![]() |
![]() |
![]() |
في صحيح البخاري بسنده من حديث عوف بن مالك قال : أتيت رسول الله وهو في خيمة ، فتوضّأ وضوءاً مكيناً ، فقال : يا عوف ، اعدد ستة بين يدي الساعة ؟ قلت : وما هي يا رسول الله ؟ قال : موتي ، فرجمت ـ أي صرت كالمرجوم الذي لا يستطيع الكلام ـ فقال : إحدى . فقلت : إحدى . والثانية : فتح بيت المقدس ، والثالثة : موتان فيكم كقصّ الغنم ، والرابعة : إفاضة المال تذهب حتّى يعطى الرجل مائة دينار فيشكل تيسّرها ، وفتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته ، وهذه فتنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، ثمّ يغدرونكم فيأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كلّ غاية اثني عشر ألف[1].
قال مؤلف بيان الأئمة : بعد بيان صدر الرواية وأنّ النبيّ يذكر ستّة علائم قبل الساعة أي ظهور ولده المهدي (عليه السلام) :
الثانية : فتح بيت المقدّس ، أي أنّ الاستيلاء على بيت المقدس وفتحه يقع من قبل المسلمين ، ويأخذونه من أيدي اليهود والمسيح فيخرجون اليهود عنه ، فهذه الجملة تدلّ صريحاً بأنّ بيت المقدس يقع في أيدي غير المسلمين من الكفّار واليهود والنصارى ، فيأخذه المسلمون منهم ويفتحونه ، وإلاّ لو كان بيد المسلمين فلا معنى لفتحه ، فيعلم أ نّه يقع تحت يد الكفّار واليهود والنصارى أوّلا ثمّ يفتحه الإسلام ويطرد هؤلاء عنه ...
الخامسة : فتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ ودخلته ، وهذه هي الحرب التي يوقدها الغربيون من الأجانب ، ولذا قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : إنّها فتنة تقع بين المسلمين وبين بني الأصفر ، وهم ملوك الدول الغربيّة ـ كأمريكا وأوربا ـ وملوك الروم أولاد الأصفر بن روم بن عيصور بن إسحاق ، وهم الغربيون من الأجانب والأعاجم الذين يخالف لسانهم لسان العربيّة ، فإنّ هؤلاء كلّهم في لسان أخبارنا من القديم يطلق عليهم الروم ، لأنّ الدنيا كلّها في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) وما بعده من الأئمة (عليهم السلام)كانت مملكة لطائفتين ـ لامبراطوريّتين ـ غير الإسلام كما ينصّ على ذلك التأريخ ، فالامبراطوريّة الاُولى المالكة هم القياصرة ـ ملوك الروم ـ والطائفة الثانية هم الأكاسرة ملوك الفرس.
فهؤلاء الروم يحاربون الإسلام ، ولذا قال النبيّ : وهذه فتنة ، أي حرب عظيمة تكون بينكم أي تقع بينكم وبين بني الأصفر ـ وربما المراد لون أجسادهم ويطلق على الغربيين ـ أي حرب بين الإسلام وبين هؤلاء الروميين.
وقال قبل ذلك : إنّ هذه الفتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته وإنّما خصّ العرب بهذه الفتنة ـ وهذه الفقرة تؤيّد الرواية التي مرّت أنّ الحروب الثلاثة الاُولى إنّما تكون باسم الاُمّة العربية ، فتأمّل ـ لأنّ العرب ، أي جميع الدول العربية يكونون أنصار هؤلاء الروميين من الكفّار واليهود والنصارى ـ وربما إشارة إلى حكّام العرب الخونة وعملاء الاستعمار وأذنابهم في البلاد العربية ـ فيأتون بهم ويزجّونهم في هذه الحرب الضارية ويقذفونهم أمام الأسلحة النارية المحرقة القاسية ، فلذلك يقتل أغلب ابناء العرب ، فلذلك تدخل هذه الفتنة وهذه الحرب القاسية في كلّ بيت من بيوت العرب.
وكلام النبي (صلى الله عليه وآله) عامّ فلم يخصّ به بلد خاصّ أو دولة خاصّة ، بل قال : لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته ، فيشمل كلامه جميع البيوت العربية في جميع الدول العربية ـ وهذه من نتائج القومية العربية فكراً ومنهجاً وعملا ـ فهؤلاء الأجانب من بني الأصفر قد أعلنوا الفتنة وأوجدوا الحرب ، وحيث إنّ العرب من أنصارهم وأعوانهم فتفني فيها البيوت العربية بأجمعها ، ولا يبقى منها إلاّ الفرد النادر ـ بحيث يبقى من المائة رجل واحد ـ نجّى الله المؤمنين منها ، وكفاهم شرّ القتال.
[1]بيان الأئمة 1 : 440.
![]() |
![]() |
![]() |