![]() |
![]() |
![]() |
لقد تأسّى الإمام المهدي (عليه السلام) في طول عمره الشريف بالأنبياء السابقين ، فإنّه ممّـا لا يمكن إنكاره بصريح الآيات القرآنية ، فإنّ هناك من الأنبياء (عليهم السلام) من طال عمره ، بل بعضهم لا زال حيّاً كروح الله عيسى بن مريم والنبيّ خضر (عليهما السلام).
فإنّ ذا النون يونس النبيّ لولا أن سبّح الله في بطن الحوت للبث حيّاً إلى يوم يبعثون ـ يوم القيامة ـ كما في قوله تعالى :
( فَلَوْلا أ نَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثونَ )[1].
وإنّ نوح (عليه
السلام)
قد دعا قومه ـ أي كانت مدّة دعوته وإظهار نبوّته غير عمره ـ
ألف
عام إلاّ خمسين سنة ، كما في قوله تعالى :
( وَلَقَدْ أرْسَلـْنا نوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فيهِمْ ألـْفَ سَنَة إلاّ خَمْسينَ عاماً )[2].
وإنّ عيسى بن مريم لا زال حيّاً في السماء ، وأ نّه ينزل في آخر الزمان ويصلّي خلف الإمام القائم (عليه السلام) ويكون من أعوانه ، كما ورد في الأخبار الصحيحة عند الفريقين ـ فهو لا زال حيّاً رفعه الله سبحانه وإنّه لم يقتل ـ كما في قوله تعالى :
( وَما قَتَلوهُ يَقيناً بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزيزاً حَكيماً وَإنْ مِنْ أهْلِ الكِتابِ إلاّ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ )[3].
وإنّ الخضر (عليه السلام) شرب من ماء الحياة ولا يزال حيّاً مع الإمام المهدي (عليه السلام).
فكيف يكون الإيمان بطول عمر الإمام المهدي (عليه السلام) إمارة الجهل مع تصريح القرآن الكريم، بإمكان مثله، كما حدث في الأنبياء الماضين ، فما لكم كيف تحكمون ؟!!
قال السيّد ابن طاووس (قدس سره) في الفصل 79 من كتابه القيّم (كشف المحجّة) في مناظراته مع بعض العامّة : لو حضر رجل وقال : أنا أمشي على الماء ببغداد ، فإنّه يجتمع لمشاهدته كلّ من يقدر على ذلك من الناس ، فإذا مشى على الماء وتعجّب الناس منه ، فجاء آخر قبل أن يتفرّقوا وقال أيضاً : أنا أمشي على الماء ، فإنّ التعجّب منه يكون أقلّ من ذلك ، فمشى على الماء ، فإنّ بعض الحاضرين ربما يتفرّقون ويقلّ تعجّبهم ، فإذا جاء ثالث وادّعى نفس الدعوى فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ، وهذه حالة المهدي ، لأ نّكم رويتم أنّ إدريس حيّ موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن ، ورويتم أنّ عيسى حيّ موجود في السماء وإنّه يرجع إلى الأرض مع المهدي (عليه السلام) ، ورويتم أنّ الخضر حيّ موجود منذ زمان موسى (عليه السلام) أو قبله إلى الآن ، فهذه ثلاثة من البشر طالت أعمارهم وسقط التعجّب بهم من طول أعمارهم ، فهلاّ كان لمحمّد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) اُسوة بواحد منهم ، أن يكون من عترته آية الله جلّ جلاله في اُمّته بطول عمر واحد من ذرّيته ، فقد ذكرتم ورويتم أ نّه يملأ الأرض قسطاً وعدلا ، ولو فكّرتم لعرفتم أنّ تصديقكم أ نّه يملأ الأرض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً أعجب من طول بقائه ، وصدّقتم أنّ عيسى يصلّي خلفه ، وهذا أعظم مقاماً ممّـا استبعدتموه . انتهى كلامه رفع الله مقامه . كما أ نّه ورد في الخبر النبويّ الشريف عند الفريقين : أ نّه سيجري على هذه الاُمّة المرحومة ما جرى على الاُمم السابقة طابق النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، وليكن طول عمر صاحب الزمان (عليه السلام) ممّـا جرى على أنبياء الاُمم الماضية ، فأيّ مانع في ذلك بعد وجود المقتضي.
[1]الصافّات : 143.
[2]العنكبوت : 14.
[3]النساء : 158.
![]() |
![]() |
![]() |