الثقات
ابن حبان ج 1

[ 1 ]
السلسلة الجديدة من مطبوعات دائرة المعارف العثمانية 4 / 16 / 1 كتاب الثقات للامام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي (المتوفى سنة 354 ه‍ = 965 م) (الجزء الاول) طبع باعانة وزارة للحكومة العالية الهندية تحت مراقبة الدكتور محمد عبدالمعيد خان مدير دائرة المعارف العثمانية الطبعة الاولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند 1393 ه‍ = 1973
[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي: الحمد لله الذي ليس له حد معدود فيتوى ولا له أجل معدود فيفنى ولا يحيط به جوامع المكان ولا يشتمل عليه تواتر الزمان ولا يدرك نعمته بالشواهد والحواس ولا يقاس صفات ذاته بالناس تعاظم قدره عن مبالغ نعت الواصفين وجل وصفه عن إدراك غاية
[ 2 ]
الناطقين وكل دون وصف صفاته تحبير اللغات وضل عن بلوغ قصده تصريف الصفات وجاز في ملكوته غامضات أنواع التدبير وانقطع عن دون بلوغه عميقات جوامع التفكير وانعقدت دون استبقاء حمدألسن المجتهدين وانقطعت إليه جوامع أفكار آمال المنكرين إذ لا شريك له في الملك ولا نظير ولا مشير له في الحكم ولا وزير وأشهد أن لا غله إلا الله أحصى كل شئ عدادا وضرب لكل امرئ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة واشهد أن محمدا عبده المجتبى ورسوله المرتضى بعثه بالنور الساطع والضياء اللامع فبلغ عن الله عزوجل الرسالة وأوضح فما دعا إليه الدلالة فكان في اتباع سنته لزوم الهدى وفي قبول ما أتى به وجود السنا فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين أما بعد فإن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من عباده واستخلصه لنفسه من بلاده فبعته غلى خلقه بالحق بشيرا ومن النار لمن زاغ عن سبيله نذيرا ليدعو الخلق من عباده إلى عبادته
[ 3 ]
ومن اتباع السبيل إلى لزوم طاعته ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة ولا الهرب عند وجود كل نازلة غلا غلى الذي أنزل عليه التنزيل وتفضل على عباده بولايته التأويل فسنته الفاصلة بين المتنازعين وآثاره القاطعة بين الخصمين فلما رأيت معرفة السنن من أعظم أركان الدين وأن حفظها يجب على أكثر المسلمين وأنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من الصحيح ولا صحة إخراج الدليل من الصريح إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين كيفية ما كانوا عليه من الحالات أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين ومن الفقهاء من أهل الفضل والصالحين ومن سلك سبيله من الماضين بحذف الاسانيد والاكثار ولزم سلوك الاختصار ليسهل على الفقهاء حفظها ولا يصعب على الحافظ وعيها والله أسأل التوفيق لما أوصانا والعون على ما له قصدنا واساله أن يبني دار المقامة
[ 4 ]
من نعمته ومنتهى الغاية من كرامته في أعلى درجة الابرار المنتخبين الاخيار إنه جواد كريم رؤف رحيم ذكر الحث على لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي ثنا على بن المديني ثنا الوليد بن مسلم ثنا بن يزيد ثنا خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر الكلاعي قالا أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين فقا العرباض صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم اقب لعلينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كان هذه موعظة مودع فما ذا تعهد غلينا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا مجدعا فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الامور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة قال الوليد فذكرت
[ 5 ]
هذا الحديث لعبد الله بن العلاء بن زبر فقال نعم حدثين بنحو من هذا الحديث قال أبو حاتم إن الله جل وعلا اصطفى محما صلى الله عليه وسلم من بين خلقه وبعثه بالحق بشيرا ونذيرا واقترض على خلقه طاعته ومذكوره وحدثنا فقال يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول وقال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا الآية فأمر الله بطاعة رسوله مع طاعته وعند التنازع بالرجوع إلى سنته إذ هو المفزع الذي لا منازعة لاحد من الخلق فيه
[ 6 ]
فمن تنازع في شئ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب رد أمره إلى قضاء الله ثم إلى قضاء رسوله صلى الله عليه وسلم لان طاعة رسوله طاعته قال الله تعالى إن الذي يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيدهم فم نكث لا آية وقال من يطع الله فقد أعلمهم جل وعلا أن اتباعهم رسوله اتباعه وأن طاعتهم له طاعته ثم ضمن الجنة لمن أطاع رسوله واتبع من أجابه فقال ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم رسوله ونفى الايمان عن من لم يحكمه فيما شجر بينهم قال فلا وربك لا يؤمنون الآية ثم أعلمنا جل وعلا أن دعاهم إلى رسوله ليحكم بينهم إنما دعاهم إلى حكم الله لا أن الحاكم بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم متى ما سلموا الحكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سلموه بفرض الله قال الله عزوجل إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إلى قوله فأولئك هم الفائزون ذا حكم الله فرضه بالزام خلقه طاعة رسوله وإعلامهم أنها طاعته ثم أعلمنا
[ 7 ]
أن الفرض على رسوله ابتاع أمره فقال اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعر ض عن المشركين وقال جل وعلا ثم جعلتك على شريعة منالامر فاتبعها ولا تتبع الآية وقال يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكفرين إلى قوله خبيرا ثم شهد الله جل وعلا لرسوله باتباع أمره واستمساك بأمره لما سبق في علمه من إسعاده بعصمته وتوفيقه للهدى مع هداية من اتبعه فقال ولو لا فضل الله ليهك ورحمته لهمت طائفة منهم الآية ثم أمره الله جل وعلا بتبليغ ما أنزل إليه أمته مع الشهادة له بالعصمة من بين الناس فقال يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ثم أعلمنا ان الذي يهدي إليه رسوله هو الصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه فقال وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتب ولا لاإيمان غلى قوله وما في الارض ففي هذه الآية التي طولناها ما أقام بها الحجة على خلقه بالتسليم لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيهحكم فبحكم الله سنه ووجب علينا اتباعه وفي العنود عن اتباعه معصية إذ لا حكمبين الله وبين خلقه إلا الذي وصفه الله جل وعلا موضع الابانة لخلقه عنه
[ 8 ]
فالواجب على كل من انتحل العلم أو نسب إليه حفظ سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم والتفقه فيها ولا حيلة لاحد في السبيل إلى حفظها إلا بمعرفة تاريخ المحدثين ومعرفة الضعفاء منهم من الثقات لانه متى لم يعرف ذاك لم يحسن تمييز الصحيح السقيم ولا عرف المسند من المرسل ولا الموقوف من المنقطع فإذا وقف على أسمائه وأنسابهم وعرف أعنى بعضهم بعضا وميز العدول من الضعفاء وجب عليه حينئذ التفقه فيها والعمل بها ثم إصلاح النية في نشرها إلى من بعده رجاء استكمال الثواب العقبي بفعله ذلك إذ العلم من أفضل ما يخلف المرء بعده نسأل الله الفوز على يقربنا إليه ويزلفنا لديه ذكر الحث على نشر العلم إذ هو من خير ما يخلف المرء بعده أخبرنا الفضل بن الحباب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن جعفر
[ 9 ]
عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ذكر الخبر الدال على استحباب حفظ تاريخ المحدثين أخبرنا محمد بن محمد الهمداني ثنا محمد بن عبد الاعلى الصنعاني ثنا بشر بن المفضل ثنا بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال وقف على بعيره وأمسك إنسن بخطامه أو قال بزمامه فقال أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال الي بيوم النحر قلنا بلى قال فأي شهر هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه
[ 10 ]
فقال أليس بذي الحجة قلنا بلى قال فأي بلد هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال أليس البلد الحرام قلنا بلى فقال إن دماءكم وأمواكلم وأعراضكم بينكم حرام عليكم حكرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الا ليبلغ الشاهد منكم الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من أوعى له منه قال أبو حاتم في قوله صلى الله عليه وسلم ليبلغ الشاهد منكم الغائب كالدليل على استحباب حفظ تاريخ المحدثين والوقوف على معرفة الثقات منهم من الضعفاء إذ لا يتهيأ للمرء أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى منبعده وإنه إذا أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه لم يؤد عنه صلى الله عليه وسلم شيئا ولا سبب له إلى معرفة صحة الاخبار وسقيمها إلا بمعرفة تاريخ من ذكر اسمه من المحدثين بياض وكتابا أبين فيه الضعفاء والمتروكين وابدأ منهما بالثقات فنذكر ما كانوا عليه في الحالات فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم ومولده ومبعثه وهجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين بأيامهم إلى أن قتل على رحمة الله عليه
[ 11 ]
ثم نذكر صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا على المعجم إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاقاليم كلها على المعجم إذ هم خير الناس بعد الصحابة قرنا ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الاوليين ثم نذكر القرن الرابع الذين هم أتباع التابعين على سبييل من قبلهم وهذا القرن ينتهى إلى زماننا هذا ولا أذكر في هذا لكتاب الاول إلا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم واقنع بهذين الكتابين المختصرين عن كتاب التاريخ الكبير الذي خرجناه لعلمنا بصعوبة حفظ كل ما فيه من الاسانيد والطرق والحكايات ولان ما نمليه في هذين الكتابين انيسر الله ذلك وسلهم من توصيف الاسماء بقصد ما يحتاج إليه يكون أسهل على المتعلم إذا قصد الحفظ وأنشط له في وعيه إذا أراد العلم من التكلف بحفظ ما لو أغضى عنه في البداية لم يخرج في فعله من التكلف لحفظ ذلك فكل من أذكره في هذا الكتاب الاول فهو صدوق يجوز الاحتجاج
[ 12 ]
بخبره إذا تعرى خبره عن خصال خمس فإذا وجد خبر منكر عن واحد ممن أذكره في كتابي هذا فإن ذلك الخبر لا ينفك من إحدى خمس خصال إما أن يكون فوق الشيخ الذي ذكرت اسمه في كتابي هذا في الاسناد رجل ضعيف لا يحتج بخبره أو يكون دونه رجل واه لا يجوز الاحتجاج بروايته أو الخبر يكون مرسلا لا يلزمنا به الحجة أو يكون منقطعا لا يقوم بمثله الحجة أو يكون في الاسناد رجل مدلس لم يبين سماعه في الخبر من الذي سمعه منه فإن المدلس ما لم يبين سماع خبره عمن كتب عنه لا يجوز الاحتجاج بذلك الخبر لانه لا يدري لعله سمعه من إنسان ضعيف يبطل الخبر بذكره إذا وقف عليه وعرف الخبر به فما لم يقل المدلس في خبره وإن كان ثقة سمعت أو حدثني فلا يجوز الاحتجاج بخبره فذكرت هذه المسألة بكمالها بالعلل والشواهد والحكايات في كتاب شرائط الاخبار فأغنى
[ 13 ]
ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب وإنما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ وقد ضعفه بعض أئمتنا ووثقه بعضهم فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة التي بينتها في كتاب الفصل بين النقلة أدخلته في هذا الكتاب لانه يجوز الاحتجاج بخبره ومن صح عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب الفصل بين النقلة لم أذكره في هذا الكتاب لكني أدخلته في كتاب الضعفاء بالعلل لانه لا يجوز الاحتجاج بخبره فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره لان العدل من لم يفرف منه الجرح ضد التعديل فمن لم يعلم يجرح فهو عدل إذا لم يبين ضده إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم وإنما كلفوا الحكم بالظاهر من الاشياء غير المغيب عنهم جعلنا الله ممن أسبل عليه جلاليب الستر في الدنيا واتصل ذلك بالعفو عن جناياته
[ 14 ]
في العقبي إنه الفعال لما يريد ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد ثنا يحيى بن معين ثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبى إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل قال أبو حاتم ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين
[ 15 ]
الاثنى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول في اليوم الذي بعث الله طيرا أبابيل على أصحاب الفيل وكان من شأن الفيل أن ملكا كان باليمن غلب عليها وكان أصله من الحديثة يقال له أبرهة بنى كنيسة بصنعاء فسماها القديس وزعم أنه يصرف إليها حج العرب
[ 17 ]
وحلف أنه يسير إلى الكعبة فيهدمها فخرج ملك من ملوك حمير فيمن أطاعه من قومة يقال له ذو نفر فقاتله أبرهة وأخذه فلما أتى له ذو نفر أيها الملك لا تقتلني فان استبقائي خير لك من قتلى فاستبقاه وأوثقه ثم خرج سائرا يريد الكعبة حتى إذا دنا من بلاد خشعم خرج إليه النفيل بن حبيب الخشعمي ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه فهزمهم وأخذ النفيل فقال النفيل أيها الملك إني عالم بأرض العرب فلا تقتلني وهاتان يداى على قومي بالسمع والطاعة فاستبقاه وخرج معه يدله حتى إذا بلغ الطائف خرج معه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف فقال أيها الملك نحن عبيد لك ليس لك عندنا خلاف وليس بيننا وبينك الذي تريد يعنون اللات إنما تريد الذي بمكة نحن نبعث معك من يدلك عليه فبعثوا معه مولى لهم يقال له أبو رغال فخرج معهم حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال
[ 18 ]
وهو الذي رجم قبره وبعث أبرهة من المغمس رجلا يقال له الاسود بن مقصود على مقدمة خيله فجمع إليه أهل الحرم وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير بالاراك ثم بعث أبرهة حناطة الحميري إلى أهل مكة فقال سل عن شريفها ثم أبلغه أنى لم آت لقتال إنما جئت لاهدم هذا البيت فانطلق حناطة حتى دخل مكة فلقى عبد المطلب بن هاشم فقال إن الملك أرسلني إليك لاخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف فقال عبد المطلب ما عندنا له قتال فقال سنخلي بينه وبين البيت فان خلى الله بينه وبينه فهو الله ما لنا به قوة قال فانطلق معي إليه قال فخرج معه حتى قدم المعسكر وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندكم من غناء فيما نزل بنا فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة وعشية ولكن سأبعث لك إلى أنيس سائس الفيل فأمره أن يضع لك عند الملك ما استطاع
[ 19 ]
من خير ويعظم خطرك ومنزلتك عنده قال فأرسل إلى أنيس فأتاه فقال إن هذا سيد قريش صاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير فان استطعت أن تنفعه عنده فانفعه صديق لي فدخل أنيس على أبرهة فقال أيها الملك هذا سيد قريش وصاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال يستأذن عليك وأنا أحب أن تأذن له فقد جاءك غير ناصب لك ولا مخالف عليك فأذن له وكان عبد المطلب رجلا عظيما جسيما وسيما فلما رآه أبرهة عظمة وأكرمه وكره أن يجلس معه على سريره أن يجلس تحته فهبط إلى البساط فجلس عليه معه فقال له عبد المطلب أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فاردده على فقال له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك قال ولم قال جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم لاهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك قال أنا رب هذه الابل ولهذا البيت رب سيمنه قال ليمنعه منى قال فأنت وذاك قال فأمر بإبله فردت عليه ثم خرج عبد المطلب
[ 20 ]
وأخبر قرشا الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول وعبى جيشه وقرب فيله وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم فلما حركه وقف وكاد أن يرزم إلى الارض فبرك فضربوه بالمعول في رأسه فأبى فأدخلوا محاجينهم تحت أقرانه ومرافقه فأبى فوجهوه إلى اليمن فهرول فصرفوه إلى الحرم فوقف ولحق الفيل بحبل من تلك الحبال فأرسل الله الطير من البحر كالبلسان مع كل طير ثلاثة أحجار حجران في رجله وحجر في منقاره ويحملن أمثال الحمص والعدس من الحجارة فإذا غشين القوم أرسلتها عليهم فلم تصب تلك الحجارة أحد إلا هلك وليس كل القوم أصحاب فذلك قوم الله تعالى ألم تر كيف فعل ربك بصاحب الفيل
[ 21 ]
السورة كلها وبعث الله على أبرهة داء في جسده رجعوا سراعا يتساقطون في كل بلد وجعل أبرهة تتساقط أنامله كلما سقطت أنملة اتبعها مدة من قيح ودم فانتهى إلى اليمن وهو مثل فرخ الطير فيمن بقى من أصحابه ثم مات فلما هلك استخلف ابنه يكسوم بن أبرهة فهذا ما كان من شأن الفيل وسمعت هذه السنة سنة الفيل ذكر نسب سيد ولد آدم وأول من تنشق الارض عنه يوم القيامة صلى الله عليه وسلم أخبرنا عبد الله بن محمد بن سالم بيت المقدس ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعي حدثنا شداد أبو عمار عن واثلة بن الاسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بنى هاشم من قريش واصطفانى من بنى هاشم فأنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الارض أنا أول شافع أول مشفع
[ 22 ]
قال أبو حاتم نسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصح إلى عدنان وما وراء عدنان فليس عندي فيه شئ صحيح أعتمد عليه غير أنى أذكر اختلافهم فيه بعضهم لبعض من ليس ذلك من صناعته فهو صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسم هاشم عمرو بن عبد مناف المغيرة بن قصي زيد بن كلاب وهو المهذب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيعة بن مدركة الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان إلى هنا ليس بين النسابة خلاف فيه ومن عدنان هم مختلفون فيه إلى إبراهيم
[ 23 ]
فمنهم من قال عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعقوب بن نبت بن نابت بن أنوش بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر ومنهم من قال عدنان بن أدد بن الهميسع بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر ومنهم من قال عدنان بن سحب بن أيوب بن قيدر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر ومنهم من قال عدنان بن أدد بن أمين بن شاجب بن ثعلبة بن عتر بن يربح بن محلم بن العوام بن المحتمل بن دائمة بن العيقان بن علة بن شحدود بن الظريف بن عبقر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر
[ 24 ]
ومنهم من قال عدنان بن أدد بن عوج بن المطعم بن الطمح بن القسود بن العبور بن دعدع بن محمود بن الزائد بن بدان بن الدرس بن حصن بن النزال بن القاسم بن المجشر بن معد بن صيفي بن النبت بن قيدر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر ثم اختلفوا أيضا فيما فوق إبراهيم فمنهم من قال إبراهيم بن آزر بن ناحور بن شارغ بن الراغ بن القاسم الذي قسم الارض بين أهلها بن معن بن السايح بن الرافد بن السايح وهو الوسام بن نوح نبي الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال إبراهيم بن آزر بن ناحور بن صاروح بن أغو بن
[ 25 ]
فالغ بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح ومنهم من قال إبراهيم بن آرز بن تاريخ بن ناحور بن ساروح بن ارغو بن فالج بن عبير بن سايح بن أرفخشد بن سام بنوح ثم اختلفوا فيما بعد نوح عليه السلام فمنهم من قال نوح بن ملكان بن متوشلخ بن إدريس نبي الله صلى الله عليه وسلم بن الرائد بن مهلهل بن قنان بن الطاهر بن هبة الله بن شيث بن آدم ومنهم من قال نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام بن يأرز بن مهابيل بن قبش بن أنش بن شيث بن آدم منهم من قال نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ بن يأرز بن مهلائ يل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم ومنهم من قال نوح بن لامك بن متوشلخ بن مهليل
[ 26 ]
بن قينين بن يافش بن شيث بن آدم وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ولم يكن لها أخ فيكون خالا للنبي صلى الله عليه وسلم إلا عبد يغوث بن وهب ولكن بنو زهرة يقولون إنهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لان آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت منهم وأم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة اسمها مرة بنت عبد العى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وأمها أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي وأمها برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤي هؤلاء جدات رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أم أمه وأما جداته صلى الله عليه وسلم من قبل أبى أمه فان أم وهب بن عبد مناف بن زهرة اسمها قيلة بنت أبى قيلة واسم أبى قيلة فهر بن غالب بن الحارث وهو غبشان وكان يعير بأبي كبشة الذي نسبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه إذ كان مشركا فتنصر لما سافر إلى الشام ورجع إلى قريش بدين غير دينها
[ 27 ]
فعيرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم به وأما أم قيلة خالدة بنت عابس بن كرب بن الحارث بن الفهر وأم عبد مناف وأم زهرة جدة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جمل بنت مالك بن سعد بن سعد بن مليح وأمها سلمى بنت حيان بن غنم وأم زهرة بن كلاب جدة جدة رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها فاطمة بنت سعد بن سيل بن حرب وأمها طريفة بنت قيس بن ذي الرأسين بن عمرو بن قيس بن عيلان وأما أمهات آبائه صلى الله عليه وسلم فان أم عبد الله بن عبد المطلب اسمها عاتكة بنت أرقص بن مالك بن زهرة وهى أول العواتك اللاتى ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أم عبد المطلب بن هاشم فهى سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن عدى بن النجار لذلك وأم هاشم بن عبد مناف عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج
[ 28 ]
بن ذكوان بن ثعلبة وهى الثانية من العواتك وهى أم هاشم بن عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف وإنما سمى هاشم هاشما لانه هشيم الثريد لقومه عمرو العلى هشيم الثريد لقومه رجال مكة مسنتون عجاف وكان اسمه عمرو العلاء وأم عبد مناف بن قصي اسمها حجنى بنت حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة فهى والدة عبد الدار وعبد العزى أولاد قصي بن كلاب وأم قصي فاطمة بنت سعد بن سيل بن حرب بن حمالة بن عوف بن الازد وكان قصي يسمى مجمعا لان الله به جمع القبائل من فهر وأم كلاب بن مرة هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة وهى والدة بن
[ 29 ]
مرة ويقظة ابني مرة وأم مرة بن كعب مخشية بنت شيبان بن محارب بن فهر وقد قيل وحشية بنت محارب بن فهر وأم كعب بن لؤي ماويبنت كعب بن القين بن أسد بن وبرة وأم لؤي بن غالب سلمى بنت عمرو بن عامر بن حارثة بن خزاعة وأم غالب بن فهر عاتكة بنت يخلد بن النضر بن كنانة وهى إحدى العواتك اللاتى ولدن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين أنا بن العواتك وأم فهر بن مالك جندلة بنت الحارث بن عامر بن الحارث الجرهمي وأم مالك بن النضر عكرشة بنت عدوان وهو الحارث بن عمرو بن قيس بن عيلان
[ 30 ]
وأم النضر بن كنانة وبرة بنت مر أخت تميم بن مر وقيل إنها فكة بنت هنى بن بلى والنضر هو قيس وإنما قيل للنضر قريش لتجمعها من تفرق من بيتها لان التقرش هو التجمع وأما أم كنانة فهى عوانة وقد قيل هند بنت سعد بن قيس عيلان وأما أم خزيمة بن مدركة فهى سلمى بنت سعد بن قيس بن الحاف بن ضاعة وأما أم مدركة بن إلياس فهى خندف وهى ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وكان لالياس بن مضر ثلاثة من البنين عمرو وهو مدركة وعامر وهو طابخة وعمير فهو قمعة وأمهم خندف وإنما سمى هؤلاء بهذه الاسماء لان الناس خرجوا في نجعة لهم فنفرت إبلهم من أرنب فخرج في أثرها عمرو فأدركها فسمى مدركة
[ 31 ]
وأخذها عامر فنحر منها وطبخها فسمى طابخة وانقمع عمير في الخباء ولم يخرج معها فسمى قمعة وخرجت أمهم تمشي في طلب الابل فقيل لها أين تخندقين وقدرت الابل فسميت خندف والخندفة ضرب من المشي وأم إلياس بن مضر الربابة بنت إياس بن معد وأم مضر بن نزار سودة بنت عك بن عدنان بن أدد وأن نزار بن معد معانة بنت جوش بن جلهمة بن عمرو بن حليمة بن حرمية وأم معد بن عدنان مهدة بنت جلحب بن جديس وأم عدنان بن أدد بلها بنت ماعز بن قحطان
[ 32 ]
فهذه جوامع ما يحتاج إليه معرفة نسبة أمهات آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أولاد عبد المطلب فهم عشرة عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن عبد المطلب والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب والمقوم بن عبد المطلب واسمه عبد العزى والحارث بن عبد المطلب والغيداق بن عبد المطلب وأبو لهب بن عبد المطلب وأبو طالب بن عبد المطلب اسمه عبد مناف فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ذكر ولا أنثى وتوفى قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طالب من أم واحد وأما الزبير بن عبد المطلب فكنيته أبو طاهر وكان من أجلة قريش وفرسانها وكان من المبارزين وكان يقول الشعر فيجيز
[ 33 ]
وأما العباس بن عبد المطلب فان كنيته أبو الفضل وكان إليه السقاية وزمزم في الجاهلية فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعها إليه يوم فتح مكة ومات العباس سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان وهو بن ثمان وثمانين سنة بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان وأما ضرار بن عبد المطلب فإنه كان يتعاطى بقول الشعر ومات قبل الا سلام من غير أن أعقب وأما حمزة بن عبد المطلب فان كنيته أبو عمارة وكان أسد الله
[ 34 ]
وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قيل إن كنيته أبو يعلى ستشهد يوم أحد قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة وكان حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وأما المقوم بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش هلك قبل الاسلام ولا عقب له وأما أبو لهب بن عبد المطلب فكنيته أبو عقبة وإنما سمى أبو لهب لجماله وكان أحول ممن يعادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين عمومته ويظهر له حسدا إلى أن مات عليه من العدسة في عقب يوم بدر لما بلغه ما كان في ذلك اليوم من المشركين من النكاية من المسلمين كمد منه حتى مات وأما الحارث بن عبد المطلب فهو أكبر ولد عبد المطلب واسمه كنيته وهو ممن حفر بئر زمزم مع عبد المطلب وأما الغيداق بن عبد المطلب فإنه مات ولم يعقب وكان من رجالات قريش
[ 35 ]
وأما أبو طالب بن عبد المطلب فكان هو وعبد الله بن عبد المطلب لام واحدة وكان عبد المطلب أوصى إليه عبد المطلب في ماله بعده وفى حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعهده على ما كان يتعهده عبد المطلب في حياته ومات أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وأربعة عشر وأما عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم فهن ست بنات عبد المطلب بن هاشم لصلبة أولهن عاتكة بنت عبد المطلب وأميمة بنت عبد المطلب وأروى بنت عبد المطلب والبيضاء بنت عبد المطلب
[ 36 ]
وهى أم حكيم وبرة بنت عبد المطلب وصفية بنت عبد المطلب فأما عاتكة بنت عبد المطلب فكانت عند أبى أمية بن المغيرة المخزومي وأما أميمة بنت عبد المطلب فكانت عند جحش بن رئاب الاسدي وأما البيضاء بنت عبد المطلب فكانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وأما وبرة بنت عبد المطلب فكانت عند عبد الاسد بن هلال المخزومي وأما صفية بنت عبد المطلب فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد وأما أروى بنت عبد المطلب فكانت عند عمير بن قصي بن كلاب ولم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية وهى والدة الزبير بن العوام وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب فهذه جوامع ما يجب أن يحفظ من ذكر عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعماته
[ 37 ]
وأما أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف فانها لما وضعته جاءت به إلى جده عبد المطلب وأخبرته أنها رأت حين حملت به في النوم أنه قيل لها حملت سيد هذه الامة فإذا وضعته فسميه محمدا فأخذه عبد المطلب فدخل به على هبل في جوف الكعبة وقام عنده يدعو الله ويشكر ما أعطاه ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها أمه رأيت في المنام كأنه خرج منى نور أضاء لي قصور الشام
[ 38 ]
ثم اتمس له الرضاعة فاسترضع رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة من بنى سعد بن بكر يقال لها حليمة بنت أبى ذؤيب وأبو ذؤيب اسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن زام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن غيلان بن مضر وزوج حليمة اسمه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من بنى سعد بن بكر وأخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعته حليمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه عبد الله بن الحارث بن عبد العزى ولعبد الله هذا أختان من حليمة إحداهما أنيسة والاخرى جذامة بنت الحارث بن عبد العزى قالت حليمة خرجت في نسوة من بنى سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة فخرجت على آتان لي قمراء في سنة شهباء ومعي زوجي ومعنا شارف لنا والله
[ 39 ]
إن تبض بقطرة من لبن ومعي صبي لي لا ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديى ما يغنيه فلما تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه وإنما نرجو الكرامة في رضاع من يرضع له من والد المولود وكان يتيما فكنا نقول ما عسى أن تصنع به أمه فكنا نأباه حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعة غيرى فكرهت أن أرجع ولم أخذ شيئا وقد أخذ صواحى ما أردن فقلت لزوجي والله لارجع إلى ذلك اليتيم ولآخذنه قالت فأتيته فأخذته ثم رجعت إلى رحلى قال زوجي أصبت والله يا حليمة عسى الله أن يجعل فيه خيرا قالت فوالله ما هو إلا أن وضعته في حجري أقبل عليه ثدياى بما شاء الله من لبن حي روى وشرب أخوه حتى روى ثم قام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها حافل فحلب لبنا فشربت حتى رويت فبتنا بخير
[ 40 ]
وقد نام صبينا وروى فقال زوجي والله يا حليمة ما أراك إلا أصبت نسمة مباركة قالت ثم خرجنا فوالله لخرجت آتانى أمام الركب انهم ليقولون يا ويحك كفى علينا أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها فأقول والله يلي حتى قدمنا أرضنا من حاضر بن سعد بن بكر قالت قدمنا على أجدب أرض فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون بأغنامهم إذا أصبحوا ويسرح راعى غنمي فتروح غنمي حفلا بطانا لبنا وتروح أغنامهم جياعا هالكة ما بها لبن فتشرب ما شئنا من اللبن وما من الحاضر أحد يحلب قطرة ولا يجدها قالت فيقولون لرعاتهم ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعى حليمة فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه فتروح أغنامهم جياعا هالكة وتروح غنمي حفلا لبنا قالت وكان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر
[ 41 ]
ويشب في الشهر شباب الصبي في السنة فلما بلغ سنتين قدمنا به على أمة فقالت إن لابنى هذا شأنا إني حملت به فوالله ما حملت حملا قط كان أخف على منه ولقد رأيت حين حملت به أنه خرج منى نور أضاء منه أعناق الابل ببصرى أو قالت قصور بصرى ثم وضعته فوالله ما وقع كما يقع الصبيان لقد وقع معتمدا على يديه إلى الارض رافعا رأسه إلى السماء إلى السماء فدعاه عنكما فقبضته وانطلقا قال أبو حاتم فتوفيت أمه صلى الله عليه وسلم بالابواء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بن أربع سنين وكان عبد المطلب من أشفق الناس عليه أبر الآباء به إلى أن توفى عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم بن ثمان سنين وأوصى به إلى أبى طالب واسم أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب وذلك أن عبد الله وأبا طالب كانا لام فكان أبو طالب الذي يلي أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد
[ 42 ]
عبد المطلب إلى أن راهقه الحلم وبلغ مبلغ الرجال وكان أبو طالب إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد ذكر في الاستيعاب لابن عبد البر بإسناده إلى بن عباس أن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه وجعل له مأدبة سماه محمدا قال بن عبد البر بعد هذا قال يحيى بن أيوب ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند بن أبى السرى العسقلاني قال وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا يعنى مقطوع السرة ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام حدثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبى شيبة ثنا قرد أبو نوح ثنا يونس بن أبى إسحاق عن أبى بكر بن أبى موسى عن أبى موسى قال خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب بطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج
[ 43 ]
إليهم ولا يلتفت فأتاهم وهم يحلون رواحلهم وأحلاسهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش ما علمك قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبى وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو صلى الله عليه وسلم في رعية الابل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فقال انظروا إليه عليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيئ الشجرة فلما جلس مال عليه فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فان الروم لو رأوه عرفوه بالصفة
[ 44 ]
فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا وقد بعث إليه ناس وإنا أخبرنا بخبره فنعثنا إلى طريقك هذا فقال لهم أفرأيتم أمرا إذا أراد الله أن يقضه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا فتابعوه وأقاموا معه قال فأتاهم فقال لهم أنشدكم بالله أيكم وليه قال أبو طالب أنا فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت قال أبو حاتم فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وكانت سفرته الثانية بعدها مع ميسرة غلام خديجة ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد وهو بن خمس وعشرين سنة وخويلد هو بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وأمها فاطمة بنت زائدة بن الاصم بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب وكانت قبل أن يتزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبى هالة أخى بنى
[ 45 ]
تميم ثم كانت تحت عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان السبب في ذلك أن خديجة كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظيم أمانته وكريم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في ما لها معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج
[ 46 ]
بها واشترى ما أراد أن يشترى ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يري ظلا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به وأخبرها ميسرة عن قول الراهب وعن ما كان من أمر الاظلال وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت إني قد رغبت فيك وفى قرابتك وفى أمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريشنسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلذكر ذلك صلى الله عليه وسلم لاعمامه فخرج معه حمزة بن عبد المطلب عمه حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فزوجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فولد له منها زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم
[ 47 ]
وكان به يكنى والطاهر والطيب فهلكو قبل الوحي وأما البنات فكلهن أسلمن وهاجرن إلى المدينة وكانت خديجة قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد وكان بن عمها وكان نصرانيا قد قرأ الكتب وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان من الاظلال عليه فقال ورقة إن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبى هذه الامة قد عرفت أنه كائن بهذه الامة نبي سيظهر في هذا الوقت ذكر تفضل الله على رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالكرامة والنبوة بين خلق آدم ونفخ الروح فيه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج ثنا البعاس بن عثمان البجلي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعي عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوة قال بين خلق آدم ونفخ الروح فيه عليه الصلاة والسلام
[ 48 ]
ذكر صفة بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان ثنا بن أبى السرى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت أول ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من
[ 49 ]
الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك فيه فقال اقرأ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني فقال لي اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطنى الثالثة حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم قال فرجع بها ترجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقل زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع ثم قال يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال قد خشيت على فقالت كلا أبشر فو الله لا يحزنك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ثن أنطلقت به خديجة
[ 50 ]
حتى أتت به إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو عم خديجة أخو أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي يكتبه بالعربية من الانجيل ما شاء أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمر فقالت له خديجة أي عم اسمع من بن أخيك فقال ورقة يا بن أخى ما ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني أكون فيها جذعا يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمخرجى هم قال نعم لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذى وأوذى وإن يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفى وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكى يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقى نفسه منها فيرى له جبريل فقال له يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طال عليه فترة
[ 51 ]
الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فيقول له مثل ذلك قال أبو حاتم روى في بدء الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبران خبر عن عائشة وخبر عن جابر فأما خبر عائشة فقد ذكرناه وأما خبر جابر فحدثناه عبد الله بن محمد بن سالم ببيت المقدس ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد عن الاوزاعي عن يحيى بن أبى كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن أي القرآن أنزل أول قال يا أيها المدثر فقلت أو اقرأ قال إني أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامى وخلفي وعن يميني وعن شمالى فلم أحدا ثم نوديت فنظرت إلى السماء فإذا هو فوقى على العرش في السماء فأخذتني رجفة شديدة فأتيت خديجة فأمرتهم فد ثرونى ثم صبوا على الماء وأنزل الله عزوجل على يا يها المدثر إلى قوله فطهر
[ 52 ]
قال أبو حاتم هذان خبران أو هما من لم يكن الحديث صناعته أنهما متضادان وليس كذلك إن الله عزوجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وهو بن أربعين سنة ونزل عليه جبريل وهو في الغار بحراء باقرأ باسم ربك الذي خلق فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت خديجة ودثروه أنزل الله عليه في بيت خديجة يا يها المدثر قم فانذر وربك فكبر من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر فكان أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد ثم آمن على بن أبى طالب وصدقة بما جاء به وهو بن عشر سنين ثم أسلم أبو بكر الصديق فكان على بن أبى طالب يخفى إسلامه من أبى طالب وأبو بكر لما أسلم أظهر إسلامه فلذلك اشتبه على الناس أول من أسلم منهما ثم أرسلوا زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو بكر أعلم قريش بأنسابها وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلا سهلا بليغا أظهر الاسلام ودعا إلى الله وإلى رسوله فأجابه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة
[ 53 ]
بن عبيد الله فجاء بهم أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح وأبو سلمة بن عبد الاسد المخزومي والارقم بن أبى الارقم المخزومي وعثمان بن مظعون الجمحي وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وامرأته فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبى بكر وعبد الله وقدامة ابنا مظعون الجمحيان وخباب بن الرت ومسعود بن الربيع القارى وعبد الله بن مسعود وعمير بن أبى وقاص وسليط بن عمرو وعياش بن أبى ربيعة وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية وعامر بن ربيعة أبو عبد الله وعبد الله بن جحش وأبو أحمد بن جحش الاسدي وجعفر بن أبى طالب وامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية وحاطب بن الحارث وامرأته فاطمة بنت المجلل وحطاب بن الحارث وامرأته فكيهة وصهيب بن سنان
[ 54 ]
ومعمر بن الحارث وسعيد بن الحارث السهمي والمطلب بن أزهر بن عبد عوف وامرأته رملة بنت أبى عوف والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد وبلال بن رباح مولى أبى بكر وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر وخالد بن سعيد بن العاص وامرأته أميمة بنت خلف بن أسعد وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة التميمي وخالد بن البكير وإياس بن البكير وعامر بن البكير وعبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وعمار بن ياسر حليف بنى مخزوم وفشا ذكر الاسلام بمكة ودخل الناس في الاسلام الرجال والنساء ارسالا وأنزل الله عزوجل وانذر عشيرتك الاقربين فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا ثم صعد عليه ثم نادى يا صباحاه فاجتمع إليه الناس
[ 55 ]
فمن رجل يجئ ومن رجل يبعث رسوله فقال يا بنى عبد المطلب يا بنى عبد مناف يا بنى يا بنى أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أصدقتموني قالوا نعم قال فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد ثم قال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من النار يا بنى عبد مناف لا أغنى عنكم من الله من شئ يا عباس بن عبد المطلب يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنى كعب بن لؤي يا بنى هاشم يا بنى عبد المطلب اشتروا أنفسكم من النار فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت تبت يدا أبى لهب وتب ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يدعو الناس في الشعاب والادوية والاسواق إلى الله وأبو لهب خلفه والحجارة تنكبه يقول يا قوم لا تقبلوا منه فإنه كذاب ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن مالك بن حسل بن
[ 56 ]
عامر بن لؤي وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقدان بن حلبس عمها وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت السكران بن عمرو أخى سهيل بن عمرو من بنى عامر بن لؤي وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة وهى التي وهبت يومها لعائشة وقالت لا أريد ما تريد النساء وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج على خديجة حتى ماتت وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية من عتبة بن أبى لهب وأم كلثوم ابنته الاخرى من عتيبة بن أبى لهب فلما نزلت تبت يدا أبى لهب أمرهما أبوهما أن يفارقاهما ففارقاهما ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ابنته رقية بعد عتبة بن أبى لهب ثم مرض أبو طالب فدخل عليه رهط من قريش
[ 57 ]
فيهم أبو جهل فقالوا إن بن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول ولو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ودخل البيت وبين أبى جهل وبين أبى طالب مجلس رجل فخشى أبو جهل أنه جلس إلى جنب أبى طالب يكون أرق عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند الباب قال أبو طالب أي بن أخى ما بال قومك يشكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم العرب وتؤدى إليهم بها العجم الجزية فقال أبو طالب وأي كلمة هي يا بن أخى قال لا إله إلا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ويقولون أجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشئ عجاب ثم توفى أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب فلقى المسلمون أذى من المشركين بعد موت أبى طالب فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم حين ابتلوا وشطت بهم عشائرهم بمكة تفرقوا وأشار قبل أرض الحبشة وكانت أرضا دفئة ترحل إليها رحلة الشتاء فكانت أول هجرة
[ 58 ]
في الاسلام فأول من خرج من المسلمين إلى الحبشة عثمان بن عفان ومعه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو والزبير بن العوام ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الاسد معه امرأته أم سلمة بنت أبى أمية بن المغيرة وعثمان بن مظعون وعامر بن ربيعة معه امرأته ليلى بنت أبى حثمة بن غانم وأبو سبرة بن أبى رهم بن عبد العزى وأبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود وسهيل بن وهب بن ربيعة وهو سهيل بن بيضاء بيضاء أمه ثم خرج بعدهم جعفر بن أبى طالب معه امرأته
[ 59 ]
أسماء بنت عميس وعمرو بن سعيد بن العاص ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية وأخوه خالد بن سعيد بن العاص ومعه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد وعبد الله بن جحش بن رياب وأخوه عبد بن جحش معه امرأته أم حبيبة بنت أبى سفيان بن حرب وقيس بن عبد الله من بنى أسد بن خزيمة معه امرأته بركة بنت يسار ومعيقيب بن أبى فاطمة الدوسي وعتبة بن غزوان وأسد بن نوفل بن خويلد ويزيد بن زمعة بن الاسود بن المطلب وعمرو بن أمية بن الحارث بن إد وطليب بن عمير بن وهب وسوبط بن سعد بن حريملة وجهم بن قيس بن عبد شرحبيل وابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم
[ 60 ]
وعامر بن أبى وقاص والمطلب بن أزهر معه امرأته رملة بنت أبى عوف بن صبيرة وعبد الله بن مسعود وأخوه عتبة بن مسعود والمقداد بن عمرو والحارث بن خالد بن صخر معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبلة وعمرو بن عثمان بن عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب وشماس عثمان بن عبد بن الشريد بن سويد وهشام بن أبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وسلمة بن هشام بن المغيرة وعياش بن أبى ربيعة بن المغيرة ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل والسائب بن عثمان بن مظعون وعماه قدامة وعبد الله ابنا مظعون وحاطب بن الحارث بن معمر معه امرأته فاطمة بنت المجلل وابناه محمد بن
[ 61 ]
حاطب والحارث بن حاطب وأخوه حطاب بن الحارث معه امرأته فكيهة بنت يسار وسفيان بن معمر بن حبيب معه ابناه جابر بن سفيان وجنادة بن سفيان ومعه امر أته حسنة وهى أمهما وعثمان بن ربيعة بن أهبان وخنيس بن حذاقة بن قيس وعبد الله بن الحارث بن قيس وهشام بن العاص بن وائل وقيس بن حذافة بن قيس والحجاج بن الحارث بن قيس ومعمر بن الحارث بن قيس وبشر بن الحارث بن قيس وسعيد بن الحارث بن قيس والسائب بن الحارث بن قيس وعمير بن رئاب بن حذيفة ومحمية بن جزء حليف لهم ومعمر بن عبد الله بن نضلة وعدى بن
[ 62 ]
نضلة بن عبد العزى معه ابنه النعمان وأبو عبيدة بن الجراح بعدهم وعامر بن ربيعة معه امرأته ليلى والسكران بن عمرو بن عبد شمس معه امرأته سودة بنت زمعة ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبى قيس وعبد الله بن سهيل بن عمرو وعمرو بن الحارث بن زهير وعياض بن زهير بن أبى شداد وربيعة بن هلال بن مالك وعثمان بن عبد غنم بن زهير ويعد بن عبد قيس بن لقيط وعبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة جد الزهري فخرجوا حتى قدموا أرض الحبشة
[ 63 ]
وأقاموا بها الطمأنينة ثم ان قريشا اجتمعت في أن يبعث إلى النجاشي حتى يرد من ثم من المسلمين عليها فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن ربيعة وبعثوا معهما بهدايا كثيرة إليه وإلى بطارقته فلما قدما عليه ما بقى بطريق إلا قدما إليه بهديته وسألاه أن يكلم الملك حتى يسلمهم إليهما قبل أن يكلمهم ويسمع منهم فلما فرغا من بطارقته قدما إلى النجاشي هداياه فقبلها منهما ثم قالا له أيها الملك إن قومنا بعثوا إليك في فتيان منهم خرجوا إلى بلادك فارقوا أديان قومهم ولم يدخلوا في دينك ولا دينهم وقومهم أعلاهم عينا قالت بطارقته صدقا أيها الملك فغضب
[ 64 ]
النجاشي وقال لايم الله إذا لا أدفعهم إليهما قوم جاءوني لجئوا إلى بلادي حتى أنظر فيما يقولون وأنظر فيما يقول هؤلاء فان كانوا صادقين وكانوا كما قال هؤلاء أسلمناهم إليهما ولان كانوا على غير ذلك لم ندفعهم إليهما ومنعتهم منهما فقال عمارة بن الوليد لم نصنع شيئا لو كان دفعهم إلينا من وراء وراء كان ذلك أحب إلينا قبل أن يكلمهم ثم إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فقال بعضهم لبعض ما الذي نكلم به الرجل ثم قالوا نكلمه والله بالذي نحن عليه وعليه نبينا كائنا ما كان فيه فدخلوا عليه فقالوا لهم اسجدوا للملك فقال جعفر بن أبى طالب لا نسجد إلا لله فقال لهم ما يقول هذان يزعمان أنكم فارقتم دين قومكم ولن تدخلوا في ديني وأنكم جئتم بدين مقتضب لا يعرف فقال جعفر بن أبى طالب
[ 65 ]
نامع قومنا في أمر جاهلية نعبد الاوثان فبعث الله إلينا رسولا منا رجلا نعرف نسبه وصدقه ووفاءه فدعا إلى أن نعبد الله وحده لا نشرك به وأمرنا بالصلاة والزكاة وصلة الرحمن وحسن الجوار ونهانا عن الفواحش والخبائث فقل هل معك شئ مما جاء به قال نعم فدعا النجاشي أساقفته فنشروا لمصاحف حوله فقرأ عليهم جعفر بن أبى طالب كهيعص فبكى النجاشي حتى اخضل لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم ثم قال إن هذا والذي جاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة انطلقا فلعمر الله لا أرسلهم معكما ولا أكاد ولا هم وكان أتقى الرجلين عمارة بن الوليد فقال عمرو بن العاص والله لاجيبنه بما أبيد به خضراءهم لاخبرنه أنهم يزعمون أن إلهك الذي تعبد عبد فقال له عمارة بن الوليد لا تفعل
[ 66 ]
فان لهم رحما وإن كانوا قد خالفونا قال أحلف بالله لافعلن فرجع إليه الغد فقال أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما فابعث إليهم فاسألهم عنه فأرسل إليهم فقال ما ذا تقولون في عيسى قالوا نقول فيه ما قال الله عز وعلا وما قال لنا نبينا فقال له جعفر هو عبد الله وروحه وكلمته ألقاها الله إلى العذراء البتول فأدلى النجاشي يده فأخذ من الارض عودا وقال ما عدا عيسى بن مريم نا قلتم هذا العود فنخرت بطارقته فقال وإن نخرتم والله ثم قال اذهبوا فأنتم شيوم في أرضى يقول آمنون من شتمكم غرم ما أحب أن لي دبرا ذهبا ودبر هو جبل بالحبشة وانى آذيت رجلا منكم وقال ردوا عليهما هدايا هما التي جاءا بها لا حاجة لنا بها وأخرجوهما من أرضى فأخرجا وأقام المسلمون عند النجاشي بخير دار وخير جار لا يصل إليهم شئ يكرهونه
[ 67 ]
فولد بالحبشة عبد الله بن جعفر بن أبى طالب ومحمد بن أبى حذيفة وسعيد بن خالد بن سعيد وأخته أمة بنت خالد وعبد الله بن المطلب بن أزهر وموسى بن الحارث بن خالد وأخواته عائشة وزينب وفاطمة بنات الحارث فلم يزل المسلمون بأرض الحبشة إلى أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى المدينة فمنهم من رجع إلى مكة فهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومنهم من بقى بأرض الحبشة حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة وخرج أبو بكر الصديق من مكة مهاجرا إلى ى أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد بلقيه بن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريديا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجنى قومي فأريد أن أسيح في الارض وأعبد ربي فقال بن الدغنة فان مثلك يا أبا بكر لا يخرج أنت تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك حافر فارجع واعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل معه بن الدغنة فطاف بن الدغنة عشية
[ 68 ]
في أشراف قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضعيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بحوار بن الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره وليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فانا نخشى أن يفين أبناءنا ونساءنا فقال ذلك بن الدغنية لابي بكر فلبث أبو بكر بعد ذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ثم بدا لابي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فيقف عليه نساء المشركين وأبناءهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا بن الدغنية فقدم عليهم فقالوا إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك وابتنى بفناء داره وأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فانهه فان أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل فان أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد
[ 69 ]
ينادى صوته أيها الناس قولوا لا إله إلا الله ورجل يتبعه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب قال قلت من هذا قالوا هذا غلام بنى عبد المطلب قال فقلت من هذا الذي يتبعه يدميه قالوا عمه عبد العزى أبو لهب قال أبو حاتم كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إلى الله وحده ولا شريك له وكان أبو جهل يقول للناس إنه كذاب يحرم الخمر والزنا وما كانت العرب تعرف الزنا فبينها النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في ظل الكعبة إذ قام أبو جهل في ناس من قريش ونحر لهم جزورا في ناحية مكة فأرسلوا فجاؤوا بسلاها وطرحوه عليه فجاءت فاطمة وألقته عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش بأبي جهل بن هاشم وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن مسيط ثم اجتمعوا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند المقام وهم جلوس في ظل الكعبة
[ 70 ]
فقام إليه عقبة بن أبى فجعل رداءه في عنقه ثم جره حتى وجب النبي صلى الله عليه وسلم لركبته ساقطا وتصايح الناس وظنوا أننه مقتول وأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه وهو يقول أثقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس في ظل الكعبة فقال يا معشر قريش والذي نفس محمد بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح وأشار بيده إلى حلقه فقال له أبو جهل يا محمد ما كنت جهولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت منهم فقال أبو جهل ألم أنهك يا محمد فانتهزه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل لم تنهرني والله لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا منى فقال جبريل فليدع ناديه لاخذ تزبانية العذاب فقالت قريش انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا لرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه فقالوا ما نعلم أحدات غير عتبة بن ربيعة فقالوا أنت يا أبا الوليد
[ 71 ]
فأتى عتبفقال يا محمد أنت خير أم عبد الله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فان كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الالهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى تسمع قولك أما والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في الرعب حتى لقد طار فيهم أنن قريش كاهنا والله ما تنتظر إلا أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى أيها الرجل إن كان إنما بك الباه فاختر أي نساء قريش شئت حتى أزوجك عشرا وإن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش مالا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرغت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم حتى بلغ فاناعر ضوا فقد انذرتكم صعقة مثل صعقة عاد وثمود فقال له عتبة حسبك حسبك ما عندك غير هذا ثم رجع إلى
[ 72 ]
قريش فقالوا ما وراءك قال ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا تكلمت به قالوا فهل أجابك قال نعم لا والذي نصبها يعنى الكعبة ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال انذرتكم صعقة مثل صعقة عاد وثمود قالوا ويلك يكلمك رجل بالعربية ما تدرى ما قال قال فو الله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة فكانوا يؤذونه بأنواع الاذى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغهم رسالات ربه صابرا محتسبا ثم إن الله جل وعلا أراد هدى عمر بن الخطاب وكان عمر من أشد قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغبا وأكثرهم للمسلمين أذى وكان السبب في إسلامه أن أخته فاطمة بنت الخطاب كانت تحت سعيد بنزيد بن عمر بن نفيل وكانت قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد وهم يستخفون بإسلامهم من عمر وكان نعيم بن عبد الله بن النحام قد أسلم وكان يخفى إسلامه وكان خباب بن الارت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن فخرج عمر
[ 73 ]
يوما متوشحا بسيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له أنهم قد اجتمعوا في بيت الصفات وهو قريب من أربعين بين رجال ونساء ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة وعلى وأبو بكر في رجال من المسلمين ممن أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج إلى أرض الحبشة فلقى نعيم بن النحام عمر بن الخطاب فقال أين تريد فقال أريد محمدا هذا الصابى الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله فقال له نعيم والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر أترى أن عبد مناف تاركيك تمشي على الارض وقد قتلت محمدا أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم قال وأي أهل بيتي فقال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فقد أسلما وبايعا محمدا على دينه فعليك بهمتاا فرجع عمر عامدا لختنوأخته وعندهما خباب بن الارت ومعه صحيفة فيها طه يقرئها إياهما فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة
[ 74 ]
فجعلتها تحت فخذها وقد سمع حين دنا من البيت قراءتها عليه فلما دخل قال ما هذه الهينمة التي سمعت قالا له ما سمعت شيئا قال بلى والله لقد أخبرت أنكما بايعتما محمد على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة لتكفه عن زوجها فضربها فشجها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ار عوى وقال لاخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفا انظر ما هذا الذي جاء به محمد وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته إنا لنخشاك عليها قال لا تخافى وحلف لها بآلهته ليردها إليها فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت له يا أخى غنك نجس على شركك وإنه لا يمسها إلا المطهرون فقام عمر بن الخطاب فاغتسل ثم أعطته الصحيفة وفيها طه فلما قرأ سطرا مها قال ما أحسن هذا الكلام فلما سمع خباب
[ 75 ]
ذلك خرج إليه فقال له يا عمر والله لارجو أن يكون خصك الله بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فانى سمعته يقول اللهم أيد الاسلام بأبي الحكم بن هشام أبوبعمر بن الخطاب فقال له عمر دلنى عليه يا خباب حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم فلما بلغ ضرب عليه الباب فلما سمع المسلمون صوته قام رجل فنظر من خلال الباب فرآه متوشحا بالسيف فقال حمزة بن عبد المطلب ائذن لي فان كان يريد خيرا به لناله وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته تم جبذة عظيمة وقال ما جاء بك يا بن الخطاب والله
[ 76 ]
ما أرى أن تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة فقال له عمر يا رسول الله جئتك لاومن بالله ورسوله وبما جئت به من عند الله قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر أسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر استره فقال عمر والذي بعثك بالحق لاعلنته كما أعلنت الشرك فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر وحمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كان يقول بن مسعود ما زلنا أعزة مذ أسلم عمر ثم توفيت خديجة فقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت لخديجة بيتا في الجنة لا صخب فيه ولا نصب ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة خديجة عائشة بننت أبى بكر قبل الهجرة بثلاثسنين في شهر شوال وهى بنت ست
[ 77 ]
خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لم يتزوبكرا غيرها وكانت أم عائشة أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف المنعة وأشراف ثقيف يومئذ عبد ياليل وحبيب ومسعود بن عمرو فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الله فقال أحدهم أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الآخر هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله قد أرسلك وقال الآخر إن كان كما تقول ما ينبغي لي أن أكلمك إجلالا لك وإن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمع ما يكره فالتجأ إلى حائط لبنى ربيعة وإذا
[ 78 ]
عتبة وشيبة فيه فلما رأياه تحركت له رحمهما فدعو غلاما لها يقال له عداس نصرانيا فقالا له خذ هذا العنب واجعله في هذا الاناء واذهب إلى ذلك الرجل فلما أتاه به عداس وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في العنب وسمى الله فنظره عداس في وجهه وقال إن هذا لشئ ما يقوله الناس اليوم قال ومن أنت قال أنا رجل نصراني من أهل نينوى قال من قرية يونس بن متى قال وما يدريك ما يونس بن متى قال ذلك أخى كان نبيا من الانبياء فجعل عداس يقبل يديه ورجليه ويقول قدوس وقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه أما غلامك فقد أفسده عليك فلما رجع إليهما فسألاه عما قال له فقال لقد أخبرني عن شئ ما يعلمه إلا نبي قالا يا عداس ويحك لا تخدع عن دينك
[ 79 ]
خروجه من الطائف مرور نفر من الجن قدومه مكة ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أيس من الطائف فمر بنخلة فقام يصلى من جوف الليل فمر به النفر من الجن أصحاب نصيبين فاستمعوا له عامة ليلته فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين وهم سبعة أنفس ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يدعوهم إلى الله ويستنصرهم ليمنعوا ظهره حتى ينفذ عن الله ما بعثه به ثم افتقده أصحابه ليلة فباتوا بشر ليلة فجعلوا يقولون استطير أو اغتيل وتفرقوا في الشعاب والاودية يطلبونه فلقيه بن مسعود مقبلا من نحو حراء فقال يا نبي الله بأبي أنت وأمى بتنا بشر ليلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاننى داعي الجن فأتيتهم أقرئهم القرآن وسألوني الزاد فقلت كل عظم ذكر الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كانم لحما والبعر علفا لدوابكم فلذلك ننهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالروث والعظم لانه زاد إخواننا من الجن وكان بن مسعود يقول أرانى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن آثارهم ونيرانهم ثم أمر الله عزوجل
[ 80 ]
ذكر عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل أخبرنا الحسن بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ثنا عبد الجبار بن محمد بن كثير التميمي ثنا محمد بن بشر اليماني عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن بن عباس قال حدثني على بن أبى طالب قال لما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر الصديق حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر فسلم وقال ممن القوم قالوا من ربيعة قال وأي ربيعة أنتم أمن
[ 81 ]
ذكر عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل هامتها أم من لهازمها فقالوا لا بل من هامتها العظمى قال أبو بكر وأي هامتها العظمى أنتم قالوا من ذهل الاكبر قال أبو بكر فمنكم عوف الذي يقال له لا حر بوادي عوف قالوا لا قال فمنكم بسطام بن قيس صاحب اللواء ومنتهى الاحياء قالا لا قال فمنكم جساس بن مرة حامى الذمار ومانع الجار قالوا لا قال فمنكم الحوفزان قاتل الملوك سالبها أنفسها قالوا لا قال فمنكم أصهار الملوك من لخم قالوا لا قال أبو بكر فلستم إذا ذهلا الاكبر أنتم ذهلا الاصغر فقام إليه غلام من بنى شيبان يقال له دغفل حين بقل وجهه فقال على سائلنا أن
[ 82 ]
ذكر عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل نسأله يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا فممن الرجل فقال أبو بكر أنا من قريش فقال الفتى بخ بخ أهل الشرف والرئاسة فمن أي القرشيين أنت قال من ولد تيم بن مرة قال أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة فمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا قال لا قال فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف قال لا قال فمن أهل الحجابة أنت قال لا قال فمن أهل الندوة أنت قال لا قال فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر يضئ في اليلة الظلماء الداجية قال لا
[ 83 ]
ذكر عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل قال فمن أهل السقاية قال لا واجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الغلام صادف درء السيل درءا يدفعه يهيضه حينا وحينا يصدعه أما والله لقد ثبت قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال على فقلت يا أبا بكر لقد وقعت من الاعرابي على باقعة فقال لي أجل يا أبا الحسن ما من طامة إلا وفوقها
[ 84 ]
طامة والبلاء موكل بالمنطق قال على ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر وكان مقدما في كل خير فسلم وقال ممن القوم فقالوا من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمى يا رسول الله ما وراء هذا القوم غر هؤلاء غرر قومهم وفيهم مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة والمثننى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالا ولسانا وكان غديرتان تسقطان على تربيته وكان أدنى القوم مجلسا من أبى بكر فقال أبو بكر كيف العدد فيكم فقال مفروق إنا لنزيد على ألف ولن يغلب ألف من قلة فقال أبو بكر وكيف المنعة فيكم قال مفروق
[ 85 ]
علينا الجهد ولكل قوم جد قال أبو بكر كيف الحرب بينكم وبين عدوكم قال مفروق إنا لاشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لاشد ما نكونن لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الاولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى لعلك أخو قريش قال أبو بكر وقد بلغكم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فها هو ذا قال مفروق قد بلغنا أنه يذكر ذلك قال فالى م تدعو يا أخا قريش قال أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنى رسول الله وأن تؤونى وتنصروني فان قريشا قد تظاهرت على أمر الله
[ 86 ]
فكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغنى الحميد فقال مفروق بن عمروإلى ما تدعونايا أخا قريش فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قل تعالوا اتل محرم ربكم عليكم الآية قال مفروق وإلى م تدعو يا أخا قريش فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يأمر بالعدل والاحسان الآية فقال مفروق دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا فقال قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وإني أرى ان تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا زلة في الرأي وقلة فكر في العواقب وإنما تكون الزلة مع
[ 87 ]
العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك وإنما أنزلنا بين ضرتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هاتان الضرتانن قال أهار كسرى ومياه العرب وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثا ولا ننؤوى محدثا وانى أرى هذا
[ 88 ]
الامر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك فان أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه فقال النعمان بن شريك اللهم نعم قال فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يد أبى بكر وهو يقول يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض
[ 89 ]
قال أبوحات إن الله عزوجل وعلا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم إلى الله وحده وأن لا يشركوا به شيئا وينصروه ويصدقوه فكان يمر على مجالس العرب ومنزلهم فإذا رأى قوما وقف عليهم وقال إنى رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وتصدقوني وخلفه عبد العزى أبو لهب بن عبد المطلب عمه يقول يا قوم لا تقبلوا منه فإنه كذاب حتى أتنى كندة في منازلهم فعرض عليهم نفسه ودعاهم إلى الله فأبوا أن يستجيبوا له ثم أتى كلبا في منازلهم فكلم بطنا منهم يقال له بنو عبد الله فجعل يدعوهم حتى انه ليقول لهم يا بنى عبد الله إن الله قد أحسن اسم أبيكم إني رسوله فاتبعوني حتى أنفذ أمره فلم يقبلوا منه ثم أتى بنى حنيفة في منازلهم فردوا عليه ما كلمهم به ولم يكن من قبائل العرب أعنف ردا عليه منهم ثم أتى بنى عامر بن صعصعة في منازلهم فدعاهم إلى الله فقال قائل منهم إن اتبعناك وصدقناك فنصرك الله ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الامر من بعدك فقال رسول الله صلى الله عليه
[ 90 ]
وسلم المر إلى الله يضعه حيث يشاء فقالوا أنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا ظهرت كان الامر في غيرنا لا حاجة لنا في هذا من أمرك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر الموسم فيعرض نفسه على من حضر من العرب فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة وإذا رهط منهم رموا الجمرة فاعترضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ممن أنتم قالوا من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم فكلمهم بالذي بعثه الله به فقال بعضهم لبعض يا قوم إن هذا الذي كانت اليهود يدعوننا به أن يخرج في آخر الزمان وكانت اليهود إذا كان بينهم شئ قالوا غنما ننتظر نبيا يبعث الآن يقتلكم قتل عاد وثمود فنتبعه ونظهر عليكم معه ثم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نرجع إلى قومنا ونخبرهم بالذي كلمتنا به فما أرغبنا فيك إنا قد تركنات قومنا على خلاف فيما بينهم لا نعلم
[ 91 ]
حيامن العرب بينهم من العداوة ما بينهم وسنرجع إليهم بالذي سمعنا منك لعل الله يقبل بقلوبهم ويصلخح بك ذات بينهم ويؤلف بين قلوبهم وأن يجتمعوا على أمرك فان يجتمعوا على أمر واحد فلا رجل أعز منك ثم قدموا إلى المدينة فأفشوا ذلك فيهم ولما رجع حاج العرب كان لبنى عامر شيخ قد كبر لا يستطيع أن يوافي معهم الموسم وكان أمرهم بمكان فكانوا إذا رجعوا سألهم عما كان في موسمهم ذلك فلما كان ذلك العام سألهم فأخبروه عما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إليه فوضع الشيخ يده على رأسه وقال يا بنى عامر هل لها من تلاف هل لذنابها من مطلب فو الله ما تقولها إسماعيلى وإنها لحق ويحكم أين غاب عنكم رأيكم
[ 92 ]
وسمعت قريش بمكة بالليل صوتا ولا يرون شخصه يقول فان يسلم السعدان يصبح محمد من الامر لا يخشى خلاف المخالف فقال قريش لو علمنا من السعدان لفعلنا وفعلنا فسمعوا من القائل وهو يقول فيا سعد سعد الاوس كن أنت مانعا ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس زلقة عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف السعدان يريد به سعد الاوس سعد بن معاذ وسعد الخزرج سعد بن عبادة
[ 93 ]
ذكر بيعة العقبة الاولى حدثنا محمد بن أحمد بن أبى عوان الرازي ثنا عمار بن الحسن ثنا سلمة بن الفضل عن بن إسحاق قال أخبرني يزيد بن أبى حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنا اثنى عشر رجلا في العقبة الاولى فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فمن وفى فله الجنة ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له
[ 94 ]
قال أبو حاتم فلما كان الموسم جعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل يدعوهم إلى الله فاجتمع عنده بالليل اثنا عشر نقيبا من الانصار فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم انا نخاف إن جئتنا على حالك هذه أن لا يتهيأ لنا الذي نريد ولكن نبايعك الساعة وميعادنا العام المقبل فبايعهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ويأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم ولا يعصونه في معروف فمن وفى فله الجنة ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه وأسماؤهم منهم من بني النجار ثلاثة أنفس أسعد بن زرارة بن عدس وهو أبو أمامة وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة ومن بني زريق بن عامر بن زريق رافع بن مالك بن العجلان وذكوان بن عبد قيس بن خالدة ومن بني غنم عوف بن عمر بن عوف بن الخزرج
[ 95 ]
ومنهم القوافل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم وأبو عبد الرحمن بن يزيد بن ثعلبة حليف لهم من بلى ومن بني سالم بن عوف عباس بن عبادة بن نضلة ومن بني سلمة جعد بن سعيد ثم من بني حرام عقبة بن عامر بن نابي وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد ومن بني عبد الاشهل بن جشم أبو الهيثم بن التيهان واسمه مالك وعويم بن ساعدة ثم رجعوا إلى قومهم بالمدينة وأخبروهم الخبر وفشا ذكر الاسلام بالمدينة فكان الواحد بعد الواحد من الانصار يخرج من المدينة إلى مكة فيؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقلب إلى أهله فيسلم بإسلامه جماعة حتى لم تبق دار من دور الانصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الاسلام ثم اختلف الاوس والخزرج في الصلاة وأبوا أن يترك
[ 96 ]
بعضهم يؤم بعضا فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مصعب بن عمير مع جماعة وذلك أنهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يبعث عليهم رجلا من أصحابه يفقههم في الدين فنزل مصعب بن عمير على أسعد بن زرارة فكان يأتي به دور الانصار فيدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن ويفقه من كان منهم دخل في الاسلام وكان إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير على يد مصعب وذلك أنه خرج مع أسعد بن زرارة إلى حائط من حوائط بني النجار معهما رجال من المسلمين فبلغ ذلك سعد بن معاذ فقال لاسيد بن حضير ائت هذا الرجل فلولا أنه مع أسعد بن زرارة وهو بن خالتي كما علمت كنت أنا أكفيك شأنه فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم خرج حتى أتى مصعبا فوقف عليه متشتما وقد قال أسعد لمصعب حين نظر إلى أسيد هذا أسيد من سادات قوم له خطر وشرف فلما انتهى إليهما تكلم بكلام فيه بعض الغلظة فقال له مصعب بن عمير أو تجلس فتسمع فإن سمعت خيرا قبلته وإن كرهت شيئا أو خالفك أعفيناك عنه قال أسيد ما بهذا بأس ثم ركز حربته وجلس فتكلم مصعب بالاسلام وتلا
[ 97 ]
عليه القرآن قال أسيد ما أحسن هذا القول ثم أمره فتشهد شهادة الحق وقال لهم كيف أفعل فقال له تغتسل وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين ففعل ورجع إلى بني عبد الاشهل وثبتا مكانهما فلما رآه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد رجع إليكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليه قال له سعد ما وراءك قال كلمت الرجلين فكلماني بكلام رقيق وزعما أنهما سيتركان ذلك وقد بلغني أن بني حارثة قد سمعوا بمكان أسعد فاجتمعوا لقتله وإنما يريدون بذلك إحقارك وهو بن خالتك فان كان لك به حاجة فأدركه فوثب سعد وأخذ الحربة من يدي أسيد وقال ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج حتى جاءهما ووقف عليهما متشتما وقد قال أسعد لمصعب حين رأى سعدا هذا والله سيد من وراءه إن تابعك لم يختلف عليه اثنان من قومه فأبلى الله فيه بلاء حسنا فلما وقف سعد قال لاسعد بن زرارة أجئتنا بهذا الرجل يسفه شبابنا وضعفاءنا والله لولا ما بيني وبينك
[ 98 ]
من الرحم ما تركتك وهذا فلما فرغ سعد من مقالته قال له مصعب أو تجلس فتسمع فان سمعت خيرا قبلته وإن خالفك شئ أعفيناك قال أنصفت فركز حربته ثم جلس فكلمه بالاسلام وتلا عليه القرآن فقال سعد ما أحسن هذا نقبله منك ونعينك عليه كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الامر قال تغتسل وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين ففعل ثم خرج سعد حتى أتى بني عبد الاشهل فلما رأوه قالوا والله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قالوا مما جئت قال يا بني عبد الاشهل كيف تعلمون رأيي فيكم وأمري عليكم قالوا أنت خيرنا رأيا قال فإن كان كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وحده وتشهدوا أن محمدا رسول الله وتدخلوا في دينه فا أمسى من ذلك اليوم في دار بني عبد الاشهل رجل ولا امرأة إلا أسلم وأول جمعة جمعت بالمدينة جمعها أبو أمامة أسعد بن زرارة وهم أربعون رجلا في روضة
[ 99 ]
يقال لها نقيع الخضمات من حرة بني بياضة فكان كعب بن مالك يقول فيما بعد إذا سمع الاذان يوم الجمعة رحمة الله على أبي أمامة أسعد بن زرارة ذكر الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني وأحمد بن علي بن المثنى التميمي وعمران بن موسى بن مجاشع السختياني قالوا ثنا هدبة بن خالد القيسي ثنا همام بن يحيى ثنا قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال بينا أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجع إذ أتاني جبريل فشق ما بين هذه إلى هذه فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا وحكمة
[ 100 ]
فغسل قلبي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار يضع خطوة عن أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد على السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ ففتح له فلما خلصت إذا نحن بعيسى ويحيى وهما ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما قال فسلمت وردا ثم قالا مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح فقيل منن هذا قال جبريل قيل ومن
[ 101 ]
معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت فإذا إدريس قال هذا إدريس فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا بهارون قال هذا هارون فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا الاخ الصالح والنبى الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قيل مرحبا به فنعم لمجئ جاء
[ 102 ]
ففتح فلما خلصت فإذا موسى قال هذا موسى فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد وقال مرحب بالاخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكى قال ما يبكيك قال أبكى لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتى ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتحت فلما خلصت إذا إبراهيم قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سدرة المنتهى قال فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت ما هذان يا جبريل قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع إلى البيت المعمور ثم أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة
[ 103 ]
وأنت عليها وأمتك ثن فرضت على الصلوات خمسين صلاة كل يوم فرجعت فمررت بموسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت فوضع عنى عشرا فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بأربعين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم انى قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك فرجعت فوضع عنى عشرا فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بثلاثين صلاة كل يوم قال غن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم فانى قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك فرجعت فوضع عشرا فرجعت إلى موسى قال بما أمرت قلت أمرت بعشرين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع عشرين صلاة وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك فرجعت فأمرت
[ 104 ]
بعشر صلوات كل يوم ثم رجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بعشر صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع عشر صلاة كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة إلى ربك فسله التخفيف لامتك قلت قد سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم فلما جاوزت نادانى مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي قال أبو حاتم أسرى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السماء وفرض عليه خمس صلوات ثم بعث الله جبريل ليؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت ويعلمه أوقات الصلوات فما كان الظهر نودى ان الصلاة جامعة ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم فصلى بهم حين زالت الشمس على مثل
[ 105 ]
الشراك يؤم جبريل محمدا ويؤم محمد الناس ثم صلى به العصر حين صار ظل كل شئ مثله ثم صلى به المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى به العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى به الظهر من الغد حين صار ظل كل شئ مثله ثم صلى به العصر حين صار ظل كل شئ مثليه ثم صلى به المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى به العشاء حين ذهب ثلث الليل ثم صلى به الفجر حين أسفر ثم التفت جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال يا محمد هذا وقتك ووقت الانبياء قبلك الوقت فيما بين هذين الوقتين
[ 106 ]
ذكر بيعة الانصار بالعقبة الآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة ثنا أبو كريب ثنا إدريس عن يحيى بن سعيد الانصاري وعبيد الله بن عمر ومحمد بن إسحاق عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمكره والمنشط وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الامر أهله وأن نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم قال أبو حاتم فلما كان العام المقبل من حيث واعد الانصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوه من العام المقبل بمكة خرج سبعون رجلا من الانصار فيمن خرج من أهل الشرك من قومهم من
[ 107 ]
أهل المدينة فلما كانوا بذي الحليفة قال البراء بن معرور بن صخر بن خنساء وكان كبير الانصار إني قد رأيت رأيا ما أدرى أتوافقوني عليه أم لا قد رأيت ألا أجعل هذه البنية منى بظهر وأن أصلى إليها بعنى الكعبة فقالوا له والله ما هذا برأى وما كنا لنصلي إلى غير قبلة فأبوا ذلك عليه وأبى أن يصلى إلا إليها فلما غابت الشمس صلى إلى الكعبة وصلى أصحابه إلى الشام حتى قدموا مكة قال البراء بن معرور لكعب بن مالك والله يا بن أخى قد وقع في نفسي مما صنعت في سفري هذا فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت وكانوا لا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا يعرفون العباس بن عبد المطلب لانه كان يختلف
[ 108 ]
إليهم إلى المدينة تاجرا فخرجوا يسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى إذا كانوا بالطحاء سألوا رجلا عنه فقال هل تعرفونه قالوا لا قال فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب قالوا نعم قال فإذا دخلتم المسجد فانظروا من الرجل الذي مع العباس جالس فهو هو تركتة معه الآن فخرجوا حتى جاؤوا فسلموا عليها ثم جلسوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين الرجلين قال هذا نعم هذا البراء بن معرور وهذا كعب بن مالك فقال له البراء يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني صنعت في سفري هذا شيئا قد وقع في نفسي منه شئ فاخبرني عنه رأيت أن لا أجعل هذه البنية منى بظهر وصلي إليها فعنفي أصحابي وخالفوني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها ولم يزد على ذلك ثم خرجوا إلى منى فلما كان في أوسط
[ 109 ]
أيام التشريق ذات ليلة واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة فخرجوا في جوف الليل يتسللون من رجالهم ويخفون ذلك من قومهم من المشركين فلما اجتمعوا عند العقبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس فكان أول من تكلم العباس فقال يا معشر الخزرج إن محمدا صلى الله عليه وسلم في منعة من قومه وبلاده وقد منعناه ممن ليس على مثل رأينا فيه وقد أبى إلا الانقطاع إليكم فان كنتم ترون أنكم توفون له بما وعدتموه فأنتم وما جئتم به وإن كنتم تخافون عليه من أنفسكم شيئا فالآن فاتركوه فإنه في عز ومنعة قالوا قد سمعنا ما قلت ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله فآمنوا وصدقوه ثم تكلم البراء بن معرور وأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بايعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبايعكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والنفقة في العسر واليسر وعلى الامر
[ 110 ]
بالمعروف والنهى عن المنكر وأن لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني وتمنعوني بما تمنعون به أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة فبايعوه على ذلك فقال رجل من الانصار بقال له عباس بن عبادة بن نضلة يا معشر الانصار هل تدرون ما تبايعون عليه هذا الرجل إنكم تبايعونه على حرب الاسود والاحمر فان كنتم ترون أنكم لتوفون بما عاهدتموه عليه فهو خير الدنيا والآخرة فخذوه وإن كنتم ترون أنكم مسلموه إذا كان ذلك فالآن فدعوه فهو خزى الدنيا والآخرة فقال أبو الهيثم بن التيهان يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بيننا وبين قومه رحما وإنا قاطعوها فيك فهل عسيت إن نحن بايعناك وأظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا
[ 111 ]
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الدم الدم الهدم الهدم إني منكم وأنتم منى أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعثوا إلى منكم اثنى عشر نقيبا كفلا على قومهم بما كان منهم ككفالة الحواريين بعيسى بن مريم فقال أسعد بن زرارة نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت نقيب على قومك فقال نعم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثنى عشر نقيبا بنى مالك بن النجار أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وكان نقيب بنى سلمة البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر بن عبد الله وكان نقيب بنى ساعدة المنذر بن عمرو بن خنيس وسعد بن عبادة بن دليم وكان نقيب بنى زريق بن عامر رافع بن مالك بن العجلان وكان نقيب بنى الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة بن مالك وسعد بن الربيع بن عمرو وكان نقيب القوافل عبادة بن الصاكت بن قيس
[ 112 ]
وكان نقيب بنى عبد الاشهل أسيد بن حضير بن سماك وأبو الهيثم بن التيهان وكان نقيب بنى عمر وبن عوف سعد بن خيثمة بن الحارث فقال عباس بن عبادة بن نضلة والله يا رسول الله لئن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أؤمر بذلك ارجعوا إلى رحالكم فرجعوا إلى رحالهم وهم سبعون رجلا فلما أصبحوا غدت عليهم قريش قالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا عنكم شئ لا ندري أحق هو أم باطل إنه لابغض قوم إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم فجعل من كان من المشركين من قومهم يحلفون بالله ما علمنا ولا فعلنا وصدقوا قال كعب بن مالك فنظرت إلى عبد الله بن عمرو بن حرام فقلت يا أبا جابر أنت شيخ من شيوخنا وسيد من ساداتنا ألا تتخذ نعلا مثل نعلي هذا الفتى من قريش يريد الحارث بن هشام فلما سمعه الحارث خلعهما ورمى بهما
[ 113 ]
إليه فقال البسهما قال كعب قال والله صالح ولئن صدق لاسلبنه فرجع الانصار إلى المدينة ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وكانت هذه البيعة في ذي الحجة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاثة أشهر فلما علمت قريش أن القوم قد عاقدوه ورأت من اتبعه من الانصار اجتمع نفر من أشراف كل قبيلة ودخلوا دار الندوة ليدبروت أمرهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترضهم إبليس في صورة شيخ فلما رأوه قالوا من أنت قال رجل من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمنكم منى رأى ونصح قالوا أجل ثم قال انظروا في أمر هذا الرجل فقال بعضهم احبسوه في وثاق تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء فانما هو كأحدهم قال النجدي ما هذا برأى فيخرجنه من محبسه وليوشكن أن يثبوا
[ 114 ]
عليكم حتى يأخذوه من بين أيديكم ثم لا آمن أن يخرج من بلادكم انظروا في غير هذا قال قائل أخرجوه من بين أظهركم فإنه إذا خرج غاب أذاه وشره وأصلحتم أمركم بينكم وخليتم بينه وبين ما هو فيه قال النجدي ما هذا براى ألم تروا حسن حديثه وحلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذ القلوب بما يسمع منه ولئن فعلتم استعرض ولا آمن أن يدخل على كل قبيلة فيقبل منه ما جاء به ثم يسيره إليكم حتى ينزع أمركم من أيديكم فيخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم انظروا رأيا غير هذا قال أبو جهل والله لاشيرن برأيى عليكم ما أراكم أبصرتموه بعد قالوا وما هو قال نأخذ من كل قبيلة غلاما شابا ثم نعطيه سيفا صارما حتى يضربوه ضربة رجل واحد فإذا تفرق دمه في القبائل فلا أظن أن بنى هاشم يقدرون على حرب قريش كلها فإذا أرادوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا منه ثم أصلحتم
[ 115 ]
أمركم فاجتمع ملككم على ما كنتم عليه من دين آبائكم فقال النجدي القول ما قال هذا الفتى لا رأى غيره فتفرقوا على ذلك وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا فتغشى بردا له أحمر حضرميا فبات في مضجعه واجتمعت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب بيته يرصدونه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده حفنة من تراب فرماها في وجوههم فأخذ الله بأعينهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فباتوا رصدا على بابه وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته فخرج عليهم من الدار خارج فقال ما لكم قالوا ننتظر محمدا قال قد خرج عليكم فانصرفوا يائسين
[ 116 ]
ينفض كل واحد منهم التراب عن رأسه قال أبو بكر الصديق انا لله وانا إليه راجعون نبيهم ليهلكن فنزلت اذن للذين يقتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير فأمره الله بالقتال ثم أمر الله عزوجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى يثرب ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي ثنا بن أبى السرى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت دار هجرتكم أريت
[ 117 ]
سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر قالت عائشة فبينا نحن جلوس يوما في بيتنا في نحر الظهيرة فقال قائل لابي هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها قال أبو بكر فداه أبى وأمى إن جاء به في هذه الساعة إلا لامر قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر أخرج من عندك قال أبو بكر إنما هو أهلك بأبى أنت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 118 ]
فإنه قد أذن لي بالخروج فقال أبو بكر فالصحبة بأبي أنت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال أبو بكر بأبي أنت يا رسول الله خذ إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن قالت عائشة فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبى بكر من نطاقها فأوكت به الجراب فلذلك كانت تسمى ذات النطاق ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فمكثنا فيه ثلاث ليال قال أبو حاتم لما أمر الله عزوجل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بنى الديل
[ 119 ]
وهو من بنى عدى هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه ودفعا إليه راحلتيهما وأوعده بغار ثور بعد ثلاث وخرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى أتيا الغار في جبل ثور كمنا فيه وخرج المشركون يطلبونهما حتى جاؤوا إلى الجبل وأشرفوا على الغار فقال أبو بكر يا رسول الله لو أبصر أحدهم تحت قدمه لابصرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما فأعمى الله أعينهم عن رسول الله صلى الله الرحمن الرحيم فلما أيسوا رجعوا
[ 120 ]
ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر الصديق وهو غلام شاب ثقف ثخن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح بمكة مع قريش كبائت بها فلا يسمع أمرا يكاد به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط للكلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منيحة من غنم فيريحها عليهما حين يذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل يفعل ذلك في كل ليلة من الليالي الثلاث ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث معه أبو بكر وعامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم الدليل طريق الساحل فاجتنبوا ليلتهم حتى أظهر واوقام الظهيرة رمى أبو بكر بصره هل يرى ظلا يأوون إليه فإذا هم بصخرة فانتهوا إليهما فإذا بقية ظلها فسوى أبو بكر ثم فرش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم ذهب ينظر هل يرى من الطلب أحدا فإذا
[ 121 ]
هو براعى غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي يريدون منن الظل فسأله أبو بكر لمن يا غلام قال لفلان رجل من قريش فعرفه أبو بكر فقال هل في غنمك من لبن قال نعم فقال هل أنت حالب لي قال نعم فأمره فاعتقل شاة من غنمة وأمره أن ينفض عنها من الغبار فحلب له كتيبه من لبن وكان معه إداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على فمها خرقة فصب اللبن حتى برد اسفله ثم ملاها فانتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استيقظ فقال اشرب يا رسول الله فشرب وشرب أبو بكر فقال أبو بكر قد أتى الرجل يا رسول الله قال لا تحزن والقوم يطلبونهم قال سراقة ب مالك بن جعشم جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في
[ 122 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره فقال سراقة فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بنى مدلج إذ أقبل رجفقال يا سراقة إني رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت لهم إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في مجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي من وراء أكمة فتحسبها على وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجة الارض حتى أتيت فرسى فركبتها ودفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعرد بي فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الازلام فاستقسمت بها أخرج أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسى وعصيت الازلام فقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسى في الارض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكن تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا غبار ساطع
[ 123 ]
في السماء مثل الدخا فاستقسمت بالازلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالامان فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم بأخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم بالزاد والمتاع فلم يرزاءنى ولم يسألانى إلا أنهما قالا أخف علينا فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة وأمن فأمر أبا بكر فكتب لي في رق من أدم قال سراقة والله لاعمين على من وراتى من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر على إبلى وغنمى بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في إبلك وغنمك وانطلق راجعا إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقى الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا ثم ساروا إلى خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة
[ 124 ]
جلدة تحتبى وتجلس بفناء الخيمة تسقى وتطعم فينالونها تمرا ويشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك فإذا القوم مرملون مسنتون فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر خيمتها فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت خلفها الجهد عن الغنم فقال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت نعم بأبي وأمى إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله عليه وقال اللهم بارك لها في شاتها فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء فسقاها فشربت حتى رويت وسقا أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم وقال ساقى القوم آخرهم شربا فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى أراضوا ثم حلب
[ 125 ]
فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها فقل ما لبثت فجاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا له حفلا عجافا يتساوكن هزلا مخهن قليل لا نفى بهن فلما رأى اللبن عجب وقال من أين لك هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت فقالت لا والله إلا أنه مربنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال والله إني أراه صاحب قريش الذي نطلبه صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة مليح الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجله ولم تزره صلعة وسيم جسيم قسيم
[ 126 ]
في عينيه دعج وفى أشفاره وطف وفى صوته صهل أحور أكحل أزج أقرن رجل شديد سواد الشعر في عنقه سطع وفى لحيته كثاثة إذا صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء كأن منطقة خرزات نظم يتحدرن حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر أجمل الناس وأباه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب ربعة لا يتثنى من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرات وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إن قال استمعوا
[ 127 ]
لقوله وإن أمر تسارعوا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند قال هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره لو كنت وافقت لالتمست إلى أن أصحب ولافعلنه إن وجدت إلى ذلك سبيلا وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعونه ولا يدرون من يقوله وهو يقول جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به فأفلح من أمسى رفيق محمد فيال قصي ما روى الله عنكم به من فعال لا تجازى وسودد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت له بصريح ضرة الشاة مزبد فغادره رهنا لديها لحالب يرددها في مصدر ثم مورد فأجابه حسان بن ثابت لقد خاب قوم زال عنه نبيهم وقد سر من يسشرى إليه ويغتدى
[ 128 ]
ترحل عن قوم فضلت عقولهم وحل على قوم بنور مجدد وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا عمى وهداة يهتدون بمهتدى نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مشهد وإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد ليهنئ أبا بكر سعادة جده بصحبته من يسعد الله يسعد ليهنئ بنى كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد فلما سمع المسلمون الابيات خرج المسلمون سراعا فوجا فوجا يلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا على خيمة أم معبد وسمع المسلمون بالمدينة بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرون قدومه حتى يردهم حر الظهيرة فكان أول من قدم عليهم من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بنى عبد الدار بن قصي فقالوا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو وأصحابه على إثرى ثم أتاهم بعده عمرو بن أم مكتوم الاعشى أخو بنى فهر فقالوا ما فعل من وراءك رسول الله وأصحابه
[ 129 ]
فقال هم الآن على أثرهم ثم أتاهم بعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص و عبد الله بن مسعود وبلال ثم أتاهم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرج من الغار سلك بهم الدليل أسفل من مكة ثم مضى بهم حتى جاوز بهم الساحل أسفل عسفان ثم استجاز بهم على أسفل أمج حتى عارض بهم الطريق ثم أجاز بهم فسلك بهم الخرار ثم أجاز بهم ثنية المرة ثم سلك بهم القفا ثم أجاز بهم مدلجة لفف ثم استبطن بهم مدلجة لفف ثم استبطن بهم مدلجة مجاج ثم سلك رجح من ذي العضوين ثم بطن ذي كشد
[ 130 ]
ثم أخذ بهما الجداجد ثم الاجرد ثم سلك بهم بطن أعداء ثم مدلجة تعهن ثم العبابيد ثم الفاجة ثم العرج ثم بطن العائد ثم بطن ريم ثمم رحلوا من بطن ريم ونزلوا بعض حرار المدينة وذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول وبعثوا رجلا من أهل البادية يؤذن بهم الانصار فجاء البدوى وآذن بهم النصار وصعد رجل من اليهود على أطم من آطامهم لامر ينظر إليه فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيضين فلم اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلام
[ 131 ]
فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة وهم خمسمائة رجل من النصار فتلقى الناس والعواتق فوق الجاجير والصبيان والولائد يقولون طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع وأخذت الحبشة يلعبون بحرابهم لقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بذلك ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أخبرنا أبو خليفة ثنا عبد الله بن رجاء أنا إسرائيل عن أبى إسحاق قال سمعت البراء يقول اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب بن البراء فليحمله إلى أهلي فقال له عازب لا حتى تحدثني كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم فقال ارتحلنا من مكة فذكر
[ 132 ]
حديث الرجل وقال حتى أتينا المدينة فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أنزل الليلة على بنى النجار وأخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك فخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون جاء محم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر قال أبو حاتم لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل عدل بهم فنزل على بنى النجار أخوال عبد المطلب لان أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو كانت من بنى عدى بن النجار فلما أصبح صلى الله عليه وسلم نزل حمزة بن عبد المطلب وعلى بن أبى طالب وأبو مرثد وابنه وأبو كبشة وزيد بن حارثة على كلثوم بن الهدم العمرى أخى بنى عمرو بن عوف ونزل أبو بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله وصهيب بن سنان على خبيب بن إساف ونزل عمر وزيد ابنا الخطاب وعمر وعبد الله ابنا سراقة وعبد الله بن حذافة وواقد بن عبد الله وخولى بن
[ 133 ]
أبى خولى وعياش بن ربيعة وخالد وعاقل وإياس بن البكير على رفاعة ابن المنذر ونزل عبيدة والطفيل والحصين بنو الحرب ومسطح بن أثاثة وسويبط مولى أبى سعد وكليب بن عمير وخباب بن الارت على عبد الله بن سلعة العجلاني ونزلت زينب بنت جحش وجد امة بنت جندل وأم قيس بنت محصن وأم حبيبة بنت نباتة وأمية بنت رقيش وأم حبيبة بنت جحش وأم سخبرة بنت نعيم على سعد بن خيثمة وعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون واقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا يسلمون وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنى عوف بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميسش وأسس المسجد بقباء وصلى فيه تلك الايامفلما كان يوم الجمعة خرج على ناقته القصوى يوم الجمعة يريد المدينة واجتمع عليه الناس فأدركته الصلاة في بنى سالم بن عوف فكانت أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بدور الانصار فيدعونه للنزول ويعرضون عليه المؤاساة فيجزيهم النبي صلى الله عليه وسلم خيرا حتى مر على بنى سالم فقام
[ 134 ]
عتبان بن مالك في أصحاب له فقالوا له يا رسول الله أقم في العدد والعدة والمنعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلوا سبيل الناقة فانها مأمورة ثم مر ببنى ساعدة اعترضه سعد بن عبادة وأبو دجانة والمنذر بن عمرو وداود راودوه على النزول فقال خلوا سبيلها فانها مأمورة ثم مر ببنى بياضة فاعترضه فروة بن عمرو وزياد بن لبيد وراودوه على النزول فقال خلوا سبيلها فانها مأمورة ثم مر على بنى عدى بن النجار فقال أبو سليط بن أبى خارجة عندنا يا رسول الله فنحن أخوالك وذكروا رحمهم فقال خلوا سبيلها فانها مأمورة وأقبلت الناقة حتى انتهت به إلى مربد التمر وهو يومئذ لغلامين يتيمين من بنى النجار في حجر أسعد بن زرارة اسمهما سهل وسهيل ابنا رافع بن أبى عممرو وكان المسلمون بنوا مسجدا يصلون فيه وهو موضع مسجده اليوم فلما انتهت به الناقة إلى المسجد بركت فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هذا إن شاء الله المنزل وجاء أبو أيوب الانصاري خالد بن زيد بن كليب فأخذ برحله وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المربد فقال معاذ بن عفراء هو لغلامين يتيمين
[ 135 ]
وأنا مرضيهما عنه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساوهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهما هبة حتى اتباعه منهما فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد قالوا يا رسول الله المرء مع موضع رحله فنزل على أبى أيوب الانصاري ومنزله في بنى غنم بن النجار ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في بناء المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر الانصار والمهاجرة وكان عمار بن ياسر جعدا قصيرا وكان ينقل اللبن وقد أغبر صدره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية وقدم طلق بن على على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعين المسلمين في بناء المسجد فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول قربوا الطين من اليمامي فإنه من احسنكم به مسكا ومات أسعد بن زرارة والمسجد يبنى
[ 136 ]
أخذته الشهقة ودفن بالبقيع وهو أول من دفن بالبقيع من المسلمين فكان النبي صلى الله عليه وسلم نازلا على أبى أيوب حتى فرغ من المسجد وبنى له فيه مسكن فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من المسجد ومسكنه إليه ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة لقفل سودة بنت زمعة زوجته وبناته وبعث أبو بكر الصديق عبد الله بن أبى بكر أن يقدم بأهله فلما قدم بن أريقط على عبد الله بن أبى بكر خرج عبد الله بعيال أبى بكر عائشة وعبد الرحمن وأم رومان أم عائشة وكان البراء بن معرور مات في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر وأوصى عند موته أن يوجه إذا وضع في قبره إلى الكعبة ففعل به ذلك فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى على قبره وولد مسلمة بن مخلد وكان آخر الانصار إسلاما بنو واقف وبنو أمية وبنو وائل وكانت الانصار كل واحد منهم يهدى لرسول الله صلى الله
[ 137 ]
عليه وسلم حين قدم المدينة تيسا وكانت أم سليم لم يكن لها ما تهدى فأتت بابنها أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ابني هذا يخدمك وليس عندي ما أهديه فادع الله له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أكثر ماله وولده ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أنس بن مالك وكان أنس له عشر سنين حيث قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكانت أمهاته يحثثنه فلما دخل داره حلب له من داجن وشاب له لبنها بماء يسير في الدار وأبو بكر عن شماله وأعرابى عن يمينه فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعرابي وقال الايمن فالايمن وكانت الصلاة ركعتين ركعيتن فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم متنفلين فقال يا أيها الناس اقبلوا فريضة الله فأقرت صلاة المسافر وزيد في صلاة المقيم
[ 138 ]
وذلك لاثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الآخر بعد قدومه عليه السلام المدينة بشهر ووعك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكا شديدا فدخلت عائشة على أبى بكر وهو يقول كل امرئ مصبح في أهله والموت أقرب من شراك نعله ثم دخلت على عامر بن فهيرة وهو يقول كل امرئ مدافع بطوقه الثور يحمى جلده بروقه فدخلت على بلال وهو يقول ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل وكان بلال يقول اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام كما أخرجونا من مكة فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بما رأت من وعكهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وبارك لنا فيها كما باركت لنا في مكة وبارك في صاعها ومدها وانقل وباءها إلى
[ 139 ]
مهيعة وهى الجحفة ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد حمى الناس وهم يصلون قعودا فقال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم فختم الناس الصلاة قياما ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل بالمدينة ضعفى ما بمكة من البركة ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاخى بين المهاجرين والانصار في شهر رمضان فدخل المسجد فجعل يقول أين فلان بن فلان فلم يزل يعدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده فقال إني أحدثكم بحديث فاحفظوه وحدثوا من بعدكم إن الله اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا هذه الآية الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس خلقا يدخلهم الجنة وإني مصطف منكم من أحب أن أصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر فقام فجئ بين يديه فقال إن لك عندي يدا الله يجزيك بها ولو كنت متخذا لاتخذنك خليلا وأنت عندي بمنزلة قميصي في جسدي وحرك قميصه ثم قال ادن يا عمر فدنا فقال لقد كنت شديد الثغب علينا يا أبا حفص فدعوت الله أن يعز الدي بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك بك وكنت أحبهما إلى الله
[ 140 ]
فأنت معي ثالث ثلاثة من هذه المة ثم تنحى وآخى بينه وبين أبى بكر ودعا عثمان بن عفان فقال ادن يا عثمان ادن يا أبا عمرو فلم يزل يدنو حتى ألزق ركبته بركبته ثم نظر إلى السماء فقال سبحان الله العظيم ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة فزرها عليه ثم قال اجمع لي عطفى ردائك على نحرك فان لك شأنا عند أهل السماء أنت ممن يرد على الحوض وأوداجه تشخب دما ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال ادن يا أمين الله يسلط الله على مالك بالحق أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها فقال خرلى فقال أكثر الله مالك ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان ثم دعا طلحة والزبير فقال ادنوا منى فدنوا منه فقال أنتما
[ 141 ]
حوارى كحواري عيسى بن مريم ثم آخى بينهما ثم دعا سعد بن أبى وقاص وعمار بن ياسر فقال عمار بن ياسر فقال يا عمار تقتلك الفئة الباغية ثم آخى بينهما ثم دعا عميرا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال يا سلمان أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الاول والعلم الآخر ثم قال ألا أنشدك يا أبا الدرداء قال بأبي أنت وأمى بلى قال إن تنقدهم فينقدوك وإن تتركهم لا يتركوك فاقرضهم عرضك ليوم فقرك واعلم أن الجزاء أمامك ثم آخى بينهما ثم نظر في وجوه أصحابه فقال أبشروا وقروا عينا فانتم أول من يرد على الحوض وأنتم في أعلى الغرف ونظر إلى عبد الله بن عمر فقال الحمد لله الذي يهدى من الضلالة من أحب فقال على بن أبى طالب يا رسول الله ذهب روحي فانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت فان كان من سخطه على فلك
[ 142 ]
العتبي والكرامة قال والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأنت أخى ووراثي قال يا رسول الله ما أرث منك قال ما ورثت الانبياء قبلى قال وما ورثت الانبياء قبلك قال كتاب الله وسنة نبيهم وأنت معي في قصرى في الجنة مع فاطمة ابنتى ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم اخوانا على سرر متقبلين ومات الوليد بن المغيرة بمكة وأبو أحيحة بالطائف بلغ المسلمين نعيهما وولد عبد الله بن الزبير في شوال فكبر المسلمون وكانوا يخافون أن يكون اليهود سحرت نساءهم وكان أول مولود ولد من المهاجرين بالمدينة وهنئ به أبو بكر والزبير ولم ترضعه أسماء بنت أبى بكر حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه ووضعه في حجرة فحنكه بتمرة فكان أول شئ دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سماه عبد الله ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم اللواء لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف على ستين من المهاجرين وليس فيهم من النصار أحد وهى أول راية عقدها بالمدينة وبعثه إلى بطن رابغ
[ 143 ]
فبلغ ثنية المرة بالقرب من الجحفة فالتقوا على ماء ما يقال له أحياء وأمير السرية أبو سفيان بن حرب في مائتين من المشركين فلم يكن بينهم إلا الرمي بالرمي ثم انحاز المسلمون على رامية وانحاز من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو بن الاسود وقد قيل عتبة بن غزوان ثم انصرفوا من غير أن يسلوا السيوف وقد قيل إن المشركين أميرهم كان مكرز بن حفص بن الاحنف وكان حامل اللواء لعبيدة بن الحارث مسطح بن أثاثة ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لحمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا كلهم من المهاجرين بعثه إلى ساحل البحر من قبل العيص من أرض الجهينة ليتعرض لغير قريش فلقى أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب من أهل مكة فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني
[ 144 ]
وكان حليفا للفريقين فانصرف الفريقان من غير قتال وكان حامل لواء حمزة يومئذ أبو مرثد ث م بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة هي بنت تسع على رأس ثمانية أشهر من هجرته وذلك في شوال وكان تزوج بها بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهى ابنة ست فأهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه البهاء ولم يزوج من النساء بكرا غيرها ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لسعد بن أبى وقاص في عشرين رجلا يريد العير في ذي القعدة فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكفون بالنهار ويسيرون بالليل حتى أصبحوا لحرار صبح خامسة وقد سبقهم العير قبل ذلك بيوم فانصرفوا وكان حامل اللواء يومئذ لسعد المقداد بن عمرو وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو قيس بن الاسلت فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام فقال ما أحسن ما تدعو إليه أنظر في أمرى ثم أعود إليك فلقيه عبد الله بن أبى فقال كرهت والله حرب الخزرج فقال أبو قيس لا أسلم سنة فمات في ذي الحجة السنة الثانية من الهجرة حدثنا عبد الله بن محمد بن المدايني ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ثنا
[ 145 ]
عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير عن أبيه عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد اليهود يصومون عاشوراء فقال لهم ما هذا قالوا يوم عظيم نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون فيه وقومه فصامه موسى شكرا لله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى بموسى وأحق بصيامه منكم فصامه وأمر بصيامه قال وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود يصومون يوم عاشوراء في أول قدومه المدينة وهو أول السنة الثانية من الهجرة فسألهم فأخبروه أن الله نجى موسى في ذلك اليوم وأغرق آل فرعون فصامه موسى شكرا لله فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه وقال أنا أولى بموسى فصامه صلى الله عليه وسلم والمسلمون ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا في صفر وقال له أعطها شيئا فقال ما عندي يا رسول الله شئ قال فأين درعك الحطمية فبعث إليها بدرعه وقد روى في تزويجها أخبار فيها طول تؤدى إلى مسلك القصاص فتنكبت عن ذكرها لعلمي بعدم صحتها من جهة النقل ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الابواء وهى أول غزوة بنفسه وبين الابواء وودان ستة أميال خرج رسول الله
[ 146 ]
صلى الله عليه وسلم في المهاجرين ليس فيهم أنصارى وذلك في شهر ربيع الاول على رأس سنة من مقدمه المدينة واستخلف سعد بن عبادة بن دليم وكان لوائه حمزة بن عبد المطلب وكانت غيبته خمس عشرة ليلة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا والابواء جبل وودان والابواء بينهما الطريق كلاهما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى هذه الغزاة وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخشى بن عمرو الضمري ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه إلى ناحية رضوى يريد عير قريش فيها أمية بن خلف
[ 147 ]
واستخلف على المدينة سعد بن معاذ وكان يحمل لواءه سعد بن أبى وقاص ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبى وقاص في سبعة نفر أو ثمانية حتى انتهى إلى الخرار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا وكان سرح في المدينة يرعى في الحمى فاستافه كرز بن جابر الفهري فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثره في المهاجرين وكان حامل لوائه على بن أبى طالب واستخلف على المدينة زيد بن حارثة وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بدرا فلم يلحقه وفاته كرز فرجع إلى
[ 148 ]
المدينة وهذه الغزوة تسمى غزوة بدر الاولى ثم ولد النعمان بن بشير في جمادى الاولى فحملته أم عمرة بنت رواحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول مولود من الانصار ولد بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب عبد الله بن جحش في اثنى عشر نفسا من المهاجرين ليس فيهم أنصارى وكتب له كتابا وقال أمسك كتابك فإذا سرت يومين فانشره فانظر ما فيه ثم امض وخرج مع عبد الله بن جحش أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة خليف بنى عدى بن كعب وسعد بن أبى وقاص وسهيل بن بيضاء وعتبة بن غزوان وواقد بن عبد الله التميمي حليف بنى عدى بن بيضاء وخالد بن البكير حليف بنى عدى وعكاشة بن محصن فسار عبد الله بن جحش ليلتين على ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فتح الكتاب فإذا فيه سر حتى تنزل نخلة على اسم الله ولا تكرهن أحدا من أصحابك
[ 149 ]
على السير معك وامض فيمن تبعك منهم حتى تقدم بطن نخلة فترصد بها عير قريش فلما قرأ الكتاب قال لست بمستكره أحدا منكم فمن كان يريد الشهادة فليمض فانى ماض لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى القوم معه حتى إذا كانوا ببحران معدن بالحجاز فوق الفرع أضل عتبة بن غزوان وسعد بن أبى وقاص بعيرا فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش حتى أتى المكان الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عير قريش فيها عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بنالمغيرة ونوفل بن عبد الله بن المغيرة فلما رأى أصحاب العير القوم هابوهم وحلزوهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه قال عمار لا بأس عليكم وأمنوا فاستشاروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرهم وكان آخر يوم من رجب فقال المسلمون إن أخرنا عنهم هذا اليوم دخلوا الحرم فامتنعوا وإن أصبناهم في الشهر الحرام فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي
[ 150 ]
بسهم فقتله واستأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان وأعجزهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف رسول اله صلى الله عليه وسلم العير ولم يأخذ منها شيئا وحبس الاسيرين وقال لاصحابه ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام فسقط في أيدى القوم وظنوا أنهم هلكوا وقالت قريش استحل بهذا الشهر الحرام قد أصاب فيه الدم والمال فأنزل الله فيما كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عظم في أنفس أصحابه وما جاؤوا به يسألونك عن الشهر الحارم قتال فيه قل قتال فيه إلى قوله أكبر من القتل يريد أنهم كانوا يفتنونكم في دينكم وأنتم في حرام الله حتى تكفروا بعد إيمانكم فهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم وصدهم عن سبيل الله وإخراجكم منه فلما نزل القرآن بذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير وأما الاسيران فان الحكم أسلم وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان ففاداه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا به مكة ومات بها مشركا
[ 151 ]
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي العشيرة في المهاجرين واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الاسد وكان حامل لوائه حمزة بن عبد المطلب حتى بلغ بطن ينبع فوداع بها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ثم رجع وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى فأنزل قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية وقال السفهاء من الناس من اليهود ما ولهم من قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله قل لله المشرق والمغرب الآية فصرفت القبلة إلى الكعبة في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان فكانت صلاته نحو بيت المقدس بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام فخرج رجل بعد ما صلى فمر على قوم من الانصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 152 ]
وأنه قد وجه إلى الكعبة فانحرف القوم حتى توجهوا إلى الكعبة ثم أنزل الله عزوجل فريضة الصوم في شعبان فلم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فرض رمضان بصيام عاشوراء ولا نهاهم عنه ثم كانت غزوة بدر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان لاثنتي عشرة ليلة خلت منه يريد اعتراض عير قريش ومعه المهاجرو والانصار وضرب بعسكرة قبل أن يخرج من المدينة ببير أبى عيينة وعرض أصحابه ورد من استصغر منهم فكن ممن رد في ذلك اليوم من المسلمين عبد الله بن عمر ورافع بن خديج والبراء بن عازب وزيد بن ثابت وأسيد بن حضير وكان عمير بن أبى وقاص يستر في ذلك اليوم لان لئلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له سعد ما لك يا أخى قال إني أخاف أن يرانى النبي صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني لعل الله أن يرزقنى الشهادة فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده فبكى بكاء شديدا فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل ببدر شهيدا
[ 153 ]
ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر أبى عيينة في ثلاثمائة وثمانية عشر رجلا منهم أربعة وسبعون رجلا من المهاجرين وسائرهم من الانصار وكان لهم من الابل سبعون بعيرا يتعاقب النفر البعير الواحد فعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على طريق الساحل إلى الحوران يتجسسان خبر العير ورأت بنت عبد المطلب بمكة رؤيا أفزعتها فبعثت إلى العباس فقالت يا أخى لقد رأيت البارحة رؤيا أفظعتني فاكتم على قال وما رأيت قالت رأيت راكبا أقبل على بعير حتى وقف بالابطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا يا آل انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث فإذا الناس قد اجتمعوا إليه فدخل المسجد والناس يتبعونه فبيناهم إذ مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم خرج بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت
[ 154 ]
فما بقى بيت بمكة ولا دار إلا دخلها منها فلقة قال العباس والله إن هذه لرؤيا فاكتميها ولا تذكريها ثم خرج العباس فلقى الوليد بن عتبة وكان له صديقا فذكرها له فذكرها الوليد لابيه ففشا الحديث بمكة فقال أبو جهل ما يرضى بنو عبد المطلب أن يتنبأ رجالهم حتى تتنبأ نساؤهم وكان أبو سفيان بن صخر أقبل من الشام في عير لقريش عظيمة من قريش منهم عمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل الزهري وكان أبو سفيان يتحسس الاخبار ويسأل من لقى من الركبان فأصاب خبرا من الركبان أن محمدا قد نفر في أصحابه فحذر عند ذلك واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها فدخل ضمضم في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة مكة وهو يصرخ ببطن الوادي وقد
[ 155 ]
جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها أو لا تدركوها الغوث الغوث فتجهزت قريش سراعا إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وخرجت تريد العير ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء بينها وبين المدينة ثلاث ليال بعث عدى بن أبى الزغباء الجهني حليف بنى النجار وبسبس بن عمرو الجهني حليف بنى ساعدة قدامة إلى مكة فلما نزلا الوادي أناخ إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يستسقيان فيه وعلى الماء إذ ذاك مجدي بن عمرو الجهني فسمع عبدي وبسبس جاريتين من جواري جهينة وهما يتلازمان فقالت الملزومة لصاحبتها غنما يأتي العير غدا أو بعد غدفأعمل لهم وأقضيك الذي على فقال مجدي صدقت وخلص بينهما فلما سمع بذلك عدى وبسبس ركبا راحلتيهما
[ 156 ]
ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه وأقبل أبو سفيان وقد تقدم العير حتى ورد الماء حذرا من الذي كان يخافه فقال لمجدي بن عمرو وهل أحسست أحدا فقال والله ما رأيت أحدا إلا أنى رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه الموى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع وضرب وجوه عيره فساحل بها وترك بدرا يسارا وانطلق حتى أسرع وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة رؤيا فقال أنا بين النائم واليقظان رأيت رجلا قد أقبل على فرس له حتى وقف ثم وقف قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وفلان وفلان ثم ضرب في لبة بعيره وأرسله في العسكر فما بقى خباء من أخبية العسكر إلا أصابه من دمه فبلغ أبا جهل رؤياه فقال هذا نبي آخر من بنى المطلب سيعلم غدا
[ 157 ]
من المقتول إن نحن التقينا فلما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش قال إنكم خرجتم لتمنعوا عيركم وأموالكم وقد نجاهما الله فارجعوا فقال أبو جهل واله لا نرجع حتى ترد بدرا وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع للهم بها سوق فنقيم عليه ثلاثا وننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقى الخمر وتعزف علينا القيان فتسمع بنا العرب عسيرنا وجمعنا ثم رحلت قريش حتى نزلت العدوة القصوى من بدر ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية دون بدر استشار الناس فقال أشيروا فقال أشيروا على أيها الناس فقام أبو بكر فقال وأحسن ثم قام عمر فقال مثل ذلك ثم قام المقداد بن الاسود فقال يا رسول الله امض بنا لامر الله فنحن معك والله لا نقول مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قعدون
[ 158 ]
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تنتهى إليه رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم قال أشيروا على أيها الناس وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصار وذلك أنهم كانوا عدد الناس فقال سعد بن معاذ كأنك يا رسول الله إنما تريدنا قال أجل فقال سعد قد آمنا بك وصدقناك وشهدا بما جئت به أننه الحق وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة فامض بنا يا نبي الله لما أردت فنح معك والذي بعثك لو استعرضت هذا البحر وخضت بنا لخضناه معك ما بقى منا رجل وما كره أن تلقى بنا عدونا غدا إننا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك منا بعض ما تقر به عينك فسر
[ 159 ]
بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب ورجل من أصحابه قدام الجيش ومضى حتى وقف على شيخ قريبا من بدر فقال له أيها الشيخ ما بلغك عن محمد وأصحابه فقال ما أنا مخبرك حتى تخبرني من أنت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك من نحن فقال الشيخ أذاك بذاك قال نعم فقال الشيخ بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فا يكن الذي أخبرني صدقنى فهم اليوم بكذا وكذا بالمنزل الذي كان فيه رسول اله صلى الله عليه وسلم وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فان يكن الذي أخبرني صدقنى فهم اليوم بكذا وكذا بالمنزل الذي هم فيه ثم قال ممنن أنت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وأصاب على بن أبى طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص رواية لقريش وفيها غلام لبنى العاص لمنبه بن الحجاج فأتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى فقالوا لهما من أنتما نحن سقاة قريش بعثونا لنسقى لهم الماء فكره
[ 160 ]
القوم خبر قريش ورجوا أن يكوننا لابي سفيان فقالوا لهما من أنتما ألا لابي سفيان فضربوهما فلما آذوهما قالا نحن لابي سفيان فأمسكوا عنهما فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته فأقبل عليهم فقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما والله إنهما لقريش ثم دعاهما فقال لمن أنتما فأخبراه ثم قال أين قريش قالا خلف هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى من الوادي قال وكم هم قالا هم كثير قال ما عددهم قالا ما ندري قال فكم تنحر في اليوم قالا يوما عشرا ويوما تسعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم بين التسعمائة إلى الالف ثم قال لهما فمن من أشراف قريش فسميا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة في رجال من قريش وكان ينحر لقريش تسعة رهط من بنى هاشم العباس بن عبد المطلب ومن بنى عبد شمس عتبة بن ربيعة ومن بنى نوفل الحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدى بن نوفل ومن بنى عبد الدار النضر بن الحارث ومن بنى أسد
[ 161 ]
حكيم بن حزام ومن بنى مخزوم أبو جهل بن هشام ومن بنى جمح أمية بن خلف ومن بنى سهم منبه بن الحجاج ومن بنى عامر بن لؤي سهيل بن عمرو ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين فقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها وبعث الله السماء فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلبم والمسلمين ماء لبدلهم الآرض وأصاب قريشا ماء لم يقدروا أن يرتحلوا معه ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وقال لهم سيروا على بركة الله فإنه قد وعدني إحدى الطائفتين فكأني أنظر إلى مصارع القوم ثم مضى يبادر قريشا إلى الماء إذا جاء أدنى من ماء بدر نزلبه فقال حباب بن المنذر بن الجموح أحد بنى سلمة يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة قال بل هو الحرب والرأى والمكيد قال فان هذا ليس بمنزل فانهض حتى نأتي أدنى
[ 162 ]
قليب القوم فنزله ثم نغور ما سواه من القلب ثم نبنى حوضا فنملاه ثم نقاتل فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشرت بالرأى ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل وبنى حوضاعلى القليب وقذفوا فيه الآنية ثم أمر بالقلب فغورت فقال سعد بن معاذ يا نبي الله ألا لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فان أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كان علينا يا نبي الله جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام وما نحن بأشد حبا لك منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وبنى له عريش فقعد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وارتحلت قريش حين أصبحت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
[ 163 ]
اللهم هذه قريش قد أقبلنا بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسلك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم فأحنهم الغداة ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة على جمل له أحمر فقال إن يك في أحد من القوم خير ففي صاحب الجمل الاحمر إن يطيعوه يرشد فلما نزلت قريش أقبل نفر منهم حتى أقبلوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوهم فما شرب رجل منهم شربة إلا قتل غير حكيم بن حزام فلما اطمأنت قريش بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا احزر لنا محمدا وأصحابه فاستجال عمير بن وهب بفرس حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا ولكن أمهلوني حتى أنظر هل لهم من كمين أو مدد فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا فرجع إليهم فقال ما رأيت شيئا ولكني رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم
[ 164 ]
ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منا فإذا أصابوا منك أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فروارأيكم فلما سمع بذلك حكيم بن حزام مشى في الناس حتى أتى عتبة بن ربيعة فقال يا أبا الوليد أنت كبير قريش وسيدها والمطاع فيها فهل لك أن لا تزال تذكر بخير آخر الدهر قال وما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحمل أمر خليفك قال قد فعلت أنت على بذلك إنما هو حليفي فعلى عقله يعنى عمرو بن الحضرمي وما أصيب من ماله ولكن أنت بن الحنظلية فانى لا أخشى على الناس غيره يعنى أبا جهل ثم قام عتبة فقال يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه الرجل يكره النظر إليه قتل بن عمه أو بن خاله أو رجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بينه وبين محمد وسائر العرب فان أصابوه فذلك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألقاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون فجاء حكيم بن حزام أبا جهل فوجده
[ 165 ]
قد نثل درعا له من جرابها وهو يهنئها فقال يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بذلك كذا وكذا فقال أبو جهل انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ثم قال أبو جهل اللهم أقطعنا الرحم وأتانا بما لا نعرف فاحنه الغداة ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال هذا حليفك عتبة يريد أن يرجع بالناس وقد رأيت ثأرك بعينك والله ما ذلك بعتبة ولكنه قد عرف أن ابنه فيهم وأن محمدا وأصحابه إنما هم أكلة جزور وقد رأيتم ثأركم فقم فانثل مقتل أخيك فقام عامر بن الحضرمي ثم صرخ واعمراه واعمراه فحميت الحرب وحمى الناس واستوثقوا فأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة فلما بلغ عتبة
[ 166 ]
قول أبى جهل قال سيعلم المصفر إسته من انتفخ سحره ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها رأسه فما وجد في الجيش بيضة تسعة من عظم هامته فلما رأى ذلك اعتم على رأسه بعمامة له وخرج الاسود بن عبد الاسد المخزومي وكان رجلا شرسا فقال أعاهد الله لاشر بن من حوضهم أو لاهدمنه أو لاموتن دونه فلما خرج يريد الحوض خرج إليه حمزة بن عبد المطلب فلما التقينا ضربه حمزة فأطن قدميه بنصف ساقه وهو دون الحوض فحبا إلى الحوض فاقتحم فيه واتبعه حمزة بضربة أخرى فقتله في الحوض ثم خرج بعده بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة فلما دنا إلى الصف دعا إلى البراز فخرج إليه فتية ثلاثة من الانصار عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء وابن رواحة فسألهم فقالوا رهط من النصار فقال عتبة أكفاء كرام ما لنا بكم حاجة إنما نريد قومنا ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا
[ 167 ]
أكفاءنا من قومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا حمزة بن عبد المطلب قم يا على بن أبى طالب قم يا عبيدة بن الحارث وكان أسن القوم فبارز عتبة بن ربيعة وبارز حمزة بن شيبة بن ربيعة وبارز على بن أبى طالب الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ولم يمهل على الوليد أن قتله واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتان كلاهما اثبت صاحبه وكر حمزة وعلى على عتبة واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه أن لا تحملوا حتى آمركم وهو فلا العيش مع أبى بكر ليس في العريش معه غيره وهو يناشد الله ما وعده من النصر ويقول فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا رسول الله أقصر من مناشدتك الله فان الله موفيك بما وعدك وشجع الله المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم وخفق رسول الله خفقة وهو في العريش
[ 168 ]
ثم انتبه ثم قال أبشر يا أبا بكر هذا جبريل متعجر بعمامة يقول أتاك نصر الله وعونه فبعث الله الملائكة مسومين فكان أبو أسيد مالك بن ربيعة شهد بدرا قال بعد أن ذهب بصره لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصرى لاريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أمترى ولم تقاتل الملائكة في غزاة إلا ببدر وإنما كانت تنصر وعين وكانت عليهم عمائم بيض قد ارسلوها في ظهورهم ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى بيده وخرج من العريش فاستقبل القوم وقال شاهت الوجوه ثم نفخهم بها ثم قال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم رجل اليوم فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمتام أحد بنى سلمة وفى يده تمرات يا رسول الله أرأيت إن قاتلت حتى قتلت مقبلا غير مدبر ما لي قال لك الجنة فألقى التمرات من يده وتقدم فقاتل حتى قتل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه احملوا ومن لقى
[ 169 ]
العباس منكم فليدعنه فإنه أخرج مستكرها فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس والله لئن لقيته لالجمنه السيف فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فقال لعمر يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال عمر دعني أضرب عنقه يا رسول الله والله لقد نافق فكان أبو حذيفة بعد ذلك يقول ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عن الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيد ا وكان العباس قد أسلم بمكة ولكنه كان يخاف قومه فيكتم إسلامه فحمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين فلم يكن إلا الهزيمة فقتل الله من قتل من صناديد قريش وأسر من أسر منهم فلما وضع القوم أيديهم يأسرون رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهة فقال له صلى الله عليه وسلم واله يا سعد لكأنك تكره ما يصنع الناس فقال أجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت هذه أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الاثخان في القتل أعجب إلى من استبقاء الرجال وكان ذلك
[ 170 ]
يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان والمسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا منهم أربعة وسبعون رجلا من قريش والمهاجرين وسائرهم من الانصار والمشركون تسعمائة وخمسون مقاتلا فقتل من المسلمين في ذلك اليوم من قريش ستة أنفس من بنى المطلب عبيدة بن الحارث بن المطلب ومن بنى زهرة بن كلاب عمير بن أبى وقاص أخو سعد وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة حليف لهم من خزاعة ومن بنى عدى بن كعب عاقل بن البكير حليف لهم من بنى سعد بن ليث ومهجع مولى عمر ومن بنى الحارث بن فهر صفوان بن بيضاء وقتل من الانصار من بنى عمرو بن عوف سعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر ومن بنى الحارث يزيد بن الحارث وهو الذي يقال له بن فسحم ومن بنى سلمة عمير بن الحمام ومن بنى حبيب بن عبد الحارثة بن مالك بن غضب بن جشم رافع بن المعلى ومن بنى النجار حارثة بن سراقة بن الحارث ومن بنى غنم بن مالك بن النجار عوف ومعوذ ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد وهما
[ 171 ]
ابنا عفراء فجميع من استشهد من بنى قريش والانصار أربعة عشر رجلا وقتل على بن أبى طالب في ذلك اليوم الوليد بن عتبة بن ربيعة وقتل طعيمة بن عدى بن نوفل أخا طعمة فلما علاه بالسنة قال والله لا تخلصنا في الله بعد اليوم أبدا وشارك حمزة في قتل عتبة بن ربيعة وقتل عامر بن عبد الله الانمارى حليف بنى عبد شمس وقتل النضر بن الحارث بن كلدة أحد بنى عبد مناف وقتل العاص بن سعيد بن العاص بن أمية وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة فجميع من قتل من المشركين في ذلك اليوم أربعة وسبعون رجلا وأسر مثل ذلك ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس أبو جهل فسمع معاذ بن عمرو بن الجموح وهو يطلبه جماعة من المشركين يقولون أبا الحكم لا يصلون إليك فلما سمعها علم أنه أبو جهل جعله من شأنه وقصد نحوه فلما أمكن منه حمل عليه وضربه فقطع قدمه بنصف ساقه وكان عكرمة بن أبى جهل ابنه معه فحمل على معاذ فضربه ضربة على
[ 172 ]
عاتقه طرح يده فتعلقت بجلدة من جنبه وترك معاذ أبا جهل وأجهضه القتال فقاتل عامة وإنه يسحب يده خلفه بجلدة منه فلما آذته وضع عليها قدمه حتى طرحها وعاش يعدها بلا يد حتى كان زمن عثمان ومر معوذ بن عفراء بأبي جهل وهو مطروح فضربه حتى أثر فيه وتركه وبه رمق ثم مر عبد الله بن مسعود فوجده بآخر رمق فعرفه فوضع رجله على عاتقه ثم قال أخزاك الله يا عدو الله قال وبما ذا اخزاني هل إلا رجل قتلتموه أخبرني لمن الدائرة اليوم فقال بن مسعود لله ولرسوله ولما رآه أبو جهل قد وطى عنقه قال له لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا فاحتز عبد الله رأسه ثم جاء به فقال يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبى جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم آلله الذي لا إله غيره فقال بن مسعود نعم والله الذي لا إله غيره فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وكان عبد الرحمن بن عوف صديقا لامية بن خلف بمكة أرغبت عن اسم سماك
[ 173 ]
أبوك فيقول نعم فيقول أمية فانى لا أعرف الرحمن فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به أما أنت فلا تجيبني باسمك الاول وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف فقال له عبد الرحمن قل ما شئت قال فأنت عبد الله فكان يسميه بمكة عبد الاله فمر به عبد الرحمن بن عوف في المعركة وهو واقف ومعه ابنه ومع عبد أدرع يحملها فلما رآه أمية بن خلف قال عبد عمرو فلم يجبه عبد الرحمن قال يا عبد الاله فقال نعم فقال أنا خير لك من هذه الدرع التي معك فقال عبد الرحمن نعم والله هو الله إذا فطرح عبد الرحمن الدرع وأخذ بيده ويد ابنه فقال له أمية بن خلف يا عبد الاله من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قال ذلك حمزة بن عبد المطلب فقال الذي فعل بنا الافاعيل فبينما عبد الرحمن يقودهما إذ رآهما بلال فقال رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا فقال عبد الرحمن أي بلال أسيرى فقال لا نجوت إن نجا فقال عبد الرحمن أتسمع يا بن السوداء قال لا نجوت إن نجا
[ 174 ]
ثم صرخ بأعلى صوته يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا فأحاط به المسلمون وعبد الرحمن يذب عنه فخالف رجل بالسيف فضرب رجل ابنه فوقع فقال عبد الرحمن أنج بنفسك فو الله ما أغنى عنك شيئا فعلاهم المسلمون بأسيافهم حتى فرغوا منهما فكان عبد الرحمن يقول بعد ذلك يرحم الله بلالا أذهب أدرعى وفجعني بأسيرى وأسر أبو اليسر كعب بن عمرو العباس بن عبد المطلب وأوثقه فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ساهرا فقيل له فقال سمعت حنين العباس في وثاقه فأطلق من وثاقه فقال المسلمون يا رسول الله عليك بالعير ليس دونها شئ فناداه وهو أسير لا يصلح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم قال لان الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين ما تقولون في هؤلاء الاسرى فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستأنهم لعل الله أن يتوب عليهم وقال عمر كذبوك وأخرجوك قدمهم
[ 175 ]
قدمهم فاضرب أعناقهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال فمن تبعني فإنه منى الآية وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال رب لا تذر على الارض من الكفرين ديارا الآية ثم نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسر أم حكيم فليخل سبيلها فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنها وكان أسرها ر جل من الانصار وكتفها بذوابتها فلما سمع منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقليب فطرح فيه جيف المشركين ثم وقف فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فانى وجدت ما وعدني ربي حقا فقال المسلمون يا رسول الله تنادى قوما قد ماتوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنتم تسمعونها لقد سمعوها ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 176 ]
يعرضهم ثلاثا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح إلى أهل المدينة فبعث عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية وزيد بن حارثة إلى أهل السافلة فقدم زيد المدينة والناس يسوون على ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلرقية التي كانت تحت عثمان فكان عثمان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن بدر ليقيم على امرأته رقية وهى عليلة فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وضرب له بسهمه وحده فلما فرغوا من دفنها اتاهم الخبر بفتح الله المسلمين فجاء أسامة بن زيد أباه وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وزمعة بن الاسود والعاص بن هشام فقال يا أبتاه أحق هذا فقال نعم يا بنى فقال المنافقون ما هذا إلا أباطيل فلم يصدقوه حتى جئ بهم مصفرين مغللين وكان أول من قدم مكة من قريش بالخبر بمصايبهم الحيسمان بن جابس بن عبد الله المدلجي فقيل له ما وراءك فقال قتل عتبة
[ 177 ]
بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف فقال صفوان بن أمية بن خلف والله إن يعقل هذا بما يقول فسلوه عنى فقال ما فعل صفوان بن أمية قال ها هو ذلك جالس في الحجر وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا ثم قدم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مكة وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام فلما رأى أبو لهب أبا سفيان بن الحار ث مقبلا قال هلم يا بن أخى فعندك الخبر فجلس إليه والناس قيام عليهما فقال يا بن اخى كيف كان أمر الناس قال لا شئ والله إن هو إلا لقينا القوم فمنحناهم اكتافنا حتى قتلونا كيف شاؤوا وأسرونا كيف شاؤوا وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس لانا لقينا رجالا بيضا على خيل بقل بين السماء والارض والله لا يقوم له شئ فعاش أبو لهب بهد هذا الخبر سبعة أيام ورماه الله بالعدسة فمات فدفنوه بأعلى مكة وكانت قريش لا تبكي على قتلاها مخافة أن يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم
[ 178 ]
ولما وقع بأيدى المسلمين ما وقع من المشركين اختلفوا فكانوا ثلاثا فقال الذين جمعوا المتاع قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 179 ]
نفل كل امرئ ما أصاب وقال الذين كانوا يطلبون العدو والله لولا نحن ما اصبتموه ونحن شغلنا عكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم وقال الحرس الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن يخالف إليه العدو والله ما أنتم أحق به منا لو أردنا أن نقبل العدو حين منحونا أكتافهم وأن نأخذ المتاع حين لم يكن أحد دونه فعلنا ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فقمنا دونه فما أنتم بأحق به منا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم من صنع كذا فله كذا فتنازعوا في ذلك شباب الرجال وبقيت الشيوخ تحت الرايات فلما كان القائمون جاءوا يطلبون الذي جعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فققال الشيوخ لا تستأثروا علينا فانا كنا وراءكم وكنا تحت الرايات ولو أنا كشفنا لكشفتم إلينا فتنازعوا فانزل الله تعالى يسألونك عن الانفال إلى آخر السورة فانتزع الله ذلك من أيديهم وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم للغنائم عبد الله بن كعب المازني
[ 180 ]
ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر بعد ثلاث يريد المدينة وحمل الاسارى معه فلما انحدر من بدر إذا بطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد قد أقبلا من الحوران فضر ب لهما النبي صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء وبينهما وبين المدينة ثلاث ليال أمر بقتل النضر بن الحارث وكان أسيرا قتله على بن أبى طالب فلما بلغ عرق الظبية قتل عتبة بن أبى معيط فقال عتبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من للصبية يا محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم النار ثم قسم الغنائم بين الناس بالصفراء وبين الصفراء وبين بدر سبعة عشر ميلا قسمها على من حضر بدرا وأخذ سهمه مع المسلمين ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إلى المدينة قبل الاسارى بيوم ثم قدم بالاسارى يوم الثاني فلما بلغوا الروحاء لقيهم المسلمون يهنئونهم بفتح الله عليهم فقال سلمة بن سلامة بن وقش ما الذي
[ 181 ]
تهنئون به والله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعلقة ننحرها فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا بن أخى أولئك الملا من قريش ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب أفد نفسك وبنى أخيك عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمر أحد بنى الحارث بن فهر فإنك ذو مال فقال يا رسول الله إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهونني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أعلم باسلامك إن يكن ما تذكر حقا فالله يجزيك بذلك فأما ظاهر أمرك فكان علينا فافد نفسك وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منه عشرين أوقية من ذهب فقال العباس يا رسول الله فأحسبها من فدائي قال لا ذاك شئ أعطانا الله منك فقال العباس فإنه ليس لي مال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين المال الذي وضعته بمكة حين خرجت عند أم الفضل بنت الحارث فليس معكما أحد فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولقثم كذا ولعبد الله كذا قال فو الذي بعثك بالحق ما علم بهذا
[ 182 ]
أحد من الناس غيرى وغيرهما وإني لاعلم أنك رسول الله ثم بعث قريش في فك الاسارى جبير بن مطعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل النبي صلى الله عليه وسلم من قتل منهم وفادى من فادى منهم ومن لم يكن له مال من عليهم وفادى من كان من العرب فيهم بأربعين أوقية من كان منهم من الموالي بعشرين أوقية في غزوة بدر ونزلت لولا كتب من الله سبق لمسكم إلى قوله فكلوا مما غنمتم حللا طيبا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤس من قبلكم وذلك أن الله جل وعلا رأى ضعفكم فطيبها لكم وكانت الغنائم فيما قبل تنضد فتجئ النار فتأكلها ذكر عدد تسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا الحسن بن سفيان أنبأنا أبو بكر بن أبى شيبة ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبى النجود عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والانصار ثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا
[ 183 ]
معه النهر وإني ذاكر ما يحضرني من أساميهم على قبائلهم لكيلا يبعد على سالك سبيل العلم الوقوف على أساميهم إنن وفقه الله لذلك فنبدأ من ذلك من شهد منهم بدرا من قريش ثم من بنى هاشم ومن بنى عبد المطلب ابني عبد مناف حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بن أبى طالب بن عبد المطلب وزيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس الكلبي وأنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو كبشة مولرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو مرثد كناز بن حصين بن يربوع بن عمرو بن يربوبن خرشة بن سعد بن ظريف بن جلان بن غنم بن غنى بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلابن مضر وابنه مرثد بن أبى مرثد حليفتا حمزة بن عبد المطلب وحصين بن
[ 184 ]
الحارث بن المطلب ومسطح بن أثاثة بن المطلب ومن بنى تيم بن مرة بن كعب أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وبلال بن رباح مولى أبى بكر وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة لم يحضر بدرا كان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لتجسس الخبر فوافاهم ة قد فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من بدر وضرب له بسهمه ومن بنى عدى بن كعب بن لؤي عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤي وأخوه زيد بن الخطاب بن نفيل ومهجع مولى عمر بن الخطاب وهو أول قتيل قتل ببدر وعامر بن ربيعة وعمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رباح بن عدى بن كعب وأخوه عبد الله بن سراقة وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم وخولى بن أبى خولى وعاقل بن البكير وإياس
[ 185 ]
بن البكير وخالد بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤي لم يحضر بدرا كان مع طلحة بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجسسان خبر العير فوافيا وقد فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فضرب لهما بسهميهما وأجرهما ومن بنى عبد شمس بن عبد مناف عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف تخلف بالمدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته رقية وكانت عليلة أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وضرب له بسهمه وأجره وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومن حلفائهم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وعكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير بن غنم وشجاع بن وهب بن ربيعة وأخوه عقبة بن وهب بن ربيعة ويزيد بن رقيش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم وأبو سنان أخو عكاشة بن محصن بن حرثان وابنه سنان ومحرز بن
[ 186 ]
نضلة بن عبد الله بن مرة بن كبير بن غنم وربيعة بن أكثم بن عمرو بن بكير بن عامر بن غنم ومالك بن عمرو ومن بنى زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب وسعد بن أبى وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وعمير بن أبى وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وعمير بن أبى وقاص بن أهيب أخو سعد ومن حلفائهم المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن الشريد ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب بن محلم بن عائذة بن الهون بن خزيمة من القارة وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة بن غشبان بن سليم بن غشبان بن سليم بن مالك بن أفصى بن حارثة بن
[ 187 ]
عمرو بن عامر بن خزاعة وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن سعد بن هذيل وخباب بن الارت وصهيب بن سنان بن عبد عمرو بن الطفيل بن عامر بن جندلة ومن بنى أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وحاطب بن أبى بلتعة وسعد مولى حاطب ومن بنى نوفل بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة وخباب مولى عتبة بن غزوان ومن بنى عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قتل يوم أحد وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار بن قصي
[ 188 ]
ومن بنى مخزوم بن يقظة أبو سلمة بن عبد الاسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وشماس بن عثمان بن الشريد بن هرمى بن عامر بن مخزوم والارقم واسم أبى الارقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعمار بن ياسر ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف ومن بنى جمح بن عمرو بن هصييص بن كعب بن لؤي عثمان بن مظعون بن حبيب بن حذاقة بن جمح وقدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون بن حبيب ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب ومن بنى سهم بن عمرو بن هصيص خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم ومن بنى عامر بن لؤي بن غالب بن مالك بن حسل وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود وعمير
[ 189 ]
بن عوف مولى سهيل بن عمرو وسعد بن خولة حليف له ومن بنى الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وسهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وأخوه صفوان بن وهب وهما ابنا بيضاء أمهما وعمرو ابن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب فجميع من شهد بدرا من المهاجرين ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره من قريش ثلاثة وثمانون رجلا وممن شهد بدرا من الانصار ثم من بنى عبد الاشهل بن جشم بن الحارثص بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الاشهل وعمرو
[ 190 ]
بن معاذ بن النعمان بنامرئ القيس أخوه والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان والحارث بن أنس بن رافع بن امرئ القيس وسعد بن زيد بن مالك بن كعب بن عبد الاشهل وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الاشهل وعباد بن بشر بن وقش وسلمة بن ثابت بن وقش ورافع بن يزيد بن كرز بن السكن بن زعوراء بن عبد الاشهل والحارث بن خزمة بن عدى بن أبى غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الحارث بن الخزرج ومحمد بن مسلمة بن خالد بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم وسلمة بن أسلم بن حريش بن عدى بن مجدعة حليف لهم وأبو الهيثم بن التيهان اسمه مالك وعبيد بن التيهان حلف لهم وعبد الله بن سهل ومن بنى سواد بن كعب قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد ومن بنى رزاح بن كعب نصر بن الحارث وعبد الله
[ 191 ]
بن طارق ومعتب بن عبيد حليفان لهم ومن بنى حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس مسعود بن سعد بن عامر بن عدى بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث وأبو عبس اسمه عبد الرحمن بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث وأبو بردة بن ننيار واسمه هانئ حليف لهم ومن بننى عمرو بن عوف ثم من بنى ضبعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف عاصم بن ثابت بن أبى الاقلح وأبو الاقلح قيس بن عصمى ة بن مالك بن أمية بن ضبيعة ومعتب بن قشير بن مليل بن زيد بن العطاف وعمرو بن معبد بن الزعر بن زيد بن العطاف وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو ومن بنى أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف مبشر
[ 192 ]
بن عبد المنذر بن زنبر وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية وعويم بن ساعدة بن عائش بن قيس ورافع بن عنجدة وعبيد بن أبى عبيد وثعلبة بن حاطب وقد قيل إن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب شهدا بدرا ومن بنى عبيد بن زيد بن مالك أنس بن قتادة بن ربعة بن خالد بن الحارث بن عبدج وسالم مولى بنت عار وهو الذي قال له سالم مولى أبى حذيفة بن عتبة وكانت بنت عار تحت أبى حذيفة بن عتبة ومن حلفائهم معن بن عدى بن الجد بن عجلان وربعي بن رافع بن زد بن حارثة بن الجد بن عدى بن العجلان وقد قيل إن عاصم بن عدى بن الجد بن العجلان رده النبي صلى الله عله وسلم وضرب له بسهمه ومن بنى ثعلبة بن عمرو بن عوف عبد الله بن جبير بن النعمان
[ 193 ]
وعاصم ن قيس وأبو ضياح بن ثابت وسالم بن عمير والحارث بن النعمان بن أبى خزمة وخوات بن جبير بن النعمان ومن بنى جحجبى بن كلفة بن عوفف بن عمرو بن عوف المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبى وأبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة بن بيحان بن عامر بن الحارث بن مالك بن عامر بن أنيف حليف له ومن بنى غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الاوس بن حارثة سعد بن خيثمة والمنذر بن قدامة ومالك بن قدامة وابن عرففجة وتميم مولى بنى غنم بن سلم ومن بنى معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف جابر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية
[ 194 ]
والنعمان بن عصر حليف له من بلى ومالك بن نميلة حليف لهم ومن بنى الحارث بن الخزرج عبداله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة وخارجة بن زيد بن أبى زهير بن مالك بن امرئ القيس خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس ومن بنى زيد بن مالك بن ثعلبة بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك وسبيع بن قيس بن عيشة بن مالك وعبادة بن قيس وسماك بن سعد و عبد الله بن عبس ويزيد بن الحارث بن قيس وهو الذي يقال له بن فسحم ومن بنى جشم بن الحارث عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد بن الحارث بن الخزرج الذي رأى النداء في النوم وأخوه حريث بن زيد بن ثعلبة وخبيب بن إساف بن عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم وسفيان بن بشر
[ 195 ]
ومن بنى حدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج زيد بن المري بن قيس بن عدى بن أمية بن جدارة و تميم بن يعار بن قيس بن عدى بن أمية بن جدارة وعبد الله بن عمير بن حارثة ومن بنى الابحر بن عوف عبد الله بن الربيع بن قيس بن عمرو بن عباد بن الابحر ومن بنى عوف بن الخزرج عبد الله بن عبد الله بن أبى بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك وأوس بن خولى بن عبد الله بن الحارث بن عبيد بن مالك ومن بنى جزء بن عدى بن مالك بن سالم زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزء ورفاعة بن عمرو بن زيد وعقبة بن وهب
[ 196 ]
بن كلدة وعامر بن سلمة بن عامر حليفان لهم ومعبد بن عباد بن قشعر بن المقدم بن سالم بن غنم ويكنى معبد أبا خميصة وعامر بن البكير حليفه ومن بنى سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج نوفل بن عبداللخ بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم ومليل بن وبرة بن خالد بن العجلان بن زيد وعتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان وعصمة بن الحصين بن وبرة بن خالد بن العجلان ومن بنى قربوس بن غنم أمية بن لوذان بن سالم بن ثابت
[ 197 ]
بن هزال بن عمرو بن قربوس ومن بنى أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم وأخوه أوس بن الصامت ومن بنى دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد وهو من الذي يقال لهم القوافل ومن بنى مرضخة بن غنم بن عوف مالك بن الدخشم بن مالك بن الدخشم بن مرضخة بن غنم ومن بنى لوذان بن غنم الربيع بن إياس بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان وورقة بن إياس وعمرو بن إياس ومن حلفائهم المجذر بن زياد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن
[ 198 ]
عمارة وعباد بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة وعبد الله بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم ونحاب بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم وعتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية حليف لهم ومن بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج أبو دجانة واسمه سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة ومن بنى البدن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج وأبو أسيد مالك بن ربيعة بن البدن ومالك بن مسعود ومن بنى طريف بن الخزرج عبد الله بن حق بن أوس بن
[ 199 ]
وقش بن ثعلبة بن طريف ومن حلفائه كعب بن حمار بن ثعلبة بن خالد وبسبس بن عمرو وضمرة وزياد ومن بنى جشم بن الخزرج خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة وتميم مولى خراش بن الصمة وعبد الله بن عمرو بن حرام بمن ثعلبة بن حرام بن كعب وعمير بن الحمام بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب والحباب بن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب ومعاذ بن عمرو بن الجموخح ومعوذ بن عمرو بن الجموح وخلاد بن عمرو بن الجموح وعقبة بن عامر بن نابئ بن زيد بن حرام وحبيب بن الاسود مولاهم وثابت بن ثعلبة بن زيد بن
[ 200 ]
الحارث بن حرام وهو الذي يقال له الجذع وعمير بن الحارث بن ثعلبة ومن بنى عبيد بن عدى بن غنم عبد الله بن الجد بن قيس بن صخر بن خنساء وبشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء وسنان بن صيفي بن صخر بن خنساء والطفيل بن النعمان بن خنساء وعبد الله بن حمير وخارجة بن حمير حليفان لهم من أشجع ومن بنى النعمان بن سنان بن عبيد بن عدى بن غنم جابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنانو عبد الله بن عبد مناف بن النعمان بن سنان وخليدة بن قيس بن النعمان بن سنان ومن بنى خناس وعبد الله بن صخر بن أمية بن خناس ويزيد بن المنذر بن سرح بن خناس و عبد الله بن النعمان بن بلدمة بن خناس والضحاك بن حارثة بن زيد بمن ثعلبة وسواد بن زريق بن ثعلبة
[ 201 ]
ومعبد بن قيس بن صخر بن حرام وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام ومن بنى سواد بن غنم بن كعب سليم بن عمرو بن حديدة بن عمرو بن سواد وقطبة بن عامر بن حديدة ويزيد بن عامر بن حديدة أبو المنذر وعنترة مولى سليم بن عمرو ومن بنى عدى بن نابى بن عمرو بن سواد بن كعب معاذ بن جبل بن عمرو بن عائذ بن عدى بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد بن على بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم وعبس بن عامر ابن عدى بن نابى وثعلبة بن غنمة بن عدى وأبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد وعبد الله بن أنيس وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب وسهل بن قيس بن أبى كعب ابن القين بن كعب
[ 202 ]
ومن بنى زريق بن عامر بن زريق سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد والحارث بن قيس بن خالد بن مخلد وجبير بن إياس بن خالد بن مخلد وعباد بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر ابن زريق وأسعد بن يزيد بن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر والفاكه بن بشر بن الفاكه بن زيد بن خلدة وعائذ بن ماعص ابن قيس بن خلدة وأخوه معاذ بن ماعص ومسعود بن سعد بن قيس ابن خلدة ومن بنى العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان وأخوه خلاد بن رافع وعبيد بن زيد بن عامر ابن العجلان ومن بنى بياضة بن عامر بن زريق زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدى بن أمية بن بياضة وفروة بن عمرو بن وذقة بن عبيد ابن عامر بن بياضة ورخيلة بن ثعلبة بن عامر بن بياضة وخالد بن قيس
[ 203 ]
ابن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة وخليفة بن عدى بن عمرو بن مالك بن عامر بن فهيرة بن بياضة ومن بنى حبيب بن عبد حارثة رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة ابن عدى بن زيد بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة ومن بنى النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم ومن بنى عمرو بن عبد عوف عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان وسراقة بن كعب بم عبد العزى بن غزية وثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء بن عسيرة ومن بنى عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك حارثة بن النعمان
[ 204 ]
ابن رافع بن زيد بن عبيد وسليم بن قيس بن قهد واسم قهد خالد بن قيس بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة ومن بنى عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك سهيل بن رافع بن أبى عمرو بن عائذ بن ثعلبة وعدى بن أبى الزغبا حليف لهم ومن بنى زيد بن ثعلبة بن غنم مسعود بن أوس بن زيد وأبو خزيمة ابن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد ومن بنى سواد بن مالك بن غنم عوف بن الحارث ومعوذ ابن الحارث ومعاذ بن الحارث ورفاعة بن الحارث بن سواد وأمهم عفراء والنعمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد وعبد الله بن قيس بن زيد بن سواد وقيس بن عمرو بن قيس وثابت بن عمرو بن زيد وعصيمة ووديعة بن عمرو حليفان لهم ومن بنى عامر بن مالك بن النجار ثم من بنى عتيك بن عمرو بن مبذول ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك وسهل بن عتيك ابن النعمان بن عمرو بن عتيك والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك
[ 205 ]
كسر به بالروحاء فرجع فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه ومن بنى قيس بن عبيد بن زيد أبى بن كعب بن قيس بن عبيد وأنس بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد ومن بنى عدى بن عمرو بن مالك بن النجار أبو طلحة واسمه زيد بن سهل بن الاسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدى وأوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة وأبو شيخ ابن ثابت بن المنذر أخوه ومن بنى عدى بن النجار ثم من عدى بن عامر بن غنم ابن النجار حارثة بن سارقة بن الحارث بن عدى بن مالك بن عدى ابن عامر وعمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدى بن مالك بن عدى بن عامر وعمرو أبو خارجة بن قيس بن مالك بن عدى بن عامر وسليط
[ 206 ]
بن قيس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدى وأبو سليط اسمه أسيرة وثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدى وعامر بن أمية ابن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدى وسواد بن غزية بن وهيب حليف لهم ومن بنى حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار أبو الأعور كعب بن الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام بن جندب وقيس بن السكن بن قيس بن زعور بن حرام وسليم بن ملحان وحرام بن ملحان واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام ابن جندب ومن بنى مازن بن النجار ثم من بنى عوف بن مبذول قيس ابن أبى صعصعة واسم أبى صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول وعبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف وعصيمة حليف لهم
[ 207 ]
ومن بنى ثعلبة بن مازن قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن مازن ومن بنى مسعود بن عبد الاشهل بن حارثة بن دينار بن النجار النعمان بن عبد عمرو ابن مسعود بن عبد الاشهل والضحاك بن عبد عمرو بن مسعود وسليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن حارثة أخوهما لامهما وجابر بن خالد بن عبد الاشهل بن حارثة وسعد بن سهل ابن عبد الاشهل ومن بنى قيس بن مالك كعب بن زيد بن مالك بن كعب بن حارثة وبجير بن أبى بجير حليف لهم فجميع من شهد بدرا من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من المهاجرين وستون رجلا من الاوس ومائة وسبعون رجلا من الخزرج ثم كان قتل عصماء والعصماء هذه بنت مروان من بنى أمية بن زيد زوجها زيد بن الحصن الخطمي كانت تحرض على المسلمين وتؤذيهم
[ 208 ]
وتقول الشعر فجعل عمير بن عدى عليه نذرا لئن رد الله رسوله سالما من بدر ليقتلنها فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد فراغه من بدر عدا عمير بن عدى على عصماء فدخل عليها في جوف الليل لخمس ليال بقين من رمضان فقتلها ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فصف مع الناس وصلى معه الصبح وكان صلى الله عليه وسلم يتصلخهم إذا قام يريد الدخول إلى منزله فقال لعمير بن عدى أقتلت عصماء قال نعم يا رسول الله هل على في قتلها شئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتطح فيها عنزان ومات أبو قيس بن الاسلت في آخر شهر رمضان ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفطر بيوم وأمرهم
[ 209 ]
بزكاة الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الفضاء والعنزة ركزت بين يديه وصلى إليها من غير أذان ولا إقامة ركعتين ثم خطب خطبتين بينهما جلسة وكانت العنزة للزبير بن العوام أعطاها إياه النجاشي فوهبها الزبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كانت غزوة بنى قينقاع في شوال وذلك أن المسلمين لما قدموا المدينة وادعتهم اليهود أن لا يعينوا عليهم أحدا فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل بدر ورجع إلى المدينة اظهروا البغى وقالوا لم يلق محمد أحدا من يحسن القتال لو لقينا للقى عندنا قتالا لا يشبه قتالهم فأنزل الله واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم الآية فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يحمل لواءه حمزة بن
[ 210 ]
عبد المطلب واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر حتى أتاهم ففحاصرهم خمس عشرة ليلة لا يطلع منهم أحد ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتفوا وأراد قتلهم فكلمه فيهم عبد الله بن أبى وأخذ بجمع درع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما أنا بمرسلك حتى تهبهم لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلوا عنهم ثم أمر باجلائهم وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال وكانوا صاغة لم يكن لهم الارضون ولا قراب فأخذ رسول الله صلى الله عليه
[ 211 ]
وسلم سلاحهم وآله صياغة وولى أكثر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت أن يجليهم ويخرجهم بذراريهم من المدينة فمضى بهم عبادة حتى بلغوا ذباب وأجلاهم وهذه الغنيمة أول خمس خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاسلام أخذ منهم صفية وخمسه وقسم أربعة أخماسا على المسلمين ثم كانت غزوة السويق في ذي القعدة وذلك أن أبا سفيان لما رجع من الشام بالعير وأفلت بها نذر أن النساء والدهن عليه حرام حتى يطلب ثأره من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخرج في مائتي راكب حتى أتى بنى النضير وسلك النجدية ودق على حيي بن أخطب بابه فأبى أن يفتح له ودق على سلام بن مشكم ففتح له فقراه وسقاه خمرا وأخبره سلام بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار المدينة
[ 212 ]
فلما كان السحر خرج فمر بالعريض فإذا رجل معه أجير له معبد بن عمرو من المسلمين فقتلهما وحرق أبياتا هناك وتبنا ورأى أن يمينه قدير فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره في مائتي رجل من المهاجرين والانصار واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر فأعجزهم أبو سفيان وكان هو وأصحابه عامة زادهم السويق فجعلوا يلقون السويق يتخففون بذلك فسميت هذه الغزوة غزوة السويق ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم فلما أعجزهم ولم يلحقهم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومات أبو السائب عثمان بن مظعون في ذي الحجة ثم ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج بالناس إلى المصلى وهى أول ضحية ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح كبشين أملحين أقرنين بيده ووضع رجله على صفاحها وسمى وكبر وضحى المسلمون معه ثم بنى على بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة
[ 213 ]
السنة الثالثة من الهجرة أخبرنا أحمد بن على بن المثنى ثنا أبو يعلى بالموصل ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبى إسرائيل ثنا سفيان بن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الاشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقال له محمد بن مسلمة أنا له يا رسول الله أتأذن لي أقول شيئا قال بلى فأتاه فقال إن هذا سألنا صدقة في أموالنا قال وأيضا والله قال فانا قد اتبعناه فنكره أن ندعه
[ 214 ]
حتى تنظر إلى أي شئ بصير شأنه وإني قد أتيتك استسلفك قال فارهنوا نسائكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وكنت أجمل العرب قال فارهنونى أبناءكم قالوا كيف نرهنك أبناءنا تسب الدهر وتعير فيقال رهن بوسق أو وسقين ولكنا نرهنك اللامة أي السلاح فأتاه ومعه أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس بن معاذ وعباد
[ 215 ]
ابن بشر وأبو نائلة فقال لهم محمد بن مسلمة إني محبس رأسه وممسكه فإذا قلت اضربوا فاضربوا فقال له محمد بن مسلمة أتأذن لي أن أشم رأسك فقال نعم فمس وقال ما أطيبك وما أطيب ريحك قال عندي فلانة وهى أعظم نساء العرب ثم قال له أتأذن لي أن أشم رأسك قال نعم فمس رأسه حتى استكمن منه قال لهم اضربوه فضربوه حتى قتلوه فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه قال خرج كعب بن الاشرف إلى مكة فقدمها ووضع رجله عبد المطلب بن أبى وداعة السهمي وجعل ينشد الاشعار ويحرض الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكى على قتلى بدر من أصحاب القليب ثم رجع إلى المدينة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من لكعب بن الاشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقال محمد بن مسلمة أنا إن تأذن أن أقول يريد كذبا في الحرب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج محمد بن مسلمة ومعه أربعة نفر أبو عبس بن جبر وعباد بن بشر بن وقش وأبو نائلة سلكان بن سلامة بن وقش والحارث ابن أوس بن معاذ بن أخى سعد بن معاذ فانتهوا إلى كعب بن الاشرف وهو في أطم من آطام المدينة فقال له محمد بن مسلمة إن محمدا يأخذ صدقة أموالننا وأراد المال منه ثم قال له أتيتك أستسلفك فأرهن
[ 216 ]
السلاح ثم جاء يغمر رأسه فلما استكمن منه ضربه وضربوه حتى قتل واحتزوا رأسه وجاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قرقرة الكدر حامل لواءه على بن أبى طالب واستخلف على المدينة بن أم مكتوم ثم رجع ولم يلق كيدا ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم ابنته الاخرى من عثمان بن عفان في أول شهر ربيع الاول ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بذي أمر في شهر ربيع الاول فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا أمر عسكر به
[ 217 ]
ذا من غطفان أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فبل ثوبه ثم نزع ثيابه فعلقها على شجرة ليستجفها ونام تحتها فقالت غطفان لدعثور بن الحارث وكان شجاعا تفرد محمد من أصحابه وأنت لا تجد أخلى منه الساعة فأخذ سيفا صارما ثم انحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجع ينتظر جفوف ثيابه فلم يشعر إلا بدعثور بن الحارث واقف على رأسه بالسيف وهو يقول من يمنعك منى يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله ودفعه جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف ثم قام على رأسه وقال من يمنعك منى قال لا أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قم فاذهب لشأنك فلما ولى قال أنت خير نبي يا محمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أحق بذلك منك فلما سمعت الاعراب من غطفان برسول الله صلى الله عليه وسلم لحقت بذي الجبال فلما أعجزوه رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وولد السائب بن يزيد بن أخت نمر
[ 218 ]
وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر جمادى الاولى بحران معدن بناحية الفرع ثم رجع رسول صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا ثم كانت سرية الفردة وذلك أن قريشا قالت قد عور علينا محمد متجرنا وهو على طريقنا وإن أقمنا بمكة أكلنا رؤوس أموالنا فقال أبو زمعة بن الاسود بن المطلب أنا أدلكم على رجل يسلك بكم طريقا ينكب عن محمد وأصحابه لو سلكها مغمض العينين لا هتدى فقال صفوان بن أمية من هو قال فرات بحيان العجلي وكان دليلا فاستأجره صفوان بن أمية وخرج بهم في الشتاء وسلك بهم على ذات عرق
[ 219 ]
ثم على غمرة فلما بلغ الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة في جمادى الاولى فاعترض العير فظفر بها وأفلت أعيان القوم وأسر فرات بن حيان العجلي وكان له مال كثير وأواقى من فضة فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على من حضر الواقعة وأخذ الخمس عشرين ألفا وأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فرات بن حيان فرجع إلى مكة ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر بن الخطاب قال عمر بن الخطاب لما تايمت حفصة لقيت عثمان بن عفان فعرضتها
[ 220 ]
عليه فقال إن شئت زوجتك حفصة قال سأنظر في ذلك فمكث ليال ثم لقيني فقال بدأ لي أن لا أتزوج يومى هذا قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت له إن شئت زوجتك حفصة فصمت أبو بكر ولم يرجع إلى بشئ فكنت على أبى بكر أوجد منى على عثمان ثم مكثت ليال فخطبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحها إياه فلقينى أبو بكر فقال لعلك وجدت في نفسك فقلت نعم فقال أبو بكر لم يمنعني أن أراجع إليك فيها بشئ إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها فلم أكن أفشى سره ولو تركها قبلتها ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة من بنى هلال التي يقال لها أم المساكين ودخل بها حيث تزوجها في أول شهر رمضان وكانت قبله تحفت الطفيل بن الحارث فطلقها ثم ولد الحسن بن على بن أبى طالب في النصف من شهر رمضان وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين وحلق رأسه وأمر أن يصدق بوزن شعره فضة على الاوقاص من المساكين
[ 221 ]
ثم كانت غزوة أحد وذلك أن أبا سفيان لما وجع بعيره إلى مكة قال عبد الله بن أبى ربيعة المخزومي وعكرمة بن أبى جهل ورجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وإخوانهم ببدر يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا على حربه لعلنا أن ندرك منه بعض ما أصاب منا فاجتمعت قريش على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحابيشها ومن أطاعها من قبائل مكة وغيرها وخرجوا معهم بالظعن فخرج أبو سفيان بن حرب بهند بنت بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية وخرج عكرمة بن أبى جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة وخرج صفوان بن أمية ببرة انه مسعود بن عمرو وهي أم عبد الله بن صفوان وخرج عمرو بن العاص بريطة ابنة منبه بن الحجاج السهمي وهى أم عبد الله بن عمرو وخرج طلحة بن أبى طلحة بسلافة بنت سعد بن شهيد أحد بنى عروة ابن عوف مع نسوة غيرهن ودعا جبير بن مطعم غلامه وحشيا فقال إن
[ 222 ]
قتلت عم محمد حمزة بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق فخرجت قريش تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة على شفير الوادي مما يلي المدينة وهم ثلاثة آلاف رجل معهم من الخيل مائتا فرس ومن الظعن خمسة عشر امرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بهم إني رأيت فيما يرى النائم في ذباب سيفى ثلمة ورأيت بقرة نحرت ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فتأولتها المدينة وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم فقال عبد الله بن أبى بن سلول يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا وما دخلها علينا إلا أصبناه فقال رجال من المسلمين ممن كان فاتهم بدر يا رسول الله اخرج بنا إلى أعداء الله لا يرون أنا جبنا عنهم أو ضعفنا فقال عبد الله بن أبى يا رسول الله أقم فان أقاموا أقاموا بشر مجلس وإن دخلوا علينا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم فلم يزل برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس
[ 223 ]
لامته ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك ثم قالوا يا رسول الله استكر هناك ولم يكن لنا ذلك إن شئت فاقعد صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبى إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال يوم السبت في ألف رجل واستخلف على المدينة بن أم مكتوم وصلى المغرب بالشيخين في طرف المدينة وقد قيل بالشوط
[ 224 ]
ثم عرض المقاتلة فأجاز من أجاز ورد من رد فكان فيمن رد زيد ابن ثابات وعبد الله بن عمر وأسيد بن ظهير والبراء بن عازب وعرابة ابن أوس الحارثى وأبو سعيد الخدرى وأجاز سمرة بن جندب وأما رافع بن خديج فان رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره فقام على خفين وتطاول على أطرافه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم أبوحثمة الحارثى فقال عبد الله بن أبى لمن معه أطاعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصاني والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا معه أيها الناس ارجعوا فعزل من العسكر ثلاثمائة رجل ممن تبعه ورجع بهم المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة رجل وسلك حرة بنى حارثة ثم نزل حتى مضى بالشعب من أحد في عدوة الوادي وجعل ظهره إلى أحد وقال لا يقاتلنن أحد حتى آمره ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير أحد بنى عمرو بن عوف وهم خمسون رجلا وقال انضح عنا الخيل لا يأتونا من خلفنا إن كانت علينا أو لنا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك ثم ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في درعين وأعطى اللواء على
[ 225 ]
ابن أبى طالب وقال من يأخذ منى هذا السيف بحقه قال أبو دجانة سماك بن خرشة وما حقه يا رسول الله قال تضرب به في العدو حتى ينحنى فقال يا رسول الله أنا آخذه بحقه فأعطاه إياه وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء يعصب بها رأسه فإذا رأوا ذلك علموا أنه سيقاتل فأخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عصابة فعصب بها رأسه ثم أخذ يتبختر بين الصفين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن وتعبأت قريش وجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتها عكرمة بن أبى جهل وقال أبو سفيان بن حرب لاصحابه أنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبراياتهم إذا مالوا فاما أن تكفونا لواءنا وإما ان تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا نحن نسلم إليك ستعلم كيف نصنع وجاءت هند بنت عتبة والنسوة اللواتى معها يحرضنهم على القتال وتقول فيما تقول
[ 226 ]
إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق وأول من خرج من المشركين أبو عامر عمر بن أمية في الاحابيش وقال يا معشر الاوس أنا أبو عامر قالوا فلا أنعم الله بك عينا ثم راضخ المسلمين بالحجارة وقاتلهم قتالا شديدا وقاتل أبو دجانة في رجال من المسلمين حتى حميت الحرب وأنزل الله النصر وكشفهم المسلمون عن معسكرهم وكانت الهزيمة عليهم فلم يكن بين أخذ المسلمين هندا وصواحبها إلا شئ يسير وقتل على بن أبى طالب طلحة وهو حامل لواء قريش وأبا الحكم بن الاخنس بن شريق وعبيد الله بن جبير بن أبى زهير وأمية بن أبى حذيفة بن المغيرة وأخذ اللواء بعد طلحة أبو سعد فرماه سعد بن أبى وقاص فقتله وبقى اللوء صريعا لا يأخذه
[ 227 ]
أحد فتقدم رجل من المشركين يقال له صواب فأخذ اللواء وأقامه لقريش فكر المسلمون عليه حتى قطعوا يديه ثم قتل وصرع اللواء فلما رأى الرماة الذين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد انهزموا وتركوا تركوا مصافهم يريدون النهب وخلوا ظهور المسلمين للخيل وأتاهم المشركون من خلفهم وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكشف المسلمون فصاروا بين قتيل وجريح ومنهزم حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيبت رباعيته فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم ثم قام زياد بن السكن في خمسة من النصار فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى قتلوا وكان آخرهم زياد بن السكن فأثبتته الجراحة وجاء المسلمون فأجهضوهم عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادنوه منى فوسده قدمه حتى مات في حجره وترس أبو دجانة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فكانت النبل تقع في ظهره وهو ينحنى عليه حتى كثرت فيه النبل وقاتل
[ 228 ]
مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل أصابه بن قميئة الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى قريش وقال قتلت محمدا والتقى حنظلة بن أبى عامر وأبو سفيان فاستعلى حنظلة أبا سفيان بالسيف فلما رآه بن شعوب أن أبا سفيان قد علاه حنظلة بالسيف ضربه فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صاحبكم لتغسله الملائكة وخرج حمزة بن عبد المطلب فمر به سباع بن عبد العزى الخزاعي وكان يكنى أبا نيار فقال هلم يا بن مقطعة البظور فالتقيا فضربه حمزة فقتل ثم جعل يرتجز ومعه سيفان إذ عثر دابته فسقط على قفاه وانكشف الدرع عن بطنه فانتزع وحشي حربته فهزها ورماها فبقر بها بدنه ثم أخذ حربته وتنحاه وقد انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله ورجال من المهاجرين والانصار قد اسقطوا ما في أيديهم وألقوا بايديهم فقال ما يجلسكم قالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على
[ 229 ]
ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل ووجد فيه سبعون ضربة بالسيف والرمح وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت الهزيمة كعب بن مالك قال عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بصوتي يا معشر المسلمين أبشروا فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا إليه فيهم أبو بكر وعمر وعلى وطلحة والزبير وسعد والحارث بن الصمة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يناول النبل سعدا ويقول ارم فداك أبى وأمى ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى بن خلف وهو يقول يا محمد لانجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا فقال دعوه فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتفض بها انتفاضة ثم استقبله وطعنه بها فمال عن فرسه وقد كان أبى بن خلف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول إن عندي العود أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا اقتلك
[ 230 ]
إن شاء الله فرجع أبى بن خلف إلى المشركين وقد خدشته حربة رسول الله صلى الله عليه وسلم خدشا غير كبير فقال قتلني والله محمد فقالوا ذهب والله فؤادك والله إن بك من بأس فقال إنه قد كان يقول بمكة إني أقتلك والله لو بصق على لقتلني فمات بسرف وهم قافلون إلى مكة فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من أصحابه إلى الشعب ومر على بن أبى طالب حتى ملا درقته من المهراس وجاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم شربه فوجد له فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وقال اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصخرة ليعلوها فلما ذهب لينهض لم يستطع ذلك فجلس طلحة تحته فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة ثم قال أوجب طلحة الجنة وكانت هند واللاتي معها جعلن يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن الآذان والآناف حتى اتخذت هند قلائد من آذان المسلمين وآنفهم وبقرت عن كبد حمزة
[ 231 ]
فلاكته فلم تستطعه فلفظته ثم علت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها بشعر لها طويل أكره ذكره فقتل من المسلمين سبعون رجلا في ذلك اليوم منهم أربعة من المهاجرين وكان المسلمون قتلوا اليمان أبا حذيفة وهم لا يعرفونه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا ديته وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلا ثم أن أبا سفيان أراد النصراف فصرخ بأعلى صوته الحرب سجال أعل هبل يوم بيوم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ناحية الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان
[ 232 ]
يا عمر أنشدك الله أقتلنا فقال اللهم لا وإنه ليسمع كلامك فقال أنت أصدق عندي من بن قميئة ولكن موعدكم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بيننا وبينكم رحل أبو سفيان بالمشركين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبى طالب أخرج في آثار القوم فان كانوا قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الابل فانهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الابل فانهم يريدون المدينة والذي نفسي بيده لئن أرادوها لاسيرن إليهم فيها ثم لانجزتهم فخرج في آثارهم فأراهم قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الابل ووجهوا إلى مكة فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وفرغ الناس لقتلاهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فوقف عليه وقال لو لا أن تحزن صفية أن تكون سنة بعدي ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع والطير ولئن أظهرني الله عليهم لامثلن
[ 233 ]
فأنزل الله وان عاقبتم فعاقبوا الآية ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحي ببردة ثم قال صلى الله عليه وسلم من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع أفى الاحياء هو أم في الاموات فقال رجل من الانصار أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظره فوجده جريحا في القتل وبه رمق فقال له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر في الاحياء أنت أم في الاموات فقال أنا في الاموات أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جزى نبي عن أمته وأبلغ قومك السلام وقل لهم إن سعدا يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف ثم مات فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره واحتمل الناس قتلاهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوهم حيث صرعوا بدمائهم وأن لا يغسلوا ولا يصلى عليهم فكان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ويقول وأيهم أكثر أخذ للقرآن فإذا أشير إليه بأحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة قال انظروا عمرو بن الجموح وعبد الله بن
[ 234 ]
عمرو فإنهما كانا متصافيين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد ثم قال صلى الله عليه وسلم وإن الله جعل أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وسقياهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع ربنا بنا فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية وكان بن عمير لم يترك إلا بردة واحدة فكانوا إذا غطوا رأسه بدت رجلاه وإذا غطوا رجليه بدا رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غطوا رأسه واجعلوا على رجليه شيئا من الاذخر ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بمن معه من المسلمين فمر بدار من دور الانصار فسمع البكاء على قتلاهم فقال لكن حمزة لا بواكي له فلما سمع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير أمرا نساء بنى عبد الاشهل أن يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 235 ]
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اجعل ثم نازل على بن أبى طالب سيفه فاطمة وقال اغسلي عن هذا دمه فو الله لقد صدقنى اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت صدقت القتال اليوم معك سهل بن حنيف وأبو دجانة فلما كان ثاني يوم أحد أذن مؤذن رسول الله عليه وسلم بالخروج في طلب القوم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة بن أم مكتوم وقال لا يخرج معنا إلا من حضر يومنا بالمس وكان أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جرحى فمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم معبد بن أبى معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة فقال والله يا محمد لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله كان أعفاك منهم ثم خرج فلحق أبا سفيان بالروحاء ومن معه من قريش وقد
[ 236 ]
أزمعوا الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توامروا بينهم وقالوا رجعنا قبل أن نصطلم أصحاب محمد نرجع فنكر على بقيتهم فلما رأى أبو سفيان معبدا مقبقال ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج في أصحابه في طلبكم ففي جمع لم أر مثله يتحرقون عليكم تحرقا قال ويلك ما تقول والله أجمعنا للكرة على أصحابه لنصطلمهم قال فانى والله أنهاك عن ذلك بهم عليكم من الجود بشئ ما رأيته بقوم على قوم قط فساءه ذلك ومر بأبي سفيان ركبة من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولم قالوا نريد الميرة قال فأخبروا محمدا أنا قد أجمعنا الكرة عليه وعلى أصحابه لنصطلمهم ثم رحل أبو سفيان راحلا إلى مكة ومر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه ثما قال أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله جل وعلا في ذلك الذين استجابوا الله والرسول إلى قوله والله ذو فضل عظيم
[ 237 ]
لما صرف عنهم من لقاء عدوهم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياء الآية فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الاسد ثلاثا ثم انصرف إلى المدينة السنة الرابعة من الهجرة أخبرنا الحسين بن إدريس الانصاري قال أنا أحمد بن أبى بكر الزهري عن مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أبى طلحة عن أنس بن مالك قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا يدعو على رعل وذكوان وعصية قال أنس فأنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بلغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه قال في أول هذه السنة كانت غزوة بئر معونة وذلك أن أبا براء عامر بن مالك ملاعب الاسنة قدم المدينة فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقبل هدية مشرك فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الاسلام فلم يسلم وقال يا محمد لو بعثت معي رجالا من
[ 238 ]
أصحابك إلى نجد رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخاف عليهم من أهل نجد فقال أبو براء أنا لجار فابعثهم فليدعوا الناس إلى ما أمرك الله به فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الساعدي في أربعين راكبا وقد قيل في سبعين رجلا من الانصار حتى نزلوا ببئر معونة وهى بئر أرض بنى عامر وحرة بنى سليم ثم بعثوا حرام بن ملحان من بنى عدى بن النجار بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله ثم استصرخ عليهم بنى عامر فأبوا أن يجيبوه بما دعاه إليه وقالوا لن نخفر أبا براء إنه قد عقد لهم عقدا فاستصرخ عليهم قبائل من سليم رعلا وذكوان وعصية فأجابوه إلى ذلك فخرج حتى غشي القوم في رحالهم فأحاطوا بهم فلما رآهم المسلمون أخذوا أسيافهم ثم قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد فانهم تركوه وبه رمق وكان في المسلمين عامر بن فهيرة طعنه جبار بن سلمى الكلابي بالرمح ثم طلب في القتلى فلم يجد جثته فمن ذلك قيل رفع عامر بن فهيرة إلى السماء
[ 239 ]
وكان في سرحهم بن أمية ورجل من الانصار من بنى عمرو بن عوف فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر فقالا إن لهذا الطير لشأنا فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الانصاري لعمرو بن أمية ماذا ترى قال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره فقال الانصاري لكني ما كنت لارغب عن موطن قتل فيه هؤلاء ثم تقدم فقاتل حتى قتل ورجع عمرو بن أمية حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان وعصية ثلاثين صباحا فأنزل الله فيهم بلغوا عنا ق ومنا انا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه ثم كانت غزوة الرجيع في صفر أميرها مرثد بن أبى مرثد فيها قتل عاصم بن ثابت بن أبى الاقلح وخالد بن البكير وأسر خبيب بن عدى وزيد بن الدثنة
[ 240 ]
وخرجوا بهما إلى مكة وباعوهما ثم كانت غزوة بنى النضير وكان السبب في ذلك أن عمرو بن أمية لما انفلت من رعل وذكوان وعصية وجاء إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم وأخبره بقتل أصحاب بئر معونة لقيه في الطريق رجلان من بنى عامر وقد كان معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لا يعلم عمرو بذلك فلما نزلا سألهما عمرو من أنتما قالا رجلان من بنى عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يرى أنه قد أصاب ثأره من بنى عامر بما أصابوا من أصحاب بئر معونة فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بئس ما عملت قد كان لهما منى جوار وكتب عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد قتلت رجلين لهما منك جوار فابعث بديتهما فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء ثم مال إلى بنى النضير ليستعين في ديتهما ومعه نفر من المهاجرين فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلسهم فاستند إلى جدار هناك فكلمهم فقالوا أنى لك أن تزورنا يا أبا القاسم نفعل ما أحببت فأقم عندنا حتى تتغدى وتآمروا بينهم فقال عمرو بن جحاش بن عمرو بن كعب يا معشر بنى النضير والله
[ 241 ]
لا تجدونه أقرب منه الساعة أرقي على ظهر هذا البيت فأدلى عليه صخرة فأقتله بها فنهاهم سلام بن مشكم فعصوه وصعد عمرو عمرو بن جحاش ليدحرج الصخرة وأخبر الله جل وعلا رسوله فقام كأنه يريد حاجة وانتظر أصحابه من المسلمين فأبطأ عليهم وجعلت اليهود تقول ما حبس أبا القاسم فلما أبطأ على المسلمين انصرفوا فقال كنانة بن صوريا جاءه والله الخبر الذي هممتم به فلقى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مقبلا من المدينة فقالوا أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رأيته داخلا المدينة فانتهوا إليه وهو جالس في المسجد فقالوا يا رسول الله انتظرناك فمضيت وتركتنا فقال همت اليهود بقتلى ادعوا لي محمد بن مسلمة فأتى بمحمد فقال اذهب إلى اليهود فقل لهم اخرجوا من المدينة لا تساكنونى وهممتم بما هممتم من الغدر فجاءهم محمد بن مسلمة فقال لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تظعنوا من بلاده فقالوا يا محمد ما كنا نظن أن يجيئنا بهذا رجل من الاوس فقال محمد بن مسلمة تغيرت القولب ومحا الاسلام العهود فقالوا نتحمل فأرسل إليهم عبد الله بن أبى لا تخرجوا فان معي ألفى
[ 242 ]
رجل من العرب يدخلون معكم وقريظة تدخل معكم فبلغ الخبر كعب ابن أسد صاحب عهد قريظة فقال لا ينقض العهد رجل من بنى قريظة وأنا حي فأرسل حيي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من سادات بنى النضير إنا لا نفارق ديارنا فاصنع ما بدا لك فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وقال حاربت يهود ثم زحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه على بن أبى طالب واستخلف على المدينة بن أم مكتوم حتى أتاهم فحاصرهم خمسة عشر يوما وقطع نخلهم وحرقها وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام وعبد الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني من أهل بدر فقطع أبو ليلى العجوة وقطع بن سلام اللون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم قطعتم العجوة قال أبو ليلى يا رسول الله كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ فنزل ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية فاللينة ألوان النخل والائمة على أصولها العجوة فنادوا يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما لك وقطع النخل وتحريقها ثم تربصت اليهود نصرة عبد الله بن أبى إياهم فلما لم يجئ وقذف الله في قلوبهم الرعب صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحقن لهم
[ 243 ]
دماءهم وله الاموال وينجلون من ديارهم على أن لهم ما حملت الابل من أموالهم فاحتملوا ما استقلت به الابل حتى أن كان الرجل منهم يهدم بيته فيضع بابه على ظهر بعيره فينطلق به وخرجوا إلى خيبر وذلك قوله يخربون بيوتهم بايديهم الآية ولم يسلم من بنى النضير إلا رجلان يا مين بن عمير بن كعب وأبو سعد بن وهب اسلما على أموالهما فأحرزاها فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم على المهاجرين فانزل سورة الحشر إلى آخرها ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة بن عبد الاسد إلى ماء لبنى أسد فقتل عروة بن مسعود الانصاري وغنم نعما وشاء ورجع إلى المدينة
[ 244 ]
ومات عبد الله بن عثمان بن عفان وهو بن ست سنين فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في حفرته عثمان بن عفان ثم ولد الحسين بن على بن أبى طالب خلون من شعبان ثم كانت بدر الموعد وذلك أن أبا سفيان لما انصرف من أحد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم موعدك بدر الموم وكان بدر موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل سنة ثمانية أيام فلما قرب الميعاد جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة الموعد وكان نعيم بن مسعود الاشجعي قد اعتمر وقدم على قريش فقالوا يا نعيم من أين وجهك قال من يثرب قالوا هل رأيت لمحمد حركة قال نعم تركته على هيئة الخروج ليغزوكم وذلك قبل أن يسلم نعيم فقال له أبو سفيان يا نعيم إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام غيداق ترعى فيه الابل الشجر ونشرب اللبن وقد جاء أوان موعد محمد فالحق بالمدينة فثبطهم وأخبرهم أننا في جمع كثير ولا طاقة لهم بنا حتى يأتي الخلف منهم ولك عشر فرائض أضعها لك على يد سهيل
[ 245 ]
بن عمرو فجاء نعيم سهيلا فقال يا أبا يزيد تضمن لي هذه الفرائض وأنطلق إلى محمد فأثبطه فقال نعم فخرج نعبم حتى أتى المدينة فوجد الناس يتجهزون فجلس يتجسس لهم ويقول هذا ليس برأيى قدموا ليكم في عقر دوركم وأصابوكم فتخرجون إليهم ليس هذا برأيى ألم يجرح محمد بنفسه ألم قتل عامة أصحابه فثبط الناس عن الخروج حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لو لم يخرج معي أحد خرجت وحدي ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون تجارات كثيرة حتى وافوا بدر الموعد فأصابوا بها سوقا عظيما وربحوا لدرهم درهما ولم يلقوا عدوا ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة بنت أبى أمية
[ 246 ]
في شوال ودخل بها في ذلك الشهر وكانت قبله تحت أبى سلمة بن عبد الاسد المخزومي ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ويهودية تحاكما إليه وكانا محصنين وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال إني لا آمن أن يبدلوا كتابي فتعلم زيد بن ثابت ذلك في خمسة عشر يوما ثم كانت سرية الخزرج إلى سلام بن أبى الحقيق وذلك أنه كان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين الحين من الانصار الاوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين لا تصنع الاوس شيئا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء إلا قالت الخزرج والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاسلام قال فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الاوس مثل ذلك فلما أصابت الاوس كعب قالت الخزرج من رجل في العداوة
[ 247 ]
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ككعب بن الاشرف فذكروا سلام بن أبى الحقيق بخيبر فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله فأذن لهم ونهاهم عن قتل النساء والولدان فخرج عبد الله بن عتيك وعبد الله بن أنيس ومسعود بن سنان وأبو قتادة بن ربعى بن بلدمة بن سلمة وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم حتى قدموا خيبر فدخلوا على سلام بن أبى الحقيق داره ليلا ولم يبق في الدار بيت إلا أغلقوه ثم صعدوا في درجة إلى علية له فضربوا عليه بابه فخرجت امرأته وقالت من أنتم قالوا نفر من العرب أردنا الميرة فقالت هو ذاك في البيت فدخلوا عليه وغلقوا الباب عليهم فما دلهم عليه إلا بياضه في ظلمة البيت وكان أبيض كأنه قبطى فابتدروه بأسيافهم
[ 248 ]
وتحامل عليه عبد الله بن أنيس فوضع سيفه في بطنه وهتفت امرأته وخرجوا وكان عبد الله بن عتيك أمير القوم وكان في بصره شئ فسقط من الدرجة فوثئت يده وثأ شديدا فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه واختلفوا في قتله وادعى كل واحد منهم أنه قتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتوا سيوفكم فأعطوه فنظر فقال سيف عبد الله بن أنيس هذا قتله أرى فيه أثر الطعام
[ 249 ]
السنة الخامسة من الهجرة حدثنا محمد بن أحمد بن أبى عون الدماتى ثنا عمار بن الحسن الهمداني ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن بن عباس حدثني سلمان الفارسي من فيه قال كنت رجلا مجوسيا من أهل جى من أهل أصبهان وكان أبى دهقان قريته وكنت أحب الخلق إليه فما زال به حبه إياى حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية وكنت قد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة وكانت لابي ضيعة فيها بعض العمل بنى أبى بنيانا له في داره فدعاني فقال أي بنى إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد ثم قال لي ولا تحتبس عنى فإنك ان احتسبت عنى كنت أهم عندي مما أنا فيه فخرجت فمررت بكنيسة
[ 250 ]
النصارى وهو يصلون فها فسمعت أصواتهم ودخلت عليهم أنظر ما يصنعون فو الله ما زلت قاعدا عندهم وأعجبني دينهم وما رأيت من صلاتهم وأخذ بقلبي فأحببتهم حبا لم أحبه شيئا قط وكنت لا أخرج قبل ذلك ولا أدرى ما أمر الناس فقلت في نفسي هذا والله خير من ديننا فو الله ما برحت حتى غربت الشمس وتركت حاجة أبى التي أرسلني إليها وما رجعت إليه ثم بعث في الطلب يلتمس لي فلم يجد حيث أرسلني فبعث رسله فبغوني بكل مكان حتى جئته عشيا وقد قلت للنصارى حين رأيت ما أعجبني من هيئتهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فلما أتيت أبى فقال أي بنى أين كنت ألم أكن عهدت إليك أن لا تحتبس على فقلت بلى وإني مررت على كنيسة النصارى فأعجبني ما رأيت من أمرهم وحستن صلاتهم ورأيت دينهم خيرا قال كلا يا بنى إن ذلك الدين لا خير فيه دينك ودين آبائك خير منه فقلت كلا والله إنه لخير من ديننا قال إلى النصارى وأخبرتهم أنى قد رضيت أمرهم وقلت إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم أذهب معهم فقدم عليهم من الشام فأخبروني بهم فأرسلوا إلى فأرسلت
[ 251 ]
إليهم إذا أرادوا الرجعة فأخبروني فلما أرادوا الخروج جئتهم فانطلقت معهم فلما قدمت الشام سألت عن عالمهم فقالوا صاحب الكنيسة أسقفهم فدخلت عليه فأخبرته خبرى وقلت له إني أحب أن أكون معك في كنيستك أخدمك وأصلى معك وأتعلم منك فانى قد رغبت في دينك قال أقم فمكثت معه في الكنيسة أتفقه في النصرانية وكان رجل سوء فاجر في دينه يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه الاموال اكتنزها لنفسه وكنت أبغضه لما أرى من فجوره وقد جمع سبع قلال دنانير ودراهم ثم إنه مات فاجتمعت النصارى ليدفنوه فقلت لهم تعلمون أن صاحبكم هذا رجل سوء كان يأمركم بالصدقة فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعطه المساكين منها شيئا قالوا وما علامة ذلك قلت أدلكم على كنزة قالوا أنت وذاك فدللتهم عليه فأخرجوا قلالا مملوءة ذهبا وورقا قال فلما رأوها قالوا والله لا نغنيه أبدا فصلبوه على خشبة ورجموه بالحجرة وجاؤا برجل فجعلوه مكانه قال فيقول سلمان يا بن أخى ما رأيت رجلا لا يصلى الخمس أرى أنه أفضل منه زهادة في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ولا نهارا منه اجتهادا في العبادة قال سلمان فأقمت
[ 252 ]
معه وأحببته حبا ما علمت أنى أحببت شيئا كان قبله فكنت معه أخدمه وأصلى معه في الكنيسة حتى حضرته الوفاة قلت يا فلان إني قد كنت معك وما أحببتحبك شئا قط فالى من توصى بي ومن ذا الذي تأمرني متبع أمرك ومصدق حدثك قال أي بنى ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا بالموصل قال له فلان فإني وغنه كنا على أمر واحد في الرأي والدين وهو رجل صالح وستجد عنده بعض ما كنت ترى منى فأما الناس قد بدلوا وهلكوا فلما توفى لحقت بصاحب الموصل فأخبرته خبرى فقال أقم فكنت معه في كنيسته فوجدته كما قال صاحبي رجلا صالحا فكنت معه ما شاء الله فلما حضرته الوفاة قلت يا فلان إن فلانا أوصاني إلك حين حضرته الوفاة وقد حضرك من أمر الله ما ترى فالى من توصى بي وإلى من تأمرني قال أي بنى ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين يقال له فلان فالحق به فلما توفى لحقت بصاحب نصيبين وأخبرته خبرى وأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه صاحباه فمكثت معه ما شاء الله ثم حضرته الوفاة فقلت له إن فلانا أوصاني إلى فلان صاحب الموصل ثم أوصاني صاحب الموصل إليك فالى من توصى بي بعدك قال أبى بنى ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية في أرض الروم
[ 253 ]
فإنك واجد عنده بعض ما تريد فان استطعت أن تلحق به فالحق به فلما توفى لحقت بصاحب عمور ية وأخبرته خبرى فقال أقم فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه أصحابه وأثاب لي شيئا حتى اتخذت بقرات وغنيمة ثم حضرته الوفاة فقلت له إن فلانا أوصاني إلى فلانن صاحب الموصل ثم أوصاني صاحب الموصل إلى فلان صاحب نصيبين ثم أوصاني صاحب نصيبين إليك فالى من توصى بي قال يا بنى ما أعلمه أصبح في هذه الارض أحد على ما كنا عليه لكنك قدد أظللك خروج ني بأرض العرب يبعث بدين إبراهيم الحنفية يكون منها مهاجره وقراره إلى أرض يكون بها النخل بين حرتين نعتها بكذا وكذا بظهره خاتم النبوة بين كتفيه إذا رأيته عرفته يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ثم مات فمر بي ركب من كلب فسألتهم من هم فقالوا من العرب فسألتهم من بلاددهم فأخبروني عنها فقلت لهم فأعطيكم بقرى وغنمى هذا على أن تحملوني حتى تقدموا أرضكم قالوا نعم فأعطيتهم إياها وحملوني معهم حتى إذا جاؤوا بي وادى القرى ظلموني فباعوني برجل من اليهود فأقمت ورأيت بها النخل ورجوت أن يكون
[ 254 ]
البلد الذي وصف لى صاحبي حتى قدم رجل من يهود بنى قريظة فابتاعنى من ذلك اليهودي ثم خرج بي حتى قدم المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي وأيقنت أنه البلد فمكثت بها أعمل له في ماله في بنى قريظة حتى بعث محمد وخفي على أمره وأنا في رقى مشغول حتى قدم المدينة مهاجرا فنزل في قباء في بنى عمرو بن عوف فو الله إني لفى رأس نخلة أعمل لصاحبي فيها وصاحبى تحتي جالس إذ أقبل بن عم له من اليهود فقال يا فلان قاتل الله بنى قيلة إنهم آنفا لمجتمعون يقبلون على رجل بقباء قدم من مكة يزعمون أنه نبي فو الله ما هو إلا أن قالها له أخذتنى رعدة من النخلة حتى ظننت أنى سقطت على صاحبي فنزلت سريعا فقلت أي سيدي ما الذي تقول فغضب مما رأى في ورفع يده فضربني بها ضربة شديدة ثم قال ما قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قلت لا شئ سمعت منك شيئا فأردت أن أعلمه فسكت عنه
[ 255 ]
ثم أقبلت على عملي فلما أمسيت جمعت ما كان عندي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه فقلت بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحابا لك أهل حاجة وغربة وقد كان عندي شئ وضعته للصدقة من طعام يسير فجئتكم به وهو ذا فقربت إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه كلوا وأمسك يده وأبى أن يأكل فقلت في نفسي هذه واحدة من صفة فلان ثم رجعت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجمعت شيئا ثم جئته فسلمت عليه فقلت هذا شئ كان لي وأحببت أن أكرمك وهو هدية أهديها لك كرامة ليست بصدقة فانى رأيتك لا تأكل الصدقة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا وأكل معهم فقلت في نفسي هاتان اثنتان ثم رجعت فمكثت شيئا ثم جئته وهو ببقيع الغرقد مشى مع جنازة وحوله أصحابه وعليه شملتان مرتديا بواحدة ومتزرا بالاخرى فسلمت عليه ثم تحولت حتى قمت وراءه لانظر في ظهره فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى إنما أريد أن أنظر وأثبته فقال بردائه فألقاه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصفه لي صاحبي فاكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل موضع الخاتم من ظهره وأبكى فقال تحول عنى فتحولت عنه فجلست بين يديه
[ 256 ]
وقصصت عليه قصتي وشأني وحديثي فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أن يسمع ذلك أصحابه ثم أسلمت ومكثت مملوكا حتى مضى شان بدر وشأن أحد وشغلني الرق فلم أشهد مجامع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب نفسك فسألت صاحبي الكتابة فلم أزل حتى كاتبني على أن أفى له ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ورق وتلك أربعة آلاف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه أعينوا أخاكم بالنخل فأعاننى الرجل بقدر ما عنده منهم من يعطينى العشرين والثلاثين والعشرة والخمس والست والسبع والثمان والاربع والثلاث حتى جمعتها فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فإذا أردت أن تضعها فأتني حتى أكون أنا أضعها لك بيدى فقمت في تفقيرها وأعانني أصحابه حتى فرغنا من شربها وجاء أصحابي كل رجل بما أعانني من النخل فوضعته ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فخرج فجعلنا نحمل إليه النخل فيضعها بيده فما ماتت منها ودية وبقيت الدراهم
[ 257 ]
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا سليمان إذا سمعت بشئ قد جاءني فأتني أغنيك بمثل ما بقى من مكاتبتك فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ هذه فأدها مما عليك يا سليمان قال قلت وأين تقع هذه مما على من المال قال إن الله سيؤديها عنك فو الذي نفسي بيده لقد وزنت لهم أربعين أوقية حقهم جميعا وعتق سلمان وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وما كان بعده من المغازي قال في أول هذه السنة كان فك سلمان من الرق وأداؤه بما كوتب عليه ثم كانت غزوة ذات الرقاع في المحرم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة عثمان بن عفان يريد بنى محارب وبنى ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلا
[ 258 ]
فلقى بها جميعا من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب إلا أن الناس قد خاف بعضهم من بعض حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف وإنما سميت هذه الغزاة غزاة ذات الرقاع لن الخيل كان فيها سواد وبياض فسميت الغزوة بتلك الخيل ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فبينا جابر إذ أبطأ عليه جمله فقال لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر قال نعم قال ما شأنك قال أبطأ على جملى فحجنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجنه وقال اركب فقال جابر ولقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر تزوجت قلت نعم قال بكرا أم ثيبا قلت بل ثيبا قال أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك قلت إن لي أخوات فأحببت ان أتزوج بمن يجمعهن ويمشطهن وتقوم عليهن قال أما إنك قادم فإذ قدمت فالكيس الكيس ثم قال
[ 259 ]
أتبيع جملك فقلت نعم فاشتراه منه بأوقية ثم قدم المدينة صلى الله عليه وسلم قال جابر فوجدته عند باب المسجد فقال الان قدمت قلت نعم قال فدع جملك وادخل المسجد فصل ركعتين فدخلت فصليت ركعتين ثم أمر بلالا أن يزن لي أوقية فوزن لي فأرجح في الميزان فانطلقت حتى إذا وليت فقال ادعوا لي جابرا قلت الآن يرد على الجمل وليس شئ أبغض إلى منه قال خذ جملك ولك ثمنه
[ 260 ]
ثم كانت غزوة دومة الجندل وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن جمعا تجمعوا بها فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ دومة الجندل فلم ير كيدا واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري ثم رجع إلى المدينة
[ 261 ]
وتوفيت أم سعد بن عبادة وسعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدومة الجندل فلما رجع جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرها وصلى عليها فقال سعد يا رسول الله إن أمي أفتلتت نفسها ولم توص أفأقضى عنها قال نعم وكسف القمر في جمادى الآخرة فجعلت اليهود يرمونه بالشهب ويضربون بالطاس ويقولون سحر القمر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا أصابتهم شدة حتى أكلوا الرمة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ من الذهب إليهم مع عمرو بن أمية وسلمة بن أسلم بن حريش ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد من مزينة وهو أول وفد قدم عليه في رجب وفيهم بلال بن الحارث المزني في رجال من مزينة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم مهاجرون أينما كنتم فرجعوا إلى بلادهم ثم قدم بعدهم ضمام بن ثعلبة بعثه بنو سعد بن بكر
[ 262 ]
فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال صدق قال فمن خلق السماء قال الله قال فمن خلق السماء قال الله قال فمن خلق الارض قال الله قال فمن نصب هذه الجبال قال الله قال فمن جعل فيها هذه المنافع قال الله آلله تعالى أرسلك قال نعم قال فبالذى خلق السماوات والارض ونصب الجبال وجعل فيها هذه المنافع هو الله الذي أرسلك قال نعم قال وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال صدق قال فبالذى أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا قال صدق قال فبالذى أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال
[ 263 ]
فو الله الذي بعثك بالحق لا أزيدن عليهن ولا أنقص منهن شيئا فلما قفا قال النبي صلى الله عليه وسلم لئن صدق ليدخلن الجنة فاسلم ضمام ورجع إلى قومه بالاسلام ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة المريسيع في شعبان قصد بنى المصطلق من خزاعة على ماء لهم قريب من الفرع فقتل منهم رجالهم وسباهم وكان فيمن سبى جويرة بنت الحارث بن أبى ضرار تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل صداقها أربعين أسيرا من قومها
[ 264 ]
في هذه الغزوة سقط عقد عائشة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على التماسه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبى بكر فبعثوا العير التي كانت عليه فوجدوا العقد تحته وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا نملة الطائي بشيرا إلى المدينة بفتح المريسيع ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق وكان من شأنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلى بنى النضير خرج نفر من اليهود فيهم حيي بن أخطب النضرى وهوذة بن قيس الوائلي وكنانة بن الربيع النضرى في نر من بنى النضير وبنى وائل وحزبوا الاحزاب
[ 265 ]
حتى قدموا على قريش مكة ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله ومن معه فقالت لهم قريش يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه قالوا بل دينكم وأنتم أولى بالحق منه فلما قالوا ذلك لقريش نشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمعوا لذلك واتعدوا له ثم خرجوا حتى جاؤوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أن قريشا قد تابعوهم على ذلك وأجمعوا معهم على ذلك وخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان و قائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وكان قائد أشجع مسعود بن رخيلة فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم استشار المسلمين
[ 266 ]
فأشار عليه سلمان بضرب الخندق على المدينة وهى أول غزاة غزاها سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخندق على المدينة فيما بين المذاد إلى ناحية راتج وأقبلت قريش حي نزلت بمجتمع الاسيال من رومة في عشرة آلاف رجل من أحابيشهم ومن تابعهم من أهل كنانة وأهل تهامة وأقبلت غطفان حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة بن أم مكتوم وذلك في شهر شوال حتى جعل سلعا وراء ظهره والخندق بينه وبين القوم وهو في ثلاث آلاف من المسلمين وخرج حيي
[ 267 ]
بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد صاحب بنى قريظة فلم يزل يفتله حتى بايعه على ذلك ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وخوات بن جبير يستخبرون خبر كعب بن أسد أهم على وفاء أم لا فمضوا إليه فسألوه فقال لا عهد بيننا وبين محمد ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذاء المسركين بضعا وعشرين
[ 268 ]
ليلة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيني بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي حواريا وإن حوارى الزبير ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل غير أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود بن أبى قيس أخو بنى عامر وعكرمة بن أبى جهل المخزومي وهبيرة بن أبى وهب المخزومي وضرار بن الخطاب بن مرادس المحاربي قد تهيئوا للقتال وتلبسوا وخرجوا على خيلهم ومروا بمنازل كنانة ثم أقبلوا بخيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا والله إن هذه المكيدة ما كانت العرب تكيدها ثم أتوا مكانا من الخندق ضيقا فضربوا خيلهم فاقتحمت منه وجالت في السبخة بين الخندق وسلع فلما رآهم المسلمون خرج على بن أبى طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الموضع الذي منه اقتحموا وأقبلت الفوارس تعنق نحوهم وكان عمرو بن عبد ود فارس قريش وقد كان
[ 269 ]
قاتل يوم بدر ولم يشهدد أحدا فخرج عام الخندق معلما ليرى مشهده فلما وقف هو وخيله قال على بن أبى طالب يا عمرو إني أدعوك إلى البراز قال ولم يا بن أخى فو الله ما أحب أن أقتلك قال على لكني والله أحب أن أقتلك فحمى عمرو عند ذلك واقتحم عن فرسه وعقره ثم أقبل إلى على فتنازلا وتجاولا إلى أن قتله على وخرجت خيله منهزمة من الخندق وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء وذلك بعد أن كفوا كما قال الله تعالى وكفى الله المؤمنين القتال ولم يقتل من المسلمين غير ستة نفر كعب بن زيد الدنبانى ورمى سعد بن معاذ بسهم فقطع أكحله وعبد الله بن سهل وأنس بن أوس
[ 270 ]
ابن عتيك والطفيل بن النعمان بن خنساء وثعلبة بن غنمة وقتل من المشركين جماعة ثم إن نعيم بن مسعود الاشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني أسلمت وغن قومي لا يعلمون باسلامى فمرنى بما شئت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا فان الحرب خدعة فخرج نعيم حتى أتى بنى قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال يا معشر قريظة إنكم قد عرفتم ودى لكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا صدقت قال فان قريشا وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وإنهم ليسوا كهيئتكم البلد بلدكم لا تقدرون على أن تتحولوا عنه وإن قريشا وغطفان إن وجدوا فرصة أشهروها وإن كان غير ذلك هربوا وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم على أن يقاتلوا مع القوم
[ 271 ]
حتى تناجزوه فقالوا قد أشرت برأى ونصح ثم خرج نعيم حتى أتى قريشا وأبا سفيان فقال يا معشر قريش إنكم قد عرفتم ودى لكم قد رأيت أن حقا على أن أبلغكموه وأنصح لكم على قالوا نفعل قال إن معشر اليهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه أنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك منا أن نأخذ من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقى منهم فأرسل إليهم أن نعم فان بعث إليكم اليهود يلتمسون رهنا فلا تدفعوا إليهم ثم خرج حتى أتى غطفان فقال يا معشر غطفان إنكم أصلى وعشيرتي وأحب الناس إلى ولا أراكم تتهموني قالوا صدقت قال فاكتموا على قالوا نفعل فقال لم مثل ما قال لقريش في شأن بنى قريظة وحذرهم مثل الذي حذرهم فلما كانت ليلة السبت أرسل أبو سفيان عكرمة بن
[ 272 ]
أبى جهل في نفر معه من رؤوس غطفان إلى بنى قريظة فقالوا لسنا بدار مقام قد هلك الكراع والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه فأرسلوا أن غدا السبت وهو يوم لا نعمل فيه ولسنا مع ذلك بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من أشرافكم يكونون عندنا حتى نناجز محمدا فانا نخشى الحرب إن اشتدت أن تتشمروا إلى بلادكم وتتركونا فلما رجع عكرمة إلى قريش وغطفان بما قالت بنو قريظة قالوا والله إن الذي جاءكم به نعيم بن مسعود لحق فأرسلوا إلى بنى قريظة أنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا فان كنتم تريدون القتال فاخرجوا وقاتلوا فقالت بنو قريظة إن الذي ذكر لنا نعيم لحق ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فان رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل فأرسلوا إلى قريش وغطفان أنا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا وبعث الله على المشركين ريحا تطرح آنيتهم وبكفأ قدورهم في يوم شديد البرد
[ 273 ]
فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم دعا حذيفة بن اليمان قال اذهب فادخل بين القوم وانظر ما يقولون ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني وذلك ليلا فدخل حذيفة في الناس وقام أبو سفيان بن حرب وقال يا معشر قريش لينظر كل امرئ من جليس قال حذيفة وأخذت رجلا إلى جنبي وقلت له من أنت قال أنا فلان بن فلان ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما اصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله ما يستمسك لنا بناء ولا تطمئن لنا قدور، فارتحلوا فاني مرتحل، ثم قال إلى جملة وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فما أطلق عقاله إلا وهو قاتم ثم قال حذيفة ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أتحدث شيئا حتى تأتيني لقتلته بسهمي فرجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبه الخبر فسمعت غطفان بما صنعت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هو والمسلمون ووضعوا السلاح
[ 274 ]
غزوة بني قريظة فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى عليه وسلم وقال قد وضعتم السلاح وأن الملائكة لم تضع سلاحها بعد إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فأذن مؤمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بنى قريظة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب فلما بلغ الصورين قال هل مر بكم أحد قالوا نعم مر بنا دحية الكلبي على بغلة بيضاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك جبريل فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر لبني قريظة في ناحية أموالهم وتلاحق به الناس وأتى رجال بعد عشاء الآخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد العصر ألا في بني قريظة فحاصرهم
[ 275 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب وقد كان حي بن أخطب قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد فلما تيقنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
[ 276 ]
ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف لنستشيره فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقالوا يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح فقالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلوا على حكمه ثم إن ثعلبة بن سعية وأسد بن سعية وأسد ين عبيد أسلموا فمنعوا ديارهم وأموالهم فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأوس يارسول الله إنهم موالينا دون الخزرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترضون أن يحكم
[ 277 ]
فيكم رجل منكم قالوا بلى يا رسول الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك إلى سعد بن معاذ وكان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه حين أصابه السهم اجعلوه في خيمة قريب مني حتى أهوده فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه فاحتملوه على حمار ثم أقبلوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون يا أبا عمرو إن رسول لله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك مواليك لتحسن فيهم فلما أكثروا عليه قال قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فلما جاء سعد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فقالوا يا أبا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك الحكم قال سعد عليكم عهد الله وميثاقه إن الحكم فيكم ما حكمت قالوا نعم قال وعلى من كان ههنا في هذه الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال سعد فاني أحكم فيهم بأن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لقد حكمت
[ 278 ]
فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قدمها خرج إلى سوق افلمدينة فحفر حفرا ثم تعث إليهم وأمر بضرب أعناقهم وهم ما بين ستمائة فلم يزل ذلك دأبهم حتى فرغ منهم فيهم حي بن أخطب وكعب بن أسد ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين فكان مع المسلمين ستة وثلاثون فرسا فأعطى الفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولصاحبه سهم وللراجل الذي ليس له فرس سهم وأخرج منها صلى الله عليه وسلم الخمس وقد قيل إنه اصطفى لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو ابن قريظة ثم مات سعد بن معاذ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسله فغسله أسيد بن حضير زسلمة بن سلامة بن وقش ثم وضع في أكفانه
[ 279 ]
على سريره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتز العرش لموت سعد ابن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام جنازة سعد حتى صلى عليه ونزل في حفرته أربعة نفر الحارث بن أوس وأسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش وأبو نائلة بن سلامة ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش فلما أصبح دعا القوم فأصايوا من الطعام ثم خرجوا ونفر منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا القعود وعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج حتى جاء عتبة حجرة عائشة ثم رجع ونزلت آية الحجاب وإذا سالتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ثم كانت سرية عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان بن خالد بن ملهم الهذلي ثم اللحياني بعرنة فصادفه ببطن عرنة زمعه أحابيش فقتله وحمل رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم ركب رسول الله صلى اللله عليه وسلم في ذي الحجة إلى الغابة فسقط عن فرسه فجحش شقه الأيمن فخرج فصلى بهم جالسا فقال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا
[ 280 ]
وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين وفي ذي الحجة دفت دافة من عامر بن صعصعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى عندكم من ضحاياكم بعد ثلاثة شئ أراد به صلى الله عليه وسلم أن يوسع ذو السعة عمن لا سعة عنده ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلو وادخروا بعد ثلاث السنة السادسة من الهجرة أخبرنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر بحران ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الرزاق أنا عبد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن ثمامة بن أثال الحنفي أسر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده يقول
[ 281 ]
ما عندك يا ثمامة فيقول إن تقتل تقتل لا تمن وإن تمن تمن على شاكر وإن ترد المال تعط قال فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء ويقولون ما نصنع بقتل هذا فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم فأمره ان يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم حسن إسلام صاحبكم قال في أول هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد ابن مسلمة إلى القرطاء فأخذ ثمامة بن أثال الحنفي فأمر به فربط بسارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندي يا محمد خير إن تقتلني تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد ثم قال ما عندك يا ثمامة قال له مثل ذلك فتركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال له ما عندك يا ثمامة فقال عندي ما قلت لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلقوا ثمامة فأطلق فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دهل المسجد فقال أشهد أن لا إله
[ 282 ]
إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين كله إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فقد أصبح اليوم بلدك أحب البلاد إلي وإن خيلك أخذنتي وأنا أريد العمرة فما ترى فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل صبوت قال لا ولكني أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن الأسدي سرية الغمر فنذر به القوم فهربوا فنزل على مياههم وبعث الطلائع فأصابوا عينا فدلهم على ماشيتهم فساقوا مائتي بعير إلى المدينة ثم كسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة
[ 283 ]
الكسوف وقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فصلوا وبعث رسول اله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة وهي بلاد بني ثعلبة وأنمار فصلوا المغرب وخرج أبو عبيدة في أربعين رجلا فساروا ليلتهم حتى أتوا ذا القصة عند الصبح فأغاروا عليهم وهربوا في الجبال ثم قدموا المدينة فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنيمة وقسم ما بقي على أصحابه ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى ذي القصة في عشرة أنفس فخرج مائة من المشركين فكمنوا فلما نام المسلمون خرجوا عليهم فقتلوهم وانفلت محمد بن مسلمة جريحا وحده ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم
[ 284 ]
فأصاب نعما وشاء وأسراء ثم سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فكان أول سباق بالمدينة ثم سبق في الخف فكانت العضباء لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقه فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على الله أن لا يرتفع شئ في الدنيا إلا وضعه ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى الطرف إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فتحسس الأعراب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إليهم فانهزموا وأصاب المسلمون عشرين بعيرامن نعمهم ورجعوا إلى المدينة ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا زيد بن حارثة إلى العيص فأسر جماعة منهم أبو العاص بن الربيع فاستجار بزينب بنت
[ 285 ]
النبي صلى الله عليه وسلم فأجارته ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا أيضا إلى حسمى فرجع مها بنعم وسبي ثم تزوج عمر بن الخطاب جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح وهي أخت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فولد له منها عاصم بن عمر فطلقها عمر فتزوج بها بعده زيد بن حارثة فولد له عبد الرحمن بن زيد فهو أخو عاصم ابن عمر لأمه ثم كانت سرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى فدك في مائة رجل إلى حي من بني سعد بن بكر ثم كانت سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل فعممه النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال إن أطاعوا الله فتزوج ابنة ملكهم فأسلم القوم فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وكان أبوها ملكهم ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في ثلاثة أنفس لينظر إلى خيبر وما عليها أهلها فمضى وجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر
[ 286 ]
ثم أجدب الناس جدبا شديدا في أول شهر رمضان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي بهم فصلى ركعتين وجهر بالقراءة ثم الستقبل القبلة وحول رداءه ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى أم قرفة فسبى سلمة بن الأكوع وزيد بن حارثة بنت مالك بن حذيفة وجدها في بيت من بيوتهم وأمها أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى بني لحيان حتى بلغ أمج وبين أمج وعسفان بلد لهم يقال له ساية فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤس الجبال فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد
[ 287 ]
أخطأهم خرج في مائتي راكب من المسلمين وهو صائم وهم صوام حتى بلغ عسفان وبلغ كراع الغميم فأفطر وأفطر المسلمون نعه ثم رجع ولم ير كيدا وجعل يقول في رجوعه آئبون تائبون عابدون ولربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكور وسوء المظر في الأهل والمال والولد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقالم أياما أغار عيينة بن حصثن بن حذيفة بن بدر الفزاري في خيل من غطفان على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغبة وفيها رجل من بني غفار وامرأة فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة واللقاح فخرج رسول اله صلى الله عليه وسلم في أثرهم حتى بلغ ذا قرد واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وتلاحق به الناس وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي فرد يوما وليلة وصلى بهم صلاة الخوف ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة وانقلب عيينة بمن معه وكانت سرح المسلمين بالمدينة بذي قرد فقدم ثمانية نفر من عرينة فأسلموا فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى السرح فشربوا من ألبانها وأبوالها فلما صحوا
[ 288 ]
قتلوا اراعي واستاقوا الإبل فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم كرز بن جابر الفهري سرية في شوال في عشرين راكبا معهم قائفا فأحدقوا بهم حتى أخذوهم وجاؤا بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد ارتدوا وقطعوا أيدي الرعاة وأرجلهم وسملوا أعينهم كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وطرحوا في الحرة يستسقون فلا يسقون ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني الصطلق وذلك أنه بلغه أن بني المصطلق تجمعوا وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية فديد إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وأموالهم لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في صهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف
[ 289 ]
عليك فوقعت في سهم لثابت بن قيس الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي قال وهل لك في خير من ذلك قالت وما هو يارسول الله قال أقضي كتابتك وأتزوجك قالت نعم يا رسول الله قال فعلت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث فقال الناس أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم فلقد أعتق وأطلق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما كانت امرأة أعظم بركة على قومها منها ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد المدينة وكانت عائشة تحمل في هودج فنزلوا منزلا فمشت عائشة لحاجتها حتى جاوزت الجيش فلما قضت شأنها أقبلت إلى رحلها فإذا عقد لها من جزع ظفارها قد أنقطع فرجعت تلتمس عقدها وحبسها ابتغاؤه فأذن بالرحيل وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونها فاحتملوا هودجها على بعيرها الذي كانت تركب عليه وهم يحسبون أنها فيه وكانت النساء إذ ذاك خفافا وساروا فرجعت عائشة
[ 290 ]
بعد ما رحل الجيش فجاءت منازلهم فإذا ليس بها داع ولا مجيب فأمت منزلها التي كانت فيه وعلمت أنهم سيفقدونها فبينا هي جالسة إذ غلبت عينها غليها وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلها فرأى سواد إنسان نائم فعرفها حين رآها وكان رآها فبل أن ينزل الحجاب فاستيقظت عائشة باسترجاعه حين عرفها فخمرت عائشة وجهها بجلبابها وما كلمها حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فقامت إليه فأركبها وانطلق يقود الراحلة حتى أتى الجيش فوجدهم موغرين في نحر الظهرة فهلك فيها من هلك وكان الذي كبره عبد الله بن أبي بن سلول فلما قدموا المدينة لبثت عائشة شهرا والناس يخوضون في قول أصحاب الإفك وهي لا تشعر بشئ من ذلك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فيسلم عليها ويقول كيف تيكم وينصرف وكان تراها ذلك من
[ 291 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت ذات ليلة مع أم مسطح قبل المناصع وكانت متبرزهم قبل أن تتخذ الكنف فلما فرغتا من شأنهما عثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقالت لها عائشة بئس ما تقولين تسبين رجلا من أهل بدر فقالت أي هنتاه ألم تسمعي ما قال قالت عائشة لا فأخبرتها بقول أهل الإفك فازدادت مرضا فلما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ائذن لي أن آتي إلى أبوي أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبتاه ما ذا يتحدث الناس قال يا بنتي هوني عليك فوالله لقل ما كانت امرأة قط عند رجل يحبها لها ضرائر إلا أكثرن عليها فبكت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ له دمع ولا تكتحل بنوم فلما أصبح دعا رسول لله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وقال أهلك لا نعلم إلا خيراوأما علي فقال يارسول
[ 292 ]
الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من أهلي شيئا يريبك قالت بريرة والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها شيئا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين فتأتي الداجن فتأكله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه واستعذر من عبد الله بن أبي سلول وهو على المنبر فقال يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي فقال أسيد بن حضير يا رسول الله أنا أعذرك منه فان كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك وكاد أن يكون بين الأوس والخزرج قتال بهذه
[ 293 ]
الكلمة فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وبكت عائشة يومها ذلك كله فبين أبواها وهي تبكي إذ أستأذنت لها فجلست تبكي معها ثم دخل رسول لله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ثم تشهد حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فانه بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فان العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمع حتى ما أحسست منها بقطرة وقالت
[ 294 ]
لأبيها أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال أبو بكر واله ما أدري ما أقول فقالت لأمها أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قالت والله ما أدري ما أقول فقالت عائشة إني والله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم فلو قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني والله ما أجد لي ولكم مثلا ألا ما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت عائشة واضطجعت على فراشه فما راح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من البيت حتى أنزل عليه الوحي فأخذه ما كان يأخذه من الرحضاء حتى أنه ينحدر منه العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أؤل كلمة تكلم بها أن قال لها يا عائشة أما والله فقد برأك فقالت لها أمها قومي إليه فقالت لا والله ما أقوم وإني لا أحمد إلا الله وأنزل الله ان الذين جاؤا بالإفك عصبة إلى تمام العشر الآيات فلما أنزل الله هذه الآيات قال أبو بكر وكان
[ 295 ]
ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا بعد الذي قال لعائشة فأنزل الله ولا ياتل اولوا الفضل منكم والسعة أن ييؤنوا اولي القربى الآية فقال أبو بكر الصديق يا رسول اله والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه وقال لا أنتزعها منه أبدا وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم حد أصحاب الإفك الذين رموا عائشة فيما رواه ثم كانت غزوة الحديبية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ألف وثمانمائة رجل وسبعون بدنة فأحرم رسول الله صلى اللله عليه وسلم ومن معه من
[ 296 ]
ذي الحليفة والستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وساق أبو بكر بدنا وطلحة بدنا وسعد بن عبادة بدنا فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير عسفان ذات الأشطاط لقيه بسر بن سفيان الكعبي فقال يا رسول الله هذه قريش سمعت بك وخرجت قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ويح قرش لقد أكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فان أصابوني كان الذي أراجوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وآووني ووالله آ أزال أجاهد على الذي بعثني الله عليه حتى يظهرني الله ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين ظهرى الحمض على طريق يخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية فلما بلغ صلى الله
[ 297 ]
عليه وسلم ثنية المرار بركت ناقته فقالوا خلأت القصواء فقال ما خلأت القصواء وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة والله لا يدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم قال للناس انزلوا فقالوا يارسول الله ما بالوادي ما ينزل عليه الناس فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم صهما من كنانته فأعطاه رجا من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى ضرب الناس بعطن فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء في رجغال من خزاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله لشر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد إن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت فقالوا وإن جاء لذلك فلا والله لا يجخلها علينا عنوة ولا تتحدث بذلك العرب ثم بعثوا مكرز بن حفص بن الأحنف أحد بني عامر بن لؤي فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنحو ما كلم به أصحابه فرجع إلى قريش وأخبرهم بذلك فبعثوا إليه الحليس بن عليقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش
[ 298 ]
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدى في وجهه فلما رأى يسير عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس رجع إلى قريش فقال يا معشر قريش قد رأبت ما لا يحل صد الهدي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله فقالوا اجلس لا علم لك وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة وحمله على جمل يقال له الثعلب فلما دخل مكة أراج قريش قتله فمنعه الأحابيش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعث إلى مكة فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس لي بها من بني عدي بن كعب أحد يمنعني
[ 299 ]
وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكن أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه إلى قريش ليخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته فخرج عثمان بن عفان حتى أتى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به فقال عثمان ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع عثمان
[ 300 ]
وبعث قريش سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لوئ وقالوا ائت محمدا وصالحه ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فو الله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا فأتى سهيل بن عمرو فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال قد أراد القوم الصح حتى بعثوا هذا الرجل فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه ولسم تكلم فأطال الكلام وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر فقال يا رسول الله ألست برسول الله أو لسنا بالمسلمين أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فلم تعطي الدنية في ديننا قال أنا عبد الله ورسوله ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 301 ]
اكتب باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله وسهيل ابن عمرو فقال لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب محمد بن عبد الله اسمك واسم ابيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو فكتب محمد ابن عبد الله هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن بهذا الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابهم بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع رسول الله صلى الله وعليه وسلم لم يردوه وأنه لا أسلال ولا أغلال فلما فرغ
[ 302 ]
من الكتاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل قالم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس انحروا واحلقوا فما قام رجل من المسلمين فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فقال يا أم سلمة ما شأن الناس قالت له يا رسول الله قد أحل بهم ما رأيت كأنهم كرهوا الصلح فاعمد
[ 303 ]
إلى هديك حيث كان وانحر واحلق فانك لو فعلت ذلك فعلوا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم أحجل حتى أتى هديه فنحرها ثم جلس فحلق فقام الناس ينحرون ويحلقون فحلق رجال منهم وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلقين قالوا يارسول الله والمقصرين قال والمقصرين قالوا ما بال المحلقين يارسول الله ذكرت لهم الترحم قال لأنهم لم يشكوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على الناس تحت الشجرة هناك أن لا يفروا فبايهه الناس كلهم غير الجد بن قيس اختبأ تحت إبط بعيره فذاك قول الله عز وجل إذ يبايعونك تحت الشجرة وقال صلى الله عليه وسلم لن يدخل النار أحد ضهد بدرا والحديبية ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت عليه سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا إلى آخر السوره فما فتح في الإسلام فتح أعظم من نزول هذه السورة ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكانت الهدنة
[ 304 ]
وضعت الحرب أوزارها وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا واستفاضوا ولا يكلم أحد بالإسلام يعقل عنه إلا دخل فيه حتى دخل فيه في تلك السنة من المسلمين قريبا مما كان قبل ذلك وفي هذه العمرة أصاب
[ 305 ]
كعب بن عجرة أذى في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق ويذبح شاة ويصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدين وأهدى الصعب بن جثامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش فرده وقال لم نرده ولكنا حرم وفي هذه العمرة صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح في إثر سماء في الحديبية فلما انصرف أقبل عليهم بوجهه فقال أتدرون
[ 306 ]
ما قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال يقول أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب وفي هذه العمرة أصاب الناس عطش شديد فحبسوا فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فثار الماء مثل العيون فتوضؤا منها ورووا ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة ذي قرد خرج سلمة بن الأكوع ومعه غلام له يقال له رباح مع الإبل
[ 307 ]
فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل راعيها وجعل ينظر في أناس معه في خيل فقال سلمة لرباح اركب هذا الفرس وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه ثم قام سلمة على تل وجعل وجهه قبل المدينة ثم نادى ثلاث مرات وكان صيتا يا صباحاه ثم أتبع القوم ومعه سيفه ونبله فجعل يرميهم وذلك حين كثر الشجر فإذا كر عليه الفارس جلس له في أصل شجرة ثم رماه ولا يظفر بفارس إلا عقر فرسه فجعل يرمي يقول أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع وإذا كان كثر الشجر رشقهم بالنبل فإذا تضايقت
[ 308 ]
الشجرة علا الجبل ورماهم بالحجارة فما زال ذلك دأبه ودأبهم ويرتجز حتى ما بقى من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إلا استنقذه من أيديهم وخلفه وراء ظهره ثم لم يزل يرميهم حتى طرحوا أكثر من ثلاثين بردة يستخفون بها فكلما ألقوا شيئا جمع عليه سلمة فلما اشتد الضحى أتاهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري ممدا لهم وهم في ثنية ضيقة في علوة الجبل فقال لهم ما هذا الذي أرى قالوا لقد لقينا من هذا يعنون سلمة ما فارقنا منذ سحر حتى الآن وأخذ كل شئ من أيدينا وخلفه وراءه فقال عيينة لو لا أن هذا يرى وراءه طلبا لقد ترككم فليقم إليه نفر منكم فقام إليه نفر منهم أربعة وصعدوا في الجبل فقال لهم سلمة أتعرفوني قال ومن أنت قال بن الأكوع والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني فبينا سلمة يخاطبهم إذ نظر فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا يتخللون وإذا أولهم الأخرم الأسدي وعلى
[ 309 ]
أثره أبو قتادة وعلى أثره المقداد الكندي فولى المشركون مدبرين فنزل سلمة من الجبل وقال يا أخرم حذر القوم فأني لا آمن أن نقتطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة ثم أرخى عنان فرسه ولحق بعبد الرحمن ابن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن واختلف بينهما طعنتان فقتله عبد الرحمن وتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم فلحق أبو قتاجة بعبد الرحمن واختلف بينهما طعنتان فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم ثم خرج يعدو في أثر القوم حتى ما يرى
[ 310 ]
من غبار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلم يقرب غيبوبة الشمس وقرب المشركون من شعب فيه ماء يقال له ذو قرد فأرادوا أن يشربوا منه فالتفوا فأبصروا سلمة وراءهم فعطفوا عن الماء وشدوا في الثنية وغربت الشمس فلحق سلمة رجل منهم فرماه بسهم قال خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع قال يا ثكل أمياه أكوع بكرة قلت نعم أي عدو نفسه وكان الذي رماه بكرة وأتبعه سهما آخر فاثبت فيه سهمين وخلفوا فرسين فجاء بهما يسوقهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الماء الذي خلفهم عند ذي قرد وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفه بسهمه وهو يشوي لسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها فقال سلمة يا رسول الله خلني فانتخب من أصحابك مائة رجل وأتبع الكفار
[ 311 ]
حتى لا يبقى منهم مخبر إلا قتلته قال أكنت فاعلا ذلك قال نعم والذي أكرم وجهك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فجاء رجل من غطفان فقال مر المشركون على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا ثم حرجوا هربا فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المدينة وجعلي يقول خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة فأعطى سلمة ذلك اليوم سهم الراجل والفارس جميعا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه وراءه على العضباء فلما كان بينهم وبين المدينة قريب وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق فجعل ينادي هل من مسابق ألا رجل يسابق إلى المدينة فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي خلني فلأسابق الرجل قال إن شئت قلت اذهب إليك فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني رطت عيله شرفا أو شرفين يعني استبقيت نفسي ثم عدوت حتى لحقته فأصكه بين كتفيه بيدي وقلت سبقت والله
[ 312 ]
حتى قدمنا المدينة ثم توفيت أم رومان امرأة أبي بكر الصديق أم عبد الرحمن وعائشة في ذي الحجة تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع الجزء الأول من كتاب الثقات للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستي التميمي رحمه الله تعالى يوم السبت الياني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 1393 ه‍ = 26 مايو سنة 1973 م وقد اعتنى بتصحيحه والتعليق عليه مصحح الدائرة الأخ الصالح الحافظ السيد عزيز بيك كامل الحديث من الجامعة النظامية حفظه الله تعالى وعنى بتنقيحه راقم هذه الخاتمة تحت مراقبة الأديب الأريب صاحب الفضيلة الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير الدائرة وعميدها شئت قلت اذهب إليك فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني رطت عيله شرفا أو شرفين يعني استبقيت نفسي ثم عدوت حتى لحقته فأصكه بين كتفيه بيدي وقلت سبقت والله
[ 312 ]
حتى قدمنا المدينة ثم توفيت أم رومان امرأة أبي بكر الصديق أم عبد الرحمن وعائشة في ذي الحجة تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع الجزء الأول من كتاب الثقات للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستي التميمي رحمه الله تعالى يوم السبت الياني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 1393 ه‍ = 26 مايو سنة 1973 م وقد اعتنى بتصحيحه والتعليق عليه مصحح الدائرة الأخ الصالح الحافظ السيد عزيز بيك كامل الحديث من الجامعة النظامية حفظه الله تعالى وعنى بتنقيحه راقم هذه الخاتمة تحت مراقبة الأديب الأريب صاحب الفضيلة الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير الدائرة وعميدها ابقاه الله تعالى لخدمة العلم والدين ويليه الجزء الثاني إن شاء الله تعالى وأوله السنة السابعة من الهجرة وفي الختام ندعو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا به ويوفقنا لما يحبه ويرضاه وصلى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين الفقير إلى رحمة الله الغني الحميد السيد محمد حبيب الله القادري الرشيد كامل الجامعة المظامية صدر المصححين بدائرة المعارف العثمانية