الانتظار  الإيجابي

هذا وعلى كلّ مسلم ومسلمة أن ينتظر الفرج فإنّه من أفضل الأعمال كما ذكرنا ، وجاء في الروايات الشريفة ، والانتظار إنّما يطلق على من كان لا يعجبه الوضع الحاضر ، فهو يسعى لوضع أفضل ، مثل المريض الذي ينتظر البرء ، أو الأب الذي ينتظر عودة ولده من السفر ليزول ألم الفراق.

ونحن ننتظر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ، يعني انتظار الحكومة العادلة في كلّ ربوع الأرض تحت لوائه المقدّس (عليه السلام).

والانتظار والحكومة العادلة العالمية مركّبة في واقعها من عنصرين أساسيين : عنصر نفي ورفض ، وعنصر إثبات ووجود ، والأوّل هو حالة المقاطعة للوضع الموجود ، والثاني السعي للوضع الأفضل ، وإذا تعمّق هذان العنصران في روح الإنسان ووجوده بشكل جذري واُصولي ، فإنّه يكون منطلقاً لكثير من الأعمال والخطوات الكبيرة بفرعيها الإيجابي والسلبيى ، كترك التعاون مع عوامل الظلم والفساد ، بل يكون للظالم خصماً وللمظلوم عوناً ، وصنع الإنسان لنفسه ، وإعداده ليكون واحداً من الجنود الواعين المخلصين تحت لواء القائد المظفّر ، ومن هنا ندرك معنى الروايات الكثيرة القائلة أنّ من يموت على ولاية أهل البيت وانتظار الفرج وظهور الحجّة القائم (عليه السلام) ، فإنّه يموت شهيداً ، ويكون بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه ، بل يكون كمن كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وربما لا يعلم أسرار غيبته (عليه السلام).

كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها يرتاب فيها كلّ مبطل . فقلت : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه ، قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال : وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره[1].

فوجه الحكمة لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلاّ وقت افتراقهما.

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ هذا الأمر أمر من الله تعالى ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أ نّه عزّ وجلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله وأقواله كلّها حكيمة ، وإن كان وجهه غير منكشف لنا.

وأعظم فوائد وجوده ما يترتّب عليه من بقاء العالم بإذن الله تعالى وأمره ، كما ذكرنا تفصيل ذلك ، فإنّه أمان لأهل الأرض ، ولولاه لساخت الأرض بأهلها.

فوجوده لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وعدمه منّا ـ كما قال ذلك المحقّق الخواجة نصير الدين الطوسي في تجريد الاعتقاد ـ كما إنّه لا نقطع بأ نّه مستتر عن جميع أوليائه ، فلا مانع من تصرّفه في بعض الاُمور المهمّة بواسطة بعض أوليائه من الأوتاد والأبدال والصالحين.

فالانتظار الإيجابي من أهمّ العوامل في إصلاح الفرد والمجتمع ، فمن ينتظر المصلح الطاهر المطهّر ، ويعلم أنّ السنخيّة علّة الانضمام ، ويريد أن يكون في ركاب وليّ أمره حجّة الله الأعظم ، فلا بدّ أن يأتمّ بإمامه في سلوكه وسيرته وطهارته وإصلاحه ، ويتمثّل بما في إمامه من الصفات الكمالية بورع واجتهاد ، وإن لم يقدر على ما هو عليه صلوات الله وسلامه عليه ، فإنّما العادل ينتظر حقيقة العدالة وروحها وبسطها وشمولها ، أمّا من كان ظالماً وطاغياً في الحياة لا يمكنه أن يتمنّى وينتظر ظهور رجل يبيد الظلم ويفني الطغاة والجبابرة ؟ !

ومن كان مدنّساً بالرذيلة والخطايا هل يمكنه أن ينتظر الثورة العارمة التي تحرق أوّلا ما تحت ثياب المدنّسين.

فانتظار رجوع المسافر من السفر ، وانتظار موسم الحصاد ، وانتظار عودة صديق محبوب ، وانتظار خروج مريض من المستشفى ، كلّ لون من ألوان الانتظار يصاحبها لون من الإعداد والتهيّؤ.

أليس على من ينتظر النهضة العالمية الشاملة ، والمصلح العظيم أن يتهيّأ نفسياً واجتماعياً وأخلاقياً ، وفي كلّ حقول الحياة وأبعادها.

أجل ، لا بدّ من الإعداد الفكري والروحي والمادي والمعنوي للمساعدة في تحقيق ذلك البرنامج الإصلاحي الشامل.

إنّ الاختلاف والنفاق والحسد والبغي والتناحر والتباغض والتحزّبات والطائفيات والإقليميات وقصر النظر ليس من شأن المنتظرين الواقعيين.

فلو كان الإنسان فاسداً فكيف يمكنه أن ينتظر النظام الذي يدمّر الفساد ويقضي على المنحرفين والعصاة المتمرّدين ؟ !

إنّ الانتظار الإيجابي طريق لإصلاح الجسم والروح من الفساد والدنس ، الانتظار الواقعي هو الاستعداد النفسي والفكري والأخلاقي والروحي لمثل ذلك المشرق العالمي ، ويتمّ ذلك من طريق إصلاح المجتمع والتطبيق العميق للمناهج الفكرية والأخلاقية والاجتماعيه للرسالة.

الانتظار الإيجابي يعني عدم ذوبان المسلم في المحيط الفاسد ، وعدم انقياده للانحراف الجارف ، وذلك حين ينتشر الفساد وينغمس الأكثر في ذلك الفساد ، يجد الناس النظيفون أنفسهم في طريق مسدود ينطلق منه اليأس من الإصلاح ، إلاّ أ نّهم بانتظارهم الصحيح يفكّرون في معالجة المجتمع وإصلاحه والمحاولة للصمود والثبات على الطريق وعدم التدنّس بالرذيلة والخطيئة ، ولولا هذا الشعور لأخذهم تيّار الفساد نحو السقوط والهبوط ، والابتلاء بمجاراة المحيط الفاسد ، ولا يستطيعون الحفاظ على أنفسهم كأقلّية صالحة في وسط مجتمع فاسد ورهيب ، ويعملون بالأصل الفاسد والثقافة المنحرفة القائلة : (حشرٌ مع الناس عيد).

فلا سبيل لهم إلاّ أن يعيشوا أمل الظهور ، فشيء واحد يُعطيهم الأمل ويدعوهم إلى المقاومة ويحفّزهم إلى عدم الذوبان والضياع ، وهو الأمل بالإصلاح النهائي على يد المنقذ الأكبر ، فهم في هذه الحالة لا يفترون عن السعي نحو إصلاح أنفسهم والآخرين.

تماماً مثل اليأس من مغفرة الله عزّ وجلّ يعدّ من الكبائر ، وإنّه جريمة وذنب عظيم ، لأنّ اليأس سيواصل طريق الإجرام والمعصية ، لكن إذا فتح له باب الأمل والرجاء بالمغفرة فإنّه يوقف مدّ العصيان عند هذا الشخص المتأمّل ، كذلك الأمل بالإصلاح النهائي على يدي الإمام المهدي (عليه السلام) والقائم من آل محمد (عليهم السلام) يحفّز الإنسان أن لا يذوب ويضمحلّ في الفساد الاجتماعي ، لأنّ الفساد مهما تفشّى وسرى فإنّه يتقوّى الأمل ويشتدّ الانتظار لظهور ذلك المصلح الأكبر.

فالانتظار السليم محصّن الأقلية الصالحة أمام أمواج الفساد ، ومواصلة مسيرة الطهارة وصيانة النفس وإصلاح الآخرين والصمود على الطريق ، شوقاً للقاء دولة الإمام المهدي العادلة ، وإنّ الإيمان بهذا الأمر يترسّخ كلّما اشتدّ الظلم ، والانتظار يشتدّ كلّما سادت الفضوى وعمّ الفساد والانحراف . متى نرى يا فرج الله يا صاحب الزمان وجهك المشرق الوضّاء ما بيننا كالشمس ضاء بعد طول استتار.

«هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتُلقى ، هل يتّصل يومنا بيومك بعدة فنحضى ، متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر ونحن نقول الحمد لله ربّ العالمين».

فالانتظار الإيجابي السليم يعني الأمل الصادق والصحيح ، والأمل هو أساس النجاح والانتصار والعمل والنشاط ، فالمجتمع الذي لا يعيش روح الأمل سرعان ما تطفى شعلته الوهّاجة التي تدفعه نحو العمل والسعي ومواجهة الصعاب والعراقيل.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدّوا وانتظروا ، هنيئاً لكم أ يّتها العصابة المرحومة.

وحكومة الإسلام في ربوع الأرض إنّما تتمّ بثورة كبرى ، لا بدّ أن تسبقها إرهاصات ومقدّمات تمهّد لاشتعالها وانتصارها.

فكلّ مسلم غيور يتحمّل مسوؤلية الإصلاح بدءاً بنفسه ، ثمّ أهله ( قوا أنْفُسَكُمْ وَأهْليكُمْ )[2] ، وعليه أن يهيّيء الظروف المواتية والشروط المناسبة لظهور الحقّ الأكبر والحجّة العظمى.

وكفى المسلمون رقادهم وسباتهم وتشتّتهم واختلافهم ، وحان موعد الاعتصام بحبل الله جميعاً ، والالتفاف حول راية التوحيد الكبرى ، فلا غرب ولا شرق ، ولا رأسمالية ولا شيوعية ، نعم للإسلام فقط ، فانهضوا وابنوا صرحكم الشامخ على اُسس الإسلام القويمة ، واستلهموا روح القرآن الكريم ، وامضوا في دربه وصراطه المستقيم ، طريق العزّة والكرامة ومنهاج الشرف والسعادة . فثوروا ضدّ الجهل والتخلّف والجمود والخرافات ، فإنّ رايات البشائر والانتصار ترفرف ، وتخبرنا أنّ النصر والفتح قريب ، وإنّما جاء الإسلام ليرسم الطريق إلى السعادة والهناء ، وأن تعيش البشرية بسلام وأمان.

وأنتم يا شباب الإسلام الرساليين ، هبّوا وانهضوا وكونوا أنصار الله وأنصار وليّه الأعظم المهدي من آل محمّد (عليه السلام) ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

وقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :

«أصحاب المهدي شباب لا كهول فيهم ، إلاّ مثل كحل العين والملح في الزاد وأقلّ الزاد الملح»[3].

«والانتظار المطلوب هو الانتظار الإيجابي الذي يبعث في القلوب الكسيرة الطمأنينة والسلام وهذه البشارات التي تتحدّث عن يوم موعود لانتصار المظلومين ، هي التي تمدّ المستضعفين بالروح ... روح المقاومة والصمود ... روح التضحية والفداء ... روح القوّة والجهاد ... فالأمل هو أعظم ما يملكه الإنسان المتفائل الذي ينظر إلى المستقبل ، فيراه أخضر بلون الربيع ، وأزرق بلون السماء الصافية ، وأبيض بلون الثلوج.

إنّ سيّدنا ونبيّنا الأكرم ورسولنا الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يرسّخ في أذهان أتباعه فكرة المهدي ، إنّما يهدف إلى القضاء على مارد اليأس وسدّ الطريق أمام التخاذل ، والهزيمة أمام الانحراف والفساد والظلم ، فالجولة الأخيرة للإسلام ، لا بدّ لراية التوحيد أن تخفق فوق ربوع العالم بأسره»[4].

وإنّ النصر سيكون حليف الرجال الذين سيؤمنون بالمهدي المنتظر الحجّة الثاني عشر (عليه السلام) وبأهدافه المقدّسة الإلهية ، ويدافعون عنه وعنها ، ويبذلون النفس والنفيس ببصيرة من أمرهم وإيماناً بنصر الله الذي يهبه عباده المؤمنين ، ومتى وجد القائد والقائم المعصوم والاُمّة المؤمنة والرعيّة المخلصة ، فإنّ نصر الله سيتحقّق ويتحقّق حلم البشرية والإنسانية المضطهدة في إقامة حكومة العدل الإلهي والإسلام المحمّدي الأصيل.

فلا بدّ من الانتظار ، وأ نّه من أفضل الأعمال ، والشعور بالأمل هو أعظم ثروة يملكها الإنسان ، وما نعيشه اليوم من الانحطاط والانكسار وسقوط البشرية بجنون نحو الهاوية ، تكون بارقة الأمل هي المبرّر الوحيد لاستمرار الإنسان في الحياة ، فإنّه يحلم بالربيع القادم ، وبالسلام والحياة الآمنة ، والعدالة الفردية والاجتماعية ، والحرية المستقيمة.

ومنذ أن بزغ فجر الإسلام يشعّ نوراً مع هجرة نبيّنا الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) من مكّة المكرّمة وإلى المدينة المنوّرة ، بدأ التأريخ الإسلامي الزاخر بالحوادث والوقائع المريرة ، ومع بداية الفصل الأوّل من الصراع أودع النبيّ بذرة الأمل بظهور (القائم المهدي) من آل محمّد (عليهم السلام) يحمل اسمه وكنيته ، ويمثّل شمائله ومحاسنه وأخلاقه المحمدية ، وهو الذي وعد الله الناس أ نّه في آخر الزمان سيحقّق حلم الأنبياء والأوصياء ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

فلا أمل في دنيانا التي نعيشها بهواجس الحرب والقلق وسباق التسلّح وصراع ، لا يعرف الهوادة بين الشرق والغرب ، وكوارث مروّعة وهائلة ، وترسانات الأسلحة تغصّ بأسلحة الدمار وتهدّد البشرية بالفناء ، والطغاة والجبابرة لا زالوا يملكون رقاب الناس ، وينهبون ثرواتهم ويتركون البلاد قاعاً صفصفاً ، إلى جانب ما نشهده من الانحطاط الأخلاقي ، والسقوط في حمأة الغرائز والشهوات والابتعاد عن الدين ، والاستغراق في المادّة والانسياق وراء الملاذّ حتّى أطلق المفكّرون في العالم صرخة الإنذار والتحذير من الخطر القادم ، فلا أمل إلاّ انتظار الفرج والاستعداد لظهور المصلح العالمي ، ولو ببري سهم ـ كما ورد في الخبر الشريف ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) : ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهماً[5].

أجل أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هم الذين قهروا أشباح اليأس ومارد القنوط ، وهم وحدهم الذين يعيشون الأمل والتفاؤل بمستقبل العالم وأنّ الأرض يرثها عباد الله الصالحون . وأنّ شريعة الإسلام التي تكفل سعادة البشر بقيادة الإمام المعصوم هي الأمل الوحيد في انتشال الإنسانية من ظلمات الشقاء والهبوط بسلام في مطار أنوار السعادة والخير.

فأتباع أهل البيت (عليهم السلام) قد آمنوا بمستقبل الإسلام ، وجسّدوا في ضمائرهم صورة العصر القادم ... العصر المشرق لحكومة العدل والتوحيد ، وهم ينظرون بأمل إلى غد مشرق وينتظرون[6].

ينتظرون تلك الدولة العالمية التي تشمل الغرب والشرق ، يقودها وعلى قمّتها الإمام المهدي (عليه السلام) ، فهو المسؤول الأعلى في إدارتها ، وسوف يعيّن لإدارة هذه المساحات الشاسعة ولاة يتّصلون به مباشرةً يسمعونه ويرونه ويتحدّثون إليه.

وفي عهده وتحت ظلّه ورايته الخفّاقة تغمر العدالة الإنسانية كلّ الأرض ، ويعيش العالم في هدوء وسلام ومودّة ، يعطف بعضهم على بعض ، ويعمّ الأمن والرفاهية والحرية والسلام العالم بأسره ، وتزول كلّ مظاهر العدوان وتفنى روح السيطرة والظلم ، فلا يفكّر أحد بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين واستعباد الناس واستثمار جهودهم ، ويحدث في عهده انتعاش اقتصادي هائل حتّى لا يبقى فقير يستحقّ الزكاة.

وتزدهر الأرض بخضرتها ، وتنزل السماء غيثها ، وتتضاعف بركات الله وآلائه ونعمائه ، ويعود الخلق إلى الله وهم أكثر إيماناً وعبادة ، فيهجرون الآثام والذنوب ويتركون المعاصي والجنايات ويصبح الإسلام الحنيف هو دين الله للجميع ، ويرتفع نداء التوحيد في ربوع الأرض.

وفي عهده المبارك ودولته الحقّة يصل الإنسان إلى درجة من النضوج العلمي والعقلي حتّى أنّ ربّات الحجول يتمكّنّ من القضاء وهنّ في منازلهنّ ، كما روي ذلك عن الإمام الصادق (عليه السلام)[7].

اللّهمّ عجّل ذلك اليوم الموعود ، «اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ أمْرِكَ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدْلِ المُنْتَظَرِ ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ ، وَأيِّدْهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ ، اللّهُمّ اجْعَلـْهُ الدَّاعيَ إلى كِتابِكَ ، وَالقائِمَ بِدينِكَ ، اسْتَخْلِفْهُ في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ ، أبْدِلـْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أمْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً ، اللّهُمَّ أعِزَّهُ وَاعْزِزْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً قَريباً ، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلـْطاناً نَصيراً اللّهُمَّ أظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّى لا يَسْتَخْفي بِشَيْء مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أحَد مِنَ الخَلـْقِ ، اللّهُمَ إنَّا نَرْغَبُ إلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِها الإسْلامَ وَأهْلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأهْلَهُ وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ وَترْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِنْ الحَقِّ فَحَمِّلـْناهُ وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ ، اللّهُمَّ الـْمُمْ بِهِ شَعَثَنا وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا وَكَثِّرْ بِهِ خَلَّتَنا وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا وَبَيِّضْ بِهِ وُجوهَنا وَفُكَّ بِهِ أسْرَنا وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ آمالَنا وَأعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا يا خَيْرَ المَسْؤولينَ وَأوْسَعَ المُعْطينَ اشْفِ بِهِ صُدورَنا وَأذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلوبِنا وَاهْدِنا بِهِ لِما اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الحَقِّ بِإذْنِكَ إنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا إلـهَ الحَقِّ آمينَ ، اللّهُمَّ إنَّا نَشْكو إلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا وَقِلَّةَ عَدَدِنا وَشِدَّةَ الفِتَنِ بِنا وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ وَنَصْر تُعِزُّهُ وَسُلـْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَة مِنْكَ تُجِلِّلُناها وَعافِيَة مِنْكَ تُلـْبِسُناها ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ»[8].

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَصَلِّ عَلى مَحَمَّد جَدِّهِ وَرَسولِكَ السَّيِّدِ الأكْبَرِ وَعَلى أبيهِ السَّيِّدِ الأصْغَرِ وجَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ الكُبْرى فاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ البَرَرَةِ وَعَلَيْهِ أفْضَلَ وَأكْمَلَ وَأتَمَّ وَأدْوَمَ وَأكْثَرَ وَأوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَد مِنْ أصْفِيائِكَ وَخيرَتِكَ مِنْ خَلـْقِكَ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها وَلا نِهايَةَ لِمَدَدِها وَلا نَفادَ لأمَدِها ، اللّهُمَّ وَأقِمْ بِهِ الحَقَّ وَادْحَضْ بِهِ الباطِلَ وَأدِلْ بِهِ أوْلِيائَكَ وَاذْلِلْ بِهِ أعْدائَكَ ، وَصِلِ اللّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إلى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ وَاجْعَلـْنا مِمَّنْ يَأخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ وَيَمْكُثُ في ظِلِّهِمْ وَأعِنَّا عَلى تَأدِيَةِ حُقوقِهِ إلَيْهِ وَالاجْتِهادِ في طاعَتِهِ وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ وَهَبْ لَنا رَأفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدُعائَهُ وَخَيْرَهُ ما نَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رِحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقْبولَةً وَذُنوبَنا بِهِ مَغْفورَةً وَدُعائَنا بِهِ مُسْتَجاباً وَاجْعَلْ أرْزاقَنا بِهِ مَبْسوطَةً وَهُمومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً وَحَوائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً وَأقْبِلْ إلَيْنا بِوَجْهِكَ الكَريمِ وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إلَيْكَ وَانْظُرْ إلَيْنا نَظْرَةً رَحيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِها الكَرامَةَ عِنْدَكَ ثُمَّ لا تَصْرِفُها عَنَّا بِجودِكَ ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأسِهِ وَبِيَدِهِ رَيَّاً رَوِيَّاً هَنيئاً سائِغاً لا ظَمَأَ بَعْدَهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ»[9].


[1]إكمال الدين للشيخ الصدوق.

[2]التحريم : 6.

[3]حوارات حول المنقذ ، عن البحار 52 : 333.

[4]حوارات حول المنقذ.

[5]البحار 52 : 366.

[6]اقتباس من (حوارات حول المنقذ) ; الشيخ إبراهيم الأميني.

[7]حوارات حول المنقذ ، عن بحار الأنوار 52 : 336.

[8]مفاتيح الجنان : 182 ، دعاء الافتتاح في ليالي شهر رمضان ، وعليكم بدعاء الغيبة ودعاء العهد ودعاء الندبة وزيارة آل ياسين والجامعة ـ كما جاء ذلك في أواخر مفاتيح الجنان لشيخنا القمّي (قدس سره) ـ فراجع واقرأها كلّ يوم ، وإلاّ فكلّ اُسبوع ، وإلاّ ففي كلّ شهر مرّة ، فإنّ فيها بركات عظيمة ومنافع جمّة ، وإنّ من يذكر الحجّة صاحب الزمان (عليه السلام) ويدعو له ، فإنّ المولى صاحب الأمر يدعو له أيضاً ، فهو مظهر ( اذْكُروني أذْكُرُكُمْ ) ، وإنّه مظهر الشاكر الشكور ، عجّل الله فرجه الشريف وجعلنا من خلّص شيعته وأنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.

[9]مفاتيح الجنان : 538.

بعض المصادر العربيّة في الإمام المهدي (عليه السلام)