![]() |
![]() |
![]() |
عن كتاب إلزام الناصب بسنده عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في خطبة قال : وسيحيط ببلاد الروم في أحد الأشهر الحرم أشدّ العذاب من بني حام فكم من دم يراق بأرض العلائم ـ أي الشام ـ وأسير يساق مع الغنائم ، حتّى يقال : أروى بمصر الفساد وافترست الضبع الآساد ، فيا لله من تلك الآفات والتجلبب بالبليّات واحصنت الربع المساحل حتّى يصمّم الساحل ، فهنالك يأمر العلج الكسكس أن يخرب بيت المقدس ، فإذا أذعن لأوامره وسار بمعسكره ، وأهال بهم الرزمان بالرملة وشملهم الشمال بالذلّة فيهلكون عن آخرهم هلعاً فيدرك أساراهم طمعاً ، فيا لله من تلك الأيام وتواتر شرّ ذلك العام ، وهو العالم المظلم المقهر ويستكمل هوله في تسعة أشهر ، ألا وإنّه ليمنع البرّ جانبه والبحر راكبه ، وينكر الأخ أخاه ، ويعقّ الولد أباه ، ويذممن النساء بعولتهنّ ، وتستحسن الاُمّهات فجور بناتهن ، ويميل الفقهاء إلى الكذب ، ويميل العلماء إلى الريب ، فهنالك ينكشف الغطاء عن الحجب وتطلع الشمس من مغربها ، هنالك ينادي مناد من السماء : اظهر يا وليّ الله إلى الأحياء ... إلى آخر الخبر[1].
قال سماحة مؤلف بيان الأئمة في شرح الخبر : وسيحيط ببلاد الإرم أي ينزل ويحلّ ويفسد ببلاد الإرم وهي دمشق وحواليها ، وفي القاموس إرم ذات العماد دمشق أو الاسكندرية ـ مصر ـ فيكون المعنى سينزل ويحلّ ويفسد ببلاد الشام دمشق والاسكندرية . قال (عليه السلام) : في أحد الأشهر الحرم أي إمّا في رجب أو ذي القعدة أو ذي الحجّة أو محرّم ، فهذه هي الأشهر الحرم في الإسلام ، أشدّ العذاب ، أمّا العذاب الشديد ففسّر بالسيف والقتل وأمّا أشدّ العذاب أو العذاب الأشدّ فهو أعظم وأكثر من العذاب الشديد ، ولعلّه يراد به القصف بالقنابل النووية المحرقة والقذف بالصواريخ والمدافع الثقيلة والأسلحة النارية ونحو ذلك من إهلاك النفوس بالسلاح الجديد المتطوّر المدمّر ، فقال (عليه السلام) : أشدّ العذاب . وقوله : من بني حام : حام اسم للتوراة ، فبني حام أي بني التوراة وهم اليهود الأوغاد ، فيكون المعنى : سينزل بدمشق والاسكندرية أشدّ العذاب من اليهود فكم دم يراق بأرض العلائم ـ الشامات ـ وأسير يساق مع الغنائم ـ كما حدث ذلك في الحروب الاسرائيلية كحرب حزيران ـ فهؤلاء اليهود لا يكتفون بنهب الأموال بل الأموال والأنفس فيأسرون الناس ـ كالجنود ـ ويسوقون الأسير مع الغنائم . حتّى يقال : أروى بمصر الفساد ن بمعنى شدّة الفساد بمصر أو بمعنى النقل والرواية للفساد بأن يروى الفساد عن مصر بحيث يذكر ويروى وقوع الفساد فيها ، والفساد ضدّ الفلاح ( وافترست الضبع الآساد) بمعنى أنّ من كان جباناً كالضبع وهم اليهود فإنّهم يفترسون الآساد جمع أسد ، فالإمام (عليه السلام) يمثّل أهل الإسلام بالآساد ، ويمثّل اليهود بالضباع ، فالأسد سيّد الحيوانات فلا يمكن أن يفترسه الضبع ولكن في آخر الزمان ومن العلائم للظهور : أن يفترس اليهود الذين هم كالضباع الآساد الذين هم أهل الإسلام ـ وربما إشارة إلى انتشار النعرات اليهودية وكلماتهم المزيّفة بين المسلمين فيسودهم بثقافتهم المقيتة ـ كالعلمانية والديمقراطية والحرية المزيّفة والوطنية والقومية والتحزّب وما شابه ذلك من الكلمات الجوفاء والفارغة من المحتوى والجوهر ـ بعدما كان المسلمون بحضارتهم ودينهم وقرآنهم هم أسياد العالم فأخذوا لبّ الإسلام منّا وتركونا والقشور والظواهر . (فيا لله من تلك الآفات والتجلبب بتلك البليّات) كلمة (يا لله) تعجّب من تلك الآفات والمهلكات كالحروب النووية المدمّرة القاتلة للشعوب والمهلكة للمخلوقات والمخرّبة للديار العامرة ، كما تعجّب (عليه السلام) من التجلبب أي لبس وتحمّل تلك البليّات العظام مثل الوقوف والصمود أمام الأسلحة النارية الحديثة . (وأحصنت الربع المساحل) أحصنت أي منعت لأنّ أصل الإحصان هو المنع . والربع هم جماعة الناس . المساحل جمع المسحل وهم الجلاّدون من الشرطة الذين يقيمون الحدود . فيكون المعنى ومنعت الجلاّدون من الشرطة جماعة الناس من الغدو والرواح ، أي صدّروا أمراً بمنع التجوّل في الشوارع والأزقّة والطرقات.
حتّى يصمم
الساحل ويصمّ الساحل ـ بميم واحدة ـ أي حتّى يسدّ الساحل
وهو ريف البحر وشاطئه ، فلا يدعون أحداً يأتي إليه ، ويمنع التجوّل
فيه ، فهنالك (يأمر العلج الكسكس أن يخرّب بيت المقدس) أي بعد
حضر التجوّل ومنع الناس عن المرور في الشوارع والأزقّة ـ أو إشارة إلى
استقرار حكومتهم الغاصبة ونفوذهم في بلاد المسلمين وفتح سفارات إسرائيل واحدة تلو
الاُخرى ـ يأمر العلج اللسكس ، والعلج هو الرجل الضخم القويّ من
كفّار العجم ، وبعضهم يطلق الصلح على الكافر مطلقاً ، والكسكس
والكسكاس : القصير الغليظ ، فيكون المعنى أنّ هذا الرجل الضخم
القويّ من كفّار العجم ، والمراد بالعجم ـ في
الروايات ـ من خالف العرب في لسانه ، فيشمل الإفرنج والروم
وغيرهم ، فهذا الأعجميّ اللسان من الأجانب الغربيين أو هو من اليهود أو
النصارى ، يامر بخراب بيت المقدس ، ولعلّه ـ لأجل بناء هيكل
سليمان كما هو من مخطّط الصهاينة ، فعندهم لا يهود بلا فلسطين ، ولا
فلسطين بلا هيكل سليمان ، فمن مخطّطهم تخريب المسجد الأقصى لأ نّه أبرز
علامة على أنّ فلسطين إسلامية ، ولعل التخريب لأجل التنقيب فيه والاطلاع على
ما فيه من ذخائر وكنوز وآثار قديمة وثروة عظيمة ، وتحف عجيبة
فينهبونها ، ولذا ورد في
بعض
رواياتنا أنّ الإمام القائم (عليه السلام) إذا قام وفتح بيت
المقدس وتوجّه إلى الدول الغربية وفتح إيطاليا ، أمر بفتح الكنيسة التي فيها
مقرّ البابا وهي كنيسة عظيمة ، وفتح خزانتها فيخرج ما فيها من كنوز وذخائر
وثروة ، ويقول مخاطباً للمؤمنين : إنّ هذه الذخائر والكنوز
والثروة والزينة كلّها سرقت من بيت المقدس ، ووضعت هنا فارجعوها إلى محلّها ،
أي إلى بيت المقدس ، فيحمل منها عشرة بواخر ، ويرجع تلك الآثار والزينة
والثروة إلى القدس الشريف.
ثمّ قال (عليه السلام) : (فإذا أذعن لأوامره) أي نفّذت أوامر هذا العلج الكسكس فخرّبوا بيت المقدس ، ونهبوا وسرقوا ما فيه من كنوز وثروة عظيمة وذخائر جسيمة وساد هذا العلج من الغربيين ومن اليهود أو النصارى مع جيشه ونزل في الرملة ، وهي بلدة في فلسطين شمال شرقي القدس . (وشملهم الشمال بالذلّة) أي شملهم وأدخلوا عليهم أهل الشمال الذلّة وأهل الشمال هو الدول الشرقيّة ، فحيث إنّهم قد حطّموا أقوى الدول الغربية ، فلا قوّة عندهم تعزّزهم ، فأصبح الغربيون ـ اليهود وأمريكا ـ أذلاّء خاسرين ، لأنّ الذلّة ضدّ العزّة بمعنى الإهانة ، فصاروا مهانين لا قوّة لهم ليدفعوا بها عن أنفسهم ، ولا ناصر لهم فينصرهم فيهلكون عن آخرهم هلعاً أي جزعاً ، لأنّ الهلوع من يفزع من الشرّ والفجور ، ومن لا يصبر على المصاب ، فيقتلون عن آخرهم . (فتدرك آساراهم طمعاً) أي إذا انعدمت قوّتهم ولم يتمكّنوا من الدفاع عن أنفسهم فيشملهم الهلاك ، فقسم منهم يهلك بالقتل ، وقسم بالأسر ، أي فحينئذ يطمع الغير في أسرهم وسلبهم ، فيأسرهم غيرهم ويسلبهم ما عندهم ، ثمّ يتعجّب الإمام (عليه السلام) قائلا : فيا لله من تلك الأيام وتواتر شرّ ذلك العام ، وهو العام المظلم المقهر ، ويستكمل هوله تسعة أشهر ـ إلى آخر الخبر وشرحه ، فراجع ـ .
[1]بيان الأئمة 1 : 470.
![]() |
![]() |
![]() |