:
1 ـ إنهم يقولون: إن بئر معونة كانت سبباً لغزوة بني النضير بل لقد ادُّعي اتفاق عامة المؤرخين على ذلك([589]) والنضير كانت قبل الخندق فكيف تكون بئر معونة بعد الخندق؟
2 ـ قد تقدم: أن غزوة بني النضير كانت حسب روايات آخرين في السنة الثالثة، فلا بد أن تكون بئر معونة قبلها.
أما غزوة الخندق، فهي في الرابعة، وقال عدد من المؤرخين: إنها في السنة الخامسة.
3 ـ تقدم أن كعب بن زيد: ارتث في بئر معونة، وتركوه وبه رمق، فعاش وقتل يوم الخندق، فكيف تكون بئر معونة بعدها؟.
الرجيع.. وبئر معونة في وقت واحد:
قد تقدم أنهم يقولون: إن سرية الرجيع، وسرية بئر معونة قد كانتا في وقت واحد، وبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" خبرهما في آن([590]).
ونقول:
روي عن أنس، قال: لما أصيب خبيب، بعث رسول الله السبعين إلى حي من بني سليم؛ فقتلوا جميعاً([591]).
ومعنى ذلك هو: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد عرف بقتل خبيب قبل إرساله السبعين، فكيف بلغه خبرهما في آن واحد؟!
بئر معونة سبب لغزوة بني النضير:
قد عرفنا: أن عامة المؤرخين يذكرون: أن النبي قد جاء إلى بني النضير، يستمدهم في دية العامريين، اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري حين رجوعه من بئر معونة، فظهر منهم الغدر به "صلى الله عليه وآله"، فكانت غزوة بني النضير بسبب ذلك.
وتقدم أنهم يقولون: إن بئر معونة كانت في السنة الرابعة للهجرة.
ونقول:
إن ذلك موضع شك وريب، وذلك لما يلي:
أولاً: إنه وإن كان عدد من المؤرخين يذكرون: غزوة بني النضير ـ تبعاً لابن إسحاق ـ في السنة الرابعة للهجرة، ولكننا نجد من الشواهد والدلائل، وأقوال المؤرخين الآخرين ما يرجح لدينا خلاف ذلك، وذلك استناداً إلى ما يلي من نقاط:
1 ـ قد روى الزهري، عن عروة: أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر فتكون في السنة الثالثة من الهجرة وكذا روي عن الزهري، وعائشة([592]).
وهذا هو ما ذهب إليه النووي وغيره([593]) وقواه السهيلي أيضاً، حيث قال معترضاً على ابن هشام:
"كان ينبغي أن يذكرها بعد بدر لما روى عقيل بن خالد، وغيره عن الزهري: قال: كانت غزوة بني النضير على رأس ستة أشهر من بدر، قبل أُحد"([594]).
2 ـ قال موسى بن عقبة، والذهبي: كان إجلاء بني النضير في المحرم سنة ثلاث([595]).
3 ـ وعند الحاكم: أن إجلاء بني النضير وإجلاء بني قينقاع كان في زمن واحد.
قال العسقلاني: "ولم يوافق على ذلك، لأن إجلاء بني النضير كان بعد بدر بستة أشهر على قول عروة، أو بعد ذلك بمدة طويلة على قول ابن إسحاق"([596]).
ثانياً: "وروي أيضاً من طريق عكرمة: أن غزوتهم (أي بني النضير) كانت صبيحة قتل كعب بن الأشرف، كذا في الوفاء"([597]).
ويؤيد ذلك: أنهم يذكرون: أنه لما صار النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم يستعينهم في دية العامريين، واطلع على محاولتهم الغدر به انصرف راجعاً عنهم، وأمر بقتل كعب بن الأشرف، وأصبح غادياً عليهم بالكتائب، وكانوا بقرية يقال لها: زهرة، فوجدهم ينوحون على كعب، فقالوا: يا محمد، واعية إثر واعية؟! ثم حشدوا للحرب الخ..([598]).
وقد ذكر البعض النص السابق من دون ذكر: أنه أمر بقتل كعب بن الأشرف بعد محاولتهم الغدر به حين استعانته بهم في دية العامريين([599]).
ويؤيد ذلك: الشعر المنسوب إلى أمير المؤمنين "عليه السلام" بالمناسبة، ومن جملة أبياته:
وأن تـصـرعـوا تـحـت أسيـافـه كمـصرع كـعـب أبـي الأشــرفِ
إلى أن قال:
فـدس الـرســول رســولاً لـــه بـأبـيـض ذي هـبـة مــرهــــفِ
فـبـاتـت عـيـون لـه مـعــولات متى يُـنْــعَ كـعـبٌ لـهـا تــذرفِ
وقـلـن لأحـمـد: ذرنـا قـليــلاً فـإنـا مـن الـنـوح لـم نـشـتــف
فـخـلاهـم ثـم قــال : اظـعـنوا دحـــوراً عـلـى رغــم الآنـــف
وأجـلـى الـنـضـيـر إلـى غـربة الـــخ..([600])..
فإن هذه الأبيات ما هي إلا تقرير للقصة الآنفة الذكر.
ومعلوم: أن كعب بن الأشرف إنما قتل على رأس خمسة وعشرين شهراً من الهجرة، وهذا ينسجم مع القول بأن بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر.
ثالثاً: قد ذكرت بعض النصوص: أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود، يهددونهم ويأمرونهم بقتال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما بلغ كتابهم النبي "صلى الله عليه وآله" اجتمعت بنو النضير بالغدر، وأرسلوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله": اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك.
ثم تذكر الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" غدا عليهم بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء([601]).
قال العسقلاني: "قلت: فهذا أقوى مما ذكر ابن إسحاق، من أن سبب غزوة بني النضير طلبه أن يعينوه في دية الرجلين. ولكن وافق ابن إسحاق جل أهل المغازي، والله أعلم"([602]).
رابعاً: أما بالنسبة لسبب غزوة بني النضير، ففيه أقوال عديدة، فقيل:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد ذهب إليهم ليسألهم كيف الدية عندهم، وذلك للعهد الذي كان بينهم وبين بني عامر.
ولا ندري كيف يجهل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسائر أصحابه مقدار الدية عند اليهود، وهم قد عاشوا معهم هذه السنين الطويلة.
ولا ندري أيضاً لماذا لا يرسل إليهم بعض أصحابه ليسألوهم عن ذلك؟
ولا ندري كذلك، ما هو أثر العهد بينهم وبين بني عامر في مسألة الدية والسؤال عنها؟
ولماذا يريد أن يعطي مقدار دية يهودية؟
2 ـ وقيل: ذهب إليهم ليستمدهم في دية العامريين، لأنه "صلى الله عليه وآله" كان قد أخذ العهد عليهم أن يعاونوه في الديات.
3 ـ وقيل: ذهب لأخذ دية الرجلين منهم، لأن بني النضير كانوا حلفاء لبني عامر قوم الرجلين.
ولا ندري لماذا يأخذ الدية من حلفاء المقتول، فهل جرت عادة العرب على ذلك؟ أم ماذا؟
4 ـ وقيل: إنهم طلبوا إليه أن يخرج إليهم في ثلاثة، مقابل ثلاثة من أحبارهم للمناقشة في أمر الدين، وكانوا قد خبأوا الخناجر، فأرسلت إليه امرأة منهم، فأعلمته بخيانتهم([603]).
وقد تقدم تقوية العسقلاني لهذا الأخير.
وخامساً: إنه لا شك في أن غزوة بني النضير كانت قبل الخندق وقريظة بثمانية أشهر في أقل الأقوال، وقد تحدثنا في كتابنا "حديث الإفك" حول تاريخ غزوة الخندق، وقوينا أن تكون في السنة الرابعة، وإن كان عدد من المؤرخين يقول: إنها كانت سنة خمس([604]).
استدلال لا يصح:
قال العسقلاني: "حكى ابن التين عن الداودي: أنه رجح ما قال ابن إسحاق: من أن غزوة بني النضير كانت بعد بئر معونة، مستدلاً بقوله تعالى: ?وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ?.
قال: وذلك في قصة الأحزاب.
قلت: وهو استدلال واهٍ؛ فإن الآية نزلت في شأن بني قريظة، فإنهم هم الذين ظاهروا الأحزاب، وأما بنو النضير، فلم يكن لهم في الأحزاب ذكر، بل كان من أعظم الأسباب في جمع الأحزاب ما وقع من جلائهم، فإنه كان من رؤوسهم حيي بن أخطب وهو الذي حسن لبني قريظة الغدر، وموافقة الأحزاب، كما سيأتي، حتى كان من هلاكهم ما كان، فكيف يصير السابق لاحقاً؟"([605]) إنتهى.
الأنصار في بئر معونة:
وتذكر روايات بئر معونة: أن الذين قتلوا في بئر معونة كانوا كلهم من الأنصار واستثنت بعض الروايات واحداً أو أكثر.
وفي مسند أنس: "ذكر سبعين من الأنصار، كانوا إذا جنّهم الليل أووا إلى معلِّم بالمدينة، فيبيتون يدرسون القرآن، فإذا أصبحوا فمن كان عنده قوة أصاب من الحطب، واستعذب الماء، ومن كانت عنده سعة أصابوا الشاة، وأصلحوها، فكانت تصبح معلقة بحُجُر رسول الله، فلما أصيب خبيب، بعثهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخ.."([606]).
ونقول:
تواجهنا في هذا النص الأسئلة التالية:
1 ـ لماذا اختار رسول الله "صلى الله عليه وآله" خصوص هذه الثلة ولم يخلطهم بغيرهم من سائر الأنصار؟
2 ـ لماذا لم يُدخِل في هذا التجمع، على كثرته، أحداً من المهاجرين الذين كانوا قد فقدوا أموالهم في مكة، فقدموا المدينة وهم لا يملكون شيئاً، فتوزعهم الأنصار في بيوتهم، فآووهم وأطعموهم، وقاموا بخدمتهم على أتم وجه؟
3 ـ لماذا شكل هؤلاء هذا التجمع الخاص بهم، ولم يحاولوا زيادة عددهم على السبعين، ولا رضوا بإنقاصه عن ذلك؟!
4 ـ تنص الرواية على أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسلهم لما أصيب خبيب، لماذا تخصيص خبيب، دون سائر شهداء سرية الرجيع؟!
5 ـ وهل هو قد أرسلهم إلى مكة للثأر من قاتلي خبيب؟!
6 ـ وهل أرسلهم النبي "صلى الله عليه وآله" في مهمات من هذا القبيل قبل قتل خبيب؟!
7 ـ أوليس يقولون: إن خبر أصحاب الرجيع قد ورد عليه هو وخبر أصحاب بئر معونة في آن واحد؟!
8 ـ إن معنى ذلك هو: أن حجر رسول الله "صلى الله عليه وآله" كانت شبيهة بسوق القصابين في تعليق اللحم فيها يومياً، مع أنهم يذكرون من معاناة رسول الله وأهل بيته في هذه الفترة، من حيث المعاش الشيء الكثير، وقصاع سعد بن عبادة وغيره، كان لها دور في التخفيف عنهم إلى حد كبير، ولم تذكر شيئاً عن هذا الفريق المنظم!
حرام بن ملحان شهيداً:
وتذكر الروايات المتقدمة: أن حرام بن ملحان قد استشهد على يد عامر بن الطفيل أو غيره، قبل إغارة عامر على سائر المسلمين في بئر معونة.
بل إن بعض الروايات تنص على: أنه بعد أن قتل أصحاب المنذر بن عمرو، طلب عمرو (أي بن أمية) من الأعداء أن يمنحوه الفرصة ليصلي على حرام بن ملحان ففعلوا، فصلى عليه، ثم أخذ سيفاً (ولا ندري لم تركوا له هذا السيف؟) وأعنق نحوهم، فقاتلهم حتى قتل([607]).
ونقول:
إن ثمة نصاً آخر يقول: إن حراماً قد ارتث يوم بئر معونة وظنوا أنه مات، فقال الضحاك بن سفيان الكلابي ـ وكان مسلماً يكتم إسلامه ـ لامرأة من قومه:
هل لك في رجل إن صح كان نعم الراعي؟ فضمته إليها، فعالجته، فسمعته يقول:
أتـت عـامـر تـرجـو الهـوادة بيننـا وهـل عـامـر إلا عـدو مـداهـن([608])
إذا مـا رجـعـنـا ثـم لم تـك وقعـة بـأسيـافنـا في عـامـر، أو نطـاعـن
فـلا تـرجـونّـا أن يـقـاتـل بعـدنا عشـائـرنـا والمـقـربـات الصوافن
فوثبوا عليه فقتلوه"([609]).
ولكن لنا ملاحظات على هذا النص أيضاً، إذ لماذا لم يأخذه الضحاك إلى بيته هو؟ وكيف لم ينكشف أمره في بيت تلك المرأة؟! ومتى أتت عامر ترجو المودة بينها وبينهم؟!
إلا أن يكون ثمة تفاصيل لم تصل إلينا، تفيد أن بني عامر قد حاولوا إصلاح ما صدر منهم تجاه المسلمين، ولعل وفود عامر بن الطفيل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد كان لأجل ذلك.
بالإضافة إلى الحاجة إلى تفاصيل أخرى حول كيفية احتفاظ تلك المرأة بابن ملحان عندها، وعدم تمكن الضحاك من جعله في بيته.
سعد بن أبي وقاص في بئر معونة:
وقد ذكرت بعض الروايات: حضور سعد بن أبي وقاص في قضية بئر معونة، وأنه حين رجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، قال له: "ما بعثتك قط إلا رجعت إلي من بين أصحابك"([610]).
ونحن نسجل هنا النقاط التالية:
ألف: لقد صرحت بعض الروايات، ولا سيما الواقدي في مغازيه: بأنه لم يشترك في هذه السرية إلا أنصاري، واستثنى البعض بعض المهاجرين، وليس من بينهم سعد.
وإذا كان قد حضرها حقاً، فلعله التحق بهؤلاء الركب بعد مسيرهم، ثم تمكن من الهرب، حينما وقعت الواقعة.
ب: إن كلمات الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" المتقدمة لسعد تدل على: أنه كان ماهراً في الهرب، بارعاً في التخلص من المآزق، وأنه قد تخلص مرات عديدة أشار النبي "صلى الله عليه وآله" إليها في كلمته الآنفة الذكر، والتي تشير إلى تعجب النبي "صلى الله عليه وآله" من هذا الأمر.
ج: إننا لا ندري شيئاً عن المرات الأخرى التي تخلص فيها سعد ورجع سالماً، الأمر الذي يشير إلى خيانة تاريخية في هذا المجال.
د: وإذا صح أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد لاحظ عودة سعد سالماً إليه "صلى الله عليه وآله" من بين أصحابه، فهل يمكن أن نفهم من كلمته "صلى الله عليه وآله" تلك: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يرغب في التخلص من سعد، ولا يرغب في عودته إليه سالماً في كل مرة؟!
لا ندري، ولعل الفطن الذكي يدري.
ابن الصمة أحد الشهداء:
قد تقدم قولهم: إن الحارث بن الصمة كان أحد الشهداء في بئر معونة([611]).
ونقول:
كيف يصح ذلك وهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قسم أموال بني النضير بين المهاجرين، ولم يعط أحداً من الأنصار إلا ثلاثة لفقرهم وهم: أبو دجانة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمة([612])؟
وجعل رواية شهادته في بئر معونة دليلاً على عدم صحة القسمة له([613]) ليس بأولى من العكس، مع ملاحظة الضعف الشديد والتناقضات الكثيرة، وكثرة النصوص التي لا تصح في حديث سرية بئر معونة، لا سيما وأن أمر القسمة ملفت للنظر من قبل كل أحد، ومثير لفضول الجميع.
أنس بن عباس السلمي في بئر معونة:
وبعد.. فقد جاء في الأبيات التي يرثي بها أنس بن عباس السلمي حراماً:
تركـت ابن ورقـاء الخزاعي ثاويـاً بمعترك تسـفـي عليـه الأعـاصـر
ذكـرت أبــا الـريــا لمــا رأيـتــه وأيـقـنـت أنـي عند ذلك ثـائـر([614])
فهو يخبر عن أنه قد رأى جثة ابن ورقاء، فهل كان قد شارك هو الآخر في هذه السرية، وسلم من القتل فيمن سلم؟!
أم أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد أرسله ليكشف له الخبر فرأى جثة ابن ورقاء؟!
أو أنه قد شارك في دفن الشهداء، فرأى جثة نافع؟!
كل ذلك محتمل ولا بد من انتظار العثور على دلائل وشواهد أخرى.
رُفع عامر بن فهيرة إلى السماء:
لقد ذكرت طائفة من المصادر: أن عامر بن فهيرة قد رُفع إلى السماء، حينما طعنه قاتله([615]).
وتضيف بعض المصادر: أنه لما طعن أخذ رمح قاتله، وصعد به([616])، وأن ملائكة الجنة دفنته وأنزل في عليين([617]).
إلى غير ذلك من نصوص([618]) لا مجال لاستقصائها ولا لتتبع خصوصياتها، فلتراجع في مصادرها.
ونحن نشك في صحة هذه الروايات، وذلك استناداً إلى ما يلي:
أولاً: تقدم عن بعض المصادر: أنه لم يكن في السرية إلا أنصاري ولم يكن فيها مهاجري أصلاً([619]).
واستثنى البعض: عمرو بن أمية الضمري([620])، كما أن نافع بن بديل الخزاعي أيضاً كان فيهم، بدليل رثاء أنس بن عباس السلمي، وعبد الله بن رواحة له "رحمه الله تعالى"([621]).
ثانياً: تناقض النصوص في أمره، فبعضها يذكر: أنه لم يوجد في القتلى، فلذلك قيل: إن الملائكة رفعته أو دفنته([622])، وهو ظاهر في أن القول برفعه إلى السماء أو دفن الملائكة له تكهن منهم.
وبعضها الآخر يذكر: أنه كان موجوداً بين القتلى، وأن عامر بن الطفيل أشار إلى قتيل، وسأل عمرو بن أمية عنه فكان هو([623]).
وقد حاول البعض رفع التناقض: بأن من المحتمل أن يكون قد رفع، ثم وضع، ثم فقد من بين القتلى([624]).
ونقول: إن صريح الروايات حسبما تقدم: أن فقده من بين القتلى مستند إلى رفعه حين قتله كما يدل عليه سؤال عامر بن الطفيل عمرو بن أمية عمن يفقد، فأخبره، فقال عامر: إنه حين قتل رآه يرفع إلى السماء، فهو يذكر له سبب فقده من بين القتلى، كما هو ظاهر.
هذا بالإضافة إلى النص القائل: إن فقدهم له قد نشأ عنه قولهم: إنه رفع إلى السماء.
ثالثاً: لقد روى ابن مندة بأسناده عن أيوب بن سنان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن عامر بن فهيرة، قال: تزود أبو بكر مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في جيش العسرة بنحي من سمن، وعكيكة([625]) من عسل، على ما كنا عليه من الجهد([626]).
ومعنى ذلك هو: أن عامر بن فهيرة قد كان حياً إلى ما بعد ست سنين أو أكثر من غزوة بئر معونة، حيث كان تجهيز جيش العسرة إلى تبوك.
ولكن أبا نعيم قال: أظهر ـ يعني: ابن مندة ـ في روايته هذا الحديث غفلته وجهالته، فإن عامراً لم يختلف أحد من أهل النقل: أنه استشهد يوم بئر معونة، وأجمعوا: أن جيش العسرة هو غزوة تبوك، وبينهما ست سنين، فمن استشهد ببئر معونة، كيف يشهد جيش العسرة؟
وصوابه: "أنه تزود مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مخرجه إلى الهجرة، والحق مع أبي نعيم أخرجه الثلاثة"([627]).
ولكننا نقول:
إن تأكيد البعض على أنه لم يشترك في السرية إلا أنصاري واستثنى البعض عمرو بن أمية، يدل على أن عامر بن فهيرة لم يكن في هذه السرية.
وكذلك رواية ابن مندة المتقدمة تدل على ذلك.
وأما ما ذكره أهل المغازي، فإن معظمهم تبع لابن إسحاق، وعيال عليه، وعلى الواقدي، وقد نص الواقدي على عدم حضور أي مهاجري في السرية، فالنصوص على استشهاده ببئر معونة تنتهي إلى أفراد معدودين، ولا يجدي إجماع من هذا القبيل، وصرف حديث التزود إلى قضية الهجرة يحتاج إلى ما يثبته ويدل عليه.
والخلاصة: أن ما ذكره ابن مندة يوجب الشك فيما روي من استشهاده يوم بئر معونة، بالإضافة إلى دعوى:
أنه لم يكن مهاجري في السرية إلا الضمري، أو بدونه أيضاً.
رابعاً: إننا نجد: أن حسان بن ثابت، وأنس بن عباس السلمي، وعبد الله بن رواحة قد رثوا من شهداء بئر معونة كلاً من:
المنذر بن عمرو ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي([628]).
مع أنه لو كان عامر بن فهيرة قد رفع إلى السماء، وأن الملائكة دفنته وأن جثته قد فقدت من بين القتلى الخ.. لكان المناسب أن يذكره المسلمون في أشعارهم، وللزم أن يحتجوا على المشركين، وعلى كل أحد بهذه الكرامة الظاهرة في كل مناسبة وموقف.
ولكان المناسب أن يترك الشعراء كل أحد، ويخصصوا كل قصائدهم به وفيه، ولسارت بذلك الركبان.
خامساً: قال دحلان: "وفي هذا تعظيم لعامر بن فهيرة رضي الله عنه، وترهيب للكفار وتخويف؛ ومن ثم تكرر سؤال ابن الطفيل عن ذلك"([629]).
ونقول:
إن هذا الحدث العظيم تقشعر له الأبدان، وتخشع له النفوس وتعنو له الجباه بالخضوع والتسليم.
ولكن العجيب هنا هو: أننا لم نجد هذا الحدث قد أثر أثراً يذكر فلم يتراجع عامر بن الطفيل ولا أصحابه عن قتل من تبقى من أصحاب عامر بن فهيرة، ولا أظهر ندماً على ما صدر منه، بل أصر على ما فعل.
ولما قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" أعلن بالتهديد والوعيد له "صلى الله عليه وآله" بألف أشقر، وألف شقراء، حتى قتله الله في بيت سلولية حسبما ذكروه.
وقد كنا نتوقع منه أن يعلن إسلامه فور مشاهدته هذه الكرامة الباهرة.
ولا أقل من أن نجد من أصحابه من يعترض عليه، أو من يتردد في مواصلة الحرب مع البقية الباقية من أصحاب عامر بن فهيرة، أو من يعلن منهم بعد ذلك بإسلامه محتجاً لعمله بما ظهر لعامر بن فهيرة؟!
وحينما ذهب عامر بن فهيرة بطائفة من الرمح الذي طعنه به قاتله، ما بالنا لا نرى قاتله يقع مغشياً عليه؟! أو لماذا لا يفر على وجهه من ساحة المعركة؟! أو لا يصاب بالذهول والوجوم مما شاهد ورأى؟!
بل على العكس نجد الكل يستمرون على شركهم، وعلى طغيانهم، ولا تظهر منهم أية بادرة خوف أو ندم أو تردد أمام هذا الأمر الخطير، بل يواصلون هجومهم على من تبقى من المسلمين، حتى أبادوا خضراءهم واستأصلوا شأفتهم.
بل ويقتلون حتى المنذر بن محمد الذي كان غائباً عن المعركة ورجع فرأى مقتل أصحابه([630])، ويقتلون الحارث بن الصمة أيضاً بعد أن عاد فرأى ما رأى([631]) لو صح ذلك.
سادساً: لماذا اختص عامر بن فهيرة بالرفع إلى السماء ودفن الملائكة له في عليين دون سائر الشهداء الكبار، الذين اهتم النبي "صلى الله عليه وآله" ـ ولا بد أن يكون ذلك بأمر الله ـ بتعظيم شأنهم وإظهار أمرهم من أمثال سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب،الذي قال عنه: أما حمزة فلا بواكي له، وجعفر بن أبي طالب ذي الجناحين، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، وغيرهم من الشهداء الذين اهتم "صلى الله عليه وآله" بإظهار فضلهم وعظيم منزلتهم، وبكى أو أمر بالبكاء عليهم؟
ولماذا لم نجد النبي "صلى الله عليه وآله" يمنح عامر بن فهيرة ولو وساماً متواضعاً في هذا المجال فيترحم عليه مثلاً، ويذكر للمسلمين بعض مقاماته في الجنة، كما تحدث عن حمزة وجعفر وغيرهما؟
ولماذا لم يُرفع عمار بن ياسر، ولا علي بن أبي طالب، ولا الحسين بن علي، ولا أخوه الحسن بن علي "عليهم السلام"، ولا غيرهم من الشهداء حتى النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" إلى السماء؟
سر تعظيم عامر بن فهيرة:
ونحن وإن كنا نقدر بما لا مزيد عليه جهاد عامر بن فهيرة، ونرى: أنه قد فاز فوزاً عظيماً، وأنه من الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون إن صح أنه قد استشهد.
إلا أن ما يلفت نظرنا:
هو هذا الإصرار على إعطاء وسام له، لا تؤيده، بل وتنافيه سائر الشواهد والدلائل التاريخية.
ولعلنا لا نبعد عن الصواب إذا بادرنا إلى القول: إنهم أرادوا: أن يمنحوه هذا الوسام، ليس حباً به، ولا تقديراً لجهاده هو، وإنما لأجل اعتقادهم: بأنه كان من موالي أبي بكر الخليفة بعد النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، فهذا هو الذي جعلهم ينسجون له هذه الفضيلة، ويتفضلون عليه بهذا التعظيم، أي حباً منهم بسيده، وليس به هو. وحبك الشيء يعمي ويصم.
ولو أنهم علموا: أن أبا بكر لم يكن هو الذي أعتقه، وإنما الذي أعتقه هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه ـ كما قاله الإسكافي، كما قدمنا([632]) ـ لكان لهؤلاء موقف آخر، ولكان ثقل عليهم تحمل عناء جعل هذه الفضيلة له أو تلك، ومنحه هذا الوسام أو ذاك.
وقد يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد اشتراه من نفس أبي بكر، ثم أعتقه، وذلك بدليل:
أنهم يقولون: إنه كان للطفيل بن عبد الله بن سخبرة، واشترى أبو بكر عامر بن فهيرة من الطفيل كما يقولون([633]).
ولعل ما يؤيد ذلك: أنهم يقولون: إن عامر بن فهيرة كان من السابقين إلى الإسلام، أسلم وهو مملوك قبل دخول النبي "صلى الله عليه وآله" دار الأرقم. ودخوله "صلى الله عليه وآله" إلى دار الأرقم قد كان قبل ظهور الإسلام في مكة، وقبل الهجرة إلى الحبشة.
وقد قدمنا: أن أبا بكر قد أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً، أي في حوالي السنة الخامسة من البعثة فإن النتيجة تكون: أن عامر بن فهيرة قد أسلم قبل أبي بكر، وإذا كان مملوكاً لربيبه فلا نستبعد أن يكون أبو بكر نفسه هو الذي كان يقوم بتعذيبه، فيبدو أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد اشتراه من أبي بكر الذي كان قد اشتراه من الطفيل، ولذا عدُّوه من موالي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حسبما قدمناه.
تصحيح خطأ:
ألف: وحول روايـة البخاري وغيره: أن عامر بن فهيرة كان غلاماً لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها:
نقول:
الصواب ـ كما قال الدمياطي ـ : "الطفيل بن عبد الله بن سخبرة، وهو أزدي من بني زهران، وكان أبوه زوج أم رومان والدة عائشة، فقدما في الجاهلية، فحالف أبا بكر، ومات وخلف الطفيل، فتزوج أبو بكر امرأته أم رومان، فولدت له عبد الرحمان، وعائشة، فالطفيل أخوهما من أمهما"([634]).
ب: قال أبو عمر: الطفيل بن عبد الله بن سخبرة القرشي.
قال ابن أبي خيثمة: لا أدري من أي قريش هو؟!
والصحيح أنه أزدي، وليس بقرشي([635]).
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً:
وأما بالنسبة لنزول آية: ?وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً..? في شهداء بئر معونة([636]).
فإننا نجد في مقابل ذلك:
أولاً: إن كثيراً من المصادر والروايات عن ابن عباس وأبي الضحى، وقتادة، والضحاك، والربيع، وأنس، وسعيد بن جبير، تذكر: أنها نزلت في حمزة أو فيه وفي غيره من شهداء أحد([637]).
وقيل: غير ذلك([638]).
ثانياً: إن سياق الآيات التي قبل هذه الآية والتي بعدها يؤيد أن تكون قد نزلت في واقعة أُحد، رداً على المنافقين الذي خذلوا المسلمين، وقالوا لإخوانهم: ?لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا..? ([639]).
وكذلك الحال بالنسبة للآيات اللاحقة، فإن للجميع سياقاً واحداً، وهي تناسب بمجموعها واقعة أحد، وما جرى فيها من أحداث، كما أيدته الروايات المختلفة، والواردة في بيان شأن نزولها فراجع.
التقدم بين يدي الله ورسوله:
وذكر البعض نزول آية: التقدم بين يدي الله ورسوله، فيما فعله عمرو بن أمية الضمري لقتله العامريين المعاهدين([640]).
وهو أيضاً محل ريب.
فأولاً: لقد روي في شأن نزولها:
1 ـ أنه كان أناس يتقدمون بين يدي شهر رمضان بصيام، يوماً أو يومين، فأنزل الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ?([641]).
2 ـ إن أناساً ذبحوا قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم النحر أو ذبحوا قبل الصلاة فنزلت الآية([642]).
3 ـ عن قتادة قال: ذكر لنا أن أناساً كانوا يقولون: لو أنزل في كذا وكذا لو صنع كذا وكذا، فكره الله ذلك، وقدم فيه([643]).
4 ـ أنهم نُهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه "صلى الله عليه وآله" عن ابن عباس([644]).
5 ـ وعن الحسن: لما استقر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمدينة أتته الوفود من الآفاق، فأكثروا عليه بالمسائل، فنهوا أن يبتدؤوه بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ([645]).
ولعل سبب ذلك: أن ركباً من بني تميم، قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد.
وقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس.
فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي.
فقال عمر: ما أردت خلافك.
فتماريا، حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهَِ وَرَسُولِهِ?. حتى انقضت الآية([646]).
ويؤيد ذلك ما رواه المفيد من: أنه قام رجل إلى أمير المؤمنين، فسأله عن هذه الآية، فيمن نزلت:
فقال "عليه السلام": في رجلين من قريش([647]).
6 ـ إنها نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقفوا على باب حجرته، فنادوا: يا محمد، أخرج إلينا وكانوا إذا خرج رسول الله، تقدموه في المشي، وكانوا إذا كلموه، رفعوا أصواتهم، ويقولون: يا محمد، يا محمد، ما تقول في كذا وكذا كما يكلمون بعضهم بعضاً، فأنزل الله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا..?([648]).
ثانياً: إنهم يقولون: إن سورة الحجرات قد نزلت بعد سورة الأحزاب، وبعد سور: الحج، والطلاق، وإذا جاء نصر الله والفتح، بل يظهر: أنه لم ينزل بعدها سوى سبع سور.
فمعنى ذلك: أنها من أواخر ما نزل في المدينة، لا سيما وأن الوفود على النبي "صلى الله عليه وآله" كانت في سنة تسع.
وإذا كانت هذه الآية قد نزلت بمناسبة بئر معونة، فتكون من أوائل ما نزل بعد الهجرة، بل يكون تاريخ نزولها موافقاً لتاريخ نزول سورة آل عمران، مع أن نزولها قد تأخر عنها بحوالي سبع عشرة سورة([649]).
واحتمال أن تكون الآية المذكورة قد نزلت في بئر معونة، ثم بعد نزول سورة الحجرات في سنة تسع ألحقت الآية بها:
هذا الاحتمال لا يصح، فقد قدمنا أكثر من مرة: أن نزول القرآن كان تدريجياً، وأنه كان يُعلم ابتداء السورة، وانتهاء غيرها، بنزول: ?بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?، كما عن عثمان، وابن عباس، وسعيد بن جبير([650]).
وروي عن أبي عبد الله أيضاً([651]) ونسب القرطبي إلى أصحابه: أنهم كانوا يعلمون الابتداء والانتهاء بنزول البسملة([652]).
وبذلك يعلم عدم صحة الرواية القائلة: إنه "صلى الله عليه وآله" كان يكتب أولاً: باسمك اللهم ـ كأهل الجاهلية ـ فلما نزل: ?بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا?، كتب: ?بِسْمِ اللهِ?؛ فلما نزل: ?قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ?، كتب: ?بسْمِ الله الرَّحْمَانِ? فلما نزل: ?إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? كتب: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?([653]).
أما أن تكون بعض الآيات قد نزلت، فيتركها جانباً، ثم بعد سنوات كثيرة، ونزول العشرات من السور، يأتي بتلك الآيات، ويجعلها في سورة نزلت حديثاً، فذلك ما لا نفهمه، ولا نتعقله.
واحتمال أن يكون قد حدث تشويش وتصرف في ترتيب الآيات القرآنية، بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله"، لا يصح، ولا سيما بالنسبة للسور القصيرة كسورة الحجرات، ونحوها.
وقد تحدثنا عن ذلك في كتابنا: "حقائق هامة حول القرآن الكريم"، فراجعه.
ثالثاً: مما يدل على نزول سورة الحجرات في سنة تسع أيضاً: أن آية النبأ، الواردة في سورة الحجرات، قد نزلت في السنة التاسعة، بمناسبة غزوة بني المصطلق، وافتراء الوليد بن عقبة عليهم، حسبما يقولون.
ومعنى ذلك: هو أن بدء نزول سورة الحجرات قد كان في ذلك الحين، ولا يمكن قبول أن يكون بعض منها قد نزل في السنة الرابعة، ثم نزل الباقي بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ، حيث تخللها نزول العديد من السور القرآنية وذلك لما تقدم.
آيات منسوخة!!
ثم إنهم يقولون: إن الله سبحانه قد أنزل في الذين قتلوا يوم بئر معونة قرآناً.
قال أنس: "قرأناه" ثم نسخ، أي نسخت تلاوته، وهو: "بلِّغوا عنا قومنا: أنَّا قد لقينا ربنا، فرضي عنا، ورضينا عنه، وفي رواية عنه: وأرضانا"([654]).
ونقول:
إننا نجزم بعدم صحة كون ذلك من القرآن، وذلك للأمور التالية:
1 ـ إن نسخ التلاوة المدعى مرفوض جملة وتفصيلاً، وقد تحدثنا عن ذلك بشيء من التفصيل في كتابنا: "حقائق هامة حول القرآن الكريم".
ومعنى نسخ التلاوة هو: أن يصبح الكلام، ليس له حكم القرآن، أي بحيث يتعبد بتلاوته، ويقرأ في الصلاة، ولا يقرؤه الجنب ولا يمسه، إلا الطاهر([655])، إلى غير ذلك من الأحكام، وإن كان بعضهم قد اختار بقاء بعض تلك الأحكام كعدم جواز مسه لغير الطاهر، حتى بعد نسخ تلاوته([656]).
2 ـ لو كان ثمة آيات من هذا القبيل لأثبتها الرسول "صلى الله عليه وآله"، والصحابة في مصاحفهم، ولكان لا بد من إرسال الرسل إلى جميع العباد في مختلف البلاد، لإبلاغهم بنسخ تلاوتها، وأمرهم بمحوها من مصاحفهم، وليس ثمة ما يشير إلى ذلك أو يدل على شيء منه، من قريب، ولا من بعيد.
3 ـ قال السهيلي: "ليس عليه رونق الإعجاز، فيقال: إنه لم ينزل بهذا النظم، بل بنظم معجز، كنظم القرآن"([657]).
ولكننا لا نوافق السهيلي على قوله ـ محيلاً على مجهول ـ: إنه قد نزل بنظم معجز آخر، كنظم القرآن، وذلك لأنه ليس ثمة ما يؤيد، أو يدل على نزوله بنص آخر، بل ظاهر، إن لم يكن صريح النقل هو أن نفس ذلك المنقول كان قرآناً، قد نسخت تلاوته.
وإلا فلماذا لم ينقلوا لنا نفس النص المعجز، فهل هذا إلا محض تخرص ورجم بالغيب لا شاهد له، ولا دليل عليه؟!
4 ـ لقد روي في الصحيحين، وغيرهما ما يدل على أن هذه العبارة ليست وحياً، وإنما هي من كلام النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، حكاه للناس نقلاً عن المقتولين، أنهم قالوه، تقول الرواية:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" نعاهم فقال: "إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا"([658]).
وفي رواية أخرى عن أنس: "بلَّغ الله نبيه "صلى الله عليه وآله" على لسان جبريل "عليه السلام": أنهم لقوا ربهم، فرضي عنهم، وأرضاهم"([659]).
وعن ابن مسعود: قتلوا فقالوا: "اللهم بلغ نبينا "صلى الله عليه وآله" عنا: أنَّا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا"([660]).
وعن الضحاك قال: "لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد، لقوا ربهم فأكرمهم، فأصابوا الحياة والشهادة، والرزق الطيب، قالوا: يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم: أنَّا لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا، فقال الله: أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم، فأنزل الله: ?وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا..? إلى قوله: ?وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ?([661]).
وبالمناسبة فقد كان هذا المورد هو السبب في كتابة كتابنا: "حقائق هامة حول القرآن الكريم"، وذلك من أجل الذب عن حريمه، والدفع عن ساحة قدسه، ورد كيد الخائنين إلى نحورهم لم ينالوا شيئاً.
بين العشرة.. والسبعين:
بقي أن نشير إلى أن رواية العشرة تقول:
إن عامر بن الطفيل حينما اجتمع بالنبي "صلى الله عليه وآله" هدده بأن يملأها عليه خيلاً ورجالاً، ثم خرج فجمع من سليم ثلاثة أبطن: رعل، وذكوان، وعصية، فلما سمع النبي "صلى الله عليه وآله" بأن عامراً قد جمع له بعث عشرة من المسلمين، فيهم عمرو بن أمية الضمري، وسائرهم من الأنصار، فأقبلوا حتى نزلوا ببئر معونة، فهجم عليهم عامر، فقتلهم كلهم، ثم أقبل حتى نزل بفناء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما مات بالذبحة في بيت السلولية، وأصابت الصاعقة أربد بن قيس، فاحترق، رجع من كان معهم.
ونقول:
إن من غير المعقول: أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أرسل هؤلاء العشرة لأجل التعليم والدعوة، كما لا يعقل أن يكون قد أرسلهم للحرب، بعد تهديدات عامر تلك، وجمعه له القبائل، ولا يعقل أن يعتمد والحالة هذه على جوار أبي براء.
وذلك يرجح أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أرسل هؤلاء العشرة ليكونوا عيوناً له "صلى الله عليه وآله" على عدوه، كما صرحت به رواية الطبراني، التي وصفها الهيثمي بأن رجالها رجال الصحيح وقد تقدمت.
ولا نستبعد أن يكون قدوم عامر في جموعه حتى نزل بفناء النبي "صلى الله عليه وآله" قد كان بعد مدة طويلة من حادثة قتله للعشرة في بئر معونة، حيث حرض حسان ربيعة بن أبي براء في شعره حتى طعن عامر بن الطفيل، ثم بقي حتى شفي من طعنته فقدم بجموعه حتى نزل بفنائه.
وبعد، فقد صرحت الرواية بأن عامر بن الطفيل قد أتبعهم بمئة رام، ولو كان المسلمون سبعين رجلاً لم يمكن لمئة رام أن يفنوا جمعهم بهذه السهولة، لا سيما في حرب مصيرية بالنسبة إليهم، يطلبون فيها الشهادة ويعتبرونها فوزاً وإكراماً من الله لهم، ودنيوية بالنسبة لأعدائهم الذين كانوا لا يريدون الموت، ويعتبرونه خسراناً وضياعاً.
الأمر الذي يرجح إمكانية أن تكون النتائج معكوسة تماماً، أي يكون الفناء للمئة، والبقاء لمعظم السبعين.
والخلاصة: أن من غير المعقول أن يكون الموطنون أنفسهم على الشهادة أكلة رأس لجماعة لا يزيدونهم عدة وعدداً إلا يسيراً، وقد تعودنا أن نرى من المسلمين أعلى درجات التضحية والفداء، وغاية النكاية في العدو.
إلا أن يكون المسلمون قد أُخذوا على حين غرة، بحيث لم يمكنهم أخذ الأهبة للحرب والنزال، كما ربما تشير إليه الروايات التي تقول: إن المشركين أحاطوا بهم، وهم في رحالهم.
ولكن ثمة نص آخر يقول: إن المشركين التقوا بالمسلمين، وهم في طريقهم، للتعرف على مصير صاحبهم الذي أرسلوه بالكتاب إلى بني عامر.
نضيف إلى ما تقدم: أننا لا نجد مبرراً لإرساله "صلى الله عليه وآله" سبعين رجلاً أو أربعين أو أقل، لأجل التعليم، وذلك لأنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل ستة نفر أو عشرة فقط في سرية، حينما طلبت منه "صلى الله عليه وآله" عضل والقارة أن يرسل إليهم من يعلمهم، كما أنه قد أرسل مصعب بن عمير ـ فقط ـ إلى المدينة قبل الهجرة لغرض التعليم، وليلاحظ أيضاً قلة من أرسلهم إلى اليمن، فما باله يرسل إلى بئر معونة سبعين رجلاً؟
فإن كان ذلك لأجل مباشرة الحرب، فهذا العدد لا يكفي لمواجهة أهل نجد، وإن كان الهدف هو الدعوة وكانت زيادة العدد لأجل الاحتراز منهم ـ لو كانت نياتهم سيئة ـ فإن هذا العدد لا يكفي للاحتراز.
وإن كان لأجل المراقبة، وليكونوا عيوناً، فإن العشرة فما دون يكفون لذلك.
ولعل مما يشير إلى: أنهم كانوا عيوناً: خفاء أمرهم، وسرية عملهم، فإن عامر بن الطفيل وقومه ما كانوا يعلمون بوجودهم، فقد قال عامر بن الطفيل بعد قتل حرام بن ملحان:
"لا أحسبه إلا أن له أصحاباً، فاقتصوا أثره حتى أتوهم، فقتلوهم"([662]).
وعند الواقدي: أن ابن الطفيل قال: "ما أقبل هذا وحده، فاتبعوا أثره حتى وجدوا القوم الخ.."([663]).
ومعنى ذلك هو: أن عامراً لم يكن يعلم بإجارة أبي براء لهم، ولا كان أمرهم معلناً، ومشهوراً.
وذلك يخالف الرواية القائلة: إن ملاعب الأسنة أخبر أهل نجد بإجارته لهم.
وجه جمع غريب:
قال العسقلاني: يمكن الجمع بين كونهم سبعين، وكونهم أربعين، بأن الأربعين كانوا رؤساء، وبقية العدة كانوا أتباعاً([664]).
ونقول:
1 ـ متى جرت العادة على هذا التفصيل في عدد المقاتلين؟
2 ـ ما المراد بكونهم أتباعاً، وكون أولئك قادة، هل المراد: أنهم سادة ومعهم عبيدهم؟!
أم المراد: أن أربعين كانوا سادة في قبائلهم والباقون كانوا من الناس العاديين؟
أما الأول، فلا شاهد له.
وأما الثاني، فإن سادة الأوس والخزرج، وغيرهم كانوا معروفين مشهورين، ومميزين عن غيرهم، ولم نجد في هؤلاء المقتولين ببئر معونة ما يشير إلى تلك الشهرة، ولا إلى ذلك التميز.
3 ـ إن الرواية الحاصرة بالعشرة، بالعشرين، بالثلاثين وغيرها تنافي هذا الاحتمال.
4 ـ إن الرواية المتقدمة في صدر البحث عن الطبري وغيره يتردد الراوي فيها وهو أنس بن مالك ويقول: لا أدري سبعين أو أربعين. ولا ينسجم ذلك مع وجه الجمع المذكور.
وخلاصة الأمر: أن هذا الموضوع مما لا يمكن الجزم بأي من أطرافه ولا تأكيد شيء من أوصافه، بسبب تناقض الروايات، وتعارض الشواهد، والدلائل.
وإن كنا نستقرب الصورة التالية المستخلصة من جميع النصوص، وإن كانت تأخذ من كل نص بعضه، وتترك سائره لتتجه إلى نص آخر أنسب، وإلى انسجام الحادثة أقرب.
الصورة الأقرب إلى القبول:
ولعل الصورة الأقرب إلى القبول هي: أن أبا براء قد أرسل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بهدية، واستشفاه من مرض كان قد ألم به، ثم قدم على النبي "صلى الله عليه وآله"، وأجار أصحابه، واستمده ليرسل دعاته إلى أرض نجد، ثم ذهب أبو براء إلى نجد، وأخبرهم بأنه أجار أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله".
ثم أتى عامر بن الطفيل إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وجرى له معه ما جرى، وهدده بأن يملأها عليه خيلاً ورجالاً. وقد يكون طلب أن يكون خليفة له من بعده أو يكون له أهل السهل، ولعامر أهل الوبر، أو الحرب على ألف أشقر، وألف شقراء من غطفان.
ثم ذهب فجمع الجموع. فبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك، فأرسل إليه ولبني عامر رسالة تحذيرية، وأرسل جماعة أخرى مع الرسول ليكونوا عيوناً: فقتل عامر بن الطفيل الرسول، ثم استجاش على من خلفهم، فأجابه مئة رجل رام، ففاجأهم، وهم في رحالهم، أو في الطريق، فقتلهم.
ثم حرض حسان ربيعة بن أبي براء فطعن عامر بن الطفيل، فلما شفي جمع جموعه، وسار بهم حتى نزل بفناء النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم أصابته الغدة في بيت السلولية، فمات، ومات الآخر بالصاعقة، فرجع من كان معهم.
ولكن مع ذلك لا مجال لتجاهل ما قدمنا وما سيأتي، فليلاحظ ذلك، والله هو الموفق والهادي.
مقارنة لا يمكن تجاهلها.
إن من يراجع نصوص سرية الرجيع، ثم نصوص سرية بئر معونة، ويقارن فيما بينها يجد أوجه شبه كثيرة فليلاحظ اشتراكهما في تقارب الأسباب التي دعت إلى إرسال هاتين السريتين.
وفي استصراخ بعضهم قبائل معينة، فيأتون إلى أفراد السرية حتى غشوهم في رحالهم فقتلوهم.
وبعضهم يأبى قبول العهد الذي يعطيه إياه المشركون في هذه السرية كما في تلك.
وهنا رجل تحمي رأسه الدبر.
وهناك شخص يرفع إلى السماء.
ويقدم المشركون هنا بخبيب وصاحبه إلى مكة، ويقدم هناك المشركون بعمرو بن أمية إليها أيضاً، حسب بعض النصوص.
وهذيل تقتل هؤلاء، وأولئك على حد سواء.
وكانتا في وقت واحد، وبلغ خبرهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" في وقت واحد أيضاً.
وحسب بعض النصوص: نجد أن المهاجمين من المشركين كانوا مئة رام في كليهما.
ويحمل السيل جثة عاصم إلى الجنة، وتواري الملائكة عامر بن فهيرة في الجنة أيضاً.
وخبيب ـ وروي ذلك عن عاصم بن ثابت أيضاً ـ([665]) يبلغ الرسول ما جرى له، وكذلك فعل أصحاب بئر معونة.
وكما يدعو النبي "صلى الله عليه وآله" على قتلة هؤلاء، كذلك فإنه يدعو على قتلة أولئك.
ويلاحظ كذلك:
أن عمرو بن أمية الضمري يقتل في طريق عودته إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بعض الأشخاص في كلا السريتين.
كما أن طريقة قتله لهذا البعض في كلا الموردين واحدة.
ولعل التدقيق في مختلف النصوص الواردة في الواقعتين يظهر موارد أخرى من التوافق فيما بينهما.
وبعد ما تقدم فإن ذلك يلقي المزيد من ظلال الريب على كلا السريتين، ويزيد من درجة الإبهام فيهما.
وإن كان يمكن اعتبار بعض موارد التوافق من الأمور التي لا يبعد وقوعها.
ولكن إذا أضيف إليه البعض الآخر، الذي يكون فيه ذلك أقل احتمالاً، وأبعد منالاً، فإن النتيجة تكون هي تأكيد الريب، وزيادة درجة الشك. والله هو العالم بحقيقة الحال، وإليه المرجع والمآل.
الفصل الثالث:
القنوت والدعاء على القبائل
القنوت والدعاء على القبائل:
ونجد في الروايات المتقدمة وغيرها: أنه "صلى الله عليه وآله" قد دعا على القبائل: رعل، وذكوان، وعصية، وبني لحيان، وعضل، والقارة في قنوته بعد الركوع، مدة من الزمن.
بل في بعض الروايات: أن ذلك كان بدء القنوت، وما كنا نقنت([666]). وتنص الروايات أيضاً، على أن دعاء الرسول "صلى الله عليه وآله" عليهم قد كان في صلاة الصبح([667]).
ونقول:
إننا نشك في ذلك، وذلك للأمور التالية:
أولاً: حول كون القنوت بعد الركوع، نقول:
ألف: لقد روي عن عبد العزيز قال: سأل رجل أنساً عن القنوت: أبعد الركوع، أو عند فراغٍ من القراءة؟
قال: لا، بل عند فراغ من القراءة([668]).
ودعوى: أن المراد هو القنوت لغير الحاجة، أما القنوت للحاجة، فإنما هو بعد الركوع([669])، لا تصح، إذ قد روي بسند صحيح عن أنس: أنه "صلى الله عليه وآله" كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم، ومثل ذلك روي عن أبي هريرة أيضاً عن علقمة والأسود([670]).
إذاً.. فليس ثمة قنوت لغير الحاجة، وكل قنوت كان، فإنما هو قبل الركوع.
وادَّعى البعض: أن أنساً إنما يتحدث عن أمراء عصره، لا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([671]).
ولكن لماذا لا يتحدث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويكون أنس بكلامه هذا مخالفاً لهم راداً عليهم؟ ويوضح ذلك المطالب التالية:
ب: ما رواه عاصم عن أنس: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قنت شهراً، وأنه قبل الركوع([672]).
ج: عن أبي هريرة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان إذا أراد أن يدعو لأحد أو على أحد قنت قبل الركوع وربما قال، إذا قال سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد، اللهم أنج.. إلى قوله كسني يوسف([673]).
د: عن هشام بن عروة: أن أباه كان لا يقنت في شيء من الصلاة، ولا في الوتر، إلا أنه كان يقنت في الفجر، قبل أن يركع الركعة الأخيرة، إذا قضى قراءته([674]).
هـ: روى طارق، قال: صليت خلف عمر صلاة الصبح، فلما فرغ من القراءة في الثانية كبر ثم قنت، ثم كبر فركع([675]).
و: عن ابن عمر: رأيت قيامكم عند فراغ القارئ هذا القنوت، والله إنه لبدعة، ما فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" غير شهر واحد ثم تركه([676]).
ثانياً: دعوى: أنه قنت يدعو عليهم في صلاة الصبح، يقابلها:
ألف: ما روي عن ابن عباس: أنه "صلى الله عليه وآله" قنت يدعو عليهم في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح([677]).
ب: عن ابن مسعود: أنه "صلى الله عليه وآله" كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلهن يدعو على المشركين([678]).
ج: في رواية أخرى: أنه دعا على رعل وذكوان الخ.. في العشاء الآخرة، والصبح([679]) وحسب تعبير ابن القيم: في الفجر والمغرب([680]).
د: عن أبي هريرة حين أراد أن يقرب لهم صلاة رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه "صلى الله عليه وآله"، كان يقنت في صلاة الظهر والعشاء والصبح يدعو للمؤمنين، ويلعن الكافرين([681]).
ثالثاً: دعوى: أنه قنت شهراً يدعو عليهم، قد تقدم ما يخالفها، وذكرنا الأقوال المتناقضة في مدة دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" عليهم، فلا نعيد.
رابعاً: عن ابن جريج، عن عطاء، قال: عمر أول من قنت في رمضان، في النصف الآخر من رمضان بين الركعة والسجدة([682]).
خامساً: إننا إذا أردنا أن نجاري الآخرين في نظرياتهم، ونلزمهم بما يلزمون به أنفسهم، وإن كنا نرى بطلان رأيهم، فإننا نشير إلى:
ألف: إن البعض ينكر القنوت في صلاة الصبح من الأساس، ويعتبره بدعة، وهو ما روي عن طاووس، والزهري([683]) وابن عباس([684]).
وعن ابن نجيح، قال: سألت سالم بن عبد الله: هل كان عمر بن الخطاب يقنت في الصبح؟!
قال: لا، إنما هو شيء أحدثه الناس بعد([685]).
وروى محمد بن الحسن في كتابه الآثار قال: أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، قال: لم ير النبي "صلى الله عليه وآله" قانتاً في الفجر حتى فارق الدنيا([686]).
وعن أم سلمة قالت: نهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن القنوت في الفجر.
وروي نحوه عن صفية بنت أبي عبيد، عنه "صلى الله عليه وآله"([687]).
ب: إن هناك من ينكر أصل القنوت، ويعتبره بدعة، كابن عمر([688]). وسعيد بن جبير([689]).
وعن أبي مالك، قال: كان أبي قد صلى خلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو ابن ست عشرة سنة، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فقلت له: أكانوا يقنتون؟!
قال: لا، أي بني، محدث([690]).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم([691]).
وعن ابن مسعود: ما قنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في شيء من صلاته([692]).
وعن ابن مسعود أيضاً، قال: صليت خلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأبي بكر، وعمر، فما رأيت أحداً منهما قانتاً في صلاة إلا في الوتر، وروي قريب منه عن ابن عمر أيضاً([693]).
وعن الزهري، قال: قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأبو بكر، وعمر، وهم لا يقنتون([694]).
وأخيراً، فقد قال الطحاوي: "لم يزل النبي "صلى الله عليه وآله" محارباً للمشركين إلى أن توفاه الله، ولم يقنت في الصلوات"([695]).
ملاحظة:
وإنما قلنا: إن ما تقدم قد كان مجاراة منا للآخرين، لأننا نعتقد ببطلانه، استناداً إلى الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت "عليهم السلام" في إثبات القنوت.
كما أن ما ورد من طرق غيرهم في إثباته كثير جداً، لا مجال لاستقصائه في عجالة كهذه.
ولا نقصد من ذلك خصوص ما ورد في القنوت في الوتر عندهم، ولا تلك الأحاديث التي تتحدث عن قنوته "صلى الله عليه وآله" شهراً يدعو على القبائل ثم تركه، وقيد بعضها بكونه في صلاة الصبح، ولا تلك التي تشير إلى أنه قنت بعد الركوع يسيراً أو شهراً لم يقنت قبله ولا بعده، أو أربعين يوماً.
وبعضها يذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" قنت في صلاة العتمة شهراً([696])، أو أنه قنت عشرين يوماً فقط([697]).
ولكننا نشير إلى روايات أخرى وردت في كتب الحديث، ونذكر منها: ما روي عن أنس بن مالك، قال: "ما زال رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقنت في الفجر، حتى فارق الدنيا"([698]).
بل لقد حكم الحسن وسعيد بن عبد العزيز بلزوم سجود السهو على من نسي القنوت في الفجر([699]).
وعن البراء بن عازب، قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها([700]).
وعن ابن عباس: ما زال رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقنت حتى فارق الدنيا، وكذا روي أيضاً عن أنس([701]).
وعدا عما تقدم من القنوت في الصلوات كلهن، فقد روي عن أنس: أن القنوت كان في الفجر والمغرب، ورواه البراء عن النبي "صلى الله عليه وآله"، فراجع([702]).
وعن أبي هريرة: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا قال: سمع الله لمن حمده من صلاة العشاء الآخرة قنت([703]).
حديث أبي هريرة في القنوت لا يصح:
عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنهما سمعا أبا هريرة يقول:
كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
ثم يقول، وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلاً، وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله.
ثم بلغنا: أنه ترك ذلك لما أنزل: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ?([704]).
وفي نص آخر: عن أبي هريرة، بعد ذكره دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" للمستضعفين، وعلى مضر، قال أبو هريرة:
"ثم رأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ترك الدعاء بعد؛ فقلت: أرى رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ قد ترك الدعاء لهم!! قال: فقيل: أوما تراهم قد قدموا"؟!([705]).
وفي نص آخر: قال أبو هريرة: "وأصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات يوم؛ فلم يدع لهم، فذكرت ذلك له: فقال "صلى الله عليه وآله": أما تراهم قد قدموا؟!!"([706]).
وثمة روايات أخرى لأبي هريرة حول القنوت والدعاء فيه للمؤمنين، وعلى الكافرين([707]) لا مجال لإيرادها.
ونقول:
إن هذه الرواية لا يمكن أن تصح، وذلك لعدة أمور ذكر البعض شطراً منها، فنحن نكتفي بما قال، ونصرف النظر عن سائر المؤاخذات التي يمكن تسجيلها هنا، فنقول: قال في بغية الألمعي ما ملخصه:
1 ـ إن أبا هريرة أسلم بعد الهدنة، ولم يكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليدعو على قوم صالحهم على أمر ما خانوا في شيء منه بعد.
2 ـ وفي الحديث: أنه "صلى الله عليه وآله" ترك القنوت لمجيئهم، وقد صالحهم على أنه لا يأتيه منهم رجل ـ وإن كان على دينه ـ إلا رده عليهم، وما كان ليدعو بشيء لو استجيب له لسعى هو في خلافه.
3 ـ ودعا لوليد، وهشام، وترك أبا جندل، وأبا بصير وكانا أحق به، وقد رأى من ابتلاء أبي جندل ما رأى.
4 ـ وروي عن ابن سعد في طبقاته ص 98 ج4 عن الواقدي: أن وليد بن الوليد انفلت منهم؛ فأرسله رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مكة، ليأتي بسلمة وعياش، وهذا بعد بدر بثلاث سنين.
5 ـ ومن لفظ الدعاء: اجعل عليهم سنين كسني يوسف. وهذا لم يكن بعد الهدنة قط.
6 ـ وفي قنوته عند مسلم، والطحاوي: اللهم العن رعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله. وهذا الدعاء كان على قاتلي القراء ببئر معونة، في صفر، على رأس أربعة أشهر من أحد، قاله ابن إسحاق.
7 ـ وأكثر من روى حديث القنوت: كابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأنس وأبي هريرة، قالوا: قنت بعد الركعة في صلاة شهراً.
قال أنس: قنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" على رعل، وذكوان ثم تركه.
إلى أن قال: "ما قاله الحازمي في الإعتبار ص96 والطحاوي ص146: إن قوله: بلغنا الخ.. من كلام الزهري، لا دليل عليه، والظاهر من رواية البخاري: أنه من كلام أبي هريرة.
نعم، في بعض روايات الحديث عن مسلم ج2 ص 135 و136، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، من قوله: ثم رأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ترك الدعاء، الحديث. دلالة على حضور أبي هريرة تلك الصلاة. ولعل على هذا اعتمد من قال: بعد صلح الحديبية، وبعد فتح خيبر، لأن أبا هريرة حضر تلك الصلاة، وقد أسلم بعدها. فلا بد إما القول بخطأ الرواية..
إلى أن قال: أو القول بأن زيادة اللعن على لحيان ورعل. الحديث بهذا اللفظ عند مسلم، وعنه التعبير بما جرى عند البخاري، اللهم العن فلاناً وفلاناً ـ لأحياء من العرب ـ كلاهما خطأ الخ.."([708]).
وقد اعتذر البعض عن أبي هريرة لكونه بقي يقنت بعد وفاته "صلى الله عليه وآله" بجواز أن يكون لم يعلم بنزول الآية، لأن قوله بلغنا هو من كلام الزهري([709]).
ونقول: إن أبا هريرة نفسه يصرح بسماعه نبأ قدوم القوم من النبي "صلى الله عليه وآله" مباشرة كما هو صريح بعض نصوص روايته، فراجع المصادر المتقدمة.
وأخيراً فإننا نلاحظ: أن نصاً آخر ينقله لنا أبو عوانة عن أبي هريرة يصرح فيه بأن القنوت كان قبل الركوع، وليس فيه دلالة على سماع أبي هريرة ذلك منه "صلى الله عليه وآله" مباشرة([710]).
آية: ليس لك من الأمر شيء:
وقد أفادت رواية أبي هريرة السابقة: أن آية: ليس لك من الأمر شيء، أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، قد نزلت في قضية بئر معونة، حيث ترك الدعاء عليهم حينما نزلت الآية المذكورة([711]).
ونحن نشك في ذلك بصورة كبيرة وذلك لما يلي:
أولاً: قولهم: إنها نزلت في ناس من المنافقين كان "صلى الله عليه وآله" يلعنهم، أو فيه "صلى الله عليه وآله" نفسه؛ حيث كان في حرب أُحد يلعن أبا سفيان، والحرث بن هشام، وصفوان بن أمية، وعمرو بن العاص، فنزلت الآية؛ فتيب عليهم كلهم.
أو نزلت في حرب أُحد، حيث دعا "صلى الله عليه وآله" على رجل من قريش، كشف عن أسته بحضرته "صلى الله عليه وآله".
أو حينما كسرت رباعيته في حرب أُحد، حيث قال "صلى الله عليه وآله": كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم الخ..([712]).
وعليه، فإذا كانت الآية قد تعرضت لبئر معونة فكيف تكون قد نزلت في حرب أُحد، وهل يعقل أن يتأخر السبب في النزول([713]).
وقد صحح العسقلاني نزولها بمناسبة أحد، قال: "ويؤيد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: ?لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ? أي يقتلهم، ?أَوْ يَكْبِتَهُمْ?، أي يخزيهم ثم قال: ?أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ? أي فيسلموا، أو يعذبهم، أي إن ماتوا كفاراً"([714]).
ثانياً: إن سياق الآيات ظاهر في أنها قد نزلت في غزوة بدر، والآيات هي التالية: ?وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ الله الْعَزِيزِ الحَكِيمِ، لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ، لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ?([715]).
فإن الآيات تتحدث عن الإمداد بالملائكة في بدر، وأن سببه هو البشرى للمؤمنين ولكي تطمئن قلوبهم، مع العلم أن النصر هو من عند الله، وإنما نصرهم الله في بدر ليقطع طرفاً من الذين كفروا ويقلل عدتهم وقوتهم بالقتل والأسر، أو يكبتهم أي يذلهم على حنق وغيظ، ثم جاءت جملة معترضة تفيد: أن هذا القطع والكبت لهم، ليس من صنع النبي "صلى الله عليه وآله"، ليكون هو الممدوح والملوم في صورة النصر، وعدمه وإنما هو قرار إلهي.
ثم جاءت جملة أخرى معطوفة على "ليقطع" وهي قوله: ?أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ?، والضمير فيها يرجع إلى الذين كفروا في الآية السابقة، أي ليس لك يا محمد في أمر التوبة عليهم أو عذابهم شيء، بل الأمر لله، لأنه هو المالك لكل شيء، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
ولو كان الكلام منفصلاً عما قبله، لم يعرف مرجع الضمير في ?عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ?.
ولو صح: أن أهل بئر معونة قد أتوه تائبين، فتاب الله عليهم، لم يكن معنى لقوله: أو يعذبهم، إلا إذا كان قد ورد على سبيل الترديد في المطلق، أي على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية.
ثالثاً: قد تقدم: أنه قيل له "صلى الله عليه وآله": ادع على المشركين، فقال: إني لم أُبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة([716]).
وقال لامرأة لعنت ناقتها، ولرجل لعن ناقته: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة.
هذا كله عدا عما روي عنه "صلى الله عليه وآله" من أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن لعاناً([717]) وما روي عنه من أن المؤمن أو الصديق لا يكون لعاناً ونحوه([718]).
رابعاً: روى البخاري عن عائشة: إن يهوداً أتوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقالوا: السام عليكم.
فقالت عائشة: عليكم ولعنة الله، وغضب الله عليكم.
قال: مهلاً يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش الخ..([719]).
التصرف المشين:
عن خالد بن أبي عمران، قال: بينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يدعو على مضر، إذ جاءه جبرئيل، فأومأ إليه: أن اسكت، فسكت، فقال:
يا محمد، إن الله لم يبعثك سباباً، ولا لعاناً، وإنما بعثك رحمة، ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم، أو يعذبهم فإنهم ظالمون، ثم علمه هذا القنوت: اللهم (ثم ذكر ما يعرف بسورتي الخلع والحفد) فراجع([720]).
ونقول:
1 ـ لقد تحدثنا في كتابنا "حقائق هامة حول القرآن الكريم" عن عدم صحة هاتين السورتين المزعومتين، واحتملنا أن تكونا من إنشاءات الخليفة الثاني، وقد أحب بعض محبيه إثباتها في القرآن، فلم يوفقوا.
2 ـ إن هذه الرواية صريحة في أن الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" قد وقع في مخالفة صريحة، وفعل خلاف ما تفرضه عليه مهمته، وما لا ينسجم مع موقعه وشخصيته.
3 ـ إن هذا القنوت الذي علمه إياه جبرئيل ليس فيه تلك البلاغة الظاهرة، ولا أي من المعاني الخفية أو المتميزة، هذا إلى جانب أنه لا ينسجم مع ضوابط اللغة، واستعمالاتها، فليراجع في مصادره.
4 ـ لماذا جاءه جبرئيل وهو يدعو على مضر فقط، ولم يأته، وهو يدعو على رعل وذكوان وعصية، حتى بقي شهراً أو أكثر يدعو عليهم، أو حين لعن أبا سفيان، والحرث بن هشام وغيرهما؟!
أو في غير ذلك من المناسبات، ثم ألم يلعن الحكم بن أبي العاص، وغيره بعد ذلك؟!
5 ـ إن لعنه لمضر، الموجب لتدخل جبرئيل قد كان بعد نزول سورة النجم التي صرحت بأنه "صلى الله عليه وآله" لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
6 ـ وهل لعنه "صلى الله عليه وآله" للمشركين الذين يحاربون الله ورسوله، يجعله سباباً، ولعاناً، ألم يلعنهم الله سبحانه، ولعن غيرهم في محكم كتابه؟!
ألم يذكر الله ما يدل على وجود لاعنين ممدوحين في لعنهم، حينما قرنهم مع نفسه حيث قال: ?أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ..?؟!.
رواية ابن مسعود، وما فيها:
وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: ما قنت رسول الله في شيء من صلاته (زاد الطبراني: إلا في الوتر) وإنه كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلهن، يدعو على المشركين، ولا قنت أبو بكر، ولا عمر حتى ماتوا، ولا قنت عليٌّ حتى حارب أهل الشام الخ..([721]).
ونقول:
يرد على هذه الرواية:
1 ـ قوله: ما قنت رسول الله في شيء من صلاته قد تقدم ما فيه، وأنه "صلى الله عليه وآله" قد قنت في جميع صلواته. بل كان يقنت في كل مكتوبة، واستمر على ذلك حتى فارق الدنيا.
2 ـ روايات قنوت عمر، قد رواها غير واحد من المحدثين، فراجع كتب الحديث والرواية، كالإعتبار للحازمي مثلاً.
3 ـ إن ابن مسعود لم يدرك موت عثمان، ولا خلافة علي "عليه السلام"، ولا حربه "عليه السلام" لأهل الشام. لأن ابن مسعود مات في خلافة عثمان، كما هو معروف.
ولذا احتمل البعض: أن يكون الشطر الأخير من الرواية من كلام علقمة والأسود([722]).
ولكنه خلاف الظاهر، كما لا يخفى، حيث إن لها سياقاً واحداً لم يتغير، وقد جاء عطف اللاحق على السابق بصورة طبيعية، ومنسجمة، كما هو الحال في كل كلام واحد.
جريمة الإحداث في الدين، والسكوت عليها:
ونجد في الروايات: أن أول من جعل القنوت قبل الركوع هو عثمان بن عفان، لكي يدرك الناس الركعة([723]).
ونقول:
1 ـ لعل المراد: أن عثمان قد جعل القنوت الثاني في صلاة الجمعة قبل الركوع. ثم جاءت الأهواء بعد ذلك لتلغي القنوت من جميع الصلوات، ما عدا الصبح عند البعض، أو ما عدا شهر رمضان عند آخرين، إلى غير ذلك من أقوال و مذاهب، منشؤها اختلاف الروايات، ولسنا هنا بصدد تحقيق ذلك.
2 ـ قد قدمنا: ما يدل على أن القنوت كان قبل الركوع، ونزيد هنا ما رواه البخاري وغيره، من أن عاصماً الأحول، سأل أنساً عن القنوت، أقبل الركوع، أو بعد الركوع؟!
فقال: قبل الركوع.
قال: قلت فإنهم يزعمون: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قنت بعد الركوع.
فقال: كذبوا، إنما قنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" شهراً، يدعو على ناس الخ..([724]).
3 ـ وبعد فإن ما يثير عجبنا واستغرابنا؛ أننا نجد النص السابق يصرح بأن عثمان بن عفان يقدم على التغيير في أحكام الشرع والدين، بمرأى ومسمع من الصحابة وعلماء الأمة، لمصلحة يزعم أنه أدركها، حتى كأنه أعرف بما يصلح الناس، وينفعهم، من ربهم وخالقهم سبحانه، ومن نبيه الأكرم "صلى الله عليه وآله".
4 ـ والأعجب من ذلك: أننا نجد هؤلاء الأتباع الأغبياء، يسكتون على ما ينقل لهم من جرأة عثمان هذه، ولا يدينونها، كسكوتهم بل وتبريرهم لكثير من نظائرها، مما صدر من سابقيه، ومنه على حد سواء.
فإذا كان عثمان وسواه عندهم فوق الشبهات، فلا يمكن أن يكون فوق الإسلام وفوق الدين الذي به يصول ويطول، فليتحمسوا لدينهم وليتهموا الواضعين والكذابين بالافتراء على الخليفة الثالث، وعلى غيره ممن يودون ويحبون!!
أو فليقدموا تفسيراً معقولاً ومقبولاً لإقدام الخليفة على ما أقدم عليه، وما رضوا بنسبته إليه.
وأما تقييد العسقلاني والزرقاني بكون المراد: أنه جعله قبل الركوع دائماً([725]) فلا يحل المشكلة؛ فإنه بالإضافة إلى كونه خلاف ظاهر النص المنقول. لا يبرر الإقدام على هذا التصرف، ولو بهذا المقدار، فإن حلال محمد "صلى الله عليه وآله" حلال إلى يوم القيامة وحرامه كذلك.
5 ـ وأخيراً.. فيجب أن لا ننسى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يقدم فيها الخليفة على مثل ذلك، فلقد أقدم هو واللذان سبقاه، وتبعهم من جاء بعدهم من الأمويين وغيرهم على تغيير الكثير من أحكام الشرع، وحقائق الدين، أو تحريفها، وكان رأيهم كالشرع المتبع.
وقد ذكرنا بعض ما يرتبط بهذا الموضوع الخطر والهام في كتابنا: (الحياة السياسية للإمام الحسن"عليه السلام") في عهد الرسول والخلفاء الثلاثة بعده، فليراجعه من أراد.
اللعن رفض وإدانة:
وسواء ثبت لدينا: أن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" قد لعن رعلاً وذكواناً، وبني لحيان، ومضر الخ.. أم لا، فإن لعنه لبعض الناس ثابت لا ريب فيه.
وليس ذلك لأجل أن اللعن سلاح العاجز، الذي لا يجد حيلة للتعبير عن مشاعره الثائرة إلا ذلك، إذ إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن لينطلق في مواقفه كلها من حالة انفعالية طاغية، ومن اندفاع عاطفي غير مسؤول، بهدف التنفيس عن حقد دفين، وانسياقاً مع انفعالات طائشة.
وإنما يريد "صلى الله عليه وآله" أن يلقن الناس جميعاً عن طريق الشعور واللاشعور ويؤدبهم، ويعلمهم: أن الاعتداء على الأبرياء، والغدر، والخيانة، ونقض المواثيق والذمم، وكذلك جميع أشكال الانحراف وأنحائه،
إن كل ذلك مرفوض جملة وتفصيلاً، ولا بد من تربية الوجدان على الإحساس بقبحه ورذالته ليصبح النفور منه، والابتعاد عنه بصورة عفوية حالة طبيعية، وواقعية ذات جذور ممتدة في أعماق الإنسان، وفي صميم ذاته.
ولا بد من الإعلان بإدانة الانحراف، انطلاقاً من المثل والقيم الإلهية، بأسلوب اللعن، الذي هو طلب البعد عن ساحة القدس الإلهي.
فاللعن إذاً: أسلوب تربوي بناء، وليس موقفاً سلبياً عاجزاً ولا مهيناً.
ولأجل ذلك نجد القرآن الكريم لا يزال يؤكد على لزوم التبري من أعداء الله، والتولي لأوليـائه، ويعلن الله سبحانـه بلعن فئـات كثـيرة، كالكاذبين والظالمين، والبراءة منهم.
بل ويشير إلى وجود لاعنين آخرين، حيث قال سبحانه وهو يتحدث عن الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى: ?أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ?([726]).
وبعد ما تقدم، فلا يمكن لنا أن نصدق، أنه "صلى الله عليه وآله" قد لعن أحداً لا يستحق اللعن. وإلا، لكان "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لا ينطلق في تعامله ومواقفه من موقع المسؤولية والإنصاف، وإنما من موقع العاطفة والطيش والانفعال، وحاشاه. وذلك لو صح لوجدنا أنفسنا مضطرين لطرح التساؤلات الجدية حول عصمته "صلى الله عليه وآله"، لا سيما إذا كان لعناً لأحد المؤمنين، فإن لعن المؤمن كقتله، أو لاعن المسلم كقاتله، كما روي عنه "صلى الله عليه وآله" نفسه([727]).
ومن هنا فلا بد من رفض وعدم التصديق بالحديث الذي يقول: إن رجلين كلماه "صلى الله عليه وآله"، فأغضباه، فلعنهما وسبهما، فلما خرجا سألته عائشة عن ذلك.
فقال لها: أما علمت ما شارطت عليه ربي؟!
قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته، أو سببته، فاجعله له زكاة وأجراً.
زاد في لفظ آخر: أو جلدته.
وفي لفظ ثالث: إنما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر إلخ..
وثمة نصوص أخرى، فلتراجع في مصادرها([728]).
نعم، لا بد لنا من رفض أمثال هذه الأحاديث المزعومة لأنها تعني لنا:
1 ـ الطعن في عصمته "صلى الله عليه وآله".
2 ـ لقد كان على المسلمين والحالة هذه أن يتعرضوا له "صلى الله عليه وآله" ليلعنهم ويسبهم لتنزل عليهم الرحمات وتعمهم البركات، وكان يجب أن نراهم يتسابقون لذلك، ويحتالون له بلطائف الحيل، أم يعقل أن يكونوا قد زهدوا جميعاً بالأجر والثواب؟!
3 ـ لقد كان ينبغي أن يعتز الملعونون كأبي سفيان ومعاوية والحكم ومروان بهذه اللعنات، ويباهوا بها ويتفاخروا، ويعدوها من مآثرهم. ولكان من القبيح جداً أن يعيرهم بها المسلمون، ويتخذوها وسيلة للطعن عليهم، فلم يكن يصح من عليٍّ، ولا من عائشة، ولا من أبي ذر، ولا من سائر صحابة أمير المؤمنين "عليه السلام" تسجيل هذا الطعن على خصومهم في مختلف الموارد والمناسبات.
4 ـ تصويره "صلى الله عليه وآله" أنه إنسان طائش، يثور لأسباب تافهة، فيعصف ويعربد ويتفوه بما لا يليق، ثم يتراجع، ويهدأ، ويحاول إزالة الآثار السيئة لتصرفاته الصبيانية، ويلتمس لها المبررات.
5 ـ ولا ندري أية قيمة تبقى للأحاديث التي تصر وتؤكد على أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن لعاناً، ولا سباباً([729]).
6 ـ كما أنه لا يبقى معنى للحديث الذي يقول: إنه "صلى الله عليه وآله"، قال: "اللهم وما صليت من صلاة، فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة، فعلى من لعنت"([730]).
7 ـ وكيف نفسر أيضاً قوله "صلى الله عليه وآله": "من لعن شيئاً ليس له أهل رجعت اللعنة عليه"([731]).
السر الخفي:
والذي نفهمه: هو أن ثمة يداً تحاول التلاعب، وتعمل على اغتيال الحقيقة وتشويهها، بهدف تمييع مواقفه، وإفراغها من زخمها، وإبطال آثارها.
تلك المواقف، التي لعن فيها "صلى الله عليه وآله" بعض الشخصيات التي يهمهم أمرها، ويحترمونها، فعز عليهم ذلك، وآثروا أن يتلاعبوا بحديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل ورجحوا الطعن في توازنه "صلى الله عليه وآله"، وحكمته، ويقينه، ومتانة شخصيته، وحتى في عصمته، في سبيل حفظ أولئك الذين يحترمونهم ويقدسونهم من أن تمس شخصياتهم بأي سوء أو هوان.
وليس قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن: معاوية لا أشبع الله بطنه([732])،
ثم لعنه "صلى الله عليه وآله" للحكم بن أبي العاص، وما ولد([733])،
ولعنه الذين سبقوه إلى الماء في تبوك([734])،
والشجرة الملعونة في القرآن يعني بني أمية([735])،
وإخباره "صلى الله عليه وآله" أن الله سبحانه قد أمره بأن يلعن قريشاً مرتين، فلعنهم "صلى الله عليه وآله"([736])،
إلى غير ذلك من موارد لهج فيها "صلى الله عليه وآله" بلعن أولئك الذين يعزون عليهم،
نعم، ليس كل ذلك إلا الجرح الذي لا يندمل، والمصيبة التي لا عزاء لها إلا بضرب وإهانة شخص الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" ولو عن طريق التزوير الرخيص، والكذب الصراح حتى على الله ورسوله، والعياذ بالله.
ولا ندري بعد هذه الأكاذيب والأباطيل كيف يفسرون لعنه "صلى الله عليه وآله" لأولئك الذين تلبسوا ببعض العناوين الساقطة والمرفوضة إسلامياً كلعنه للمحتكر، وشارب الخمر، وساقيها وغيرهما، وآكل الربا، والذي يلبس لباس المرأة، والرجلة من النساء، ومن قطع السدر، والنائحة، والمستمعة، ومن هو مثل البهيمة، والواشمة، والمستوشمة، ومن جلس وسط الحلقة، ومن غيَّر منار الأرض.
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه، ويمكن مراجعة مادة (لعن) في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وكتاب الترغيب والترهيب، وأي كتاب حديثي آخر.
فإن الذي ذكرناه ما هو إلا غيض من فيض، وقطرة من بحر، وقد أتى العلامة الأميني "رحمه الله تعالى"، في كتابه القيم (الغدير) بشواهد كثيرة ومتنوعة لكثير مما يدخل في سياق ما ذكرناه، فليراجعه من أراد.
ما أسلم أحد، ولا أفلت:
لقد أشرنا فيما سبق إلى قول المقدسي: إن الذين دعا عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما أسلم أحد منهم، ولا أفلت([737]).
ونقول: لا ندري الوجه فيما ذكره، فإنهم يقولون: إنهم جاؤوه تائبين، مسلمين بعد ذلك، فترك الدعاء عليهم([738]).
كما أنهم يقولون في ضد ذلك: أن سبع مئة رجل من بني سليم قد اشتركوا في حرب الخندق([739])، وسيأتي ذلك إن شاء الله.
ومعنى ذلك هو أن إسلامهم قد تأخر مدة الشهر، التي يقال: إنها مدة دعائه "صلى الله عليه وآله" عليهم، أما في فتح مكة، فكانوا قد أسلموا، وكان منهم في جيش المسلمين تسع مئة أو ألف رجل([740]).
وبعد كل هذا كيف يصح قول المقدسي: ما أسلم أحد منهم، ولا أفلت؟!
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الثاني: سلمان الفارسي حراً ............................... 5 ـ 32
الفصل الثالث: ولادة الإمام الحسين × وبعض ما قيل حولها.. 33 ـ 59
الفصل الرابع: عبرة ومناسبة ................................... 59 ـ 84
الفصل الخامس: رجم اليهوديين حقيقة أم خيال؟! ............ 85 ـ 118
الفصل السادس: من متفرقات الاحداث .................... 119ـ 150
الباب الثالث: حتى بئر معونة
الفصل الأول: سريتان ناجحتان .............................153 ـ 168
الفصل الثاني: مأساة الرجيع: نصوص وآثار ................ 169 ـ 196
الفصل الثالث: حدث ونقد ................................ 197 ـ 224
الفصل الرابع: جثة خبيب .................................. 225 ـ 248
الباب الرابع: سرية بئر معونة
الفصل الأول: النصوص وتناقضاتها ........................ 251 ـ 284
الفصل الثاني: نقاط ضعف ................................. 285 ـ 328
الفصل الثالث: القنوت والدعاء على القبائل ................ 329 ـ 362
الفهارس .................................................. 363 ـ 375
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1;عنوان 7;1;عنوان7 Char Char Char Char Char Char Char;1;عنوان6 Char Char Char Char Char Char Char;1;عنوان4 Char Char Char Char Char Char;1;عنوان6 Char Char Char;1;عنوان6;1;عنوان7 Char Char Char Char;1"
الفصل الثاني: سلمان الفارسي حر
تذكير ضروري:.................................................................. PAGEREF _Toc103835554 \h 7
متى تحرر سلمان؟!.............................................................. PAGEREF _Toc103835555 \h 8
تاريخ غزوة الخندق:............................................................. PAGEREF _Toc103835556 \h 8
تاريخ الحرية:................................................................... PAGEREF _Toc103835557 \h 12
كتاب النبي ' في مفاداة سلمان:............................................. PAGEREF _Toc103835558 \h 13
تأملات في الكتاب:............................................................. PAGEREF _Toc103835559 \h 14
الرد على الشكوك المشار إليها:.............................................. PAGEREF _Toc103835560 \h 15
حديث الحرية بطريقة اخرى:................................................ PAGEREF _Toc103835561 \h 19
مناقشات لا بد منها:............................................................ PAGEREF _Toc103835562 \h 21
الرواية الأقرب إلى القبول:................................................... PAGEREF _Toc103835563 \h 22
النخلة التي غرسها عمر:...................................................... PAGEREF _Toc103835564 \h 22
دور خليسة في عتق سلمان:.................................................. PAGEREF _Toc103835565 \h 25
من الذي حرر سلمان؟......................................................... PAGEREF _Toc103835566 \h 27
أبو بكر وعتق سلمان:.......................................................... PAGEREF _Toc103835567 \h 30
لماذا يكذبون؟.................................................................... PAGEREF _Toc103835568 \h 31
الفصل الثالث: ولادة الإمام الحسين × وبعض ما قيل حوله
بـدايـة:............................................................................. PAGEREF _Toc103835571 \h 35
ولادة الإمام الحسين ×:........................................................ PAGEREF _Toc103835572 \h 35
الحلق، والعقيقة، والتسمية:................................................... PAGEREF _Toc103835573 \h 40
لا منافاة بين الروايات:........................................................ PAGEREF _Toc103835574 \h 41
اليافعي، وثقافته الواسعة:..................................................... PAGEREF _Toc103835575 \h 43
حملته أمه كرهاً:................................................................ PAGEREF _Toc103835576 \h 44
رواية أسماء:.................................................................... PAGEREF _Toc103835577 \h 45
التشريف والتكريم:............................................................. PAGEREF _Toc103835578 \h 48
إرضاع الحسين × بلبن قثم لا يصح:....................................... PAGEREF _Toc103835579 \h 49
أوهام لأبي نعيم:................................................................. PAGEREF _Toc103835580 \h 52
رواية أخرى لا تصح:......................................................... PAGEREF _Toc103835581 \h 53
اشتباهات حسابية:.............................................................. PAGEREF _Toc103835582 \h 55
الفصل الرابع: عبرة ومناسبة
بـدايـة:............................................................................. PAGEREF _Toc103835585 \h 61
1 ـ عبد الله بن عثمان:......................................................... PAGEREF _Toc103835586 \h 61
عبد الله بن عثمان سبط الرسول '!!............................. PAGEREF _Toc103835587 \h 62
سماه النبي '!......................................................... PAGEREF _Toc103835588 \h 62
وفاة عبد الله:........................................................... PAGEREF _Toc103835589 \h 63
دخول النبي ' قبر ابن عثمان:..................................... PAGEREF _Toc103835590 \h 64
ابن عثمان، حقيقة أم خيال؟........................................ PAGEREF _Toc103835591 \h 65
التناقض والاختلاف:................................................. PAGEREF _Toc103835592 \h 65
2 ـ زينب بنت خزيمة:......................................................... PAGEREF _Toc103835593 \h 66
تأييد قول الجرجاني:................................................. PAGEREF _Toc103835594 \h 67
من اشتباه الأسماء:................................................... PAGEREF _Toc103835595 \h 67
أسرعكن لحوقاً بي:................................................... PAGEREF _Toc103835596 \h 68
3 ـ فاطمة بنت أسد:............................................................ PAGEREF _Toc103835597 \h 69
التوازن والتكريم:..................................................... PAGEREF _Toc103835598 \h 73
4 ـ وفاة عمرة بنت مسعود (أم سعد):...................................... PAGEREF _Toc103835599 \h 78
5 ـ وفاة أبي سلمة:............................................................. PAGEREF _Toc103835600 \h 78
من حياة أبي سلمة:................................................... PAGEREF _Toc103835601 \h 81
هجرة أبي سلمة إلى الحبشة وإلى المدينة:........................ PAGEREF _Toc103835602 \h 82
أبو سلمة في حنين (!!).............................................. PAGEREF _Toc103835603 \h 83
نزول آية في أبي سلمة:.............................................. PAGEREF _Toc103835604 \h 84
الفصل الخامس: رجم اليهوديين حقيقة أم خيال؟!
اليهود والرجم في القرآن (!!)................................................ PAGEREF _Toc103835607 \h 87
نص الرواية:..................................................................... PAGEREF _Toc103835608 \h 88
مناقشة النص:................................................................... PAGEREF _Toc103835609 \h 99
سر الوضع والاختلاق:...................................................... PAGEREF _Toc103835610 \h 109
اليهود في آيات سورة المائدة:.............................................. PAGEREF _Toc103835611 \h 111
الفصل السادس: من متفرقات الاحداث
سرقة طعمة:................................................................... PAGEREF _Toc103835614 \h 121
نص الرواية:.................................................................. PAGEREF _Toc103835615 \h 121
مناقشة النص:................................................................. PAGEREF _Toc103835616 \h 130
الكلمة الأخيرة:................................................................ PAGEREF _Toc103835617 \h 139
الارتداد لماذا؟!................................................................ PAGEREF _Toc103835618 \h 139
ماذا يقطع في حد السرقة:................................................... PAGEREF _Toc103835619 \h 140
خسوف القمر:................................................................. PAGEREF _Toc103835620 \h 142
النبي ' يبعث بالأموال إلى مكة:.......................................... PAGEREF _Toc103835621 \h 143
أول وافد على رسول الله ':............................................... PAGEREF _Toc103835622 \h 145
وفد ضمام بن ثعلبة:.......................................................... PAGEREF _Toc103835623 \h 149
غدر مقيس بن حبابة:........................................................ PAGEREF _Toc103835624 \h 149
الباب الثالث: حتى بئر معونة
الفصل الأول: سريتان ناجحتان
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc103835633 \h 151
سرية أبي سلمة إلى قطن:................................................... PAGEREF _Toc103835634 \h 151
ملاحظات لا بد منها:........................................................ PAGEREF _Toc103835635 \h 151
إغتيال سفيان بن خالد:...................................................... PAGEREF _Toc103835636 \h 151
ملاحظات على ما تقدم:..................................................... PAGEREF _Toc103835637 \h 151
الفصل الثاني: مأساة الرجيع، نصوص وآثار
يوم الرجيع كما يرويه المؤرخون:........................................ PAGEREF _Toc103835640 \h 151
رأينا في الرواية:.............................................................. PAGEREF _Toc103835641 \h 151
تناقضات في روايات الرجيع:............................................. PAGEREF _Toc103835642 \h 151
الفصل الثالث: حدث ونقد
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc103835645 \h 151
سبب غزوة الرجيع:.......................................................... PAGEREF _Toc103835646 \h 151
جثة عاصم وما قيل حولها:................................................. PAGEREF _Toc103835647 \h 151
عاصم ليس قاتل عقبة:...................................................... PAGEREF _Toc103835648 \h 151
خبيب مع بني النجار:........................................................ PAGEREF _Toc103835649 \h 151
ابن طارق، ومعتب مع الأعداء:........................................... PAGEREF _Toc103835650 \h 151
تهافت عبارتي الواقدي وابن سعد:........................................ PAGEREF _Toc103835651 \h 151
من الذي اشترى خبيباً؟...................................................... PAGEREF _Toc103835652 \h 151
مناقشة البعض لقول الدمياطي وجوابها:................................. PAGEREF _Toc103835653 \h 151
دعوى نزول آيتين في هذه المناسبة:...................................... PAGEREF _Toc103835654 \h 151
دعاء خبيب:................................................................... PAGEREF _Toc103835655 \h 151
توجيهات لا تجدي:........................................................... PAGEREF _Toc103835656 \h 151
صلاة خبيب:.................................................................. PAGEREF _Toc103835657 \h 151
التشريع من غير النبي ':................................................... PAGEREF _Toc103835658 \h 151
متى أسر خبيب؟!............................................................. PAGEREF _Toc103835659 \h 151
بلاغ الرسالة:.................................................................. PAGEREF _Toc103835660 \h 151
معاوية لم يبلغ الحلم:......................................................... PAGEREF _Toc103835661 \h 151
1 ـ الأشعار المنحولة:............................................. PAGEREF _Toc103835662 \h 151
2 ـ خبيب هو الأهم:................................................ PAGEREF _Toc103835663 \h 151
3 ـ عاصم بن ثابت هو الأعظم أيضاً:......................... PAGEREF _Toc103835664 \h 151
الفصل الرابع: جثة خبيب
عمرو بن أمية وجثة خبيب:................................................ PAGEREF _Toc103835667 \h 151
نص الرواية:.................................................................. PAGEREF _Toc103835668 \h 151
دور الزبير والمقداد:......................................................... PAGEREF _Toc103835669 \h 151
تناقض الروايات:............................................................. PAGEREF _Toc103835670 \h 151
طريق جمع فاشل:............................................................ PAGEREF _Toc103835671 \h 151
عودة للتناقضات:............................................................. PAGEREF _Toc103835672 \h 151
آية الشراء:..................................................................... PAGEREF _Toc103835673 \h 151
الكشاف الليلي؛ والسحر الخارق:.......................................... PAGEREF _Toc103835674 \h 151
نبوءة وكهانة، وموتة السوء:............................................... PAGEREF _Toc103835675 \h 151
أين هي جثة ابن الدثنة؟...................................................... PAGEREF _Toc103835676 \h 151
طاقية الإخفاء لدى الأعرج الطائر:....................................... PAGEREF _Toc103835677 \h 151
تعمد المواجهة:................................................................ PAGEREF _Toc103835678 \h 151
طاقية الإخفاء مرة أخرى:.................................................. PAGEREF _Toc103835679 \h 151
بطل هنا.. ونعامة هناك:.................................................... PAGEREF _Toc103835680 \h 151
بطل يتحدث عن نفسه:...................................................... PAGEREF _Toc103835681 \h 151
يأس العاجز أم طاقية الإخفاء؟............................................. PAGEREF _Toc103835682 \h 151
فشدوا الوثاق:.................................................................. PAGEREF _Toc103835683 \h 151
تحذير النبي ' من الضمري:.............................................. PAGEREF _Toc103835684 \h 151
سبعون يهربون من واحد أم العكس؟!.................................... PAGEREF _Toc103835685 \h 151
ما هي الحقيقة إذاً؟............................................................ PAGEREF _Toc103835686 \h 151
الباب الرابع: سرية بئر معونة
الفصل الأول: النصوص وتناقضاته
نص الرواية:.................................................................. PAGEREF _Toc103835695 \h 151
نص آخر للطبراني:.......................................................... PAGEREF _Toc103835696 \h 151
نص ثالث لابن طاووس &:................................................ PAGEREF _Toc103835697 \h 151
وثمة نصوص أخرى:....................................................... PAGEREF _Toc103835698 \h 151
تناقض النصوص واختلافها:.................................... PAGEREF _Toc103835699 \h 151
ألف: تاريخ السرية:...................................... PAGEREF _Toc103835700 \h 151
ب: سبب إرسال السرية:................................ PAGEREF _Toc103835701 \h 151
ج ـ من هو أمير السرية؟................................ PAGEREF _Toc103835702 \h 151
د: عدد أفراد السرية:..................................... PAGEREF _Toc103835703 \h 151
هـ : لم يكن في السرية إلا أنصاري:.................. PAGEREF _Toc103835704 \h 151
و: من الذي قتل حرام بن ملحان؟..................... PAGEREF _Toc103835705 \h 151
ز: أين التقى المسلمون بالمشركين؟................... PAGEREF _Toc103835706 \h 151
ح: من هو قاتل عامر بن فهيرة؟...................... PAGEREF _Toc103835707 \h 151
ط: من كان في سرح القوم؟............................ PAGEREF _Toc103835708 \h 151
ي: الناجي من القتل:..................................... PAGEREF _Toc103835709 \h 151
ك: الذين رأوا الطير تحوم!!........................... PAGEREF _Toc103835710 \h 151
ل: من قتل العامريين؟................................... PAGEREF _Toc103835711 \h 151
م : مدة دعاء النبي ' على القبائل:.................... PAGEREF _Toc103835712 \h 151
ن : مصير ملاعب الأسنة:............................. PAGEREF _Toc103835713 \h 151
س: مصير عامر بن الطفيل:.......................... PAGEREF _Toc103835714 \h 151
ع : مكان موت عامر:................................... PAGEREF _Toc103835715 \h 151
الفصل الثاني: نقاط ضعف
بداية:............................................................................ PAGEREF _Toc103835718 \h 151
مكحول.. وتاريخ غزوة بئر معونة:....................................... PAGEREF _Toc103835719 \h 151
الرجيع.. وبئر معونة في وقت واحد:..................................... PAGEREF _Toc103835720 \h 151
بئر معونة سبب لغزوة بني النضير:...................................... PAGEREF _Toc103835721 \h 151
استدلال لا يصح:............................................................. PAGEREF _Toc103835722 \h 151
الأنصار في بئر معونة:..................................................... PAGEREF _Toc103835723 \h 151
حرام بن ملحان شهيداً:...................................................... PAGEREF _Toc103835724 \h 151
سعد بن أبي وقاص في بئر معونة:....................................... PAGEREF _Toc103835725 \h 151
ابن الصمة أحد الشهداء:..................................................... PAGEREF _Toc103835726 \h 151
أنس بن عباس السلمي في بئر معونة:.................................... PAGEREF _Toc103835727 \h 151
رُفع عامر بن فهيرة إلى السماء:........................................... PAGEREF _Toc103835728 \h 151
سر تعظيم عامر بن فهيرة:................................................. PAGEREF _Toc103835729 \h 151
تصحيح خطأ:................................................................. PAGEREF _Toc103835730 \h 151
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا:.............................. PAGEREF _Toc103835731 \h 151
التقدم بين يدي الله ورسوله:................................................ PAGEREF _Toc103835732 \h 151
آيات منسوخة!!............................................................... PAGEREF _Toc103835733 \h 151
بين العشرة.. والسبعين:...................................................... PAGEREF _Toc103835734 \h 151
وجه جمع غريب:............................................................ PAGEREF _Toc103835735 \h 151
الصورة الأقرب إلى القبول:................................................ PAGEREF _Toc103835736 \h 151
مقارنة لا يمكن تجاهلها...................................................... PAGEREF _Toc103835737 \h 151
الفصل الثالث: القنوت والدعاء على القبائل
القنوت والدعاء على القبائل:............................................... PAGEREF _Toc103835740 \h 151
حديث أبي هريرة في القنوت لا يصح:................................... PAGEREF _Toc103835741 \h 151
آية: {ليس لك من الأمر شيء}:.......................................... PAGEREF _Toc103835742 \h 151
التصرف المشين:............................................................. PAGEREF _Toc103835743 \h 151
رواية ابن مسعود، وما فيها:............................................... PAGEREF _Toc103835744 \h 151
جريمة الإحداث في الدين، والسكوت عليها:............................ PAGEREF _Toc103835745 \h 151
اللعن رفض وإدانة:.......................................................... PAGEREF _Toc103835746 \h 151
السر الخفي:.................................................................... PAGEREF _Toc103835747 \h 151
ما أسلم أحد، ولا أفلت:...................................................... PAGEREF _Toc103835748 \h 151
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي............................................. PAGEREF _Toc103835752 \h 151
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc103835753 \h 151
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الثقات: ج1 ص257 وتاريخ الخميس ج1 ص352 و468.
([2]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص53 وتاريخ الأمم والملوك للطبري طبع الإستقامة ج2 ص233 والكامل في التاريخ، ج2 ص178 وتاريخ الخميس ج1 ص179 والمحبر ص113وفتوح البلدان ج1 ص23.
وليراجع: صفة الصفوة ج1 ص455 ـ 459 ومختصر التاريخ لابن الكازروني ص42 والسيرة الحلبية ج2 ص328، وشذرات الذهب ج1 ص11 والتنبيه والإشراف ص115 والبدء والتاريخ ج4 ص216. وليراجع أيضاً: مغازي الواقدي ج2 ص440 و441 والمصنف للصنعاني ج5 ص67 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص47 وج 4 قسم 1 ص60 وتاريخ بغداد ج1 ص170، وأنساب الأشراف ج1 (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ص343.
([3]) مجمع الزوائد ج9 ص345 وتهذيب الكمال ج10 ص31 والجامع لابن أبي زيد القيرواني ص279 وراجع: فتح الباري ج7 ص302 والمحبر ص113 وعنوان المعارف في ذكر الخلائف ص12 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص76 وشرح صحيح مسلم للنووي، ج8 ص64 ونقله في وفاء الوفاء ج1 ص300 وفي تاريخ ابن الوردي ج1 ص160 عن النووي في الروضة، وأصر عليه في العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص29 و33 وصحيح البخاري ج3 ص20.
([4]) تاريخ الخميس ج1 ص480 والمواهب اللدنية ج1 ص110.
([5]) شرح صحيح مسلم للنووي، بهامش إرشاد الساري ج10 ص226 وفتح الباري ج8 ص360.
([6]) تهذيب الكمال ج10 ص27 ـ 30 ومستدرك الحاكم ج3 ص421 وراجع: شذرات الذهب ج1 ص54 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص449.
([7]) مجمع الزوائد ج9 ص345 عن زيد نفسه، وتهذيب التهذيب ج3 ص399 والثقات ج3 ص136 وصفة الصفوة ج1 وسير أعلام النبلاء ج2 ص427 ـ 428 وتهذيب الكمال ج10 ص25 ـ 27 وتهذيب الأسماء ج1 ص200 ـ 201 والإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص551 وشذرات الذهب ج1 ص54 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص449.
([8]) تهذيب الكمال ج10 ص30 و31 ومستدرك الحاكم ج3 ص421 وتذكرة الحفاظ ج1 ص30 وشذرات الذهب ج1 ص54 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص449 وراجع: تهذيب التهذيب ج3 ص399 عن الواقدي.
([9]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص446 ومجمع الزوائد ج9 ص345 وتهذيب الكمال ج10 ص31.
([10]) تهذيب الكمال ج10 ص30 و31 ومستدرك الحاكم ج3 ص421 ومجمع الزوائد ج9 ص345.
([11]) مجمع الزوائد ج9 ص345 وتهذيب الكمال ج10 ص31 وتقدمت طائفة من المصادر.
([12]) سير أعلام النبلاء ج2 ص432 وفي هامشه عن الطبراني، وتهذيب الكمال ج10 ص29 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص449.
([13]) سير أعلام النبلاء ج2 ص433 ومستدرك الحاكم ج3 ص421 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص449 وتهذيب الكمال ج10 ص30.
([14]) الإصابة ج1 ص561.
([15]) مجمع الزوائد ج9 ص345 وتهذيب الكمال ج10 ص31.
([16]) صفة الصفوة ج1 ص704 و 705.
([17]) راجع: فتح الباري ج7 ص302 وشرح صحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج8 ص64 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص29 و33 وتاريخ الخميس ج1 ص480.
وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص110 وصحيح البخاري (طبع سنة 1309 هـ) ج3 ص20 فإنه نقل في عنوان الباب عن موسى بن عقبة: أن الخندق كانت سنة أربع.
([18]) سنن ابن ماجة ج2 ص850 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج2 ص17، وصحيح البخاري ج3 ص20 وج 2 ص69، وصحيح مسلم ج6 ص30، والمصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج5 ص310 ـ 311 وطبقات ابن سعد ج4 ص105 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص343 و 344 بإضافة كلمة: واشف منها، والمواهب اللدنية ج1 ص110 وراجع نسب قريش ص350.
([19]) راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص603، 604 وغيره، وستأتي رواية أخرى تدل على أنه كان هو المشير بدعوة أبي بكر إلى الإسلام.
([20]) راجع: نفس الرحمن ص20، وهو ظاهر إن لم يكن صريح الرواية التي ذكرها ص5، 6 واعتبرها أصح الروايات، وهي موجودة في إكمال الدين ص162 ـ 165 وفي روضة الواعظين ص275 ـ 278 والبحار ج22 ص355 ـ 359 والدرجات الرفيعة ص203 ونقلها النوري أيضاً عن الدر النظيم، وعن قصص الأنبياء للراوندي وعن الحسين بن حمدان.
([21]) نفس الرحمن ص20.
([22]) ذكر أخبار أصفهان ج1 ص52، وتاريخ بغداد ج1 ص170 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص199 ومجموعة الوثائق السياسية ص328 عن الأولين وعن جامع الآثار في مولد المختار لشمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي وطبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص226 ـ 227 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص20 ـ 21 عن تاريخ كزيده ومكاتيب الرسول ج2 ص409 عن أكثر من تقدم، وقال: "وأوعز إليه في البحار عن الخرائج".
([23]) تاريخ بغداد ج1 ص170.
([24]) مكاتيب الرسول ج2 ص410.
([25]) المصدر السابق.
([26]) الإستيعاب ج2 ص58 بهامش الإصابة. وراجع الإصابة ج2 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص35 والبحار ج22 ص390 وتهذيب التهذيب ج4 ص139 والدرجات الرفيعة ص206 ونفس الرحمن ص20.
([27]) راجع: سليم بن قيس ص52 ونفس الرحمن ص20 عنه.
([28]) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص215 وراجع ج18 ص35 وذكر أخبار أصبهان ج1 ص48 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص58 وقاموس الرجال ج4 ص424 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص614.
([29]) راجع: نفس الرحمن ص20 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص566.
([30]) راجع: البحار ج22 ص358 وإكمال الدين ج1 ص164 و 165 وروضة الواعظين ص276 ـ 278 والدرجات الرفيعة ص203 عن إكمال الدين، ونفس الرحمن ص6 و 22 عن الحسين بن حمدان وص5 وصححها عن إكمال الدين، وعن الراوندي في قصص الأنبياء، وعن روضة الواعظين، وعن الدر النظيم.
([31]) الأوقية: وزن أربعين درهماً.
([32]) راجع: الثقات ج1 ص256 و 257 وتاريخ الخميس ج1 ص468 وحلية الأولياء ج1 ص195 وتاريخ بغداد ج1 ص169 وراجع 163 و164 وطبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص209 ـ 223 ودلائل النبوة لأبي نعيم (طبع ليدن) ص213 ـ 219 وسيرة ابن هشام ج1 ص228 ـ 236 وأسد الغابة ج2 ص330 وطبقات ابن سعد ج4 ص197 ـ 199 عن أبي يعلى والمصنف للصنعاني ج8 ص418 و 420 وتهذيب الأسماء ج1 ص227 ومجمع الزوائد ج9 ص335 و 337 و 340 وقاموس الرجال ج4 ص427 و 428 وأنساب الأشراف (سيرة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص486 و 487 البحار ج22 ص265 و 367 و 390 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص35 و 39 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص57 وصفة الصفوة ج1 ص352 و 533 عن أحمد وفي هامشه عن ابن هشام وعن الطبراني في الكبير وعن الخصائص للسيوطي ج1 = = ص48 عن دلائل البيهقي ونفس الرحمن ص2 ـ 6 عن قصص الأنبياء للراوندي وعن المنتقى للكازروني وعن السيرة الحلبية، وعن سيرة ابن هشام وراجع مسند أحمد ج5 ص438 و 439 و 440 و 441 و 444.
([33]) طبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص215.
([34]) نفس الرحمن ص21 والبحار ج22 ص367 والخرايج والجرايح ج1 ص144 وذكر غرس النوى في حديث آخر، فراجع: روضة الواعظين ص278 والبحار ج22 ص358 وإكمال الدين ص165 والدرجات الرفيعة ص203 ونفس الرحمن ص6 عن بعض من تقدم وعن قصص الأنبياء للراوندي، وعن الحسين بن حمدان وعن الدر النظيم.
([35]) مجمع الزوائد ج9 ص337 عن أحمد، والبزار، ورجاله رجال الصحيح، وتاريخ= = الخمس ج1 ص468 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص35 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص58 وقاموس الرجال ج4 ص227 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص198 و 199 وشرح الشفاء لملا علي القاري ج1 ص384 ومزيل الخفاء، في شرح ألفاظ الشفاء (مطبوع بهامش الشفاء نفسه) ج1 ص332 والبحار ج22 ص390، والدرجات الرفيعة ص205 ونفس الرحمن ص16.
([36]) طبقات ابن سعد ج4 قسم 1 ص57 و 58 وشرح الشفاء للقاري ج1 ص384 عن البخاري، ومزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء (مطبوع بهامش الشفاء) ج1 ص332 عن البخاري في غير صحيحه، ونفس الرحمن ص16 ومسند أحمد ج5 ص440.
([37]) الشفاء ج1 ص332.
([38]) شرح الشفاء، لملا علي القاري ج1 ص384 ومزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء (مطبوع بهامش الشفاء) ج1 ص332.
([39]) نفس الرحمن ص16.
([40]) راجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص291 طبع الإستقامة.
([41]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469 وأسد الغابة ج5 ص440 والإصابة ج4 ص286 عن ابن مندة، وقالوا أخرجه أبو موسى في الأحاديث الطوال ونفس الرحمن ص22 عن المنتقى وأشار إلى ذلك في تهذيب التهذيب ج4 ص138 ـ 139 عن العسكري.
([42]) قد يقال بعدم وجود أرقاء مسلمين في أيدي غير مسلمين، ولكن يرد عليه: أن خليسة قد أسلمت حسب نص الرواية فلماذا يوجب عتقه عليها؟!
([43]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469.
([44]) رجال ابن داود ص175 وخلاصة الأقوال للعلامة الحلي ص41 والفهرست للشيخ الطوسي ص158 وتاريخ الأمم والملوك طبع الإستقامة ج2 ص419.
وراجع المصادر التالية: ذكر أخبار إصبهان ج1 ص54 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص34 ومصـابيح الأنـوار ج1 ص356 عن القرطبي، والإستيعـاب بهامش الإصابة ج2 ص57 وقاموس الرجال ج4 ص433 عنه، والبحار ج22 ص390 وحلية الأولياء ج1 ص195 ونفس الرحمن ص20 و21 عن بعض من تقدم، والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص171.
([45]) مجمع الزوائد ج9 ص337 عن أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح، وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص35. وشرح الشفاء لملا علي القاري ج1 ص384.
([46]) أنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص487 وقاموس الرجال ج4 ص429 عنه.
([47]) تاريخ بغداد ج1 ص164 و163.
([48]) الكامل ج4 ص14.
([49]) الإستيعاب، بهامش الإصابة ج2 ص57.
([50]) نفس الرحمن ص21.
([51]) الإحتجاج ج1 ص185 ونفس الرحمن ص21 عنه.
([52]) معرفة علوم الحديث ص198.
([53]) نفس الرحمن ص21 عن فضائل شاذان بن جبرائيل القمي.
([54]) روضة الواعظين ص281 ونفس الرحمن ص21 عنه.
([55]) روضة الواعظين ص278 والبحار ج22 ص358 والدرجات الرفيعة ص203 وإكمال الدين ص165. ورواه في نفس الرحمن ص6 عن بعض من تقدم، وعن قصص الأنبياء للراوندي وعن الحسين بن حمدان وعن الدر النظيم.
([56]) تاريخ الخميس ج1 ص469 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص199 عن البيهقي ونفس الرحمن ص21 عن المنتقى ومستدرك الحاكم ج3 ص599 ـ 602.
([57]) راجع: نفس الرحمن ص48 عن بعض الكتب المعتبرة وص 27 و 28 عن كتاب الكشكول فيما جرى على آل الرسول للعبيدلي.
([58]) راجع: ذكر أخبار أصبهان ج1 ص51 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص193 والبحار ج22 ص355 ـ 359، وإكمال الدين ص162 ـ 165 وروضة الواعظين ص275 ـ 278 والدرجات الرفيعة ص203 ونفس الرحمن ص5 ـ 6 عن بعض من تقدم وعن غيرهم.
([59]) الإختصاص ص222 والبحار ج22 ص347 وقاموس الرجال ج4 ص429 ونفس الرحمن ص4.
([60]) راجع: إعلام الورى ص215 ونور الأبصار ص125 والفصول المهمة، لابن الصباغ ص156 والإصابة ج1 ص332 والإستيعاب، بهامشه ج1 ص378، وأسد الغابة ج2 ص18 وذخائر العقبى ص118 وكفاية الطالب، وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص12 و23 و25 و288 و293 و295، وتاريخ بغداد ج1 ص141، وصفة الصفوة ج1 ص762 وروضة الواعظين ص153 ونظم درر السمطين ص194 وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص316 وكشف الغمة ج2 ص215 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج11 ص256 ـ 259 وج 19 ص181 و361 ـ 363 ومجمع الزوائد ج9 ص164 وتذكرة الخواص ص232، والإرشاد للمفيد ص218، والإتحاف بحب الأشراف ص40 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص160 وإسعاف الراغبين، بهامش نور الأبصار ص185 والبحار ج43 ص227 و250 و260 وسيرة المصطفى ص149 وتهذيب الأسماء ج1 ص163 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص76، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص555 والتنبيه والإشراف ص213 وبهجة المحافل ج1 ص230، وتاريخ الخميس ج1 ص417 و464 ومقاتل الطالبين ص78 وتهذيب التهذيب ج2 ص345 ومروج الذهب ج2 ص289 والجوهرة في نسب علي "عليه السلام" وآله ص38 ونسب قريش لمصعب ص40، ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص143 ونزل الأبرار ص148 وعمدة الطالب ص191 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص206 والكامل لابن الأثير ج2 ص176.
([61]) راجع: الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص378 وإعلام الورى ص215 والكافي ج2 ص385 وتاريخ الخميس ج1 ص464 ويفهم من قول ابن الخشاب، كما في كشف الغمة ج2 ص252.
([62]) تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص416 وذخائر العقبى ص118 والإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص378 وتاريخ الخميس ج1 ص417 و464 وفيه: بعد الحسن بستة عشر شهراً، وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص14 ومستدرك الحاكم ج3 ص177 وراجع: تاريخ ابن الوردي ج1 ص233.
([63]) أسد الغابة ج2 ص18 وراجع: المعارف لابن قتيبة ص158 وكشف الغمة ج2 ص266.
([64]) ذخائر العقبى ص118.
([65]) الإصابة ج1 ص332.
([66]) إعلام الورى ص215 وذخائر العقبى ص188 عن ابن الدارع، وتاريخ الخميس ج1 ص417 وإحقاق الحق ج11 ص259 وراجع: تفسير البرهان ج4 ص172 ـ 174 وتفسير نور الثقلين ج5 ص11 ـ 12 وفي نزل الأبرار ص148: وفي بعض الروايات ولد بعده بستة أشهر.
([67]) الكافي ج1 ص385، 386 والبحار ج43 ص247 و258.
([68]) تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص416 وذخائر العقبى ص120 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق ص25 وإحقاق الحق ج11 ص502.
([69]) البحار ج43 ص237.
([70]) الكامل في التاريخ ج2 ص166 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص537 والجوهرة في نسب علي وآله "عليهم السلام" ص38 ونور الأبصار ص125 وتذكرة الخواص ص232 والفصول المهمة لابن الصباغ ص156 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص230 والبدء والتاريخ ج5 ص75 وكشف الغمة ج2 ص215 وكفاية الطالب ص416 وذخائر العقبى ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص417 و464 وإحقاق الحق ج9 ص362 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق ص23 و295 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص143 ونزل الأبرار ص148 وعمدة الطالب ص191 وكتاب الجامع للقيرواني ص276.
([71]) تاريخ الخميس ج1 ص417، 464 وتهذيب دمشق ج4 ص416 وإحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص592 وج 9 ص361 ـ 363 وتهذيب التهذيب ج2 ص345 وأسد الغابة ج2 ص18 والإصابة ج1 ص332 والإستيعاب بهامشه ج1 ص378 والبحار ج43 ص247 و258، وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص13 و295 ومجمع الزوائد ج9 ص185 والمناقب لابن شهر آشوب = = ج3 ص398 والكافي ج1 ص385 و 386، وتهذيب الأسماء ج1 ص163 وكفاية الطالب ص417 ونظم درر السمطين ص194 وذخائر العقبى ص118 وتفسير نور الثقلين ج5 ص12 وعمدة الطالب ص191 وكتاب الجامع للقيرواني ص276.
([72]) المعارف ص158.
([73]) الإصابة ج1 ص332.
([74]) تاريخ الخميس ج1 ص417، لكن الرواية عن أسماء بنت عميس، مع أنها كانت في الحبشة، فلا بد أن تكون هي الأنصارية، وزيدت كلمة "بنت عميس" من قبل الرواة جرياً على ما هو المألوف عندهم، وتبعاً لما ارتكز في أذهانهم.. وراجع: إحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص259 عن عمدة الأخبار ص394.
([75]) راجع فيما تقدم كلاً أو بعضاً المصادر التالية: الفصول المهمة لابن الصباغ ص156 والبحار ج43 ص237 ـ 260 وأسد الغابة ج2 ص18 وروضة الواعظين ص155 ومستدرك الحاكم ج3 ص179 و180 وتلخيصه للذهبي بهامشه، ونور الأبصار ص125 وتذكرة الخواص ص232 والإرشاد للمفيد ص218 والإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص378 ونظم درر السمطين ص208 و194 والإتحاف بحب الأشراف ص40 وذخائر العقبى ص118 ـ 120 وكشف الـغمـة ج2 ص215 و216 وإعـلام الـورى ص215 وكفـاية = = الطالب ص417 ومجمع الزوائد ج9 ص185 عن الطبراني وتاريخ الخميس ج1 ص417 و418 وتهذيب تاريخ دمشق ج3 ص316 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص185 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ص11 ونزل الأبرار ص148 وذكر في تاريخ بغداد ج10 ص151 حديث أنه عق عن الحسنين كبشاً كبشاً وكذا في حلية الأولياء.
وراجع: سنن البيهقي ج9 ص299 و300 وراجع مشكل الآثار ج1 ص456، وراجع بقية المصادر في إحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص260 ـ 264 وج 19 ص182 وج 10 ص490 ـ 530 فقد نقل ذلك عن مصادر كثيرة.
([76]) الصواعق المحرقة ص190 وتاريخ الخلفاء ص188 والبحار ج43 ص252 عن المناقب، وبهجة المحافل ج1 ص196 وأسد الغابة ج1 ص18 وذخائر العقبى ص119 عن الدولابي، وتاريخ الخميس ج1 ص418 وإحقاق الحق ج10 ص488 ـ 491 وج 19 ص183 عن شرح ثلاثيات مسند أحمد ج2 ص557 وعن حلى الأيام ص218 ومصادر كثيرة أخرى.
([77]) راجع المصادر المتقدمة في الهامشين السابقين وغيرهما، وذخائر العقبى ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص418 والبحار ج43 ص240 و257.
([78]) راجع جميع المصادر في الهوامش المتقدمة وذخائر العقبى ص119 والبحار ج43 ص439 و257 وإحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص261، 262.
([79]) راجع المصادر في الهوامش المتقدمة، وذخائر العقبى ص119 والبحار ج43 ص340 و256 و257. وإحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص507 ـ 510 وسنن البيهقي ج9 ص299، وصرح في بعض رواياته بأمر النبي "صلى الله عليه وآله" لفاطمة بالحلق ومسند أحمد ج6 ص292 و290 و291.
([80]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص418 وسنن البيهقي ج9 ص299.
([81]) راجع: إحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص510 و508.
([82]) مرآة الجنان ج1 ص6 و7.
([83]) الآية 15 من سورة الأحقاف.
([84]) الكافي ج1 ص386 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص50 عن كتاب الأنوار وتفسير البرهان ج4 ص172 و 173 و 174 و البحار ج43 ص246 و 453 وكامل الزيارات ص55 ـ 57 ونور الثقلين ج5 ص11 ـ 14 عن عدة مصادر.
([85]) الدر المنثور ج6 ص37 عن ابن مردويه.
([86]) مسند أحمد ج1 ص57 والإتقان ج1 ص61 و 62 وراجع كتابنا: "حقائق هامة حول القرآن الكريم".
([87]) راجع: الإتقان ج1 ص35 و 36.
([88]) والرواية موجودة أيضاً في روضة الواعظين ص153 و 154 والنص فيه ظاهر فيما نقول؛ لأن ظاهرها أن بنت عميس تحدث عن امرأة أخرى اسمها أسماء.
وراجع: إعلام الورى ص218 وذخائر العقبى ص120 وتاريخ الخميس ج1 ص418 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج10 ص502 والبحار ج43 ص239 وعيون أخبار الرضا ج2 ص26.
([89]) تاريخ الخميس ج1 ص417.
([90]) روضة الواعظين ص153 وراجع البحار ج43 ص239.
([91]) تاريخ الخميس ج1 ص417.
([92]) البحار ج43 ص255 عن كشف الغمة.
([93]) البحار ج43 ص258 عن الكافي والوسائل ج3 ص35 وليلاحظ هامشه.
([94]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص164.
([95]) راجع: المناقب ج3 ص395.
([96]) راجع: تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص316 وتاريخ الخميس ج1 ص418، 419 عن الدولابي، والبغوي في معجمه وتذكرة الخواص ص232 وينابيع المودة ص221 و318 وسنن ابن ماجة ج2 ص1293 مع الترديد في الاسم وكفاية الطالب ص419 وذخائر العقبى ص121 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ص10 ومستدرك الحاكم ج3 ص180 وتلخيصه للذهبي والبداية والنهاية ج6 ص230 ومسند أحمد ج6 ص339 وفيه أنها كانت ترضع الحسن والحسين "عليهما السلام"، والإصابة ج4 ص484 وعمدة الطالب ص191.
([97]) مستدرك الحاكم ج3 ص176 وكشف الغمة ج2 ص219 وإعلام الورى ص218 ونور الأبصار ص126 والفصول المهمة لابن الصباغ ص158 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص159 والبداية والنهاية ج6 ص230 ومشكاة المصابيح ص572، وراجع: إحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص397 ـ 204 وج19 ص373 و374 ففيه مصادر أخرى والإرشاد للمفيد ص281 وكفاية الطالب ص418 والفتوح لابن أعثم ج4 ص211.
([98]) راجع: الكافي ج1 ص386، والمناقب لابن شهرآشوب ج3 ص50 وتفسير البرهان ج4 ص173 و174 وتفسير نور الثقلين ج5 ص14 وراجع: البحار ج43 ص254.
([99]) راجع: الكافي ج1 ص387، والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص50 والبحار ج43 ص245 و254 وتفسير نور الثقلين ج5 ص12 وتفسير البرهان ج4 ص173 وعلل الشرايع ص206.
([100]) البحار ج43 ص250.
([101]) راجع بالإضافة إلى ما قدمناه في المجلد السادس: روضة الواعظين ص154 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص70.
([102]) راجع فيما تقدم: تاريخ بغداد ج1 ص142 وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ص282.
([103]) مقاتل الطالبيين ص78.
([104]) مقاتل الطالبيين ص79 وراجع ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص281.
([105]) مقـاتـل الطالبيين ص79 وراجع الإستيعاب بهامش الإصـابـة ج1 ص382 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص279= = وفي هامشه عن الطبراني في المعجم الكبير وليس في رواية الطبراني ذكر للإمام الحسن "عليه السلام" وكذا في مجمع الزوائد ج9 ص198 عن الطبراني أيضاً.
([106]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص382.
([107]) مقاتل الطالبيين ص79.
([108]) راجع: المستدرك للحاكم ج3 ص169 والإصابة ج1 ص331 والإستيعاب بهامشها ج1 ص374 والبدء والتاريخ ج5 ص74 ونظم درر السمطين ص204 و205 وإعلام الورى ص206 والفصول المهمة لابن الصباغ ص151 ونور الأبصار ص123 والإرشاد للمفيد ص211 وروضة الواعظين ص168 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص29 والمعارف لابن قتيبة ص212 وكفاية الطالب ص415 وأسد الغابة ج2 ص14 وذخائر العقبى ص141 و 142 وتذكرة الخواص ص211 والكافي ج1 ص383 و384 وغير ذلك كثير، والبحار ج44 ص132 ـ 164 ومجمع الزوائد ج9 ص179.
([109]) راجع: البحار ج47 ص1 حتى ص11.
([110]) البدء والتاريخ ج6 ص12.
([111]) المصدر السابق ج5 ص75.
([112]) المصدر السابق ج5 ص74.
([113]) المصدر السابق ج5 ص75.
([114]) المصدر السابق ج5 ص75.
([115]) البدء والتاريخ ج6 ص20.
([116]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص160 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص293.
([117]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص233 وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص293.
([118]) كشف الغمة ج2 ص252.
([119]) الإرشاد ص218 و 283.
([120]) الإصابة ج3 ص67و راجع: تاريخ الخميس ج1 ص464، وأسد الغابة ج3 ص244 والبداية والنهاية ج4 ص89 وأنساب الأشراف ج1 ص401 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172 والكامل لابن الأثير ج2 ص176 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص555.
([121]) تاريخ الخميس ج1 ص464 وأسد الغابة ج5 ص456 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص300 والبداية والنهاية ج4 ص89 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص206 والكامل في التاريخ ج2 ص176.
([122]) تاريخ الخميس ج1 ص464 و275 وأسد الغابة ج5 ص456 والإصابة ج4 ص304 والإستيعاب بهامشه ج4 ص300 وبهجة المحافل ج1 ص231.
([123]) أسد الغابة ج3 ص224 عن ابن مندة وأبي نعيم.
([124]) راجع كتاب: تبرك الصحابة والتابعين للعلامة الشيخ علي الأحمدي.
([125]) أسد الغابة ج3 ص224 عن ابن مندة وأبي نعيم.
([126]) راجع: الإصابة ج3 ص67 والإستيعاب بهامشه ج4 ص299 وتاريخ الخميس ج1 ص275 وأسد الغابة ج3 ص224 وج 5 ص456.
([127]) الإصابة ج3 ص67.
([128]) تاريخ الخميس ج1 ص275 والإصابة ج4 ص304.
([129]) تاريخ الخميس ج1 ص464.
([130]) الإصابة ج4 ص304 والإستيعاب بهامشها ج4 ص400 وأسد الغابة ج5 ص456 وتاريخ الخميس ج1 ص275 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص226 ط الإستقامة وأنساب الأشراف(قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ص401 والبداية والنهاية ج4 ص89 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172.
([131]) تاريخ الخميس ج1 ص275 والإصابة ج4 ص304 وأسد الغابة ج5 ص256 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص300.
([132]) تاريخ الخميس ج1 ص275 والإصابة ج4 ص304 وأسد الغابة ج5 ص256 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص300.
([133]) راجع في ما تقدم كلاً أو بعضاً: الإصابة ج4 ص315 و316 والإستيعاب بهامشه ج4 ص312 والبداية والنهاية ج4 ص90 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص173 و174 وقاموس الرجال ج10 ص445 وأسد الغابة ج5 ص466 و467 وتاريخ الخميس ج1 ص463 و417 وطبقات ابن سعد ج8 ص82 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص232 وأنساب الأشراف قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله" ص429، والسيرة الحلبية ج3 ص318 و319 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208 ومرآة الجنان ج1 ص7 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص545.
([134]) طبقات ابن سعد ج8 ص82 وقاموس الرجال ج10 ص445 عن البلاذري والسيرة الحلبية ج3 ص319 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ص429 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص173 والبداية والنهاية ج4 ص90 وتاريخ الخميس ج1 ص417 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208.
([135]) قاموس الرجال ج10 ص445.
([136]) أسد الغابة ج5 ص466 و 467 والإصابة ج4 ص415 و 416 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص232.
([137]) طبقات ابن سعد ج8 ص161 والإصابة ج4 ص380.
([138]) تذكرة الخواص ص10 وقاموس الرجال ج11 ص7 عنه وراجع: تفسير البرهان ج4 ص326 و 327 ومقاتل الطالبيين ص10.
([139]) تذكرة الخواص ص10.
([140]) راجع: تفسير البرهان ج4 ص326 و 327 وتذكرة الخواص ص10 والكافي ج1 ص377.
([141]) مقاتل الطالبيين ص9 وتفسير البرهان ج4 ص327 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص14.
([142]) مقاتل الطالبيين ص8 والكافي ج1 ص377.
([143]) راجع ما تقدم في المصادر التالية: مقاتل الطالبيين ص8 و9 وقاموس الرجال ج11 ص6 و7 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص382 والإصابة ج4 ص380 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358، 359 وأسد الغابة ج5 ص517 وتذكرة الخواص ص10 والكافي ج1 ص377 والإرشاد للمفيد ص10 وإعلام الورى ص153 وتاريخ الخميس ج1 ص468 ووفاء الوفاء المجلد الثاني ص897 و 898 و 899 وبهجة المحافل ج1 ص231 و 232 وراجع: الفصول المهمة للمالكي ص13 و14.
([144]) راجع: الكافي ج1 ص377 وقاموس الرجال ج11 ص6 عنه وراجع: وفاء الوفاء المجلد الثاني ص898.
([145]) المصدران السابقان.
([146]) وفاء الوفاء المجلد الثاني ص897.
([147]) الإرشاد ص211 وراجع: ص213 وإعلام الورى ص206 وراجع: ص212.
([148]) مقاتل الطالبيين ص10 والبرهان ج4 ص327 عنه.
([149]) راجع: أسد الغابة ج5 ص517 والإصابة ج4 ص380 وراجع الإستيعاب بهامشها ج4 ص382 وتاريخ الخميس ج1 ص468 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358.
([150]) الإصابة ج4 ص481 وأسد الغابة ص519.
([151]) الآية 7 من سورة الحشر.
([152]) الآية 59 من سورة النساء.
([153]) راجع: نقش الخواتيم لدى الأئمة الاثني عشر ص10 و 11 للمؤلف.
([154]) الكافي ج2 ص457 والوسائل ج18 ص135.
([155]) علل الشرايع ص279 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص103 والإستبصار ج1 ص62، 63 والتهذيب ج1 ص61 والكافي ج1 ص30 والوسائل ج1 ص391 وج 2 ص980.
([156]) راجع: الكافي ج1 ص33 والتهذيب ج1 ص363 والإستبصار ج1 ص77، 78 وأطائب الكلم في بيان صلة الرحم للكركي ص20 والوسائل ج1 ص327.
([157]) الآية 20 من سورة الحديد.
([158]) الآية 64 من سورة العنكبوت.
([159]) راجع: طبقات ابن سعد ج8 ص330 و 331 والإصابة ج4 ص367 وتاريخ الخميس ج1 ص469 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص210.
([160]) راجع: أسد الغابة ج3 ص195 والإصابة ج2 ص335 والإستيعاب بهامشها ج2 ص338 والبداية والنهاية ج4 ص90 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172 وذخائر العقبى وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص209.
([161]) الإصابة ج2 ص335 والإستيعاب بهامشها ج2 ص138، 338 وأسد الغابة ج3 ص196 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص209.
([162]) المعبلة بكسر الميم: نصل طويل عريض.
([163]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص171 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص450 وتهذيب الأسماء واللغات قسم اللغات ج2 ص240 وذخائر العقبى ص253، 254 والإصابة ج2 ص335 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص174 والبداية والنهاية ج4 ص62 و90 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص209.
([164]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص350 عن المنتقى، والمواهب اللدنية وأسد الغابة ج3 ص196 عن مصعب الزبيري وأنساب الأشراف ج1 (سيرة النبي "صلى الله عليه وآله") ص429 والبداية والنهاية ج4 ص90 و 62 والسيرة النبوية لابن كثيرة ج3 ص174 و 122 والمغازي للواقدي ج1 ص343 والإصابة ج2 ص335 عن ابن سعد وأبي بكر، زنجويه، ثم قال: "..وبه قـال الجمهور، كابن أبي خيثمة، ويعقوب بن سفيان، وابن البرقي، والطبري وآخرون".
([165]) أسد الغابة ج3 ص196 وتاريخ الخميس ج1 ص450 عن الصفوة، والإصابة ج2 ص335 عن أبي عمر، والإستيعاب بهامشه ج4 ص82 وج 2 ص338.
([166]) أسد الغابة ج3 ص196 و 197 والإصابة ج2 ص335 والإستيعاب بهامشه ج4 ص421 و 422 ذكر زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بأم سلمة في شوال في السنة الثانية.
([167]) طبقات ابن سعد ج3 قسم1 ص172 وتاريخ الخميس ج1 ص450 وأسد الغابة ج3 ص196 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص209.
([168]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص172.
([169]) أسد الغابة ج3 ص196 وراجع: ذخائر العقبى ص254 وطبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص172.
([170]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص172 والمغازي للواقدي ج1 ص343.
([171]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص171.
([172]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص171.
([173]) أسد الغابة ج3 ص196 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص338.
([174]) ذخائر العقبى ص253 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص209 وثمة مصادر كثيرة أخرى تقدمت طائفة منها في الجزء الثالث من هذا الكتاب.
([175]) أسد الغابة ج3 ص196.
([176]) ذخائر العقبى ص253.
([177]) طبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص171.
([178]) أسد الغابة ج3 ص196 و 197.
([179]) أشار إلى هذين الإيرادين على ابن مندة في أسد الغابة ج3 ص197.
([180]) الآية 19 من سورة الحاقة.
([181]) راجع: أسد الغابة ج3 ص196، والتبيان ج10 ص100 وفيه: أبو سلمة بن عبد الأسود، وروى ذلك عن الفراء، والجامع لأحكام القرآن ج18 ص270، عن الضحاك، ومقاتل، والإصابة ج2 ص335 عن الأوائل لابن أبي عاصم، عن ابن عباس.
([182]) تفسير البرهان ج4 ص377 و 378 وراجع: تفسير الميزان ج19 ص402.
([183]) الآيات 41 ـ 45 من سورة المائدة.
([184]) تاريخ الخميس ج1 ص467 وراجع: عون المعبود ج12 ص131 عن القسطلاني، وشرح الموطأ للزرقاني ج5 ص80 والسيرة الحلبية ج2 ص117 أما الذهبي، فذكر ذلك في السنة الرابعة من دون تحديد الشهر فراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص210.
([185]) التنبيه والإشراف ص223.
([186]) نصب الراية ج3 ص326 وسنن أبي داود ج4 ص156 وعمدة القاري ج18 147 وفتح الباري ج12 ص151 و 152.
([187]) راجع في النصوص المختلفة لرواية ابن عمر، المصادر التالية: منحة المعبود ج1 ص301 ومسند الطيالسي ص253 و 254 وسنن ابن ماجة ج2 ص854 ومسند أحمد ج2 ص5 وأشار إلى ذلك بصورة مجملة أو مفصلة في ص7 و 62 و 63 و 76 و 126 و 280 وج 4 ص355 وج 5 ص91 و 97 و 94 و 104 وراجع: المسند للحميدي ج2 ص306 والجامع الصحيح ج4 ص43 والمنتقى ج2 ص706 وكنز العمال ج5 ص244 و 245 وعمدة القاري ج24 ص19 و 18 وج 23 ص294 والمصنف للصنعاني ج7 ص318 و 319 وجامع البيان ج6 ص103 و 163 و 152 و 156 و 157 والمغني ج10 ص129 و 130 والشرح الكبير بهامشه ج10 ص162 وعون المعبود ج12 ص138 ـ 145 والسيرة الحلبية ج2 ص116 و 117 والدر المنثور ج2 ص282 ونصب الراية ج3 ص326 عن الستة وعن ابن حبان في صحيحه وصحيح البخاري ج4 ص117 وراجع ص114 وج 3 ص74 وتاريخ الخميس ج1 ص467 وسنن الدارمي ج2 ص178 و 179 والسنن الكبرى ج8 ص246 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص58 وراجع: فتح الباري ج12 ص114 و 115 و 148 ـ 153 والموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج3 ص38 وسنن أبي داود ج4 ص153 وراجع: صحيح مسلم ج5 ص122 وأعلام الموقعين ج4 ص467 و 368 وفتح القدير ج2 ص44 وتفسير الخازن ج1 ص464 وفي ظلال القرآن ج2 ص894 .
([188]) القف ـ بالضم ـ : اسم واد بالمدينة. وفي بعض المصادر: الأسقف: بدل القف.
([189]) سنن أبي داود ج4 ص155 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص58، والجامع لأحكام القـرآن ج6 ص178 وعمـدة القـاري ج23 ص294 وفتح البـاري ج12 ص149.
([190]) محمم، أي مسود الوجه بالحمم، وهو ما أحرق من خشب ونحوه.
([191]) راجع الآيات 40 إلى 47 من سورة المائدة.
وراجع في الحديث: سنن البيهقي ج8 ص246 وسنن ابن ماجة ج2 ص855 والنص لهما وصحيح مسلم ج5 ص122 و 123 وسنن أبي داود ج4 ص154 والمنتقى من أخبار المصطفى ج2 ص706 و 707 ومسند أحمد ج4 ص286 وجامع البيان للطبري ج6 ص150 و 164.
وراجع: تفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص141 وتفسير القرآن ج2 ص59 والدر المنثور ج2 ص282 و 285 عن أحمد ومسلم وابن داود والنسائي، والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، وابن مردويه والجامع لأحكام القرآن ج6 ص177 وراجع: فتح الباري ج12 ص150.
([192]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص271 و 272 وكشف الأستار ج2 ص219 وسنن أبي داود ج4 ص156 وتفسير الخازن ج1 ص464 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص59 والدر المنثور ج2 ص282 و 283 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، وابن المنذر والحميدي في مسنده، وأبي داود وابن ماجة، وابن مردويه وتفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص177 وفتح الباري ج12 ص150.
([193]) الآية 15 من سورة المائدة.
([194]) راجع: تفسير البرهان ج1 ص472 و 473 وتفسير نور الثقلين ج1 ص522 ومجمع البيان ج3 ص193 وروي عن غيره نظيره فراجع: تفسير الخازن ج1 ص463 و 464 والسيرة الحلبية ج2 ص116 و 117 و 118.
وراجع: شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص80 و83 والتفسير الكبير ج11 ص232 و 233 وفتح القدير ج2 ص23 وتفسير النسفي بهامش الخازن ج1 ص465 وتفسير الطبري ج6 ص103 و 104 و 157 وتفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص142 وتفسير التبيان ج3 ص520.
([195]) مجمع الزوائد ج6 ص271 عن أحمد والطبراني ومسند أحمد ج1 ص261 وراجع: فتح الباري ج12 ص151.
([196]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص271 عن الطبراني وراجع تفسير جامع البيان للطبري ج6 ص153 وراجع الدر المنثور ج2 ص282 عن ابن جرير، والطبري، وابن مردويه، وراجع فتح الباري ج12 ص149.
([197]) الآية 44 من سورة المائدة.
([198]) الآية 41 من سورة المائدة.
راجع: كنز العمال ج5 ص245 ـ 247 والمصنف ج7 ص316 ـ 318 وليراجع: سنن أبي داود ج4 ص155 و 156 وأعلام الموقعين ج4 ص368 وفتح القدير ج2 ص43 وعن عبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل والسنن وابن إسحاق وابن المنذر وتفسير الطبري ج6 ص151 و 161.
وراجع: شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص81 وتفسير ابن كثير ج2 ص58 و 59 والدر المنثور ج2 ص282 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل وتفسير القرطبي ج6 ص178 وراجع: فتح الباري ج12 ص148.
([199]) راجع: كنز العمال ج5 ص245 ـ 247 والمصنف ج7 ص316 ـ 318 وليراجع سنن أبي داود ج4 ص155 و 156 وأعلام الموقعين ج4 ص368 وفتح القدير = = ج2 ص43 عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود وابن جـريـر وابـن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل والسنن وابن إسحاق وابن المنذر وتفسير الطبري ج6 ص151 و 161 وراجع: شرح الموطأ للزرقاني ج5 ص81 وتفسير ابن كثير ج2 ص58 و 59 والدر المنثور ج2 ص282 عن عبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل وتفسير القرطبي ج6 ص178 وراجع: فتح الباري ج12 ص156.
([200]) الآيات 41 و 43 من سورة المائدة.
([201]) راجع: السنن الكبرى ج8 ص246 و 247، وتفسير جامع البيان ج6 ص150 والسيرة الحلبية ج2 ص117 والدر المنثور ج2 عن 281 عن ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي وراجع: فتح الباري ج12 ص150 وراجع في النصوص المتقدمة: عمدة القاري ج23 وج 24 وفتح الباري ج12 ص148 ـ 155 وإرشاد الساري، وغير ذلك.
([202]) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص176.
([203]) فتح الباري ج12 ص150.
([204]) فتح الباري ج12 ص148 وتسمية المرأة ب "بسرة" ذكره السهيلي وغيره أيضاً فراجع: عمدة القاري ج18 ص147 وعون المعبود ج12 ص131 وكذا في جامع البيان للطبري أيضاً.
([205]) الآيات 41 ـ 43 من سورة المائدة.
([206]) الآية 42 من سورة المائدة.
([207]) راجع: فتح الباري ج12 ص153.
([208]) الآية 44 من سورة المائدة.
([209]) راجع: فتح الباري ج12 ص153.
([210]) راجع: فتح الباري ج12 ص153.
([211]) فتح الباري ج12 ص151 وراجع المصادر الآتية في الهامش التالي أيضاً.
([212]) الآية 49 من سورة المائدة.
([213]) فتح الباري ج12 ص152 وراجع: المغني لابن قدامة ج10 ص130 والشرح الكبير بهامشه ج10 ص162 و 163، وراجع أيضاً: عون المعبود ج12 ص133.
([214]) قد تحدثنا عن إصرار النبي "صلى الله عليه وآله" على مخالفة اليهود في الجزء الخامس من هذا الكتاب فراجع.
([215]) عمدة القاري ج23 ص291.
([216]) راجع: عون المعبود ج12 ص131.
([217]) راجع: الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وأبي عبيد في فضائله، والنحاس في ناسخه، والنسائي، وابن المنذر، والحاكم، وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، والترمذي، وحسنه، وسعيد بن منصور، وابن جرير.
([218]) الدر المنثور ج2 ص252 عمن تقدم، حيث صرحوا بتاريخ نزول السورة، وصرح بأنها نزلت دفعة واحدة كل من: أحمد، وعبد بن حميد، والطبراني، وابن جرير، ومحمد بن نصر في الصلاة، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي في شعب الإيمان.
([219]) إنتهى ملخصاً عن: البرهان ج1 ص472 وص473 و 478 وتفسير نور الثقلين ج1 ص523 و 524 وعون المعبود ج12، ص136 والدر المنثور ج2 ص281 و 283 و 284 و 285 و 287 و 288 و 290 عن أحمد، وأبي داود، وابن المنذر، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه وعبد بن حميد، وابن إسحاق، وابن أبي شيبة، والحاكم وصححه، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه وفتح القدير ج2 ص43 و 44 وتفسير القرطبي ج6 ص176 و 187 و 191 وتفسير ابـن كثير = = ج2 ص58 و 60 و 61 وتفسير القمي ج1 ص168 و 169 وتفسير التبيان ج3 ص521 و 524 و 525 و 518 والتفسير الحديث ج11 ص107 و 108 ومجمع البيان ج3 ص194 و 196 وفي ظلال القرآن ج2 ص894 وتفسير الرازي ج11 ص235 وج12 ص6 وتفسير الخازن ج1 ص468 وتفسير الطبري ج6 ص149 و 150 و 154 و 157 و 164 و 165 و 167 وتفسير النيسابوري بهامشه ج6 ص45 والكشاف ج1 ص633.
([220]) راجع المصادر السابقة.
([221]) الآية 93 من سورة آل عمران.
([222]) الآية 67 من سورة المائدة.
([223]) الآية 3 من سورة المائدة.
([224]) الآيات 41 ـ 43 من سورة المائدة.
([225]) كل ما تقدم ما هو إلا فقرات من الآيات 41 ـ 43 من سورة المائدة وقد سلفت.
([226]) راجع: ميزان الحكمة، حرف الكاف، مادة: كذب.
([227]) غرر الحكم ودرر الكلم.
([228]) راجع: بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج72 ص263، وراجع ج78 ص377 وميزان الحكمة حرف الكاف، مادة: كذب.
([229]) راجع: مفردات الراغب مادة السحت.
([230]) الآية 33 من سورة المائدة.
([231]) الدر المنثور ج2 ص216، عن ابن سعد عن محمود بن لبيد.
([232]) تاريخ الخميس ج1 ص449.
([233]) الصحيح: بالراء لا بالزاي.
([234]) الآيات 105 ـ 108 من سورة النساء.
([235]) الآية 112 من سورة النساء.
([236]) الآية 113 من سورة النساء.
([237]) تفسير القمي ج1 ص151 ـ 152 وعنه في تفسير الميزان ج5 ص89 و 90 وفي تفسير البرهان ج1 ص414 وفي تفسير نور الثقلين ج1 ص453 و 454 وراجع: مجمع البيان ج3 ص105 ولباب النقول ص78 و 79 والمصادر الآتية في آخر نقل هذه الروايات.
([238]) مجمع البيان ج3 ص105 وراجـع: التبيـان ج3 ص317 وتفسير الميزان ج5 ص90 ـ 92 وفتح القدير ج1 ص511 ـ 512 والروض الأنف ج2 ص292 = = و 293 والدر المنثور ج2 ص215 ـ 217 عن: الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن سعد والحاكم، وصححه، عن قتادة بن النعمان، وعن محمود بن لبيد.
([239]) لعل الصحيح: السمين.
([240]) راجع بالإضافة إلى مجمع البيان: الدر المنثور ج2 ص218 عن ابن جرير.
([241]) راجع: الدر المنثور ج2 ص218 عن ابن جرير، وابن المنذر، وسنيد، عن عكرمة، هذا بالإضافة إلى مجمع البيان.
([242]) راجع ما تقدم في: مجمع البيان ج3 ص105 والتبيان ج3 ص318.
([243]) تفسير الخازن ج1 ص400.
([244]) جوامع الجامع ص96.
([245]) الآية 105 من سورة النساء.
([246]) تفسير الميزان ج5 ص92 والدر المنثور ج2 ص217 عن ابن جرير.
([247]) التبيان ج3 ص317.
([248]) الآية 105 من سورة النساء.
([249]) الدر المنثور ج2 ص217 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم.
([250]) تفسير القرطبي ج5 ص376 وراجع ص379.
([251]) تفسير الخازن ج1 ص400.
([252]) الدر المنثور ج2 ص218 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي، ومهما يكن من أمر فإنك تجد الروايات المتقدمة وغيرها مما يختلف عنها بعض الاختلاف في: الدر المنثور ج2 ص215 ـ 219 عن الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، وابن أبي حاتم، وابن سعد، وأبي الشيخ وعبد بن حميد، وسنيد، وعبد الرزاق، وراجع: تنوير المقباس بهامش الدر المنثور ج1 ص289 ـ 293 وفيه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هم بضرب اليهودي.
وراجع: تفسير الكشاف ج1 ص561 ـ 565 وفيه: أنه هم بقطع يد اليهودي وفي هامشه عن تفسير الثعلبي وعن الواحدي، والترمذي والحاكم، والطبري وتفسير جامع البيان ج5 ص169 ـ 177 وغرائب القرآن بهامشه ج5 ص165 فما بعده، والجامع لأحكام القرآن ج5 ص375 عن: الترمذي، وعن الليث، والطبري، وذكر قصة موته يحيى بن سلام في تفسيره والقشيري كذلك، وزاد ذكر الردة، ثم قيل: كان زيد بن السمين ولبيد بن سهل يهوديين، وقيل: كان لبيد مسلماً الخ.. والتفسير الـكبـير ج11 ص32 ـ 42 وتفسير القـرآن العظيم ج1 ص550 ـ 552 ولباب النقـول ص78 ـ 80 وفي ظـلال القرآن ص751 و 752 و 759 = = والتبيـان ج3 ص316 وتفسير الخـازن ج1 ص400 ـ 402 عن البغوي وغيره، وبهجة المحافل ج1 ص230 و 231 وشرحه بهامشه، وتفسير النسفي، بهامش الخازن ج1 ص400 ـ 402 وأسباب النزول ص103 وجوامع الجامع ص96 وفتح القدير ج1 ص512 والتفسير الحديث ج9 ص161 وتاريخ الخميس ج1 ص449 وأنساب الأشراف ج1 (قسم سيرة النبي "صلى الله عليه وآله") ص277 و 278 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص171 وهامشها، والروض الأنف عن الطبري، والترمذي والكشي ويحيى بن سلام في تفسيره وأكثر التفاسير، وابن إسحاق وفيه إشارة إلى بعض وجوه الاختلاف عند ابن إسحاق وغيره.
([253]) تفسير الخازن ج1 ص401 والتفسير الكبير ج11 ص34 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص377 والتفسير الحديث ج9 ص163 وغرائب القرآن (مطبوع بهامش الطبري) ج5 ص167 وراجع: جامع البيان ج5 ص169.
([254]) مجمع البيان ج3 ص106.
([255]) الآيتان 112 و113 من سورة النساء.
([256]) الآية 108 من سورة النساء.
([257]) الآية 113 من سورة النساء.
([258]) الآية 65 من سورة الزمر.
([259]) التبيان ج3 ص316.
([260]) تفسير ابن كثير ج1 ص550 وراجع: تفسير النسفي بهامش الخازن ج1 ص400.
([261]) الكشاف ج1 ص562 وتفسير النسفي ج1 ص400 والتفسير الكبير للرازي ج11 ص33 وتفسير النيسابوري، بهامش جامع البيان ج5 ص166 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج5 ص376.
([262]) تفسير نور الثقلين ج1 ص453 والإحتجاج ج2 ص117.
([263]) السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص147 ـ 150 والبداية والنهاية ج3 ص224 ـ 226 ومكاتيب الرسول ج1 ص241 ـ 263 وراجع في الأقوال: ص184 وسنن البيهقي ج8 ص106.
([264]) الإتقان ج1 ص11.
([265]) راجع: الدر المنثور ج6 ص203 عن ابن مردويه وأبي يعلى، وابن المنذر.
([266]) الدر المنثور ج6 ص205 و 206 و 207 و 208 عن البخاري، وأبي داود في ناسخه والبيهقي في السنن والطبراني، وابن مردويه، وابن دريد في أماليه، وابن سعد، وابن إسحاق، وابن المنذر، وابن جرير، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
([267]) الدر المنثور ج6 ص208 عن ابن مردويه.
([268]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص43.
([269]) الدر المنثور ج6 ص209 عن ابن أبي حاتم.
([270]) الدر المنثور ج2 ص174 و 175 عن ابن مردويه، وابن جرير، وابن المنذر.
([271]) الإتقان ج1 ص12.
([272]) راجع: أسد الغابة ج5 ص316 والإصابة ج4 ص206 و 207 والإستيعاب بهامشها ج4 ص208 والبداية والنهاية ج8 ص102 وفتح الباري ج6 ص31 وج 7 ص377 و378 وشيخ المضيرة أبو هريرة وسير أعلام النبلاء ج2 ص589 ومسند أحمد ج2 ص475 وعمدة القاري ج23 ص291.
([273]) الدر المنثور ج2 ص167 عن المصنف لابن أبي شيبة.
([274]) تفسير نور الثقلين ج1 ص454 و 455 عن روضة الكافي، والإحتجاج، وتفسير العياشي وتفسير البرهان ج1 ص414 وتفسير العياشي ج1 ص275.
([275]) بداية المجتهد ج2 ص447. والكوع: هو طرف الزند الذي يلي الإبهام، ومنه المثل: أحمق يمتخط بكوعه.
([276]) راجع: الفقه على المذاهب الأربعة ج5 ص159.
([277]) العثمانية ص91.
([278]) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج10 ص185.
([279]) كنز العمال ج5 ص316 عن مسند أبي يعلى، وحياة الصحابة ج2 ص464 عنه.
([280]) سنن الدارقطني ج3 ص186، وأخرجه ابن المنذر والنسائي. وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وأبي سعيد. وفي هامش سنن الدارقطني عن: ابن شبرمة وابن أبي ليلى والحسن البصري.
([281]) الإشتقاق ص272 ووفيات الأعيان (ط دار صادر) ج3 ص175.
([282]) مصنف عبد الرزاق ج10 ص185.
([283]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469 عن ابن حبان.
([284]) تاريخ الخميس ج1 ص470.
([285]) آثار الحرب في الفقه الإسلامي ص522 والمبسوط للسرخسي ج10 ص92 وراجع: الثقات ج1 ص261 عن شرح السير الكبير ج1 ص70.
([286]) التراتيب الإدارية ج1 ص390، 391 عن كنز العمال ج5 ص42 عن ابن عساكر.
([287]) الطبقات الكبرى (ط صادر) ج4 ص296 والتراتيب الإدارية ج1 ص225 وراجع: ص390، 391 عن ابن عساكر وعن كنز العمال ج5 ص42.
([288]) الآية 128 من سورة التوبة.
([289]) الآية 8 من سورة فاطر.
([290]) الآية 6 من سورة الكهف.
([291]) تاريخ الخميس ج1 ص470.
([292]) راجع: الجعفريات ص185 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص207 عنه ومستدرك الوسائل ج2 ص268 عن روضة الكافي.
([293]) الإصابة ج1 ص164.
([294]) الإصابة ج1 ص164.
([295]) تاريخ الخميس ج1 ص470 وراجع: الإصابة ج2 ص211.
([296]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص473، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص609 والكامل في التاريخ ج2 ص194 و92 و250.
([297]) قطن: جبل بناحية فيد كذا في المواهب اللدنية وفي غيره: ببلاد بني أسد على يمينك إذا فارقت الحجاز، وأنت صادر من النقرة، قال إسحاق: قطن: ماء من مياه بني أسد بنجد. راجع: تاريخ الخميس ج1 ص450 وعدداً من المصادر الآتية في الهامش التالي.
([298]) راجع فيما تقدم المصادر التالية: مغازي الواقدي ج1 ص341 ـ 346 وتاريخ الخميس ج1 ص450 والمحبر ص117 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص121، 122 والبداية والنهاية ج4 ص61 و 62 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ص374، 375 والمواهب اللدنية ج1 ص100 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص35 وسيرة مغلطاي ص51 والسيرة الحلبية ج3 ص164 و 165 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص254.
([299]) الطبقات ج2 قسم 1 ص35 ومغازي الواقدي ج1 ص341 والسيرة الحلبية ج1 ص164.
([300]) راجع: مغازي الواقدي وغيره مما تقدم، وأسد الغابة ج4 ص359 عن ابن إسحاق، والإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص448.
([301]) بطن عرنة: واد بعرفة، وليس من الموقف.
([302]) راجع قضية سفيان وابن أنيس إجمالاً أو تفصيلاً في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص450 و 451 ومغازي الواقدي ج2 ص531 ـ 533 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص267 والمحبر ص119 وزاد المعاد ج2 ص109 وأنساب الأشراف (قسم سيرة النبي "صلى الله عليه وآله") ص376 والمواهب اللدنية ج1 ص100 والسيرة الحلبية ج3 ص164و 165 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص35 و 36 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص74 وسيرة مغلطاي ص51 و 52 والإصابة ج2 ص279 عن أبي داود وغيره والإكتفاء ج2 ص417 ـ 419 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص254 و 255.
([303]) مغازي الواقدي ص533 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص254 و 255 والسيرة الحلبية ج3 ص165.
([304]) السيرة الحلبية ج3 ص165.
([305]) المصدر السابق.
([306]) محمد في المدينة ص135.
([307]) راجع مغازي الواقدي ج2 ص843 و 844 و 845 و 846.
([308]) الآيات 203 ـ 206 من سورة البقرة.
([309]) راجع فيما تقدم: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص178 ـ 193 وراجع: الإكتفاء للكلاعي ج2 ص134 ـ 141 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص55 و 56 وج 8 ص302 والبدء والتاريخ ج4 ص209 ـ 211 وتاريخ الطبري (ط دار المعارف) ج2 ص538 ـ 542 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 القسم الثاني ص27 والبداية والنهاية ج4 ص62 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص375 والكامل في التاريخ ج2 ص167 ومغازي الواقدي ج1 ص354 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص158 وتاريخ الخميس ج1 ص454 ـ 458 وزاد المعاد ج2 ص109 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 و 256 والسيرة الحلبية لابن كثير ج3 ص123 والأغاني ج4 ص225 ـ 227 والمواهب اللدنية ج1 ص100 ـ 103 وقصة خبيب في الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص429 ـ 432 وحلية الأولياء ج1 ص113 والروض الأنف ج3 ص234 والاشتقاق ص442.
([310]) عضل (بفتحتين): بطن من بني الهون بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، ينسبون إلى عضل بن الديش.
والقارة (بتخفيف الراء): بطن من الهون أيضاً، وينسبون إلى الديش المذكور، والقارة: أكمة سوداء فيها حجارة كأنهم نزلوا عندها فسمعوا بها.
([311]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص62 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص375 والكامل في التاريخ ج2 ص167 ومغازي الواقدي ج1 ص354 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص158 وتاريخ الخميس ج1 ص33 = = وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 وتاريخ الطبري (ط دار المعارف) ج2 ص538 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص27 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص100 والتنبيه والإشراف ص212 وعمدة القاري ج17 ص166.
([312]) الإكتفاء للكلاعي ج2 ص134 وتاريخ الخميس ج2 ص454 عن ابن إسحاق وراجع: البدء والتاريخ ج4 ص209 وفتح الباري ج7 ص290 والإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص429 وبهجة المحافل ج1 ص217 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص100 عن ابن إسحاق والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 قسم 2 ص27 وكتاب الجامع للقيرواني ص278 وعمدة القاري ج17 ص166 عن ابن التين.
([313]) أسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج2 ص115 ومسند أحمد ج2 ص294 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112.
([314]) راجع: المصادر المتقدمة في الهوامش السابقة.
([315]) راجع: المصادر المتقدمة في الهوامش السابقة.
([316]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص357 والسيرة الحلبية ج3 ص166 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 ص37 و 56 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص131 والبداية والنهاية ج4 ص67 وتاريخ الخميس ج1 ص456.
([317]) راجع: كنز العمال ج10 ص371 و 372 عن الطبراني، وأبي عوانة وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص195 و 196.
([318]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 ومغازي الواقدي ج1 ص354 وفتح الباري ج7 ص291 وعمدة القاري ج17 ص167 و 168.
([319]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وعمدة القاري ج17 ص168.
([320]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص165 و 166 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وراجع: زاد المعاد ج2 ص109 عن موسى بن عقبة، والبداية والنهاية ج4 ص62 و 63 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 و 125 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 و 189 وبهجة المحافل ج1 ص218 وفتح الباري ج7 ص291 وحلية الأولياء ج1 ص112 وصفة الصفوة ج1 ص619 وصحيح البخاري ج2 ص114 وج 3 ص18 وأسد الغابة ج2 ص103 ومسند أحمد ج2 ص284 و 310 وتاريخ الخميس ج1 ص451 وراجع: شرح السير الكبير ج10 ص387.
([321]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص70.
([322]) شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص218 عن تفسير البغوي.
([323]) التنبيه والإشراف ص212.
([324]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص55 وج 3 ص455 ومغازي الواقدي ج1 ص355 وص 357 وشرح بهجة المحافل ج1 ص218 وتاريخ الخميس ج1 ص454 وفتح الباري ج7 ص291.
([325]) طبقات ابن سعد ج4 قسم 1 ص33.
([326]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وراجع: فتح الباري ج7 ص291.
([327]) راجع: صحيح البخاري ج2 ص114 وج 4 ص177 ومسند أحمد ج2 ص294 والأغاني ج4 ص228 والروض الأنف ج3 ص233 عن البخاري وتـاريـخ = = الخميس ج1 ص454 وفتح الباري ج7 ص291 والإصابة ج1 ص418 وأسد الغابة ج2 ص103 وزاد المعاد ج2 ص291 وطبقات ابن سعد ج2 ص55 وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص125 و 126 والبداية والنهاية ج4 ص63 و 64 وتاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي ج1 ص187 ومغازي الواقدي ج1 ص355 وبهجة المحافل ج1 ص218 والسيرة الحلبية ج3 ص165.
([328]) طبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص55 وصفة الصفوة ج1 ص619 وحلية الأولياء ج1 ص112 وهامش كتاب الجامع للقيرواني ص278 عن البخاري وعمدة القاري ج17 ص166 و167.
([329]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص27 وزاد المعاد ج2 ص109 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص70 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 ص55 والإكتفاء ج2 ص134 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص179 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص158 وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص538 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص126 والبداية والنهاية ج4 ص63 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص189 قسم المغازي، ومغازي الواقدي ج1 ص355 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص375 وراجع: السيرة الحلبية ج1 ص165 بلفظ قيل، وكذا لدى بعض من تقدم، وتاريخ الخميس ج1 ص454 وفتح الباري ج7 ص291 والمواهب اللدنية ج1 ص100 عن ابن إسحاق وعمدة القاري ج17 ص166 و 168.
([330]) طبقات ابن سعد ج2 ص55 وتاريخ الأمم والملوك للطبري (ط دار المعارف) ج2 ص540 والكامل في التاريخ ج2 ص167 والبداية والنهاية ج4 ص62 ـ 64 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 و 125 و 126 وتاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي ج1 ص187 ومغازي الواقدي ج1 ص355 بلفظ: يقال، وكذا في أنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص375 والسيرة الحلبية ج3 ص165 و 170 و 171 وتاريخ الخميس ج1 ص454 و455 وصححه ورجحه السهيلي، فراجع: فتح الباري ج7 ص291 والإصابة ج1 ص418 وأسد الغابة ج1 ص103 وصحيح البخاري ج2 ص114 وج 3 ص18 ومسند أحمد ج2 ص284 و 310 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112 والأغاني ج4 ص228 والمواهب اللدنية ج1 ص100 و 101 عن الصحيح، والتنبيه والإشراف ص212.
([331]) طبقات ابن سعد ج4 قسم 1 ص33.
([332]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص166 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص218 وتاريخ الخميس ج1 ص455 وفتح الباري ج7 ص292 وراجع: أسد الغابة ج2 ص103 وصحيح البخاري ج2 ص114 وراجع: ج3 ص18 ومسند أحمد ج2 ص284 و 310 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112 والأغاني ج4 ص228 والمواهب اللدنية ج1 ص101.
([333]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص185.
([334]) أنساب الأشراف ج1 ص375 (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله").
([335]) راجع: المواهب اللدنية ج1 ص101 وسائر المصادر المتقدمة وشرح السير الكبير ج10 ص388.
([336]) راجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص218 وراجع: تاريخ الخميس.
([337]) مغازي الواقدي ج1 ص356 وتاريخ الخميس ج1 ص455.
([338]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص455 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص218.
([339]) الكامل في التاريخ ج2 ص167 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 والبداية والنهاية ج4 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 وبهجة المحافل ج1 ص218 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 و 256 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص166 وسائر المصادر التي تقدمت حين الكلام عن اكتشاف أمر السرية بواسطة الامرأة الهذلية التي كانت ترعى غنماً.
([340]) راجع: المصادر المتقدمة.
([341]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255.
([342]) مغازي الواقدي ج1 ص355.
([343]) السيرة النبوية لابن كثير ج1 ص123 والبداية والنهاية ج4 ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 وبهجة المحافل ج1 ص218 وشرحه بهامش نفس الصفحة والسيرة الحلبية ج3 ص166 وتاريخ الخميس ج1 وج 3 ص118 وأسد الغابة ج2 ص103 وصحيح البخاري ج2 ص114 ص455 و 456 ومسند أحمد ج2 ص294 و 310 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص220 وراجع: التنبيه والإشراف ص212.
([344]) بهجة المحافل ج1 ص220 وتاريخ الخميس ج1 ص455.
([345]) تاريخ الخميس ج1 ص455 وحياة الحيوان ج1 ص297.
([346]) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والأغاني ج4 ص288 وفيهما: أنهم وهم يوثقون الأسرى جرحوا أحدهم، فاعتبر ذلك عبد الله بن طارق أول الغدر، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص166 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص256 وراجع: زاد المعاد ج2 ص109 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112 والكامل في التاريخ ج2 ص167 والبداية والنهاية ج4 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص187 وبهجة المحافل ج1 ص218 وتاريخ الخميس ج1 ص456 وأسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج2 ص114 و 115 وج3 ص18 ومسند أحمد ج2 ص294 و 310.
([347]) الظاهر أن الصحيح: ابن طارق.
([348]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص158.
([349]) مغازي الواقدي ج1 ص357.
([350]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256.
([351]) مغازي الواقدي ج1 ص357 وعمدة القاري ج17 ص100.
([352]) الإصابة ج1 ص418 و 419 والإستيعاب بهامشه ج1 ص431 وأسد الغابة ج2 ص104 وعمدة القاري ج17 ص100.
([353]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص431.
([354]) عمدة القاري ج17 ص100.
([355]) عمدة القاري ج17 ص100 و168 وصحيح البخاري ج3 ص18.
([356]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256.
([357]) مغازي الواقدي ج1 ص357 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص456 وعمدة القاري ج17 ص100.
([358]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255.
([359]) السيرة الحلبية ج3 ص66 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 وتاريخ الخميس ج1 ص456 وعمدة القاري ج17 ص166.
([360]) مغازي الواقدي ج1 ص357 وعمدة القاري ج17 ص100.
([361]) مغازي الواقدي ج2 ص357 وتاريخ الخميس ج1 ص456 وعمدة القاري ج17 ص100.
([362]) المصادر السابقة.
([363]) تاريخ الخميس ج1 ص456 والسيرة الحلبية ج3 ص166.
([364]) لعل هذا الاختلاف ناشئ من الخطأ والاشتباه في قراءة رسم الخط.
([365]) فتح الباري ج7 ص293 وعمدة القاري ج17 ص168 عن ابن بطال.
([366]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص431 وأسد الغابة ج2 ص104.
([367]) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والكامل لابن الأثير ج2 ص167 والبداية والنهاية ج4 ص63 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج1 ص188 والأغاني ج4 ص228.
([368]) راجع في القولين: مغازي الواقدي ج1 ص357 وراجع: ص361.
([369]) نسب قريش ص205.
([370]) الروض الأنف ج3 ص234.
([371]) جمهرة أنساب العرب ص116.
([372]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 والكامل في التاريخ ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124 والبداية والنهاية ج4 ص63 وتاريخ الإسلام للذهبي (قسم المغازي) ج1 ص188 وشرح بهجة المحافل ج1 ص219 والسيرة الحلبية ج3 ص167 وتاريخ الخميس ج1 ص456 وفتح الباري ج7 ص293 ونسب قريش ص205 والإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص430 وأسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج2 ص115 وج 3 ص19 ومسند أحمد ج2 ص294 و 310 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112 والأغاني ج4 ص228 والمواهب اللدنية ج1 ص101 وجمهرة أنساب العرب ص116.
([373]) راجع المصادر المتقدمة باستثناء: نسب قريش والإستيعاب وراجع أيضاً: عمدة القاري ج17 ص168.
([374]) فتح الباري ج7 ص294.
([375]) نسب قريش ص205.
([376]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص432 وراجع عمدة القاري ج17 ص168.
([377]) راجع المصادر الكثيرة المتقدمة لحديث إعطاء المرأة الحديدة لخبيب ثم درج ابنها فجلس في حجره، وذلك في الفقرة رقم ش
([378]) فتح الباري ج7 ص293 وعمدة القاري ج17 ص168.
([379]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص240 والأغاني ج4 ص228، وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص102 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124، 125 والبداية والنهاية ج4 ص63 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج1 ص188 وبهجة المحافل ج1 ص220 والسيرة الحلبية ج3 ص170 وتاريخ الخميس ج1 ص655 وأسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج5 ص115 وج 3 ص19 ومسند أحمد ج2 ص295 و 311.
([380]) أنساب الأشراف ج1 ص375 (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله").
([381]) الأغاني ج4 ص224.
([382]) تاريخ الخميس ج1 ص455.
([383]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص451 والسيرة الحلبية ج3 ص165، 166 وزاد المعاد ج2 ص109 والبداية والنهاية ج4 ص62 و63 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 و125 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج1 ص187 و189 وبهجة المحافل ج1 ص218 وفتح الباري ج7 ص291 وحلية الأولياء ج1 ص112 وصفة الصفوة ج1 ص619= = وصحيح البخاري ج2 ص114 وج 3 ص18 وأسد الغابة ج2 ص103 ومسند أحمد ج2 ص284 و310.
([384]) السيرة الحلبية ج3 ص166.
([385]) راجع: ما ذكرناه حول تناقضات الرواية الفقرة رقم: ألف.
([386]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص357 والسيرة الحلبية ج3 ص166 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 وطبقات ابن سعد ج2 ص56 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص131 والبداية والنهاية ج4 ص67 وتاريخ الخميس ج1 ص456.
([387]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص254 والمواهب اللدنية ج1 ص100 وسيرة مغلطاي ص51 وطبقات ابن سعد ج2 ص50 وتاريخ الخميس ج1 ص450 والتنبيه والإشراف ص212.
([388]) تاريخ الخميس ج1 ص451 عن الوفاء والمحبر ص119 وذكره بلفظ قيل في التنبيه والإشراف ص212.
([389]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص267 والبداية والنهاية ج4 ص140.
([390]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص261 والبداية والنهاية ج4 ص137.
([391]) أنساب الأشراف ج1 ص376 (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله").
([392]) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والأغاني ج4 ص228 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص102 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124 و 125 والبداية والنهاية ج4 ص63 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج1 ص188 وبهجة المحافل ج1 ص220 والسيرة الحلبية ج3 ص170 وتاريخ الخميس ج1 ص455 وأسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج2 ص115 وج 3 ص19 ومسند أحمد ج2 ص395 و 311.
([393]) فتح الباري ج7 ص295 والسيرة الحلبية ج3 ص170.
([394]) تاريخ الخميس ج1 ص455 وشرح بهجة المحافل ج1 ص220 عن البغوي.
([395]) تاريخ الخميس ج1 ص455.
([396]) المواهب اللدنية ج1 ص102 و87 والسيرة النبوية لابن هشام ومغازي الواقدي ج1 ص148 و 282 و 138 والبحار ج19 ص347 وعمدة القاري ج17 ص99 و 169 وفتح الباري ج7 ص240.
([397]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص298 بلفظ قيل، والبحار ج19 ص260 وتفسير القمي ج1 ص269، ومن دون ترديد وكذا في الدر المنثور ج5 ص69 عن عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر وغيرهما.
([398]) الفتوح لابن أعثم ج3 ص191 وراجع: صفين للمنقري ص417 وفيه: (الجمل) وهو غلط.
([399]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص158.
([400]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص431.
([401]) مغازي الواقدي ج1 ص357 وطبقات ابن سعد ج3 ص455.
([402]) طبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج3 ص455.
([403]) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص540 والأغاني ج4 ص228 والكامل في التاريخ ج2 ص167.
([404]) البداية والنهاية ج4 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص124 والروض الأنف ج3 ص234 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ج1 ص188 وبهجة المحافل ج1 ص218 والسيرة الحلبية ج3 ص166 وتاريخ الخميس ج1 ص456 وفتح الباري ج7 ص293 والإصابة ج1 ص418 والإستيعاب بهامشه ج1 ص429 و 431 وأسد الغابة ج2 ص104 وصحيح البخاري ج2 ص115 وج 3 ص18 ومسند أحمد ج2 ص294 و 310 وصفة الصفوة ج1 ص620 وحلية الأولياء ج1 ص112 وجمهرة أنساب العرب ص116 وراجع: عمدة القاري ج17 ص100 و 168.
([405]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256.
([406]) المصدر السابق.
([407]) شرح بهجة المحافل ج1 ص218 والسيرة الحلبية ج3 ص166 و 167 وفتح الباري ج7 ص293 وعمدة القاري ج17 ص168 و100.
([408]) شرح بهجة المحافل ج1 ص218 والسيرة الحلبية ج3 ص166 وفتح الباري ج7 ص293 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج14 ص134 وفيه: أنه قتله وهو لا يعرفه وراجع: نسب قريش لمصعب ص204 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص154 وعمدة القاري ج17 ص100 و168.
([409]) السيرة الحلبية ج3 ص166.
([410]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص167 وفتح الباري ج7 ص293.
([411]) عمدة القاري ج17 ص100.
([412]) الآيات 204 ـ 206 من سورة البقرة.
([413]) الآية 207 من سورة البقرة.
([414]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص183 و 184 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص132 والبداية والنهاية ج4 ص67 وراجع البدء والتاريخ ج4 ص211 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص21 بلفظ: قيل.
([415]) الروض الأنف ج3 ص237 ونزول الآيات في الأخنس بن شريق مذكور في كثير من المصادر الروائية والتفسيرية، فراجع.
([416]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص168 وبهجة المحافل ج1 ص220 و 221 وتاريخ الخميس ج1 ص458 وكلام الفضل بن روزبهان في دلائل الصدق ج2 ص81.
([417]) الروض الأنف ج3 ص237 والسيرة الحلبية ج3 ص168 وج 2 ص23 و 24 وتاريخ الخميس ج1 ص458 والإصابة ج2 والدر المنثور ج1 ص204 عن عدد من المصادر.
([418]) قد ذكرنا في الجزء الثالث من هذا الكتاب طائفة كبيرة من المصادر لهذه القضية فلتراجع هناك في فصل هجرة الرسول الأعظم.
([419]) تاريخ الخميس ج1 ص456 والإشتقاق ص442 باستثناء العبارة الأخيرة.
([420]) طبقات ابن سعد ج8 ص302.
([421]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 وراجع: فتح الباري ج7 ص295 وعمدة القاري ج17 ص169 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص456 والمواهب اللدنية ج1 ص101 ولكنه لم يستثن ممن هلك أحداً.
([422]) مغازي الواقدي ج1 ص360.
([423]) السيرة الحلبية ج3 ص167.
([424]) مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص34 ومقتل الحسين للمقرم ص339 و 340 عنه وعن نفس المهموم ص189 وعن مقتل العوالم ص98.
([425]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256 عن الزرقاني وشرح بهجة المحافل ج1 ص219 عن السهيلي.
([426]) تقدمت المصادر لذلك.
([427]) الروض الأنف ج3 ص235.
([428]) راجع: طبقات ابن سعد ج2 ص56 ومغازي الواقدي ج1 ص362.
([429]) طبقات ابن سعد ج2 ص56.
([430]) مغازي الواقدي ج1 ص362.
تنبيه: ذكر في الكامل في التاريخ ج2 ص168: أنهم لما خرجوا بخبيب من الحرم ليقتلوه، قال: ردوني أصلي ركعتين؛ فتركوه فصلاهما إلخ..
والصحيح: ذروني (كما في تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص456) وهو المناسب لقوله: فتركوه الخ..
([431]) راجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص256.
ولكن سياق كلام الدياربكري يفيد: أن قتل خبيب كان أسبق: (راجع: تاريخ الخميس ج1 ص458) ويبدو أنه قد استفاد ذلك من كون خبيب أول من سن الصلاة عند القتل.
([432]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص169 وزاد المعاد ج2 ص109 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص130 والبداية والنهاية ج4 ص65 وتاريخ الخميس ج1 ص457 والمواهب اللدنية ج1 ص102 والروض الأنف ج3 ص235.
([433]) سيرة مغلطاي ص52.
([434]) السيرة الحلبية ج3 ص169.
([435]) المواهب اللدنية ج1 ص102 والروض الأنف ج3 ص235.
([436]) الإشتقاق ص442.
([437]) الإشتقاق ص442.
([438]) راجع: الإصابة ج3 ص433.
([439]) عمدة القاري ج17 ص101.
([440]) إرشاد الساري ج6 ص312 وراجع: فتح الباري ج7 ص240 و 292 وعمدة القاري ج17 ص168.
([441]) صحيح البخاري ج2 ص114 وج 3 ص18 ومسند أحمد ج2 ص294 و 310 وحلية الأولياء ج1 ص112 والبداية والنهاية ج4 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص123 وفتح الباري ج7 ص240 وأسد الغابة ج2 ص103 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله") ج1 ص428 والمواهب اللدنية ج1 ص87 وعمدة القاري ج17 ص168.
([442]) ابن الأثير: عاقني.
([443]) يتخيل: أي يعجب بنفسه.
([444]) الغليل: واحد الغلان وهي منابت الطلح، وضجنان موضع بعينه.
([445]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص542 ـ 545 والقصة مع شيء من الاختلاف سيظهر إن شاء الله موجودة في: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص135 ـ 138 عن البيهقي والبداية والنهاية ج4 ص70 و 71 والكامل في التاريخ ج2 ص169، 170 وتاريخ الخميس ج1 ص458 و 459 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص282 ـ 284 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33 و 34 والسيرة الحلبية ج3 ص184 و 185 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج4 ص249، وذكر البعض حديث الضمري هذا، لكنه لم يذكر قصته مع جثة خبيب، فراجع: طبقات ابن سعد (ط صادر) ج2 ص94 والمواهب اللدنية ج1 ص125 وأنساب الأشراف ج1 ص379 و 380.
([446]) الآية 206 من سورة البقرة.
([447]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص458 والسيرة الحلبية ج3 ص168 و184 و185 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص257 وج 2 ص34 وبهجة المحافل ج1 ص220 و 221 وشرحه بهامش نفس الصفحة، وراجع: الإصابة ج1 ص419 وعمدة القاري ج11 ص101.
([448]) شرح بهجة المحافل ج1 ص220 وتاريخ الخميس ج1 ص458 والسيرة الحلبية ج3 ص168.
([449]) تاريخ الخميس ج1 ص458 عن الإكتفاء والسيرة الحلبية ج3 ص184.
([450]) تاريخ الخميس ج1 ص458 وراجع: التنبيه والإشراف ص213.
([451]) شرح بهجة المحافل ج1 ص220.
([452]) راجع: سيرة مغلطاي ص62 وتاريخ الخميس ج1 ص458 و 459 عنه وعن المواهب اللدنية.
([453]) أنساب الأشراف ج1 ص379 و 380 (قسم حياة النبي "صلى الله عليه وآله").
([454]) طبقات ابن سعد (ط دار صادر) 2 ص93 و 94 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص136 والبداية والنهاية ج4 ص70 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص125 والسيرة الحلبية ج3 ص184 وسيرة مغلطاي ص62، وتاريخ الخميس ج1 ص459 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33 والتنبيه والإشراف ص213.
([455]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص282 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص71 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص138 كلاهما عنه، وتاريخ الخميس ج1 ص459 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33 والسيرة الحلبية ج3 ص184 وسيرة مغلطاي ص62.
([456]) المواهب اللدنية ج1 ص125.
([457]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص282 وتاريخ الخميس ج1 ص459 والسيرة الحلبية ج3 ص184.
([458]) البداية والنهاية ج4 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137 والمواهب اللدنية ج1 ص125 والسيرة الحلبية ج3 ص184 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33.
([459]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص33.
([460]) البداية والنهاية ج4 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137.
([461]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص282 وتاريخ الخميس ج1 ص459 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33.
([462]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137 والبداية والنهاية ج4 ص70.
([463]) طبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص94 وج 4 ص249 وراجع السيرة النبوية لدحلان ج2 ص33 وتاريخ الخميس ج1 ص459.
([464]) المواهب اللدنية ج1 ص125 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص33 عن ابن هشام.
([465]) السيرة الحلبية ج3 ص184.
([466]) البداية والنهاية ج4 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137.
([467]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص283 والسيرة الحلبية ج3 ص184 وتاريخ الخميس ج1 ص459 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص34.
([468]) راجع: المصادر المتقدمة بالإضافة إلى البداية والنهاية ج4 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137.
([469]) راجع: المصادر المتقدمة باستثناء البداية والنهاية والسيرة النبوية لإبن كثير.
([470]) السيرة النبوية لابن كثير ج1 ص137 والبداية والنهاية ج4 ص70.
([471]) تاريخ الخميس ج1 ص458 عن الصفوة والإصابة ج1 ص419.
([472]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص283 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص34 والسيرة الحلبية ج3 ص184 وتاريخ الخميس ج1 ص459.
([473]) البداية والنهاية ج4 ص71 و67 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص138 و131.
([474]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص432 والاغاني ج4 ص230 وراجع المصادر التالية: الإصابة ج1 ص524 و 419 وأسد الغابة ج2 ص105 وتاريخ الإسلام (قسم المغازي) ج1 ص191 وتاريخ الخميس ج1 ص458 عن الصفوة وصفة الصفوة ج1 ص622 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص257 والسيرة الحلبية ج3 ص168.
([475]) البداية والنهاية ج4 ص70 وراجع ص66 عن موسى بن عقبة والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص137 و 131 وزاد المعاد ج2 ص109.
([476]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص168 وراجع ص184 و 185 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص257 وراجع ج2 ص34 وتاريخ الخميس ج1 ص458 وبهجة المحافل ج1 ص220 و 221 وشرحه بهامش نفس الصفحة وراجع: الإصابة ج1 ص419.
([477]) راجع المصادر المتقدمة.
([478]) كنز العمال ج10 ص372 عن الطبراني عن عمرو بن أمية الضمري.
([479]) مجمع الزوائد ج6 ص127 عن الطبراني.
([480]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص257 وراجع ج2 ص34 وأشار إلى هذا التنافي أيضاً، وإلى أنه لا بد من الجمع في السيرة الحلبية ج3 ص184 و 185. ولربما يلاحظ بعض الاختلاف في وجه الجمع الذي ذكره دحلان في الموضعين فليراجع.
([481]) الروض الأنف ج4 ص254 عن ابن أبي شيبة.
([482]) زاد المعاد ج2 ص109.
([483]) الإصابة ج1 ص419.
([484]) راجع المصادر التي تقدمت تحت الفقرة (م) الواردة لقوله: فلم تر لخبيب رمة حتى الساعة.
([485]) الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج4 ص296 والتراتيب الإدارية ج1 ص225 وراجع ص390 و 391.
([486]) ستأتي المصادر لذلك وبئر معونة: موضع ببلاد هذيل بين مكة وعسفان. وفي معجم ما استعجم: ماء لبني عامر بن صعصعة وفي الاكتفاء ج2 ص142 والسيرة الحلبية ج3 ص172: هي بين أرض بني عامر، وحرة بني سليم.
([487]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص545 وسيرة مغلطاي ص52 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص158 وتاريخ الخميس ج1 ص451 و 452 وغير ذلك.
([488]) المعنق: المسرع؛ وإنما سمي بذلك لأنه أسرع إلى الشهادة.
([489]) سيرة ابن هشام ج3 ص174.
([490]) ارتث: أي وقع وبه جراح.
([491]) قال ابن هشام: "هو المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح".
([492]) الثؤرة: الثأر.
([493]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص195و 196.
([494]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص175.
([495]) أي فيمن حضر يوم بئر معونة.
([496]) ديوانه ص50 مع اختلاف في ترتيب الأبيات.
([497]) المساعي: السعي في طلب المجد والمكارم.
([498]) و: (بجنب المرو).
([499]) سيرة ابن هشام ج2 ص174 و 175.
([500]) الآيتان 169 و 170 من سورة آل عمران، والخبر في التفسير ج7 ص393 والدر المنثور ج2 ص95 عن ابن المنذر وابن جرير.
([501]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص545 ـ 550 والكامل لابن الأثير ج2 ص171 ـ 173 ولباب التأويل ج1 ص301 و 302 ومجمع البيان ج2 ص535 و 536 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص426.
([502]) مجمع الزوائد ج6 ص125 و 126 عن الطبراني.
([503]) لعل الصحيح: ونذر.
([504]) لعل الصحيح: فأحرقته.
([505]) لعل الصحيح: يعير.
([506]) سعد السعود ص218 و 219 عن تفسير الكلبي، تفسير سورة الرعد في قوله تعالى: ويرسل الصواعق، الآية.
([507]) لعل الصحيح "ألف أشقر وألف شقراء" كما في غيره من المصادر.
([508]) السيرة الحلبية ج3 ص173 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([509]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([510]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208.
([511]) تاريخ الخميس ج1 ص451 عن الوفاء.
([512]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص545 وسيرة مغلطاي ص52 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص158 وتاريخ الخميس ج1 ص451 و 452 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص192 وعمدة القاري ج14 ص320 وج 18 ص126 و 174 وج7 ص18 ولباب التأويل للخازن ج1 ص302 ومجمع البيان ج2 ص536 وأنساب الأشراف ج1 ص194 و 375 وزاد المعاد ج2 ص109 والمواهب اللدنية ج1 ص103 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص193 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص258 وبهجة المحافل ج1 ص223 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص142 والمحبر ص118 وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج2 قسم 1 ص36 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص27 والبداية والنهاية ج4 ص71 و 72 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 و 141 والتنبيه والإشراف ص212.
([513]) المحبر ص118 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28.
([514]) عمدة القاري ج7 ص18 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 والبداية والنهاية ج4 ص71.
([515]) بهجة المحافل ج1 ص221.
([516]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208 والمحبر ص472 وراجع: تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص72، وراجع أيضاً: عمدة القاري ج17 ص174 عن أبي معشر في المغازي.
([517]) صحيح مسلم ج6 ص45 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص38 وبهجة المحافل ج1 ص223 ولباب التأويل ج1ص303.
([518]) صحيح البخاري ج3 ص19 وج 1 ص116 وتاريخ الخميس ج1 ص451 عن الوفاء وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص38 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص199 وفتح الباري ج7 ص296 وعمدة القاري ج17 ص169 ومسند أحمد ج3 ص255 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 والبداية والنهاية ج4 ص71 ولباب التأويل ج1 ص302.
([519]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص192 ومجمع الزوائد ج6 ص127 عن الطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح.
([520]) مجمع الزوائد ج6 ص125.
([521]) راجع: فتح الباري ج6 ص126 وعمدة القاري ج13 ص309 و 310 وج 17 ص170.
([522]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص74 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص44 وعمدة القاري ج14 ص310 وج 7 ص18 وج 17 ص126.
([523]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص550 وراجع: الدر المنثور ج2 ص95 عن ابن جرير، وابن المنذر.
([524]) الدر المنثور ج2 ص95.
([525]) السنن الكبرى ج2 ص207.
([526]) المحبر ص118 وسيرة مغلطاي ص52 وتاريخ الخميس ج1 ص452 والمواهب اللدنية ج1 ص103، والسيرة الحلبية ج3 ص171 وراجع: فتح الباري ج7 ص97 وعمدة القاري للعيني ج7 ص19 عن الطبراني.
([527]) مجمع الزوائد ج6 ص125 عن الطبراني.
([528]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208 و207.
([529]) لباب التأويل للخازن ج1 ص302 وراجع غيره.
([530]) تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص72.
([531]) عمدة القاري ج17 ص174.
([532]) الجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 عن الماوردي.
([533]) ورد التصريح باستثناء أربعة من المهاجرين في الرواية التي تذكر: أنهم كانوا ثلاثين رجلاً، فراجع مصادرها فيما سبق.
([534]) مغازي الواقدي ج1 ص352 و348 و 350 وراجع المصادر التالية: صحيح البخاري ج3 ص19 وفتح الباري ج7 ص296 وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج2 قسم 1 ص36 و 37 والثقات ج1 ص238 وراجع: لباب التأويل ج1 ص302.
([535]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص352.
([536]) مجمع الزوائد ج6 ص125 عن الطبراني وراجع: عمدة القاري ج17 ص174 عن العسكري.
([537]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص195 و 196 وكنز العمال ج10 ص371 و 372 عن الطبراني وأبي عوانة.
([538]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص550 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194 وصحيح مسلم ج6 ص45 وتاريخ الخميس ج1 ص452 والسيرة الحلبية ج3 ص172.
([539]) البداية والنهاية ج4 ص71 وحياة الصحابة ج1 ص545.
([540]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص258 و 259 والإصابة ج1 ص319 والإستيعاب بهامشه ج1 ص353.
([541]) مغازي الواقدي ج1 ص348 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص37 وتاريخ الخميس ج1 ص452.
([542]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص8 والروض الأنف ج3 ص239 والسيرة الحلبية ج3 ص173 وفتح الباري ج7 ص300 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([543]) تاريخ الخميس ج1 ص453.
([544]) مغازي الواقدي ج1 ص349.
([545]) راجع: فتح الباري ج7 ص300 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 والثقات ج1 ص238 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص196 وتاريخ الخميس ج1 ص253 والاكتفاء للكلاعي ج2 ص144 و 145 والسيرة الحلبية ج3 ص173 وشرح بهجة المحافل ج1 ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص1414 وأنساب الأشراف ج1 ص194 و 375 والبداية والنهاية ج4 ص72 والمحبر ص183 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص37 والمغازي للواقدي ج1 ص349 وأنساب الأشراف ج1 ص375.
([546]) راجع: فتح الباري ج7 ص300 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([547]) المغازي للواقدي ج1 ص347 وتاريخ الخميس ج1 ص452.
([548]) تاريخ الخميس ج1 ص453 وزاد المعاد ج2 ص110 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص143.
وراجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص195 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وشرح بهجة المحافل ج1 ص222.
([549]) راجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص192 عن موسى بن عقبة وأنساب الأشراف ج1 ص375 وعمدة القاري ج17 ص174 و 175 وزاد المعاد ج2 ص110 والمحبر ص118 و 472 وفتح الباري ج7 ص299 والبدء والتاريخ ج4 ص211 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص37 و 38 ومجمع الزوائد ج6 ص125 و126 عن الطبراني بأسانيد رجالها رجال الصحيح.
([550]) راجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص193 و 194 وسيرة مغلطاي ص52 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص159 وحياة الصحابة ج1 ص543 و 544 والبداية والنهاية ج4 ص73 وتاريخ الخميس ج1 ص452 وزاد المعاد ج2 ص110 والمواهب اللدنية ج1 ص103 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص143 والسيرة الحلبية ج2 ص172 والثقات ج1 ص238 ومجمع الزوائد ج6 ص128 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص194.
وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وبهجة المحافل ج1 ص222 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص142.
وراجع أيضاً: عمدة القاري ج7 ص19 وذكره ص18 وحده، ولباب التأويل ج1 ص302 ومجمع البيان ج2 ص536.
([551]) الكشاف ج4 ص350 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 عن الماوردي.
([552]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194 و 195 وصحيح البخاري ج3 ص19 وحيـاة الصحابة ج1 ص545 وبهجة المحافـل ج1 ص222 والبـداية والنهاية ج4 ص72 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص140 وعمدة القاري ج17 ص172 وراجع: مسند أحمد ج3 ص289 لكنه ذكر في ص210 تشكيكاً في كونه أضاف نجاة رجل آخر كان مع الأعرج على الجبل.
([553]) راجع: شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص222 وفتح الباري ج7 ص298 وعمدة القاري ج17 ص171.
([554]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص72.
([555]) مغازي الواقدي ج1 ص352.
([556]) أنساب الأشراف ج1 ص375.
([557]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص196 وكنز العمال ج10 ص371 و 372 عن الطبراني، وأبي عوانة.
([558]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208.
([559]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص348.
([560]) الثقات ج1 ص239 وتاريخ الخميس ج1 ص453.
([561]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص195 وفتح الباري ج7 ص298 و 299 وصحيح البخاري ج3 ص19 وعمدة القاري ج17 ص172 ومجمع الزوائد ج6 ص126.
([562]) مجمع الزوائد ج6 ص126 ومسند أحمد ج3 ص210.
([563]) فتح الباري ج7 ص298 وراجع: عمدة القاري ج17 ص172.
([564]) تاريخ الخميس ج1 ص453 و 454.
([565]) صحيح البخاري ج3 ص19 وعمدة القاري ج17 ص172.
([566]) راجع: فتح الباري ج7 ص298 وعمدة القاري ج17 ص171.
([567]) قد تقدمت مصادر ذلك حين ذكر التناقض في من كان في سرح القوم.
([568]) تاريخ الخميس ج1 ص454.
([569]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208.
([570]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208.
([571]) مجمع الزوائد ج6 ص127 عن الطبراني.
([572]) الكشاف ج4 ص350 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 عن الماوردي.
([573]) راجع فيما تقدم: الثقات ج1 ص237 وصحيح مسلم ج2 ص136 و 137 وسنن الدارمي ج1 ص375 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194 و 195 وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص51 وزاد المعاد ج2 ص110 وج 1 ص71 و73 وكنز العمال ج8 ص53 عن المتفق والمفترق وعبد الرزاق والإعتبار ص85 و 86 و 87 و 91 و 93 والمواهب اللدنية ج1 ص103 وتاريخ الخميس ج1 ص451 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص308 و 320 و 322 و 323 وفي هامشه عن شرح معاني الآثار ج1 ص244 و 243 وراجع: مسند أبي عوانة ج2 ص306 و 307 و 311 و 312 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص145 والسيرة الحلبية ج3 ص173 ومجمع الزوائد ج2 ص137 عن أبي يعلى، والبزار، والطبراني في الكبير، وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص37 وصحيح البخاري ج3 ص19 و 20 وج4 ص74 وج1 ص117 و 148 وج2 ص117 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260 وفتح الباري ج7 ص301 وبهجة المحافل ج1 ص224 والبداية والنهاية ج4 ص71 و 72 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 و 140 ومسند أحمد ج1 ص301 وج 3 ص255 و 167 و 162 و 204 و 216 و 259 و 278 و 282 و 215 و 289 والمنتقى ج1 ص502 والمغني ج1 ص787 و 788 ومنحة المعبود ج1 ص101 وسنن ابن ماجة ج1 ص394 وسنن أبي داود ج1 ص68 ونصب الراية ج2 ص127 والسنن الكبرى ج2 ص213 و 200 و 199 و 207 و 244 ونيل الأوطار ج2 ص395 و 396 عن الدارقطني، وأحمد والبيهقي والحاكم وصححه، وعبد الرزاق، وأبي نعيم وجامع المسانيد ج1 ص346 وراجع ص324 و 342 ومصابيح السنة ج1 ص446 و 447 وسنن النسائي ج2 ص200 و 203 و 204 وعمدة القاري ج17 ص169 وج 5 ص73 وج 7 ص17 و 19 و 22 و 23 والإعتصام بحبل الله المتين ج2 ص19 وبداية المجتهد ج1 ص134.
([574]) مجمع الزوائد ج6 ص125.
([575]) مغازي الواقدي ج1 ص347 و 350 والسنن الكبرى ج2 ص199.
([576]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194 و 195 وتاريخ الخميس ج1 ص451.
([577]) راجع: أسد الغابة ج3 ص91 والإستيعاب هامش الإصابة ج3 ص8 والبدء والتاريخ ج4 ص212 وراجع: مغازي الواقدي ج1 ص350 وجامع المسانيد ج1 ص330 والسنن الكبرى ج2 ص199 وعمدة القاري ج23 ص18 وبهجة المحافل ج1 ص224 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260 ومسند أحمد ج3 ص210 وبداية المجتهد ج1 ص134 ولباب التأويل ج1 ص302.
([578]) مغازي الواقدي ج1 ص351 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص547 وغير ذلك.
([579]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص452 وفتح الباري ج7 ص301 والمواهب اللدنية ج1 ص103 والسيرة الحلبية ج3 ص173 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([580]) تاريخ الخميس ج1 ص452.
([581]) عمدة القاري ج17 ص174.
([582]) المحبر ص472 و 473.
([583]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص258.
([584]) تاريخ الخميس ج1 ص453 عن معالم التنزيل، وشرح بهجة المحافل ج1 ص224 عن تفسير البغوي.
([585]) تاريخ الخميس ج1 ص453 والسيرة الحلبية ج3 ص173 والمحبر ص472 والمغازي للواقدي ج1 ص351 ومجمع الزوائد للهيثمي ج6 ص125 و 126 عن الطبراني وفتح الباري ج7 ص301 وبهجة المحافل ج1 ص224 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص208 و 194 و 195 والبداية والنهاية ج4 ص71 و 72 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص140 وصحيح البخاري ج3 ص19.
([586]) لباب التأويل للخازن ج1 ص302.
([587]) مجمع الزوائد ج6 ص126 عن الطبراني.
([588]) البداية والنهاية ج4 ص71 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 وعمدة القاري ج7 ص18.
([589]) نص على هذا الاتفاق في بهجة المحافل ج1 ص223.
([590]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص349 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260 والمواهب اللدنية ج1 ص104 وعمدة القاري ج17 ص174 و 175 وتاريخ الخميس ج1 ص453 والسيرة الحلبية ج3 ص172 و 174 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 2 ص37.
([591]) راجع: كنز العمال ج10 ص371 و 372 عن الطبراني، وأبي عوانة، وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص195 و 196.
([592]) راجع: صحيح البخاري ج3 ص10 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص119 ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص442 وذكر الرواية عن الزهري ص443، وعن عائشة وعروة ص444 وفتح الباري ج7 ص253 عن عبد الرزاق، وزاد المعاد ج2 ص71 والجامع للقيرواني ص279 وعمدة القاري ج17 ص126 وبهجة المحافل ج1 ص213 والبداية والنهاية ج4 ص74 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص145 كلاهما عن البخاري، وعن البيهقي، وعن تفسير ابن حبان.
([593]) بهجة المحافل ج1 ص223 و213 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص263 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص159 ونسبه في مرآة الجنان ج1 ص19 إلى بعضهم.
([594]) الروض الأنف ج3 ص250 وتاريخ الخميس ج1 ص460 وراجع: فتح الباري ج7 ص255 والمواهب اللدنية ج1 ص104.
([595]) راجع: تاريخ الإسلام للذهبي ص122 و 197 ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص450 عن موسى بن عقبة.
([596]) فتح الباري ج7 ص256.
([597]) تاريخ الخميس ج1 ص461 عن معالم التنزيل، وفتح الباري ج7 ص256 عن عبد بن حميد في تفسيره.
([598]) بهجة الحافل ج1 ص214 عن البخاري، وشرح بهجة المحافل ج1 هامش ص215 عن مسلم وأبي داود، والترمذي عن ابن عمر وفي السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص9 والبداية والنهاية ج4 ص5 كلاهما عن البخاري والبيهقي: أن مقتل كعب بن الأشرف كان بعد قصة بني النضير.
([599]) تاريخ الخميس ج1 ص461.
([600]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص207 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص152 و153 والبداية والنهاية ج4 ص79.
([601]) دلائل النبوة للبيهقي ج2 ص445 و 446 وفتح الباري ج7 ص255 عن ابن مردويه، وعبد بن حميد في تفسيره عن عبد الرزاق.
([602]) فتح الباري ج7 ص255.
([603]) السيرة الحلبية ج2 ص263 و 264.
([604]) راجع: حديث الإفك ص96 ـ 106.
([605]) فتح الباري ج7 ص254 والمواهب اللدنية ج1 ص104.
([606]) راجع على سبيل المثال: كنز العمال ج10 ص371 و 372 عن الطبراني، وأبي عوانة وراجع المصادر المذكورة عند تناقض الروايات، فإن هذا النص موجود في عدد منها.
([607]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص72 وراجع: المغازي للواقدي ج1 ص348.
([608]) في الإصابة: أبا عامر نرجو.. ومداجن.
([609]) راجع: الإصابة ج1 ص319 والإستيعاب بهامشه ج1 ص353 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص258 و 259 مع بعض الاختلاف فيما بينها في كلمات الشعر المذكور.
([610]) المغازي للواقدي ج1 ص352 وراجع ص350.
([611]) المغازي للواقدي ج1 ص248 وتاريخ الخميس ج1 ص452 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص72 وراجع: لباب التأويل للخازن ج1 ص302.
([612]) تاريخ الخميس ج1 ص462 عن المدارك، وعن معالم التنزيل والسيرة الحلبية ج3 ص269 والروض الأنف ج3 ص251 عن غير ابن إسحاق وبهجة المحافل ج1 ص216.
([613]) السيرة الحلبية ج2 ص296.
([614]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص197 و 198.
([615]) راجع: أنساب الأشراف ج1 ص375 وتاريخ الخميس ج1 ص453 والمحبر ص183 و 184 و 118 وفتح الباري ج7 ص300 وراجع أيضاً: المغازي للواقدي ج1 ص349 والسيرة الحلبية ج3 ص173 والإصابة ج2 ص256 والروض الأنف ج3 ص239 والإكتفاء ج2 ص144 والإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص8 وجميع المصادر الأخرى الآتية في الهوامش التالية.
([616]) راجع: أنساب الأشراف ج1 ص375 وتاريخ الخميس ج1 ص453 والمحبر ص183 و 184 و 118 وفتح الباري ج7 ص300.
([617]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص103 والسيرة الحلبية ج3 ص173 ومغازي الواقدي ج1 ص349 وتاريخ الخميس ج1 ص453 وفتح الباري ج7 ص300 وأنساب الأشراف ج1 ص194 و 375 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص37 و 38 وشرح بهجة المحافل ج1 ص224 و 225.
([618]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([619]) مغازي الواقدي ج1 ص352 و 348 وراجع ص350 وراجع: تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص550 وراجع أيضاً: صحيح البخاري ج3 ص19 وفتح = = الباري ج7 ص296 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص36 و37 والثقات ج1 ص238.
([620]) مجمع الزوائد ج6 ص125 عن الطبراني وعمدة القاري ج17 ص174 عن العسكري.
([621]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص197 و 198 وغيره من المصادر.
([622]) الثقات ج1 ص238 وراجع: المحبر ص183 و118 وطبقات ابن سعد ج2 قسم 1 ص38 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وأنساب الأشراف ج1 ص194 وتاريخ الخميس ج1 ص453 والسيرة الحلبية ج3 ص173 والجامع للقيرواني ص278 وعمدة القاري ج17 ص175 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص141 عن مغازي موسى بن عقبة، والمواهب اللدنية ج1 ص103 والبداية والنهاية ج4 ص72 والإكتفاء ج2 ص144 وشرح بهجة المحافل ج1 ص225 و224 والروض الأنف ج3 ص239 ومجمع الزوائد ج6 ص127 عن الطبراني ورجاله رجال الصحيح وأسد الغابة ج3 ص91 والإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص8.
([623]) صحيح البخاري ج3 ص20 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص140 و 141 والبداية والنهاية ج4 ص72 وبهجة المحافل ج1 ص224 والسيرة الحلبية ج3 = = ص173 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص196 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وعمدة القاري ج17 ص175.
([624]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259.
([625]) النحي: إناء السمن. العكيكة: إناء السمن أو غيره.
([626]) أسد الغابة ج3 ص91 والإصابة ج2 ص256.
([627]) المصدران المتقدمان.
([628]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص195 و 196 ومغازي الواقدي ج1 ص353 ومصادر أخرى فراجع الهوامش المتقدمة.
([629]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص259 وراجع: فتح الباري ج7 ص300 وعمدة القاري ج17 ص175.
([630]) راجع: الثقات ج1 ص239 ومغازي الواقدي ج1 ص348 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص72 إلى غير ذلك من مصادر تقدمت في الهوامش السابقة.
([631]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص72.
([632]) راجع: هذا الكتاب ج2 ص34 ـ 38.
([633]) راجع: فتح الباري ج7 ص299.
([634]) راجع: صحيح البخاري ج3 ص19 و 20 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص196 وفتح الباري ج7 ص299 وعمدة القاري ج17 ص173 وراجع: أسد الغابة ج3 ص53 وراجع ص90 والإصابة ج2 ص224 وراجع ص256 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص229 وج 3 ص7.
([635]) راجع: أسد الغابة ج3 ص53 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص229 وعمدة القاري ج17 ص173.
([636]) الدر المنثور ج2 ص95 عن ابن جرير وابن المنذر وجامع البيان ج4 ص115 وراجع: فتح القدير ج1 ص399 و 401 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص268 و269 ومجمع البيان ج2 ص535 و 536 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص426.
([637]) الدر المنثور ج2 ص94 و 95 عن: الحاكم، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأحمد، وهناد، وأبي داود وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل، وابن أبي شيبة، والطبراني، وتفسير القرآن العظيم ج1 ص426 وبهجة المحافل ج1 ص224 وتنزيه القرآن عن المطاعن ص83 وتفسير المنار ج4 ص232 وأسباب النزول ص73 و 74 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص219 والتبيان ج3 ص47 والتفسير الكبير ج9 ص88 و 89 وتفسير الكشاف ج1 ص440 وجامع البيان ج4 ص113 و 114 و 115 وتفسير غرائب القرآن للنيسابوري بهامشه ج4 ص137 وفتح القدير ج1 ص399 و 400 و 401 ولباب الـتـأويـل للخـازن ج1 ص301 والجـامع لأحكـام القرآن ج4 ص268 و 269.
([638]) الدر المنثور ج2 ص95 عن ابن جرير، عن الربيع في شهداء بدر وأُحد معاً وراجع: نفس الصفحة من الدر المنثور عن: الترمذي، وابن ماجة، وابن أبي عاصم في السنة، وابن خزيمة، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأحمد وهناد وأبي داود وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل، وبهجة المحافل ج1 ص224 وتفسير المنار ج4 ص233 وأسباب النزول للواحدي ص74 وسنن أبي داود ج3 ص15 وسنن ابن ماجة ج2 ص936 والجامع الصحيح ج5 ص230 و 231 ومستدرك الحاكم ج2 ص88 وتلخيصه للذهبي بهامشه والتبيان ج3 ص45 والتفسير الكبير ج9 ص90 وجامع البيان ج4 ص113 و 114 وغرائب القرآن بهامشه ج4 ص137 ولباب التأويل للخازن ج1 ص301.
([639]) وقد أشار إلى ما ذكرناه أيضاً: تفسير المنار ج4 ص233 وراجع: فتح القدير ج1 ص298 و 399.
([640]) البدء والتاريخ ج4 ص212 والكشاف ج4 ص350 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301.
([641]) الدر المنثور ج6 ص84 عن ابن النجار في تاريخه، وابن مردويه، والطبراني في الأوسط والكشاف ج4 ص350 ولباب التأويل ج4 ص164 ومدارك التنزيل بهامشه وفتح القدير ج5 ص61 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج26 ص72.
([642]) الدر المنثور ج6 ص84 عن ابن جرير، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الأضاحي وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص397 وأحكام القرآن لابن العربي ج4 ص1712 والكشاف ج4 ص350 والتبيان ج9 ص338 ولباب التأويل ج4 ص164 ومدارك التنزيل بهامشه ج4 ص163 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 وغرائب القرآن بهامش تفسير الطبري ج26 ص72 وجامع البيان ج26 ص74.
([643]) الدر المنثور ج6 ص84 عن عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأحكـام القـرآن للجصاص ج3 ص397 وأحكـام القرآن لابن العـربي ج4 = = ص1712 وصحيح مسلم.
وراجع: تفسير القرآن العظيم ج4 ص205 والكشاف ج4 ص351 ولباب التأويل ج4 ص164 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 وجامع البيان ج26 ص74.
([644]) الدر المنثور ج6 ص84 عن ابن أبي حاتم وابن مردويه، وابن جرير وأحكام القرآن لابن العربي ج4 ص1712 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 والكشاف ج4 ص350 وفتح القدير ج5 ص61 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص301 ومجمع البيان ج9 ص130 وجامع البيان ج26 ص74.
([645]) الكشاف ج4 ص351 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج26 ص73.
([646]) الدر المنثور ج6 ص83 و 84 عن البخاري، وابن المنذر، وابن مردويه وأسباب النزول للواحدي ص218 وصحيح البخاري ج3 ص122 والجامع الصحيح ج5 ص387 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 و 206 ولباب التأويل ج4 ص164 وفتح القدير ج5 ص61 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص300 و 301 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج26 ص72.
([647]) تفسير البرهان ج1 ص203 عن الإختصاص.
([648]) تفسير القمي ج2 ص318 وتفسير نور الثقلين ج5 ص80 وتفسير البرهان ج4 ص203 وفيه: (عن القمي) ونزلت في بني عدي، وفي بني تميم، كانوا إذا قدموا الخ..
([649]) راجع: الإتقان ج1 ص11.
([650]) راجع: الدر المنثور ج1 ص7 وج 3 ص208 عن أبي داود، والبزار، والدارقطني في الأفراد، والطبراني والحاكم، وصححه، والبيهقي في المعرفة، وفي شعب الإيمان، وفي السنن الكبرى، وعن أبي عبيد والواحدي، وفتح الباري ج9 ص39 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص16 ونيل الأوطار ج2 ص228 ومستدرك الحاكم ج1 ص231 و 232 وصححه على شرط الشيخين، وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه، وأسباب النزول للواحدي ص9 و 10 والسنن الكبرى ج2 ص42 و 43 ومحاضرات الأدباء المجلد 2 ج4 ص433 والإتقان ج1 ص78 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص56 و 57 وراجع ص55 عن بعض من تقدم، والجامع لأحكام القرآن ج1 ص95، وعمدة القاري ج5 ص292 ونصب الراية ج1 ص327 والمستصفى ج1 ص103 وفواتح الرحموت بهامشه ج2 ص14 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص34 والتفسير الكـبـير ج1 ص208 وغـرائـب القرآن بهامش = = الطبري ج1 ص77 والمصنف لعبد الرزاق ج2 ص92 ومجمع الزوائد ج6 ص310 وج 2 ص109 وكنز العمال ج2 ص368 وسنن أبي داود ج1 ص209 والتمهيد في علوم القرآن ج1 ص212 والمنتقى ج1 ص380 وتبيين الحقائق ج1 ص113 وكشف الأستار ج3 ص40 ومشكل الآثار ج2 ص153.
([651]) تفسير العياشي ج1 ص19 وعنه في التمهيد في علوم القرآن ج1 ص212، وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص56 ومصباح الفقيه (كتاب الصلاة) ص276.
([652]) الجامع لأحكام القرآن ج1 ص95.
([653]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص20 والوزراء والكتاب ص14 والتنبيه والإشراف ص225 وطبقات ابن سعد ج1 قسم 2 ص9 وبحوث في تاريخ القرآن الكريم وعلومه ص53 وأكذوبة تحريف القرآن ص35 عن مصادر أخرى.
([654]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص453 وصحيح البخاري ج3 ص19 و 20 وج2 ص117 وصحيح مسلم ج2 ص136.
وراجع: كنز العمال ج1 ص239 والثقات ج1 ص239 و 237 والمغازي للواقدي ج1 ص350 وحياة الصحابة ج1 ص545 ومسند أبي عـوانـة ج2 ص311 = = و 312 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260 وطبقات ابن سعد ج2 ص53 و 54 (ط دار صادر) والإكتفاء ج2 ص145 والسنن الكـبرى ج2 ص199 وبهجة المحافل ج1 ص224 والروض الأنف ج3 ص239 ومجمع الزوائد ج6 ص130 والسيرة الحلبية ج3 ص172 والإتقـان ج2 ص26 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 و 140 والكامل في التاريخ ج2 ص172 ومشكل الآثار ج2 ص420 وأصول السرخسي ج2 ص79 وحلية الأوليـاء ج1 ص123 والمواهب اللدنية ج1 ص103 والبداية والنهاية ج4 ص71 و 72 وج 7 ص349.
وراجع: فتح الباري ج7 ص297 وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص550 وجامع البيان ج1 ص381 وراجع ج4 ص115 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص207 و 195 ومسند أحمد ج3 ص289 و 255 و 210 و 215 والدر المنثور ج1 ص105 وج 2 ص95 عن بعض من تقدم، وعن: أبي دواد في ناسخه، وابن الضريس، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل، ولباب التأويل للخازن ج1 ص302 و 303 ومجمع البيان ج2 ص536 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص426.
([655]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص172 والأحكام للآمدي ج3 ص130 والمستصفى للغزالي ج1 ص123 وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص74 وفتح الباري ج7 ص299 ومناهل العرفان ج2 ص112 وأصول السرخسي ج2 ص81 والبيان لآية الله الخوئي ص224.
([656]) البيان في تفسير القرآن ص224 و 225 وراجع: الأحكام للآمدي ج3 ص201 و203.
([657]) راجع: الروض الأنف للسهيلي ج3 ص239 وشرح بهجة المحافل ج1 ص224 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص260.
([658]) صحيح البخاري ج3 ص20 وصحيح مسلم ج6 ص45 وكنز العمال ج10 ص239 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص141 والبداية والنهاية ج4 ص72 والسيرة الحلبية ج3 ص172 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص194.
([659]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص260.
([660]) مسند أحمد ج1 ص416.
([661]) الدر المنثور ج2 ص95 عن ابن جرير وجامع البيان ج4 ص115.
([662]) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص550 والدر المنثور ج2 ص95 عن ابن جرير وابن المنذر.
([663]) مغازي الواقدي ج1 ص348.
([664]) فتح الباري ج7 ص297 والسيرة الحلبية ج3 ص171 عن العسقلاني.
([665]) بالنسبة إلى خبيب راجع مصادر الرواية التي ذكرناها مطولاً حول قضية الرجيع، وأما بالنسبة لعاصم فراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص255.
([666]) راجع الفقرة الأخيرة في: صحيح البخاري ج3 ص19 وتاريخ الخميس ج1 ص451 والبداية والنهاية ج4 ص71 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص139 ومسند أحمد ج1 ص302 ومستدرك الحاكم ج1 ص226 وتلخيصه للذهبي بهامشه، ونيل الأوطار ج2 ص400 وزاد المعاد ج1 ص71 والسنن الكبرى ج2 ص207 والمنتقى لابن تيمية ج2 ص505 والإعتبار ص85.
([667]) صحيح البخاري ج3 ص19 و 74 ونصب الراية ج2 ص127 و 135 وزاد المعاد ج1 ص71 ومجمع الزوائد ج2 ص138 عن الطبراني في الكبير وفتح الباري ج8 ص170 و 171 وسنن الدرامي ج1 ص374 ومسند أبي عوانة ج1 ص312 و 311 وعمدة القاري ج17 ص172 وسنن البيهقي ج2 ص199 و 200 و 207 و 244 و 245 وكنز العمال ج8 ص53 عن عبد الـرزاق، وعن = = المتفق والمفترق والمصنف للصنعاني ج3 ص109 والمحلى ج4 ص149 ومسند أحمد ج4 ص57 وج 3 ص196 و 162 و 282 و 180 وراجع ص232 وبداية المجتهد ج1 ص135 والاعتبار ص86 و 96.
([668]) صحيح البخاري ج3 ص19 والصراط المستقيم للبياضي ج3 ص288 عن الجمع بين الصحيحين حديث رقم 39 من المتفق عليه وفتح الباري ج2 ص408 وراجع: نيل الأوطار ج2 ص397 والمحلى ج4 ص140 والسنن الكبرى ج2 ص207.
([669]) فتح الباري ج1 ص408.
([670]) راجع: فتح الباري ج2 ص408 وج 8 ص170 عن صحيح ابن خزيمة، ونيل الأوطار ج2 ص396 عن أنس وعن ابن حبان عن أبي هريرة وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص52 والمصنف ج3 ص107 عن علقمة والأسود، ومسند أبي عوانة ج2 ص306 ونصب الراية ج2 ص130 والمغني لابن قدامة ص787 وفيه التصريح بأن ذلك كان في صلاة الفجر، وزاد المعاد ج1 ص69 وعن الحافظ في الدراية ص117.
([671]) المحلى ج4 ص141.
([672]) عمدة القاري ج7 ص17.
([673]) مسند أبي عوانة ج2 ص306.
([674]) شرح الموطأ للزرقاني ج2 ص51.
([675]) المعتصر من المختصر من مشكل الآثار ج1 ص63.
([676]) الاعتبار ص91.
([677]) السنن الكبرى ج2 ص200 و 212 والمنتقى ج1 ص505 وعمدة القاري ج7 ص19 ومسند أحمد ج1 ص301 و 302 ومستدرك الحاكم ج1 ص225 و 226 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وسنن أبي داود ج2 ص68 ونيل الأوطار ج2 ص400 ومصابيح السنة ج1 ص446 و 447 وزاد المعاد ج1 ص69 والإعتبار ص85.
([678]) راجع: مجمع الزوائد ج2 ص136 و 137 ونيل الأوطار ج2 ص394 عن الطبراني والبيهقي والحاكم في كتاب القنوات والمحلى ج4 ص145 وعمدة القاري ج7 ص23 والاعتبار ص91.
([679]) مسند أحمد ج2 ص237.
([680]) زاد المعاد ج1 ص69.
([681]) مسند أحمد ج2 ص255 و 407 و 337 وسنن الدارقطني ج2 ص38 وسنن أبي داود ج2 ص67 وصحيح البخاري ج1 ص95 وصحيح مسلم ج2 ص135 ونيل الأوطار ج2 ص399 ونصب الراية ج3 ص129 وسنن النسائي ج2 ص202 والإحسان ج5 ص319 والسنن الكبرى ج2 ص198 و 206 والمنتقى ج1 ص505 وزاد المعاد ج1 ص69 و 70 والمصنف للصنعاني ج3 ص115 والمحلى ج4 ص139 وراجع: بداية المجتهد ج1 ص135 والاعتبار ص97.
([682]) المصنف للصنعاني ج4 ص260 وراجع هامشه.
([683]) عمدة القاري ج7 ص23.
([684]) نيل الأوطار ج2 ص394 عن الدارقطني، والبيهقي وعمدة القاري ج7 ص23 ونصب الراية ج2 ص131 والسنن الكبرى ج2 ص214 وزاد المعاد ج1 ص69 وسنن الدارقطني ج2 ص41.
([685]) المصنف للصنعاني ج3 ص108 والمحلى ج4 ص142 وراجع ص143.
([686]) نصب الراية ج2 ص132 و 133 وعمدة القاري ج7 ص21.
([687]) سنن ابن ماجة ج1 ص394 وسنن الدارقطني ج2 ص38 ونيل الأوطار ج2 ص394 والسنن الكبرى ج2 ص214 وعمدة القاري ج2 ص23 ونصب الراية ج2 ص129 و 130 و 134 والاعتبار للحازمي ص91 و 95.
([688]) راجع المصادر التالية: شرح الموطأ للزرقاني ج2 ص50 والسنن الكبرى ج2 ص213 وعمدة القاري ج7 ص16 و 17 و 22 و 23 وفتح الباري ج2 ص408 وراجع: الموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج1 ص174 والجوهر النقي هامش السنن الكبرى ج2 ص201 ومجمع الزوائد ج2 ص137 عن الطبراني في الكبير وراجع: المصنف للصنعاني ج3 ص107 والمحلى ج4 ص142 وراجع ص143 وراجع: نيل الأوطار ج2 ص394 ونصب الراية ج2 ص130 وراجع ص131 و 133 وعن الاعتبار للحازمي ص67.
([689]) الجوهر النقي المطبوع بهامش السنن الكبرى ج2 ص206.
([690]) راجع في ذلك ما يلي: مسند أحمد ج6 ص394 وج 3 ص472 والجامع الصحيح ج2 ص252 ومنحة المعبود ج1 ص101 وسنن ابن ماجة ج1 ص393 والمنتقى ج1 ص499 ـ 502 والسنن الكبرى ج2 ص213 وزاد المعاد ج1 ص69 عن أهل السنن وأحمد والجوهر النقي المطبوع بهامش السنن الكبرى ج2 ص206 و 202 و 203 و 213 ونيل الأوطار ج2 ص393 وسنن النسائي ج2 ص204 ومصابيح السنة ج1 ص447 ومسند الطيالسي ص189 وعمدة القاري ج7 ص22 والمحلى ج4 ص142 وتهذيب الكمال ج13 ص334 و 335 والمغني لابن قدامة ج1 ص787 والإصابة ج2 ص219 ونصب الراية ج2 ص130 و 131 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص328 وفي هامشه عن بعض من تقدم وعن المصادر التالية: شرح معاني الاثار ج1 ص249 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص308 عن الطبراني في الكبير رقم 8179 و 8178 و 8177.
([691]) راجع الجامع الصحيح للترمذي ج2 ص253.
([692]) السنن الكبرى ج2 ص213.
([693]) نصب الراية ج2 ص130 عن الطبراني وراجع: مجمع الزوائد ج2 ص136 واستثني في عدد من المصادر حالة الحرب. وعن ابن عمر في: الإعتبار ص93 و 94.
([694]) المصنف للصنعاني ج3 ص105.
([695]) الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى ج2 ص197.
([696]) راجع الأحاديث المشار إليها على اختلاف نصوصها وسياقاتها في المصادر التالية: نيل الأوطار ج2 ص395 و 397 و 399 عن الحاكم وصححه، والدارقطني، وأبي نعيم، وأحمد، وعبد الرزاق، ومسلم، وأبي داود وابن ماجة والنسائي، والبخاري في المغازي والسنن الكبرى ج2 ص201 و 206 و 213، وعمدة القاري ج2 ص17 و 23 وج 17 ص169 وج 5 ص73 و 74 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص323 و 320، ومسند أحمد ج3 ص184 و 216 و 287 وسنن النسائي ج2 ص200 و 203 و 204 وصحيح مسلم ج2 ص137 و 136 والمنتقى ج1 ص502 ومنحة المعبود ج1 ص101 وفتح الباري ج2 ص236 والإعتصام بحبل الله المتين ج2 ص19 وراجع أيضاً: سنن الدار قطني ج2 ص33 و 39 وسنن ابن ماجة ج1 ص394 وزاد المعاد ج1 ص71 و69 ومجمع الزوائد ج2 ص137 عن أبي يعلى، والبزار، والطبراني في الكبير، والمغني لابن قدامة ج1 ص787 و 788 ومصابيح السنة ج1 ص447 والمصنف للصنعاني ج3 ص105 وسنن أبي داود ج2 ص68 وسنن الدارمي ج1 ص375 وصحيح البخاري ج1 ص117 وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص51 ونصب الراية ج2 ص133 و 134 و 132 و 126 و 127 والمحلى ج4 ص140 و 142 مسند وأبي عوانة ج2 ص307 و 311 و 312 وجامع المسانيد ج1 ص330 و 346 و 342 و 324 وكشف الأستار ج1 ص269 وبداية المجتهد ج1 ص135 والإعتبار ص87 و 91 و 93 وعن شرح معاني الآثار ج1 ص245 و 244.
([697]) مسند أحمد ج3 ص207 وعمدة القاري ج7 ص17.
([698]) راجع سنن الدارقطني ج2 ص39 و 40 ونيل الأوطار ج2 ص395 و 397 عنه عن الحاكم وصححه، والبيهقي، وأبي نعيم، وعبد الرزاق، وأحمد والسنن الكبرى ج2 ص201 ومجمع الزوائد ج2 ص139 عن أحمد والبزار، وزاد المعاد ج1 ص70 عن الترمذي وأحمد وغيرهما، وعمدة القاري ج5 ص74 وراجع ج7 ص22 عن الخطيب وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص51 والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص110 ومسند أحمد ج3 ص162 والإعتصام بحبل الله المتين ج2 ص18 و91 والاعتبار ص86 و 95.
([699]) سنن الدارقطني ج2 ص41.
([700]) سنن الدارقطني ج2 ص37 ومجمع الزوائد ج2 ص138 عن الطبراني في الأوسط والسنن الكبرى ج2 ص198 والمحلى ج4 ص139 وليس فيه كلمة (مكتوبة) وكذا في عوالي اللآلي ج2 ص42 وعنه في مستدرك الوسائل ج4 ص396 والإعتبار ص85.
([701]) راجع: سنن الدارقطني ج2 ص41 وراجع أيضاً: كشف الأستار ج1 ص269 وعمدة القاري ج7 ص21 ونصب الراية ج2 ص131 و 132 و 136 و 137 والمغني لابن قدامة ج1 ص787 ونقل أيضاً عن الطحاوي ص143 وغيره.
([702]) راجع في ذلك: منحة المعبود ج1 ص101 وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص52 وصحيح البخاري ج1 ص95 و 117 وزاد المعاد ج1 ص71 والسنن الكبرى ج2 ص198 و 199 ونيل الأوطار ج2 ص397 والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص113 والمحلى ج4 ص141 و 138 والمنتقى ج1 ص503 وعمدة القاري ج7 ص21 ونصب الراية ج2 ص136 وسنن الدارقطني ج2 ص37 وراجع: سنن أبي داود ج2 ص68 وصحيح مسلم ج2 ص137 وسنن النسائي ج2 ص202 ومسند أبي عوانة ج2 ص313 ومسند أحمد ج4 ص280 و 285 و 300 ومسند الطيالسي ص100 وعن شرح معاني الآثار ج1 ص242 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج2 ص311 و 318.
([703]) مسند أبي عوانة ج2 ص310.
([704]) صحيح مسلم ج2 ص134 و 135 وراجع: المصادر التالية: المحلى ج4 ص149 ومسند أبي عوانة ج2 ص305 و 312 و 313 وراجع ص306 و 308 و 309 والسنن الكبرى ج2 ص197 و 244 و 198 و 208 و 200 وفي هذه الصفحة أن ذلك كان في صلاة العتمة ومسند أحمد ج2 ص255 و 337 و 470 وسنن الدارمي ج1 ص374 ونيل الأوطار ج2 ص398 و 399 ومصابيح السنة ج1 ص445 و 446 وصحيح البخاري ج3 ص74 وراجع ج4 ص73 ويقال: إن الحديث موجود في أحد عشر مورداً آخر في البخاري وبداية المجتهد ج1 ص135 وراجع: زاد المعاد ج1 ص69 والمنتقى ج1 ص503 و 504 وفتح الباري ج7 ص282 وج 8 ص170 و 171 ونصب الراية ج2 ص127 ـ 129 وص 135 وسنن النسائي ج2 ص201 ومجمع الزوائد ج2 ص137 و 138 وكنز العمال ج8 ص53 و 54 وراجع: الإعتبار ص92 وراجع ص88 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص307 و 323 و 324 و 321 وفي هامشه عن معاني الآثار ج1 ص241 و 242 وعن سنن الدارقطني ج2 ص38 ومسند الحميدي = = (939) ومسند الشافعي ج1 ص86 و 87 والمصنف لعبد الرزاق، فإن هذه المصادر كلها قد أشارت إلى حديث أبي هريرة، تاماً أو ناقصاً، وستأتي مصادر أخرى أيضاً حين الحديث عن نزول الآية بهذه المناسبة.
([705]) صحيح مسلم ج2 ص135 وراجع: المحلى ج4 ص150 والسنن الكبرى ج2 ص200 ونيل الأوطار ج2 ص396 والحديث نفسه رواه أبو هريرة، ولكنه قد نسب الاعتراض على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بسبب تركه الدعاء للنفر المؤمنين إلى عمر بن الخطاب، فأجابه بذلك الجواب، فراجع: السنن الكبرى ج2 ص200 والاعتبار ص97.
([706]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص323 و 324 والسنن الكبرى ج2 ص200 ومسند أبي عوانة ج2 ص309 و 310.
([707]) ذكر إحداها مع مصادرها حين الرد على دعوى كون القنوت كان في خصوص صلاة الصبح؛ فراجع.
([708]) بغية الألمعي في تخريج الزيلعي بهامش نصب الراية ج2 ص128 وراجع: عمدة القاري ج7 ص22.
([709]) راجع: عمدة القاري ج7 ص22.
([710]) مسند أبي عوانة ج2 ص306.
([711]) قد قدمنا شطراً من المصادر لذلك فيما سبق حين ذكرنا رواية أبي هريرة ونضيف هنا: مغازي الواقدي ج1 ص350 والإستيعاب هامش الإصابة ج3 ص8 وأسد الغابة ج3 ص91 والإتقان ج1 ص65 والدر المنثور ج2 ص70 عن البخاري ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس في ناسخه، والبيهقي، ومجمع البيان ج2 ص501 والبحار ج2 ص21 عنه والاعتبار ص93 و 92 وعن الترمذي في تفسير آل عمران.
([712]) تقدمت بعض المصادر في غزوة أحد في الجزء السابع، الفصل الثاني: نصر وهزيمة.
([713]) راجع: فتح الباري ج8 ص171 وراجع ج7 ص282.
([714]) فتح الباري ج7 ص282.
([715]) الآيات 126 ـ 128 من سورة آل عمران.
([716]) راجع الجزء السابع من هذا الكتاب، غزوة أحد، فصل: نصر وهزيمة حين الحديث حول دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" على قومه.
([717]) صحيح البخاري ج4 ص38 و 73 ودلائل الصدق ج1 ص417 وصحيح مسلم.
([718]) راجع: دلائل الصدق ج1 ص416 وصحيح مسلم ج8 ص23 والغدير ج11 ص90 عن مستدرك الحاكم ج1 ص12 و 47 والترغيب والترهيب ج3 ص469 و 470 عن عدد من المصادر ومسند أحمد ج1 ص405 و 416 وج 2 ص337 و 366 وراجع: ج5 ص70 وج 2 ص337 و 366.
([719]) دلائل الصدق ج1 ص417 وراجع: صحيح البخاري ج4 ص36 و 58 و 73 و 126 وصحيح مسلم ج7 ص5 و 4 والجامع الصحيح ج5 ص60 ومسند أحمد ج3 ص241 وج6ص 37 و 199.
([720]) راجع: سنن البيهقي ج2 ص210 ونصب الراية ج2 ص136 عن أبي داود في المراسيل، والاعتبار ص89.
([721]) راجع: المحلى ج4 ص145 ومجمع الزوائد ج2 ص136 و 137 وعمدة القاري ج7 ص23 ونيل الأوطار ج2 ص394 عن الطبراني في الأوسط، والحاكم في كتاب القنوت والبيهقي.
([722]) راجع: عمدة القاري ج7 ص23.
([723]) راجع: المصنف للصنعاني ج3 ص109 و 119 والسنن الكبرى ج2 ص209 وفتح الباري ج2 ص408 عن محمد بن نصر، وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص51.
([724]) الإعتبار ص87 و 96 وصحيح البخاري ج1 ص117 وج3 ص20 وج2 ص131 وصحيح مسلم ج2 ص136 ومسند أبي عوانة ج2 ص306 وسنن الدارمي ج1 ص374 و 375 والسنن الكبرى ج2 ص207.
([725]) فتح الباري ج2 ص408 وشرح الموطأ ج2 ص51.
([726]) الآية 159 من سورة البقرة.
([727]) راجع: صحيح البخاري ج4 ص38 وسنن الدارمي ج2 ص192 وصحيح مسلم ج1 ص73 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص22 ومسند أحمد ج4 ص33.
([728]) صحيح مسلم ج8 ص24 و 25 و 26 و 27 وسنن الدارمي ج2 ص315 ومسند أحمد ج2 ص317 و 390 و 449 و 488 و 493 و 496 وج 3 ص33 و 391 و 400 وج 5 ص437 و 439 وج 6 ص45 والبداية والنهاية ج8 ص119 والغدير ج8 ص89 عنه و 252 عن صحيح مسلم وعن صحيح البخاري ج4 ص71 كتاب الدعوات.
([729]) راجع: صحيح مسلم ج8 ص24 ودلائل الصدق ج1 ص416 عنه وراجع: الغدير ج11 ص91 وج 8 ص252 وصحيح البخاري ج4 ص38 و 37.
([730]) مسند أحمد ج5 ص191.
([731]) المعجم الصغير ج2 ص70.
([732]) صحيح مسلم ج8 ص27 والبداية والنهاية ج8 ص119 والغدير ج11 ص88 عنهما وعن أحمد والحاكم وغيرهم وليراجع كلام ابن كثير الذي ذكر أن معاوية قد انتفع بهذه الدعوة في دنياه وآخراه!!.
([733]) مسند أحمد ج4 ص5 وقد ذكر العلامة الأميني أحاديث لعن الرسول للحكم بن أبي العاص وما ولد في كتابه القيم الغدير ج8 ص243 ـ 250 عن عشرات المصادر المعتمدة لدى إخواننا أهل السنة، فنحن نحيل القارئ عليه، ونطلب منه الرجوع إليه.
([734]) صحيح مسلم ج8 ص123 ومسند أحمد ج5 ص454 و391.
([735]) تفسير العياشي ج3 ص297 و298 وتفسير القمي ج2 ص21 ومجمع البيان ج6 ص434 وتفسير البرهان ج2 ص424 عمن تقدم، عن الثعلبي، وفضيلة الحسين. وراجع: الدر المنثور ج4 ص191 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر والغدير ج8 ص248 ـ 250 عن عشرات المصادر فليرجع إليه من أراد.
([736]) مسند أحمد ج4 ص387 وزاد: وأمرني أن أصلي عليهم، فصليت عليهم مرتين..
([737]) البدء والتاريخ ج4 ص212.
([738]) راجع: زاد المعاد ج1 ص69.
([739]) محمد في المدينة ص145.
([740]) المصدر السابق.