![]() |
![]() |
![]() |
وهو المقصود بيانه في هذه العجالة كنظرة جديدة في طول العمر لإمام الزمان (عليه السلام) ، وهي تتمّ بالمعرفة النوريّة ، المتميّز بها الراسخون في العلم ، فمن كان ضعيف الإيمان قليل العلم والمعرفة ، فإنّه بطبيعة الحال سرعان ما ينكرها ، فإنّ الناس أعداء ما جهلوا ، فربما ـ من باب العزّة بالإثم ـ يرمي قائلها بسهم عارية عن الحقيقة والواقع فيحاسب عليها يوم القيامة.
فهذه النظرة الجديدة انقدحت في الذهن بلطف من الله سبحانه من خلال الروايات الشريفة ، فممّـا رواه ابن مسعود[1] قال : دخلت يوماً على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقلت : يا رسول الله ، عليك السلام ، أرني الحقّ لأنظر إليه ، فقال : يا عبد الله ، لج المخدع ، فولجت المخدع وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلّي وهو يقول في سجوده وركوعه : (اللهمّ بحقّ محمد عبدك اغفر للخاطئين من شيعتي) فخرجت حتّى اجتزت برسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأيته يصلّي وهو يقول : (اللهمّ بحقّ عليّ عبدك اغفر للخاطئين من اُمّتي) قال : فأخذني من ذلك الهلع العظيم ، فأوجز النبيّ (صلى الله عليه وآله) في صلاته وقال : يا ابن مسعود ، أكفرٌ بعد الإيمان ؟ فقلت : حاشا وكلاّ يا رسول الله ، ولكن رأيت علياً يسأل الله بك ورأيتك تسأل الله بعليّ ، فلا أعلم أيّكما أفضل عند الله عزّ وجلّ ؟ قال : اجلس يا ابن مسعود ، فجلست بين يديه فقال لي :
اعلم أنّ
الله خلقني وعلياً من نور قدرته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام إذ
لا تسبيح ولا تقديس ، ففتق نوري فخلق منه السماوات
والأرضين ، وأنا والله أجلّ من السماوات والأرضين ، وفتق نور علي بن أبي
طالب فخلق منه العرش والكرسي ، وعلي بن أبي طالب والله أفضل من العرش
والكرسي ، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم ، والحسن والله أفضل من
اللوح والقلم ، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين ، والحسين
والله أفضل من الحور العين ، ثمّ اظلمّت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى
الله تعالى أن يكشف عنهم تلك الظلمة ، فتكلّم الله جلّ جلاله كلمة فخلق منها
روحاً ، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نوراً ،
فأضاف
النور إلى تلك الروح وأقامها مقام العرش ، فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة
الزهراء ، ولذلك سمّيت الزهراء لأنّ نورها زهرت به السماوات.
يا ابن مسعود ، إذا كان يوم القيامة يقول الله جلّ جلاله لي ولعلي : أدخلا الجنّة من شئتما وأدخلا النار من شئتما ، وذلك قوله تعالى : ( ألـْقِيا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّار عَنيد )[2] ، فالكافر من جحد نبوّتي والعنيد من جحد بولاية عليّ بن أبي طالب وعترته ، والجنّة لشيعته ولمحبّيه[3].
ولنا مثل هذه الرواية الشريفة في المعرفة النورية العشرات ، فإنّها تجاوزت الاستفاضة ، وكادت أن تكون من المتواترات ، بل بلغت التواتر الإجمالي إن لم يكن من اللفظي والمعنوي . فلا يمكن للمنصف إنكارها وجحودها ، وإنّها واضحة الدلالة ، رفيعة المعاني ، سامية المعارف ، عالية السند والإسناد ، تجبر بعضها بعضاً ، وتفسّر اُخرى باُخرى ، كما يفسّر القرآن بعضه بعضاً ، فتدبّر واغتنم حياتك في المعارف النورية الشامخة التي ترفع درجاتك في الجنان ويوم يقوم الأشهاد.
هذا
والمعرفة كلّي ذات تشكيك لها مراتب طولية وعرضية كالنور والوجود ،
وأ نّها تارة تكون جلالية بتميّز الشيء عن غيره في أبعاده الثلاثة
ـ الطول والعرض والعمق ـ وفي شكله الهندسي والظاهري ،
فتكون معرفة حسّية كمعرفتنا بالنار ، فهي معرفة نارية ظاهرية وملكيّة ،
وربما تكون معرفة نوريّة وجمالية وملكوتية ، وهي معرفة باطنية وجوهرية ،
يقف الإنسان بها على باطن الشيء ، ويعرفه كما هو في
ملكوته ،
ويصل إلى عمقه وهدفه ، والجامع بين المعرفتين هي المعرفة الكمالية التي يقف
الإنسان بها على غاية الشيء ونهايته ، وربما منشأ المعرفة الجلالية هي الصفات
السلبية ، ومنشأ ومرجع المعرفة الجمالية هي الصفات الثبوتية.
ثمّ نستخلص من الحديث الشريف ـ ما رواه ابن مسعود ـ بمعرفة نورية وجماليّة بتعمّق وتدبّر : أنّ خلق الإمام المطلق ـ أعمّ من النبيّ أو الوصيّ ـ ومنه الإمام المهدي (عليه السلام) قد كان قبل خلق السماوات والأرض ، وقبل الكواكب والمجرّات والأفلاك.
ثمّ الزمان إنّما هو وليد حركة الأفلاك والمنظومة الشمسية ، فإنّ اليوم من الليل والنهار إنّما هو من حركة الأرض الوضعيّة حول نفسها ، ومن اليوم تتولّد الساعات ومنها الدقائق . والسنة والفصول الأربعة إنّما هي من حركة الأرض الانتقالية في دورانها حول الشمس ، وقد عُرف الزمان عند الحكماء بأ نّه : «مقدار متّصل غير قارّ عارض للحركة»[4].
ثمّ الزمان
بالمعنى الأعمّ له مؤثّرات وآثار ، كما أنّ للشمس والقمر آثاراً ، فإنّ
الظلّ
إنّما يكون من أشعّة الشمس ونورها ، كما أنّ تكامل الإنسان في خلقه الطبيعي
ومروره بمراحل طبيعيّة من انعقاد ونطفته وولادته وصباوته ومراهقته وشبابه وكهولته
وشيخوخته وعجزه وموته ، إنّما هو من آثار الزمان ومضيّ السنين والأيام .
فإنّ مرور الزمن يوجب وهن العظام واشتعال الرأس شيباً.
( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ في الخَلـْقِ أفَلا يَعْقِلونَ )[5].
فالناس
يتحكّم فيهم عوامل الزمان والمكان ، فيكون لهم ظلٌّ ، كما يصابون
بالشيخوخة
والعجز ومن ثمّ بالموت . فالشمس والقمر والزمان والمكان يؤثّران في
الناس ، كما يبليان الجديد ، ويفنيان الأجسام والأجساد ، وإن كانت
الروح باقية ومتعالية.
ثمّ بعد بيان هذه المفردات والتسليم بها : بأنّ خلق العالم كان قبل السماوات والأرض وقبل الشمس والقمر ، وإنّ الزمان من حركة الأفلاك والمنظومة الشمسية.
نقول بمعرفة جمالية كمالية ، ومن المعرفة النورية :
إنّ وليّ الله الأعظم وصاحب الزمان وإمامه هو الحاكم على الزمان والمكان وما فيهما ، فهو أمام الكلّ وإمام الكلّ ، وإنّه العلّة في الخلق (لولاك لما خلقت الأفلاك) فالإمام لا يتأثّر بمقتضيات الزمان والمكان وآثارهما في خلقهم النوري والجانب الملكوتي ، وإن كان في جانبهم الناسوتي والبشري ( قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مثِلُكُمْ )[6] له ما للناس ، ولكن مع هذا له بإذن ربّه حقّ الولاية الكبرى على الكون الرحب وما فيه ، فهو إمام الزمان بنحو (على) الاستعلائية وإن كان الظاهر بنحو (في) الظرفية.
فالإمام كما كان خلقه قبل الزمان فإنّه لا يتأثّر بمستلزماته ، بل هو الحاكم المطلق بأمر من الله سبحانه عليه.
وربما من هذا المنطلق ورد في خصائص النبيّ والوصيّ أن لا ظلّ لهما ، فلم يتحكّما بآثار الشمس والقمر ، كما أنّ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) شقّ القمر إلى نصفين ، كما في القرآن الكريم ، كما أنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يردّ الشمس ليصلّي في وقتها ، وأ نّه ورد في الخبر الشريف «ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول» ، فلولا الشهادة بالسمّ والاستماتة بالقتل ، لكان كلّ واحد من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بإمكانه أن يعيش في طول الزمان لحكومته وسلطنته عليه ، بإذن ربّه ولتقدّم خلقه ، وإنّ العلّة لا تتأثّر بأحكام المعلول ، كما هو واضح وثابت في الحكمة المتعالية . فالمعلول إنّما يتأثّر بأحكام علّته.
فإمام الزمان ـ بالمعرفة النوريّة ـ يعني حكومته وإمامته على الزمان ، فلا يتأثّر بمقتضياته ، ومنها الهرم والشيخوخة ، بل يطول عمره بطول الزمان (فهو إمام الزمان ـ بكسر همزة الإمام بمعنى الحاكم على الزمان وليس المحكوم به ، وبفتح الهمزة بمعنى التقدّم عليه كما في خلقته النوريّة).
نعم لو أراد الموت وتعلّقت مشيّته أن يفني جسده أو تفصل أعضاءه ، فإنّه يتأثّر بالعامل الزماني ، وإنّ ملك الموت يستأذنه في قبض روحه ، لتعلّق إرادته بذلك.
وهذا يعني حاكمية الإمام (عليه السلام) على الزمان أيضاً ، وبهذه النظرة الجديدة في معرفة إمام الزمان (عليه السلام) يستكشف حقيقة كثير من المعاجز النبوية والولوية ، ويسهل قبولها وهضمها.
ومن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية الاُولى الجهلاء ، التي كان الناس أيامها يقتلون أبناءهم خشية إملاق ويؤدون بناتهم ، ويصنعون من التمر ربّاً وصنماً يعبدونه ، وإذا جاعوا أكلوا ربّهم.
ومعرفة إمام زمانك تارة بالمعرفة الجلالية بأ نّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) واُمّه السيّدة نرجس (عليها السلام) وإنّه ولد سنة (266) من الهجرة النبويّة الشريفة ، وأ نّه غاب عن الأبصار خوفاً من الطغاة ، وأ نّه سيملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، وغير ذلك من كراماته وفضائله وسيرته ، وأ نّه القائم المنتظر (عليه السلام) ، قد نابه في غيبته الصغرى أربعة أنفار بنيابة خاصّة ، وأمّا في زمن الغيبة الكبرى بأمر منه (عليه السلام) في نيابة عامّة نرجع إلى الفقيه الجامع للشرائط ، وغير ذلك من المعرفة الظاهرية ، وإنّها من بوادي المعرفة.
وتارة نعرفه بالمعرفة الجمالية النورية ، بأ نّه إمام الزمان والحاكم عليه ، وأنّ الزمان معلوله يتأثّر به وتحت حكومته المطلقة وأمره المطاع ، فلا يتأثّر بالعوامل الزمنيّة ، ومن ثمّ يبقى متى ما أراد البقاء ، وشاءت مشيّته بإرادة الله وإذنه.
كما أ نّه بمشيّته وقدرته أن يوقف سنّه في حدّ خاصّ ومرحلة خاصّة ، كما لو أراد أن يبقى في مظهر الرجل الأربعين ـ كما ورد في الخبر الشريف أ نّه يظهر بسنّ الأربعين ـ أي بمظهر الرجل الكامل ، ولا عجب فإنّه الحاكم على الزمان وإمامه وأمامه ، وأنّ له نظير في أعضاء البدن ، فإن شعر الرأس لولا الحلق أو التقصير فإنّه يطول وإلى أمتار كما فعل ذلك بعض المرتاضين من الهند ، بخلاف شعر الحاجب فإنّه يقف في حدّ خاصّ ، ولو مرّت عليه السنين الطويلة.
فصاحب الزمان (عليه السلام) حجّة الله الأعظم ، شاء الله له أن تعلّقت إرادته أن يبقى بمظهر الأربعين ، فلا مانع من ذلك عقلا ونقلا ، فيتمّ البرهان الساطع بعد تحقّق المقتضي ، وبذلك تمّت كلمة ربّك الحسنى ، ولله الحجّة البالغة.
[1]بحار الأنوار 40 : 43 ، عن كتاب الفضائل : 135 ، وروضة الكافي : 18.
[2]ق : 24.
[3]هذه النظرة الجديدة ألقيتها محاضرة إسلامية على جمع من فضلاء وطلبة العلوم الدينية من اللبنانيين للمناقشة في شهر رمضان المبارك سنة 1417 ، وفي سنة 1418 في حشد يزيد على ألف نفر في مسجد الإمام الرضا (عليه السلام) بقم المقدّسة.
[4]نهاية الحكمة : 214 ، الفصل الحادي عشر في الزمان ، وفي الأسفار 3 : 115 يبحث المصنّف عن الزمان بحثاً مفصّلا في فصول عديدة ، ففي الفصل 30 في إثبات حقيقة الزمان وأ نّه بهويّته الاتّصاليّة الكمّية مقدار الحركات وبما يعرض له من الانقسام الدهمي عددها ، يقول :
أمّا إثبات وجود الزمان وحقيقته فالهادي لنا على طريقة الطبيعيّين : مشاهدة اختلاف الحركات في المقطوع من المسافة مع اتّفاقها في الأخذ والترك تارة ثمّ اتّفاقها في المقطوع من المسافة واختلافها فيهما أو في أحدهما تارةً اُخرى ، فحصل لنا العلم بأنّ في الوجود كوناً مقداريّاً فيه إمكان وقوع الحركات المختلفة أو المتّفقة على مقدار الأجسام ونهايتها لأ نّه غير قارّ وهذه قارّة فهو مقدار لأمر غير قارّ وهو الحركة وشرح ذلك موكول إلى علم الطبيعة ، وأمّا على طريقة الإلهيّين فلأنّ كلّ حادث هو بعد شيء له قبليّة عليه لا يجامع به البعيديّة ، لا كقبليّة الواحد على الاثنين لأ نّه يجوز فيها الاجتماع ، ولا كقبليّة الأب على الابن أو ذات الفاعل ممّـا يجوز أن يكون قبل ومع وبعده ولا العدم إذ قد يتحقّق للشيء عدم لاحق بل قبليّة قبل يستحيل أن يجامع مع البعد لذاته ، ثمّ ما من قبليّة الأوّلين القبل بهذه القبليّة وبين الذي هو البعد يتصوّر قبليّات وبعديّات غير واقعة عند حدّ ، ومثل هذا الذي هو ملاك هذا التقدّم والتأخّر فيه تجدّد قبليّات وبعديّات وتصرّم الحركات في المسافات الممتنعة الانقسام إلى ما لا ينقسم أصلا فهو لقبوله الانقسام والزيادة والنقصان كم ، ولكونه متّصلا فهو كمّية متّصلة غير قارّة أو ذو كمّية متّصلة غير قارّة ، وعلى التقديرين فإمّا جوهر أو عرض ، فإن كان جوهراً فلاشتماله على الحدوث التجدّدي لا يمكن أن يكون مفارقاً تجدّده عدم قراره ـ إلى آخر ما يقول فراجع ـ .
وفي فصل 32 يثبت في أ نّه لا يتقدّم على ذات الزمان والحركة شيء إلاّ الباري عزّ مجده : لما علمت أنّ الزمان وما يقترنه ويحتفّ به اُمور تدريجيّة وأكوان متجدّدة الحصولات ، فكلّ ما يتقدّم على الزمان سواء كان وجوداً أو عدماً أو غيرهما أي تقدّماً لا يجامع بحسبه القبل للبعد يكون زماناً أو ذا زمان ، فيكون قبل كلّ زمان زمان وقبل كلّ حركة حركة ، وقد ثبت أيضاً فيما مرّ أنّ علّة الشيء لا بدّ وأن تكون غير متعلّقة الذات والوجود بذلك الشيء فلا يتقدّم على الزمان إلاّ الباري وقدرته وأمره المعبّر عنه تارةً بالعلم التفصيلي وتارةً بالصفات عند قوم واُخرى بالملائكة عند آخرين وبالصور الإلهيّة عند الأفلاطونيّين ، وللناس فيما يعشقون مذاهب ...
أقول : وبنظرتنا الجديدة ـ كما يستفاد من الروايات الشريفة ـ نعبّر عن أمر الله بالإمام المعصوم ، بالمعنى الأعمّ الذي يشمل النبيّ وأوصيائه المعصومين (عليهم السلام) ، فتدبّر.
ثمّ المصنّف ـ في الصفحة 141 ـ تحت عنوان تعقيب وإحصاء يذكر اختلاف الحكماء في مفهوم الزمان فيقول : ذكر الشيخ في الشفاء : إنّ من الناس من نفى وجود الزمان مطلقاً ، ومنهم من أثبت له وجوداً إلاّ على أ نّه في الأعيان بوجه من الوجوه بل على أ نّه أمر متوهّم ، ومنهم من جعل له وجوداً لا على أ نّه أمر واحد في نفسه بل على أ نّه نسبة ما على جهة مّا ، لاُمور أ يّها كانت إلى اُمور اُخرى أ يّها كانت تلك أوقات لهذه فتخيّل أنّ الزمان مجموع أوقات والوقت عرض حادث يعرض مع وجود عرض آخر أي عرض كان فهو وقت لذلك الآخر كطلوع الشمس وحضور إنسان . ومنهم من وضع له وجوداً وحدانيّاً على أ نّه جوهر قائم مفارق للجسمانيّات بذاته . ومنهم من جعله جوهراً جسمانيّاً هو نفس الفلك الأقصى ، ومنهم من عدّه عرضاً فجعله نفس الحركة ، ومنهم من جعل حركة الفلك زماناً دون سائر الحركات . ومنهم من جعل عودة الفلك زماناً أي دورة واحدة ، فهذه هي المذاهب المسلوكة في الأعصار السابقة في ماهيّة الزمان التي أحصاها في الطبيعيّات ، وذهب أبو البركات البغدادي إلى أنّ الزمان مقدار الوجود ، والأشاعرة من المتكلّمين انتحلوا ثالث تلك المذاهب ، ومن الذاهبين إلى الرابع من تخيّل للزمان وجوداً مفارقاً على أ نّه واجب الوجود بذاته ، وإليه ذهب جمع من متقدّمة الفلاسفة.
ثمّ يذكر المصنّف قول أفلاطون وأرسطو وصاحب المباحث المشرفية وبعض المناقشات ، فراجع.
[5]يس : 68.
[6]الكهف : 110 ، فصّلت : 6.
![]() |
![]() |
![]() |